ربــب: الــرَّبُّ: هو اللّه عزّ وجل، هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه، وله الــرُّبــوبيَّة على جميع الخَلْق، لا شريك له، وهو رَبُّ الأَــرْبــابِ، ومالِكُ الـمُلوكِ والأَمْلاكِ. ولا يقال الــربُّ في غَير اللّهِ، إِلاّ بالإِضافةِ، قال: ويقال الــرَّبُّ، بالأَلِف واللام، لغيرِ اللّهِ؛ وقد قالوه في الجاهلية للـمَلِكِ؛ قال الحرث ابن حِلِّزة:
وهو الــرَّبُّ، والشَّهِـيدُ عَلى يَوْ * مِ الـحِـيارَيْنِ، والبَلاءُ بَلاءُ
والاسْم: الــرِّبــابةُ؛ قال:
يا هِنْدُ أَسْقاكِ، بلا حِسابَهْ، * سُقْيَا مَلِـيكٍ حَسَنِ الــرِّبــابهْ
والــرُّبــوبِـيَّة: كالــرِّبــابة.
وعِلْمٌ رَبُــوبيٌّ: منسوبٌ إِلى الــرَّبِّ، على غير قياس. وحكى أَحمد بن يحيـى: لا وَــرَبْــيِـكَ لا أَفْعَل. قال: يريدُ لا وَــرَبِّــكَ، فأَبْدَلَ الباءَ ياءً، لأَجْل التضعيف.
وربُّ كلِّ شيءٍ: مالِكُه ومُسْتَحِقُّه؛ وقيل: صاحبُه. ويقال: فلانٌ
رَبُّ هذا الشيءِ أَي مِلْكُه له. وكُلُّ مَنْ مَلَك شيئاً، فهو رَبُّــه.
يقال: هو رَبُّ الدابةِ، ورَبُّ الدارِ، وفلانٌ رَبُّ البيتِ، وهُنَّ رَبَّــاتُ الـحِجالِ؛ ويقال: رَبٌّ، مُشَدَّد؛ ورَبٌ، مخفَّف؛ وأَنشد المفضل:
وقد عَلِمَ الأَقْوالُ أَنْ ليسَ فوقَه * رَبٌ، غيرُ مَنْ يُعْطِـي الـحُظوظَ، ويَرْزُقُ
وفي حديث أَشراط الساعة: وأَن تَلِدَ الأَمَـةُ رَبَّــها، أَو رَبَّـــتَها. قال: الــرَّبُّ يُطْلَق في اللغة على المالكِ، والسَّـيِّدِ، والـمُدَبِّر، والـمُــرَبِّــي، والقَيِّمِ، والـمُنْعِمِ؛ قال: ولا يُطلَق غيرَ مُضافٍ إِلاّ على اللّه، عزّ وجلّ، وإِذا أُطْلِق على غيرِه أُضِـيفَ، فقيلَ: ربُّ كذا. قال: وقد جاءَ في الشِّعْر مُطْلَقاً على غيرِ اللّه تعالى،
وليس بالكثيرِ، ولم يُذْكَر في غير الشِّعْر. قال: وأَراد به في هذا
الحديثِ الـمَوْلَى أَو السَّيِّد، يعني أَن الأَمَةَ تَلِدُ لسيِّدها ولَداً، فيكون كالـمَوْلى لها، لأَنـَّه في الـحَسَب كأَبيه. أَراد: أَنَّ السَّبْـي يَكْثُر، والنِّعْمة تظْهَر في الناس، فتكثُر السَّراري. وفي حديث إِجابةِ الـمُؤَذِّنِ: اللهُمَّ رَبَّ هذه الدعوةِ أَي صاحِـبَها؛ وقيل: المتَمِّمَ لَـها، والزائدَ في أَهلها والعملِ بها، والإِجابة لها. وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: لا يَقُل الـمَمْلُوكُ لسَـيِّده: ربِّــي؛ كَرِهَ أَن يجعل مالكه رَبّــاً له، لـمُشاركَةِ اللّه في الــرُّبُــوبيةِ؛ فأَما قوله تعالى: اذْكُرْني عند ربــك؛ فإِنه خاطَـبَهم على الـمُتَعارَفِ عندهم، وعلى ما كانوا يُسَمُّونَهم به؛ ومنه قَولُ السامِرِيّ: وانْظُرْ إِلى إِلهِكَ أَي الذي اتَّخَذْتَه إِلهاً. فأَما الحديث في ضالَّةِ الإِبل: حتى يَلْقاها رَبُّــها؛ فإِنَّ البَهائم غير مُتَعَبَّدةٍ ولا مُخاطَبةٍ، فهي بمنزلة الأَمْوالِ التي تَجوز إِضافةُ مالِكِـيها إِليها، وجَعْلُهم أَــرْبــاباً لها. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: رَبُّ الصُّرَيْمة ورَبُّ الغُنَيْمةِ.
وفي حديث عروةَ بن مسعود، رضي اللّه عنه: لـمَّا أَسْلَم وعادَ إِلى قومه، دَخل منزله، فأَنكَر قَومُه دُخُولَه، قبلَ أَن يأْتِـيَ الــربَّــةَ،
يعني اللاَّتَ، وهي الصخرةُ التي كانت تَعْبُدها ثَقِـيفٌ بالطائفِ. وفي حديث وَفْدِ ثَقِـيفٍ: كان لهم بَيْتٌ يُسَمُّونه الــرَّبَّــةَ، يُضاهِئُونَ
به بَيْتَ اللّه تعالى، فلما أَسْلَمُوا هَدَمَه الـمُغِـيرةُ. وقوله عزّ
وجلّ: ارْجِعِـي إِلى رَبِّــكِ راضِـيةً مَرْضِـيَّةً، فادْخُلي في عَبْدي؛ فيمن قرأَ به، فمعناه، واللّه أَعلم: ارْجِعِـي إِلى صاحِـبِكِ الذي
خَرَجْتِ منه، فادخُلي فيه؛ والجمعُ أَــربــابٌ ورُبُــوبٌ. وقوله عزّ وجلّ: إِنه ربِّــي أَحْسَنَ مَثْوايَ؛ قال الزجاج: إِن العزيز صاحِـبِـي أَحْسَنَ مَثْوايَ؛ قال: ويجوز أَنْ يكونَ: اللّهُ رَبِّــي أَحْسَنَ مَثْوايَ.
والــرَّبِـــيبُ: الـمَلِكُ؛ قال امرؤُ القيس:
فما قاتلُوا عن رَبِّــهم ورَبِـــيبِـهم، * ولا آذَنُوا جاراً، فَيَظْعَنَ سالمَا
أَي مَلِكَهُمْ.
ورَبَّــهُ يَــرُبُّــهُ رَبّــاً: مَلَكَه. وطالَتْ مَــرَبَّـــتُهم الناسَ ورِبــابَـتُهم أَي مَمْلَكَتُهم؛ قال علقمةُ بن عَبَدةَ:
وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبــابَتِـي، * وقَبْلَكَ رَبَّـــتْنِـي، فَضِعتُ، رُبــوبُ(1)
(1 قوله «وكنت امرأً إلخ» كذا أنشده الجوهري وتبعه المؤلف. وقال الصاغاني والرواية وأنت امرؤ. يخاطب الشاعر الحرث بن جبلة، ثم قال والرواية المشهورة أمانتي بدل ربــابتي.)
