للشيخ: جلال الدين السيوطي.
المتوفى: سنة 911.
رسالة.
أوردها في: (الحاوي) له.
هلــب: الـــهُلْــبُ الشَّعَرُ كُلُّه؛ وقيل: هو في الذَّنَبِ وحْدَه؛ وقيل:
هو ما غَلُظَ من الشعَر؛ زاد الأَزهري: كشَعَرِ ذَنَبِ الناقةِ. الجوهري: الـــهُلْــبةُ شَعَرُ الخِنْزيرِ الذي يُخْرَزُ به، والجمع الـــهُلْــبُ.
والأَــهْلَــبُ: الفَرَسُ الكثيرُ الـــهُلْــبِ. ورجل أَــهْلَــبُ: غليظُ الشَّعَر.
وفي التهذيب: رجل أَــهْلَــبُ إِذا كان شَعَرُ أَخْدَعَيْهِ وجَسَدِه غِلاظاً.
والأَــهْلَــبُ: الكثيرُ شَعَر الرأْس والجسدِ. والـــهُلْــبُ أَيضاً: الشَّعَر النابتُ على أَجْفانِ العَيْنَيْن.
والـــهُلْــبُ: الشَّعَر تَنْتِفُه من الذَّنَب، واحدَتُه هُلْــبة. والـــهُلَــبُ: الأَذْنابُ والأَعْرافُ الـمَنْتُوفةُ. وهَلَــبَ الفَرَسَ هَلْــباً، وهَلَّــبَه: نَتَفَ هُلْــبَه، فهو مَــهْلُــوبٌ ومُــهَلَّــبٌ. والـمُــهَلَّــبُ: اسمٌ، وهو منه؛ ومنه سُمِّي الـمُــهَلَّــبُ بنُ أَبي صُفْرَة أَبو الـمَهالِـبة.
فمُــهَلَّــبٌ على حارثٍ وعباسٍ، والـمُــهَلَّــبُ على الـحَارث والعَبَّاس.
وانْــهَلَــبَ الشَّعرُ، وتَــهَلَّــبَ: تَنَتَّفَ. وفرسٌ مَــهْلُــوبٌ: مُسْـتَـأْصَلُ شعر الذَّنَبِ، قد هُلِــبَ ذَنَبُه أَي اسْـتُـؤْصِلَ جَزّاً.
وذَنَبٌ أَــهْلَــبُ أَي مُنْقَطِـعٌ؛ وأَنشد:
وإِنَّهُمُ قدْ دَعَوْا دَعْوَةً، * سَيَتْبَعُها ذَنَبٌ أَــهْلَــبُ
أَي مُنْقَطِـعٌ عنكم، كقوله: الدُّنْيا وَلَّت حَذَّاءً أَي مُنْقَطِعَةً. والأَــهْلَــبُ: الذي لا شَعَر عليه. وفي الحديث: انَّ صاحبَ رايةِ الدَّجَّالِ، في عَجْبِ ذَنَبه مثلُ أَلْيةِ البَرَقِ، وفيها هَلَــباتٌ كــهَلَــبات الفَرَس أَي شَعَراتٌ، أَو خُصَلاتٌ من الشَّعر. وفي حديث مُعاوية: أَفْلَت وانْحَصَّ الذَّنَب، فقال: كَلاَّ إِنه لَبِــهُلْــبه؛ وفرس أَــهْلَــبُ
ودابة هَلْــباءُ. ومنه حديث تَميم الدَّاريِّ: فلَقِـيَهم دابةٌ أَــهْلَــبُ؛
ذَكَّرَ الصفةَ، لأَنَّ الدابة تَقَعُ على الذكر والأُنثى. وفي حديث ابن
عمرو: الدابةُ الـــهَلْــباءُ التي كَلَّمت تمِـيماً هي دابةُ الأَرضِ التي
تُكَلِّمُ الناسَ، يعني بها الجَسَّاسةَ. وفي حديث الـمُغِـيرة:
ورَقَبَةٌ هَلْــباءُ أَي كثيرةُ الشَّعر. وفي حديث أَنسٍ: لا تَــهْلُــبُوا أَذْنابَ
الخَيل أَي لا تَسْـتَـأْصِلُوها بالجَزِّ والقَطْع. والـــهَلَــبُ: كثرةُ
الشَّعَر؛ رجلٌ أَــهْلَــبُ وامرأَةٌ هَلْــباءُ. والـــهَلْــباءُ: الاسْتُ، اسم
غالبٌ، وأَصلُه الصفةُ. ورجلٌ أَــهْلَــبُ العَضْرَطِ: في اسْتِه شَعَرٌ،
يُذْهَبُ بذلك إِلى اكتِهالِهِ وتَجْرِبَتِه؛ حكاه ابنُ الأَعرابي، وأَنشد:
مَــهْلــاً، بَني رُومانَ بعضَ وَعِـيدِكُمْ ! * وإِيَّاكُمُ والـــهُلْــبَ مِنَّا عَضارِطا!
ورجل هَلِــبٌ: نابتُ الـــهُلْــبِ.
وفي الحديث: لأَنْ يَمْتَلِـئَ ما بَينَ عانَتي وهُلْــبَتي؛ الـــهُلْــبة: ما فوقَ العانةِ إِلى قريب من السُّرَّة.
والـــهَلِــبُ: رجلٌ كان أَقْرَع، فمَسَح سيدُنا رسولُ اللّه، صلى اللّه
عليه وسلم، يدَه على رأْسه فنَبَت شَعَرُه. وهُلْــبَةُ الشِّتاءِ: شِدَّتُه.
وأَصابَتْهم هُلْــبةُ الزمان: مثلُ الكُلْبة، عن أَبي حنيفة. وَوَقَعْنا
في هُلْــبةٍ هَلْــباءَ أَي في داهيةٍ دَهْياءَ، مثل هُلْــبة الشِّتاءِ.
وعامٌ أَــهْلَــبُ أَي خَصِـيبٌ، مثلُ أَزَبَّ، وهو على التشبيه. والـــهَلــاَّبةُ: الريح البارِدَةُ مع قَطْرٍ. ابن سيده: والـــهَلــاَّبُ رِيحٌ باردة مع مَطَرٍ، وهو أَحدُ ما جاءَ من الأَسماءِ على فَعَّالٍ كالجَبَّانِ والقَذَّافِ؛ قال أَبو زُبَيْدٍ (1)
(1 قوله «قال أبو زبيد» أي يصف امرأة اسمها خنساء
كما في التكملة) :
هَيْفاءُ مُقْبِلةً، عَجْزاءُ مُدْبرَةً، * مَحْطُوطَةٌ، جُدِلَتْ، شَنْباءُ أَنْيابا
تَرْنُو بعَيْنَيْ غَزالٍ، تَحْتَ سِدْرَتِه * أَحَسَّ، يوماً، من الـمَشْتَاتِ، هَلــاَّبا
هَلــاَّبا: ههنا بدلٌ من يوم. قال ابن بري: أَتى سيبويه بهذا البيت
شاهداً على نصب قوله أَنيابا، على التشبيه بالمفعول به، أَو على التمييز.
ومقبلة نصب على الحال، وكذلك مدبرة، أَي هي هيفاء في حال إِقبالها، عجزاء في حال إِدبارها، والـهَيَفُ: ضُمْرُ البَطْن. والـمَحْطوطة: الـمَصْقُولة؛ يريد أَنها بَرَّاقةُ الجِسْمِ. والـمِحَطُّ: خشبة يُصْقَلُ بها الجُلُود. والـمَجْدُولةُ: التي ليست برَــهْلــة مُسْتَرْخيةِ اللحم. والشَّنَبُ: بَرْدٌ في الأَسْنان، وعُذُوبةٌ في الريق.
والــهَلــاَّبةُ: الريح الباردةُ. وهَلَــبَتْهم السماءُ تَــهْلُــبُهم هَلْــباً: بَلَّتْهم. وفي حديث خالد (2)
(2 قوله «وفي حديث خالد إلخ» عبارة التكملة وفي حديث خالد بن الوليد أنه قال لما حضرته الوفاة: لقد طلبت القتل مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي وما من عملي إلخ.): ما من عملي شيءٌ أَرْجى عِنْدي بعد لا إِله إِلاَّ اللّه، من ليلةٍ بِتُّها، وأَنا مُتَتَرِّسٌ بتُرْسِـي، والسماءُ تَــهْلُــبني أَي تَبُلُّني وتُمْطِرُني. وقد هَلَــبَتْنا السماءُ إِذا مَطَرَتْ بجَودٍ. التهذيب: يقال هَلَــبَتْنا السماءُ إِذا بَلَّتْهم بشيءٍ من نَـدًى، أَو نحو ذلك.
ابن الأَعرابي: الـــهَلُــوبُ الصِّفَةُ المحمودةُ، أُخِذَتْ من اليوم
الـــهَلــاَّبِ إِذا كان مَطَرُه سَــهْلــاً لَيِّناً دائِماً غَيرَ مُؤْذٍ؛ والصِّفةُ الـمَذْمُومة أُخِذَتْ من اليوم الـــهَلــاَّبِ إِذا كان مَطَرُه ذا رَعْدٍ، وبَرْقٍ، وأَهوالٍ، وهَدْم للمنازل.
ويومٌ هَلــاَّبٌ، وعامٌ هَلــاَّبٌ: كثير الـمَطَر والريح. الأَزهري في
ترجمة حلب: يوم حَلاَّبٌ، ويوم هَلــاَّبٌ، ويوم هَمَّامٌ، وصَفْوانُ،
ومِلْحانُ، وشِـيبانُ؛ فأَمَّا الـــهَلــاَّبُ: فاليابِسُ بَرْداً، وأَما الـحَلاَّبُ: ففيه نَـدًى، وأَما الـهَمَّام: فالذي قد هَمً بالبَرْد. قال: والـــهَلْــبُ تَتابُع القَطْر؛ قال رؤبة:
والـمُذْرِياتُ بالدَّوَارِي حَصْبا
بها جُلالاَ، ودُقاقاً هَلْــبا
وهو التَّتابُعُ والـمَرُّ.
الأُمَوِيُّ: أَتَيْتُه في هُلْــبة الشِّتاءِ أَي في شِدَّة بَرْدِه.
أَبو يَزيدَ الغَنَوِيُّ: في الكانونِ الأَول الصِّنُّ والصِّنَّبْرُ والـمَرْقِـيُّ في القَبْر، وفي الكانون الثاني هَلــاَّبٌ ومُــهَلَّــبٌ وهَلِـــيبٌ
يَكُنَّ في هُلْــبةِ الشَّهْر أَي في آخره. ومن أَيام الشتاءِ: هالِبُ
الشَّعَر ومُدَحْرِجُ البَعَرِ. قال غيره: يقال هُلْــبةُ الشتاءِ وهُلُــبَّتُه، بمعنى واحد. ابن سيده: له أُــهْلُــوبٌ أَي الْتِهابٌ في
الشَّدِّ وغيره، مقلوبٌ عن أُلْهُوبٍ أَو لغةٌ فيه.
وامرأَةٌ هَلُــوبٌ: تَتَقَرَّبُ من زَوجِها وتُحِـبُّه، وتُقْصِـي غيرَه وتَتَباعَدُ عنه؛ وقيل: تَتقرَّبُ مِن خِلِّها وتُحِـبُّه، وتُقْصِـي زَوجَها، ضِدُّ. وفي حديث عمر، رضي اللّه تعالى عنه: رَحِمَ اللّه الـــهَلــوبَ؛ يَعني الأُولى، ولَعَنَ اللّهُ الـــهَلُــوبَ؛ يَعْني الأُخرى؛ وذلك من هَلَــبْتُه بلساني إِذا نِلْتَ منه نَيْلاً شديداً، لأَن المرأَة تَنالُ
إِما من زوجها وإِما من خِدْنِها، فتَرَحَّمَ على الأُولى ولَعَنَ
الثانيةَ.ابن شميل: يقال إِنه ليَــهْلِــبُ الناسَ بلِسانه إِذا كان يَهْجُوهم
ويَشْتُمهم. يقال: هو هَلــاَّبٌ أَي هَجَّاءٌ، وهو مُــهَلَّــبٌ أَي مَهْجُوٌّ.وقال خليفة الـحُصَيْنِـيُّ: يقال رَكِبَ كلٌّ منهم أُــهْلُــوباً من الثَّناءِ أَي فَنّاً، وهي الأَهالِـيبُ؛ وقال أَبو عبيدة: هي الأَسالِـيبُ، واحدها أُسْلُوبٌ.
أَبو عبيد: الـــهُلــاَّبةُ غُسالةُ السَّلى، وهي في الـحُوَلاءِ، والـحُوَلاءُ رأْسُ السَّلى، وهي غِرْسٌ، كقَدْرِ القَارورةِ، تَراها خَضْراء
بَعْدَ الوَلدِ، تُسَمَّى هُلــابَةَ السِّقْيِ.
ويقال: أَــهْلَــبَ في عَدْوِه إِــهْلــاباً، وأَلْهَبَ إِلهاباً، وعَدْوُه ذو
أَهالِـيبَ. وفي نوادر الأَعراب: اهْتَلَبَ السيفَ من غِمْده وأَعْتَقَه
وامْتَرقَه واخْتَرَطَه إِذا اسْتَلَّه.
وأُــهْلُــوبٌ: فرسُ ربيعة بن عمرو.
هلــل: هَلَّ السحابُ بالمطر وهَلَّ المطر هَلــاًّ وانْــهَلَّ بالمطر
انْــهِلــالاً واسْتَــهَلَّ: وهو شدَّة انصبابه. وفي حديث الاستسقاء: فأَلَّف الله
السحاب وهَلَّــتنا. قال ابن الأَثير: كذا جاء في رواية لمسلم، يقال: هَلَّ
السحاب إِذا أَمطر بشدَّة، والــهِلــالُ الدفعة منه، وقيل: هو أَوَّل ما
يصيبك منه، والجمع أَــهِلَّــة على القياس، وأَهاليلُ نادرة. وانْــهَلَّ المطر
انْــهِلــالاً: سال بشدَّة، واستــهلَّــت السماءُ في أَوَّل المطر، والاسم
الــهِلــالُ. وقال غيره: هَلَّ السحاب إِذا قَطَر قَطْراً له صوْت، وأَــهَلَّــه
الله؛ ومنه انْــهِلــالُ الدَّمْع وانْــهِلــالُ المطر؛ قال أَبو نصر: الأَهالِيل
الأَمْطار، ولا واحد لها في قول ابن مقبل:
وغَيْثٍ مَرِيع لم يُجدَّع نَباتُهُ،
ولتْه أَهالِيلُ السِّماكَيْنِ مُعْشِب
وقال ابن بُزُرْج: هِلــال وهَلــالُهُ
(* قوله «هلــال وهلــاله إلخ» عبارة
الصاغاني والتهذيب: وقال ابن بزرج هلــال المطر وهلــاله إلخ) وما أَصابنا
هِلــالٌ ولا بِلالٌ ولا طِلالٌ؛ قال: وقالوا الــهِلَــلُ الأَمطار، واحدها هِلَّــة؛
وأَنشد:
من مَنْعِجٍ جادت رَوابِيهِ الــهِلَــلْ
وانــهلَّــت السماءُ إِذا صبَّت، واستــهلَّــت إِذا ارتفع صوتُ وقعها، وكأَنَّ
استِــهْلــالَ الصبيّ منه. وفي حديث النابغة الجعديّ قال: فنَيَّف على
المائة وكأَنَّ فاهُ البَرَدُ المُنْــهَلُّ؛ كل شيء انصبَّ فقد انْــهَلَّ،
يقال: انــهلَّ السماء بالمطر ينــهلُّ انْــهِلــالاً وهو شدة انْصِبابه. قال: ويقال
هلَّ السماء بالمطر هَلَــلاً، ويقال للمطر هَلَــلٌ وأُــهْلــول. والــهَلَــلُ:
أَول المطر. يقال: استــهلَّــت السماء وذلك في أَول مطرها. ويقال: هو صوت
وَقْعِه. واستــهلَّ الصبيُّ بالبُكاء: رفع صوتَه وصاح عند الوِلادة. وكل شيء
ارتفع صوتُه فقد استــهلَّ. والإِــهْلــالُ بالحج: رفعُ الصوت بالتَّلْبية.
وكلُّ متكلم رفع صوته أَو خفضه فقد أَــهَلَّ واستــهلَّ. وفي الحديث: الصبيُّ
إِذا وُلِد لم يُورَث ولم يَرِثْ حتى يَسْتَــهِلَّ صارخاً. وفي حديث
الجَنِين: كيف نَدِي مَن لا أَكَل ولا شَرِبَ ولا اسْتَــهَلَّ؟ وقال
الراجز:يُــهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبانُها،
كما يُــهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ
وأَصله رَفْعُ الصوَّت. وأَــهَلَّ الرجل واستــهلَّ إِذا رفع صوتَه.
وأَــهَلَّ المُعْتَمِرُ إِذا رفع صوتَه بالتَّلْبية، وتكرر في الحديث ذكر
الإِــهْلــال، وهو رفعُ الصوت بالتَّلْبِية. أَــهَلَّ المحرِمُ بالحج يُــهِلُّ
إِــهْلــالاً إِذا لَبَّى ورفَع صوتَه. والمُــهَلُّ، بضم الميم: موضعُ الإِــهْلــال،
وهو الميقات الذي يُحْرِمون منه، ويقع على الزمان والمصدر. الليث:
المُحرِمُ يُــهِلُّ بالإِحْرام إِذا أَوجب الحُرْم على نفسه؛ تقول: أَــهَلَّ
بحجَّة أَو بعُمْرة في معنى أَحْرَم بها، وإِنما قيل للإِحرامِ إِــهْلــال لرفع
المحرِم صوته بالتَّلْبية. والإِــهْلــال: التلبية، وأَصل الإِــهْلــال رفعُ
الصوتِ. وكل رافِعٍ صوتَه فهو مُــهِلّ، وكذلك قوله عز وجل: وما أُــهِلَّ لغير
الله به؛ هو ما ذُبِحَ للآلهة وذلك لأَن الذابح كان يسمِّيها عند الذبح،
فذلك هو الإِــهْلــال؛ قال النابغة يذكر دُرَّةً أَخرجها غَوَّاصُها من
البحر:
أَو دُرَّة صَدَفِيَّة غَوَّاصُها
بَهِجٌ، متى يَره يُــهِلَّ ويَسْجُدِ
يعني بإِــهْلــالِه رفعَه صوتَه بالدعاء والحمد لله إِذا رآها؛ قال أَبو
عبيد: وكذلك الحديث في اسْتِــهْلــال الصبيِّ أَنه إِذا وُلد لم يَرِثْ ولم
يُورَثْ حتى يَسْتَــهِلَّ صارخاً وذلك أَنه يُستدَل على أَنه وُلد حيًّا
بصوته. وقال أَبو الخطاب: كلّ متكلم رافعِ الصوت أَو خافضِه فهو مُــهلّ
ومُسْتَــهِلّ؛ وأَنشد:
وأَلْفَيْت الخُصوم، وهُمْ لَدَيْهِ
مُبَرْسمَة أَــهلُّــوا ينظُرونا
وقال:
غير يَعفور أَــهَلَّ به
جاب دَفَّيْه عن القلب
(* قوله «غير يعفور إلخ» هو هكذا في الأصل والتهذيب).
