مثال: أَجَاء محمد أَمْ علي؟
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لأن اللفظ المذكور بــعد «أم» ليس مقابلاً لما جاء بــعد الهمزة.
الصواب والرتبة: -أَجَاءَ محمد أم غاب؟ [فصيحة]-أمحمَّد جاء أم علي؟ [فصيحة]
التعليق: (انظر: وقوع «أم» بــعد الهمزة).
عدد: الــعَدُّ: إِحْصاءُ الشيءِ، عَدَّــه يَــعُدُّــه عَدّــاً وتَــعْداداً
وعَدَّــةً وعَدَّــدَه. والــعَدَــدُ في قوله تعالى: وأَحْصَى كلَّ شيءٍ عَدَــداً؛
له معنيان: يكون أَحصى كل شيء مــعدوداً فيكون نصبه على الحال، يقال: عددت
الدراهم عدّــاً وما عُدَّ فهو مَــعْدود وعَدَــد، كما يقال: نفضت ثمر الشجر
نَفْضاً، والمَنْفُوضُ نَفَضٌ، ويكون معنى قوله: أَحصى كل شيء عدداً؛ أَي
إِحصاء فأَقام عدداً مقام الإِحصاء لأَنه بمعناه، والاسم الــعدد والــعديد.
وفي حديث لقمان: ولا نَــعُدُّ فَضْلَه علينا أَي لا نُحْصِيه لكثرته، وقيل:
لا نعتده علينا مِنَّةً له. وفي الحديث: أَن رجلاً سئل عن القيامة متى
تكون، فقال: إِذا تكاملت الــعِدَّــتان؛ قيل: هما عِدّــةُ أَهل الجنة وعِدَّــةُ
أَهلِ النار أَي إِذا تكاملت عند الله برجوعهم إِليه قامت القيامة؛ وحكى
اللحياني: عَدَّــه مَــعَدّــاً؛ وأَنشد:
لا تَــعْدِــلِيني بِظُرُبٍّ جَــعْدِ،
كَزِّ القُصَيْرى، مُقْرِفِ المَــعَدِّ
(* قوله «لا تــعدليني» بالدال المهملة، ومثله في الصحاح وشرح القاموس أي
لا تسوّيني وتقدم في ج ع د لا تعذليني بذال معجمة من العذل اللوم فاتبعنا
المؤلف في المحلين وان كان الظاهر ما هنا).
قوله: مقرف المــعد أَي ما عُدَّ من آبائه؛ قال ابن سيده: وعندي أَن
المَــعَدَّ هنا الجَنْبُ لأَنه قد قال كز القصيرى، والقصيرى عُضْو، فمقابلة
العضو بالعضو خير من مقابلته بالــعِدَّــة. وقوله عز وجل: ومَن كان مَريضاً أَو
على سَفَرٍ فَــعِدّــة من أَيام أُخَر؛ أَي فأَفطر فَعليه كذا فاكتفى
بالمسبب الذي هو قوله فــعدة من أَيام أُخر عن السبب الذي هو الإِفطار. وحكى
اللحياني أَيضاً عن العرب: عددت الدراهم أَفراداً وَوِحاداً، وأَــعْدَــدْت
الدراهم أَفراداً ووِحاداً، ثم قال: لا أَدري أَمن الــعدد أَم من الــعدة، فشكه
في ذلك يدل على أَن أَــعددت لغة في عددت ولا أَعرفها؛ وقول أَبي ذؤيب:
رَدَدْنا إِلى مَوْلى بَنِيها فَأَصْبَحَتْ
يُــعَدُّ بها، وَسْطَ النِّساءِ الأَرامِل
إِنما أَراد تُــعَدُّ فَــعَدَّــاه بالباء لأَنه في معنى احْتُسِبَ بها.
والــعَدَــدُ: مقدار ما يُــعَدُّ ومَبْلغُه، والجمع أَــعداد وكذلك الــعِدّــةُ،
وقيل: الــعِدّــةُ مصدر كالــعَدِّ، والــعِدّــةُ أَيضاً: الجماعة، قَلَّتْ أَو
كَثُرَتْ؛ تقول: رأَيت عِدَّــةَ رجالٍ وعِدَّــةَ نساءٍ، وأَنْفذْتُ عِدَّــةَ
كُتُبٍ أَي جماعة كتب.
والــعديدُ: الكثرة، وهذه الدراهمُ عَديدُ هذه الدراهم أَي مِثْلُها في
الــعِدّــة، جاؤوا به على هذا المثال لأَنه منصرفٌ إِلى جِنْسِ الــعَديل، فهو
من باب الكَمِيعِ والنَّزيعِ. ابن الأَعرابي: يقال هذا عِدادُه وعِدُّــه
ونِدُّهُ ونَديدُه وبِدُّه وبَديدُه وسِيُّهُ وزِنُه وزَنُه وحَيْدُه
وحِيدُه وعَفْرُه وغَفْرُه ودَنُّه (قوله «وزنه وزنه وعفره وغفره ودنه» كذا
بالأصل مضبوطاً ولم نجدها بمعنى مثل فيما بأيدينا من كتب اللغة ما عدا شرح
القاموس فإنه ناقل من نسخة اللسان التي بأيدينا) أَي مِثْلُه وقِرْنُه،
والجمع الأَــعْدادُ والأَبْدادُ؛ والــعَدائدُ النُّظَراءُ، واحدُهم عَديدٌ.
ويقال: ما أَكْثَرَ عَديدَ بني فلان وبنو فلان عَديدُ الحَصى والثَّرى
إِذا كانوا لا يُحْصَوْن كثرة كما لا يُحْصى الحَصى والثَّرى أَي هم بــعدد
هذين الكثيرين.
وهم يَتَعادُّونَ ويَتَــعَدَّــدُونَ على عَدَــدِ كذا أَي يزيدون عليه في
الــعَدَــد، وقيل: يَتَــعَدَّــدُونَ عليه يَزيدون عليه في الــعدد، ويَتَعَادُّون
إِذا اشتركوا فيما يُعادُّ به بعضهم بعضاً من المَكارِم. وفي التنزيل:
واذكروا الله في أَيام مــعدوداتٍ. وفي الحديث: فَيَتعادُّ بنو الأُم كانوا
مائةً فلا يجدون بَقِيَ منهم إِلا الرجل الواحِدَ أَي يَــعُدُّ بعضُهم
بعضاً. وفي حديث أَنس: إِن وَلدِي لَيَتعَادُّون مائة أَو يزيدون عليها؛ قال:
وكذلك يَتَــعدّــدون. والأَيام المــعدودات: أَيامُ التشريق وهي ثلاثة بــعد
يوم النحر، وأَما الأَيام المعلوماتُ فعشر ذي الحِجة، عُرِّفَتْ تلك
بالتقليل لأَنها ثلاثة، وعُرِّفَتْ هذه بالشُّهْرة لأَنها عشرة، وإِنما قُلِّلَ
بمــعدودة لأَنها نقيض قولك لا تحصى كثرة؛ ومنه وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ
دَراهِمَ مــعدودة أَي قليلة. قال الزجاج: كل عدد قل أَو كثر فهو مــعدود،
ولكن مــعدودات أَدل على القِلَّة لأَن كل قليل يجمع بالأَلف والتاء نحو
دُرَيْهِماتٍ وحَمَّاماتٍ، وقد يجوز أَن تقع الأَلف والتاء للتكثير.
والــعِدُّ: الكَثْرَةُ. يقال: إِنهم لذو عِدٍّ وقِبْصٍ. وفي الحديث:
يَخْرُجُ جَيْشٌ من المشرق آدَى شيءٍ وأَــعَدُّــه أَي أَكْثَرُه عِدَّــةً
وأَتَمُّه وأَشَدُّه استــعداداً. وعَدَــدْتُ: من الأَفعال المتــعدية إِلى مفعولين
بــعد اعتقاد حذف الوسيط. يقولون: عددتك المالَ، وعددت لك المال؛ قال
الفارسي: عددتك وعددت لك ولم يذكر المال.
وعادَّهُم الشيءُ: تَساهَموه بينهم فساواهم. وهم يَتَعادُّون إِذا
اشتركوا فيما يُعادُّ فيه بعضهم بعضاً من مكارِمَ أَو غير ذلك من الأَشياء
كلها.
والــعدائدُ: المالُ المُقْتَسَمُ والمِيراثُ.
ابن الأَعرابي: الــعَدِــيدَةُ الحِصَّةُ، والــعِدادُ الحِصَصُ في قول لبيد:
تَطِيرُ عَدائدُ الأَشْراكِ شَفْعاً
وَوِتْراً، والزَّعامَةُ للغُلام
يعني من يَــعُدُّــه في الميراث، ويقال: هو من عِدَّــةِ المال؛ وقد فسره ابن
الأَعرابي فقال: الــعَدائد المالُ والميراثُ. والأَشْراكُ: الشَّرِكةُ؛
يعني ابن الأَعرابي بالشَّرِكة جمعَ شَريكٍ أَي يقتسمونها بينهم شَفْعاً
وَوِتْراً: سهمين سهمين، وسهماً سهماً، فيقول: تذهب هذه الأَنصباء على
الدهر وتبقى الرياسة للولد. وقول أَبي عبيد: الــعَدائدُ من يَــعُدُّــه في
الميراث، خطأٌ؛ وقول أَبي دواد في صفة الفرس:
وطِمِرَّةٍ كَهِراوةِ الأَعْـ
ـزَابِ، ليسَ لها عَدائدْ
فسره ثعلب فقال: شبهها بعصا المسافر لأَنها ملساء فكأَنّ الــعدائد هنا
العُقَدُ، وإِن كان هو لم يفسرها. وقال الأَزهري: معناه ليس لها نظائر. وفي
التهذيب: الــعدائد الذين يُعادُّ بعضهم بعضاً في الميراث. وفلانٌ عَدِــيدُ
بني فلان أَي يُــعَدُّ فيهم. وعَدَّــه فاعْتَدَّ أَي صار مــعدوداً
واعْتُدَّ به. وعِدادُ فلان في بني فلان أَي أَنه يُــعَدُّ معهم في ديوانهم،
ويُــعَدُّ منهم في الديوان. وفلان في عِدادِ أَهل الخير أَي يُــعَدُّ منهم.
والــعِدادُ والبِدادُ: المناهَدَة. يقال: فلانٌ عِدُّ فلان وبِدُّه أَي
قِرْنُه، والجمع أَــعْدادٌ وأَبْدادٌ.
والــعَدِــيدُ: الذي يُــعَدُّ من أَهلك وليس معهم. قال ابن شميل: يقال أَتيت
فلاناً في يوم عِدادٍ أَي يوم جمعة أَو فطر أَو عيد. والعرب تقول: ما
يأْتينا فلان إِلا عِدادَ القَمَرِ الثريا وإِلا قِرانَ القمرِ الثريا أَي
ما يأْتينا في السنة إِلا مرة واحدة؛ أَنشد أَبو الهيثم لأُسَيْدِ بنِ
الحُلاحِل:
إِذا ما قارَنَ القَمَرُ الثُّرَيَّا
لِثَالِثَةٍ، فقد ذَهَبَ الشِّتاءُ
قال أَبو الهيثم: وإِنما يقارنُ القمرُ الثريا ليلةً ثالثةً من الهلال،
وذلك أَول الربيع وآخر الشتاء. ويقال: ما أَلقاه إِلا عِدَّــة الثريا
القمرَ، وإِلا عِدادَ الثريا القمرَ، وإِلا عدادَ الثريا من القمر أَي إِلا
مَرَّةً في السنة؛ وقيل: في عِدَّــةِ نزول القمر الثريا، وقيل: هي ليلة في
كل شهر يلتقي فيها الثريا والقمر؛ وفي الصحاح: وذلك أَن القمر ينزل
الثريا في كل شهر مرة. قال ابن بري: صوابه أَن يقول: لأَن القمر يقارن الثريا
في كل سنة مرة وذلك في خمسة أَيام من آذار؛ وعلى ذلك قول أُسيد بن
الحلاحل:
إِذا ما قارن القمر الثريا
البيت؛ وقال كثير:
فَدَعْ عَنْكَ سُــعْدَــى، إِنما تُسْعِفُ النوى
قِرانَ الثُّرَيَّا مَرَّةً، ثمّ تَأْفُِلُ
رأَيت بخط القاضي شمس الدين أَحمد بن خلكان: هذا الذي استدركه الشيخ على
الجوهري لا يرد عليه لأَنه قال إِن القمر ينزل الثريا في كل شهر مرة،
وهذا كلام صحيح لأَن القمر يقطع الفلك في كل شهر مرة، ويكون كل ليلة في
منزلة والثريا من جملة المنازل فيكون القمر فيها في الشهر مرة، وما تعرض
الجوهري للمقارنة حتى يقول الشيخ صوابه كذا وكذا.
ويقال: فلان إِنما يأْتي أَهلَه الــعِدَّــةَ وهي من الــعِدادِ أَي يأْتي
أَهله في الشهر والشهرين. ويقال: به مرضٌ عِدادٌ وهو أَن يَدَعَه زماناً ثم
يعاوده، وقد عادَّه مُعادَّة وعِداداً، وكذلك السليم والمجنون كأَنّ
اشتقاقه من الحساب من قِبَل عدد الشهور والأَيام أَي أَن الوجع كأَنه
يَــعُدُّ ما يمضي من السنة فإِذا تمت عاود الملدوغَ. والــعِدادُ: اهتياجُ وجع
اللديغ، وذلك إِذا تمت له سنة مذ يوم لُدِغَ هاج به الأَلم، والــعِدَــدُ،
مقصور، منه، وقد جاء ذلك في ضرورة الشعر. يقال: عادّتُه اللسعة إِذا أَتته
لِــعِدادٍ. وفي الحديث: ما زالت أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعادُّني فهذا أَوانُ
قَطَعَتْ أَبْهَري أَي تراجعني ويعاودني أَلَمُ سُمِّها في أَوقاتٍ معلومة؛
قال الشاعر:
يُلاقي مِنْ تَذَكُّرِ آلِ سَلْمَى،
كما يَلْقَى السَّلِيمُ مِنَ الــعِدادِ
وقيل: عِدادُ السليم أَن تَــعُدَّ له سبعة أَيام، فإِن مضت رَجَوْا له
البُرْءَ، وما لم تمض قيل: هو في عِدادِه. ومعنى قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: تُعادُّني تُؤْذيني وتراجعني في أَوقاتٍ معلومة ويعاودني أَلمُ
سمها؛ كما قال النابغة في حية لدغت رجلاً:
تُطَلِّقُهُ حِيناً وحِيناً تُراجِعُ
ويقال: به عِدادٌ من أَلَمٍ أَي يعاوده في أَوقات معلومة. وعِدادُ
الحمى: وقتها المعروفُ الذي لا يكادُ يُخْطِيئُه؛ وعَمَّ بعضُهم بالــعِدادِ
فقال: هو الشيءُ يأْتيك لوقته مثل الحُمَّى الغِبِّ والرِّبْعِ، وكذلك السمّ
الذي يَقْتُلُ لِوَقْتٍ، وأَصله من الــعَدَــدِ كما تقدم. أَبو زيد: يقال
انقضت عِدَّــةُ الرجل إِذا انقضى أَجَلُه، وجَمْعُها الــعِدَــدُ؛ ومثله:
انقضت مُدَّتُه، وجمعها المُدَدُ. ابن الأَعرابي قال: قالت امرأَة ورأَت
رجلاً كانت عَهِدَتْه شابّاً جَلْداً: أيَن شَبابُك وجَلَدُك؟ فقال: من طال
أَمَدُه، وكَثُر ولَدُه، ورَقَّ عَدَــدُه، ذهب جَلَدُه. قوله: رق عدده أَي
سِنُوه التي بِــعَدِّــها ذهب أَكْثَرُ سِنِّه وقَلَّ ما بقي فكان عنده
رقيقاً؛ وأَما قول الهُذَلِيِّ في الــعِدادِ:
هل أَنتِ عارِفَةُ الــعِدادِ فَتُقْصِرِي؟
فمعناه: هل تعرفين وقت وفاتي؟ وقال ابن السكيت: إِذا كان لأَهل الميت
يوم أَو ليلة يُجْتَمع فيه للنياحة عليه فهو عِدادٌ لهم. وعِدَّــةُ المرأَة:
أَيام قُروئها. وعِدَّــتُها أَيضاً: أَيام إِحدادها على بعلها وإِمساكها
عن الزينة شهوراً كان أَو أَقراء أَو وضع حمل حملته من زوجها. وقد
اعتَدَّت المرأَة عِدَّــتها من وفاة زوجها أَو طلاقه إِياها، وجمعُ عِدَّــتِها
عِدَــدٌ وأَصل ذلك كله من الــعَدِّ؛ وقد انقضت عِدَّــتُها. وفي الحديث: لم تكن
للمطلقة عِدَّــةٌ فأَنزل الله تعالى الــعِدَّــة للطلاق. وعِدَّــةُ المرأَة
المطلقة والمُتَوَفَّى زَوْجُها: هي ما تَــعُدُّــه من أَيام أَقرائها أَو
أَيام حملها أَو أَربعة أَشهر وعشر ليال. وفي حديث النخعي: إِذا دخلت
عِدَّــةٌ في عِدَّــةٍ أَجزأَت إِحداهما؛ يريد إِذا لزمت المرأَة عِدَّــتان من رجل
واحد في حال واحدة، كفت إِحداهما عن الأُخرى كمن طلق امرأَته ثلاثاً ثم
مات وهي في عدتها فإِنها تعتد أَقصى الــعدتين، وخالفه غيره في هذا، وكمن
مات وزوجته حامل فوضعت قبل انقضاء عدة الوفاة فإِن عدتها تنقضي بالوضع عند
الأَكثر. وفي التنزيل: فما لكم عليهن من عِدَّــةٍ تَعْتَدُّونَها؛ فأَما
قراءة من قرأَ تَعْتَدُونَها فمن باب تظنيت، وحذف الوسيط أَي تعتدون
بها.وإِــعْدادُ الشيء واعتِدادُه واسْتِــعْدادُه وتَــعْدادُه: إِحْضارُه؛ قال
ثعلب: يقال: اسْتَــعْدَــدْتُ للمسائل وتَــعَدَّــدْتُ، واسم ذلك الــعُدَّــة.