ويُروى رَبُــوب؛ وعندي أَنه اسم للجمع.
وإِنه لَـمَــرْبُــوبٌ بَيِّنُ الــرُّبــوبةِ أَي لَـمَمْلُوكٌ؛ والعِـبادُ
مَــرْبُــوبونَ للّهِ، عزّ وجلّ، أَي مَمْلُوكونَ. ورَبَــبْتُ القومَ: سُسْـتُهم أَي كنتُ فَوْقَهم. وقال أَبو نصر: هو من الــرُّبُــوبِـيَّةِ، والعــرب
تقول: لأَنْ يَــرُبَّــنِـي فلان أَحَبُّ إِليَّ من أَنْ يَــرُبَّــنِـي فلان؛ يعني أَن يكونَ رَبّــاً فَوْقِـي، وسَـيِّداً يَمْلِكُنِـي؛ وروي هذا عن صَفْوانَ بنِ أُمَـيَّةَ، أَنه قال يومَ حُنَيْنٍ، عند الجَوْلةِ التي كانت من المسلمين، فقال أَبو سفيانَ: غَلَبَتْ واللّهِ هَوازِنُ؛ فأَجابه صفوانُ وقال: بِـفِـيكَ الكِثْكِثُ، لأَنْ يَــرُبَّــنِـي رجلٌ من قريش أَحَبُّ إِليَّ من أَن يَــرُبَّــني رجلٌ من هَوازِنَ.
ابن الأَنباري: الــرَّبُّ يَنْقَسِم على ثلاثة أَقسام: يكون الــرَّبُّ
المالِكَ، ويكون الــرَّبُّ السّيدَ المطاع؛
قال اللّه تعالى: فيَسْقِـي ربَّــه خَمْراً، أَي سَيِّدَه؛ ويكون الــرَّبُّ الـمُصْلِـحَ. رَبَّ الشيءَ إِذا أَصْلَحَه؛ وأَنشد:
يَــرُبُّ الذي يأْتِـي منَ العُرْفِ أَنه، * إِذا سُئِلَ الـمَعْرُوفَ، زادَ وتَمَّما
وفي حديث ابن عباس مع ابن الزبير، رضي اللّه عنهم: لأَن يَــرُبَّــنِـي بَنُو عَمِّي، أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن يَــرُبَّــنِـي غيرُهم، أَي يكونون
عليَّ أُمَراءَ وسادةً مُتَقَدِّمين، يعني بني أُمَيَّةَ، فإِنهم إِلى ابنِ
عباسٍ في النَّسَبِ أَقْــرَبُ من ابن الزبير.
يقال: رَبَّــهُ يَــرُبُّــه أَي كان له رَبّــاً.
وتَــرَبَّـــبَ الرَّجُلَ والأَرضَ: ادَّعَى أَنه رَبُّــهما.
والــرَّبَّــةُ: كَعْبَةٌ كانت بنَجْرانَ لِـمَذْحِج وبني الـحَرث بن كَعْب، يُعَظِّمها الناسُ. ودارٌ رَبَّــةٌ: ضَخْمةٌ؛ قال حسان بن ثابت:
وفي كلِّ دارٍ رَبَّــةٍ، خَزْرَجِـيَّةٍ، * وأَوْسِـيَّةٍ، لي في ذراهُنَّ والِدُ
ورَبَّ ولَدَه والصَّبِـيَّ يَــرُبُّــهُ رَبّــاً، ورَبَّـــبَه تَــرْبِـــيباً وتَــرِبَّــةً، عن اللحياني: بمعنى رَبَّــاه. وفي الحديث: لكَ نِعْمةٌ تَــرُبُّــها، أَي تَحْفَظُها وتُراعِـيها وتُــرَبِّـــيها، كما يُــرَبِّــي الرَّجُلُ ولدَه؛ وفي حديث ابن ذي يزن:
أُسْدٌ تُــرَبِّــبُ، في الغَيْضاتِ، أَشْبالا
أَي تُــرَبِّــي، وهو أَبْلَغ منه ومن تَــرُبُّ، بالتكرير الذي فيه.
وتَــرَبَّـــبَه، وارْتَبَّه، ورَبَّــاه تَــرْبِـــيَةً، على تَحْويلِ التَّضْعيفِ، وتَــرَبَّــاه، على تحويل التضعيف أَيضاً: أَحسَنَ القِـيامَ عليه، وَوَلِـيَه حتى يُفارِقَ الطُّفُولِـيَّةَ، كان ابْـنَه أَو لم يكن؛ وأَنشد اللحياني:
تُــرَبِّـــبُهُ، من آلِ دُودانَ، شَلّةٌ * تَــرِبَّــةَ أُمٍّ، لا تُضيعُ سِخَالَها
وزعم ابن دريد: أَنَّ رَبِـــبْتُه لغةٌ؛ قال: وكذلك كل طِفْل من الحيوان، غير الإِنسان؛ وكان ينشد هذا البيت:
كان لنا، وهْوَ فُلُوٌّ نِــرْبَــبُهْ
كسر حرف الـمُضارعةِ ليُعْلَم أَنّ ثاني الفعل الماضي مكسور، كما ذهب إِليه سيبويه في هذا النحو؛ قال: وهي لغة هذيل في هذا الضــرب من الفعل.
والصَّبِـيُّ مَــرْبُــوبٌ ورَبِـــيبٌ، وكذلك الفرس؛ والـمَــرْبُــوب:
الـمُــرَبَّــى؛ وقول سَلامَة بن جندل:
ليس بأَسْفَى، ولا أَقْنَى، ولا سَغِلٍ، * يُسْقَى دَواءَ قَفِـيِّ السَّكْنِ، مَــرْبُــوبِ
يجوز أَن يكون أَراد بمــربــوب: الصبـيّ، وأَن يكون أَراد به الفَرَس؛ ويروى: مــربــوبُ أَي هو مَــرْبُــوبٌ. والأَسْفَى: الخفيفُ الناصِـيَةِ؛ والأَقْنَى: الذي في أَنفِه احْديدابٌ؛ والسَّغِلُ: الـمُضْطَــرِبُ الخَلْقِ؛ والسَّكْنُ: أَهلُ الدار؛ والقَفِـيُّ والقَفِـيَّةُ: ما يُؤْثَرُ به الضَّيْفُ والصَّبِـيُّ؛ ومــربــوب من صفة حَتٍّ في بيت قبله، وهو:
مِنْ كلِّ حَتٍّ، إِذا ما ابْتَلَّ مُلْبَدهُ، * صافِـي الأَديمِ، أَسِـيلِ الخَدِّ، يَعْبُوب
الـحَتُّ: السَّريعُ. واليَعْبُوب: الفرسُ الكريمُ، وهو الواسعُ
الجَـِرْي.وقال أَحمد بن يَحيـى للقَوْمِ الذين اسْتُرْضِعَ فيهم النبـيُّ، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَــرِبَّــاءُ النبـيِّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، كأَنه
جمعُ رَبِـــيبٍ، فَعِـيلٍ بمعنى
فاعل؛ وقولُ حَسَّانَ بن ثابت:
ولأَنْتِ أَحسنُ، إِذْ بَرَزْتِ لنا * يَوْمَ الخُروجِ، بِساحَةِ القَصْرِ،
مِن دُرَّةٍ بَيْضاءَ، صافيةٍ، * مِـمَّا تَــرَبَّــب حائرُ البحرِ
يعني الدُّرَّةَ التي يُــرَبِّـــيها الصَّدَفُ في قَعْرِ الماءِ.
