صورة كتابية صوتية من سِنْدي: نسبة إلى السند: إقليم في الجزء الشمالي الغربي من الهند وأكثره الآن يقع في باكستان.
صورة كتابية صوتية من سِنْدي: نسبة إلى السند: إقليم في الجزء الشمالي الغربي من الهند وأكثره الآن يقع في باكستان.
حما: حَمْوُ المرأَة وحَمُوها وحَماها: أَبو زَوْجها وأَخُو زوجها،
وكذلك من كان من قِبَلِه. يقال هذا حَمُوها ورأَيت حَمَاها ومررت بحَمِيها،
وهذا حَمٌ في الانفراد. وكلُّ من وَلِيَ الزوجَ من ذي قَرابته فهم أَحْماء
المرأَة، وأُمُّ زَوجها حَماتُها، وكلُّ شيء من قِبَلِ الزوج أَبوه أَو
أَخوه أَو عمه فهم الأَحْماءُ، والأُنثى حماةٌ، لا لغة فيها غير هذه؛
قال:إنّ الحَماةَ أُولِعَتْ بالكَنَّهْ،
وأَبَتِ الكَنَّةُ إلاَّ ضِنَّهْ
وحَمْوُ الرجل: أَبو امرأَته أو أَخوها أَو عمها، وقيل: الأَحْماءُ من
قِبَل المرأَة خاصةً والأَخْتانُ من قِبَل الرجل، والصِّهْرُ يَجْمَعُ ذلك
كلَّه. الجوهري: حَماةُ المرأَة أُمّ زوجها، لا لغة فيها غير هذه. وفي
الحَمْو أَربع لغات: حَماً مثل قَفاً، وحَمُو مثل أَبُو، وحَمٌ مثل أَبٍ؛
قال ابن بري: شاهد حَماً قول الشاعر:
وَبجارَة شَوْهاءَ تَرْقُبُني،
وحَماً يخِرُّ كَمَنْبِذِ الحِلْسِ
وحَمْءٌ ساكنةَ الميم مهموزة؛ وأَنشد:
قُلْتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دَارُها:
تِئْذَنْ، فإني حَمْؤُها وجَارُها
ويُروْى: حَمُها، بترك الهمز. وكلّ شيء من قِبَل المرأَة فهم الأَخْتان.
الأَزهري: يقال هذا حَمُوها ومررت بحَمِيها ورأَيت حَمَاها، وهذا حَمٌ
في الانفراد. ويقال: رأَيت حَماها وهذا حَماها ومررت بِحَماها، وهذا حَماً
في الانفراد، وزاد الفراء حَمْءٌ، ساكنة الميم مهموزة، وحَمُها بترك
الهمز؛ وأَنشد:
هِيَ ما كَنَّتي، وتَزْ
عُمُ أَني لهَا حَمُ
الجوهري: وأَصل حَمٍ حَمَوٌ، بالتحريك، لأَن جمعه أَحْماء مثل آباء.
قال: وقد ذكرنا في الأَخ أَن حَمُو من الأَسماء التي لا تكون مُوَحَّدة إلا
مضافة، وقد جاء في الشعر مفرداً؛ وأَنشد:
وتزعم أَني لها حَمُو
قال ابن بري: هو لفَقيد ثَقِيف
(* قوله: فقيد ثقيف؛ هكذا في الأصل).
قال: والواو في حَمُو للإطلاق؛ وقبل البيت:
أَيُّها الجِيرةُ اسْلَمُوا،
وقِفُوا كَيْ تُكَلَّمُوا
خَرَجَتْ مُزْنَةٌ من الـ
بَحْر ريَّا تَجَمْجَمُ
هِيَ ما كَنَّتي، وتَزْ
عُمُ أَني لَها حَمُ
وقال رجل كانت له امرأَة فطلقها وتزوّجها أَخوه:
ولقد أَصْبَحَتْ أَسْماءُ حَجْراً مُحَرَّما،
وأَصْبَحْتُ من أَدنى حُمُوّتِها حَمَا
أَي أَصبحت أَخا زوجها بعدما كنت زوجها. وفي حديث عمر، رضي الله عنه،
أَنه قال: ما بالُ رجال لا يزالُ أَحدُهم كاسِراً وِسادَه عند امرأَة
مُغْزِيةٍ يَتحدَّث إليها؟ عليكم بالجَنْبةِ. وفي حديث آخر: لا يَدْخُلَنَّ
رجلٌ على امرأَة، وفي رواية: لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بمُغِيبة وإن قيل
حَمُوها أَلا حَمُوها الموتُ؛ قال أَبو عبيد: قوله أَلا حَمُوها الموت، يقول
فَلْيَمُتْ ولا يفعل ذلك، فإذا كان هذا رأْيَه في أَبي الزَّوْج وهو
مَحْرَم فكيف بالغريب؟ الأَزهري: قد تدبرت هذا التفسير فلم أَرَهُ مُشاكلاً
للفظ الحديث. وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه قال في قوله الحَمُ الموتُ:
هذه كلمة تقولها العرب كما تقول الأَسَدُ الموت أَي لقاؤه مثل الموت، وكما
تقول السلطانُ نارٌ، فمعنى قوله الحَمُ الموتُ أَن خلوة الحَمِ معها
أَشد من خلوة غيره من الغرباء، لأَنه ربما حسَّن لها أَشياء وحملها على
أُمور تثقل على الزوج من التماس ما ليس في وسعه أَو سوء عشرة أَو غير ذلك،
ولأَن الزوج لا يؤثر أَن يطلع الحَمُ على باطن حاله بدخول بيته؛ الأَزهري:
كأَنه ذهب إلى أَن الفساد الذي يجري بين المرأَة وأَحمائها أَشد من فساد
يكون بينها وبين الغريب ولذلك جعله كالموت. وحكي عن الأَصمعي أَنه قال:
الأَحماءُ من قِبَل الزوج، والأَخْتانُ من قِبَل المرأَة، قال: وهكذا قال
ابن الأَعرابي وزاد فقال: الحَماةُ أُمُّ الزوج، والخَتَنة أُمُّ
المرأَة، قال: وعلى هذا الترتيب العباسُ وعليٌّ وحمزةُ وجعفر أَحماءُ عائشةَ،
رضي الله عنهم أَجمعين. ابن بري: واختلف في الأَحْماءِ والأَصْهار فقيل
أَصْهار فلان قوم زوجته وأَحْماءُ فلانة قوم زوجها. وعن الأَصمعي:
الأَحْماءُ من قِبَل المرأَة والصِّهْر يَجْمَعهما؛ وقول الشاعر:
سُبِّي الحَماةَ وابْهَتي عَلَيْها،
ثم اضْرِبي بالوَدِّ مِرْفَقَيْها
مما يدل على أَن الحماة من قِبَل الرجل، وعند الخليل أَن خَتَنَ القوم
صِهْرُهم والمتزوِّج فيهم أَصهار الخَتَنِ
(* قوله: أصهار الختن: هكذا في
الأصل)، ويقال لأَهل بيتِ الخَتَنِ الأَخْتَانُ، ولأَهل بيت المرأَة
أَصهارٌ، ومن العرب من يجعلهم كلَّهم أَصْهاراً.
الليث: الحَماةُ لَحْمة مُنْتَبِرَة في باطِنِ الساق. الجوهري: والحماة
عَضَلَةُ الساق. الأَصمعي: وفي ساق الفرس الحَماتانِ، وهما اللَّحْمَتان
اللتان في عُرْض الساق تُرَيانِ كالعَصَبَتَين من ظاهر وباطن، والجمع
حَمَوات. وقال ابن شميل: هما المُضْغَتان المُنتَبِرتان في نصف الساقين من
ظاهر. ابن سيده: الحَماتان من الفرس اللَّحْمتان المجتمعتان في ظاهر
الساقين من أَعاليهما.
وحَمْوُ الشمس: حَرُّها. وحَمِيَت الشمسُ والنارُ تَحْمَى حَمْياً
وحُمِيّاً وحُمُوّاً، الأَخيرة عن اللحياني: اشتدَّ حَرُّها، وأَحْماها اللهُ،
عنه أَيضاً. الصحاح: اشْتَدَّ حَمْيُ الشمسِ وحَمْوُها بِمعْنىً.
وحَمَى الشيءَ حَمْياً وحِمىً وحِماية ومَحْمِيَة: منعه ودفع عنه. قال
سيبويه: لا يجيء هذا الضرب على مَفْعِلٍ إلا وفيه الهاء، لأَنه إن جاء
على مَفْعِلٍ بغير هاءٍ اعْتَلَّ فعدلوا إلى الأَخفِّ. وقال أَبو حنيفة:
حَمَيْتُ الأَرض حَمْياً وحِمْيَةً وحِمايَةً وحِمْوَةً، الأَخيرة نادرة
وإنما هي من باب أَشَاوي. والحِمْيَة والحِمَى: ما حُمِيَ من شيءٍ، يُمَدُّ
يقصر، وتثنيته حِمَيانِ على القياس وحِمَوان على غير قياس. وكلأٌ حِمىً:
مَحْمِيٌّ. وحَماه من الشيء وحَماه إيّاه؛ أَنشد سيبويه:
حَمَيْنَ العَراقِيبَ العَصا، فَتَرَكْنَه
به نَفَسٌ عَالٍ، مُخالِطُه بُهْرُ
وحَمَى المَريضَ ما يضرُّه حِمْيَةً: مَنَعَه إيَّاه؛ واحْتَمَى هو من
ذلك وتَحَمَّى: امْتَنَع. والحَمِيُّ:
المَريض الممنوع من الطعام والشراب؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وجْدي بصَخْرَةَ، لَوْ تَجْزِي المُحِبَّ به،
وَجْدُ الحَمِيِّ بماءٍ المُزْنةِ الصَّادي
واحْتَمَى المريضُ احْتِماءً من الأَطعمة. ويقال: حَمَيْتُ المريض وأَنا
أَحْمِيه حِمْيَةً وحِمْوَةً من الطعام، واحْتَمَيت من الطعام
احْتِماءً، وحَمَيْت القومَ حِماية، وحَمَى فلانٌ أَنْفَه يَحْمِيه حَمِيِّةً
ومَحْمِيَةً.
وفلان ذُو حَمِيَّةٍ مُنْكَرةَ إذا كان ذا غضب وأَنَفَةٍ. وحَمَى أَهلَه
في القِتال حِماية. وقال الليث: حَمِيتُ من هذا الشيءِ أَحْمَى مِنْه
حَمِيَّةً أَي أَنَفاً وغَيْظاً. وإنه لَرَجُل حَمِيٌّ: لا يَحْتَمِل
الضَّيْم، وحَمِيُّ الأَنْفِ. وفي حديث مَعْقِل بنِ يَسارٍ: فَحَمِيَ من ذلك
أَنَفاً أَي أَخَذَتْه الحَمِيَّة، وهي الأَنَفَة والغَيْرة. وحَمِيت عن
كذا حَمِيَّةً، بالتشديد، ومَحْمِيَة إذا أَنِفْت منه وداخَلَكَ عارٌ
وأَنَفَةٌ أَن تفْعَله. يقال: فلان أَحْمَى أَنْفاً وأَمْنَعُ ذِماراً من
فلان. وحَماهُ الناسَ يَحْمِيه إياهْم حِمىً وحِمايةً: منعه.