قيل في الإِــهْلــال: إِنه شيء يعتريه في ذلك الوقت يخرج من جوفه شبيه
بالعُواء الخفيف، وهو بين العُواء والأَنين، وذلك من حاقِّ الحِرْص وشدّة
الطلب وخوف الفَوْت. وانــهلَّــت السماء منه يعني كلب الصيد إِذا أُرسل على
الظَّبْي فأَخذه؛ قال الأَزهري: ومما يدل على صحة ما قاله أَبو عبيد وحكاه
عن أَصحابه قول الساجع عند سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين قَضى
في الجَنين (قوله «حين قضى في الجنين إلخ» عبارة التهذيب: حين قضى في
الجنين الذي أسقطته أمه ميتاً بغرة إلخ) إِذا سقَط ميتاً بغُرَّة فقال:
أَرأَيت مَن لا شرب ولا أَكَلْ، ولا صاح فاسْتَــهَلّْ، ومثل دَمِه يُطَلُّ،
فجعله مُسْتَــهِلــاًّ برفعِه صوته عند الوِلادة.
وانــهلَّــت عينُه وتَــهَلَّــلتْ: سالت بالدمع. وتَــهَلَّــلتْ دموعُه: سالت.
واستــهلَّــت العين: دمَعت؛ قال أَوس:
لا تَسْتَــهِلُّ من الفِراق شُؤوني
وكذلك انْــهَلَّــتِ العَيْن؛ قال:
أَو سُنْبُلاً كُحِلَتْ به فانْــهَلَّــتِ
والــهَلــيلةُ: الأَرض التي استــهلَّ بها المطر، وقيل: الــهَلِــيلةُ الأَرض
المَمْطورة وما حَوالَيْها غيرُ مَمطور. وتَــهَلَّــل السحابُ بالبَرْق:
تَلأْلأَ. وتــهلَّــل وجهه فَرَحاً: أَشْرَق واستــهلَّ. وفي حديث فاطمة، عليها
السلام: فلما رآها استبشَر وتــهلَّــل وجهُه أَي استنار وظهرت عليه أَمارات
السرور. الأَزهري: تَــهَلَّــل الرجل فرحاً؛ وأَنشد
(* هذا البيت لزهير بن ابي
سلمى من قصيدة له) :
تَراه، إِذا ما جئتَه، مُتَــهَلِّــلاً
كأَنك تُعطيه الذي أَنت سائلُهْ
واهْتَلَّ كتَــهلَّــل؛ قال:
ولنا أَسامٍ ما تَليقُ بغيرِنا،
ومَشاهِدٌ تَهْتَلُّ حين تَرانا
وما جاء بِــهِلَّــة ولا بِلَّة؛ الــهِلَّــة: من الفرح والاستــهلــال،
والبِلَّة: أَدنى بَللٍ من الخير؛ وحكاهما كراع جميعاً بالفتح. ويقال: ما أَصاب
عنده هِلَّــة ولا بِلَّة أَي شيئاً. ابن الأَعرابي: هَلَّ يَــهِلُّ إِذا فرح،
وهَلَّ يَــهِلُّ إِذا صاح.
والــهِلــالُ: غرة القمر حين يُــهِلُّــه الناسُ في غرة الشهر، وقيل: يسمى
هِلــالاً لليلتين من الشهر ثم لا يسمَّى به إِلى أَن يعود في الشهر الثاني،
وقيل: يسمى به ثلاث ليال ثم يسمى قمراً، وقيل: يسماه حتى يُحَجِّر، وقيل:
يسمى هِلــالاً إِلى أَن يَبْهَرَ ضوءُه سواد الليل، وهذا لا يكون إِلا في
الليلة السابعة. قال أَبو إِسحق: والذي عندي وما عليه الأَكثر أَن يسمَّى
هِلــالاً ابنَ ليلتين فإِنه في الثالثة يتبين ضوءُه، والجمع أَــهِلَّــة؛
قال:
يُسيلُ الرُّبى واهِي الكُلَى عَرِضُ الذُّرَى،
أَــهِلَّــةُ نضّاخِ النَّدَى سابِغ القَطْرِ
أَــهلَّــة نضّاخ النَّدَى كقوله:
تلقّى نَوْءُهُنّ سِرَارَ شَهْرٍ،
وخيرُ النَّوْءِ ما لَقِيَ السِّرَارا
التهذيب عن أَبي الهيثم: يسمَّى القمر لليلتين من أَول الشهر هِلــالاً،
ولليلتين من آخر الشهر ستٍّ وعشرين وسبعٍ وعشرين هِلــالاً، ويسمى ما بين
ذلك قمراً.
وأَــهَلَّ الرجلُ: نظر إِلى الــهِلــال. وأَــهْلَــلْنا هِلــال شهر كذا
واسْتَــهْلــلناه: رأَيناه. وأَــهْلَــلْنا الشهر واسْتَــهْلــلناه: رأَينا هِلــالَه.
المحكم: وأَــهَلَّ الشهر واستَــهلَّ ظهر هِلــالُه وتبيَّن، وفي الصحاح: ولا يقال
أَــهَلَّ. قال ابن بري: وقد قاله غيره؛ المحكم أَيضاً: وهَلَّ الشهر ولا
يقال أَــهَلَّ. وهَلَّ الــهِلــالُ وأَــهَلَّ وأُــهِلَّ واستُــهِلَّ، على ما لم
يسم فاعله: ظهَر، والعرب تقول عند ذلك: الحمدُلله إِــهْلــالَك إِلى سِرارِك
ينصبون إِــهْلــالَك على الظرف، وهي من المصادر التي تكون أَحياناً لسعة
الكلام كخُفوق النجم. الليث: تقول أُــهِلَّ القمر ولا يقال أُــهِلَّ
الــهِلــالُ؛ قال الأَزهري: هذا غلط وكلام العرب أُــهِلَّ الــهِلــالُ. روى أَبو عبيد عن
أَبي عمرو: أُــهِلَّ الــهلــالُ واستُــهِلَّ لا غير، وروي عن ابن الأَعرابي:
أُــهِلَّ الــهلــالُ واستُــهِلَّ، قال: واسْتَــهَلَّ أَيضاً، وشهر مُسْتَــهل؛
وأَنشد:
وشهر مُسْتَــهل بعد شهرٍ،
ويومٌ بعده يومٌ جَدِيدُ
قال أَبو العباس: وسمي الــهلــالُ هِلــالاً لأَن الناس يرفعون أَصواتهم
بالإِخبار عنه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن ناساً قالوا له إِنَّا بين
الجِبال لا نُــهِلُّ هِلــالاً إِذا أَــهَلَّــه الناس أَي لا نُبْصِره إِذا
أَبصره الناس لأَجل الجبال. ابن شميل: انطَلِقْ بنا حتى نُــهِلَّ الــهِلــال أَي
نَنْظُر أَنَراه. وأَتَيْتُك عند هِلَّــةِ الشهر وهِلِّــه وإِــهْلــاله أَي
اسْتِــهلــاله.
وهالَّ الأَجيرَ مُهالّةً وهِلــالاً: استأْجره كل شهر من الــهِلــال إِلى
الــهِلــال بشيء؛ عن اللحياني، وهالِلْ أَجيرَك كذا؛ حكاه اللحياني عن العرب؛
قال ابن سيده: فلا أَدري أَهكذا سمعه منهم أَم هو الذي اختار التضعيف؛
فأَما ما أَنشده أَبو زيد من قوله:
تَخُطُّ لامَ أَلِفٍ مَوْصُولِ،
والزايَ والرَّا أَيَّما تَــهْلِــيلِ
فإِنه أَراد تَضَعُها على شكْلِ الــهِلــال، وذلك لأَن معنى قوله تَخُطُّ
تُــهَلِّــلُ، فكأَنه قال: تُــهَلِّــل لام أَلِفٍ مَوْصولٍ تَــهْلِــيلاً أَيَّما
تَــهْلــيل.
والمُــهَلِّــلةُ، بكسر اللام، من الإِبل: التي قد ضَمَرت وتقوَّست.
وحاجِبٌ مُــهَلَّــلٌ: مشبَّه بالــهلــال. وبعير مُــهَلَّــل، بفتح اللام:
مقوَّس.والــهِلــالُ: الجمَل الذي قد ضرَب حتى أَدَّاه ذلك إِلى الهُزال
والتقوُّس.الليث: يقال للبعير إِذا اسْتَقْوَس وحَنا ظهرُه والتزق بطنه هُزالاً
وإِحْناقاً: قد هُلِّــل البعير تــهلــيلاً؛ قال ذو الرمة:
إِذا ارْفَضَّ أَطرافُ السِّياطِ، وهُلِّــلتْ
جُرُومُ المَطايا، عَذَّبَتْهُنّ صَيْدَحُ
ومعنى هُلِّــلتْ أَي انحنتْ كأَنه الأَــهلَّــة دِقَّةً وضُمْراً. وهِلــالُ
البعير: ما استقوس منه عند ضُمْره؛ قال ابن هرمة:
وطارِقِ هَمٍّ قد قَرَيْتُ هِلــالَهُ،
يَخُبُّ، إِذا اعْتَلَّ المَطِيُّ، ويَرْسُِمُ
أَراد أَنه قَرَى الهَمَّ الطارقَ سيْر هذا البعير. والــهلــالُ: الجمل
المهزول من ضِراب أَو سير. والــهِلــال: حديدة يُعَرْقَب بها الصيد. والــهِلــالُ:
الحديدة التي تضمُّ ما بين حِنْوَيِ الرَّحْل من حديد أَو خشب، والجمع
الأُــهِلَّــة. أَبو زيد: يقال للحدائد التي تضمُّ ما بين أَحْناءِ الرِّحال
أَــهِلَّــة، وقال غيره: هلــالُ النُّؤْي ما استقْوَس منه. والــهِلــالُ:
الحيَّة ما كان، وقيل: هو الذكَر من الحيّات؛ ومنه قول ذي الرمة:
إِلَيك ابْتَذَلْنا كلَّ وَهْمٍ، كأَنه
هِلــالٌ بدَا في رَمْضةٍ يَتَقَلَّب
يعني حيَّة. والــهِلــال: الحيَّة إِذا سُلِخَت؛ قال الشاعر:
تَرَى الوَشْيَ لَمَّاعاً عليها كأَنه
قَشيبُ هِلــال، لم تقطَّع شَبَارِقُهْ
وأَنشد ابن الأَعرابي يصف درعاً شبهها في صَفائها بسَلْخ الحيَّة:
في نَثْلةٍ تَهْزَأُ بالنِّصالِ،
كأَنها من خِلَعِ الــهِلــالِ
وهُزْؤُها بالنِّصال: ردُّها إِياها. والــهِلــالُ: الحجارة المَرْصوف
بعضُها إِلى بعضٍ. والــهِلــالُ: نِصْف الرَّحَى. والــهلــالُ: الرَّحَى؛ ومنه قول
الراجز:
ويَطْحَنُ الأَبْطالَ والقَتِيرا،
طَحْنَ الــهِلــالِ البُرَّ والشَّعِيرَا
والــهِلــالُ: طرف الرَّحَى إِذا انكسر منه. والــهِلــالُ: البياض الذي يظهر
في أُصول الأَظْفار. والــهِلــالُ: الغُبار، وقيل: الــهِلــالُ قطعة من الغُبار.
وهِلــالُ الإِصبعِ: المُطيفُ بالظفر. والــهِلــالُ: بقيَّة الماء في الحوض.
ابن الأَعرابي: والــهِلــالُ ما يبقى في الحوض من الماء الصافي؛ قال
الأَزهري: وقيل له هِلــالٌ لأَن الغدير عند امتلائه من الماء يستدير، وإِذا قلَّ
ماؤه ذهبت الاستدارةُ وصار الماء في ناحية منه. الليث: الــهُلــاهِلُ من وصف
الماء الكثير الصافي، والــهِلــالُ: الغلام الحسَن الوجه، قال: ويقال
للرَّحى هِلــال إِذا انكسرت. والــهِلــالُ: شيء تُعرقَبُ به الحميرُ. وهِلــالُ
النعل: ذُؤابَتُها.
والــهَلَــلُ: الفَزَع والفَرَقُ؛ قال:
ومُتَّ مِنِّي هَلَــلاً، إِنما
مَوْتُك، لو وارَدْت، وُرَّادِيَهْ
يقال: هَلَــكَ فلان هَلَــلاً وهَلــاًّ أَي فَرَقاً، وحَمل عليه فما كذَّب
ولا هَلَّــلَ أَي ما فَزِع وما جبُن. يقال: حَمَل فما هَلَّــل أَي ضرب
قِرْنه. ويقال: أَحجم عنَّا هَلَــلاً وهَلــاًّ؛ قاله أَبو زيد.
والتَّــهْلــيل: الفِرارُ والنُّكوصُ؛ قال كعب بن زهير:
لا يقَعُ الطَّعْنُ إِلا في نُحورِهِمُ،
وما لهمْ عن حِياضِ المَوْتِ تَــهْلــيلُ
أَي نُكوصٌ وتأَخُّرٌ. يقال: هَلَّــل عن الأَمر إِذا ولَّى عنه ونَكَص.
وهَلَّــل عن الشيء: نَكَل. وما هَلَّــل عن شتمي أَي ما تأَخر. قال أَبو
الهيثم: ليس شيء أَجْرأَ من النمر، ويقال: إِنّ الأَسد يُــهَلِّــل ويُكَلِّل،
وإِنَّ النَّمِر يُكَلِّل ولا يُــهَلِّــل، قال: والمُــهَلِّــل الذي يحمل على
قِرْنه ثم يجبُن فَيَنْثَني ويرجع، ويقال: حَمَل ثم هَلَّــل، والمُكَلِّل:
الذي يحمل فلا يرجع حتى يقع بقِرْنه؛ وقال:
قَوْمي على الإِسْلام لمَّا يَمْنَعُوا
ماعُونَهُمْ، ويُضَيِّعُوا التَّــهْلِــيلا
(* قوله «ويضيعوا التــهلــيلا» وروي ويــهلــلوا التــهلــيلا كما في التهذيب).
أَي لمَّا يرجعوا عمَّا هم عليه من الإِسلام، من قولهم: هَلَّــل عن
قِرْنه وكَلَّس؛ قال الأَزهري: أَراد ولمَّا يُضَيِّعوا شهادة أَن لا إِله
إِلا الله وهو رفع الصوت بالشهادة، وهذا على رواية من رواه ويُضَيِّعوا
التَّــهْلــيلا، وقال الليث: التَّــهْلــيل قول لا إِله إِلا الله؛ قال الأَزهري:
ولا أَراه مأْخوذاً إِلا من رفع قائله به صوته؛ وقوله أَنشده ثعلب:
وليس بها رِيحٌ، ولكن وَدِيقَةٌ
يَظَلُّ بها السَّامي يُــهِلُّ ويَنْقَعُ
فسره فقال: مرَّة يذهب رِيقُه يعني يُــهِلُّ، ومرة يَجيء يعني يَنْقَع؛
والسامي الذي يصطاد ويكون في رجله جَوْرَبان؛ وفي التهذيب في تفسير هذا
البيت: السامي الذي يطلب الصيد في الرَّمْضاء، يلبس مِسْمَاتَيْه ويُثير
الظِّباء من مَكانِسِها، فإِذا رَمِضت تشقَّقت أَظْلافها ويُدْرِكها السامي
فيأْخذها بيده، وجمعه السُّمَاة؛ وقال الباهلــي في قوله يُــهِلُّ: هو أَن
يرفع العطشان لسانه إِلى لَهاته فيجمع الريق؛ يقال: جاء فلان يُــهِلُّ من
العطش. والنَّقْعُ: جمع الريق تحت اللسان.
وتَــهْلَــلُ: من أَسماء الباطل كَثَــهْلَــل، جعلوه اسماً له علماً وهو نادر،
وقال بعض النحويين: ذهبوا في تَــهْلَــل إِلى أَنه تَفْعَل لمَّا لم يجدوا
في الكلام «ت هـ ل» معروفة ووجدوا «هـ ل ل» وجاز التضعيف فيه لأَنه علم،
والأَعلام تغير كثيراً، ومثله عندهم تَحْبَب. وذهب في هِلِــيَّانٍ وبذي
هِلِــيَّانٍ أَي حيث لا يدرَى أَيْنَ هو.
وامرأَة هِلٌّ: متفصِّلة في ثوب واحدٍ؛ قال:
أَناةٌ تَزِينُ البَيْتَ إِمَّا تلَبَّسَتْ،
وإِن قَعَدَتْ هِلــاًّ فأَحْسنْ بها هِلــاَّ
والــهَلَــلُ: نَسْجُ العنكبوت، ويقال لنسج العنكبوت الــهَلَــل والــهَلْهَلُ.
وهَلَّــلَ الرجلُ أَي قال لا إِله إِلا الله. وقد هَيْلَلَ الرجلُ إِذا
قال لا إِله إِلا الله. وقد أَخذنا في الهَيْلَلَة إِذا أَخذنا في
التَّــهْلــيل، وهو مثل قولهم حَوْلَقَ الرجل وحَوْقَلَ إِذا قال لا حول ولا قوة
إِلا بالله؛ وأَنشد:
فِداكَ، من الأَقْوام، كُلُّ مُبَخَّل
يُحَوْلِقُ إِمَّا سالهُ العُرْفَ سائلُ
الخليل: حَيْعَل الرجل إِذا قال حيّ على الصلاة. قال: والعرب تفعل هذا
إِذا كثر استعمالهم للكلمتين ضموا بعض حروف إِحداهما إِلى بعض حروف
الأُخرى، منه قولهم: لا تُبَرْقِل علينا؛ والبَرْقَلة: كلام لا يَتْبَعه فعل،
مأْخوذ من البَرْق الذي لا مطر معه. قال أَبو العباس: الحَوْلَقة
والبَسْملة والسَّبْحَلة والهَيْلَلة، قال: هذه الأَربعة أَحرف جاءت هكذا، قيل
له: فالْحَمدلة؟ قال: ولا أنكره
(* قوله «قال ولا أنكره» عبارة الازهري:
فقال لا وأنكره).
