أنــف: الــأَنْــفُ: الـمَنْخَرُ معروف، والجمع آنُفُ وآنافٌ وأُنُــوفٌ؛ أَنــشد
ابن الأَعرابي:
بِيضُ الوُجُوهِ كَريمةٌ أَحْسابُهُمْ،
في كلِّ نائِبَةٍ، عِزازُ الآنُفِ
وقال الأَعشى:
إذا رَوَّحَ الرَاعي اللِّقاحَ مُعَزِّباً،
وأَمْسَتْ على آنافِها غَبَراتُها
وقال حسان بن ثابت:
بِيضُ الوُجُوهِ، كَرِيمةٌ أَحْسابُهُم،
شُمُّ الــأَنُــوفِ من الطِّرازِ الأَوَّلِ
والعرب تسمي الــأَنْــفَ أَنْــفين؛ قال ابن أَحمر:
يَسُوفُ بــأَنْــفَيْهِ النِّقاعَ كــأَنــه،
عن الرَّوْضِ من فَرْطِ النَّشاطِ، كَعِيمُ
الجوهري: الــأَنْــفُ للإنسان وغيره. وفي حديث سَبْقِ الحَدَثِ في الصلاة:
فليَأْخُذْ بــأَنــفِه ويَخْرُجْ؛ قال ابن الأَثير: إنما أَمَره بذلك
ليُوهِمَ الـمُصَلِّين أَن به رُعافاً، قال: وهو نوع من الأَدب في سَتْرِ
العَوْرَة وإخْفاء القَبيحِ، والكنايةِ بالأَحْسَن عن الأَقْبح، قال: ولا يدخل
في باب الكذب والرياء وإنما هو من باب التَّجَمُّل والحَياء وطلَبِ
السلامة من الناس.
وأَنَــفَه يَــأْنُــفُه ويــأْنِــفُه أَنْــفاً:أَصابَ أَنْــفَه.
ورجل أُنــافيٌّ: عَظِيم الــأَنْــفِ، وعُضادِيٌّ: عظيم العَضُد، وأُذانيٌّ:
عظيم الأُذن.
والــأنُــوفُ: المرأَةُ الطَّيِّبَةُ رِيحِ الــأَنْــفِ. ابن سيده: امرأَة
أَنُــوفٌ طيبة رِيحِ الــأَنــف، وقال ابن الأَعرابي: هي التي يُعْجِبُك شَمُّك
لها، قال: وقيل لأَعرابي تَزَوَّج امرأَة: كيف رأَيتها؟ فقال: وجَدْتها
رَصُوفاً رَشْوفاً أَنُــوفاً، وكل ذلك مذكور في موضعه.
وبعير مــأَْنُــوفٌ: يُساقُ بــأَنْــفِه، فهو أَنِــفٌ. وأَنِــفَ البعير: شكا
أَنْــفَه من البُرة. وفي الحديث: إن المؤمن كالبعير الــأَنِــفِ والآنِف أَي
أَنــه لا يَرِيمُ التَّشَكِّي
(* قوله «لا يريم التشكي» أي يديم التشكي مـما
به إلى مولاه لا إلى سواه.) ، وفي رواية: الـمُسْلِمون هَيِّنُون
لَيِّنُون كالجمل الــأَنِــفِ أَي المــأْنُــوفِ، إن قِيدَ انْقادَ، وإن أُنِــيخَ على
صَخْرةٍ اسْتَناخَ. والبعير أَنِــفٌ: مثل تَعِبَ، فهو تَعِبٌ، وقيل:
الــأَنِــفُ الذي عَقَره الخِطامُ، وإن كان من خِشاشٍ أَو بُرةٍ أَو خِزامةٍ في
أَنــفه فمعناه أَنــه ليس يمتنع على قائده في شيء للوجع، فهو ذَلُولٌ منقاد،
وكان الأَصل في هذا أَن يقال مــأْنُــوف لــأَنــه مَفْعول به كما يقال مصدورٌ.
