عنــن: عَنَّ الشيءُ يَــعِنُّ ويَــعُنُّ عَنَــناً وعُنُــوناً: ظَهَرَ أَمامك؛
وعَنَّ يَــعِنُّ ويُــعُنُّ عَنّــاً وعُنــوناً واعْتَنَّ: اعتَرَضَ وعَرَض؛
ومنه قول امرئ القيس:
فــعَنَّ لنا سِرْبٌ كأَنَّ نِعاجه.
والاسم الــعَنَــن والــعِنــانُ؛ قال ابن حِلزة:
عَنَــناً باطِلاً وظُلْماً، كما تُعْــ
ـتَرُ عن حَجْرةِ الرَّبيضِ الظِّباءُ
(* قوله «عنــناً باطلاً» تقدم إنشاده في مادة حجر وربض وعتر: عنــتا بنون
فمثناة فوقية وكذلك في نسخ من الصحاح لكن في تلك المواد من المحكم
والتهذيب عنــناً بنونين كما أنشداه هنا). وأَنشد ثعلب:
وما بَدَلٌ من أُمِّ عُثمانَ سَلْفَعٌ،
من السُّود، وَرْهاءُ الــعِنــان عَرُوبُ.
مــعنــى قوله وَرْهاءِ الــعِنــان أَنها تَعْتنُّ في كل كلام أَي تعْترض. ولا
أَفعله ما عَنَّ في السماء نجمٌ أَي عَرَض من ذلك. والــعِنَّــة والــعُنَّــة:
الاعتراض بالفُضول. والاعْتِنانُ: الاعتراض. والــعُنُــنُ: المعترضون
بالفُضول، الواحد عانٌّ وعَنــونٌ، قال: والــعُنُــن جمع الــعَنــين وجمع المَــعْنــون.
يقال: عُنَّ الرجلُ وعُنِّــنَ وعُنِــنَ وأُــعْنِــنَ
(* قوله «وأعنــن» كذا في
التهذيب، والذي في التكملة والقاموس: وأعنّ بالإدغام).، فهو عَنِــينَ
مَــعْنــونٌ مُــعَنٌّ مُــعَنَّــنٌ، وأَــعْنَــنْتُ بــعُنَّــةٍ ما أَدري ما هي أَي تعَرَّضتُ
لشيء لا أَعرفه. وفي المثل: مُعْرِضٌ
لــعَنَــنٍ لم يَــعْنِــه. والــعَنَــنُ: اعتراضُ الموت؛ وفي حديث سطيح:
أَم فازَ فازْلَمَّ به شَأْوُ الــعَنــنْ.
ورجل مِــعَنٌّ: يعْرِض في شيء ويدخل فيما لا يــعنــيه، والأُنثى بالهاء.
ويقال: امرأَة مِــعَنَّــة إذا كانت مجدولة جَدْلَ الــعِنــان غير مسترخية البطن.
ورجل مِــعَنٌّ إذا كان عِرِّيضاً مِتْيَحاً. وامرأَة مِــعَنَّــة: تَعْتنُّ
وتعْترض في كل شيء؛ قال الراجز:
إنَّ لنا لَكَنَّه
مِــعَنَّــةً مِفَنَّه،
كالريح حول القُنَّه.
مِفَنَّة: تَفْتَنُّ عن الشيء، وقيل: تَعْتَنُّ وتَفْتنُّ في كل شيءٍ.
والمِــعَنُّ: الخطيب. وفي حديث طهفة: بَرِئنا إليك من الوَثَن والــعَنــن؛
الوَثَنُ: الصنم، والــعَنــن: الاعتراض، من عَنَّ الشيء أَي اعترض كأَنه قال:
برئنا إليك من الشرك والظلم، وقيل: أَراد به الخلافَ والباطل؛ ومنه حديث
سطيح:
أَم فازَ فازْلَمَّ به شَأْوُ الــعَنــنْ.
