من (س ب ك) مكان صهر المعادن.
من (س ب ك) مكان صهر المعادن.
حرش: الحَرْش والتَحْرِيش: إِغراؤُك الإِنسانَ والأَسد ليقع بقِرْنِه.
وحَرَّش بينهم: أَفْسد وأَغْرى بعضَهم ببَعض. قال الجوهري: التحريش
الإِغراء بين القوم وكذلك بين الكلاب. وفي الحديث: أَنه نهى عن التحْريش بين
البهائم، هو الإِغراء وتهييج بعضها على بعض كما يُفْعل بين الجمال والكِباش
والدُّيُوك وغيرها. ومنه الحديث: إِن الشيطان قد يَئِس أَنْ يُعْبَد في
جزيرة العَرَب ولكن في التحريش بينهم أَي في حَمْلهم على الفِتَنِ
والحُروب. وأَما الذي ورد في حديث عليّ، رضوان اللَّه عليه، في الحج: فذهبْتُ
إِلى رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، مُحَرِّشاً على فاطمةَ، فإِن
التحريش ههنا ذكرُ ما يُوجِب عتابَه لها.
وحَرَشَ الضبَّ يَحْرِشُه حَرْشاً واحْتَرَشَه وتَحَرَّشَه وتحرَّش به:
أَتى قَفا جُحْرِه فَقَعْقَعَ بِعصاه عليه وأَتْلَج طَرَفها في جُحْره،
فإِذا سمع الصوتَ حَسِبَه دابّة تريد أَن تدخل عليه، فجاء يَزْحَل على
رِجْليه وعجُزِه مُقاتلاً ويضرب بذنَبه، فناهَزَه الرجُلُ أَي بادره فأَخَذ
بذنَبه فضَبَّ عليه أَي شد القَبْض فلم يقدر أَن يَفِيصَهُ أَي يُفْلِتَ
منه؛ وقيل: حَرْشُ الضب صَيْدُه وهو أَن يُحَكَّ الجُحْر الذي هو فيه
يُتَحرَّشُ به، فإِذا أَحسَّه الضبّ حَسِبَه ثُعْباناً، فأَخْرَج إِليه
ذنبَه فيُصاد حينئذ. قال الفارسي: قال أَبو زيد: يقال لُهوَ أَخْبَثُ من ضبٍّ
حَرَشْته، وذلك أَن الضبَّ ربما اسْتَرْوَحَ فَخَدَع فلم يُقْدر عليه،
وهذا عند الاحتراش، الأَزهري: قال أَبو عبيد ومن أَمثالهم في مخاطبة
العالم بالشيء من يريد تعليمه: أَتُعْلِمُني بضبٍّ أَنا حَرَشْتُه؟ ونَحْوٌ
منه قولهم: كمُعَلِّمةٍ أُمَّها البِضَاع. قال ابن سيده: ومن أَمثالهم: هذا
أَجَلُّ من الحَرْش؛ وأَصل ذلك أَنّ العرب كانت تقول: قال الضبّ لابنه
يا بُنَيّ احذَر الحَرْش، فسمع يوماً وقْعَ مِحْفارٍ على فَمِ الجُحر،
فقال: بابَهْ
(* قوله «بابه» هكذا بالأَصل، وفي القاموس: يا أَبت إلخ.)
أَهذا الحَرْشُ؟ فقال: يا بُنَيّ هذا أَجلّ من الحَرْش؛ وأَنشد الفارسي قول
كُثَيّر:
ومُحْتَرِش صَبَّ العَدَاوَة مِنْهمُ،
بِحُلْو الخَلى، حَرْشَ الضِّباب الخَوادِع
يقال: إِنه لَحُلْو الخَلى أَي حُلْو الكلام؛ ووَضَع الحَرْشِ موضعَ
الاحتراش لأَنَّه إِذا احْتَرَشَه فقد حَرَشَه؛ وقيل: الحَرْش أَنْ تُهَيِّج
الضبَّ في جُحْره، فإِذا خرج قريباً منك هَدَمْتَ عليه بَقِيَّة الجحر،
تقول منه: أَحْرَشْت الضبّ. قال الجوهري: حَرَشَ الضبَّ يَحْرِشه حَرْشاً
صادَه، فهو حارش للضِّباب، وهو أَن يُحَرّك يده على جحره ليظُنَّه
حَيَّة فيُخْرِج ذَنَبَه ليضْرِبَها فيأْخُذه. ومنه الحديث: أَن رجلاً أَتاه
بِضباب احْتَرَشها؛ قال ابن الأَثير: والاحتراش في الأَصل الجَمْع والكسْب
والخِداع. وفي حديث أَبي حَثْمة في صفة التّمْر: وتُحْتَرَشُ به
الضِّبابُ أَي تُصطاد. يقال: إِن الضبَّ يُعْجَب بالتمر فيُحِبّه. وفي حديث
المسور: ما رأَيت رجُلاً ينفِر من الحَرْش مثلَه، يعني معاوية، يريد بالحَرْش
الخديعةَ. وحارَشَ الضبُّ الأَفعى إِذا أَرادت أَن تَدْخل عليه
فَقاتَلَها. والحَرْش: الأَثَر، وخص بعضهم به الأَثَر في الظَّهْر، وجمعه حِرَاش؛
ومنه رِبْعِيّ بنُ حِراش ولا تقل خِراش، وقيل: الحِرَاش أَثَر الضرْب في
البَعِير يبْرأُ فلا يَنْبُت له شَعر ولا وَبر. وحَرَش البعِيرَ بالعصا:
حَكَّ في غارِبِه ليَمْشِيَ؛ قال الأَزهري: سمعت غير واحد من الأَعراب
يقول للبعير الذي أَجْلَب دبَرُه في ظَهره: هذا بعير أَحْرَش وبه حَرَش؛
قال الشاعر:
فَطَار بِكَفِّي ذو حِرَاش مُشَمِّرٌ،
أَحَذُّ ذلاذِيل العَسِيب قصِير
أَراد بذي حراش جَمَلاً به آثار الدَّبر. ويقال: حَرَشْت جَرَبَ البعير
أَحْرِشه حَرْشاً وخَرَشته خَرْشاً إِذا حكَكْتَه حتى تقشَّر الجلد
الأَعلى فيَدْمى ثم يُطْلى حينئذ بالهِناء، وقال أَبو عمرو: الخَرْشاء من
الجُرْب التي لم تُطْل؛ قال الأَزهري: سميت حَرْشاءَ لخشونة جلدها؛ قال
الشاعر:
وحَتى كأَنِّي يَتَّقي بيْ مُعبَّد،
بِه نُقْبة حرشاءَ لم تَلْق طاليا
ونُقْبة حرشاء: وهي الباثِرة التي لم تُطْل.
والحارِش: بُثُور تخرج في أَلسِنَة الناس والإِبلِ، صفة غالبة.
وحَرَشَه، بالحاء والخاس جميعاً، حَرْشاً أَي خدشه؛ قال العجاج:
كأَنَّ أَصواتَ كِلابٍ تهْتَرشْ،
هاجَتْ بوَلْوَالٍ ولَجَّت في حَرَشْ
فحرَّكه ضرورة. والحَرْشُ: ضَرْب من البَضْع وهي مُسْتَلْقِية. وحَرَشَ
المرأَة حَرْشاً: جامعها مستلقية على قفَاها. واحْتَرَشَ القَومُ:
حَشَدُوا واحْتَرَشَ الشيءَ: جَمَعه وكَسَبَه؛ أَنشد ثعلب:
لوْ كُنْتَ ذا لُبٍّ تَعِيشُ به،
لَفَعَلْتَ فِْعلَ المَرْء ذي اللُّبّ
لَجَعَلْتَ صالِحَ ما احْتَرَشْتَ، وما
جَمَّعْتَ من نَهْبٍ، إِلى نَهْب
والأَحْرَشُ من الدنانِير: ما فيه خَشُونة لِجدَّتِه؛ قال:
دَنانِيرُ حُرْشٌ كلُّها ضَرْبُ واحِد
وفي الحديث: أَنَّ رجُلاً أَخَذ من رجُل آخَرَ دَنانيرَ حُرْشاً؛ جمع
أَحْرش وهو كلّ شيءٍ خشن، أَراد أَنها كانت جَديدة فَعَليْها خُشونة
النَّقْش. ودَراهِمُ حُرْشٌ: جِيادٌ خَشْنٌ حَديثة العَهد بالسِّكَّة. والضبُّ
أَحْرَشُ، وضبٌّ أَحْرش: خَشِنُ الجِلْدِ كأَنَّه مُحَزَّز. وقيل: كلُّ
شيء خشِنٍ أَحْرشُ وحَرِشٌ؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة، وأُراها على النسب
لأَنّي لم أَسمع له فِعْلاً. وأَفْعى حَرْشاءُ: خشِنة الجِلْدة، وهي
الحَريِش والحِرْبيش؛ الأَزهري أَنشد هذا البيت:
تَضْحَكُ مِني أَنْ رَأَتْني أَحْتَرِشْ،
ولَوْ حَرَشْتِ لكَشَفْتُ عن حِرِش
قال: أَراد عن حِرِكْ، يَقْلبون كاف المخاطبة للتأْنيث شِيناً. وحيَّة
حَرْشاء بيّنة الحَرَشِ إِذا كانت خشنة الجلد؛ قال الشاعر:
بِحَرْشاء مِطْحانٍ كأَنَّ فَحِيحَها،
إِذا فَزِعَتْ، ماءٌ أُرِيقَ على جَمْر
والحَرِيشُ: نوع من الحيات أَرْقَط.
والحَرْشاء: ضرب من السُّطَّاح أَخضرُ ينبت مُتِسَطِّحاً على وجه الأَرض
وفيه خُشْنَة؛ قال أَبو النجم:
والخَضِر السُّطّاح من حَرْشائِه
وقيل: الحَرْشاء من نبات السهل وهي تنبت في الديار لازِقة بالأَرض وليست
بشيء، ولو لَحِسَ الإِنسان منها ورقةً لزِقت بلسانه، وليس لها صَيُّور؛
وقيل: الحَرْشاء نَبْتة مُتَسَطِّحة لا أَفنان لها يَلْزَمُ ورقُها
الأَرضَ ولا يمتدُّ حِبالاً غير أَنه يرتفع لها من وسَطِها قصبة طويلة في
رأْسها حَبَّتها.
قال الأَزهري: من نبات السهل الحَرْشاءُ والصَّفْراء والغَبْراء، وهي
أَعشاب معروفة تَسْتَطِيبُها الراعية. والحَرْشاء: خَرْدَل البَرِّ.
والحَرْشاء: ضرب من النبات؛ قال أَبو النجم:
وانْحَتَّ من حَرْشاء فَلْجٍ خَرْدَلُهْ،
وأَقْبَلَ النَّمْلُ قِطاراَ تَنْقُلُهْ
والحَرِيش: دابة لها مخالب كمخالب الأَسد وقَرْنٌ واحد في وسَطِ
هامَتِها، زاد الجوهري: يسميها الناس الكَرْكَدّن؛ وأَنشد:
بها الحَرِيشُ وضِغْزٌ مائِل ضَبِرٌ،
يَلْوي إِلى رَشَحٍ منها وتَقْلِيص
(* قوله «يلوي إلى رشح» هكذا أَنشده هنا وأَنشده في مادة ضغز يأْوي إِلى
رشف.)
قال الأَزهري: لا أَدري ما هذا البيت ولا أَعرف قائله؛ وقال غيره:
وذو قَرْنِ يقال له حَرِيش
وروى الأَزهري عن أَشياخه قال: الهِرْميس الكَرْكَدّن شيء أَعظمُ من
الفيل له قَرْن، يكون في البحر أَو على شاطئه، قال الأَزهري: وكأَن الحَرِيش
والهِرْميس شيء واحد، وقيل: الحَرِيش دُوَيْبَّة أَكبرُ من الدُّودة على
قدر الإِصبع لها قوائم كثيرة وهي التي تسمى دَخّالَةَ الأُذُن.
وحَرِيش: قَبِيلة من بني عامر، وقد سمَّت حَرِيشاً ومُحَرِّشاً
وحِراشاً.