والحامِيَةُ: الرجلُ يَحْمِي أَصحابه في الحرب، وهم أَيضاً الجماعة
يَحْمُون أَنفُسَهم؛ قال لبيد:
ومَعِي حامِيةٌ من جَعْفرٍ،
كلَّ يوْمٍ نَبْتَلي ما في الخِلَلِ
وفلان على حامِية القوم أَي آخِرُ من يَحْمِيهِمْ في انْهِزامِهم.
وأَحْمَى المكانَ: جعله حِمىً لا يُقْرَب. وأَحْماهُ: وجَدَه حِمىً. الأَصمعي:
يقال حَمىَ فلان الأَرضَ يَحْمِيها حمىً لا يُقْرَب. الليث: الحِمَى
موضع فيه كَلأٌ يُحْمَى من الناس أَن يُرْعى.
وقال الشافعي، رضي الله تعالى عنه، في تفسير قوله، صلى الله عليه وسلم:
لا حِمَى إلا لله ولِرَسُولِه، قال: كان الشريف من العرب في الجاهلية إذا
نزل بلداً في عشيرته اسْتَعْوَى كَلْباً فحَمَى لخاصَّته مَدَى عُواءِ
الكَلْبِ لا يَشرَكُه فيه غيرهُ فلم يَرْعَه معه أَحد وكان شريكَ القوم في
سائر المرَاتع حَوْله، وقال: فنهى النبي، صلى الله عليه وسلم، أن
يُحْمَى على الناس حِمىً كما كانوا في الجاهلية يفعلون، قال: وقوله إلا لله
ولرسوله، يقول: إلا ما يُحْمَى لخيل المسلمين ورِكابِهِم التي تُرْصَد
للجهاد ويُحْمَل عليها في سبيل الله، وإبل الزكاة، كما حَمَى عمر النَّقِيع
لِنَعَمِ الصدقة والخيل المُعَدَّة في سبيل الله. وفي حديث أَبيَضَ بنِ
حَمّالٍ لا حِمَى في الأَراكَ، فقال أَبيَضُ: أَراكَةٌ في حِظاري أَي في
أَرضي، وفي رواية: أَنه سأَله عما يُحْمَى من الأَراك فقال ما لم تَنَلْهُ
أَخفافُ الإبلِ؛ معناه أَن الإبل تأْكل مُنْتَهى ما تصل إليه أَفواهها،
لأَنها إنما تصل إليه بمشيها على أَخفافها فيُحْمَى ما فوق ذلك، وقيل:
أَراد أَنه يُحْمَى من الأَراك ما بَعُدَ عن العِمارة ولم تبلغه الإبلُ
السارحة إذا أُرْسِلت في المَرْعَى، ويشبه أَن تكون هذه الأَراكة التي سأَل
عنها يوم أَحْيا الأَرضَ وحَظَر عليها قائمةَ فيها فأَحيا الأَرض فملكها
بالإحياء ولم يملك الأَراكة، فأَما الأَراك إذا نبت في مِلك رجل فإنه يحميه
ويمنع غيره منه؛ وقول الشاعر:
من سَراةِ الهِجانِ، صَلَّبَها العُضْـ
ض ورَعْيُ الحِمَى وطولُ الحِيال
رَعْيُ الحِمَى: يريد حِمَى ضَرِيَّة، وهو مَراعي إبل المُلوك وحِمَى
الرَّبَذَةِ دونَه. وفي حديث الإفْكِ: أَحْمِي سَمْعي وبصَري أَي
أَمنَعُهما من أَن أَنسُب إليهما ما لم يُدْرِكاه ومن العذاب لو كَذَبْت
عليهما.وفي حديث عائشة وذكَرَت عثمان: عَتَبْنا عليه موضع الغَمامة المُحْماةِ؛
تريد الحِمَى الذي حَماه. يقال: أَحْمَيْت المكان فهو مُحْمىً إذا جعلته
حِمىً، وجعلته عائشة، رضي الله عنها، موضعاً للغمامة لأَنها تسقيه
بالمطر والناس شُركاء فيما سقته السماء من الكَلإِ إذا لم يكن مملوكاً فلذلك
عَتَبُوا عليه. وقال أَبو زيد: حَمَيْتُ الحِمَى حَمْياً مَنَعْته، قال:
فإذا امتَنع منه الناسُ وعَرَفوا أَنه حِمىً قلت أَحمَيْتُه. وعُشْبٌ
حِمىً: مَحْمِيٌّ. قال ابن بري: يقال حَمَى مكانَه وأَحْماه؛ قال
الشاعر:حَمَى أَجَماتِه فتُرِكْنَ قَفْراً،
وأَحْمَى ما سِواه مِنَ الإجامِ
قال: ويقال أَحْمَى فلانٌ عِرْضَه؛ قال المُخَبَّلُ:
أَتَيْتَ امْرَأً أَحْمَى على الناسِ عِرْضَه،
فما زِلْتَ حتى أَنْتَ مُقْعٍ تُناضِلُهْ
فأَقْعِ كما أَقْعى أَبوكَ على اسْتِهِ،
رأَى أَنَّ رَيْماً فوْقَه لا يُعادِلُهْ
الجوهري: هذا شيءٌ حِمىً على فِعَلٍ أَي مَحْظُور لا يُقْرَب، وسمع
الكسائي في تثنية الحِمَى حِمَوانِ، قال: والوجه حِمَيانِ. وقيل لعاصم بن
ثابت الأَنصاري: حَمِيٌّ الدَّبْرِ، على فَعِيلٍ بمعنى مَفعول. وفلان حامي
الحقِيقةِ: مثل حامي الذِّمارِ، والجمع حُماةٌ وحامِية؛ وأَما قول
الشاعر:وقالوا: يالَ أَشْجَعَ يومَ هَيْجٍ،
ووَسْطَ الدارِ ضَرْباً واحْتِمايا
قال الجوهري: أَخرجه على الأَصل وهي لغة لبعض العرب؛ قال ابن بري: أَنشد
الأَصمعي لأَعْصُرَ بنِ سعدِ بن قيسِ عَيْلان:
إذا ما المَرْءُ صَمَّ فلمْ يُكَلَّمْ،
وأَعْيا سَمْعهُ إلا نِدَايا
ولاعَبَ بالعَشِيِّ بَني بَنِيهِ،
كفِعْلِ الهِرِّ يَحْتَرِشُ العَظايا
يُلاعِبُهُمْ، ووَدُّوا لوْ سَقَوْهُ
من الذَّيْفانِ مُتْرَعَةً إنايا
فلا ذاقَ النَّعِيمَ ولا شَراباً،
ولا يُعْطى منَ المَرَضِ الشِّفايا
وقال: قال أَبو الحسن الصِّقِلِّي حُمِلت أَلف النصب على هاء التأْنيث
بمقارنتها لها في المخرج ومشابهتها لها في الخفاء، ووجه ثان وهو أَنه إذا
قال الشفاءَا وقعت الهمزة بين أَلفين، فكرهها كما كرهها في عَظاءَا،
فقلبها ياءً حملاً على الجمع.
وحُمَّةُ الحَرِّ: مُعْظَمُه، بالتشديد.
وحامَيْتُ عنه مُحاماةً وحِماءً. يقال: الضَّرُوسُ تُحامي عن وَلدِها.
وحامَيْتُ على ضَيْفِي إذا احتَفَلْت له؛ قال الشاعر:
حامَوْا على أَضْيافِهِمْ، فشَوَوْا لَهُمْ
مِنْ لَحْمِ مُنْقِيَةٍ ومن أَكْبادِ
وحَمِيتُ عليه: غَضِبْتُ، والأُموي يهمزه. ويقال: حِماءٌ لك، بالمد، في
معنى فِداءٌ لك. وتحاماه الناس أَي توَقَّوْهُ واجتنبوه. وذهَبٌ حَسَنُ
الحَماءِ، ممدود: خرج من الحَماءِ حسَناً. ابن السكيت: وهذا ذهَبٌ جيِّدٌ
يخرج من الإحْماءِ، ولا يقال على الحَمَى لأَنه من أَحمَيْتُ. وحَمِيَ من
الشيء حَمِيَّةً ومَحْمِيَةً: أَنِفَ، ونظير المَحْمِيَة المَحْسِبةُ من
حَسِب، والمَحْمِدة من حَمِدَ، والمَوْدِدة من وَدَّ، والمَعْصِيةُ من
عَصَى. واحْتَمى في الحرب: حَمِيَتْ نَفْسهُ. ورجل حَمِيٌّ: لا يحتمل
الضَّيْمَ، وأَنْفٌ حَمِيٌّ من ذلك. قال اللحياني: يقال حَمِيتُ في الغضب
حُمِيّاً. وحَمِيَ النهار، بالكسر، وحَمِيَ التنور حُمِيّاً فيهما أَي
اشتدَّ حَرُّه. وفي حديث حُنَيْنٍ: الآن حَميَ الوَطِيسُ؛ التَّنُّورُ وهو
كناية عن شدَّة الأَمر واضْطِرامِ الحَرْبِ؛ ويقال: هذه الكلمة أوَّلُ من
قالها النبي، صلى الله عليه وسلم، لما اشْتَدَّ البأْسُ يومَ حُنَيْنٍ ولم
تُسْمَعُ قَبْله، وهي من أَحسن الاستعارات. وفي الحديث: وقِدْرُ القَوْمِ
حامِيةٌ تَفُور أَي حارَّة تَغْلي، يريد عِزَّةَ جانبِهم وشدَّةَ
شَوْكَتِهم. وحَمِيَ الفرسُ حِمىً: سَخُنَ وعَرِقَ يَحْمَى حَمْياً، وحَمْيُ
الشَّدِّ مثله؛ قال الأَعشى:
كَأَنَّ احْتِدامَ الجَوْفِ من حَمْيِ شَدِّه،
وما بَعْدَه مِنْ شَدّه، غَلْيُ قُمْقُمِ
ويجمع حَمْيُ الشَّدّ أَحْماءً؛ قال طَرَفَة:
فهي تَرْدِي، وإذا ما فَزِعَتْ
طارَ من أَحْمائِها شَدّ الأُزُرْ
وحِميَ المِسْمارُ وغيره في النار حَمْياً وحُمُوّاً: سَخُنَ،
وأَحْمَيْتُ الحديدة فأَنا أُحْمِيها إحْماءً حتى حَمِيَتْ تَحْمَى. ابن السكيت:
أَحْمَيْتُ المسمار إحْماء فأَنا أُحْمِيهِ. وأَحْمَى الحديدةَ وغيرها في
النار: أَسْخَنَها، ولا يقال حَمَيْتها.
