بلــل: الــبَلَــل: النَّدَى. ابن سيده. الــبَلَــل والــبِلَّــة النُّدُوَّةُ؛ قال
بعض الأَغْفال:
وقِطْقِطُ الــبِلَّــة في شُعَيْرِي
أَراد: وبِلَّــة القِطْقِط فقلب. والــبِلــال: كالــبِلَّــة؛ وبَلَّــه بالماء
وغيره يَــبُلُّــه بَلــاًّ وبِلَّــة وبَلَّــلهُ فَابْتَلَّ وتَــبَلَّــلَ؛ قال ذو
الرمة:
وما شَنَّتَا خَرْقاءَ واهِيَة الكُلَى،
سَقَى بهما سَاقٍ، ولَمَّا تَــبَلَّــلا
والــبَلُّ: مصدر بَلَــلْت الشيءَ أَــبُلُّــه بَلــاًّ. الجوهري: بَلَّــه
يَــبُلُّــه أَي نَدَّاه وبَلَّــلَه، شدّد للمبالغة، فابْتَلَّ. والــبِلــال: الماء.
والــبُلــالة: الــبَلَــل. والــبِلــال: جمع بِلَّــة نادر. واسْقِه على بُلَّــتِه أَي
ابتلاله. وبَلَّــة الشَّباب وبُلَّــتُه: طَرَاؤه، والفتح أَعلى. والــبَلِــيل
والــبَلِــيلَة: ريح باردة مع نَدًى، ولا تُجْمَع. قال أَبو حنيفة: إِذا
جاءت الريح مع بَرْد ويُبْس ونَدًى فهي بَلِــيل، وقد بَلَّــتْ تَــبِلُّ
بُلــولاً؛ فأَما قول زياد الأَعجم:
إِنِّي رأَيتُ عِدَاتِكم
كالغَيْث، ليس له بَلِــيل
فمعناه أَنه ليس لها مَطْل فَيُكَدِّرَها، كما أَن الغَيْث إِذا كانت
معه ريح بَلِــيل كدَّرَتْه. أَبو عمرو: الــبَلِــيلة الريح المُمْغِرة، وهي
التي تَمْزُجها المَغْرة، والمَغْرة المَطَرة الضعيفة، والجَنُوب أَــبَلُّ
الرِّياح. وريح بَلَّــة أَي فيها بَلَــل. وفي حديث المُغيرة: بَلِــيلة
الإِرْعاد أَي لا تزال تُرْعِد وتُهَدِّد؛ والــبَلــيلة: الريح فيها نَدى، جعل
الإِرعاد مثلاً للوعيد والتهديد من قولهم أَرْعَد الرجلُ وأَبْرَق إِذا
تَهَدَّد وأَوعد، والله أَعلم. ويقال: ما سِقَائك بِلــال أَي ماء. وكُلُّ ما
يُــبَلُّ به الحَلْق من الماء واللَّبن بِلــال؛ ومنه قولهم: انْضَحُوا
الرَّحِمَ بِــبلــالها أَي صِلُوها بصِلَتِها ونَدُّوها؛ قال أَوس يهجو الحكم بن
مروان بن زِنْبَاع:
كأَنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ، حين مَدَحْتُه،
صَفَا صَخْرَةٍ صَمَّاء يَبْسٍ بِلــالُها
وبَلَّ رَحِمَه يَــبُلُّــها بَلــاًّ وبِلــالاً: وصلها. وفي حديث النبي،صلى
الله عليه وسلم: بُلُّــوا أَرحامَكم ولو بالسَّلام أَي نَدُّوها بالصِّلة.
قال ابن الأَثير: وهم يُطْلِقون النَّداوَة على الصِّلة كما يُطْلِقون
اليُبْس على القَطِيعة، لأَنهم لما رأَوا بعض الأَشياء يتصل ويختلط
بالنَّداوَة، ويحصل بينهما التجافي والتفرّق باليُبْس، استعاروا الــبَلَّ لمعنى
الوصْل واليُبْسَ لمعنى القَطِيعة؛ ومنه الحديث: فإِن لكم رَحِماً
سأَــبُلُّــها بِــبلــالِها أَي أَصِلُكم في الدنيا ولا أُغْنِي عنكم من الله شيئاً.