وأَــهَلَّ بالتسمية على الذبيحة، وقوله تعلى: وما أُــهِلَّ به لغير الله؛
أَي نودِيَ عليه بغير اسم الله.
ويقال: أَــهْلَــلْنا عن ليلة كذا، ولا يقال أَــهْلَــلْناه فــهَلَّ كما يقال
أَدخلناه فدَخَل، وهو قياسه. وثوب هَلٌّ وهَلْهَلٌ وهَلْــهالٌ وهُلــاهِل
ومُــهَلْهَل: رقيق سَخيفُ النَّسْج. وقد هَلْهَل النَّسَّاج الثوبَ إِذا
أَرقّ نَسْجه وخفَّفه. والــهَلْهَلــةُ: سُخْفُ النسْج. وقال ابن الأَعرابي:
هَلْهَلــه بالنَّسْج خاصة. وثوب هَلْهَل رَديء النسْج، وفيه من اللغات جميع
ما تقدم في الرقيق؛ قال النابغة:
أَتاك بقولٍ هَلْهَلِ النَّسْجِ كاذبٍ،
ولم يأْتِ بالحقّ الذي هو ناصِعُ
ويروى: لَــهْلَــه. ويقال: أَنْهَجَ الثوبُ هَلْــهالاً. والمُــهَلْهَلــة من
الدُّروع: أَرْدَؤها نسْجاً. شمر: يقال ثوب مُلَــهْلَــةٌ ومُــهَلْهَل
ومُنَهْنَةٌ؛ وأَنشد:
ومَدَّ قُصَيٌّ وأَبْناؤه
عليك الظِّلالَ، فما هَلْهَلُــوا
وقال شمر في كتاب السلاح: المُــهَلْهَلــة من الدُّروع قال بعضهم: هي
الحَسنة النسْج ليست بصفيقة، قال: ويقال هي الواسعة الحَلَق. قال ابن
الأَعرابي: ثوب لَــهْلَــهُ النسج أَي رقيق ليس بكثيف. ويقال: هَلْهَلْــت الطحين أَي
نخلته بشيء سَخيف؛ وأَنشد لأُمية:
(* قوله «وأنشد لامية إلخ» عبارة التكملة لامية بن ابي الصلت يصف
الرياح:أذعن به جوافل معصفات * كما تذري المــهلهلــة
الطحينابه اي بذي قضين وهو موضع).
كما تَذْرِي المُــهَلْهِلــةُ الطَّحِينا
وشعر هَلْهل: رقيقٌ.
ومُــهَلْهِل: اسم شاعر، سمي بذلك لِرَداءة شعْره، وقيل: لأَنه أَوَّل من
أَرقَّ الشعْر وهو امرؤ القيس ابن ربيعة
(* قوله: وهو امرؤ القيس بن
ربيعة: هكذا في الأصل، والمشهور أنه ابو ليلى عَدِيّ بن ربيعة) أَخو كُليب
وائل؛ وقيل: سمي مــهلهِلــاً بقوله لزهير بن جَناب:
لمَّا تَوَعَّرَ في الكُراعِ هَجِينُهُمْ،
هَلْهَلْــتُ أَثْأَرُ جابراً أَو صِنْبِلا
ويقال: هَلهَلْــت أُدرِكه كما يقال كِدْت أُدْرِكُه، وهَلْهَلَ يُدْركه
أَي كان يُدركه، وهذا البيت أَنشده الجوهري:
لما تَوَغَّلَ في الكُراع هَجِينُهم
قال ابن بري: والذي في شعره لما توعَّر كما أَوردْناه عن غيره، وقوله
لما توَعَّر أَي أَخذ في مكان وعْر. ويقال: هَلْهَل فلان شعْره إِذا لم
ينَقِّحه وأَرسله كما حضَره ولذلك سمي الشاعر مُــهَلهِلــاً.
والــهَلْهَل: السَّمُّ القاتِل، وهو معرَّب؛ قال الأَزهري: ليس كل سَمّ
قاتل يسمَّى هَلهَلــاً ولكن الــهَلهَلُ سَمٌّ من السُّموم بعينه قاتِلٌ،
قال: وليس بعربيّ وأَراه هنْدِيّاً.
وهَلهَلَ الصوْتَ: رجَّعه. وماءٌ هُلــاهِلٌ: صافٍ كثير. وهَلْهَل عن
الشيء: رجَع. والــهُلــاهِلُ: الماء الكثير الصافي. والــهَلْهَلــةُ: الانتظار
والتأَني؛ وقال الأَصمعي في قول حَرملة بن حَكيم:
هَلهِلْ بكَعْبٍ، بعدما وَقَعَتْ
فوق الجَبِين بساعِدٍ فَعْمِ
ويروى: هَلِّــلْ ومعناهما جميعاً انتظر به ما يكون من حاله من هذه
الضرْبة؛ وقال الأَصمعي: هَلْهِلْ بكَعْب أَي أَمْــهِلــه بعدما وقعت به شَجَّة
على جبينه، وقال شمر: هَلْهَلْــت تَلَبَّثت وتنظَّرت.
التهذيب: ويقال أَــهَلَّ السيفُ بفلان إِذا قطع فيه؛ ومنه قول ابن أَحمر:
وَيْلُ آمِّ خِرْقٍ أَــهَلَّ المَشْرَفِيُّ به
على الهَباءَة، لا نِكْسٌ ولا وَرَع
وذو هُلــاهِلٍ: قَيْلٌ من أَقْيال حِمْير.
وهَلْ: حرف استفهام، فإِذا جعلته اسماً شددته. قال ابن سيده: هل كلمة
استفهام هذا هو المعروف، قال: وتكون بمنزلة أَم للاستفهام، وتكون بمنزلة
بَلْ، وتكون بمنزلة قَدْ كقوله عز وجل: يَوْمَ نقولُ لجهنَّم هَلِ
امْتَلأْتِ وتقولُ هَلْ مِنْ مزيدٍ؟ قالوا: معناه قد امْتَلأْت؛ قال ابن جني: هذا
تفسير على المعنى دون اللفظ وهل مُبقاة على استفهامها، وقولها هَلْ مِن
مزيد أَي أَتعلم يا ربَّنا أَن عندي مزيداً، فجواب هذا منه عزَّ اسمه لا،
أَي فكَما تعلم أَن لا مَزيدَ فحسبي ما عندي، وتكون بمعنى الجزاء، وتكون
بمعنى الجَحْد، وتكون بمعنى الأَمر. قال الفراء: سمعت أَعرابيّاً يقول:
هل أَنت ساكت؟ بمعنى اسكت؛ قال ابن سيده: هذا كله قول ثعلب وروايته.
الأَزهري: قال الفراء هَلْ قد تكون جَحْداً وتكون خبَراً، قال: وقول الله عز
وجل: هَلْ أَتى على الإِنسان حينٌ من الدهر؛ قال: معناه قد أَتى على
الإِنسان معناه الخبر، قال: والجَحْدُ أَن تقول: وهل يقدِر أَحد على مثل هذا؛
قال: ومن الخبَر قولك للرجل: هل وعَظْتك هل أَعْطَيتك، تقرَّره بأَنك قد
وعَظْته وأَعطيته؛ قال الفراء: وقال الكسائي هل تأْتي استفهاماً، وهو
بابُها، وتأْتي جَحْداً مثل قوله:
أَلا هَلْ أَخو عَيْشٍ لذيذٍ بدائم
معناه أَلا ما أَخو عيشٍ؛ قال: وتأْتي شرْطاً، وتأْتي بمعنى قد، وتأْتي
تَوْبيخاً، وتأْتي أَمراً، وتأْتي تنبيهاً؛ قال: فإِذا زدت فيها أَلِفاً
كانت بمعنى التسكين، وهو معنى قوله إِذا ذُكِر الصالحون فحَيَّــهَلــاً
بعُمَر، قال: معنى حَيّ أَسرِعْ بذكره، ومعنى هَلــاً أَي اسْكُن عند ذكره حتى
تنقضي فضائله؛ وأَنشد:
وأَيّ حَصانٍ لا يُقال لَها هَلــاً
أَي اسْكُني للزوج؛ قال: فإِن شَدَّدْت لامَها صارت بمعنى اللوْم
والحضِّ، اللومُ على ما مضى من الزمان، والحَضُّ على ما يأْتي من الزمان، قال:
ومن الأَمر قوله: فــهَلْ أَنتُم مُنْتَهون.
وهَلــاً: زجْر للخيل، وهالٍ مثله أَي اقرُبي. وقولهم: هَلــاً استعجال وحث.
وفي حديث جابر: هَلــاَّ بكْراً تُلاعِبُها وتُلاعِبُك؛ هَلــاَّ، بالتشديد:
حرف معناه الحثُّ والتحضيضُ؛ يقال: حيّ هَلــا الثريدَ، ومعناه هَلُــمَّ
إِلى الثريد، فُتحت ياؤه لاجتماع الساكنين وبُنِيَت حَيّ وهَلْ اسماً
واحداً مثل خمسة عشر وسمِّي به الفعل، ويستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث،
وإِذا وقفت عليه قلت حَيَّــهَلــا، والأَلف لبيان الحركة كالهاء في قوله
كِتابِيَهْ وحِسابِيَهْ لأَنَّ الأَلِف من مخرج الهاء؛ وفي الحديث: إِذا ذكِرَ
الصالحون فحَيَّــهَلَ بعُمَرَ، بفتح اللام مثل خمسة عشر، أَي فأَقْبِلْ به
وأَسرِع، وهي كلمتان جعلتا كلمة واحدة، فحَيَّ بمعنى أَقبِلْ وهَلــا بمعنى
أَسرِعْ، وقيل: معناه عليك بعُمَر أَي أَنه من هذه الصفة، ويجوز
فحَيَّــهَلــاً، بالتنوين، يجعل نكرة، وأَما حَيَّــهَلــا بلا تنوين فإِنما يجوز في
الوقف فأَما في الإِدراج فهي لغة رديئة؛ قال ابن بري: قد عرَّفت العرب
حَيَّــهَلْ؛ وأَنشد فيه ثعلب:
وقد غَدَوْت، قبل رَفْعِ الحَيَّــهَلْ،
أَسوقُ نابَيْنِ وناباً مِلإِبِلْ
وقال: الحَيَّــهَل الأَذان. والنابانِ: عَجُوزان؛ وقد عُرِّف بالإِضافة
أَيضاً في قول الآخر:
وهَيَّجَ الحَيَّ من دارٍ، فظلَّ لهم
يومٌ كثير تَنادِيه، وحَيَّــهَلُــهْ
قال: وأَنشد الجوهري عجزه في آخر الفصل:
هَيْهاؤُه وحَيْــهَلُــهْ
وقال أَبو حنيفة: الحَيْــهَل نبت من دِقّ الحَمْض، واحدته حَيْــهَلــة، سميت
بذلك لسُرعة نباتها كما يقال في السرعة والحَثّ حَيَّــهَل؛ وأَنشد لحميد
بن ثور:
بِمِيثٍ بَثاءٍ نَصِيفِيَّةٍ،
دَمِيثٍ بها الرِّمْثُ والحَيْــهَلُ
(* قوله «بها الرمث والحيــهل» هكذا ضبط في الأصل، وضبط في القاموس في
مادة حيــهل بتشديد الياء وضم الهاء وسكون اللام، وقال بعد ان ذكر الشطر
الثاني: نقل حركة اللام الى الهاء).
وأَما قول لبيد يذكر صاحِباً له في السفر كان أَمَرَه بالرَّحِيل:
يَتمارَى في الذي قلتُ له،
ولقد يَسْمَعُ قَوْلي حَيَّــهَلْ
فإِنما سكنه للقافية. وقد يقولون حَيَّ من غير أَن يقولو هَلْ، من ذلك
قولهم في الأَذان: حَيَّ على الصلاة حَيَّ على الفَلاح إِنما هو دعاء
إِلى الصَّلاةِ والفَلاحِ؛ قال ابن أَحمر:
أَنْشَأْتُ أَسأَلهُ: ما بالُ رُفْقَتِهِ
حَيَّ الحُمولَ، فإِنَّ الركْبَ قد ذهَبا
قال: أَنْشَأَ يسأَل غلامه كيف أَخذ الركب. وحكى سيبويه عن أَبي الخطاب
أَن بعض العرب يقول: حَيَّــهَلــا الصلاة، يصل بــهَلــا كما يوصل بعَلَى فيقال
حَيَّــهَلــا الصلاة، ومعناه ائتوا الصلاة واقربُوا من الصلاة وهَلُــمُّوا
إِلى الصلاة؛ قال ابن بري: الذي حكاه سيبويه عن أَبي الخطاب حَيَّــهَلَ
الصلاةَ بنصب الصلاة لا غير، قال: ومثله قولهم حَيَّــهَلَ الثريدَ، بالنصب لا
غير. وقد حَيْعَلَ المؤَذن كما يقال حَوْلَقَ وتَعَبْشَمَ مُرَكَّباً من
كلمتين؛ قال الشاعر:
أَلا رُبَّ طَيْفٍ منكِ باتَ مُعانِقي
إِلى أَن دَعَا داعي الصَّباح، فَحَيْعَلا
وقال آخر:
أَقولُ لها، ودمعُ العينِ جارٍ:
أَلمْ تُحْزِنْك حَيْعَلةُ المُنادِي؟
وربما أَلحقوا به الكاف فقالوا حَيَّــهَلَــك كما يقال رُوَيْدَك، والكاف
للخطاب فقط ولا موضع لها من الإِعراب لأَنها ليست باسم. قال أَبو عبيدة:
سمع أَبو مَهْدِيَّة الأَعرابي رجلاً يدعو بالفارسية رجلاً يقول له زُوذْ،
فقال: ما يقول؟ قلنا: يقول عَجِّل، فقال: أَلا يقول: حَيَّــهَلــك أَي
هَلُــمَّ وتَعَال؛ وقول الشاعر:
هَيْهاؤه وحَيْــهَلُــهْ
فإِنما جعله اسماً ولم يأْمر به أَحداً. الأَزهري: عن ثعلب أَنه قال:
حيــهل أَي أَقبل إِليَّ، وربما حذف فقيل هَلــا إِليَّ، وجعل أَبو الدقيش هَل
التي للاستفهام اسماً فأَعربه وأَدخل عليه الأَلف واللام، وذلك أَنه قال
له الخليل: هَلْ لك في زُبدٍ وتمر؟ فقال أَبو الدقيش: أَشَدُّ الــهَلِّ
وأَوْحاهُ، فجعله اسماً كما ترى وعرَّفه بالأَلف واللام، وزاد في الاحتياط
بأَن شدَّده غير مضطر لتتكمَّل له عدّةُ حروف الأُصول وهي الثلاثة؛
وسمعه أَبو نُوَاس فتلاه فقال للفضل
بن الربيع:
هَلْ لكَ، والــهَلُّ خِيَرْ،
فيمَنْ إِذا غِبْتَ حَضَرْ؟
ويقال: كلُّ حرف أَداة إِذا جعلت فيه أَلِفاً ولاماً صار اسمً فقوِّي
وثقِّل كقوله:
إِنَّ لَيْتاً وإِنَّ لَوًّا عَناءُ
قال الخليل: إِذا جاءت الحروف الليِّنة في كلمة نحو لَوْ وأَشباهها
ثقِّلت، لأَن الحرف الليِّن خَوَّار أَجْوَف لا بدَّ له من حَشْوٍ يقوَّى به
إِذا جُعل اسماً، قال: والحروف الصِّحاح القويَّة مستغنية بجُرُوسِها لا
تحتاج إِلى حَشْو فنترك على حاله، والذي حكاه الجوهري في حكاية أَبي
الدقيش عن الخليل قال: قلت لأَبي الدُّقيْش هل لك في ثريدةٍ كأَنَّ ودَكَها
عُيُونُ الضَّيَاوِن؟ فقال: أَشدُّ الــهَلِّ؛ قال ابن بري: قال ابن حمزة
روى أَــهل الضبط عن الخليل أَنه قال لأَبي الدقيش أَو غيره هل لك في تَمْرٍ
وزُبْدٍ؟ فقال: أَشَدُّ الــهَلِّ وأَوْحاه، وفي رواية أَنه قال له: هل لك
في الرُّطَب؟ قال: أَسْرعُ هَلٍّ وأَوْحاه؛ وأَنشد:
هَلْ لك، والــهَلُّ خِيَرْ،
في ماجدٍ ثبْتِ الغَدَرْ؟
وقال شَبيب بن عمرو الطائي:
هَلْ لك أَن تدخُل في جَهَنَّمِ؟
قلتُ لها: لا، والجليلِ الأَعْظَمِ،
ما ليَ هَلٍّ ولا تكلُّمِ
قال ابن سلامة: سأَلت سيبويه عن قوله عز وجل: فلولا كانت قريةٌ آمَنَتْ
فنفَعها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يونُسَ؛ على أَي شيء نصب؟ قال: إِذا كان
معنى إِلاَّ لكنّ نصب، وقال الفراء في قراءة أُبيّ فــهَلــاَّ، وفي مصحفنا
فلولا، قال: ومعناها أَنهم لم يؤمنوا ثم استثنى قوم يونس بالنصب على
الانقطاع مما قبله كأَنَّ قوم يونس كانوا منقطِعين من قوم غيره؛ وقال الفراء
أَيضاً: لولا إِذا كانت مع الأَسماء فهي شرط، وإِذا كانت مع الأَفعال فهي
بمعنى هَلــاَّ، لَوْمٌ على ما مضى وتحضيضٌ على ما يأْتي. وقال الزجاج في
قوله تعالى: لولا أَخَّرْتَني إِلى أَجلٍ قريب، معناه هَلــاَّ. وهَلْ قد
تكون بمعنى ما؛ قالت ابنة الحُمارِس:
هَلْ هي إِلاَّ حِظَةٌ أَو تَطْلِيقْ،
أَو صَلَفٌ من بين ذاك تَعْلِيقْ
أَي ما هي ولهذا أُدخلت لها إِلا. وحكي عن الكسائي أَنه قال: هَلْ زِلْت
تقوله بمعنى ما زِلْتَ تقوله، قال: فيستعملون هَلْ بمعنى ما. ويقال: متى
زِلْت تقول ذلك وكيف زِلْت؛ وأَنشد:
وهَلْ زِلْتُمُ تأْوِي العَشِيرةُ فيكُم،
وتنبتُ في أَكناف أَبلَجَ خِضْرِمِ؟
وقوله:
وإِنَّ شِفائي عَبْرَةٌ مُهَرَاقَة،
فــهَل عند رَسْمٍ دارسٍ من مُعَوَّل؟
قال ابن جني: هذا ظاهره استفهام لنفسه ومعناه التحضيض لها على البكاء،
كما تقول أَحسنت إِليّ فــهل أَشْكُرك أَي فَلأَشْكُرَنَّك، وقد زُرْتَني
فــهل أُكافِئَنَّك أَي فَلأُكافِئَنَّك. وقوله: هل أَتَى على الإِنسان؟ قال
أَبو عبيدة: معناه قد أَتَى؛ قال ابن جني: يمكن عندي أَن تكون مُبْقاةً
في هذا الموضع على ما بها من الاستفهام فكأَنه قال، والله أَعلم: وهل
أَتَى على الإِنسان هذا، فلا بدّ في جَوابهم من نَعَمْ ملفوظاً بها أَو مقدرة
أَي فكما أَن ذلك كذلك، فينبغي للإِنسان أَن يحتقر نفسه ولا يُباهي بما
فتح له، وكما تقول لمن تريد الاحتجاج عليه: بالله هل سأَلتني فأَعطيتك
أَم هل زُرْتَني فأَكرمتك أَي فكما أَن ذلك كذلك فيجب أَن تعرِف حقي عليك
وإِحْساني إِليك؛ قال الزجاج: إِذا جعلنا معنى هل أَتى قد أَتى فهو بمعنى
أَلَمْ يأْتِ على الإِنسان حينٌ من الدَّهْر؛ قال ابن جني: ورَوَيْنا عن
قطرب عن أَبي عبيدة أَنهم يقولون أَلْفَعَلْت، يريدون هَلْ فَعَلْت.
