للشيخ، تاج الدين، أبي نصر: عبد الوهاب بن محمد
المتوفى: سنة خمس وسبعين وثمانمائة.
صدق: الــصِّدْــق: نقيض الكذب، صَدَــقَ يَــصْدُــقُ صَدْــقاً وصِدْــقاً
وتَــصْداقاً. وصَدَّــقه: قَبِل قولَه. وصدَــقَه الحديث: أَنبأَه بالــصِّدْــق؛ قال
الأَعشى:
فــصدَــقْتُها وكَذَبْتُها،
والمَرْءُ يَنْفَعُه كِذابُهْ
ويقال: صَدَــقْتُ القومَ أي قلت لهم صِدْــقاً، وكذلك من الوعيد إذا أَوقعت
بهم قلت صَدَــقْتُهم. ومن أَمثالهم: الــصِّدقُ ينبئُ عنك لا الوَعِيد.
ورجل صَدُــوقٌ: أبلغ من الصادق. وفي المثل: صَدَــقَني سِنَّ بَكْرِه؛ وأَصله
أن رجلاً أَراد بيع بَكْرٍ له فقال للمشتري: إنه جمل، فقال المشتري: بل
هو بَكْرٌ، فينما هما كذلك إذ ندَّ البكر فصاح به صاحِبُه: هِدَعْ وهذه
كلمة يسكَّن بها صغار الإبل إذا نفرت، وقيل: يسكن بها البَكارة خاصَّة،
فقال المشتري: صدقَني سِنَّ بَكْرِه. وفي حديث علي، رضي الله عنه:
صَدَــقَني سِنَّ بَكْرِه.؛ وهو مثل يضرب للصادق في خبره. والمُــصَدِّــقُ: الذي
يُــصَدِّــقُك في حديثك. وكَلْبٌ تقلب الصاد مع القاف زاياً، تقول ازْدُقْني أي
اصْدُــقْني، وقد بيَّن سيبويه هذا الضرب من المضارعة في باب الإدغام.
وقوله تعالى: لِيَسْأَلَ الصَّادِقينَ عن صِدْــقِهم؛ تأْويله ليسأل
المُبَلِّغين من الرسل عن صِدْــقِهم في تبليغهم، وتأْويل سؤالهم التبكيتُ للذين
كفروا بهم لأن الله تعالى يعلم أَنهم صادِقُون. ورجل صِدْــقٌ وامرأَة صِدْــقٌ:
وُصِفا بالمــصدر، وصِدْــقٌ صادِقٌ كقولهم شِعْرٌ شاعِرٌ، يريدون المبالغة
والإشارة. والــصِّدِّــيقُ، مثال الفِسَّيق: الدائمُ التَّــصْدِــيقِ، ويكون
الذي يُــصَدِّــقُ قولَه بالعمل؛ ذكره الجوهري، ولقد أَساء التمثيل بالفِسِّيق
في هذا المكان. والــصِّدِّــيقُ: المُــصَدِّــقُ. وفي التنزيل: وأُمُّه
صِدِّــيقةٌ أي مبالغة في الــصِّدْــق والتَّــصْديِقِ على النسب أي ذات تَــصْدِــيق.
وقوله تعالى: والذي جاء بالــصِّدْــقِ وصَدَّــق به. روي عن علي بن أبي طالب،
رضوان الله عليه، أنه قال: الذي جاء بالــصِّدْــق محمدٌ، صلى الله عليه وسلم،
والذي صَدَّــقَ به أَبو بكر، رضي الله عنه، وقيل: جبرئيل ومحمد، عليهما
الصلاة والسلام، وقيل: الذي جاء بالــصدق محمدٌ، صلى الله عليه وسلم، وصَدَّــقَ
به المؤمنون. الليث: كل من صَدَّــقَ بكل أَمر الله لا يَتخالَجُه في شيء
منه شكٌّ وصَدَّــقَ النبي، صلى الله عليه وسلم، فهو صِدِّــيقٌ، وهو قول الله
عز وجل: والــصِّدِّــيقون والشُّهَداء عند ربهم. والــصِّدِّــيقُ: المبالغ في
الــصِّدْــق. وفلان لا يَــصْدُــق أَثَرُهُ وأَثَرَهَ كَذِباً أي إذا قيل له من
أين جئت قال فلم يَــصْدُــقْ.
ورجلٌ صَدْــقٌ: نقيض رجل سَوْءٌ، وكذلك ثوبٌ صَدْــقٌ وخمار صَدْــقٌ؛ حكاه
سيبويه. ويقال: رجُلُ صِدْــقٍ، مضاف بكسر الصاد، ومعناه نِعم الرجل هو،
وامرأَةُ صِدْــقٍ كذلك، فإن جعلته نعتاً قلت هو الرجل الــصَّدْــقُ، وهي
صَدْــقةٌ، وقوم صَدْــقون ونساء صَدْــقات؛ وأَنشد:
مَقْذوذة الآذانِ صَدْــقات الحَدَقْ
أي نافذات الحدق؛ وقال رؤبة يصف فرساً:
والمراي الــصدق يبلي الــصدقا
(* قوله «المراي الــصدق إلخ» هكذا في الأصل، وفي نسخة المؤلف من شرح
القاموس: والمري إلخ).