والــبِلــال: جمع بَلَــل، وقيل: هو كل ما بَلَّ الحَلْق من ماء أَو لبن أَو
غيره؛ ومنه حديث طَهْفَة: ما تَبِضُّ بِــبِلــال، أَراد به اللبن، وقيل
المَطَر؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: إِنْ رأَيت بَلَــلاً من عَيْش أَي
خِصْباً لأَنه يكون مِنَ الماء. أَبو عمرو وغيره: بَلَــلْت رَحِمي أَــبُلُّــها
بَلــاًّ وبِلــالاً وَصَلْتها ونَدَّيْتُها؛ قال الأَعْشَى:
إِما لِطَالِب نِعْمَةٍ تَمَّمتها،
ووِصَالِ رَحْم قد بَرَدْت بِلــالَها
وقول الشاعر:
والرَّحْمَ فابْلُــلْها بِخيْرِ الــبُلــاَّن،
فإِنها اشْتُقَّتْ من اسم الرَّحْمن
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون الــبُلــاَّن اسماً واحداً كالغُفْران
والرُّجْحان، وأَن يكون جمع بَلَــل الذي هو المصدر، وإِن شئت جعلته المصدر لأَن
بعض المصادر قد يجمع كالشَّغْل والعَقْل والمَرَض. ويقال: ما في سِقَائك
بِلــال أَي ماء، وما في الرَّكِيَّة بِلــال.
ابن الأَعرابي: الــبُلْبُلــة الهَوْدَج للحرائر وهي المَشْجَرة. ابن
الأَعرابي: التَّــبَلُّــل
(* قوله «التــبلــل» كذا في الأصل، ولعله محرف عن التــبلــال
كما يشهد به الشاهد وكذا أورده شارح القاموس).
الدوام وطول المكث في كل شيء؛ قال الربيع بن ضَبُع الفزاري:
أَلا أَيُّها الباغي الذي طالَ طِيلُه،
وتَــبْلــالُهُ في الأَرض، حتى تَعَوَّدا
وبَلَّــك اللهُ ابْناً وبَلَّــك بابْنٍ بَلــاًّ أَي رَزَقَك ابناً، يدعو
له. والــبِلَّــة: الخَيْر والرزق. والــبِلُّ: الشِّفَاء. ويقال: ما قَدِمَ
بِهِلَّة ولا بِلَّــة، وجاءنا فلان فلم يأْتنا بِهَلَّة ولا بَلَّــة؛ قال ابن
السكيت: فالهَلَّة من الفرح والاستهلال، والــبَلَّــة من الــبَلــل والخير.
وقولهم: ما أَصاب هَلَّة ولا بَلَّــة أَي شيئاً. وفي الحديث: من قَدَّر في
مَعِيشته بَلَّــه الله أَي أَغناه. وبِلَّــة اللسان: وقوعُه على مواضع الحروف
واستمرارُه على المنطق، تقول: ما أَحسن بِلَّــة لسانه وما يقع لسانه إِلا
على بِلَّــتِه؛ وأَنشد أَبو العباس عن ابن الأَعرابي:
يُنَفِّرْنَ بالحيجاء شاءَ صُعَائد،
ومن جانب الوادي الحَمام المُــبَلِّــلا
وقال: المــبَلِّــل الدائم الهَدِير، وقال ابن سيده: ما أَحسن بِلَّــة لسانه
أَي طَوْعَه بالعبارة وإِسْماحَه وسَلاسَته ووقوعَه على موضع الحروف.
وبَلَّ يَــبُلُّ بُلــولاً وأَــبَلَّ: نجا؛ حكاه ثعلب وأَنشد:
من صَقْع بازٍ لا تُــبِلُّ لُحَمُه
لُحْمَة البَازِي: الطائرُ يُطْرَح له أَو يَصِيده. وبَلَّ من مرضه
يَــبِلُّ بَلــاًّ وبَلَــلاً وبُلــولاً واسْتَــبَلَّ وأَــبَلَّ: برَأَ وصَحَّ؛ قال
الشاعر:
إِذا بَلَّ من دَاءٍ به، خَالَ أَنه
نَجا، وبه الداء الذي هو قاتِله
يعني الهَرَم؛ وقال الشاعر يصف عجوزاً:
صَمَحْمَحة لا تشْتكي الدَّهرَ رأْسَها،
ولو نَكَزَتْها حَيَّةٌ لأَــبَلَّــتِ
الكسائي والأَصمعي: بَلَــلْت وأَــبْلَــلْت من المرض، بفتح اللام، من
بَلَــلْت. والــبِلَّــة: العافية. وابْتَلَّ وتَــبَلَّــل: حَسُنت حاله بعد الهُزال.