الأَزهري: ابن السكيت إِذا قيل هل لك في كذا وكذا؟ قلت: لي فيه، وإِن لي فيه،
وما لي فيه، ولا تقل إِن لي فيه هَلــاًّ، والتأْويل: هَلْ لك فيه حاجة
فحذفت الحاجة لمَّا عُرف المعنى، وحذف الرادُّ ذِكْر الحاجة كما حذفها
السائل. وقال الليث: هَلْ حقيقة استفهام، تقول: هل كان كذا وكذا، وهَلْ لك في
كذا وكذا؛ قال: وقول زهير:
أَــهل أَنت واصله
اضطرار لأَن هَلْ حرف استفهام وكذلك الأَلف، ولا يستفهم بحَرْفي
استفهام.ابن سيده: هَلــاَّ كلمة تحضيض مركبة من هَلْ ولا.
وبنو هلــال: قبيلة من العرب. وهِلــال: حيٌّ من هَوازن. والــهلــالُ: الماء
القليل في أَسفل الرُّكيّ. والــهِلــال: السِّنانُ الذي له شُعْبتان يصاد به
الوَحْش.
صــهل: الصَّــهَلُ: حِدَّةُ الصوت مع بَحَح كالصَّحَل. يقال: في صوته
صَــهَلٌ وصَحَلٌ، وهو بُحَّة في الصوت، والصَّهِيلُ للخيل. قال الجوهري:
الصَّهِيل والصُّهال صوت الفرس مثل النَّهِيق والنُّهاق. وفي حديث أُمِّ زَرْع:
فَجَعَلَني في أَــهْل صَهِيلٍ وأَطِيطٍ؛ تريد أَنها كانت في أَــهل قِلَّة
فَنَقَلها إِلى أَــهل كَثْرة وثَرْوة، لأَن أَــهل الخيل والإِبل أَكثر من
أَــهل الغَنم. ابن سيده: الصَّهِيل من أَصوات الخيل، صَــهَلَ الفرسُ يَصْــهَل
ويَصْــهِلُ صَهِيلاً. وفَرَس صَهَّالٌ: كثير الصَّهِيل. وفي حديث أُمِّ
مَعْبَد: في صوته صَــهَلٌ؛ حِدَّةٌ وصَلابة من صَهِيلِ الخيل وهو صوتها.
ورجُل ذُو صاهِل: شديد الصِّياح والهِياج. والصاهِلُ من الإِبل: الذي
يَخْبِط بيده ورجله وتسمع لجَوْفه دَوِيّاً من عِزَّة نفسه. النضر:
الصَّاهل من الإِبل الذي يَخْبِط ويَعَضُّ ولا يَرْغُو بواحدة من عِزَّة نفسه.
يقال: جَمَلٌ صاهِلٌ وذو صاهِلٍ وناقةٌ ذاتُ صاهل؛ وأَنشد:
وذو صاهِلٍ لا يَأْمَن الخَبْطَ قائدُه
وجعل ابنُ مُقْبل الذِّبَّانَ صَواهِلَ في العُشْب، يُريد عُنَّةَ
طَيرانها وصَوْتَه، فقال:
كأَنَّ صَواهِلَ ذِبَّانِه،
قُبَيْلَ الصَّباحِ، صَهيلُ الحُصُن
وجعل أَبو زُبَيدٍ الطائي أَصواتِ المَساحِي صَواهلَ فقال:
لها صَواهِلُ في صُمِّ السِّلام، كما
صاح القَسِيَّاتُ في أَيدي الصَّيارِيف
والصَّواهِلُ: جمع الصاهِلــة، مصدر على فاعِلَة بمعنى الصَّهِيل، وهو
الصوت كقولك سَمِعْتُ رواغِيَ الإِبل.
وصاهِلَــةُ: اسمٌ. وبَنُو صاهِلــةَ: بطنٌ.
أهل: الأَــهْل: أَــهل الرجل وأَــهْلُ الدار، وكذلك الأَــهْلــة؛ قال أَبو
الطَّمَحان:
وأَــهْلــةِ وُدٍٍّّ تَبَرَّيتُ وُدَّهم،
وأَبْلَيْتُهم في الحمد جُهْدي ونَائلي
ابن سيده: أَــهْل الرجل عَشِيرتُه وذَوُو قُرْباه، والجمع أَــهْلــون
وآهَالٌ وأَهَالٍ وأَــهْلــات وأَــهَلــات؛ قال المُخَبَّل السعدي:
وهُمْ أَــهَلــاتٌ حَوْلَ قَيْسِ بنِ عاصم،
إِذا أَدْلَجوا باللَّيل يَدْعُونَ كَوْثَرا
وأَنشد الجوهري:
وبَلْدَةٍ ما الإِنْسُ من آهالِها،
تَرَى بِها العَوْهَقَ من وِئالُها
وِثالُها: جمع وائل كقائم وقِيام؛ ويروى البيت:
وبَلْدَةٍ يَسْتَنُّ حازي آلِها
قال سيبويه: وقالوا أَــهْلــات، فخففوا، شَبَّهوها بصعْبات حيث كان أَــهل
مذكَّراً تدخله الواو والنون، فلما جاء مؤنثه كمؤنث صَعْب فُعل به كما فعل
بمؤنث صَعْب؛ قال ابن بري: وشاهد الأَــهْل فيما حَكى أَبو القاسم الزجاجي
أَن حَكِيم
بن مُعَيَّة الرَّبَعي كان يُفَضِّل الفَرَزْدق على جَرير، فهَجَا جرير
حكيماً فانتصر له كنان
بن ربيعة أَو أَخوه ربعي
بن ربيعة، فقال يهجو جريراً:
غَضِبْتَ علينا أَن عَلاك ابن غالب،
فــهَلــاَّ على جَدَّيْك، في ذاك، تَغْضَبُ؟
هما، حينَ يَسْعَى المَرْءُ مَسْعاةَ أَــهْلِــهِ،
أَناخَا فشَدَّاك العِقال المُؤَرَّبُ
(* قوله: شداك العقال؛ اراد: بالعقال، فنصب بنزع الخافض، وورد مؤرب، في
الأصل، مضموماً، وحقه النصب لأنه صفة لعقال، ففي البيت إذاً إقواء).
وما يُجْعَل البَحْرُ الخِضَمُّ، إِذا طما،
كَجُدٍٍّّ ظَنُونٍ، ماؤُه يُتَرقَّبُ
أَلَسْتَ كُلْيبيًّا لألأَمِ وَالدٍ،
وأَلأَمِ أُمٍٍّّ فَرَّجَتْ بك أَو أَبُ؟
وحكى سيبويه في جمع أَــهْل: أَــهْلُــون، وسئل الخليل: لم سكنوا الهاء ولم
يحرّكوها كما حركوا أَرَضِين؟ فقال: لأَن الأَــهل مذكر، قيل: فلم قالوا
أَــهَلــات؟ قال: شبهوها بأَرَضات، وأَنشد بيت المخبل السعدي، قال: ومن العرب
من يقول أَــهْلــات على القياس. والأَهَالي: جمع الجمع وجاءت الياء التي في
أَهالي من الياء التي في الأَــهْلــين. وفي الحديث: أَــهْل القرآن هم أَــهْلُ
الله وخاصَّته أَي حَفَظة القرآن العاملون به هم أَولياء الله والمختصون
به اختصاصَ أَــهْلِ الإِنسان به. وفي حديث أَبي بكر في استخلافه عمر: أَقول
له، إِذا لَقِيتُه، اسْتعملتُ عليهم خَيْرَ أَــهْلِــكَ؛ يريد خير
المهاجرين وكانوا يسمُّون أَــهْلَ مكة أَــهل الله تعظيماً لهم كما يقال بيت الله،
ويجوز أَن يكون أَراد أَــهل بيت الله لأَنهم كانوا سُكَّان بيت الله. وفي
حديث أُم سلمة: ليس بكِ على أَــهْلــكِ هَوَانٌ؛ أَراد بالأَــهل نَفْسَه، عليه
السلام، أَي لا يَعْلَق بكِ ولا يُصيبكِ هَوَانٌ عليهم.
واتَّــهَل الرجلُ: اتخذ أَــهْلــاً؛ قال:
في دَارَةٍ تُقْسَمُ الأَزْوادُ بَيْنَهم،
كأَنَّما أَــهْلُــنا منها الذي اتَّــهَلــا
كذا أَنشده بقلب الياء تاء ثم إِدغامها في التاء الثانية، كما حكي من
قولهم اتَّمَنْته، وإلا فحكمه الهمزة أَو التخفيف القياسي أَي كأَن أَــهلــنا
أَــهلُــه عنده أَي مِثلُهم فيما يراه لهم من الحق. وأَــهْلُ المذهب: مَنْ
يَدين به. وأَــهْلُ الإِسلام: مَن يَدِين به. وأَــهْلُ الأَمر: وُلاتُه.
وأَــهْلُ البيت: سُكَّانه. وأَــهل الرجل: أَخَصُّ الناس به. وأَــهْلُ بيت
النبي،صلى الله عليه وسلم: أَزواجُه وبَناته وصِهْرُه، أَعني عليًّا، عليه
السلام، وقيل: نساء النبي،صلى الله عليه وسلم، والرجال الذين هم آله. وفي
التنزيل العزيز: إِنما يريد الله ليُذْهِبَ عنكم الرِّجْس أَــهلَ البيت؛
القراءة أَــهْلَ بالنصب على المدح كما قال: بك اللهَ نرجو الفَضْل وسُبْحانك
اللهَ العظيمَ، أَو على النداء كأَنه قال يا أَــهل البيت. وقوله عز وجل
لنوح، عليه السلام: إِنه ليس من أَــهْلِــك؛ قال الزجاج: أَراد ليس من أَــهْلِــك
الذين وعدتُهم أَن أُنجيهم، قال: ويجوز أَن يكون ليس من أَــهل دينك.
وأَــهَلُ كل نَبيٍّ: أُمَّته.
ومَنْزِلٌ آهِلٌ أَي به أَــهْلُــه. ابن سيده: ومكان آهِلٌ له أَــهْل؛
سيبويه: هو على النسب، ومأْهول: فيه أَــهل؛ قال الشاعر:وقِدْماً كان
مأْهْولاً،وأَمْسَى مَرْتَعَ العُفْر
وقال رؤبة:
عَرَفْتُ بالنَّصْرِيَّةِ المَنازِلا
قَفْراً، وكانت مِنْهُمُ مَآهلــا
ومكان مأْهول، وقد جاء: أُــهِل؛ قال العجاج:
قَفْرَيْنِ هذا ثم ذا لم يُؤــهَل
وكلُّ شيء من الدواب وغيرها أَلِف المَنازلَ أَــهْلِــيٌّ وآهِلٌ؛ الأَخيرة
على النسب، وكذلك قيل لما أَلِفَ الناسَ والقُرى أَــهْلِــيٌّ، ولما
اسْتَوْحَشَ بَرِّيّ ووحشي كالحمار الوحشي. والأَــهْلِــيُّ: هو الإِنْسِيّ. ونَهى
رسول الله،صلى الله عليه وسلم، عن أَكل لحوم الحُمُر الأَــهْلــية يومَ
خَيْبَرَ؛ هي الحُمُر التي تأْلف البيوت ولها أَصْحاب وهي مثل الأُنْسية ضدّ
الوحشية.
وقولهم في الدعاء: مَرْحَباً وأَــهْلــاً أَي أَتيتَ رُحْباً أَي سَعَة،
وفي المحكم أَي أَتيت أَــهْلــاً لا غُرباء فاسَْأْْنِسْ ولا تَسْتَوْحِشْ.
وأَــهَّل به: قال له أَــهْلــاً. وأَــهِل به: أَنِس. الكسائي والفراء: أَــهِلْــتُ
به وودَقْتُ به إِذا استأْنستَ به؛ قال ابن بري: المضارع منه آهَلُ به،
بفتح الهاء. وهو أَــهْلٌ لكذا أَي مُسْتَوجب له، الواحدُ والجمعُ في ذلك
سَواء، وعلى هذا قالوا: المُلْك لله أَــهْلِ المُلْك. وفي التنزيل العزيز:
هو أَــهْلُ التَّقْوى وأَــهْل المغفرة؛ جاء في التفسير: أَنه، عز وجل،
أَــهْلٌ لأَن يُتَّقَى فلا يُعْصَى وأَــهْلُ المغفرة لمن اتَّقاه، وقيل: قوله
أَــهل التقوى مَوْضِعٌ لأَن يُتَّقى، وأَــهْل المغفرة موضع لذلك.
الأَزهري: وخطَّأَ بعضُهم قولَ من يقول فلان يَسْتأْــهِل أَن يُكْرَم أَو
يُهان بمعنى يَسْتحق، قال: ولا يكون الاستِئهال إِلاَّ من الإِهالة،
قال: وأَما أَنا فلا أُنكره ولا أُخَطِّئُ من قاله لأَني سمعت أَعرابيّاً
فَصِيحاً من بني أَسد يقول لرجل شكر عنده يَداً أُولِيَها: تَسْتَأْــهِل يا
أَبا حازم ما أُولِيتَ، وحضر ذلك جماعة من الأَعراب فما أَنكروا قوله،
قال: ويُحَقِّق ذلك قولُه هو أَــهْل التقوى وأَــهل المَغْفِرة. المازني: لا
يجوز أَن تقول أَنت مُسْتَأْــهل هذا الأَمر ولا مستأْــهل لهذا الأَمر لأَنك
إِنما تريد أَنت مستوجب لهذا الأَمر، ولا يدل مستأْــهل على ما أَردت،
وإِنما معنى الكلام أَنت تطلب أَن تكون من أَــهل هذا المعنى ولم تُرِدْ ذلك،
ولكن تقول أَنت أَــهْلٌ لهذا الأَمر، وروى أَبو حاتم في كتاب المزال
والمفسد عن الأَصمعي: يقال استوجب ذلك واستحقه ولا يقال استأْــهلــه ولا أَنت
تَسْتَأْــهِل ولكن تقول هو أَــهل ذاك وأَــهل لذاك، ويقال هو أَــهْلَــةُ ذلك.
وأَــهّلــه لذلك الأَمر تأْهيلاً وآهلــه: رآه له أَــهْلــاً. واسْتَأْــهَلــه: استوجبه،
وكرهها بعضهم، ومن قال وَــهَّلــتْه ذهب به إِلي لغة من يقول وامَرْتُ
وواكَلْت. وأَــهْل الرجل وأَــهلــته: زَوْجُه. وأَــهَل الرجلُ يَأْــهِلُ ويَأْــهُل
أَــهْلــاً وأُهُولاً، وتَأَــهَّل: تَزَوَّج. وأَــهَلَ فلان امرأَة يأْــهُل إِذا
تزوّجها، فهي مَأْهولة. والتأَــهُّل: التزوّج. وفي باب الدعاء: آهَلَــك
الله في الجنة إيهالاً أَي زوّجك فيها وأَدخلكها. وفي الحديث: أَن
النبي،صلى الله عليه وسلم، أَعْطى الآهِلَ حَظَّين والعَزَب حَظًّا؛ الآهل: الذي
له زوجة وعيال، والعَزَب الذي لا زوجة له، ويروى الأَعزب، وهي لغة رديئة
واللغة الفُصْحى العَزَب، يريد بالعطاء نصيبَهم من الفَيْء. وفي الحديث:
لقد أَمست نِيران بني كعب آهِلــةً أَي كثيرة الأَــهل. وأَــهَّلَــك الله للخير
تأْهيلاً.