وقال الفراء في قوله تعالى: ولقد صَدَــقَ عليهم إبليسُ ظَنَّه؛ قرئ
بتخفيف الدال ونصْبِ الظن أَي صَدَــقَ عليهم في ظنه، ومن قرأَ: ولقد صَدَّــقَ
عليهم إبليسُ ظنَّه؛ فمعناه أَنه حقق ظنه حين قال: ولأُضِلَّنَّهم
ولأُمَنِّيَنَّهم، لأنه قال ذلك ظانّاً فحققه في الضالين. أَبو الهيثم: صَدَــقَني
فلانٌ أي قال لي الــصِّدْــقَ، وكَذَبَني أي قال لي الكذب. ومن كلام العرب:
صَدَــقْتُ الله حديثاً إن لم أَفعل كذا وكذا؛ المعنى لا صَدَــقْتُ اللهَ
حديثاً إن لم أَفعل كذا وكذا.
والــصَّداقةُ والمُصادَقةُ: المُخالّة. وصَدَــقَه النصيحةَ والإخاء:
أَمْحَضه له. وصادَقْتُه مُصادَقةً وصِداقاً: خالَلْتُه، والاسم الــصَّداقة.
وتصادَقا في الحديث وفي المودّة، والــصَّداقةُ مــصدر الــصَّدِــيق، واشتقاقُه
أَنه صَدَــقَه المودَّة والنصيحةَ. والــصَّدِــيقُ: المُصادِقُ لك، والجمع
صُدَــقاء وصُدْــقانٌ وأَــصْدِــقاء وأَصادِقُ؛ قال عمارة بن طارق:
فاعْجَلْ بِغَرْبٍ مثل غَرْبِ طارِقِ،
يُبْذَلُ للجيرانِ والأصادِقِ
وقال جرير:
وأَنْكَرْتَ الأصادِقَ والبلادا
وقد يكون الــصَّدِــيقُ جمعاً وفي التنزيل: فما لنا من شافِعين ولا صَديقٍ
حَميم؛ ألا تراه عطفه على الجمع؟ وقال رؤبة:
دعْها فما النَّحْويُّ من صَدِــيِقها
والأُنثى صديق أَيضاً؛ قال جميل:
كأنْ لم نُقاتِلْ يا بُثَيْنُ لَوَ انَّها
تُكَشَّفُ غُمَاها، وأنتِ صَديق
وقال كُثَيّر فيه:
لَيالَي من عَيْشٍ لَهَوْنا بِوَجْهِه
زَماناً، وسُعْدى لي صَدِــيقٌ مُواصِلُ
وقال آخر:
فلو أَنَّكِ في يوم الرَّخاء سَأَلْتِني
فِراقَكَ، لم أَبْخَلْ، وأنتِ صَدِــيقُ
وقال آخر في جمع المذكر:
لعَمْري لَئِنْ كُنْتْم على النَّأْيِ والنَّوى
بِكُم مِثْلُ ما بي، إِنّكم لَــصَدِــيقُ
وقيل صَدِــيقةٌ؛ وأَنشد أَبو زيد والأَصمعي لَقَعْنَب بن أُمّ صاحب:
ما بالُ قَوْمٍ صَدِــيقٍ ثمَّ ليس لهم
دِينٌ، وليس لهم عَقْلٌ إِذا ائْتُمِنوا؟
ويقال: فلان صُدَــيِّقِي أَي أَخَصُّ أَــصْدِــقائي وإِنما يصغر على جهة
المدح كقول حباب بن المنذر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها
المُرَجَّب؛ وقد يقال للواحد والجمع والمؤنث صَدِــيقٌ؛ قال جرير:
نَصَبْنَ الهَوى ثم ارْتَمَيْنَ قُلوبَنا
بأَعْيُنِ أَعْداءٍ، وهُنَّ صَدِــيقُ
أَوانِس، أَمّا مَنْ أَرَدْنَ عناءَه
فعانٍ، ومَنْ أَطْلَقْنه فطَلِيقُ
وقال يزيد بن الحكم في مثله:
ويَهْجُرْنَ أََقْواماً، وهُنَّ صَدِــيقُ
والــصَّدْــقُ: الثَّبْتُ اللقاء، والجمع صُدْــق، وقد صَدَــقَ اللقاءَ
صَدْــقاً؛ قال حسان بن ثابت:
صلَّى الإِلهُ على ابنِ عَمْروٍ إِنِّه
صَدَــقَ اللِّقاءَ، وصَدْــقُ ذلك أَوفقُ
ورجل صَدْــقُ اللقاء وصَدْــقُ النظر وقوم صُدْــقٌ، بالضم: مثل فرس وَرْدٌ
وأَفراس وُرْدٌ وجَوْن وجُون. وصَدَــقُوهم القِتالَ: أَقدموا عليهم،
