درر: دَرَّ اللبنُ والدمع ونحوهما يَــدِرُّ ويَــدُرُّ دَرّــاً ودُرُــوراً؛
وكذلك الناقة .ذا حُلِبَتْ فأَقبل منها على الحالب شيء كثير قيل: دَرَّــتْ،
وإِذا اجتمع في الضرع من العروق وسائر الجسد قيل: دَرَّ اللبنُ.
والــدِّرَّــةُ، بالكسر: كثرة اللبن وسيلانه. وفي حديث خزيمة: غاضت لها الــدِّرَــةُ،
وهي اللبن إِذا كثر وسال؛ واسْتَــدَرَّ اللبنُ والدمع ونحوهما: كثر؛ قال
أَبو ذؤيب:
إِذا نَهَضَتْ فيهِ تَصَعَّدَ نَفْرُها،
كَقِتْر الغلاءِ، مُسْتَــدِرٌّ صِيابُها
استعار الــدَّرَّ لشدة دفع السهام، والاسم الــدِّرَّــةُ والــدَّرَّــة؛ ويقال:
لا آتيك ما اخْتَلَفَتِ الــدِّرَّــةُ والجِرَّةُ، واختلافهما أَن
الــدِّرَّــةَ تَسْفُلُ والجِرَّةَ تَعْلُو.
والــدَّرُّ: اللبن ما كان؛ قال:
طَوَى أُمَّهاتِ الــدَّرِّ، حتى كأَنها
فَلافِلُ هِندِيٍّ، فَهُنَّ لُزُوقُ
أُمهاتُ الــدَّر: الأَطْباءُ. وفي الحديث: أَنه نهى عن ذبح ذوات الــدَّرِّ
أَي ذوات اللبن، ويجوز أَن يكون مصــدرَ دَرَّ اللبن إِذا جرى؛ ومنه
الحديث: لا يُحْبَسُ دَرُّــكُم؛ أَي ذواتُ الــدَّرِّ، أَراد أَنها لا تحشر إِلى
المُصَدِّقِ ولا تُحْبَسُ عن المَرْعَى إِلى أَن تجتمع الماشية ثم تعدّ
لما في ذلك من الإِضرار بها. ابن الأَعرابي: الــدَّرُّ العمل من خير أَو
شر؛ ومنه قولهم: لله دَرُّــكَ، يكون مدحاً ويكون ذمّاً، كقولهم: قاتله الله
ما أَكفره وما أَشعره. وقالوا: لله دَرُّــكَ أَي لله عملك يقال هذا لمن
يمدح ويتعجب من عمله، فإِذا ذم عمله قيل: لا دَرَّ دَرُّــهُ وقيل: لله
دَرُّــك من رجل معناه لله خيرك وفعالك، وإِذا شتموا قالوا: لا دَرَّ دَرُّــه
أَي لا كثر خيره، وقيل: لله دَرُّــك أَي لله ما خرج منك من خير. قال ابن
سيده: وأَصله أَن رجلاً رأَى آخر يحلب إِبلاً فتعجب من كثرة لبنها فقال:
لله دَرُّــك، وقيل: أَراد لله صالح عملك لأَن الــدرّ أَفضل ما يحتلب؛ قال
بعضهم: وأَحسبهم خصوا اللبن لأَنهم كانوا يَقَصِدُون الناقة فيشربون دمها
ويَقْتَطُّونَها فيشربون ماء كرشها فكان اللبنُ أَفضلَ ما يحتلبون،
وقولهم: لا دَرَّ دَرُّــه لا زكا عمله، على المثل، وقيل: لا دَرَّ دَرُّــه أَي لا
كثر خيره. قال أَبو بكر: وقال أَهل اللغة في قولهم لله دَرُّــه؛ الأَصل
فيه أَن الرجل إِذا كثر خيره وعطاؤه وإِنالته الناس قيل: لله درُّــه أَي
عطاؤه وما يؤخذ منه، فشبهوا عطاءه بِــدَرِّ الناقة ثم كثر استعمالهم حتى
صاروا يقولونه لكل متعجب منه؛ قال الفرّاء: وربما استعملوه من غير أَن
يقولوا لله فيقولون: دَرَّ دَرُّ فلان ولا دَرَّ دَرُّــه؛ وأَنشد:
دَرَّ دَرُّ الشَّبابِ والشَّعَرِ الأَسْـ
ودَ . . . . . . . .
