يأتي.
يأتي.
شرف: الــشَّرَــفُ: الحَسَبُ بالآباء، شَرُــفَ يَــشْرُــفُ شَرَــفاً وشُرْــفَةً
وشَرافةً، فهو شريفٌ، والجمع أَــشْرافٌ. غيره: والــشَّرَــفُ والمَجْدُ لا
يكونانِ إلا بالآباء. ويقال: رجل شريفٌ ورجل ماجدٌ له آباءٌ متقدِّمون في
الــشرَــف. قال: والحسَبُ والكَرَمُ يكونانِ وإن لم يكن له آباء لهم شَرَــفٌ.
والــشَّرَــفُ: مصدر الــشَّريف من الناس. وشَريفٌ وأَــشْرافٌ مثل نَصِيرٍ
وأَنْصار وشَهِيد وأَشْهادٍ، الجوهري: والجمع شُرَــفاء وأَــشْرافٌ، وقد شَرُــفَ،
بالضم، فهو شريف اليوم، وشارِفٌ عن قليل أَي سيصير شريفاً؛ قال الجوهري:
ذكره الفراء. وفي حديث الشعبي: قيل للأَعمش: لمَ لمْ تَسْتَكْثِر من
الشعبي؟ قال: كان يَحْتَقِرُني كنت آتِيه مع إبراهيم فَيُرَحِّبُ به ويقول
لي: اقْعُدْ ثَمَّ أَيـُّها العبدُ ثم يقول:
لا نَرْفَعُ العبدَ فوق سُنَّته،
ما دامَ فِينا بأَرْضِنا شَرَــفُ
أَي شريف. يقال: هو شَرَــفُ قومه وكَرَمُهم أَي شَريفُهُم وكَريمهم،
واستعمل أَبو إسحق الــشَّرَــفَ في القرآن فقال: أَــشْرَــفُ آيةٍ في القرآن آيةُ
الكرسي.
والمَــشْرُــوفُ: المفضول. وقد شَرَــفه وشَرَــفَ عليه وشَرَّــفَه: جعل له
شَرَــفاً؛ وكل ما فَضَلَ على شيء، فقد شَرَــفَ. وشارَفَه فَــشَرَــفَه يَــشْرُــفه:
فاقَه في الــشرفِ؛ عن ابن جني. وَــشَرفْتُه أَــشْرُــفه شَرْــفاً أَي غَلَبْته
بالــشرَــفِ، فهو مَــشْرُــوف، وفلان أَــشْرَــفُ منه. وشارَفْتُ الرجل: فاخرته
أَيـُّنا أَــشْرَــفُ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال: ما
ذِئبان عادِيانِ أَصابا فَريقة غَنَمٍ بأَفْسَدَ فيها من حُبِّ المرء
المالَ والــشَّرَــفَ لِدِينه؛ يريد أَنه يَتَــشَرَّــفُ للمُباراةِ والمُفاخَرةِ
والمُساماةِ. الجوهري: وشَرَّــفَه اللّه تَــشْريفاً وتَــشَرَّــفَ بكذا أَي
عَدَّه شَرَــفاً، وشَرَّــفَ العظْمَ إذا كان قليل اللحم فأَخذ لحمَ عظم آخرَ
ووضَعَه عليه؛ وقول جرير:
إذا ما تَعاظَمْتُمْ جُعُوراً، فَــشَرِّــفُوا
جَحِيشاً، إذا آبَتْ من الصَّيْفِ عِيرُها
قال ابن سيده: أَرى أَنَّ معناه إذا عَظُمَتْ في أَعينكم هذه القبيلة من
قبائلكم فزيدوا منها في جَحِيش هذه القبيلة القليلة الذليلة، فهو على
نحو تَــشْريفِ العظْمِ باللَّحم.
والــشُّرْــفةُ: أَعلى الشيء. والــشَّرَــفُ: كالــشُّرْــفةِ، والجمع أَــشْرافٌ؛
قال الأَخطل:
وقد أَكل الكِيرانُ أَــشْرافَها العُلا،
وأُبْقِيَتِ الأَلْواحُ والعَصَبُ السُّمْرُ
ابن بزرج: قالوا: لك الــشُّرْــفةُ في فُؤَادي على الناس.
شمر: الــشَّرَــفُ كل نَشْزٍ من الأَرض قد أَــشْرَــفَ على ما حوله، قادَ أَو
لم يَقُد، سواء كان رَمْلاً أَو جَبَلاً، وإنما يطول نحواً من عــشْر
أَذرُع أَو خمس، قَلَّ عِرَضُ طهره أَو كثر. وجبل مُــشْرِــفٌ: عالٍ. والــشَّرَــفُ
من الأَرض: ما أَــشْرَــفَ لك. ويقال: أَــشْرَــفَ لي شَرَــفٌ فما زِلْتُ
أَرْكُضُ حتى علوته؛ قال الهذلي:
إذا ما اشْتَأَى شَرَــفاً قَبْلَه
وواكَظَ، أَوْشَكَ منه اقْتِرابا
الجوهري: الــشَّرَــفُ العُلُوُّ والمكان العالي؛ وقال الشاعر:
آتي النَّدِيَّ فلا يُقَرَّبُ مَجْلِسي،
وأَقُود للــشَّرَــفِ الرَّفِيعِ حِماري
يقول: إني خَرِفْت فلا يُنتفع برَأْيي، وكبِرْت فلا أَستطيع أَن أَركب
من الأَرض حماري إلا من مكان عال. الليث: المُــشْرَــفُ المكان الذي تُــشْرِــفُ
عليه وتعلوه. قال: ومَشارِفُ الأَرض أَعاليها. ولذلك قيل: مَشارِفُ
الشَّامِ. الأَصمعي: شُرْــفةُ المال خِيارُه، والجمع الــشُّرَــفُ. ويقال: إني
أَعُدُّ إتْيانَكم شُرْــفةً وأَرى ذلك شُرْــفةً أَي فَضْلاً وشَرَــفاً.
وأَــشْرافُ الإنسان: أُذُناه وأَنـْفُه؛ وقال عديّ:
كَقَصِير إذ لم يَجِدْ غير أَنْ جَدْ
دَعَ أَــشْرافَه لمَكْر قَصِير
ابن سيده: الأَــشْرافُ أَعلى الإنسانِ، والإشرافُ: الانتصابُ. وفرس
مُشْتَرِفٌ أَي مُــشْرِــفُ الخَلْق. وفرس مُشْتَرِفٌ: مُــشْرِــفُ أَعالي العظام.
وأَــشْرَــف الشيءَ وعلى الشيء: عَلاه. وتَــشَرَّــفَ عليه: كأَــشْرَــفَ.
وأَــشْرَــفَ الشيءُ: علا وارتفع. وشَرَــفُ البعير: سَنامه، قال الشاعر:
شَرَــفٌ أَجَبُّ وكاهِلٌ مَجْزُولُ
وأُذُن شَرْــفاء أَي طويلة. والــشَّرْــفاء من الآذان: الطويلة القُوفِ
القائمة المُــشْرِــفةُ وكذلك الــشُّرافِيَّة، وقيل: هي المنتصبة في طول، وناقة
شَرْــفاء وشُرافِيَّةٌ: ضَخْمةُ الأُذنين جسيمة، وضَبٌّ شُرافيٌّ كذلك،
ويَرْبُوعٌ شُرافيّ؛ قال:
وإني لأَصْطادُ اليَرابيعَ كُلَّها:
شُرافِيَّها والتَّدْمُريَّ المُقَصِّعا
ومنكب أَــشْرَــفُ: عال، وهو الذي فيه ارتفاع حَسَنٌ وهو نقِيض الأَهدإِ.
يقال منه: شَرِــفَ يَــشْرَــفُ شَرَــفاً، وقوله أَنشده ثعلب:
جَزى اللّهُ عَنَّا جَعْفَراً، حين أَــشْرَــفَتْ
بنا نَعْلُنا في الواطِئين فَزَلَّتِ
لم يفسره وقال: كذا أَنشدَناه عمر بن شَبَّة، وقال: ويروى حين
أَزْلَفَتْ؛ قال ابن سيده: وقوله هكذا أَنشدناه تَبَرُّؤٌ من الرواية.
والــشُّرْــفةُ: ما يوضع على أَعالي القُصور والمدُن، والجمع شُرَــفٌ.
وشَرَّــفَ الحائطَ: جعل له شُرْــفةً. وقصر مُــشَرَّــفٌ: مطوَّل.
والمَــشْرُــوف: الذي قد شَرَــفَ عليه غيره، يقال: قد شَرَــفَه فَــشَرَــفَ عليه. وفي حديث
ابن عباس: أُمِرْنا أَن نَبْني المَدائِنَ شُرَــفاً والمساجِدَ جُمّاً؛
أَراد بالــشُّرَــفِ التي طُوّلت أَبْنِيَتُها بالــشُّرَــفِ، الواحدة شُرْــفةٌ،
وهو على شَرَــفِ أَمر أَي شَفًى منه. والــشَّرَــفُ: الإشْفاء على خَطَر من خير
أَو شر.
وأَــشْرَــفَ لك الشيءُ: أَمْكَنَك. وشارَفَ الشيءَ: دنا منه وقارَبَ أَن
يَظْفَرَ به. ويقال: ساروا إليهم حتى شارَفُوهم أَي أَــشْرَــفُوا عليهم.
ويقال: ما يُــشْرِــفُ له شيء إلا أَخذه، وما يُطِفُّ له شيء إلا أَخذه، وما
يُوهِفُ له شيء إلا أَخذه. وفي حديث عليّ، كرم اللّه وجهه: أُمِرْنا في
الأَضاحي أَن نَسْتَــشْرفَ العين والأُذن؛ معناه أَي نتأَمل سلامتهما من آفةٍ
تكون بهما، وآفةُ العين عَوَرُها، وآفة الأُذن قَطْعها، فإذا سَلِمَت
الأُضْحِية من العَوَر في العين والجَدْعِ في الأَذن جاز أَن يُضَحَّى بها،
إذا كانت عَوْراء أَو جَدْعاء أَو مُقابَلَةً أَو مُدابَرَةً أَو
خَرْقاء أَو شَرْــقاء لم يُضَحَّ بها، وقيل: اسْتِــشْرافُ العين والأُذن أَن
يطلبهما شَريفَيْن بالتمام والسلامة، وقيل: هو من الــشُّرْــفةِ وهي خِيارُ
المال أَي أُمِرْنا أَن نتخيرها. وأَــشْرَــفَ على الموت وأَشْفى: قارَبَ.
وتَــشَرَّــفَ الشيءَ واسْتَــشْرَــفه: وضع يده على حاجِبِه كالذي يَسْتَظِلُّ من
الشمس حتى يُبْصِرَه ويَسْتَبِينَه؛ ومنه قول ابن مُطَيْر:
فَيا عَجَباً للناسِ يَسْتَــشْرِــفُونَني،
كأَنْ لم يَرَوا بَعْدي مُحِبّاً ولا قبْلي
وفي حديث أَبي طلحة، رضي اللّه عنه: أَنه كان حسَنَ الرمْي فكان إذا رمى
اسْتَــشْرَــفَه النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لينظر إلى مَواقِعِ نَبْله
أَي يُحَقِّقُ نظره ويَطَّلِعُ عليه. والاسْتِــشْرافُ: أَن تَضَع يدك على
حاجبك وتنظر، وأَصله من الــشرَــف العُلُوّ كأَنه ينظر إليه من موضع مُرْتَفِع
فيكون أَكثر لإدراكه. وفي حديث أَبي عبيدة: قال لعمر، رضي اللّه عنهما،
لما قَدِمَ الشامَ وخرج أَهلُه يستقبلونه: ما يَسُرُّني أَن أَهلَ هذا
البلد اسْتَــشْرَــفُوك أَي خرجوا إلى لقائك، وإنما قال له ذلك لأن عمر، رضي
اللّه عنه، لما قدم الشام ما تَزَيَّا بِزِيِّ الأُمراء فخشي أَن لا
يَسْتَعْظِمُوه. وفي حديث الفِتَن: من تَــشَرَّــفَ لها اسْتَــشْرَــفَتْ له أَي من
تَطَلَّعَ إليها وتَعَرَّضَ لها واتَتْه فوقع فيها. وفي الحديث: لا
تُــشْرِــفْ يُصِبْك سهم أَي لا تَتَــشَرَّــفْ من أَعْلى الموضع؛ ومنه الحديث: حتى
إذا شارَفَتِ انقضاء عدّتها أَي قَرُبَت منها وأَــشْرَــفَت عليها. وفي
الحديث عن سالم عن أَبيه: أَن رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، كان يُعْطِي
عُمَر العطاء فيقول له عمر: يا رسولَ اللّه أَعْطِه أَفْقَرَ إليه مني،
فقال له رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: خُذْه فتَمَوَّلْه أَو
تَصَدَّقْ به، وما جاءك من هذا المال وأَنتَ غيرُ مُــشْرِــفٍ له ولا سائل فخذه وما
لا فلا تُتْبِعْه نفسَك، قال سالم: فمن أجل ذلك كان عبد اللّه لا
يَسْأَلُ أحداً شيئاً ولا يُرُدُّ شيئاً أُعْطِيَه؛ وقال شمر في قوله وأَنت غير
مُــشْرِــفٍ له قال: ما تُــشْرِــفُ عليه وتَحَدَّثُ به نفسك وتتمناه؛ وأَنشد:
لقد عَلِمْتُ، وما الإشْرافُ من طَمَعي،
أَنَّ الذي هُو رِزْقي سَوْفَ يأْتيني
(* قوله «من طمعي» في شرح ابن هشام لبانت سعاد: من خلقي.)
وقال ابن الأَعرابي: الإشْرافُ الحِرْصُ. وروي في الحديث: وأَنتَ غيرُ
مُــشْرِــفٍ له أَو مُشارِفٍ فخذه. وقال ابن الأعرابي: اسْتَــشْرَــفَني حَقّي
أَي ظَلمَني؛ وقال ابن الرِّقاع:
ولقد يَخْفِضُ المُجاوِرُ فيهمْ،
غيرَ مُسْتَــشْرَــفٍ ولا مَظْلوم
قال: غيرَ مُسْتَــشْرَــف أَي غيرَ مظلوم. ويقال: أَــشْرَــفْتُ الشيءَ
عَلَوْتُه، وأَــشْرَــفْتُ عليه: اطَّلَعْتُ عليه من فوق، أَراد ما جاءك منه وأَنت
غيرُ مُتَطَلِّع إليه ولا طامِع فيه، وقال الليث: اسْتَــشْرَــفْتُ الشيءَ
إذا رَفَعْتَ رأْسَك أَو بصَرك تنظر إليه. وفي الحديث: لا يَنْتَهِبُ
نُهْبةً ذاتَ شَرَــفٍ وهو مؤمِنٌ أَي ذاتَ قَدْر وقِيمة ورِفْعةٍ يرفع الناسُ
أَبصارهم للنظر إليها ويَسْتَــشْرفونها. وفي الحديث: لا تَــشَرَّــفُوا
(*
قوله «لا تــشرفوا» كذا بالأصل، والذي في النهاية: لا تستــشرفوا.) للبلاء؛
قال شمر: التَّــشَرُّــف للشيء التَّطَلُّعُ والنظرُ إليه وحديثُ النفْسِ
وتَوَقُّعُه؛ ومنه: فلا يَتَــشَرَّــفُ إبلَ فلان أَي يَتَعَيَّنُها. وأَــشْرَــفْت
عليه: اطَّلَعْتُ عليه من فوق، وذلك الموضع مُــشْرَــفٌ. وشارَفْتُ الشيء
أَي أَــشْرَــفْت عليه. وفي الحديث: اسْتَــشْرَــفَ لهم ناسٌ أَي رفعوا رؤُوسَهم
وأَبصارَهم؛ قال أَبو منصور في حديث سالم: معناه وأَنت غير طامع ولا
طامِحٍ إليه ومُتَوَقِّع له. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال:
من أَخَذَ الدنيا بإشرافِ نفْس لم يُبارَك له فيها، ومن أَخذها بسخاوةِ
نَفْس بُورِك له فيها، أَي بحرْصٍ وطَمَعٍ. وتَــشَرَّــفْتُ المَرْبَأَ
وأَــشْرَــفْتُه أَي علوته؛ قال العجاج:
ومَرْبَإٍ عالٍ لِمَن تَــشَرَّــفا،
أَــشْرَــفْتُه بلا شَفًى أَو بِشَفى
قال الجوهري: بلا شَفًى أَي حين غابت الشمس، أَو بشَفًى أَي بقِيَتْ من
الشمس بقِيّة. يقال عند غروب الشمس: ما بَقِيَ منها إلا شَفًى.
واسْتَــشْرَــفَ إبلَهم: تَعَيَّنَها ليُصِيبها بالعين.
والشارِفُ من الإبل: المُسِنُّ والمُسِنَّةُ، والجمع شَوارِفُ وشُرَّــفٌ
وشُرُــفٌ وشُرُــوفٌ، وقد شَرُــفَتْ وشَرَــفَتْ تَــشْرُــف شُرُــوفاً. والشارِفُ:
الناقةُ التي قد أَسَنَّتْ. وقال ابن الأعرابي: الشارِفُ الناقة
الهِمّةُ، والجمع شُرْــفٌ وشَوارِفُ مثل بازِلٍ وبُزْلٍ، ولا يقال للجمل شارِفٌ؛
وأَنشد الليث:
نَجاة من الهُوجِ المَراسِيلِ هِمَّة،
كُمَيْت عليها كَبْرةٌ، فهي شارفُ
وفي حديث عليّ وحَمْزة، عليهما السلام:
أَلا يا حَمْزَ للــشُّرُــفِ النِّواء،
فَهُنَّ مُعَقَّلاتٌ بالفِناء
هي جمع شارِفٍ وتضمُّ راؤُها وتسكن تخفيفاً، ويروى ذا الــشرَــف، بفتح
الراء والشين، أَي ذا العَلاء والرِّفْعةِ. وفي حديث ابن زمْل: وإذا أَمام
ذلك ناقةٌ عَجْفاء شارِفٌ؛ هي المُسِنّةُ. وفي الحديث: إذا كان كذا وكذا
أَنى أَن يَخْرُجَ بكم الــشُّرْــفُ الجُونُ، قالوا: يا رسول اللّه وما
الــشُّرْــفُ الجُون؟ قال: فِتَنٌ كقِطْعِ الليلِ المُظْلمِ؛ قال أَبو بكر:
الــشُّرْــفُ جمع شارِفٍ وهي الناقة الهَرِمةُ، شبَّه الفِتَنَ في اتِّصالها
وامْتِداد أَوقاتها بالنُّوق المُسِنَّة السُّود، والجُونُ: السود؛ قال ابن
الأَثير: هكذا يروى بسكون الراء
(* قوله «يروى بسكون الراء» في القاموس:
وفي الحديث أتتكم الــشرف الجون بضمتين.) وهي جمع قليل في جمع فاعل لم يَردْ
إلا في أَسماء معدودة، وفي رواية أُخرى: الــشُّرْــقُ الجُون، بالقاف، وهو
جمع شارِق وهو الذي يأْتي من ناحية المَــشْرِــق، وشُرْــفٌ جمع شارِفٍ نادر لم
يأْت مثلَه إلا أَحرف معدودة: بازِلٌ وبُزْلٌ وحائلٌ وحُولٌ وعائذٌ
وعُوذٌ وعائطٌ وعُوطٌ. وسهم شارِفٌ: بعيد العهد بالصِّيانةِ، وقيل: هو الذي
انْتَكَثَ رِيشُه وعَقَبُه، وقيل: هو الدقيق الطويل. غيره: وسهم شارِفٌ
إذا وُصِف بالعُتْق والقِدَم؛ قال أَوس بن حجر:
يُقَلِّبُ سَهْماً راشَه بمَناكِبٍ
ظُهار لُؤامٍ، فهو أَعْجَفُ شارِفُ
الليث: يقال أَــشْرَــفَتْ علينا نفْسُه، فهو مُــشْرِــفٌ علينا أَي مُشْفِقٌ.