والحُمَة: السَّمُّ؛ عن اللحياني، وقال بعضهم: هي الإبْرة التي تَضْرِبُ
بها الحَيّةُ والعقرب والزُّنْبور ونحو ذلك أَو تَلْدَغُ بها، وأَصله
حُمَوٌ أَو حُمَيٌ، والهاء عوض، والجمع حُماتٌ وحُمىً. الليث: الحُمَةُ في
أَفواه العامَّة إبْرةُ العَقْرب والزُّنْبور ونحوه، وإنما الحُمَةُ
سَمُّ كل شيء يَلْدَغُ أَو يَلْسَعُ.
ابن الأَعرابي: يقال لسَمّ العقرب الحُمَةُ والحُمَّةُ. وقال الأَزهري:
لم يسمع التشديد في الحُمَّة إلا لابن الأَعرابي، قال: وأَحسبه لم يذكره
إلا وقد حفظه. الجوهري: حُمَةُ العقرب سمها وضرها، وحُمَة البَرْدِ
شِدَّته.
والحُمَيَّا: شِدَّةُ الغضب وأَوَّلُه. ويقال: مضى فلان في حَمِيَّتهِ
أَي في حَمْلَته. ويقال: سارَتْ فيه حُمَيَّا الكَأْسِ أَي سَوْرَتُها،
ومعنى سارَت ارتفعت إلى رأْسه. وقال الليث: الحُمَيَّا بُلُوغ الخَمْر من
شاربها. أَبو عبيد: الحُمَيَّا دَبِيبُ الشَّراب. ابن سيده: وحُمَيَّا
الكأْسِ سَوْرَتُها وشدَّتها، وقيل: أَوَّلُ سَوْرتها وشدَّتها، وقيل:
إسْكارُها وحِدَّتُها وأَخذُها بالرأْس. وحُمُوَّة الأَلَمِ: سَوْرَته.
وحُمَيّا كُلّ شيء: شِدَّته وحِدَّته. وفَعَل ذلك في حُمَيَّا شَبابه أَي في
سَوْرته ونَشاطه؛ ويُنْشَد:
ما خِلْتُني زِلْتُ بَعْدَكُمْ ضَمِناً،
أََشْكُو إلَيْكُمْ حُمُوَّةَ الأَلَمِ
وفي الحديث: أَنَّه رَخَّصَ في الرُُّقْيَةِ من الحُمَة، وفي رواية: من
كُلِّ ذي حُمَة. وفي حديث الدجال: وتُنْزَع حُمَةُ كُلِّ دابَّة أَي
سَمُّها؛ قال ابن الأَثير: وتطلق على إبرة العقرب للمجاورة لأَن السم منها
يخرج. ويقال: إنه لَشديد الحُمَيَّا أَي شديد النَّفْسِ والغَضَب. وقال
الأَصمعي: إنه لحامِي الحُمَيَّا أَي يَحْمِي حَوْزَتَه وما وَلِيَه؛
وأَنشد:حَامِي الحُمَيَّا مَرِسُ الضَّرِير
والحَامِيَةُ: الحجارةُ التي تُطْوَى بها البئر. ابن شميل: الحَوامي
عِظامُ الحجارة وثِقالها، والواحدة حامِيَةٌ. والحَوَامِي: صَخْرٌ عِظامٌ
تُجْعَل في مآخِير الطَّيِّ أَن يَنْقَلِعَ قُدُماً، يَحْفِرون له نِقَاراً
فيَغْمزونه فيه فلا يَدَعُ تُراباً ولا يَدْنُو من الطَّيِّ فيدفعه.
وقال أَبو عمرو: الحَوامِي ما يَحْمِيه من الصَّخْر، واحدتها حامِيَة. وقال
ابن شميل: حجارة الرَّكِيَّة كُلُّها حَوَامٍ، وكلها على حِذَاءٍ واحدٍ،
ليس بعضها بأَعظم من بعض، والأَثافِي الحَوامِي أَيضاً، واحدتها حاميةٌ؛
وأَنشد شمر:
كأَنَّ دَلْوَيَّ، تَقَلَّبانِ
بينَ حَوَامِي الطَّيِّ ، أَرْنَبانِ
والحَوامِي: مَيامِنُ الحَافِر ومَياسِرهُ. والحَامِيَتانِ: ما عن
اليمين والشمال من ذلك. وقال الأَصمعي: في الحَوافر الحَوَامِي، وهي حروفها من
عن يمين وشمال؛ وقال أَبو دُوادٍ:
لَهُ، بَيْنَ حَوامِيهِ،
نُسُورٌ كَنَوَى القَسْبِ
وقال أَبو عبيدة: الحَامِيَتانِ ما عن يمين السُّنْبُك وشُماله.
والحَامِي: الفَحْلُ من الإبل يَضْرِبُ الضِّرَابَ المعدودَ قيل عشرة أَبْطُن،
فإذا بلغ ذلك قالوا هذا حامٍ أَي حَمَى ظَهْرَه فيُتْرَك فلا ينتفع منه
بشيء ولا يمنع من ماء ولا مَرْعىً. الجوهري: الحامي من الإبل الذي طال مكثه
عندهم. قال الله عز وجل: ما جعل الله من بَحِيرةٍ ولا سائبة ولا
وَصِيلةٍ ولا حامٍ؛ فأَعْلَم أَنه لم يُحَرِّمْ شيئاً من ذلك؛ قال:
فَقَأْتُ لها عَيْنَ الفَحِيلِ عِيافَةً،
وفيهنَّ رَعْلاء المَسامِعِ والْحامي
قال الفراء: إذا لَقِحَ ولَد وَلَدهِ فقد حَمَى ظَهْرَه ولا يُجَزُّ له
وَبَر ولا يُمْنَع من مَرْعىً.
واحْمَوْمَى الشيءُ: اسودَّ كالليل والسحاب؛ قال:
تَأَلَّقَ واحْمَوْمَى وخَيَّم بالرُّبَى
أَحَمُّ الذُّرَى ذو هَيْدَب مُتَراكِب
وقد ذكر هذا في غير هذا المكان. الليث: احْمَوْمَى من الشيء فهو
مُحْمَوْمٍ، يُوصف به الأَسْوَدُ من نحو الليل والسحاب. والمُحْمَوْمِي من
السحاب: المُتَراكم الأَسْوَدُ.
وحَمَاةُ: موضع؛ قال امرؤ القيس:
عَشيَّةَ جَاوَزْنا حَمَاةَ وشَيْزَرا
(* وصدر البيت:
تقطَّعُ أسبابُ اللُّبانة، والهوى).
وقوله أَنشده يعقوب:
ومُرْهَقٍ سَالَ إمْتاعاً بوُصدَته
لم يَسْتَعِنْ، وحَوامِي المَوْتِ تَغْشَاهُ
قال: إنما أَراد حَوائِم من حامَ يَحُومُ فقلب، وأَراد بسَال سَأَلَ،
فإما أَن يكون أَبدل، وإما أَن يريد لغة من قال سَلْتَ تَسَالُ.
حفا: الحَفا: رِقَّة القَدم والخُفِّ والحافر، حَفِيَ حَفاً فهو حافٍ
وحَفٍ، والاسم الحِفْوة والحُفْوة. وقال بعضهم: حافٍ بيِّنُ الحُفْوة
والحِفْوة والحِفْية والحِفَاية، وهو الذي لا شيء في رِجْله من خُفٍّ ولا
نَعْل، فأَما الذي رقَّت قَدماه من كثرة المَشْي فإنه حافٍ بيّن الحَفَا.
والحَفَا: المَشْيُ بغير خُفٍّ ولا نَعْلٍ. الجوهري: قال الكسائي رجل حافٍ
بيّنُ الحُفْوة والحِفْية والحِفاية والحفاءِ، بالمد؛ قال ابن بري: صوابه
والحَفَاء، بفتح الحاء، قال: كذلك ذكره ابن السكيت وغيره، وقد حَفِيَ
يَحْفَى وأَحفاه غيره. والحِفْوة والحَفا: مصدر الحَافي. يقال: حَفِيَ
يَحْفَى حَفاً إذا كان بغير خفّ ولا نَعْل، وإذا انْسَحَجَتِ القدم أَو
فِرْسِنُ البعير أَو الحافرُ من المَشْيِ حتى رَقَّت قيل حَفِيَ يَحْفَى حَفاً،
فهو حَفٍ؛ وأَنشد:
وهو منَ الأَيْنِ حَفٍ نَحِيتُ
وحَفِيَ من نَعْليه وخُفِّه حِفْوة وحِفْية وحَفاوة، ومَشَى حتى حَفِيَ
حَفاً شديداً وأَحْفاه الله، وتَوَجَّى من الحَفَا وَوَجِيَ وَجىً
شديداً. والاحْتِفاء: أَن تَمْشِيَ حافياً فلا يُصيبَك الحَفَا. وفي حديث
الانتعال: ليُحْفِهِما جميعاً أَو لِيَنْعَلْهما جميعاً؛ قال ابن الأَثير: أَي
ليمشِ حافيَ الرِّجلين أَو مُنْتَعِلَهما لأَنه قد يشق عليه المشي بنعل
واحدة، فإنَّ وضْعَ إحْدى القدمين حافية إنما يكون مع التَّوَقِّي من
أَذىً يُصيبها، ويكون وضع القدم المُنْتَعِلة على خلاف ذلك فيختلف حينئذ
مشيه الذي اعتاده فلا يأْمَنُ العِثارَ، وقد يتَصَوَّر فاعلُه عند الناس
بصورة مَنْ إحْدى رجليه أَقصرُ من الأُخرى. الجوهري: أَما الذي حَفِيَ من
كثرة المشي أَي رَقَّت قدَمُه أَو حافِره فإنه حَفٍ بَيِّنُ الحَفَا،
مقصور، والذي يمشي بلا خُفٍّ ولا نَعْل: حافٍ بيّن الحَفَاءِ، بالمد. الزجاج:
الحَفَا، مقصور، أَن يكثر عليه المشي حتى يُؤلِمَه المَشْيُ، قال:
والحَفاءُ، ممدود، أَن يمشي الرجل بغير نَعْل، حافٍ بَيِّن الحفاء، ممدود،
وحَفٍ بيّن الحَفَا، مقصور، إذا رَقَّ حافره. وأَحْفَى الرجلُ: حَفِىت
دابته.وحَفِيَ بالرجُل حَفَاوة وحِفاوة وحِفاية وتَحَفَّى به واحْتَفَى:
بالَغَ في إكْرامه. وتَحَفَّى إليه في الوَصِيَّة: بالغَ. الأَصمعي: حَفِيتُ
إليه في الوصية وتَحَفَّيْت به تَحَفِّياً، وهو المبالغة في إكْرامه.
