مَوْضِعُ الازْدِرَام وهو الابْتِلاع.
وزَرْدَمَه زَرْدَمَة: أي خَنَقَه.
خضع: الخُضُوع: التواضُع والتَّطامُن. خَضَع يَخْضَع خَضْعاً وخُضُوعاً
واخْتَضَع: ذلّ. ورجل أَخْضَعُ وامرأَة خَضْعاء: وهما الرَّاضِيانِ
بالذلّ؛ وأَخْضَعَتْني إِليك الحاجةُ، ورجل خيْضَعٌ؛ قال العجاج:
وصِرْت عَبْداً للبَعوضِ أَخْضَعا،
تَمَصُّني مَصَّ الصَّبيِّ المُرْضِعا
وفي حديث اسْتِراق السمْعِ: خُضْعاناً لقوله؛ الخُضْعانُ: مصدر خَضَعَ
يَخْضَعُ خُضُوعاً وخُضْعاناً كالغُفران والكُفْران، ويروى بالكسر
كالوِجدانِ، ويجوز أَن يكون جمع خاضِع، وفي رواية: خُضَّعاً لقوله، جمع خاضِع.
وخَضَعَ الرَّجلُ وأَخْضَع: أَلان كَلِمه للمرأَة. وفي حديث عمر، رضي الله
عنه: أَن رجلاً في زمانه مرَّ برجل وامرأَة قد خَضعا بينهما حديثاً
فضَربه حتى شَجَّه فرُفِع إِلى عمر، رضي الله عنه، فأَهْدَره، أَي ليَّنا
بينهما الحديثَ وتكلما بما يُطْمِعُ كلاًّ منهما في الآخر. والعرب تقول:
اللهم إِني أَعُوذ بك من الخُنُوع والخُضُوع؛ فالخانِعُ الذي يدْعو إِلى
السوأَة، والخاضِعُ نحوه؛ وقال رؤبة:
من خالِباتٍ يَخْتَلِبْنَ الخُضَّعا
قال ابن الأَعرابي: الخُضَّع اللواتي قد خَضَعْن بالقول ومِلْن؛ قال:
والزجل يُخاضِع المرأَةَ وهي تُخاضِعُه إِذا خَضع لها بكلامه وخضَعت له
ويَطْمع فيها، ومن هذا قوله: ولا تَخْضَعْن بالقول فيطْمَع الذي في قلبه
مرض؛ الخُضوع: الانْقِيادُ والمُطاوعةُ، ويكون لازماً كهذا القول ومتعدياً؛
قال الكميت يصف نساء بالعَفاف:
إِذْ هُنَّ لا خُضُعُ الحَدِيـ
ـثِ، ولا تَكَشَّفَتِ المَفاصِلْ
وفي الحديث: أَنه نهى أَن يَخْضَع الرجل لغير امرأَته أَي يَلِين لها في
القول بما يُطْمِعُها منه.
والخَضَعُ: تَطامُن في العنق ودُنُوّ من الرأْس إِلى الأَرض، خَضِعَ
خَضَعاً، فهو أَخْضَعُ بيِّن الخَضَع، والأُنثى خَضْعاء، وكذلك البعير
والفرس. وخَضَع الإِنسان خَضْعاً: أَمالَ رأْسَه إِلى الأَرض أَو دنا منها.
والأَخْضعُ: الذي في عُنقه خُضُوع وتطامُن خلقة. يقال: فرس أَخضَعُ بيِّن
الخَضَعِ. وفي التنزيل: فظَلَّت أَعْناقُهم لها خاضِعين؛ قال أَبو عمرو:
خاضِعين ليست من صفة الأَعناق إِنما هي من صفة الكناية عن القوم الذي في
آخر الأَعناق فكأَنه في التمثيل: فظلت أَعناق القوم لها خاضعين، والقوم في
موضع هم؛ وقال الكسائي: أَراد فظلت أَعناقُهم خاضِعيها هم كما تقول يدُك
باسِطُها، تريد أَنت فاكتفَيْتَ بما ابتدأْت من الاسم أَن تُكَرِّره؛
قال الأَزهري: وهذا غير ما قاله أَبو عمرو؛ وقال الفراء: الأَعناق إِذا
خَضَعَت فأَربابها خاضِعُون، فجعل الفعل أَوّلاً للأَعْناق ثم جعل خاضِعِين
للرِّجال، قال: وهذا كما تقول خَضَعْت لك فتكتفي من قولك خَضَعَتْ لك
رقبتي. وقال أَبو إِسحق: قال خاضعين وذكَّر الأَعناق لأَن معنى خُضوع
الأَعناق هو خضوع أَصحاب الأَعناق، لما لم يكن الخُضوع إِلا خُضوع الأَعناق جاز
أَن يخبر عن المضاف إِليه كما قال الشاعر:
رأَتْ مَرَّ السِّنين أَخَذْنَ منِّي،
كما أَخَذ السِّرارُ من الهِلالِ
لما كانت السنون لا تكون إِلا بمَرٍّ أَخْبر عن السنين، وإِن كان أَضاف
إِليها المرور، قال: وذكر بعضهم وجهاً آخر قالوا: معناه فظلت أَعناقهم
لها خاضعين هم وأَضمر هم؛ وأَنشد:
ترى أَرْباقَهم مُتَقَلِّديها،
كما صَدِئ الحَدِيدُ عن الكُماةِ
قال: وهذا لا يجوز مثله في القرآن وهو على بدل الغَلط يجوز في الشعر
كأَنه قال: ترى أَرْباقَهم، ترى مُتَقَلِّديها كأَنه قال: ترى قوماً
مُتقلدين أَرباقهم. قال الأَزهري: وهذا الذي قاله الزجاج مذهب الخليل ومذهب
سيبويه، قال: وخَضَع في كلام العرب يكون لازماً ويكون متعدياً واقعاً، تقول:
خَضَعْتُه فخضَع؛ ومنه قول جرير:
أَعدَّ الله للشُّعراء مني
صَواعِقَ يَخْضَعُون لها الرِّقابا
فجعله واقعاً مُتعدّياً. ويقال: خضَع الرجلُ رقبَته فاخْتَضَعَتْ
وخَضَعَتْ؛ قال ذو الرمة:
يظَلُّ مُخْتَضِعاً يبدو فتُنْكِرُه
حالاً، ويَسْطَعُ أَحياناً فيَنْتَسِبُ
(* قوله «يظل» سيأتي في سطع فظل.)
مُخْتَضِعاً: مُطأْطِئ الرأْس. والسطُوعُ: الانْتصاب، ومنه قيل للرجل
الأَعْنقِ: أَسْطَعُ. ومَنْكِب خاضِع وأَخضع: مطمئن. ونعام خواضِعُ:
مُمِيلات رؤوسَها إِلى الأَرض في مراعيها، وظليم أَخضَع، وكذلك الظّباء؛
قال:تَوَهَّمْتها يوماً، فقُلت لصاحِبي،
وليس بها إِلاَّ الظِّباء الخَواضِعُ
وقوم خُضُعُ الرّقاب: جمع خَضُوعٍ أَي خاضِع؛ قال الفرزدق:
وإِذا الرِّجالُ رَأَوْا يَزِيدَ، رأَيْتَهم
خُضُعَ الرِّقاب، نَواكِسَ الأَبْصارِ
وخَضَعَه الكِبَرُ يخْضَعُه خَضْعاً وخُضوعاً وأَخْضَعه: حَناه. وخَضَع
هو وأَخْضَع أَي انحَنى. والأَخْضَع من الرجال: الذي فيه جَنَأٌ، وقد
خَضِعَ يخْضَعُ خَضَعاً، فهو أَخْضَعُ، وفي حديث الزبير: أَنه كان أَخْضَع
أَي فيه انحِناء. ورجل خُضَعةٌ إِذا كان يخضَع أَقْرانَه ويَقْهَرُهم.