حوز: الحَوْزُ السير الشديد والرُّوَيْد، وقيل: الحَوْز والحَيْزُ السوق
اللين. وحازَ الإِبلَ يَحُوزُها ويَحِيزها حَوْزاً وحَيْزاً وحَوَّزَها:
ساقها سوقاً رُوَيْداً. وسَوْقٌ حَوْزٌ، وصف بالمصدر، قال الأَصمعي: وهو
الحوز؛ وأَنشد:
وقد نَظَرْتُكُمُ إِينَاء صادِرَةٍ
للوِرْدِ، طال بها حَوْزِي وتَنْساسِي
ويقال: حُزْها أَي سُقْها سوقاً شديداً.
وليلة الحَوْز: أَول ليلة تُوَجَّه فيها الإِبل إِلى الماء إِذا كانت
بعيدة منه، سميت بذلك لأَنه يُرْفَقُ بها تلك الليلة فَيُسار بها
رُوَيْداً. وحَوَّزَ الإِبلَ: ساقها إِلى الماء؛ قال:
حَوَّزَها، من بُرَقِ الغَمِيمِ،
أَهْدَأُ يَمْشِي مِشْيَةَ الظَّلِيمِ
بالحَوْز والرِّفْق وبالطَّمِيمِ
وقول الشاعر:
ولم تُحَوَّز في رِكابي العيرُ
عَنى أَنه لم يشتدّ عليها في السَّوْق؛ وقال ثعلب: معناه لم يُحْمَل
عليها.
والأَحْوَزِيّ والحُوزِي: الحَسَن السِّياقة وفيه مع ذلك بعض النِّفار؛
قال العجاج يصف ثوراً وكلاباً:
يَحُوزُهُنَّ، وله حُوزِيّ،
كما يَحُوزُ الفِئَةَ الكَمِيّ
والأَحْوَزِيُّ والحُوزِيّ: الجادْ في أَمره. وقالت عائشة في عمر، رضي
الله عنهما: كان واللهِ أَحْوَزِيّاً نَسِيجَ وَحْدِه؛ قال ابن الأَثير:
هو الحَسَن السِّياق للأُمور وفيه بعض النِّفار. وكان أَبو عمرو يقول:
الأَحْوَزِيّ الخفيف، ورواه بعضهم: كان الله أَحْوَذِيّاً، بالذال، وهو قريب
من الأَحْوَزِيّ، وهو السائق الخفيف. وكان أَبو عبيدة يروي رجز العجاج
حُوذِيّ، بالذال، والمعنى واحد، يعني به الثورَ أَنه يَطْرد الكلابَ وله
طارِدٌ من نفسه يَطْرده من نشاطه وحَدّه. وقول العجاج: وله حُوزِيّ أَي
مَذْخُور سَيْرٍ لم يَبْتذله، أَي يغلبهن بالهُوَيْنا. والحُوزِيّ:
المُتَنَزِّه في المَحِل الذي يحتمل ويَحُلُّ وحده ولا يخالط البيوت بنفسه ولا
ماله.
وانْحازَ القومُ: تركوا مَرْكَزهم ومَعْركة قتالهم ومالوا إِلى موضع
آخر. وتَحَوَّز عنه وتَحَيَّزَ إِذا تَنَحَّى، وهي تَفَيْعَل، أَصلها
تَحَيْوَز فقلبت الواو ياء لمجاورة الياء وأُدغمت فيها. وتَحَوَّزَ له عن
فراشه: تَنَحَّى. وفي الحديث: كما تَحَوَّز له عن فِراشه. قال أَبو عبيدة:
التَّحَوُّز هو التنحي، وفيه لغتان: التَّحَوّز والتَّحَيّز. قال الله عز
وجل: أَو مُتَحَيِّزاً إِلى فئة؛ فالتَّحَوّز التَّفَعُّل، والتَّحَيُّز
التَّفَيْعُل، وقال القطامي يصف عجوزاً استضافها فجعلت تَرُوغ عنه فقال:
تَحَوَّزُ عَنِّي خِيفَةً أَن أَضِيفَها،
كما انْحازَت الأَفْعَى مَخافَة ضارِبِ
يقول: تَتَنَحَّى هذه العجوز وتتأَخر خوفاً أَن أَنزل عليها ضيفاً،
ويروى: تَحَيَّزُ مني، وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى: أَو مُتَحَيِّزاً إِلى
فئة، نصب مُتَحَيِّزاً ومُتَحَرِّفاً على الحال أَي إِلا أَن يتحرف لأَن
يقاتل أَو أَن يَنْحاز أَي ينفرد ليكون مع المُقاتِلة، قال: وأَصل
مُتَحَيِّز مُتَحَيْوِز فأُدغمت الواو في الياء. وقال الليث: يقال ما لك
تَتَحَوَّز إِذا لم يستقر على الأَرض، والاسم منه التَّحَوُّز.
والحَوْزاءُ: الحَرب تَحُوز القوم، حكاها أَبو رياش في شرح أَشعار
الحماسة في وقول جابر بن الثعلب:
فَهَلاَّ على أَخْلاق نَعْلَيْ مُعَصِّبٍ
شَغَبْتَ، وذُو الحَوْزاءِ يَحْفِزُه الوِتْر
الوِتْر ههنا: الغضب. والتَّحَوُّز: التَّلبُّث والتَّمَكُّث.
والتَّحَيُّز والتَّحَوُّز: التَّلَوّي والتقلُّب، وخص بعضهم به الحية. يقال:
تَحَوَّزَت الحية وتَحَيَّزت أَي تَلَوَّت. ومن كلامه: ما لك تَحَوَّزُ كما
تَحَيَّزُ الحية؟ وتَحَوَّزُ تَحَيُّز الحية، وتَحَوُّزَ الحية، وهو
بُطْءُ القيام إِذا أَراد أَن يقوم؛ قال غيره: والتَّحَوُّس مثله، وقال
سيبويه: هو تَفَيْعل من حُزْت الشيء، والحَوْز من الأَرض أَن يتخذها رجلٌ ويبين
حدودها فيستحقها فلا يكون لأَحد فيها حق معه، فذلك الحَوْز. تَحَوَّز
الرجل وتَحَيَّز إِذا أَراد القيام فأَبطأَ ذلك عليه. والحَوْز: الجمع.
وكل من ضَمَّ شيئاً إِلى نفسه من مال أَو غير ذلك، فقد حازَه حَوْزاً
وحِيازَة وحازَه إِليه واحْتازَهُ إِليه؛ وقول الأَعشى يصف إِبلاً:
حُوزِيَّة طُوِيَتْ على زَفَراتِها،
طَيَّ القَناطِرِ قد نَزَلْنَ نُزُولا
قال: الحُوزِيَّة النُّوق التي لها خَلِفة انقطعت عن الإِبل في
خَلِفَتها وفَراهتها، كما تقول: مُنْقَطِعُ القَرِينِ، وقيل: ناقة حُوزِيَّة أَي
مُنْحازة عن الإِبل لا تخالطها، وقيل: بل الحُوزِيَّة التي عندها سير
مذخور من سيرها مَصُون لا يُدْرك، وكذلك الرجل الحُوزِيُّ الذي له إِبْداءٌ
من رأْيه وعقله مذخور. وقال في قول العجاج: وله حُوزِيّ، أَي يغلبهن
بالهُوَيْنا وعنده مذخور لم يَبْتَذِله. وقولهم حكاه ابن الأَعرابي: إِذا
طَلَعَتِ الشِّعْرَيانِ يَحُوزُهما النهار فهناك لا يجد الحَرُّ مَزِيداً،
وإِذا طلعتا يَحُوزُهما الليل فهناك لا يجد القُرّ مَزيداً، لم يفسره؛ قال
ابن سيده: وهو يحتمل عندي أَن يكون يضمُّهما وأَن يكون يسوقهما. وفي
الحديث: أَن رجلاً من المشركين جَميعَ اللأْمَةِ كان يحوز المسلمين أَي
يجمعهم؛ حازَه يَجُوزه إِذا قبضه ومَلَكه واسْتَبَدَّ به. قال شمر: حُزْت
الشيء جَمَعْتُه أَو نَحَّيته؛ قال: والحُوزِيّ المُتَوَحِّد في قول
الطرماح:يَطُفْن بِحُوزيِّ المَراتِع، لم تَرُعْ
بوَادِيه من قَرْعِ القِسِيِّ، والكَنَائِن
قال: الحُوزِيُّ المتوحد وهو الفحل منا، وهو من حُزْتُ الشيء إِذا جمعته
أَو نَحَّيته؛ ومنه حديث معاذ، رضي الله عنه: فَتَحَوَّز كلٌّ منهم
فَصَلَّى صلاة خفيفة أَي تَنَحَّى وانفرد، ويروى بالجيم، من السرعة والتسهل؛
ومنه حديث يأْجوج: فَحَوِّزْ عبادي إِلى الطُّور أَي ضُمَّهم إِليه،
والرواية فَحَرِّزْ، بالراء، وفي حديث عمر، رضي الله عنه، قال لعائشة، رضي
الله عنها، يوم الخَنْدَقِ: ما يُؤَمِّنُك أَن يكون بَلاء أَو تَحَوُّزٌ؟
وهو من قوله تعالى: أَو مُتَحَيِّزاً إِلى فئة، أَي مُنْضمّاً إِليها.
والتَّحَوُّزُ والتَّحَيُّز والانْحِياز بمعنى. وفي حديث أَبي عبيدة: وقد
انْحازَ على حَلْقَة نَشِبَت في جراحة النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم
أُحُدٍ أَي أَكَبَّ عليها وجمع نفسه وضَمَّ بعضها إِلى بعض. قال عبيد بن حرٍّ
(* قوله « عبيد بن حر» كذا بالأصل): كنت مع أَبي نَضْرَة من الفُسْطاط
إِلى الإِسْكنْدَرِيَّة في سفينة، فلما دَفَعْنا من مَرْسانا أَمر
بِسُفْرته فَقُرِّبت ودعانا إِلى الغداء، وذلك في رمضان، فقلت: ما تَغَيَّبَتْ
عنا منازلُنا؛ فقال: أَترغب عن سنة النبي، صلى الله عليه وسلم؟ فلم نزل
مفطرين حتى بلغنا ماحُوزَنا؛ قال شمر في قوله ماحُوزَنا: هو موضعهم الذي
أَرادوه، وأَهل الشام يسمون المكان الذي بينهم وبين العدوّ الذي فيه
أَساميهِم ومَكاتِبُهُم الماحُوزَ، وقال بعضهم: هو من قولك حُزْتُ الشيء إِذا
أَحْرَزْتَه، قال أَبو منصور: لو كان منه لقيل مَحازنا أَو مَحُوزنا.
وحُزت الأَرض إِذا أَعلَمتها وأَحييت حدودها. وهو يُحاوِزُه أَي يخالطه
ويجامعه؛ قال: وأَحسب قوله ماحُوزَنا بِلُغَةٍ غير عربية، وكذلك الماحُوز لغة
غير عربية، وكأَنه فاعُول، والميم أَصلية، مثل الفاخُور لنبت،
والرَّاجُول للرَّجل. ويقال للرجل إِذا تَحَبَّسَ في الأَمر: دعني من حَوْزك
وطِلْقك. ويقال: طَوّل علينا فلانٌ بالحَوْزِ والطِّلْق، والطِّلق: أَن يخلي
وجوه الإِبل إِلى الماء ويتركها في ذلك ترعى لَيْلَتَئِذٍ فهي ليلة
الطِّلْق؛ وأَنشد ابن السكيت:
قد غَرّ زَيْداً حَوْزُه وطِلْقُه
وحَوْز الدار وحَيْزها: ما انضم إِليها من المَرافِقِ والمنافع. وكل
ناحية على حِدَةٍ حَيِّز، بتشديد الياء، وأَصله من الواو. والحَيْز: تخفيف
الحَيِّز مثل هَيْن وهَيِّن وليْن وليِّن، والجمع أَحْيازٌ نادر. فأَما
على القياس فَحَيائِز، بالهمز، في قول سيبويه، وحَياوِزُ، بالواو، في قول
أَبي الحسن. قال الأَزهري: وكان القياس أَن يكون أَحْواز بمنزلة الميت
والأَموات ولكنهم فرقوا بينهما كراهة الالتباس.
وفي الحديث: فَحَمَى حَوْزَة الإِسلام أَي حدوده ونواحيه. وفلان مانع
لحَوْزَته أَي لما في حَيّزه. والحَوْزة، فَعْلَةٌ، منه سميت بها الناحية.