والــبِلُّ: المُباحُ، وقالوا: هو لك حِلٌّ وبِلٌّ، فَــبِلٌّ شفاء من قولهم
بَلَّ فلان من مَرَضه وأَــبَلَّ إِذا بَرَأَ؛ ويقال: بِلٌّ مُبَاح مُطْلَق،
يمانِيَة حِمْيَريَّة؛ ويقال: بِلٌّ إِتباع لحِلّ، وكذلك يقال للمؤنث:
هي لك حِلٌّ، على لفظ المذكر؛ ومنه قول عبد المطلب في زمزم: لا أُحِلُّها
لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ، وهذا القول نسبه الجوهري للعباس بن عبد
المطلب، والصحيح أَن قائله عبد المطلب كما ذكره ابن سيده وغيره، وحكاه ابن
بري عن علي بن حمزة؛ وحكي أَيضاً عن الزبير بن بَكَّار: أَن زمزم لما
حُفِرَتْ وأَدرك منها عبد المطلب ما أَدرك، بنى عليها حوضاً وملأَه من ماء
زمزم وشرب منه الحاجُّ فحسده قوم من قريش فهدموه، فأَصلحه فهدموه بالليل،
فلما أَصبح أَصلحه فلما طال عليه ذلك دعا ربه فأُرِيَ في المنام أَن
يقول: اللهم إِني لا أُحِلُّها لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ فإِنك تكفي
أَمْرَهم، فلما أَصبح عبد المطلب نادى بالذي رأَى، فلم يكن أَحد من قريش
يقرب حوضه إِلا رُميَ في بَدَنه فتركوا حوضه؛ قال الأَصمعي: كنت أَرى أَن
بِلــاًّ إِتباع لحِلّ حتى زعم المعتمر بن سليمان أَن بِلــاًّ مباح في لغة
حِمْيَر؛ وقال أَبو عبيد وابن السكيت: لا يكون بِلٌّ إِتباعاً لحِلّ لمكان
الواو. والــبُلَّــة، بالضم: ابتلال الرُّطْب. وبُلَّــة الأَوابل: بُلَّــة
الرُّطْب. وذهبت بُلَّــة الأَوابل أَي ذهب ابتلال الرُّطْب عنها؛ وأَنشد
لإِهاب ابن عُمَيْر:
حتى إِذا أَهْرَأْنَ بالأَصائل،
وفارَقَتْها بُلَّــة الأَوابل
يقول: سِرْنَ في بَرْدِ الروائح إِلى الماء بعدما يَبِسَ الكَلأ،
والأَوابل: الوحوش التي اجتزأَت بالرُّطْب عن الماء. الفراء: الــبُلَّــة بقية
الكَلإِ.
وطويت الثوب على بُلُــلَته وبُلَّــته وبُلــالته أَي على رطوبته. ويقال:
اطْوِ السِّقاء على بُلُــلَته أَي اطوه وهو نديّ قــبل أَن يتكسر. ويقال: أَلم
أَطْوك على بُلُــلَتِك وبَلَّــتِك أَي على ما كان فيك؛ وأَنشد لحَضْرَميّ
بن عامر الأَسدي:
ولقد طَوَيْتُكُمُ على بُلُــلاتِكم،
وعَلِمْتُ ما فيكم من الأَذْرَاب
أَي طويتكم على ما فيكم من أَذى وعداوة. وبُلُــلات، بضم اللام: جمع
بُلُــلة، بضم اللام أَيضاً، وقد روي على بُلَــلاتكم، بفتح اللام، الواحدة
بُلَــلة، بفتح اللام أَيضاً، وقيل في قوله على بُلُــلاتكم: يضرب مثلاً لإِبقاء
المودة وإِخفاء ما أَظهروه من جَفَائهم، فيكون مثل قولهم اطْوِ الثوبَ على
غَرِّه ليضم بعضه إِلى بعض ولا يتباين؛ ومنه قولهم: اطوِ السِّقاء على
بُلُــلِته لأَنه إِذا طُوِيَ وهو جَافٌّ تكسر، وإِذا طُوِيَ على بَلَــله لم
يَتَكسَّر ولم يَتَباين. وانصرف القوم بــبَلَــلتهم وبُلُــلتهم وبُلــولتهم أَي
وفيهم بَقِيّة، وقيل: انصرفوا بــبَلَــلتِهم أَي بحال صالحة وخير، ومنه