ورجل خُضَعةٌ، مثال هُمَزة: يخْضَعُ لكل أَحد. وخَضَع النجمُ أَي مال
للمَغيب. ونبات خَضِعٌ: مُتَثنٍّ من النَّعْمةِ كأَنه مُنْحَنٍ؛ قال ابن سيده:
وهو عندي على النسَب لأَنه لا فِعْلَ له يَصْلُح أَن يكون خَضِعٌ
محمولاًعليه؛ ومنه قول أَبي فَقْعس يصف الكَلأَ: خَضِعٌ مَضِعٌ ضافٍ رَتِعٌ؛ كذا
حكاه ابن جني مضع، بالعين المهملة؛ قال: أَراد مَضِغٌ فأَبدل العين مكان
الغين للسجع، أَلا ترى أَن قبله خَضِع وبعده رَتِع؟
أَبو عمرو: الخُضَعة من النخل التي تَنْبُت من النواة، لغة بني حنيفة،
والجمع الخُضَعُ. والخَضَعةُ: السياط لانصِبابها على مَن تَقَع عليه،
وقيل: الخَضْعةُ والخَضَعة السيوف، قال: ويقال للسيوف خَضْعة، وهي صوت
وقْعها. وقولهم: سمعت للسياط خَضْعةً وللسيوف بَضْعة؛ فالخضْعةُ وقع السياط،
والبَضْعُ القَطْع. قال ابن بري: وقيل الخَضْعة أَصوات السيوف، والبَضْعةُ
أَصوات السياط؛ وقد جاء في الشعر محركاً كما قال:
أَرْبعةٌ وأَرْبَعهْ
اجْتَمَعا بالبَلْقَعَهْ،
لمالِكِ بنِ بَرْذعهْ،
وللسيوفِ خَضَعَهْ،
وللسِّياطِ بَضَعَهْ
والخَيْضَعةُ: المعركةُ، وقيل غُبارها، وقيل اختلاط الأَصوات فيها؛
الأَوَّل عن كراع، قال: لأَن الكُماة يَخْضع بعضها لبعض. والخَيضَعةُ: حيث
يَخْضَعُ الأَقْرانُ بعضُهم لبعض. والخَيْضَعةُ: صوت القتال.
والخيضعة: البيضة؛ فأَما قول لبيد:
نحنُ بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأَرْبَعَهْ،
ونحنُ خَيْرُ عامِرِ بنِ صَعْصَعَهْ،
المُطْعِمون الجَفْنةَ المُدَعْدَعَهْ،
الضارِبونَ الهامَ تحتَ الخَيْضَعَهْ
فقيل: أَراد البيضة، وقيل: أَراد الْتِفافَ الأَصوات في الحرب، وقيل:
أَراد الخَضَعةَ من السيوف فزاد الياء هَرَباً من الطّيِّ، ويقال لبيضة
الحرب الخَيْضَعة والرَّبِيعةُ، وأَنكر علي بن حمزة أَن تكون الخَيْضَعة
اسماً للبيضة، وقال: هي اختلاط الأَصوات في الحرب. وخَضَعَت أَيدي الكواكب
إِذا مالت لتَغيب؛ وقال ابن أَحمر:
تَكادُ الشمسُ تَخْضَعُ حينَ تَبْدُو
لهنَّ، وما وُبِدْنَ، وما لُحِينا
(* قوله: وُبِدْنَ، هكذا في الأصل؛ ولم يرد وبَد متعدّياً إلا بعلى
حينما يكون بمعنى غضب.)
وقال ذو الرمة:
إِذا جَعَلَتْ أَيْدِي الكَواكِبِ تَخْضَعُ
والخَضِيعةُ: الصوتُ يُسْمَع من بطنِ الدابة ولا فِعْل لها، وقيل: هي
صوت قُنْبِه، وقال ثعلب: هو صوت قُنْب الفرس الجَواد؛ وأَنشد لامرئ
القيس:كأَنَّ خَضِيعةَ بَطْنِ الجَوا
دِ وَعْوَعةُ الذِّئب بالفَدْفَدِ
وقيل: هو صوت الأَجوف منها، وقال أَبو زيد: هو صوت يخرج من قُنْب الفرَس
الحِصان، وهو الوَقِيبُ. قال ابن بري: الخَضِيعةُ والوَقِيبُ الصوت الذي
يسمع من بطن الفرس ولا يُعلم ما هو، ويقال: هو تَقَلْقُل مِقْلَم الفرَس
في قُنْبه، ويقال لهذا الصوت أَيضاً: الذُّعاق، وهو غريب.
والاخْتِضاعُ: المَرُّ السريعُ. والاختِضاعُ: سُرْعةُ سير الفرس؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد في صفة فرس سريعة:
إِذا اخْتَلَط المَسِيحُ بها توَلَّتْ
بِسَوْمي، بين جَرْيٍ واخْتِضاعِ
(* قوله «بسومي» كذا بالأصل.)
يقول: إِذا عَرِقَتْ أَخرجت أَفانِينَ جَرْيِها. وخَضَعَتِ الإِبل إِذا
جَدَّتْ في سَيرها؛ وقال الكميت:
خَواضِع في كُلِّ دَيْمومةٍ،
يَكادُ الظَّلِيمُ بها يَنْحَلُ
وإِنما قيل ذلك لأَنها خَضَعتْ أَعناقها حين جَدَّ بها السيْرُ؛ وقال
جرير:
ولقد ذَكَرْتُكِ، والمَطِيُّ خَواضِعٌ،
وكأَنَّهُنَّ قَطا فَلاةٍ مَجْهَلِ
ومَخْضَعٌ ومَخْضَعةُ: اسمان.
نوط: ناطَ الشيءَ يَنُوطُه نَوْطاً: عَلَّقه. والنَّوْطُ: ما عُلِّق،
سمي بالمصدر، قال سيبويه وقالوا: هو منِّي مَناط الثُّرَيَّا أَي في
البُعْد، وقيل: أَي بتلك المنزلة فحذف الجارّ وأَوْصل كذهبت الشام ودخلت
البيتَ. وانتاط به تعَلَّق. والنَّوْطُ: ما بين العَجُز والمَتْن. وكلُّ ما
عُلِّقَ من شيء، فهو نَوْط. والأَنواطُ: المَعالِيقُ. وفي المثل
(* قوله
«وفي المثل إلخ» هو عبارة الصحاح، وفي مجمع الامثال للميداني: يضرب لمن يدعي
ما ليس يملكه.): عاطٍ بغير أَنْواطٍ أَي يتَناوَلُ وليس هناك شيء
مُعَلَّق، وهذا نحو قولهم: كالحادِي وليس له بعير، وتجَشَّأَ لُقْمانُ من غير
شبَعٍ. والأَنْواطُ: ما نُوِّطَ على البعير إِذا أُوقِرَ. والتَّنْواطُ:
ما يُعَلَّق من الهَوْدَج يُزَيَّنُ به. ويقال: نِيطَ عليه الشيء عُلِّقَ
عليه؛ قال رقاع بن قَيْس الأَسدي:
بِلاد بِها نِيطَتْ عليَّ تَمائِمي،
وأَوَّلُ أَرضٍ مسَّ جِلْدِي تُرابُها
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه أُتِيَ بمال كثير فقال: إِني
لأَحْسَبكم قد أَهْلَكْتُم الناسَ، فقالوا: واللّه ما أَخَذْناه إِلاَّ عَفْواً
بلا سَوْطٍ ولا نوط أَي بلا ضَرْب ولا تَعْلِيقٍ؛ ومنه حديث علي، كرَّم
اللّه وجهه: المُتَعَلِّقُ بها كالنَّوْط المُذَبْذَبِ؛ أَراد ما يُناطُ
بِرَحْل الرَّاكب من قَعْب أَو غيره فهو أَبداً يتحرَّك. ونيط به الشيء
أَيضاً: وُصِلَ به. وفي الحديث: أُرِيَ الليلةَ رجُل صالحٌ أَنَّ أَبا بكر
نِيطَ برسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَي عُلِّقَ. يقال: نُطْتُ
هذا الأَمرَ به أَنُوطُه، وقد نِيطَ به، فهو مَنُوط.