وآلُ الرجل: أَــهْلُــه. وآل الله وآل رسوله: أَولياؤه، أَصلها أَــهل ثم
أُبدلت الهاء همزة فصارت في التقدير أَأْل، فلما توالت الهمزتان أَبدلوا
الثانية أَلفاً كما قالوا آدم وآخر، وفي الفعل آمَنَ وآزَرَ، فإِن قيل: ولمَ
زَعَمْتَ أَنهم قلبوا الهاء همزة ثم قلبوها فيما بعد، وما أَنكرتَ من
أَن يكون قلبوا الهاء أَلفاً في أَوَّل الحال؟ فالجواب أَن الهاء لم تقلب
أَلفاً في غير هذا الموضع فيُقاسَ هذا عليه، فعلى هذا أُبدلت الهاء همزة
ثم أُبدلت الهمزة أَلفاً، وأَيضاً فإِن الأَلف لو كانت منقلبة عن غير
الهمزة المنقلبة عن الهاء كما قدمناه لجاز أَن يستعمل آل في كل موضع يستعمل
فيه أَــهل، ولو كانت أَلف آل بدلاً من أَــهل لقيل انْصَرِفْ إِلى آلك، كما
يقال انْصَرِف إِلى أَــهلــك، وآلَكَ والليلَ كما يقال أَــهْلَــك والليلَ، فلما
كانوا يخصون بالآل الأَشرفَ الأَخصَّ دون الشائع الأَعم حتى لا يقال
إِلا في نحو قولهم: القُرَّاء آلُ الله، وقولهم: اللهمَّ صلِّ على محمد وعلى
آل محمد، وقال رجل مؤمن من آل فرعون؛ وكذلك ما أَنشده أَبو العباس
للفرزدق:
نَجَوْتَ، ولم يَمْنُنْ عليك طَلاقةً،
سِوى رَبَّة التَّقْريبِ من آل أَعْوَجا
لأَن أَعوج فيهم فرس مشهور عند العرب، فلذلك قال آل أَعوجا كما يقال
أَــهْل الإِسكاف، دلَّ على أَن الأَلف ليست فيه بدلاً من الأَصل، وإِنما هي
بدل من الأَصل
(* قوله «وإنما هي بدل من الأصل» كذا في الأصل. ولعل فيه
سقطاً. وأصل الكلام، والله أعلم: وإنما هي بدل من الهمزة التي هي بدل من
الأصل، أو نحو ذلك.) فجرت في ذلك مجرى التاء في القسم، لأَنها بدل من
الواو فيه، والواو فيه بدل من الباء، فلما كانت التاء فيه بدلاً من بدل وكانت
فرع الفرع اختصت بأَشرف الأَسماء وأَشهرها، وهو اسم الله، فلذلك لم
يُقَل تَزَيْدٍ ولا تالبَيْتِ كما لم يُقَل آل الإِسكاف ولا آل الخَيَّاط؛
فإِن قلت فقد قال بشر:
لعَمْرُك ما يَطْلُبْنَ من آل نِعْمَةٍ،
ولكِنَّما يَطْلُبْنَ قَيْساً ويَشْكُرا
فقد أَضافه إِلى نعمة وهي نكرة غير مخصوصة ولا مُشَرَّفة، فإِن هذا بيت
شاذ؛ قال ابن سيده: هذا كله قول ابن جني، قال: والذي العمل عليه ما
قدمناه وهو رأْي الأَخفش، قال: فإِن قال أَلست تزعم أَن الواو في والله بدل من
الباء في بالله وأَنت لو أَضمرت لم تقل وَهُ كما تقول به لأَفعلن، فقد
تجد أَيضاً بعض البدل لا يقع موقع المبدل منه في كل موضع، فما ننكر أَيضاً
أَن تكون الأَلف في آل بدلاً من الهاء وإِن كان لا يقع جميع مواقع أَــهل؟
فالجواب أَن الفرق بينهما أَن الواو لم يمتنع من وقوعها في جميع مواقع
الباء من حيث امتنع من وقوع آل في جميع مواقع أَــهل، وذلك أَن الإِضمار
يردّ الأَسماء إِلى أُصولها في كثير من المواضع، أَلا ترى أَن من قال
أَعطيتكم درهماً فحذف الواو التي كانت بعد الميم وأَسكن الميم، فإِنه إِذا
أَضمر للدرهم قال أَعطيتكموه، فردّ الواو لأَجل اتصال الكلمة بالمضمر؟ فأَما
ما حكاه يونس من قول بعضهم أَعْطَيْتُكُمْه فشاذ لا يقاس عليه عند عامة
أَصحابنا، فلذلك جاز أَن تقول: بهم لأَقعدن وبك لأَنطلقن، ولم يجز أَن
تقول: وَكَ ولا وَهُ، بل كان هذا في الواو أَحرى لأَنها حرف منفرد فضعفت عن
القوّة وعن تصرف الباء التي هي أَصل؛ أَنشدنا أَبو علي قال: أَنشدنا أَبو
زيد:
رأَى بَرْقاً فأَوْضَعَ فوقَ بَكْرٍ،
فلا بِكَ ما أَسالَ ولا أَغاما
قال: وأَنشدنا أَيضاً عنه:
أَلا نادَتْ أُمامةُ باحْتِمالِ
ليَحْزُنَني، فلا بِك ما أُبالي
قال: وأَنت ممتنع من استعمال الآل في غير الأَشهر الأَخص، وسواء في ذلك
أَضفته إِلى مُظْهَر أَو أَضفته إِلى مضمر؛ قال ابن سيده: فإِن قيل أَلست
تزعم أَن التاء في تَوْلَج بدل من واو، وأَن أَصله وَوْلَج لأَنه
فَوْعَل من الوُلُوج، ثم إِنك مع ذلك قد تجدهم أَبدلوا الدال من هذه التاء
فقالوا دَوْلَج، وأَنت مع ذلك قد تقول دَوْلَج في جميع هذه المواضع التي تقول
فيها تَوْلَج، وإِن كانت الدال مع ذلك بدلاً من التاء التي هي بدل من
الواو؟ فالجواب عن ذلك أَن هذه مغالطة من السائل، وذلك أَنه إِنما كان
يطَّرد هذا له لو كانوا يقولون وَوْلَج ودَوْلَج ويستعملون دَوْلَجاً في جميع
أَماكن وَوْلَج، فهذا لو كان كذا لكان له به تَعَلّقٌ، وكانت تحتسب
زيادة، فأَما وهم لا يقولون وَوْلَج البَتَّةَ كراهية اجتماع الواوين في أَول
الكلمة، وإِنما قالوا تَوْلَج ثم أَبدلوا الدال من التاء المبدلة من
الواو فقالوا دَوْلَج، فإِنما استعملوا الدال مكان التاء التي هي في المرتبة
قبلها تليها، ولم يستعملوا الدال موضع الواو التي هي الأَصل فصار إِبدال
الدال من التاء في هذا الموضع كإِبدال الهمزة من الواو في نحو
أُقِّتَتْ وأُجُوه لقربها منها، ولأَنه لا منزلة بينهما واسطة، وكذلك لو عارض
معارض بهُنَيْهَة تصغير هَنَة فقال: أَلست تزعم أَن أَصلها هُنَيْوَة ثم
صارت هُنَيَّة ثم صارت هُنَيْهة، وأَنت قد تقول هُنَيْهة في كل موضع قد تقول
فيه هُنَيَّة؟ كان الجواب واحداً كالذي قبله، أَلا ترى أَن هُنَيْوة
الذي هو أَصل لا يُنْطَق به ولا يستعمل البَتَّة فجرى ذلك مجرى وَوْلَج في
رفضه وترك استعماله؟ فهذا كله يؤَكد عندك أَن امتناعه من استعمال آل في
جميع مواقع أَــهل إِنما هو لأَن فيه بدلاً من بدل، كما كانت التاء في القسم
بدلاً من بدل.
والإِهالَةُ: ما أَذَبْتَ من الشحم، وقيل: الإِهَالة الشحم والزيت،
وقيل: كل دهن اؤْتُدِم به إِهالةٌ، والإِهالة الوَدَك. وفي الحديث: أَنه كان
يُدْعى إِلى خُبْز الشعير والإِهالة السَّنِخَة فيُجيب، قال: كل شيء من
الأَدهان مما يُؤْتَدَم به إِهالَةٌ، وقيل: هو ما أُذيب من الأَلْية
والشَّحم، وقيل: الدَّسَم الجامد والسَّنِخة المتغيرة الريح. وفي حديث كعب في
صفة النار: يجاء بجهنَم يوم القيامة كأَنها مَتْنُ إِهالة أَي ظَهْرُها.
قال: وكل ما اؤْتدم به من زُبْد ووَدَك شحم ودُهْنِ سمسم وغيره فهو
إِهالَة، وكذلك ما عَلا القِدْرَ من وَدَك اللحم السَّمين إِهالة، وقيل:
الأَلْية المُذابة والشحم المذاب إِهالة أَيضاً. ومَتْن الإِهالة: ظَهْرُها
إِذا سُكِبَت في الإِناء، فَشَبَّه كعب سكون جهنم قبل أَن يصير الكفار فيها
بذلك.
واسْتَأْــهل الرجلُ إِذا ائتدم بالإِهالة. والمُسْتَأْــهِل: الذي يأْخذ
الإِهالة أَو يأْكلها؛ وأَنشد ابن قتيبة لعمرو ابن أسوى:
لا بَلْ كُلِي يا أُمَّ، واسْتَأْــهِلــي،
إِن الذي أَنْفَقْتُ من مالِيَه
وقال الجوهري: تقول فلان أَــهل لكذا ولا تقل مُسْتَأْــهِل، والعامَّة
تقول. قال ابن بري: ذكر أَبو القاسم الزجاجي في أَماليه قال: حدثني أَبو
الهيثم خالد الكاتب قال: لما بويع لإِبراهيم بن المهدي بالخلافة طلبني وقد
كان يعرفني، فلما دخلت إِليه قال: أَنْشِدْني، فقلت: يا أَمير المؤْمنين،
ليس شعري كما قال النبي،صلى الله عليه وسلم، إِنَّ من الشعر لحكماً،
وإِنما أَنا أَمزحُ وأَعْبَثُ به؛ فقال: لا تقل يا خالد هكذا، فالعلم جِدٌّ
كله؛ ثم أَنْشدته:
كُنْ أَنت للرَّحْمَة مُسْتَأْــهِلــاً،
إِن لم أَكُنْ منك بِمُسْتَأْــهِل
أَلَيْسَ من آفة هذا الهَوى
بُكاءٌ مقتول على قاتل؟
قال: مُسْتَأْــهِل ليس من فصيح الكلام وإِنما المُسْتَأْــهِل الذي يأْخذ
الإِهالة، قال: وقول خالد ليس بحجة لأَنه مولد، والله أَعلم.
هلــك: لــهَلْــكُ: الــهلــاك. قال أَبو عبيد: يقال الــهَلْــك والــهُلْــكُ
اوالمُلْكُ والمَلْكُ؛ هَلَــكَ يَــهْلِــكُ هُلْــكاً وهَلْــكاً وهَلــاكاً: مات. ابن جني:
ومن الشاذ قراءة من قرأَ: ويَــهْلَــكُ الحَرْثُ والنَّسْلُ، قال: هو من باب
رَكَنَ يَرْكَنُ وقَنَطَ يَقْنَطُ، وكل ذلك عند أَبي بكر لغات مختلطة،
قال: وقد يجوز أَن يكون ماضي يَــهْلــكُ هَلِــك كعَطِبَ، فاستغنى عنه بــهَلَــكَ
وبقيت يَــهْلَــك دليلاً عليها، واستعمل أَبو حنيفة الــهَلَــكَة في جُفُوف
النبات وبَيُوده فقال يصف النبات: من لَدُنِ ابتدائه إِلى تمامه، ثم
تَوَلِّيه وإِدباره إِلى هَلَــكَتِه وبَيُوده.
ورجل هالِكٌ من قوم هُلَّــكٍ وهُلــاَّك وهَلْــكَى وهَوَالِكَ، الأَخيرة
شاذة؛ وقال الخليل: إِنما قالوا هَلْــكَى وزَمْنَى ومَرْضَى لأَنها أَشياء
ضُرِبُوا بها وأُدْخِلوا فيها وهم لها كارهون. الأَزهري: قومٌ هَلْــكَى
وهالِكُون. الجوهري: وقد يجمع هالِك على هَلْــكَى وهُلــاَّك؛ قال زيادُ بن
مُنْقِذ:
تَرَى الأَرامِلَ والــهُلــاَّكَ تَتْبَعُه،
يَسْتَنُّ منه عليهم وابِلٌ رَزِمُ
يعني به الفقراء؛ وهَلَــكَ الشيءَ وهَلَّــكه وأَــهْلَــكَه؛ قال العجاج:
ومَهْمَهٍ هالِكِ مَنْ تَعَرَّجا،
هائلةٍ أَهْوالُه مَنْ أَدْلَجا
يعني مُــهْلِــك، لغة تميم، كما يقال ليل غاضٍ أَي مُغْضٍ. وقال الأَصمعي
في قوله هالِكِ من تَعَرَّجا أَي هالكِ المُتَعَرِّجين إِن لم يُهَذِّبوا
في السير أَي من تعرَّض فيه هَلَــكَ؛ وأَنشد ثعلب:
قالت سُلَيْمى هَلِّــكوا يَسارا
الجوهري: هَلَــكَ الشيءُ يَــهْلِــكُ هَلــاكاً وهُلــوكاً ومَــهْلَــكاً
ومَــهْلِــكاً ومَــهْلُــكاً وتَــهْلُــكَةً، والاسم الــهُلْــكُ، بالضم؛ قال اليزيدي:
التَّــهْلُــكة من نوادر المصادر ليست مما يجري على القياس؛ قال ابن بري: وكذلك
التُّــهْلــوك الــهَلــاكُ؛ قال: وأَنشد أَبو نخَيْلة لشَبِيبِ بن شَبَّةَ:
شَبيبُ، عادى اللهُ من يَجْفُوكا
وسَبَّبَ اللهُ له تُــهْلــوكا
وأَــهْلــكه غيره واسْتَــهْلَــكه. وفي الحديث عن أَبي هريرة: إِذا قال الرجلُ
هَلَــكَ الناسُ
فهو أَــهْلَــكهم؛ يروى بفتح الكاف وضمها، فمن فتحها كانت فعلاً ماضياً
ومعناه أَن الغالِين الذين يُؤيِسُون الناسَ
من رحمة ا لله تعالى يقولون هَلَــك الناسُ
أَي استوجبوا النار والخلود فيها بسوء أَعمالهم، فإِذا قال الرجل ذلك
فهو الذي أَوجبه لهم لا الله تعالى، أَو هو الذي لما قال لهم ذلك وأَيأَسهم
حملهم على ترك الطاعة والانهماك في المعاصي، فهو الذي أَوقعهم في
الــهلــاك، وأَما الضم فمعناه أَنه إِذا قال ذلك لهم فهو أَــهْلَــكهم أَي أَكثرهم
هَلــاكاً، وهو الرجلُ يُولَعُ بعيب الناس ويَذْهبُ بنفسه عُجْباً، ويرى له
عليهم فضلاً. وقال مالك في قوله أَــهلــكهم أَي أَبْسَلُهم. وفي الحديث: ما
خالَطتِ الصدقةُ مالاً إِلاَّ أَــهْلَــكَتْه؛ قيل: هو حضٌّ على تعجيل الزكاة
من قبل أَن تختلط بالمال بعد وجوبها فيه فتذهب به، وقيل: أَراد تحذير
العُمَّال عن اخْتِزال شيء منها وخلطهم إِياه بها، وقيل: أَن يأْخذ الزكاة
وهو غنّي عنها. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَتاه سائل فقال له:
هَلَــكْتُ وأَــهْلَــكْتُ أَي أَــهلــكت عيالي. وفي التنزيل: وتلك القُرى أَــهْلَــكْناهم
لما ظلموا. وقال أَبو عبيدة: أَخبرني رُؤْبة أَنه يقول هَلَــكْتَني بمعنى
أَــهْلَــكتني، قال: وليست بلغتي. أَبو عبيدة: تميم تقول هَلَــكَه يَــهْلِــكُه
هَلْــكاً بمعنى أَــهْلَــكه. وفي المثل: فلان هالِكٌ في الهوالك؛ وأَنشد
أَبو عمرو لابن جذْلِ الطِّعانِ:
تَجاوَزْتُ هِنْداً رَغْبَةً عن قِتالِه،
إِلى مالِكٍ أَعْشُو إِلى ذكْرِ مالكِ
فأَيْقَنْتُ أَني ثائِرُ ابن مُكَدَّمٍ،
غَداةَ إِذٍ، أَو هالِكٌ في الهَوالِكِ
قال: وهذا شاذ على ما فسر في فوارس؛ قال ابن بري: يجوز أَن يريد هالك في
الأُمم الهَوالِك فيكون جمع هالكة، على القياس، وإِنما جاز فوارس لأَنه
مخصوص بالرجال فلا لبس فيه، قال: وصواب إنشاد البيت:
فأَيقنت أَني عند ذلك ثائر
والــهَلَــكَة: الــهَلــاكُ؛ ومنه قولهم: هي الــهَلَــكَة الــهَلْــكاءُ، وهو توكيد
لها، كما يقال هَمَجٌ هامجٌ.
أبو عبيدة: يقال وقع فلان في الــهَلَــكَةِ الــهَلْــكى والسَّوْأَة
السَّوْأى. وقوله عز وجل: وجعلنا لمَــهْلِــكهِم مَوعِداً؛ أي لوقت هِلــاكِهم أجَلاً،
ومن قرأ لمَــهْلَــكِهم فمعناه لإهلــاكهم. وفي حديث أم زرع: وهو إمامُ
القَوْم في المَهالِك؛ أرادت في الحروب وأنه لثِقَته بشجاعته يتقدَّم ولا
يتخلف، وقيل: إنه لعلمه بالطُّرق يتقدَّم القومَ فيهديهم وهم على أثره.
واسْتَــهْلَــكَ المالَ: أنفقه وأنفده؛ أنشد سيبويه:
تقولُ، إذا اسْتَــهْلَــكْتُ مالاً للَذَّةٍ،
فُكَيْهَةُ: هَشَّيْءٌ بكَفَّيْكَ لائِقُ
قال سيبويه: يريد هل شيء فأدغم اللام في الشين، وليس ذلك بواجب كوجوب
إدغام الشم والشراب ولا جميعهم يدغم هل شيء. وأهْلَــكَ المالَ: باعه. في بعض
أخبار هذيل: أن حَبيباً الهُذَليّ قال لمَعْقِلِ ابن خُوَيْلِد: ارجِعْ
إلى قومك، قال: كيف أصنع بإيلي؟ قال: أهْلِــكْها أي بعْها. والمَــهْلَــكة
والمَــهلِــكة والمَــهْلُــكة: المَفازة لأنه يــهلــك فيها كثيراً. ومفازة هالكةٌ من
سَلَكها أي هالكة للسالكين. وفي حديث التوبة: وتَرْكُها مَــهْلِــكة أي
موضع لــهَلــاكِ نفْسه، وجمعها مَهالِكُ، وتفتح لامها وتكسر أيضاً للمفازة.
والــهَلَــكُونُ: الأَرض الجَدْبة وإن كان فيها ماء. ابن بُزُرج: يقال هذه أرض
آرمَةٌ هَلَــكُونٌ، وأرض هَلَــكون إذا لم يكن فيها شيء. يقال: هَلَــكونُ
نبات أرضين. ويقال: ترَكها آرِمَةً هَلَــكِينَ إذا لم يصبها الغَيْثُ منذ دهر
طويل. يقال: مررت بأرض هَلَــكِينَ، بفتح الهاء واللام
(* قوله: «هَلَــكينَ
بفتح النون دون تنوين»، هكذا في الأصل. وفي القاموس: أرضٌ هَلَــكِينٌ
وأرضٌ هَلــكونٌ، بتنوين الضمّ).
