خــون: المَخانَةُ: خَــوْنُ النُّصْحِ وخَــوْنُ الوُدِّ، والخَــوْنُ على محن
شَتَّى
(* قوله «على محن شتى» كذا بالأصل بالتهذيب). وفي الحديث:
المُؤْمِنُ يُطْبَع على كلِّ خُلُقٍ إلا الخِيانَةَ والكَذِب. ابن سيده:
الخَــوْنُ أَن يُؤْتَمن الإنسانُ فلا يَنْصَحَ، خانه يَخُــونُــه خَــوْنــاً
وخِيانةً وخانَةً ومَخانَةً؛ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، وقد تمثلت ببيت لبيد
بن ربيعة:
يتَحَدَّثــونَ مَخانَةً ومَلاذَةً،
ويُعابُ قائلُهم، وإن لم يَشْغَبِ.
المَخانة: مصدر من الخيانة، والميم زائدة، وقد ذكره أَبو موسى في الجيم
من المُجُــونِ، فتكــون الميم أَصلية، وخانَهُ واخْتانه. وفي التنزيل
العزيز: علم الله أَنكم كنتم تَخْتانُــونَ أَنْفُسَكُم؛ أَي بعضُكم بعضاً. ورجل
خائنٌ
وخائنة أَيضاً، والهاء للمبالغة، مثل عَلاَّمة ونَــسّابة؛ وأَنشد أَبو
عبيد للكلابي يخاطب قُرَيْناً أَخا عُمَيْرٍ الحَنَفِيِّ، وكان له عنده دم:
أَقُرَيْنُ، إنك لو رأَيْتَ فَوارِسِي
نَعَماً يَبِتْنَ إلى جَوانِبِ صَلْقَعِ
(* قوله «صلقع» هكذا في الأصل.
حَدَّثْتَ نَفْسَكَ بالوَفاءِ، ولم تَكُنْ
للغَدْرِ خائِنةً مُغِلَّ الإصْبَعِ.
وخَؤُــونٌ
وخَوَّانٌ، والجمع خانةٌ وخَــوَنــةٌ؛ الأَخيرة شاذة؛ قال ابن سيده: ولم
يأْت شيء من هذا في الياء، أَعني لم يجئ مثل سائر وسَيَرة، قال: وإنما شذ
من هذا ما عينه واو لا ياء. وقومٌ خَــوَنــةٌ كما قالوا حَوَكَة، وقد تقدم
ذكر وجه ثبوت الواو، وخُوَّانٌ، وقد خانه العَهْدَ والأَمانةَ؛ قال: فقالَ
مُجِيباً: والذي حَجَّ حاتِمٌ أَخُــونُــكَ عهداً، إنني غَيرُ خَوَّانِ
وخَــوَّنَ الرجلَ: نَسَبه إلى الخَــوْنِ. وفي الحديث: نهى أَن يَطْرُق
الرجلُ أَهلَه ليلاً لئلا يَتَخَــوَّنــهم أَي يَطْلُبَ خِيانتَهم وعَثَراتِهم
ويَتَّهِمَهُمْ. وخانه سيفُه: نَبا، كقوله: السيفُ أَخوك وربما خانَكَ.