وقال آخَر:
لا دَرَّ دَرِّــيَ إِن أَطْعَمْتُ نازِلَهُمْ
قِرْفَ الحَتِيِّ، وعندي البُرُّ مَكْنُوزُ
وقال ابن أَحمر:
بانَ الشَّبابُ وأَفْنَى ضِعفَهُ العُمُرُ،
للهِ دَرِّــي فَأَيَّ العَيْشِ أَنْتَظِرُ؟
تعجب من نفسه أَيّ عيش منتظر، ودَرَّــت الناقة بلبنها وأَــدَرَّــتْهُ.
ويقال: درَّــت الناقة تَــدِرُّ وتَــدُرُّ دُرُــوراً ودَرّــاً وأَــدَرَّــها فَصِيلُها
وأَــدَرَّــها مارِيها دون الفصيل إِذا مسح ضَرْعَها. وأَــدَرَّــت الناقة،
فهي مُــدِرٌّ إِذا دَرَّ لبنها. وناقة دَرُــورٌ: كثيرةُ الــدَّرِّ، ودَارٌّ
أَيضاً؛ وضَرَّةٌ دَرُــورٌ كذلك؛ قال طرفة:
من الزَّمِرَاتِ أَسبل قادِماها،
وضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرُــورُ
وكذلك ضَرْعٌ دَرُــورٌ، وإِبل دُرُــرٌ ودُرَــرٌ ودُرَّــارٌ مِثل كافر
وكُفَّارٍ؛ قال:
كانَ ابْنُ أَسْمَاءَ يَعْشُوها ويَصْبَحُها
من هَجْمَةٍ، كَفَسِيلِ النَّخْلِ دُرَّــارِ
قال ابن سيده: وعندي أَن دُرَّــاراً جمع دَارَّةٍ على طرح الهاء.
واسْتَــدَرَّ الحَلُوبَةَ: طلب دَرَّــها. والاسْتِــدْرَــارُ أَيضاً: أَن
تمسح الضَّرْعَ بيدك ثم يَــدِرَّ اللبنُ.
ودَرَّ الضرع يَــدُرُّ دُروراً، ودَرَّــت لِقْحَةُ المسلمين
وحَلُوبَتُهُمْ يعني فَيْئَهم وخَرَاجَهم، وَأَــدَرَّــهُ عُمَّالُه، والاسم من كل ذلك
الــدِّرَّــةُ. ودَرَّ الخَرَاجُ يَــدِرُّ إِذا كثر. وروي عن عمر، رضي الله
عنه، أَنه أَوصى إِلى عماله حين بعثهم فقال في وصيته لهم: أَــدِرُّــوا
لِقْحَةَ المسلمين؛ قال الليث: أَراد بذلك فيئهم وخراجهم فاستعار له اللِّقْحَةَ
والــدِّرَّــةَ. ويقال للرجل إِذا طلب الحاجة فَأَلَحَّ فيها: أَــدَرَّــها
وإِن أَبَتْ أَي عالجها حتى تَــدِرَّ، يكنى بالــدَّرِّ هنا عن التيسير.