عادَلُوا بها ضِدَّها حين قالوا كَذَبَ
عنه إِذا أَحجم، وحَمْلةٌ صادِقةٌ كما قالوا ليست لها مكذوبة؛ فأَما
قوله:
يَزِيد زادَ الله في حياته،
حامِي نزارٍ عند مَزْدُوقاتِه
فإِنه أَراد مَــصْدُــوقاتِهِ فقلب الصاد زاياً لضرب من المضارعة. وصَدَــقَ
الوَحْشِي إِذا حملت عليه فعدا ولم يلت،ت. وهذا مِــصْداقُ هذا أَي ما
يُــصَدِّــقُه. ورجل ذو مَــصْدَــقٍ، بالفتح، أَي صادقُ الحَمْلِة، يقال ذلك
للشجاع والفرسِ
الجَوادِ، وصادِقُ الجَرْي: كأَنه ذو صِدْــقٍ فيما يَعِدُكَ من ذلك؛ قال
خفاف ابن ندبة:
إِذا ما استْحَمَّتْ أَرْضُه من سَمائِهِ
جَرى، وهو مَوْدوعٌ وواعِدُ مَــصْدَــقِ
يقول: إِذا ابتلَّت حوافره من عَرق أَعاليه جرى وهو متروك لا يُضرب ولا
يزجر ويــصدقك فيما يعدك البلوغ إلى الغاية؛ وقول أَبي ذؤيب:
نَماه من الحَيَّيْنِ قرْدٌ ومازنٌ
لُيوثٌ، غداةَ البَأْس، بيضٌ مَصادِقُ
يجوز أَن يكون جمع صَدْــق على غير قياس كمَلامح ومَشابِه، ويجوز أَن يكون
على حذف المضاف أَي ذو مَصادِق فحذف، وكذلك الفرس، وقد يقال ذلك في
الرأْي. والمَــصْدَــق أَيضاً: الجِدُّ، وبه فسر بعضهم قول دريد:
وتُخْرِجُ منه ضَرَّةُ القومِ مَــصْدَــقاً،
وطُولُ السُّرى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
ويروى ذَرِّيّ. والمَــصْدَــق: الصلابة؛ عن ثعلب. ومِــصْداق الأَمر:
حقيقتُه.والــصَّدْــق، بالفتح: الصلب من الرماح وغيرها.
ورمح صَدْــقٌ: مستوٍ، وكذلك سيف صَدْــق؛ قال أَبو قيس بن الأَسلت السلمي:
صَدْــقٍ حُسامٍ وادقٍ حَدُّه،
ومُحْنإٍ أَسْمَرَ قرَّاعِ
قال ابن سيده: وظن أَبو عبيد الــصَّدْــقَ في هذا البيت الرمحَ فغلط؛ وروى
الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه أَنشده لكعب:
وفي الحِلْم إِدْهانٌ، وفي العَفُو دُرْسةٌ،
وفي الــصِّدْــق مَنْجاةٌ من الشرِّ، فاصْدُــقِ
قال: الــصِّدْــقُ ههنا الشجاعة والصلابة؛ يقول: إِذا صَلُبْت وصَدَــقْت
انهزم عنك من تَــصْدُــقه، وإِن ضعفت قَوي عليك واستمكن منك؛ روى ابن بري عن
ابن درستويه قال: ليس الــصِّدق من الصلابة في شيء، ولكن أَهل اللغة أَخذوه
من قول النابغة:
في حالِك اللَّوْن صَدْــق غير ذي أمَد
قال: وإِنما الــصِّدْــقُ الجامع للأَوصاف المحمودة، والرمح يوصف بالطول
واللين والصلابة ونحو ذلك. قال الخليل: الــصَّدْــقُ الكامل من كل شيء. يقال:
رجل صَدْــقٌ وامرأَة صَدْــقة؛ قال ابن درستويه؛ وإِنما هذا بمنزلة قولك رجل
صَدْــقٌ وامرأَة صَدْــقٌ، فالــصَّدْــق من الــصِّدْــق بعينه، والمعنى أَنه
يَــصْدُــق في وصفه من صلابة وقوة وجودة، قال: ولو كان الــصِّدْــق الصُّلْبَ لقيل
حجر صَدْــقٌ وحديد صَدْــق، قال: وذلك لا يقال.
وصَدَــقاتُ
الأَنعامِ: أَحدُ أَثمان فرائضها التي ذكرها الله تعالى في الكتاب.
