هــمن: المُهَيْــمِنُ والمُهَيْــمَنُ: اسم من أَسماء الله تعالى في الكتب
القديمة. وفي التنزيل: ومُهَيْــمِنــاً عليه؛ قال بعضهم: معناه الشاهد يعني
وشاهِداً عليه. والمُهَيْــمِنُ: الشاهد، وهو من آمن غيرَه من الخوف، وأَصله
أَأْــمَنَ فهو مُؤَأْــمِنٌ، بهمزتين، قلبت الهمزة الثانية ياء كراهة
اجتماعهما فصار مُؤَيْــمِنٌ، ثم صُيِّرت الأُولى هاء كما قالوا هَراق وأَراق.
وقال بعضهم: مُهَيْــمِنٌ معنى مُؤَيْــمِن، والهاء بدل من الهمزة، كما قالوا
هَرَقْتُ وأَرَقْتُ، وكما قالوا إيَّاك وهِيَّاكَ؛ قال الأَزهري: وهذا على
قياس العربية صحيح مع ما جاء في التفسير أَنه بمعنى الأَمين، وقيل:
بمعنى مُؤتَــمَن؛ وأَما قول عباس بن عبد المطلب في شعره يمدح النبي، صلى الله
عليه وسلم.
حتى احْتَوَى بَيْتُكَ المُهَيْــمِنُ، من
خِنْدِفَ، عَلْياءَ تحتَها النُّطُقُ
فإِن القتيبي قال: معناه حتى احتويتَ يا مُهَيْــمِنُ من خِنْدِفَ علياء؛
يريد به النبي، صلى الله عليه وسلم، فأَقام البيت مقامه لأَن البيت إذا
حَلَّ بهذا المكان فقد حَلَّ به صاحبُه؛ قال الأَزهري: وأَراد ببيته
شَرَفَه، والمهيــمن من نعته كأَنه قال: حتى احْتَوى شَرَفُك الشاهدُ على فضلك
علياءَ الشَّرَفِ من نسب ذوي خِنْدِف أَي ذِرْوَةَ الشَّرَف من نسبهم التي
تحتها النُّطُقُ، وهي أَوساطُ الجبال العالية، جعل خِنْدِفَ نُطُقاً له؛
قال ابن بري في تفسير قوله بيتُك المهيــمنُ قال: أَي بيتُك الشاهدُ
بشرفك، وقيل: أَراد بالبيت نفسه لأَن البيت إذا حَلَّ فقد حلَّ به صاحبه. وفي
حديث عكرمة: كان عليّ، عليه السلام، أَعْلَم بالمُهَيْــمِنــاتِ أَي
القَضايا، من الهَيْــمنَــة وهي القيام على الشيء، جعل الفعل لها وهو لأَربابها
القوّامين بالأُمور. وروي عن عمر أَنه قال يوماً: إنِّي داعٍ فَهَيْــمِنُــوا
أَي إني أَدْعُو الله فأَــمِّنُــوا، قلب أَحد حرفي التشديد في أَــمِّنُــوا ياء
فصار أَيْــمِنُــوا، ثم قلب الهمزة هاء وإحدى الميمين ياء فقال هَيْــمِنُــوا؛
قال ابن الأَثير: أَي اشْهَدُوا. والعرب تقول: أَمَّا زيد فحسن، ويقولون
أَيْما بمعنى أَمَّا؛ وأَنشد المبرد في قول جَمِيل:
على نَبْعةٍ زَوْراءَ أَيْما خِطامُها
فَمَتْنٌ، وأَيْما عُودُها فعَتِيقُ
قال: إنما يريد أَمَّا، فاستثقل التضعيف فأَبدل من إحدى الميمين ياء،
كما فعلوا بقِيراطٍ ودِينارٍ ودِيوانٍ. وقال ابن الأَنباري في قوله:
ومُهَيْــمِنــاً عليه، قال: المُهَيْــمِنُ القائم على خلقه؛ وأَنشد:
أَلا إنَّ خير الناسِ، بعد نَبِيِّهِ،
مُهَيْــمِنُــه التالِيه في العُرْفِ والنُّكْرِ
قال: معناه القائم على الناس بعده، وقيل: القائم بأُمور الخلق، قال: وفي
المُهَيْــمِن خمسة أَقوال: قال ابن عباس المُهَيْــمِن المُؤْتَــمَنُ، وقال
الكسائي المُهَيْــمِنُ الشهيد، وقال غيره هو الرقيب، يقال هَيْــمَن
يُهَيْــمِنُ هَيْــمنَــة إذا كان رقيباً على الشيء، وقال أَبو مَعْشَرٍ ومُهَيْــمِنــاً
عليه معناه وقَبَّاناً عليه، وقيل: وقائماً على الكُتُب، وقيل:
مُهَيْــمِنٌ في الأَصل مُؤيْــمِنٌ، وهو مُفَيْعِلٌ
من الأَمانة. وفي حديث وُهَيْبٍ: إذا وقع العَبْدُ في أُلْهانِيَّةِ
الرَّبِّ ومُهَيْــمِنِــيَّةِ الصِّدِّيقين لم يَجِدْ أَحَداً يأْخذُ بقَلْبه؛
المُهَيْــمِنِــيَّة: منــسوب إلى المُهَيْــمِن، يريد أَمانة الصدِّيقين، يعني
إدا حَصَلَ العبدُ في هذه الدرجة لم يعجبه أَحد، ولم يُحِبَّ إلا الله عز
وجل.
والهِمْيانُ: التِّكَّة، وقيل للــمِنْــطَقَةِ هِمْيانٌ، ويقال للذي يجعل
فيه النفقة ويشدّ
على الوسط: هِمْيان؛ قال: والهِمْيان دخيل معرّب، والعرب قد تكلموا به
قديماً فأَعربوه. وفي حديث النعمان بن مُقَرّنٍ يَومَ نهاوَنْدَ: أَلا
إنِّي هازٌّ
لكم الرايةَ الثانية فَلْيَثِب الرجالُ وليَشُدُّوا هَمَايِنَهم على
أَحْقائهم، يعني مَنــاطِقَهم ليَسْتَعِدُّوا على الحملة، وفي النهاية في حديث
النُّعمان يوم نَهَاوَنْدَ. تَعاهدُوا هَمايِنكم في أَحْقِيكُم
وأَشْساعَكم في نعالكم؛ قال: الهَماينُ جمع هِمْيانٍ، وهي الــمِنْــطَقة والتِّكَّة،
والأَحْقِي جمع حِقْوٍ، وهي موضع شَدِّ الإزار؛ وأَورد ابن الأَثير
حديثاً آخر عن يوسف الصديق، عليه السلام، مستشهداً به على أَن الهِمْيَان
تِكَّةُ السراويل لم أَستحسن إيرادَه، غفر الله لنا وله بكرمه.