وفي الحديث: أَنه أَتى عبدَ الله بن رَواحَةَ يعوده فما تَحَوَّز له عن
فراشه أَي ما تَنَحَّى؛ التَّحَوُّز: من الحَوزة، وهي الجانب كالتَّنَحِّي
من الناحية. يقال: تَحَوَّز وتَحَيَّز إِلا أَن التَّحَوُّز تَفَعُّل
والتَّحَيُّز تَفَيْعُل، وإِنما لم يَتَنَحَّ له عن صدر فراشه لأَن السنَّة
في ترك ذلك. والحَوْز: موضع يَحُوزه الرجل يَتَّخِذُ حواليه مُسَنَّاةً،
والجمع أَحْواز، وهو يَحْمِي حَوْزته أَي ما يليه ويَحُوزه. والحَوْزة:
الناحية. والمُحاوَزَةُ: المخالطة. وحَوْزَةُ المُلْكِ: بَْيضَتُه.
وانْحاز عنه: انعدل. وانحاز القومُ: تركوا مركزهم إِلى آخر. يقال
للأَولياء: انحازوا عن العدوّ وحاصُوا، وللأَعداء: انهزموا ووَلَّوْا
مُدْبِرين. وتَحاوَز الفريقان في الحَرْب أَي انْحاز كلُّ فريق منهم عن الآخر.
وحاوَزَه: خالطه. والحَوْز: الملْك. وحَوْزة المرأَة: فَرْجها؛ وقالت
امرأَة:فَظَلْتُ أَحْثي التُّرْبَ في وجهِه
عَني، وأَحْمِي حَوْزَةَ الغائب
قال الأَزهري: قال المنذري يقال حَمَى حَوْزاتِه؛ وأَنشد يقول:
لها سَلَف يَعُودُ بِكُلِّ رَيْع،
حَمَى الحَوْزاتِ واشْتَهَر الإِفالا
قال: السلَفُ الفحل. حَمَى حوزاتِه أَي لا يَدْنو فحل سواه منها؛ وأَنشد
الفراء:
حَمَى حَوْزاتِه فَتُركْنَ قَفْراً،
وأَحْمَى ما يَلِيه من الإِجامِ
أَراد بحَوْزاته نواحيه من المرعى.
قال محمد بن المكرم: إِن كان للأَزهري دليل غير شعر المرأَة في قولها
وأَحْمِي حَوْزَتي للغائب على أَن حَوْزة المرأَة فَرْجها سُمِعَ،
واستدلالُه بهذا البيت فيه نظر لأَنها لو قالت وأَحْمي حَوْزتي للغائب صح
الاستدلال، لكنها قالت وأَحمي حوزة الغائب، وهذا القول منها لا يعطي حصر المعنى
في أَن الحَوْزَة فرج المرأَة لأَن كل عِضْو للإِنسان قد جعله الله تعالى
في حَوْزه، وجميع أَعضاء المرأة والرجل حَوْزُه، وفرج المرأَة أَيضاً في
حَوْزها ما دامت أَيِّماً لا يَحُوزُه أَحد إِلا إِذا نُكِحَتْ برضاها،
فإِذا نكحت صار فَرْجها في حَوْزة زوجها، فقولا وأَحْمي حَوْزَة الغائب
معناه أَن فرجها مما حازه زوجُها فملكه بعُقْدَةِ نكاحها، واستحق التمتع
به دون غيره فهو إِذاً حَوْزَته بهذه الطريق لا حَوْزَتُها بالعَلَمية،
وما أَشبه هذا بِوَهْم الجوهري في استدلاله ببيت عبد الله بن عمر في محبته
لابنه سالم بقوله:
وجِلْدَةُ بينِ العينِ والأَنْفِ سالِمُ
على أَن الجلدة التي بين العين والأَنْف يقال لها سالم، وإِنما قَصَد
عبدُ الله قُرْبَه منه ومحله عنده، وكذلك هذه المرأَة جَعَلَت فرجها
حَوْزَة زوجها فَحَمَتْه له من غيره، لا أَن اسمه حَوْزَة، فالفرج لا يختص بهذا
الاسم دون أَعضائها، وهذا الغائب بعينه لا يختص بهذا الاسم دون غيره ممن
يتزوجها، إِذ لو طَلَّقها هذا الغائبُ وتزوجها غيره بعده صار هذا الفرجُ
بعينه حَوْزَةً للزوج الأَخير، وارتفع عنه هذا الاسم للزوج الأَول،
والله أَعلم. ابن سيده: الحَوْز النكاح. وحازَ المرأَةَ حَوْزاً: نكحها؛ قال
الشاعر:
يقولُ لَمَّا حازَها حَوْزَ المَطِي
أَي جامعها.
والحُوَّازُ: ما يَحُوزه الجُعَلُ من الدُّحْرُوج وهو الخُرْءُ الذي
يُدَحْرِجُه؛ قال:
سَمِينُ المَطايا يَشْرَبُ الشِّرْبَ والحِسا،
قِمَطْرٌ كحُوَّاز الدَّحارِيجِ أَبْتَرُ
والحَوْزُ: الطبيعة من خير أَو شر. وحَوْز الرجل: طَبيعته من خير أَو
شر. وفي حديث ابن مسعود، رضي الله عنه: الإِثْمُ حَوَّازُ القلوب؛ هكذا
رواه شمر، بتشديد الواو، من حازَ يَحُوز أَي يَجْمَعُ القلوبَ، والمشهور
بتشديد الزاي، وقيل: حَوَّازُ القلوب أَي يَحُوز القلبَ ويغلب عليه حتى
يَرْكَبَ ما لا يُحَب، قال الأَزهري: ولكن الرواية حَزَّاز القلوب أَي ما
حَزَّ في القلب وحَكَّ فيه.
وأَمر مُحَوَّزٌ: محكم. والحائِزُ: الخشبةُ التي تنصب عليها الأَجْذاع.
وبنو حُوَيْزَة: قبيلة؛ قال ابن سيده: أَظن ذلك ظنّاً. وأَحْوَزُ
وحَوّازٌ: اسمان. وحَوْزَةُ: اسم موضع؛ قال صخر بن عمرو:
قَتَلْتُ الخالِدَيْن بها وعَمْراً
وبِشْراً، يومَ حَوْزَة، وابْنَ بِشْرِ
حزز: الحَزُّ: قطْع في عِلاج، وقيل: هو في اللَّحْم ما كان غيرَ بائن،
حَزَّه يَحُزُّه حَزّاً واحْتَزَّه احْتِزازاً. وفي الحديث: أَنه احْتَزَّ
من كَتِف شاة ثم صَلَّى ولم يتوضأْ؛ هو افْتَعَل من الحَزّ القَطْع،
وقيل: الحَزُّ القطع من الشيء في غير إِبانَة؛ وأَنشد:
وعَبْد يَغُوث تَحْجِل الطَّيْرُ حَوْله،
قد احْتَزَّ عُرْشَيْهِ الحُسَامُ المُذَكَّرُ
فجعل الحَزّ ههنا قَطْع العُنق، والمَحَزّ موضعه، وأَعطيته حِذْيَةً من
لحم وحُزَّةً من لحم. والتَّحَزُّز: التَّقَطُّع. والحُزَّة: ما قطع من
اللحم طولاً؛ قال أَعشى باهلة:
تَكْفِيه حُزَّةُ فِلْذٍ إِن أَلَمَّ بها
من الشِّواءِ، ويُرْوِي شُرْبَه الغُمَرُ
ويقال: ما به وَذْيَةٌ، وهو مثل حُزَّة، وقيل: الحُزَّة القطعة من
الكَبِد خاصة، ولا يقال في سَنام ولا لحم ولا غيره حُزّة.
والحازّ: قطع في كِرْكِرَة البعير، وهو اسم كالنّاكت والضَّاغط.
والحَزّ: الفَرْض في الشيء، الواحدة حَزَّة، وقد حَزَزْت العود أَحُزّه
حَزّاً. والحَزّ: فرض في العود والمِسْواك والعظم غير طائل.
والتَّحْزِيز: كثرة الحَزِّ كأَسْنان المِنْجَل، وربما كان ذلك في أَطراف الأَسنان،
وهو الذي يسمى الأَشَر، وقد حزز أَسنانه، والتَّحْزِيزُ: أَثر الحَزّ
أيضاً؛ قال المتنخل الهذلي:
إِن الهَوان، فلا يَكْذِبكُما أَحدٌ،
كأَنه في بَياضِ الجِلْدِ تَحْزِيز
والتَّحَزُّز: التقطُّع. وحَزَّ الشيءُ في صدره حَزّاً: حَكَّ.
والحَزازَة والحَزَازُ والحَزَّاز والحُزَّاز، كله: وجع في القلب من
خوف؛ قال الشماخ يصف رجلاً باع قوساً من رجل وغبن فيه:
فلما شراها فاضَت العَيْنُ عَبْرَةً،
وفي الصَّدْر حَزَّاز من الهَمِّ حامِزُ
والحزَّاز: ما حَزَّ في القلب. وكلّ شيء حَكّ في صدرك، فقد حَزّ، ويروى
حُزَّاز. والحَزْحَزَة: كالحُزّاز. الأَزهري: الحَزَازَة وجع في القلب من
غيظ ونحوه، ويجمع حَزَازَات. والحَزَاز أَيضاً: وجع كذلك، قال زفر بن
الحرث الكلابي:
وقد يَنْبُت المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرَى،
وتَبْقَى حَزَازَاتُ النُّفُوسِ كما هيا
قال أَبو عبيد: ضربه مثلاً لرجل يُظهر مودّة وقلبه نَغِلٌ بالعداوة.
والحَزَاحِزُ: الحركات؛ قال أَبو كبير:
وتَبَوَّأَ الأَبْطال، بعد حَزاحِزٍ،
هَكْعَ النَّواحِزِ في مُناخِ المَوْحِفِ
والحَزَاز: هِبْرِيَةٌ في الرأْس كأَنه نُخالة، واحدته حَزَازَةٌ.
والحَزُّ: غامِضٌ من الأَرض ينقاد بين غليظتين.
والحَزِيزُ من الأَرض: موضع كثرت حجارته وغلظت كأَنها السَّكاكِين؛
وقيل: هو المكان الغليظ ينقاد. وقال ابن دريد: الحَزِيزُ غلظ في الأَرض فلم
يزد على ذلك. ابن شُميل: الحَزِيزُ ما غلظ وصَلُبَ من جَلَد الأَرض مع
إِشْرافٍ قليل، قال: وإِذا جلست في بطن المِرْبَد فما أَشْرَفَ من أَعلاه
فهو حَزِيزٌ. وفي حديث مطرّف: لقيتُ عَلِيّاً بهذا الحَزِيز؛ هو المُنْهبط
من الأَرض، وقيل: هو الغليظ منها، ويجمع على حُِزَّان؛ ومنه قصيد كعب بن
زهير:
تَرْمِي الغُيُوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهَقٍ،
إِذا تَوَقَّدَت الحُزَّان والمِيلُ
وفي المحكم: والجمع أَحِزَّةٌ وحُزَّان وحِزَّانٌ؛ عن سيبويه؛ قال لبيد:
بأَحِزَّة الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَها،
قَفْرَ المَرَاقِبِ، خَوْفُها آرَامُها
وقال ابن الرِّقَاعِ يصف ناقة:
نِعْم قُرْقُور المرُورَاتِ، إِذا
غَرِقَ الحُزَّانُ في آلِ السَّرابِ
وقال زهير:
تَهْوي مَدافِعُها في الحَزْنِ ناشِزَة الـ
أَكتاف، نَكَّبَها الحِزَّانُ والأَكَمُ
وقد قالوا: حُزُزٌ، فاحتملوا التضعيف؛ قال كثير عزة:
وكم قد جاوَزَت نِقْضي إِليكمْ
من الحُزُزِ الأَماعِرِ والبِرَاقِ
قال: وليس في القِفاف ولا في الجبال حِزَّانٌ إِنما هي جَلَد الأَرض،
ولا يكون الحَزيز إِلاَّ في أَرض كثيرة الحَصْباء. والحَزِيزُ والحَزَازُ
من الرجال: الشديدُ على السَّوق والقتال والعمل؛ قال:
فَهْيَ تَفادَى من حَزازٍ ذي حَزِقْ
أَي من حَزَازٍ حَزِقٍ،وهو الشيديد جَذْبِ الرِّباط، وهذا كقولك: هذا
ذُو زَيْد وأَتانا ذو تَمْرٍ؛ قال الأَزهري: والمعنى هذا زيد وأَتانا تمر.