والإشْرافُ: الشَّفَقة؛ وأَنشد:
ومن مُضَرَ الحَمْراء إشْرافُ أَنْفُسٍ
علينا، وحَيّاها إلينا تَمَضُّرا
ودَنٌّ شارِفٌ: قدِيمُ الخَمْر؛ قال الأَخطل:
سُلافةٌ حَصَلَتْ من شارِفٍ حَلِقٍ،
كأَنـَّما فارَ منها أَبْجَرٌ نَعِرُ
وقول بــشر:
وطائرٌ أَــشْرَــفُ ذو خُزْرةٍ،
وطائرٌ ليس له وَكْرُ
قال عمرو: الأَــشْرفُ من الطير الخُفّاشُ لأَنَّ لأُذُنيه حَجْماً
ظاهراً، وهو مُنْجَرِدٌ من الزِّفِّ والرِّيش، وهو يَلِدُ ولا يبيض، والطير
الذي ليس له وكر طير يُخبِر عنه البحريون أَنه لا يَسْقط إلا ريثما يَجْعَلُ
لبَيْضِه أُفْحُوصاً من تراب ويُغَطِّي عليه ثم يَطِيرُ في الهواء وبيضه
يتفَقَّس من نفسه عند انتهاء مدته، فإذا أَطاق فَرْخُه الطيَران كان
كأَبوَيه في عادتهما. والإشْرافُ: سُرعةُ عَدْوِ الخيل. وشَرَّــفَ الناقةَ:
كادَ يَقْطَعُ أَخلافها بالصَّرّ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
جَمَعْتُها من أَيْنُقٍ غِزارِ،
من اللَّوا شُرِّــفْنَ بالصِّرارِ
أَراد من اللواتي، وإنما يُفعل بها ذلك ليَبْقى بُدْنُها وسِمَنُها
فيُحْمَل عليها في السنة المُقْبلة. قال ابن الأَعرابي: ليس من الــشَّرَــف ولكن
من التــشريف، وهو أَن تَكادَ تقطع أَخْلافها بالصِّرار فيؤثِّر في
أَخْلافِها؛ وقول العجاج يذكر عَيْراً يَطْرُد أُتُنه:
وإنْ حَداها شَرَــفاً مُغَرِّبا،
رَفَّهَ عن أَنـْفاسِه وما رَبا
حَداها: ساقها، شرفاً أَي وجْهاً. يقال: طَرَده شرَــفاً أَو شَرَــفَين،
يريد وجْهاً أَو وجْهَين؛ مُغَرِّباً: مُتَباعداً بعيداً؛ رَفَّهَ عن
أَنفاسه أَي نَفَّسَ وفرَّجَ. وعَدا شَرَــفاً أَو شَرَــفَينِ أَي شَوْطاً أَو
شَوْطَيْنِ. وفي حديث الخيل: فاسْتَنَّتْ شَرَــفاً أو شَرَــفين؛ عَدَتْ
شَوْطاً أَو شَوْطَيْن.
والمَشارِفُ: قُرًى من أَرض اليمن، وقيل: من أَرض العرب تَدْنُو من
الرِّيف، والسُّيُوفُ المَــشْرَــفِيّةُ مَنْسوبة إليها. يقال: سَيفٌ مَــشْرَــفيّ،
ولا يقال مَشارِفيٌّ لأَن الجمع لا يُنسب إليه إذا كان على هذا الوزن،
لا يقال مَهالِبيّ ولا جَعَافِرِيٌّ ولا عَباقِرِيٌّ. وفي حديث سَطِيح:
يسكن مَشارِفَ الشام؛ هي كل قرية بين بلاد الرِّيفِ وبين جزيرة العرب، قيل
لها ذلك لأَنها أشْرَــفَتْ على السواد، ويقال لها أَيضاً المَزارِعُ
والبَراغِيلُ، وقيل: هي القرى التي تَقْرُب من المدن.
ابن الأَعرابي: العُمَرِيَّةُ ثياب مصبوغة بالــشَّرَــفِ، وهو طين أَحمر.
وثوب مُــشَرَّــفٌ: مصبوغ بالــشَّرَــف؛ وأَنشد:
أَلا لا تَغُرَّنَّ امْرَأً عُمَرِيّةٌ،
على غَمْلَجٍ طالَتْ وتَمَّ قَوامُها
ويقال شَرْــفٌ وشَرَــفٌ للمَغْرةِ. وقال الليث: الــشَّرَــفُ له صِبْغٌ أَحمر
يقال له الدّارْبَرْنَيان؛ قال أَبو منصور: والقول ما قال ابن الأعرابي
في المُــشَرَّــفِ. وفي حديث عائشة: أَنها سُئِلَتْ عن الخِمار يُصْبَغُ
بالــشَّرْــف فلم ترَ به بأْساً؛ قال: هو نبت أَحمر تُصْبَغ به الثياب.
والــشُّرافيُّ: لَوْنٌ من الثياب أَبيض.
وشُرَــيفٌ: أَطولُ جبل في بلاد العرب. ابن سيده: والــشُّرَــيْف جبل تزعم
العرب أَنه أَطول جبل في الأَرض. وشَرَــفٌ: جبل آخرُ يقرب منه. والأَــشْرَــفُ:
اسم رجل: وشِرافُ وشَرافِ مَبْنِيَّةً: اسم ماء بعينه. وشَراف: موضع؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لقد غِظْتَني بالحَزْمِ حَزْمِ كُتَيْفةٍ،
ويومَ الْتَقَيْنا من وراء شَرافِ
(* قوله «غظتني بالحزم حزم» في معجم ياقوت: عضني بالجوّ جوّ.)
التهذيب: وشَرافِ ماء لبني أَسد. ابن السكيت: الــشَّرَــفُ كَبِدُ نَجْدٍ،
قال: وكانت الملوك من بني آكِل المُرار تَنزِلُها، وفيها حِمَى ضَرِيّةَ،
وضرِيّة بئر، وفي الــشرف الرَّبَذةُ وهي الحِمَى الأَيمنُ، والــشُّرَــيْفُ
إلى جنبه، يَفْرُق بين الــشرَــف والــشُّريفِ وادٍ يقال له التَّسْرِيرُ، فما
كان مُــشَرِّــقاً فهو الــشُّرَــيْف، وما كان مغرِّياً، فهو الــشرَــفُ؛ قال
أَبو منصور: وقولُ ابن السكّيت في الــشرَــف والــشُّريف صحيح. وفي حديث ابن
مسعود، رضي اللّه عنه: يُوشِكُ أَن لا يكونَ بين شَرافِ وأَرضِ كذا جَمَّاءُ
ولا ذاتُ قَرْن؛ شَرافِ: موضع، وقيل: ماء لبني أَسد. وفي الحديث: أَن عمر
حمى الــشَّرَــفَ والرَّبَذَةَ؛ قال ابن الأَثير: كذا روي بالشين وفتح
الراء، قال: وبعضهم يرويه بالمهملة وكسر الراء. وفي الحديث: ما أُحِبُّ أَن
أَنْفُخَ في الصلاة وأَن لي مَمَرَّ الــشرَــفِ. والــشُّرَــيْفُ، مُصَغّر: ماء
لبني نُمير. والشاروفُ: جبل، وهو موَلَّد. والشاروفُ: المِكْنَسةُ، وهو
فارسيٌّ معرَّب. وأَبو الــشَّرفاء: من كُناهم؛ قال:
أَنا أَبو الــشَّرْــفاء مَنَّاعُ الخَفَرْ
أَراد مَنّاع أَهل الخفر.
شرب: الــشَّرْــبُ: مصدر شَرِــبْتُ أَــشْرَــبُ شَرْــباً وشُرْــباً. ابن سيده: شَرِــبَ الماءَ وغيره شَرْــباً وشُرْــباً وشِرْــباً؛ ومنه قوله تعالى: فشارِبون عليه من الـحَميمِ فشارِبون شُرْــبَ الـهِـيمِ؛ بالوجوه الثلاثة. قال سعيد بن يحيـى الأُموي: سمعت أَبا جريج يقرأُ: فشارِبون شَرْــبَ الـهِـيمِ؛ فذكرت ذلك لجعفر بن محمد، فقال: وليست كذلك، إِنما هي: شُرْــب الـهِـيمِ؛ قال الفراء: وسائر القراء يرفعون الشين. وفي حديث أَيـّامِ التَّــشْريق: إِنها أَيامُ أَكل وشُربٍ؛ يُروى بالضم والفتح، وهما بمعنى؛ والفتح أَقل اللغتين، وبها قرأَ أَبو عمرو: شَرْــب الـهِـيمِ؛ يريد أَنها أَيام لا يجوز صَومُها، وقال أَبو عبيدة: الــشَّرْــبُ، بالفتح، مصدر، وبالخفض والرفع، اسمان من شَرِــبْتُ. والتَّــشْرابُ: الــشُّرْــبُ؛ فأَما قول أَبي ذؤيب:
شَرِــبنَ بماءِ البحرِ، ثم تَرَفَّعَتْ، * مَتى حَبَشِـيَّاتٍ، لَـهُنَّ نئِـيجُ(1)
(1 قوله «متى حبشيات» هو كذلك في غير نسخة من المحكم.)
فإِنه وصفَ سَحاباً شَرِــبنَ ماء البحر، ثم تَصَعَّدْنَ، فأَمْطَرْن
ورَوَّيْنَ؛ والباء في قوله بماء البحر زائدة، إِنما هو شَرِــبنَ ماء البحر؛ قال ابن جني: هذا هو الظاهر من الحالِ، والعُدُولُ عنه تَعَسُّفٌ؛ قال: وقال بعضهم شَرِــبنَ مِن ماء البحر، فأَوْقَع الباء مَوْقِـعَ من؛ قال: وعندي أَنه لما كان شَرِــبنَ في معنى رَوِينَ، وكان رَوِينَ مما يتعدَّى بالباءِ، عَدَّى شَرِــبنَ بالباءِ، ومثله كثير؛ منه ما مَضَى، ومنه ما
سيأْتي، فلا تَسْتَوْحِش منه.
والاسم: الــشِّرْــبةُ، عن اللحياني؛ وقيل: الــشَّرْــبُ المصدر، والــشِّرْــبُ
الاسم. والــشِّرْــبُ: الماء، والجمع أَــشرابٌ.
والــشَّرْــبةُ من الماءِ: ما يُــشْرَــبُ مَرَّةً. والــشَّرْــبةُ أَيضاً: المرةُ الواحدة من الــشُّرْــبِ.
والــشِّرْــبُ: الـحَظُّ من الماءِ، بالكسر. وفي المثل: آخِرُها أَقَلُّها
شِرْــباً؛ وأَصلُهُ في سَقْيِ الإِبل، لأَنَّ آخِرَها يرد، وقد نُزِفَ
الحوْضُ؛ وقيل: الــشِّرْــبُ هو وقتُ الــشُّرْــبِ. قال أَبو زيد: الــشِّرْــبُ
الـمَوْرِد، وجمعه أَــشْرابٌ. قال: والـمَــشْرَــبُ الماء نَفسُه.
والــشَّرابُ: ما شُرِــب من أَيِّ نوْعٍ كان، وعلى أَيّ حال كان. وقال أَبو حنيفة: الــشَّرابُ، والــشَّرُــوبُ، والــشَّرِــيبُ واحد، يَرْفَع ذلك إِلى أَبي زيد.
ورَجلٌ شارِبٌ، وشَرُــوبٌ وشَرّــابٌ وشِرِّــيبٌ: مُولَع بالــشَّرابِ،
كخِمِّيرٍ. التهذيب: الــشَّرِــيبُ الـمُولَع بالــشَّراب؛ والــشَّرَّــابُ: الكثيرُ
الــشُّرْــبِ؛ ورجل شَروبٌ: شديدُ الــشُّرْــب. وفي الحديث: مَن شَرِــبَ الخَمْرَ في الدنيا، لم يَــشْرَــبها في الآخرة؛ قال ابن الأَثير: هذا من باب التَّعْلِـيقِ في البيان؛ أَراد: أَنه لم يَدْخُلِ الجنَّةَ، لأَنَّ الجنةَ شرابُ أَهلِها الخمْرُ، فإِذا لم يَــشْرَــبْها في الآخرة، لم يَكن قد دَخَلَ
الجنةَ.والــشَّرْــبُ والــشُّرُــوبُ: القَوم يَــشْرَــبُون، ويجْتَمعون على الــشَّراب؛ قال ابن سيده: فأَما الــشَّرْــبُ، فاسم لجمع شارِب، كرَكْبٍ ورَجْلٍ؛ وقيل: هو جمع. وأَما الــشُّروب، عندي، فجمع شاربٍ، كشاهدٍ وشُهودٍ، وجعله ابن الأَعرابي جمع شَرْــبٍ؛ قال: وهو خطأٌ؛ قال: وهذا مـمَّا يَضِـيقُ عنه عِلْمُه لجهله بالنحو؛ قال الأَعشى:
هو الواهِبُ الـمُسْمِعاتِ الــشُّرُــو * بَ، بَين الـحَريرِ وبَينَ الكَتَنْ
وقوله أَنشده ثعلب:
يَحْسَبُ أَطْمَاري عَليَّ جُلُبا، * مِثلَ الـمَنادِيلِ، تُعاطَى الأَــشرُــبا(1)
(1 قوله «جلبا» كذا ضبط بضمتين في نسخة من المحكم.)
يكون جمع شَرْــبٍ، كقول الأَعشى:
لها أَرَجٌ، في البَيْتِ، عالٍ، كأَنما * أَلمَّ بهِ، مِن تَجْرِ دارِينَ، أَرْكُبُ
فأَرْكُبٌ: جمع رَكْبٍ، ويكون جمع شَارِبٍ وراكِبٍ، وكلاهما نادر، لأَنَّ سيبويه لم يذكر أَن فاعلاً قد يُكَسَّر على أَفْعُلٍ.
وفي حديث علي وحمزة، رضي اللّه عنهما: وهو في هذا البيت في شَرْــبٍ من الأَنصار؛ الــشَّرْــبُ، بفتح الشين وسكون الراء: الجماعة يَــشْرَــبُونَ الخمْر.التهذيب، ابن السكيت: الــشِّرْــبُ: الماءُ بعَينهِ يُــشْرَــبُ. والــشِّرْــبُ: النَّصِـيبُ من الماء.
والــشَّرِــيبةُ من الغنم: التي تُصْدِرُها إِذا رَوِيَتْ، فتَتْبَعُها الغَنمُ، هذه في الصحاح؛ وفي بعض النسخ حاشيةٌ: الصواب السَّريبةُ، بالسين المهملة. وشارَبَ الرَّجُلَ مُشارَبَةً وشِراباً. شَرِــبَ معه، وهو شَرِــيبـي؛ قال:
رُبَّ شَرِــيبٍ لكَ ذِي حُساسِ، * شِرابُه كالـحَزِّ بالـمَواسي
والــشَّرِــيبُ: صاحِـبُكَ الذي يُشارِبُكَ، ويُورِدُ إِبلَه معَكَ، وهو
شَرِــيبُك؛ قال الراجز:
إِذا الــشَّرِــيبُ أَخَذَتْه أَكَّهْ، فخلِّه، حتى يَبُكَّ بَكَّهْ
وبه فسر ابن الأَعرابي قوله:
رُبَّ شَرِــيب لك ذي حُساس
قال: الــشَّرِــيبُ هنا الذي يُسْقَى مَعَك. والـحُساسُ: الشُّؤْم والقَتْلُ؛ يقول: انتِظارُك إِيَّاه على الحوضِ، قَتْلٌ لك ولإِبلِك. قال: وأَما
نحن ففَسَّرْنا الـحُساسَ هنا، بأَنه الأَذَى والسَّوْرةُ في الــشَّراب،
وهو شَرِــيبٌ، فَعِـيلٌ بمعنى مُفاعِل، مثل نَديم وأَكِـيل.
وأَــشْرَــبَ الإِبِلَ فَــشرِــبَتْ، وأَــشْرَــبَ الإِبل حتى شَرِــبَتْ، وأَــشْرَــبْنَا نحن: رَوِيَتْ إِبلُنا، وأَــشْرَــبْنا: عَطِشْنا، أَو عَطِشَت إِبلُنا؛ وقوله:
اسْقِنِـي، فإِنَّـنِـي مُــشْرِــب
رواه ابن الأَعرابي، وفسره بأَنَّ معناه عطشان، يعني نفسه، أَو إِبله.
قال ويروى: فإِنَّكَ مُــشْرِــب أَي قد وجَدْتَ مَن يَــشْرَــبُ. التهذيب:
الـمُــشْرِــبُ العَطْشان. يقال: اسْقِنِي، فإِنِّي مُــشْرِــب. والـمُــشْرِــبُ:
الرجُل الذي قد عَطِشَت إِبلُه أَيضاً. قال: وهذا قول ابن الأَعرابي.
قال وقال غيره: رَجل مُــشْرِــبٌ قد شَرِــبَت إِبله. ورجل مُــشرِــبٌ: حانَ لإِبلِه أَن تَــشْرَــبَ. قال: وهذا عنده من الأَضداد.
والـمَــشْرَــبُ: الماء الذي يُــشْرَــبُ.
والـمَــشْرَــبةُ: كالـمَــشْرَــعةِ؛ وفي الحديث: مَلْعُونٌ ملعونٌ مَن أَحاطَ
على مَــشْرَــبةٍ؛ الـمَــشْرَــبة، بفتح الراءِ من غير ضم: الموضع الذي يُــشْرَــبُ منه كالـمَــشْرَــعةِ؛ ويريد بالإِحاطة تَملُّكَه، ومنعَ غيره منه.
والـمَــشْرَــبُ: الوجهُ الذي يُــشْرَــبُ منه، ويكون موضعاً، ويكون مصدراً؛ وأَنشد:
ويُدْعَى ابنُ مَنْجُوفٍ أَمامي، كأَنه * خَصِـيٌّ، أَتَى للماءِ مِنْ غَيْرِ مَــشْرَــبِ
أَي من غير وجه الــشُّرْــب؛ والـمَــشْرَــبُ: شَرِــيعةُ النَّهر؛
والـمَــشْرَــبُ: الـمَــشْروبُ نفسُه.
والــشَّرابُ: اسم لما يُــشْرَــبُ. وكلُّ شيء لا يُمْضَغُ، فإِنه يقال فيه:
يُــشْرَــبُ.
والــشَّرُــوبُ: ما شُرِــبَ. والماء الــشَّرُــوب والــشَّريبُ: الذي بَيْنَ
العَذْبِ والـمِلْح؛ وقيل: الــشَّروب الذي فيه شيء من عُذوبةٍ، وقد يَــشْرَــبُه الناس، على ما فيه. والــشَّرِــيبُ: دونه في العُذوبةِ، وليس يَــشْرَــبُه الناس إِلاّ عند ضرورة، وقد تَــشْرَــبُه البهائم؛ وقيل: الــشَّرِــيبُ العَذْبُ؛ وقيل: الماء الــشَّرُــوب الذي يُــشْرَــبُ. والمأْجُ: الـمِلْحُ؛ قال ابن هرمة:
فإِنَّكَ، بالقَرِيحةِ، عامَ تُمْهى، * شَروبُ الماء، ثم تَعُودُ مَـأْجا
قال: هكذا أَنشده أَبو عبيد بالقَرِيحة، والصواب كالقَرِيحةِ. التهذيب أَبو زيد: الماء الــشَّريبُ الذي ليس فيه عُذوبةٌ، وقد يَــشْرَــبُه الناسُ على ما فيه. والــشَّرُــوبُ: دُونهُ في العُذوبةِ، وليس يَــشْرَــبُه الناس إِلاّ عند الضَّرُورة. وقال الليث: ماء شَرِــيبٌ وشَرُــوب فيه مَرارةٌ ومُلُوحة، ولم يمتنع من الــشُّرْــب؛ وماء شَرُــوبٌ وماء طَعِـيمٌ بمعنى واحد. وفي حديث الشورى: جُرْعةٌ شَرُــوبٌ أَنْفَع من عَذْبٍ مُوبٍ؛ الــشَّرُــوبُ من الماءِ: الذي لا يُــشْرَــب إِلاّ عند الضرورة، يستوي فيه المذكر والمؤَنث، ولهذا وصف به الجُرْعةَ؛ ضرب الحديث
مثلاً لرجلين: أَحدهما أَدْوَنُ وأَنفعُ، والآخر أَرفعُ وأَضرُّ. وماءٌ مُــشْرِــبٌ: كَــشَروبٍ.