والحائرُ: مُجْتَمَعُ الماءِ، ورُفع لأَنه فاعل تَــرَبَّــبَ، والهاءُ العائدةُ على مِـمَّا محذوفةٌ، تقديره مِـمَّا تَــرَبَّـــبَه حائرُ البحرِ. يقال:
رَبَّـــبَه وتَــرَبَّـــبَه بمعنى: والــرَّبَــبُ: ما رَبَّـــبَه الطّينُ، عن ثعلب؛ وأَنشد:
في رَبَــبِ الطِّينِ وماء حائِر
والــرَّبِـــيبةُ: واحِدةُ الــرَّبــائِب من الغنم التي يُــرَبّــيها الناسُ في البُيوتِ لأَلبانها. وغَنمٌ ربــائِبُ: تُــرْبَــطُ قَريباً مِن البُـيُوتِ، وتُعْلَفُ لا تُسامُ، هي التي ذَكَر ابراهيمُ النَّخْعِـي أَنه لا صَدَقةَ فيها؛ قال ابن الأَثير في حديث النخعي: ليس في الــرَّبــائبِ صَدَقةٌ.
الــرَّبــائبُ: الغَنَمُ التي تكونُ في البَيْتِ، وليست بِسائمةٍ، واحدتها
رَبِـــيبَةٌ، بمعنى مَــرْبُــوبَةٍ، لأَن صاحِبَها يَــرُبُّــها. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: كان لنا جِـيرانٌ مِن الأَنصار لهم رَبــائِبُ، وكانوا يَبْعَثُونَ إِلينا مِن أَلبانِها.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: لا تَأْخُذِ الأَكُولَة، ولا الــرُّبَّـــى،
ولا الماخضَ؛ قال ابن الأَثير: هي التي تُــرَبَّـــى في البيت من الغنم لأَجْل اللَّبن؛ وقيل هي الشاةُ القَريبةُ العَهْدِ بالوِلادة، وجمعها رُبــابٌ، بالضم. وفي الحديث أَيضاً: ما بَقِـيَ في غَنَمِـي إِلاّ فَحْلٌ، أَو شاةٌ رُبَّـــى.
والسَّحَابُ يَــرُبُّ الـمَطَر أَي يَجْمَعُه ويُنَمِّيهِ.
والــرَّبــابُ، بالفتح: سَحابٌ أَبيضُ؛ وقيل: هو السَّحابُ، واحِدَتُه
رَبــابةٌ؛ وقيل: هو السَّحابُ الـمُتَعَلِّقُ الذي تراه كأَنه دُونَ السَّحاب.
قال ابن بري: وهذا القول هو الـمَعْرُوفُ، وقد يكون أَبيضَ، وقد يكون أَسْودَ. وفي حديث النبـيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه نَظَرَ في الليلةِ التي أُسْرِيَ به إِلى قَصْرٍ مِثْلِ الــرَّبــابةِ البَيْضاء. قال أَبو
عبيد: الــرَّبــابةُ، بالفتح: السَّحابةُ التي قد رَكِبَ بعضُها بَعْضاً،
وجمعها رَبــابٌ، وبها سمّيت الـمَرْأَةُ الــرَّبــابَ؛ قال الشاعر:
سَقَى دارَ هِنْدٍ، حَيْثُ حَلَّ بِها النَّوَى، * مُسِفُّ الذُّرَى، دَانِـي الــرَّبــابِ، ثَخِـينُ
وفي حديث ابن الزبير، رضي اللّه عنهما: أَحْدَقَ بِكُم رَبــابه. قال
الأَصمعي: أَحسنُ بيت، قالته العــرب في وَصْفِ الــرَّبــابِ، قولُ عبدِالرحمن بن حَسَّان، على ما ذكره الأَصمعي في نِسْبَةِ البيت إِليه؛ قال ابن بري: ورأَيت من يَنْسُبُه لعُروة بنَ جَلْهَمةَ المازِنيّ:
إِذا اللّهُ لم يُسْقِ إِلاّ الكِرام، * فَـأَسْقَى وُجُوهَ بَنِـي حَنْبَلِ
أَجَشَّ مُلِثّاً، غَزيرَ السَّحاب، * هَزيزَ الصَلاصِلِ والأَزْمَلِ
تُكَرْكِرُه خَضْخَضاتُ الجَنُوب، * وتُفْرِغُه هَزَّةُ الشَّـمْـأَلِ
كأَنَّ الــرَّبــابَ، دُوَيْنَ السَّحاب، * نَعامٌ تَعَلَّقَ بالأَرْجُلِ
والمطر يَــرُبُّ النباتَ والثَّرى ويُنَمِّـيهِ. والـمَــرَبُّ:
الأَرضُ التي لا يَزالُ بها ثَـرًى؛ قال ذو الرمة:
خَناطِـيلُ يَسْتَقْرِينَ كلَّ قرارَةٍ، * مَــرَبٍّ، نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائسُ
وهي الـمَــرَبَّــةُ والـمِــرْبــابُ. وقيل: الـمِــرْبــابُ من الأَرضِـين التي
كَثُرَ نَبْتُها ونَـأْمَتُها، وكلُّ ذلك مِنَ الجَمْعِ. والـمَــرَبُّ: الـمَحَلُّ، ومكانُ الإِقامةِ والاجتماعِ. والتَّــرَبُّــبُ: الاجْتِـماعُ.
ومَكانٌ مَــرَبٌّ، بالفتح: مَجْمَعٌ يَجْمَعُ الناسَ؛ قال ذو الرمة:
بأَوَّلَ ما هاجَتْ لكَ الشَّوْقَ دِمْنةٌ، * بِأَجرَعَ مِحْلالٍ، مَــرَبٍّ، مُحَلَّلِ
قال: ومن ثَـمَّ قيل للــرّبــابِ: رِبــابٌ، لأَنهم تَجَمَّعوا. وقال أَبو عبيد: سُمُّوا ربــاباً، لأَنهم جاؤُوا بــرُبٍّ، فأَكلوا منه، وغَمَسُوا فيه أَيدِيَهُم، وتَحالفُوا عليه، وهم: تَيْمٌ، وعَدِيٌّ، وعُكْلٌ.
والــرِّبــابُ: أَحْياء ضَبّـةَ، سُمُّوا بذلك لتَفَرُّقِهم، لأَنَّ الــرُّبَّــة الفِرقةُ، ولذلك إِذا نَسَبْتَ إِلى الــرَّبــاب قلت: رُبِّـــيٌّ، بالضم، فَرُدَّ إِلى واحده وهو رُبَّــةٌ، لأَنك إِذا نسبت الشيءَ إِلى الجمع رَدَدْتَه إِلى الواحد، كما تقول في المساجِد: مَسْجِدِيٌّ، إِلا أَن تكون سميت به رجلاً، فلا تَرُدَّه إِلى الواحد، كما تقول في أَنْمارٍ: أَنْمارِيٌّ، وفي كِلابٍ: كِلابِـيٌّ. قال: هذا قول سيبويه، وأَما أَبو عبيدة فإِنه قال: سُمُّوا بذلك لتَرابِّهِم أَي تَعاهُدِهِم؛ قال الأَصمعي: سموا بذلك لأَنهم أَدخلوا أَيديهم في رُبٍّ، وتَعاقَدُوا، وتَحالَفُوا عليه.