قال: وسمعت أَعرابيّاً يقول مرّ بنا ذو عَوْن بن عَدِيّ، يريد: مرَّ بنا
عون بن عدّي، قال: ومثله كثير في كلامهم، قال: ويقال أَخذ بحُزَّته أَي
بعنقه، قال: وهو من السراويل حُزَّة وحُجْزَة، والعنق عندي مشبه به،
وحُزَّة السراويل: حُجْزته؛ قال الأَزهري: وقيل أَراد بحُجْزَته، وهي لغة
فيها. الأَصمعي: تقول حُجْزة السراويل ولا تقل حُزَّة. ابن الأَعرابي: يقال
حُجْزَتُه وحُذْلته وحُزَّتُه وحُبْكَتُه، والحُزَّةُ العُنق. وفي الحديث:
آخذ بحُزَّته، والحُزَّة من السراويل الحُجْزة. وفي الحديث عن ابن
مسعود، رضي الله عنه: الإِثْم حُزّاز القلوب؛ هي الأُمور التي تَحُزُّ فيها
أَي تُؤَثر كما يؤَثر الحَزُّ في الشيء، وهو ما يخطر فيها من أَن تكون
معاصي لفقد الطمأْنينة إِليها،وهي بتشديد الزاي جمع حازٍّ. يقال إِذا أَصاب
مِرْفَقَ البعير طَرَفُ كِرْكِرَتِه فقطعه وأَدماه، قيل: به حازٌّ. وقال
الليث: يعني ما حَزَّ في القلب وحَكَّ. وقال العَدَبَّس الكناني: العَرَك
والحازّ واحد، وهو أَن يُحَزَّ في الذراع حتى يُخْلَصَ إِلى اللحم
ويُقْطع الجلدُ بحدِّ الكِرْكِرَة. وقال ابن الأَعرابي: إِذا أَثَّر فيه قيل
ناكِتٌ، فإِذا حَزَّ به قيل به حازٌّ، فإِذا لم يُدْمه فهو الماسح؛ ورواه
شمر: الإِثم حَوَّاز القلوب، بتشديد الواو، أَي يَحُوزها ويتملكها ويغلب
عليها، ويروى: الإِثم حَزَّازُ القلوب، بزايين الأُولى مشددة، وهو فعَّال
من الحَزّ. والحَزّ: الحِينُ والوقت؛ قال أَبو ذؤَيب:
حتى إِذا حَزَزَتْ مِياهُ رُزُونِهِ،
وبأَيِّ حَزّ مَلاوَةٍ يتقطع
أَي بأَي حين من الدهر. والحَزَّة: الساعة؛ يقال: أَيَّ حَزَّة أَتيتني
قضيتُ حقك؛ وأَنشد:
وأَبَنْت للأَشْهاد حَزَّة أَدَّعي
أَي أَبَنْت لهم قولي حين ادَّعيت إِلى قومي فقلت: أَنا فلان بن فلان.
قال أَبو الهثيم: سمعت أَبا الحسن الأَعرابي يقول لآخر: أَنت أَثقل من
الخاثر، وفسره فقال: هو حَزَّاز يأْخذ على رأْس الفؤاد يُكْره على غِبِّ
تُخَمة.
وبعير مَحْزوز: موسوم بِسِمَة الحُزّة يُحَزُّ بشَفْرة ثم يفتل. ابن
الأَعرابي: الحَزّ الزيادة على الشرف؛ يقال: ليس في القبيل أَحد يَحُزُّ على
كرم فلان أَي يزيد عليه. الأَزهري: قال مبتكر الأَعرابي: المُحازَّة
الاسْتِقْصاء، تقول: بيننا حِزاز شديد أَي استقصاء، وبينهما شركة حِزَازٍ
إِذا كان كل واحد منهما لا يَثِق بصاحبه.
والحَزْحَزة: من فعل الرئيس في الحرب عند تَعْبِيَة الصفوف، وهو أن
يقدّم هذا ويؤخر هذا؛ يقال: هم في حَزاحِز من أَمرهم؛ قال أَبو كبير
الهذلي:وتَبَوَّأَ الأَبْطالُ، بعد حَزاحِزٍ،
هَكْعَ النَّواحِزِ في مُناخ المَوْحِف
والموحف: المَنْزل بعينه، وذلك أَن البعير الذي به النُّحاز يترك في
مُناخه لا يثار حتى يبرأَ أَو يموت. أَبو زيد: من أَمثالهم: حَزَّت حازَّةٌ
من كُوعِها؛ يضرب عند اشتغال القوم، يقول: فالقوم مشغولون بأُمورهم عن
غيرها أَي فالحازّة قد شغلها ما هي فيه عن غيرها. وتَحَزْحَز عن الشيء:
تَنَحَّى.
والحَزُّ: موضع بالسَّرَاة. وحَزَّازٌ: اسم. وأَبو الحَزَّاز: كنية
أَرْبدَ أَخي لبيد الذي يقول فيه:
فَأَخي إِن شَرِبُوا من خَيْرهم،
وأبو الحَزَّاز من أَهل مَلِك
حور: الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإِلى الشيء، حارَ إِلى الشيء وعنه
حَوْراً ومَحاراً ومَحارَةً وحُؤُورواً: رجع عنه وإِليه؛ وقول العجاج:
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
أَراد: في بئر لا حُؤُورٍ، فأَسكن الواو الأُولى وحذفها لسكونها وسكون
الثانية بعدها؛ قال الأَزهري: ولا صلة في قوله؛ قال الفرّاء: لا قائمة في
هذا البيت صحيحة، أَراد في بئر ماء لا يُحِيرُ عليه شيئاً. الجوهري: حارَ
يَحُورُ حَوْراً وحُؤُوراً رجع. وفي الحديث: من دعا رجلاً بالكفر وليس
كذلك حارَ عليه؛ أَي رجع إِليه ما نسب إِليه؛ ومنه حديث عائشة: فَغَسلْتها
ثم أَجْفقتها ثم أَحَرْتها إِليه؛ ومنه حديث بعض السلف: لو عَيَّرْتُ
رجلاً بالرَّضَعِ لخشيتُ أَن يَحُورَ بي داؤه أَي يكونَ عَلَيَّ مَرْجِعُه.
وكل شيء تغير من حال إِلى حال، فقد حارَ يَحُور حَوْراً؛ قال لبيد:
وما المَرْءُ إِلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ،
يِحُورُ رَماداً بعد إِذْ هو ساطِعُ
وحارَتِ الغُصَّةُ تَحُورُ: انْحَدَرَتْ كأَنها رجعت من موضعها،
وأَحارَها صاحِبُها؛ قال جرير:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ واهِصَةِ الخُصى
يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لا يُحِيرُها
وأَنشد الأَزهري:
وتِلْكَ لَعَمْرِي غُصَّةٌ لا أُحِيرُها
أَبو عمرو: الحَوْرُ التَّحَيُّرُ، والحَوْرُ: الرجوع. يقال: حارَ بعدما
كارَ. والحَوْرُ: النقصان بعد الزيادة لأَنه رجوع من حال إِلى حال. وفي
الحديث: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ؛ معناه من النقصان بعد
الزيادة، وقيل: معناه من فساد أُمورنا بعد صلاحها، وأَصله من نقض العمامة بعد
لفها، مأْخوذ من كَوْرِ العمامة إِذا انقض لَيُّها وبعضه يقرب من بعض،
وكذلك الحُورُ، بالضم. وفي رواية: بعد الكَوْن؛ قال أَبو عبيد: سئل عاصم
عن هذا فقال: أَلم تسمع إِلى قولهم: حارَ بعدما كان؟ يقول إِنه كان على
حالة جميلة فحار عن ذلك أَي رجع؛ قال الزجاج: وقيل معناه نعوذ بالله من
الرُّجُوعِ والخُروج عن الجماعة بعد الكَوْرِ، معناه بعد أَن كنا في
الكَوْرِ أَي في الجماعة؛ يقال كارَ عِمامَتَهُ على رأْسه إِذا لَفَّها، وحارَ
عِمامَتَهُ إِذا نَقَضَها. وفي المثل: حَوْرٌ في مَحَارَةٍ؛ معناه نقصان
في نقصان ورجوع في رجوع، يضرب للرجل إِذا كان أَمره يُدْبِرُ. والمَحارُ:
المرجع؛ قال الشاعر:
نحن بنو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، والنَّا
سُ كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُورْ
وقال سُبَيْعُ بن الخَطِيم، وكان بنو صُبْح أَغاروا على إِبله فاستغاث
بزيد الفوارس الضَّبِّيّ فانتزعها منهم، فقال يمدحه:
لولا الإِلهُ ولولا مَجْدُ طالِبِها،
لَلَهْوَجُوها كما نالوا مِن الْعِيرِ
واسْتَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغِ فازْدَرَدُوا،
والذَّمُّ يَبْقَى، وزادُ القَوْمِ في حُورِ
اللَّهْوَجَة: أَن لا يُبالغ في إِنضاج اللحم أَي أَكلوا لحمها من قبل
أَن ينضج وابتلعوه؛ وقوله:
والذم يبقى وزاد القوم في حور
يريد: الأَكْلُ يذهب والذم يبقى. ابن الأَعرابي: فلان حَوْرٌ في
مَحارَةٍ؛ قال: هكذا سمعته بفتح الحاء، يضرب مثلاً للشيء الذي لا يصلح أَو كان
صالحاً ففسد. والمَحارة: المكان الذي يَحُور أَو يُحارُ فيه. والباطل في
حُورٍ أَي في نقص ورجوع. وإِنك لفي حُورٍ وبُورٍ أَي في غير صنعة ولا
إِجادة. ابن هانئ: يقال عند تأْكيد المَرْزِئَةِ عليه بِقِلَّةِ النماء: ما
يَحُور فلان وما يَبُورُ، وذهب فلان في الحَوَارِ والبَوَارِ، بفتح
الأَول، وذهب في الحُورِ والبُورِ أَي في النقصان والفساد. ورجل حائر بائر،
وقد حارَ وبارَ، والحُورُ الهلاك وكل ذلك في النقصان والرجوع. والحَوْرُ:
ما تحت الكَوْرِ من العمامة لأَنه رجوع عن تكويرها؛ وكلَّمته فما رَجَعَ
إِلَيَّ حَوَاراً وحِواراً ومُحاوَرَةً وحَوِيراً ومَحُورَة، بضم الحاء،
بوزن مَشُورَة أَي جواباً.
وأَحارَ عليه جوابه: ردَّه. وأَحَرْتُ له جواباً وما أَحارَ بكلمة،
والاسم من المُحاوَرَةِ الحَوِيرُ، تقول: سمعت حَوِيرَهما وحِوَارَهما.
والمُحاوَرَة: المجاوبة. والتَّحاوُرُ: التجاوب؛ وتقول: كلَّمته فما أَحار
إِليَّ جواباً وما رجع إِليَّ خَوِيراً ولا حَوِيرَةً ولا مَحُورَةً ولا
حِوَاراً أَي ما ردَّ جواباً. واستحاره أَي استنطقه. وفي حديث علي، كرم الله
وجهه: يرجع إِليكما ابنا كما بِحَوْرِ ما بَعَثْتُما بِه أَي بجواب ذلك؛
يقال: كلَّمته فما رَدَّ إِليَّ حَوْراً أَي جواباً؛ وقيل: أَراد به
الخيبة والإِخْفَاقَ. وأَصل الحَوْرِ: الرجوع إِلى النقص؛ ومنه حديث عُبادة:
يُوشِك أَن يُرَى الرجُل من ثَبَجِ المسلمين قُرَّاء القرآن على لسان
محمد، صلى الله عليه وسلم، فأَعاده وأَبْدَأَه لا يَحُورُ فيكم إِلا كما
يَحُور صاحبُ الحمار الميت أَي لا يرجع فيكم بخير ولا ينتفع بما حفظه من
القرآن كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. وفي حديث سَطِيحٍ: فلم يُحِرْ
جواباً أَي لم يرجع ولم يَرُدَّ. وهم يَتَحاوَرُون أَي يتراجعون الكلام.
