منــي: الــمَنــى، بالياءِ: القَدَر؛ قال الشاعر:
دَرَيْتُ ولا أَدْري مَنــى الحَدَثانِ
مَنــاهُ الله يَــمْنِــيه: قدَّره. ويقال: مَنــى اللهُ لك ما يسُرُّك أَي
قَدَّر الله لك ما يَسُرُّك؛ وقول صخر الغيّ:
لعَمرُ أَبي عمرو لقَدْ ساقَه الــمَنــى
إِلى جَدَثٍ يُوزَى لهُ بالأَهاضِبِ
أَي ساقَه القَدَرُ. والــمَنــى والــمَنِــيَّةُ: الموت لأَنه قُدِّر علينا.
وقد مَنــى الله له الموت يَــمْنــي، ومُنِــي له أَي قُدِّر؛ قال أَبو قِلابة
الهذلي:
ولا تَقُولَنْ لشيءٍ: سَوْفَ أَفْعَلُه،
حتى تُلاقِيَ ما يَــمْنــي لك المَاني
وفي التهذيب:
حتى تبَيّنَ ما يَــمْنــي لك الماني
أَي ما يُقَدِّر لك القادر؛ وأَورد الجوهري عجز بيت:
حتى تُلاقَي ما يَــمْنــي لك الماني
وقال ابن بري فيه: الشعر لسُوَيْد بن عامرٍ المُصْطلِقي وهو:
لا تَأْــمَنِ المَوتَ في حَلٍّ ولا حَرَمٍ،
إِنَّ الــمَنــايا تُوافي كلَّ إِنْسانِ
واسْلُكْ طَريقَكَ فِيها غَيْرَ مُحْتَشِمٍ،
حتَّى تُلاقَي ما يَــمْنــي لك الماني
وفي الحديث: أَن منــشداً أَنشد النبي،صلى الله عليه وسلم:
لا تَأْــمَنَــنَّ، وإِنْ أَمْسَيْتَ في حَرَمٍ،
حتى تلاقَي ما يــمنــي لك الماني
فالخَيْرُ والشَّرُّ مَقْرونانِ في قَرَنٍ،
بكُلِّ ذلِكَ يأْتِيكَ الجَدِيدانِ
فقال النبي،صلى الله عليه وسلم: لو أَدرك هذا الإِسلام؛ معناه حتى
تُلاقَي ما يُقدِّر لكَ المُقَدِّرُ وهو الله عز وجل. يقال: مَنــى الله عليك
خيراً يَــمْنــي مَنْــياً، وبه سميت الــمَنِــيَّةُ، وهي الموت، وجمعها الــمَنــايا
لأَنها مُقدَّرة بوقت مخصوص؛ وقال آخر:
مَنَــتْ لَكَ أَن تُلاقِيَني الــمَنــايا
أُحادَ أُحادَ في الشَّهْر الحَلالِ
أَي قدَّرت لك الأَقْدارُ. وقال الشَّرفي بن القطامي: الــمَنــايا
الأَحْداث، والحِمامُ الأَجَلُ، والحَتْفُ القَدَرُ، والــمَنُــونُ الزَّمانُ؛ قال
ابن بري: الــمَنــيَّة قدَرُ الموت، أَلا ترى إِلى قول أَبي ذؤيب:
مَنــايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ لأَهْلِها
جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجُبْلِ
فجعل الــمنــايا تُقرِّب الموت ولم يجعلها الموت.
وامْتَنَيْت الشيء: اخْتَلقْته.