ويقال في صِفَةِ بَعِيرٍ: نِعْمَ مُعَلَّقُ الــشَّرْــبةِ هذا؛ يقول: يكتفي إِلى منزله الذي يريدُ بــشَرْــبةٍ واحدة، لا يَحْتاجُ إِلى أُخرى.
وتقول: شَرَّــبَ مالي وأَكَّـلَه أَي أَطْعَمه الناسَ وسَقاهُم به؛ وظَلَّ مالي يُؤَكَّل ويُــشَرَّــب أَي يَرْعَى كيف شاءَ.
ورجل أُكَلةٌ وشُرَــبةٌ، مثال هُمَزةٍ: كثير الأَكل والــشُّرب، عن ابن
السكيت.
ورجلٌ شَرُــوبٌ: شديدُ الــشُّرْــبِ، وقومٌ شُرُــبٌ وشُرَّــبٌ.
ويومٌ ذو شَرَــبةٍ: شديدُ الـحَرِّ، يُــشْرَــبُ فيه الماءُ أَكثر مما يُــشْرَــب على هذا الآخر. وقال اللحياني: لم تَزَلْ به شَرَــبَةٌ هذا اليومَ أَي
عَطَشٌ. التهذيب: جاءَت الإِبل وبها شَرَــبةٌ أَي عطَش، وقد اشْتَدَّتْ شَرَــبَتُها؛ وقال أَبو حنيفة: قال أَبو عمرو إِنه لذو شَرَــبةٍ إِذا كان كثير الــشُّرب.
وطَعامٌ مَــشْرَــبةٌ: يُــشْرَــبُ عليه الماء كثيراً، كما قالوا: شَرابٌ مَسْفَهةٌ.
وطَعامٌ ذو شَرَــبة إِذا كان لا يُرْوَى فيه من الماءِ. والـمِــشْرَــبةُ،
بالكسر: إِناءٌ يُــشْرَــبُ فيه.
والشَّارِبةُ: القوم الذين مسكنهم على ضَفَّة النهر، وهم الذين لهم ماء ذلك النهر.
والــشَّرَــبةُ: عَطَشُ المالِ بعدَ الـجَزءِ، لأَنَّ ذلك يَدْعُوها إِلى
الــشُّرْــب. والــشَّرَــبةُ، بالتحريك: كالـحُوَيْضِ يُحْفَرُ حولَ النخلةِ
والشجرة، ويُمْلأُ ماء، فيكون رَيَّها، فَتَتَرَوَّى منه، والجمع شَرَــبٌ
وشَرَــباتٌ؛ قال زهير:
يَخْرُجْنَ مِن شَرَــباتٍ، ماؤها طَحِلٌ، * على الجُذوعِ، يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقا
وأَنشد ابن الأَعرابي:
مِثْلُ النَّخِـيلِ يُرَوِّي، فَرْعَها، الــشَّرَــبُ
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: اذْهَبْ إِلى شَرَــبةٍ من الــشَّرَــباتِ، فادْلُكْ رأْسَك حتى تُنَقِّيَه.
الــشَّرَــبة، بفتح الراءِ: حَوْضٌ يكون في أَصل النخلة وحَوْلَها، يُمْلأُ
ماء لِتَــشْرَــبه؛ ومنه حديث جابر، رضي اللّه عنه: أَتانا رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فَعَدَلَ إِلى الرَّبِـيع، فتَطَهَّرَ وأَقْبَلَ
إِلى الــشَّرَــبةِ؛ الرَّبِـيعُ: النهرُ. وفي حديث لَقِـيطٍ: ثم أَــشْرَــفْتُ عليها، وهي شَرْــبةٌ واحدة؛ قال القتيبـي: إِن كان بالسكون، فإِنه أَرادأَن الماء قد كثر، فمن حيث أَردت أَن تــشرب شربت، ويروى بالياءِ تحتها نقطتان، وهو مذكور في موضعه.
والــشَّرَــبةُ: كُرْدُ الدَّبْرَةِ، وهي الـمِسْقاةُ، والجمع من كل ذلك
شَرَــباتٌ وشَرَــبٌ.
وشَرَّــبَ الأَرضَ والنَّخلَ: جَعَلَ لها شَرَــباتٍ؛ وأَنشد أَبو حنيفة في
صفة نخل:
مِنَ الغُلْبِ، مِن عِضْدانِ هامةَ شُرِّــبَتْ * لِسَقْيٍ، وجُمَّتْ لِلنَّواضِحِ بِئْرُها
وكلُّ ذلك من الــشُّرْــب.
والشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الـحَلْقِ؛ وقيل: الشَّوارِبُ عُروقٌ في
الـحَلْقِ تَــشْرَــبُ الماء؛ وقيل: هي عُرُوقٌ لاصِقةٌ بالـحُلْقوم،
وأَسْفَلُها بالرِّئةِ؛ ويقال: بَل مُؤَخَّرُها إِلى الوَتِـين، ولها قَصَبٌ
منه يَخْرُج الصَّوْت؛ وقيل: الشَّوارِبُ مَجاري الماء في العُنُقِ؛ وقيل: شَوارِبُ الفَرَسِ
ناحِـيةُ أَوْداجِه، حيث يُوَدِّجُ البَيْطارُ، واحِدُها، في التقدير، شارِبٌ؛ وحِمارٌ صَخِبُ الشَّوارِبِ، مِن هذا، أَي شَديدُ النَّهِـيقِ. الأَصمعي، في قول أَبي ذؤَيب:
صَخِبُ الشَّوارِب، لا يَزالُ كأَنـَّه * عَبْدٌ، لآلِ أَبي رَبِـيعةَ، مُسْبَعُ
قال: الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الـحَلْقِ، وإِنما يريد كَثرةَ
نُهاقِه؛ وقال ابن دريد: هي عُرُوقُ باطِن الـحَلْقِ. والشَّوارِبُ: عُرُوقٌ مُحْدِقَةٌ بالـحُلْقُومِ؛ يقال: فيها يَقَعُ الــشَّرَــقُ؛ ويقال: بل هي
عُرُوق تأْخذ الماء، ومنها يَخْرُج الرِّيقُ. ابن الأَعرابي: الشَّوارِبُ
مَجاري الماءِ في العين؛ قال أَبو منصور: أَحْسَبُه أَرادَ مَجارِيَ الماءِ في العين التي تَفُور في الأَرض، لا مَجارِيَ ماءِ عين الرأْس.
والـمَــشْرَــبةُ: أَرضٌ لَـيِّـنةٌ لا يَزالُ فيها نَبْتٌ أَخْضَرُ رَيّانُ. والـمَــشْرَــبةُ والـمَــشْرُــبَةُ، بالفتح والضم: الغُرْفةُ؛ سيبويه: وهي الـمَــشْرَــبةُ، جعلوه اسماً كالغُرْفةِ؛ وقيل: هي كالصُّفَّة بين يَدَي الغُرْفةِ.
والـمَشارِبُ: العَلاليُّ، وهو في شعر الأَعشى. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كان في مَــشْرَــبةٍ له أَي كان في غُرْفةٍ؛ قال: وجمعها مَــشْرَــباتٌ ومَشارِبُ.
والشارِبانِ: ما سالَ على الفَم من الشَّعر؛ وقيل: إِنما هو الشَّارِبُ، والتثنية خطأٌ. والشَّارِبان: ما طالَ مِن ناحِـيةِ السَّبَلةِ، وبعضهم يُسمِّي السَّبَلةَ كلَّها شارِباً واحداً، وليس بصواب، والجمع شَوارِبُ.
قال اللحياني: وقالوا إِنه لَعَظِـيمُ الشَّواربِ. قال: وهو من الواحد
الذي فُرِّقَ، فَجُعِلَ كلُّ جزءٍ منه شارِباً، ثم جُمِع على هذا. وقد
طَرَّ شارِبُ الغُلامِ، وهما شارِبانِ. التهذيب: الشارِبانِ ما طالَ من ناحِـيةِ السَّبَلةِ، وبذلك سُمِّي شارِبا السيفِ؛ وشارِبا السيفِ: ما
اكْـتَنَفَ الشَّفْرةَ، وهو من ذلك. ابن شميل: الشارِبانِ في السيفِ، أَسْفَلَ القائِم، أَنْفانِ طَويلانِ: أَحدُهما من هذا الجانب، والآخَرُ من هذا الجانِب. والغاشِـيةُ: ما تحتَ الشَّارِبَين؛ والشارِبُ والغاشِيةُ: يكونان من حديدٍ وفِضَّةٍ وأَدَمٍ.
وأَــشْرَــبَ اللَّونَ: أَشْبَعَه؛ وكلُّ لَوْنٍ خالَطَ لَوْناً آخَر، فقد أُــشْرِــبَه.
وقد اشْرابَّ: على مِثالِ اشْهابَّ.
والصِّبْغُ يَتَــشَرَّــبُ في الثوبِ، والثوبُ يَتَــشَـرَّــبُه أَي يَتَنَشَّفُه.
والإِــشْرابُ: لَوْنٌ قد أُــشْرِــبَ من لَونٍ؛ يقال: أُــشْرِــبَ الأَبيضُ حُمْرةً أَي عَلاه ذلك؛ وفيه شُرْــبةٌ من حُمْرَةٍ أَي إِــشْرابٌ.
ورجُل مُــشْرَــبٌ حُمْرةً، وإِنه لَـمَسْقِـيُّ الدَّم مثله، وفيه شُرْــبةٌ من الـحُمْرةِ إِذا كان مُــشْرَــباً حُمْرَةً وفي صفته، صلى اللّه عليه
وسلم: أَبيضُ مُــشْرَــبٌ حُمرةً.
(يتبع...)
(تابع... 1): شرب: الــشَّرْــبُ: مصدر شَرِــبْتُ أَــشْرَــبُ شَرْــباً وشُرْــباً. ابن سيده:... ...
الإِــشْرابُ: خَلْطُ لَوْنٍ بلَوْنٍ. كأَنَّ أَحد اللَّوْنَينِ سُقِـيَ اللونَ الآخَرَ؛ يقال: بياضٌ مُــشْرَــبٌ حُمْرةً مخففاً، وإِذا شُدّد كان للتكثير والمبالغة.
ويقال أَيضاً: عنده شُرْــبةٌ من ماءٍ أَي مِقدارُ الرِّيِّ؛ ومثله
الـحُسْوةُ، والغُرْفةُ، واللُّقْمةُ.
وأُــشْرِــبَ فلان حُبَّ فلانةَ أَي خالَطَ قَلْبَه. وأُــشْرِــبَ قلبُه مَحَبَّـةَ هذا أَي حَلَّ مَحَلَّ الــشَّرابِ. وفي التنزيل العزيز: وأُــشْرِــبُوا في قُلوبِهِم العِجْلَ؛ أَي حُبَّ العِجْلِ، فحذَف المضافَ، وأَقامَ المضافَ
إِليه مُقامَه؛ ولا يجوز أَن يكون العِجْلُ هو الـمُــشْرَــبَ، لأَنَّ
العِجْل لا يَــشْرَــبُه القَلْبُ؛ وقد أُــشْرِــبَ في قَلْبِه حُبّه أَي خالَطَه. وقال الزجاج: وأُــشْرِــبُوا في قُلوبِهم العِجْلَ بكُفْرِهم؛ قال:
معناه سُقُو حُبَّ العِجْلِ، فحذف حُبَّ، وأُقِـيمَ العِجْلُ مُقامَه؛ كما
قال الشاعر:
وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ * خَلالَـتُه، كأَبي مَرْحَبِ؟
أَي كَخلالةِ أَبي مَرْحَبٍ.
والثَّوْب يَتَــشرَّــبُ الصِّبْغَ: يَتَنَشَّفُه. وتَــشَرَّــبَ الصِّبْغُ فيه: سَرَى.
واسْتَــشْرَــبَتِ القَوْسُ حُمْرةً: اشْتَدَّت حُمْرَتُها؛ وذلك إِذا كانت
من الــشِّرْــبانِ؛ حكاه أَبو حنيفة.
قال بعض النحويين: من الـمُــشْرَــبةِ حُروف يخرج معها عند الوُقوفِ عليها نحو النفخ، إِلاَّ أَنها لم تُضْغَطْ ضَغْطَ الـمَحْقُورَةِ، وهي الزاي والظاءُ والذال والضاد. قال سيبويه: وبعضُ العرب أَشَدُّ تصويباً من بعض.وأُــشْرِــبَ الزَّرْعُ: جَرى فيه الدَّقيقُ؛ وكذلك أُــشْرِــبَ الزَّرْعُ الدَّقيقَ، عَدَّاه أَبو حنيفة سماعاً من العرب أَو الرُّواة.
ويقال للزرع إِذا خرج قَصَبُه: قد شَرِــبَ الزرعُ في القَصَبِ، وشَرَّــبَ قَصَبُ الزرعِ إِذا صارَ الماءُ فيه. ابن الأَعرابي: الــشُّرْــبُبُ الغَمْلى من النبات.
وفي حديث أُحد: انَّ المــشركين نزلوا على زَرْعِ أَهلِ المدينةِ،
وخَلَّوا فيه ظَهْرهم، وقد شُرِّــبَ الزرعُ الدَّقيقَ؛ وفي رواية: شَرِــبَ الزرعُ الدقيقَ، وهو كناية عن اشْتِدادِ حَبِّ الزَّرْع، وقُرْبِ إِدْراكِه.
يقال: شَرَّــبَ قَصَبُ الزرع إِذا صارَ الماءُ فيه؛ وشُرِّــبَ السُّنْبُلُ
الدَّقيقَ إِذا صارَ فيه طُعْمٌ؛ والــشُّرْــبُ فيه مستعارٌ، كأَنَّ الدَّقِـيقَ كان ماءً، فَــشَرِــبَه.
وفي خديث الإِفك: لقد سَمِعْتُموه وأُــشْرِــبَتْه قُلوبُكم، أَي سُقِـيَتْهُ كما يُسْقَى العَطْشانُ الماء؛ يقال: شَرِــبْتُ الماءَ وأُــشْرِــبْتُه إِذا سُقِـيتَه. وأُــشْرِــبَ قَلْبُه كذا، أَي حَلَّ مَحَلَّ الــشَّراب، أَو اخْتَلَطَ به، كَما يَخْتَلِطُ الصِّبغُ بالثوب. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: وأُــشْرِــبَ قَلْبُه الإِشْفاقَ.
أَبو عبيد: وشَرَّــبَ القِرْبةَ، بالشين المعجمة، إِذا كانت جديدة، فجعل فيها طيباً وماء، لِـيَطِـيبَ طَعْمُها؛ قال القطامي يصف الإِبل بكثرة أَلبانها:
ذَوارِفُ عَيْنَيْها، منَ الـحَفْلِ، بالضُّحَى، * سُجُومٌ، كتَنْضاحِ الشِّنانِ الـمُــشَرَّــب
هذا قول أَبي عبيد وتفسيره، وقوله: كتَنْضاحِ الشِّنانِ الـمُــشَرَّــبِ؛
إِنما هو بالسين المهملة؛ قال: ورواية أَبي عبيد خطأ.
وتَــشَرَّــبَ الثوبُ العَرَقَ: نَشِفَه.
وضَبَّةٌ شَرُــوبٌ: تَشْتَهِـي الفحل، قال: وأُراه ضائنةٌ شَرُــوبٌ.
وشَرِــبَ بالرجل، وأَــشْرَــبَ به: كَذَبَ عليه؛ وتقول: أَــشْرَــبْتَني ما لم
أَــشْرَــبْ أَي ادَّعَيْتَ عليَّ ما لم أَفْعَلْ.
والــشَّرْــبةُ: النَّخْلة التي تَنبُتُ من النَّوى، والجمع الــشَّرَــبَّاتُ،
والــشَّرائِبُ، والــشَّرابِـيبُ(1)
(1 قوله «والجمع الــشربَّات والــشرائب والــشرابيب» هذه الجموع الثلاثة إِنما هي لــشربة كجربة أَي بالفتح وشدّ الباء كما في التهذيب ومع ذلك فالسابق واللاحق لابن سيده وهذه العبارة متوسطة أوهمت أنها جمع للــشربة النخلة فلا يلتفت إلى من قلد اللسان.).
وأَــشْرَــبَ البعيرَ والدَّابَّةَ الـحَبْلَ: وَضَعَه في عُنُقها؛ قال:
يا آلَ وَزْرٍ أَــشْرِــبُوها الأَقْرانْ
وأَــشْرَــبْتُ الخَيْلَ أَي جعلت الـحِـبالَ في أَعْناقِها؛ وأَنشد ثعلب:
وأَــشْرَــبْتُها الأَقْرانَ، حتى أَنَخْتُها * بِقُرْح، وقد أَلقَيْنَ كُلَّ جَنِـينِ
وأَــشْرَــبْتُ إِبلَكَ أَي جَعَلْتُ لكل جَمَلٍ قَريناً؛ ويقول أَحدهم لناقته: لأُــشْرِــبَنَّكِ الـحِـبالَ والنُّسُوع أَي لأَقْرُنَنَّكِ بها.
والشَّارِبُ: الضَّعْفُ، في جميع الحيوان؛ يقال: في بعيرِك شارِبُ
خَوَرٍ أَي ضَعْفٌ؛ ونِعْم البعيرُ هذا لولا أَن فيه شارِبَ خَوَرٍ أَي عِرقَ خَوَرٍ.
قال: وشَرِــبَ إِذا رَوِيَ، وشَرِــبَ إِذا عَطِشَ، وشَرِــبَ إِذا ضَعُفَ
بَعيرُه.
ويقال: ما زالَ فلان على شَرَــبَّةٍ واحدةٍ أَي على أَمرٍ واحد.
أَبو عمرو: الــشَّرْــبُ الفهم. وقد شَرَــبَ يَــشْرُــبُ شَرْــباً إِذا فَهِمَ؛
ويقال للبليد: احْلُبْ ثم اشْرُــبْ أَي ابْرُك ثم افْهَمْ.
وحَلَبَ إِذا بَرَكَ.
وشَرِــيبٌ، وشُرَــيْبٌ، والــشُّرَّــيْبُ، بالضم، والــشُّرْــبُوبُ، والــشُّرْــبُبُ: كلها مواضع. والــشُّرْــبُبُ في شعر لبيد، بالهاءِ؛ قال:
هل تَعْرِفُ الدَّار بسَفْحِ الــشُّرْــبُبَه؟
والــشُّرْــبُبُ: اسم وادٍ بعَيْنِه.
والــشَّرَــبَّةُ: أَرض لَـيِّـنَة تُنْبِتُ العُشْبَ، وليس بها شجر؛ قال
زهير:
وإِلاَّ فإِنَّا بالــشَّرَــبَّةِ، فاللِّوَى، * نُعَقِّر أُمّاتِ الرِّباع، ونَيْسِرُ
وشَرَــبَّةُ، بتشديد الباءِ بغير تعريف: موضع؛ قال ساعدة بن جؤَية:
بِــشَرَــبَّةٍ دَمِث الكَثِـيبِ، بدُورِه * أَرْطًى، يَعُوذُ به، إِذا ما يُرْطَبُ
يُرْطَبُ: يُبَلُّ؛ وقال دَمِث الكَثِـيب، لأَنَّ الــشُّرَــبَّةَ موضع أَو مكان؛ ليس في الكلام فَعَلَّةٌ إِلاَّ هذا، عن كراع، وقد جاءَ له ثان، وهو قولهم: جَرَبَّةٌ، وهو مذكور في موضعه.
واشْرَــأَبَّ الرجل للشيءِ وإِلى الشيءِ اشْرِــئْباباً: مَدَّ عُنُقَه إِليه، وقيل: هو إِذا ارْتَفَعَ وعَلا؛ والاسم: الــشُّرَــأْبِـيبةُ، بضم الشين، من اشْرَــأَبَّ. وقالت عائشة، رضي اللّه عنها: اشْرَــأَبَّ النِّفاقُ،
وارْتَدَّت العربُ؛ قال أَبو عبيد: اشْرَــأَبَّ ارتفعَ وعلا؛ وكلُّ رافِعٍ
رأْسَه: مُــشْرَــئِبٌّ. وفي حديث: يُنادِي منادٍ يومَ القيامةِ: يا أَهلَ
الجنةِ، ويا أَهلَ النار، فيَــشْرَــئِبُّون لصوته؛ أَي يَرْفَعُون رؤُوسهم
ليَنْظُروا إِليه؛ وكلُّ رافع رأْسه مــشرئبٌّ؛ وأَنشد لذي الرمة يصف الظَّبْيةَ، ورَفْعَها رأْسَها:
ذَكَرْتُكِ، إِذْ مَرَّتْ بِنا أُمُّ شادِنٍ، * أَمامَ الـمَطايا، تَــشْرَــئِبُّ وتَسْنَحُ
قال: اشْرأَبَّ مأْخوذ من الـمَــشْرَــبة، وهي الغُرْفةُ.