والمُحاوَرَةُ: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، وقد حاوره.
والمَحُورَةُ: من المُحاوَرةِ مصدر كالمَشُورَةِ من المُشاوَرَة كالمَحْوَرَةِ؛
وأَنشد:
لِحاجَةِ ذي بَتٍّ ومَحْوَرَةٍ له،
كَفَى رَجْعُها من قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ
وما جاءتني عنه مَحُورَة أَي ما رجع إِليَّ عنه خبر.
وإِنه لضعيف الحَوْرِ أَي المُحاوَرَةِ؛ وقوله:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَِوارَهُ
على النَّارِ، واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
ويروى: حَوِيرَه، إِنما يعني بحواره وحويره خروجَ القِدْحِ من النار أَي
نظرت الفَلَجَ والفَوْزَ.
واسْتَحار الدارَ: اسْتَنْطَقَهَا، من الحِوَارِ الذي هو الرجوع؛ عن ابن
الأَعرابي.
أَبو عمرو: الأَحْوَرُ العقل، وما يعيش فلانٌ بأَحْوَرَ أَي ما يعيش
بعقل يرجع إِليه؛ قال هُدْبَةُ ونسبه ابن سيده لابن أَحمر:
وما أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لا أَنْسَ قَوْلَها
لجارَتِها: ما إِن يَعِيشُ بأَحْوَرَا
أَراد: من الأَشياء. وحكى ثعلب: اقْضِ مَحُورَتَك أَي الأَمر الذي أَنت
فيه.
والحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ العين وسَوادُ سَوادِها وتستدير حدقتها
وترق جفونها ويبيضَّ ما حواليها؛ وقيل: الحَوَرُ شِدَّةُ سواد المُقْلَةِ
في شدّة بياضها في شدّة بياض الجسد، ولا تكون الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قال
الأَزهري: لا تسمى حوراء حتى تكون مع حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ
الجَسَدِ؛ قال الكميت:
ودامتْ قُدُورُك، للسَّاعِيَيْـ
ن في المَحْلِ، غَرْغَرَةً واحْوِرارَا
أَراد بالغَرْغَرَةِ صَوْتَ الغَلَيانِ، وبالاحورار بياضَ الإِهالة
والشحم؛ وقيل: الحَوَرُ أَن تسودّ العين كلها مثل أَعين الظباء والبقر، وليس
في بني آدم حَوَرٌ، وإِنما قيل للنساء حُورُ العِينِ لأَنهن شبهن بالظباء
والبقر.
وقال كراع: الحَوَرُ أَن يكون البياض محدقاً بالسواد كله وإِنما يكون
هذا في البقر والظباء ثم يستعار للناس؛ وهذا إِنما حكاه أَبو عبيد في
البَرَج غير أَنه لم يقل إِنما يكون في الظباء والبقر. وقال الأَصمعي: لا
أَدري ما الحَوَرُ في العين وقد حَوِرَ حَوَراً واحْوَرَّ، وهو أَحْوَرُ.
وامرأَة حَوْراءُ: بينة الحَوَرِ. وعَيْنٌ حَوْراءٌ، والجمع حُورٌ، ويقال:
احْوَرَّتْ عينه احْوِرَاراً؛ فأَما قوله:
عَيْناءُ حَورَاءُ منَ العِينِ الحِير
فعلى الإِتباع لعِينٍ؛ والحَوْراءُ: البيضاء، لا يقصد بذلك حَوَر عينها.
والأَعْرابُ تسمي نساء الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لبياضهن وتباعدهن عن
قَشَفِ الأَعراب بنظافتهن؛ قال:
فقلتُ: إِنَّ الحَوارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ،
إِذا تَفَتَّلْنَ من تَحْتِ الجَلابِيبِ
يعني النساء؛ وقال أَبو جِلْدَةَ:
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا،
ولا تَبْكِنا إِلاَّ الكِلابُ النَّوابِحُ
بكَيْنَ إِلينا خفيةً أَنْ تُبِيحَها
رِماحُ النَّصَارَى، والسُّيُوفُ الجوارِحُ
جعل أَهل الشأْم نصارى لأَنها تلي الروم وهي بلادها. والحَوارِيَّاتُ من
النساء: النَّقِيَّاتُ الأَلوان والجلود لبياضهن، ومن هذا قيل لصاحب
الحُوَّارَى:
مُحَوَّرٌ؛ وقول العجاج:
بأَعْيُنٍ مُحَوَّراتٍ حُورِ
يعني الأَعين النقيات البياض الشديدات سواد الحَدَقِ.
وفي حديث صفة الجنة: إِن في الجنة لَمُجْتَمَعاً للحُورِ العِينِ.
والتَّحْوِيرُ: التببيض. والحَوارِيُّونَ: القَصَّارُونَ لتبييضهم
لأَنهم كانوا قصارين ثم غلب حتى صار كل ناصر وكل حميم حَوارِيّاً. وقال بعضهم:
الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الذين قد خَلَصُوا لَهُمْ؛ وقال
الزجاج: الحواريون خُلْصَانُ الأَنبياء، عليهم السلام، وصفوتهم. قال: والدليل
على ذلك قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الزُّبَيْرُ ابن عمتي
وحَوارِيَّ من أُمَّتِي؛ أَي خاصتي من أَصحابي وناصري. قال: وأَصحاب النبي، صلى
الله عليه وسلم، حواريون، وتأْويل الحواريين في اللغة الذين أُخْلِصُوا
ونُقُّوا من كل عيب؛ وكذلك الحُواَّرَى من الدقيق سمي به لأَنه يُنَقَّى من
لُباب البُرِّ؛ قال: وتأْويله في الناس الذي قد روجع في اختِياره مرة بعد
مرة فوجد نَقِيّاً من العيوب. قال: وأَصل التَّحْوِيرِ في اللغة من حارَ
يَحُورُ، وهو الرجوع. والتَّحْوِيرُ: الترجيع، قال: فهذا تأْويله، والله
أَعلم. ابن سيده: وكلُّ مُبالِغٍ في نُصْرَةِ آخر حوَارِيٌّ، وخص بعضهم
به أَنصار الأَنبياء، عليهم السلام، وقوله أَنشده ابن دريد:
بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ،
ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ
إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يعني الحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وعنى بابنه
عَبْدَ اللهِو بْنَ الزبير. وقيل لأَصحاب عيسى، عليه
السلام: الحواريون للبياض، لأَنهم كانوا قَصَّارين. والحَوارِيُّ:
البَيَّاضُ، وهذا أَصل قوله، صلى الله عليه وسلم، في الزبير: حَوارِيَّ من
أُمَّتي، وهذا كان بدأَه لأَنهم كانوا خلصاء عيسى وأَنصاره، وأَصله من
التحوير التبييض، وإِنما سموا حواريين لأَنهم كانوا يغسلون الثياب أَي
يُحَوِّرُونَها، وهو التبييض؛ ومنه الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ ومنه قولهم: امرأَة
حَوارِيَّةٌ إِذا كانت بيضاء. قال: فلما كان عيسى بن مريم، على نبينا وعليه
السلام، نصره هؤلاء الحواريون وكانوا أَنصاره دون الناس قيل لناصر نبيه
حَوارِيُّ إِذا بالغ في نُصْرَتِه تشبيهاً بأُولئك. والحَوارِيُّونَ:
الأَنصار وهم خاصة أَصحابه. وروى شمر أَنه قال: الحَوارِيُّ الناصح وأَصله
الشيء الخالص، وكل شيء خَلَصَ لَوْنُه، فهو حَوارِيٌّ. والأَحْوَرِيُّ:
الأَبيض الناعم؛ وقول الكميت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً،
عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا
يريد بياض زَبَدِ القِدْرِ. والمرضوفة: القدر التي أُنضجت بالرَّضْفِ،
وهي الحجارة المحماة بالنار. ولم تؤْن أَي لم تحبس. والاحْوِرَارُ:
الابْيِضاضُ. وقَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قال أَبو المهوش
الأَسدي:
يا وَرْدُ إِنِّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ،
فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟
يعني المُبْيَضَّةَ. قال ابن بري: وورد ترخيم وَرْدَة، وهي امرأَته،
وكانت تنهاه عن إِضاعة ماله ونحر إِبله فقال ذلك: الأَزهري في الخماسي:
الحَوَرْوَرَةُ البيضاء. قال: هو ثلاثي الأَصل أُلحق بالخماسي لتكرار بعض
حروفها. والحَوَرُ: خشبة يقال لها البَيْضاءُ.
والحُوَّارَى: الدقيق الأَبيض، وهو لباب الدقيق وأَجوده وأَخلصه.
الجوهري: الحُوَّارَى، بالضم وتشديد الواو والراء مفتوحة، ما حُوِّرَ من الطعام
أَي بُيّصَ. وهذا دقيق حُوَّارَى، وقد حُوِّرَ الدقيقُ وحَوَّرْتُه
فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ. وعجين مُحَوَّر، وهو الذي مسح وجهه بالماء حتى صفا.
والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض الناعم من أَهل القرى؛ قال عُتَيْبَةُ بن
مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:
تكُفُّ شَبَا الأَنْيَابِ منها بِمِشْفَرٍ
خَرِيعٍ، كَسِبْتِ الأَحْوَرِيِّ المُخَصَّرِ
والحَوُْر: البَقَرُ لبياضها، وجمعه أَحْوارٌ؛ أَنشد ثعلب:
للهِ دَرُّ منَازِل ومَنازِل،
إِنَّا بُلِينَ بها ولا الأَحْوارُ
والحَوَرُ: الجلودُ البِيضُ الرِّقَاقُ تُعمل منها الأَسْفَاطُ، وقيل:
السُّلْفَةُ، وقيل: الحَوَرُ الأَديم المصبوغ بحمرة. وقال أَبو حنيفة: هي
الجلود الحُمْرُ التي ليست بِقَرَظِيَّةٍ، والجمع أَحْوَارٌ؛ وقد
حَوَّرَهُ. وخُفَّ مُحَوَّرٌ بطانته بِحَوَرٍّ؛ وقال الشاعر:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَقٌ،
كأَنَّما قُدَّ في أَثْوابِه الحَوَرُ
الجوهري: الحَوَرُ جلود حمر يُغَشَّى بها السِّلالُ، الواحدةُ حَوَرَةٌ؛
قال العجاج يصف مخالف البازي:
بِحَجَباتٍ يَتَثَقَّبْنَ البُهَرْ،
كأَنَّما يَمْزِقْنَ باللَّحْمِ الحَوَرْ
وفي كتابه لِوَفْدِ هَمْدَانَ: لهم من الصدقة الثِّلْبُ والنَّابُ
والفَصِيلُ والفَارِضُ والكَبْشُ الحَوَرِيُّ؛ قال ابن الأَثير: منسوب إِلى
الحَوَرَِ، وهي جلود تتخذ من جلود الضأْن، وقيل: هو ما دبغ من الجلود بغير
القَرَظِ، وهو أَحد ما جاء على أَصله ولم يُعَلَّ كما أُعلَّ ناب.
والحُوَارُ والحِوَارُ، الأَخيرة رديئة عند يعقوب: ولد الناقة من حين
يوضع إِلى أَن يفطم ويفصل، فإِذا فصل عن أُمه فهو فصيل، وقيل: هو حُوَارٌ
ساعةَ تضعه أُمه خاصة، والجمع أَحْوِرَةٌ وحِيرانٌ فيهما. قال سيبويه:
وَفَّقُوا بين فُعَالٍ وفِعَال كما وَفَّقُوا بين فُعالٍ وفَعِيلٍ، قال: وقد
قالوا حُورَانٌ، وله نظير، سمعت العرب تقول رُقاقٌ ورِقاقٌ، والأُنثى
بالهاء؛ عن ابن الأَعرابي. وفي التهذيب: الحُوَارُ الفصيل أَوَّلَ ما ينتج.
وقال بعض العرب: اللهم أَحِرْ رِباعَنا أَي اجعل رباعنا حِيراناً؛
وقوله:أَلا تَخافُونَ يوماً، قَدْ أَظَلَّكُمُ
فيه حُوَارٌ، بِأَيْدِي الناسِ، مَجْرُورُ؟
فسره ابن الأَعرابي فقال: هو يوم مَشْؤُوم عليكم كَشُؤْم حُوارِ ناقة
ثمود على ثمود.