والــصَّدَــقة: ما تــصَدَّــقْت به على للفقراء . والــصَّدَــقة: ما أَعطيته في ذات
الله للفقراء. والمُتَــصَدِّــق: الذي يعطي الــصِّدَــقَةَ. والــصَّدَــقة: ما
تــصَدَّــقْت به على مسكين، وقد تَــصَدَّــق عليه، وفي التنزيل: وتَــصَدَّــقْ علينا،
وقيل: معنى تــصدق ههنا تفَضَّلْ بما بين الجيّد والرديء كأَنهم يقولون اسمح
لنا قبولَ
هذه البضاعة على رداءتها أَو قلَّتها لأَن ثعلب فسر قوله تعالى: وجِئْنا
بِبضاعةٍ مُزْجاةٍ
فأَوْفِ لنا الكيلَ وتَــصَدَّــقْ علينا، فقال: مزجاة فيها اغماض ولم يتم
صلاحُها، وتَــصَدَّــقْ علينا قال: فَضِّل ما بين الجيّد والرديء. وصَدَّــق
عليه: كتَــصَدَّــق، أَراه فَعَّل في معنى تَفَعَّل. والمُــصَدِّــق: القابل
للــصَّدقة، ومررت برجل يسأَل ولا تقل برجل يَتَــصَدَّــق، والعامة تقوله، إِنما
المُتَــصَدِّــق الذي يعطي الــصَّدَــقة. وقوله تعالى: إِن المُــصَّدِّــقِين
والمُــصَّدَّــقات، بتشديد الصاد، أَصله المُتَــصَدِّــقِين فقلبت التاء صاداً
فأُدغمت في مثلها؛ قال ابن بري: وذكر ابن الأَنباري أَنه جاء تَــصَدَّــق بمعنى
سأَل؛ وأَنشد:
ولَوَ انَّهم رُزِقُوا على أَقْدارِهِم،
لَلَقِيتَ أَكثَر مَنْ تَرى يَتَــصَدَّــقُ
وفي الحديث لما قرأ: ولتنظُرْ
نفسٌ ما قدَّمت لِغدٍ، قال: تــصَدَّــق رجل من دينارِه ومن دِرْهمِه ومن
ثوبه أَي ليتــصدق، لفظه الخبر ومعناه الأَمر كقولهم أَنجز حُرٌّ ما وعد أَي
ليُنْجِزْ.
والمُــصَدِّــقُ: الذي يأْخذ الحُقوقَ من الإِبل والغنم. يقال: لا تشترى
الــصدَــقَةُ حتى يَعْقِلَها المُــصَدِّــقُ أَي يقبضها، والمعطي مُتَــصَدِّــق
والسائل مُتَــصَدِّــق هما سواء؛ قال الأَزهري: وحُذَّاق النحويين ينكرون أَن
يقال للسائل مُتَــصَدِّــق ولا يجيزونه؛ قال ذلك الفراء والأَصمعي وغيرهما.
والمُتــصَدِّــق: المعطي؛ قال الله تعالى: وتَــصَدَّــقْ
علينا إِنَّ الله يَجْزِي المُتَــصَدِّــقِين، ويقال للذي يقبض الــصَّدَــقات
ويجمعها لأَهل السُّهْمان مُــصَدِّــق، بتخفيف الصاد، وكذلك الذي ينسب
المُحدِّث إِلى الــصِّدْــق مُــصَدِّــق، بالتخفيف قال الله تعالى: أَئِنَّك لمن
المُــصَدِّــقِين، الصاد خفيفة والدال شديدة، وهو من تَــصْديِقِك صاحِبَك إِذا
حدَّثك؛ وأَما المُــصَّدِّــق، بتشديد الصاد والدال، فهو المُتَــصَدِّــق أُدغمت
التاء في الصاد فشددت. قال الله تعالى: إِنَّ المُــصَّدِّــقِينَ
والمُــصَّدِّــقاتِ وهم الذين يُعْطون الــصَّدَــقات. وفي حديث الزكاة: لا تُؤْخَذُ في
الــصَّدَــقةِ هَرِمةٌ ولا تَيْسٌ إِلاَّ أَن يشاءَ المُــصَدَّــقُ؛ رواه أَبو
عبيد بفتح الدال والتشديد، يُرِيد صاحبَ الماشية الذي أُخذت صَدقةُ ماله،
وخالَفه عامة الرُّواة فقالوا بكسر الدال، وهو عامل الزكاة الذي
يستوفيها من أَربابها، صَدَّــقَهم يُــصَدِّــقُهم، فهو مُــصَدِّــقٌ؛ وقال أَبو موسى:
الرواية بتشديد الصاد والدال معاً وكسر الدال، وهو صاحب المال، وأَصله
المُتَــصَدِّــق فأُدغمت التاء في الصاد، والاستثناءُ
من التَّيْسِ خاصة، فإِنَّ الهَرِمة وذات العُوَّار لا يجوز أَخذها في
الــصدقة إِلاَّ أَن يكون المال كله كذلك عند بعضهم، وهذا إِنما يتجه إِذا
كان الغرض من الحديث النهي عن أَخذ التيس لأَنه فحل المَعَز، وقد نهي عن