وحَفِيت إليه بالوصية أَي بالغت. وحَفِيَ اللهُ بك: في معنى أَكرمك الله.
وأَنا به حَفِيٌّ أَي بَرٌّ مبالغ في الكرامة. والتَّحَفِّي: الكلامُ
واللِّقاءُ الحَسَن. وقال الزجاج في قوله تعالى: إنَّه كان بِي حَفِيّاً؛ معناه
لطيفاً. ويقال: قد حَفِيَ فلان بفلان حِفْوة إذا بَرَّه وأَلْطَفه. وقال
الليث: الحَفِيُّ هو اللطيف بك يَبَرُّكَ ويُلْطِفك ويَحْتَفِي بك. وقال
الأَصمعي: حَفِيَ فلان بفلان يَحْفَى به حَفاوة إذا قام في حاجته
وأَحْسَن مَثْواه. وحَفا الله به حَفْواً: أَكرمه. وحَفَا شارِبَه حَفْواً
وأَحْفاه: بالَغَ في أَخْذه وألْزَقَ حَزَّه. وفي الحديث: أَنه، عليه الصلاة
والسلام، أَمر أَن تُحْفَى الشواربُ وتُعْفَى اللِّحَى أَي يُبالَغ في
قَصِّها. وفي التهذيب: أَنه أَمر بإحْفاءِ الشوارب وإعْفاء اللِّحَى.
الأَصمعي: أَحْفَى شارِبَه ورأْسَه إذا أَلزق حَزَّه، قال: ويقال في قولِ
فلانٍ إحْفاءٌ، وذلك إذا أَلْزَق بِك ما تكره وأَلَحَّ في مَسَاءَتِك كما
يُحْفَى الشيءُ أَي يُنْتَقَص. وفي الحديث: إن الله يقول لآدم، عليه السلام:
أَخْرِجْ نَصِيبَ جَهَنَّمَ منْ ذُرِّيَّتِكَ، فيقولُ: يَا رَبّ كَمْ؟
فيقول: مِن كلِّ مائة تسْعَةً وتسعينَ، فقالوا: يا رسول الله احْتُفِينا
إذاً فَماذا يَبْقى؟ أي اسْتُؤْصِلْنَا، من إحْفَاءِ الشعر. وكلُّ شيءٍ
اسْتُؤْصِلَ فَقَد احْتُفِيَ. ومنه حديث الفتح: أَنْ يَحْصُدُوهم حَصْداً،
وأَحْفَى بيَدِه أَي أَمالَها وصْفاً للحَصْدِ والمُبالَغة في القَتْل.
وحَفاهُ من كل خَيْر يَحْفُوه حَفْواً: مَنَعَه. وحَفَاه حَفْواً:
أَعطاه.وأَحْفاه: أَلَحَّ عليه في المَسْأَلة. وأَحْفَى السُّؤالَ: رَدَّده.
الليث: أَحْفَى فلان فلاناً إذا بَرَّح به في الإلْحاف عليه أَو سَأَلَه
فأَكْثَر عليه في الطلب. الأَزهري: الإحْفاء في المسأَلة مثلُ الإلْحاف
سَواءً وهو الإلْحاحُ. ابن الأَعرابي: الحَفْوُ المَنْعُ، يقال: أَتاني
فحَفَوْته أَي حَرَمْتُه، ويقال: حَفَا فلان فلاناً من كلّ خير يَحْفُوه إذا
مَنَعه من كلّ خير. وعَطَس رجلٌ عند النبي، صلى الله عليه وسلم، فَوْقَ
ثلاثٍ فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: حَفَوْتَ، يقول مَنَعْتَنا أن
نُشمِّتَكَ بعدَ الثلاثِ لأَنَّه إنما يُشَمِّتُ في الأُولى والثَّانية،
ومن رواه حَقَوْتَ فمعناه سَدَدْت علينا الأَمْرَ حتى قَطَعْتَنا، مأْخوذٌ
من الحَقْوِ لأَنه يقطع البطنَ ويَشُدُّ الظهر. وفي حديث خَلِيفَةَ:
كتبتُ إلى ابن عباس أَن يَكْتُب إليَّ ويُحْفِيَ عَنِّي أَي يُمْسِكَ عَنِّي
بعضَ ما عنده مِمَّا لا أَحْتَمِلُه، وإن حمل الإحفاء بمعنى المبالغة
فيكون عَنِّي بمعنى عليَّ، وقيل: هو بمعنى المبالغة في البِرِّ بِهِ
والنصيحةِ له، وروي بالخاء المعجمة.
وفي الحديث: أَن رجلاً سلَّم على بعض السلف فقال وعليكم السلامُ ورحمةُ
الله وبَرَكاتُه الزَّاكِيات، فقال: أَراك قد حَفَوْتَنا ثَوابَها أَي
مَنَعتَنا ثواب السلام حيث استَوْفَيت علينا في الردِّ، وقيل: أَراد
تَقَصَّيْتَ ثوابَها واستوفيته علينا.
وحَافَى الرجلَ مُحافاةً: مارَاه ونازَعه في الكلام. وحَفِيَ به
حِفَايةً، فهو حَافٍ وحَفِيٌّ، وتَحَفَّى واحْتَفَى: لَطَفَ بِهِ وأَظهر السرورَ
والفَرَحَ به وأَكثر السؤال عن حاله. وفي الحديث: أَنَّ عجوزاً دخلَت
عليه فسَأَلها فأَحْفَى وقال: إنَّها كانت تَأْتِينا في زَمَن خَدِيجَة
وإنَّ كَرَم العَهْدِ من الإيمان. يقال: أَحْفَى فلان بصاحبه وحَفِيَ به
وتَحَفَّى به أَي بالَغَ في بِرِّهِ والسؤال عن حاله. وفي حديث عمر:
فَأَنْزَلَ أُوَيْساً القَرَنيَّ فَاحْتَفَاهُ وأَكْرَمَه. وحديث علي: إنَّ
الأَشْعَثَ سَلَّم عليه فَرَدَّ عليه بغَيْر تَحَفٍّ أَي غيرَ مُبالِغٍ في
الردّ والسُّؤَالِ. والحَفاوة، بالفتح: المُبالَغةُ في السؤَال عن الرجل
والعنايةُ في أَمرهِ. وفي المثل: مَأْرُبَةٌ لا حَفاوةٌ؛ تقول منه: حَفِيت،
بالكسر، حَفاوةً. وتَحَفَّيْت به أَي بالَغْت في إكْرامِه وإلْطافِه
وحفِيَ الفرسُ: انْسَحَجَ حافِرهُ. والإحْفاء: الاسْتِقْصاء في الكلام
والمُنازَعَةُ؛ ومنه قول الحرث بن حِلِّزة:
إن إخْوانَنَا الأَراقِمَ يَعْلُو
نَ عَلَيْنا، فِي قيلِهِم إخْفاءُ
أَي يَقَعون فينا. وحافَى الرجلَ: نازَعَه في الكلام وماراه. الفراء في
قوله عز وجل: إن يَسْأَلْكُمُوها فيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا؛ أَي
يُجْهِدْكُم. وأَحْفَيْتُ الرجلَ إذا أَجْهَدْتَه. وأَحْفاه: بَرَّحَ به في
الإلحاحِ عليه، أَو سأَله فأَكْثَر عليه في الطلب، وأَحْفى السؤالَ كذلك. وفي
حديث أَنس: أَنهم سأَلوا النبي، صلى الله عليه وسلم، حتى أَحْفَوْه أَي
اسْتَقْصَوْا في السؤالِ. وفي حديث السِّواكِ: لَزِمْتُ السِّواكَ حتى كدت
أُحْفِي فَمِي أَي أَسْتَقْصِي على أَسناني فأُذْهِبُها بالتَّسَوُّكِ.
وقوله تعالى: يسأَلونك كأَنك حَفِيٌّ عنها؛ قال الزجاج: يسأَلونك عن أَمر
القيمة كأَنك فرحٌ بسؤالهم، وقيل: معناه كأَنك أَكثرت المسأَلة عنها، وقال
الفراء: فيه تقديم وتأْخير، معناه يسأَلونك عنها كأَنك حفِيٌّ بها؛ قال:
ويقال في التفسير كأَنك حَفِيٌّ عنها كأَنك عالم بها، معناه حافٍ عالمٍ.
ويقال: تحافَيْنا إلى السلطان فَرَفَعَنَا إلى القاضي، والقاضي يسمى
الحافيَ. ويقال: تَحَفَّيْتُ بفلان في المسأَلة إذا سأَلت به سؤالاً أَظهرت
فيه المحَبَّةَ والبِرَّ، قال: وقيل كأَنك حفِيٌّ عنها كأَنك أَكثرت
المسأَلة عنها، وقيل: كأَنك حَفِيٌّ عنها كأَنك مَعْنِيٌّ بها، ويقال: المعنى
يسأَلونك كأَنك سائل عنها. وقوله: إنه كان بي حَفِيّاً؛ معناه كان بي
مَعْنِيّاً؛ وقال الفراء: معناه كان بي عالماً لطيفاً يجيب دعوتي إذا
دعوته. ويقال: تحَفَّى فلان بفلان معناه أَنه أَظهر العِناية في سؤَاله إياه.
يقال: فلان بي حَفِيٌّ إذا كان مَعْنِيّاً؛ وأَنشد للأَعشى:
فإن تَسْأَلي عنِّي، فيا رُبَّ سائِلٍ
حَفِيٍّ عن الأَعْشى به حيث أَصعَدا
معناه: مَعْنِيٌّ بالأَعْشى وبالسؤَال عنه. ابن الأَعرابي: يقال لقيت
فلاناً فَحفِيَ بي حَفاوة وتَحَفَّى بي تَحَفِّياً.
الجوهري: الحَفِيُّ العالم الذي يَتَعَلَّم الشيءَ باسْتِقْصاء.
والحَفِيُّ: المُسْتَقْصي في السؤال.