وفي حديث الحجّاج: قال لِحَفَّار البئر: أَخَسَفْتَ أَم أَوْشَلْتَ؟
فقال: لا واحدَ منهما ولكن نَيِّطاً بين الأَمرين أَي وسَطاً بين القليل
والكثير، كأَنه مُعَلَّق بينهما؛ قال القتيبي: هكذا روي بالياء مشدَّدة، وهي
من ناطَه يَنُوطُه نَوْطاً، فإِن كانت الرواية بالباء الموحدة فيقال
للرّكية إِذا استُخْرج ماؤُها واسْتُنْبِط هي نَبَطٌ، بالتحريك.
ونِياطٌ كل شيء: مُعَلَّقُه كنِياطِ القوْسِ والقِرْبة. تقول: نُطْتُ
القربةَ بنِياطِها نَوْطاً. ونِياطُ القوس: مُعَلَّقُها. والنِّياط:
الفُؤَاد. والنِّياطُ: عِرْق علق به القلب من الوتين، فإِذا قُطع مات صاحبُه،
وهو النَّيْطُ أَيضاً؛ ومنه قولهم: رماه اللّه بالنيْطِ أَي بالموت. ويقال
للأَرنب: مُقَطَِّعَةُ النِّياطِ كما قالوا مُقَطَّعة الأَسْحار.
ونِياطُ القلب: عِرْق غليظ نِيط به القلبُ إِلى الوتين، والجمع أَنوِطةٌ ونُوط،
وقيل: هما نِياطانِ: فالأَعلى نِياطُ الفؤاد، والأَسفل الفرجُ، وقال
الأَزهري في جمعه: أَنوِطةٌ، قال: فإِذا لم ترد العدد جاز أَن يقال للجمع
نُوط لأَن الياء التي في النِّياطِ واو في الأَصل. والنِّياط والنائط: عرق
مستبْطِن الصُّلْب تحت المتن، وقيل: عرق في الصلب ممتدّ يُعالَج
المَصْفور بقَطْعه، قال العجاج:
فَبَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ،
قَضْبَ الطَّبِيبِ، نائطَ المَصْفُورِ
(* قوله «فبج إلخ» أَورده المؤلف في مادة نعر وقال: بج شق أَي طعن الثور
الكلب فشق جلده، وتقدم في مادة ع ن د فبج كل بالخاء المعجمة ورفع كل
والصواب ما هنا.)
القَضْبُ: القَطْع. والمَصْفُور: الذي في بطنه الماء الأَصفر. ونِياطُ
المَفازةِ: بُعد طريقها كأَنها نِيطت بمفازة أُخرى لا تكاد تنقطع، وإِنما
قيل لبُعد الفلاة نياط لأَنها منوطة بفلاة أُخرى تتصل بها؛ قال العجاج:
وبَلْدةٍ بَعِيدةِ النِّياطِ،
مَجْهُولةٍ تَغْتالُ خَطْوَ الخاطِي
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: إِذا انْتاطتِ المَغازِي أَي إِذا بَعُدت
وهو من نِياطِ المَفازة وهو بعدها، ويقال: انْتاطَت المغازي أَي بَعُدت
من النَّوط، وانْتَطَتْ جائز على القلب؛ قال رؤبة:
وبَلْدةٍ نِياطُها نَطِيّ
أَراد نَيِّطٌ فقلب كما قالوا في جمع قَوْس قِسِيّ وانْتاطَ أَي بعُد،
فهو نَيِّطٌ. ابن الأَعرابي: وانْتاطَتِ الدارُ بعُدَت، قال: ومنه قول
مُعاوية في حديثه لبعض خُدّامه: عليك بصاحِبك الأَقدم فإِنك تَجِدُه على
مودّة واحدة وإِن قَدُمَ العهدُ وانْتاطَتِ الدار، وإِياك وكل مُسْتَحْدَثٍ
فإِنه يأْكل مع كل قوم ويجري مع كل ريح؛ وأَنشد ثعلب:
ولكنَّ أَلفاً قد تجَهَّز غادِياً،
بحَوْرانَ، مُنْتاط المَحَلِّ غَرِيبُ
والنَّيِّطُ من الآبار: التي يجري ماؤُها معلَّقاً يَنْحَدِرُ من
أَجْوالِها إِلى مَجَمِّها. ابن الأَعرابي: بئر نَيِّطٌ إِذا حُفرت فأَتَى
الماء من جانب منها فسال إِلى قعرها ولم تَعِنْ من قعرها بشيء؛ وأَنشد:
لا تَسْتَقِي دِلاؤها من نَيِّطِ،
ولا بَعِيدٍ قعْرُها مُخْرَوِّطِ
وقال الشاعر:
لا تتّقي دِلاؤها بالنَّيِّط
(* قوله «تتقي» كذا بالأصل ولعله تستقي.)
وانْتاطَ الشيءَ: اقْتَضَبَه برأْيه من غير مُشاوَرة.
والنَّوْطُ: الجُلّةُ الصغيرة فيها التمر ونحوه، والجمع أَنْواطٌ
ونِياطٌ. قال أَبو منصور: وسمعت البَحْرانِيين يسمون الجِلالَ الصغار التي
تعلَّق بعُراها من أَقتاب الحَمُولةِ نِياطاً، واحدها نَوْط. وفي الحديث:
إِنَّ وفد عبد القَيْس قَدِمُوا على رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم،
فأَهْدَوْا له نَوْطاً من تَعْضُوضِ هَجَر أَي أَهدوا له جُلّة صغيرة من
تمر التَّعْضُوض، وهو من أَسْرَى تُمْرانِ هَجر، أَسْوَدُ جَعْدٌ لَحِيم
عَذْب الطعم حُلو. وفي حديث وفد عبد القيس: أَطْعِمْنا من بقيَّةِ القَوْس
الذي في نَوْطِك. الأَصمعي: ومن أَمثالهم في الشدّة على البخيل: إِن
ضَجَّ فزِدْه وِقْراً، وإِن أَعْيا فزِدْه نَوطاً، وإِن جَرْجَرَ فزِدْه
ثقلاً؛ قال أَبو عبيدة: النوط العِلاوة بين الفَوْدَيْنِ.
ويقال للدَّعِيِّ يَنْتَمِي إِلى قوم: مَنُوطٌ مُذَبْذَب؛ سمي مذبذباً
لأَنه لا يدرى إِلى من يَنتَمِي فالريح تُذَبْذِبُه يميناً وشمالاً. ورجل
منوط بالقوم: ليس من مُصاصِهم؛ قال حسان:
وأَنْتَ دَعِيٌّ نِيطَ في آل هاشِمٍ،
كما نِيطَ خَلْفَ الراكِب القَدَحُ الفَرد
ونيط به الشيء: وُصل به.
والنَّوْطةُ: الحوْصَلةُ؛ قال النابغة في وصف قطاة:
حَذَّاء مُدبِرةً، سَكّاء مُقْبِلةً،
للماء في النَّحْر منها نَوْطة عَجَبُ
قال ابن سيده: ولا أَرى هذا إِلا على التشبيه. حذّاء: خفيفة الذنب.
سَكّاء: لا أُذن لها، شبه حوصلةَ القطاةِ بنوطة البعير وهي سِلْعة تكون في
نَحْرِه. والنوْطةُ: ورم في الصدر، وقيل: ورَم في نَحر البعير وأَرْفاغه
وقد نِيط له؛ قال ابن أَحمر:
ولا عِلْمَ لي ما نَوْطةٌ مُسْتكِنَّةٌ،
ولا أَيُّ مَن فارقت أَسْقي سِقائيا
والنوْطةُ: الحِقْدُ. ويقال للبعير إِذا وَرِمَ نحرُه وأَرفاغُه: نِيطت
له نوْطة، وبعير مَنُوط وقد نِيطَ له وبه نَوْطة إِذا كان في حَلقه ورَم.