بِلــال الرَّحِم. وبَلَــلْته: أَعطيته. ابن سيده: طواه على بُلُــلته وبُلــولته
وبَلَّــته أَي على ما فيه من العيب، وقيل: على بقية وُدِّه، قال: وهو
الصحيح، وقيل: تغافلت عما فيه من عيب كما يُطْوَى السِّقاء على عَيْبه؛
وأَنشد:وأَلبَسُ المَرْءَ أَسْتَبْقِي بُلــولتَه،
طَيَّ الرِّدَاء على أَثْنائه الخَرِق
قال: وتميم تقول الــبُلــولة من بِلَّــة الثرى، وأَسد تقول: الــبَلَــلة. وقال
الليث: الــبَلَــل والــبِلَّــة الدُّون. الجوهري: طَوَيْت فلاناً على بُلَّــته
وبُلــالته وبُلُــوله وبُلُــولته وبُلُــلته وبُلَــلته إِذا احتملته على ما فيه
من الإِساءة والعيب ودَارَيْته وفيه بَقِيّة من الوُدِّ؛ قال الشاعر:
طَوَيْنا بني بِشْرٍ على بُلُــلاتهم،
وذلك خَيْرٌ من لِقَاء بني بِشْر
يعني باللِّقاء الحَرْبَ، وجمع الــبُلَّــة بِلــال مثل بُرْمَة وبِرَام؛ قال
الراجز:
وصاحِبٍ مُرَامِقٍ دَاجَيْتُه،
على بِلــال نَفْسه طَوَيْتُه
وكتب عمر يَسْتحضر المُغيرة من البصرة: يُمْهَلُ ثلاثاً ثم يُحْضَر على
بُلَّــته أَي على ما فيه من الإِساءة والعيب، وهي بضم الباء.
وبَلِــلْتُ به بَلَــلاَ: ظَفِرْتُ به. وقيل: بَلِــلْتُ أَــبَلُّ ظَفِرت به؛
حكاها الأَزهري عن الأَصمعي وحده. قال شمر: ومن أَمثالهم: ما بَلِــلْت من
فلان بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي ما ظَفِرْتُ، والأَفْوَق: السهم الذي انكسر
فُوقُه، والناصِل: الذي سقط نَصْلُه، يضرب مثلاً للرجل المُجْزِئ الكافي
أَي ظَفِرْت برجل كامل غير مضيع ولا ناقص. وبَلِــلْت به بَلَــلاً: صَلِيت
وشَقِيت. وبَلِــلْت به بَلَــلاَ وبَلــالة وبُلــولاً وبَلَــلْت: مُنِيت به
وعُلِّقْته. وبَلِــلْته: لَزِمْته؛ قال:
دَلْو تَمَأْى دُبِغَتْ بالحُلَّب،
بُلَّــتْ بكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّب،
فلا تُقَعْسِرْها ولكن صَوِّب
تقعسرها أَي تعازّها. أَبو عمرو: بَلَّ يَــبِلُّ إِذا لزم إِنساناً ودام
على صحبته، وبَلَّ يَــبَلُّ مثلها؛ ومنه قول ابن أَحمر:
فــبَلِّــي إِنْ بَلِــلْتِ بأَرْيَحِيٍّ
من الفِتْيان، لا يَمْشي بَطِينا
ويروى فــبَلِّــي يا غنيّ. الجوهري: بَلِــلْت به، بالكسر، إِذا ظَفِرت به
وصار في يدك؛ وأَنشد ابن بري:
بيضاء تمشي مِشْيَةَ الرَّهِيص،
بَلَّ بها أَحمر ذو دريص
يقال: لئن بَلَّــتْ بك يَدي لا تفارقني أَو تُؤَدِّيَ حقي. النضر:
البَذْرُ والــبُلَــل واحد، يقال: بَلُّــوا الأَرض إِذا بَذَروها بالــبُلَــل. ورجل
بَلٌّ بالشيء: لَهِجٌ ؛ قال:
وإِني لــبَلٌّ بالقَرِينةِ ما ارْعَوَتْ،
وإِني إِذا صَرَمْتُها لصَرُوم
ولا تَــبُلُّــك عندي بالَّة وبَلــالِ مِثل قَطامِ أَي لا يُصيبك مني خير
ولا نَدًى ولا أَنفعك ولا أَصدُقك. ويقال: لا تُــبَلُّ لفلان عندي بالَّة
وبَلــالِ مصروف عن بالَّة أَي ندًى وخير. وفي كلام عليّ، كرم الله وجهه:
فإِن شكوا انقطاع شِرْب أَو بالَّة، هو من ذلك؛ قالت ليلى الأَخْيَلية:
نَسيتَ وصالَه وصَدَرْتَ عنه،
كما صَدَر الأَزَبُّ عن الظِّلالِ
فلا وأَبيك، يا ابن أَبي عَقِيل،
تَــبُلُّــك بعدها فينا بَلــالِ
فلو آسَيْتَه لَخَلاك ذَمٌّ،
وفارَقَكَ ابنُ عَمَّك غَيْر قالي ابن أَبي عَقِيل كان مع تَوْبَة حين
قُتِل ففر عنه وهو ابن عمه. والــبَلَّــة: الغنى بعد الفقر. وبَلَّــت
مَطِيَّتُه على وجهها إِذا هَمَتْ ضالَّة؛ وقال كثيِّر:
فليت قَلُوصي، عند عَزَّةَ، قُيِّدَتْ
بحَــبْل ضَعِيفٍ غُرَّ منها فَضَلَّتِ
فأَصْبَح في القوم المقيمين رَحْلُها،
وكان لها باغٍ سِوَاي فــبَلَّــتِ
وأَــبَلَّ الرجلُ: ذهب في الأَرض. وأَــبَلَّ: أَعيا فَساداً وخُبْثاً.
والأَــبَلُّ: الشديد الخصومة الجَدِلُ، وقيل: هو الذي لا يستحي، وقيل: هو
الشديد اللُّؤْمِ الذي لا يُدْرَك ما عنده، وقيل: هو المَطول الذي يَمْنَع
بالحَلِف من حقوق الناس ما عنده؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للمرَّار بن سعيد
الأَسدي:
ذكرنا الديون، فجادَلْتَنا
جدالَك في الدَّيْن بَلــاًّ حَلوفا
(* قوله «جدالك في الدين» هكذا في الأصل وسيأتي ايراده بلــفظ: «جدالك
مالاً وبلــا حلوفا» وكذا أورده شارح القاموس ثم قال: والمال الرجل
الغني).وقال الأَصمعي: أَــبَلَّ الرجلُ يُــبِلُّ إِــبْلــالاً إِذا امتنع
وغلب.قال: وإِذا كان الرجل حَلاَّفاً قيل رجل أَــبَلُّ؛ وقال الشاعر:
أَلا تَتَّقون الله، يا آل عامر؟
وهل يَتَّقِي اللهَ الأَــبَلُّ المُصَمِّمُ؟
وقيل: الأَــبَلُّ الفاجر، والأُنثى بَلــاَّء وقد بَلَّ بَلَــلاً في كل ذلك؛
عن ثعلب. الكسائي: رجل أَــبَلُّ وامرأَة بَلــاَّء وهو الذي لا يُدْرَك ما
عنده من اللؤم، ورجل أَــبَلُّ بَيِّن الــبَلَــل إِذا كان حَلاَّفاً ظَلوماً.
وأَما قول خالد بن الوليد: أَمَّا وابنُ الخطاب حَيٌّ فَلا ولكن إِذا
كان الناس بذي بِلِّــيٍّ وذي بِلَّــى؛ قال أَبو عبيد: يريد تَفَرُّقَ الناس
وأَن يكونوا طوائف وفِرَقاً من غير إِمام يجمعهم وبُعْدَ بعضهم من بعض؛
وكلُّ من بَعُد عنك حتى لا تَعْرِف موضعَه، فهو بذي بِلِّــيٍّ، وهو مِنْ
بَلَّ في الأَرض أَي ذهب؛ أَراد ضياعَ أُمور الناس بعده، قال: وفيه لغة
أُخرى بذي بِلِّــيَان، وهو فِعْلِيَان مثل صِلِّيان؛ وأَنشد الكسائي:
يَنام ويذهب الأَقوام حتى
يُقالَ: أَتَوْا على ذي بِلِّــيان
يقول: إِنه أَطال النوم ومضى أَصحابه في سفرهم حتى صاروا إِلى موضع لا
يَعْرِف مكانَهم من طول نومه. وأَــبَلَّ عليه: غَلَبه؛ قال ساعدة:
أَلا يا فَتى، ما عبدُ شَمْسٍ بمثله
يُــبَلُّ على العادي وتُؤْبَى المَخاسِفُ
الباء في بمثله متعلقة بقوله يُــبَل، وقوله ما عبدُ شمس تعظيم، كقولك
سبحان الله ما هو ومن هو، لا تريد الاستفهام عن ذاته تعالى إِنما هو تعظيم
وتفخيم.