والــهَلَــكُ والــهَلَــكاتُ: السِّنُونَ لأنها مــهلــكة؛ عن ابن الأعرابي؛ وأنشد
لأسْودَ بن يَعْفُرَ:
قالت له أمُّ صَمْعا، إذ تُؤَامِرُه:
ألا تَرَى لِذَوي الأَموالِ والــهَلَــكِ؟
الواحدة هَلَــكة بفتح اللام أيضاً. والــهَلــاكُ: الجَهْدُ المُــهْلِــكُ.
وهَلــاكٌ مُهْتَلِكٌ: على المبالغة؛ قال رؤبة:
من السِّنينَ والــهَلــاكِ المِهْتَلِكْ
ولأَذْهَبَنَّ فإما هُلْــكٌ وإما مُلْكٌ، والفتح فيهما لغة، أي
لأَذْهَبَنَّ فإما أن أهْلِــكَ وإما أن أمْلِكَ. وهالِكُ أهْلٍ: الذي يَــهْلِــكُ في
أهْلــه؛ قال الأَعشى:
وهالِك أهْلٍ يَعودُونه،
وآخَرُ في قَفْزةٍ لم يُجَنْ
قال: ويكون وهالك أهلٍ الذي يُــهْلِــك أهْلَــه. والــهَلَــكُ: جِيفَةُ الشيء
الهالِك. والــهَلَــكُ: مَشْرَفَةُ المَهْواةِ من جَوِّ السُّكاكِ لأنها
مَــهْلَــكة، وقيل: الــهَلَــكُ ما بين كل أرض إلى التي تحتها إلى الأرض السابعة،
وهو من ذلك؛ فأما قول الشاعر:
الموتُ تأتي لميقاتٍ خَواطِفُه،
وليس يُعْجِزُهُ هَلْــكٌ ولا لُوح
فإنه سكن للضرورة، وهو مذهب كوفي، وقد حجر عليه سيبويه إلا في المكسور
والمضموم، وقيل: الــهَلَــكُ ما بين أعلى الجبل وأسفله ثم يستعار لهواء ما
بين كل شيئين، وكله من الــهَلــاك، وقيل: الــهَلَــكُ المَهْواة بين الجبلين؛
وأنشد لامرئ القيس:
أرى ناقَةَ القَيْسِ قد أصْبَحَتْ،
على الأَيْنِ، ذاتَ هِبابٍ نِوارا
رأتْ هَلَــكاً بنِجاف الغَبِيط،
فكادَتْ تَجُدُّ الحُقِيّ الهِجارا
ويروى: تَجُدّ لذاك الهِجارا؛ قوله هِباب: نَشاط، ونِواراً: نِفاراً،
وتجدّ: تقطع الحبل نُفوراً من المَهْواةِ، والهِجار: حبل يشدّ في رسغ
البعير. والــهَلَــكُ: المَهْواة بين الجبلين؛ وقال ذو الرمة يصف امرأة
جَيْداء:تَرى قُرْطَها في واضِحِ اللَّيتِ مُشْرِفاً
على هَلَــكٍ، في نَفْنَفٍ يَتَطَوّحُ
والــهَلَــكُ، بالتحريك: الشيء الذي يَهْوي ويسقُط. والتَّــهْلُــكَةُ:
الــهلــاك. وفي التنزيل العزيز: ولا تُلْقوا بأيديكم إلى التَّــهْلُــكة؛ وقيل:
التَّــهْلُــكة كل شيء تصير عاقبته إلى الــهَلــاك. والتُّــهْلُــوك: الــهَلــاك؛ وأنشد
بيت شَبيبٍ:
وسَبَّبَ الله له تُــهْلــوكا
ووقع في وادي تُــهْلِّــكَ، بضم التاء والهاء واللامُ مشددة، وهو غير مصروف
مثل تُخيبَ أي في الباطل والــهلــاك كأنهم سَمَّوْه بالفعل.
والاهْتِلاكُ والانْــهِلــاكُ: رمي الإنسان بنفسه في تَــهْلُــكة. والقَطاة
تَهْتَلِكُ من خوف البازي أي ترمي بنفسها في المَهالك. ويقال: تَهْتَلِكُ
تجتهد في طيرانها، ويقال منه: اهْتَلَكتِ القَطاةُ. والمِهْتَلِكُ: الذي
ليس له همٌّ إلا أن يَتَضَيَّفه الناسُ، يَظَلُّ نهارَه فإذا جاء الليل
أسرعَ إلى من يَكْفُله خَوْفَ الــهَلــاكِ لا يتمالك دونَه؛ قال أبو
خِراشٍ:إلى بَيْتِه يأوي الغريبُ إذا شَتا،
ومُهتَلِكٌ بالي الدَّريسَيْنِ عائِلُ
والــهُلــاّكُ: الصَّعاليك الذين يَنْتابون الناسَ ابتغاء معروفهم من سوء
حالهم، وقيل: الــهُلــاّك المُنْتَجِعون الذين قد ضلوا الطريق، وكله من ذلك؛
أنشد ثعلب لجَمِيل:
أبِيتُ مع الــهُلــاّكِ ضَيْفاً لأهْلِــها،
وأهْلــي قريبٌ مُوسِعُون ذوو فَضْلِ
وكذلك المُتَــهَلِّــكُون؛ أنشد ثعلب للمُتَنَخِّل الهُذَليّ:
لو أنه جاءني جَوْعانُ مُهْتَلِكٌ،
من بُؤَّس الناس، عنه الخيْرُ مَحْجُوزُ
وافْعَلْ ذلك إما هَلَــكَتْ هُلُــكُ أي على كل حال، بضم الهاء واللام غير
مصروف؛ قال ابن سيده: وبعضهم لا يصرفه أي على ما خَيَّلَتْ نَفْسُك ولو
هَلَــكْتَ، والعامَّة تقول: إن هَلَــكَ الــهُلُــكُ؛ قال ابن بري: حكى أبو علي
عن الكسائي هَلَــكَتْ هُلُــكُ، مصروفاً وغير مصروف. وفي حديث الدجال: وذكر
صفته ثم قال: ولكن الــهُلْــكُ كلُّ الــهُلْــكِ أن ربكم ليس بأعور، وفي رواية:
فإما هَلَــكَتْ هُلَّــكُ فإن ربكم ليس بأعور؛ الــهُلْــكُ الــهَلــاك، ومعنى
الرواية الأولى الــهَلــاكُ كلُّ الــهَلــاك للدجال لأنه وإن ادّعى الربوبية
ولَبَّس على الناس بما لا يقدر عليه الشر، فإنه لا يقدر على إزالة العَور لأن
الله منزه عن النقائص والعيوب، وأما الثانية فــهُلَّــكٌ، بالضم والتشديد،
جمع هالك أي فإن هَلَــكَ به ناس جاهلــون وضلُّوا فاعلموا أن الله ليس بأعور،
ولو روي: فإما هَلَــكَتْ هُلُــك على قول العرب افعل كذا إما هَلَــكَتْ
هُلَّــكُ وهُلُــكٌ بالتخفيف منوَّناً وغير منوّن، لكان وجهاً قويّاً ومُجْراه
مُجْرى قولهم افْعَلْ ذلك على ما خَيَّلَتْ أي على كل حال. وهُلُــكٌ: صفة
مفردة بمعنى هالكة كناقة سُرُحٌ وامرأة عُطُلٌ، فكأنه قال: فكيفما كان
الأمر فإن ربكم ليس بأعور، وفي رواية: فإما هَلَــكَ الــهُلُــكُ فإن ربكم ليس
بأعور. قال الفراء: العرب تقول افعل ذلك إما هَلَــكَتْ هُلُــكُ، وهُلُــكٌ
بإجراءٍ وغير إجراء، وبعضهم يُضيفه إما هَلَــكتْ هُلُــكُه أي على ما خَيَّلَتْ
أي على كل حال، وقيل في تفسير الحديث: إن شَبَّه عليكم بكل معنىً وعلى كل
حال فلا يُشَبِّهَنَّ عليكم أنَّ ربكم ليس بأعور، وقوله على ما
خَيَّلَتْ أي أرَتْ وشَبَّهَتْ، وروى بعضهم حديث الدجال وخزيه وبيان كذبه في
عوره.والــهَلُــوك من النساء: الفاجرة الشَّبِقَةُ المتساقطة على الرجال، سميت
بذلك لأنها تَتهالك أي تَتَمايل وتنثني عند جماعها، ولا يوصف الرجل الزاني
بذلك فلا يقال رجل هَلُــوكٌ؛ وقال بعضهم: الــهَلُــوك الحَسَنة التَّبَعُّلِ
لزوجها. وفي حديث مازِنٍ: إني مُولَعٌ بالخمر والــهَلُــوكِ من النساء.
وفي الحديث: فتهالَكْتُ عليه فسألته أي سقطت عليه ورميت بنفسي فوقه.
وتَهالك الرجلُ على المتاع والفِراشِ: سقط عليه، وتَهالَكَتِ المرأةُ في
مشيها: من ذلك.
والهالِكِيُّ: الحدَّادُ، وقيل الصَّيْقَل؛ قال ابن الكلبي: أوّل من
عَمِلَ الحديدَ من العرب الهالكُ بن عمرو بن أسَد بن خُزيْمة، وكان حدّاداً
نسب إليه الحدّاد فقيل الهالِكيُّ، ولذلك قيل لبني أسد القُيونُ؛ وقال
لبيد:
جُنوحَ الهالِكِيِّ على يدَيْهِ،
مُكِبّاً يَجْتَلي نُقَبَ النِّصالِ
أراد بالهالِكيّ الحداد؛ وقال آخر:
ولا تَكُ مِثلَ الهالِكيِّ وعِرْسِه،
سَقَتْه على لَوْحٍ سِمامَ الذَّرارِحِ
فقالت: شَرابٌ بارِدٌ قد جَدَحْتُه،
ولم يَدْر ما خاضَتْ له بالمَجادِحِ
أي خلطته بالسويق. قال عرّام في حديثه: كنت أتَــهَلَّــكُ في مَفاوز أي كنت
أدور فيها شِبْهَ المتحير؛ وأنشد:
كأنها قَطرةٌ جاد السحابُ بها،
بين السماء وبين الأرْضِ تَهْتَلِكُ
واسْتَــهْلَــكَ الرجلُ في كذا إذا جَهَدَ نَفْسَه، واهْتَلَكَ معه؛ وقال
الراعي:
لهنَّ حديثٌ فاتِنٌ يَتْرُك الفَتى
خفيفَ الحشا، مُسْتَــهْلِــكَ الرِّبْح، طامِعا
أي يَجْهَدُ قَلْبَه في إثرها. وطريق مُسْتَــهْلِــكُ الوِرْد أي يُجْهِدُ
من سَلَكَه؛ قال الحُطَيئة يصف الطريق:
مُسْتَــهْلِــكُ الوِرْدِ، كالأُسْتيِّ، قد جعَلَتْ
أيدي المَطيِّ به عاديَّةً رُكُبا
الأُسْتِيُّ والأُسْديُّ: يعني به السَّدى والسَّتى؛ شبَّه شَرَك الطريق
بسَدَى الثوب. وفلان هِلْــكَةٌ من الــهِلَــكِ أي ساقطة من السواقط أي
هالِكٌ. والــهَلْــكى: الشَّرِهُونَ من النساء والرجال، يقال: رجال هَلْــكى ونساء
هَلْــكى، الواحد هالِكٌ وهالكة. ابن الأَعرابي: الهالِكَة النفس
الشَّرِهَة؛ يقال: هَلَــكَ يَــهْلِــكُ هَلــاكاً إذا شَرِهَ؛ ومنه قوله:
ولم أهلِــكْ إلى اللَّبَنِ
(* تمامه كما في شرح القاموس:
جللته السيف إذا مالت كوارته * تحت العجاج ولم اهلــك إلى
اللبن)
أي لم أشْرَهْ. ويقال للمُزاحِمِ على الموائد: المُتَهالِكُ والمُلاهسُ
والوارش والحاضِرُ
(* قوله «والحاضر» كذا بالأصل. والذي في مادّة حضر:
رجل حضر ككتف وندس: يتحين طعام الناس ليحضره.) واللَّعْوُ، فإذا أكل بيد
ومنع بيد فهو جَرْدَبانُ؛ وأنشد شمر:
إنَّ سَدى خَيْرٍ إلى غيرِ أهْلِــه،
كَهالِكَةٍ من السحابِ المُصَوِّبِ
قال: هو السحاب الذي يَصُوبُ المَطَر ثم يُقلِعُ فلا يكون له مطر فذلك
هَلــاكه.
بــهل: التَبَــهُّل: العَناء بالطلب. وأَبــهل الرجلَ: تَرَكه. ويقال:
بَــهَلْــته وأَبْــهَلْــته إِذا خَلَّيْتَه وإِرادتَه. وأَبْــهَل الناقةَ:
أَهْمَلَها. الأَزْهري: عَبْــهَل الإِبلَ أَي أَهْمَلَها مثل أَبْــهَلَــها، والعين
مبدلة من الهمزة. وناقة باهِل بيِّنة البَــهَل: لا صِرارَ عليها، وقيل: لا
خِطام عليها، وقيل: لا سِمَة عليها، والجمع بُــهَّل وبُــهْل. وقد أَبْــهَلــتْها
أَي تركتها باهلــاً، وهي مُبْــهَلــة ومُباهِل للجمع
(* قوله «ومباهل للجمع»
كذا وقع في الأصل ميم مباهل مضموناً وكذا في القاموس وليس فيه لفظ
الجمع).
قال ابن بري: قال ابن خالويه البُــهَّل واحدها باهلٌ وباهلــة وهي التي
تكون مُهْمَلَة بغير راع، يريد أَنها سَرَحَت للمَرْعى بغير راع؛ وشاهد
أَبْــهَل قول الشاعر:
قد غاث رَبُّك هذا الخَلْقَ كُلَّهُمُ،
بعامِ خِصْبٍ، فعاش المالُ والنَّعَمُ
وأَبْــهَلــوا سَرْحَهُم من غير تَوْدِيةٍ
ولا ديار، ومات الفَقْر والعَدَم
وقال آخر:
قد رَجَعَ المُلْكُ لمُسْتَقَرَّه،
وعاد حُلْو العَيْشِ بَعْدَ مُرِّه،
وأَبْــهَلَ الحالِبُ بَعْدَ صَرِّه
وناقة باهل: مُسَيَّبَة. وأَبْــهَل الراعي إِبله إِذا تركها،
وأَبْــهَلَــها: تركها من الحَلبِ. والباهل: الإِبل التي لا صِرار عليها، وهي
المُبْــهَلــة. وقال أَبو عمرو في البُــهَّل مثله: واحدها باهل. وأَبــهل الوالي
رعِيَّتَهُ واسْتَبْــهَلــها إِذا أَهملها؛ ومنه قيل في بني شَيْبانَ: استَبْــهَلــتها
السواحلُ؛ قال النابغة في ذلك:
وشيْبان حيث اسْتَبْــهَلَــتْها السَّواحِلُ
أَي أَهملها ملوكُ الحِيرة لأَنهم كانوا نازلين بِشَطِّ البحرِ. وفي
التهذيب: على ساحل الفُرات لا يَصِل إِليهم السلطان يفعلون ما شاؤُوا، وقال
الشاعر في إِبل أُبْــهِلَــتْ:
إِذا اسْتُبْــهِلَــتْ أَو فَضَّها العَبْدُ، حَلَّقَتْ
بسَرْبك، يوْم الوِرْدِ، عَنْقاءُ مُغْرِب
يقول إِذا أُبْــهِلَــتْ هذه الإِبل ولم تُصَرّ أَنْفَدت الجِيرانُ
أَلبانها، فإِذا أَرادت الشُّرْب لم يكن في أَخْلافها من اللبن ما تَشْتَري به
ماء لشربها. وبَــهِلَــت الناقة تَبْــهَل بَــهَلــاً: حُلَّ صِرارُها وتُرك
وَلَدُها يَرْضَعها؛ وقول الفرزدق:
غَدَت من هِلــالٍ ذاتَ بَعْلٍ سَمِينَةً،
وآبَتْ بثَدْي باهِلِ الزَّوْجِ أَيِّمِ
يعني بقوله باهل الزَّوْجِ باهلَ الثَّدْي لا يحتاج إِلى صِرار، وهو
مستعار من الناقة الباهل التي لا صِرار عليها، وإِذا لم يكن لها زَوْج لم
يكن لها لبن؛ يقول: لما قُتِلَ زَوْجُها فبقيت أَيِّماً ليس لها ولد؛ قال
ابن سيده: التفسير لابن الأَعرابي. قال أَبو عبيد: حَدَّثني بعض أَــهل
العلم أَن دُرَيْدَ بن الصِّمَّة أَراد أَن يُطْلِّق امرأَته فقالت: أَتطلقني
وقد أَطْعَمْتُكَ مأْدُومي وأَتيتك باهِلــاً غير ذاتِ صِرار؟ قال:
جَعَلَتْ هذا مثلاً لمالها وأَنها أَباحت له مالها، وكذلك الناقة لا عِرانَ
عليها، وكذلك التي لا سِمَة عليها. واسْتَبْــهَل فلان الناقة إِذا احتلبها
بلا صِرار؛ وقال ابن مقبل:
فاسْتَبْــهَل الحَرْب من حَرَّانَ مُطَّرِدٍ،
حَتَّى يَظَلَّ، على الكَفَّين، مَرْهُونا
أَراد بالحرَّان الرمح، والباهل المتردّد بلا عمل، وهو أَيضاً الراعي
بلا عصا. وامرأَة باهلــة: لا زوج لها. ابن الأَعرابي: الباهل الذي لا سلاح
معه.