ودَرَّــت العروقُ إِذا امتلأَت دماً أَو لبناً. ودَرَّ العِرْقُ: سال. قال:
ويكون دُرورُ العِرْقِ تتابع ضَرَبانه كتتابع دُرُــورِ العَدْوِ؛ ومنه يقال:
فرس دَرِــيرٌ. وفي صفة سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في ذكر
حاجبيه: بينهما عِرْقٌ يُــدِرُّــه الغضب؛ يقول: إِذا غضب دَرَّ العِرْقُ الذي
بين الحاجبين، ودروره غلظه وامتلاؤه؛ وفي قولهم: بين عينيه عِرْقٌ
يُــدِرُّــه الغضب، ويقال يحرّكه، قال ابن الأَثير: معناه أَي يمتلئ دماً إِذا غضب
كما يمتلئ الضرع لبناً إِذا دَرَّ. ودَرَّــت السماء بالمطر دَرّــاً
ودُرُــوراً إِذا كثر مطرها؛ وسماء مِــدْرَــارٌ وسحابة مِــدْرَــارٌ. والعرب تقول
للسماء إِذا أَخالت: دُرِّــي دُبَس، بضم الدال؛ قاله ابن الأَعرابي، وهو من
دَرَّ يَــدُرُّ. والــدِّرَّــةُ في الأَمطار: أَن يتبع بعضها بعضاً، وجمعها
دِرَــرٌ. وللسحاب دِرَّــةٌ أَي صَبٌّ، والجمع دِرَــرٌ؛ قال النَّمِرُ بن
تَوْلَبٍ:
سَلامُ الإِلهِ ورَيْحانُه،
ورَحْمَتُهُ وسَمَاءٌ دِرَــرْ
غَمامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العِبَادِ،
فَأَحْيَا البِلاَد وطَابَ الشَّجَرْ
سماءٌ دَرَــرٌ أَي ذاتُ دِرَــرٍ. وفي حديث الاستسقاء: دِيَماً دِرَــراً: هو
جمع دِرَّــةٍ. يقال للسحاب دِرَّــة أَي صَبُّ واندقاق، وقيل: الــدِّرَــرُ
الدارُّ، كقوله تعالى: دِيناً قِيَماً؛ أَي قائماً. وسماء مِــدْرارٌ أَي
تَــدِرُّ بالمطر. والريحُ تُــدِرُّ السَّحابَ وتَسْتَــدِرُّــه أَي تَسْتَجْلبه؛
وقال الحادِرَــةُ واسمه قُطْبَةُ بن أَوس الغَطَفَانِيُّ:
فَكأَنَّ فاها بَعْدَ أَوَّلِ رَقْدَةٍ
ثَغَبٌ بِرابَِيَةٍ، لَذيذُ المَكْرَعِ
بِغَرِيضِ سارِيَةٍ أَــدَرَّــتْهُ الصَّبَا،
من ماء أَسْحَرَ، طَيِّبَ المُسْتَنْقَعِ
والثغب: الغدير في ظل جبل لا تصيبه الشمس، فهو أَبرد له. والغريض: الماء
الطري وقت نزوله من السحاب. وأَسحرُ: غديرٌ حُرُّ الطِّين؛ قال ابن بري:
سمي هذا الشاعر بالحادرة لقول زَبَّانَ بنَ سَيَّارٍ فيه:
كأَنَّكَ حادِرَــةُ المَنْكِبَيْـ
ـنِ، رَصْعَاءُ تُنْقِضُ في حادِرِ
قال: شبهه بِضفْدَعَةٍ تُنْقِضُ في حائر، وإِنقاضها: صوتها. والحائر:
مُجْتَمَعُ الماء في مُنْخَفِضٍ من الأَرض لا يجد مَسْرَباً. والحادرة:
الضخمة المنكبين. والرصعاء والرسحاء: الممسوحة العجيزة. وللسَّاقِ دِرَّــةٌ:
اسْتِدْارَارٌ للجري. وللسُّوقِ درَّــة أَي نَفَاقٌ. ودَرَّــت السُّوقُ:
نَفَقَ متاعها، والاسم الــدِّرَّــة. ودَرَّ الشيء: لانَ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:إِذا اسْتَدْبَرَتْنا الشمسُ دَرَّــتْ مُتُونُنا،
كأَنَّ عُرُوقَ الجَوفِ يَنْضَحْنَ عَنْدَما
وذلك لأَن العرب تقول: إِن استدبار الشمس مَصَحَّةٌ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
تَخْبِطُ بالأَخْفَافِ والمَنَاسِمِ
عن دِرَّــةٍ تَخْضِبُ كَفَّ الهاشِمِ
فسره فقال: هذه حرب شبهها بالناقة، ودِرَّــتُها: دَمُها. ودَرَّ النباتُ:
الْتَفَّ. ودَرَّ السِّراجُ إِذا أَضاء؛ وسراج دارٌّ ودَرِــيرٌ. ودَرَّ
الشيءُ إِذا جُمِعَ، ودَرَّ إِذا عُمِلَ. والإِــدْرارُ في الخيل: أَن
يُقِلَّ الفرسُ يَدَهُ حين يَعْتِقُ فيرفعها وقد يضعها. ودَرَّ الفرسُ يَــدِرٌ
دَرِــيراً ودِرَّــةً: عدا عَدْواً شديداً. ومَرَّ على دِرَّــتِهِ أَي لا
يثنيه شيء. وفرس دَرِــيرٌ: مكتنز الخَلْقِ مُقْتَــدِرٌ؛ قال امرؤ القيس:
دَرِــيرٌ كَخُذْرُوف الوَليدِ، أَمَرَّهُ
تَتابُعُ كَفَّيهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ
ويروي: تَقَلُّبُ كفيه، وقيل: الــدَّرِــير من الخيل السريع منها، وقيل: هو
السريع من جميع الدواب؛ قال أَبو عبيدة: الإِــدْرَــارُ في الخيل أَن
يَعْتِقَ فيرفع يداً ويضعها في الخبب؛ وأَنشد أَبو الهيثم:
لما رَأَتْ شيخاً لها دَرْدَرَّــى
في مِثلِ خَيطِ العَهِنِ المُعَرَّى
قال: الــدردرّــى من قولهم فرس دَرِــيرٌ، والدليل عليه قوله:
في مثل خيط العهن المعرّى
يريد به الخذروف، والمعرّى جعلت له عروة. وفي حديث أَبي قِلابَةَ: صليت
الظهر ثم ركبت حماراً دَرِــيراً؛ الــدرير: السريع العدو من الدواب المكتنز
الخلق، وأَصل الــدَّرِّ في كلام العرب اللبنُ. ودَرَّ وَجْهُ الرجل
يَــدِرُّ إِذا حسن وجهه بعد العلة. الفرّاء: والــدِّرْدَرَّــى الذي يذهب ويجيء في
غير حاجة.
وأَــدَرَّــت المرأَةُ المِغْزَلَ، وهي مُــدِرَّــةٌ ومُــدِرٌّ؛ الأَخيرة على
النَّسَب، إِذا فتلته فتلاً شديداً فرأَيته كأَنه واقف من شدة دورانه.
قال: وفي بعض نسخ الجمهرة الموثوق بها: إِذا رأَيته واقفاً لا يتحرك من شدّة
دورانه.
والــدَّرَّــارَةُ: المِغْزَلُ الذي يَغْزِلُ به الراعي الصوفَ؛ قال:
جَحَنْفَلٌ يَغَزِلُ بالــدَّرَّــارَة
وفي حديث عمرو بن العاص أَنه قال لمعاوية: أَتيتك وأَمْرُك أَشدُّ
انْفِضاحاً من حُقِّ الكَهُولِ فما زلتُ أَرُمُّه حتى تَرَكْتُه مِثْلَ
فَلْكَةِ المُــدِرِّ؛ قال: وذكر القتيبي هذا الحديث فغلط في لفظه ومعناه، وحُقُّ
الكَهُول بيت العنكبوت، وأَما المــدرّ، فهو بتشديد الراء، الغَزَّالُ؛
ويقال للمِغزَلِ نفسه الــدَّرَّــارَةُ والمِــدَرَّــةُ، وقد أَــدرّــت الغازلة
دَرَّــارَتَها إِذا أَدارتها لتستحكم قوّة ما تغزله من قطن أَو صوف، وضرب فلكة
المــدرّ مثلاً لإِحكامه أَمره بعد استرخائه واتساقه بعد اضطرابه، وذلك
لأَن الغَزَّال لا يأْلو إِحكاماً وتثبيتاً لِفَلْكَةِ مِغْزَلِه لأَنه
إِذا قلق لم تَــدِرَّ الــدَّرَّــارَةُ؛ وقال القتيبي: أَراد بالمــدرّ الجارية
إِذا فَلَكَ ثدياها ودَرَّ فيهما الماء، يقول: كان أَمرك مسترخياً فأَقمته
حتى صار كأَنه حَلَمَةُ ثَدْيٍ قد أَــدَرَّ، قال: والأَول الوجه. ودَرَّ
السهم دُرُــوراً: دَارَ دَوَرَاناً جيداً، وأَــدَرَّــه صاحِبُه، وذلك إِذا
وضع السهم على ظفر إِبهام اليد اليسرى ثم أَداره بإِبهام اليد اليمنى
وسبابتها؛ حكاه أَبو حنيفة، قال: ولا يكون دُرُــورُ السهم ولا حنينه إِلا من
اكتناز عُودِه وحسن استقامته والتئام صنعته.