والمِحْوَرُ: الحديدة التي تجمع بين الخُطَّافِ والبَكَرَةِ، وهي أَيضاً
الخشبة التي تجمع المَحَالَةَ. قال الزجاج: قال بعضهم قيل له مِحْوَرٌ
للدَّوَرَانِ لأَنه يرجع إِلى المكان الذي زال عنه، وقيل: إِنما قيل له
مِحْوَرٌ لأَنه بدورانه ينصقل حتى يبيض. ويقال للرجل إِذا اضطرب أَمره: قد
قَلِقَتْ مَحاوِرُه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يا مَيُّ ما لِي قَلِقَتْ مَحاوِرِي،
وصَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرائِرِي؟
يقول: اضطربت عليّ أُموري فكنى عنها بالمحاور. والحديدة التي تدور عليها
البكرة يقال لها: مِحْورٌ. الجوهري: المِحْوَرُ العُودُ الذي تدور عليه
البكرة وربما كان من حديد. والمِحْوَرُ: الهَنَةُ والحديدة التي يدور
فيها لِسانُ الإِبْزِيمِ في طرف المِنْطَقَةِ وغيرها. والمِحْوَرُ: عُودُ
الخَبَّازِ. والمِحْوَرُ: الخشبة التي يبسط بها العجين يُحَوّرُ بها الخبز
تَحْوِيراً. قال الأَزهري: سمي مِحْوَراً لدورانه على العجين تشبيهاً
بمحور البكرة واستدارته.
وحَوَّرَ الخُبْزَةَ تَحْوِيراً: هَيَّأَها وأَدارها ليضعها في
المَلَّةِ. وحَوَّرَ عَيْنَ الدابة: حَجِّرَ حولها بِكَيٍّ وذلك من داء يصيبها،
والكَيَّةُ يقال لها الحَوْراءُ، سميت بذلك لأَن موضعها يبيضُّ؛ ويقال:
حَوِّرْ عينَ بعيرك أَي حَجَّرْ حولها بِكَيٍّ. وحَوَّرَ عين البعير: أَدار
حولها مِيسَماً. وفي الحديث: أَنه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ على
عاتقه حَوْراءَ؛ وفي رواية: وجد وجعاً في رقبته فَحَوَّرَهُ رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، بحديدة؛ الحَوْراءُ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ، وهي من حارَ
يَحُورُ إِذا رجع. وحَوَّرَه: كواه كَيَّةً فأَدارها. وفي الحديث: أَنه
لما أُخْبِرَ بقتل أَبي جهل قال: إِن عهدي به وفي ركبتيه حَوْراءُ فانظروا
ذلك، فنطروا فَرَأَوْهُ؛ يعني أَثَرَ كَيَّةٍ كُوِيَ بها.
وإِنه لذو حَوِيرٍ أَي عداوة ومُضَادَّةٍ؛ عن كراع. وبعض العرب يسمي
النجم الذي يقال له المُشْتَري: الأَحْوَرَ. والحَوَرُ: أَحد النجوم الثلاثة
التي تَتْبَعُ بنات نَعْشٍ، وقيل: هو الثالث من بنات نعش الكبرى اللاصق
بالنعش.
والمَحارَةُ: الخُطُّ والنَّاحِيَةُ. والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ أَو
نحوها من العظم، والجمع مَحاوِرُ ومَحارٌ؛ قال السُّلَيْكُ
بْنُ السُّلَكَةِ:
كأَنَّ قَوَائِمَ النِّخَّامِ، لَمَّا
تَوَلَّى صُحْبَتِي أَصْلاً، مَحارُ
أَي كأَنها صدف تمرّ على كل شيء؛ وذكر الأَزهري هذه الترجمة أَيضاً في
باب محر، وسنذكرها أَيضاً هناك. والمَحارَةُ: مرجع الكتف. ومَحَارَةُ
الحَنَكِ: فُوَيْقَ موضع تَحْنيك البَيْطار. والمَحارَةُ: باطن الحنك.
والمَحارَةُ: مَنْسِمُ البعير؛ كلاهما عن أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي.
التهذيب: المَحارَةُ النقصان، والمَحارَةُ: الرجوع، والمَحارَةُ:
الصَّدَفة.والحَوْرَةُ: النُّقْصانُ. والحَوْرَةُ: الرَّجْعَةُ.
والحُورُ: الاسم من قولك: طَحَنَتِ الطاحنةُ فما أَحارتْ شيئاً أَي ما
رَدَّتْ شيئاً من الدقيق؛ والحُورُ: الهَلَكَةُ؛ قال الراجز:
في بِئْرٍ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
قال أَبو عبيدة: أَي في بئر حُورٍ، ولا زَيادَةٌ. وفلانٌ حائِرٌ بائِرٌ:
هذا قد يكون من الهلاك ومن الكَسادِ. والحائر: الراجع من حال كان عليها
إِلى حال دونها، والبائر: الهالك؛ ويقال: حَوَّرَ الله فلاناً أَي خيبه
ورَجَعَهُ إِلى النقص.
والحَوَر، بفتح الواو: نبت؛ عن كراع ولم يُحَلِّه. وحَوْرانُ، بالفتح:
موضع بالشام. وما أَصبت منه حَوْراً وحَوَرْوَراً أَي شيئاً.
وحَوَّارُونَ: مدينة بالشام؛ قال الراعي:
ظَلِلْنَا بِحَوَّارِينَ في مُشْمَخِرَّةٍ،
تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا وثُلُوجُ
وحَوْرِيتُ: موضع؛ قال ابن جني: دخلت على أَبي عَلِيٍّ فحين رآني قال:
أَين أَنت؟ أَنا أَطلبك، قلت: وما هو؟ قال: ما تقول في حَوْرِيتٍ؟ فخضنا
فيه فرأَيناه خارجاً عن الكتاب، وصَانَعَ أَبو علي عنه فقال: ليس من لغة
ابني نِزَارٍ، فأَقَلَّ الحَفْلَ به لذلك؛ قال: وأَقرب ما ينسب إِليه أَن
يكون فَعْلِيتاً لقربه من فِعْلِيتٍ، وفِعْلِيتٌ موجود.
حشر: حَشَرَهُم يَحْشُرُهم ويَحْشِرُهم حَشْراً: جمعهم؛ ومنه يوم
المَحْشَرِ. والحَشْرُ: جمع الناس يوم القيامة. والحَشْرُ: حَشْرُ يوم القيامة.
والمَحْشَرُ: المجمع الذي يحشر إِليه القوم، وكذلك إِذا حشروا إِلى بلد
أَو مُعَسْكَر أَو نحوه؛ قال الله عز وجل: لأَوَّلِ الحَشْرِ ما ظننتم
أَن يخرجوا؛ نزلت في بني النَّضِير، وكانوا قوماً من اليهود عاقدوا النبي،
صلى الله عليه وسلم، لما نزل المدينة أَن لا يكونوا عليه ولا له، ثم
نقضوا العهد ومايلوا كفار أَهل مكة، فقصدهم النبي، صلى الله عليه وسلم،
ففارقوه على الجَلاءِ من منازلهم فَجَلَوْا إِلى الشام. قال الأَزهري: هو أَول
حَشْرٍ حُشِر إِلى أَرض المحشر ثم يحشر الخلق يوم القيامة إِليها، قال:
ولذلك قيل: لأَوّل الحشر، وقيل: إِنهم أَول من أُجْلِيَ من أَهل الذمة من
جزيرة العرب ثم أُجلي آخرهم أَيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، منهم
نصارى نَجْرَانَ ويهودُ خيبر. وفي الحديث: انقطعت الهجرة إِلاَّ من ثلاث:
جهاد أَو نيَّة أَو حَشْرٍ، أَي جهاد في سبيل الله، أَو نية يفارق بها
الرجل الفسق والفجور إِذا لم يقدر على تغييره، أَو جَلاءٍ ينال الناسَ
فيخرجون عن ديارهم. والحَشْرُ: هو الجَلاءُ عن الأَوطان؛ وقيل: أَراد بالحشر
الخروج من النفير إِذا عم. الجوهري: المَحْشِرُ، بكسر الشين، موضع
الحَشْرِ.
والحاشر: من أَسماء سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، لأَنه قال:
أَحْشُر الناسَ على قَدَمِي؛ وقال، صلى الله عليه وسلم: لي خمسة أَسماء:
أَنا محمد وأَحمد والماحي يمحو الله بي الكفر، والحاشر أَحشر الناس على
قدمي، والعاقب. قال ابن الأَثير: في أَسماء النبي، صلى الله عليه وسلم،
الحاشر الذي يَحْشُر الناس خلفه وعلى ملته دون ملة غيره. وقوله، صلى الله
عليه وسلم: إِني لي أَسماء؛ أَراد أَن هذه الأَسماء التي عدّها مذكورة في
كتب الله تعالى المنزلة على الأُمم التي كذبت بنبوَّته حجة عليهم. وحَشَرَ
الإِبلَ: جمعها؛ فأَما قوله تعالى: ما فرّطنا في الكتاب من شيءٍ ثم إِلى
ربهم يُحْشَرُونَ؛ فقيل: إِن الحشر ههنا الموت، وقيل: النَّشْرُ،
والمعنيان متقاربان لأَنه كله كَفْتٌ وجَمْعٌ. الأَزهري: قال الله عز وجل:
وإِذا الوحوش حُشرت، وقال: ثم إِلى ربهم يحشرون؛ قال: أَكثر المفسرين تحشر
الوحوش كلها وسائر الدواب حتى الذباب للقصاص، وأَسندوا ذلك إِلى النبي، صلى
الله عليه وسلم، وقال بعضهم: حَشْرُها موتها في الدنيا. قال الليث: إِذا
أَصابت الناسَ سَنَةٌ شديدة فأَجحفت بالمال وأَهلكت ذوات الأَربع، قيل:
قد حَشَرَتْهُم السنة تَحْشُرهم وتَحْشِرهم،وذلك أَنها تضمهم من النواحي
إِلى الأَمصار. وحَشَرَتِ السنةُ مال فلان: أَهلكته؛ قال رؤبة:
وما نَجا، من حَشْرِها المَحْشُوشِ،
وَحْشٌ، ولا طَمْشٌ من الطُّموشِ
والحَشَرَةُ: واحدة صغار دواب الأَرض كاليرابيع والقنافذ والضِّبابِ
ونحوها، وهو اسم جامع لا يفرد الواحد إِلاَّ أَن يقولوا: هذا من الحَشَرَةِ،
ويُجْمَعُ مُسَلَّماً؛ قال:
يا أُمَّ عَمْرٍو مَنْ يكن عُقْرَ حوَّا
ء عَدِيٍّ يأَكُلُ الحَشَراتِ
(* قوله: «يا أم عمرو» إلخ كذا في نسخة المؤلف).
وقيل: الحَشَراتُ هَوامُّ الأَرض مما لا اسم له. الأَصمعي: الحَشَراتُ
والأَحْراشُ والأَحْناشُ واحد، وهي هوام الأَرض. وفي حديث الهِرَّةِ: لم
تَدَعْها فتأْكل من حَشَراتِ الأَرض؛ وهي هوام الأَرض، ومنه حديث
التِّلِبِّ: لم أَسمع لحَشَرَةِ الأَرضِ تحريماً؛ وقيل: الصيد كله حَشَرَةٌ، ما
تعاظم منه وتصاغر؛ وقيل: كُلُّ ما أُكِلَ من بَقْل الأَرضِ حَشَرَةٌ.
والحَشَرَةُ أَيضاً: كُلُّ ما أُكِلَ من بَقْلِ الأَرض كالدُّعاعِ والفَثِّ.
وقال أَبو حنيفة: الحَشَرَةُ القِشْرَةُ التي تلي الحَبَّة، والجمع
حَشَرٌ. وروي ابن شميل عن ابن الخطاب قال: الحَبَّة عليها قشرتان، فالتي تلي
الحبة الحَشَرَةُ، والجمع الحَشَرُ، والتي فوق الحَشَرَةِ القَصَرَةُ.