يقال: كونوا على عُدَّــة، فأَما قراءةُ من قرأَ: ولو أَرادوا الخروج
لأَــعَدُّــوا له عُدَّــهُ، فعلى حذف علامة التأْنيث وإِقامة هاء الضمير مُقامها
لأَنهما مشتركتان في أَنهما جزئيتان. والــعُدَّــةُ: ما أَــعددته لحوادث الدهر من
المال والسلاح. يقال: أَخذ للأَمر عُدَّــتَه وعَتادَه بمعنىً. قال
الأَخفش: ومنه قوله تعالى: جمع مالاً وعَدَّــدَه. ويقال: جعله ذا عَدَــدٍ.
والــعُدَّــةُ: ما أُــعِدَّ لأَمر يحدث مثل الأُهْبَةِ.
يقال: أَــعْدَــدْتُ للأَمر عُدَّــتَه.
وأَــعَدّــه لأَمر كذا: هيَّأَه له. والاستــعداد للأَمر: التَّهَيُّؤُ له.
وأَما قوله تعالى: وأَعْتَدَتْ لهُنَّ مُتَّكَأً، فإِنه إِن كان كما ذهب
إِليه قوم من أَنه غُيِّرَ بالإِبْدالِ كراهيةَ المثلين، كما يُفَرُّ منها
إِلى الإِدغام، فهو من هذا الباب، وإِن كان من العَتادِ فظاهر أَنه ليس
منه، ومذهب الفارسي أَنه على الإِبدال. قال ابن دريد: والــعُدَّــةُ من
السلاح ما اعْتَدَدْتَه، خص به السلاح لفظاً فلا أَدري أَخصه في المعنى أَم
لا. وفي الحديث: أَن أَبيض بن حمال المازني قدم على النبي، صلى الله عليه
وسلم، فاسْتَقْطَعَهُ المِلْحَ الذي بِمَأْرِبَ فأَقطعه إِياه، فلما ولى
قال رجل: يا رسول الله، أَتدري ما أَقطعته؟ إِنما أَقطعت له الماءَ
الــعِدَّ؛ قال: فرَجَعه منه؛ قال ابن المظفر: الــعِدُّ موضع يتخذه الناس يجتمع
فيه ماء كثير، والجمع الأَــعْدادُ، ثم قال: الــعِدُّ ما يُجْمَعُ ويُــعَدُّ؛
قال الأَزهري: غلط الليث في تفسير الــعِدِّ ولم يعرفه؛ قال الأَصمعي:
الماء الــعِدُّ الدائم الذي له مادة لا انقطاع لها مثل ماء العين وماء البئر،
وجمعُ الــعِدِّ أَــعْدادٌ. وفي الحديث: نزلوا أَــعْدادَ مياه الحُدَيْبِيَةِ
أَي ذَوات المادة كالعيون والآبار؛ قال ذو الرمة يذكر امرأَة حضرت ماء
عِدّــاً بَــعْدَــما نَشَّتْ مياهُ الغُدْرانِ في القَيْظِ فقال:
دَعَتْ مَيَّةَ الأَــعْدادُ، واسْتَبْدَلَتْ بِها
خَناطِيلُ آجالٍ مِنَ العِينِ خُذَّلُ
استبدلت بها: يعني منازلها التي ظعنت عنها حاضرة أَــعداد المياه فخالفتها
إِليها الوحش وأَقامت في منازلها؛ وهذا استعارة كما قال:
ولقدْ هَبَطْتُ الوَادِيَيْنِ، وَوَادِياً
يَدْعُو الأَنِيسَ بها الغَضِيضُ الأَبْكَمُ
وقيل: الــعِدُّ ماء الأَرض الغَزِيرُ، وقيل: الــعِدُّ ما نبع من الأَرض،
والكَرَعُ، ما نزل من السماء، وقيل: الــعِدُّ الماءُ القديم الذي لا
يَنْتَزِحُ؛ قال الراعي:
في كلِّ غَبْراءَ مَخْشِيٍّ مَتالِفُها،
دَيْمُومَةٍ، ما بها عِدٌّ ولا ثَمَدُ
قال ابن بري: صوابه خفض ديمومة لأَنه نعت لغبراء، ويروى جَدَّاءَ بدل
غبراء، والجداء: التي لا ماء بها، وكذلك الديمومة. والــعِدُّ: القديمة من
الرَّكايا، وهو من قولهم: حَسَبٌ عِدٌّ قَديمٌ؛ قال ابن دريد: هو مشتق من
الــعِدِّ الذي هو الماء القديم الذي لا ينتزح هذا الذي جرت العادة به في
العبارة عنه؛ وقال بعضُ المُتَحَذِّقِينَ: حَسَبٌ عِدٌّ كثير، تشبيهاً
بالماء الكثير وهذا غير قوي وأَن يكون الــعِدُّ القَدِيمَ أَشْبَهُ؛ قال
الشاعر:
فَوَرَدَتْ عِدّــاً من الأَــعْدادِ
أَقدَمَ مِنْ عادٍ وقَوْمِ عادِ
وقال الحطيئة:
أَتتْ آلَ شَمَّاسِ بنِ لأْيٍ، وإِنما
أَتَتْهُمْ بها الأَحلامُ والحَسَبُ الــعِدُّ
قال أَبو عدنان: سأَلت أَبا عبيدة عن الماءِ الــعِدِّ، فقال لي: الماءُ
الــعِدُّ، بلغة تميم، الكثير، قال: وهو بلغة بكر بن وائل الماءُ القليل.
قال: بنو تميم يقولون الماءُ الــعِدُّ، مثلُ كاظِمَةٍ، جاهِلِيٌّ إِسلامِيٌّ
لم ينزح قط، وقالت لي الكُلابِيَّةُ: الماءُ الــعِدُّ الرَّكِيُّ؛ يقال:
أَمِنَ الــعِدِّ هذا أَمْ مِنْ ماءِ السماءِ؟ وأَنشدتني:
وماءٍ، لَيْسَ مِنْ عِدِّ الرَّكايا
ولا جَلْبِ السماءِ، قدِ اسْتَقَيْتُ
وقالت: ماءُ كلِّ رَكِيَّةٍ عِدٌّ، قَلَّ أَو كَثُرَ.
وعِدَّــانُ الشَّبابِ والمُلْكِ: أَوّلُهما وأَفضلهما؛ قال العجاج:
ولي على عِدَّــانِ مُلْكٍ مُحْتَضَرْ
والــعِدَّــانُ: الزَّمانُ والعَهْدُ؛ قال الفرزدق يخاطب مسكيناً الدارمي
وكان قد رثى زياد بن أَبيه فقال:
أَمِسْكِينُ، أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَكَ إِنما
جرى في ضَلالٍ دَمْعُها، فَتَحَدَّرَا
أَقولُ له لمَّا أَتاني نَعِيُّهُ:
به لا بِظَبْيٍ بالصَّرِيمَةِ أَعْفَرَا
أَتَبْكِي امْرأً من آلِ مَيْسانَ كافِراً،
كَكِسرى على عِدَّــانِه، أَو كَقَيْصَرا؟
قوله: به لا بظبي، يريد: به الهَلَكَةُ، فحذف المبتدأَ. معناه: أَوقع
الله به الهلكة لا بمن يهمني أَمره. قال: وهو من الــعُدَّــة كأَنه أُــعِدَّ
وهُيِّئَ. وأَنا على عِدَّــانِ ذلك أَي حينه وإِبَّانِه؛ عن ابن الأَعرابي.
وكان ذلك على عَدَّــانِ فلان وعِدَّــانِه أَي على عهده وزمانه، وأَورده
الأَزهري في عَدَــنَ أَيضاً. وجئت على عِدَّــانِ تَفْعَلُ ذلك وعَدَّــان
تَفْعَلُ ذلك أَي حينه. ويقال: كان ذلك في عِدَّــانِ شبابه وعِدَّــانِ مُلْكِه
وهو أَفضله وأَكثره؛ قال: واشتقاقه من أَن ذلك كان مُهَيَّأً مُــعَدّــاً.
وعِدادُ القوس: صوتها ورَنِينُها وهو صوت الوتر؛ قال صخر الغيّ:
وسَمْحَةٍ مِنْ قِسِيِّ زارَةَ حَمْـ
ـراءَ هَتُوفٍ، عِدادُها غَرِدُ
والــعُدُّ: بَثرٌ يكون في الوجه؛ عن ابن جني؛ وقيل: الــعُدُّ والــعُدَّــةُ
البَثْرُ يخرج على وجوه المِلاح. يقال: قد اسْتَكْمَتَ الــعُدُّ فاقْبَحْه
أَي ابْيَضَّ رأْسه من القَيْح فافْضَخْه حتى تَمْسَحَ عنه قَيْحَهُ؛
قال: والقَبْحُ، بالباء، الكَسْرُ.
ابن الأَعرابي: الــعَدْعَدَــةُ العَجَلَةُ. وعَدْعَدَ في المشي وغيره
عَدْعَدَــةً: أَسرع. ويوم الــعِدادِ: يوم العطاء؛ قال عتبة بن الوعل:
وقائِلَةٍ يومَ الــعِدادِ لبعلها:
أَرى عُتْبَةَ بنَ الوَعْلِ بَــعْدِــي تَغَيَّرا
قال: والــعِدادُ يومُ العَطاءِ؛ والــعِدادُ يومُ العَرْض؛ وأَنشد شمر
لجَهْم بنِ سَبَلٍ:
مِنَ البيضِ العَقَائِلِ، لم يُقَصِّرْ
بها الآباءُ في يَوْمِ الــعِدادِ
قال شمر: أَراد يومَ الفَخَارِ ومُعادَّة بعضِهم بعضاً. ويقال: بالرجل
عِدادٌ أَي مَسٌّ من جنون، وقيده الأَزهري فقال: هو شِبهُ الجنونِ يأْخذُ
الإِنسانَ في أَوقاتٍ مَعلومة. أَبو زيد: يقال للبغل إِذا زجرته
عَدْعَدْ، قال: وعَدَــسْ مثلُه. والــعَدْعَدةُ: صوتُ القطا وكأَنه حكاية؛ قال
طرفة:أَرى الموتَ أَــعْدادَ النُّفُوسِ، ولا أَرى
بَعِيداً غَداً، ما أَقْرَبَ اليومَ مِن غَدِ
يقول: لكل إِنسان مِيتَةٌ فإِذا ذهبت النفوس ذهبت مِيَتُهُم كلها. وأَما
الــعِدّــانُ جمع العتُودِ، فقد تقدّم في موضعه.
وفي المثل: أَنْ تَسْمَع بالمُعَيدِيِّ خيرٌ من أَن تراه؛ وهو تصغير
مَــعَدِّــيٍّ مَنْسوب إِلى مَــعَدّ، وإِنما خففت الدال استثقالاً للجمع بين
الشديدتين مع ياء التصغير، يُضْرَب للرجُل الذي له صيتٌ وذِكْرٌ في الناس،
فإِذا رأَيته ازدريتَ مَرآتَه. وقال ابن السكيت: تسمع بالمعيدي لا أَنْ
تراهُ؛ وكأَن تأْويلَه تأْويل أَمرٍ كأَنه اسْمَعْ به ولا تَرَه.
والمَــعَدَّــانِ: موضعُ دَفَّتَي السَّرْجِ.
ومَــعَدٌّ: أَبو العرب وهو مَــعَدُّ بنُ عَدْــنانَ، وكان سيبويه يقول الميم
من نفس الكلمة لقولهم تَمَــعْدَــدَ لِقِلَّة تَمَفْعَلَ في الكلام، وقد
خولِفَ فيه. وتَمَــعْدَــدَ الرجلُ أَي تزَيَّا بِزيِّهم، أَو انتسب إِليهم،
أَو تَصَبَّرَ على عَيْش مَــعَدّ. وقال عمر، رضي الله عنه: اخْشَوْشِنُوا
وتَمَــعْدَــدُوا؛ قال أَبو عبيد: فيه قولان: يقال هو من الغِلَظِ ومنه قيل
للغلام إِذا شبَّ وغلُظ: قد تَمَــعْدَــدَ؛ قال الراجز:
رَبَّيْتُه حتى إِذا تَمَــعْدَــدا
ويقال: تَمَــعْدَــدوا أَي تشبَّهوا بعَيْش مَــعَدّ، وكانوا أَهلَ قَشَفٍ
وغِلَظ في المعاش؛ يقول: فكونوا مثلَهم ودعوا التَّنَعُّمَ وزِيَّ العَجم؛
وهكذا هو في حديث آخر: عليكم باللِّبْسَة المَــعَدِّــيَّة؛ وفي الصحاح:
وأَما قول معن بن أَوس:
قِفَا، إِنها أَمْسَت قِفاراً ومَن بها،
وإِن كان مِن ذي وُدِّنا قد تَمَــعْدَــدَا
فإِنه يريد تباعد، قال ابن بري: صوابه أَن يذكر تمــعدد في فصل مَــعَدَ
لأَن الميم أَصلية. قال: وكذا ذكر سيبويه قولَهم مَــعَدٌّ فقال الميم أَصلية
لقولهم تَمَــعْدَــدَ. قال: ولا يحمل على تمَفْعل مثل تَمَسْكنَ لقلَّته
ونَزَارَتِه، وتمــعدد في بيت ابن أَوْس هو من قولهم مَــعَدَ في الأَرض إِذا
أَبــعد في الذهاب، وسنذكره في فصل مَــعَدَ مُسْتَوْفًى؛ وعليه قول الراجز:
أَخْشَى عليه طَيِّئاً وأَسَدَا،
وخارِبَيْنِ خَرَبَا فمَــعَدَــا
أَي أَبْــعَدَــا في الذهاب؛ ومعنى البيت: أَنه يقول لصاحبيه: قفا عليها
لأَنها مَنْزِلُ أَحبابِنا وإِن كانت الآن خاليةً، واسمُ كان مضمراً فيها
يعود على مَن، وقبل البيت:
قِفَا نَبْكِ، في أَطْلال دارٍ تنَكَّرَتْ
لَنا بَــعْدَ عِرْفانٍ، تُثابَا وتُحْمَدَا
صــعد: صَــعِدَ المكانَ وفيه صُعُوداً وأَصْــعَدَ وصَــعَّدَ: ارتقى
مُشْرِفاً؛ واستعاره بعض الشعراء للعرَض الذي هو الهوى فقال:
فأَصْبَحْنَ لا يَسْأَلْنَهُ عنْ بِما بِهِ،
أَصَــعَّدَ، في عُلْوَ، الهَوَى أَمْ تَصَوَّبَا
أَراد عما به، فزاد الباء وفَصَل بها بين عن وما جرَّته، وهذا من غريب
مواضعها، وأَراد أَصَــعَّدَ أَم صوّب فلما لم يمكنه ذلك وضع تَصوَّب موضع
صَوَّبَ.