والبَــهْل: اللَّعْن. وفي حديث ابن الصَّبْغاء قال: الذي بَــهَلــه بُرَيْقٌ
أَي الذي لَعَنه ودعا عليه رجل اسمه بُرَيْقٌ. وبَــهَلــه اللهُ بَــهْلــاً:
لَعَنه. وعليه بَــهْلــة الله وبُــهْلــته أَي لعْنَتُه. وفي حديث أَبي بكر: من
وَلِيَ من أُمور الناس شيئاً فلم يُعْطِهم كتاب الله فعليه بَــهْلــة الله
أَي لَعْنة الله، وتضم باؤها وتفتح. وباهَلَ القومُ بعضُهم بعضاً
وتَباهلــوا وابتــهلــوا: تَلاعنوا. والمُباهلــة: المُلاعَنة. يقال: باهَلْــت فلاناً أَي
لاعنته، ومعنى المباهلــة أَن يجتمع القوم إِذا اختلفوا في شيء فيقولوا:
لَعْنَةُ الله على الظالم منا. وفي حديث ابن عباس: من شاء باهَلْــت أَن
الحَقَّ معي.
وابْتَــهَل في الدعاء إِذا اجْتَهَدَ. ومُبْتَــهِلــاً أَي مُجْتَهِداً في
الدعاء. والابتهال: التضرُّع. والابتهال: الاجتهاد في الدعاء وإِخْلاصُه
لله عز وجل. وفي التنزيل العزيز: ثم نَبْتَــهِلْ فنجعلْ لعنة الله على
الكاذبين؛ أَي يُخْلِصْ ويجتهد كلٌّ منا في الدعاء واللَّعْنِ على الكاذب
منا. قال أَبو بكر: قال قوم المُبْتَــهِل معناه في كلام العرب المُسَبِّح
الذاكر لله، واحتجوا بقول نابغة شيبان:
أَقْطَعُ اللَّيل آهَةً وانْتِحاباً،
وابْتِهالاً لله أَيَّ ابْتِهال
قال: وقال قوم المُبْتَــهِل الداعي، وقيل في قوله ثم نبتــهل: ثم
نَلْتَعِن؛ قال: وأَنشدنا ثعلب لابن الأَعرابي:
لا يَتَأَرَّوْنَ في المَضِيقِ، وإِنْ
نادى مُنادٍ كيْ يَنْزِلُوا، نَزَلوا
لا بُدَّ في كَرَّةِ الفوارِسِ أَن
يُتْرَكَ في مَعْرَكٍ لهم بَطَل
مُنْعَفِرُ الوجهِ فيه جائفةٌ،
كما أَكَبَّ الصَّلاةَ مُبْتَــهِل
أَراد كما أَكَبَّ في الصَّلاةِ مُسَبِّح. وفي حديث الدعاء: والابتهالُ
أَن تَمُدَّ يديك جميعاً، وأَصله التَضَرُّع والمبالغة في السؤال.
والبَــهْل: المال القليل، وفي المُحْكَم: والبَــهْل من الماء القليل؛ قال:
وأَعْطاكَ بَــهْلــاً مِنْهُما فَرَضِيته،
وذو اللُّبِّ للبَــهْلِ الحَقِيرِ عَيُوفُ
والبَــهْل: الشيء اليسير الحقير؛ وأَنشد ابن بري:
كَلْبٌ على الزَّادِ يُبْدي البَــهْلَ مَصْدَقُه،
لَعْوٌ يُهادِيك في شَدٍّ وتَبْسيل
وامرأَة بِهِيلة: لغة في بَهِيرة. وبَــهْلــاً: كقولك مَــهْلــاً، وحكاه يعقوب
في البدل قال: قال أَبو عمرو بــهْلــاً من قولك مَــهْلــاً وبَــهْلــاً إِتباع؛
وفي التهذيب: العَرَب تقول مَــهْلــاً وبَــهْلــاً؛ قال أَبو جُهَيْمة الذهلــي:
فقلت له: مَــهْلــاً وبَــهْلــاً فلم يُثِب
بِقَوْل، وأَضْحى الغُسُّ مُحْتَمِلاً ضِغْنَا
(* قوله «الغس» هو بضم المعجمة: الضعيف اللئيم، والفسل من الرجال.
وأورده شارح القاموس بلفظ: النفس، بالنون والفاء).
وبَــهْل: اسم للشديدة
(* قوله «اسم للشديدة» أي للسنة الشديدة) ككَحْل.
وباهلــة: اسم قبيلة من قَيْس عَيْلان، وهو في الأَصل اسم امرأَة من
هَمْدان، كانت تحت مَعْن بن أَعْصُرَ ابن سعد بن قَيْسِ عَيْلان فنسب ولده
إِليها؛ وقولهم باهلــة بن أَعْصُر، إِنما هو كقولهم تَمِيم بن مُرٍّ،
فالتذكير للحَيِّ والتأْنيث للقبيلة، سواء كان الاسم في الأَصل لرجل أَو
امرأَة.ومُبْــهِل: اسم جبل لعبد الله بن غَطْفان؛ قال مُزَرِّد يَرُدُّ على كعب
بن زهير:
وأَنْتَ امرؤٌ من أَــهْلِ قُدْسِ أُوَارَةٍ،
أَحَلَّتْكَ عَبْدَ الله أَكْنافُ مُبْــهِل
والأَبْــهَل: حَمْل شجرة وهي العَرْعَر؛ وقيل: الأَبْــهَل ثمر العَرْعَر؛
قال ابن سيده: وليس بعربيٍّ محض. الأَزهري: الأَبْــهَل شجرة يقال لها
الايرس، وليس الأَبــهل بعربية محضة.
والبُــهْلُــول من الرجال: الضَّحَّاك؛ وأَنشد ابن بري لطُفَيل الغَنَوي:
وغارَةٍ كَحَرِيقِ النَّارِ زَعْزَعَها
مِخْرَاقُ حرْبٍ، كصَدْرِ السَّيْفِ، بُــهْلُــولُ
والبُــهْلــول: العزيز الجامع لكل خير؛ عن السيرافي. والبُــهْلُــول: الحَييُّ
الكريم، ويقال: امرأَة بُــهْلــول. الأَحمر: هو الضَّلال بن
بُــهْلُــلَ غير مصروف، بالباء كأَنه المُبْــهَل المُهْمَل مثل ابن ثُــهْلُــل،
معناه الباطل، وقيل: هو مأْخوذ من إِبْهال وهو الإِهْمال. غيره: يقال
للذي لا يُعْرَف بُــهْل بن بُــهْلــانَ؛ ولما قتل المنتشر بن وهب الباهلــي
مُرَّة بن عاهان قالت نائحته:
يا عَيْن جُودِي لمُرَّةَ بنِ عَاهَانا،
لو كان قاتِلُه من غَيْر مَنْ كانا،
لو كان قاتِلُه يوماً ذَوِي حَسَبٍ،
لَكِنَّ قاتِلَهُ بُــهْلُ بن بُــهْلــانا
مــهل: المَــهْل والمَــهَل والمُــهْلــة، كله: السَّكِينة والتُّؤَدة
والرِّفْق. وأَمْــهلــه: أَنظره ورَفَق به ولم يعجل عليه. ومَــهَّلــه تمْهِيلاً:
أَجَّله. والاسْتِمْهال: الاستنظار. وتَمَــهَّل في عمله: اتَّأَدَ. وكلُّ
ترفُّقٍ تمَــهُّل. ورُزِق مَــهْلــاً: رَكِب الذُّنوب والخَطايا فمُــهِّل ولم
يُعْجَل. ومَــهَلَــت الغنمُ إِذا رعت بالليل أَو بالنهار على مَــهَلِــها.
والمُــهْلُ: اسمٌ يجمع مَعْدِنِيَّات الجواهر. والمُــهْل: ما ذاب من
صُفْرٍ أَو حديد، وهكذا فسر في التنزيل، والله أَعلم. والمُــهْل والمُــهْلــة:
ضرْب من القَطِران ماهِيُّ رَقِيق يُشْبه الزيت، وهو يضرِب إِلى الصفرة من
مَهاوَتِه، وهو دَسِم تُدْهَن به الإِبل في الشتاء؛ قال: والقَطِران
الخاثر لا يُهْنَأُ به، وقيل: هو دُرْدِيُّ الزيتِ، وقيل: هو العَكَر
المُغْلى، وقيل: هو رَقِيق الزيت، وقيل: هو عامَّته؛ وأَنشد ابن بري للأَفوه
الأَوْدِي:
وكأَنما أَسَلاتُهم مَهْنوءةٌ
بالمُــهْلِ، من نَدَبِ الكُلومِ إِذا جَرى
شبَّه الدمَ حين يَبِس بِدُرْدِيّ الزيت. وقوله عز وجل: يُغاثوا بماء
كالمُــهْل؛ يقال: هو النُّحاس المذاب. وقال أَبو عمرو: المُــهْل دُرْدِيُّ
الزيت؛ قال: والمُــهْل أَيضاً القَيْح والصَّدِيد.
ومَــهَلْــت البعيرَ إِذا طليته بالخَضْخاض فهو مَمْهول؛ قال أَبو وجزة
(*
قوله «قال ابو وجزة» في التهذيب زيادة لفظ: يصف ثوراً).
صافي الأَديم هِجان غير مَذْبَحِه،
كأَنه بِدَم المَكْنان مَمْهول
وقال الزجاج في قوله عز وجل: يوم تكون السماء كالمُــهْلِ، قال: المُــهْل
دُرْدِيُّ الزيت، قال الأَزهري: ومثله قوله: فكانت وَرْدةً كالدِّهانِ
(*
قوله «فكانت وردة كالدهان» في الازهري زيادة: جمع الدهن) قال أَبو إِسحق:
كالدِّهان أَي تَتَلوَّن كما يتلوَّن الدِّهان المختلفة، ودليل ذلك قوله
تعالى: كالمُــهْل يَشْوي الوُجوه؛ فدَعا بفِضة فأَذابها فجَعلتْ تَميَّع
وتَلوَّن، فقال: هذا من أَشبَهِ ما أَنتم راؤون بالمُــهْل؛ قال أَبو عبيد:
أَراد تأْويلَ هذه الآية. وقال الأَصمعي: حدَّثني رجل، قال وكان فصيحاً،
أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، أَوْصى في مرضه فقال: ادفِنوني في
ثَوْبَيَّ هذين فإِنهما للمَــهْلــةِ والتراب، بفتح الميم، وقال بعضهم: المِــهْلــة،
بكسر الميم، وقالت العامرية: المُــهْل عندنا السُّمُّ. والمُــهْل: الصديد
والدم يخرج فيما زعم يونس. والمُــهْل: النحاس الذائب؛ وأَنشد:
ونُطْعمُ من سَدِيفِ اللحْم شِيزى،
إِذا ما الماءُ كالمُــهْلِ الفَرِيغِ
وقال الفراء في قوله تعالى: وكانت الجبالُ كَثِيباً مَهِيلاً؛ الكَثِيب
الرمل، والمَهِيل الذي يحرَّك أَسفله فيَنْهال عليه من أَعلاه، والمَهِيل
من باب المُعْتَلِّ. والمُــهْل: ما يَتَحاتُّ عن الخُبزة من الرماد ونحوه
إِذا أُخرِجت من المَلَّة. قال أَبو حنيفة: المُــهْل بقيّة جَمْر في
الرماد تُبِينُه إِذا حرَّكته. ابن شميل: المُــهْل عندهم المَلَّة إِذا حَمِيت
جدًّا رأَيتها تَمُوج. والمُــهْلُ والمَــهْلُ والمُــهْلــةُ: صديد الميت. وفي
الحديث عن أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه أَوْصى في مرضه فقال: ادفِنوني
في ثوبيَّ هذين فإِنما هما للمُــهْل التراب؛ قال أَبو عبيدة: المُــهْل في
هذا الحديث الصديدُ والقيحُ، قال: والمُــهْل في غير هذا كلُّ فِلِزٍّ
أُذِيبَ، قال: والفِلِزُّ جواهرُ الأَرض من الذهب والفضة والنُّحاس، وقال أَبو
عمرو: المُــهْل في شيئين، هو في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه، القيحُ
والصديدُ، وفي غيره دُرْدِيُّ الزيت، لم يعرف منه إِلاَّ هذا، وقد قدَّمنا
أَنه روي في حديث أَبي بكر المُــهْلــة والمِــهْلــة، بضم الميم
(* قوله «بضم
الميم» لم يتقدم له ذلك) وكسرها، وهي ثلاثَتُها القيحُ والصديدُ الذي يذُوب
فيَسيل من الجسد، ومنه قيل للنُّحاس الذائب مُــهْل.
والمَــهَلُ والتمَــهُّل: التقدُّم. وتمــهَّل في الأَمر: تقدَّم فيه.
والمُتْمَــهِلّ والمُتْمَئلّ، الهمزة بدل من الهاء: الرجلُ الطويلُ المعتدلُ،
وقيل: الطويلُ المنتصبُ. أَبو عبيد: التمَــهُّل التقدُّم. ابن الأَعرابي:
الماهِلُ السريع، وهو المتقدِّم. وفلان ذو مَــهَل أَي ذو تقدُّم في الخير
ولا يقال في الشرِّ؛ وقال ذو الرمة:
كم فيهمُ من أَشَمِّ الأَنْفِ ذي مَــهَلٍ،
يأْبى الظُّلامةَ منه الضَّيْغم الضاري
أَي تقدُّمٍ في الشرَف والفضل. وقال أَبو سعيد: يقال أَخذ فلان على فلان
المُــهْلــةَ إِذا تقدَّمه في سِنٍّ أَو أَدبٍ، ويقال: خُذِ المُــهْلــةَ في
أَمْرك أَي خذ العُدَّة؛ وقال في قول الأَعشى:
إِلا الذين لهم فيما أَتَوْا مَــهَلُ
قال: أَراد المعرفةَ المتقدِّمة بالموضع. ويقال: مَــهَلُ الرجلِ:
أَسْلافُه الذين تقدّموه، يقال: قد تقدّم مَــهَلُــك قبلك، ورَحِم الله
مَــهَلَــك.ابن الأَعرابي: روي عن عليٍّ، عليه السلام، أَنه لما لَقِيَ الشُّراةَ
قال لأَصحابه: أَقِلُّوا البِطْنةَ وأَعْذِبوا، وإِذا سِرْتم إِلى العدوِّ
فَمَــهْلــاً مَــهْلــاً أَي رِفْقاً رِفْقاً، وإِذا وقعت العين على العين
فَمَــهَلــاً مَــهَلــاً أَي تقدُّماً تقدُّماً، الساكن الرفق، والمتحرك التقدُّم،
أَي إِذا سِرْتم فَتَأَنَّوْا وإِذا لَقِيتم فاحمِلوا. وقال الجوهري:
المَــهَل، بالتحريك، التُّؤدة والتباطُؤ، والاسم المُــهْلــة. وفلان ذو مَــهَل،
بالتحريك، أَي ذو تقدُّم في الخير، ولا يقال في الشر. يقال: مَــهَّلْــته
وأَمْــهَلْــته أَي سكَّنته وأَخَّرته. ومنه حديث رُقَيْقة: ما يبلُغ سَعْيُهم
مَــهَلَــه أَي ما يبلُغ إِسراعُهم إِبطاءه؛ وقول أُسامة بن الحرث الهذلي:
لَعَمْري لقد أَمْــهَلْــت في نَهْي خالدٍ
عن الشام، إِمّا يَعْصِيَنَّك خالد
أَمْــهَلْــت: بالغت؛ يقول: إِن عصاني فقد بالغت في نهيه. الجوهري:
اتْمَــهَلَّ اتْمِــهْلــالاً أَي اعتدلَ وانتصَب؛ قال الراجز:
وعُنُق كالجِذْع مُتْمَــهِلّ
أَي منتصِب؛ وقال القحيف:
إِذا ما الضِّباعُ الجِلَّة انْتَجَعَتْهُم،
نَمَا النِّيُّ في أَصْلائها فاتْمَــهَلَّــتِ
وقال معن بن أَوس:
لُباخِيَّة عَجْزاء جَمّ عِظامُها،
نَمَتْ في نَعيمٍ، واتْمَــهَلَّ بها الجسم
وقال كعب بن جعيل:
في مكانٍ ليس فيه بَرَمٌ،
وفَرَاش مُتعالٍ مُتْمَــهِلّ
وقال حبيب بن المرّ قال العبدي:
لقد زُوّج المردادُ بَيْضاءَ طَفْلةً
لَعُوباً تُناغِيهِ، إِذا ما اتْمَــهَلَّــتِ
(* قوله «المرداد» هكذا في الأصل).
وقال عُقبة بن مُكَدّم:
في تَلِيلٍ كأَنه جِذْعُ نخْلٍ،
مُتَمَــهِلٍّ مُشَذَّبِ الأَكْرابِ
والاتْمِــهْلــال أَيضاً: سكون وفتور. وقولهم: مَــهْلــاً يا رجل، وكذلك
للاثنين والجمع والمؤنث، وهي موحدة بمعنى أَمْــهِل، فإِذا قيل لك مَــهْلــاً، قلت
لا مَــهْلَ والله، ولا تقل لا مَــهْلــاً والله، وتقول: ما مَــهْلٌ والله
بمُغْنِيةٍ عنك شيئاً؛ قال الكميت:
أَقُولُ له، إِذا ما جاء: مَــهْلــاً
وما مَــهْلٌ بَواعِظة الجَهُول
وهذا البيت
(* قوله «وهذا البيت إلخ» الذي في نسخ الصحاح الخط والطبع
التي بأَيدينا كما أورده سابقاً وكذا هو في الصاغاني عن الجوهري فلعل ما
وقع لابن بري نسخة فيها سقم) أَورده الجوهري:
أَقول له إِذ جاء: مــهلــاً
وما مَــهْل بواعظة الجهول
قال ابن بري: هذا البيت نسبه الجوهري للكميت وصدره لجامع بن مُرْخِيَةَ
الكِلابيِّ، وهو مُغَيَّر ناقص جزءاً، وعَجُزه للكميت ووزنهما مختلفٌ:
الصَّدْرُ من الطويل والعَجُز من الوافر؛ وبيت جامع:
أَقول له: مَــهْلــاً، ولا مَــهْلَ عنده،
ولا عنْدَ جارِي دَمْعِهِ المُتَــهَلِّــل
وأَما بيت الكميت فهو:
وكُنَّا، يا قُضاع، لكم فَمَــهْلــاً،
وما مَــهْلٌ بواعِظة الجَهُولِ
فعلى هذا يكون البيت من الوافر موزوناً، وقال الليث: المَــهْلُ السكينة
والوَقار. تقول: مَــهْلــاً يا فلانُ أَي رِفْقاً وسكوناً لا تعجل، ويجوز لك
كذلك ويجوز التثقيل؛ وأَنشد:
فيا ابنَ آدَمَ، ما أَعْدَدْتَ في مَــهَلٍ؟
لله دَرُّكَ ما تأْتي وما تَذَرُ
وقال الله عز وجل: فَمَــهِّلِ الكافرين أَمْــهِلْــهُم؛ فجاء باللغتين أَي
أَنْظِرْهُمْ.