أَخذ الفحل في الــصدقة لأَنه مُضِرٌّ برَبِّ المال لأَنه يَعِزُّ عليه
إِلاَّ أَن يسمح به فيؤْخذ؛ قال ابن الأَثير: والذي شرحه الخطابي في المعالم
أَن المُــصَدِّــق، بتخفيف الصاد، العاملُ وأَنه وكيل الفقراء في القبض فله
أَن يتصرف بهم بما يراه مما يؤَدِّي إِليه اجتهاده. والــصَّدَــقةُ
والــصَّدُــقةُ والــصُّدُــقةُ والــصُّدْــقةُ، بالضم وتسكين الدال، والــصَّدْــقةُ
والــصَّداقُ
والــصِّداقُ: مهر المرأَة، وجمعها في أَدنى العدد أَــصْدِــقةٌ، والكثير
صُدُــقٌ، وهذان البناءَ ان إِنما هما على الغالب. وقد أَــصْدَــق المرأَةَ حين
تزوَّجها أَي جعل لها صَداقاً، وقيل: أَــصْدَــقَها سمَّى لها صَداقاً. أَبو
إِسحق في قوله تعالى: وآتوا النساءَ صَدُــقاتِهنَّ نِحْلةً؛ الــصَّدُــقات
جمع الــصَّدُــقةِ، ومن قال صُدْــقة قال صُدْــقاتِهنَّ، قال: ولا يقرأُ من هذه
اللغات بشيء إِن القراءَة سنَّة. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُغالُوا
في الــصَّدُــقاتِ؛ هي جمع صَدُــقة وهو مهر المرأَة؛ وفي رواية: لا تُغالُوا
في صُدُــق النساء، جمع صَداقٍ. وفي الحديث: وليس عند أَبَوَيْنا ما
يُــصْدِــقانِ عَنَّا أَي يُؤدِّيانِ إِلى أَزواجنا الــصَّداقَ.
والصَّيْدَقُ، على مثال صَيْرف: النجمُ الصغير اللاصق بالوُسْطَى من
نبات نعش الكبرى؛ عن كراع، وقال شمر: الصَّيْدقُ الأَمِينُ؛ وأَنشد قول
أُمية:
فيها النجومُ تُطِيعُ غير مُراحةٍ،
ما قال صَيْدَقُها الأَمِينُ الأَرْشَدُ
وقال أَبو عمرو: الصَّيْدَقُ القطب، وقيل المَلِك، وقال يعقوب: هي
الصُّنْدوق والجمع الصَّنادِيق.
صدر: الــصَّدْــر: أَعلى مقدَّم كل شيء وأَوَّله، حتى إِنهم ليقولون: صَدْــر
النهار والليل، وصَدْــر الشتاء والصيف وما أَشبه ذلك مذكّراً؛ فأَما قول
الأَعشى:
وتَشْرَقُ بالقَوْل الذي قد أَذَعْتَه،
كما شَرِقَتْ صَدْــر القَناة من الدَّمِ
قال ابن سيده: فإِن شئت قلت أَنث لأَنه أَراد القناة، وإِن شئت قلت إِن
صَدْــر القَناة قَناة؛ وعليه قوله:
مَشَيْنَ كما اهْتَزَّت رِماح، تَسَفَّهَتْ
أَعالِيها مَرُّ الرِّياح النَّواسِم
والــصَّدْــر: واحد الــصُّدُــور، وهو مذكر، وإِنما أَنثه الأَعشى في قوله كما
شَرِقَتْ صَدْــر القَناة على المعنى، لأَن صَدْــر القَناة من القَناة، وهو
كقولهم: ذهبت بعض أَصابعه لأَنهم يؤنِّثُون الاسم المضاف إِلى المؤنث،
وصَدْــر القناة: أَعلاها. وصَدْــر الأَمر: أَوّله. وصَدْــر كل شيء: أَوّله.
وكلُّ ما واجهك: صَدْــرٌ، وصدر الإِنسان منه مذكَّر؛ عن اللحياني، وجمعه
صُدُــور ولا يكسَّر على غير ذلك. وقوله عز وجل: ولكن تَعْمَى القُلوب التي
في الــصُّدُــور؛ والقلب لا يكون إِلاَّ في الــصَّدْــر إِنما جرى هذا على
التوكيد، كما قال عز وجل: يقولون بأَفواههم؛ والقول لا يكون إِلاَّ بالفَمِ
لكنه أَكَّد بذلك، وعلى هذا قراءة من قرأَ: إِن أَخي له تِسْعٌ وتسعون
نَعْجَةً أُنثى. والــصُّدُــرة: الــصَّدْــر، وقيل: ما أَشرف من أَعلاه. والــصَّدْــر:
الطائفة من الشيء. التهذيب: والــصُّدْــرة من الإِنسان ما أَشرف من أَعلى
صدْــره؛ ومنه الــصُّدْــرة التي تُلبَس؛ قال الأَزهري: ومن هذا قول امرأَة
طائيَّة كانت تحت امرئ القيس، فَفَرِ كَتْهُ وقالت: إِني ما عَلِمْتُكَ
إِلاَّ ثَقِيل الــصُّدْــرة سريع الهِدافَةَ بَطِيء الإِفاقة.