وجَبَلٌ مُصَــعِّد: مرتفع عال؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
يأْوِي إِلى مُشْمَخِرَّاتٍ مُصَــعِّدَــةٍ
شُمٍّ، بِهِنَّ فُرُوعُ القَانِ والنَّشَمِ
والصَّعُودُ: الطريق صاعداً، مؤنثة، والجمع أَصْــعِدةٌ وصُــعُدٌ.
والصَّعُودُ والصَّعُوداءُ، ممدود: العَقَبة الشاقة، قال تميم بن مقبل:
وحَدَّثَهُ أَن السبيلَ ثَنِيَّةٌ
صَعُودَاءُ، تدعو كلَّ كَهْلٍ وأَمْرَدا
وأَكَمَة صَعُودٌ وذاتُ صَــعْداءَ: يَشتدّ صُعودها على الراقي؛ قال:
وإِنَّ سِياسَةَ الأَقْوامِ، فاعْلَم،
لهَا صَــعْدَــاءُ، مَطْلَعُها طَوِيلُ
والصَّعُودُ: المشقة، على المثل. وفي التنزيل: سأُرْهِقُه صَعُوداً؛ أَي
على مشقة من العذاب. قال الليث وغيره: الصَّعُودُ ضد الهَبُوط، والجمع
صعائدُ وصُــعُدٌ مثل عجوز وعجائز وعُجُز. والصَّعُودُ: العقبة الكؤود،
وجمعها الأَصْــعِدَــةُ. ويقال: لأُرْهِقَنَّكَ صَعُوداً أَي لأُجَشِّمَنَّكَ
مَشَقَّةً من الأَمر، وإِنما اشتقوا ذلك لأَن الارتفاع في صَعُود أَشَقُّ
من الانحدار في هَبُوط؛ وقيل فيه: يعني مشقة من العذاب، ويقال بل جَبَلٌ
في النار من جمرة واحدة يكلف الكافرُ ارتقاءَه ويُضرب بالمقامع، فكلما وضع
عليه رجله ذابت إِلى أَسفلِ وَرِكِهِ ثم تعود مكانها صحيحة؛ قال: ومنه
اشتق تَصَــعَّدَــني ذلك الأَمرُ أَي شق عليّ. وقال أَبو عبيد في قول عمر،
رضي الله عنه: ما تَصَــعَّدَــني شيءٌ ما تَصَــعَّدَــتْني خِطْبَةُ النكاح أَي
ما تكاءَدتْني وما بَلَغَتْ مني وما جَهَدَتْني، وأَصله من الصَّعُود، وهي
العقبة الشاقة. يقال: تَصَــعَّدَــهُ الأَمْرُ إِذا شق عليه وصَعُبَ؛ قيل:
إِنما تَصَعَّبُ عليه لقرب الوجوه من الوجوه ونظَرِ بعضهم إِلى بعض،
ولأَنهم إِذا كان جالساً معهم كانوا نُظَراءَ وأَكْفاءً، وإِذا كان على
المنبر كانوا سُوقَةً ورعية.
والصَّــعَدُ: المشقة. وعذاب صَــعَدٌ، بالتحريك، أَي شديد. وقوله تعالى:
نَسْلُكه عذاباً صَــعَداً؛ معناه، والله أَعلم، عذاباً شاقّاً أَي ذا صَــعَد
ومَشَقَّة.
وصَــعَّدَ في الجبل وعليه وعلى الدرجة: رَقِيَ، ولم يعرفوا فيه صَــعِدَ.
وأَصْــعَد في الأَرض أَو الوادي لا غير: ذهب من حيث يجيء السيل ولم يذهب
إِلى أَسفل الوادي؛ فأَما ما أَنشده سيبويه لعبد
الله بن همام السلولي:
فإِمَّا تَرَيْني اليومَ مُزْجِي مَطِيَّتي،
أُصَــعِّدُ سَيْراً في البلادِ وأُفْرِعُ
فإِنما ذهب إِلى الصُّعود في الأَماكن العالية. وأُفْرِعُ ههنا:
أَنْحَدِرُ لأَنّ الإِفْراع من الأَضْداد، فقابل التَّصَــعُّدَ بالتَّسَفُّل؛ هذا
قول أَبي زيد؛ قال ابن بري: إِنما جعل أُصَــعِّدُ بمعنى أَنحدر لقوله في
آخر البيت وأُفرع، وهذا الذي حمل الأَخفشَ على اعتقاد ذلك، وليس فيه دليل
لأَن الإِفراع من الأَضداد يكون بمعنى الانحدار، ويكون بمعنى الإِصعاد؛
وكذلك صَــعَّدَ أَيضاً يجيء بالمعنيين. يقال: صَــعَّدَ في الجبل إِذا طلع
وإِذا انحدر منه، فمن جعل قوله. أُصَــعِّدُ في البيت المذكور بمعنى
الإِصعاد كان قوله أُفْرِعُ بمعنى الانحدار، ومن جعله بمعنى الانحدار كان قوله
أُفرع بمعنى الإِصعاد؛ وشاهد الإِفراع بمعنى الإِصعاد قول الشاعر:
إِني امْرُؤٌ مِن يَمانٍ حين تَنْسُبُني،
وفي أُمَيَّةَ إِفْراعِي وتَصْويبي
فالإِفراع ههنا: الإِصعاد لاقترانه بالتصويب. قال: وحكي عن أَبي زيد
أَنه قال: أَصْــعَدَ في الجبل، وصَــعَّدَ في الأَرض، فعلى هذا يكون المعنى في
البيت أُصَــعِّدُ طَوْراً في الأَرض وطَوْراً أُفْرِعُ في الجبل، ويروى:
«وإِذ ما تريني اليوم» وكلاهما من أَدوات الشرط، وجواب الشرط في قوله
إِمَّا تريني في البيت الثاني:
فَإِنيَ مِنْ قَوْمٍ سِواكُمْ، وإِنما
رِجاليَ فَهْمٌ بالحجاز وأَشْجَعُ
وإِنما انتسب إِلى فَهْمٍ وأَشجع، وهو من سَلول بن عامر، لأَنهم كانوا
كلهم من قيس عيلان بن مضر؛ ومن ذلك قول الشماخ:
فإِنْ كَرِهْتَ هِجائي فاجْتَنِبْ سَخَطِي،
لا يَدْهَمَنَّكَ إِفْراعِي وتَصْعِيدِي
وفي الحديث في رَجَزٍ:
فهو يُنَمِّي صُــعُداً
أَي يزيدُ صُعوداً وارتفاعاً. يقال: صَــعِدَ إِليه وفيه وعليه. وفي
الحديث: فَصَــعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ وصَوَّبه أَي نظر إِلى أَعلاي وأَسفلي
يتأَملني. وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: كأَنما يَنْحَطُّ في صَــعَد؛ هكذا
جاءَ في رواية يعني موضعاً عالياً يَصْــعَدُ فيه وينحطّ، والمشهور: كأَنما
ينحط في صَبَبٍ.
والصُّــعُدُ، بضمتين: جمع صَعُود، وهو خلاف الهَبُوط، وهو بفتحتين، خلاف
الصَّبَبِ. وقال ابن الأَعرابي: صَــعِدَ في الجبل واستشهد بقوله تعالى:
إِليه يَصْــعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ؛ وقد رجع أَبو زيد إِلى ذلك فقال:
اسْتَوْأَرَتِ الإِبلُ إِذا نَفَرَت فَصَــعِدَــتِ الجبال، ذَكره في الهمز. وفي
التنزيل: إِذ تُصْــعِدُــونَ ولا تَلْوُونَ على أَحَدٍ؛ قال الفراء:
الإِصْعادُ في ابتداء الأَسفار والمخارج، تقول: أَصْــعَدْــنا من مكة، وأَصْــعَدْــنا
من الكوفة إِلى خُراسان وأَشباه ذلك، فإِذا صَــعِدْــتَ في السُّلَّمِ وفي
الدَّرَجَةِ وأَشباهه قُلْتَ: صَــعِدْــتُ، ولم تقل أَصْــعَدْــتُ. وقرأَ الحسن:
إِذ تَصْــعَدُــون؛ جعل الصُّعودَ في الجبل كالصُّعُود في السلم. ابن
السكيت: يقال صَــعِدَ في الجبل وأَصْــعَدَ في البلاد. ويقال: ما زلنا في صَعود،
وهو المكان فيه ارتفاع. وقال أَبو صخر: يكون الناس في مَباديهم، فإِذا
يَبِسَ البقل ودخل الحرّ أَخذوا إِلى حاضِرِهِم، فمن أَمَّ القبلة فهو
مُصْــعِدٌ، ومن أَمَّ العراق فهو مُنْحَدِرٌ؛ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله
أَبو صخر كلام عربي فصيح، سمعت غير واحد من العرب يقول: عارَضْنا الحاجَّ
في مَصْــعَدِــهم أَي في قَصْدِهم مكةَ، وعارَضْناهم في مُنْحَدَرِهم أَي في
مَرْجِعهم إِلى الكوفة من مكة. قال ابن السكيت: وقال لي عُمارَة:
الإِصْعادُ إِلى نجد والحجاز واليمن، والانحدار إِلى العراق والشام وعُمان. قال
ابن عرفة: كُلُّ مبتدئ وجْهاً في سفر وغيره، فهو مُصْــعِدٌ في ابتدائه
مُنْحَدِرٌ في رجوعه من أَيّ بلد كان. وقال أَبو منصور: الإِصْعادُ الذهاب
في الأَرض؛ وفي شعر حسان:
يُبارينَ الأَعِنَّةَ مُصْــعِداتٍ
أَي مقبلات متوجهات نحوَكم. وقال الأَخفش: أَصْــعَدَ في البلاد سار ومضى
وذهب؛ قال الأَعشى:
فإِنْ تَسْأَلي عني، فَيَا رُبَّ سائِلٍ
حَفِيٍّ عَن الأَعشى، به حَيْثُ أَصْــعَدا
وأَصْــعَدَ في الوادي: انحدر فيه، وأَما صَــعِدَ فهو ارتقى. ويقال:
أَصْــعَدَ الرجلُ في البلاد حيث توجه. وأَصْــعَدَــتِ السفينةُ إِصْعاداً إِذا
مَدَّت شِراعَها فذهبت بها الريح صَــعَداً. وقال الليث: صَــعِدَ إِذا ارتقى،
وأَصْــعَدَ يُصْــعِدُ إِصْعاداً، فهو مُصْــعِدٌ إِذا صار مُسْتَقْبِلَ حَدُورٍ
أَو نَهَر أَو واد، أَو أَرْفَعَ
(* قوله «او أرفع إلخ» كذا بالأصل
المعوّل عليه، ولعل فيه سقطاً والأصل أو أرض أَرفع بقرينة قوله الأخرى وقال
الأساس أصــعد في الأرض مستقبل أرض أخرى): من الأُخرى؛ قال: وصَــعَّدَ في
الوادي يُصَــعّدُ تَصْعِيداً وأَصْــعَدَ إِذا انحدر فيه. قال الأَزهري:
والاصِّعَّادُ عندي مثل الصُّعُود. قال الله تعالى: كأَنما يَصَّــعِّد في
السماء. يقال: صَــعِدَ واصَّــعَّدَ واصَّاعَدَ بمعنى واحد. ورَكَبٌ مُصْــعِدٌ:
ومُصَّــعِّدٌ: مرتفع في البطن منتصب؛ قال:
تقول ذاتُ الرَّكَبِ المُرَفَّدِ:
لا خافضٍ جِدّاً، ولا مُصَّــعِّد
وتصَــعَّدني الأَمرُ وتَصاعَدني: شَقَّ عليَّ. والصُّــعَداءُ، بالضم
والمدّ: تنفس ممدود. وتصَــعَّدَ النَّفَسُ: صَعُبَ مَخْرَجُه، وهو الصُّــعَداءُ؛
وقيل: الصُّــعَداءُ النفَسُ إِلى فوق ممدود، وقيل: هو النفَسُ بتوجع، وهو
يَتَنَفَّسُ الصُّــعَداء ويتنفس صُــعُداً. والصُّــعَداءُ: هي المشقة
أَيضاً.وقولهم: صَنَعَ أَو بَلَغَ كذا وكذا فَصاعِداً أَي فما فوق ذلك. وفي
الحديث: لا صلاةَ لمن لم يقرأْ بفاتحة الكتاب فَصاعِداً أَي فما زاد عليها،
كقولهم: اشتريته بدرهم فصاعداً. قال سيبويه: وقالوا أَخذته بدرهم
فصاعداً؛ حذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إِياه، ولأَنهم أَمِنوا أَن يكون على
الباء، لأَنك لو قلت أَخذته بِصاعِدٍ كان قبيحاً، لأَنه صفة ولا يكون في موضع
الاسم، كأَنه قال أَخذته بدرهم فزاد الثمنُ صاعِداً أَو فذهب صاعداً.
ولا يجوز أَن تقول: وصاعداً لأَنك لا تريد أَن تخبر أَن الدرهَم مع صاعِدٍ
ثَمَنٌ لشيء كقولك بدرهم وزيادة، ولكنك أَخبرت بأَدنى الثمن فجعلته
أَولاً ثم قَرَّرْتَ شيئاً بــعد شيء لأَثْمانٍ شَتَّى؛ قال: ولم يُرَدْ فيها
هذا المعنى ولم يُلْزِم الواوُ الشيئين أَن يكون أَحدهما بــعد الآخر؛
وصاعِدٌ بدل من زاد ويزيد، وثم مثل الفاء إِلاَّ أَنّ الفاء أَكثر في كلامهم؛
قال ابن جني: وصاعداً حال مؤكدة، أَلا ترى أَن تقديره فزاد الثمنُ
صاعِداً؟ ومعلوم أَنه إِذا زاد الثمنُ لم يمكن إِلا صاعِداً؛ ومثله
قوله:كَفى بالنَّأْيِ من أَسْماءَ كافٍ
غير أَن للحال هنا مزية أَي في قوله فصاعداً لأَن صاعداً ناب في اللفظ
عن الفعل الذي هو زاد، وكاف ليس نائباً في اللفظ عن شيء، أَلا ترى أَن
الفعل الناصب له، الذي هو كفى ملفوظ به معه؟
والصعيدُ: المرتفعُ من الأَرض، وقيل: الأَرض المرتفعة من الأَرض
المنخفضةِ، وقيل: ما لم يخالطه رمل ولا سَبَخَةٌ، وقيل: وجه الأَرض لقوله تعالى:
فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً؛ وقال جرير:
إِذا تَيْمٌ ثَوَتْ بِصَعِيد أَرْضٍ،
بَكَتْ من خُبْثِ لُؤْمِهِم الصَّعيدُ
وقال في آخرين:
والأَطْيَبِينَ من التراب صَعيدا
وقيل: الصَّعِيدُ الأَرضُ، وقيل: الأَرض الطَّيِّبَةُ، وقيل: هو كل تراب
طيب. وفي التنزيل: فَتَيَمَّموا صَعِيداً طَيِّباً؛ وقال الفراء في
قوله: صَعيداً جُرزُاً: الصعيد التراب؛ وقال غيره: هي الأَرض المستوية؛ وقال
الشافعي: لا يَقع اسْمُ صَعيد إِلاّ على تراب ذي غُبار، فأَما البَطْحاءُ
الغليظة والرقيقة والكَثِيبُ الغليظ فلا يقع عليه اسم صعيد، وإِن خالطه
تراب أَو صعيد
(* قوله «تراب أو صعيد إلخ» كذا بالأصل ولعل الأولى تراب
أو رمل أو نحو ذلك) أَو مَدَرٌ يكون له غُبار كان الذي خالطه الصعيدَ، ولا
يُتَيَمَّمُ بالنورة وبالكحل وبالزِّرْنيخ وكل هذا حجارة. وقال أَبو
إِسحق: الصعيد وجه الأَرض. قال: وعلى الإِنسان أَن يضرب بيديه وجه الأَرض
ولا يبالي أَكان في الموضع ترابٌ أَو لم يكن لأَن الصعيد ليس هو الترابَ،
إِنما هو وجه الأَرض، تراباً كان أَو غيره. قال: ولو أَن أَرضاً كانت كلها
صخراً لا تراب عليه ثم ضرب المتيمم يدَه على ذلك الصخر لكان ذلك
طَهُوراً إِذا مسح به وجهه؛ قال الله تعالى: فَتُصْبِح صعيداً؛ لأَنه نهاية ما
يصــعد إِليه من باطن الأَرض، لا أَعلم بين أَهل اللغة خلافاً فيه أَن
الصعيد وجه الأَرض؛ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله أَبو إِسحق أَحسَبه مذهَبَ
مالك ومن قال بقوله ولا أَسْتَيْقِنُه. قال الليث: يقال للحَديقَةِ إِذا
خَرِبت وذهب شَجْراؤُها: قد صارت صعيداً أَي أَرضاً مستوية لا شَجَرَ
فيها. ابن الأَعرابي: الصعيدُ الأَرضُ بعينها. والصعيدُ: الطريقُ، سمي
بالصعيد من التراب، والجمع من كل ذلك صُــعْدانٌ؛ قال حميد بن ثور:
وتِيهٍ تَشابَهَ صُــعْدانُه،
ويَفْنى بهِ الماءُ إِلاَّ السَّمَلْ
وصُــعُدٌ كذلك، وصُــعُداتٌ جمع الجمع. وفي حديث علي، رضوان الله عليه:
إِياكم والقُعُودَ بالصُّــعُداتِ إِلاَّ مَنْ أَدَّى حَقَّها؛ هي الطُّرُقُ،
وهي جمع صُــعُدٍ وصُــعُدٌ جمعُ صَعِيد، كطريق وطرُق وطُرُقات، مأْخوذ من
الصَّعيدِ وهو التراب؛ وقيل: هي جمع صُــعْدَــةٍ كظُلْمة، وهي فِناءُ باب
الدار ومَمَرُّ الناس بين يديه؛ ومنه الحديث: ولَخَرَجْتم إِلى الصُّــعْداتِ
تَجْأَرُونَ إِلى الله. والصَّعِيدُ: الطريقُ يكون واسعاً وضَيِّقاً.