ومُنِــيتُ بكذا وكذا: ابْتُلِيت به. ومَنــاه اللهُ بحُبها يَــمنِــيه
ويَــمْنُــوه أَي ابْتلاه بحُبِّها مَنْــياً ومَنْــواً. ويقال: مُنِــيَ ببَلِيَّة أَي
ابْتُلي بها كأَنما قُدِّرت له وقُدِّر لها. الجوهري: منَــوْتُه ومَنَــيْته
إِذا ابتليته، ومُنِــينا له وُفِّقْنا. ودارِي مَنــى دارِك أَي إِزاءَها
وقُبالَتها. وداري بــمَنــى دارِه أَي بحذائها؛ قال ابن بري: وأَنشد ابن
خالويه:
تَنَصَّيْتُ القِلاصَ إِلى حَكِيمٍ،
خَوارِجَ من تَبالَةَ أَو مَنــاها
فما رَجَعَتْ بخائبةٍ رِكابٌ،
حَكِيمُ بنُ المُسَيَّبِ مُنــتَهاها
وفي الحديث: البيتُ المَعْمُور مَنــى مكة أَي بِحذائها في السماء. وفي
حديث مجاهد: إِن الحرم حَرَمٌ مَنــاه مِن السمواتِ السبع والأَرَضِين السبع
أَي حِذاءه وقَصْدَه. والــمَنــى: القَصْدُ؛ وقول الأَخطل:
أَمْسَتْ مَنــاها بأَرْضٍ ما يُبَلِّغُها،
بصاحِبِ الهَمِّ، إِلاَّ الجَسْرةُ الأُجُدُ
قيل: أَراد قَصْدَها وأَنَّث على قولك ذهَبت بعضُ أَصابعه، وإِن شئت
أَضمرت في أَمَسَتْ كما أَنشده سيبويه:
إِذا ما المَرْءُ كان أَبُوه عَبْسٌ،
فحَسْبُكَ ما تُريدُ إِلى الكَلامِ
وقد قيل: إِنَّ الأَخطل أَرادَ مَنــازِلها فحذف، وهو مذكور في موضعه؛
التهذيب: وأَما قول لبيد:
دَرَسَ الــمَنــا بمُتالِعٍ فأَبانِ
قيل: إِنه أَراد بالــمَنــا الــمَنــازِل فرخمها كما قال العجاج:
قَواطِناً مكةَ منْ وُرْقِ الحَما
أَراد الحَمام. قال الجوهري: قوله دَرَس الــمنــا أَراد الــمنــازل، ولكنه حذف
الكلمة اكْتِفاء بالصَّدْر، وهو ضرورة قبيحة.
والــمَنِــيُّ، مشَدّد: ماء الرجل، والمَذْي والوَدْي مخففان؛ وأَنشد ابن
بري للأَخطل يهجو جريراً:
مَنِــيُّ العَبْدِ، عَبْدِ أَبي سُواجٍ،
أَحَقُّ مِنَ المُدامةِ أَنْ تَعيبا
قال: وقد جاء أَيضاً مخففاً في الشعر؛ قال رُشَيْدُ ابن رُمَيْضٍ:
أَتَحْلِفُ لا تَذُوقُ لَنا طَعاماً،
وتَشْرَبُ مَنْــيَ عَبْدِ أَبي سُواجِ؟
وجمعهُ مُنْــيٌ؛ حكاه ابن جِني؛ وأَنشد:
أَسْلَمْتُموها فباتَتْ غيرَ طاهِرةٍ،
مُنّــيُ الرِّجالِ على الفَخذَيْنِ كالمُومِ
وقد مَنَــيْتُ مَنْــياً وأَــمْنَــيْتُ. وفي التنزيل العزيز: مِنْ مَنِــيٍّ
يُــمْنَــى؛ وقرئ بالتاء على النطفة وبالياء على الــمَنــيِّ، يقال: مَنَــى
الرَّجلُ وأَــمْنــى من الــمَنِــيِّ بمعنًى، واسْتَــمْنَــى أَي اسْتَدْعَى خروج
الــمنــيّ.
ومَنَــى اللهُ الشيء: قَدَّرَه، وبه سميت مِنًــى، ومِنًــى بمكة، يصرف ولا
يصرف، سميت بذلك لما يُــمْنَــى فيها من الدماء أَي يُراق، وقال ثعلب: هو مِن
قولهم مَنَــى الله عليه الموت أَي قدَّره لأَن الهَدْيَ يُنحر هنالك.
وامْتَنَى القوم وأَــمْنَــوْا أَتوا مِنــى؛ قال ابن شميل: سمي مِنًــى لأَن الكبش
مُنِــيَ به أَي ذُبح، وقال ابن عيينة: أُخذ من الــمَنــايا. يونس: امْتَنَى
القوم إِذا نزلوا مِنًــى. ابن الأَعرابي: أَــمْنَــى القوم إِذا نزلوا مِنًــى.