وخَصمٌ مِــبَلٌّ: ثَبْت. أَبو عبيد: المــبلُّ الذي يعينك أَي يتابعك
(*
قوله «يعينك اي يتابعك» هكذا في الأصل، وفي القاموس: يعييك ان يتابعك) على
ما تريد؛ وأَنشد:
أَــبَلَّ فما يَزْداد إِلاَّ حَماقَةً
ونَوْكاً، وإِن كانت كثيراً مخارجُه
وصَفاة بَلــاَّء أَي مَلْساء. ورجل بَلٌّ وأَــبَلُّ: مَطول؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
جِدَالَكَ مالاً وبَلــاًّ حَلُوفا
والــبَلَّــة: نَوْرُ السَّمُر والعُرْفُط. وفي حديث عثمان: أَلَسْتَ
تَرْعى بَلَّــتَها؟ الــبَلَّــة: نَوْرُ العِضاهِ قــبل أَن ينعقد. التهذيب:
الــبَلَّــة والفَتْلة نَوْرُ بَرَمة السَّمُر، قال: وأَول ما يَخْرُج البرَمة ثم
أَول ما يخرج من بَدْو الحُــبْلَــة كُعْبورةٌ نحو بَدْو البُسْرة فَتِيك
البَرَمة، ثم ينبت فيها زَغَبٌ بِيضٌ هو نورتها، فإِذا أَخرجت تيك سُمِّيت
الــبَلَّــة والفَتْلة، فإِذا سقطن عنن طَرَف العُود الذي يَنْبُتْنَ فيه
نبتت فيه الخُلْبة في طرف عودهن وسقطن، والخُلْبة وعاء الحَب كأَنها وعاء
الباقِلاء، ولا تكون الخُلْبة إِلاَّ للسَّمُر والسَّلَم، وفيها الحب وهن
عِراض كأَنهم نِصال، ثم الطَّلْح فإِن وعاء ثمرته للغُلُف وهي سِنَفة
عِراض.
وبِلــال: اسم رجل. وبِلــال بن حمامة: مؤذن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، من الحبشة.
وبِلــال آباد: موضع.
التهذيب: والــبُلْبُل العَنْدَليب. ابن سيده: الــبُلْبُل طائر حَسَن الصوت
يأْلف الحَرَم ويدعوه أَهل الحجاز النُّغَر. والــبُلْبُل: قَناةُ الكوز
الذي فيه بُلْبُل إِلى جنب رأْسه. التهذيب: الــبُلْبلــة ضرب من الكيزان في
جنبه بُلْبُل يَنْصَبُّ منه الماء. وبَلْبَل متاعَه: إِذا فرَّقه
وبدَّده.والمُــبَلِّــل: الطاووس الصَّرَّاخ، والــبُلْبُل الكُعَيْت.