والصَّعيدُ: الموضعُ العريضُ الواسعُ. والصَّعيدُ: القبر.
وأَصْــعَدَ في الــعَدْــو: اشْتَدَّ.
ويقال: هذا النبات يَنْمي صُــعُداً أَي يزداد طولاً. وعُنُقٌ صاعِدٌ أَي
طويل. ويقال فلان يتتبع صُــعَداءَه أَي يرفع رأْسه ولا يُطأْطِئُه. ويقال
للناقة: إِنها لفي صَعِيدَةِ بازِلَيْها أَي قد دنت ولمَّا تَبْزُل؛
وأَنشد:
سَديسٌ في صَعِيدَةِ بازِلَيْها،
عَبَنَّاةٌ، ولم تَسْقِ الجَنِينا
والصَّــعْدَــةُ: القَناة، وقيل: القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج إِلى
التثقيف؛ قال كعب بن جُعَيْل يصف امرأَةً شَبَّهَ قَدَّها بالقَناة:
فإِذا قامتْ إِلى جاراتِها،
لاحَتِ السَّاقُ بِخَلْخالٍ زجِلْ
صَــعْدَــةٌ نابِتَةٌ في حائرٍ،
أَيْنَما الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
وقال آخر:
خَريرُ الرِّيحِ في قَصَبِ الصِّعادِ
وكذلك القَصَبَةُ، والجمع صِعادٌ، وقيل: هي نحو من الأَلَّةِ،
والأَلَّةُ أَصغر من الحَرْبَةِ؛ وفي حديث الأَحنف:
إِنَّ على كُلِّ رَئِيسٍ حَقَّا.
أَن يَخْضِبَ الصَّــعْدَــةَ أَو تَنْدَقَّا
قال: الصَّــعْدةُ القناة التي تنبت مستقيمة. والصَّــعْدَــةُ من النساء:
المستقيمةُ القامة كأَنها صَــعْدَــةُ قَناةٍ. وجوارٍ صَــعْداتٌ، خفيفةٌ لأَنه
نعت، وثلاثُ صَــعَداتٍ للقنا، مُثَقَّلة لأَنه اسم.
والصَّعُودُ من الإِبل: التي وَلَدَتْ لغير تمام ولكنها خَدَجَتْ لستة
أَشهر أَو سبعة فَعَطَفَتْ على ولدِ عامِ أَوَّلَ، وقيل: الصَّعُود الناقة
تُلْقي ولَدها بــعدما يُشْعِرُ، ثم تَرْأَمُ ولدَها الأَوّل أَو وَلَدَ
غيرها فَتَدِرُّ عليه. وقال الليث: الصَّعُود الناقة يموت حُوارُها
فَتَرْجِعُ إِلى فصيلها فَتَدِرُّ عليه، ويقال: هو أَطيب للبنها؛ وأَنشد لخالد
بن جعفر الكلابي يصف فرساً:
أَمَرْتُ لها الرِّعاءَ، ليُكْرِمُوها،
لها لَبَنُ الخلِيَّةِ والصَّعُودِ
قال الأَصمعي: ولا تكون صَعُوداً حتى تكون خادِجاً. والخَلِيَّةُ:
الناقة تَعْطِف مع أُخرى على ولد واحد فَتَدِرَّانِ عليه، فَيَتَخلى أَهلُ
البيت بواحدة يَحْلُبُونها، والجمع صَعائد وصُــعُدٌ؛ فأَما سيبويه فأَنكر
الصُّــعُدَ.
وأَصْــعَدَــتِ الناقةُ وأَصْــعَدَــها، بالأَلف، وصَــعَّدَــها: جعلها صَعُوداً؛
عن ابن الأَعرابي. والصُّــعُد: شجر يُذاب منه القارُ.
والتَّصْعِيدُ: الإِذابة، ومنه قيل: خلٌّ مُصَــعَّدٌ وشرابٌ مُصَــعَّدٌ
إِذا عُولج بالنار حتى يحول عما هو عليه طعماً ولوناً.
وبَناتُ صَــعْدَــةَ: حَميرُ الوَحْش، والنسبة إِليها صاعِديّ على غير
قياس؛ قال أَبو ذؤَيب:
فَرَمَى فأَلحَق صاعِدِــيَّاً مِطْحَراً
بالكَشْحِ، فاشتملتْ عليه الأَضْلُعُ
وقيل: الصَّــعْدَــةُ الأَتان. وفي الحديث: أَنه خرج على صَــعْدَــةٍ
يَتْبَعُها حُذاقيٌّ، عليها قَوْصَفٌ لم يَبْق منها إِلا قَرْقَرُها؛
الصَّــعْدَــةُ: الأَتان الطويلة الظهر. والحُذاقِيُّ: الجَحْشُ. والقَوْصَفُ:
القَطيفة. وقَرْقَرُها: ظَهْرُها.
وصعَيدُ مصر: موضعٌ بها.
وصَــعْدَــةُ: موضع باليمن، معرفة لا يدخلها الأَلف واللام. وصُعادى
وصُعائدُ: موضعان؛ قال لبيد:
عَلِهَتْ تَبَلَّدُ، في نِهاءِ صُعائِدٍ،
سَبْعاً تؤَاماً كاملاً أَيامُها
عدل: الــعَدْــل: ما قام في النفوس أَنه مُسْتقيم، وهو ضِدُّ الجَوْر.
عَدَــل الحاكِمُ في الحكم يَــعْدِــلُ عَدْــلاً وهو عادِلٌ من قوم عُدُــولٍ
وعَدْــلٍ؛ الأَخيرة اسم للجمع كتَجْرِ وشَرْبٍ، وعَدَــل عليه في القضيَّة، فهو
عادِلٌ، وبَسَطَ الوالي عَدْــلَه ومَــعْدِــلَته. وفي أَسماء الله سبحانه:
الــعَدْــل، هو الذي لا يَمِيلُ به الهوى فيَجورَ في الحكم، وهو في الأَصل مصدر
سُمِّي به فوُضِعَ مَوْضِعَ العادِلِ، وهو أَبلغ منه لأَنه جُعِلَ
المُسَمَّى نفسُه عَدْــلاً، وفلان من أَهل المَــعْدِــلة أَي من أَهل الــعَدْــلِ.
والــعَدْــلُ: الحُكْم بالحق، يقال: هو يَقْضي بالحق ويَــعْدِــلُ. وهو حَكَمٌ
عادِلٌ: ذو مَــعْدَــلة في حكمه. والــعَدْــلُ من الناس: المَرْضِيُّ قولُه
وحُكْمُه. وقال الباهلي: رجل عَدْــلٌ وعادِلٌ جائز الشهادة. ورَجُلٌ عَدْــلٌ:
رِضاً ومَقْنَعٌ في الشهادة؛ قال ابن بري ومنه قول كثير:
وبايَعْتُ لَيْلى في الخَلاء، ولم يَكُنْ
شُهودٌ على لَيْلى عُدُــولٌ مَقَانِعُ
ورَجُلٌ عَدْــلٌ بيِّن الــعَدْــلِ والــعَدَــالة: وُصِف بالمصدر، معناه ذو
عَدْــلٍ. قال في موضعين: وأَشْهِدوا ذَوَيْ عَدْــلٍ منكم، وقال: يَحْكُم به
ذَوَا عَدْــلٍ منكم؛ ويقال: رجل عَدْــلٌ ورَجُلانِ عَدْــلٌ ورِجالٌ عَدْــلٌ
وامرأَة عَدْــلٌ ونِسْوةٌ عَدْــلٌ، كلُّ ذلك على معنى رجالٌ ذَوُو عَدْــلٍ
ونِسوةٌ ذوات عَدْــلٍ، فهو لا يُثَنَّى ولا يجمع ولا يُؤَنَّث، فإِن رأَيته
مجموعاً أَو مثنى أَو مؤَنثاً فعلى أَنه قد أُجْرِي مُجْرى الوصف الذي ليس
بمصدر، وقد حكى ابن جني: امرأَة عَدْــلة، أَنَّثوا المصدر لما جرى وصفاً
على المؤنث وإِن لم يكن على صورة اسم الفاعل، ولا هو الفاعل في الحقيقة،
وإِنما اسْتَهْواه لذلك جَرْيُها وصفاً على المؤنث؛ وقال ابن جني: قولهم
رجل عَدْــلٌ وامرأَة عَدْــل إِنما اجتمعا في الصفة المُذَكَّرة لأَن التذكير
إِنما أَتاها من قِبَل المصدرية، فإِذا قيل رجل عَدْــلٌ فكأَنه وصف بجميع
الجنس مبالغةً كما تقول: استَوْلى على الفَضْل وحاز جميعَ الرِّياسة
والنُّبْل ونحو ذلك، فوُصِف بالجنس أَجمع تمكيناً لهذا الموضع وتوكيداً،
وجُعِل الإِفراد والتذكير أَمارةً للمصدر المذكور، وكذلك القول في خَصْمٍ
ونحوه مما وُصِف به من المصادر، قال: فإِن قلت فإِن لفظ المصدر قد جاء
مؤنثاً نحو الزِّيادة والعِيادة والضُّؤُولة والجُهومة والمَحْمِيَة
والمَوْجِدة والطَّلاقة والسَّباطة ونحو ذلك، فإِذا كان نفس المصدر قد جاء
مؤَنثاً فما هو في معناه ومحمول بالتأْويل عليه أَحْجى بتأْنيثه، قيل: الأَصل
لقُوَّته أَحْمَلُ لهذا المعنى من الفرع لضعفه، وذلك أَن الزِّيادة
والعيادة والجُهومة والطَّلاقة ونحو ذلك مصادر غير مشكوك فيها، فلحاقُ التاء
لها لا يُخْرِجها عما ثبت في النفس من مَصدَرِيَّتها، وليس كذلك الصفة
لأَنها ليست في الحقيقة مصدراً، وإِنما هي مُتَأَوَّلة عليه ومردودة
بالصَّنْعة إِليه، ولو قيل رجُلٌ عَدْــلٌ وامرأَة عَدْــلة وقد جَرَت صفة كما ترى لم
يُؤْمَنْ أَن يُظَنَّ بها أَنها صفة حقيقية كصَعْبة من صَعْبٍ، ونَدْبة
من نَدْبٍ، وفَخْمة من فَخْمٍ، فلم يكن فيها من قُوَّة الدلالة على
المصدرية ما في نفس المصدر نحو الجُهومة والشُّهومة والخَلاقة، فالأُصول
لقُوَّتها يُتَصَرَّف فيها والفروع لضعفها يُتَوَقَّف بها، ويُقْتَصر على بعض
ما تُسَوِّغه القُوَّةُ لأُصولها، فإِن قيل: فقد قالوا رجل عَدْــل وامرأَة
عَدْــلة وفرسٌ طَوْعة القِياد؛ وقول أُميَّة:
والحَيَّةُ الحَتْفَةُ الرَّقْشاءُ أَخْرَجَهَا،
من بيتِها، آمِناتُ اللهِ والكَلِمُ
قيل: هذا قد خَرَجَ على صورة الصفة لأَنهم لم يُؤْثِروا أَن يَبْــعُدوا
كلَّ البُــعْد عن أَصل الوصف الذي بابه أَن يَقع الفَرْقُ فيه بين مُذَكره
ومؤَنَّثه، فجرى هذا في حفظ الأُصول والتَّلَفُّت إِليها للمُباقاة لها
والتنبيه عليها مَجْرى إِخراج بعض المُعْتَلِّ على أَصله، نحو استَحْوَذَ
وضَنِنُوا، ومَجرى إِعمال صُغْتُه وعُدْــتُه، وإِن كان قد نُقِل إِلى
فَعُلْت لما كان أَصله فَعَلْت؛ وعلى ذلك أَنَّث بعضُهم فقال خَصْمة وضَيْفة،
وجَمَع فقال:
يا عَيْنُ، هَلاَّ بَكَيْتِ أَرْبَدَ، إِذ
قُمْنا، وقامَ الخُصومُ في كَبَد؟
وعليه قول الآخر:
إِذا نزَلَ الأَضْيافُ، كان عَذَوَّراً،
على الحَيِّ، حتى تَسْتَقِلَّ مَراجِلُه
والــعَدالة والــعُدولة والمَــعْدِــلةُ والمَــعْدَــلةُ، كلُّه: الــعَدْــل. وتــعديل
الشهود: أَن تقول إِنهم عُدُــولٌ. وعَدَّــلَ الحُكْمَ: أَقامه. وعَدَّــلَ
الرجلَ: زَكَّاه. والــعَدَــلةُ والــعُدَــلةُ: المُزَكُّون؛ الأَخيرة عن ابن
الأَعرابي. قال القُرْمُليُّ: سأَلت عن فلان الــعُدَــلة أَي الذين
يُــعَدِّــلونه. وقال أَبو زيد: يقال رجل عُدَــلة وقوم عُدَــلة أَيضاً، وهم الذين
يُزَكُّون الشهودَ وهم عُدُــولٌ، وقد عَدُــلَ الرجلُ، بالضم، عَدالةً. وقوله
تعالى: وأَشهِدوا ذَوَيْ عَدْــلٍ منكم؛ قال سعيد بن المسيب: ذَوَيْ عَقْل،
وقال إِبراهيم: الــعَدْــلُ الذي لم تَظْهَر منه رِيبةٌ. وكَتَب عبدُ الملك
إِلى سعيد بن جُبَير يسأَله عن الــعَدْــل فأَجابه: إِنَّ الــعَدْــلَ على أَربعة
أَنحاء: الــعَدْــل في الحكم، قال الله تعالى: وإِن حَكَمْتَ
(* قوله «قال
الله تعالى وان حكمت إلخ» هكذا في الأصل ومثله في التهذيب والتلاوة
بالقسط) فاحْكُمْ بينهم بالــعَدْــل. والــعَدْــلُ في القول، قال الله تعالى: وإِذا
قُلْتُم فاعْدِــلوا: والــعَدْــل: الفِدْية، قال الله عز وجل: لا يُقْبَل منها
عَدْــلٌ. والــعَدْــل في الإِشْراك، قال الله عز وجل: ثم الذين كفروا
برَبِّهم يَــعْدِــلون؛ أَي يُشْرِكون. وأَما قوله تعالى: ولن تَسْتَطِيعوا أَن
تَــعْدِــلوا بين النساء ولو حَرَصْتُم؛ قال عبيدة السَّلماني والضَّحَّاك: في
الحُبِّ والجِماع. وفلان يَــعْدِــل فلاناً أَي يُساوِيه. ويقال: ما
يَــعْدِــلك عندنا شيءٌ أَي ما يقَع عندنا شيءٌ مَوْقِعَك.