وخانه الدَّهْرُ: غَيَّرَ حالَه من اللِّين إلى الشدة؛ قال الأَعشى:
وخانَ الزمانُ أَبا مالِكٍ،
وأَيُّ امرئٍ لم يخُنْه الزّمَنْ؟
وكذلك تَخَــوَّنــه. التهذيب: خانه الدهرُ والنعيمُ خَــوْنــاً، وهو تغير حاله
إلى شرٍّ منها، وإذا نَبا سيفُك عن الضَّريبة فقد خانك. وسئل بعضهم عن
السيف فقال: أَخوك وربما خانك. وكلُّ ما غيَّرك عن حالك فقد تَخَــوَّنَــك؛
وأَنشد لذي الرمة:
لا يَرْفَعُ الطَّرْفَ، إلا ما تَخَــوَّنَــهُ
دَاعٍ، يُنادِيهِ باسمِ الماء، مَبْغُومُ
قال أَبو منصور: ليس معنى قوله إلا ما تَخَــوَّنــه حجةً لما احتج له، إنما
معناه إلا ما تَعَهَّده، قال: كذا روى أَبو عبيد عن الأَصمعي أَنه قال:
التَّخَــوُّنُ التعهد، وإنما وصفَ وَلَدَ ظَبْيةٍ أَوْدَعْته خَمراً، وهي
تَرْتَع بالقُرْب منه، وتتعهده بالنظر إليه، وتُؤنسه ببُغامِها، وقوله
باسم الماء، الماءُ حكاية دعائها إياه، وقال داع يناديه فذكَّره لأَنه ذهب
به إلى الصوت والنداء. وتَخَــوَّنــه وخَــوَّنــه وخَــوَّن منه: نقَصه. يقال:
تَخَــوَّنــني فلانٌ حقي إذا تنَقَّصَك؛ قال ذو الرمة:
لا بَلْ هو الشَّوْقُ من دارٍ تخَــوَّنَــها
مَرّاً سَحابٌ، ومَرّاً بارِحٌ تَرِبُ
وقال لبيد يصف ناقة:
عُذَافِرَةٌ تُقَمِّصُ بالرُّدَافَى،
تَخَــوَّنَــها نُزولي وارْتِحالي.
أَي تنَقَّص لحمَها وشَحْمَها. والرُّدَافَى: جمعُ رَدِيفٍ، قال ومثله
لعبْدَةَ بن الطَّبيب:
عن قانِئٍ لم تُخَــوِّنْــه الأَحاليلُ
وفي قصيد كعب بن زهير:
لم تُخَــوِّنْــه الأَحاليلُ
وخَــوَّنــه وتخَــوَّنــه: تعَهَّدَه. يقال: الحُمَّى تخَــوَّنــهُ أَي
تعَهَّدُه؛ وأَنشد بيت ذي الرمة:
لا يَنْعَشُ الطَّرْفَ إِلا ما تَخَــوَّنَــه.
يقول: الغزال ناعِسٌ لا يرفع طرفه إلا أَن تجيءَ أُمه وهي المتعهدة له.
ويقال: إلا ما تنَقَّصَ نومَه دُعاءُ أُمِّه له. والخَوَّانُ: من أَسماء
الأَسد. ويقال: تخَــوَّنــته الدُّهورُ وتخَوَّفَتْه أَي تنَقَّصَتْه.
والتَّخــوُّن له معنيان: أَحدهما التَّنقُّصُ، والآخر التَّعُهُّدُ، ومن جعله
تَعَهُّداً جعل النــون مبدلة من اللام، يقال: تخَــوَّنــه وتخَوَّله بمعنى
واحد. والخَــوْنُ: فَتْرة في النظر، يقال للأسد خائنُ العين، من ذلك، وبه سمي
الأَسد خَوَّاناً. وخائِنةُ الأَعْيُنِ: ما تُسارِقُ من النظر إلى ما لا
يَحِلُّ. وفي التنزيل العزيز: يَعْلَمُ خائنةَ الأَعْيُنِ وما تُخْفي
الصُّدُور؛ وقال ثعلب: معناه أَن ينظر نظرةً بريبة وهو نحو ذلك، وقيل:
أَراد يعلم خيانةَ الأَعين، فأَخرج المصدر على فاعلة كقوله تعالى: لا تسمع
فيها لاغِيَةً؛ أَي لَغْواً، ومثله: سمعتُ راغِيَةَ الإِبل وثاغِيَةَ
الشاءِ أَي رُغاءها وثُغاءها، وكل ذلك من كلام العرب، ومعنى الآية أَن الناظر
إذا نظر إلى ما لا يحل له النظر إليه نظر خيانةٍ يُسِرُّها مسارقة علمها
الله، لأَنه إذا نظر أَول نظرة غير متعمد خيانة غيرُ آثم ولا خائن، فإِن
أَعاد النظر ونــيتُه الخيانة فهو خائن النظر. وفي الحديث: ما كان لنبيٍّ
أَن تكــونَ له خائنةُ الأَعْيُن أَي يضمر في نفسه غيرَ ما يظهره، فإِذا كف
لسانه وأَومأَ بعينه فقد خان، وإذا كان ظهور تلك الحالة من قِبَل العين
سميت خائِنَةَ العين، وهو من قوله عز وجل: يعلم خائنة الأَعين؛ أَي ما