ويقال: نيط البعير إِذا أَصابه ذلك. وفي الحديث: بعير له قد نيط. يقال:
نِيط الجمل، فهو منوط إِذا أَصابه النوْطُ، وهي غُدَّة تُصيبه فتقتله.
والنوْطة: ما يَنْصَبُّ من الرِّحاب من البلد الظاهر الذي به الغَضَا.
والنوْطةُ: الأَرض يكثر بها الطَّلْح، وليست بواحدة، وربما كانت فيه نِياطٌ
تجتمع جماعات منه ينقطع أَعلاها وأَسفلها. ابن شميل: والنوْطةُ ليست بوادٍ
ضخْمٍ ولا بتَلْعةٍ هي بينهما. والنوْطةُ: المَكان في وسطه شجر، وقيل:
مكان فيه طَرْفاء خاصّة. ابن الأَعرابي: النوْطةُ المكان فيه شجر في وسطه،
وطرَفاه لا شجر فيهما، وهو مرتفع عن السيل. والنوْطة: الموضع المرتفع عن
الماء؛ عن ابن الأَعرابي. وقال أَعرابي: أَصابنا مطَر جَوْدٌ وإِنَّا
لَبِنَوْطةٍ فجاء بجارّ الضبُع أَي بسَيْل يجُرّ الضبُع من كثرته.
والتَّنَوُّطُ والتُّنَوِّطُ: طائر نحو القارِية سواداً تركَّب عُشها
بين عُودين أَو على عود واحد فتُطيل عشها فلا يصل الرجل إِلى بيضها حتى
يُدخل يده إِلى المنكب، وقال أَبو علي في البصريّات: هو طائر يُعلِّق قشوراً
من قشور الشجر ويُعشِّش في أَطرافها ليحفظَه من الحيات والناس والذرّ؛
قال:
تُقَطِّعُ أَعناقَ التَنَوُّطِ بالضُّحَى،
وتَفْرِسُ في الظَّلْماء أَفْعَى الأَجارِعِ
وصف هذه الإِبل بطول الأَعناق وأَنها تصل إِلى ذلك، واحدها تَنَوُّطةٌ
وتُنَوِّطة. قال الأَصمعي: إِنما سمي تنوّطاً لأَنه يُدلِّي خُيوطاً من
شجرة ثم يُفرخ فيها. وذاتُ أَنواطٍ: شجرة كانت تُعبد في الجاهلية، وفي
الحديث: اجعل لنا ذات أَنْواطٍ، قال ابن الأَثير: هي اسم سَمُرةٍ بعينها كانت
للمشركين يَنُوطون بها سِلاحَهم أَي يعلِّقونه بها ويَعْكُفون حولَها،
فسأَلوه أَن يجعل لهم مثلها فنهاهم عن ذلك. وأَنواط جمع نَوْط، وهو مصدر
سمي به المَنُوط. الجوهري: وذات أَنواط اسم شجرة بعينها. وفي الحديث: أَنه
أَبصر في بعض أَسفاره شجرة دَفْواء تسمّى ذاتَ أَنواط.
ويقال: نوْطةٌ من طَلْح كما يقال عِيصٌ من سِدْر وأَيكةٌ من أَثل وفَرْس
من عُرْفُط ووَهْطٌ من عُشَرٍ وغالٌّ من سَلَم وسَلِيلٌ من سَمُر
وقَصِيمةٌ من غضاً ومن رِمْث وصَرِيمةٌ من غَضاً ومن سَلَم وحَرَجةٌ من شجر.
وقال الخليل: المدّات الثلاث مَنُوطات بالهمز، ولذلك قال بعض العرب في
الوقوف: افْعَلِئ افْعَلأ افْعَلُؤ، فهمزوا الأَلف والياء والواو حين
وقفوا.
نقض: النَّقْضُ: إِفْسادُ ما أَبْرَمْتَ من عَقْدٍ أَو بِناء، وفي
الصحاح: النَّقْضُ نَقْضُ البِناء والحَبْلِ والعَهْدِ. غيره: النقْضُ ضِدُّ
الإِبْرام، نقَضَه يَنْقُضُه نَقْضاً وانْتَقَضَ وتَناقَضَ. والنَّقْضُ:
اسمُ البِناء المَنْقُوضِ إِذا هُدم. وفي حديث صوم التَّطَوُّع: فناقَضَني
وناقَضْتُه، هي مُفاعَلةٌ من نَقْض البناء وهو هَدْمُه، أَي يَنْقُضُ
قولي وأَنْقُضُ قوله، وأَراد به المُراجَعةَ والمُرادَّةَ. وناقضَه في
الشيء مُناقَضةً ونِقاضاً: خالَفَه؛ قال:
وكان أَبُو العَيُوفِ أَخاً وجاراً
وذا رَحِمٍ، فقُلْتُ له نِقاضا
أَي ناقَضْتُه في قوله وهَجْوِه إِيّاي. والمُناقَضةُ في القول: أَن
يُتَكَلَّم بما يتناقَضُ معناه. والنَّقِيضةُ في الشِّعْرِ: ما يُنْقَضُ به؛
وقال الشاعر:
إِنِّي أَرَى الدَّهْرَ ذا نَقْضٍ وإِمرارِ
أَي ما أَمَرَّ عادَ عليه فنقَضَه، وكذلك المُناقَضةُ في الشِّعْر
يَنْقُضُ الشاعرُ الآخرُ ما قاله الأَوّل، والنَّقِيضةُ الاسم يجمع على
النَّقائض، ولذلك قالوا: نَقائضُ جرير والفرزدق. ونَقِيضُك: الذي يُخالِفُك،
والأُنثى بالهاء. والنَّقْضُ: ما نَقَضْتَ، والجمع أَنْقاض. ويقال:
انْتَقَضَ الجُرْحُ بعد البُرْء، وانتَقض الأَمْرُ بعد التِئامه، وانتقَض أَمرُ
الثغْرِ بعد سَدِّه.
والنِّقْضُ والنِّقْضةُ: هما الجملُ والناقةُ اللذان قد هَزَلْتَهما
وأَدْبَرْتَهما، والجمع الأَنْقاضُ؛ قال رؤبة:
إِذا مَطَوْنا نِقْضةً أَي، نِقْضا
والنِّقْضُ، بالكسر: البعير الذي أَنْضاه السفر، وكذلك الناقة.
والنِّقْضُ: المَهْزُول من الإِبل والخيل، قال السيرافي: كأَنَّ السفَرَ نقَض
بِنْيتَه، والجمع أَنْقاضٌ؛ قال سيبويه: ولا يُكَسَّر على غير ذلك، والأُنثى
نِقْضةٌ والجمع أَنْقاضٌ كالمذكر على توَهُّمِ حذْفِ الزائد.
والانْتِقاضُ: الانْتِكاثُ. والنَّقْضُ: ما نُكث من الأَخبية والأَكْسِيةِ فغُزل
ثانية، والنُّقاضةُ: ما نُقض من ذلك. والنِّقْضُ: المَنْقُوضُ مثل
النِّكْث. والنِّقْضُ: مُنْتَقِضُ الأَرض من الكَمْأَةِ، وهو الموضع الذي
يَنتَقِضُ عن الكمأَة إذا أَرادت أَن تخرج نقَضت وجه الأَرض نَقْضاً فانْتَقَضت
الأَرض؛ وأَنشد:
كأَنَّ الفُلانِيَّاتِ أَنْقاضُ كَمْأَةٍ
لأَوَّلِ جانٍ، بالعَصا يَسْتَثِيرُها
والنَّقّاضُ: الذي يَنْقُضُ الدِّمَقْسَ، وحِرْفَتُه النِّقاضةُ؛ قال
الأَزهري: وهو النَّكّاثُ، وجمعه أَنْقاض وأَنْكاث. ابن سيده: والنِّقْضُ
قِشْرُ الأَرض المُنْتَقِضُ عن الكَمْأَة، والجمع أَنْقاض ونُقوضٌ، وقد
أَنْقَضْتُها وأَنقَضْت عنها، وتَنقَّضَت الأَرض عن الكمأَة أَي تقطَّرَت.