يريد اعتراض الموت وسَبْقَه. وفي حديث علي، رضوان الله عليه: دَهَمتْه
المنيَّةُ في عَنَــن جِماحه؛ هو ما ليس بقصد؛ ومنه حديثه أَيضاً يذُمُّ
الدنيا: أَلا وهي المُتَصدِّيةُ الــعَنُــونُ أَي التي تتعرض للناس، وفَعول
للمبالغة. ويقال: عَنَّ الرجل يَــعِنُّ عَنّــاً وعَنَــناً إذا اعترض لك من أَحد
جانبيك من عن يمينك أَو من عن شمالك بمكروه. والــعَنُّ: المصدر،
والــعَنَــنُ: الاسم، وهو الموضع الذي يَــعُنُّ فيه العانُّ؛ ومنه سمي الــعِنــانُ من
اللجام عِنــاناً لأَنه يعترضه من ناحيتيه لا يدخل فمه منه شيء. ولقيه عَيْنَ
عُنَّــة
(* قوله «عين عنــة» بصرف عنــة وعدمه كما في القاموس). أَي اعتراضاً
في الساعة من غير أَن يطلبه. وأَعطاه ذلك عَيْنَ عُنَّــة أَي خاصةً من
بين أَصحابه، وهو من ذلك. والــعِنــان: المُعانَّة. والمُعانَّة: المعارضة.
وعُنــاناك أَن تفعل ذاك، على وزن قُصاراك أَي جهدك وغايتك كأَنه من
المُعانَّة، وذلك أَن تريد أَمراً فيَعْرِضَ دونه عارِضٌ يمنعك منه ويحبسك عنــه؛
قال ابن بري: قال الأَخفش هو غُناماك، وأَنكر على أَبي عبيد عُنــاناك. وقال
النَّجِيرَميُّ: الصواب قول أَبي عبيد. وقال علي ابن حمزة: الصواب قول
الأَخفش؛ والشاهد عليه بيت ربيعة بن مقروم الضبي:
وخَصْمٍ يَرْكَبُ العَوصاءِ طاطٍ
عن المُثْلى، غُناماهُ القِذاعُ.
وهو بمــعنــى الغنيمة. والقِذاعُ: المُقاذَعة. ويقال: هو لك بين الأَوْبِ
والــعَنَــن إمّا أَن يَؤُوبَ إليك، وإِما أَن يعْرِضَ عليك؛ قال ابن مقبل:
تُبْدي صُدوداً، وتُخْفي بيننا لَطَفاً
يأْتي محارِمَ بينَ الأَوْبِ والــعَنَــن.
وقيل: مــعنــاه بين الطاعة والعصيان. والعانُّ من السحاب: الذي يَعْتَرِضُ
في الأُفُقِ؛ قال الأَزهري: وأَما قوله:
جَرَى في عِنــان الشِّعْرَيَيْنِ الأَماعِزُ.
فمــعنــاه جرى في عِراضِهما سَرابُ الأَماعِز حين يشتدُّ الحرُّ بالسَّراب؛
وقال الهذلي:
كأَنَّ مُلاءَتَيَّ على هِزَفٍّ،
يــعُنُّ مع العَشِيَّةِ لِلرِّئالِ.
يَــعُنُّ: يَعْرِض، وهما لغتان: يَــعِنُّ ويَــعُنُّ. والتَّــعْنِــين: الحبْس،
وقيل: الحبس في المُطْبَق الطويل. ويقال للمجنون: مَــعْنــون ومَهْرُوع
ومخفوع ومعتُوه وممتوه ومُمْتَهٌ إذا كان مجنوناً. وفلان عَنَّــانٌ
عن الخير وخَنَّاسٌ
وكَزَّامٌ أَي بطيء عنــه. والــعِنِّــينُ: الذي لا يأْتي النساء ولا يريدهن
بَيِّنُ الــعَنَــانة والــعِنِّــينة والــعِنِّــينيَّة. وعُنِّــنَ عن امرأَته إذا
حكم القاضي عليه بذلك أَو مُنعَ عنــها بالسحر، والاسم منه الــعُنَّــة، وهو
مما تقدم كأَنه اعترضه ما يَحْبِسُه عن النساء، وامرأَة عِنِّــينة كذلك، لا
تريد الرجال ولا تشتهيهم، وهو فِعِّيلٌ بمــعنــى مفعول مثل خِرِّيج؛ قال:
وسُمِّيَ عِنِّــيناً لأَنه يَــعِنُّ ذكَرُه لقُبُل المرأَة من عن يمينه
وشماله فلا يقصده. ويقال: تَــعَنَّــنَ الرجل إذا ترك النساء من غير أَن يكون
عِنِّــيناً لثأْر يطلبه؛ ومنه قول ورقاء بن زهير بن جذيمة قاله في خالد ابن
جعفر بن كلاب:
تــعَنَّــنْتُ للموت الذي هو واقِعٌ،
وأَدركتُ ثأْري في نُمَيْرٍ وعامِرِ.