يَخُــونون فيه من مُسارقة النظر إلى ما لا يحل. والخائِنةُ: بمعنى الخيانة،
وهي من المصادر التي جاءت على لفظ الفاعلة كالعاقبة. وفي الحديث: أَنه
رَدَّ شهادَةَ الخائن والخائنة؛ قال أَبو عبيد: لا نراه خَصَّ به الخِيانةَ
في أَمانات الناس دون ما افترض الله على عباده وأْتمنهم عليه، فإِنه قد
سمى ذلك أَمانة فقال: يا أيها الذين آمنوا لا تَخُــونــوا الله والرسولَ
وتَخُــونــوا أَماناتكم؛ فمن ضَيَّع شيئاً مما أَمر الله به أَو رَكِبَ شيئاً
مما نَهى عنه فليس ينبغي أَن يكــون عدلاً. والخُوانُ والخِوَانُ: الذي
يُؤْكل عليه، مََُعَرَّبٌ، والجمع أَخْــوِنــة في القليل، وفي الكثير خِــونٌ. قال
عدِيٌّ: لِخُــونٍ مَأْدُوبةٍ وزَمير؛ قال سيبويه: لم يحركوا الواو كراهة
الضمة قبلها والضمة فيها. والإخْوَانُ: كالخِوانِ. قال ابن بري: ونــظيرُ
خُوَانٍ وخُــونٍ بِوانٌ وبُــونٌ، ولا ثالث لهما، قال: وأَما عَوَانٌ وعُــونٌ
فإِنه مفتوح الأَول، وقد قيل بُوانٌ، بضم الباء. وقد ذكر ابن بري في ترجمة
بــون أَن مثلهما إِوَانٌ وأُوانٌ، ولم يذكر هذا القول ههنا. الليث:
الخِوَان المائدة، مُعرَّبة. وفي حديث الدابة: حتى إن أَهلَ الخِوَانِ
ليجتمعــون فيقول هذا يا مؤْمن وهذا يا كافر، وجاءَ في رواية: الإخوان، بهمزة، وهي
لغة فيه. وقوله في حديث أَبي سعيد: فإِذا أَنا بأَخاوِينَ عليها لُحومٌ
منتنة، هي جمع خِوَانٍ وهو ما يوضع عليه الطعامُ عند الأَكل؛ وبالإخوَانِ
فسِّر قول الشاعر: ومَنْحَرِ مِئْناثٍ تَجُرُّ حُوارُها،
ومَوْضِع إِخوانٍ إلى جَنْبِ إخوانِ.
عن أَبي عبيد. والخَوَّانةُ: الاسْتُ. والعرب تسمي ربيعاً
الأَوَّلَ: خَوَّاناً وخُوَّاناً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وفي النِّصْفِ من خَوَّانَ وَدَّ عَدُــوُّنــا
بأَنَّه في أَمْعاءِ حُوتٍ لَدَى البَحْرِ
(* قوله: بأنه؛ هكذا في
الأصل، دون إشباع حركة الضمير). قال ابن سيده: وجمعه أَخْــوِنــة، قال: ولا أَدري
كيف هذا. وخَيْوَانُ: بلد باليمن ليس فَعْلانَ لأَنه ليس في الكلام اسم
عينه ياء ولامه واو، وترك صرفه لأَنه اسم للبقعة؛ قال ابن سيده: هذا
تعليل الفارسي، فأَما رجاءُ بنُ حَيْوَة فقد يكــون مقلوباً عن حيَّةٍ فيمن جعل
حَيَّةً من ح و ي، وهو رأْي أَبي حاتم، ويُعَضِّدُه رجل حَوَّاء وحاوٍ
للذي عَمَلُه جمع الحَيّاتِ، وكذلك يُعَضِّدُه أَرض مَحْواة، فأَما
مَحْياةٌ
في هذا المعنى فمُعاقِبَةٌ إِيثاراً للياء، أَو مقلوب عن مَحْوَاة، فلما
نقلت حَيَّةُ إلى العلمية خُصَّت العلمية بإخراجها على الأَصل بعد
القلب، وسَهَّلَ ذلك لهم القلبُ، إذْ لو أَََعَلُّوا بعد القلب، والقَلْبُ
علةٌ، لتوالى الإِعْلالانِ. وقد قيل عن الفارسي: إن حَيَّة من ح ي ي، وإِن
حَوَّاءَ من باب لآْآءٍ، وقد يكــون حَيْوَة فَيْعِلَة من حَوَى يَحْوِي
حَيْوِيَةً، ثم قلبت الواو ياء للكسرة فاجتمعت ثلاث ياءات، ومثله حَيْيِيَة
فحذفت الياء الأَخيرة فبقي حَيَّة، ثم أُخرجت على الأَصل فقيل حَيْوَة،
فإذا كان حَيْوَةُ مُتَوَجِّهاً على هذين القولين فقد تَأَدَّى ضمانُ
الفارسي أَنه ليس في الكلام شيء عينه ياء ولامه واو البتة. والخَانُ:
الحانُوتُ أَو صاحب الحانوتِ، فارسي معرّب، وقيل: الخانُ الذي
للتِّجارِ.
