كلــل: الــكُلُّ: اسم يجمع الأَجزاء، يقال: كلُّــهم منطلِق وكلــهن منطلقة
ومنطلق، الذكر والأُنثى في ذلك سواء، وحكى سيبويه: كُلَّــتهُنَّ منطلِقةٌ،
وقال: العالِمُ كلُّ العالِم، يريد بذلك التَّناهي وأَنه قد بلغ الغاية
فيما يصفه به من الخصال. وقولهم: أَخذت كُلَّ المال وضربت كلَّ القوم، فليس
الــكلُّ هو ما أُضيف إِليه. قال أَبو بكر بن السيرافي: إِنما الــكلُّ عبارة
عن أَجزاء الشيء، فكما جاز أَن يضاف الجزء إِلى الجملة جاز أَن تضاف
الأَجزاء كلــها إِليها، فأَما قوله تعالى: وكُلٌّ أَتَوْه داخِرين وكلٌّ له
قانِتون، فمحمول على المعنى دون اللفظ، وكأَنه إِنما حمل عليه هنا لأَن
كُلــاًّ فيه غير مضافة، فلما لم تُضَفْ إِلى جماعة عُوِّض من ذلك ذكر
الجماعة في الخبر، أَلا ترى أَنه لو قال: له قانِتٌ، لم يكن فيه لفظ الجمع
البتَّة؟ ولما قال سبحانه: وكُلُّــهم آتيه يوم القيامة فَرْداً، فجاء بلفظ
الجماعة مضافاً إِليها، استغنى عن ذكر الجماعة في الخبر؟ الجوهري: كُلٌّ
لفظه واحد ومعناه جمع، قال: فعلى هذا تقول كُلٌّ حضَر وكلٌّ حضروا، على
اللفظ مرة وعلى المعنى أُخرى، وكلٌّ وبعض معرفتان، ولم يجئْ عن العرب
بالأَلف واللام، وهو جائز لأَن فيهما معنى الإِضافة، أَضفت أَو لم تُضِف.
التهذيب: الليث ويقال في قولهم كِلــا الرجلين إِن اشتقاقه من كل القوم، ولكنهم
فرقوا بين التثنية والجمع، بالتخفيف والتثقيل؛ قال أَبو منصور وغيره من
أَهل اللغة: لا تجعل كُلــاًّ من باب كِلــا وكِلْــتا واجعل كل واحد منهما على
حدة، قال: وأَنا مفسر كلــا وكلــتا في الثلاثيّ المعتلِّ، إِن شاء الله؛
قال: وقال أَبو الهيثم فيما أَفادني عنه المنذري: تقع كُلٌّ على اسم منكور
موحَّد فتؤدي معنى الجماعة كقولهم: ما كُلُّ بيضاء شَحْمةً ولا كلُّ
سَوْداء تمرةً، وتمرةٌ جائز أَيضاً، إِذا كررت ما في الإِضمار. وسئل أَحمد بن
يحيى عن قوله عز وجل: فسجد الملائكة كُلُّــهم أَجمعون، وعن توكيده بــكلــهم
ثم بأَجمعون فقال: لما كانت كلــهم تحتمل شيئين تكون مرة اسماً ومرة توكيداً
جاء بالتوكيد الذي لا يكون إِلا توكيداً حَسْب؛ وسئل المبرد عنها فقال:
لو جاءت فسجد الملائكة احتمل أَن يكون سجد بعضهم، فجاء بقوله كلــهم
لإِحاطة الأَجزاء، فقيل له: فأَجمعون؟ فقال: لو جاءت كلــهم لاحتمل أَن يكون
سجدوا كلــهم في أَوقات مختلفات، فجاءت أَجمعون لتدل أَن السجود كان منهم
كلِّــهم في وقت واحد، فدخلت كلــهم للإِحاطة ودخلت أَجمعون لسرعة الطاعة.
وكَلَّ يَــكِلُّ كَلــاًّ وكَلــالاً وكَلــالة؛ الأَخيرة عن اللحياني: أَعْيا.
وكَلَــلْت من المشي أَــكِلُّ كَلــالاً وكَلــالة أَي أَعْيَيْت، وكذلك البعير
إِذا أَعيا. وأَــكَلَّ الرجلُ بعيرَه أَي أَعياه. وأَــكَلَّ الرجلُ أَيضاً
أَي كَلَّ بعيرُه. ابن سيده: أَــكَلَّــه السيرُ وأَــكَلَّ القومُ كَلَّــت
إِبلُهم.