والأَــصْدَــر: الذي أَشرفت صَدْــرته.
والمَــصْدُــور: الذي يشتكي صدره؛ وفي حديث ابن عبد العزيز: قال لعبيدالله
بن عبدالله بن عتبة: حتى متَى تقولُ هذا الشعر؟ فقال:
لا بُدَّ للمَــصْدُــور من أَن يَسْعُلا
المَــصْدُــور: الذي يشتكي صَدْــره، صُدِــرَ فهو مــصدور؛ يريد: أَن من أُصيب
صَدْــره لا بدّ له أَن يَسْعُل، يعني أَنه يَحْدُث للإِنسان حال يتمثَّل
فيه بالشعر ويطيِّب به نفسه ولا يكاد يمتنع منه. وفي حديث الزهري: قيل له
إِن عبيد الله يقول الشِّعْر، قال: ويَسْتَطَيعُ المَــصْدُــور أَن لا
يَنْفُِثَ أَي لا يَبْزُق؛ شَبَّه الشِّعْر بالنَّفْث لأَنهما يخرجان من
الفَمِ. وفي حديث عطاء: قيل له رجل مَــصْدُــور يَنْهَزُ قَيْحاً أَحَدَثٌ هُوَ؟
قال: لا، يعني يَبزُق قَيْحاً. وبَنَات الــصدر: خَلَل عِظامه.
وصُدِــرَ يَــصْدَــرُ صَدْــراً: شكا صَدْــرَه؛ وأَنشد:
كأَنما هُوَ في أَحشاء مَــصْدُــورِ
وصَدَــرَ فلان فلاناً يَــصْدُــرُه صَدْــراً: أَصاب صَدْــرَه. ورجل أَــصْدَــرُ:
عظيم الــصَّدْــرِ، ومُــصَدَّــر: قويّ الــصَّدْــر شديده؛ وكذلك الأَسَد والذئب.
وفي حديث عبد الملك: أُتِيَ بأَسِير مُــصَدَّــر؛ هو العظيم الــصَّدْــر. وفَرس
مُــصَدَّــرٌ: بَلَغ العَرَق صَدْــرَه. والمُــصَدَّــرُ من الخيل والغنم:
الأَبيض لَبَّةِ الــصَّدْــرِ، وقيل: هو من النِّعاج السَّوداء الــصدر وسائرُها
أَبيضُ؛ ونعجة مُــصَدَّــرَة. ورجل بعيد الــصَّدْــر: لا يُعطَف، وهو على
المثَل.والتَّــصَدُّــر: نصْب الــصَّدْــر في الجُلوس. وصَدَّــر كتابه: جعل له
صَدْــراً؛ وصَدَّــره في المجلس فتــصدَّــر. وتــصدَّــر الفرسُ وصَدَّــر، كلاهما: تقدَّم
الخيلَ بِــصَدره. وقال ابن الأَعرابي: المُــصَدَّــرُ من الخيل السابق، ولم
يذكر الــصَّدْــرَ؛ ويقال: صَدَّــرَ الفرسُ إِذا جاء قد سبق وبرز بِــصَدْــرِه
وجاء مُــصَدَّــراً؛ وقال طفيل الغَنَوِيّ يصف فرساً:
كأَنه بَعْدَما صَدَّــرْنَ مِنْ عَرَقٍ
سِيدٌ، تَمَطَّرَ جُنْحَ الليل، مَبْلُولُ
كأَنه: الهاءُ لَفَرسِهِ. بعدما صَدَّــرْنَ: يعني خَيْلاَ سَبَقْنَ
بــصُدُــورِهِنَّ. والعَرَق: الصفُّ من الخيل؛ وقال دكين:
مُــصَدَّــرٌ لا وَسَطٌ ولا بَالي
(* قوله: «مــصدر إِلخ» كذا بالأَصل).
وقال أَبو سعيد في قوله: بعدما صَدَّــرْنَ من عرق أَي هَرَقْنَ صَدْــراً
ومن العَرَق ولن يَسْتَفْرِغْنَه كلَّه؛ ور وي عن ابن الأَعرابي أَنه قال:
رواه بعدما صُدِّــرْنَ، على ما لم يسمَّ فاعله، أَي أَصاب العَرَقُ
صُدُــورهُنَّ بعدما عَرِقَ؛ قال: والأَول أَجود؛ وقول الفرزدق يخاطب
جريراً:وحَسِبتَ خيْلَ بني كليب مَــصْدَــراً،
فَغَرِقْتَ حين وَقَعْتَ في القَمْقَامِ
يقول: اغْتَرَرْتَ بخيْل قومك وظننت أَنهم يخلِّصونك من بحر فلم يفعلوا.