الجوهري: مِنًــى، مقصور، موضع بمكة، قال: وهو مذكر، يصرف. ومِنًــى: موضع
آخر بنجد؛ قيل إِياه عنى لبيد بقوله:
عَفَتِ الدِّيارُ محَلُّها فَمُقامُها
بــمِنًــى، تأَبَّدَ غَوْلُها فرِجامُها
والــمُنَــى، بضم الميم: جمع الــمُنــية، وهو ما يَتَــمَنَّــى الرجل.
والــمَنْــوَةُ: الأُــمْنِــيَّةُ في بعض اللغات. قال ابن سيده: وأُراهم غيروا الآخِر
بالإِبدال كما غيروا الأَوَّل بالفتح. وكتب عبد الملك إِلى الحجاج: يا ابنَ
المُتَــمَنِّــيةِ، أَراد أُمَّه وهي الفُرَيْعَةُ بنت هَمَّام؛ وهي
القائلة:هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلى خَمْرٍ فأَشْرَبَها،
أَمْ هَلْ سَبِيلٌ إِلى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ؟
وكان نصر رجلاً جميلاً من بني سُلَيم يفتتن به النساء فحلق عمر رأْسه
ونفاه إِلى البصرة، فهذا كان تــمنــيها الذي سماها به عبد الملك، ومنــه قول
عروة بن الزُّبير للحجاج: إِن شئت أَخبرتك من لا أُمَّ له يا ابنَ
المُتَــمنِّــية. والأُــمْنِــيّة: أُفْعولةٌ وجمعها الأَماني، وقال الليث: ربما طرحت
الأَلف فقيل منــية على فعلة
(*قوله« فقيل منــية على فعلة» كذا بالأصل وشرح القاموس، ولعله على فعولة
حتى يتأتى ردّ أَبي منــصور عليه؛ قال أَبو منــصور: وهذا لحن عند الفصحاء، إِنما يقال مُنْــية على فُعْلة وجمعها مُنًــى،
ويقال أُــمْنِــيّةٌ على أُفْعولة والجمع أَمانيُّ، مشدَّدة الياء، وأَمانٍ
مخففة، كما يقال أَثافٍ وأَثافيُّ وأَضاحٍ وأَضاحِيُّ لجمع الأُثْفِيّةِ
والأُضْحيَّة. أَبو العباس: أَحمد بن يحيى التَّــمَنِّــي حديث النفس بما يكون
وبما لا يكون، قال: والتــمنــي السؤال للرب في الحوائج. وفي الحديث: إِذا
تَــمَنَّــى أَحدُكم فَلْيَسْتَكثِرْ فإِنَّما يسْأَل رَبَّه، وفي رواية:
فلْيُكْثِرْ؛ قال ابن الأَثير: التَّــمَنِّــي تَشَهِّي حُصُولِ الأَمر
المَرْغوب فيه وحديثُ النَّفْس بما يكون وما لا يكون، والمعنى إِذا سأَل اللهَ
حَوائجَه وفَضْله فلْيُكْثِرْ فإِن فضل الله كثير وخزائنه واسعة. أَبو
بكر: تَــمَنَّــيت الشيء أَي قَدَّرته وأَحْبَبْتُ أَن يصير إِليَّ مِن الــمَنــى
وهو القدر. الجوهري: تقول تَــمَنَّــيْت الشيء ومَنَّــيت غيري تَــمْنِــيةً.
وتَــمَنَّــى الشيءَ: أَراده، ومَنَّــاه إِياه وبه، وهي الــمِنْــيةُ والــمُنْــيةُ
والأُــمْنِــيَّةُ. وتَــمَنَّــى الكتابَ: قرأَه وكَتَبَه. وفي التنزيل العزيز:
إِلا إِذا تَــمَنَّــى أَلْقى الشيطانُ في أُــمْنِــيَّتِه؛ أَي قَرَأَ وتَلا
فأَلْقَى في تِلاوته ما ليس فيه؛ قال في مَرْثِيَّةِ عثمان، رضي الله
عنه:تَــمَنَّــى كتابَ اللهِ أَوَّلَ لَيْلِه،
وآخِرَه لاقَى حِمامَ المَقادِرِ
(* قوله« أول ليله وآخره» كذا بالأصل، والذي في نسخ النهاية: أول ليلة
وآخرها.)