وأَنْقَضَ الكَمْءُ ونقَّض: تَقَلْفَعَتْ عنه أَنقاضه؛ قال:
ونَفَّضَ الكَمْءُ فأَبْدَى بَصَرَهْ
(* قوله «ونقض الكمء» تقدم انشاده في مادة بصر: ونقض الكمء بالفاء ونصب
الكمء تبعاً للأَصل والصواب ما هنا.)
والنِّقْضُ: العسَلُ يُسَوِّسُ فيؤخذ فيُدَقّ فيُلْطَخ به موضع النحل مع
الآس فتأْتيه النحل فتُعَسِّلُ فيه؛ عن الهَجَرِيّ. والنَّقِيضُ من
اَلأَصْواتِ: يكون لِمفاصل الإِنسانِ والفَرارِيجِ والعَقْرَبِ والضِّفْدَعِ
والعُقابِ والنَّعامِ والسُّمانى والبازِي والوبْرِ والوزَغ، وقد
أَنْقَض؛ قال:
فلمَّا تَجاذَبْنا تَفَرْقَعَ ظَهْرُه،
كما يُنْقِضُ الوُزْغانُ، زُرْقاً عُيونُها
وأَنْقَضت العُقابُ أَي صوَّتَت؛ وأَنشد الأَصمعي:
تُنْقِضُ أَيْدِيها نَقِيضَ العِقْبانْ
وكذلك الدجاجةُ؛ قال الراجز:
تُنْقِضُ إِنْقاضَ الدَّجاجِ المُخَّضِ
والإِنْقاضُ والكَتِيتُ: أَصوات صغار الإِبل، والقَرْقَرةُ والهَديرُ:
أَصوات مَسانِّ الإِبل؛ قال شِظاظٌ وهو لِصٌّ من بني ضَبّة:
رُبَّ عَجُوزٍ من نُمَيْرٍ شَهْبَرَهْ،
عَلَّمْتُها الإِنْقاضَ بَعْدَ القَرْقَرهْ
أَي أَسْمَعْتُها، وذلك أَنه اجْتازَ على امرأَة من بني نُمير تَعْقِلُ
بعيراً لها وتَتَعَوَّذُ من شِظاظٍ، وكان شِظاظ على بكر، فنزل وسرَق
بعيرها وترك هناك بَكْرَه. وتنَقَّضت عِظامُه إِذا صوَّتت. أَبو زيد:
أَنْقَضْتُ بالعنز إِنْقاضاً دَعَوْتُ بها. وأَنْقَضَ الحِمْلُ ظهرَه: أَثقله
وجعله يُنْقِضُ من ثِقَله أَي يُصَوِّتُ. وفي التنزيل العزيز: ووضَعْنا عنك
وِزْرَك الذي أَنْقَض ظهرَك؛ أَي جعلَه يُسْمَعُ له نَقِيضٌ من ثِقَلِه.
وجاء في التفسير: أَثْقل ظهرك، قال ذلك مجاهد وقتادةُ، والأَصل فيه أَن
الظهر إِذا أَثقله الحِمل سُمع له نَقِيض أَي صوت خفي كما يُنْقِض
الرَّجل لحماره إِذا ساقَه، قال: فأَخبر اللّه عزّ وجلّ أَنه غفر لنبيه، صلّى
اللّه عليه وسلّم، أَوزارَه التي كانت تراكمت على ظهره حتى أَثقلته،
وأَنها لو كانت أَثقالاً حملت على ظهره لسمع لها نقيض أَي صوت؛ قال محمد بن
المكرّم، عفا اللّه عنه: هذا القول فيه تسَمُّح في اللفظ وإغلاظ في النطق،
ومن أَين لسيدنا رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَوزار تتراكم على
ظهره الشريف حتى تثقله أَو يسمع لها نقيض وهو السيد المعصوم المنزه عن
ذلك، صلّى اللّه عليه وسلّم؟ ولو كان، وحاش للّه، يأْتي بذنوب لم يكن يجد
لها ثِقَلاً فإِن اللّه تعالى قد غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأَخر،
وإِذا كان غفر له ما تأَخر قبل وقوعه فأَين ثقله كالشرِّ إِذا كفاه اللّه قبل
وُقوعه فلا صُورة له ولا إِحْساسَ به، ومن أَين للمفسِّر لفظ المغفرة
هنا؟ وإِنما نص التلاوة ووَضَعْنا، وتفسير الوِزْر هنا بالحِمل الثقيل، وهو
الأَصل في اللغة، أَولى من تفسيره بما يُخْبَر عنه بالمغفرة ولا ذكر لها
في السورة، ويحمل هذا على أَنه عزّ وجلّ وضع عنه وزره الذي أَنقض ظهره
من حَمْلِه هَمَّ قريش إِذ لم يسلموا، أَو هَمَّ المنافقين إِذ لم
يُخْلِصوا، أَو همّ الإِيمانِ إِذ لم يُعمّ عشيرته الأَقربين، أَو همّ العالَمِ
إذ لم يكونوا كلهم مؤمنين، أَو همّ الفتح إِذ لم يعجَّل للمسلمين، أَو
هموم أُمته المذنبين، فهذه أَوزاره التي أَثقلت ظهره، صلّى اللّه عليه
وسلّم، رغبة في انتشار دعوته وخَشْيةً على أُمته ومحافظة على ظهور ملته
وحِرْصاً على صفاء شِرْعته، ولعل بين قوله عزّ وجلّ: ووضعنا عنك وزرك، وبين
قوله: فلعلك باخع نفسك على آثارهم إِن لم يؤمنوا بهذا الحديث أَسفاً،
مناسبةً من هذا المعنى الذي نحن فيه، وإِلا فمن أَين لمن غفر اللّه له ما
تقدّم من ذنبه وما تأَخَّر ذنوب؟ وهل ما تقدَّم وما تأَخَّر من ذنبه المغفور
إِلا حسنات سواه من الأَبْرار يراها حسنة وهو سيّد المقربين يراها سيئة،
فالبَرُّ بها يتقرَّب والمُقَرَّبُ منها يتوب؛ وما أَوْلى هذا المكان أَن
يُنْشَد فيه:
ومِنْ أَيْنَ للوجْهِ الجَمِيل ذُنوب
وكل صوت لمَفْصِل وإِصْبَع، فهو نَقِيضٌ. وقد أَنْقَضَ ظهرُ فلان إِذا
سُمع له نَقِيض؛ قال:
وحُزْن تُنْقِضُ الأَضْلاعُ منه،
مُقِيم في الجَوانِحِ لنْ يَزُولا
ونَقِيضُ المِحْجَمةِ: صوتها إِذا شدَّها الحَجّامُ بمَصِّه، يقال:
أَنْقَضَتِ المِحْجَمةُ؛ قال الأَعشى:
زَوَى بينَ عَيْنَيْه نَقِيضُ المَحاجِم
وأَنْقَضَ الرَّحْلُ إِذا أَطَّ؛ قال ذو الرمة وشبَّه أَطِيطَ الرِّحالِ
بأَصوات الفراريج:
كأَنَّ أَصْواتَ، من إِيغالِهِنَّ بِنا،
أَواخِرِ المَيْسِ، إِنْقاضُ الفَرارِيجِ
قال الأَزهري: هكذا أَقرأَنِيه المُنْذِري رواية عن أَبي الهيثم، وفيه
تقديم أُريد التأْخير، أَراد كأَنَّ أَصواتَ أَواخِرِ المَيْسِ إِنْقاضُ
الفراريج إِذا أَوْغَلَت الرِّكابُ بنا أَي أَسْرَعَت، ونَقِيضُ الرّحال
والمَحامِل والأَدِيمِ والوَتَرِ: صوتُها من ذلك؛ قال الراجز:
شَيَّبَ أَصْداغي، فَهُنَّ بِيضُ،
مَحامِلٌ لقِدِّها نَقِيضُ
وفي الحديث: أَنه سمع نَقيضاً من فوقه؛ النَّقِيضُ الصوت. ونَقِيضُ
السقْفِ: تحريك خشبه. وفي حديث هِرَقْلَ: ولقد تنقَّضَتِ الغُرفةُ أَي
تشقَّقت وجاء صوتها. وفي حديث هوازِنَ: فأَنْقَضَ به دُرَيْد أَي نَقَرَ بلسانه
في فيه كما يُزْجَرُ الحِمار، فَعَله اسْتجهالاً؛ وقال الخطابي:
أَنْقَضَ به أَي صَفَّق بإحدى يديه على الأُخرى حتى سُمع لها نَقِيضٌ أَي صوتٌ،
وقيل: الإِنْقاضُ في الحَيوان والنَّقْضُ في المَوَتان، وقد نقَض
يَنْقُضُ ويَنْقِضُ نَقْضاً. والإِنْقاضُ: صُوَيْت مثل النَّقْرِ. وإِنْقاضُ
العِلْك: تَصويته، وهو مكروه. وأَنْقَضَ أَصابعه: صوَّت بها. وأَنْقض
بالدابة: أَلصقَ لسانه بالغار الأَعلى ثم صوَّت في حافتيه من غير أَن يرفع
طَرفه عن موضعه، وكذلك ما أَشبهه من أَصوات الفراريج والرِّحال. وقال
الكسائي: أَنْقَضْتُ بالعنزِ إِنْقاضاً إِذا دعوتها. أَبو عبيد: أَنْقَضَ
الفرْخُ إِنْقاضاً إِذا صأَى صَئِيّاً. وقال الأَصمعي: يقال أَنْقَضْتُ
بالعَيْر والفرس، قال: وكلُّ ما نقَرْت به، فقد أَنْقَضْتَ به. وأَنْقَضَت
الأَرضُ: بدَا نباتُها. ونَقْضا الأُذنين
(* قوله «وتقضا الأذنين» كذا ضبط في
الأَصل.): مُسْتدارُهما. والنُّقَّاضُ: نَبات. والإِنْقِيضُ: رائحة
الطِّيب، خُزاعية.
