مهــل: الــمَهْــل والــمَهَــل والــمُهْــلة، كله: السَّكِينة والتُّؤَدة
والرِّفْق. وأَــمْهــله: أَنظره ورَفَق به ولم يعجل عليه. ومَهَّــله تــمْهِــيلاً:
أَجَّله. والاسْتِــمْهــال: الاستنظار. وتَــمَهَّــل في عمله: اتَّأَدَ. وكلُّ
ترفُّقٍ تــمَهُّــل. ورُزِق مَهْــلاً: رَكِب الذُّنوب والخَطايا فــمُهِّــل ولم
يُعْجَل. ومَهَــلَت الغنمُ إِذا رعت بالليل أَو بالنهار على مَهَــلِها.
والــمُهْــلُ: اسمٌ يجمع مَعْدِنِيَّات الجواهر. والــمُهْــل: ما ذاب من
صُفْرٍ أَو حديد، وهكذا فسر في التنزيل، والله أَعلم. والــمُهْــل والــمُهْــلة:
ضرْب من القَطِران ماهِيُّ رَقِيق يُشْبه الزيت، وهو يضرِب إِلى الصفرة من
مَهــاوَتِه، وهو دَسِم تُدْهَن به الإِبل في الشتاء؛ قال: والقَطِران
الخاثر لا يُهْنَأُ به، وقيل: هو دُرْدِيُّ الزيتِ، وقيل: هو العَكَر
المُغْلى، وقيل: هو رَقِيق الزيت، وقيل: هو عامَّته؛ وأَنشد ابن بري للأَفوه
الأَوْدِي:
وكأَنما أَسَلاتُهم مَهْــنوءةٌ
بالــمُهْــلِ، من نَدَبِ الكُلومِ إِذا جَرى
شبَّه الدمَ حين يَبِس بِدُرْدِيّ الزيت. وقوله عز وجل: يُغاثوا بماء
كالــمُهْــل؛ يقال: هو النُّحاس المذاب. وقال أَبو عمرو: الــمُهْــل دُرْدِيُّ
الزيت؛ قال: والــمُهْــل أَيضاً القَيْح والصَّدِيد.
ومَهَــلْت البعيرَ إِذا طليته بالخَضْخاض فهو مَــمْهــول؛ قال أَبو وجزة
(*
قوله «قال ابو وجزة» في التهذيب زيادة لفظ: يصف ثوراً).
صافي الأَديم هِجان غير مَذْبَحِه،
كأَنه بِدَم المَكْنان مَــمْهــول
وقال الزجاج في قوله عز وجل: يوم تكون السماء كالــمُهْــلِ، قال: الــمُهْــل
دُرْدِيُّ الزيت، قال الأَزهري: ومثله قوله: فكانت وَرْدةً كالدِّهانِ
(*
قوله «فكانت وردة كالدهان» في الازهري زيادة: جمع الدهن) قال أَبو إِسحق:
كالدِّهان أَي تَتَلوَّن كما يتلوَّن الدِّهان المختلفة، ودليل ذلك قوله
تعالى: كالــمُهْــل يَشْوي الوُجوه؛ فدَعا بفِضة فأَذابها فجَعلتْ تَميَّع
وتَلوَّن، فقال: هذا من أَشبَهِ ما أَنتم راؤون بالــمُهْــل؛ قال أَبو عبيد:
أَراد تأْويلَ هذه الآية. وقال الأَصمعي: حدَّثني رجل، قال وكان فصيحاً،
أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، أَوْصى في مرضه فقال: ادفِنوني في
ثَوْبَيَّ هذين فإِنهما للــمَهْــلةِ والتراب، بفتح الميم، وقال بعضهم: الــمِهْــلة،
بكسر الميم، وقالت العامرية: الــمُهْــل عندنا السُّمُّ. والــمُهْــل: الصديد
والدم يخرج فيما زعم يونس. والــمُهْــل: النحاس الذائب؛ وأَنشد:
ونُطْعمُ من سَدِيفِ اللحْم شِيزى،
إِذا ما الماءُ كالــمُهْــلِ الفَرِيغِ
وقال الفراء في قوله تعالى: وكانت الجبالُ كَثِيباً مَهِــيلاً؛ الكَثِيب