قال ابن سيده: فأَما ما أَنشده ابن جني من قول بعض المولَّدين:
وقامَتْ إليه خَدْلَةُ السَّاقِ، أَعْلَقَتْ
به منه مَسْمُوماً دُوَيْنَةَ حاجِبِهْ.
قال: فإِني لا أَعرف دون تؤنث بالهاء بعلامة تأْنيث ولا بغير علامة،
أَلا ترى أَن النحويين كلهم قالوا الظروف كلها مذكرة إِلا قُدّام ووراء؟
قال: فلا أَدري ما الذي صغره هذا الشاعر، اللهم إلا أَن يكــون قد قالوا هو
دُوَيْنُه، فإِن كان كذلك فقوله دُوَيْنَةَ حاجبه حسن على وجهه؛ وأَدخل
الأَخفش عليه الباءَ فقال في كتابه في القوافي، وقد ذكر أَعرابيّاً أَنشده
شعراً مُكْفَأً: فرددناه عليه وعلى نفر من أَصحابه فيهم مَن ليْسَ
بدُــونِــه، فأَدخل عليه الباء كما ترى، وقد قالوا: من دُــونُ، يريدون من دُــونِــه،
وقد قالوا: دُــونــك في الشرف والحسب ونــحو ذلك؛ قال سيبويه: هو على المثل كما
قالوا إنه لصُلْبُ القناة وإنه لمن شجرة صالحة، قال: ولا يستعمل مرفوعاً
في حال الإضافة. وأَما قوله تعالى: وإنا منا الصالحــون ومنا دُــون ذلك؛
فإِنه أَراد ومنا قوم دون ذلك فحذف الموصوف. وثوب دُــونٌ: رَدِيٌّ. ورجل
دُــونٌ: ليس بلاحق. وهو من دُــونِ الناسِ والمتاعِ أَي من مُقارِبِهِما. غيره:
ويقال هذا رجل من دُــونٍ، ولا يقال رجلٌ دونٌ، لم يتكلموا به ولم يقولوا
فيه ما أَدْــوَنَــه، ولم يُصَرَّف فعلُه كما يقال رجل نَذْلٌ
بيِّنُ النَّذَالة. وفي القرآن العزيز: ومنهم دونَ ذلك، بالنصب والموضع
موضع رفع، وذلك أَن العادة في دون أَن يكــون ظرفاً
ولذلك نصبوه. وقال ابن الأَعرابي: التَّدَــوُّنُ الغنَى التام. اللحياني:
يقال رضيت من فلان بمَقْصِر أَي بأَمر دُــونَ ذلك. ويقال: أَكثر كلام
العرب أَنت رجل من دُــونٍ وهذا شيء من دُــونٍ، يقولــونــها مع مِن. ويقال: لولا
أَنك من دُــونٍ لم تَرْضَ بذا، وقد يقال بغير من. ابن سيده: وقال اللحياني
أَيضاً
رضيت من فلان بأَمر من دُــونٍ، وقال ابن جني: في شيءٍ دُــونٍ، ذكره في
كتابه الموسوم بالمعرب، وكذلك أَقَلُّ الأَمرين وأَدْــوَنُــهما، فاستعمل منه
أَفعل وهذا بعيد، لأَنه ليس له فِعْلٌ فتكــون هذه الصيغة مبنية منه، وإنما
تصاغ هذه الصيغة من الأفعال كقولك أَوْضَعُ منه وأَرْفَعُ منه، غير أَنه
قد جاء من هذا شيء ذكره سيبويه وذلك قولهم: أَحْنَكُ الشاتَيْنِ
وأَحْنَكُ البعيرين، كما قالوا: آكَلُ الشاتَيْنِ كأَنهم قالوا حَنَك ونــحو ذلك،