والــبَلْبلــة: تفريق الآراء. وتَــبَلْبَلــت الأَلسن: اختلطت. والــبَلْبَلــة:
اختلاط الأَلسنة. التهذيب: الــبَلْبلــة بَلْبلــة الأَلسن، وقيل: سميت أَرض
بابِل لأَن الله تعالى حين أَراد أَن يخالف بين أَلسنة بني آدم بَعَث ريحاً
فحشرهم من كل أُفق إِلى بابل فــبَلْبَل الله بها أَلسنتهم، ثم فَرَّقتهم
تلك الريح في الــبلــاد. والــبَلْبلــة والــبَلــابل والــبَلْــبال: شدَّة الهم
والوَسْواس في الصدور وحديث النفس، فأَما الــبِلْــبال، بالكسر، فمصدر. وفي حديث
سعيد
بن أَبي بردة عن أَبيه عن جده قال: قال رسول الله،
صلى الله عليه وسلم: إِن أُمتي أُمة مرحومة لا عذابٍ عليها في الآخرة،
إِنما عذابها في الدنيا الــبلــابل والزلازل والفتن؛ قال ابن الأَنباري:
الــبلــابل وسواس الصدر؛ وأَنشد ابن بري لباعث
بن صُرَيم ويقال أَبو الأَسود الأَسدي:
سائلُ بيَشْكُرَ هل ثَأَرْتَ بمالك،
أَم هل شَفَيْت النفسَ من بَلْــبالها؟
ويروى:
سائِلْ أُسَيِّدَ هل ثَأَرْتَ بِوائلٍ؟
ووائل: أَخو باعث بن
صُرَيم. وبَلْبَل القومَ بَلْبلــة وبِلْــبالاً: حَرَّكهم وهَيَّجهم،
والاسم الــبَلْــبال، وجمعه الــبَلــابِل. والــبَلْــبال: البُرَحاء في الصَّدر، وكذلك
الــبَلْــبالة؛ عن ابن جني؛ وأَنشد:
فبات منه القَلْبُ في بَلْــبالَه،
يَنْزُو كَنَزْوِ الظَّبْيِ في الحِباله
ورجل بُلْبُلٌ وبُلــابِل: خَفِيف في السَّفَر معْوان. قال أَبو الهيثم:
قال لي أَبو ليلى الأَعرابي أَنت قُلْقُل بُلْبُل أَي ظَريف خَفيف. ورجل
بُلــابِل: خفيف اليدين وهو لا يَخْفى عليه شيء. والــبُلْبُل من الرجال:
الخَفِيفُ؛ قال كثير بن
مُزَرِّد:
سَتُدْرِك ما تَحْمي الحِمارة وابْنُها
قَلائِصُ رَسْلاتٌ، وشُعْثٌ بَلــابِل
والحِمارة: اسم حَرَّة وابنُها الجَــبَل الذي يجاورها، أَي ستدرك هذه
القلائص ما منعته هذه الحَرَّة وابنُها.
والــبُلْــبول: الغلام الذَّكِيُّ الكَيِّس. وقال ثعلب: غلام بُلْبُل خفيف
في السَّفَر، وقَصَره على الغلام. ابن السكيت: له أَلِيلٌ وبَلِــيلٌ، وهما
الأَنين مع الصوت؛ وقال المَرَّار بن سعيد:
إِذا مِلْنا على الأَكْوار أَلْقَتْ
بأَلْحِيها لأجْرُنِها بَلــيل
أَراد إِذا مِلْنا عليها نازلين إِلى الأَرض مَدَّت جُرُنَها على الأَرض
من التعب. أَبو تراب عن زائدة: ما فيه بُلــالة ولا عُلالة أَي ما فيه
بَقِيَّة. وبُلْــبُول: اسم بلــد. والــبُلْــبُول: اسم جَــبَل؛ قال الراجز:
قد طال ما عارَضَها بُلْــبُول،
وهْيَ تَزُول وَهْوَ لا يَزول
وقوله في حديث لقمان: ما شَيْءٌ أَــبَلَّ للجسم من اللَّهْو؛ قال ابن
الأَثير: هو شيء كلحم العصفور أَي أَشد تصحيحاً وموافقة له.
ومن خفيف هذا الباب بَلْ، كلمة استدراك وإِعلام بالإِضْراب عن الأَول،
وقولهم قام زيد بَلْ عَمْرٌو وبَنْ زيد، فإِن النون بدل من اللام، أَلا
ترى إِلى كثرة استعمال بَلْ وقلة استعمال بَنْ، والحُكْمُ على الأَكثر لا
الأَقل؟ قال ابن سيده: هذا هو الظاهر من أَمره، قال: وقال ابن جني لست
أَدفع مع هذا أَن تكون بَنْ لُغَةً قائمة بنفسها. التهذيب في ترجمة بَلــى:
بَلــى تكون جواباً للكلام الذي فيه الجَحْد. قال الله تعالى: أَلَسْتُ
بربكم قالوا بَلــى؛ قال: وإِنما صارت بَلــى تتصل بالجَحْد لأَنها رجوع عن