الرمل، والــمَهِــيل الذي يحرَّك أَسفله فيَنْهال عليه من أَعلاه، والــمَهِــيل
من باب المُعْتَلِّ. والــمُهْــل: ما يَتَحاتُّ عن الخُبزة من الرماد ونحوه
إِذا أُخرِجت من المَلَّة. قال أَبو حنيفة: الــمُهْــل بقيّة جَمْر في
الرماد تُبِينُه إِذا حرَّكته. ابن شميل: الــمُهْــل عندهم المَلَّة إِذا حَمِيت
جدًّا رأَيتها تَمُوج. والــمُهْــلُ والــمَهْــلُ والــمُهْــلةُ: صديد الميت. وفي
الحديث عن أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه أَوْصى في مرضه فقال: ادفِنوني
في ثوبيَّ هذين فإِنما هما للــمُهْــل التراب؛ قال أَبو عبيدة: الــمُهْــل في
هذا الحديث الصديدُ والقيحُ، قال: والــمُهْــل في غير هذا كلُّ فِلِزٍّ
أُذِيبَ، قال: والفِلِزُّ جواهرُ الأَرض من الذهب والفضة والنُّحاس، وقال أَبو
عمرو: الــمُهْــل في شيئين، هو في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه، القيحُ
والصديدُ، وفي غيره دُرْدِيُّ الزيت، لم يعرف منه إِلاَّ هذا، وقد قدَّمنا
أَنه روي في حديث أَبي بكر الــمُهْــلة والــمِهْــلة، بضم الميم
(* قوله «بضم
الميم» لم يتقدم له ذلك) وكسرها، وهي ثلاثَتُها القيحُ والصديدُ الذي يذُوب
فيَسيل من الجسد، ومنه قيل للنُّحاس الذائب مُهْــل.
والــمَهَــلُ والتــمَهُّــل: التقدُّم. وتــمهَّــل في الأَمر: تقدَّم فيه.
والمُتْــمَهِــلّ والمُتْمَئلّ، الهمزة بدل من الهاء: الرجلُ الطويلُ المعتدلُ،
وقيل: الطويلُ المنتصبُ. أَبو عبيد: التــمَهُّــل التقدُّم. ابن الأَعرابي:
الماهِلُ السريع، وهو المتقدِّم. وفلان ذو مَهَــل أَي ذو تقدُّم في الخير
ولا يقال في الشرِّ؛ وقال ذو الرمة:
كم فيهمُ من أَشَمِّ الأَنْفِ ذي مَهَــلٍ،
يأْبى الظُّلامةَ منه الضَّيْغم الضاري
أَي تقدُّمٍ في الشرَف والفضل. وقال أَبو سعيد: يقال أَخذ فلان على فلان
الــمُهْــلةَ إِذا تقدَّــمه في سِنٍّ أَو أَدبٍ، ويقال: خُذِ الــمُهْــلةَ في
أَمْرك أَي خذ العُدَّة؛ وقال في قول الأَعشى:
إِلا الذين لهم فيما أَتَوْا مَهَــلُ
قال: أَراد المعرفةَ المتقدِّمة بالموضع. ويقال: مَهَــلُ الرجلِ:
أَسْلافُه الذين تقدّموه، يقال: قد تقدّم مَهَــلُك قبلك، ورَحِم الله
مَهَــلَك.ابن الأَعرابي: روي عن عليٍّ، عليه السلام، أَنه لما لَقِيَ الشُّراةَ
قال لأَصحابه: أَقِلُّوا البِطْنةَ وأَعْذِبوا، وإِذا سِرْتم إِلى العدوِّ
فَــمَهْــلاً مَهْــلاً أَي رِفْقاً رِفْقاً، وإِذا وقعت العين على العين
فَــمَهَــلاً مَهَــلاً أَي تقدُّماً تقدُّماً، الساكن الرفق، والمتحرك التقدُّم،
أَي إِذا سِرْتم فَتَأَنَّوْا وإِذا لَقِيتم فاحمِلوا. وقال الجوهري:
الــمَهَــل، بالتحريك، التُّؤدة والتباطُؤ، والاسم الــمُهْــلة. وفلان ذو مَهَــل،