ويقال للرجل الشريف العظيم السُّودَد: إنه لطويل الــعِنــان. ويقال: إنه
ليأْخذ في كل فَنٍّ وعَنٍّ وسَنٍّ بمــعنــى واحد. وعِنــانُ اللجام: السير الذي
تُمسَك به الدابة، والجمع أَــعِنَّــة، وعُنُــنٌ نادر، فأَما سيبويه فقال: لم
يُكسَّر على غير أَــعِنَّــة، لأَنهم إن كسَّرُوه على بناء الأَكثر لزمهم
التضعيف وكانوا في هذا أَحرى؛ يريد إذ كانوا قد يقتصرون على أَبنية أَدنى
العدد في غير المعتل، يــعنــي بالمعتل المدغم، ولو كسروه على فُعُل فلزمهم
التضعيف لأَدغموا، كما حكى هو أَن من العرب من يقول في جمع ذُباب ذُبٌّ.
وفرس قصير الــعِنــان إذا ذُمَّ بِقصَر عُنُــقِه، فإذا قالوا قصير العِذار فهو
مدح، لأَنه وصف حينئذ بسعة جَحْفلته. وأَــعَنَّ اللجامَ: جعل له عِنــاناً،
والتَّــعْنــينُ مثله. وعَنَّــن الفرسَ وأَــعَنَّــه: حبسه بــعنــانه. وفي
التهذيب: أَــعَنَّ الفارسُ إذا مَدَّ عِنــانَ دابته ليَثْنِيَه عن السير، فهو
مُــعِنٌّ. وعَنَّ دابته عَنّــاً: جعل له عِنــاناً، وسُمِي عِنــانُ اللجام عِنــاناً
لاعتراض سَيْرَيه على صَفْحَتيْ عُنــق الدابة من عن يمينه وشماله. ويقال:
مَلأَ فلانٌ
عِنــانَ دابته إذا أَعْداه وحَمَلَهُ على الحُضْر الشديد؛ وأَنشد ابن
السكيت:
حَرْفٌ بعيدٌ من الحادي، إذا مَلأَتْ
شَمْسُ النهارِ عِنــانَ الأَبْرَقِ الصَّخِبِ.
قال: أَراد بالأَبْرَقِ الصَّخِبِ الجُنْدُبَ، وعِنــانُه جَهْدُه. يقول:
يَرْمَضُ فيستغيث بالطيران فتقع رجلاه في جناحيه فتسمع لهما صوتاً وليس
صوته من فيه، ولذلك يقال صَرَّ الجُنْدُب. وللعرب في الــعِنــانِ أَمثال
سائرة: يقال ذَلَّ عِنــانُ فلان إذا انقاد؛ وفُلانٌ أَبّيُّ الــعِنــانِ إذا كان
مُمتنعاً؛ ويقال: أَرْخِ من عنــانِه أَي رَفِّه عنــه؛ وهما يَجْريان في
عِنــانٍ إذا استويا في فَضْلٍ أو غيره؛ وقال الطِّرِمَّاحُ:
سَيَعْلَمُ كُلُّهم أَني مُسِنٌّ،
إذا رَفَعُوا عِنــاناً عن عِنــانِ.
المــعنــى: سيعلم الشعراء أَني قارح. وجَرى الفرسُ عِنــاناً إذا جرى شوطاً؛
وقول الطرماح:
إذا رفعوا عنــاناً عن عنــان.
أَي شوطاً بعد شوط. ويقال: اثْنِ عَليَّ عِنــانَهُ أَي رُدَّه عليَّ.
وثَنَيْتُ على الفرسِ عِنــانه إِذا أَلجمته؛ قال ابن مقبل يذكر فرساً:
وحاوَطَني حتى ثَنَيْتُ عِنــانَهُ،
على مُدْبِرِ العِلْباءِ رَيّانَ كاهِلُهْ
حاوَطَني أَي داوَرَني وعالَجَني، ومُدْبِرِ عِلّْيائه: عُنُــقُه أَراد
أَنه طويل الــعنــق في عِلْيائِه إدبار. ابن الأَعرابي: رُبَّ جَوادٍ قد
عَثَرَ في اسْتِنانِه وكبا في عِنــانه وقَصَّرَ في مَيْدانه. وقال: الفرس
يَجْري بعِتْقِه وعِرْقِه، فإِذا وُضِعَ في المِقْوَس جَرى بجَدِّ صاحبه؛ كبا
أَي عَثَر، وهي الكَبْوَةُ. يقال: لكل جواد كَبْوَة، ولكل عالم هَفْوة،
ولكل صارم نَبْوَة؛ كبا في عِنــانِه أَي عثر في شَوْطه. والــعِنــان: الحبل؛
قال رؤبة:
إلى عِنــانَيْ ضامِرٍ لَطيفِ. عنــى بالــعِنــانين هنا المَتْنَين، والضامر
هنا المَتْنُ. وعِنــانا المتن: حَبْلاه. والــعِنــانُ والعانُّ: من صفة الحبال
التي تَعْتَنُّ من صَوْبك وتقطع عليك طريقك. يقال: بموضع كذا وكذا عانٌّ
يَسْتَنُّ السَّابلَة. ويقال للرجل: إنه طَرِفُ الــعِنــان إذا كان خفيفاً.