والتَّــمَنِّــي: التِّلاوةُ. وتَــمَنَّــى إِذا تَلا القرآن؛ وقال آخر:
تَــمَنَّــى كِتابَ اللهِ آخِرَ لَيْلِه،
تَــمَنِّــيَ داودَ الزَّبُورَ على رِسْلِ
أَي تلا كتاب الله مُتَرَسِّلاً فيه كما تلا داودُ الزبور مترَسِّلاً
فيه. قال أَبو منــصور: والتِّلاوةُ سميت أُــمْنــيّة لأَنَّ تالي القرآنِ إِذا
مَرَّ بآية رحمة تَــمَنَّــاها، وإِذا مرَّ بآية عذاب تَــمَنَّــى أَن
يُوقَّاه. وفي التنزيل العزيز: ومنــهم أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُون الكتاب إِلا
أَمانيَّ؛ قال أَبو إِسحق: معناه الكتاب إِلا تِلاوة، وقيل: إَلاَّ
أَمانِيَّ إِلا أَكاذيبَ، والعربُ تقول: أَنت إِنما تَمْتَني هذا القولَ أَي
تَخْتَلِقُه، قال: ويجوز أَن يكون أَمانيَّ نُسِب إِلى أَنْ القائل إِذا قال
ما لا يعلمه فكأَنه إِنما يَتَــمَنَّــاه، وهذا مستَعمل في كلام الناس،
يقولون للذي يقول ما لا حقيقة له وهو يُحبه: هذا مُنًــى وهذه أُــمْنِــيَّة. وفي
حديث الحسن: ليس الإِيمانُ بالتَّحَلِّي ولا بالتَّــمَنِّــي ولكن ما وَقَر
في القلب وصَدَّقَتْه الأَعْمال أَي ليس هو بالقول الذي تُظهره بلسانك
فقط، ولكن يجب أَن تَتْبَعَه معرِفةُ القلب، وقيل: هو من التَّــمَنِّــي
القراءة والتِّلاوة. يقال: تَــمَنَّــى إِذا قرأَ. والتَّــمَنِّــي: الكَذِب. وفلان
يَتَــمَنَّــى الأَحاديث أَي يَفْتَعِلها، وهو مقلوب من المَيْنِ، وهو
الكذب. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه: ما تَغَنَّيْتُ ولا تَــمَنَّــيْتُ ولا
شَرِبت خَمراً في جاهلية ولا إِسلام، وفي رواية: ما تَــمَنَّــيْتُ منــذ أَسلمت
أَي ما كَذَبْت. والتَّــمنِّــي: الكَذِب، تَفَعُّل مِن مَنَــى يَــمْنــي إِذا
قَدَّر لأَن الكاذب يُقدِّر في نفسه الحديث ثم يقوله، ويقال للأَحاديث
التي تُتَــمَنَّــى الأَمانيُّ، واحدتها أُــمْنِــيّةٌ؛ وفي قصيد كعب:
فلا يغُرَّنْكَ ما مَنَّــتْ وما وعَدَتْ،
إِنَّ الأَمانِيَّ والأَحْلامَ تَضلِيلُ
وتَــمَنَّــى: كَذَبَ ووضَعَ حديثاً لا أَصل له. وتَــمَنَّــى الحَديث:
اخترعه. وقال رجل لابن دَأْبٍ وهو يُحدِّث: أَهذا شيء رَوَيْتَه أَم شيء
تَــمَنَّــيْته؟
معناه افْتَعَلْتَه واخْتَلَقْته ولا أَصل له. ويقول الرجل: والله ما
تَــمَنَّــيْت هذا الكلام ولا اخْتَلَقْته. وقال الجوهري: مُنْــيةُ الناقة
الأَيام التي يُتعَرَّف فيها أَلاقِحٌ هي أَم لا، وهي ما بين ضِرابِ الفَحْل
إِياها وبين خمس عشرة ليلة، وهي الأَيام التي يُسْتَبْرَأُ فيها لَقاحُها