وقال ثعلب: سُموا(1)
(1 قوله «وقال ثعلب سموا إلخ» عبارة المحكم وقال ثعلب
سموا ربــاباً لأنهم اجتمعوا ربــة ربــة بالكسر أي جماعة جماعة ووهم ثعلب في جمعه فعلة (أي بالكسر) على فعال وإنما حكمه أن يقول ربــة ربــة اهـ أي بالضم.)
رِبــاباً، بكسر الراءِ، لأَنهم تَــرَبَّـــبُوا أَي تَجَمَّعوا رِبَّــةً رِبَّــةً، وهم خَمسُ قَبائلَ تَجَمَّعُوا فصاروا يداً واحدةً؛ ضَبَّةُ، وثَوْرٌ، وعُكْل، وتَيْمٌ، وعَدِيٌّ.
(يتبع...)
(تابع... 1): ربــب: الــرَّبُّ: هو اللّه عزّ وجل، هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه، وله... ...
وفلان مَــرَبٌّ أَي مَجْمعٌ يَــرُبُّ الناسَ ويَجْمَعُهم. ومَــرَبّ الإِبل:
حيث لَزِمَتْه.
وأَــرَبَّــت الإِبلُ بمكان كذا: لَزِمَتْه وأَقامَتْ به، فهي إِبِلٌ مَرابُّ، لَوازِمُ. ورَبَّ بالمكان، وأَــرَبَّ: لَزِمَه؛ قال:
رَبَّ بأَرضٍ لا تَخَطَّاها الـحُمُرْ
وأَــرَبَّ فلان بالمكان، وأَلَبَّ، إِــرْبــاباً، وإِلباباً إِذا أَقامَ به، فلم يَبْرَحْه. وفي الحديث: اللهمّ إِني أَعُوذُ بك من غِنًى مُبْطِرٍ،
وفَقْرٍ مُــرِبٍّ. وقال ابن الأَثير: أَو قال: مُلِبٍّ، أَي لازِمٍ غير
مُفارِقٍ، مِن أَــرَبَّ بالمكانِ وأَلَبَّ إِذا أَقامَ به ولَزِمَه؛ وكلّ
لازِمِ شيءٍ مُــرِبٌّ. وأَــرَبَّــتِ الجَنُوبُ: دامَت. وأَــرَبَّــتِ السَّحابةُ:
دامَ مَطَرُها. وأَــرَبَّــتِ الناقةُ أَي لَزِمَت الفحلَ وأَحَبَّتْه.
وأَــرَبَّــتِ الناقةُ بولدها: لَزِمَتْه وأَحَبَّتْه؛ وهي مُــرِبٌّ كذلك، هذه
رواية أَبي عبيد عن أَبي زيد.
ورَوْضاتُ بني عُقَيْلٍ يُسَمَّيْن: الــرِّبــابَ.
والــرِّبِّـــيُّ والــرَّبَّــانِـيُّ: الـحَبْرُ، ورَبُّ العِلْم، وقيل: الــرَّبَّــانِـيُّ الذي يَعْبُد الــرَّبَّ، زِيدت الأَلف والنون للمبالغة في النسب. وقال سيبويه: زادوا أَلفاً ونوناً في الــرَّبَّــاني إِذا أَرادوا تخصيصاً بعِلْم الــرَّبِّ دون غيره، كأَن معناه: صاحِبُ عِلم بالــرَّبِّ دون غيره
من العُلوم؛ وهو كما يقال: رجل شَعْرانِـيٌّ، ولِحْيانِـيٌّ، ورَقَبانِـيٌّ إِذا خُصَّ بكثرة الشعر، وطول اللِّحْيَة، وغِلَظِ الرَّقبةِ؛ فإِذا
نسبوا إِلى الشَّعر، قالوا: شَعْرِيٌّ، وإِلى الرَّقبةِ قالوا:
رَقَبِـيٌّ، وإِلى اللِّحْيةِ: لِـحْيِـيٌّ. والــرَّبِّـــيُّ: منسوب إِلى الــرَّبِّ.
والــرَّبَّــانِـيُّ: الموصوف بعلم الــرَّبِّ. ابن الأَعرابي:
الــرَّبَّــانِـيُّ العالم الـمُعَلِّم، الذي يَغْذُو الناسَ بِصغارِ العلم قبلَ كِـبارها.
وقال محمد بن عليّ ابن الحنفية لَـمّا ماتَ عبدُاللّه بن عباس، رضي اللّه عنهما: اليومَ ماتَ رَبّــانِـيُّ هذه الأُمـَّة. ورُوي عن علي، رضي اللّه عنه، أَنه قال: الناسُ ثلاثةٌ: عالِـمٌ ربَّــانيٌّ، ومُتَعَلِّمٌ على سَبيلِ نَجاةٍ، وهَمَجٌ رَعاعٌ أَتْباعُ كلِّ ناعق. قال ابن الأَثير: هو منسوب إِلى الــرَّبِّ، بزيادة الأَلف والنون للمبالغة؛ قال وقيل: هو من الــرَّبِّ، بمعنى التــربــيةِ، كانوا يُــرَبُّــونَ الـمُتَعَلِّمينَ بِصغار العُلوم، قبلَ كبارِها. والــرَّبَّــانِـيُّ: العالم الرَّاسِخُ في العِلم والدين، أَو الذي يَطْلُب بِعلْمِه وجهَ اللّهِ، وقيل: العالِم، العامِلُ،
الـمُعَلِّمُ؛ وقيل: الــرَّبَّــانِـيُّ: العالي الدَّرجةِ في العِلمِ. قال أَبو
عبيد: سمعت رجلاً عالماً بالكُتب يقول: الــرَّبَّــانِـيُّون العُلَماءُ
بالـحَلال والـحَرام، والأَمْرِ والنَّهْي. قال: والأَحبارُ أَهلُ المعرفة
بأَنْباءِ الأُمَم، وبما كان ويكون؛ قال أَبو عبيد: وأَحْسَب الكلمَة ليست بعــربــية، إِنما هي عِـبْرانية أَو سُرْيانية؛ وذلك أَن أَبا عبيدة زعم أَن العــرب لا تعرف الــرَّبَّــانِـيّين؛ قال أَبو عبيد: وإِنما عَرَفَها الفقهاء وأَهل العلم؛ وكذلك قال شمر: يقال لرئيس الـمَلاَّحِـينَ رُبَّــانِـيٌّ(1)
(1 قوله «وكذلك قال شمر يقال إلخ» كذا بالنسخ وعبارة التكملة ويقال لرئيس الملاحين الــربــان بالضم وقال شمر الــربــاني بالضم منسوباً وأنشد للعجاج صعل وبالجملة فتوسط هذه العبارة بين الكلام على الــربــاني بالفتح ليس على ما ينبغي إلخ.)؛ وأَنشد:
صَعْلٌ مِنَ السَّامِ ورُبَّــانيُّ
ورُوي عن زِرِّ بن عبدِاللّه، في قوله تعالى: كُونوا رَبَّــانِـيِّـينَ،
قال: حُكَماءَ عُلَماءَ. غيره: الــرَّبَّــانيُّ الـمُتَـأَلِّه، العارِفُ باللّه تعالى؛ وفي التنزيل: كُونوا رَبَّــانِـيِّـين.