والــكَلُّ: قَفَا السيف والسِّكِّين الذي ليس بحادٍّ. وكَلَّ السيفُ
والبصرُ وغيره من الشيء الحديد يَــكِلُّ كَلــاًّ وكِلَّــة وكَلــالة وكُلــولة
وكُلــولاً وكَلَّــل، فهو كَلِــيل وكَلٌّ: لم يقطع؛ وأَنشد ابن بري في الــكُلــول قول
ساعدة:
لِشَانِيك الضَّراعةُ والــكُلُــولُ
قال: وشاهد الــكِلَّــة قول الطرماح:
وذُو البَثِّ فيه كِلَّــةٌ وخُشوع
وفي حديث حنين: فما زِلْت أَرى حَدَّهم كَلِــيلاً؛ كَلَّ السيفُ: لم
يقطع. وطرْف كَلِــيل إِذا لم يحقِّق المنظور. اللحياني: انْــكَلَّ السيف ذهب
حدُّه. وقال بعضهم: كَلَّ بصرُه كُلــولاً نَبَا، وأَــكلَّــه البكاء وكذلك
اللسان، وقال اللحياني: كلــها سواء في الفعل والمصدر؛ وقول الأَسود بن
يَعْفُر:بأَظفارٍ له حُجْنٍ طِوالٍ،
وأَنيابٍ له كانت كِلــالا
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون جمع كالٍّ كجائع وجِياع ونائم ونِيام، وأَن
يكون جمع كَلِــيل كشديد وشِداد وحَديد وحِداد. الليث: الــكَلِــيل السيف
الذي لا حدَّ له. ولسان كَلِــيل: ذو كَلــالة وكِلَّــة، وسيف كَلِــيل الحدِّ،
ورجل كَلِــيل اللسان، وكَلِــيل الطرْف.
قال: وناس يجعلون كَلــاَّءَ للبَصْرة اسماً من كَلَّ، على فَعْلاء، ولا
يصرفونه، والمعنى أَنه موضع تَــكِلُّ فيه الريحُ عن عمَلها في غير هذا
الموضع؛ قال رؤبة:
مُشْتَبِهِ الأَعْلامِ لَمَّاعِ الخَفَقْ،
يــكِلُّ وَفْد الريح من حيث انْخَرَقْ
والــكَلُّ: المصيبة تحدث، والأَصل من كَلَّ عنه أَي نبا وضعُف.
والــكَلــالة: الرجل الذي لا ولد له ولا والد. وقال الليث: الــكَلُّ الرجل
الذي لا ولد له ولا والد، كَلَّ الرجل يَــكِلُّ كَلــالة، وقيل: ما لم يكن من
النسب لَحًّا فهو كَلــالةٌ. وقالوا: هو ابن عمِّ الــكَلــالِة، وابنُ عمِّ
كَلــالةٍ وكَلــالةٌ، وابن عمي كَلــالةً، وقيل: الــكَلــالةُ من تَــكَلَّــل نسبُه
بنسبك كابن العم ومن أَشبهه، وقيل: هم الإِخْوة للأُمّ وهو المستعمل. وقال
اللحياني: الــكَلــالة من العصَبة من ورِث معه الإِخوة من الأُم، والعرب
تقول: لم يَرِِثه كَلــالةً أَي لم يرثه عن عُرُض بل عن قرْب واستحقاق؛ قال
الفرزدق:
ورِثْتم قَناةَ المُلْك، غيرَ كَلــالةٍ،
عن ابْنَيْ مَنافٍ: عبدِ شمسٍ وهاشم
ابن الأَعرابي: الــكَلــالةُ بنو العم الأَباعد. وحكي عن أَعرابي أَنه قال:
مالي كثيرٌ ويَرِثُني كَلــالة متراخ نسبُهم؛ ويقال: هو مصدر من تــكَلَّــله
النسبُ أَي تطرَّفه كأَنه أَخذ طَرَفيه من جهة الولد والوالد وليس له
منهما أَحد، فسمي بالمصدر. وفي التنزيل العزيز: وإِن كان رجل يُورَث كَلــالةً
(الآية)؛ واختلف أَهل العربية في تفسير الــكَلــالة فروى المنذري بسنده عن
أَبي عبيدة أَنه قال: الــكَلــالة كل مَنْ لم يرِثه ولد أَو أَب أَو أَخ
ونحو ذلك؛ قال الأَخفش: وقال الفراء الــكَلــالة من القرابة ما خلا الوالد
والولد، سموا كَلــالة لاستدارتهم بنسب الميت الأَقرب، فالأَقرب من تــكَلــله
النسب إِذا استدار به، قال: وسمعته مرة يقول الــكَلــالة من سقط عنه طَرَفاه،
وهما أَبوه وولده، فصار كَلــاًّ وكَلــالة أَي عِيالاً على الأَصل، يقول: سقط
من الطَّرَفين فصار عِيالاً عليهم؛ قال: كتبته حفظا عنه؛ قال الأَزهري:
وحديث جابر يفسر لك الــكَلــالة وأَنه الوارِث لأَنه يقول مَرِضْت مرضاً
أَشفيت منه على الموت فأَتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، فقلت: إِني رجل ليس
يرثني إِلا كَلــالةٌ؛ أَراد أَنه لا والد له ولا ولد، فذكر الله عز وجل
الــكَلــالة في سورة النساء في موضعين، أَحدهما قوله: وإِن كان رجل يُورَث
كَلــالةً أَو امرأَةٌ وله أَخٌ أَو أُختٌ فلــكل واحد منهما السدس؛ فقوله
يُورَث من وُرِث يُورَث لا من أُورِث يُورَث، ونصب كَلــالة على الحال، المعنى
أَن من مات رجلاً أَو امرأَة في حال تــكَلُّــلِه نسب ورثِته أَي لا والد له
ولا ولد وله أَخ أَو أُخت من أُم فلــكل واحد منهما السدس، فجعل الميت ههنا
كَلــالة وهو المورِّث، وهو في حديث جابر الوارث: فــكل مَن مات ولا والد له
ولا ولد فهو كلــالةُ ورثِته، وكلُّ وارث ليس بوالد للميت ولا ولدٍ له فهو
كلــالةُ مَوْرُوثِه، وهذا مشتق من جهة العربية موافق للتنزيل والسُّنة،
ويجب على أَهل العلم معرفته لئلا يلتبس عليهم ما يحتاجون إِليه منه؛
والموضع الثاني من كتاب الله تعالى في الــكَلــالة قوله: يَسْتفتونك قل الله
يفتيكم في الــكلــالة إِن امْرُؤٌ هلَك ليس له ولد وله أُخت فلها نصف ما ترك
(الآية)؛ فجعل الــكَلــالة ههنا الأُخت للأَب والأُم والإِخوة للأَب والأُم،
فجعل للأُخت الواحدة نصفَ ما ترك الميت، وللأُختين الثلثين، وللإِخوة
والأَخوات جميع المال بينهم، للذكر مثل حَظِّ الأُنثيين، وجعل للأَخ والأُخت
من الأُم، في الآية الأُولى، الثلث، لــكل واحد منهما السدس، فبيّن بسِياق
الآيتين أَن الــكَلــالة تشتمل على الإِخوة للأُم مرَّة، ومرة على الإِخوة
والأَخوات للأَب والأُم؛ ودل قول الشاعر أَنَّ الأَب ليس بــكَلــالة، وأَنَّ
سائر الأَولياء من العَصَبة بعد الولد كَلــالة؛ وهو قوله:
فإِنَّ أَب المَرْء أَحْمَى له،
ومَوْلَى الــكَلــالة لا يغضَب
أَراد: أَن أَبا المرء أَغضب له إِذا ظُلِم، وموالي الــكلــالة، وهم
الإِخوة والأَعمام وبنو الأَعمام وسائر القرابات، لا يغضَبون للمرء غَضَب
الأَب. ابن الجراح: إِذا لم يكن ابن العم لَحًّا وكان رجلاً من العشيرة قالوا:
هو ابن عَمِّي الــكَلــالةُ وابنُ عَمِّ كَلــالةٍ؛ قال الأَزهري: وهذا يدل
على أَن العَصَبة وإِن بَعُدوا كَلــالة، فافهمه؛ قال: وقد فسَّرت لك من
آيَتَيِ الــكَلــالة وإِعرابهما ما تشتفي به ويُزيل اللبس عنك، فتدبره تجده
كذلك؛ قال: قد ثَبَّجَ الليث ما فسره من الــكَلــالة في كتابه ولم يبين المراد
منه، وقال ابن بري: اعلم أَن الــكَلــالة في الأَصل هي مصدر كَلَّ الميت
يَــكِلُّ كَلــاًّ وكَلــالة، فهو كَلٌّ إِذا لم يخلف ولداً ولا والداً يرِثانه،
هذا أَصلها، قال: ثم قد تقع الــكَلــالة على العين دون الحدَث، فتكون اسماً
للميت المَوْروث، وإِن كانت في الأَصل اسماً للحَدَث على حدِّ قولهم: هذا
خَلْقُ الله أَي مخلوق الله؛ قال: وجاز أَن تكون اسماً للوارث على حدِّ
قولهم: رجل عَدْل أَي عادل، وماءٌ غَوْر أَي غائر؛ قال: والأَول هو
اختيار البصريين من أَن الــكَلــالة اسم للموروث، قال: وعليه جاء التفسير في
الآية: إِن الــكَلــالة الذي لم يخلِّف ولداً ولا والداً، فإِذا جعلتها للميت