وعَدَّــلَ المَوازِينَ والمَكاييلَ: سَوَّاها. وعَدَــلَ الشيءَ يَــعْدِــلُه
عَدْــلاً وعادَله: وازَنَه. وعادَلْتُ بين الشيئين، وعَدَــلْت فلاناً بفلان
إِذا سَوَّيْت بينهما. وتَــعْدِــيلُ الشيء: تقويمُه، وقيل: الــعَدْــلُ
تَقويمُك الشيءَ بالشيءِ من غير جنسه حتى تجعله له مِثْلاً. والــعَدْــلُ
والــعِدْــلُ والــعَدِــيلُ سَواءٌ أَي النَّظِير والمَثِيل، وقيل: هو المِثْلُ وليس
بالنَّظِير عَيْنه، وفي التنزيل: أَو عَدْــلُ ذلك صِياماً؛ قال
مُهَلْهِل:على أَنْ ليْسَ عِدْــلاً من كُلَيْبٍ،
إِذا بَرَزَتْ مُخَبَّأَةُ الخُدُور
والــعَدْــلُ، بالفتح: أَصله مصدر قولك عَدَــلْت بهذا عَدْــلاً حَسَنًا،
تجعله اسماً للمِثْل لِتَفْرُق بينه وبين عِدْــل المَتاع، كما قالوا امرأَة
رَزانٌ وعَجُزٌ رَزِينٌ للفَرْق. والــعَدِــيلُ: الذي يُعادِلك في الوَزْن
والقَدر؛ قال ابن بري: لم يشترط الجوهري في الــعَدِــيل أَن يكون إِنساناً
مثله، وفَرَق سيبويه بين الــعَدِــيل والــعِدْــل فقال: الــعَدِــيلُ من عادَلَك من
الناس، والــعِدْــلُ لا يكون إِلاَّ للمتاع خاصَّة، فبَيَّن أَنَّ عَدِــيل
الإِنسان لا يكون إِلاَّ إِنساناً مثله، وأَنَّ الــعِدْــل لا يكون إِلاَّ
للمتاع، وأَجاز غيرُه أَن يقال عندي عِدْــلُ غُلامِك أَي مِثْله، وعَدْــلُه،
بالفتح لا غير، قيمتُه. وفي حديث قارئ القرآن
(* قوله «وفي حديث قارئ
القرآن إلخ» صدره كما في هامش النهاية: فقال رجل يا رسول الله أرأيتك النجدة
تكون في الرجل؟ فقال: ليست إلخ. وبهذا يعلم مرجع الضمير في ليست. وقوله:
قال ابن الاثير إلخ عبارته في النهاية: قد تكرر ذكر الــعدل والــعدل بالكسر
والفتح في الحديث وهما بمعنى المثل وقيل هو بالفتح الى آخر ما هنا).
وصاحب الصَّدَقة: فقال ليْسَتْ لهما بــعَدْــل؛ هو المِثْل؛ قال ابن الأَثير: هو
بالفتح، ما عادَله من جنسه، وبالكسر ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس؛ وقول
الأَعلم:
مَتى ما تَلْقَني ومَعي سِلاحِي،
تُلاقِ المَوْتَ لَيْس له عَدِــيلُ
يقول: كأَنَّ عَدِــيلَ الموت فَجْأَتُه؛ يريد لا مَنْجَى منه، والجمع
أَــعْدالٌ وعُدَــلاءُ. وعَدَــل الرجلَ في المَحْمِل وعَادَلَهُ: رَكِب معه. وفي
حديث جابر: إِذا جاءت عَمَّتي بأَبي وخالي مَقْتولَيْنِ عادَلْتُهما على
ناضِحٍ أَي شَدَدْتُهما على جَنْبَي البَعير كالــعِدْــلَيْن. وعَدِــيلُك:
المُعادِلُ لك.
والــعِدْــل: نِصْف الحِمْل يكون على أَحد جنبي البعير، وقال الأَزهري:
الــعِدْــل اسم حِمْل مَــعْدُــولٍ بحِمْلٍ أَي مُسَوًّى به، والجمع أَــعْدالٌ
وعُدُــولٌ؛ عن سيبويه. وقال الفراء في قوله تعالى: أَو عَدْــل ذلك صياماً، قال:
الــعَدْــلُ ما عادَلَ الشيءَ من غير جنسه، ومعناه أَي فِداءُ ذلك.
والــعِدْــلُ: المِثْل مِثْل الحِمْل، وذلك أَن تقول عندي عِدْــلُ غُلامِك وعِدْــلُ
شاتك إِذا كانت شاةٌ تَــعْدِــل شاةً أَو غلامٌ يَــعْدِــل غلاماً، فإِذا أَردت
قيمته من غير جنسه نَصَبْت العَيْن فقلت عَدْــل، وربما كَسَرها بعضُ
العرب، قال بعض العرب عِدْــله، وكأَنَّه منهم غلطٌ لتَقارُب معنى الــعَدْــل من
الــعِدْــل، وقد أَجمعوا على أَن واحد الأَــعدال عِدْــل؛ قال: ونُصِب قوله
صياماً على التفسير كأَنَّه عَدْــلُ ذلك من الصِّيام، وكذلك قوله: مِلْء
الأَرضِ ذَهباً؛ وقال الزجاج: الــعَدْــلُ والــعِدْــلُ واحد في معنى المِثْل، قال:
والمعنى واحد، كان المِثْلُ من الجنس أَو من غير الجنس. قال أَبو إِسحق:
ولم يقولوا إِن العرب غَلِطَت وليس إِذا أَخطأَ مُخْطِئٌ وجَب أَن يقول
إِنَّ بعض العرب غَلِط. وقرأَ ابن عامر: أَو عِدْــلُ ذلك صِياماً، بكسر
العين، وقرأَها الكسائي وأَهل المدينة بالفتح. وشَرِبَ حتى عَدَّــل أَي صار
بطنه كالــعِدْــل وامْتَلأ؛ قال الأَزهري: وكذلك عَدَّــنَ وأَوَّنَ بمعناه.
ووقع المُصْطَرِعانِ عِدْــلَيْ بعيرٍ أَي وَقَعا مَعاً ولم يَصْرَع
أَحدُهما الآخر.
والــعَدِــيلتان: الغِرَارتانِ لأَن كل واحدة منهما تُعادِل صاحبتَها.
الأَصمعي: يقال عَدَــلْت الجُوالِقَ على البعير أَــعْدِــله عَدْــلاً؛ يُحْمَل على
جَنْب البعير ويُــعْدَــل بآخر.
ابن الأَعرابي: الــعَدَــلُ، محرّكٌ، تسوية الأَوْنَيْن وهما الــعِدْــلانِ.
ويقال: عَدَــلْت أَمتعةَ البيت إِذا جَعَلْتها أَــعدالاً مستوية للاعْتِكام
يومَ الظَّعْن. والــعدِــيل: الذي يُعادِلُك في المَحْمِل.
والاعْتِدالُ: تَوَسُّطُ حالٍ بين حالَيْن في كَمٍّ أَو كَيْفٍ، كقولهم
جِسْمٌ مُعْتَدِلٌ بين الطُّول والقِصَر، وماء مُعْتَدِلٌ بين البارد
والحارِّ، ويوم مُعْتَدِلٌ طيِّب الهواء ضدُّ مُعْتَذِل، بالذال المعجمة.
وكلُّ ما تَناسَبَ فقد اعْتَدَل؛ وكلُّ ما أَقَمْته فقد عَدَــلْته. وزعموا
أَن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: الحمد لله الذي جَعَلَني في قَوْمٍ
إِذا مِلْتُ عَدَــلُوني كما يُــعْدَــل السَّهْم في الثِّقافِ، أَي
قَوَّمُوني؛ قال:
صَبَحْتُ بها القَوْمَ حتى امْتَسَكْـ
ـتُ بالأَرض، أَــعْدِــلُها أَن تَمِيلا
وعَدَّــلَه: كــعَدَــلَه. وإِذا مالَ شيءٌ قلت عَدَــلته أَي أَقمته فاعْتَدَل
أَي استقام. ومن قرأَ قول الله، عز وجل: خَلَقَكَ فَسوّاك فَــعَدَــلك،
بالتخفيف، في أَيِّ صورةٍ ما شاء؛ قال الفراءُ: من خَفَّف فَوجْهُه، والله
أَعلم، فَصَرَفك إِلى أَيِّ صورة ما شاء: إِمَّا حَسَنٍ وإِمَّا قبيح،
وإِمَّا طَويل وإِمَّا قَصير، وهي قراءة عاصم والأَخفش؛ وقيل أَراد عَدَــلك
من الكفر إِلى الإِيمان وهي نِعْمة
(* قوله «وهي نعمة» كذا في الأصل،
وعبارة التهذيب: وهما نعمتان) ومن قرأَ فــعَدَّــلك فشَدَّد، قال الأَزهري: وهو
أَعجبُ الوجهين إِلى الفراء وأَجودُهما في العربية، فمعناه قَوَّمك
وجَعَلَك مُعْتدلاً مُــعَدَّــل الخَلْق، وهي قراءة نافع وأَهل الحجاز، قال:
واخْتَرْت عَدَّــلك لأَنَّ المطلوب الإثنتين التركيب أَقوى في العربية من أَن
تكون في الــعَدْــل، لأَنك تقول عَدَــلْتك إِلى كذا وصَرَفتك إِلى كذا، وهذا
أَجودُ في العربية من أَن تقول عَدَــلْتك فيه وصَرَفْتك فيه، وقد قال غير
الفراء في قراءة من قرأَ فَــعَدَــلك، بالتخفيف: إِنه بمعنى فَسَوّاك
وقَوَّمك، من قولك عَدَــلْت الشيء فاعْتَدل أَي سَوّيْته فاسْتَوَى؛ ومنه
قوله:وعَدَــلْنا مَيْلَ بَدْر فاعْتَدَل
أَي قَوَّمْناه فاستقام، وكلُّ مُثَقَّفٍ مُعْتَدِلٌ. وعَدَــلْت الشيءَ
بالشيء أَــعْدِــلُه عُدولاً إِذا ساويته به؛ قال شَمِر: وأَما قول الشاعر:
أَفَذاكَ أَمْ هِي في النَّجا
ءِ، لِمَنْ يُقارِبُ أَو يُعادِل؟
يعني يُعادِلُ بي ناقته والثَّوْر. واعْتَدَل الشِّعْرُ: اتَّزَنَ
واستقام، وعَدَّــلْته أَنا. ومنه قول أَبي علي الفارسي: لأَن المُرَاعى في
الشِّعْر إِنما هو تــعديل الأَجزاء. وعَدَّــل القَسَّامُ الأَنْصِباءَ للقَسْمِ
بين الشُّركاء إِذا سَوّاها على القِيَم.
وفي الحديث: العِلْم ثلاثة منها فَرِيضةٌ عادِلَةٌ، أَراد الــعَدْــل في
القِسْمة أَي مُــعَدَّــلة على السِّهام المذكورة في الكتاب والسُّنَّة من غير
جَوْر، ويحتمل أَن يريد أَنها مُسْتَنْبَطة من الكتاب والسُّنَّة، فتكون
هذه الفَريضة تُــعْدَــل بما أُخِذ عنهما.
وقولهم: لا يُقْبَل له صَرْفٌ ولا عَدْــلٌ، قيل: الــعَدْــل الفِداء؛ ومنه
قوله تعالى: وإِنْ تَــعْدِــلْ كلَّ عَدْــلٍ لا يؤخَذْ منها؛ أَي تَفْدِ كُلَّ
فِداء. وكان أَبو عبيدة يقول: وإِنْ تُقْسِطْ كلَّ إِقْساط لا يُقْبَلْ
منها؛ قال الأَزهري: وهذا غلط فاحش وإِقدام من أَبي عبيدة على كتاب الله
تعالى، والمعنى فيه لو تَفْتدي بكل فداء لا يُقْبَل منها الفِداءُ يومئذ.
ومثله قوله تعالى: يَوَدُّ المُجْرِمُ لو يَفْتَدي من عذاب يَوْمئذٍ
ببَنِيه (الآية) أَي لا يُقْبَل ذلك منه ولا يُنْجيه. وقيل: الــعَدْــل
الكَيْل، وقيل: الــعَدْــل المِثْل، وأَصله في الدِّية؛ يقال: لم يَقْبَلوا منهم
عَدْــلاً ولا صَرْفاً أَي لم يأْخذوا منهم دية ولم يقتلوا بقتيلهم رجلاً
واحداً أَي طلبوا منهم أَكثر من ذلك، وقيل: الــعَدْــل الجزاء، وقيل الفريضة،
وقيل النافلة؛ وقال ابن الأَعرابي: الــعَدْــل الاستقامة، وسيذكر الصَّرْف في
موضعه. وفي الحديث: من شَرِبَ الخَمْر لم يَقْبَل اللهُ منه صَرْفاً ولا
عَدْــلاً أَربعين ليلة؛ قيل: الصَّرْف الحِيلة، والــعَدْــل الفدْية، وقيل:
الصَّرْف الدِّية والــعَدْــلُ السَّوِيَّة، وقيل: الــعَدْــل الفريضة،
والصَّرْف التطَوُّع؛ وروى أَبو عبيد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، حين ذكر
المدينة فقال: من أَحْدَثَ فيها حَدَثاً أَو آوى مُحْدِثاً لم يقبلِ الله
منه صَرْفاً ولا عَدْــلاً؛ روي عن مكحول أَنه قال: الصَّرْف التَّوبة
والــعَدْــل الفِدْية؛ قال أَبو عبيد: وقوله من أَحْدَثَ فيها حَدَثاً؛ الحَدَثُ
كلُّ حَدٍّ يجب لله على صاحبه أَن يقام عليه، والــعَدْــل القِيمة؛ يقال:
خُذْ عَدْــلَه منه كذا وكذا أَي قيمتَه. ويقال لكل من لم يكن مستقيماً حَدَل،
وضِدُّه عَدَــل، يقال: هذا قضاءٌ حَدْلٌ غير عَدْــلٍ. وعَدَــلَ عن الشيء
يَــعْدِــلُ عَدْــلاً وعُدولاً: حاد، وعن الطريق: جار، وعَدَــلَ إِليه عُدُــولاً:
رجع. وما لَه مَــعْدِــلٌ ولا مَــعْدولٌ أَي مَصْرِفٌ. وعَدَــلَ الطريقُ:
مال.ويقال: أَخَذَ الرجلُ في مَــعْدِــل الحق ومَــعْدِــل الباطل أَي في طريقه
ومَذْهَبه.
ويقال: انْظُروا إِلى سُوء مَعادِله ومذموم مَداخِله أَي إِلى سوء
مَذَاهِبه ومَسالِكه؛ وقال زهير:
وأَقْصرت عمَّا تَعلمينَ، وسُدِّدَتْ
عليَّ، سِوى قَصْدِ الطّريق، مَعادِلُه
وفي الحديث: لا تُــعْدَــل سارِحتُكم أَي لا تُصْرَف ماشيتكم وتُمال عن
المَرْعى ولا تُمنَع؛ وقول أَبي خِراش:
على أَنَّني، إِذا ذَكَرْتُ فِراقَهُم،
تَضِيقُ عليَّ الأَرضُ ذاتُ المَعادِل
أَراد ذاتَ السَّعة يُــعْدَــل فيها يميناً وشمالاً من سَعَتها. والــعَدْــل:
أَن تَــعْدِــل الشيءَ عن وجهه، تقول: عَدَــلْت فلاناً عن طريقه وعَدَــلْتُ
الدابَّةَ إِلى موضع كذا، فإِذا أَراد الاعْوِجاجَ نفسَه قيل: هو يَنْــعَدِــل
أَي يَعْوَجُّ. وانْــعَدَــل عنه وعادَلَ: اعْوَجَّ؛ قال ذو الرُّمة:
وإِني لأُنْحي الطَّرْفَ من نَحْوِ غَيْرِها
حَياءً، ولو طاوَعْتُه لم يُعادِل
(* قوله «واني لانحي» كذا ضبط في المحكم، بضم الهمزة وكسر الحاء، وفي
القاموس: وأنحاء عنه: عدله).