نــشر: النَّــشْر: الرِّيح الطيِّبة؛ قال مُرَقِّش:
النَّــشْر مِسْك، والوُجُوه دَنا
نِيرٌ، وأَطرافُ الأَكفِّ عَنَمْ
أَراد: النَّــشْرُ مثلُ ريح المسك لا يكون إِلا على ذلك لأَن النــشر عَرضٌ
والمسك جوهر، وقوله: والوُجوه دنانير، الوجه أَيضاً لا يكون ديناراً
إِنما أَراد مثل الدنانير، وكذلك قال: وأَطراف الأَكف عَنَم إِنما أَراد
مثلَ العَنَم لأَن الجوهر لا يتحول إِلى جوهر آخر، وعَمَّ أَبو عبيد به
فقال: الَّــشْر الريح، من غير أَن يقيّدها بطيب أَو نَتْن، وقال أَبو
الدُّقَيْش: النَّــشْر ريح فَمِ المرأَة وأَنفها وأَعْطافِها بعد النوم؛ قال امرؤُ
القيس:
كأَن المُدامَ وصَوْبَ الغَمَامِ
ورِيحَ الخُزامى ونَــشْرَ القُطُرْ
وفي الحديث: خرج معاوية ونَــشْرُــه أَمامَه، يعني ريحَ المسك؛ النَّــشْر،
بالسكون: الريح الطيبة، أَراد سُطوعَ ريح المسك منه.
ونَــشَر الله الميت يَنْــشُره نَــشْراً ونُشُوراً وأَنْــشره فَنَــشَر الميتُ
لا غير: أَحياه؛ قال الأَعشى:
حتى يقولَ الناسُ مما رَأَوْا:
يا عَجَباً للميّت النَّاشِرِ
وفي التنزيل العزيز: وانْظُرْ إِلى العظام كيف ننــشرها؛ قرأَها ابن عباس:
كيف نُنْــشِرُــها، وقرأَها الحسن: نَنْــشُرها؛ وقال الفراء: من قرأَ كيف
نُنــشِرها، بضم النون، فإِنْشارُها إِحياؤها، واحتج ابن عباس بقوله تعالى:
ثم إِذا شاء أَنْــشَرَــهُ، قال: ومن قرأَها نَنْــشُرها وهي قراءة الحسن
فكأَنه يذهب بها إِلى النَّــشْرِ والطيّ، والوجه أَن يقال: أَنــشَرَ الله الموتى
فَنَــشَرُــوا هُمْ إِذا حَيُوا وأَنــشَرَــهم الله أَي أحْياهم؛ وأَنشد
الأَصمَعي لأَبي ذؤيب:
لو كان مِدْحَةُ حَيٍّ أَنــشرَــتْ أَحَداً،
أَحْيا أُبوَّتَك الشُّمَّ الأَمادِيحُ
قال: وبعض بني الحرث كان به جَرَب فَنَــشَر أَي عاد وحَيِيَ. وقال
الزجاج: يقال نَــشَرهُم الله أَي بعثَهم كما قال تعالى: وإِليه النُّشُور. وفي
حديث الدُّعاء: لك المَحيا والمَمَات وإِليك النُّشُور. يقال: نَــشَر
الميتُ يَنْــشُر نُشُوراً إِذا عاش بعد الموت، وأَنْــشَره الله أَي أَحياه؛ ومنه
يوم النُّشُور. وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: فَهلاَّ إِلى الشام
أَرضِ المَنْــشَر أَي موضِع النُّشُور، وهي الأَرض المقدسة من الشام يحــشُر
الله الموتى إِليها يوم القيامة، وهي أَرض المَحْــشَر؛ ومنه الحديث: لا
رَضاع إِلا ما أَنــشر اللحم وأَنبت العظم
(* قوله« الا م أنــشر اللحم وأنبت
العظم» هكذا في الأصل وشرح القاموس. والذي في النهاية والمصباح: الا ما
أنــشر العظم وأنبت اللحم) أَي شدّه وقوّاه من الإِنْشار الإِحْياء، قال ابن
الأَثير: ويروى بالزاي. وقوله تعالى: وهو الذي يرسل الرياح نُــشُراً بين
يَدَيْ رَحمتِه، وقرئ: نُــشْراً ونَــشْراً. والنَّــشْر: الحياة. وأَنــشر
اللهُ الريحَ: أَحياها بعد موت وأَرسلها نُــشْراً ونَــشَراً، فأَما من قرأَ
نُــشُراً فهو جمع نَشُور مثل رسول ورسُل، ومن قرأَ نُــشْراً أَسكن الشينَ
اسْتِخفافاً، ومن قرأَ نَــشْراً فمعناه إِحْياءً بِنَــشْر السحاب الذي فيه
المطر الذي هو حياة كل شيء، ونَــشَراً شاذّة؛ عن ابن جني، قال: وقرئ بها وعلى
هذا قالوا ماتت الريح سكنتْ؛ قال:
إِنِّي لأَرْجُو أَن تَمُوتَ الرِّيحُ،
فأَقعُد اليومَ وأَستَرِيحُ
وقال الزجاج: من قرأَ نَــشْراً فالمعنى: وهو الذي يُرسِل الرياح
مُنْتَــشِرة نَــشْراً، ومن قرأَ نُــشُراً فهو جمع نَشور، قال: وقرئ بُــشُراً،
بالباء، جمع بَشِيرة كقوله تعالى: ومن آياته أَن يُرْسِل الرياحَ مُبَــشِّرات.
ونَــشَرتِ الريحُ: هبت في يوم غَيْمٍ خاصة. وقوله تعالى: والنَّاشِراتِ
نَــشْراً، قال ثعلب: هي الملائكة تنــشُر الرحمة، وقيل: هي الرياح تأْتي
بالمطر. ابن الأَعرابي: إِذا هبَّت الريح في يوم غيم قيل: قد نَــشَرت ولا يكون
إِلا في يوم غيم. ونَــشَرتِ الأَرض تنــشُر نُشُوراً: أَصابها الربيعُ
فأَنبتتْ. وما أَحْسَنَ نَــشْرها أَي بَدْءَ نباتِها. والنَّــشْرُ: أَن يخرج
النَّبْت ثم يبطئَ عليه المطر فييبَس ثم يصيبَه مطر فينبت بعد اليُبْسِ، وهو
رَدِيء للإِبل والغنم إِذا رعتْه في أَوّل ما يظهر يُصيبها منه
السَّهام، وقد نَــشَر العُشْب نَــشْراً. قال أَبو حنيفة: ولا يضر النَّــشْرُ
الحافِرَ، وإِذا كان كذلك تركوه حتى يَجِفَّ فتذهب عنه أُبْلَتُه أَي شرُّــه وهو
يكون من البَقْل والعُشْب، وقيل: لا يكون إِلا من العُشْب، وقد نَــشَرت
الأَرض. وعمَّ أَبو عبيد بالنَّــشْر جميعَ ما خرج من نبات الأَرض. الصحاح:
والنَّــشْرُ الكلأُ إِذا يَبِسَ ثم أَصابه مطر في دُبُرِ الصيف فاخضرّ، وهو
رديء للراعية يهرُب الناس منه بأَموالهم؛ وقد نَــشَرتِ الأَرض فهي ناشِرة
إِذا أَنبتتْ ذلك. وفي حديث مُعاذ: إِن كلَّ نَــشْرِ أَرض يُسلم عليها
صاحِبُها فإِنه يُخرِج عنها ما أُعطِيَ نَــشْرُــها رُبْعَ المَسْقَوِيّ
وعُــشْرَ المَظْمَئِيِّ؛ قوله رُبعَ المَسْقَوِيّ قال: أَراه يعني رُبعَ
العُــشْر. قال أَبو عبيدة: نَــشْر الأَرض، بالسكون، ما خرج من نباتها، وقيل: هو
في الأَصل الكَلأُ إِذا يَبِسَ ثم أَصابه مطر في آخر الصَّيف فاخضرّ، وهو
رديء للرّاعية، فأَطلقه على كل نبات تجب فيه الزكاة. والنَّــشْر: انتِشار
الورَق، وقيل: إِيراقُ الشَّجَر؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
كأَن على أَكتافِهم نَــشْرَ غَرْقَدٍ
وقد جاوَزُوا نَيَّان كالنَّبََطِ الغُلْفِ
يجوز أَن يكون انتشارَ الورق، وأَن يكون إِيراقَ الشجر، وأَن يكون
الرائحة الطيّبة، وبكل ذلك فسره ابن الأَعرابي. والنَّــشْر: الجَرَب؛ عنه
أَيضاً. الليث: النَّــشْر الكلأُ يهيج أَعلاه وأَسفله ندِيّ أَخضر تُدْفِئُ
منه الإِبل إِذا رعته؛ وأَنشد لعُمير بن حباب:
أَلا رُبَّ مَن تدعُو صَدِيقاً، ولو تَرى
مَقالتَه في الغَيب، ساءَك ما يَفْرِي
مَقالتُه كالشَّحْم، ما دام شاهِداً،
وبالغيب مَأْثُور على ثَغرة النَّحْرِ
يَسرُّك بادِيهِ، وتحت أَدِيمِه
نَمِيَّةُ شَرٍّ تَبْتَرِي عَصَب الظَّهر
تُبِينُ لك العَيْنان ما هو كاتِمٌ
من الضِّغْن، والشَّحْناء بالنَّظَر الشَّزْر
وفِينا، وإِن قيل اصطلحنا، تَضاغُنٌ
كما طَرَّ أَوْبارُ الجِرابِ على النَّــشْر
فَرِشْني بخير طالَما قد بَرَيْتَني،
فخيرُ الموالي من يَرِيشُ ولا يَبرِي
يقول: ظاهرُنا في الصُّلح حسَن في مَرْآة العين وباطننا فاسد كما تحسُن
أَوبار الجَرْبى عن أَكل النَّــشْر، وتحتها داءٌ منه في أَجوافها؛ قال
أَبو منصور: وقيل: النَّــشْر في هذا البيت نَــشَرُ الجرَب بعد ذهابه ونَباتُ
الوبَر عليه حتى يخفى، قال: وهذا هو الصواب. يقال: نَــشِرَ الجرَب يَنْــشَر
نَــشَراً ونُشُوراً إِذا حَيِيَ بعد ذهابه. وإِبل نَــشَرى إِذا انتــشر فيها
الجَرب؛ وقد نَــشِرَ البعيرُ إِذا جَرِب. ابن الأَعرابي: النَّــشَر نَبات
الوبَر على الجرَب بعدما يَبرأُ.والنَّــشْر: مصدر نَــشَرت الثوب أَنْــشُر
نَــشْراً. الجوهري: نَــشَر المتاعَ وغيرَه ينــشُر نَــشْراً بَسَطَه،ومنه ريح
نَشُور ورياح نُــشُر. والنَّــشْر أَيضاً: مصدر نَــشَرت الخشبة بالمِنْشار
نَــشْراً. والنَّــشْر: خلاف الطيّ. نَــشَر الثوبَ ونحوه يَنْــشُره نَــشْراً
ونَــشَّره: بَسَطه. وصحف مُنَــشَّرة، شُدّد للكثرة. وفي الحديث: أَنه لم يخرُج في
سَفَر إِلا قال حين ينهَض من جُلوسه: اللهم بك انتَــشَرت؛ قال ابن
الأَثير: أَي ابتدأْت سفَري. وكلُّ شيء أَخذته غضّاً، فقد نَــشَرْــته وانْتَــشَرته،
ومَرْجِعه إِلى النَّــشْر ضدّ الطيّ، ويروى بالباء الموحدة والسين
المهملة.
وفي الحديث: إِذا دَخَل أَحدكم الحمَّام فعليه بالنَّشِير ولا يَخْصِف؛
هو المِئْزر سمي به لأَنه يُنْــشَر ليُؤْتَزَرَ به. والنَّشِيرُ: الإِزار
من نَــشْر الثوب وبسْطه. وتَنَــشَّر الشيءُ وانْتَــشَر: انْبَسَط. وانْتَــشَر
النهارُ وغيره: طال وامْتدّ. وانتــشَر الخبرُ: انْذاع. ونَــشَرت الخبرَ
أَنــشِره وأَنــشُره أَي أَذعته. والنَّــشَر: أَن تَنْتَــشِر الغنمُ بالليل
فترعى. والنَّــشَر: أَن ترعَى الإِبل بقلاً قد أَصابه صَيف وهو يضرّها، ويقال:
اتق على إِبلك النَّــشَر، ويقال: أَصابها النَّــشَر أَي ذُئِيَتْ على
النَّــشَر، ويقال: رأَيت القوم نَــشَراً أَي مُنْتــشِرين. واكتسى البازِي ريشاً
نَــشَراً أَي مُنتــشِراً طويلاً. وانتــشَرت الإِبلُ والغنم: تفرّقت عن غِرّة
من راعيها، ونَــشَرها هو ينــشُرها نــشْراً، وهي النَّــشَر. والنَّــشَر: القوم
المتفرِّقون الذين لا يجمعهم رئيس. وجاء القوم نَــشَراً أَي متفرِّقين.
وجاء ناشِراً أُذُنيه إِذا جاء طامِعاً؛ عن ابن الأَعرابي. والنَّــشَر،
بالتحريك: المُنتــشِر. وضَمَّ الله نَــشَرَــك أَي ما انتــشَر من أَمرِك، كقولهم:
لَمَّ الله شَعَثَك وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: فرَدَّ نَــشَر
الإِسلام على غَرِّهِ أَي رَدَّ ما انتــشر من الإِسلام إِلى حالته التي كانت على
عهد سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تعني أَمرَ الرِّدة وكفاية
أَبيها إِيّاه، وهو فَعَلٌ بمعنى مفعول. أَبو العباس: نَــشَرُ الماء،
بالتحريك، ما انتــشر وتطاير منه عند الوضوء. وسأَل رجل الحسَن عن انتِضاح الماء
في إِنائه إِذا توضأَ فقال: ويلك أَتملك نَــشَر الماء؟ كل هذا محرّك
الشين من نَــشَرِ الغنم. وفي حديث الوضوء: فإِذا اسْتنْــشَرتْ واستنثرتَ خرجتْ
خَطايا وجهك وفيك وخَياشِيمك مع الماء، قال الخطابي: المحفوظ اسْتَنْشيت
بمعنى استنْشقْت، قال: فإِن كان محفوظاً فهو من انتِشار الماء وتفرّقه.
وانتــشَر الرجل: أَنعظ. وانتــشَر ذكَرُه إِذا قام.
ونَــشَر الخشبة ينــشُرها نــشراً: نَحتها، وفي الصحاح: قطعها بالمِنْشار.
والنُّشارة: ما سقط منه. والمِنْشار: ما نُــشِر به. والمِنْشار: الخَشَبة
التي يُذرَّى بها البُرُّ، وهي ذات الأَصابع.
والنواشِر: عَصَب الذراع من داخل وخارج، وقيل: هي عُرُوق وعَصَب في باطن
الذراع، وقيل: هي العَصَب التي في ظاهرها، واحدتها ناشرة. أَبو عمرو
والأَصمعي: النواشِر والرَّواهِش عروق باطِن الذراع؛ قال زهير:
مَراجِيعُ وَشْمٍ في نَواشِرِ مِعْصَمِ
الجوهري: النَّاشِرة واحدة النَّواشِر، وهي عروق باطن الذراع.
وانتِشار عَصَب الدابة في يده: أَن يصيبه عنت فيزول العَصَب عن موضعه.
قال أَبو عبيدة: الانْتِشار الانتِفاخ في العصَب للإِتعاب، قال: والعَصَبة
التي تنتــشِر هي العُجَاية. قال: وتحرُّك الشَّظَى كانتِشار العَصَب غير
أَن الفرَس لانتِشار العَصَب أَشدُّ احتمالاً منه لتحرك الشَّظَى.
شمر: أَرض ماشِرة وهي التي قد اهتزَّ نباتها واستوت وروِيت من المطَر،
وقال بعضهم: أَرض ناشرة بهذا المعنى.
ابن سيده: والتَّناشِير كتاب للغِلمان في الكُتَّاب لا أَعرِف لها
واحداً.
والنُّــشرةُ: رُقْيَة يُعالَج بها المجنون والمرِيض تُنَــشَّر عليه
تَنْشِيراً،وقد نَــشَّر عنه، قال: وربما قالوا للإِنسان المهزول الهالكِ: كأَنه
نُــشْرة. والتَّنْشِير: من النُّــشْرة، وهي كالتَّعوِيذ والرُّقية. قال
الكلابي: وإِذا نُــشِر المَسْفُوع كان كأَنما أُنْشِط من عِقال أَي يذهب عنه
سريعاً. وفي الحديث أَنه قال: فلعل طَبًّا أَصابه يعني سِحْراً، ثم
نَــشَّره بِقُلْ أَعوذ بربّ الناس أَي رَقَاهُ؛ وكذلك إِذا كَتب له النُّــشْرة.
وفي الحديث: أَنه سُئل عن النُّــشْرة فقال: هي من عَمَل الشيطان؛
النُّــشرة، بالضم: ضرْب من الرُّقية والعِلاج يعالَج به من كان يُظن أَن به مَسًّا
من الجِن، سميت نُــشْرة لأَنه يُنَــشَّر بها عنه ما خامَرَه من الدَّاء
أَي يُكشَف ويُزال. وقال الحسن: النُّــشْرة من السِّحْر؛ وقد نَــشَّرت عنه
تَنشِيراً.
وناشِرة: اسم رجل؛ قال:
لقد عَيَّل الأَيتامَ طَعنةُ ناشِرَــهْ
أَناشِرَ، لا زالتْ يمينُك آشِرَــهْ
أَراد: يا ناشِرَــةُ فرخَّم وفتح الراء، وقيل: إِنما أَراد طعنة ناشِر،
وهو اسم ذلك الرجل، فأَلحق الهاء للتصريع، قال: وهذا ليس بشيء لأَنه لم
يُرْوَ إِلا أَناشِر، بالترخيم، وقال أَبو نُخَيلة يذكُر السَّمَك:
تَغُمُّه النَّــشْرة والنَّسِيمُ،
ولا يَزالُ مُغْرَقاً يَعُومُ
في البحر، والبحرُ له تَخْمِيمُ،
وأُمُّه الواحِدة الرَّؤُومُ
تَلْهَمُه جَهْلاً، وما يَرِيمُ
يقول: النَّــشْرة والنسيم الذي يُحيي الحيوان إِذا طال عليه الخُمُوم
والعَفَن والرُّطُوبات تغُم السمك وتكرُ به، وأُمّه التي ولدته تأْكله لأَن
السَّمَك يأْكل بعضُه بعضا، وهو في ذلك لا يَرِيمُ موضعه.
ابن الأَعرابي: امرأَة مَنْشُورة ومَشْنُورة إِذا كانت سخيَّة كريمة،
قال: ومن المَنْشُورة قوله تعالى: نُــشُراً بين يدَيْ رحمتِه؛ أَي سَخاء
وكَرَماً.
والمَنْشُور من كُتب السلطان: ما كان غير مختوم. ونَشْوَرَت الدابة من
عَلَفها نِشْواراً: أَبقتْ من علفها؛ عن ثعلب، وحكاه مع المِشْوار الذي هو
ما أَلقتِ الدابة من عَلَفها، قال: فوزنه على هذا نَفْعَلَتْ، قال: وهذا
بناء لا يُعرف. الجوهري: النِّشْوار ما تُبقيه الدابة من العَلَف، فارسي
معرب.