واحْتَفى البَقْلَ: اقْتَلعَه من وجه الأرض. وقال أَبو حنيفة:
الاحْتِفاء أَخذُ البقلِ بالأَظافير من الأَرض. وفي حديث المضْطَرّ الذي سأَل
النبيَّ، صلى الله عليه وسلم: مَتى تَحِلُّ لنا المَيْتَةُ؟ فقال: ما لم
تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أو تَحْتَفِيُوا بها بَقْلاً فشَأْنَكُم بها؛
قال أَبو عبيد: هو من الحَفا، مهموز مقصور، وهو أَصل البَرْدي الأَبيض
الرَّطبِ منه، وهو يُؤْكَل، فتأَوَّله في قوله تَحْتَفِيُوا، يقول: ما لم
تَقْتَلِعُوا هذا بعَيْنه فتأْكلوه، وقيل: أَي إذا لم تجدوا في الأَرض من
البقل شيئاً، ولو بأَن تَحْتَفُوه فتَنْتِفُوه لِصغَرِه؛ قال ابن سيده:
وإنما قَضَينا على أَنّ اللام في هذه الكلمات ياء لا واو لما قيل من أَن
اللام ياء أَكثر منها واواً. الأَزهري: وقال أَبو سعيد في قوله أَو
تَحْتَفِيُوا بَقْلاً فشَأْنَكُم بها؛ صوابه تَحْتَفُوا، بتخفيف الفاء من غير
همز. وكلُّ شيء اسْتُؤْصل فقد احْتُفِيَ، ومنه إحْفاءً الشَّعَرِ. قال:
واحْتَفى البَقْلَ إذا أَخَذَه من وجه الأَرض بأَطراف أَصابعه من قصره
وقِلَّته؛ قال: ومن قال تَحْتَفِئُوا بالهمز من الحَفإ البَرْدِيّ فهو باطل
لأَن البَرْدِيَّ ليس من البقل، والبُقُول ما نبت من العُشْب على وجه
الأَرض مما لا عِرْق له، قال: ولا بَرْدِيَّ في بلاد العرب، ويروى: ما لم
تَجْتَفِئُوا، بالجيم، قال: والاجْتِفاء أَيضاً بالجيم باطل في هذا الحديث
لأَن الاجْتِفاء كبُّكَ الآنِــيَةَ إذا جَفَأْتَها، ويروى: ما لم
تَحْتَفُّوا، بتشديد الفاء، من احْتَفَفْت الشيء إذا أَخذتَه كلّه كما تَحُفُّ
المرأَة وجهها من الشعر، ويروى بالخاء المعجمة، وقال خالد ابن كلثوم:
احْتَفى القومُ المَرْعى إذا رَعَوْهُ فلم يتركوا منه شيئاً؛ وقال في قول
الكميت:
وشُبِّه بالْحِفْوة المُنْقَلُ
قال: المُنْقَلُ أَن يَنْتَقِلَ القومُ من مَرْعىً احْتَفَوْه إلى
مَرْعىً آخر. الأَزهري: وتكون الِحَفْوَة من الحافي الذي لا نَعْلَ له ولا
خُفَّ؛ ومنه قوله:
وشُبِّه بالِحفْوة المُنْقَلُ
وفي حديث السِّباق ذكر الحَفْىاء، بالمد والقصر؛ قال ابن الأَثير: هو
موضع بالمدينة على أَميال، وبعضهم يقدم الياء على الفاء، والله أَعلم.
حري: حَرَى الشيءُ يَحْرِي حَرْياً: نَقَصَ، وأَحْرَاه الزمانُ. الليث:
الحَرْيُ النُّقصان بعد الزيادة. يقال: إِنه يَحْرِي كما يَحْرِي القمرُ
حَرْياً يَنْقُصُ الأَوّل منه فالأَول؛ وأَنشد شمر:
ما زَالَ مَجْنُوناً على اسْتِ الدَّهْرِ،
في بَدَنٍ يَنْمِي وعَقْلٍ يَحْرِي
وفي حديث وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم: فما زال جِسْمُه يَحْرِي أَي
يَنْقُص. ومنه حديث الصِّديق، رضي الله عنه: فما زال جِسْمُه يَحْرِي بعد
وفاةِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى لَحِقَ به. وفي حديث عمرو بن
عَبْسَة: فإِذا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مُسْتَخْفِياً حِراءٌ
عليه قومُه أَي غِضَابٌ ذَوُو هَمٍّ وغَمٍّ قد انْتَقَصَهم أَمْرُه وعِيلَ
صَبْرُهم به حتى أَثَّر في أَجْسامهم.
والحارِيَةُ: الأَفْعى التي قد كبِرتْ ونَقَص جسمها من الكِبَر ولم يبق
إِلا رأْسُها ونَفَسُها وسَمُّها، والذَّكر حارٍ؛ قال:
أَو حارِياً من القُتَيْراتِ الأُوَلْ،
أَبْتَرَ قِيدَ الشِّبرِ طُولاً أَو أَقَلْ
وأَنشد شمر:
انْعَتْ على الجَوْفاءِ في الصُّبْح الفَضِحْ
حوَيْرِياً مثلَ قَضِيبِ المُجْتَدِحْ
والحَراة: الساحةُ والعَقْوَةُ والناحيةُ، وكذلك الحَرَا، مقصور. يقال:
اذْهَبْ فلا أَرَيَنَّكَ بِحَرايَ وحَرَاتِي. ويقال: لا تَطُرْ حَرَانا
أَي لا تَقْرَبْ ما حولنا. وفي حديث رجل من جُهَينة: لم يكن زيد بنُ خالد
يَقْرَبه بِحَراهُ سُخْطاً لله عز وجل؛ الحَرَا، بالفتح والقصر: جَنابُ
الرجل. والحَرَا والحَرَاةُ: ناحيةُ الشيء. والحَرَا: موضع البَيْض؛
قال:بَيْضَةٌ ذادَ هَيْقُها عن حَرَاها
كُلَّ طارٍ عليه أَن يَطْراها
هو الأُفْحُوصُ والأُدْحِيُّ، والجمع أَحْراء. والحَرَا: الكِناسُ.
التهذيب: الحَرَا كُلُّ موضع لظَبْيٍ يأْوِي إِليه. الأَزهري: قال الليث في
تفسير الحَرَا إِنه مَبِيضُ النَّعام أَو مأْوَى الظَّبْي، وهو باطل،
والحَرَا عند العرب ما رواه أَبو عبيد عن الأَصمعي: الحَرَا جَنابُ الرجل وما
حوله، يقال: لا تَقْرَبَنَّ حَرَانا. ويقال: نزل بحَراهُ وعَرَاهُ إِذا
نزل بساحته. وحَرَا مَبِيضِ النَّعامِ: ما حَوْله، وكذلك حَرَا كِناسِ
الظَّبْي ما حَوْله. والحَرَا: موضعُ بَيْضِ اليَمامة. والحَرَا والحَرَاة:
الصوتُ والجَلَبة وصوتُ التِهاب النار وحَفيفُ الشجر، وخَصَّ ابن
الأَعرابي به مرةً صوتَ الطير. وحَرَاةُ النار، مقصورٌ: التهابها؛ ذكره جماعة
اللغويين؛ قال ابن بري: قال علي بن حمزة هذا تصحيف وإِنما هو الخَوَاة،
بالخاء والواو، قال: وكذا قال أَبو عبيد الخَوَاة بالخاء والواو.
والحَرَى: الخَلِيقُ كقولك بالحَرَى أَن يكون ذلك، وإِنه لَحَرىً بكذا
وحَرٍ وحَرِيٌّ، فمن قال حَرىً لم يغيره عن لفظه فيما زاد على الواحد
وسَوَّى بين الجِنْسين، أَعني المذكر والمؤنث، لأَنه مصدر؛ قال الشاعر:
وهُنَّ حَرىً أَن لا يُثِبْنَكَ نَقْرَةً،
وأَنتَ حَرىً بالنارِ حينَ تُثِيبُ
ومن قال حَرٍ وحَرِيٌّ ثَنَّى وجمع وأَنث فقال: حَرِيانِ وحَرُونَ
وحَرِيَة وحَرِيَتانِ وحَرِياتٌ وحَرِيَّانِ وحَرِيُّونَ وحَرِيَّة
وحَرِيَّتانِ وحَرِيَّاتٌ. وفي التهذيب: وهم أَحْرِياء بذلك وهُنَّ حَرَايَا وأَنتم
أَحْراءٌ، جمع حَرٍ. وقال اللحياني: وقد يجوز أَن تثني ما لا تجمع لأَن
الكسائي حكى عن بعض العرب أَنهم يثنون ما لا يجمعون فيقول إِنهما
لحَرَيانِ أَن يفعلا؛ وكذلك رُوِيَ بيتُ عَوْفِ بن الأَحْوصِ
الجَعْفَرِي:أَوْدَى بَنِيَّ فَما بِرَحْلِي مِنْهُمُ
إِلا غُلاما بَيَّةٍ ضَنَيانِ
بالفتح، كذا أَنشده أَبو علي الفارسي وصرح بأَنه مفتوح؛ قال ابن بري
شاهدُ حَرِيّ قولُ لبيد:
من حَياةٍ قد سَئِمْنا طُولَها،
وحَرِيٌّ طُولُ عَيْشٍ أَن يُمَلّْ
وفي الحديث: إِنَّ هذا لَحرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَن يَنْكِحَ. يقال: فلان
حَرِيٌّ بكذا وحَرىً بكذا وحَرٍ بكذا وبالحَرَى أَن يكون كذا أَي جَديرٌ
وخَلِيقٌ. ويُحَدِّثُ الرجلُ الرجلَ فيقولُ: بالحَرَى أَن يكون، وإِنه
لمَحْرىً أَن يفعل ذلك؛ عن اللحياني. وإِنه لمَحْراة أَن يفعلَ، ولا يثنى
ولا يجمع ولا يؤنث كقولك مَخْلَقة ومَقْمَنة. وهذا الأَمر مَحْراةٌ لذلك
أَي مَقْمنة مثل مَحْجَاة. وما أَحْراه: مثل ما أَحْجاه، وأَحْرِ به: مِثْل
أَحْجِ به؛ قال:
ومُسْتَبْدِلٍ من بَعْدِ غَضْيَا صُرَيْمَةً،
فأَحْرِ به لطُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيَا
أَي وأَحْرِيَنْ، وما أَحْراهُ به؛ وقال الشاعر:
فإِن كنتَ تُوعِدُنا بالهِجاء،
فأَحْرِ بمَنْ رامَنا أَن يَخِيبَا
وقولهم في الرجل إِذا بلغ الخمسين حَرىً؛ قال ثعلب: معناه هو حَرىً أَن
يَنالَ الخيرَ كله. وفي الحديث: إِذا كان الرجلُ يَدْعُو في شَبِيبَتِه
ثم أَصابه أَمرٌ بعدَما كَبِرَ فبالحَرَى أَن يُسْتجابَ له.
ومن أَحْرِ به اشْتُقَّ التَّحَرِّي في الأَشياء ونحوها، وهو طَلَبُ ما
هو أَحْرَى بالاستعمال في غالب الظن، كما اشتق التَّقَمُّن من القَمِين.
وفلان يتَحَرَّى الأَمرَ أَي يتَوَخّاه ويَقْصِده. والتَّحَرِّي: قصْدُ
الأَوْلى والأَحَقِّ، مأْخوذ من الحَرَى وهو الخَليقُ، والتَّوَخِّي مثله.