والــدِّرَّــة، بالكسر: التي يضرب بها، عربية معروفة، وفي التهذيب:
الــدِّرَّــة دِرَّــةُ السلطان التي يضرب بها.
والــدُّرَّــةُ: اللؤلؤة العظيمة؛ قال ابن دريد: هو ما عظم من اللؤلؤ،
والجمع دُرُّــودُرَّــاتٌ ودُرَــرٌ؛ وأَنشد أَبو زيد للربيع بن ضبع الفزاري:
أَقْفَزَ من مَيَّةَ الجَريبُ إِلى الزُّجْـ
ـجَيْنِ، إِلاَّ الظِّبَاءَ والبَقَرَا
كأَنَّها دُرَّــةٌ مُنَعَّمَةٌ،
في نِسْوَةٍ كُنَّ قَبْلَها دُرَــرَا
وكَوْكَبٌ دُرِّــيُّ ودِرِّــيُّ: ثاقِبٌ مُضِيءٌ، فأَما دُرِّــيٌّ فمنسوب
إِلى الــدُّرِّ، قال الفارسي: ويجوز أَن يكون فُعِّيْلاً على تخفيف الهمزة
قلباً لأَن سيبويه حكي عن ابن الخطاب كوكب دُرِّــيءٌ، قال: فيجوز أَن يكون
هذا مخففاً منه، وأَما دِرِّــيٌّ فيكون على التضعيف أَيضاً، وأَما
دَرِّــيٌّ فعلى النسبة إِلى الــدُّرِّ فيكون من المنسوب الذي على غير قياس، ولا
يكون على التخفيف الذي تقدم لأَن فَعِّيْلاً ليس من كلامهم إِلاَّ ما حكاه
أَبو زيد من قولهم سَكِّينةٌ؛ في السِّكِّينَةِ؛ وفي التنزيل: كأَنها
كوكب دُرِّــيٌّ؛ قال أَبو إِسحق: من قرأَه بغير همزة نسبه إِلى الــدُّر في
صفائه وحسنه وبياضه، وقرئت دِرِّــيٌّ، بالكسر، قال الفراء: ومن العرب من
يقول دِرِّــيٌّ ينسبه إِلى الــدُّرِّ، كما قالوا بحر لُجِّيُّ ولِجِّيٌّ
وسُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ، وقرئ دُرِّــيء، بالهمزة، وقد تقدم ذكره، وجمع الكواكب
دَرَــارِيّ. وفي الحديث: كما تَرَوْنَ الكوكب الــدُّرِّــيَّ في أُفُقِ
السماء؛ أَي الشَّدِيدَ الإِنارَةِ. وقال الفراء: الكوكب الــدُّرِّــيُّ عند
العرب هو العظيم المقدار، وقيل: هو أَحد الكواكب الخمسة السَّيَّارة. وفي
حديث الدجال: إِحدى عينيه كأَنها كوكب دُرِّــيَّ. ودُرِّــيٌّ السيف:
تَلأْلُؤُه وإِشراقُه، إِما أَن يكون منسوباً إِلى الــدُّرّ بصفائه ونقائه، وإِما
أَن يكون مشبهاً بالكوكب الــدريّ؛ قال عبدالله بن سبرة:
كلُّ يَنُوءُ بماضِي الحَدَّ ذي شُطَبٍ
عَضْبٍ، جَلا القَيْنُ عن دُرِّــيِّه الطَّبَعَا
ويروي عن ذَرِّيِّه يعني فِرِنْدَهُ منسوب إِلى الذَّرِّ الذي هو النمل
الصغار، لأَن فرند السيف يشبه بآثار الذر؛ وبيت دُرَــيْد يروى على الوجهين
جميعاً:
وتُخْرِجُ منه ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً،
وطُول السُّرَى دُرِّــيَّ عَضْب مُهَنَّدِ
وذَرِّيَّ عضب.