عــشر: العَــشَرة: أَول العُقود. والعَــشْر: عدد المؤنث، والعَــشَرةُ: عدد
المذكر. تقول: عَــشْرُ نِسْوة وعَــشَرةُ رجال، فإِذا جاوَزْتَ العِــشْرين
استوى المذكر والمؤنث فقلت: عِــشْرون رجلاً وعِــشْرون امرأَة، وما كان من
الثلاثة إِلى العَــشَرة فالهاء تلحقه فيما واحدُه مذكر، وتحذف فيما واحدُه
مؤنث، فإِذا جاوَزْتَ العَــشَرة أَنَّثْت المذكرَ وذكّرت المؤنث، وحذفت الهاء
في المذكر في العَــشَرة وأَلْحَقْتها في الصَّدْر، فيما بين ثلاثةَ عــشَر
إِلى تسعة عــشَر، وفتحت الشين وجعلت الاسمين اسماً واحداً مبنيّاً على
الفتح، فإِذا صِرْت إِلى المؤنث أَلحقت الهاء في العجز وحذفتها من الصدر،
وأَسكنت الشين من عَــشْرة، وإِن شئت كَسَرْتها، ولا يُنْسَبُ إِلى الاسمين
جُعِلا اسماً واحداً، وإِن نسبت إِلى أَحدهما لم يعلم أَنك تريد الآخر،فإن
اضطُرّ إلى ذلك نسبته إلى أَحدهما ثم نسبته إلى الآخر، ومن قال أَرْبَعَ
عَــشْرة قال: أَرْبَعِيٌّ عَــشَرِــيٌّ، بفتح الشين، ومِنَ الشاذ في القراءة:
فانْفَجَرَت منه اثنتا عَــشَرة عَيْناً، بفتح الشين؛ ابن جني: وجهُ ذلك
أَن أَلفاظ العدد تُغَيَّر كثيراً في حدّ التركيب، أَلا تراهم قالوا في
البَسِيط: إِحْدى عَــشْرة، وقالوا: عَــشِرة وعَــشَرة، ثم قالوا في التركيب:
عِــشْرون؟ ومن ذلك قولهم ثلاثون فما بعدها من العقود إِلى التسعين، فجمعوا
بين لفظ المؤنث والمذكر في التركيب، والواو للتذكير وكذلك أُخْتُها، وسقوط
الهاء للتأْنيث، وتقول: إِحْدى عَــشِرة امرأَة، بكسر الشين، وإِن شئت
سكنت إِلى تسعَ عَــشْرة، والكسرُ لأَهل نجد والتسكينُ لأَهل الحجاز. قال
الأَزهري: وأَهل اللغة والنحو لا يعرفون فتح الشين في هذا الموضع، وروي عن
الأَعمش أَنه قرأَ: وقَطَّعْناهم اثْنَتَيْ عَــشَرة، بفتح الشين، قال: وقد
قرأَ القُرّاء بفتح الشين وكسرها، وأَهل اللغة لا يعرفونه، وللمذكر أَحَدَ
عَــشَر لا غير. وعِــشْرون: اسم موضوع لهذا العدد، وليس بجمع العَــشَرة
لأَنه لا دليل على ذلك، فإِذا أَضَفْت أَسْقَطْت النون قلت: هذه عِــشْرُــوك
وعِــشْرِــيَّ، بقلب الواو ياء للتي بعدها فتدغم. قال ابن السكيت: ومن العرب من
يُسَكّن العين فيقول: أَحَدَ عْــشَر، وكذلك يُسَكّنها إِلى تِسْعَةَ
عْــشَر إِلا اثني عَــشَر فإِن العين لا تسكن لسكون الأَلف والياء قبلها. وقال
الأَخفش: إِنما سكَّنوا العين لمّا طال الاسم وكَثُرت حركاتُه، والعددُ
منصوبٌ ما بين أَحَدَ عَــشَرَ إِلى تِسْعَةَ عَــشَرَ في الرفع والنصب والخفض،
إِلا اثني عــشر فإِن اثني واثنتي يعربان لأَنهما على هِجَاءَيْن، قال:
وإِنما نُصِبَ أَحَدَ عَــشَرَ وأَخواتُها لأَن الأَصل أَحدٌ وعَــشَرة،
فأُسْقِطَت الواوُ وصُيِّرا جميعاً اسماً واحداً، كما تقول: هو جاري بَيْتَ
بَيْتَ وكِفّةَ كِفّةَ، والأَصلُ بيْتٌ لبَيْتٍ وكِفَّةٌ لِكِفَّةٍ،
فصُيِّرَتا اسماً واحداً. وتقول: هذا الواحد والثاني والثالث إِلى العاشر في
المذكر، وفي المؤنث الواحدة والثانية والثالثة والعاشرة. وتقول: هو عاشرُ
عَــشَرة وغَلَّبْتَ المذكر، وتقول: هو ثالثُ ثَلاثةَ عَــشَرَ أَي هو أَحدُهم،
وفي المؤنث هي ثالثةُ ثَلاثَ عَــشْرة لا غير، الرفع في الأَول، وتقول: هو
ثالثُ عَــشَرَ يا هذا، وهو ثالثَ عَــشَرَ بالرفع والنصب، وكذلك إِلى
تِسْعَةَ عَــشَرَ، فمن رفع قال: أَردت هو ثالثُ ثلاثةَ عَــشَرَ فأَلْقَيت
الثلاثة وتركتُ ثالث على إِعرابه، ومَن نَصَب قال: أَردت ثالثَ ثَلاثةَ عَــشَرَ
فلما أَسْقَطْت الثلاثةَ أَلْزَمْت إِعْرابَها الأَوّلَ ليعلم أَن ههنا
شيئاً محذوفاً، وتقول في المؤنث: هي ثالثةَ عَــشْرةَ وهي ثالثةَ عَــشْرةَ،
وتفسيرُه مثل تفسير المذكر، وتقول: هو الحادي عَــشَر وهذا الثاني عَــشَر
والثالثَ عَــشَرَ إِلى العِــشْرِــين مفتوح كله، وفي المؤنث: هذه الحاديةَ
عَــشْرةَ والثانيةَ عَــشْرَــةَ إِلى العــشرين تدخل الهاء فيها جميعاً. قال
الكسائي: إِذا أَدْخَلْتَ في العدد الأَلفَ واللامَ فأَدْخِلْهما في العدد كلِّه
فتقول: ما فعلت الأَحَدَ العَــشَرَ الأَلْفَ دِرْهمٍ، والبصريون
يُدْخِلون الأَلفَ واللام في أَوله فيقولون: ما فعلت الأَحَدَ عَــشَرَ أَلْفَ
دِرْهمٍ. وقوله تعالى: ولَيالٍ عَــشْرٍ؛ أَي عَــشْرِ ذي الحِجَّة. وعَــشَرَ
القومَ يَعْــشِرُــهم، بالكسر، عَــشْراً: صار عاشرَــهم، وكان عاشِرَ عَــشَرةٍ.
وعَــشَرَ: أَخذَ واحداً من عَــشَرة. وعَــشَرَ: زاد واحداً على تسعة. وعَــشَّرْــت
الشيء تَعْشِيراً: كان تسعة فزدت واحداً حتى تمّ عَــشَرة. وعَــشَرْــت،
بالتخفيف: أَخذت واحداً من عَــشَرة فصار تسعة. والعُشورُ: نقصان، والتَّعْشيرُ
زيادة وتمامٌ. وأَعْــشَرَ القومُ: صاروا عَــشَرة. وقوله تعالى: تلك عَــشَرَــةٌ
كاملة؛ قال ابن عرفة: مذهب العرب إِذا ذَكَرُوا عَدَدين أَن
يُجْمِلُوهما؛ قال النابغة:
توهَّمْتُ آياتٍ لها، فَعرَفْتُها
لِسِتَّةِ أَعْوامِ، وذا العامُ سابِعُ
(* قوله: «توهمت آيات إلخ» تأمل شاهده).
وقال الفرزدق:
ثَلاثٌ واثْنتانِ فهُنّ خَمْسٌ،
وثالِثةٌ تَميلِ إِلى السِّهَام
وقال آخر:
فسِرْتُ إِليهمُ عِــشرينَ شَهْراً
وأَرْبعةً، فذلك حِجّتانِ
وإِنما تفعل ذلك لقلة الحِسَاب فيهم. وثوبٌ عُشارِيٌّ: طوله عَــشْرُ
أَذرع. وغلام عُشارِيٌّ: ابن عَــشْرِ سنين، والأُنثى بالهاء.
وعاشُوراءُ وعَشُوراءُ، ممدودان: اليومُ العاشر من المحرم، وقيل:
التاسع. قال الأَزهري: ولم يسمع في أَمثلة الأَسماء اسماً على فاعُولاءَ إِلا
أَحْرُفٌ قليلة. قال ابن بُزُرج: الضّارُوراءُ الضَّرّاءُ، والسارُوراءُ
السَّرَّاءُ، والدَّالُولاء الدَّلال. وقال ابن الأَعرابي: الخابُوراءُ
موضع، وقد أُلْحِقَ به تاسُوعاء. وروي عن ابن عباس أَنه قال في صوم
عاشوراء: لئن سَلِمْت إِلى قابلٍ لأَصُومَنَّ اليومَ التاسِعَ؛ قال الأَزهري:
ولهذا الحديث عدّةٌ من التأْويلات أَحدُها أَنه كَرِه موافقة اليهود لأَنهم
يصومون اليومَ العاشرَ، وروي عن ابن عباس أَنه قال: صُوموا التاسِعَ
والعاشِرَ ولا تَشَبَّهُوا باليهود؛ قال: والوجه الثاني ما قاله المزني
يحتمل أَن يكون التاسعُ هو العاشر؛ قال الأَزهري: كأَنه تأَول فيه عِــشْر
الوِرْدِ أَنها تسعة أَيام، وهو الذي حكاه الليث عن الخليل وليس ببعيد عن
الصواب.
والعِــشْرون: عَــشَرة مضافة إِلى مثلها وُضِعَت على لفظ الجمع وكَسَرُوا
أَولها لعلة. وعَــشْرَــنْت الشيء: جعلته عِــشْرينَ، نادر للفرق الذي بينه
وبين عَــشَرْــت. والعُــشْرُ والعَشِيرُ: جزء من عَــشَرة، يطّرد هذان البناءان في
جميع الكسور، والجمع أَعْشارٌ وعُشُورٌ، وهو المِعْشار؛ وفي التنزيل:
وما بَلَغوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُم؛ أَي ما بلَغ مُــشْرِــكُو أَهل مكة
مِعْشارَ ما أُوتِيَ مَن قَبْلَهم من القُدْرة والقُوّة. والعَشِيرُ: الجزءُ
من أَجْزاء العَــشرة، وجمع العَشِير أَعْــشِراء مثل نَصِيب وأَنْصِباء، ولا
يقولون هذا في شيء سوى العُــشْر. وفي الحديث: تِسعةُ أَعْــشِراء الرِّزْق
في التجارة وجُزْءٌ منها في السَّابِياء؛ أَراد تسعة أَعْشار الرزق.
والعَشِير والعُــشْرُ: واحدٌ مثل الثَّمِين والثُّمْن والسَّدِيس والسُّدْسِ.
والعَشِيرُ في مساحة الأَرَضين: عُــشْرُ القَفِيز، والقَفِيز: عُــشْر
الجَرِيب. والذي ورد في حديث عبدالله: لو بَلَغَ ابنُ عباس أَسْنانَنا ما
عاشَرَــه منا رجلٌ، أَي لو كانَ في السن مِثْلَنا ما بَلَغَ أَحدٌ منا عُــشْرَ
عِلْمِهِ. وعَــشَر القومَ يَعْــشُرُــهم عُــشْراً، بالضم، وعُشُوراً
وعَــشَّرَــهم: أَخذ عُــشْرَ أَموالهم؛ وعَــشَرَ المالَ نَفْسَه وعَــشَّرَــه: كذلك، وبه
سمي العَشّار؛ ومنه العاشِرُ. والعَشَّارُ: قابض العُــشْرِ؛ ومنه قول عيسى
بن عمر لابن هُبَيْرة وهو يُضرَب بين يديه بالسياط: تالله إِن كنت إِلا
أُثَيّاباً في أُسَيْفاظ قبضها عَشّاروك. وفي الحديث: إِن لَقِيتم عاشِراً
فاقْتُلُوه؛ أَي إِن وجدتم مَن يأْخذ العُــشْر على ما كان يأْخذه أَهل
الجاهلية مقيماً على دِينه، فاقتلوه لكُفْرِه أَو لاستحلاله لذلك إِن كان
مسلماً وأَخَذَه مستحلاًّ وتاركاً فرض الله، وهو رُبعُ العُــشْر، فأَما من
يَعْــشُرهم على ما فرض الله سبحانه فحَسَنٌ جميل. وقد عَــشَر جماعةٌ من
الصحابة للنبي والخلفاء بعده، فيجوز أَن يُسمَّى آخذُ ذلك: عاشراً لإِضافة ما
يأْخذه إِلى العُــشْرِ كرُبع العُــشْرِ ونِصْفِ العُــشْرِ، كيف وهو يأْخذ
العُــشْرَ جميعه، وهو ما سَقَتْه السماء. وعُــشْرُ أَموالِ أَهل الذمة في
التجارات، يقال: عَــشَرْــت مالَه أَعْــشُره عُــشْراً، فأَنا عاشرٌ، وعَــشَّرْــته،
فأَما مُعَــشَّرٌ وعَشَّارٌ إِذا أَخذت عُــشْرَــه. وكل ما ورد في الحديث من
عقوبة العَشّار محمول على هذا التأْويل. وفي الحديث: ليس على
المُسْلِمين عُشورٌ إِنما العُشور على اليهود والنصارى؛ العُشُورُ: جَمْع عُــشْرٍ،
يعني ما كان من أَموالهم للتجارات دون الصدقات، والذي يلزمهم من ذلك، عند
الشافعي، ما صُولِحُوا عليه وقتَ العهد، فإِن لم يُصالَحُوا على شيء فلا
يلزمهم إِلا الجِزْيةُ. وقال أَبو حنيفة: إِن أَخَذُوا من المسلمين إِذا
دَخَلُوا بِلادَهم أَخَذْنا منهم إِذا دَخَلُوا بِلادَنا للتجارة. وفي
الحديث: احْمَدُوا الله إِذْ رَفَعَ عنكم العُشورَ؛ يعني ما كانت المُلوكُ
تأْخذه منهم. وفي الحديث: إِن وَفْدَ ثَقِيف اشترطوا أَن لا يُحــشَرُــوا
ولا يُعْــشَروا ولا يُجَبُّوا؛ أَي لا يؤخذ عُــشْرُ أَموالهم، وقيل: أَرادوا
به الصدقةَ الواجبة، وإِنما فَسَّح لهم في تركها لأَنها لم تكن واجبة
يومئذ عليهم، إِنما تَجِب بتمام الحَوْل. وسئل جابرٌ عن اشتراط ثَقِيف: أَن
لا صدقة عليهم ولا جهادَ، فقال: عَلِم أَنهم سَيُصدِّقون ويُجاهدون إِذا
أَسلموا، وأَما حديث بشير بن الخصاصيّة حين ذَكر له شرائع الإِسلام فقال:
أَما اثنان منها فلا أُطِيقُهما: أَما الصدقةُ فإِنما لي ذَوْدٌ هُنَّ
رِسْلُ أَهلي وحَمولتُهم، وأَما الجهاد فأَخافُ إِذا حَضَرْتُ خَشَعَتْ
نفسِي، فكَفَّ يده وقال: لا صدقةَ ولا جهادَ فبِمَ تدخلُ الجنة؟ فلم
يَحْتَمِل لبشير ما احتمل لثقيف؛ ويُشْبِه أَن يكون إِنما لم يَسْمَعْ له
لعِلْمِه أَنه يَقْبَل إِذا قيل له، وثَقِيفٌ كانت لا تقبله في الحال وهو واحد
وهم جماعة، فأَراد أَن يتأَلَّفَهم ويُدَرِّجَهم عليه شيئاً فشيئاً.
ومنه الحديث: النساء لا يُعــشَرْــنَ ولا يُحْــشَرْــن: أَي لا يؤخذ عُــشْرُ
أَموالهن، وقيل: لا يؤخذ العُــشْرُ من حَلْيِهِنّ وإِلا فلا يُؤخذ عُــشْرُ
أَموالهن ولا أَموالِ الرجال.
والعِــشْرُ: ورد الإِبل اليومَ العاشرَ. وفي حسابهم: العِــشْر التاسع
فإِذا جاوزوها بمثلها فظِمْؤُها عِــشْران، والإِبل في كل ذلك عَواشِرُ أَي ترد
الماء عِــشْراً، وكذلك الثوامن والسوابع والخوامس. قال الأَصمعي: إِذا
وردت الإِبل كلَّ يوم قيل قد وَرَدَتْ رِفْهاً، فإذا وردت يوماً ويوماً لا،
قيل: وردت غِبّاً، فإِذا ارتفعت عن الغِبّ فالظمء الرِّبْعُ، وليس في
الورد ثِلْث ثم الخِمْس إِلى العِــشْر، فإِذا زادت فليس لها تسمية وِرْد،
ولكن يقال: هي ترد عِــشْراً وغِبّاً وعِــشْراً ورِبْعاً إِلى العِــشرَــين،
فيقال حينئذ: ظِمْؤُها عِــشْرانِ، فإِذا جاوزت العِــشْرَــيْنِ فهي جَوازِئُ؛
وقال الليث: إِذا زادت على العَــشَرة قالوا: زِدْنا رِفْهاً بعد عِــشْرٍ. قال
الليث: قلت للخليل ما معنى العِــشْرِــين؟ قال: جماعة عِــشْر، قلت:
فالعِــشْرُ كم يكون؟ قال: تِسعةُ أَيام، قلت: فعِــشْرون ليس بتمام إِنما هو عِــشْران
ويومان، قال: لما كان من العِــشْر الثالث يومان جمعته بالعِــشْرين، قلت:
وإِن لم يستوعب الجزء الثالث؟ قال: نعم، أَلا ترى قول أَبي حنيفة: إِذا
طَلَّقها تطليقتين وعُــشْرَ تطليقة فإِنه يجعلها ثلاثاً وإِنما من الطلقة
الثالثة فيه جزء، فالعِــشْرون هذا قياسه، قلت: لا يُشْبِهُ العِــشْرُ
(*
قوله: قلت لا يشبه العــشر إلخ» نقل شارح القاموس عن شيخه أن الصحيح ان القياس
لا يدخل اللغة وما ذكره الخليل ليس إلا لمجرد البيان والايضاح لا للقياس
حتى يرد ما فهمه الليث). التطليقةَ لأَن بعض التطليقة تامة تطليقة، ولا
يكون بعض العِــشْرِ عِــشْراً كاملاً، أَلا ترى أَنه لو قال لامرأَته أَنت
طالق نصف تطليقة أَو جزءاً من مائة تطليقة كانت تطليقة تامة، ولا يكون نصف
العِــشْر وثُلُث العِــشْرِ عِــشْراً كاملاً؟ قال الجوهري: والعِــشْرُ ما بين
الوِرْدَين، وهي ثمانية أَيام لأَنها تَرِدُ اليوم العاشر، وكذلك
الأَظْماء، كلها بالكسر، وليس لها بعد العِــشْر اسم إِلا في العِــشْرَِــينِ، فإِذا
وردت يوم العِــشْرَِــين قيل: ظِمْؤُها عِــشْرانِ، وهو ثمانية عَــشَر يوماً،
فإِذا جاوزت العِــشْرِــينِ فليس لها تسمية، وهي جَوازِئُ. وأَعْــشَرَ الرجلُ
إِذا وَرَدت إِبلُه عِــشْراً، وهذه إِبل عَواشِرُ. ويقال: أَعْــشَرْــنا مذ
لم نَلْتقَ أَي أَتى علينا عَــشْرُ ليال.