قال: معناه لم يَنْــعَدِــلْ، وقيل: معنى قوله لم يُعادِل أَي لم يَــعْدِــل
بنحو أَرضها أَي بقَصْدِها نحواً، قال: ولا يكون يُعادِل بمعنى
يَنْــعَدِــل.والــعِدال: أَن يَعْرِض لك أَمْرانِ فلا تَدْرِي إِلى أَيِّهما تَصيرُ
فأَنت تَرَوَّى في ذلك؛ عن ابن الأَعرابي وأَنشد:
وذُو الهَمِّ تُــعْدِــيه صَرِيمةُ أَمْرِه،
إِذا لم تُميِّتْه الرُّقى، ويُعَادِلُ
يقول: يُعادِل بين الأَمرين أَيَّهما يَرْكَب. تُميِّتْه: تُذَلِّله
المَشورات وقولُ الناس أَين تَذْهَب.
والمُعادَلَةُ: الشَّكُّ في أَمرين، يقال: أَنا في عِدالٍ من هذا الأَمر
أَي في شكٍّ منه: أَأَمضي عليه أَم أَتركه. وقد عادلْت بين أَمرين
أَيَّهما آتي أَي مَيَّلْت؛ وقول ذي الرمة:
إِلى ابن العامِرِيِّ إِلى بِلالٍ،
قَطَعْتُ بنَعْفِ مَعْقُلَة الــعِدالا
قال الأَزهري: العرب تقول قَطَعْتُ الــعِدالَ في أَمري ومَضَبْت على
عَزْمي، وذلك إِذا مَيَّلَ بين أَمرين أَيَّهُما يأْتي ثم استقام له الرأْيُ
فعَزَم على أَوْلاهما عنده. وفي حديث المعراج: أُتِيتُ بإِناءَيْن
فَــعَدَّــلْتُ بينهما؛ يقال: هو يُــعَدِّــل أَمرَه ويُعادِلهُ إِذا تَوَقَّف بين
أَمرين أَيَّهُما يأْتي، يريد أَنهما كانا عنده مستويَيْنِ لا يقدر على
اختيار أَحدهما ولا يترجح عنده، وهو من قولهم: عَدَــل عنه يَــعْدِــلُ عُدولاً
إِذا مال كأَنه يميل من الواحد إِلى الآخر؛ وقال المَرَّار:
فلما أَن صَرَمْتُ، وكان أَمْري
قَوِيماً لا يَمِيلُ به الــعُدولُ
قال: عَدَــلَ عَنِّي يَــعْدِــلُ عُدُــولاً لا يميل به عن طريقه المَيْلُ؛
وقال الآخر:
إِذا الهَمُّ أَمْسى وهو داءٌ فأَمْضِه،
ولَسْتَ بمُمْضيه، وأَنْتَ تُعادِلُه
قال: معناه وأَنتَ تَشُكُّ فيه. ويقال: فلان يعادِل أَمرَه عِدالاً
ويُقَسِّمُه أَي يَميل بين أَمرين أَيَّهُما يأْتي؛ قال ابن الرِّقاع:
فإِن يَكُ في مَناسِمها رَجاءٌ،
فقد لَقِيَتْ مناسِمُها الــعِدالا
أَتَتْ عَمْراً فلاقَتْ من نَداه
سِجالَ الخير؛ إِنَّ له سِجالا
والــعِدالُ: أَن يقول واحدٌ فيها بقيةٌ، ويقولَ آخرُ ليس فيها بقيةٌ.
وفرسٌ مُعْتَدِلُ الغُرَّةِ إِذا توَسَّطَتْ غُرَّتُه جبهتَهُ فلم تُصِب
واحدةً من العينين ولم تَمِلْ على واحدٍ من الخدَّين، قاله أَبو عبيدة.
وعَدَــلَ الفحلَ عن الضِّراب فانْــعَدَــلَ: نحَّاه فتنحَّى؛ قال أَبو
النجم:وانْــعَدلَ الفحلُ ولَمَّا يُــعْدَــل
وعَدَــلَ الفحلُ عن الإِبل إِذا تَرَك الضِّراب. وعَدَــلَ بالله يَــعْدِــلْ:
أَشْرَك. والعادل: المُشْرِكُ الذي يَــعْدِــلُ بربِّه؛ ومنه قول المرأَة
للحَجَّاج: إِنك لقاسطٌ عادِلٌ؛ قال الأَحمر: عَدَــلَ الكافرُ بربِّه
عَدْــلاً وعُدُــولاً إِذا سَوَّى به غيرَه فعبَدَهُ؛ ومنه حديثُ ابن عباس، رضي
الله عنه: قالوا ما يُغْني عنا الإِسلامُ وقد عَدَــلْنا بالله أَي
أَشْرَكْنا به وجَعَلْنا له مِثْلاً؛ ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: كَذَبَ
العادِلون بك إِذ شَبَّهوك بأَصنامهم.
وقولُهم للشيء إِذا يُئِسَ منه: وُضِعَ على يَدَيْ عَدْــلٍ؛ هو الــعَدْــلُ
بنُ جَزْء بن سَــعْدِ العَشِيرة وكان وَليَ شُرَطَ تُبَّع فكان تُبَّعٌ
إِذا أَراد قتل رجل دفَعَه إِليه، فقال الناس: وُضِعَ على يَدَي عَدْــلٍ، ثم
قيل ذلك لكل شيء يُئِسَ منه.
وعَدَــوْلى: قريةٌ بالبحرين، وقد نَفَى سيبويه فَعَولى فاحتُجَّ عليه
بــعَدَــوْلى فقال الفارسي: أَصلها عَدَــوْلاً، وإِنما تُرك صرفُه لأَنه جُعل
اسماً للبُقْعة ولم نسمع نحن في أَشعارهم عَدَــوْلاً مصروفاً.
والــعَدَــوْلِيَّةُ في شعر طَرَفَةَ: سُفُنٌ منسوبة إِلى عَدَــوْلى؛ فأَما
قول نَهْشَل بن حَرِّيّ:
فلا تأْمَنِ النَّوْكَى، وإِن كان دارهُمُ
وراءَ عَدَــوْلاتٍ، وكُنْتَ بقَيْصَرا
فزعم بعضهم أَنه بالهاء ضرورة، وهذا يُؤَنِّس بقول الفارسي، وأَما ابن
الأَعرابي فقال: هي موضع وذهب إِلى أَن الهاء فيها وضْعٌ، لا أَنه أَراد
عَدَــوْلى، ونظيره قولهم قَهَوْباةُ للنَّصْل العريض. قال الأَصمعي:
الــعَدَــوْلِيُّ من السُّفُن منسوب إِلى قرية بالبحرين يقال لها عَدَــوْلى، قال:
والخُلُجُ سُفُنٌ دون الــعَدَــوْلِيَّة؛ وقال ابن الأَعرابي في قول
طَرَفة:عَدَــوْلِيَّة أَو من سَفين ابن نَبْتَل
(* قوله «نبتل» كذا في الأصل والتهذيب، والذي في التكملة: يا من؛
وتمامه:يجوز بها الملاح طورا ويهتدي).
قال: نسبها إِلى ضِخَم وقِدَم، يقول هي قديمة أَو ضَخْمة، وقيل:
الــعَدَــوْليَّة نُسبَتْ إِلى موضع كان يسمى عَدَــوْلاة وهي بوزن فَعَوْلاة، وذكر
عن ابن الكلبي أَنه قال: عَدَــوْلى ليسوا من ربيعةَ ولا مُضر ولا ممن
يُعْرَفُ من اليمن إِنما هم أُمَّةٌ على حِدَة؛ قال الأَزهري: والقولُ في
الــعَدَــوْليَّ ما قاله الأَصمعي. وشجر عَدَــوْلِيٌّ: قديمٌ، واحدته
عَدَــوْلِيَّة؛ قال أَبو حنيفة: الــعَدَــوْليُّ القديمُ من كل شيء؛ وأَنشد
غيره:عليها عَدَــوْلِيُّ الهَشِيم وصامِلُه
ويروى: عَدامِيل الهَشيم يعني القديمَ أَيضاً. وفي خبر أَبي العارم:
فآخُذُ في أَرْطًى عَدَــوْلِيٍّ عُدْــمُلِيٍّ. والــعَدَــوْلِيُّ: المَلاَّح. ابن
الأَعرابي: يقال لزوايا البيت المُــعَدَّــلات والدَّراقِيع والمُرَوَّيات
والأَخْصام والثَّفِنات، وروى الأَزهري عن الليث: المُعْتَدِلةُ من النوق
الحَسَنة المُثَقَّفَة الأَعضاء بعضها ببعض، قال: وروى شَمِر عن مُحارِب
قال: المُعْتَدِلة مِن النوق، وجَعَله رُباعيّاً من باب عَندَل، قال
الأَزهري: والصواب المعتدلة، بالتاء، وروى شمر عن أَبي عدنانَ الكناني
أَنشده:
وعَدَــلَ الفحلُ، وإِن لم يُــعْدَــلِ،
واعْتَدَلَتْ ذاتُ السَّنام الأَمْيَلِ
قال: اعتدالُ ذات السَّنامِ الأَمْيلِ استقامةُ سَنامها من السِّمَن
بــعدما كان مائلاً؛ قال الأَزهري: وهذا يدل على أَن الحرف الذي رواه شمر عن
محارب في المُعَنْدِلة غيرُ صحيح، وأَن الصوابَ المُعْتَدِلة لأَن الناقة
إِذا سَمِنَت اعْتَدَلَتْ أَعضاؤها كلُّها من السَّنام وغيره،
ومُعَنْدِلة من العَنْدَل وهو الصُّلْبُ الرأْس، وسيأْتي ذكره في موضعه، لأَن
عَنْدَل رُباعيٌّ خالص.
بــعد: البُــعْدُ: خلاف القُرْب.
بَــعُد الرجل، بالضم، وبَــعِد، بالكسر، بُــعْداً وبَــعَداً، فهو بعيد
وبُعادٌ؛ هم سيبويه، أَي تباعد، وجمعهما بُــعَداءُ، وافق الذين يقولون فَعيل
الذين يقولون فُعال لأَنهما أُختان، وقد قيل بُــعُدٌ؛ وينشد قول النابغة:
فتِلْكَ تُبْلِغُني النُّعْمانَ أَنَّ له
فَضْلاً على الناسِ، في الأَدْنى وفي البُــعُدِ
وفي الصحاح: وفي البَــعَد، بالتحريك، جمع باعِدٍ مثل خادم وخَدَم،
وأَبْــعده غيره وباعَدَــه وبَــعَّده تبعيداً؛ وقول امرئ القيس:
قَــعَدْــتُ له وصُحْبَتي بَيْنَ ضارِجٍ،
وبَيْنَ العُذَيْبِ بُــعْدَ ما مُتَأَمَّلِ
إِنما أَراد: يا بُــعْدَ مُتَأَمَّل، يتأَسف بذلك؛ ومثله قول أَبي
العيال:....... رَزيَّةَ قَوْمِهِ
لم يأْخُذوا ثَمَناً ولم يَهَبُوا
(* قوله «رزية قومه إلخ» كذا في نسخة المؤلف بحذف أول البيت).
أَراد: يا رزية قومه، ثم فسر الرزية ما هي فقال: لم يأْخذوا ثمناً ولم
يهبوا. وقيل: أَرادَ بَــعُدَ مُتَأَمَّلي. وقوله عز وجل، في سورة السجدة:
أُولئك يُنادَوْنَ من مكان بعيد؛ قال ابن عباس: سأَلوا الردّ حين لا ردّ؛
وقيل: من مكان بعيد، من الآخرة إِلى الدنيا؛ وقال مجاهد: أَراد من مكان
بعيد من قلوبهم يبــعد عنها ما يتلى عليهم لأَنهم إِذا لم يعوا فَهُمْ
بمنزلة من كان في غاية البــعد، وقوله تعالى: ويقذفون بالغيب من مكان بعيد؛ قال
قولهم: ساحر كاهن شاعر. وتقول: هذه القرية بعيد وهذه القرية قريب لا يراد
به النعت ولكن يراد بهما الاسم، والدليل على أَنهما اسمان قولك: قريبُه
قريبٌ وبَعيدُه بَعيدٌ؛ قال الفراءُ: العرب إِذا قالت دارك منا بعيدٌ أَو
قريب، أَو قالوا فلانة منا قريب أَو بعيد، ذكَّروا القريب والبعيد لأَن
المعنى هي في مكان قريب أَو بعيد، فجعل القريب والبعيد خلفاً من المكان؛
قال الله عز وجل: وما هي من الظالمين ببعيد؛ وقال: وما يدريك لعل الساعة
تكون قريباً؛ وقال: إن رحمة الله قريب من المحسنين؛ قال: ولو أُنثتا
وثنيتا على بــعدت منك فهي بعيدة وقربت فهي قريبة كان صواباً. قال: ومن قال
قريب وبعيد وذكَّرهما لم يثنّ قريباً وبعيداً، فقال: هما منك قريب وهما منك
بعيد؛ قال: ومن أَنثهما فقال هي منك قريبة وبعيدة ثنى وجمع فقال قريبات
وبعيدات؛ وأَنشد:
عَشِيَّةَ لا عَفْراءُ منكَ قَريبةٌ
فَتَدْنو، ولا عَفْراءُ مِنكَ بَعيدٌ
وما أَنت منا ببعيد، وما أَنتم منا ببعيد، يستوي فيه الواحد والجمع؛
وكذلك ما أَنت منا بِبَــعَدٍ وما أَنتم منا بِبَــعَدٍ أَي بعيد. قال: وإِذا
أَردت بالقريب والبعيد قرابة النسب أَنثت لا غير، لم تختلف العرب فيها.
وقال الزجاج في قول الله عز وجل: إِن رحمة الله قريب من المحسنين؛ إِنما قيل
قريب لأَن الرحمة والغفران والعفو في معنى واحد، وكذلك كل تأْنيث ليس
بحقيقي؛ قال وقال الأَخفش: جائز أَن تكون الرحمة ههنا بمعنى المطر؛ قال
وقال بعضهم: يعني الفراءُ هذا ذُكِّرَ ليفصل بين القريب من القُرب والقَريب
من القرابة؛ قال: وهذا غلط، كلُّ ما قَرُب في مكان أَو نَسَبٍ فهو جارٍ
على ما يصيبه من التذكير والتأْنيث؛ وبيننا بُــعْدَــةٌ من الأَرض والقرابة؛
قال الأَعشى:
بأَنْ لا تُبَغِّ الوُدَّ منْ مُتَباعِدٍ،
ولا تَنْأَ منْ ذِي بُــعْدَــةٍ إِنْ تَقَرَّبا
وفي الدعاءِ: بُــعْداً له نصبوه على إِضمار الفعل غير المستعمل إِظهاره
أَي أَبــعده الله. وبُــعْدٌ باعد: على المبالغة وإِن دعوت به فالمختار
النصب؛ وقوله:
مَدّاً بأَعْناقِ المَطِيِّ مَدَّا،
حتى تُوافي المَوْسِمَ الأَبْــعَدَّــا
فإِنه أَراد الأَبــعد فوقف فشدّد، ثم أَجراه في الوصل مجراه في الوقف،
وهو مما يجوز في الشعر؛ كقوله:
ضَخْماً يحبُّ الخُلُقَ الأَضْخَمَّا
وقال الليث: يقال هو أَبْــعَد وأَبْــعَدُــونَ وأَقرب وأَقربون وأَباعد
وأَقارب؛ وأَنشد:
منَ الناسِ مَنْ يَغْشى الأَباعِدَ نَفْعُه،
ويشْقى به، حتى المَماتِ، أَقارِبُهْ
فإِنْ يَكُ خَيراً، فالبَعيدُ يَنالُهُ،
وإِنْ يَكُ شَرّاً، فابنُ عَمِّكَ صاحِبُهْ
والبُــعْدانُ، جمع بعيد، مثل رغيف ورغفان. ويقال: فلان من قُرْبانِ
الأَمير ومن بُــعْدانِه؛ قال أَبو زيد: يقال للرجل إِذا لم تكن من قُرْبان
الأَمير فكن من بُــعْدانِه؛ يقول: إِذا لم تكن ممن يقترب منه فتَباعَدْ عنه لا
يصيبك شره. وفي حديث مهاجري الحبشة: وجئنا إِلى أَرض البُــعَداءِ؛ قال
ابن الأَثير: هم الأَجانب الذين لا قرابة بيننا وبينهم، واحدهم بعيد. وقال
النضر في قولهم هلك الأَبْــعَد قال: يعني صاحبَهُ، وهكذا يقال إِذا كنى عن
اسمه. ويقال للمرأَة: هلكت البُــعْدى؛ قال الأَزهري: هذا مثل قولهم فلا
مَرْحباً بالآخر إِذا كنى عن صاحبه وهو يذُمُّه. وقال: أَبــعد الله الآخر،
قال: ولا يقال للأُنثى منه شيء. وقولهم: كبَّ الله الأَبْــعَدَ لِفيه أَي
أَلقاه لوجهه؛ والأَبْــعَدُ: الخائنُ. والأَباعد: خلاف الأَقارب؛ وهو غير
بَعِيدٍ منك وغير بَــعَدٍ.