وأَنَــفَه: جعله يَشْتَكي أَنْــفَه. وأَضاعَ مَطْلَبَ أَنْــفِه أَي الرَّحِمَ
التي خرج منها؛ عن ثعلب؛ وأَنــشد:
وإذا الكَرِيمُ أَضاعَ مَوْضِع أَنْــفِه،
أَو عِرْضَه بِكَرِيهَةٍ، لم يَغْضَبِ
وبعير مــأْنُــوفٌ كما يقال مَبطونٌ ومَصْدورٌ ومَفْؤُودٌ للذي يَشْتَكي
بطنَه أَو صَدْرَه أَو فُؤَادَه، وجميع ما في الجسد على هذا، ولكن هذا
الحرف جاء شاذًّا عنهم. وقال بعضهم: الجملُ الــأَنِــفُ الذَّلُولُ، وقال أَبو
سعيد: الجمل الــأَنِــف الذّليل المؤاتي الذي يــأْنَــفُ من الزَّجْر ومن الضرب،
ويُعطي ما عنده من السير عَفْواً سَهْلاً، كذلك المؤمن لا يحتاج إلى زجر
ولا عِتاب وما لزمه من حقّ صبرَ عليه وقام به.
وأَنَــفْتُ الرجل: ضربت أَنْــفَه، وآنَفْتُه أَنــا إينافاً إذا جعلته يشتكي
أَنْــفَه. وأَنَــفَه الماءُ إذا بلغ أَنْــفَه، زاد الجوهري: وذلك إذا نزل
في النهر. وقال بعض الكِلابِيِّينَ: أَنِــفَتِ الإبلُ إذا وقَع الذُّبابُ
على أُنُــوفِها وطَلَبَتْ أَماكِنَ لم تكن تَطْلُبها قبل ذلك، وهو
الــأَنَــفُ، والــأَنَــفُ يُؤْذِيها بالنهار؛ وقال مَعْقِل بن رَيْحانَ:
وقَرَّبُوا كلَّ مَهْرِيٍّ ودَوْسَرَةٍ،
كالفَحْلِ يَقْدَعُها التَّفْقِيرُ والــأَنَــفُ
والتَّــأْنِــيفُ: تَحْدِيدُ طرَفِ الشيء. وأَنْــفا القَوْس: الحَدَّانِ
اللذان في بَواطِن السِّيَتَيْن. وأَنْــف النعْلِ: أَسَلَتُها. وأَنْــفُ كلِّ
شيء: طرَفُه وأَوَّله؛ وأَنــشد ابن بري للحطيئة:
ويَحْرُمُ سِرُّ جارَتِهِمْ عليهمْ،
ويأْكلُ جارُهُمْ أَنْــفَ القِصاعِ
قال ابن سيده: ويكون في الأَزْمِنَةِ؛ واستعمله أَبو خراش في
اللِّحْيَةِ فقال:
تُخاصِمُ قَوْماً لا تَلَقَّى جوابَهُمْ،
وقد أَخَذَتْ من أَنْــفِ لِحْيَتِكَ اليَدُ
سمى مُقَدَّمَها أَنْــفاً، يقول: فطالتْ لِحْيَتُكَ حتى قبضْتَ عليها ولا
عَقْلَ لك، مَثَلٌ. وأَنْــفُ النَّابِ: طَرَفُه حين يطْلُعُ. وأَنـْــفُ
النَّابِ: حَرْفُه وطَرَفُه حين يطلع. وأَنـْــفُ البَرْدِ: أَشَدُّه. وجاءَ
يَعْدُو وأَنـْــفَ الشَّدِّ والعَدْوِ أَي أَشدَّه. يقال: هذا أَنـْــفُ
الشدّ، وهو أَوّلُ العَدْوِ. وأَنـْــفُ البردِ: أَوّله وأَشدُّه. وأَنـْــف
المطر: أَوّل ما أَنــبت؛ قال امرؤ القيس:
قد غَدا يَحْمِلُني في أَنـْــفِه
لاحِقُ الأَيْطَلِ مَحْبُوكٌ مُمَرّ
وهذا أَنـْــفُ عَمَلِ فلان أَي أَوّل ما أَخذ فيه. وأَنــف خُفّ البعير:
طرَفُ مَنْسِمِهِ.
وفي الحديث: لكل شيء أُنـْــفةٌ، وأُنـْــفَةُ الصلاةِ التكبيرة الأُولى؛
أُنــفة الشيء: ابتداؤه؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي بضم الهمزة، قال: وقال
الهروي الصحيح بالفتح، وأَنـْــفُ الجَبَل نادرٌ يَشْخَصُ ويَنْدُر منه.
والـمُؤَنَّفُ: الـمُحَدَّدُ من كل شيء. والـمُؤَنَّفُ: الـمُسَوَّى.
وسيرٌ مُؤَنَّفٌ: مَقْدودٌ على قَدْرٍ واسْتِواء؛ ومنه قول الأَعرابي يصف
فرساً: لُهِزَ لَهْزَ العَيْرِ وأُنِّــفَ تــأْنِــيف السَّيْرِ أَي قُدّ حتى
استوى كما يستوي السير المقدود.