ودَرَــرُ الطريق: قصده ومتنه، ويقال: هو على دَرَــرِ الطريق أَي على
مَــدْرَــجَتِه، وفي الصحاح: أَي على قصده. ويقال: دَارِي بِــدَرَــر دَارِك أَي
بحذائها. إِذا تقابلتا، ويقال: هما على دَرَــرٍ واحد، بالفتح، أَي على قصد
واحد. ودَرَــرُ الريح: مَهَبُّها؛ وهو دَرَــرُك أَي حِذاؤك وقُبالَتُكَ.
ويقال:
دَرَــرَك أَي قُبالَتَكَ؛ قال ابن أَحمر:
كانَتْ مَنَاجِعَها الدَّهْنَا وجانِبُها،
والقُفُّ مما تراه فَوْقَه دَرَــرَا
واسْتَــدَرَّــتِ المِعْزَى: أَرادت الفحل. الأُمَوِيُّ: يقال للمعزى إِذا
أَرادت الفحل: قد اسْتَــدَرَّــت اسْتِــدْراراً، وللضأْن: قد اسْتوْبَلَتِ
اسِتيبالاً، ويقال أَيضاً: اسْتَذْرَتِ المِعْزَى اسْتِذْرَاءً من المعتل،
بالذال المعجمة.
والــدَّرُّ: النَّفْسُ، ودفع الله عن دَرِّــه أَي عن نَفْسه؛ حكاه
اللحياني. ودَرُّ: اسم موضع؛ قالت الخنساء:
أَلا يا لَهْفَ نَفْسِي بعدَ عَيْشٍ
لنا، بِجُنُوبِ دَرَّ فَذي نَهِيقِ
والــدَّرْدَرَــةُ: حكاية صوت الماء إِذا اندفع في بطون الأَودية.
والــدُّرْــدُورُ: موضع في وسط البحر يجيش ماؤُه لا تكاد تَسْلَمُ منه
السفينة؛ يقال: لَجَّجُوا فوقعوا في الــدُّرْــدُورِ. الجوهري: الــدُّرْــدُور
الماء الذي يَدُورُ ويخاف منه الغرق.
والــدُّرْدُرُ: مَنْبِتُ الأَسنان عامة، وقيل: منبتها قبل نباتها وبعد
سقوطها، وقيل: هي مغارزها من الصبي، والجمع الــدَّرَــادِر؛ وفي المثل:
أَعْيَيْتِني بأُشُرٍ فكيف أَرجوك بِــدُرْدُرٍ؟ قال أَبو زيد: هذا رجل يخاطب
امرأَته يقول: لم تَقْبَلِي الأَدَبَ وأَنت شابة ذات أُشُرٍ في ثَغْرِكِ،
فكيف الآن وقد أَسْنَنْتِ حتى بَدَتْ دَرَــادِرُــكِ، وهي مغارز الأَسنان؟.
ودَرِــدَ الرجلُ إِذا سقطت أَسنانه وظهرت دَرادِرُــها، وجمعه الــدُّرُــدُ،
ومثله: أَعْيَيْتَني من شُبَّ إِلى دُبَّ أَي من لَدُنْ شَبَبْتَ إِلى أَن
دَبَبْتَ. وفي حديث ذي الثُدَيَّةِ المقتولِ بالنَّهْروان: كانت له
ثُدَيَّةٌ مثل البَضْعَةِ تَــدَرْدَرُ أَي تَمَزْمَزُ وتَرَجْرَج تجيء وتذهب،
والأَصل تَتَــدَرْدَرُ فحذفت إِحدى التاءين تخفيفاً؛ ويقال للمرأَة إِذا
كانت عظيمة الأَليتين فإِذا مشت رجفتا: هي تــدردر؛ وأَنشد:
أُقْسِمُ، إِن لم تأْتِنا تَــدَرْدَرُ،
لَيُقْطَعَنَّ من لِسانٍ دُرْدُرُ
قال: والــدُّرْدُرُ ههنا طَرف اللسان، ويقال: هو أَصل اللسان، وهو
مَغْرِز السِّنِّ في أَكثر الكلام. ودَرْدَرَ البُسْرَةَ: دلكها بــدُرْدُرِــه
ولاكَها؛ ومنه قول بعض العرب وقد جاءه الأَصمعي: أَتيتني وأَنا أُــدَرْدِرُ
بُسْرَة.