كان انتصابها في الآية على وجهين: أَحدهما أَن تكون خبر كان تقديره: وإِن
كان الموروث كَلــالةً أَي كَلــاًّ ليس له ولد ولا والد، والوجه الثاني أَن
يكون انتصابها على الحال من الضمير في يُورَث أَي يورَث وهو كَلــالة، وتكون
كان هي التامة التي ليست مفتقرة إِلى خبر، قال: ولا يصح أَن تكون
الناقصة كما ذكره الحوفي لأَن خبرها لا يكون إِلا الــكَلــالة، ولا فائدة في قوله
يورَث، والتقدير إِن وقَع أَو حضَر رجل يموت كَلــالة أَي يورَث وهو كَلــالة
أَي كَلّ، وإِن جعلتها للحدَث دون العين جاز انتصابها على ثلاثة أَوجه:
أَحدها أَن يكون انتصابها على المصدر على تقدير حذف مضاف تقديره يورَث
وِراثة كَلــالةٍ كما قال الفرزدق:
ورِثْتُم قَناة المُلْك لا عن كَلــالةٍ
أَي ورثتموها وِراثة قُرْب لا وِراثة بُعْد؛ وقال عامر
بن الطُّفَيْل:
وما سَوَّدَتْني عامِرٌ عن كَلــالةٍ،
أَبى اللهُ أَنْ أَسْمُو بأُمٍّ ولا أَب
ومنه قولهم: هو ابن عَمٍّ كَلــالةً أَي بعيد النسب، فإِذا أَرادو القُرْب
قالوا: هو ابن عَمٍّ دنْيَةً، والوجه الثاني أَن تكون الــكَلــالة مصدراً
واقعاً موقع الحال على حد قولهم: جاء زيد رَكْضاً أَي راكِضاً، وهو ابن
عمي دِنيةً أَي دانياً، وابن عمي كَلــالةً أَي بعيداً في النسَب، والوجه
الثالث أَن تكون خبر كان على تقدير حذف مضاف، تقديره وإِن كان المَوْروث ذا
كَلــالة؛ قال: فهذه خمسة أَوجه في نصب الــكلــالة: أَحدها أَن تكون خبر كان،
الثاني أَن تكون حالاً، الثالث أَن تكون مصدراً على تقدير حذف مضاف،
الرابع أَن تكون مصدراً في موضع الحال، الخامس أَن تكون خبر كان على تقدير
حذف مضاف، فهذا هو الوجه الذي عليه أَهل البصرة والعلماء باللغة، أَعني أَن
الــكَلــالة اسم للموروث دون الوارث، قال: وقد أَجاز قوم من أَهل اللغة،
وهم أَهل الكوفة، أَن تكون الــكَلــالة اسماً للوارِث، واحتجُّوا في ذلك
بأَشياء منها قراءة الحسن: وإِن كان رجل يُورِث كَلــالةً، بكسر الراء،
فالــكَلــالة على ظاهر هذه القِراءة هي ورثةُ الميت، وهم الإِخوة للأُم، واحتجُّوا
أَيضاً بقول جابر إِنه قال: يا رسول الله إِنما يرِثني كَلــالة، وإِذا ثبت
حجة هذا الوجه كان انتصاب كَلــالة أَيضاً على مثل ما انتصبت في الوجه
الخامس من الوجه الأَول، وهو أَن تكون خبر كان ويقدر حذف مضاف ليكون الثاني
هو الأَول، تقديره: وإِن كان رجل يورِث ذا كَلــالة، كما تقول ذا قَرابةٍ
ليس فيهم ولد ولا والد، قال: وكذلك إِذا جعلتَه حالاً من الضمير في يورث
تقديره ذا كَلــالةٍ، قال: وذهب ابن جني في قراءة مَنْ قرأَ يُورِث كَلــالة
ويورِّث كَلــالة أَن مفعولي يُورِث ويُوَرِّث محذوفان أَي يُورِث وارثَه
مالَه، قال: فعلى هذا يبقى كَلــالة على حاله الأُولى التي ذكرتها، فيكون نصبه
على خبر كان أَو على المصدر، ويكون الــكَلــالة للمَوْروث لا للوارث؛ قال:
والظاهر أَن الــكَلــالة مصدر يقع على الوارث وعلى الموروث، والمصدر قد يقع
للفاعل تارة وللمفعول أُخرى، والله أَعلم؛ قال ابن الأَثير: الأَب والابن
طرَفان للرجل فإِذا مات ولم يخلِّفهما فقد مات عن ذهاب طَرَفَيْه، فسمي
ذهاب الطرَفين كَلــالة، وقيل: كل ما اخْتَفَّ بالشيء من جوانبه فهو
إِــكْلِــيل، وبه سميت، لأَن الوُرَّاث يُحيطون به من جوانبه.