قال الأَزهري: والمَحْشَرَةُ في لغة أَهل اليمن ما بقي في الأَرض وما
فيها من نبات بعدما يحصد الزرع، فربما ظهر من تحته نبات أَخضر فتلك
المَحْشَرَةُ. يقال: أَرسلوا دوابهم في المَحْشَرَةِ.
وحَشَرَ السكين والسِّنانَ حَشْراً: أَحَدَّهُ فَأَرَقَّهُ وأَلْطَفَهُ؛
قال:
لَدْنُ الكُعُوبِ ومَحْشُورٌ حَدِيدَتُهُ،
وأَصْمَعٌ غَيْرُ مَجْلُوزٍ على قَضَمِ
المجلوز: المُشدَّدُ تركيبه من الجَلْزِ الذي هو الليُّ والطَّيُّ.
وسِنانٌ حَشْرٌ: دقيق؛ وقد حَشَرْتُه حَشْراً. وفي حديث جابر: فأَخذتُ
حَجَراً من الأَرض فكسرته وحَشَرْتُه، قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية وهو
من حَشَرْتُ السِّنان إِذا دَقَّقْته، والمشهور بالسين، وقد تقدم.
وحَرْبَةٌ حَشْرَةٌ: حَدِيدَةٌ. الأَزهري في النوادر: حُشِرَ فلان في ذكره وفي
بطنه، وأُحْثِلَ فيهما إِذا كانا ضخمين من بين يديه. وفي الحديث: نار
تطرد الناسَ إِلى مَحْشَرهم؛ يريد به الشام لأَن بها يحشر الناس ليوم
القيامة. وفي الحديث الآخر: وتَحْشُرُ بقيتهم إِلى النار؛ أَي تجمعهم وتسوقهم.
وفي الحديث: أَن وَفْدَ ثَقِيفٍ اشترطوا أَن لا يُعْشَرُوا ولا
يُحْشرُوا؛ أَي لا يُنْدَبُونَ إِلى المغازي ولا تضرب عليهم البُعُوث، وقيل: لا
يحشرون إِلى عامل الزكاة ليأْخذ صدقة أَموالهم بل يأْخذها في أَماكنهم؛
ومنه حديث صُلْحِ أَهلِ نَجْرانَ: على أَن لا يُحْشَرُوا؛ وحديث النساء: لا
يُعْشَرْنَ ولا يُحْشَرْن؛ يعني للغَزَاةِ فإِن الغَزْوَ لا يجب عليهن.
والحَشْرُ من القُذَذِ والآذان: المُؤَلَّلَةُ الحَدِيدَةُ، والجمعُ
حُشُورٌ؛ قال أُمية بن أَبي عائذ:
مَطارِيحُ بالوَعْثِ مُرُّ الحُشُو
رِ، هاجَرْنَ رَمَّاحَةً زَيْزَفُونا
والمَحْشُورَةُ: كالحَشْرِ. الليث: الحَشْرُ من الآذان ومن قُذَدِ رِيشِ
السِّهامِ ما لَطُفَ كأَنما بُرِيَ بَرْياً. وأُذُنٌ حَشْرَةٌ وحَشْرٌ:
صغيرة لطيفة مستديرة؛ وقال ثعلب: دقيقة الطَّرَفِ، سميت في الأَخيرة
بالمصدر لأَنها حُشِرَتْ حَشْراً أَي صُغِّرَتْ وأُلطفت. وقال الجوهري:
كأَنها حُشِرَتْ حَشْراً أَي بُرِيَتْ وحُدِّدَتْ، وكذلك غيرها؛ فرس حَشْوَرٌ،
والأُنثى حَشْوَرَةٌ. قال ابن سيده: من أَفرده في الجمع ولم يؤَنث فلهذه
العلة؛ كما قالوا: رجل عَدْلٌ ونسوة عَدْلٌ، ومن قال حَشْراتٌ فعلى
حَشْرَةٍ، وقيل: كلُّ لطيف دقيق حَشْرٌ. قال ابن الأَعرابي: يستحب في البعير
أَن يكون حَشْرَ الأُذن، وكذلك يستحب في الناقة؛ قال ذو الرمة:
لها أُذُنٌ حَشْرٌ وذِفْرَى لَطِيفَةٌ،
وخَدَّ كَمِرآةِ الغَرِيبَة أَسْجَحُ
(* قوله: «وخد كمرآة الغريبة» في الأساس: يقال وجه كمرآة الغريبة لأَنها
في غير قومها، فمرآتها مجلوّة أَبداً لأَنه لا ناصح لها في وجهها).
الجوهري: آذان حَشْرٌ لا يثنى ولا يجمع لأَنه مصدر في الأَصل مثل قولهم
ماء غَوْرٌ وماء سَكْبٌ، وقد قيل: أُذن حَشْرَةٌ؛ قال النمر بن تولب:
لها أُذُنٌ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ،
كإِعْلِيط مَرْخٍ إِذا ما صَفِرْ
وسهم مَحْشُورُ وحَشْرٌ: مستوي قُذَذِ الرِّيشِ. قال سيبويه: سهم حَشْرٌ
وسهام حَشْرٌ؛ وفي شعر هذيل: سهم حَشِرٌ، فإِما أَن يكون على النسب
كطَعِمٍ، وإِما أَن يكون على الفعل توهموه وإِن لم يقولوا حَشِرَ؛ قال أَبو
عمارة الهذلي:
وكلُّ سهمٍ حَشِرٍ مَشُوفِ
المشوف: المَجْلُوُّ. وسهم حَشْرٌ: مُلْزَقٌ جيد القُذَذِ، وكذلك الريش.
وحَشَرَ العودَ حَشْراً: براه. والحَشْرُ: اللَّزجُ في القَدَحِ من
دَسَمِ اللبنِ؛ وقيل: الحَشْرُ اللَّزِجُ من اللبن كالحَشَنِ. وحُشِرَ عن
الوَطْبِ إذا كثر وسخ اللبن عليه فَقُشِرَ عنه؛ رواه ابن الأَعرابي؛ وقال
ثعلب: إِنما هو حُشِنَ، وكلاهما على صيغة فعل المفعول.
وأَبو حَشْرٍ: رجل من العرب.
والحَشْوَرُ من الدواب: المُلَزَّرِ الخَلْقُ، ومن الرجال: العظيم
البطن؛ وأَنشد:
حَشْوَرَةُ الجَنْبَيْنِ مَعْطاءُ القفَا
وقيل: الحَشْوَرُ مثال الجَرْوَلِ المنتفخ الجنبين، والأُنثى بالهاء،
والله أَعلم.
حثر: الأَزهري: الحَثَرَةُ انْسِلاقُ العَيْنِ، وتصغيرها حُثَيْرَةٌ.
ابن سيده: الحَثَرُ خشونة يجدها الرجل في عينه من الرَّمَصِ، وقيل: هو أَن
يخرج فيها حب أَحمر، وهو بَثْرٌ يخرج في الأَجفان، وقد حَثِرَتْ عينه
تَحْثَرُ.
وحَثِرَ العَسَلُ حَثَراً: تحبب، وهو عسل حائِرٌ وحَثِرٌ. وحَثِرَ
الدِّبْسُ حَثَراً: خَثُرَ وتَحَبَّبَ. وطعام حَثِرٌ: مُنْتَثِر لا خير فيه
إِذا جمع بالماء انْتَثَرَ من نواحيه، وقد حَثِرَ حَثَراً. الأَزهري:
الدواء إِذا بُلَّ وعُجِنَ فلم يجتمع وتناثر، فهو حَثِرٌ. ابن الأَعرابي:
حَثَّرَ الدَّواءَ إِذا حَبَّبَهُ، وحَثِرَ إِذا تَحَبَّبَ. وفؤاد حَثِرٌ: لا
يَعِي شيئاً، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر. وأُذُنٌ حَثِرَةٌ إِذا لم
تَسْمَعْ سمعاً جَيِّداً. ولسان حَثِرٌ: لا يجد طعم الطعام. وحَثِرَ
الشيءُ حَثَراً، فهو حَثِرٌ وحَثْرٌ: اتسع.
وحَثَرَةُ الغَضَا: ثمرة تخرج فيه أَيامَ الصَّفَرِيَّةِ تَسْمَنُ عليها
الإِبل وتُلْبِنُ. وحَثَرَةُ الكَرم: زَمَعَتُه بَعْدَ الإِكْماخِ.
والحَثَرُ: حَبُّ العُنْقُود إِذا تَبَيَّنَ؛ هذه عن أَبي حنيفة. والحَثَرُ
من العنب: ما لم يُونعْ وهو حامض صُلْبٌ لم يُشْكِلْ ولم يَتَمَوَّه.
والحَثَرُ: حب العنب وذلك بعد البَرَمِ حين يصير كالجُلْجُلانِ. والحَثَرُ:
نَوْرُ العنب؛ عن كراع. وحُثَارَةُ التِّبْنِ: حُطامه، لغة في الحُثالَةِ؛
قال ابن سيده: وليس بِثَبَتٍ.
والحَوْثَرَةُ: الكَمَرَة. الجوهري: الحَوْثَرَةُ الفيْشَةُ الضخمة، وهي
الكَوْشَلَةُ والفَيْشَلَةُ؛ والحَثَرَةُ من الجِبَأَةِ كأَنها تراب
مجموع فإِذا قُلِعَتْ رأَيت الرمل حولها. والحَثَرُ: ثمر الأَراك، وهو
البَرِيرُ. وحَثِرَ الجلد: بَثِرَ؛ قال الراجز:
رَأَتْهُ شَيْخاً حَثِرَ المَلامِح
وهي ما حول الفم
(* هي: عائدة إِلى الملامح). ويقال: أَحْثَرَ النخلُ
إِذا تشقق طَلْعُه وكان حبه كالحَثَراتِ الصغار قبل أَن تصير حَصَلاً.
وحَوْثَرَةُ: اسم. وبنو حَوْثَرَةَ: بطن من عبد القيس، ويقال لهم
الحواثر، وهم الذين ذكرهم المتلمس بقوله:
لَنْ يَرْحَضَ السَّوْآتِ عن أَحْسابِكُمْ
نَعَمُ الحَواثِر، إِذ تُساقُ لمَعْبَدِ
وهذا البيت أَنشده الجوهري: إِذا تساق بمعبد. وصواب إِنشاده: لمعبد،
باللام، كما أَنشدناه، ومَعْبَدٌ: هو أَخو طَرَفَةَ وكان عمرو بن هند لما
قتل طرفة ودَاهُ بِنَعَمٍ أَصابها من الحَواثِر وسيقت إِلى معبد.
وحَوْثَرَةُ: هو ربيعة بن عمرو بن عوف ابن أَنْمَارِ بن وَدِيَعَة بن لُكَيْزِ بن
أَفْصَى بن عبد القيس، وكان من حديثه أَن امرأَة أَتته بِعُسٍّ من لبن
فاستامت فيه سِيمَةً غالية، فقال لها: لو وضعتُ فيه حَوْثَرَتي لملأته،
فسمي حَوْثَرَةَ. والحَوْثَرة: الحَشَفةُ رَأْسُ الذكر. وقال الأَزهري في
ترجمة حتر: الحَتِيرَة الوكيرة، وهو طعام يصنع عند بناء البيت؛ قال
الأَزهري: وأَنا واقف في هذا الحرف، وبعضهم يقول حثيرة، بالثاء.