ودَرَّــايَةُ: من أَسماء النساء.
والــدَّرْــدَارُ: ضرب من الشجر
(* قوله: «ضرب من الشجر» ويطلق أَيضاً على
صوت الطبل كما في القاموس) معروف.
وقولهم: دُهْ دُرَّــيْنِ وسعدُ القَيْنُ، من أَسماء الكذب والباطل،
ويقال: أَصله أَن سَعْدَ القَيْنَ كان رجلاً من العجم يدور في مخاليف اليمن
يعمل لهم، فإِذا كَسَدَ عَمَلُهُ قال بالفارسية: دُهْ بَــدْرُــودْ، كأَنه
يودِّع القرية، أَي أَنا خارج غداً، وإِنما يقول ذلك ليُسْتَعْمَلَ، فعرّبته
العرب وضربوا به المثل في الكذب. وقالوا: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْن
فإِنه مُصَبِّحٌ؛ قال ابن بري: والصحيح في هذا المثل ما رواه الأَصمعي وهو:
دُهْــدُرَّــيْنِ سَعْدُ القَيْنُ، من غير واو عطف وكون دُهْــدُرَّــيْنِ
متصلاً غير منفصل، قال أَبو عليّ: هو تثنية دُهْــدُرٍّ وهو الباطل، ومثله
الدُّهْدُنُّ في اسم الباطل أَيضاً فجعله عربيّاً، قال: والحقيقة فيه أَنه
اسم لِبَطَلَ كَسَرْعانَ وهَيهاتَ اسم لِسَرُعَ وَبَعُدَ، وسَعْدُ فاعل به
والقَيْنُ نَعْتُه، وحذف التنوين منه لالتقاء الساكنين، ويكون على حذف
مضاف تأْويله بطل قول سَعْدِ القَيْنِ، ويكون المعنى على ما فسره أَبو
عليّ: أَن سَعْدَ القَيْنَ كان من عادته أَن ينزل في الحيّ فيُشِيع أَنه غير
مقيم، وأَنه في هذه الليلة يَسْرِي غَيْرَ مُصَبِّحٍ ليبادر إِليه من
عنده ما يعمله ويصلحه له، فقالت العرب: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْنِ فإِنه
مُصَبِّح؛ ورواه أَبو عبيدة معمر بن المثنى: دُهْــدُرَّــينِ سَعْدَ
القَيْنَ، ينصب سعد، وذكر أَن دُهْــدُرَّــيْنِ منصوب على إِضمار فعل، وظاهر كلامه
يقضي أَن دُهْــدْرَّــين اسم للباطل تثنية دُهْــدُرٍّ ولم يجعله اسماً للفعل
كما جعله أَبو علي، فكأَنه قال: اطرحوا الباطل وسَعْدَ القَيْنَ فليس قوله
بصحيح، قال: وقد رواه قوم كما رواه الجوهري منفصلاً فقالوا دُهْ
دُرَّــيْنِ وفسر بأَن دُهْ فعل أَمر من الدَّهاءِ إِلاَّ أَنه قدّمت الواو التي
هي لامه إِلى موضع عينه فصار دُوهْ، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين فصار
دُهْ كما فعلت في قُلْ، ودُرَّــيْنِ من دَرَّ يَــدِرُّ إِذا تتابع، ويراد
ههنا بالتثنية التكرار، كما قالوا لَبَّيْك وحَنَانَيْكَ ودَوَالَيْكَ،
ويكون سَعْدُ القَيْنُ منادى مفرداً والقين نعته، فيكون المعنى: بالغْ في
الدَّهاء والكذب يا سَعْدُ القَيْنُ؛ قال ابن بري: وهذا القول حسن إِلاَّ
أَنه كان يجب أَن تفتح الدال من دُرَّــين لأَنه جعله من دَرَّ يَــدِرُّ
إِذا تتابع، قال: وقد يمكن أَن يقول إِن الدال ضمت للإِتباع إِتباعاً لضمة
الدال من دُهْ، والله تعالى أَعلم.