وفي النوادر: نقَّضَ الفرسُ ورَفَّضَ إِذا أَدْلَى ولم يَسْتَحْكِم
إِنْعاظُه، ومثله سيَا وأَسابَ وشَوَّلَ وسبَّح وسمَّل وانْساحَ وماسَ.
هرطل: الجوهري: الهِرْطالُ الطويلُ؛ وأَنشد ابن بري للبولاني:
قد مُنِيَتْ بِناشِيءٍ هِرْطالِ
فازْدالَها، وأَيَّما ازْدِيالِ
ويقال للرجل الطويل العظيم الجسيم: هِرْطالٌ وهِرْدَبَّةٌ وهَقَوَّرٌ
وقَنَوَّرٌ.
قطط: القَطُّ: القطْعُ عامَّة، وقيل: هو قَطعُ الشيء الصُّلب كالحُقَّة
ونحوها تَقُطُّها على حَذْو مَسْبُورٍ كما يَقُطُّ الإِنسان قَصَبة على
عظم، وقيل: هو القطْعُ عَرْضاً، قَطَّه يقُطُّه قَطّاً: قَطَعه عَرْضاً،
واقْتَطَّه فانْقَطَّ واقْتَطَّ ومنه قَطُّ القلم. والمِقَطَّةُ
والمِقَطُّ: ما يُقَطُّ عليه القلم. وفي التهذيب: المِقطةُ عُظَيم يكون مع
الورّاقِين يقطون عليه أَطراف الأَقلام. وروي عن علي، رضوان اللّه عليه: أَنه
كان إِذا عَلا قَدَّ وإِذا توسّط قَطَّ؛ يقول إِذا علا قِرْنَه بالسيف
قَدَّه بنِصْفَين طُولاً كما يُقَدّ السير، وإِذا أَصاب وسَطه قَطعَه عرضاً
نصفين وأَبانه. ومَقَطُّ الفرس: مُنْقَطَعُ أَضْلاعه. ابن سيده: والمَقط
من الفرس منقطع الشَّراسِيفِ؛ قال النابغة الجَعْديّ:
كأَنَّ مَقَطَّ شَراسِيفهِ،
إِلى طَرَفِ القُنْبِ فالمَنْقَبِ،
لُطِمْنَ بِتُرْسٍ شَديدِ الصِّفا
قِ، مِن خَشَبِ الجَوْزِ، لم يُثْقَبِ
والقِطاطُ: حرْف الجبل والصخرة كأَنما قُطَّ قَطَّاً، والجمع أَقِطَّةٌ؛
وقال أبُو زيد: هو أَعلى حافة الكهف وهي ثلاثة أَقطَّة. أَبو زيد:
القَطِيطةُ حافةُ أَعلى الكهفِ، والقِطاطُ: المِثالُ الذي يَحْذُو عليه
الحاذِي ويَقْطعُ النعل؛ قال رؤبة:
يا أَيُّها الحاذِي على القِطاطِ
والقِطاطُ: مَدار حافر الدابَّةِ لأَنه كأَنه قُطَّ أَي قُطِعَ
وسُوِّيَ؛ قال:
يَرْدي بِسُمْرٍ صُلْبةِ القِطاطِ
والقَطَطُ: شعر الزّنْجِيّ. يقال: رَجل قَطَطٌ وشعر قَطَطٌ وامرأَة
قَطَطٌ، والجمع قَطَطُونَ وقَطَطاتٌ، وشعر قَطٌّ وقطَطٌ: جَعْد قصير، قَطَّ
يَقَطُّ قَطَطاً وقَطاطةً وقَطِطَ، بإِظهار التضعيف، قَطّاً، وهو طَرِيفٌ.
وجَعْدٌ قَطَطٌ أَي شدِيدُ الجُعودةِ. وقد قَطِطَ شعره، بالكسر، وهو
أَحد ما جاء على الأَصل بإِظهار التضعيف، ورَجل قَطُّ الشعر وقَطَطُه بمعنى،
والجمع قَطُّون وقَطَطُون وأَقْطاطٌ وقِطاطٌ؛ قال الهذلي:
يُمشَّى بَيْننا حانوتُ خَمْرٍ،
من الخُرْس الصَّراصِرةِ القِطاطِ
(* قوله «يمشي» كذا هو بالياء هنا وفي مادة خرص، وبالتاء الفوقية في
مادة حنت.)
والأُنثى قطّةٌ وقَطَطٌ، بغير هاء. وفي حديث المُلاعَنة: إِن جاءتْ به
جَعْداً قَطَطاً فهو لفلان؛ والقَطَطُ: الشديدُ الجعُودةِ، وقيل: الحسَنُ
الجعُودةِ. الفراء: الأَقَطُّ الذي انْسَحَقت أَسنانه حتى ظهرت
دَرادِرُها، وقيل: الأَقطُّ الذي سقطت أَسنانه. ابن سيده: ورجل أَقَطُّ وامرأَة
قَطَّاء إِذا أَكلا على أَسْنانِهما حتى تَنْسحِقَ؛ حكاه ثعلب.
والقَطَّاطُ: الخَرَّاطُ الذي يعمل الحُقَق؛ وأَنشد ابن بَري لرؤبة يصف أُتُناً
وحماراً:
سَوَّى، مَساحِيهنَّ، تَقطِيطَ الحُقَقْ،
تَقْلِيلُ ما قارَعْنَ مِن سُمِّ الطُّرَق
(* قوله «سم الطرق» كذا هو بالسين المهملة في الموضعين ولعله شم أَو
صم.)أَراد بالمساحِي حَوافرَهن لأَنها تَسْحِي الأَرض أَي تَقْشُرها، ونصَب
تقطيطَ الحقق على المصدر المشبه به لأَن معنى سَوّى وقطَّط واحد،
والتقْطِيطُ: قطع الشيء، وأَراد تقطيع حُقَق الطِّيب وتَسْويتَها، وتقْليلُ فاعل
سَوّى أَي سَوّى مَساحِيَهنَّ تكسيرُ ما قارَعَتْ من سُمّ الطُّرَق،
والطُّرَقُ جمع طُرْقَة وهي حجارة بعضها فوق بعض.