والــرُّبَّـــى، على فُعْلى، بالضم: الشاة التي وضعَت حديثاً، وقيل: هي الشاة إِذا ولدت، وإِن ماتَ ولدُها فهي أَيضاً رُبَّـــى، بَيِّنةُ الــرِّبــابِ؛ وقيل: رِبــابُها ما بَيْنها وبين عشرين يوماً من وِلادتِها، وقيل: شهرين؛ وقال اللحياني: هي الحديثة النِّتاج، مِن غير أَنْ يَحُدَّ وَقْتاً؛ وقيل: هي التي يَتْبَعُها ولدُها؛ وقيل: الــرُّبَّـــى من الـمَعز، والرَّغُوثُ من الضأْن، والجمع رُبــابٌ، بالضم، نادر. تقول: أَعْنُزٌ رُبــابٌ، والمصدر رِبــابٌ، بالكسر، وهو قُــرْبُ العَهْد بالولادة. قال أَبو زيد: الــرُّبَّـــى من المعز، وقال غيره: من المعز والضأْن جميعاً، وربــما جاءَ في الإِبل أَيضاً. قال الأَصمعي: أَنشدنا مُنْتَجع ابن نَبْهانَ:
حَنِـينَ أُمِّ البَوِّ في رِبــابِها
قال سيبويه: قالوا رُبَّـــى ورُبــابٌ، حذفوا أَلِف التأْنيث وبَنَوْه على
هذا البناءِ، كما أَلقوا الهاءَ من جَفْرة، فقالوا جِفارٌ، إِلاَّ أَنهم
ضموا أَوَّل هذا، كما قالوا ظِئْرٌ وظُؤَارٌ، ورِخْلٌ ورُخالٌ.
وفي حديث شريح: إِنّ الشاةَ تُحْلَبُ في رِبــابِها. وحكى اللحياني: غَنَمٌ رِبــابٌ، قال: وهي قليلة. وقال: رَبَّــتِ الشاةُ تَــرُبُّ رَبّــاً إِذا
وَضَعَتْ، وقيل: إِذا عَلِقَتْ، وقيل: لا فعل للــرُّبَّـــى.
والمرأَةُ تَرْتَبُّ الشعَر بالدُّهْن؛ قال الأَعشى:
حُرَّةٌ، طَفْلَةُ الأَنامِل، تَرْتَبُّ * سُخاماً، تَكُفُّه بخِلالِ
وكلُّ هذا من الإِصْلاحِ والجَمْع.
والــرَّبِـــيبةُ: الحاضِنةُ؛ قال ثعلب: لأَنها تُصْلِـحُ الشيءَ، وتَقُوم
به، وتَجْمَعُه.
وفي حديث الـمُغِـيرة: حَمْلُها رِبــابٌ. رِبــابُ المرأَةِ: حِدْثانُ
وِلادَتِها، وقيل: هو ما بين أَن تَضَعَ إِلى أَن يأْتي عليها شهران، وقيل: عشرون يوماً؛ يريد أَنها تحمل بعد أَن تَلِد بيسير، وذلك مَذْمُوم في النساءِ، وإِنما يُحْمَد أَن لا تَحْمِل بعد الوضع، حتى يَتِمَّ رَضاعُ ولدها.والــرَّبُــوبُ والــرَّبِـــيبُ: ابن امرأَةِ الرجل مِن غيره، وهو بمعنى مَــرْبُــوب. ويقال للرَّجل نَفْسِه: رابٌّ. قال مَعْنُ بن أَوْس، يذكر امرأَته، وذكَرَ أَرْضاً لها:
فإِنَّ بها جارَيْنِ لَنْ يَغْدِرا بها: * رَبِـــيبَ النَّبـيِّ، وابنَ خَيْرِ الخَلائفِ
يعني عُمَرَ بن أَبي سَلَمة، وهو ابنُ أُمِّ سَلَـمةَ زَوْجِ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وعاصِمَ بن عمر ابن الخَطَّاب، وأَبوه أَبو سَلَمَة،
وهو رَبِـــيبُ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم؛ والأُنثى رَبِـــيبةٌ.
الأَزهري: رَبِـــيبةُ الرجل بنتُ امرأَتِه من غيره. وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: إِنما الشَّرْطُ في الــرَّبــائبِ؛ يريد بَناتِ الزَّوْجاتِ من غير أَزواجِهن الذين معهن. قال: والــرَّبِـــيبُ أَيضاً، يقال لزوج الأُم لها ولد من غيره. ويقال لامرأَةِ الرجل إِذا كان له ولدٌ من غيرها: رَبــيبةٌ، وذلك معنى رابَّةٍ ورابٍّ. وفي الحديث: الرَّابُّ كافِلٌ؛ وهو زَوْجُ أُمِّ اليَتيم، وهو اسم فاعل، مِن رَبَّــه يَــرُبُّــه أَي إِنه يَكْفُل بأَمْرِه. وفي حديث مجاهد: كان يكره أَن يتزوَّج الرجلُ امرأَةَ رابِّه، يعني امرأَة زَوْج أُمـِّه، لأنه كان يُــرَبِّــيه. غيره: والــرَّبــيبُ والرَّابُّ زوجُ الأُم. قال أَبو الحسن الرماني: هو كالشَّهِـيدِ، والشاهِد، والخَبِـير، والخابِرِ.
والرَّابَّةُ: امرأَةُ الأَبِ.
وَــرَبَّ المعروفَ والصَّنِـيعةَ والنِّعْمةَ يَــرُبُّــها رَبّــاً ورِبــاباً ورِبــابةً، حكاهما اللحياني، ورَبَّـــبها: نَمَّاها، وزادَها، وأَتَمَّها، وأَصْلَحَها. ورَبَــبْتُ قَرابَتَهُ: كذلك.
أَبو عمرو: رَبْرَبَ الرجلُ، إِذا رَبَّـــى يَتيماً.
وَــرَبَــبْتُ الأَمْرَ، أَــرُبُّــهُ رَبّــاً ورِبــابةً: أَصْلَحْتُه ومَتَّنْـتُه. ورَبَــبْتُ الدُّهْنَ: طَيَّبْتُه وأَجدتُه؛ وقال اللحياني: رَبَــبْتُ الدُّهْنَ: غَذَوْتُه بالياسَمينِ أَو بعض الرَّياحِـينِ؛ قال: ويجوز فيه رَبَّـــبْتُه.
ودُهْنٌ مُــرَبَّــبٌ إِذا رُبِّــبَ الـحَبُّ الذي اتُّخِذَ منه بالطِّيبِ.