ورَوْضةٌ أُنـُــفٌ، بالضم: لم يَرْعَها أَحد، وفي المحكم: لم تُوطَأْ؛
واحتاج أَبو النجم إليه فسكنه فقال:
أُنْــفٌ تَرَى ذِبّانَها تُعَلِّلُهْ
وكَلأٌ أُنـُــفٌ إذا كان بحاله لم يَرْعَه أَحد. وكأْسٌ أُنـُــفٌ: مَلأَى،
وكذلك الـمَنْهَلُ. والــأُنُــفُ: الخَمر التي لم يُسْتَخْرَجْ من دَنِّها
شيء قبلها؛ قال عَبْدَةُ بن الطَبِيب:
ثم اصْطَبَحْنا كُمَيْتاً قَرْقَفاً أُنـُــفاً
من طَيِّبِ الرَّاحِ، واللَّذَّاتُ تَعْلِيلُ
وأَرض أُنـُــفٌ وأَنــيقةٌ: مُنْبِتَةٌ، وفي التهذيب: بَكَّرَ نباتُها. وهي
آنـَفُ بلاد اللّه أَي أَسْرَعُها نباتاً. وأَرض أَنِــيفةُ النبْتِ إذا
أَسْرَعتِ النباتَ. وأَنـَــف: وَطِئَ كَلأً أُنـُــفاً. وأَنَــفَتِ الإبلُ
إذا وطِئَت كلأً أُنـُــفاً، وهو الذي لم يُزعَ. وآنـَفْتُها أَنــا، فهي
مُؤْنَفَةٌ إذا انْتَهَيْتَ بها أَنـْــفَ المَرْعَى. يقال: روضةٌ أُنـُــف وكأْسٌ
أُنـُــف لم يُشرب بها قبل ذلك كــأَنــه اسْتُؤْنِفَ شربها مثل روْضةٍ أُنــف.
ويقال: أَنـَّــفَ فلان مالَه تــأْنــيفاً وآنفها إينافاً إذا رعّاها أُنـُــف
الكلإِ؛ وأَنــشد:
لَسْتُ بِذي ثَلَّةٍ مُؤَنَّفَةٍ،
آقِطُ أَلبانَها وأَسْلَؤُها
(* قوله «آقط البانها إلخ» تقدم في شكر:
تضرب دراتها إذا شكرت * بأقطها والرخاف تسلؤها
وسيأتي في رخف: تضرب ضراتها إذا اشتكرت نافطها إلخ. ويظهر أن الصواب
تأقطها مضارع أقط.)
وقال حميد:
ضَرائرٌ لَيْسَ لَهُنَّ مَهْرُ،
تــأْنِــيفُهُنَّ نَقَلٌ وأَفْرُ
أَي رَعْيُهُنَّ الكلأَ الــأُنـُــف هذان الضرْبانِ من العَدْو والسير. وفي
حديث أَبي مسلم الخَوْلانيّ. ووضَعَها في أُنـُــفٍ من الكلإِ وصَفْوٍ من
الماء؛ الــأُنـُــفُ، بضم الهمزة والنون: الكلأَ الذي لم يُرْعَ ولم تَطَأْه
الماشية.
واسْتَــأْنَــفَ الشيءَ وأْتَنَفَه: أَخذ أَوّله وابتدأَه، وقيل:
اسْتَقْبَلَه، وأَنــا آتَنِفُه ائْتِنافاً، وهو افْتعِالٌ من أَنـْــفِ الشيء. وفي
حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: إنما الأَمـْرُ أُنـُــفٌ أَي يُسْتَــأْنـَــفُ
استئنافاً من غير أَن يَسْبِقَ به سابِقُ قضاء وتقدير، وإنما هو على
اخْتِيارِك ودخولك فيه؛ استــأْنــفت الشيء إذا ابتدأْته. وفعلت الشيء آنِفاً أَي
في أَول وقت يقرُب مني. واسْتَــأْنَــفَه بوعْد: ابتدأَه من غير أَن يسأَله
إيّاه؛ أَنــشد ثعلب:
وأَنــتِ الـمُنَى، لو كُنْتِ تَسْتَــأْنِــفيننا
بوَعْدٍ، ولكِنْ مُعْتَفاكِ جَدِيبُ
أَي لو كنت تَعِديننا الوَصْل. وأَنـْــفُ الشيء: أَوّله ومُسْتَــأْنَــفُه.