وفي الحديث: تحَرَّوْا ليلةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأَواخِر أَي
تعَمَّدوا طلبها فيها. والتَّحَرِّي: القَصْدُ والاجتهادُ في الطلب والعزمُ على
تخصيص الشيء بالفعل والقول؛ ومنه الحديث: لا تتَحَرَّوْا بالصلاة طلوعَ
الشمسِ وغروبَها. وتحَرَّى فلانٌ بالمكان أَي تمكَّث. وقوله تعالى:
فأُولئك تحرَّوْا رَشَداً؛ أَي توَخَّوْا وعَمَدُوا، عن أَبي عبيد؛ وأَنشد
لامرئ القيس:
دِيمةٌ هَطْلاء فيها وطَفٌ،
طَبَقُ الأَرضِ تحَرَّى وتَدُِرْ
وحكى اللحياني: ما رأَيتُ من حَرَاتِه وحَرََاه، لم يزد على ذلك شيئاً.
وحَرَى أَن يكون ذاك: في معنى عسَى. وتحَرَّى لك: تعَمَّده.
وحِرَاء، بالكسر والمد: جبل بمكة معروف، يذكر ويؤَنث. قال سيبويه: منهم
من يصرفه ومنهم من لا يصرفه يجعله اسماً للبقعة؛ وأَنشد:
ورُبَّ وَجْهٍ مِن حِرَاءٍ مُنْحَن
وأَنشد أَيضاً:
ستَعْلم أَيَّنا خيراً قديماً،
وأَعْظَمَنا ببَطْنِ حِرَاءَ نارا
قال ابن بري: هكذا أَنشده سيبويه. قال: وهو لجرير؛ وأَنشده الجوهري:
أَلسْنا أَكرَمَ الثَّقَلَيْنِ طُرّاً،
وأَعْظَمَهم ببطْن حِراءَ نارا
قال الجوهري: لم يصرفه لأَنه ذهب به إِلى البلدة التي هو بها. وفي
الحديث: كان يتَحَنَّثُ بحِراءٍ، هو بالكسر والمد جبل من جبال مكة. قال
الخطابي: كثير من المحدّثين يَغْلَطون فيه فيفْتَحون حاءه ويَقْصُرونه
ويُميلونه، ولا تجوز إِمالته لأَن الراء قبل الأَلف مفتوحة، كما لا تجوز إِمالة
راشد ورافع.
ابن سيده: الحَرْوةُ حُرْقةٌ يَجِدُها الرجلُ في حَلْقه وصَدْره ورأْسه
من الغَيْظ والوَجَع. والحَرْوة: الرائحة الكريهة مع حِدَّةٍ في
الخَياشِيم. والحَرْوَةُ والحَراوةُ: حَرَافةٌ تكون في طَعْم نحو الخَرْدل وما
أَشبهه حتى يقالُ: لهذا الكُحْل حَرَاوة ومَضاضَة في العين. النضر:
الفُلْفُل له حَرَاوة، بالواو، وحَرَارة، بالراء. يقال: إِني لأَجد لهذا الطعام
حَرْوة وحَرَاوة أَي حَرارة، وذلك من حَرافةِ شيء يؤْكل. قال الأَزهري:
ذكر الليث الحِرَّ في المعتل ههنا، وبابُ المضاعف أَولى به، وقد ذكرناه في
ترجمة حرح وفي ترجمة رحا. يقال: رَحَاه إِذا عَظَّمه، وحَرَاه إِذا
أَضاقَه، والله أعلم.
حين: الحِينُ: الدهرُ، وقيل: وقت من الدَّهر مبهم يصلح لجميع الأَزمان
كلها، طالت أَو قَصُرَتْ، يكون سنة وأَكثر من ذلك، وخص بعضهم به أَربعين
سنة أَو سبع سنين أَو سنتين أَو ستة أَشهر أَو شهرين. والحِينُ: الوقتُ،
يقال: حينئذ؛ قال خُوَيْلِدٌ:
كابي الرَّمادِ عظيمُ القِدْرِ جَفْنَتُه،
حينَ الشتاءِ، كَحَوْضِ المَنْهَلِ اللَّقِفِ.
والحِينُ: المُدَّة؛ ومنه قوله تعالى: هل أَتى على الإنسان حينٌ من
الدَّهِرِ. التهذيب: الحِينُ وقت من الزمان، تقول: حانَ أَن يكون ذلك، وهو
يَحِين، ويجمع على الأَحيانِ، ثم تجمع الأَحيانُ أَحايينَ، وإذا باعدوا بين
الوقتين باعدوا بإِذ فقالوا: حِينَئذٍ، وربما خففوا همزة إذا فأَبدلوها
ياء وكتبوها بالياء. وحانَ له أَن يَفْعَلَ كذا يَحِينُ حيناً أَي آنَ.
وقوله تعالى: تُؤْتي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بإِذن ربِّها؛ قيل: كلَّ سنةٍ،
وقيل: كُلَّ ستة أَشهر، وقيل: كُلَّ غُدْوةٍ وعَشِيَّة. قال الأَزهري:
وجميع من شاهدتُه من أَهل اللغة يذهب إلى أَن الحِينَ اسم كالوقت يصلح
لجميع الأَزمان، قال: فالمعنى في قوله عز وجل: تؤتي أُكلها كل حين، أَنه
ينتفع بها في كل وقت لا ينقطع نفعها البتة؛ قال: والدليل على أَن الحِينَ
بمنزلة الوقت قول النابغة أَنشده الأَصمعي:
تَناذَرَها الراقونَ من سَوْءِ سَمِّها،
تُطَلِّقه حِيناً، وحِيناً تُراجِعُ.
المعنى: أَن السم يَخِفُّ أَلَمُه وقْتاً ويعود وقتاً. وفي حديث ابن
زِمْلٍ: أَكَبُّوا رَواحِلَهم في الطريق وقالوا هذا حِينُ المَنْزِلِ أَي
وقت الرُّكُونِ إلى النُّزُولِ، ويروى خَيْرُ المنزل، بالخاء والراء. وقوله
عز وجل: ولَتَعْلَمُنَّ نبأَه بعد حِينٍ؛ أَي بعد قيام القيامة، وفي
المحكم أَي بعد موت؛ عن الزجاج. وقوله تعالى: فتَوَلَّ عنهم حتى حِينٍ؛ أَي
حتى تنقضي المُدَّةُ التي أَُمْهِلوا فيها، والجمع أَحْيانٌ، وأَحايينُ
جمع الجمع، وربما أَدخلوا عليه التاء وقالوا لاتَ حِينَ بمعنى ليس حِينَ.
وفي التنزيل العزيز: ولاتَ حِينَ مَناصٍ؛ وأَما قول أَبي وَجْزة:
العاطِفُونَ تَحِينَ ما من عاطفٍ،
والمُفْضِلونَ يَداً، إذا ما أَنْعَمُوا.
قال ابن سيده: قيل إنه أراد العاطِفُونَ مثل القائمون والقاعدون، ثم إنه
زاد التاء في حين كما زادها الآخر في قوله:
نَوِّلِي قبل نَأْي دَارِي جُماناً،
وصِلِينا كما زَعَمْتِ تَلانا.
أَراد الآن، فزاد التاء وأَلقى حركة الهمزة على ما قبلها. قال أَبو زيد:
سمعت من يقول حَسْبُكَ تَلانَ، يريد الآن، فزاد التاء، وقيل: أَراد
العاطفونَهْ، فأَجراه في الوصل على حدّ ما يكون عليه في الوقف، وذلك أَنه
يقال في الوقف: هؤلاء مسلمونهْ وضاربونَهْ فتلحق الهاء لبيان حركة النون،
كما أَنشدوا:
أَهكذَا يا طيْب تَفْعَلُونَهْ،
أَعَلَلاَ ونحن مُنْهِلُونَهْ؟
فصار التقدير العاطفونه، ثم إنه شبه هاء الوقف بهاء التأْنيث، فلما
احتاج لإقامة الوزن إلى حركة الهاء قلبها تاء كما تقول هذا طلحه، فإذا وصلت
صارت الهاء تاء فقلت: هذا طلحتنا، فعلى هذا قال العاطفونة، وفتحت التاء
كما فتحت في آخر رُبَّتَ وثُمَّتَ وذَيْتَ وكَيْتَ؛ وأَنشد الجوهري
(* قوله
«وأنشد الجوهري إلخ» عبارة الصاغاني هو إنشاد مداخل والرواية:
العاطفون تحين ما من عاطف، * والمسبغون يداً
إذا ما أنعموا
والمانعون من الهضيمة جارهم، * والحاملون إذا العشيرة
تغرم
واللاحقون جفانهم قمع الذرى * والمطعمون زمان أين
المطعم.).
بيت أَبي وجزة:
العاطِفُونَ تَحِينَ ما من عاطفٍ،
والمُطْعِمونَ زمانَ أَيْنَ المُطْعِمُ
المُطْعِمُ قال ابن بري: أَنشد ابن السيرافي:
فإِلَى ذَرَى آلِ الزُّبَيْرِ بفَضْلِهم،
نِعْمَ الذَّرَى في النائياتِ لنا هُمُ
العاطفون تَحِينَ ما من عاطِفٍ،
والمُسْبِغُونَ يداً إذا ما أنْعَمُوا
قال: هذه الهاء هي هاء السكت اضطر إلى تحريكها؛ قال ومثله:
همُ القائلونَ الخيرَ والآمِرُونَهُ،
إذا ما خَشُوا من مُحْدَثِ الأَمْرِ مُعْظَما.
وحينئذٍ: تَبْعيدٌ لقولك الآن. وما أَلقاه إلا الحَِيْنَة بعد
الحَِيْنَةِ أَي الحِينَ بعد الحِينِ. وعامله مُحايَنَةً وحِياناً: من الحينِ؛
الأَخيرة عن اللحياني، وكذلك استأْجره مُحايَنَةً وحِياناً؛ عنه أَيضاً.
وأَحانَ من الحِين: أَزْمَنَ. وحَيَّنَ الشيءَ: جعل له حِيناً. وحانَ حِينُه
أَي قَرُبَ وَقْتُه. والنَّفْسُ قد حانَ حِينُها إذا هلكت؛ وقالت
بُثَيْنة:
وإنَّ سُلُوِّي عن جَميلٍ لساعَةٌ،
من الدَّهْرِ، ما حانَتْ ولا حانَ حِينُها.
قال ابن بري: لم يحفظ لبثينة غير هذا البيت؛ قال: ومثله لمُدْرِك بن
حِصْنٍ:
وليسَ ابنُ أُنْثى مائِتاً دُونَ يَوْمِهِ،
ولا مُفْلِتاً من مِيتَةٍ حانَ حِينُها.