وعَنَّــنَتِ المرأَةُ شعرَها: شَكَّلَتْ بعضه ببعض. وشِرْكَةُ عِنــانٍ
وشِرْكُ عِنــانٍ: شَرِكَةٌ
في شيء خاص دون سائر أَموالها كأَنه عَنَّ لهما شيء أَي عَرَضَ فاشترياه
واشتركا فيه؛ قال النابغة الجعدي:
وشارَكْنا قُرَيْشاً في تُقاها،
وفي أَحْسابها شِرْكَ الــعِنــانِ
بما وَلَدَتْ نساءُ بني هِلالٍ،
وما وَلَدَتْ نساءُ بني أَبانِ.
وقيل: هو إذا اشتركا في مال مخصوص، وبانَ كلُّ واحد منهما بسائر ماله
دون صاحبه. قال أَبو منصور: الشِّرْكَة شِرْكَتانِ: شِرْكَةُ الــعِنــان،
وشَرِكَةُ المفاوضة، فأَما شَرِكَةُ الــعِنــان فهو أَن يخرج كل واحد من
الشريكين دنانير أَو دراهم مثل ما يُخْرج صاحبه ويَخْلِطاها، ويأْذَنَ كل واحد
منهما لصاحبه بأَن يتجر فيه، ولم تختلف الفقهاء في جوازه وأَنهما إن
رَبِحا في المالين فبينهما، وإنْ وُضِعا فعلى رأْس مال كل واحد منهما، وأَما
شركة المُفاوضة فأَن يَشْتَرِكا في كل شيء في أَيديهما أَو يَسْتَفيداه من
بَعْدُ، وهذه الشركة عنــد الشافعي باطلة، وعنــد النعمان وصاحبيه جائزة،
وقيل: هو أَن يعارض الرجل الرجل عنــد الشراء فيقول له: أَشْرِكني معك، وذلك
قبل أَن يَستوجب العَلَقَ، وقيل: شَرِكة الــعِنــانِ أَن يكونا سواء في
الغَلَق وأَن يتساوى الشريكان فيما أَخرجاه من عين أَو ورق، مأْخوذ من عِنــانِ
الدابة لأَن عِنــانَ الدابة طاقتان متساويتان؛ قال الجعدي يمدح قومه
ويفتخر:
وشاركنا قريشاً
في تُقاها... (البيتان). أَي ساويناهم، ولو كان من الاعتراض لكان هجاء،
وسميت هذه الشركةُ شَرِكَةَ عِنــانٍ لمعارضة كل واحد منهما صاحبه بمال مثل
ماله، وعمله فيه مثل عمله بيعاً وشراء. يقال: عانَّهُ عِنــاناً
ومُعانَّةً، كما يقال: عارَضَه يُعارضه مُعارَضةً وعِراضاً. وفلان قَصِيرُ
الــعِنــانِ: قليل الخير، على المثل. والــعُنَّــة: الحَظِيرة من الخَشَبِ أَو الشجر
تجعل للإِبل والغنم تُحْبَسُ فيها، وقيد في الصحاح فقال: لتَتَدَرَّأَ بها
من بَرْدِ الشَّمال. قال ثعلب: الــعُنَّــة الحَظِيرَةُ تكون على باب الرجل
فيكون فيها إِبله وغنمه. ومن كلامهم: لا يجتمع اثنان في عُنَّــةٍ، وجمعها
عُنَــنٌ؛ قال الأَعشى:
تَرَى اللَّحْمَ من ذابِلٍ قد ذَوَى،
ورَطْبٍ يُرَفَّعُ فَوْقَ الــعُنَــنْ.