والــرُّبُّ: الطِّلاءُ الخاثِر؛ وقيل: هو دبْسُ كل ثَمَرَة، وهو سُلافةُ
خُثارَتِها بعد الاعتصار والطَّبْخِ؛ والجمع الــرُّبُــوبُ والــرِّبــابُ؛
ومنه: سقاءٌ مَــرْبُــوبٌ إِذا رَبَــبْتَه أَي جعلت فيه الــرُّبَّ، وأَصْلَحتَه
به؛ وقال ابن دريد: رُبُّ السَّمْنِ والزَّيْتِ: ثُفْلُه الأَسود؛ وأَنشد:
كَشائطِ الــرُّبّ عليهِ الأَشْكَلِ وارْتُبَّ العِنَبُ إِذا طُبِـخَ حتى يكون رُبّــاً يُؤْتَدَمُ به، عن أَبي حنيفة. وَــرَبَــبْتُ الزِّقَّ بالــرُّبِّ، والـحُبَّ بالقِـير والقارِ، أَــرُبُّــه رَبّــاً ورُبّــاً، ورَبَّــبْتُه: متَّنْتُه؛ وقيل: رَبَــبْتُه
دَهَنْتُه وأَصْلَحْتُه. قال عمرو بن شأْس يُخاطِبُ امرأَته، وكانت تُؤْذِي ابنه عِراراً:
فَإِنَّ عِراراً، إِن يَكُنْ غيرَ واضِحٍ، * فإِني أُحِبُّ الجَوْنَ، ذا الـمَنْكِبِ العَمَمْ
فإِن كنتِ مِنِّي، أَو تُريدينَ صُحْبَتي، * فَكُوني له كالسَّمْنِ، رُبَّ له الأَدَمْ
أَرادَ بالأَدَم: النُّحْي. يقول لزوجته: كُوني لوَلدي عِراراً كَسَمْنٍ
رُبَّ أَدِيمُه أَي طُلِـيَ بــرُبِّ التمر، لأَنَّ النِّحْي، إِذا أُصْلِـحَ بالــرُّبِّ، طابَتْ رائحتُه، ومَنَعَ السمنَ مِن غير أَن يفْسُد طَعْمُه أَو رِيحُه.
يقال: رَبَّ فلان نِحْيه يَــرُبُّــه رَبّــاً إِذا جَعل فيه الــرُّبَّ ومَتَّنه به، وهو نِحْيٌ مَــرْبُــوب؛ وقوله:
سِلاءَها في أَديمٍ، غيرِ مَــرْبُــوبِ
أَي غير مُصْلَحٍ. وفي صفة ابن عباس، رضي اللّه عنهما: كأَنَّ على صَلَعَتِهِ الــرُّبَّ من مسْكٍ أَو عَنْبرٍ. الــرُّبُّ: ما يُطْبَخُ من التمر، وهو الدِّبْسُ أَيضاً. وإِذا وُصِفَ الإِنسانُ بحُسْنِ الخُلُق، قيل: هو السَّمْنُ لا يَخُمُّ.
والـمُــربَّـــبَاتُ: الأَنْبِجاتُ، وهي الـمَعْمُولاتُ بالــرُّبِّ، كالـمُعَسَّلِ، وهو المعمول بالعسل؛ وكذلك الـمُــرَبَّـــياتُ، إِلا أَنها من التَّــرْبــيةِ، يقال: زنجبيل مُــرَبّـًــى ومُــرَبَّــبٌ.
والإِــربــابُ: الدُّنوُّ مِن كل شيءٍ.
والــرِّبــابةُ، بالكسر، جماعةُ السهام؛ وقيل: خَيْطٌ تُشَدُّ به السهامُ؛
وقيل: خِرْقةٌ تُشَدُّ فيها؛ وقال اللحياني: هي السُّلْفةُ التي تُجْعَلُ
فيها القِداحُ، شبيهة بالكِنانة، يكون فيها السهام؛ وقيل هي شبيهة
بالكنانةِ، يجمع فيها سهامُ الـمَيْسرِ؛ قال أَبو ذؤَيب يصف الحمار
وأُتُنَه:
وكأَنهنَّ رِبــابةٌ، وكأَنه * يَسَرٌ، يُفِـيضُ على القِداح، ويَصْدَعُ
والــرِّبــابةُ: الجِلدةُ التي تُجْمع فيها السِّهامُ؛ وقيل: الــرِّبــابةُ: سُلْفَةٌ يُعْصَبُ بها على يَدِ الرَّجُل الـحُرْضَةِ، وهو الذي تُدْفَعُ إِليه الأَيسارُ للقِدح؛ وإِنما يفعلون ذلك لِكَيْ لا يَجِدَ مَسَّ قِدْحٍ يكون له في صاحِـبِه هَـوًى. والــرِّبــابةُ والــرِّبــابُ: العَهْدُ والـمِـيثاقُ؛ قال عَلْقَمَةُ بن عَبَدةَ:
وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبــابَتِـي، * وقَبْلَكَ رَبَّــتْني، فَضِعْتُ، رُبُــوبُ
ومنه قيل للعُشُور: رِبــابٌ.
والــرَّبِـــيبُ: الـمُعاهَدُ؛ وبه فسر قَوْلُ امرِئِ القيس:
فما قاتَلوا عن رَبِّــهِم ورَبِـــيبِـهِمْ
وقال ابن بري: قال أَبو علي الفارسي: أَــرِبَّــةٌ جمع رِبــابٍ، وهو العَهْدُ. قال أَبو ذؤَيب يذكر خَمْراً:
تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ، حِـيناً، وتُؤْلِفُ * الجِوارَ، ويُعْطِـيها الأَمانَ رِبــابُها
قوله: تُؤْلِفُ الجِوار أَي تُجاوِرُ في مَكانَيْنِ. والــرِّبــابُ: العَهْدُ الذي يأْخُذه صاحِـبُها من الناس لإِجارتِها. وجَمْعُ الــرَّبِّ رِبــابٌ. وقال شمر: الــرِّبــابُ في بيت أَبي ذؤَيب جمع رَبٍّ، وقال غيره: يقول:
إِذا أَجار الـمُجِـيرُ هذه الخَمْر أَعْطَى صاحِـبَها قِدْحاً ليَعْلَموا
أَنه قد أُجِـيرَ، فلا يُتَعَرَّض لها؛ كأَنَّـه ذُهِبَ بالــرِّبــابِ إِلى رِبــابةِ سِهامِ الـمَيْسِر. والأَــرِبَّــةُ: أَهلُ الـمِـيثاق. قال أَبو ذُؤَيْب:
كانت أَــرِبَّـــتَهم بَهْزٌ، وغَرَّهُمُ * عَقْدُ الجِوار، وكانوا مَعْشَراً غُدُرا
قال ابن بري: يكون التقدير ذَوِي أَــرِبَّــتِهِم(1)
(1 قوله «التقدير ذوي إلخ» أي داع لهذا التقدير مع صحة الحمل بدونه.)؛ وبَهْزٌ: حَيٌّ من سُلَيْم؛ والــرِّبــاب: العُشُورُ؛ وأَنشد بيت أَبي ذؤَيب:
ويعطيها الأَمان ربــابها
وقيل: رِبــابُها أَصحابُها.
والــرُّبَّــةُ: الفِرْقةُ من الناس، قيل: هي عشرة آلافٍ أَو نحوها، والجمع رِبــابٌ.