من حِيالها. ابن سيده: الــمُنْــيةُ والــمِنــية أَيّام الناقة التي لم
يَسْتَبِنْ فيها لَقاحُها من حِيالها، ويقال للناقة في أَوَّل ما تُضرب: هي في
مُنْــيَتها، وذلك ما لم يعلموا أَبها حمل أَم لا، ومُنْــيَةُ البِكْر التي
لم تحمل قبل ذلك عشرُ ليال، ومنــية الثِّنْي وهو البطن الثاني خمس عشرة
ليلة، قيل: وهي منــتهى الأَيام، فإِذا مضت عُرف أَلاقِح هي أَم غير لاقح،
وقد استَــمْنَــيْتُها. قال ابن الأَعرابي: البِكْرُ من الإِبل تُسْتَــمْنــى بعد
أَربع عشرة وإحدى وعشرين، والمُسِنَّةُ بعد سبعة أَيام، قال:
والاسْتِــمْنــاء أَن يأْتي صاحبها فيضرب بيده على صَلاها ويَنْقُرَ بها، فإِن
اكْتارَتْ بذنبها أَو عَقَدت رأْسها وجمعت بين قُطْرَيها عُلِم أَنها لاقح؛ وقال
في قول الشاعر:
قامَتْ تُريكَ لَقاحاً بعدَ سابِعةٍ،
والعَيْنُ شاحِبةٌ، والقَلْبُ مَسْتُورُ
قال: مستور إِذا لَقِحَت ذهَب نَشاطُها.
كأَنَّها بصَلاها، وهْي عاقِدةٌ،
كَوْرُ خِمارٍ على عَذْراءَ مَعْجُورُ
قال شمر: وقال ابن شميل مُنْــيةُ القِلاصِ والجِلَّةِ سَواء عَشْرُ ليال:
وروي عن بعضهم أَنه قال: تُمْتَنى القِلاصُ لسبع ليال إِلا أَن تكون
قَلُوص عَسْراء الشَّوَلانِ طَويلة الــمُنــية فتُمْتَنى عشراً وخمس عشرة،
والــمُنــية التي هي الــمُنْــية سبع، وثلاث للقِلاص وللجِلَّةِ عَشْر لَيالٍ. وقال
أَبو الهيثم يردّ على من قال تُمْتَنى القِلاصُ لسبع: إنه خطأٌ، إِنما
هو تَمْتَني القِلاصُ، لا يجوز أَن يقال امْتَنَيْتُ الناقةَ أَمْتَنِيها،
فهي مُمْتَناةٌ، قال: وقرئ على نُصَير وأَنا حاضر. يقال: أَــمْنَــتِ
الناقةُ فهي تُــمْنــي إِــمْنــاء، فهي مُــمْنِــيةٌ ومُــمْنٍ، وامْتَنَتْ، فهي
مُمْتَنِية إِذا كانت في مُنْــيَتِها على أَن الفِعل لها دون راعِيها، وقد
امْتُنيَ للفحل؛ قال: وأَنشد في ذلك لذي الرمة يصف بيضة:
وبَيْضاء لا تَنْحاشُ مِنَّــا، وأُمُّها
إِذا ما رأَتْنا زيِلَ مِنَّــا زَويلُها
نَتُوجٍ، ولم تُقْرَفْ لِما يُمْتَنى له،
إِذا نُتِجَتْ ماتَتْ وحَيَّ سَلِيلُها
ورواه هو وغيره من الرواة: لما يُمْتَنى، بالياء، ولو كان كما روى شمر
لكانت الرواية لما تَمْتَني له، وقوله: لم تُقْرَفْ لم تُدانَ لِما
يُمْتَنى له أَي ينظر إِذا ضُربت أَلاقح أَم لا أَي لم تحمل الحمل الذي يمتنى
له؛ وأَنشد نصير لذي الرمة أَيضاً:
وحتى اسْتَبانَ الفَحْلُ بَعْدَ امْتِنائِها،
مِنَ الصَّيْف، ما اللاَّتي لَقِحْنَ وحُولها
فلم يقل بعد امْتِنائه فيكون الفعل له إِنما قال بعد امْتِنائها هي.
