حري: حَرَــى الشيءُ يَــحْرِــي حَرْــياً: نَقَصَ، وأَــحْرَــاه الزمانُ. الليث:
الــحَرْــيُ النُّقصان بعد الزيادة. يقال: إِنه يَــحْرِــي كما يَــحْرِــي القمرُ
حَرْــياً يَنْقُصُ الأَوّل منه فالأَول؛ وأَنشد شمر:
ما زَالَ مَجْنُوناً على اسْتِ الدَّهْرِ،
في بَدَنٍ يَنْمِي وعَقْلٍ يَــحْرِــي
وفي حديث وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم: فما زال جِسْمُه يَــحْرِــي أَي
يَنْقُص. ومنه حديث الصِّديق، رضي الله عنه: فما زال جِسْمُه يَــحْرِــي بعد
وفاةِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى لَحِقَ به. وفي حديث عمرو بن
عَبْسَة: فإِذا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مُسْتَخْفِياً حِراءٌ
عليه قومُه أَي غِضَابٌ ذَوُو هَمٍّ وغَمٍّ قد انْتَقَصَهم أَمْرُه وعِيلَ
صَبْرُهم به حتى أَثَّر في أَجْسامهم.
والحارِيَةُ: الأَفْعى التي قد كبِرتْ ونَقَص جسمها من الكِبَر ولم يبق
إِلا رأْسُها ونَفَسُها وسَمُّها، والذَّكر حارٍ؛ قال:
أَو حارِياً من القُتَيْراتِ الأُوَلْ،
أَبْتَرَ قِيدَ الشِّبرِ طُولاً أَو أَقَلْ
وأَنشد شمر:
انْعَتْ على الجَوْفاءِ في الصُّبْح الفَضِحْ
حوَيْرِياً مثلَ قَضِيبِ المُجْتَدِحْ
والــحَراة: الساحةُ والعَقْوَةُ والناحيةُ، وكذلك الــحَرَــا، مقصور. يقال:
اذْهَبْ فلا أَرَيَنَّكَ بِــحَرايَ وحَرَــاتِي. ويقال: لا تَطُرْ حَرَــانا
أَي لا تَقْرَبْ ما حولنا. وفي حديث رجل من جُهَينة: لم يكن زيد بنُ خالد
يَقْرَبه بِــحَراهُ سُخْطاً لله عز وجل؛ الــحَرَــا، بالفتح والقصر: جَنابُ
الرجل. والــحَرَــا والــحَرَــاةُ: ناحيةُ الشيء. والــحَرَــا: موضع البَيْض؛
قال:بَيْضَةٌ ذادَ هَيْقُها عن حَرَــاها
كُلَّ طارٍ عليه أَن يَطْراها
هو الأُفْحُوصُ والأُدْحِيُّ، والجمع أَــحْراء. والــحَرَــا: الكِناسُ.
التهذيب: الــحَرَــا كُلُّ موضع لظَبْيٍ يأْوِي إِليه. الأَزهري: قال الليث في
تفسير الــحَرَــا إِنه مَبِيضُ النَّعام أَو مأْوَى الظَّبْي، وهو باطل،
والــحَرَــا عند العرب ما رواه أَبو عبيد عن الأَصمعي: الــحَرَــا جَنابُ الرجل وما
حوله، يقال: لا تَقْرَبَنَّ حَرَــانا. ويقال: نزل بــحَراهُ وعَرَاهُ إِذا
نزل بساحته. وحَرَــا مَبِيضِ النَّعامِ: ما حَوْله، وكذلك حَرَــا كِناسِ
الظَّبْي ما حَوْله. والــحَرَــا: موضعُ بَيْضِ اليَمامة. والــحَرَــا والــحَرَــاة:
الصوتُ والجَلَبة وصوتُ التِهاب النار وحَفيفُ الشجر، وخَصَّ ابن
الأَعرابي به مرةً صوتَ الطير. وحَرَــاةُ النار، مقصورٌ: التهابها؛ ذكره جماعة
اللغويين؛ قال ابن بري: قال علي بن حمزة هذا تصحيف وإِنما هو الخَوَاة،
بالخاء والواو، قال: وكذا قال أَبو عبيد الخَوَاة بالخاء والواو.