وقال يونس: رَبَّــةٌ ورِبــابٌ، كَجَفْرَةٍ وجِفار، والــرَّبـَّــةُ كالــرُّبـَّــةِ؛ والــرِّبِّـــيُّ واحد الــرِّبِّـــيِّـين: وهم الأُلُوف من الناس، والأَــرِبَّــةُ مِن الجَماعاتِ: واحدتها رَبَّــةٌ. وفي التنزيلِ العزيز: وكأَيِّنْ مِن نَبـيِّ قاتَلَ معه رِبِّـــيُّون كثير؛ قال الفراءُ: الــرِّبِّـــيُّونَ الأُلوف. وقال أَبو العباس أَحمد بن يحيـى: قال الأَخفش: الــرِّبــيون منسوبون إِلى الــرَّبِّ. قال أَبو العباس: ينبغي أَن تفتح الراءُ، على قوله، قال: وهو على قول الفرّاء من الــرَّبَّــةِ، وهي الجماعة. وقال الزجاج:
رِبِّـــيُّون، بكسر الراء وضمّها، وهم الجماعة الكثيرة. وقيل: الــربــيون العلماء الأَتقياءُ الصُّـبُر؛ وكلا القولين حَسَنٌ جميلٌ. وقال أَبو طالب: الــربــيون الجماعات الكثيرة، الواحدة رِبِّـــيٌّ. والــرَّبَّــانيُّ: العالم، والجماعة الــرَّبَّــانِـيُّون. وقال أَبو العباس: الــرَّبَّــانِـيُّون الأُلوفُ، والــرَّبَّــانِـيُّون: العلماءُ. و قرأَ الحسن: رُبِّـــيُّون، بضم الراء. وقرأَ ابن عباس: رَبِّـــيُّون، بفتح الراءِ.
والــرَّبَــبُ: الماءُ الكثير المجتمع، بفتح الراءِ والباءِ، وقيل: العَذْب؛ قال الراجز:
والبُرَّةَ السَمْراء والماءَ الــرَّبَــبْ
وأَخَذَ الشيءَ بِــرُبَّــانه ورَبَّــانِه أَي بأَوَّله؛ وقيل: بــرُبَّــانِه: بجَمِـيعِه ولم يترك منه شيئاً. ويقال: افْعَلْ ذلك الأَمْرَ بِــرُبَّــانه أَي بِحِدْثانِه وطَراءَتِه وجِدَّتِه؛ ومنه قيل: شاةٌ رُبَّـــى.
ورُبَّــانُ الشَّبابِ: أَوَّله؛ قال ابن أَحمر:
وإِنَّما العَيْشُ بِــرُبَّــانِه، * وأَنْتَ، من أَفنانِه، مُفْتَقِر
ويُروى: مُعْتَصِر؛ وقول الشاعر:
(يتبع...)
(تابع... 2): ربــب: الــرَّبُّ: هو اللّه عزّ وجل، هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه، وله... ...
خَلِـيلُ خَوْدٍ، غَرَّها شَبابُه، * أَعْجَبَها، إِذْ كَبِرَتْ، رِبــابُه
أَبو عمرو: الــرُّبَّـــى أَوَّلُ الشَّبابِ؛ يقال: أَتيته في رُبَّـــى شَبابِه، ورُبــابِ شَبابِه، ورِبــابِ شَبابِه، ورِبَّــان شَبابه. أَبو عبيد: الــرُّبَّــانُ من كل شيءٍ حِدْثانُه؛ ورُبّــانُ الكَوْكَب: مُعْظَمُه. وقال أَبو عبيدة: الــرَّبَّــانُ، بفتح الراءِ: الجماعةُ؛ وقال الأَصمعي: بضم الراءِ.
وقال خالد بن جَنْبة: الــرُّبَّــةُ الخَير اللاَّزِمُ، بمنزلة الــرُّبِّ الذي يَلِـيقُ فلا يكاد يذهب، وقال: اللهم إِني أَسأَلُك رُبَّــةَ عَيْشٍ مُبارَكٍ، فقيل له: وما رُبَّــةُ عَيْشٍ؟ قال: طَثْرَتَهُ وكَثْرَتُه.
وقالوا: ذَرْهُ بِــرُبَّــان؛ أَنشد ثعلب:
فَذَرْهُمْ بِــرُبّــانٍ، وإِلاّ تَذَرْهُمُ * يُذيقُوكَ ما فيهم، وإِن كان أَكثرا
قال وقالوا في مَثَلٍ: إِن كنتَ بي تَشُدُّ ظَهْرَك، فأَرْخِ، بِــرُبَّــانٍ، أَزْرَكَ. وفي التهذيب: إِن كنتَ بي تشدُّ ظَهْرَكَ فأَرْخِ، مِن
رُبَّـــى، أَزْرَكَ. يقول: إِن عَوّلْتَ عَليَّ فَدَعْني أَتْعَبْ، واسْتَرْخِ
أَنتَ واسْتَرِحْ. ورُبَّــانُ، غير مصروف: اسم رجل.
قال ابن سيده: أَراه سُمي بذلك.
والــرُّبَّـــى: الحاجةُ، يقال: لي عند فلان رُبَّـــى. والــرُّبَّـــى: الرَّابَّةُ. والــرُّبَّـــى: العُقْدةُ الـمُحْكَمةُ. والــرُّبَّـــى: النِّعْمةُ والإِحسانُ.
والــرِّبَّــةُ، بالكسرِ: نِبْتةٌ صَيْفِـيَّةٌ؛ وقيل: هو كل ما اخْضَرَّ، في القَيْظِ، مِن جميع ضُروب النبات؛ وقيل: هو ضُروب من الشجر أَو النبت فلم يُحَدَّ، والجمع الــرِّبَــبُ؛ قال ذو الرمة، يصف الثور الوحشي:
أَمْسَى، بِوَهْبِـينَ، مُجْتازاً لِـمَرْتَعِه، * مِن ذِي الفَوارِسِ، يَدْعُو أَنْفَه الــرِّبَــبُ
والــرِّبَّــةُ: شجرة؛ وقيل: إِنها شجرة الخَرْنُوب. التهذيب: الــرِّبَّــةُ
بقلة ناعمةٌ، وجمعها رِبَــبٌ. وقال: الــرِّبَّــةُ اسم لِعدَّةٍ من النبات، لا
تَهِـيج في الصيف، تَبْقَى خُضْرَتُها شتاءً وصَيْفاً؛ ومنها: الـحُلَّبُ، والرُّخَامَى، والـمَكْرُ، والعَلْقى، يقال لها كلها: رِبَّــةٌ.التهذيب: قال النحويون: رُبَّ مِن حروف الـمَعاني، والفَرْقُ بينها وبين كَمْ، أَنَّ رُبَّ للتقليل، وكَمْ وُضِعت للتكثير، إِذا لم يُرَدْ بها الاسْتِفهام؛ وكلاهما يقع على النَّكِرات، فيَخْفِضُها. قال أَبو حاتم: من
الخطإِ قول العامة: رُبَّـــما رأَيتُه كثيراً، ورُبَّـــما إِنما وُضِعَتْ