وقال ابن السكيت: قال الفراء مُنْــية الناقة ومِنْــية الناقة الأَيام التي
يُستبرأُ فيها لَقاحها من حِيالها، ويقال: الناقة في مُنْــيتها. قال أَبو
عبيدة: الــمُنــيةُ اضْطِراب الماء وامِّخاضه في الرَّحِم قبل أَن يتغير فيصير
مَشِيجاً، وقوله: لم تُقْرَف لما يُمْتَنى له يصف البيضة أَنها لم
تُقْرَف أَي لم تُجامَع لما يُمْتنى له فيُحتاج إِلى معرفة مُنْــيتها؛ وقال
الجوهري: يقول هي حامل بالفرخ من غير أَن يقارفها فحل؛ قال ابن بري: الذي في
شعره:
نَتُوجٍ ولم تُقْرِف لما يُمْتَنى له
بكسر الراء، يقال: أَقْرَفَ الأَمرَ إِذا داناه أَي لم تُقْرِف هذه
البيضةُ لما له مُنــيةٌ أَي هذه البيضةُ حَمَلت بالفَرْخ من جهة غير جهة حمل
الناقة، قال: والذي رواه الجوهري أَيضاً صحيح أَي لم تُقْرَف بفحل
يُمْتَنَى له أَي لم يُقارِفْها فحل.
والــمُنُــوَّةُ
(* قوله« والــمنــوة» ضبطت في غير موضع من الأصل بالضم، وقال
في شرح القاموس: هي بفتح الميم.): كالــمُنْــية، قلبت الياء واواً للضمة؛
وأَنشد أَبو حنيفة لثعلبة بن عبيد يصف النخل:
تَنادَوْا بِجِدٍّ، واشْمَعَلَّتْ رِعاؤها
لِعِشْرينَ يَوماً من مُنُــوَّتِها تَمْضِي
فجعل الــمُنــوَّة للنخل ذهاباً إِلى التشبيه لها بالإِبل، وأَراد لعشرين
يوماً من مُنــوَّتها مَضَتْ فوضع تَفعل موضع فَعلت، وهو واسع؛ حكاه سيبويه
فقال: اعلم أَن أَفْعَلُ قد يقع موضع فَعَلْت؛ وأَنشد:
ولَقَدْ أَمُرُّ على اللئيم يَسُبُّني،
فَمَضَيْتُ ثُمَّت قلتُ لا يَعْنِيني
أَراد: ولقد مَرَرْتُ. قال ابن بري: مُنْــية الحِجْر عشرون يوماً تعتبر
بالفعل، فإِن مَنَــعت فقد وسَقَتْ. ومَنَــيْت الرجل مَنْــياً ومَنَــوْتُه
مَنْــواً أَي اختبرته، ومُنِــيتُ به مَنْــياً بُلِيت، ومُنِــيتُ به مَنْــواً
بُلِيت، ومانَيْتُه جازَيْتُه. ويقال: لأَــمْنِــينَّك مِنــاوَتَك أَي
لأَجْزِيَنَّك جزاءك. ومانَيْته مُماناة: كافأْته، غير مهموز. ومانَيْتُك: كافأْتك؛
وأَنشد ابن بري لسَبْرة بن عمرو:
نُماني بها أَكْفاءَنا ونُهينُها،
ونَشْرَبُ في أَثْمانِها ونُقامِرُ
وقال آخر:
أُماني به الأَكْفاء في كلِّ مَوْطِنٍ،
وأَقْضِي فُروضَ الصَّالِحينَ وأَقْتَري
ومانَيْتُه: لَزِمْته. ومانَيْتُه: انْتَظَرْتُه وطاوَلْتُه.