والــحَرَــى: الخَلِيقُ كقولك بالــحَرَــى أَن يكون ذلك، وإِنه لَــحَرىً بكذا
وحَرٍ وحَرِــيٌّ، فمن قال حَرىً لم يغيره عن لفظه فيما زاد على الواحد
وسَوَّى بين الجِنْسين، أَعني المذكر والمؤنث، لأَنه مصدر؛ قال الشاعر:
وهُنَّ حَرىً أَن لا يُثِبْنَكَ نَقْرَةً،
وأَنتَ حَرىً بالنارِ حينَ تُثِيبُ
ومن قال حَرٍ وحَرِــيٌّ ثَنَّى وجمع وأَنث فقال: حَرِــيانِ وحَرُــونَ
وحَرِــيَة وحَرِــيَتانِ وحَرِــياتٌ وحَرِــيَّانِ وحَرِــيُّونَ وحَرِــيَّة
وحَرِــيَّتانِ وحَرِــيَّاتٌ. وفي التهذيب: وهم أَــحْرِــياء بذلك وهُنَّ حَرَــايَا وأَنتم
أَــحْراءٌ، جمع حَرٍ. وقال اللحياني: وقد يجوز أَن تثني ما لا تجمع لأَن
الكسائي حكى عن بعض العرب أَنهم يثنون ما لا يجمعون فيقول إِنهما
لــحَرَــيانِ أَن يفعلا؛ وكذلك رُوِيَ بيتُ عَوْفِ بن الأَحْوصِ
الجَعْفَرِي:أَوْدَى بَنِيَّ فَما بِرَحْلِي مِنْهُمُ
إِلا غُلاما بَيَّةٍ ضَنَيانِ
بالفتح، كذا أَنشده أَبو علي الفارسي وصرح بأَنه مفتوح؛ قال ابن بري
شاهدُ حَرِــيّ قولُ لبيد:
من حَياةٍ قد سَئِمْنا طُولَها،
وحَرِــيٌّ طُولُ عَيْشٍ أَن يُمَلّْ
وفي الحديث: إِنَّ هذا لَــحرِــيٌّ إِنْ خَطَبَ أَن يَنْكِحَ. يقال: فلان
حَرِــيٌّ بكذا وحَرىً بكذا وحَرٍ بكذا وبالــحَرَــى أَن يكون كذا أَي جَديرٌ
وخَلِيقٌ. ويُحَدِّثُ الرجلُ الرجلَ فيقولُ: بالــحَرَــى أَن يكون، وإِنه
لمَــحْرىً أَن يفعل ذلك؛ عن اللحياني. وإِنه لمَــحْراة أَن يفعلَ، ولا يثنى
ولا يجمع ولا يؤنث كقولك مَخْلَقة ومَقْمَنة. وهذا الأَمر مَــحْراةٌ لذلك
أَي مَقْمنة مثل مَحْجَاة. وما أَــحْراه: مثل ما أَحْجاه، وأَــحْرِ به: مِثْل
أَحْجِ به؛ قال:
ومُسْتَبْدِلٍ من بَعْدِ غَضْيَا صُرَيْمَةً،
فأَــحْرِ به لطُولِ فَقْرٍ وأَــحْرِــيَا
أَي وأَــحْرِــيَنْ، وما أَــحْراهُ به؛ وقال الشاعر:
فإِن كنتَ تُوعِدُنا بالهِجاء،
فأَــحْرِ بمَنْ رامَنا أَن يَخِيبَا
وقولهم في الرجل إِذا بلغ الخمسين حَرىً؛ قال ثعلب: معناه هو حَرىً أَن
يَنالَ الخيرَ كله. وفي الحديث: إِذا كان الرجلُ يَدْعُو في شَبِيبَتِه
ثم أَصابه أَمرٌ بعدَما كَبِرَ فبالــحَرَــى أَن يُسْتجابَ له.