وباعده مُباعَدَــة وبِعاداً وباعدالله ما بينهما وبَــعَّد؛ ويُقرأُ:
ربَّنا باعِدْ بين أَسفارِنا، وبَــعِّدْ؛ قال الطرمَّاح:
تُباعِدُ مِنَّا مَن نُحِبُّ اجْتِماعَهُ،
وتَجْمَعُ مِنَّا بين أَهل الضَّغائِنِ
ورجل مِبْــعَدٌ: بعيد الأَسفار؛ قال كثَّير عزة:
مُناقِلَةً عُرْضَ الفَيافي شِمِلَّةً،
مَطِيَّةَ قَذَّافٍ على الهَوْلِ مِبْــعَدِ
وقال الفراءُ في قوله عز وجل، مخبراً عن قوم سبا: ربنا باعد بين
أَسفارنا؛ قال: قرأَه العوام باعد، ويقرأُ على الخبر: ربُّنا باعَدَ بين
أَسفارنا، وبَــعَّدَ. وبَــعِّدْ جزم؛ وقرئَ: ربَّنا بَــعُدَ بَيْنَ أَسفارنا،
وبَيْنَ أَسفارنا؛ قال الزجاج: من قرأَ باعِدْ وبَــعِّدْ فمعناهما واحد، وهو
على جهة المسأَلة ويكون المعنى أَنهم سئموا الراحة وبطروا النعمة، كما قال
قوم موسى: ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأَرض (الآية)؛ ومن قرأَ:
بَــعُدَ بينُ أَسفارنا؛ فالمعنى ما يتَّصِلُ بسفرنا؛ ومن قرأَ بالنصب: بَــعُدَ
بينَ أَسفارنا؛ فالمعنى بَــعُدَ ما بَيْنَ أَسفارنا وبَــعُدَ سيرنا بين
أَسفارنا؛ قال الأَزهري: قرأَ أَبو عمرو وابن كثير: بَــعَّد، بغير أَلف،
وقرأَ يعقوب الحضرمي: ربُّنا باعَدَ، بالنصب على الخبر، وقرأَ نافع وعاصم
والكسائي وحمزة: باعِدْ، بالأَلف، على الدعاءِ؛ قال سيبويه: وقالوا بُــعْدَــك
يُحَذِّرُهُ شيئاً من خَلْفه.
وبَــعِدَ بَــعَداً وبَــعُد: هلك أَو اغترب، فهو باعد.
والبُــعْد: الهلاك؛ قال تعالى: أَلا بُــعْداً لمدين كما بَــعِدَــت ثمود؛
وقال مالك
بن الريب المازني:
يَقولونَ لا تَبْــعُدْ، وَهُمْ يَدْفِنونَني،
وأَينَ مكانُ البُــعْدِ إِلا مكانِيا؟
وهو من البُــعْدِ. وقرأَ الكسائي والناس: كما بَــعِدَــت، وكان أَبو عبد
الرحمن السُّلمي يقرؤها بَــعُدَــت، يجعل الهلاك والبُــعْدَ سواء وهما قريبان من
السواء، إِلا أَن العرب بعضهم يقول بَــعُدَ وبعضهم يقول بَــعِدَ مثل
سَحُقَ وسَحِقَ؛ ومن الناس من يقول بَــعُد في المكان وبَــعِدَ في الهلاك، وقال
يونس: العرب تقول بَــعِدَ الرجل وبَــعُدَ إِذا تباعد في غير سبّ؛ ويقال في
السب: بَــعِدَ وسَحِقَ لا غير.
والبِعاد: المباعدة؛ قال ابن شميل: راود رجل من العرب أَعرابية فأَبت
إِلا أَن يجعل لها شيئاً، فجعل لها درهمين فلما خالطها جعلت تقول: غَمْزاً
ودِرْهماكَ لَكَ، فإِن لم تَغْمِزْ فَبُــعْدٌ لكَ؛ رفعت البــعد، يضرب مثلاً
للرجل تراه يعمل العمل الشديد. والبُــعْدُ والبِعادُ: اللعن، منه أَيضاً.
وأَبْــعَدَــه الله: نَحَّاه عن الخير وأَبــعده. تقول: أَبــعده الله أَي لا
يُرْثَى له فيما يَزِلُّ به، وكذلك بُــعْداً له وسُحْقاً ونَصَبَ بُــعْداً
على المصدر ولم يجعله اسماً. وتميم ترفع فتقول: بُــعْدٌ له وسُحْقٌ،
كقولك: غلامٌ له وفرسٌ. وفي حديث شهادة الأَعضاء يوم القيامة فيقول: بُــعْداً
لكَ وسُحقاً أَي هلاكاً؛ ويجوز أَن يكون من البُــعْد ضد القرب. وفي الحديث:
أَن رجلاً جاء فقال إِن الأَبْــعَدَ قد زَنَى، معناه المتباعد عن الخير
والعصمة.
وجَلَسْتُ بَعيدَةً منك وبعيداً منك؛ يعني مكاناً بعيداً؛ وربما قالوا:
هي بَعِيدٌ منك أَي مكانها؛ وفي التنزيل: وما هي من الظالمين ببعيد.
وأَما بَعيدَةُ العهد، فبالهاء؛ ومَنْزل بَــعَدٌ بَعيِدٌ.
وتَنَحَّ غيرَ بَعِيد أَي كن قريباً، وغيرَ باعدٍ أَي صاغرٍ. يقال:
انْطَلِقْ يا فلانُ غيرُ باعِدٍ أَي لا ذهبت؛ الكسائي: تَنَحَّ غيرَ باعِدٍ
أَي غير صاغرٍ؛ وقول النابغة الذبياني:
فَضْلاَ على الناسِ في الأَدْنَى وفي البُــعُدِ
قال أَبو نصر: في القريب والبعيد؛ ورواه ابن الأَعرابي: في الأَدنى وفي
البُــعُد، قال: بعيد وبُــعُد. والبَــعَد، بالتحريك: جمع باعد مثل خادم
وخَدَم. ويقال: إِنه لغير أَبْــعَدَ إِذا ذمَّه أَي لا خير فيه، ولا له بُــعْدٌ:
مَذْهَبٌ؛ وقول صخر الغيّ:
المُوعِدِــينا في أَن نُقَتِّلَهُمْ،
أَفْنَاءَ فَهْمٍ، وبَيْنَنا بُــعَدُ
أَ أَنَّ أَفناء فهم ضروب منهم. بُــعَد جَمع بُــعْدةٍ. وقال الأَصمعي:
أَتانا فلان من بُــعْدةٍ أَي من أَرض بَعيدة. ويقال: إِنه لذو بُــعْدة أَي لذو
رأْي وحزم. يقال ذلك للرجل إِذا كان نافذ الرأْي ذا غَوْر وذا بُــعْدِ
رأْي.
وما عنده أَبْــعَدُ أَي طائل؛ قال رجل لابنه: إِن غدوتَ على المِرْبَدِ
رَبِحْتَ عنا أَو رجعت بغير أَبْــعَدَ أَي بغير منفعة.
وذو البُــعْدة: الذي يُبْــعِد في المُعاداة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لرؤبة:
يَكْفِيكَ عِنْدَ الشِّدَّةِ اليَبِيسَا،
ويَعْتَلِي ذَا البُــعْدَــةِ النُّحُوسا
وبَــعْدُ: ضدّ قبل، يبنى مفرداً ويعرب مضافاً؛ قال الليث: بــعد كلمة دالة
على الشيء الأَخير، تقول: هذا بَــعْدَ هذا، منصوب. وحكى سيبويه أَنهم
يقولون من بَــعْدٍ فينكرونه، وافعل هذا بَــعْداً. قال الجوهري: بــعد نقيض قبل،
وهما اسمان يكونان ظرفين إِذا أُضيفا، وأَصلهما الإِضافة، فمتى حذفت
المضاف إِليه لعلم المخاطب بَنَيْتَهما على الضم ليعلم أَنه مبني إِذ كان الضم
لا يدخلهما إِعراباً، لأَنهما لا يصلح وقوعهما موقع الفاعل ولا موقع
المبتدإِ ولا الخبر؛ وقوله تعالى: لله الأَمر من قبلُ ومن بــعدُ أَي من قبل
الأَشياء وبــعدها؛ أَصلهما هنا الخفض ولكن بنيا على الضم لأَنهما غايتان،
فإِذا لم يكونا غاية فهما نصب لأَنهما صفة؛ ومعنى غاية أَي أَن الكلمة
حذفت منها الإِضافة وجعلت غاية الكلمة ما بقي بــعد الحذف، وإِنما بنيتا على
الضم لأَن إِعرابهما في الإضافة النصب والخفض، تقول رأَيته قبلك ومن قبلك،
ولا يرفعان لأَنهما لا يحدَّث عنهما، استعملا ظرفين فلما عدلا عن بابهما
حركا بغير الحركتين اللتين كانتا له يدخلان بحق الإِعراب، فأَما وجوبُ
بنائهما وذهاب إِعرابهما فلأَنهما عرَّفا من غير جهة التعريف، لأَنه حذف
منهما ما أُضيفتا إِليه، والمعنى: لله الأَمر من قبل أَن تغلب الروم ومن
بــعد ما غلبت. وحكى الأَزهري عن الفراء قال: القراءة بالرفع بلا نون
لأَنهما في المعنى تراد بهما الإِضافة إِلى شيء لا محالة، فلما أَدَّتا غير
معنى ما أُضيفتا إِليه وُسِمَتا بالرفع وهما في موضع جر، ليكون الرفع دليلاً
على ما سقط، وكذلك ما أَشبههما؛ كقوله:
إِنْ يَأْتِ مِنْ تَحْتُ أَجِيْهِ من عَلُ
وقال الآخر:
إِذا أَنا لم أُومَنْ عَلَيْكَ، ولم يكنْ
لِقَاؤُك الاّ من وَرَاءُ ورَاءُ
فَرَفَعَ إِذ جعله غاية ولم يذكر بــعده الذي أُضيف إِليه؛ قال الفراء:
وإِن نويت أَن تظهر ما أُضيف إِليه وأَظهرته فقلت: لله الأَمر من قبلِ ومن
بــعدِ، جاز كأَنك أَظهرت المخفوض الذي أَضفت إِليه قبل وبــعد؛ قال ابن
سيده: ويقرأُ لله الأَمر من قبلٍ ومن بــعدٍ يجعلونهما نكرتين، المعنى: لله
الأَمر من تقدُّمٍ وتأَخُّرٍ، والأَوّل أَجود. وحكى الكسائي: لله الأَمر من
قبلِ ومن بــعدِ، بالكسر بلا تنوين؛ قال الفراء: تركه على ما كان يكون عليه
في الإِضافة، واحتج بقول الأَوّل:
بَيْنَ ذِراعَيْ وَجَبْهَةِ الأَسَدِ
قال: وهذا ليس كذلك لأَن المعنى بين ذراعي الأَسد وجبهته، وقد ذكر أَحد
المضاف إِليهما، ولو كان: لله الأَمر من قبل ومن بــعد كذا، لجاز على هذا
وكان المعنى من قبل كذا ومن بــعد كذا؛ وقوله:
ونحن قتلنا الأُسْدَ أُسْدَ خَفِيَّةٍ،
فما شربوا بَــعْدٌ على لَذَّةٍ خَمْرا
إِنما أَراد بــعدُ فنوّن ضرورة؛ ورواه بعضهم بــعدُ على احتمال الكف؛ قال
اللحياني وقال بعضهم: ما هو بالذي لا بُــعْدَ له، وما هو بالذي لا قبل له،
قال أَبو حاتم: وقالوا قبل وبــعد من الأَضداد، وقال في قوله عز وجل:
والأَرض بــعد ذلك دحاها، أَي قبل ذلك. قال الأَزهري: والذي قاله أَبو حاتم عمن
قاله خطأٌ؛ قبلُ وبــعدُ كل واحد منهما نقيض صاحبه فلا يكون أَحدهما بمعنى
الآخر، وهو كلام فاسد. وأَما قول الله عز وجل: والأَرض بــعد ذلك دحاها؛
فإِن السائل يسأَل عنه فيقول: كيف قال بــعد ذلك قوله تعالى: قل أَئنكم
لتكفرون بالذي خلق الأَرض في يومين؛ فلما فرغ من ذكر الأَرض وما خلق فيها قال:
ثم استوى إلى السماء، وثم لا يكون إِلا بــعد الأَول الذي ذكر قبله، ولم
يختلف المفسرون أَن خلق الأَرض سبق خلق السماء، والجواب فيما سأَل عنه
السائل أَن الدَّحو غير الخلق، وإِنما هو البسط، والخلق هو إِلانشاءُ
الأَول، فالله عز وجل، خلق الأَرض أَولاً غير مدحوّة، ثم خلق السماء، ثم دحا
الأَرض أَي بسطها، قال: والآيات فيها متفقة ولا تناقض بحمد الله فيها عند
من يفهمها، وإِنما أَتى الملحد الطاعن فيما شاكلها من الآيات من جهة
غباوته وغلظ فهمه وقلة علمه بكلام العرب.
وقولهم في الخطابة: أَما بــعدُ؛ إِنما يريدون أَما بــعد دعائي لك، فإِذا
قلت أَما بــعدَ فإِنك لا تضيفه إِلى شيء ولكنك تجعله غاية نقيضاً لقبل؛ وفي
حديث زيد بن أَرقم: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خطبهم فقال:
أَما بــعدُ؛ تقدير الكلام: أَما بــعدُ حمد الله فكذا وكذا. وزعموا أَن داود،
عليه السلام، أَول من قالها؛ ويقال: هي فصل الخطاب ولذلك قال جل وعز:
وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب؛ وزعم ثعلب أَن أَول من قالها كعب بن لؤي.
أَبو عبيد: يقال لقيته بُعَيْداتِ بَيْنٍ إِذا لقيته بــعد حين؛ وقيل:
بُعَيْداتِ بَيْنٍ أَي بُعَيد فراق، وذلك إِذا كان الرجل يمسك عن إِتيان
صاحبه الزمانَ، ثم يأْتيه ثم يمسك عنه نحوَ ذلك أَيضاً، ثم يأْتيه؛ قال: وهو
من ظروف الزمان التي لا تتمكن ولا تستعمل إلا ظرفاً؛ وأَنشد شمر:
وأَشْعَثَ مُنْقَدّ القيمصِ، دعَوْتُه
بُعَيْداتِ بَيْنٍ، لا هِدانٍ ولا نِكْسِ
ويقال: إِنها لتضحك بُعَيْداتِ بَيْنٍ أَي بين المرَّة ثم المرة في
الحين.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان إِذا أَراد البراز أَبــعد،
وفي آخر: يَتَبَــعَّدُ؛ وفي آخر: أَنه، صلى الله عليه وسلم، كان يُبْــعِدُ
في المذهب أَي الذهاب عند قضاء حاجته؛ معناه إِمعانه في ذهابه إِلى
الخلاء. وأَبــعد فلان في الأَرض إِذا أَمعن فيها. وفي حديث قتل أَبي جهل: هَلْ
أَبْــعَدُ من رجل قتلتموه؟ قال ابن الأَثير: كذا جاء في سنن أَبي داود
معناها أَنهى وأَبلغ، لأَن الشيء المتناهي في نوعه يقال قد أَبــعد فيه، وهذا
أَمر بعيد لا يقع مثله لعظمه، والمعنى: أَنك استعظمت شأْني واستبــعدت
قتلي فهل هو أَبــعد من رجل قتله قومه؛ قال: والروايات الصحيحة أَعمد،
بالميم.