والمُماناة: المُطاولةُ. والمُماناةُ: الانْتِظار؛ وأَنشد يعقوب:
عُلِّقْتُها قَبْلَ انْضِباحِ لَوْني،
وجُبْتُ لَمَّاعاً بَعِيدَ البَوْنِ،
مِنْ أَجْلِها بفِتْيةٍ مانَوْني
أَي انتَظَرُوني حتى أُدْرِك بُغْيَتي. وقال ابن بري: هذا الرجز بمعنى
المُطاولة أَيضاً لا بمعنى الانتظار كما ذكر الجوهري؛ وأَنشد لغَيْلان بن
حُريث:
فإِنْ لا يَكُنْ فيها هُرارٌ، فإِنَّني
بسِلٍّ يُمانِيها إِلى الحَوْلِ خائفُ
والهُرار: داءٌ يأْخذ الإِبل تَسْلَح عنه؛ وأَنشد ابن بري لأَبي
صُخَيْرة:
إِيَّاكَ في أَمْركَ والمُهاواةْ،
وكَثْرةَ التَّسْويفِ والمُماناهْ
والمُهاواةُ: المُلاجَّةُ؛ قال ابن السكيت: أَنشدني أَبو عمرو:
صُلْبٍ عَصاه للمَطِيِّ مِنْــهَمِ،
ليسَ يُماني عُقَبَ التَّجَسُّمِ
قال: يقال مانَيْتُك مُذُ اليومِ أَي انتظرتك. وقال سعيد: الــمُنــاوة
المُجازاة. يقال: لأَــمْنُــوَنَّكَ مِنــاوَتَك ولأَقْنُوَنَّك قِناوَتَكَ.
وتَــمَنٍّ: بلد بين مكة والمدينة؛ قال كثير عزة:
كأَنَّ دُموعَ العَيْنِ، لما تَحَلَّلَتْ
مَخارِمَ بِيضاً مِنْ تَــمَنٍّ جِمالُها،
قَبَلْنَ غُروباً مِنْ سُمَيْحَةَ أَتْرَعَتْ
بِهِنَّ السَّواني، فاسْتدارَ مَحالُها
والمُماناةُ: قِلَّة الغَيرةِ على الحُرَمِ. والمُماناةُ: المُداراةُ.
والمُماناةُ: المُعاقَبةُ في الرُّكوب. والمُماناةُ: المكافأَةُ. ويقال
للدَّيُّوث: المُماذِلُ والمُماني والمُماذِي.
والــمَنــا: الكَيْلُ أَو المِيزانُ الذي يُوزَنُ به، بفتح الميم مقصور
يكتب بالأَلف، والمِكيال الذي يَكِيلون به السَّــمْن وغيره، وقد يكون من
الحديد أَوزاناً، وتثنيته مَنَــوانِ ومَنَــيانِ، والأَوَّل أَعلى؛ قال ابن
سيده: وأُرى الياء معاقبة لطلب الخفة، وهو أَفصح من الــمَنِّ، والجمع أَــمْنــاء،
وبنو تميم يقولون هو مَنٌّ ومَنَّــانِ وأَــمْنــانٌ، وهو مِنِّــي بِــمَنَــى
مِيلٍ أَي بقَدْرِ مِيلٍ.
قال: ومَنــاةُ صخرة، وفي الصحاح: صنم كان لهُذَيْل وخُزاعَة بين مكة
والمدينة، يَعْبُدونها من دون الله، من قولك مَنَــوتُ الشيء، وقيل: مَنــاةُ اسم
صَنَم كان لأَهل الجاهلية. وفي التنزيل العزيز: ومَنــاةَ الثَّالِثَةَ
الأُخرى؛ والهاء للتأْنيث ويُسكت عليها بالتاءِ، وهو لغة، والنسبة إِليها
مَنَــوِيٌّ. وفي الحديث: أَنهم كانوا يُهِلُّون لــمَنــاة؛ هو هذا الصنم
المذكور. وعبدُ منــاةَ: ابن أُدِّ بن طابِخَة. وزيدُ مَنــاةَ: ابن تَميم بن
مُرٍّ، يمد ويقصر؛ قال هَوْبَر الحارِثي:
أَلا هل أَتَى التَّيْمَ بنَ عَبْدِ مَنــاءَةٍ
على الشِّنْءِ، فيما بَيْنَنا، ابنُ تَمِيمِ
قال ابن بري: قال الوزير من قال زيدُ مَنــاه بالهاء فقد أَخطأَ؛ قال: وقد
غلط الطائي في قوله:
إِحْدَى بَني بَكْرِ بنِ عَبْدِ مَنــاه،
بَينَ الكئيبِ الفَرْدِ فالأَمْواه
ومن احتجّ له قال: إِنما قال مَنــاةٍ ولم يرد التصريع.