فإِنما جاؤُوا بأَفعل على نحو هذا ولم يتكلموا بالفعل، وقالوا: آبَلُ
الناس، بمنزلة آبَلُ منه لأَن ما جاز فيه أَفعل جاز فيه هذا، وما لم يجز فيه
ذلك لم يجز فيه هذا، وهذه الأَشياء التي ليس لها فعل ليس القياس أَن يقال
فيها أَفعل منه ونــحو ذلك. وقد قالوا: فلان آبَلُ منه كما قالوا أَحْنَكُ
الشاتين. الليث: يقال زيدٌ دُــونَــك أَي هو أَحسن منك في الحَسَب، وكذلك
الدُّــونُ يكــون صفة ويكــون نعتاً على هذا المعنى ولا يشتق منه فعل. ابن
سيده: وادْنُ دُــونَــك أَي قريباً
(* قوله «أي قريباً» عبارة القاموس: أي اقترب
مني). قال جرير:
أَعَيّاشُ، قد ذاقَ القُيــونُ مَراسَتي
وأَوقدتُ ناري، فادْنُ دونــك فاصطلي.
قال: ودون بمعنى خلف وقدّام. ودُــونــك الشيءَ ودونــك به أَي خذه. ويقال في
الإغراء بالشيء: دُــونَــكه. قالت تميم للحجاج: أَقْبِرْنا صالحاً، وقد كان
صَلَبه، فقال: دُــونَــكُموه. التهذيب: ابن الأَعرابي يقال ادْنُ دُــونــك أَي
اقترِبْ؛ قال لبيد:
مِثْل الذي بالغَيْلِ يَغْزُو مُخْمَداً،
يَزْدادُ قُرْباً دُــونــه أَن يُوعَدا.
مُخْمد: ساكن قد وَطَّن نفسه على الأَمر؛ يقول: لا يَرُدُّه الوعيدُ فهو
يتقدَّم أَمامه يَغشى الزَّجْرَ؛ وقال زهير بن خَبَّاب:
وإن عِفْتَ هذا، فادْنُ دونــك، إنني
قليلُ الغِرار، والشَّرِيجُ شِعاري.
الغِرار: النوم، والشريج: القوس؛ وقول الشاعر:
تُريكَ القَذى من دُــونــها، وهي دُــونــه،
إذا ذاقَها من ذاقَها يَتَمَطَّقُ.
فسره فقال: تُريك هذه الخمرُ من دونــها أَي من ورائها، والخمر دون القذى
إليك، وليس ثم قذًى ولكن هذا تشبيه؛ يقول: لو كان أَسفلها قذى لرأَيته.
وقال بعض النحويين: لدُــونَ تسعة معانٍ: تكــون بمعنى قَبْل وبمعنى أَمامَ
وبمعنى وراء وبمعنى تحت وبمعنى فوق وبمعنى الساقط من الناس وغيرهم وبمعنى
الشريف وبمعنى الأَمر وبمعنى الوعيد وبمعنى الإغراء، فأَما دون بمعنى قبل
فكقولك: دُــون النهر قِتال ودُــون قتل الأَسد أَهوال أَي قبل أَن تصل إلى
ذلك. ودُــونَ بمعنى وراء كقولك: هذا أَمير على ما دُــون جَيحــونَ أَي على ما
وراءَه. والوعيد كقولك: دُــونــك صراعي ودونــك فتَمرَّسْ بي. وفي الأَمر:
دونــك الدرهمَ أَي خذه. وفي الإِغراء: دونــك زيداً أَي الزمْ زيداً
في حفظه. وبمعنى تحت كقولك: دونَ قَدَمِك خَدُّ عدوّك أَي تحت قدمك.