وعِنــانٌ أَيضاً: مثل قُبَّةٍ وقِبابٍ. وقال البُشْتِيُّ: الــعُنَــنُ في
بيت الأَعشى حِبال تُشَدُّ ويُلْقَى عليها القَدِيدُ. قال أَبو منصور:
الصواب في الــعُنَّــة والــعُنَــنِ ما قاله الخليل وهو الحظيرة، وقال: ورأَيت
حُظُراتِ الإِبل في البادية يسمونها عُنَــناً لاعْتِنانِها في مَهَبِّ
الشَّمالِ مُعْتَرِضة لتقيها بَرْدَ الشَّمالِ، قال: ورأَيتهم يَشُرُّون اللحم
المُقَدَّدَ فوقها إذا أَرادوا تجفيفه؛ قال: ولست أَدري عمن أَخذ
البُشْتِيُّ ما قال في الــعُنَّــة إنه الحبل الذي يُمَدُّ، ومَدُّ الحبل من فِعَْلِ
الحاضرة، قال: وأُرى قائلَه رأَى فقراءَ الحرم يَمُدُّون الحبال بمِنًى
فيُلْقُون عليها لُحومَ الأَضاحي والَدْي التي يُعْطَوْنَها، ففسر قول
الأَعشى بما رأَى، ولو شاهد العرب في باديتها لعلم أَن الــعُنَّــة هي
الحِظَارُ من الشجر. وفي المثل: كالمُهَدِّرِ في الــعُنَّــةِ؛ يُضْرَبُ مثلاً لمن
يَتَهَدَّدُ ولا يُنَفِّذُ. قال ابن بري: والــعُنَّــةُ، بالضم أَيضاً،
خَيْمة تجعل من ثُمامٍ أَو أَغصان شجر يُسْتَظَلُّ بها. والــعُنَّــة: ما يجمعه
الرجل من قَصَبٍ ونبت ليَعْلِفَه غَنَمه. يقال: جاء بــعُنَّــةٍ عظيمة.
والــعَنَّــةُ، بفتح العين: العَطْفَة؛ قال الشاعر:
إذا انصَرَفَتْ من عَنَّــةٍ بعد عَنَّــةٍ،
وجَرْسٍ على آثارِها كالمُؤَلَّبِ
والــعُنَّــةُ: ما تُنْصَبُ عليه القِدْرُ. وعُنَّــةُ القِدْر: الدِّقْدانُ؛
قال:
عَفَتْ غيرَ أَنْآءٍ ومَنْصَبِ عُنَّــةٍ،
وأَوْرَقَ من تحتِ الخُصاصَةِ هامِدُ.
والــعَنُــونُ من الدواب: التي تُباري في سيرها الدوابَّ فتَقْدُمُها، وذلك
من حُمُر الوحش؛ قال النابغة:
كأَنَّ الرَّحْلَ شُدَّ به خَنُوفٌ،
من الجَوْناتِ، هادِيةٌ عَنُــونُ.
ويروى: خَذُوفٌ، وهي السمينة من بقر الوحش. ويقال: فلان عَنَّــانٌ
على آنُفِ القوم إذا كان سَبَّاقاً لهم.
وفي حديث طَهْفة: وذو الــعِنــانِ الرَّكُوبُ؛ يريد الفرس الذَّلُولَ، نسبه
إلى الــعِنــانِ والرَّكوب لأَنه يُلْجَم ويُرْكَب. والــعِنــانُ: سير
اللِّجام. وفي حديث عبد الله بن مسعود: كان رجلٌ في أَرض له إِذ مَرَّتْ به
عَنَــانةٌ تَرَهْيَأُ؛ العانَّة والــعَنَــانةُ: السَّحابة، وجمعها عَنَــانٌ. وفي
الحديث: لو بَلَغتْ خَطيئتُه عَنــانَ السماء؛ الــعَنَــان، بالفتح: السحاب،
ورواه بعضهم أَــعْنــان، بالأَلف، فإِن كان المحفوظ أَــعْنــان فهي النواحي؛
قاله أَبو عبيد؛ قال يونس بن حبيب: أَــعْنــانُ كل شيء نواحيه، فأَما الذي
نحكيه نحن فأَــعْنــاءُ السماء نواحيها؛ قاله أَبو عمرو وغيره. وفي الحديث:
مَرَّتْ به سحابةٌ فقال: هل تدرون ما اسم هذه؟ قالوا: هذه السحابُ، قال:
والمُزْنُ، قالوا: والمزن، قال: والــعَنــان، قالوا: والــعَنــانُ؛ وقيل: الــعَنــان
التي تُمْسِكُ الماءَ، وأَــعْنــانُ السماء نواحيها، واحدها عَنَــنٌ وعَنٌّ.
وأَــعْنــان السماء: صَفائحُها وما اعترَضَ من أَقطارها كأَنه جمع عَنَــنٍ.