وفي ترجمة حيث: كلمة تدل على المكان، لأَنه ظرف في الأَمكنة بمنزلة
حِينٍ في الأَزمنة. قال الأَصمعي: ومما تُخْطِئُ فيه العامَّةُ والخاصة باب
حين وحيث، غَلِطَ فيه العلماء مثل أَبي عبيدة وسيبويه؛ قال أَبو حاتم:
رأَيت في كتاب سيبويه أَشياء كثيرة يجعل حين حيث، وكذلك في كتاب أَبي عبيدة
بخطه؛ قال أَبو حاتم: واعلم أَن حين وحيث ظرفان، فحين ظرف من الزمان،
وحيث ظرف من المكان، ولكل واحد منهما حدّ لا يجاوزه، قال: وكثير من الناس
جعلوهما معاً حيث، قال: والصواب أَن تقول رأَيت حيث كنت أَي في الموضع
الذي كنت فيه، واذْهَب حيث شئت أَي إلى أَي موضع شئت. وفي التنزيل العزيز:
وكُلا من حيث شِئْتُما. وتقول: رأَيتك حينَ خرج الحاجُّ أَي في ذلك الوقت،
فهذا ظرف من الزمان، ولا تقل حيث خرج الحاج. وتقول: ائتِني حينَ
مَقْدَمِ الحاجِّ، ولا يجوز حيثُ مَقْدَم الحاج، وقد صير الناس هذا كله حيث،
فلْيَتَعَهَّدِ الرجلُ كلامه، فإِذا كان موضعٌ يَحْسُنُ فيه أَيْنَ وأَيُّ
موضع فهو حيثُ، لأَن أَيْنَ معناه حيث، وقولهم حيث كانوا وأَين كانوا
معناهما واحد، ولكن أَجازوا الجمع بينهما لاختلاف اللفظين، واعلم أَنه
يَحْسُن في موضع حينَ لَمَّا وإذ وإذا ووقت ويوم وساعة ومتى، تقول: رأَيتك لما
جئت، وحينَ جئت، وإذْ جئت، وقد ذكر ذلك كله في ترجمة حيث. وعَامَلْته
مُحايَنة: مثل مُساوَعة. وأَحْيَنْتُ بالمكان إذا أَقمت به حِيناً. أَبو
عمرو: أَحْيَنَتِ الإبلُ إذا حانَ لها أَن تُحْلَب أَو يُعْكَم عليها. وفلان
يفعل كذا أَحياناً وفي الأَحايِينِ. وتَحَيَّنْتُ رؤية فلان أَي
تَنَظَّرْتُه. وتَحيَّنَ الوارِشُ إذا انتظر وقت الأَكل ليدخل. وحَيَّنْتُ
الناقة إذا جعلت لها في كل يوم وليلة وقتاً تحلبها فيه. وحَيَّنَ الناقةَ
وتَحَيَّنها: حَلَبها مرة في اليوم والليلة، والاسم الحَِينَةُ؛ قال
المُخَبَّلُ يصف إبلاً:
إذا أُفِنَتْ أَرْوَى عِيالَكَ أَفْنُها،
وإن حُيِّنَتْ أَرْبَى على الوَطْبِ حَينُها.
وفي حديث الأَذان: كانوا يَتَحَيَّنُون وقتَ الصلاة أَي يطلبون حِينَها.
والحينُ: الوقتُ. وفي حديث الجِمارِ: كنا نَتَحَيَّنُ زوالَ الشمس. وفي
الحديث: تَحَيَّنُوا نُوقَكم؛ هو أَن تَحْلُبها مرة واحدة وفي وقت معلوم.
الأَصمعي: التَّحَيينُ أَن تحْلُبَ الناقة في اليوم والليلة مرة واحدةً،
قال: والتَّوْجِيبُ مثله وهو كلام العرب. وإبل مُحَيَّنةٌ إذا كانت لا
تُحْلَبُ في اليوم والليلة إلا مرة واحدة، ولا يكون ذلك إلاَّ بعدما
تَشُولُ وتَقِلُّ أَلبانُها. وهو يأْكل الحِينةَ والحَيْنة أَي المرّة الواحدة
في اليوم والليلة، وفي بعض الأُصول أَي وَجْبَةً في اليوم لأَهل الحجاز،
يعني الفتح. قال ابن بري: فرق أَبو عمرو الزاهد بين الحَيْنةِ والوجبة
فقال: الحَيْنة في النوق والوَجْبة في الناس، وكِلاهما للمرة الواحدة،
فالوَجْبة: أَن يأْكل الإنسان في اليوم مرة واحدة، والحَيْنة: أَن تَحْلُبَ
الناقة في اليوم مرة. والحِينُ: يومُ القيامة. والحَيْنُ، بالفتح:
الهلاك؛ قال:
وما كانَ إِلا الحَيْنُ يومَ لِقائِها،
وقَطْعُ جَديدِ حَبْلِها من حِبالكا.
وقد حانَ الرجلُ: هَلَك، وأَحانه الله. وفي المثل: أَتَتْكَ بحائنٍ
رِجْلاه. وكل شيء لم يُوَفَّق للرَّشاد فقد حانَ. الأَزهري: يقال حانَ
يَحِينُ حَيْناً، وحَيَّنَه الله فتَحَيَّنَ. والحائنةُ: النازلة ذاتُ الحَين،
والجمع الحَوائنُ؛ قال النابغة:
بِتَبْلٍ غَيْرِ مُطَّلَبٍ لَدَيْها،
ولكِنَّ الحَوائنَ قد تَحِينُ
وقول مُلَيح:
وحُبُّ لَيْلى ولا تَخْشى مَحُونَتَهُ
صَدْعٌ بنَفْسِكَ مما ليس يُنْتَقَدُ.
يكون من الحَيْنِ، ويكون من المِحْنةِ. وحانَ الشيءُ: قَرُبَ. وحانَتِ
الصلاةُ: دَنَتْ، وهو من ذلك. وحانَ سنْبُلُ الزرع: يَبِسَ فآنَ حصادُه.
وأَحْيَنَ القومُ: حانَ لهم ما حاولوه أَو حان لهم أَن يبلغوا ما
أَمَّلوه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
كيفَ تَنام بعدَما أَحْيَنَّا.
أَي حانَ لنا أَن نَبْلُغَ. والحانَةُ: الحانُوتُ؛ عن كراع. الجوهري:
والحاناتُ المواضع التي فيها تباع الخمر. والحانِيَّةُ: الخمر منسوبة إلى
الحانة، وهو حانوتُ الخَمَّارِ، والحانوتُ معروف، يذكر ويؤنث، وأَصله
حانُوَةٌ مثل تَرْقُوَةٍ، فلما أُسكنت الواو انقلبت هاء التأْنيث تاء، والجمع
الحَوانيتُ لأَن الرابع منه حرف لين، وإنما يُرَدُّ الاسمُ الذي جاوز
أَربعة أَحرف إلى الرباعي في الجمع والتصفير، إذا لم يكن الحرف الرابع منه
أَحد حروف المدّ واللين؛ قال ابن بري: حانوتٌ أَصله حَنَوُوت، فقُدِّمت
اللام على العين فصارت حَوَنُوتٌ، ثم قلبت الواو أَلفاً لتحرُّكها وانفتاح
ما قبلها فصارت حانُوتٍ، ومثل حانُوت طاغُوتٌ، وأَصله طَغَيُوتٌ، والله
أَعلم.
عرن: العَرَنُ والعُرْنَةُ: داء يأْخُذُ الدابة في أُخُرِ رجلها
كالسَّحَج في الجلد يُذْهِبُ الشَّعر، وقيل: هو تَشَقُّق يُصِيبُ الخَيْل في
أَيديها وأَرجلها، وقيل: هو جُسُوءِ يحدث في رُسْغِ رجل الفرس والدابة وموضع
ثُنَّتِها من أُخُرٍ للشيء يصيبه فيه من الشُّقاقِ أَو المَشَقَّة من
أَن يَرْمَحَ جَبَلاً أَو حجراً، وقد عَرِنَتْ تَعْرَنُ عَرَناً، فهي
عَرِنة وعَرُونٌ، وهو عَرِنٌ؛ وعَرِنَتْ رجلُ الدابة، بالكسر، والعَرَنُ
أَيضاً: شبيه بالبَثْرِ يَخْرُجُ بالفِصال في أَعناقها تَحْتكُّ منه، وقيل:
قَرْحٌ يخرج في قوائمها وأَعناقها، وهو غير عَرَنِ الدواب، والفعل كالفعل.
وأَعَرَنَ الرجلُ إذا تشَقَّقتْ سيقانُ فُصْلانه، وأَعْرَنَ إذا وقَعَتِ
الحِكَّة في إِبله؛ قال ابن السكيت: هو قَرْحٌ يأْخذه في عنقه فيحتك منه
وربما بَرَكَ إلى أَصل شجرة واحْتَكَّ بها، قال: ودواؤه أَن يُحْرَقَ
عليه الشحمُ؛ قال ابن بري: ومنه قول رؤبة:
يَحُكُّ ذِفْراهُ لأَصحابِ الضَّفَنْ،
تَحَكُّكَ الأَجرَبِ يأْذَى بالعَرَنْ
والعَرَنُ: أَثرُ المَرَقة في يد الآكل؛ عن الهَجريِّ. والعِرَانُ: خشبة
تُجْعَلُ في وَتَرةِ أَنف البعير وهو ما بين المَنْخِرَين، وهو الذي
يكون للبَخاتيِّ، والجمع أَعْرِنة. وعَرَنَه يَعْرُنُه ويَعْرِنُه عَرْناً:
وضع في أَنفه العِرَانَ، فهو مَعْرُونٌ. وعُرِنَ عَرْناً: شكا أَنفه من
العِرَان. الأَصمعي: الخشاشُ ما يكون من عُود أَو غيره يجعل في عظم أَنف
البعير، والعِرانُ ما كان في اللحم فوق الأَنف؛ قال الأَزهري: وأَصل هذا
من العَرَنِ والعَرِين، وهو اللحم. والعِرانُ: المِسْمارُ الذي يضم بين
السِّنانِ والقَناة؛ عن الهَجريِّ. والعَرِينُ: اللحم؛ قالت غادِيَةُ
الدُّبيريَّةُ:
مُوَشِّمةُ الأَطرافِ رَخْصٌ عَرِينُها.
وهذا العجز أورده ابن سِيدَهْ والأَزهري منسوباً لغاديةَ الدُّبيرية كما
ذكرناه، وأَورده الجوهري مهملاً لم ينسبه إلى أَحد، وقال ابن بري: هو
لمُدْرِكِ بن حِصْنٍ، قال: وهو الصحيح؛ وجملة البيت:
رَغا صاحِبي، عندَ البُكاءِ، كما رَغَتْ
مُوَشَّمَةُ الأَطرافِ رَخْصٌ عَرِينُها.