وحديث قتل ابن أَبي الحُقَيْق: فتحامل عليه بسيفه في بطنه حتى أَنْفَذَه
فجعل يقول: قَطْني قَطْني
(* قوله: وحديث قتل ابن أَبي الحقيق، إِلى
قوله قطني، هكذا في الأَصل. ولعلّ موضع هذه الجملة هو مع الكلام على
قطني.).وقَطَّ السِّعْرُ يَقِطُّ، بالكسر، قَطّاً وقُطُوطاً، فهو قاطٌّ
ومَقْطُوطٌ بمعنى فاعِل: غَلا. ويقال: وردْنا أَرضاً قَطّاً سِعْرُها؛ قال أَبو
وجْزَة السَّعْدِيّ:
أَشْكُو إِلى اللّهِ العَزِيز الجَبّارْ،
ثُمَّ إِلَيْكَ اليَوْمَ بُعْدَ المُسْتارْ،
وحاجةَ الحَيِّ وقَطَّ الأَسْعارْ
وقال شمر: قَطَّ السِّعْرُ، إِذا غَلا، خَطأ عندي إِنما هو بمعنى فَتَر،
وقال الأَزهري: وَهِمَ شمر فيما قال. وروي عن الفراء أَنه قال: حَطَّ
السِّعْرُ حُطُوطاً وانْحَطَّ انْحِطاطاً وكسَر وانكسر إِذا فَتَر، وقال:
سِعْرٌ مَقْطُوطٌ وقد قَطَّ إِذا غَلا، وقد قَطَّه اللّه. ابن الأَعرابي:
القاطِطُ السِّعْر الغالي.
الليث: قَطْ خفِيفة بمعنى حَسْب، تقول: قَطْكَ الشيء أَي حَسْبُك، قال:
ومثله قد، قال وهما لم يتمكنا في التصريف، فإِذا أَضفتهما إِلى نفسك
قُوّيَتا بالنون قلت: قَطْني وقَدْني كما قَوَّوا عنِّي ومني ولَدُنِّي بنون
أُخرى، قال: وقال أَهل الكوفة معنى قطني كفاني فالنون في موضع نصب مثل
نون كفاني، لأَنك تقول قَطْ عبدَ اللّهِ دِرهمٌ، وقال أَهل البصرة: الصواب
فيه الخفض على معنى حَسْبُ زيدٍ وكَفْيُ زيدٍ درهمٌ، وهذه النون عماد،
ومَنَعَهم أَن يقولوا حَسْبُني أََن الباء متحركة والطاء من قط ساكنة
فكرهوا تغييرها عن الإِسكان، وجعلوا النون الثانية من لدنّي عماداً للياء. وفي
الحديث في ذكر النار: إِنَّ النارَ تقول لربها إِنك وعَدْتَنِي مِلْئي،
فيَضَع فيها قدَمَه، وفي رواية: حتى يضع الجبَّارُ فيها قَدَمه فتقول:
قَطْ قَطْ بمعنى حَسْب، وتكرارها للتأْكيد، وهي ساكنة الطاء، ورواه بعضهم
قَطْني أَي حَسْبِي. قال الليث: وأَما قَطُّ فإِنه هو الأَبَدُ الماضي،
تقول: ما رأَيت مثله قَطُّ، وهو رفع لأَنه مثل قبلُ وبعدُ، قال: وأَما
القَطُّ الذي في موضع ما أَعطيته إِلا عشرين قَطِّ فإِنه مجرور فرقاً بين
الزمان والعَددِ، وقَطُّ معناها الزمان؛ قال ابن سيده: ما رأَيته قَطُّ
وقُطُّ وقُطُ، مرفوعة خفيفة محذوفة منها، إِذا كانت بمعنى الدهر ففيها ثلاث
لغات وإِذا كانت في معنى حَسْب فهي مفتوحة القاف ساكنة الطاء، قال بعض
النحويين: أَمّا قولهم قَطُّ، بالتشديد، فإِنما كانت قَطُطُ وكان ينبغي لها
أَن تسكن، فلما سكن الحرف الثاني جعل الآخِر متحركاً إِلى إِعرابه، ولو
قيل فيه بالخفض والنصب لكان وجهاً في العربية، وأَما الذين رفعوا أَوَّله
وآخره فهو كقولك مُدُّ يا هذا، وأَما الذين خففوه فإِنهم جعلوه أَداة ثم
بَنَوْه على أَصله فأَثبتوا الرَّفْعة التي كانت تكون في قط وهي مشددة،
وكان أَجود من ذلك أَن يجزموا فيقولوا ما رأَيته قُطْ، مجزومة ساكنة
الطاء، وجهة رفعه كقولهم لم أَره مُذُ يومان، وهي قليلة، كله تعليل كوفي ولذلك
لفظ الإِعراب موضع لفظ البناء هذا إِذا كانت بمعنى الدهْر، وأَما إِذا
كانت بمعنى حسب، وهو الاكتفاء، قال سيبويه: قط ساكنة الطاء معناها
الاكتفاء، وقد يقال قَطٍ وقَطِي، وقال: قَطُ معناها الانتهاء وبنيت على الضم
كحَسْبُ. وحكى ابن الأَعرابي: ما رأَيته قَطِّ، مكسورة مشددة، وقال بعضهم:
قَطْ زيداً دِرْهَمٌ أَي كفاه، وزادوا النون في قَطْ فقالوا قَطْني، لم
يريدوا أَن يكسروا الطاء لئلا يجعلوها بمنزلة الأَسماء المتمكنة نحو يَدِي
وهَنِي. وقال بعضهم: قطني كلمة موضوعة لا زيادة فيها كحسبي؛ قال الراجز:
امتَلأَ الحوْضُ وقال: قَطْنِي،
سَلا رُوَيْداً، قد ملأْتَ بَطْنِي
(* قوله «سلا» كذا هو بالأصل وشرح القاموس، قال: ورواية الجوهري مهلاً أ
هـ. ولعل الاولى ملأّ.)
وإِنما دخلت النون ليسلم السكون الذي يبنى الاسم عليه، وهذه النون لا
تدخل الأَسماء، وإِنما تدخل الفعل الماضي إِذا دخلته ياء المتكلم كقولك
ضربني وكلمني لتسلم الفتحة التي بني الفعل عليها ولتكون وقاية للفعل من
الجرّ، وإِنما أَدخلوها في أَسماء مخصوصة قليلة نحو قَطْنِي وقَدْني وعَنِّي
ومنِّي ولَدُنِّي لا يقاس عليها، فلو كانت النون من أَصل الكلمة لقالوا
قَطْنُكَ وهذا غير معلوم. وقال ابن بري: عني ومني وقطني ولدني على القياس
لأَن نون الوقاية تدخل الأَفعال لِتقيَها الجرّ وتبقي على فتحها، وكذلك
هذه التي تقدمت دخلت النون عليها لتقيها الجرّ فتبقي على سكونها، وقد
يُنصب بقَطْ، ومنهم من يخفض بقط مجزومة، ومنهم من يبنيها على الضم ويخفض بها
ما بعدها، وكلُّ هذا إِذا سمي به ثم حقّر قيل قطيط لأَنه إِذا ثُقِّل فقد
كُفِيت، وإِذا خفف فأَصله التثقيل لأَنه من القَطّ الذي هو القَطْعُ.