والــكَلُّ: اليتيم؛ قال:
أَكُولٌ لمال الــكَلِّ قَبْلَ شَبابِه،
إِذا كان عَظْمُ الــكَلِّ غيرَ شَديد
والــكَلُّ: الذي هو عِيال وثِقْل على صاحبه؛ قال الله تعالى: وهو كَلٌّ
على مَوْلاه، أَي عِيال. وأَصبح فلان مُــكِلــاًّ إِذا صار ذوو قَرابته
كَلــاًّ عليه أَي عِيالاً. وأَصبحت مُــكِلــاًّ أَي ذا قراباتٍ وهم عليَّ عيال.
والكالُّ: المُعْيي، وقد كَلَّ يَــكِلُّ كَلــالاً وكَلــالةً. والــكَلُّ:
العَيِّل والثِّقْل، الذكَر والأُنثى في ذلك سواء، وربما جمع على الــكُلــول في
الرجال والنساء، كَلَّ يَــكِلُّ كُلــولاً. ورجل كَلٌّ: ثقيل لا خير فيه. ابن
الأَعرابي: الــكَلُّ الصنم، والــكَلُّ الثقيلُ الروح من الناس، والــكَلُّ
اليتيم، والــكَلُّ الوَكِيل. وكَلَّ الرجل إِذا تعِب. وكَلَّ إِذا توكَّل؛
قال الأَزهري: الذي أَراد ابنُ الأَعرابي بقوله الــكلُّ الصنَم قوله تعالى:
ضَرَب الله مثلاً عبداً مملوكاً؛ ضربه مثلاً للصَّنَم الذي عبدُوه وهو
لا يقدِر على شيء فهو كَلٌّ على مولاه لأَنه يحمِله إِذا ظَعَن ويحوِّله
من مكان إِلى مكان، فقال الله تعالى: هل يستوي هذا الصَّنَم الــكَلُّ ومن
يأْمر بالعدل، استفهام معناه التوبيخ كأَنه قال: لا تسوُّوا بين الصنم
الــكَلِّ وبين الخالق جل جلاله. قال ابن بري: وقال نفطويه في قوله وهو كَلٌّ
على مولاه: هو أُسيد بن أَبي العيص وهو الأَبْكم، قال: وقال ابن خالويه
ورأْس الــكَلّ رئيس اليهود. الجوهري: الــكَلُّ العِيال والثِّقْل. وفي حديث
خديجة: كَلــاَّ إِنَّك لَتَحْمِل الــكَلَّ؛ هو، بالفتح: الثِّقْل من كل ما
يُتــكلَّــف. والــكَلُّ: العِيال؛ ومنه الحديث: مَنْ تَرك كَلــاًّ فَإِلَيَّ
وعليَّ. وفي حديث طَهْفة: ولا يُوكَل كَلُّــكم أَي لا يوكَل إِليكم عِيالكم
وما لم تطيقوه، ويُروى: أُــكْلُــكم أَي لا يُفْتات عليكم مالكم.
وكَلَّــلَ الرجلُ: ذهب وترك أَهلَه وعيالَه بمضْيَعَةٍ. وكَلَّــل عن
الأَمر: أَحْجَم. وكَلَّــلَ عليه بالسيف وكَلَّــل السبعُ: حمل.