الجَحْد إِلى التحقيق، فهو بمنزلة بَلْ، وبَلْ سَبِيلها أَن تأَتي بعد الجَحْد
كقولك ما قام أَخوك بَلْ أَبوك، وما أَكرمت أَخاك بَلْ أَباك، وإِذا قال
الرجل للرجل: أَلا تقوم؟ فقال له: بَلــى، أَراد بَلْ أَقوم، فزادوا
الأَلف على بَلْ ليحسن السكوت عليها، لأَنه لو قال بَلْ كان يتوقع
(* قوله
«كان يتوقع» اي المخاطب كما هو ظاهر مما بعد) كلاماً بعد بلْ فزادوا الأَلف
ليزول عن المخاطب هذا التوهم؛ قال الله تعالى: وقالوا لن تمسنا النار
إِلا أَياماً معدودة، ثم قال بَعْدُ: بَلــى من كسب سيئة، والمعنى بَلْ من كسب
سيئة، وقال المبرد: بل حكمها الاستدراك أَينما وقعت في جَحْد أَو
إِيجاب، قال: وبَلــى تكون إِيجاباً للمَنْفِيِّ لا غيرُ. قال الفراء: بَلْ تأْتي
بمعنيين: تكون إِضراباً عن الأَول وإِيجاباً للثاني كقولك عندي له دينار
لا بَلْ ديناران، والمعنى الآخر أَنها توجب ما قــبلــها وتوجب ما بعدها،
وهذا يسمى الاستدراك لأَنه أَراده فنسيه ثم استدركه. قال الفراء: والعرب
تقول بَلْ والله لا آتيك وبَنْ والله، يجعلون اللام فيها نوناً، وهي لغة
بني سعد ولغة كلب، قال: وسمعت الباهليين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ.
الجوهري: بَلْ مُخَفَّفٌ حرفٌ، يعطف بها الحرف الثاني على الأَول فيلزمه
مثْلُ إعرابه، فهو للإضراب عن الأَول للثاني، كقولك: ما جاءَني زيد بَلْ
عمرو، وما رأَيت زيداً بَلْ عمراً، وجاءني أَخوك بَلْ أَبوك تعطف بها بعد
النفي والإِثبات جميعاً؛ وربما وضعوه موضع رُبَّ كقول الراجز:
بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
يعني رُبَّ مَهْمَهٍ كما يوضع غيره اتساعاً؛ وقال آخر:
بَلْ جَوْزِ تَيْهاء كظَهْرِ الحَجَفَتْ
وقوله عز وجل: ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عِزَّةٍ وشقاق؛ قال
الأَخفش عن بعضهم: إِن بَلْ ههنا بمعنى إِن فلذلك صار القَسَم عليها؛
قال: وربما استعملت العرب في قَطْع كلام واستئناف آخر فيُنْشد الرجل منهم
الشعر فيقول:
. . . . . . بل
ما هاجَ أَحْزاناً وشَجْواً قَدْ شَجا
ويقول:
. . . . . . بل
وبَلْــدَةٍ ما الإِنْسُ من آهالِها،
تَرى بها العَوْهَقَ من وِئالِها،
كالنار جَرَّتْ طَرَفي حِبالِها
قوله بَلْ ليست من البيت ولا تعدّ في وزنه ولكن جعلت علامة لانقطاع ما
قــبلــه؛ والرجز الأَول لرؤبة وهو:
أَعْمَى الهُدَى بالجاهِلِينَ العُمَّهِ،
بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
والثاني لسُؤْرِ الذِّئْبِ وهو:
بَلْ جَوْزِتَيْهاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ،
يُمْسي بها وُحُوشُها قد جُئِفَتْ
قال: وبَلْ نُقْصانها مجهول، وكذلك هَلْ وَقَدْ، إِن شئت جعلت نقصانها
واواً قلت بَلْــوٌ هَلْوٌ قَدْوٌ، وإِن شئت جعلته ياء. ومنهم من يجعل
نقصانها مثل آخر حروفها فيُدْغم ويقول هَلٌّ وبَلٌّ وقَدٌّ، بالتشديد. قال ابن
بري: الحروف التي هي على حرفين مثل قَدْ وبَلْ وهَلْ لا يقدّر فيها حذف
حرف ثالث كما يكون ذلك في الأَسماء نحو يَدٍ ودَمٍ، فإِن سميت بها شيئاً
لزمك أَن تقدر لها ثالثاً، قال: ولهذا لو صَغَّرْتَ إِن التي للجزاء لقلت
أُنَيٌّ، ولو سَمَّيت بإِن المخففة من الثقيلة لقلت أُنَيْنٌ، فرددت ما
كان محذوفاً، قال: وكذلك رُبَ المخففة تقول في تصغيرها اسمَ رجل
رُبَيْبٌ، والله أَعلم.