ومن كلامِ كُتَّاب الدَّواوِين أَن يقال: صُودِرَ فلانٌ العامل على مالٍ
يؤدِّيه أَي فُورِقَ على مالٍ ضَمِنَه.
والــصِّدَــارُ: ثَوْبٌ رأْسه كالمِقْنَعَةِ وأَسفلُه يُغَشِّى الــصَّدْــرَ
والمَنْكِبَيْنِ تلبَسُه المرأَة؛ قال الأَزهري: وكانت المرأَة الثَّكْلَى
إِذا فقدت حميمها فأَحَدّتْ عليه لبست صِدَــاراً من صُوف؛ وقال الراعي
يصف فلاة:
كَأَنَّ العِرْمِسَ الوَجْناءَ فيها
عَجُولٌ، خَرَّقَتْ عنها الــصَّدارَا
ابن الأَعرابي: المِجْوَلُ الــصُّدْــرَة، وهي الــصِّدار والأُــصْدَــة.
والعرَب تقول للقميص الصغير والدِّرْع القصيرة: الــصُّدْــرَةُ، وقال الأَصمعي:
يقال لِمَا يَلي الــصَّدْــر من الدِّرْعِ صِدارٌ. الجوهري: الــصِّدارُ. بكسر
الصاد، قميص صغير يَلي الجسد. وفي المثل: كلُّ ذات صِدارٍ خالَةٌ أَي من
حَقِّ الرجل أَن يَغارَ على كل امرأَة كما يَغارُ على حُرَمِهِ. وفي حديث
الخَنْساء: دخلتْ على عائشة وعليها خِمارٌ مُمَزَّق وصِدار شعَر؛
الــصِّدار: القميص القصير كما وَصَفناه أَوَّلاً.
وصَدْــرُ القَدَمِ: مُقَدَّمُها ما بين أَصابعها إِلي الحِمارَة. وصَدْــرُ
النعل: ما قُدَّام الخُرْت منها. وصَدْــرُ السَّهْم: ما جاوز وسَطَه إِلى
مُسْتَدَقِّهِ، وهو الذي يَلي النَّصْلَ إِذا رُمِيَ به، وسُمي بذلك
لأَنه المتقدِّم إِذا رُمِي، وقيل: صَدْــرُ السهم ما فوق نصفه إِلى المَرَاش.
وسهم مُــصَدَّــر: غليظ الــصَّدْــر، وصَدْــرُ الرمح: مثله. ويومٌ كــصَدْــرِ
الرمح: ضيِّق شديد. قال ثعلب: هذا يوم تُخَصُّ به الحرْب؛ قال وأَنشدني ابن
الأَعرابي:
ويوم كــصَدْــرِ الرُّمْحِ قَصَّرْت طُولَه
بِلَيْلي فَلَهَّانِي، وما كُنْتُ لاهِيَا
وصُدُــورُ الوادي: أَعاليه ومَقادمُه، وكذلك صَدَــائرُهُ؛ عن ابن
الأَعرابي، وأَنشد.
أَأَنْ غَرَّدَتْ في بَطْنِ وادٍ حَمامَةٌ
بَكَيْتَ، ولم يَعْذِرْكَ في الجهلِ عاذِرف؟
تَعَالَيْنَ في عُبْرِيَّةٍ تَلَعَ الضُّحى
على فَنَنٍ، قد نَعَّمَتْهُ الــصَّدائِرُ
واحدها صَادِرَة وصَدِــيرَة.
(* قوله: «واحدها صادرة وصديرة» هكذا في
الأَصل وعبارة القاموس جمع صدارة وصديرة). والــصَّدْــرُْ في العَروضِ: حَذْف
أَلِفِ فاعِلُنْ لِمُعاقَبَتِها نون فاعِلاتُنْ؛ قال ابن سيده: هذا قول
الخليل، وإِنما حكمه أَن يقول الــصَدْــر الأَلف المحذوفة لِمُعاقَبَتها نون
فاعِلاتُنْ. والتَّــصْدِــيرُ؛ حزام الرَّحْل والهَوْدَجِ. قال سيبويه: فأَما
قولهم التَّزْدِيرُ فعلى المُضارعة وليست بلُغَة؛ وقد صَدَّــرَ عن
البعير. والتَّــصْدِــيرُ: الحِزام، وهو في صَدْــرِ البعير، والحَقَبُ عند الثِّيل.