ابن الأَعرابي: والــكِلَّــة أَيضاً حالُ الإِنسان، وهي البِــكْلَــة؛ يقال:
بات فلان بــكِلَّــة سواء أَي بحال سوء قال: والــكِلَّــة مصدر قولك سيف كَلِــيل
بيّن الــكِلَّــة. ويقال: ثقُل سمعه وكَلَّ بصره وذَرَأَ سِنُّه.
والمُــكَلِّــل: الجادُّ، يقال: حَمَل وكَلَّــل أَي مضى قُدُماً ولم يَخِم؛ وأَنشد
الأَصمعي:
حَسَمَ عِرْقَ الداءِ عنه فقَضَبْ،
تَــكْلِــيلَةَ اللَّيْثِ إِذا الليثُ وَثَبْ
قال: وقد يكون كَلَّــل بمعنى جَبُن، يقال: حمل فما كَلَّــل أَي فما كذَب
وما جبُن كأَنه من الأَضداد؛ وأَنشد أَبو زيد لجَهْم بن سَبَل:
ولا أُــكَلِّــلُ عن حَرْبٍ مُجَلَّحةٍ،
ولا أُخَدِّرُ للمُلْقِين بالسَّلَمِ
وروى المنذري عن أَبي الهيثم أَنه يقال: إِن الأَسد يُهَلِّل ويُــكَلِّــل،
وإِن النمر يُــكَلِّــل ولا يُهَلِّل، قال: والمُــكَلِّــل الذي يحمِل فلا
يرجع حتى يقَع بقِرْنه، والمُهَلِّل يحمل على قِرْنه ثم يُحْجِم فيرجع؛ وقال
النابغة الجعدي:
بَكَرَتْ تلوم، وأَمْسِ ما كَلَّــلْتها،
ولقد ضَلَلْت بذاك أَيَّ ضلال
ما: صِلة، كَلَّــلْتها: أَدْعَصْتها. يقال: كَلَّــلَ فلان فلاناً أَي لم
يُطِعه. وكَلَــلْتُه بالحجارة أَي علوته بها؛ وقال:
وفرحه بِحَصَى المَعْزاءِ مَــكْلــولُ
(* قوله «وفرحه إلخ» هكذا في الأصل).
والــكُلَّــة: الصَّوْقَعة، وهي صُوفة حمراء في رأْس الهَوْدَج. وجاء في
الحديث: نَهَى عن تَقْصِيص القُبور وتَــكْلِــيلها؛ قيل: التّــكْلِــيل رفعُها
تبنى مثل الــكِلَــل، وهي الصَّوامع والقِباب التي تبنى على القبور، وقيل: هو
ضَرْب الــكِلَّــة عليها وهي سِتْر مربَّع يضرَب على القبور، وقال أَبو
عبيد: الــكِلَّــة من السُّتور ما خِيطَ فصار كالبيت؛ وأَنشد
(* لبيد في معلقته):
من كُلِّ مَحْفوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ * زَوْجٌ عليه كِلَّــةٌ وقِرامُها
والــكِلَّــة: السِّتر الرقيق يُخاط كالبيت يُتَوَقّى فيه من البَقِّ، وفي
المحكم: الــكِلَّــة السِّتر الرقيق، قال: والــكِلَّــة غشاءٌ من ثوب رقيق
يُتوقَّى به من البَعُوض.