وحكى اللحياني: ما زال هذا مذ قُطُّ يا فتى، بضم القاف والتثقيل،قال: وقد
يقال ما لَه إِلا عشرة قَطْ يا فتى، بالتخفيف والجزم، وقَطِّ يا فتى،
بالتثقيل والخفض.
وقَطاطِ: مبنية مثل قَطام أَي حسبي؛ قال عمرو بن مَعْدِيكَرِب:
أَطَلْتُ فِراطَهم، حتى إِذا ما
قَتلْتُ سَراتَهمْ قالتْ: قَطاطِ
أَي قطْني وحسْبي؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده أَطلت فِراطَكم وقتلت
سَراتَكم بكاف الخطاب، والفِراطُ: التقَدُّم؛ يقول: أَطلت التقدُّم بوَعِيدي
لكم لتخرجوا من حقِّي فلم تفعلوا.
والقِطُّ: النَّصِيبُ. والقِطُّ: الصَّكُّ بالجائزةِ. والقِطُّ: الكتاب،
وقيل: هو كتاب المُحاسَبةِ؛ وأَنشد ابن بري لأُمَيَّةَ بن أَبي الصلت:
قَوْم لهم ساحةُ العِرا
قِ جَميعاً، والقِطُّ والقَلَمُ
وفي التنزيل العزيز: عَجِّلْ لنا قِطَّنا قبل يوم الحساب، والجمع
قُطوطٌ؛ قال الأَعشى:
ولا المَلِكُ النُّعْمانُ، يوم لَقِيتُه
بغِبْطَته، يُعْطِي القُطوطَ ويأْفِقُ
قوله: يأْفِقُ يُفَضِّلُ، قال أَهل التفسير مجاهد وقتادة والحسن قالوا:
عجِّل لنا قِطَّنا، أَي نَصِيبنا من العذاب. وقال سعيد بن جبير: ذُكرت
الجنة فاشْتَهوْا ما فيها فقالوا: ربنا عجِّل لنا قطنا، أَي نصيبنا. وقال
الفراء: القِطّ الصحيفة المكتوبة، وإِنما قالوا ذلك حين نزل: فأَمَّا مَن
أُوتيَ كتابه بيمينه، فاستهزؤُوا بذلك وقالوا: عجل لنا هذا الكتاب قبل
يوم الحِساب. والقِطُّ في كلام العرب: الصَّكُّ وهو الحظ. والقِطُّ:
النصيب، وأَصله الصحيفة للإِنسان بصلة يوصل بها، قال: وأَصل القِطّ من قطَطْتُ.
وروي عن زيد ابن ثابت وابن عمر أَنَّهما كانا لا يَريانِ ببيع القُطوطِ
إِذا خرجت بأْساً، ولكن لا يحل لمن ابتاعَها أَن يبيعها حتى يَقْبِضَها.
قال الأَزهري: القُطوطُ ههنا جمع قِطّ وهو الكتاب. والقِطُّ: النصيب،
وأَراد بها الجوائز والأَرْزاقَ، سميت قُطوطاً لأَنها كانت تخرج مكتوبة في
رِقاع وصِكاكٍ مقطوعة، وبيعُها عند الفقهاء غير جائز ما لم يَتحصَّل ما
فيها في مِلْك من كُتِبت له معلومة مقبوضة.
الليث: القِطَّةُ السِّنَّوْرُ، نعت لها دون الذكر. ابن سيده: القِطُّ
السنور، والجمع قِطاطٌ وقِطَطة، والأُنثى قِطَّة، وقال كراع: لا يقال
قِطَّة؛ قال ابن دريد: لا أَحسبها عربية؛ قال الأَخطل:
أَكَلْتَ القِطاطَ فأَفْنَيْتَها،
فهل في الخَنانِيصِ من مَغْمَزِ؟
ومضَى قِطٌّ من الليل أَي ساعة؛ حكي عن ثعلب.
والقِطْقِطُ، بالكسر: المطَر الصِّغار الذي كأَنه شَذْر، وقيل: هو صغار
البَرَدِ، وقد قَطْقَطت السماء فهي مُقَطْقِطةٌ، ثم الرَّذاذُ وهو فوق
القِطْقِط، ثم الطَّشُّ وهو فوق الرّذاذِ، ثم البَغْشُ وهو فوق الطشّ، ثم
الغَبْيةُ وهو فوق البَغْشةِ، وكذلك الحَلْبةُ والشَّجْذةُ والخَفْشةُ
والحَكْشةُ مثل الغَبْيةِ. وقال الليث: القِطْقِطُ المطر المتفرّق
المُتتابِعُ المُتحاتِنُ. أَبو زيد: أَصغر المطر القِطْقِطُ.
ويقال: جاءت الخيلُ قَطائطَ، قَطيعاً قَطِيعاً؛ قال هِمْيانُ:
بالخيْلِ تَتْرَى زِيَماً قَطائطا
وقال عَلْقَمةُ بن عَبْدة:
ونحنُ جَلَبْنا مِن ضَرِيّةَ خَيْلَنا،
نُكَلِّفُها حَدَّ الإِكامِ قَطائطا
قال أَبو عمرو: أَي نُكَلِّفُها أَن تقْطَع حدّ الإِكامِ فتقْطَعَها
بحوافرها؛ قال: وواحد القَطائطِ قَطُوطٌ مثل جَدُودٍ وجَدائدَ، وقال غيره:
قَطائطاً رِعالاً وجَماعاتٍ في تَفْرِقة.
ويقال: تَقَطْقَطَت الدَّلْو إِلى البئر أَي انْحَدَرَت؛ قال ذو الرمة
يصف سُفْرةً دَلاَّها في البئر:
بمَعْقُودة في نِسْعِ رَحْلٍ تَقَطْقَطَتْ
إِلى الماء، حتى انْقَدَّ عنها طَحالِبُهْ
ابن شميل: في بطن الفرس مَقاطُّه ومَخِيطُه، فأَما مِقَطُّه فطرفه في
القَصِّ وطرفه في العانة.
وفي حدجيث أُبَيّ وسأَل زِرَّ بن حُبَيْش عن عدد سورة الأَحزاب فقال:
إِمّا ثلاثاً وسبعين أَو أَربعاً وسبعين، فقال: أَقَطْ؟ بأَلف الاستفهام
أَي أَحَسْبُ؟ وفي حديث حَيْوةَ بن شُرَيْح: لقِيتُ عُقْبةَ بن مُسْلِم
فقلت له: بلَغني أَنك حدَّثْتَ عن عبدِ اللّه بن عمرو بن العاص أَن رسول
اللّه، صلّى اللّ عليه وسلّم، كان يقول إِذا دخل المسجد: أَعوذ باللّه
العظيم وبوجهه الكريم وسُلْطانه القديم من الشيطان الرجيم، قال: أَقَطْ؟ قلت:
نعم.
وقَطْقَطَتِ القَطاةُ والحَجلة: صَوَّتت وحدها.
وتَقَطْقَطَ الرجلُ: رَكِبَ رأْسَه.
ودَلَجٌ قَطْقاطٌ: سَريع؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
يَسِيحُ بعد الدَّلَجِ القَطْقاطِ،
وهو مُدِلٌّ حَسَنُ الأَلْياطِ
(* قوله «يسيح» كذا بالأصل هنا، وتقدم في مادة شرط: يصبح.)
وقُطَيْطِ: اسم أَرض، وقيل: موضع؛ قال القُطامِي:
أَبَتِ الخُرُوجَ من العِراقِ، ولَيْتَها
رَفَعَت لنا بقُطَيْقِط أَظْعانا
ودارةُ قُطْقُطٍ؛ عن كراع. والقُطْقُطانةُ، بالضم: موضع، وقيل: موضع
بقُرب الكوفة؛ قال الشاعر:
مَن كان يَسأَلُ عَنّا أَيْنَ مَنْزِلُنا؟
فالقُطْقُطانةُ مِنّا مَنْزِلٌ قَمِنُ
(* هذا البيت لعمر بن ابي ربيعة، وفي ديوانه: الأقحوانة بدل
القطقطانة.)