ومن أَــحْرِ به اشْتُقَّ التَّــحَرِّــي في الأَشياء ونحوها، وهو طَلَبُ ما
هو أَــحْرَــى بالاستعمال في غالب الظن، كما اشتق التَّقَمُّن من القَمِين.
وفلان يتَــحَرَّــى الأَمرَ أَي يتَوَخّاه ويَقْصِده. والتَّــحَرِّــي: قصْدُ
الأَوْلى والأَحَقِّ، مأْخوذ من الــحَرَــى وهو الخَليقُ، والتَّوَخِّي مثله.
وفي الحديث: تــحَرَّــوْا ليلةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأَواخِر أَي
تعَمَّدوا طلبها فيها. والتَّــحَرِّــي: القَصْدُ والاجتهادُ في الطلب والعزمُ على
تخصيص الشيء بالفعل والقول؛ ومنه الحديث: لا تتَــحَرَّــوْا بالصلاة طلوعَ
الشمسِ وغروبَها. وتــحَرَّــى فلانٌ بالمكان أَي تمكَّث. وقوله تعالى:
فأُولئك تــحرَّــوْا رَشَداً؛ أَي توَخَّوْا وعَمَدُوا، عن أَبي عبيد؛ وأَنشد
لامرئ القيس:
دِيمةٌ هَطْلاء فيها وطَفٌ،
طَبَقُ الأَرضِ تــحَرَّــى وتَدُِرْ
وحكى اللحياني: ما رأَيتُ من حَرَــاتِه وحَرََــاه، لم يزد على ذلك شيئاً.
وحَرَــى أَن يكون ذاك: في معنى عسَى. وتــحَرَّــى لك: تعَمَّده.
وحِرَــاء، بالكسر والمد: جبل بمكة معروف، يذكر ويؤَنث. قال سيبويه: منهم
من يصرفه ومنهم من لا يصرفه يجعله اسماً للبقعة؛ وأَنشد:
ورُبَّ وَجْهٍ مِن حِرَــاءٍ مُنْحَن
وأَنشد أَيضاً:
ستَعْلم أَيَّنا خيراً قديماً،
وأَعْظَمَنا ببَطْنِ حِرَــاءَ نارا
قال ابن بري: هكذا أَنشده سيبويه. قال: وهو لجرير؛ وأَنشده الجوهري:
أَلسْنا أَكرَمَ الثَّقَلَيْنِ طُرّاً،
وأَعْظَمَهم ببطْن حِراءَ نارا
قال الجوهري: لم يصرفه لأَنه ذهب به إِلى البلدة التي هو بها. وفي
الحديث: كان يتَحَنَّثُ بــحِراءٍ، هو بالكسر والمد جبل من جبال مكة. قال
الخطابي: كثير من المحدّثين يَغْلَطون فيه فيفْتَحون حاءه ويَقْصُرونه
ويُميلونه، ولا تجوز إِمالته لأَن الراء قبل الأَلف مفتوحة، كما لا تجوز إِمالة
راشد ورافع.
ابن سيده: الــحَرْــوةُ حُرْــقةٌ يَجِدُها الرجلُ في حَلْقه وصَدْره ورأْسه
من الغَيْظ والوَجَع. والــحَرْــوة: الرائحة الكريهة مع حِدَّةٍ في
الخَياشِيم. والــحَرْــوَةُ والــحَراوةُ: حَرَــافةٌ تكون في طَعْم نحو الخَرْدل وما
أَشبهه حتى يقالُ: لهذا الكُحْل حَرَــاوة ومَضاضَة في العين. النضر:
الفُلْفُل له حَرَــاوة، بالواو، وحَرَــارة، بالراء. يقال: إِني لأَجد لهذا الطعام
حَرْــوة وحَرَــاوة أَي حَرارة، وذلك من حَرافةِ شيء يؤْكل. قال الأَزهري:
ذكر الليث الــحِرَّ في المعتل ههنا، وبابُ المضاعف أَولى به، وقد ذكرناه في
ترجمة حرح وفي ترجمة رحا. يقال: رَحَاه إِذا عَظَّمه، وحَرَــاه إِذا
أَضاقَه، والله أعلم.