والإِــكْلِــيل: شبه عِصابة مزيَّنة بالجواهر، والجمع أَكالِيل على القياس،
ويسمى التاج إِــكْلِــيلاً. وكَلَّــله أَي أَلبسه الإِــكْلِــيل؛ فأَما قوله
(*
البيت لحسَّان بن ثابت من قصيدة في مدح الغساسنة) أَنشده ابن جني:
قد دَنا الفِصْحُ، فالْوَلائدُ يَنْظِمْـ
ـنَ سِراعاً أَــكِلَّــةَ المَرْجانِ
فهذا جمع إِــكْلِــيل، فلما حذفت الهمزة وبقيت الكاف ساكنة فتحت، فصارت
إِلى كَلِــيلٍ كَدَلِيلٍ فجمع على أَــكِلَّــة كأَدِلَّة. وفي حديث عائشة، رضي
الله عنها: دخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تَبْرُقُ أَكالِيل وَجْهه؛
هي جمع إِــكْلِــيل، قال: وهو شبه عِصابة مزيَّنة بالجَوْهَر، فجعلتْ لوجهه
الكريم، صلى الله عليه وسلم، أَكالِيلَ على جهة الاستعارة؛ قال: وقيل
أَرادتْ نواحي وجهه وما أَحاط به إِلى الجَبِين من التَّــكَلُّــل، وهو
الإِحاطة ولأَنَّ الإِــكْلِــيل يجعل كالحَلْقة ويوضع هنالك على أَعلى الرأْس. وفي
حديث الاستسقاء: فنظرت إِلى المدينة وإِنها لفي مثْل الإِــكْلــيل؛ يريد
أَن الغَيْم تَقَشَّع عنها واستدار بآفاقها. والإِــكْلِــيل: منزِل من منازل
القمر وهو أَربعة أَنجُم مصطفَّة. قال الأَزهري: الإِــكْلِــيل رأْس بُرْج
العقرب، ورقيبُ الثُّرَيَّا من الأَنْواء هو الإِــكْلِــيل، لأَنه يطلُع
بِغُيُوبها. والإِــكْلِــيل: ما أَحاط بالظُّفُر من اللحم.
وتَــكَلَّــله الشيءُ: أَحاط به. وروضة مُــكَلَّــلة: محفوفة بالنَّوْر. وغمام
مُــكَلَّــل: محفوف بقِطَع من السحاب كأَنه مُــكَلَّــل بهنَّ.
وانْــكَلَّ الرجلُ: ضحك. وانــكلَّــت المرأَة فهي تَنْــكَلُّ انْــكِلــالاً إِذا
ما تبسَّمت؛ وأَنشد ابن بري لعمر بن أَبي ربيعة:
وتَنْــكَلُّ عن عذْبٍ شَتِيتٍ نَباتُه،
له أُشُرٌ كالأُقْحُوان المُنَوِّر
وانْــكَلَّ الرجل انْــكِلــالاً: تبسَّم؛ قال الأَعشى:
ويَنْــكَلُّ عن غُرٍّ عِذابٍ كأَنها
جَنى أُقْحُوان، نَبْتُه مُتَناعِم
يقال: كَشَرَ وافْتَرَّ وانْــكَلَّ، كل ذلك تبدو منه الأَسنان. وانْــكِلــال
الغَيْم بالبَرْق: هو قدر ما يُرِيك سواد الغيم من بياضه. وانْــكَلَّ
السحاب بالبرق إِذا ما تبسَّم بالبرق. والإِــكْلِــيل: السحابُ الذي تراه
كأَنَّ غِشاءً أُلْبِسَه. وسحاب مُــكَلَّــل أَي ملمَّع بالبرق، ويقال: هو الذي
حوله قِطع من السحاب.
واكْتَلَّ الغمامُ بالبرق أَي لمع.
وانــكَلَّ السحاب عن البرق واكْتَلَّ: تبسم؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
عَرَضْنا فقُلْنا: إِيهِ سِلْم فسَلَّمتْ
كما اكْتَلَّ بالبرقَ الغَمامُ اللوائحُ
وقول أَبي ذؤيب:
تَــكَلَّــل في الغِماد فأَرْضِ ليلى
ثلاثاً، ما أَبين له انْفِراجَا
قيل: تَــكَلَّــل تبسم بالبرق، وقيل: تنطَّق واستدار. وانــكلَّ البرقُ نفسه:
لمع لمعاً خفيفاً. أَبو عبيد عن أَبي عمرو: الغمام المُــكَلَّــل هو
السحابة يكون حولها قِطَع من السحاب فهي مــكَلَّــلة بهنَّ؛ وأَنشد غيره لامرئ
القيس:
أَصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيك وَمِيضَه،
كَلَــمْع اليَدَيْن في حَبيٍّ مُــكَلَّــلِ
وإِــكْلِــيل المَلِك: نبت يُتداوَى به.
والــكَلْكَل والــكَلْــكال: الصدر من كل شيء، وقيل: هو ما بين
التَّرْقُوَتَيْن، وقيل: هو باطن الزَّوْرِ؛ قال:
أَقول، إِذْ خَرَّتْ على الــكَلْــكَالِ
قال الجوهري: وربما جاء في ضرورة الشعر مشدداً؛ وقال منظور بن
مرثد الأَسدي:
كأَنَّ مَهْواها، على الــكَلْكَلِّ،
موضعُ كَفَّيْ راهِبٍ يُصَلِّي
قال ابن بري: وصوابه موقِعُ كفَّيْ راهب، لأَن بعد قوله على
الــكَلْكَلِّ:ومَوْقِفاً من ثَفِناتٍ زُلِّ
قال: والمعروف الــكَلْكَل، وإِنما جاء الــكَلْــكَال في الشعر ضرورة في قول
الراجز:
قلتُ، وقد خرَّت على الــكَلْــكَالِ:
يا ناقَتي، ما جُلْتِ من مَجَالِ
(* في الصفحة السابقة: اقول إذ خَرَّت إلخ).