وعَواشِرُ القرآن: الآيُ التي يتم بها العَــشْرُ. والعاشِرةُ: حَلْقةُ
التَّعْشِير من عَواشِر المصحف، وهي لفظة مولَّدة. وعُشَار، بالضم: معدول
من عَــشَرة. وجاء القوم عُشارَ عُشارَ ومَعْــشَرَ مَعْــشَرَ وعُشار ومَعْــشَر
أَي عَــشَرة عَــشَرة، كما تقول: جاؤوا أُحَادَ أُحَادَ وثُناءَ ثُناءَ
ومَثْنى مَثْنى؛ قال أَبو عبيد: ولم يُسْمع أَكثرُ من أُحاد وثُناء وثُلاث
ورُباع إِلا في قول الكميت:
ولم يَسْتَرِيثوك حتى رَمَيْـ
ـت، فوق الرجال، خِصَالاً عُشَارا
قال ابن السكيت: ذهب القوم عُشَارَياتٍ وعُسَارَياتٍ إِذا ذهبوا
أَيادِيَ سَبَا متفرقين في كل وجه. وواحد العُشاريَات: عُشارَى مثل حُبارَى
وحُبَارَيات. والعُشَارة: القطعةُ من كل شيء، قوم عُشَارة وعُشَارات؛ قال
حاتم طيء يذكر طيئاً وتفرُّقَهم:
فصارُوا عُشَاراتٍ بكلّ مكانِ
وعَــشَّر الحمار: تابَعَ النهيق عَــشْرَ نَهَقاتٍ ووالى بين عَــشْرِ
تَرْجِيعات في نَهِيقه، فهو مُعَــشَّرٌ، ونَهِيقُه يقال له التَّعْشِير؛ يقال:
عَــشَّرَ يُعَــشِّرُ تَعْشِيراً؛ قال عروة بن الورد:
وإِنِّي وإِن عَــشَّرْــتُ من خَشْيةِ الرَّدَى
نُهاقَ حِمارٍ، إِنني لجَزُوعُ
ومعناه: إِنهم يزعمون أَن الرجل إِذا وَرَدَ أَرضَ وَباءٍ وضَعَ يدَه
خلف أُذنهِ فنَهَق عَــشْرَ نَهقاتٍ نَهيقَ الحِمار ثم دخلها أَمِنَ من
الوَباء؛ وأَنشد بعضهم: في أَرض مالِكٍ، مكان قوله: من خشية الرَّدَى، وأَنشد:
نُهاق الحمار، مكان نُهاق حمار. وعَــشَّرَ الغُرابُ: نَعبَ عَــشْرَ
نَعَبَاتٍ. وقد عَــشَّرَ الحِمارُ: نهق، وعَــشَّرَ الغُرابُ: نَعَقَ، من غير أَن
يُشْتَقّا من العَــشَرة. وحكى اللحياني: اللهمَّ عــشِّرْ خُطايَ أَي اكتُبْ
لكل خُطْوة عَــشْرَ حسنات.
والعَشِيرُ: صوت الضَّبُع؛ غير مشتق أَيضاً؛ قال:
جاءَتْ به أُصُلاً إِلى أَوْلادِها،
تَمْشي به معها لهمْ تَعْشِيرُ
وناقة عُــشَراء: مصى لحملها عَــشَرةُ أَشهر، وقيل ثمانية، والأَولُ أَولى
لمكان لفظه، فإِذا وضعت لتمام سنة فهي عُــشَراء أَيضاً على ذلك كالرائبِ
من اللبن
(* قوله: «كالرائب من اللبن» في شرح القاموس في مادة راب ما نصه:
قال أَبو عبيد إِذا خثر اللبن، فهو الرائب ولا يزال ذلك اسمه حتى ينزع
زبده، واسمه على حاله بمنزلة العــشراء من الإِبل وهي الحامل ثم تضع وهي
اسمها). وقيل: إِذا وَضَعت فهي عائدٌ وجمعها عَوْدٌ؛ قال الأَزهري: والعرب
يسمونها عِشَاراً بعدما تضع ما في بطونها للزوم الاسم بعد الوضع كما
يسمونها لِقَاحاً، وقيل العَــشَراء من الإِبل كالنّفساء من النساء، ويقال:
ناقتان عُــشَراوانِ. وفي الحديث: قال صَعْصعة بن ناجية: اشْتَرَيْت مَؤُودةً
بناقَتَينِ عُــشَرَــاوَيْنِ؛ قال ابن الأَثير: قد اتُّشِعَ في هذا حتى قيل
لكل حامل عُــشَراء وأَكثر ما يطلق على الخيل والإِبل، والجمع عُــشَراواتٌ،
يُبْدِلون من همزة التأْنيث واواً، وعِشَارٌ كَسَّرُوه على ذلك، كما
قالوا: رُبَعة ورُبَعاتٌ ورِباعٌ، أَجْرَوْا فُعلاء مُجْرَى فُعَلة كما
أَجْرَوْا فُعْلَى مُجْرَى فُعْلَة، شبهوها بها لأَن البناء واحد ولأَن آخره
علامة التأْنيث؛ وقال ثعلب: العِشَارُ من الإِبل التي قد أَتى عليها عــشرة
أَشهر؛ وبه فسر قوله تعالى: وإِذا العِشَارُ عُطِّلَت؛ قال الفراء:
لُقَّحُ الإِبلِ عَطَّلَها أَهلُها لاشتغالهم بأَنْفُسِهم ولا يُعَطِّلُها
قومُها إِلا في حال القيامة، وقيل: العِشارُ اسم يقع على النوق حتى يُتْتج
بعضُها، وبعضُها يُنْتَظَرُ نِتاجُها؛ قال الفرزدق:
كَمْ عَمَّة لك يا جَرِيرُ وخالة
فَدْعاء، قد حَلَبَتْ عَلَيّ عِشَارِي
قال بعضهم: وليس للعِشَارِ لبن إِنما سماها عِشاراً لأَنها حديثة العهد
بالنِّتاج وقد وضعت أَولادها. وأَحْسَن ما تكون الإِبل وأَنْفَسُها عند
أَهلها إِذا كانت عِشَاراً. وعَــشَّرَــت الناقةُ تَعْشِيراً وأَعْــشَرَــت:
صارت عُــشَراء، وأَعْــشَرت أَيضاً: أَتى عليها عَــشَرَــةُ أَشهر من نتاجها.
وامرأَة مُعْــشِرٌ: مُتِمٌّ، على الاستعارة. وناقة مِعْشارٌ: يَغْزُر
لبنُها ليالي تُنْتَج. ونَعتَ أَعرابي ناقةً فقال: إِنها مِعْشارٌ مِشْكارٌ
مِغْبَارٌ؛ مِعْشَارٌ ما تقدم، ومِشكارٌ تَغْزُر في أَول نبت الربيع،
ومِغْبارٌ لَبِنةٌ بعدما تَغْزُرُ اللواتي يُنْتَجْن معها؛ وأَما قول لبيد
يذكر مَرْتَعاً:
هَمَلٌ عَشائِرُه على أَوْلادِها،
مِن راشح مُتَقَوّب وفَطِيم
فإِنه أَراد بالعَشائِر هنا الظباءَ الحدِيثات العهد بالنتاج؛ قال
الأَزهري: كأَنَّ العَشائرَ هنا في هذا المعنى جمع عِشَار، وعَشائرُ هو جمع
الجمع، كما يقال جِمال وجَمائِل وحِبَال وحَبائِل.
والمُعَــشِّرُ: الذي صارت إِبلُه عِشَاراً؛ قال مَقّاس ابن عمرو:
ليَخْتَلِطَنَّ العامَ راعٍ مُجَنَّبٌ،
إِذا ما تلاقَيْنا براعٍ مُعَــشِّر
والعُــشْرُ: النُّوقُ التي تُنْزِل الدِّرَّة القليلة من غير أَن تجتمع؛
قال الشاعر:
حَلُوبٌ لعُــشْرِ الشُّولِ في لَيْلةِ الصَّبا،
سَريعٌ إِلى الأَضْيافِ قبل التأَمُّلِ
وأَعْشارُ الجَزورِ: الأَنْصِباء. والعِــشْرُ: قطعة تنكَسِرُ من القَدَح
أَو البُرْمة كأَنها قطعة من عَــشْر قطع، والجمع أَعْشارٌ. وقَدَحٌ
أَعْشارٌ وقِدْرٌ أَعْشَارٌ وقُدورٌ أَعاشِيرُ: مكسَّرَة على عَــشْرِ قطع؛ قال
امرؤ القيس في عشيقته:
وما ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتَقدَحِي
بِسَهْمَيكِ في أَعْشارِ قَلْب مُقَتَّلِ
أَراد أَن قلبه كُسِّرَ ثم شُعِّبَ كما تُشَعَّبُ القِدْرُ؛ قال
الأَزهري: وفيه قول آخر وهو أَعجب إِليّ من هذا القول، قال أَبو العباس أَحمد بن
يحيى: أَراد بقوله بسَهْمَيْكِ ههنا سَهْمَيْ قِداح المَيْسِر، وهما
المُعَلَّى والرَّقيب، فللمُعَلَّى سبعة أَنْصِباء وللرقيب ثلاثة، فإِذا فاز
الرجل بهما غلَب على جَزورِ المَيْسرِ كلها ولم يَطْمَعْ غيرُه في شيء
منها، وهي تُقْسَم على عَــشَرة أَجزاء، فالمعنى أَنها ضَربت بسهامها على
قلبه فخرج لها السهام فغَلبته على قَلْبه كلِّه وفَتَنته فَمَلَكَتْه؛
ويقال: أَراد بسهْمَيْها عَيْنَيْها، وجعل أَبو الهيثم اسم السهم الذي له
ثلاثة أَنْصِباء الضَّرِيبَ، وهو الذي سماه ثعلب الرَّقِيب؛ وقال اللحياني:
بعض العرب يُسمّيه الضَّرِيبَ وبعضهم يسمّيه الرقيب، قال: وهذا التفسير
في هذا البيت هو الصحيح. ومُقَتَّل: مُذَلَّل. وقَلْبٌ أَعْشارٌ: جاء على
بناء الجمع كما قالوا رُمْح أَقْصادٌ.
وعَــشّرَ الحُبُّ قَلْبَه إِذا أَضْناه. وعَــشَّرْــت القَدَحَ تَعْشِيراً
إِذا كسَّرته فصيَّرته أَعْشاراً؛ وقيل: قِدْرٌ أَعشارٌ عظيمة كأَنها لا
يحملها إِلا عَــشْرٌ أَو عَــشَرةٌ، وقيل: قِدْرٌ أَعْشارٌ متكسِّرة فلم يشتق
من شيء؛ قال اللحياني: قِدر أَعشارٌ من الواحد الذي فُرِّقَ ثم جُمِع
كأَنهم جعلوا كل جزء منه عُــشْراً.
والعواشِرُ: قوادمُ ريش الطائر، وكذلك الأَعْشار؛ قال الأَعشى:
وإِذا ما طغا بها الجَرْيُ، فالعِقْـ
ـبانُ تَهْوِي كَواسِرَ الأَعْشارِ
وقال ابن بري إِن البيت:
إِن تكن كالعُقَابِ في الجَوّ، فالعِقْـ
ـبانُ تَهْوِي كَواسِرَ الأَعْشار
والعِــشْرَــةُ: المخالطة؛ عاشَرْــتُه مُعَاشَرَــةً، واعْتَــشَرُــوا
وتَعاشَرُــوا: تخالطوا؛ قال طَرَفة:
ولَئِنْ شَطَّتْ نَوَاهَا مَرَّةَ،
لَعَلَى عَهْد حَبيب مُعْتَــشِرْ
جعل الحَبيب جمعاً كالخَلِيط والفَرِيق. وعَشِيرَة الرجل: بنو أَبيه
الأَدْنَونَ، وقيل: هم القبيلة، والجمع عَشَائر. قال أَبو علي: قال أَبو
الحسن: ولم يُجْمَع جمع السلامة. قال ابن شميل: العَشِيرَةُ العامّة مثل بني
تميم وبني عمرو بن تميم، والعَشِيرُ القبيلة، والعَشِيرُ المُعَاشِرُ،
والعَشِيرُ: القريب والصديق، والجمع عُــشَراء، وعَشِيرُ المرأَة: زوجُها
لأَنه يُعاشِرها وتُعاشِرُــه كالصديق والمُصَادِق؛ قال ساعدة بن جؤية:
رأَتْه على يَأْسٍ، وقد شابَ رَأْسُها،
وحِينَ تَصَدَّى لِلْهوَانِ عَشِيرُها
أَراد لإِهانَتِها وهي عَشِيرته. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم:
إِنَّكُنّ أَكْثَرُ أَهل النار، فقيل: لِمَ يا رسول الله؟ قال: لأَنَّكُنّ
تُكْثِرْن اللَّعْنَ وتَكْفُرْنَ العَشِيرَ؛ العَشِيرُ: الزوج. وقوله تعالى:
لَبِئْسَ المَوْلى ولَبئْسَ العَشِير؛ أَي لبئس المُعاشِر.
ومَعْــشَرُ الرجل: أَهله. والمَعْــشَرُ: الجماعة، متخالطين كانوا أَو غير
ذلك؛ قال ذو الإِصبع العَدْوانيّ:
وأَنْتُمُ مَعْــشَرٌ زيْدٌ على مِائَةٍ،
فأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ طُرّاً فكِيدُوني
والمَعْــشَر والنَّفَر والقَوْم والرَّهْط معناهم: الجمع، لا واحد لهم من
لفظهم، للرجال دون النساء. قال: والعَشِيرة أَيضاً الرجال والعالَم
أَيضاً للرجال دون النساء. وقال الليث: المَعْــشَرُ كل جماعة أَمرُهم واحد نحو
مَعْــشر المسلمين ومَعْــشَر المــشركين. والمَعاشِرُ: جماعاتُ الناس.
والمَعْــشَرُ: الجن والإِنس. وفي التنزيل: يا مَعْــشَرَ الجنَّ والإِنس.
والعُــشَرُ: شجر له صمغ وفيه حُرّاقٌ مثل القطن يُقْتَدَح به. قال أَبو
حنيفة: العُــشر من العِضاه وهو من كبار الشجر، وله صمغ حُلْوٌ، وهو عريض
الورق ينبت صُعُداً في السماء، وله سُكّر يخرج من شُعَبِه ومواضع زَهْرِه،
يقال له سُكّرُ العُــشَر، وفي سُكّرِه شيءٌ من مرارة، ويخرج له نُفّاخٌ
كأَنها شَقاشِقُ الجمال التي تَهْدِرُ فيها، وله نَوْرٌ مثل نور الدِّفْلى
مُــشْربٌ مُــشرق حسن المنظَر وله ثمر. وفي حديث مَرْحب: اين محمد بن سلمة
بارَزَه فدخلت بينهما شجرةٌ من شجر العُــشر. وفي حديث ابن عمير: وقُرْصٌ
بُرِّيٌّ بلبنٍ عُــشَريّ أَي لَبَن إِبلٍ ترعى العُــشَرَ، وهو هذا الشجر؛ قال
ذو الرمة يصف الظليم:
كأَنّ رِجْلَيه، مما كان من عُــشَر،
صَقْبانِ لم يَتَقَــشَّرْ عنهما النَّجَبُ
الواحدة عُــشَرة ولا يكسر، إِلا أَن يجمع بالتاء لقلة فُعَلة في
الأَسماء.ورجل أَعْــشَر أَي أَحْمَقُ؛ قال الأَزهري: لم يَرْوِه لي ثقةٌ
أَعتمده.ويقال لثلاث من ليالي الشهر: عُــشَر، وهي بعد التُّسَع، وكان أَبو عبيدة
يُبْطِل التُّسَعَ والعُــشَرَ إِلا أَشياء منه معروفة؛ حكى ذلك عنه أَبو
عبيد.
والطائفيّون يقولون: من أَلوان البقر الأَهليّ أَحمرُ وأَصفرُ وأَغْبَرُ
وأَسْودُ وأَصْدأُ وأَبْرَقُ وأَمْــشَرُ وأَبْيَضُ وأَعْرَمُ وأَحْقَبُ
وأَصْبَغُ وأَكْلَفُ وعُــشَر وعِرْسِيّ وذو الــشرر والأَعْصم والأَوْشَح؛
فالأَصْدَأُ: الأَسود العينِ والعنقِ والظهرِ وسائرُ جسده أَحمر،
والعُــشَرُ: المُرَقَّع بالبياض والحمرةِ، والعِرْسِيّ: الأَخضر، وأَما ذو الــشرر
فالذي على لون واحد، في صدرِهِ وعنُقِه لُمَعٌ على غير لونه. وسَعْدُ
العَشِيرة: أَبو قبيلة من اليمن، وهو سعد بن مَذْحِجٍ. وبنو العُــشَراء: قوم من
العرب. وبنو عُــشَراء: قوم من بني فَزارةَ. وذو العُشَيْرة: موضع
بالصَّمّان معروف ينسب إِلى عُــشَرةٍ نابتة فيه؛ قال عنترة:
صَعْل يَعُودُ بذي العُشَيْرة بَيْضَه،
كالعَبْدِ ذي الفَرْوِ الطويل الأَصْلَمِ
شبَّهه بالأَصْلم، وهو المقطوع الأُذن، لأَن الظليم لا أُذُنَين له؛ وفي
الحديث ذكر غزوة العُشَيرة. ويقال: العُشَيْر وذاتُ العُشَيرة، وهو موضع
من بطن يَنْبُع. وعِشَار وعَشُوراء: موضع. وتِعْشار: موضع بالدَّهناء،
وقيل: هو ماء؛ قال النابغة:
غَلَبُوا على خَبْتٍ إِلى تِعْشارِ
وقال الشاعر:
لنا إِبلٌ لم تَعْرِف الذُّعْرَ بَيْنَها
بتِعْشارَ مَرْعاها قَسَا فصَرائمُهْ
شرك: الــشِّرْــكَةُ والــشَّرِــكة سواء: مخالطة الــشريكين. يقال: اشترَكنا
بمعنى تَشارَكنا، وقد اشترك الرجلان وتَشارَكا وشارَك أَحدُهما الآخر؛ فأَما
قوله:
عَلى كُلِّ نَهْدِ العَصْرَيَيْنِ مُقَلِّصٌ
وجَرْداءَ يَأْبى رَبُّها أَن يُشارَكا
فمعناه أَنه يغزو على فرسه ولا يدفعه إلى غيره، ويُشارَك يعني يشاركه في
الغنيمة. والــشَّريكُ: المُشارِك. والــشِّرْــكُ: كالــشَّريك؛ قال المُسَيِّب
أَو غيره:
شِرْــكاً بماء الذَّوْبِ يَجْمَعهُ
في طَوْد أَيْمَنَ،في قُرى قَسْرِ
والجمع أَــشْراك وشُرَــكاء؛ قال لبيد:
تَطيرُ عَدائدُ الأشراكِ شَفْعاً
ووِتْراً، والزَّعامَةُ للغُلامِ
قال الأَزهري: يقال شَريك وأَــشْراك كما يقال يتيم وأَيتام ونصير
وأَنصار، وهو مثل شريف وأَــشراف وشُرفاء. والمرأة شَريكة والنساء شَرائك. وشاركت
فلاناً: صرت شريكه. واشْتركنا وتَشاركنا في كذا وشَرِــكْتُه في البيع
والميراث أَــشْرَــكُه شَرِــكةً، والإسم الــشِّرْــك؛ قال الجعدي:
وشارَكْنا قُرَيْشاً في تُقاها،
وفي أَحْسابها شِرْــكَ العِنان
والجمع أَــشْراك مثل شِبْر وأَشبار، وأَنشد بيت لبيد. وفي الحديث: من
أَعتق شِرْــكاً له في عبد أَي حصة ونصيباً. وفي حديث معاذ: أَنه أَجاز بين
أَهل اليمن الــشِّرْــكَ أَي الإشتراكَ في الأرض، وهو أن يدفعها صاحبها إلى
آخر بالنصف أو الثلث أو نحو ذلك. وفي حديث عمر بن عبد العزيز: إن الــشِّركَ
جائز، هو من ذلك؛ قال: والأشْراكُ أَيضاً جمع الــشِّرْــك وهو النصيب كما
يقال قِسْمٌ وأقسام، فإن شئت جعلت الأَــشْراك في بيت لبيد جمع شريك، وإن
شئت جعلته جمع شِرْــك، وهو النصيب. ويقال: هذه شَرِــيكَتي، وماء ليس فيه
أَــشْراك أَي ليس فيه شُركاء، واحدهما شِرْــك، قال: ورأَيت فلاناً مُشتركاً إذا
كان يُحَدِّث نفسه أن رأيه مُشْتَرَك ليس بواحد. وفي الصحاح: رأيت
فلاناً مُشْتَرَكاً إذا كان يحدِّث نفسه كالمهموم. وروي عن النبي، صلى الله
عليه وسلم، أَنه قال: الناسُ شُرَــكاء في ثلاث: الكَلإ والماء والنار؛ قال
أَبو منصور: ومعنى النار الحَطَبُ الذي يُستوقد به فيقلع من عَفْوِ
البلاد، وكذلك الماء الذي يَنْبُع والكلأُ الذي مَنْبته غير مملوك والناس فيه
مُسْتَوُون؛ قال ابن الأثير: أَراد بالماء ماء السماء والعيون والأَنهار
الذي لا مالك له، وأراد بالكلإِ المباحَ الذي لا يُخَصُّ به أَحد، وأَراد
بالنار الشجَر الذي يحتطبه الناس من المباح فيوقدونه؛ وذهب قوم إلى أن
الماء لا يملك ولا يصح بيعه مطلقاً، وذهب آخرون إلى العمل بظاهر الحديث في
الثلاثة، والصحيح الأول؛ وفي حديث أم معبد:
تَشارَكْنَ هَزْلى مُخُّهنَّ قَليلُ
أَي عَمَّهنَّ الهُزال فاشتركن فيه. وفَريضة مُشتَرَكة: يستوي فيها
المقتسمون، وهي زوج وأُم وأَخوان لأم، وأخوان لأَب وأُم، للزوج النصف، وللأم
السدس، وللأخوين للأم الثلث، ويَــشْرَــكُهم بنو الأب والأُم لأن الأَب لما
سقط سقط حكمه، وكان كمن لم يكن وصاروا بني أم معاً؛ وهذا قول زيد. وكان
عمر، رضي الله عنه، حكم فيها بأن جعل الثلث للإخوة للأُم، ولم يجعل للإخوة
للأَب والأُم شيئاً، فراجعه الإخوة للأَب والأُم وقالوا له: هب أَن
أَبانا كان حماراً فأَــشْرِــكْنا بقرابة أُمنا، فأَــشَرَــكَ بينهم، فسميت
الفريضةُ مُــشَرَّــكةً ومُــشَرَّــكةً، وقال الليث: هي المُشْتَرَكة. وطريق
مُشْتَرَك: يستوي فيه الناس. واسم مُشْتَرَك: تشترك فيه معان كثيرة كالعين ونحوها
فإنه يجمع معاني كثيرة؛ وقوله أنشده ابن الأَعرابي:
ولا يَسْتَوِي المَرْآنِ: هذا ابنُ حُرَّةٍ،
وهذا ابنُ أُخُرى، ظَهْرُها مُتَــشَرَّــكُ
فسره فقال: معناه مُشْتَرَك.