بالتحريك، أَي ذو تقدُّم في الخير، ولا يقال في الشر. يقال: مَهَّــلْته
وأَــمْهَــلْته أَي سكَّنته وأَخَّرته. ومنه حديث رُقَيْقة: ما يبلُغ سَعْيُهم
مَهَــلَه أَي ما يبلُغ إِسراعُهم إِبطاءه؛ وقول أُسامة بن الحرث الهذلي:
لَعَمْري لقد أَــمْهَــلْت في نَهْي خالدٍ
عن الشام، إِمّا يَعْصِيَنَّك خالد
أَــمْهَــلْت: بالغت؛ يقول: إِن عصاني فقد بالغت في نهيه. الجوهري:
اتْــمَهَــلَّ اتْــمِهْــلالاً أَي اعتدلَ وانتصَب؛ قال الراجز:
وعُنُق كالجِذْع مُتْــمَهِــلّ
أَي منتصِب؛ وقال القحيف:
إِذا ما الضِّباعُ الجِلَّة انْتَجَعَتْهُم،
نَمَا النِّيُّ في أَصْلائها فاتْــمَهَــلَّتِ
وقال معن بن أَوس:
لُباخِيَّة عَجْزاء جَمّ عِظامُهــا،
نَمَتْ في نَعيمٍ، واتْــمَهَــلَّ بها الجسم
وقال كعب بن جعيل:
في مكانٍ ليس فيه بَرَمٌ،
وفَرَاش مُتعالٍ مُتْــمَهِــلّ
وقال حبيب بن المرّ قال العبدي:
لقد زُوّج المردادُ بَيْضاءَ طَفْلةً
لَعُوباً تُناغِيهِ، إِذا ما اتْــمَهَــلَّتِ
(* قوله «المرداد» هكذا في الأصل).
وقال عُقبة بن مُكَدّم:
في تَلِيلٍ كأَنه جِذْعُ نخْلٍ،
مُتَــمَهِــلٍّ مُشَذَّبِ الأَكْرابِ
والاتْــمِهْــلال أَيضاً: سكون وفتور. وقولهم: مَهْــلاً يا رجل، وكذلك
للاثنين والجمع والمؤنث، وهي موحدة بمعنى أَــمْهِــل، فإِذا قيل لك مَهْــلاً، قلت
لا مَهْــلَ والله، ولا تقل لا مَهْــلاً والله، وتقول: ما مَهْــلٌ والله
بمُغْنِيةٍ عنك شيئاً؛ قال الكميت:
أَقُولُ له، إِذا ما جاء: مَهْــلاً
وما مَهْــلٌ بَواعِظة الجَهُول
وهذا البيت
(* قوله «وهذا البيت إلخ» الذي في نسخ الصحاح الخط والطبع
التي بأَيدينا كما أورده سابقاً وكذا هو في الصاغاني عن الجوهري فلعل ما
وقع لابن بري نسخة فيها سقم) أَورده الجوهري:
أَقول له إِذ جاء: مهــلاً
وما مَهْــل بواعظة الجهول
قال ابن بري: هذا البيت نسبه الجوهري للكميت وصدره لجامع بن مُرْخِيَةَ
الكِلابيِّ، وهو مُغَيَّر ناقص جزءاً، وعَجُزه للكميت ووزنهما مختلفٌ:
الصَّدْرُ من الطويل والعَجُز من الوافر؛ وبيت جامع:
أَقول له: مَهْــلاً، ولا مَهْــلَ عنده،
ولا عنْدَ جارِي دَمْعِهِ المُتَهَلِّل
وأَما بيت الكميت فهو:
وكُنَّا، يا قُضاع، لكم فَــمَهْــلاً،
وما مَهْــلٌ بواعِظة الجَهُولِ
فعلى هذا يكون البيت من الوافر موزوناً، وقال الليث: الــمَهْــلُ السكينة
والوَقار. تقول: مَهْــلاً يا فلانُ أَي رِفْقاً وسكوناً لا تعجل، ويجوز لك
كذلك ويجوز التثقيل؛ وأَنشد:
فيا ابنَ آدَمَ، ما أَعْدَدْتَ في مَهَــلٍ؟
لله دَرُّكَ ما تأْتي وما تَذَرُ
وقال الله عز وجل: فَــمَهِّــلِ الكافرين أَــمْهِــلْهُم؛ فجاء باللغتين أَي
أَنْظِرْهُمْ.