مــعد: المَــعْدُ: الضَّخْم. وشيء مَــعْدٌ: غليظ. وتَمَــعْدَــدَ: غَلُظ
وسَمِن؛ عن اللحياني، قال:
رَبَبْتُه حتى إِذا تمَدَدَا
والمَــعِدَــةُ والمَِــعْدَــةُ: موضع الطعام قبل أَن يَنحدر إِلى الأَمعاء؛
وقال الليث: التي تَسْتَوْعِبُ الطعامَ من الإِنسان. ويقال: المَــعِدةُ
للإِنسان بمنزلة الكرشة لكل مُجْتَرٍّ؛ وفي المحكم: بمنزلة الكرِش لذوات
الأَظْلافِ والأَخْلافِ، والجمع مَــعِدٌ ومِــعَدٌ، توهمت فيه فِعَلَة. وأَما
ابن جني فقال في جمع مَــعِدَــة: مِــعَدٌ، قال: وكان القِياس أَن يقولوا
مَــعِدٌ كما قالوا في جمع نَبِقة نَبِقٌ، وفي جمع كلِمةٍ كَلِمٌ، فلم يقولوا
ذلك وعدلوا عنه إِلى أَن فتحوا المكسور وكسروا المفتوح. قال: وقد علمنا أَن
من شرط الجمع بخلع الهاءِ أَن لا يغير من صيغة الحروف والحركات شيء ولا
يزاد على طرح الهاء نحو تمرة وتمر ونخلة ونخل، فلولا أَن الكسرة والفتحة
عندهم تجريان كالشيء الواحد لما قالوا مَــعِدٌ، ولكنهم فعلوا هذا لقرب
الحالين عليهم ولِيُعْلِموا رأْيهم في ذلك فيؤنسوا به ويوطِّئوا بمكانه لما
وراء.
هومُــعِدَ الرجلُ، فهو مَمْعودٌ: ذَرِبت مَــعِدَــتُه فلم يَسْتَمْرِئْ ما
يأْكله. ومَــعَدَــه: أَصاب مَــعِدتَه. والمَــعْدُ: ضَرْب من الرُّطَب.
ورُطَبَة مَــعْدَــة ومُتَمَــعِّدة: طرية؛ عن ابن الأَعرابي. وبسر ثَــعْدٌ مَــعْدٌ
أَي رخْص؛ وبعضهم يقول: هو إِتباع لا يفرد. والمَــعْدُ: الفسادُ.
ومَــعَدَ الدَّلْوَ مَــعْداً ومَــعَدَ بها وامْتَــعَدَــها: نزعها وأَخرجها من
البئر، وقيل: جدبها. والمَــعْدُ: الجَذْبُ؛ مَــعَدْــتُ الشيء: جَذَبْتُه
بسرعة.
وذِئْبٌ مِمْــعَدٌ وماعِدٌ إِذا كان يَجْذِبُ الــعَدْــو جَذْباً؛ قال ذو
الرمة يذكر صائداً شبهه في سرعته بالذئب:
كأَنَّما أَطْمارُه، إِذا عدا،
جُلِّلْنَ سِرحانَ فَلاةٍ مِمْــعَدا
ونَزْعٌ مَــعْدٌ: يُمَدُّ فيه بالبكْرة؛ قال أَحمد بن جندل الســعدي:
يا سَــعْدُ، يا ابنَ عُمَرٍ، يا ســعدُ
هل يُرْوِيَنْ ذَوْدَكَ نَزْعٌ مَــعْدُ،
وساقِيانِ: سَبِطٌ وجَــعْدُ؟
وقال ابن الأَعرابي: نَزْعٌ مَــعْدٌ سَريع، وبعض يقول: شديد، وكأَنه
نَزْعٌ من أَسفل قعر الركية؛ وجعل أَحد الساقيين جَــعْداً والآخر سَبطاً لأَن
الجــعد منهما أَسودُ زنْجِيٌّ والسبط رُوميّ، وإِذا كانا هكذا لم يشغلا
بالحديث عن ضيعتهما.
وامْتَــعَدَ سَيْفَه من غِمْدَه: اسْتَلَّه واخْتَرَطَه. ومَــعَدَ الرمْحَ
مَــعْداً وامْتَــعَدَــه: انتزعه من مركزه، وهو من الاجتذاب. وقال اللحياني:
مَرَّ بِرُمْحِهِ وهو مَرْكُوز فامْتَــعَدَــه ثم حَمَل: اقتلعه. ومَــعَدَ
الشيءَ مَــعْداً وامْتَــعَدَ: اخْتَطَفَه فَذَهَبَ به، وقيل: اختلسه؛ قال:
أَخْشَى عليها طَيِّئاً وأَسَدَا،
وخارِبَيْنِ خَرَباً فَمَــعَدَــا،
لا يَحْسَبَانِ اللهَ إِلا رَقَدَا
أَي اخْتَلساها واخْتَطفاها. ومَــعَدَ في الأَرض يَمْــعَدُ مَــعْداً
ومُعُوداً إِذا ذَهب؛ الأَخيرة عن اللحياني. والمُتَمَــعْدِــدُ: البَعِيدُ.
وتَمَــعْدَــدَ: تباعَد؛ قال مَعْنُ بن أَوس:
قِفا إِنَّها أمْسَتْ قِفاراً ومَنْ بِها،
وإِن كانَ مِنْ ذي ودِّنا، قد تَعَمْدَدا
أَي تَباعَدَ. قال شمر: قوله المُتَمَــعْدِــدُ البعيد لا أَعلمه إِلا من
مَــعَدَ في الأَرض إِذا ذهب فيها، ثم صيره تَفَعْلَلَ منه.
وبعير مَــعْد أَي سريع؛ قال الزَّفَيانُ:
لمَّا رأَيتُ الظُّعْنَ شَالَتْ تُحْدَى،
أَتْبَعْتُهُنَّ أَرْحَبِيًّا مَــعْدا
ومَــعَدَ بِخُصْيَيه مَــعْداً: ذهب بهما، وقيل: مدّهما. وقال اللحياني:
أَخذ فلان بِخُصْيَيْ فلان فمــعدهما ومــعد بهما أَي مدّهما واجتبذهما.
والمَــعَدّ، بتشديد الدال: اللحم الذي تحت الكتف أَو أَسفل منها قليلاً،
وهو من أَطيب لحم الجنب؛ قال الأَزهري: وتقول العرب في مثل يضربونه: قَدْ
يَأْكُلُ المَــعَدِّــيُّ أَكلَ السُّوءِ؛ قال: هو في الاشتقاق يخرج على
مَفْعَل ويخرج على فَعَلٍّ على مثال عَلَدٍّ، ولم يشتقُّ منه فِعْل.
والمَــعَدّــان: الجنبان من الإِنسان وغيره، وقيل: هما موضع رِجْلَي الراكب من
الفرس؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أُقَيْفِدُ حَفَّادٌ عَلَيْه عَبَاءَةٌ،
كَسَاها مَــعَدَّــيْهِ مُقَاتَلة الدَّهْرِ
أَخبر أَنه يقاتل الدهر من لؤْمه؛ هذا قول ابن الأَعرابي. وقال
اللحياني: المــعدّ الجنب فأَفرده. والمَــعَدّــان من الفرس: ما بين رو وس كتفيه إِلى
مؤَخر متنه؛ قال ابن أَحمر يخاطب امرأَته:
فإِمَّا زالَ سَرْجِي عن مَــعَدٍّ،
وأَجْدِرْ بالحَوادث أَن تَكُونا
يقول: إِن زال عنك سرجي فبنت بطلاق أَو بموت فلا تتزوجي هذا المطروق؛
وهو قوله:
فلا تَصِلِي بِمَطْروُق، إِذا ما
سَرَى في القَوْمِ أَصبَحَ مُسْتَكِينا
وقال ابن الأَعرابي: معناه إِن عُرِّي فرسي من سرجي ومت:
فَبَكِّي، يا غَنِيُّ بِأَرْيَحِيٍّ،
مِنَ الفِتْيانِ، لا يُمْسي بَطِينا
وقيل: المَــعَدَّــان من الفرس ما بين أَسفل الكتف إِلى منقطع الأَضلاع
وهما اللحم الغليظ المجتمع خلف كتفيه، ويستحب نُتُوءُهُما لأَن ذلك الموضع
إِذا ضاق ضغطَ القلب فَغَمَّه. والمَــعَدُّ: موضع عقب الفارس. وقال
اللحياني: هو موضع رجل الفارس من الدابة، فلم يخص عقباً من غيرها، ومن الرَّجُل
مثله؛ وأَنشد شمر في المــعدّ من الإِنسان:
وكأَنَّما تَحْتَ المَــعَدِّ ضَئِيلةٌ،
يَنْفِي رُقادَك سَمُّها وسمَاعُها
يعني الحية. والمَــعْدُ والمَغْدُ، بالعين والغين: النتف. والمَــعَدُّ:
عرق في مَنْسِجِ الفرس. والمَــعَدُّ: البطن؛ عن أَبي علي، وأَنشد:
أَبْرأْت مِنِّي بَرَصاً بِجِلْدِي،
مِنْ بَــعْدِ ما طَعَنْتَ في مَــعَدِّــي
ومَــعَدٌّ: حيّ سمي بأَحد هذه الأَشياء وغلب عليه التذكير، وهو مما لا
يقال فيه من بني فلان، وما كان على هذه السورة فالتذكير فيه أَغلبَ، وقد
يكون اسماً للقبيلة؛ أَنشد سيبويه:
ولَسْنا إِذا عُدِّ الحَصَى بِأَقَلِّهِ،
وإِنَّ مَــعَدَّ اليومَ مُؤْذٍ ذَلِيلُها
والنسب إِليه مَــعَدِّــيٌّ. فأَما قولهم في المثل: تَسْمَعُ بالمُعَيْدِي
لا أَن تراه؛ فمخفف عن القياس اللازم في هذا الضرب؛ ولهذا النادر في حدّ
التحقير ذكرت الإِضافة
(* قوله «ذكرت الاضافة إلخ» كذا بالأصل.) إِليه
مكبراً وإِلا فَمَــعَدِّــي على القياس؛ وقيل فيه: أَن تَسْمَعَ بالمُعَيْدي
خير من أَن تراه، وقيل فيه: تسمع بالمعيدي خير من أَن تراه، وقيل: المختار
الأَول. قال: وإِن شئت قلت: لأَنْ تسمعَ بالمعيدي خير من أَن تراه؛ وكان
الكسائي يرى التشديد في الدال فيقول: بالمُعَيدِّيِّ، ويقول إِنما هو
تصغير رجل منسوب إِلى مــعدّ؛ يضرب مثلاً لمن خَبَرُه خير من مَرْآتِه؛ وكان
غير الكسائي يخفف الدال ويشدد ياء النسبة، وقال ابن السكيت: هو تصغير
مــعدّــي إِلا أَنه إِذا اجتمعت تشديدة الحرف وتشديدة ياء النسبة خفت ياء
النسبة؛ وقال الشاعر:
ضَلَّتْ حُلُومُهُمُ عنهمْ، وغَرَّهُمُ
سَنُّ المُعَيديِّ في رَعْيٍ وتَعْزِيبِ.
يضرب للرجل الذي له صيت وذكر، فإذا رأَيته ازدريت مَرْآتَه، وكان
تأْويلُه تأْويلَ آمر كأَنه قال: اسمع به ولا تره.
والتَّمَــعْدُــدُ: الصبر على عيش مــعدّ، وقيل: التمــعدد التشَظُّف،
مُرْتَجَل غير مشتق. وتَمَــعْدَــدَ: صار في مَــعَدّ. وفي حديث عمر: اخْشَوْشِنُوا
وتَمَــعْدَــدُوا؛ هكذا روي من كلام عمر، وقد رفعه الطبراني في المعجم عن أَبي
حدرد الأَسلمي عن النبي، صلى الله عليه وسلم؛ قال أَبو عبيد: فيه قولان،
يقال: هو من الغلظ، ومنه قيل للغلام إِذا شب وغلظ: قد تمــعدد؛ قال
الراجز:رَبَّيْتُه حتى إِذا تَمَــعْدَــدا
ويقال: تمــعددوا تشبهوا بعيش مَــعَدّ بن عدنان وكانوا أَهل قَشَف وغِلَظ
في المَعاش؛ يقول: فكونوا مثلهم ودَعُوا التَّنَعُّمَ وزِيَّ العجم؛ وهكذا
هو في حديث الآخر: عليكم باللِّبْسةِ المَــعَدِّــية أَي خُشُونةِ
اللِّباس. وقال الليث: التمــعدد الصبر على عيش مَــعَدّ في الحضر والسفر. قال: وإِذا
ذكرت أَن قوماً تحولوا عن مــعدٍّ إِلى اليمن ثم رجعوا قلت: تَمَــعْدَــدُوا.
ومَــعْدِــيٌّ ومَــعْدانُ: اسمان. ومَــعْديكَرِبَ: اسم مركب؛ من العرب من
يجعل إِعرابه في آخره ومنهم من يضيف مَــعْدِــي إِلى كَرِبَ؛ قال ابن جني:
مــعديكرب فيمن ركبه ولم يضف صدره إِلى عجزه يكتب متصلاً، فإِذا كان، يكتب كذلك
مع كونه اسماً، ومن حكم الأَسماء أَنْ تُفْرَد ولا توصل بغيرها لقوتها
وتمكنها في الوضع، فالفِعْلُ في قَلَّما وطالما لاتصاله في كثير من
المواضع بما بــعده نحو ضربت وضربنا ولتُبلَوُنَّ، وهما يقومان وهم يقــعدون وأَنتِ
تذهبين ونحو ذلك مما يدل على شدة اتصال الفعل بفاعله، أَحْجَى بجواز
خلطه بما وُصِلَ به في طالما وقلما؛ قال الأَزهري في آخر هذه الترجمة:
المَدْعِيُّ المُتَّهَمُ في نسبه، قال كأَنه جعله من الدِّعْوة في النسب،
وليست الميم بأَصلية.
عدر: الــعَدْــرُ والــعُدْــرُ: المطر الكثير. وأَرض مَــعْدُــورةٌ: ممطورة ونحو
ذلك. قا شمر: واعْتَدَرَ المطرُ، فهو مُعْتَدِرٌ؛ وأَنشد:
مُهْدَوْدِراً مُعْتَدِراً جُفالا
والعادِرُ: الكذابُ، قال: وهو العاثِرُ أَيضاً. وعَدِــرَ المكان عَدَــراً
واعْتَدَرَ: كثر ماؤه. والــعُدْــرةُ: الجُرْأَة والإِقدام.
وعُدّــار: اسم. والــعَدَّــار: الملاَّح. والــعَدَــرُ: القَيْلَةُ الكَبِيرةُ؛
قال الأَزهري: أَراد بالقيلة الأَدَرَ، وكأَن الهمزة قلبت عيناً فقيل:
عَدِــرَ عَدَــرَاً: والأَصل أَدِرَ أَدَراً.
عدق: عَدَــقَ يَــعْدِــقُ وأَــعْدَــقَ وعَوْدَقَ: أَدخل يده في نواحي البئر
والحوض كأَنه يطلب شيئاً. وعَدَــق الشيءَ يَــعْدِــقُه عَدْــقاً: جمعه.
والعَوْدَقُ
والعَوْدَقةُ: حديدة ذات ثلاث شعب يُستخرج بها الدلو من البئر. ابن
الأَعرابي: العَوْدَقةُ
والــعَدْــوقة لخُطَّاف البئر، وجمعها عُدقٌ، وقال: الــعَدَــق الخطاطيف التي
تُخْرج الدلاءُ بها، واحدتها عَدَــقَةٌ، وربما سميت اللَّبْجَةُ
عَوْدَقةً، واللَّبْجة حديدة لها خمسة مخالب تنصب للذئب يجعل فيها اللحم، فإِذا
اجتذبه نَشِبَ في حلقه. ورجل عادِقُ الرأْي: ليس له صَيِّور يصير إِليه.
يقال: عَدَــقَ بظنّه عَدْــقاً إِذا رَجمَ بظنه ووجَّه الرأْي إِلى ما لا
يَسْتَيْقنه.