وأَــشْرَــك بالله: جعل له شَريكاً في ملكه، تعالى الله عن ذلك، والإسم
الــشِّرْــكُ. قال الله تعالى حكاية عن عبده لقمان أنه قال لإبنه: يا بُنَيَّ
لا تُــشْرِــكْ بالله إن الــشِّرْــكَ لَظُلم عظيم. والــشِّرْــكُ: أَن يجعل لله
شريكاً في رُبوبيته، تعالى الله عن الــشُّرَــكاء والأنداد، وإِنما دخلت التاء
في قوله لا تــشرك بالله لأن معناه لا تَعْدِلْ به غيره فتجعله شريكاً
له، وكذلك قوله تعالى: وأَن تُــشْرِــكوا بالله ما لم يُنَزِّل به سُلْطاناً؛
لأن معناه عَدَلُوا به، ومن عَدَلَ به شيئاً من خَلقه فهو كافرّ مُــشرِــك،
لأن الله وحده لا شريكَ له ولا نِدَّ له ولا نَديدَ. وقال أَبو العباس في
قوله تعالى: والذين هم مُــشْرِــكون؛ معناه الذين هم صاروا مــشركين بطاعتهم
للشيطان، وليس المعنى أنهم آمنوا بالله وأَــشركوا بالشيطان، ولكن عبدوا
الله وعبدوا معه الشيطان فصاروا بذلك مُــشْركين، ليس أَنهم أَــشركوا بالشيطان
وآمنوا بالله وحده؛ رواه عنه أَبو عُمر الزاهد، قال: وعَرَضَه على
المُبرِّد فقال مُتْلَئِبٌّ صحيح. الجوهري: الــشِّرْــك الكفر. وقد أَــشرك فلان
بالله، فهو مُــشْرِــك ومُــشْرِــكيٌّ مثل دَوٍّ ودَوِّيٍّ وسَكٍّ وسَكِّيّ
وقَعْسَرٍ قَعْسَريّ بمعنى واحد؛ قال الراجز:
ومُــشْرِــكِيٍّ كافرٍ بالفُرْقِ
أَي بالفُرقان. وفي الحديث: الــشّرْــك أَخْفَى في أُمتي من دبيب النمل؛
قال ابن الأثير: يريد به الرياء في العمل فكأنه أشرك في عمله غير الله؛
ومنه قوله تعالى: ولا يُــشْرِــكْ بعبادة ربه أَحداً. وفي الحديث: من حلف بغير
الله فقد أَــشْرَــك حيث جعل ما لا يُحْلَفُ به محلوفاً به كاسم الله الذي
به يكون القَسَم. وفي الحديث: الطِّيَرةُ شِرْــكٌ ولكنّ الله يذهبه
بالتوكل؛ جعل التَطَيُّرَ شِرْــكاً به في اعتقاد جلب النفع ودفع الضرر، وليس
الكفرَ بالله لأنه لو كان كفراً لما ذهب بالتوكل. وفي حديث تَلْبية الجاهلية:
لبيك لا شريك لك إلاَّ شريك هُوَ لك تملكه وما مَلكَ، يَعْنون بالــشريك
الصنم، يريدون أَن الصنم وما يملكه ويختص به من الآلات التي تكون عنده
وحوله والنذور التي كانوا يتقرّبون بها إليه كلها ملك لله عز وجل، فذلك معنى
قوله تملكه وما ملك. قال محمد بن المكرم: اللهم إنا نسألك صحة التوحيد
والإخلاص في الإيمان، أنظر إلى هؤلاء لم ينفعهم طوافهم ولا تلبيتهم ولا
قولهم عن الصنم هُوَلَكَ، ولا قولهم تملك وما مع تسميتهم الصنم شريكاً، بل
حَبِطَ عَمَلهُم بهذه التسمية، ولم يصح لهم التوحيد مع الإستثناء، ولا
نفعتهم معذرتهم بقولهم: إلا ليقرّبونا إلى الله زُلْفى، وقوله تعالى:
وأَــشْرِــكْهُ في أَمْري؛ أَي اجعله شريكي فيه. ويقال في المُصاهرة: رَغِبْنا في
شِرككم وصِهْرِكم أَي مُشاركتكم في النسب. قال الأَزهري: وسمعت بعض
العرب يقول: فلان شريك فلان إذا كان متزوجاً بابنته أَو بأُخته، وهو الذي
تسميه الناس الخَتَنَ، قال: وامرأة الرجل شَرِــيكَتُه وهي جارته، وزوجها
جارُها، وهذا يدل على أَن الــشريك جار، وأَنه أَقرب الجيران. وقد شَرِــكه في
الأَمر بالتحريك، يَــشْرَــكُه إذا دخل معه فيه وأَــشْرَــكه معه فيه. وأَــشْرَــك
فلانٌ فلاناً في البيع إذا أَدخله مع نفسه فيه. واشْتَرَكَ الأَمرُ:
التبس.والــشَّرَــكُ: حبائل الصائد وكذلك ما ينصب للطير، واحدته شَرَــكَة وجمعها
شُرُــكٌ، وهي قليلة نادرة. وشَرَــكُ الصائد: حبالَتَه يَرْتَبِك فيها الصيد.
وفي الحديث: أَعوذ بك من شر الشيطان وشِرْــكِه أي ما يدعو إليه ويوسوس به
من الإشراك بالله تعالى، ويروى بفتح الشين والراء، أَي حَبائله
ومَصايده، واحدتها شَرَــكَة. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: كالطير الحَذِر يَرى أَن
له في كل طريق شَرَــكاً. وشَرَــكُ الطريق: جَوادُّه، وقيل: هي الطُّرُقُ
التي لا تخفى عليك ولا تَسْتَجْمِعُ لك فأنت تراها وربما انقطعت غير أَنها
لا تخفى عليك، وقيل: هي الطُّرق التي تخْتَلجُ، والمعنيان متقاربان،
واحدته شَرَــكَة. الأصمعي: الْزَمْ شَرَــك الطريق وهي أَنْساع الطريق، الواحدة
شَرَــكَة، وقال غيره: هي أَخاديد الطريق ومعناهما واحد، وهي ما حَفَرَت
الدوابُّ بقوائمها في متن الطريق شَرَــكَة ههنا وأُخرى بجانبها. شمر: أُمُّ
الطريق مَعْظَمُه، وبُنَيَّاتُه أَــشْراكُه صِغارٌ تتشعب عنه ثم تنقطع.
الجوهري: الــشَّرَــكة معظم الطريق ووسطه، والجمع شَرَــك؛ قال ابن بري: شاهده
قول الشَّمَّاخ:
إذا شَرَــكُ الطريقِ تَوَسَّمَتْهُ،
بخَوْصاوَيْنِ في لُحُجٍ كَنِينِ
وقال رؤبة:
بالعِيسِ فَوْقَ الــشَّرَــكِ الرِّفاضِ
والكلأُ في بني فلان شُرُــكٌ أَي طرائق، واحدها شِراك. وقال أَبو حنيفة:
إذا لم يكن المرعى متصلاً وكان طرائق فهو شُرُــكٌ. والــشِّراكُ: سير النعل،
والجمعُ شُرُــك. وأَــشْركَ النعلَ وشَرَّــكها: جعل لها شِراكاً،
والتَّــشْرِــيك مثله. ابن بُزُرْج: شَرِــكَت النعلُ وشَسِعَتْ وزَمَّتْ إذا انقطع كل
ذلك منها. وفي الحديث: أَنه صلى الظهر حين زالت الشمس وكان الفَيْءُ بقدر
الــشِّراكِ؛ هو أَحد سُيور النعل التي تكون على وجهها؛ قال ابن الأَثير:
وقدره ههنا ليس على معنى التحديد، ولكن زوال الشمس لا يبين إلا بأقل ما
يُرى من الظل، وكان حينئد بمكة، هذا القَدْر والظل يختلف باختلاف الأزمنة
والأمكنة وإنما يبين ذلك في مثل مكة من البلاد التي يَقِلّ فيها الظل،
فإذا كان أَطول النهار واستوت الشمس فوق الكعبة لم يُرَ لشيء من جوانبها
ظلّ، فكل بلد يكون أقرب إلى خط الاستواء ومُعْتَدل النهار يكون الظل فيه
أَقصر، وكلما بَعُدَ عنهما إلى جهة الشَّمال يكون الظل فيه أَطول.
ولطْمٌ شُرَــكِيّ: متتابع. يقال: لطمه لطْماً شُرَــكِيّاً، بضم الشين وفتح
الراء، أَي سريعاً متتابعاً كلَطْمِ المُنْتَقِشِ من البعير؛ قال أَوس
بن حَجَر:
وما أنا إلا مُسْتَعِدٌّ كما تَرى،
أَخُو شُرَــكيّ الوِرْدِ غَيْرُ مُعَتِّمِ
أَي وِرْد بعد وِرْدٍ متتابع؛ يقول: أَغْشاك بما تكره غير مُبْطِئ
بذلك. ولطمه لطمَ المُنْتَفِش وهو البعير تدخل في يده الشوكة فيضرب بها الأرض
ضرباً شديداً، فهو مُنْتَقِش.
والــشُّرَــكِيّ والــشُّرَّــكِيُّ، بتخفيف الراء وتشديدها: السريع من السير.
وشِرْــكٌ: اسم موضع؛ قال حسان بن ثابت:
إذا عَضَلٌ سِيقَت إلينا كأنَّهم
جِدايَةُ شِرْــكٍ، مُعْلَماتُ الحَواجِب
ابن بري: وشَرْــكٌ اسم موضع؛ قال عُمارة:
هل تَذكُرون غَداةَ شَرْــك، وأَنتُمُ
مثل الرَّعيل من النَّعامِ النَّافِرِ؟
وبنو شُرَــيْك: بطنٌ. وشَريك: اسم رجل.
شرع: شَرَــعَ الوارِدُ يَــشْرَــعُ شَرْــعاً وشُروعاً: تناول الماءَ بفِيه.
وشَرَــعَتِ الدوابُّ في الماء تَــشْرَــعُ شَرْــعاً وشُرُــوعاً أَي دخلت.
ودوابُّ شُروعٌ وشُرَّــعٌ: شَرَــعَتْ نحو الماء. والــشَّريعةُ والــشِّراعُ
والمَــشْرَــعةُ: المواضعُ التي يُنْحَدر إِلى الماء منها، قال الليث: وبها سمي ما
شَرَــعَ الله للعبادِ شَريعةً من الصوم والصلاةِ والحج والنكاح وغيره.
والــشِّرْــعةُ والــشَّريعةُ في كلام العرب: مَــشْرَــعةُ الماء وهي مَوْرِدُ
الشاربةِ التي يَــشْرَــعُها الناس فيــشربون منها ويَسْتَقُونَ، وربما شَرَّــعوها
دوابَّهم حتى تَــشْرَــعها وتــشرَــب منها، والعرب لا تسميها شَريعةً حتى يكون
الماء عِدًّا لا انقطاع له، ويكون ظاهراً مَعِيناً لا يُسْقى بالرِّشاءِ،
وإِذا كان من السماء والأَمطار فهو الكَرَعُ، وقد أَكْرَعُوه إِبلهم
فكَرَعَتْ فيه وسقَوْها بالكَرْع وهو مذكور في موضعه. وشَرَــعَ إِبله
وشَرَّــعها: أَوْرَدَها شريعةَ الماء فــشربت ولم يَسْتَقِ لها. وفي المثل: أَهْوَنُ
السَّقْيِ التَّــشْريعُ، وذلك لأَن مُورِدَ الإِبل إِذا وَرَدَ بها
الــشريعة لم يَتْعَبْ في إِسْقاءِ الماء لها كما يتعب إِذا كان الماء بعيداً؛
ورُفِعَ إِلى عليّ، رضي الله عنه، أَمْرُ رجل سافر مع أَصحاب له فلم
يَرْجِعْ حين قفَلوا إِلى أَهاليهم، فاتَّهَمَ أَهلُه أَصحابَه فرَفَعُوهم إِلى
شُرَــيْح، فسأَلَ الأَولياءَ البينةَ فعَجَزُوا عن إِقامتها وأَخبروا
عليّاً بحكم شريح فتمثَّل بقوله:
أَوْرَدَها سَعْدٌ، وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ،
يا سَعْدُ لا تَرْوى بِهذاكَ الإِبِلْ
(* ويروى: ما هكذا توردُ، يا سعدُ، الإبل.)
ثم قال: إِن أَهْوَنَ السَّقْيِ التَّــشْريعُ، ثم فَرَّقَ بينهم وسأَلهم
واحداً واحداً، فاعترَفوا بقتله فقَتَلَهم به؛ أَراد علي: أَن هذا الذي
فعله كان يسِيراً هيِّناً وكان نَوْلُه أَن يَحْتاطَ ويَمْتَحِنَ بأَيْسَر
ما يُحْتاطُ في الدِّماءِ كما أَن أَهْوَنَ السَّقْيِ للإِبلِ تــشرِــيعُها
الماء، وهو أَن يُورِدَ رَبُّ الإِبلِ إِبله شريعةً لا تحتاج مع ظهور
مائها إِلى نَزْع بالعَلَق من البئر ولا حَثْيٍ في الحوض، أَراد أَن الذي
فعله شريح من طلب البينة كان هيِّناً فأَتَى الأَهْوَنَ وترك الأَحْوَطَ
كما أَن أَهون السَّقْيِ التــشريعُ. وإِبلٌ شُرُــوعٌ، وقد شَرَــعَتِ الماءَ
فــشَرِــبت؛ قال الشماخ:
يَسُدُّ به نَوائِبَ تَعْتَرِيهِ
من الأَيامِ كالنَّهَلِ الــشُّرُــوعِ
وشَرَــعْتُ في هذا الأَمر شُرُــوعاً أَي خُضْتُ. وأَــشْرَــعَ يدَه في
المِطْهَرةِ إِذا أَدخَلَها فيها إِــشْراعاً. قال: وشَرَــعْتُ فيها وشَرَــعَتِ
الإِبلُ الماءَ وأَــشرعْناها. وفي الحديث: فأَــشرَــعَ ناقتَه أَي أَدخَلها في
شرِــيعةِ الماء. وفي حديث الوضوء: حتى أَــشرَــعَ في العضُد أَي أَدخَل الماءَ
إِليه. وشَرَّــعَتِ الدابةُ: صارت على شَرِــيعةِ الماء؛ قال الشماخ:
فلمّا شَرَّــعَتْ قَصَعَتْ غَليلاً
فأَعْجَلَها، وقد شَرِــبَتْ غِمارا
والــشريعةُ موضع على شاطئ البحر تَــشْرَــعُ فيه الدوابُّ. والــشريعةُ
والــشِّرْــعةُ: ما سنَّ الله من الدِّين وأَمَر به كالصوم والصلاة والحج والزكاة
وسائر أَعمال البرِّ مشتقٌّ من شاطئ البحر؛ عن كراع؛ ومنه قوله تعالى:
ثم جعلناك على شريعةٍ من الأَمْر، وقوله تعالى: لكلٍّ جعلنا منكم شِرْــعةً
ومِنهاجاً؛ قيل في تفسيره: الــشِّرْــعةُ الدِّين، والمِنهاجُ الطريقُ،
وقيل: الــشرعة والمنهاج جميعاً الطريق، والطريقُ ههنا الدِّين، ولكن اللفظ
إِذا اختلف أَتى به بأَلفاظ يؤَكِّدُ بها القِصة والأَمر كما قال عنترة:
أَقوَى وأَقْفَرَ بعد أُمِّ الهَيْثَمِ
فمعنى أَقْوَى وأَقْفَرَ واحد على الخَلْوَة إِلا أَن اللفظين أَوْكَدُ
في الخلوة. وقال محمد بن يزيد: شِرْــعةً معناها ابتِداءُ الطريق،
والمِنهاجُ الطريق المستقيم. وقال ابن عباس: شرعة ومنهاجاً سَبيلاً وسُنَّة، وقال
قتادة: شرعة ومنهاجاً، الدِّين واحد والــشريعة مختلفة. وقال الفراء في
قوله تعالى ثم جعلناك على شريعة: على دين ومِلَّة ومنهاج، وكلُّ ذلك يقال.
وقال القتيبي: على شريعة، على مِثال ومَذْهبٍ. ومنه يقال: شَرَــعَ فلان في
كذا وكذا إِذا أَخذ فيه؛ ومنه مَشارِعُ الماء وهي الفُرَضُ التي
تَــشْرَــعُ فيها الواردةُ. ويقال: فلان يَشْتَرعُ شِرْــعَتَهُ ويَفْتَطِرُ
فِطْرَتَه ويَمْتَلُّ مِلَّتَه، كل ذلك من شِرْــعةِ الدِّين وفِطْرتِه ومِلِّتِه.
وشَرَــعَ الدِّينَ يَــشْرَــعُه شَرْــعاً: سَنَّه. وفي التنزيل: شَرَــعَ لكم من
الدِّين ما وصَّى به نوحاً؛ قال ابن الأَعرابي: شَرَــعَ أَي أَظهر. وقال
في قوله: شَرَــعوا لهم من الدِّين ما لم يأْذن به الله، قال: أَظهَرُوا
لهم. والشارعُ الرَّبّاني: وهو العالم العاملُ المعَلِّم. وشَرَــعَ فلان
إِذا أَظْهَرَ الحَقَّ وقمَعَ الباطِلَ. قال الأَزهري: معنى شَرَــعَ بَيَّنَ
وأَوضَح مأْخوذ من شُرِــعَ الإِهابُ إِذا شُقَّ ولم يُزَقَّقْ أَي يجعل
زِقًّا ولم يُرَجَّلْ، وهذه ضُرُوبٌ من السَّلْخِ مَعْرُوفة أَوسعها
وأَبينها الــشَّرْــعُ، قال: وإِذا أَرادوا أَن يجعلوها زِقًّا سلَخُوها من قِبَل
قَفاها ولا يَشُقُّوها شَقّاً، وقيل في قوله: شَرَــع لكم من الدِّين ما
وصَّى به نوحاً: إِنَّ نوحاً أَول من أَتَى بتحريم البَناتِ والأَخَواتِ
والأُمَّهات. وقوله عز وجل: والذي أَوحينا إِليك وما وصَّينا به إِبراهيم
وموسى؛ أَي وشرع لكم ما أَوحينا إِليك وما وصَّيْنا به الأَنبياء قبْلك.