والــكَلْكَل من الفرس: ما بين مَحْزِمه إِلى ما مسَّ الأَرض منه إِذا
رَبَضَ؛ وقد يستعار الــكَلْكَل لما ليس بجسم كقول امرئ القيس في صفة
لَيْل:فقلتُ له لمَّا تَمَطَّى بِجَوْزِه،
وأَرْدَفَ أَعْجازاً وَنَاءَ بِــكَلْكَل
(* في المعلقة: بصُلبِه بدل بجوزه).
وقالت أَعرابية تَرْثي ابنها:
أَلْقَى عليه الدهرُ كَلْكَلَــهُ،
مَنْ ذا يقومُ بِــكَلْكَلِ الدَّهْرِ؟
فجعلت للدهر كَلْكَلــاً؛ وقوله:
مَشَقَ الهواجِرُ لَحْمَهُنَّ مع السُّرَى،
حتى ذَهَبْنَ كَلــاكلــاً وصُدوراً
وضع الأَسماء موضع الظروف كقوله ذهبن قُدُماً وأُخُراً.
ورجل كُلْكُلٌ: ضَرْبٌ، وقيل: الــكُلْكُل والــكُلــاكِل، بالضم، القصير
الغليظ الشديد، والأُنثى كُلْكُلــة وكُلــاكلــة، والــكَلــاكِل الجماعات كالكَراكِر؛
وأَنشد قول العجاج:
حتى يَحُلُّون الرُّبى الــكَلــاكِلــا
الفراء: الــكُلَّــة التأْخير، والــكَلَّــة الشَّفْرة الكالَّة، والــكِلَّــة
الحالُ حالُ الرجُل.
ويقال: ذئب مُــكِلّ قد وضع كَلَّــهُ على الناس. وذِئب كَلِــيل: لا يَعْدُو
على أَحد.
وفي حديث عثمان: أَنه دُخِل عليه فقيل له أَبِأَمْرك هذا؟ فقال: كُلُّ
ذلك أَي بعضه عن أَمري وبعضه بغير أَمري؛ قال ابن الأَثير: موضع كل
الإِحاطة بالجميع، وقد تستعمل في معنى البعض قال: وعليه حُمِل قولُ عثمان؛ ومنه
قول الراجز:
قالتْ له، وقولُها مَرْعِيُّ:
إِنَّ الشِّواءَ خَيْرُه الطَّرِيُّ،
وكُلُّ ذاك يَفْعَل الوَصِيُّ
أَي قد يفعَل وقد لا يفعَل.
وقال ابن بري: وكَلــاّ حرف رَدْع وزَجْر؛ وقد تأْتي بمعنى لا كقول
الجعديّ:
فقلْنا لهم: خَلُّوا النِّساءَ لأَهْلِها
فقالوا لنا: كَلــاَّ فقلْنا لهم: بَلى
فــكَلــاَّ هنا بمعنى لا بدليل قوله فقلنا لهم بلى، وبَلى لا تأْتي إِلا
بعد نفي؛ ومثله قوله أَيضاً:
قُرَيْش جِهازُ الناس حَيّاً ومَيِّتاً،
فمن قال كَلــاَّ، فالمُكذِّب أَكْذَبُ
وعلى هذا يحمل قوله تعالى: فيقول رَبِّي أَهانَنِي كَلــاَّ. وفي الحديث:
تَقَع فَتِنٌ كأَنها الظُّلَل، فقال أَعرابي: كَلــاَّ يا رسول الله؛ قال
ابن الأَثير: كَلــاَّ رَدْع في الــكلــام وتنبيه ومعناها انْتَهِ لا تفعل،
إِلا أَنها آكد في النفي والرَّدْع من لا، لزيادة الكاف؛ وقد ترد بمعنى
حَقّاً كقوله تعالى: كَلــاَّ لَئِن لم تَنْته لَنَسْفَعنْ بالناصية؛
والظُّلَل: السَّحاب.