والـمُؤْنَفَةُ والـمُؤَنَّفةُ من الإبل: التي يُتَّبَعُ بها أَنـْــفُ
الـمَرْعى أَي أَوَّله، وفي كتاب علي بن حمزة: أَنـْــفُ الرِّعْي. ورجل
مِئْنافٌ: يَسْتَــأْنِــفُ المَراعي والـمَنازل ويُرَعِّي ماله أُنـُــفَ الكلإِ.
والمؤَنَّفَةُّ من النساء التي اسْتُؤْنِفَت بالنكاح أَوّلاً. ويقال:
امرأَة مُكَثّفةٌ مؤَنَّفة، وسيأْتي ذكر الـمُكَثَّفةِ في موضعه.
ويقال للمرأَةِ إذا حَمَلَتْ فاشْتَدَّ وحَمُها وتَشَهَّتْ على أَهلها
الشيء بعد الشيء: إنها لتَتَــأَنَّــفُ الشَّهواتِ تــأَنُّــفاً.
ويقال للحَدِيدِ اللَّيِّن أَنِــيفٌ وأَنِــيثٌ، بالفاء والثاء؛ قال
الأَزهري: حكاه أَبو تراب.
وجاؤوا آنِفاً أَي قُبَيْلاً. الليث: أَتَيْتُ فلاناً أُنـُــفاً كما تقول
من ذي قُبُلٍ. ويقال: آتِيكَ من ذي أُنُــفٍ كما تقول من ذي قُبُلٍ أَي
فيما يُسْتَقْبَلُ، وفعله بآنِفةٍ وآنفاً؛ عن ابن الأَعرابي ولم يفسره؛ قال
ابن سيده: وعندي أَنــه مثل قولهم فعَلَه آنفاً. وقال الزجاج في قوله
تعالى: ماذا قال آنفاً؛ أي ماذا قال الساعةَ في أَوّل وقت يَقْرُبُ مِنّا،
ومعنى آنفاً من قولك استــأْنـَــفَ الشيءَ إذا ابتدأَه. وقال ابن الأَعرابي:
ماذا قال آنفاً أَي مُذْ ساعة، وقال الزجاج: نزلتْ في المنافقين يستمعون
خُطبة رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فإذا خرجوا سأَلوا أَصحاب رسول
اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، اسْتِهزاء وإعلاماً أَنــهم لم يلتفتوا إلى ما
قال فقالوا: ماذا قال آنفاً؟ أَي ماذا قال الساعة. وقلت كذا آنِفاً
وسالفاً. وفي الحديث: أُنــزلت عليَّ سورة آنِفاً أَي الآن.
والاسْتِئنافُ: الابتداء، وكذلك الائْتِنافُ.
ورجل حَمِيُّ الــأَنـْــف إذا كان أَنِــفاً يــأْنَــفُ أَن يُضامَ. وأَنِــفَ من
الشيء يــأْنـَــفُ أَنـَــفاً وأَنـَــفةً: حَمِيَ، وقيل: اسْتَنْكَف. يقال: ما
رأَيت أَحْمَى أَنـْــفاً ولا آنـَفَ من فلان. وأَنِــفَ الطعامَ وغيره
أَنـَــفاً: كَرِهَه. وقد أَنِــفَ البعيرُ الكَلأَ إذا أَجَمَه، وكذلك المرأَةُ
والناقةُ والفرسُ تــأْنـَــفُ فَحْلَها إذا تبَيَّنَ حملُها فكَرِهَتْه وهو
الــأَنـَــفُ؛ قال رؤبة:
حتى إذا ما أَنِــفَ التَّنُّوما،
وخَبَطَ العِهْنَةَ والقَيْصُوما
وقال ابن الأَعرابي: أَنِــفَ أَجَمَ، ونَئِفَ إذا كَرِه. قال: وقال
أَعرابي أَنِــفَتْ فرَسِي هذه هذا البلَد أَي اجْتَوَتْه وكَرِهَتْه فهُزِلَتْ.