قال يونس: ليس لمَنْقُوصِ البيان بَهاءٌ ولو حَكَّ بِيافُوخِه أَــعْنــان
السماء، والعامة تقول: عَنــان السماء، وقيل: عَنــانُ السماء ما عَنَّ لك منها
إذا نظرت إليها أَي ما بدا لك منها. وأَــعْنــانُ الشجر: أَطرافُه ونواحيه.
وعَنــانُ الدار: جانبها الذي يَــعُنُّ لك أَي يَعْرِضُ. وأَما ما جاء في
الحديث من أَنه، صلى الله عليه وسلم، سئل عن الإِبل فقال: أَــعْنــانُ
الشَّياطين لا تُقْبِلُ إلاَّ مُوَلِّية ولا تُدْبِرُ إلاَّ مُوَلِّية، فإِنه
أَراد أَنها على أَخلاق الشياطين، وحقيقةُ الأَــعْنــانِ النواحي؛ قال ابن
الأَثير: كأَنه قال كأَنها لكثرة آفاتها من نواحي الشياطين في أَخلاقها
وطبائعها. وفي حديث آخر: لا تصلوا في أَعْطانِ الإِبل لأَنها خلقت من
أَــعْنــانِ الشياطين. وعَنَــنْتُ الكتابَ وأَــعْنَــنْتُه لكذا أَي عَرَّضْتُه له
وصرَفْته إليه. وعَنَّ الكِتابَ يَــعُنُّــه عَنّــاً وعَنَّــنه: كَــعَنْــوَنَه،
وعَنْــوَنْتُه وعَلْوَنْتُه بمــعنــى واحد، مشتق من المَــعْنــى. وقال اللحياني:
عَنَّــنْتُ الكتابَ تَــعْنــيناً وعَنَّــيْتُه تَــعْنِــيَةً إذا عَنْــوَنْتَه،
أَبدلوا من إِحدى النونات ياء، وسمي عُنْــواناً لأَنه يَــعُنُّ الكِتابَ من
ناحِيتيه، وأَصله عُنَّــانٌ، فلما كثرت النونات قلبت إحداها واواً، ومن قال
عُلْوانُ الكتاب جعل النون لاماً لأَنه أَخف وأَظهر من النون. ويقال للرجل
الذي يُعَرِّض ولا يُصرِّحُ: قد جعل كذا وكذا عُِنْــواناً لحاجته؛ وأَنشد:
وتَعْرِفُ في عُنْــوانِها بعضَ لَحْنِها،
وفي جَوْفِها صَمْعاءُ تَحْكي الدَّواهِيا.
قال ابن بري: والــعُنْــوانُ الأَثر؛ قال سَوَّارُ بن المُضرِّب:
وحاجةٍ دُونَ أُخرى قد سنَحْتُ بها،
جعلتُها للتي أَخْفَيْتُ عُنْــواناً
قال: وكلما استدللت بشيءٍ تُظهره على غيره فهو عُنــوانٌ له كما قال حسان
بن ثابت يرثي عثمان، رضي الله تعالى عنــه:
ضَحّوا بأَشْمطَ عُنــوانُ السُّجودِ به،
يُقَطِّعُ الليلَ تَسْبِيحاً وقُرْآناً.
قال الليث: العُلْوانُ لغة في الــعُنْــوان غير جيدة، والــعُنــوان، بالضم، هي
اللغة الفصيحة؛ وقال أَبو دواد الرُّوَاسِيّ:
لمن طَلَلٌ كــعُنْــوانِ الكِتابِ،
ببَطْنِ أُواقَ، أَو قَرَنِ الذُّهابِ؟
قال ابن بري: ومثله لأَبي الأَسود الدُّؤَليّ:
نظَرْتُ إلى عُنْــوانِه فنبَذتُه،
كنَبْذِكَ نَعلاً أَخلقَتْ من نِعالكا.
وقد يُكْسَرُ فيقال عِنــوانٌ وعِنــيانٌ. واعْتَنَّ ما عنــد القوم أَي
أُعْلِمَ خَبَرَهم. وعَنْعَنــةُ تميم: إبدالُهم العين من الهمزة كقولهم عَنْ
يريدون أَنْ؛ وأَنشد يعقوب:
فلا تُلْهِكَ الدنيا عَنِ الدِّينِ، واعْتَمِلْ
لآخرةٍ لا بُدّ عنْ سَتَصِيرُها.
وقال ذو الرمة:
أَــعَنْ تَرَسَّمْتَ من خَرْقَاءَ منْزِلةً،
ماءُ الصَّبَابةِ من عَينيكَ مَسْجُومُ.