هلــم: الــهَلِــيمُ: اللاصِقُ من كل شيء؛ عن كراع. والــهَلــامُ
(* قوله
«والــهلــام» قال في القاموس: كغراب، وضبط في الأصل وفي نسخة من التكملة يوثق
بضبطها بفتح الهاء ومثلها المحكم والتهذيب): طعامٌ يُتَّخَذ من لحمِ عِجْلةٍ
بِجِلدِها.
والــهُلُــمُ: ظِباءُ الجبال، ويقال لها اللُّهُمُ، واحدها لِهْمٌ، ويقال
في الجمع لُهُومٌ.
والــهِلِّــمَانُ: الشيءُ الكثير، وقيل: هو الخير الكثير؛ قال ابن جني:
إِنما هو الــهِلِــمَّانُ على مثال فِرِ كَّان. أَبو عمرو: الــهِلِــمَّانُ الكثير
من كل شيء؛ وأَنشد لكَثِير المُحارِبيّ:
قد مَنَعَتْني البُّرَّ وهي تَلْحانْ،
وهو كثيرٌ عندها هِلِــمَّاننْ،
وهي تُخَنْذِي بالمَقالِ البَنْبانْ
الخَنْذاةُ: القول القبيحُ، والبَنْبانُ: الرديء من المَنْطق.
والهَيْلَمان: المالُ الكثير، وتقول: جاءنا بالهَيْل والهَيْلَمانِ إِذا جاء
بالمال الكثير، والهَيْلَمان، بفتح اللام وضمها. قال أَبو زيد في باب كثرة
المال والخير يَقْدَم به الغائبُ
أَو يكون له: جاء فلانٌ بالهَيْل والهَيْلَمان، بفتح اللام.
وهلُــمَّ: بمعنى أَقْبِل، وهذه الكلمة تركيبيَّة من ها التي للتنبيه، ومن
لُمَّ، ولكنها قد استعملت استعمال الكلمة المفردة البسيطة؛ قال الزجاج:
زعم سيبويه أَن هَلُــمّ ها ضمت إِليها لُمّ وجُعِلتا كالكلمة الواحدة،
وأَكثرُ اللغات أَن يقال هَلُــمَّ للواحد والاثنين والجماعة، وبذلك نزل
القرآن: هَلُــمَّ إِلينا وهَلُــمَّ شَهداءكم؛ وقال سيبويه: هَلــمَّ في لغة أَــهل
الحجاز يكون للواحد والاثنين والجمع والذكر والأُنثى بلفظٍ واحد، وأَــهلُ
نَجْدٍ يُصَرِّفُونَها، وأَما في لغة بني تميم وأَــهل نجد فإِنهم يُجْرونه
مُجْرَى قولك رُدَّ، يقولون للواحد هَلُــمَّ كقولك رُدَّ، وللاثنين
هَلُــمَّا كقولك رُدَّا، وللجمع هَلــمُّوا كقولك رُدُّوا، وللأُنثى هَلُــمِّي
كقولك رُدِّي، وللثِّنْتَينِ كالاثْنَيْنِ، ولجماعة النساء هَلْــمُمْنَ
كقولك ارْدُدْنَ، والأَوَّل أَفصَح. قال الأَزهري: فُتحت هَلُــمَّ أَنها
مُدْغَمة كما فُتحت رُدَّ في الأَمر فلا يجوز فيها هَلُــمُّ، بالضم، كما يجوز
رُدُّ لأنها لا تتصرَّف، قال: ومعنى قوله تعالى: هَلُــمَّ شُهداءكم، أَي
هاتوا شُهداءكم وقَرِّبوا شهداءكم. الجوهري: هَلُــمَّ يا رجل، بفتح الميم،
بمعنى تعال؛ قال الخليل: أَصله لُمّ من قولهم لَمَّ اللهُ شَعْثه أَي
جمعه، كأََنه أَراد لُمَّ نَفْسَك إِلينا أَي اقْرُب، وها للتنبيه، وإِنما
حذفت أَلِفُها لكثرة الاستعمال وجُعِلا اسماً واحداً، قال ابن سيده: زعم
الخليل أَنها لُمَّ لَحِقتها الهاء للتنبيه في اللغتين جميعاً، قال ولا
تدخل النون الخفيفة ولا الثقيلةُ عليها، لأَنها ليست بفعل وإِنما هي اسمٌ
للفعل، يريد أَن النون الثقيلة إِنما تدخلُ الأَفعال دون الأَسماء، وأَما
في لغة بني تميم فتدخلها الخفيفةُ والثقيلة لأَنهم قد أَجْرَوْها مُجْرَى
الفعل، ولها تعليلٌ. الأَزهري: هَلُــمَّ بمعنى أَعْطِ، يَدُلّ عليه ما
رُوِي عن عائشة، رضي الله عنها، أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان
يأْتيها فيقول: هل من شيءٍ؟ فتقول: لا، فيقول: إِني صائِمٌ؛ قالت: ثم أَتاني
يوماً فقال: هل من شيء؟ قلت: حَيْسَةٌ، فقال: هَلُــمِّىها أَي هاتِيها
أَعْطِينيها. وقال الليث: هَلُــمَّ كلمةُ دَعْوةٍ إِلى شيءٍ، الواحدُ
والاثنان والجمع والتأْنيث والتذكير سواءٌ، إلاَّ في لغة بني سَعْدٍ
فإِنهم يحملونه على تصريف الفعل، تقول هَلُــمَّ هَلُــمَّا هَلُــمُّوا، ونحو ذلك
قال ابن السكيت، قال: وإِذا قال: هَلُــمَّ إِلى كذا، قلت: إِلامَ
أَــهَلُــمُّ؟ وإِذا قال لك هَلُــمَّ كذا وكذا، قلت: لا أَــهَلُــمُّه، بفتح الأَلف
والهاء، أَي لا أُعْطيكَه. وروى أَبو هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم،
قال: ليُذادَنَّ رجالٌ عن حَوْضي فأُناديهم أَلا هَلُــمَّ أَلا هَلُــمَّ
فيقال: إِنهم قد بَدَّلوا، فأَقول فسُحْقاً قال اللحياني: ومن العرب من
يقول هَلَــمَّ، فينصب اللام، قال: ومن قال هَلُــمِّي وهَلُــمُّوا فكذلك قال
ابن سيده، ولست من الأَخيرة على ثِقَةٍ، وقد هَلْــمَمْتُ فماذا.
وهَلْــمَمْتُ بالرجل: قلتُ له هَلُــمَّ. قال ابن جني: هَلْــمَمْتُ كصَعْرَرْتَ
وشَملَلْتَ، وأَصله قبْلُ غيرُ هذا، إِنما هو أَوَّلُ ها للتنبيه لَحِقَت مثل
اللام، وخُلِطت ها بلُمَّ توكيداً للمعنى بشدة الاتصال، فحذفت الأَلف
لذلك، ولأَنَّ لامَ لُمَّ في الأَصل ساكنةٌ، أَلا ترى أَن تقديرها أَوَّلُ
أُلْمَمْ، وكذلك يقولها أَــهل الحجاز، ثم زال هذا كله بقولهم هَلْــمَمْتُ
فصارت كأَنها فَعْلَلْت من لفظ الــهِلِــمَّان، وتنُوسِيَت حالُ التركيب. وحكى
اللحياني: من كان عنده شيء فلْيُــهَلِــمَّه أَي فليُؤْتِه. قال الأَزهري:
ورأَيت من العرب مَن يدعو الرجل إِلى طعامه فيقول: هَلُــمَّ لك، ومثله قوله
عز وجل: هَيْتَ لك؛ قال المبرَّد: بنو تميم يجعلون هَلُــمَّ فِعلاً
صحيحاً ويجعلون الهاء زائدة فيقولون هَلُــمَّ يا رجل، وللاثنين هَلُــمَّا،
وللجمع هَلُــمُّوا، وللنساء هَلْــمُمْنَ لأَن المعنى الْمُمْنَ، والهاء زائدة،
قال: ومعنى هَلُــمَّ زيداً هاتِ
زيداً. وقال ابن الأَنباري: يقال للنساء هَلُــمْنِ وهَلْــمُمْنَ. وحكى
أَبو مرو عن العرب: هَلُــمِّينَ يا نِسوة، قال: والحجةُ لأَصحاب هذه اللغة
أَن أَصل هَلُــمَّ التصرفُ من أَمَمْتُ أَؤمُّ أَمّاً، فَعمِلوا على الأَصل
ولم يلتفتوا إِلى الزيادة، وإِذا قال الرجل للرجل هَلُــمَّ، فأَراد أَن
يقول لا أَفعل، قال: لا أُــهَلِــمُّ ولا أُــهَلُــمُّ ولا أُــهَلَــمُّ ولا
أَــهَلُــمُّ، قال: ومعنى هَلُــمَّ أَقْبِلْ، وأَصله أُمَّ أَي اقصِدْ، فضمّوا هل
إِلى أُمَّ وجعلوهما حرفاً واحداً، وأَزالوا أُمَّ عن التصريف، وحوَّلوا
ضمة همزة أُمَّ إِلى اللام وأَسقطوا الهمزة، فاتصلت الميم باللام، وهذا
مذهب الفراء. يقال للرجلين وللرجال وللمؤنث هَلُــمَّ، وُحِّدَ هَلُــمَّ لأَنه
مُزالٌ عن تصرُّف الفعل وشُبِّه بالأَدوات كقولهم صَهْ ومَهْ وإِيهٍ
وإِيهاً، وكل حرف من هذه لا يُثنَّى ولا يجمع ولا يؤنث، قال: وقد يوصل
هَلُــمَّ باللام فيقال: هَلُــمَّ لك وهَلُــمَّ لكما، كما قالوا هَيْت لك، وإِذا
أَدخلت عليه النون الثقيلة قلت: هَلُــمَّنَّ يا رجل، وللمرأَة: هَلُــمِّنَّ،
بكسر الميم، وفي التثنية هَلُــمّان، للمؤنث والمذكر جميعاً، وهَلُــمُّنَّ
يا رجال، بضم الميم، وهَلْــمُمْنانِّ يا نسوة، وإِذا قيل لك هَلُــمَّ إِلى
كذا وكذا، قلت: إِلامَ أَــهَلُــمُّ، مفتوحة الأَلف والهاء، كأَنك قلت إِلامَ
أَلُمُّ، فترَكْتَ الهاء على ما كانت عليه، وإِذا قيل هَلُــمَّ كذا وكذا،
قلت: لا أَــهَلُــمُّه أَي لا أُعطيه؛ قال ابن بري: حقُّ هذا أَن يذكر في
فصل لَمَمَ لأَن الهاء زائدة، وأَصله هالُمّ.
ذهل: الذَّــهْل: تَرْكُكَ الشيءَ تَناساه على عَمْد أَو يَشْغَلك عنه
شُغْلٌ، تقول: ذَــهَلْــت عنه وذَــهِلْــتُ وأَذْــهَلَــني كذا وكذا عنه؛ وأَنشد:
أَذْــهَلَ خِلِّي عن فِراشِي مَسْجَدُهْ
وفي التنزيل العزيز: يوم تَذْــهَلُ كلُّ مُرْضِعة عما أَرضعت؛ أَي
تَسْلُو عن ولدها. ابن سيده: ذَــهَل الشيءَ وذَــهَل عنه وذَــهِلَــه وذَــهِل، بالكسر،
عنه يَذْــهَل فيهما ذَــهْلــاً وذُهُولاً تركه على عَمْد أَو غَفَل عنه أَو
نَسِيَه لشُغُل، وقيل: الذَّــهْل السُّلوُّ وطيب النَّفْس عن الإِلْف، وقد
أَذْــهَلــه الأَمر، وأَذْــهلَــه عنه.
ومَرَّ ذَــهْل من الليل وذُــهْل أَي قِطْعة، وقيل: ساعة منه مثل دَــهْل،
والدال أَعلى، وجاءَ بعد ذَــهْل من الليل ودَــهْل أَي بعد هَدْءٍ؛ وأَنشد ابن
بري لأَبي جهمة الذهلــي:
مَضَى من الليل ذَــهْلٌ، وهي واحدةٌ،
كأَنَّها طائرٌ بالدَّوِّ مَذْعُور
قال: وقال أَبو زكريا التبريزي دَــهْل، بدال غير معجمة؛ قال: وكذا أَنشده
في الحَماسة.
والذُّــهْلُــول من الخيل: الجَوادُ الدَّقيق.
وذُــهْل: قبيلة. وذُــهْلٌ: حَيٌّ من بكر وهما ذُــهْلــان كلاهما من ربيعة:
أَحدهما ذُــهْلُ بن شيبان بنِ ثَعْلبةَ بنِ عُكَابة، والآخر ذُــهْل بنُ ثعلبة
بن عُكَابة، وقد سَمَّوا ذُــهْلــاً وذُــهْلــانَ وذُهَيلاً.
شــهل: الشُّــهْلــة في العَينِ: أَن يَشُوبَ سَوادَها زُرْقةٌ، وعَينٌ
شَــهْلــاء ورجُل أَشْــهَلُ العينِ بَيِّنُ الشَّــهَل؛ وأَنشد الفراء
(* قوله
«وأنشد الفراء ولا عيب إلخ» تقدم في ترجمة «غير» أن الفراء أنشد البيت شاهداً
لنصب غير على اللغة المذكورة فما تقدم هناك من ضبط غير بالرفع في قوله:
وأجاز الفراء ما جاءني غيره، خطأ) :
ولا عَيْبَ فيها غيْرَ شُــهْلَــة عَيْنِها،
كذاك عِتاقُ الطَّيْر شُــهْلٌ عيونُها
قال: وبعض بني أَسد وقُضاعة ينصبون غير إِذا كان في معنى إِلاَّ، تَمَّ
الكلامُ قبلها أَو لم يَتِمَّ. ابن سيده: الشَّــهَل والشُّــهْلــة أَقلُّ من
الزَّرَق في الحَدَقة، وهو أَحسن منه، والشُّــهْلــة أَن يكون سواد العين
بين الحُمْرة والسواد، وقيل: هي أَن تُشْرَب الحَدَقةُ حُمْرةً ليست
خُطوطاً كالشُّكْلة ولكنها قلَّة سواد الحَدَقة حتى كأَنَّ سوادها يَضْرب إِلى
الحمرة، وقيل: هو أَن لا يَخْلُص سوادُها. أَبو عبيد: الشُّــهْلــة حُمْرة
في سواد العين، وأَما الشُّكْلة فهي كهيئة الحمرة تكون في بياض العين؛
شَــهِلَ شَــهَلــاً واشْــهَلَّ، ورَجُل أَشْــهَلُ وامرأَة شَــهْلــاء؛ قال ذو
الرمة:كأَني أَشْــهَلُ العَيْنينِ بازٍ،
على عَلْياءَ شَبَّهَ فاسْتَحالا
أَبو زيد: الأَشْــهَلُ والأَشْكَلُ والأَسْجَر واحد. وعَيْنٌ شَــهْلــاء
إِذا كان بياضُها ليس بخالص فيه كُدورة. وفي الحديث: كان رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، ضَلِيعَ الفَم أَشْــهَلَ العَيْنين مَنْهُوسَ الكَعْبين؛ وفي
رواية: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَشْكَلَ العينين. قال
شُعْبة: قلت لسِمَاك: ما أَشْكَلُ العينين؟ قال: طويل شَقِّ العين؛ قال:
الشُّــهْلــة حُمْرة في سواد العين كالشُّكْلة في البياض. والأَشْــهَل: رَجُل من
الأَنصار صفة غالبة أَو مُسَمًّى بها؛ فأَما قوله:
حِينَ أَلْقَتْ بِقُباءٍ بَرْكَها،
واسْتَحرَّ القَتْلُ في عَبْدِ الأَشَل
إِنما أَراد عبدَ الأَشــهَل، هذا الأَنصاريَّ. ابن السكيت: في فلان
وَلْعٌ وشَــهْلٌ أَي كَذِبٌ، قال والشَّــهَلُ اختلاط اللونين، والكَذَّاب
يُشَرِّج الأَحاديث أَلواناً. والشَّــهْلــاءُ: الحاجةُ، يقال: قضَيْتُ من فلان
شــهلــائي أَي حاجتي؛ قال الراجز:
لم أَقْضِ، حتى ارْتحَلوا، شَــهْلــائي
من العَرُوب الكاعِبِ الحَسْناءِ
والشَّــهْلــةُ: العَجوز؛ قال:
باتَتْ تُنَزِّي دَلوَها تَنْزِيّا،
كما تُنَزِّي شَــهْلَــةٌ صَبِيّا
(* قوله «باتت تنزي دلوها» هكذا في الأصل والمحكم، وهو الموجود في
الاشموني. وفي الصحاح والتهذيب: بات ينزي دلوه، فعلى هذا فيه روايتان).
وقال:
أَلا أَرى ذا الضَّعْفة الهَبِيتا،
يُشاهِل العَمَيْثَل البِلِّيتا
(* قوله «الا ارى إلخ» لعل تخريج هذا هنا من الناسخ وسيأتي محله المناسب
عند قوله والمشاهلــة المشاتمة كما في التهذيب).
وقيل: الشَّــهْلــة النَّصَفُ العاقلةُ، وذلك اسم لها خاصةً لا يوصف به
الرجل. وامرأَة شَــهْلــة كَــهْلــة، ولا يقال رجل شَــهْلٌ كَــهْلٌ، ولا يوصف بذلك
إِلا أَن ابن دريد حكى: رجل شَــهْلٌ كَــهْل. والمُشاهَلــةُ: المشاتمةُ
والمُشارَّة والمُقارَصة، تقول: كانت بينهم مُشاهلــةٌ أَي لِحاء ومُقارَصة، وقيل
مُراجعة القول؛ قال أَبو الأَسود العجلي:
قد كان فيما بَيْنَنا مُشاهَلــه،
ثم تَوَلَّتْ، وهي تمشي البادَلَه
قال ابن بري: صوابه تمشي البازَله، بالزاي: مشْية سريعة. النضر: جَبَل
أَشــهَل إِذا كان أَغْبر في بياض، وذِئبٌ أَشْــهلُ؛ وأَنشد:
مُتَوَضِّحُ الأَقْرابِ فيه شُــهْلــةٌ،
شَنِجُ اليَدَين تَخالُه مَشْكولا
وشَــهْلُ بن شَيْبان الزَّمَّانيُّ الملقب بفِنْدٍ.