للتقليل. غيره: ورُبَّ ورَبَّ: كلمة تقليل يُجَرُّ بها، فيقال: رُبَّ رجلٍ قائم، ورَبَّ رجُلٍ؛ وتدخل عليه التاء، فيقال: رُبَّــتَ رجل، ورَبَّــتَ رجل. الجوهري: ورُبَّ حرفٌ خافض، لا يقع إِلاَّ على النكرة، يشدَّد ويخفف، وقد يدخل عليه التاء، فيقال: رُبَّ رجل، ورُبَّــتَ رجل، ويدخل عليه ما، ليُمْكِن أَن يُتَكَلَّم بالفعل بعده، فيقال: رُبــما. وفي التنزيل العزيز: رُبَّـــما يَوَدُّ الذين كفروا؛ وبعضهم يقول رَبَّـــما، بالفتح، وكذلك رُبَّــتَما ورَبَّــتَما، ورُبَــتَما وَــرَبَــتَما، والتثقيل في كل ذلك أَكثر في كلامهم، ولذلك إِذا صَغَّر سيبويه رُبَّ، من قوله تعالى رُبَّـــما يودّ، ردَّه إِلى الأَصل، فقال: رُبَــيْبٌ. قال اللحياني: قرأَ الكسائي وأَصحاب عبداللّه والحسن: رُبَّـــما يودُّ، بالتثقيل، وقرأَ عاصِمٌ وأَهلُ المدينة وزِرُّ بن حُبَيْش: رُبَــما يَوَدُّ، بالتخفيف. قال الزجاج: من قال إِنَّ رُبَّ يُعنى بها التكثير، فهو ضِدُّ ما تَعرِفه العــرب؛ فإِن قال قائل: فلمَ جازت رُبَّ في قوله: ربــما يود الذين كفروا؛ ورب للتقليل؟ فالجواب في هذا: أَن العــرب خوطبت بما تعلمه في التهديد. والرجل يَتَهَدَّدُ الرجل، فيقول له: لَعَلَّكَ سَتَنْدَم على فِعْلِكَ، وهو لا يشك في أَنه يَنْدَمُ، ويقول: رُبَّـــما نَدِمَ الإِنسانُ مِن مِثْلِ ما صَنَعْتَ، وهو يَعلم أَنَّ الإِنسان يَنْدَمُ كثيراً، ولكنْ مَجازُه أَنَّ هذا لو كان مِـمَّا
يُوَدُّ في حال واحدة من أَحوال العذاب، أَو كان الإِنسان يخاف أَن يَنْدَمَ على الشيءِ، لوجَبَ عليه اجْتِنابُه؛ والدليل على أَنه على معنى التهديد قوله: ذَرْهُم يأْكُلُوا ويَتَمَتَّعُوا؛ والفرق بين رُبَّـــما ورُبَّ: أَن رُبَّ لا يليه غير الاسم، وأَما رُبَّـــما فإِنه زيدت ما، مع رب، ليَلِـيَها الفِعْلُ؛ تقول: رُبَّ رَجُلٍ جاءَني، وربــما جاءَني زيد، ورُبَّ يوم بَكَّرْتُ فيه، ورُبَّ خَمْرةٍ شَــرِبْــتُها؛ ويقال: ربــما جاءَني فلان، وربــما حَضَرني زيد، وأَكثرُ ما يليه الماضي، ولا يَلِـيه مِن الغابرِ إِلاَّ ما كان مُسْتَيْقَناً، كقوله تعالى: رُبَـــما يَوَدُّ الذين كفروا، ووَعْدُ اللّهِ حَقٌّ، كأَنه قد كان فهو بمعنى ما مَضَى، وإِن كان لفظه مُسْتَقْبَلاً. وقد تَلي ربــما الأَسماءَ وكذلك ربــتما؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
ماوِيّ ! يا رُبَّــتَما غارةٍ * شَعْواءَ، كاللَّذْعَةِ بالمِـيسَمِ
قال الكسائي: يلزم مَن خَفَّف، فأَلقى إِحدى الباءَين، أَن يقول رُبْ
رجل، فيُخْرِجَه مُخْرَجَ الأَدوات، كما تقول: لِـمَ صَنَعْتَ؟ ولِـمْ
صَنَعْتَ؟ وبِـأَيِّمَ جِئْتَ؟ وبِـأَيِّمْ جئت؟ وما أَشبه ذلك؛ وقال: أَظنهم
إِنما امتنعوا من جزم الباءِ لكثرة دخول التاءِ فيها في قولهم: رُبَّــتَ رجل، ورُبَــتَ رجل. يريد الكسائي: أَن تاءَ التأْنيث لا يكون ما قبلها إِلاَّ مفتوحاً، أَو في نية الفتح، فلما كانت تاءُ التأْنيث تدخلها كثيراً، امتنعوا من إِسكان ما قبل هاءِ التأْنيث، وآثروا النصب، يعني بالنصب: الفتح. قال اللحياني: وقال لي الكسائي: إِنْ سَمِعتَ بالجزم يوماً، فقد أَخبرتك. يريد: إِن سمعت أَحداً يقول: رُبْ رَجُلٍ، فلا تُنْكِرْه، فإِنه وجه القياس. قال اللحياني: ولم يقرأْ أَحد رَبَّـــما، بالفتح، ولا رَبَــما.
وقال أَبو الهيثم: العــرب تزيد في رُبَّ هاءً، وتجعل الهاءَ اسماً مجهولاً لا يُعرف، ويَبْطُل معَها عملُ رُبَّ، فلا يخفض بها ما بعد الهاءِ، وإِذا فَرَقْتَ بين كَمِ التي تَعْمَلُ عَمَلَ رُبَّ بشيءٍ، بطل عَمَلُها؛ وأَنشد:
كائِنْ رَأَبْتُ وَهايا صَدْعِ أَعْظُمِه، * ورُبَّــه عَطِـباً، أَنْقَذْتُ مِ العَطَبِ
نصب عَطِـباً مِن أَجْل الهاءِ المجهولة. وقولهم: رُبَّــه رَجُلاً،
ورُبَّــها امرأَةً، أَضْمَرت فيها العــرب على غير تقدّمِ ذِكْر، ثم أَلزَمَتْه التفسير، ولم تَدَعْ أَنْ تُوَضِّح ما أَوْقَعت به الالتباسَ، ففَسَّروه بذكر النوع الذي هو قولهم رجلاً وامرأَة. وقال ابن جني مرة: أَدخلوا رُبَّ على المضمر، وهو على نهاية الاختصاص؛ وجاز دخولها على المعرفة في هذا الموضع، لـمُضارَعَتِها النَّكِرَة، بأَنها أُضْمِرَت على غير تقدّم ذكر، ومن أَجل ذلك احتاجت إِلى التفسير بالنكرة المنصوبة، نحو رجلاً وامرأَةً؛
ولو كان هذا المضمر كسائر المضمرات لَـمَا احتاجت إِلى تفسيره. وحكى الكوفيون: رُبَّــه رجلاً قد رأَيت، ورُبَّــهُما رجلين، ورُبَّــهم رجالاً، ورُبَّــهنَّ نساءً، فَمَن وَحَّد قال: إِنه كناية عن مجهول، ومَن لم يُوَحِّد قال: إِنه ردّ كلام، كأَنه قيل له: ما لكَ جَوَارٍ؟ قال: رُبَّــهُنّ جَوارِيَ قد مَلَكْتُ. وقال ابن السراج: النحويون كالـمُجْمعِـينَ على أَن رُبَّ جواب. والعــرب تسمي جمادى الأُولى رُبّــاً ورُبَّـــى، وذا القَعْدةِ رُبَّــة؛ وقال كراع: رُبَّــةُ ورُبَّـــى جَميعاً: جُمادَى الآخِرة، وإِنما كانوا يسمونها بذلك في الجاهلية.
والــرَّبْرَبُ: القَطِـيعُ من بقر الوحش، وقيل من الظِّباءِ، ولا واحد
له؛ قال:
بأَحْسَنَ مِنْ لَيْلى، ولا أُمَّ شادِنٍ، * غَضِـيضَةَ طَرْفٍ، رُعْتَها وَسْطَ رَبْرَبِ
وقال كراع: الــرَّبْرَبُ جماعة البقر، ما كان دون العشرة.