والــشِّرْــعةُ: العادةُ. وهذا شِرْــعةُ ذلك أَي مِثاله؛ وأَنشد الخليل يذمُّ
رجلاً:
كَفّاكَ لم تُخْلَقا للنَّدَى،
ولم يَكُ لُؤْمُهما بِدْعَهْ
فَكَفٌّ عن الخَيرِ مَقْبُوضةٌ،
كما حُطَّ عن مائَةٍ سَبْعهْ
وأُخْرَى ثَلاثَةُ آلافِها،
وتِسْعُمِئيها لها شِرْــعهْ
وهذا شِرْــعُ هذا، وهما شِرْــعانِ أَي مِثْلانِ.
والشارِعُ: الطريقُ الأَعظم الذي يَــشْرَــعُ فيه الناس عامّة وهو على هذا
المعنى ذُو شَرْــعٍ من الخَلْق يَــشْرَــعُون فيه. ودُورٌ شارِعةٌ إِذا كانت
أَبوابها شارِعةً في الطريق. وقال ابن دريد: دُورٌ شَوارِعُ على نَهْجٍ
واحد. وشَرَــعَ المَنْزِلُ إِذا كان على طريق نافذ. وفي الحديث: كانت
الأَبوابُ شارِعةً إِلى المَسْجِدِ أَي مَفْتُوحةً إِليه. يقال: شَرَــعْتُ
البابَ إِلى الطريق أَي أَنْفَذْتُه إِليه. وشَرَــعَ البابُ والدارُ شُرُــوعاً
أَفْضَى إِلى الطريقِ، وأَــشْرَــعَه إِليه. والشَّوارِعُ من النجوم:
الدَّانِيةُ من المَغِيبِ. وكلُّ دانٍ من شيء، فهو شارِعٌ. وقد شَرَــعَ له ذلك،
وكذلك الدارُ الشارِعةُ التي قد دنت من الطريق وقَرُبَتْ من الناسِ، وهذا
كله راجع إِلى شيء واحد، إِلى القُرْب من الشيء والإِــشْرافِ عليه.
وأَــشْرَــعَ نَحْوَه الرُّمْحَ والسيْفَ وشَرَــعَهُما: أَقْبَلَهُما إِياه
وسَدَّدَهُما له، فَــشَرَــعَتْ وهيَ شَوارِعُ؛ وأَنشد:
أَفاجُوا مِنْ رِماحِ الخَطِّ لَمّا
رَأَوْنا قَدْ شَرَــعْناها نِهالا
وشَرَــعَ الرُّمْحُ والسَّيْفُ أَنْفُسُهُما؛ قال:
غَداةَ تَعاوَرَتْه ثَمَّ بِيضٌ،
شَرَــعْنَ إِليهِ في الرَّهْجِ المُكِنِّ
(* هذا البيت من قصيدة للنابغة. وفي ديوانه: دُفعن اليه مكان شرعن
اليه.)وقال عبد الله بن أَبي أَوْفَى يهجو امرأَة:
ولَيْسَتْ بِتارِكةٍ مُحْرَماً،
ولَوْ حُفَّ بالأَسَلِ الــشُّرَّــعِ
ورمح شُراعِيٌ أَي طويلٌ وهو مَنْسُوب. والــشِّرْــعةُ
(* قوله «والــشرعة»
في القاموس: هو بالكسر ويفتح، الجمع شرع بالكسر ويفتح وشرع كعنب، وجمع
الجمع شراع.): الوَتَرُ الرقيقُ، وقيل: هو الوَتَرُ ما دام مَشْدوداً على
القَوْس، وقيل: هو الوتر، مَشْدوداً كان على القَوْس أَو غير مشدود، وقيل:
ما دامت مشدودة على قوس أَو عُود، وجمعه شِرَــعٌ على التكسير، وشِرْــعٌ على
الجمع الذي لا يفارق واحده إِلا بالهاء، وشِراعٌ جمع الجمع؛ قال الشاعر:
كما أَزْهَرَتْ قَيْنَةٌ بالــشِّراع
لإِسْوارِها عَلَّ منه اصْطِباحَا
(* قوله «كما أزهرت إلخ» أنشده في مادة زهر: ازدهرت. وقوله «عل منه»
تقدم عل منها.)
وقال ساعدة بن جؤية:
وعاوَدَني دَيْني، فَبِتُّ كأَنما
خِلالَ ضُلوعِ الصَّدْرِ شِرْــعٌ مُمَدَّدُ
ذكَّر لأَن الجمع الذي لا يُفارِقُ واحده إِلا بالهاء لك تذكيره
وتأْنيثه؛ يقول: بِتُّ كأَنّ في صَدْري عُوداً من الدَّوِيِّ الذي فيه من
الهُموم، وقيل: شِرْــعةٌ وثلاثُ شِرَــعٍ، والكثير شُرْــعٌ؛ قال ابن سيده: ولا
يعجبني على أَن أَبا عبيد قد قاله. والــشِّراعُ: كالــشِّرْــعة، وجمعه شُرُــعٌ؛
قال كثير:
إِلا الظِّباءَ بها، كأَنَّ تَرِيبَها
ضَرْبُ الــشِّراعِ نَواحيَ الــشِّرْــيانِ
يعني ضَرْب الوَتَرِ سِيَتَيِ القَوْسِ. وفي الحديث: قال رجل: إِني
أُحِبُّ الجَمالَ حتى في شِرْــعِ نَعْلِي أَي شِراكِها تشبيه بالــشِّرْــعِ، وهو
وَترُ العُود لأَنه مُمْتَدٌّ على وجهِ النعل كامتِدادِ الوَترِ على
العُود، والــشِّرْــعةُ أَخَصّ منه، وجمعهما شِرْــعٌ؛ وقول النابغة:
كَقَوْسِ الماسِخِيِّ يَرِنُّ فيها،
من الــشِّرْــعِيِّ، مَرْبُوعٌ مَتِينُ
أَراد الــشِّرْــعَ فأَضافه إَلى نفسه ومثله كثير؛ قال ابن سيده: هذا قول
أَهل اللغة وعندي أَنه أَراد الــشِّرْــعةَ لا الــشِّرْــعَ لأَنَّ العَرَبَ
إِذا أَرادت الإِضافة إِلى الجمع فإِنما تردُّ ذلك إِلى الواحد.
والــشَّريعُ: الكَتَّانُ وهو الأَبَقُ والزِّيرُ والرازِقيُّ، ومُشاقَتُه
السَّبِيخةُ. وقال ابن الأَعرابي: الــشَّرَّــاعُ الذي يبيع الــشَّريعَ، وهو
الكتَّانُ الجَيِّدُ.
وشَرَّــعَ فلان الحَبْلَ أَي أَنْشَطه وأَدْخَلَ قُطْرَيْه في العُرْوة.
والأَــشْرَــعُ الأَنْفِ: الذي امْتَدَّت أَرْنَبَتُه. وفي حديث صُوَرِ
الأَنبياء، عليهم السلام: شِراعُ الأَنفِ أَي مُمْتَدُّ الأَنْفِ طويله.
والأَــشْرعُ: السَّقائفُ، واحدتها شَرَــعة؛ قال ابن خــشرم:
كأَنَّ حَوْطاً جَزاه اللهُ مَغْفِرةً،
وجَنَّةً ذاتَ عِلِّيٍّ وأَــشْراعِ
والــشِّراعُ: شِراعُ السفينةِ وهي جُلُولُها وقِلاعُها، والجمع أَــشْرِــعةٌ
وشُرُــعٌ؛ قال الطِّرِمّاح:
كأَــشْرِــعةِ السَّفِينِ
وفي حديث أَبي موسى: بينا نحن نَسِيرُ في البحر والريحُ طَيِّبةٌ
والــشِّراعُ مرفوعٌ؛ شِراعُ السفينة: ما يرفع فوقها من ثوب لِتَدْخُلَ فيه الريح
فيُجْريها. وشَرّــعَ السفينةَ: جعل لها شِراعاً. وأَــشرَــعَ الشيءَ:
رَفَعَه جدّاً. وحِيتانٌ شُرُــوعٌ: رافعةٌ رُؤُوسَها. وقوله تعالى: إِذ تأْتِيهم
حِيتانُهم يوم سَبْتِهم شُرَّــعاً ويوم لا يَسْبِتُون لا تأْتيهم؛ قيل:
معناه راعفةٌ رُؤُوسَها، وقيل: خافضة لها للــشرب، وقيل: معناه أَن حِيتانَ
البحر كانت تَرِدُ يوم السبت عَنَقاً من البحر يُتاخِمُ أَيْلةَ
أَلهَمَها الله تعالى أَنها لا تصاد يوم السبت لنَهْيِه اليهودَ عن صَيْدِها،
فلما عَتَوْا وصادُوها بحيلة توَجَّهَتْ لهم مُسِخُوا قِرَدةً. وحِيتانٌ
شُرَّــعٌ أَي شارِعاتٌ من غَمْرةِ الماءِ إِلى الجُدِّ. والــشِّراعُ: العُنُق،
وربما قيل للبعير إِذا رَفَع عُنُقه: رَفَع شِراعَه. والــشُّراعيّة
والــشِّراعيّةُ: الناقةُ الطويلةُ العُنُقِ؛ وأَنشد:
شُِراعِيّة الأَعْناقِ تَلْقَى قَلُوصَها،
قد اسْتَلأَتْ في مَسْك كَوْماءَ بادِنِ
قال الأَزهري: لا أَدري شُراعِيّةٌ أَو شِراعِيّةٌ، والكَسْر عندي
أَقرب، شُبِّهت أَعناقُها بــشِراع السفينة لطولها يعني الإِبل. ويقال للنبْتِ
إِذا اعْتَمَّ وشَبِعَتْ منه الإِبلُ: قد أَــشرَــعَتْ، وهذا نَبْتٌ شُراعٌ،
ونحن في هذا شَرَــعٌ سواءٌ وشَرْــعٌ واحدٌ أَي سواءٌ لا يفوقُ بعضُنا
بعضاً، يُحَرَّكُ ويُسَكَّنُ. والجمع والتثنية والمذكر والمؤنث فيه سواء. قال
الأَزهري: كأَنه جمع شارِعٍ أَي يَــشْرَــعُون فيه معاً. وفي الحديث: أَنتم
فيه شَرعٌ سواءٌ أَي متساوون لا فَضْل لأَحدِكم فيه على الآخر، وهو مصدر
بفتح الراء وسكونها. وشَرْــعُك هذا أَي حَسْبُك؛ وقوله أَنشده ثعلب:
وكانَ ابنَ أَجمالٍ، إِذا ما تَقَطَّعَتْ
صُدُورُ السِّياطِ، شَرْــعُهُنَّ المُخَوِّفُ
فسّره فقال: إِذا قطَّع الناسُ السِّياط على إِبلهم كفى هذه أَن
تُخَوَّفَ. ورجل شَرْــعُك من رجل: كاف، يجري على النكرة وصفاً لأَنه في نية
الانفصال. قال سيبويه: مررت برجل شِرْــعِكَ فهو نعت له بِكمالِه وبَذِّه، غيره:
ولا يثنَّى ولا يجمع ولا يؤنَّث، والمعنى أَنه من النحو الذي تَــشْرَــعُ
فيه وتَطْلُبُه. وأَــشرَــعَني الرجلُ: أَحْسَبَني. ويقال: شَرْــعُكَ هذا أَي
حَسْبُك. وفي حديث ابن مغفل: سأَله غَزْوانُ عما حُرِّمَ من الــشَّرابِ
فَعَرَّفَه، قال: فقلت شَرْــعي أَي حَسْبي؛ وفي المثل:
شَرْــعُكَ مل بَلَّغَكَ المَحَلاَّ
أَي حَسْبُكَ وكافِيكَ، يُضْرَبُ في التبليغ باليسير. والــشَّرْــعُ: مصدر
شَرَــعَ الإهابَ يَــشْرَــعُه شَرْــعاً سَلَخَه، وقال يعقوب: إِذا شَقَّ ما
بين رِجْلَيْه وسَلَخَه؛ قال: وسمعته من أُمِّ الحُمارِسِ البَكْرِيّةِ.
والــشِّرْــعةُ: حِبالةٌ من العَقَبِ تُجْعَلُ شَرَــكاً يصاد به القَطا ويجمع
شِرَــعاً؛ وقال الراعي:
من آجِنِ الماءِ مَحْفُوفاً به الــشِّرَــعُ
وقال أَبو زبيد:
أَبَنَّ عِرِّيسةً عَنانُها أَشِبٌ،
وعِنْدَ غابَتِها مُسْتَوْرَدٌ شَرَــعُ
الــشِّرَــعُ: ما يُــشْرَــعُ فيه، والــشَّراعةُ: الجُرْأَةُ. والــشَّرِــيعُ:
الرجل الشُّجاعُ؛ وقال أَبو وجْزةَ:
وإِذا خَبَرْتَهُمُ خَبَرْتَ سَماحةً
وشَراعةً، تَحْتَ الوَشِيجِ المُورِدِ
والــشِّرْــعُ: موضع
(* قوله «والــشرع موضع» في معجم ياقوت: شرع، بالفتح،
قرية على شرقي ذرة فيها مزارع ونخيل على عيون، ثم قال: شرع، بالكسر، موضع،
واستشهد على كليهما.)، وكذلك الشّوارِعُ. وشَرِــيعةُ: ماءٌ بعينه قريب من
ضَرِيّةَ؛ قال الراعي:
غَدا قَلِقاً تَخَلَّى الجُزْءُ منه،
فَيَمَّمَها شَرِــيعةَ أَو سَوارَا
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وأَسْمَر عاتِك فيه سِنانٌ
شُراعِيٌّ، كَساطِعةِ الشُّعاعِ
قال: شُراعِيٌّ نسبة إِلى رجل كان يعمل الأَسِنَّة كأَن اسمه كان
شُراعاً، فيكون هذا على قياس النسب، أَو كان اسمه غير ذلك من أَبْنِية شَرَــعَ،
فهو إِذاً من نادِرِ مَعْدُول النسب. والأَسْمَرُ: الرُّمح. والعاتِكُ:
المُحْمَرُّ من قِدَمِه. والــشَّرِــيعُ من الليف: ما اشتَدَّ شَوْكُه وصلَحَ
لِغِلَظِه أَنْ يُخْرَزَ به؛ قال الأَزهري: سمعت ذلك من الهجريين
النَّخْلِيِّين. وفي جبال الدَّهْناءِ جبلٌ يقال له شارعٌ، ذكره ذو الرمّة في
شعره.
شرس: أَبو زيد: الــشَّرِــسُ السَّيءُ الخُلُق. ورجل شَرِــسُ وشَريسٌ
وأَــشْرَــسُ: عَسِرُ الخُلُق شديد الخلاف، وقد شَرِــسَ شَرَــساً. وفيه شِراسٌ، ورجل
شَرِــسُ الخُلق بَيِّنُ الــشَّرَــسِ والــشَّراسَةِ، وشَرِــسَتْ نفْسُه
شَرَــساً وشَرُــسَتْ شَراسةً، فهي شَرِــيسَة؛ قال:
فَرُحْتُ، ولي نَفْسانِ: نَفْسٌ شَرِــيسَةٌ،
ونَفْسٌ تَعَنَّاها الفِراقُ جَزوعُ
والــشِّراسُ: شدَّة المُشارَسَةِ في معاملة الناس. وتقول: رجل أَــشْرَــسُ
ذو شِراسٍ وناقة شريسَة ذات شِراسٍ وذات شَريس. وفي حديث عمرو بن
مَعْديكرب: هم أَعظمنا خَمِيساً وأَشدّنا شَريساً أَي شَراسةً؛ وقد شَرِــسَ
يَــشْرَــسُ، فهو شَرِــسٌ، وقوم فيهم شَرَــسٌ وشَريسٌ وشَراسَة أَي نُفُور وسُوء
خُلق. وشارَسه مُشارَسَة وشِراساً: عاسَره وشاكَسَه. وناقة شَريسَة: بَيِّنة
الــشِّراس سيئة الخلق. وإِنه لذو شَريس أَي عُسْرٍ؛ قال:
قد علمَتْ عَمْرَةُ بالغَمِيسِ
أَنَّ أَبا المِسْوارِ ذو شَريسِ
وتَشارَسَ القومُ: تَعادَوْا. ابن الأَعرابي: شَرِــسَ الإِنسانُ إِذا
تحبَّبَ إِلى الناس. والــشَّرْــسُ: شدّة وَعْكِ الشيء، شَرَــسَه يَــشْرُــسُه
شَرْــساً وشَرَــسَ الحمارُ آتُنَه يَــشْرُــسُها شَرْــساً: أَمَرَّ لَحْيَيه ونحو
ذلك على ظهورها. الليث: الــشَّرْــسُ شِبه الدَّعْكِ للشيءِ كما يَــشْرُــسُ
الحمارُ ظهورَ العانة بلَحْيَيْه؛ وأَنشد:
قَدّاً بأَنْيابٍ وشَرْــساً أَــشْرَــسا
ومكان شَراسٌ: صُلْبٌ خَشِنُ المَسِّ. الجوهري: مكان شَرْــسٌ أَي غليظ؛
قال العجاج:
إِذا أُنِيخَتْ بمكانٍ شَرْــسِ،
خَوَّتْ على مُسْتَوِياتٍ خَمْسِ،
كِرْكِرَةٍ وثَفِناتٍ مُلْسِ
قال ابن بري: صواب إِنشاده على التذكير لأَنه يصف جملاً:
إِذا أُنيخ بمكان شرسِ،
خَوَّى على مُسْتَوَياتٍ خَمْسِ
وقبله بأَبيات:
كأَنه من طُولِ جَذْعِ العَفْسِ،
ورَمَلانِ الخِمْسِ بعد الخِمْسِ،
يُنْحَتُ من أَقْطارِه بفَأْسِ
قوله خَوَّى: يريد بَرَكَ متجافياً على الأَرض في بُروكه لضُمْرِه
وعِظَمِ ثَفِناتِه، وهي ما ولي الأَرضَ من قوائمه إِذا برك. والكِرْكِرَةُ: ما
وَليَ الأَرضَ من صدره. والجَذْعُ: الحبس على غير عَلَفٍ. والعَفْسُ:
الإِذالةُ. والرَّمَلانُ: ضرب من السير. وأَرض شَرْــساء وشَراسِ، على فَعالِ
مثال قَطامِ: خَشِنَة غليظة، نعت الأَرض واجب كالاسم.
أَبو زيد: الــشَّراسَة شدة أَكل الماشية؛ قال أَبو حنيفة: شَرَــسَتِ
الماشيةُ تَــشْرُــسُ شَراسَةً اشتدّ أَكلُها. وإِنه لَــشَرِــيسُ الأَكل أَي
شديده.والــشَّريسُ: نبت بَشِع الطعم، وقيل: كلُّ بشع الطعم شَريسٌ. والــشِّرْــسُ،
بالكسر: عِضاهُ الجبَل وله شوك أَصفر، وقيل: هو ما صَغُرَ من شجر الشوك
كالشُّبْرُمِ والحاجِ، وقيل: الــشِّرْــسُ ما رَقَ شوكه، ونباتُه الهُجُول
والصَّحارَى ولا ينبت في الجَرَعِ ولا قيعان الأَوْدية، وقيل: الــشِّرْــسُ
شجر صغار له شوك، وقيل: الــشِّرْــسُ حَمْلُ نَبْت مَّا. وأَــشْرَــسَ القومُ:
رَعَتْ إِبلهم الــشِّرْــسَ. وبنو فلان مُــشْرِــسُون أَي ترعى إِبلهم
الــشِّرْــسَ. وأَرض مُــشْرِــسَة وشَريسَة: كثيرة الــشِّرس، وهو ضرب من النبات.
والــشَّرَــسُ، بفتح الشين والراء: ما صَغُر من شَجر الشوك؛ حكاه أَبو حنيفة. ابن
الأَعرابي: الــشِّرْــسُ الشُّكاعى والقَتادُ والسَّحا وكل ذي شوك مما
يَصْغُرُ؛ وأَنشد:
واضعة تأْكُلُ كلَّ شَرْــس
وأَــشْرَــسُ وشَريسٌ: اسمان.