أَراد أَأَن ترَسَّمْتَ؛ وقال جِرانُ العَوْدِ:
فما أُبْنَ حتى قُلْنَ يا ليْتَ عَنَّــنا
تُرابٌ، وعَنَّ الأَرضَ بالناسِ تُخْسَفُ.
قال الفراء: لغة قريش ومن جاورهم أَنَّ، وتميمٌ وقَيْس وأَسَدٌ ومن
جاورهم يجعلون أَلف أَن إذا كانت مفتوحة عيناً، يقولون: أَشهد عَنَّــك رسول
الله، فإِذا كسروا رجعوا إلى الأَلف؛ وفي حديث قَيْلةَ: تَحْسَبُ عَنِّــي
نائمة أَي تحسب أَني نائمة؛ ومنه حديث حُصَين بن مُشَمِّت: أَخبرنا فلان
عَنَّ فلاناً حَدَّثه أَي أَن فلاناً؛ قال ابن الأَثير: كأَنَّهم يفعلون
لبَحَحٍ في أَصواتهم، والعرب تقول: لأَنَّكَ ولــعَنَّــك، تقول ذاك بمــعنــى
لَعَلَّك. ابن الأَعرابي: لــعنَّــكَ لبني تميم، وبنو تَيْم الله بن ثَعْلبة
يقولون: رَــعَنَّــك، يريدون لعلك. ومن العرب من يقول: رَــعَنَّــكَ ولغَنَّك،
بالغين المعجمة، بمــعنــى لعَلَّكَ، والعرب تقول: كنا في عُنَّــةٍ من الكَلأِ
وفُنَّةٍ وثُنَّةٍ وعانِكَةٍ من الكلأِ واحدٌ أَي كنا في كَلاءٍ كثير
وخِصْبٍ. وعن: مــعنــاها ما عدا الشيءَ، تقول: رميت عن القوسْ لأَنه بها قَذَفَ
سهمه عنــها وعدَّاها، وأَطعمته عن جُوعٍ، جعل الجوع منصرفاً به تاركاً له
وقد جاوزه، وتقع من موقعها، وهي تكون حرفاً واسماً بدليل قولهم من عَنْــه؛
قال القُطَامِيّ:
فقُلْتُ للرَّكْبِ، لما أَنْ عَلا بهمُ،
من عن يمينِ الحُبَيّا، نظرةٌ قَبَلُ.
قال: وإنِما بنيت لمضارعتها للحرف؛ وقد توضع عن موضع بعد كما قال الحرث
بن عُبَاد:
قَرِّبا مَرْبَطَ النَّعامةِ مِنِّي،
لقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حيالِ.
أَي بعد حيال؛ وقال امرؤ القيس:
وتُضْحي فَتيتُ المِسكِ فوقَ فِراشِها،
نَؤُوم الضُّحَى لم تَنْتَطِقْ عن تَفَضُّلِ.
وربما وضعت موضع على كما قال ذو الإِصبع العدواني:
لاه ابنُ عمِّكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ
عَنــي، ولا أَنتَ دَيّاني فتَخْزُوني.
قال النحويون: عن ساكنة النون حرف وضع لمَــعْنــى ما عَدَاكَ وتراخى عنــك.
يقال: انصَرِفْ عنِّــي وتنحَّ عنــي. وقال أَبو زيد: العرب تزيدُ عنــك، يقال:
خذ ذا عنــك، والمــعنــى: خذ ذا، وعنــك زيادة؛ قال النابغة الجعدي يخاطب ليلى
الأَخيلية:
دَعي عنــكِ تَشْتامَ الرجالِ، وأَقبِلي
على أَذْلَعِيٍّ يَملأُ اسْتَكِ فَيْشَلا.
أَراد يملأُ استك فَيْشلُه فخرج نصباً على التفسير، ويجوز حذف النون من
عن للشاعر كما يجوز له حذف نون من، وكأَنَّ حذْفَه إنما هو لالتقاء
الساكنين، إِلا أَن حذف نون من في الشعر أَكثر من حذف نون عن، لأَن دخول من في
الكلام أَكثر من دخول عن. وعَنِّــي: بمــعنــى عَلِّي أَي لَعَلِّي؛ قال
القُلاخُ:
يا صاحِبَيَّ، عَرِّجا قَلِيلا،
عَنَّــا نُحَيِّي الطَّلَلَ المُحِيلا.