سجر: سَجَرَه يَسْجُرُه سَجْراً وسُجوراً وسَجَّرَه: ملأَه. وسَجَرْتُ
النهَرَ: ملأْتُه. وقوله تعالى: وإِذا البِحارُ سُجِّرَت؛ فسره ثعلب فقال:
مُلِئَتْ، قال ابن سيده: ولا وجه له إِلا أَن تكون مُلِئَت ناراً. وقوله
تعالى: والبحرِ المَسْجُورِ؛ جاء في التفسير: أَن البحر يُسْجَر فيكون
نارَ جهنم. وسَجَرَ يَسْجُر وانْسَجَرَ: امتلأَ. وكان علي بن أَبي طالب،
عليه السلام، يقول: المسجورُ بالنار أَي مملوء. قال: والمسجور في كلام
العرب المملوء. وقد سَكَرْتُ الإِناء وسَجَرْته إِذا ملأْته؛ قال لبيد:
مَسْجُورةً مُتَجاوراً قُلاَّمُها
وقال في قوله: وإِذا البِحارُ سُجِّرَت؛ أَفضى بعضها إِلى بعض فصارت
بحراً واحداً. وقال الربيع: سُجِّرَتْ أَي فاضت، وقال قتادة: ذَهَب ماؤها،
وقال كعب: البحر جَهنم يُسْجَر، وقال الزجاج: قرئ سُجِّرت وسُجِرَت،
ومعنى سُجِّرَت فُجِّرَت، وسُجِرَت مُلِئَتْ؛ وقيل: جُعِلَت مَبانِيها
نِيرانَها بها أَهْلُ النار. أَبو سعيد: بحر مسجورٌ ومفجورٌ. ويقال: سَجَّرْ
هذا الماءَ أَي فَجّرْه حيث تُرِيدُ. وسُجِرَت الثِّماد
(* قوله: «وسجرت
الثماد» كذا بالأَصل المعوّل عليه ونسخة خط من الصحاح أَيضاً، وفي المطبوع
منه الثمار بالراء وحرر، وقوله وكذلك الماء إلخ كذا بالأَصل المعوّل عليه
والذي في الصحاح وذلك وهو الأولى). سَجْراً: مُلِئت من المطر وكذلك
الماءُ سُجْرَة، والجمع سُجَر، ومنه البحر المسجور. والساجر: الموضع الذي
يمرّ به السيل فيملؤه، على النسب، أَو يكون فاعلاً في معنى مفعول، والساجر:
السيل الذي يملأ كل شيء. وسَجَرْت الماء في حلقه: صببته؛ قال مزاحم:
كما سَجَرَتْ ذا المَهْدِ أُمٌّ حَفِيَّةٌ،
بِيُمْنَى يَدَيْها، مِنْ قَدِيٍّ مُعَسَّلِ
القَدِيُّ: الطَّيِّبُ الطَّعْمِ من الشراب والطعام. ويقال:
(* قوله:
«ويقال إلخ» عبارة الأساس ومررنا بكل حاجر وساجر وهو كل مكان مر به السيل
فملأه). وَرَدْنا ماءً ساجِراً إذا ملأَ السيْلُ. والساجر: الموضع الذي
يأْتي عليه السيل فيملؤه؛ قال الشماخ:
وأَحْمَى عليها ابْنَا يَزِيدَ بنِ مُسْهِرٍ،
بِبَطْنِ المَراضِ، كلَّ حِسْيٍ وساجِرِ
وبئر سَجْرٌ: ممتلئة والمَسْجُورُ: الفارغ من كل ما تقدم، ضِدٌّ؛ عن
أَبي علي. أَبو زيد: المسجور يكون المَمْلُوءَ ويكون الذي ليس فيه شيء.
الفراء: المَسْجُورُ اللبنُ الذي ماؤه أَكثر من لبنه. والمُسَجَّرُ: الذي غاض
ماؤه.
والسَّجْرُ: إيقادك في التَّنُّور تَسْجُرُه بالوَقُود سَجْراً.
والسَّجُورُ: اسم الحَطَب. وسَجَرَ التَّنُّورَ يَسْجُرُه سَجْراً: أَوقده
وأَحماه، وقيل: أَشبع وَقُودَه. والسَّجُورُ: ما أُوقِدَ به. والمِسْجَرَةُ:
الخَشَبة التي تَسُوطُ بها فيه السَّجُورَ. وفي حديث عمرو بن العاص:
فَصَلِّ حتى يَعْدِلَ الرُّمْحَ ظَلُّه ثم اقْصُرْ فإِن جهنم تُسْجَرُ وتُفتح
أَبوابُها أَي توقد؛ كأَنه أَراد الإِبْرادَ بالظُّهر لقوله، صلى الله
عليه وسلم: أَبْرِدُوا بالظهر فإِن شِدَّةَ الحرّ من فَيْحِ جهنم، وقيل:
أَراد به ما جاء في الحديث الآخر: إِنّ الشمس إِذا استوتْ قارَنَها
الشيطانُ فإِذا زالت فارَقَها؛ فلعل سَجْرَ جهنم حينئذٍ لمقارنة الشيطانِ الشمسَ
وتَهْيِئَتِه لأَن يَسْجد له عُبَّادُ الشمس، فلذلك نهى عن ذلك في ذلك
الوقت؛ قال الخطابي، رحمه الله تعالى: قوله تُسْجَرُ جهنم وبين قرني
الشيطان وأَمثالها من الأَلفاظ الشرعية التي ينفرد الشارع بمعانيها ويجب علينا
التصديقُ بها والوُقوفُ عند الإِقرار بصحتها والعملُ بِمُوجَبِها.
وشَعْرٌ مُنْسَجِرٌ وَمَسْجُورٌ
(* قوله: «ومسجور» في القاموس مسوجر،
وزاد شارحه ما في الأصل): مسترسل؛ قال الشاعر:
إِذا ما انْثَنَى شَعْرُه المُنْسَجِرْ
وكذلك اللؤلؤُ لؤلؤٌ مسجورٌ إِذا انتثر من نظامه.
الجوهري: اللؤلؤُ المَسْجُورُ المنظومُ المسترسل؛ قال المخبل السعدي
واسمه ربيعة بن مالك:
وإِذ أَلَمَّ خَيَالُها طَرَفَتْ
عَيْني، فماءُ شُؤُونها سَجْمُ
كاللُّؤْلُؤِ المَسْجُورِ أُغفِلَ في
سِلْكِ النِّظامِ، فخانه النَّظْمُ
أَي كأَنَّ عيني أَصابتها طَرْفَةٌ فسالت دموعها منحدرة، كَدُرٍّ في
سِلْكٍ انقطع فَتَحَدَّرَ دُرُّه؛ والشُّؤُونُ: جمعُ شَأْنٍ، وهو مَجْرَى
الدمع إِلى العين. وشعر مُسَجَّرٌ: مُرَجَّلٌ. وسَجَرَ الشيءَ سَجْراً:
أَرسله، والمُسَجَّرُ: الشعَر المُرْسَل؛ وأَنشد:
إِذا ثُني فَرْعُها المُسَجَّر
ولؤلؤة مَسْجُورَةٌ: كثيرة الماء. الأَصمعي: إِذا حنَّت الناقة
فَطَرِبَتْ في إِثر ولدها قيل: سَجَرَت الناقةُ تَسْجُرُ سُجوراً وسَجْراً
ومَدَّتْ حنينها؛ قال أَبو زُبَيْد الطائي في الوليد بن عثمان بن عفان، ويروى
أَيضاً للحزين الكناني:
فإِلى الوليدِ اليومَ حَنَّتْ ناقتي،
تَهْوِي لِمُغْبَرِّ المُتُونِ سَمَالِقِ
حَنَّتْ إِلى بَرْقٍ فَقُلْتُ لها: قُرِي
بَعْضَ الحَنِينِ، فإِنَّ سَجْرَكِ شائقي
(* قوله: «إلى برق» كذا في الأَصل بالقاف، وفي الصحاح أَيضاً. والذي في
الأَساس إلى برك، واستصوبه السيد مرتضى بهامش الأصل).
كَمْ عِنْدَه من نائِلٍ وسَماحَةٍ،
وشَمائِلٍ مَيْمُونةٍ وخَلائق
قُرِي: هو من الوَقارِ والسكون، ونصب به بعض الحنين على معنى كُفِّي عن
بعض الحنين فإِنَّ حنينك إِلى وطنك شائقي لأَنه مُذَكِّر لي أَهلي ووطني.
والسَّمالِقُ: جمعُ سَمْلَق، وهي الأَرض التي لا نبات بها. ويروى:
قِرِي، من وَقَرَ. وقد يستعمل السَّجْرُ في صَوْتِ الرَّعْدِ. والساجِرُ
والمَسْجُورُ: الساكن. أَبو عبيد: المَسْجُورُ الساكن والمُمْتَلِئُ
معاً.والساجُورُ: القِلادةُ أَو الخشبة التي توضع في عنق الكلب. وسَجَرَ
الكلبَ والرجلَ يَسْجُرُه سَجْراً: وضع الساجُورَ في عنقه؛ وحكى ابن جني:
كلبٌ مُسَوْجَرٌ، فإِن صح ذلك فشاذٌّ نادر. أَبو زيد: كتب الحجاج إِلى عامل
له أَنِ ابْعَثْ إِليَّ فلاناً مُسَمَّعاً مُسَوْجَراً أَي مُقَيَّداً
مغلولاً. وكلب مَسْجُورٌ: في عنقه ساجورٌ.
وعين سَجْراءُ: بَيِّنَةُ السَّجَرِ إِذا خالط بياضها حمرة. التهذيب:
السَّجَرُ والسُّجْرَةُ حُمْرَةٌ في العين في بياضها، وبعضهم يقول: إِذا
خالطت الحمرة الزرقة فهي أَيضاً سَجْراءُ؛ قال أَبو العباس: اختلفوا في
السَّجَرِ في العين فقال بعضهم: هي الحمرة في سواد العين، وقيل: البياض
الخفيف في سواد العين، وقيل: هي كُدْرَة في باطن العين من ترك الكحل. وفي صفة
علي، عليه
السلام: كان أَسْجَرَ العين؛ وأَصل السَّجَرِ والسُّجْرَةِ الكُدْرَةُ.
ابن سيده: السَّجَرُ والسُّجْرَةُ أَن يُشْرَبَ سوادُ العين حُمْرَةً،
وقيل: أَن يضرب سوادها إِلى الحمرة، وقيل: هي حمرة في بياض، وقيل: حمرة في
زرقة، وقيل: حمرةٌ يسيرة تُمازج السوادَ؛ رجل أَسْجَرُ وامرأَة سَجْراءُ
وكذلك العين.
والأَسْجَرُ: الغَدِيرُ الحُرُّ الطِّينِ؛ قال الشاعر:
بِغَرِيضِ ساريةٍ أَدَرَّتْه الصَّبَا،
من ماء أَسْجَرَ، طَيِّبَ المُسْتَنْقَعِ
وغَدِيرٌ أَسْجَرُ: يضرب ماؤه إِلى الحمرة، وذلك إِذا كان حديث عهد
بالسماء قبل أَن يصفو؛ ونُطْفَةٌ سَجْراءُ، وكذلك القَطْرَةُ؛ وقيل: سُجْرَةُ
الماء كُدْرَتُه، وهو من ذلك. وأَسَدٌ أَسْجَرُ: إِمَّا للونه، وإِما
لحمرة عينيه.
وسَجِيرُ الرجل: خَلِيلُه وصَفِيُّه، والجمع سُجَرَاءٌ. وسَاجَرَه:
صاحَبَهُ وصافاه؛ قال أَبو خراش:
وكُنْتُ إِذا سَاجَرْتُ منهم مُساجِراً،
صَبَحْتُ بِفَضْلٍ في المُروءَةِ والعِلْم
والسَّجِيرُ: الصَّدِيقُ، وجمعُه سُجَراء.
وانْسَجَرَتِ الإِبلُ في السير: تتابعت. والسَّجْرُ: ضَرْبٌ من سير
الإِبل بين الخَبَب والهَمْلَجَةِ. والانْسِجارُ: التقدّمُ في السير
والنَّجاءُ، وهو بالشين معجمة، وسيأْتي ذكره.
والسَّجْوَرِيُّ: الأَحْمَقُ. والسَّجْوَرِيُّ: الخفيف من الرجال؛ حكاه
يعقوب، وأَنشد:
جاء يَسُوقُ الْعَكَرَ الهُمْهُومَا
السَّجْوَرِيُّ لا رَعَى مُسِيمَا
وصادَفَ الغَضْنْفَرَ الشَّتِيمَا
والسَّوْجَرُ: ضرب من الشجر، قيل: هو الخِلافُ؛ يمانية. والمُسْجَئِرُّ:
الصُّلْبُ. وساجِرٌ: اسم موضع؛ قال الراعي:
ظَعَنَّ ووَدَّعْنَ الجَمَادَ مَلامَةً،
جَمَادَ قَسَا لَمَّا دعاهُنَّ سَاجِرُ
والسَّاجُورُ: اسم موضع. وسِنْجارٌ: موضع؛ وقول السفاح بن خالد التغلبي:
إِنَّ الكُلابَ ماؤُنا فَخَلُّوهْ،
وساجِراً واللهِ لَنْ تَحُلّوهْ
قال ابن بري: ساجراً اسم ماء يجتمع من السيل.