وقال أَبو زيد: أَنِــفْتُ من قولك لي أَشَدَّ الــأَنـَــفِ أَي كرِهتُ ما
قلت لي. وفي حديث مَعْقِل بن يسار: فَحَمِيَ من ذلك أَنـَــفاً؛ أَنِــفَ من
الشيء يــأْنَــفُ أَنـَــفاً إذا كرهه وشَرُفَتْ عنه نفسُه؛ وأَراد به ههنا
أَخذته الحَمِيّةُ من الغَيْرَة والغَضَبِ؛ قال ابن الأَثير: وقيل هو
أَنـْــفاً، بسكون النون، للعُضْوِ أَي اشتدَّ غضبُه وغَيْظُه من طريق الكناية كما
يقال للـمُتَغَيِّظ وَرِمَ أَنـْــفُه. وفي حديث أَبي بكر في عَهْده إلى
عمر، رضي اللّه عنهما، بالخلافة: فكلُّكم ورِمَ أَنـْــفُه أَي اغْتاظَ من
ذلك، وهو من أَحسن الكنايات لــأَن الـمُغْتاظَ يَرِمُ أَنــفُه ويَحْمَرُّ؛
ومنه حديثه الآخر أَما إنك لو فَعَلْتَ ذلك لجَعَلْتَ أَنـْــفكَ في
قَفَاكَ، يريد أَعْرَضْتَ عن الحَقِّ وأَقْبَلْتَ على الباطل، وقيل: أَراد أَنــك
تُقْبِلُ بوجهك على مَن وراءكَ من أَشْياعِكَ فتُؤْثِرَهُم بِبِرِّك.
ورجل أَنُــوفٌ: شديدُ الــأَنـَــفَةِ، والجمع أُنـُــفٌ. وآنَفَه: جعلَه يــأْنـَــفُ؛
وقول ذي الرمة:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمَى جَمِيماً وبُسْرَةً
وصَمْعاء حتى آنـَفَتْها نِصالُها
أَي صَيَّرت النِّصالُ هذه الإبلَ إلى هذه الحالة تــأْنــفُ رَعْيَ ما
رَعَتْه أَي تأْجِمُه؛ وقال ابن سيده: يجوز أَن يكون آنـَفَتْها جعلتها
تَشْتَكي أُنــوفَها، قال: وإن شئتَ قلت إنه فاعَلَتْها من الــأَنـْــف، وقال
عُمارةُ: آنـَفَتْها جعلتها تــأْنـَــفُ منها كما يــأْنـَــفُ الإنسانُ، فقيل له: إن
الأَصمعي يقول كذا وإن أَبا عَمْرٍو يقول كذا، فقال: الأَصمعي عاضٌّ كذا
من أُمِّه، وأَبو عمرو ماصٌّ كذا من أُمه أَقول ويقولان، فأَخبر
الراوية ابن الأَعرابي بهذا فقال: صَدَقَ وأَنــتَ عَرَّضْتَهما له، وقال شمر في
قوله آنـَفَتْها نِصالُها قال: لم يقل أَنـَــفَتْها لــأَن العرب تقول
أَنـَــفَه وظَهَرَه إذا ضرب أَنـْــفَه وظهْره، وإنما مدّه لــأَنــه أراد جعلتها
النِّصالُ تَشْتَكي أُنـُــوفَها، يعني نِصال البُهْمى، وهو شَوْكُها؛
والجَمِيم: الذي قد ارْتفع ولم يَتِمّ ذلك التمامَ. وبُسْرةً وهي الغَضّةُ،
وصَمْعاء إذا امْتلأَ كِمامُها ولم تَتَفَقَّأْ. ويقال: هاجَ البُهْمى حتى
آنَفَتِ الرّاعِيةَ نِصالُها وذلك أَن يَيْبَسَ سَفاها فلا ترْعاها الإبل
ولا غيرها، وذلك في آخر الحرّ، فكــأَنـَّــها جعلتها تــأْنـَــفُ رَعْيها أَي
تكرهه.
ابن الأَعرابي: الــأَنـْــفُ السيِّد. وقولهم: فلان يتتبع أَنــفه إذا كان
يَتَشَمَّمُ الرائحة فيَتْبَعُها. وأَنـْــفٌ: بلْدةٌ؛ قال عبد مناف بن رِبْع
الهذَليّ:
مِنَ الأَسَى أَهْلُ أَنـْــفٍ، يَوْمَ جاءَهُمُ
جَيْشُ الحِمارِ، فكانُوا عارِضاً بَرِدا
وإذا نَسَبُوا إلى بني أَنـْــفِ الناقةِ وهم بَطْنٌ من بني سَعْدِ بن زيد
مَناة قالوا: فلانٌ الــأَنـْــفِيُّ؛ سُمُّوا أَنْــفِيِّينَ لقول
الحُطَيْئةِ فيهم:
قَوْمٌ هُمُ الــأَنـْــفُ، والأَذْنابُ غَيْرُهُمُ،
ومَنْ يُسَوِّي بــأَنـْــفِ الناقةِ الذَّنَبا؟