وقال الأَزهري في ترجمة عنــا، قال: قال المبرد من وإلى ورب وفي والكاف
الزائدة والباء الزائدة واللام الزائدة هي حروف الإِضافة التي يضاف بها
الأَسماء والأَفعال إلى ما بعدها، قال: فأَما ما وضعه النحويون نحو على وعن
وقبل وبَعْدُ وبَيْن وما كان مثلَ ذلك فإِنما هي أَسماء؛ يقال: جئت من
عِنْــدِه، ومن عليه، ومن عن يساره، ومن عن يمينه؛ وأَنشد بيت القطامي:
من عَنْ يمين الحُبَيّا نظْرَةٌ قَبَلُ.
قال: ومما يقع الفرق فيه بين من وعن أَن من يضاف بها ما قَرُبَ من
الأَسماء، وعن يُوصَل بها ما تَراخى، كقولك: سمعت من فلان حديثاً، وحدثنا عن
فلان حديثاً. وقال أَبو عبيدة في قوله تعالى: وهو الذي يَقْبَل التوبةَ عن
عباده؛ أَي من عباده. الأَصمعي: حدَّثني فلان من فلان، يريد عنــه.
ولَهِيتُ من فلان وعنــه، وقال الكسائي: لَهِيتُ عنــه لا غير، وقال: اله مِنْه
وعنــه، وقال: عنــك جاء هذا، يريد منك؛ وقال ساعدةُ بن جُؤَيّةَ:
أَفَــعنْــك لا بَرْقٌ، كأَنَّ ومِيضَهُ
غابٌ تَسَنَّمهُ ضِرامٌ مُوقَدُ؟
قال: يريد أَمِنْكَ بَرْقٌ، ولا صِلَةٌ؛ روى جميعَ ذلك أَبو عبيد عنــهم،
قال: وقال ابن السكيت تكون عن بمــعنــى على؛ وأَنشد بيت ذي الإِصبع
العدواني:
لا أَفضلْتَ في حَسَبٍ عَنِّــي.
قال: عَنِّــي في مــعنــى عَليَّ أَي لم تُفْضِلْ في حسب عَلَيَّ، قال: وقد
جاء عن بمــعنــى بعد؛ وأَنشد:
ولقد شُبَّتِ الحُرُوبُ، فما غَمْـ
ـمَرْتَ فيها، إذ قَلَّصَتْ عن حِيالِ
أي قلَّصَتْ بعد حِيالها؛ وقال في قول لبيد:
لوِرْدٍ تَقْلِصُ الغِيطانُ عنــه،
يَبُكُّ مسافَةَ الخِمْسِ الكَمالِ
(* قوله «يبك مسافة إلخ» كذا أَنشده هنا كالتهذيب، وأَنشده في مادة قلص
كالمحكم:
يبذ مفازة الخمس الكلالا).
قال: قوله عنــه أَي من أَجله. والعرب تقول: سِرْ عنــك وانْفُذْ عنــك أَي
امضِ وجُزْ، لا مــعنــى لــعَنْــك. وفي حديث عمر، رضي الله عنــه: أَنه طاف بالبيت
مع يَعْلَى بن أُميَّة، فلما انتهى إلى الركن الغرْبيِّ الذي يلي
الأَسْودَ قال له: أَلا تسْتَلِمُ؟ فقال له: انْفُذْ عنــك فإِن النبي، صلى الله
عليه وسلم، لم يسْتَلِمْه؛ وفي الحديث: تفسيره أَي دَعْه. ويقال: جاءنا
الخبر عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فتخفض النون. ويقال: جاءنا مِنَ الخير
ما أَوجب الشكر فتفتح النون، لأَن عن كانت في الأَصل عنــي ومن أَصلها
مِنَا، فدلت الفتحة على سقوط الأَلف كما دلت الكسرة في عن على سقوط الياء؛
وأَنشد بعضهم:
مِنَا أن ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ، حتى
أَغاثَ شَرِيدَهمْ مَلَثُ الظَّلامِ.
وقال الزجاج: في إِعراب من الوقفُ إِلا أَنها فتحت مع الأَسماء التي
تدخلها الأَلف واللام لالتقاء الساكنين كقولك من الناس، النون من من ساكنة
والنون من الناس ساكنة، وكان في الأَصل أَن تكسر لالتقاء الساكنين، ولكنها
فتحت لثقل اجتماع كسرتين لو كان من الناس لثَقُلَ ذلك، وأَما إِعراب عن
الناس فلا يجوز فيه إِلا الكسر لأَن أَول عن مفتوح، قال: والقول ما قال
الزجاج في الفرق بينهما.