وبمعنى فوق كقولك: إن فلاناً لشريف، فيجيب آخر فيقول: ودُــون ذلك أَي فوق
ذلك. وقال الفراء: دُــونَ تكــون بمعنى على، وتكــون بمعنى عَلَّ، وتكــون بمعنى
بَعْد، وتكــون بمعنى عند، وتكــون إغراء، وتكــون بمعنى أَقلّ من ذا وأَنقص من
ذا، ودُــونُ تكــون خسيساً. وقال في قوله تعالى: ويعملــون عمَلاً دُــون ذلك؛
دون الغَوْص، يريد سوى الغَوْص من البناء؛ وقال أَبو الهيثم في قوله:
يَزيدُ يَغُضُّ الطَّرفَ دُــونــي.
أَي يُنَكِّسُه فيما بيني وبينه من المكان. يقال: ادْنُ دونــك أَي
اقترِبْ مني فيما بيني وبينك. والطَّرفُ: تحريك جفــون العينين بالنظر، يقال
لسرعة من الطَّرف واللمْح. أَبو حاتم عن الأَصمعي: يقال يكفيني دُــونُ هذا،
لأَنه اسم. والدِّيوانُ: مُجْتَمع الصحف؛ أَبو عبيدة: هو فارسي معرب؛ ابن
السكيت: هو بالكسر لا غير، الكسائي: بالفتح لغة مولَّدة وقد حكاها سيبويه
وقال: إنما صحَّت الواو في دِيوان، وإن كانت بعد الياء ولم تعتل كما
اعتلت في سيد، لأَن الياء في ديوان غير لازمة، وإنما هو فِعّال من دَــوَّنْــتُ،
والدليل على ذلك قولهم: دُوَيْوِينٌ، فدل ذلك أَنه فِعَّال وأَنك إنما
أَبدلت الواو بعد ذلك، قال: ومن قال دَيْوان فهو عنده بمنزلة بَيْطار،
وإنما لم تقلب الواو في ديوان ياء، وإن كانت قبلها ياء ساكنة، من قِبَل أَن
الياء غير ملازمة، وإنما أُبدلت من الواو تخفيفاً، أَلا تراهم قالوا
دواوين لما زالت الكسرة من قِبَل الواو؟ على أَن بعضهم قد قال دَياوِينُ،
فأَقرّ الياء بحالها، وإن كانت الكسرة قد زالت من قِبَلها، وأَجرى غير
اللازم مجرى اللازم، وقد كان سبيله إذا أَجراها مجرى الياء اللازمة أَن يقول
دِيّانٌ، إلا أَنه كره تضعيف الياء كما كره الواو في دَياوِين؛ قال:
عَداني أَن أَزورَكِ، أُمَّ عَمروٍ،
دَياوِينٌ تُنَفَّقُ بالمِدادِ.
الجوهري: الدِّيوانُ أَصله دِوَّانٌ، فعُوِّض من إحدى الواوين ياء لأَنه
يجمع على دَواوينَ، ولو كانت الياء أَصلية لقالوا دَياوين، وقد دُــوِّنــت
الدَّواوينُ. قال ابن بري: وحكى ابن دريد وابن جني أَنه يقال دَياوين.
وفي الحديث: لا يَجْمَعهم ديوانُ حافظٍ؛ قال ابن الأَثير: هو الدفتر الذي
يكتب فيه أَسماء الجيش وأَهلُ العطاء. وأَول من دَــوَّنَ الدِّيوان عمر،
رضي الله عنه، وهو فارسي معرب. ابن بري: وديوان اسم كلب؛ قال الراجز:
أَعْدَدْتُ ديواناً لدِرْباسِ الحَمِتْ،
متى يُعايِنْ شَخْصَه لا يَنْفَلِتْ.
ودِرْباس أَيضاً: كلب أَي أَعددت كلبي لكلب جيراني الذي يؤذيني في
الحَمْتِ.