قال: وأَنشده أَبو عبيدة في نوادر الأَسماء؛ وأَنشد بعده:
من المُلْحِ لا يُدْرَى أَرجْلُ شِمالِها،
بها الظَّلْعُ لما هَرْوَلتْ، أَم يمينُها.
وفي شعره: موشمة الجنبين؛ وأَراد بالمُوشَّمة الصَّبْغَ، والأَمْلَحُ:
بين الأَبيض والأَسود، والتَّوشُّمُ: بياضٌ وسواد يكون فيه كهيئة الوَشْمِ
في يد المرأَة، والرَّخْصُ: الرَّطْبُ الناعم، وقيل: العَرِينُ اللحم
المَطْبُوخ. ابن الأَعرابي: أَعْرَنَ إذا دام على أَكل العَرَنِ، قال: وهو
اللحم المطبوخ. والعَرِينُ والعَرِينَةُ: مأْوى الأَسد الذي يأْلفه.
يقال: ليثُ عرينَةٍ وليْثُ غابةٍ، وأَصلُ العَرين جماعة الشَّجر؛ قال ابن
سيده: العَرينة مأْوى الأَسد والضبع والذئب والحية؛ قال الطرّمّاح يصف
رَحْلاً:
أَحَمَّ سَراةِ أَعْلى اللَّوْنِ منه،
كلَوْنِ سَرَاةِ ثُعْبانِ العَرينِ.
وقيل: العَرينُ الأَجَمةُ ههنا؛ قال الشاعر:
ومُسَرْبلٍ حَلَقَ الحديدِ مُدَجِّجٍ،
كاللَّيْثِ بين عَرينَةِ الأَشْبالِ.
هكذا أَنشده أَبو حنيفة: مُدَجِّجٍ، بالكسر، والجمع عُرُنٌ. والعَرينُ:
هَشيمُ العِضاهِ. والعرينُ: جماعة الشَّجر والشَّوْكِ والعِضاهِ، كان
فيه أَسد أَو لم يكن. والعَرينُ والعِرَانُ: الشَّجر المُنْقاد المُسْتطيل.
والعَرين: الفِناء. وفي الحديث: أَن بعض الخُلفاء دفن بعَرينِ مكة أَي
بفنائها، وكان دفن عند بئر مَيْمُون. والعَرينُ في الأَصل: مأْوى الأَسد،
شبهت به لعزها ومَنَعتِها، زادها الله عزّاً ومَنَعةً. والعَرينُ: صياحُ
الفاختة؛ أَنشد الأَزهري في ترجمة عزهل:
إذا سَعْدانةُ السََّعفاتِ ناحَتْ
عَزَاهِلُها، سَمِعْتَ لها عَرِينا.
العَرينُ: الصوتُ. والعِرَانُ: القِتالُ. والعِرانُ: الدار البعيدة.
والعِرانُ: البُعْدُ وبُعْدُ الدار. يقال: دارهم عارِنَة أَي بعيدة.
وعَرَنَتِ الدارُ عِراناً: بَعُدَتْ وذهبت جهة لا يريدها من يحبه. ودِيارٌ
عِرَانٌ: بعيدة، وُصِفَتْ بالمصدر؛ قال ابن سيده: وليست عندي بجمع كما ذهب
إليه أَهل اللغة؛ قال ذو الرمة:
أَلا أَيُّها القلْبُ الذي بَرَّحَتْ به
منازِلُ مَيٍّ، والعِرانُ الشَّواسِعُ.
وقيل: العِرَان في بيت ذي الرمة هذا الطُّرُقُ لا واحد لها. ورجل
عِرْنةٌ: شديد لا يطاق، وقيل: هو الصِّرِّيعُ. الفراء: إذا كان الرجل صِرِّيعاً
خبيثاً قيل: هو عِرْنةٌ لا يُطاق؛ قال ابن أَحمر يصف ضَعْفَه:
ولسْتُ بِعِرْنةٍ عَرِكٍ، سلاحي
عَصاً مَثْقُوفَةٌ تَقِصُ الحِمارَا.
يقول: لست بقَوِيٍّ، ثم ابتدأَ فقال: سلاحي عصاً أَسوق بها حماري ولست
بمُقْرِنٍ لقِرْني. قال ابن بري في العِرْنةِ الصِّرِّيعِ، قال: هو مما
يمدح به، وقد تكون العِرْنةُ مما يُذَم به، وهو الجافي الكَزّ. وقال أَبو
عمرو الشَّيْبانيّ: هو الذي يَخْدُمُ البيوتَ. ورُمْحٌ مُعَرَّنٌ:
مُسَمَّرُ السِّنانِ، قال الجوهري: رُمْحٌ مُعَرَّنٌ إذا سُمِّر سِنانُه
بالعِرانِ، وهو المِسمارُ. والعَرَنُ: الغَمَرُ. والعَرَنُ: رائحة لحم له
غَمَرٌ؛ حكى ابن الأَعرابي: أَجِدُ رائحة عَرَنِ يديك أَي غَمَرَهما، وهو
العَرَمُ أَيضاً. والعَرَنَ والعِرْنُ: ريح الطبيخ؛ الأُولى عن كراع. ورجل
عَرِنٌ: يلزَم الياسِرَ حتى يَطْعَمَ من الجَزُورِ. وعِرْنَينُ كل شيء:
أَوَّله. وعِرْنينُ الأَنف: تحت مُجْتَمَع الحاجبين، وهو أَول الأَنف حيث
يكون فيه الشَّمَمُ. يقال: هم شُمُّ العَرانينِ، والعِرْنينُ الأَنف كله؛
وقيل: هو ما صَلُبَ من عَظْمِه؛ قال ذو الرمة:
تَثْني النِّقابَ على عِرْنِينِ أَرْنَبةٍ
شَمّاءَ، مارِنُها بالمِسْكِ مَرْثُومُ
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أقْنى العِرْنينِ أَي الأََنف، وقيل:
رأْس الأنف. وفي حديث علي، عليه السلام: من عَرانين أُنوفها؛ وفي قصيد كعب:
شُمُّ العَرانينِ أَبْطالٌ لَبُوسُهُمُ
واستعاره بعض الشعراء للدهر فقال:
وأَصبَحَ الدهرُ ذو العِرْنين قد جُدِعا.
وجمعه عَرانينُ. وعَرانِينُ الناس: وُجوهُهم. وعَرانِينُ القوم: سادتهم
وأَشرافُهم على المَثل؛ قال العجاج يذكر جيشاً:
تَهْدي قُداماهُ عَرانِينُ مُضَرْ.
والعُرانية: مَدُّ السيل: قال عَديُّ بن زيد العبّادي:
كانتْ رياحٌ، وماءٌ ذو عُرانيةٍ،
وظُلْمةٌ لم تَدَعْ فَتْقاً ولا خَلَلا
وماء ذو عُرانية إذا كثر وارتفع عُبابُه. والعُرانية، بالضم: ما يرْتفع
في أَعالي الماء من غَوارِب المَوْج. وعَرانينُ السحاب: أَوائلُ مطره؛
ومنه قول امرئ القيس يصف غيثاً:
كأَنَّ ثَبِيراً في عَرانِينَ وَدْقِه،
من السَّيل والغُثَّاءِ، فلكةُ مِغْزل
(* ويروى: وبله بدل ودقه والمعنى واحد).
والعِرْنةُ: عُروق العَرَتُنِ، وفي الصحاح: عُروق العَرَنْتُنِ.
والعِرْنة: شجرُ الظِّمْخِ يجيء أَديمه أَحمر. وسِقاءٌ معْرون ومُعَرَّنٌ: دبغ
بالعِرْنة، وهو خشب الظِّمخ؛ قال ابن السكيت: هو شجر يشبه العوسج إلا أَنه
أَضخم منه، وهو أَثِيتُ الفَرْعِ وليس له سُوقٌ طِوالٌ، يُدَقُّ ثم
يُطبَخ فيجيء أَديمه أَحمر. وقال شمر: العَرَتُنُ، بضم التاء، شجر، واحدتها
عَرَتُنة. ويقال: أَديم مُعَرْتَنٌ. قال الأَزهري: الظِّمْخُ واحدتها
ظِمْخةٌ، وهو العِرْنُ، واحدتها عِرْنة، شجرة على صورة الدُّلْب تُقْطع منه
خُشُب القصَّارين التي تُدْفن، ويقال لبائعها: عَرَّانٌ. وحكى ابن بري عن
ابن خالويه: العِرْنة الخشبة المدفونة في الأَرض التي يَدُقُّ عليها
القصّار، وأَما التي يدق بها فاسمها المِئجَنة والكِدْنُ. وعُرَيْنة وعَرينٌ:
حيّان. قال الأَزهري: عُرَينة حيٌّ من اليمن. وعَرين: حيّ من تميم؛ ولهم
يقول جرير:
عَرِينٌ من عُرَيْنةَ ليس مِنَّا،
بَرِئْتُ إلى عُرَيْنَةَ من عَرينِ
قال ابن بري: عَرينُ بن ثعلبة بن يَرْبوع بن حنظلة بن مالك بن زيد
مَناةَ بن تميم، قال: وقال القَزّاز عَرين في بيت جرير هذا اسم رجل بعينه.
وقال الأَخفش: عَرينٌ في البيت هو ثعلبة بن يربوع، ومَعْرونٌ اسم، وكذلك
عُرَّان. وبنو عَرين: بطن من تميم. وعُرَينة، مصغر: بطن من بَجيلة. وعُرونة
وعُرَنة: موضعان. وعُرَنات: موضع دون عرفات إلى أَنصاب الحرَم؛ قال لبيد:
والفِيلُ يومَ عُرَناتٍ كَعْكَعا،
إذ أَزْمَعَ العُجْمُ به ما أَزْمَعا.
وعِرْنانُ: غائط واسع منخفض من الأَرض؛ قال امرؤ القيس:
كأَني ورَحْلي فوقَ أَحْقَبَ قارحٍ
بشُرْبةَ، أَوْ طاوٍ بعِرْنان مُوجِسِ.
وعِرانُ البَكْرة: عُودها ويُشَدُّ فيه الخُطَّافُ. ورَهْطٌ من
العُرَنِيِّين، مثال الجُهَنِيِّين: ارتدوا فقتلهم النبي، صلى الله عليه وسلم.
وعِرْنانُ: اسم جبل بالجَناب دون وادي القُرى إلى فَيْدٍ. وعِرْنان: اسم
واد معروف. وبطْنُ عُرَنة: واد بحذاء عرفات. وفي حديث الحج: وارْتفعُوا عن
بطنِ عُرَنة؛ هو بضم العين وفتح الراء، موضع عند الموقف بعرفات. وفي
الحديث: اقْتُلوا من الكلاب كلَّ أَسوَدَ بهيم ذي عُرْنَتين؛ العُرْنَتان:
النُّكْتتان اللتان تكونان فوق عين الكلب.