والليث: التَّــصْدِــيرُ حبل يُــصَدَّــرُ به البعير إِذا جرَّ حِمْله إِلى
خلْف، والحبلُ اسمه التَّــصْدِــيرُ، والفعل التَّــصْدِــيرُ. قال الأَصمعي: وفي
الرحل حِزامَةٌ يقال له التَّــصْدِــيرُ، قال: والوَضِينُ والبِطان
لِلْقَتَبِ، وأَكثر ما يقال الحِزام للسَّرج. وقال الليث: يقال صَدِّــرْ عن
بَعِيرك، وذلك إِذا خَمُصَ بطنُه واضطرب تَــصْدِــيُرهُ فيُشدُّ حبل من
التَّــصْدِــيرِ إِلى ما وراء الكِرْكِرَة، فيثبت التَّــصْدِــير في موضعه، وذلك الحبل
يقال له السِّنافُ. قال الأَزهري: الذي قاله الليث أَنَّ التَّــصدْــيِر حبل
يُــصَدَّــر به البعير إِذا جرَّ حِمْله خَطَأٌ، والذي أَراده يسمَّى
السِّناف، والتَّــصْديرُ: الحزام نفسُه. والــصِّدارُ: سِمَةٌ على صدر
البعير.والمُــصَدَّــرُ: أَول القداح الغُفْل التي ليست لها فُروضٌ ولا أَنْصباء،
إِنما تثقَّل بها القداح كراهِيَة التُّهَمَة؛ هذا قول اللحياني.
والــصَّدَــرُ، بالتحريك: الاسم، من قولك صَدَــرْت عن الماء وعن البِلاد.
وفي المثل: تَرَكْته على مِثْل ليلَة الــصَّدَــرِ؛ يعني حين صَدَــرَ الناس من
حَجِّهِم. وأَــصْدَــرْته فــصدَــرَ أَي رَجَعْتُهُ فرَجَع، والموضع مَــصْدَــر
ومنه مَصادِر الأَفعال. وصادَرَه على كذا. والــصَّدَــرُ: نقِيض الوِرْد.
صَدَــرَ عنه يَــصْدُــرُ صَدْــراً ومَــصْدراً ومَزْدَراً؛ الأَخيرة مضارِعة؛
قال:ودَعْ ذا الهَوَى قبل القِلى؛ تَرْكُ ذي الهَوَى،
مَتِينِ القُوَى، خَيْرٌ من الصَّرْمِ مَزْدَرَا
وقد أَــصْدَــرَ غيرَه وصَدَــرَهُ، والأَوَّل أَعلى. وفي التنزيل العزيز:
حتى يَــصْدُــرَ الرِّعاءُ؛ قال ابن سيده: فإِمَّا أَن يكون هذا على نِيَّةِ
التعدَّي كأَنه قال حتى يَــصْدُــر الرِّعاء إِبِلَهم ثم حذف المفعول،
وإِمَّا أَن يكون يَــصدرُ ههنا غير متعدٍّ لفظاً ولا معنى لأَنهم قالوا صَدَــرْتُ
عن الماء فلما يُعَدُّوه. وفي الحديث: يَهْلِكُونَ مَهْلَكاً واحداً
ويَــصْدُــرُون مَصادِر شَتَّى؛ الــصَّدَــرُ، بالتحريك: رُجوع المسافر من مَقــصِده
والشَّارِبةِ من الوِرْدِ. يقال: صَدَــرَ يَــصْدُــرُ صُدُــوراً وصَدَــراً؛
يعني أَنه يُخْسَفُ بهم جميعهم فَيْهلكون بأَسْرِهم خِيارهم وشِرارهم، ثم
يَــصْدُــرون بعد الهَلَكَة مَصادِرَ متفرِّقة على قدْر أَعمالهم
ونِيَّاتِهم، ففريقٌ في الجنة وفريق في السعير. وفي الحديث: لِلْمُهاجِرِ إِقامَةُ
ثلاثٍ بعد الــصَّدَــر؛ يعني بمكة بعد أَن يقضي نُسُكَه. وفي الحديث: كانت له
رَكْوة تسمَّى الصادِرَ؛ سمِّيت به لأَنه يُــصْدَــرُ عنها بالرِّيّ؛ ومنه:
فأَــصْدَــرْنا رِكابَنَا أَي صُرِفْنا رِواءً فلم نحتج إِلى المُقام بها
للماء. وما له صادِرٌ ولا وارِدٌ أَي ما له شيء. وقال اللحياني: ما لَهُ
شيء ولا قوْم. وطريق صادِرٌ: معناه أَنه يَــصْدُــر بِأَهْله عن الماء.
ووارِدٌ: يَرِدُهُ بِهم؛ قال لبيد يذكر ناقَتَيْن:
ثم أَــصْدَــرْناهُما في وارِدٍ
صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاهُ قد مَثَلْ
أَراد في طريق يُورد فيه ويُــصْدَــر عن الماء فيه. والوَهْمُ: الضَّخْمُ،
وقيل: الــصَّدَــرُ عن كل شيء الرُّجُوع. الليث: الــصَّدَــرُ الانصراف عن
الوِرْد وعن كل أَمر. يقال: صَدَــرُوا وأَــصْدَــرْناهم. ويقال للذي يَبْتَدِئُ
أَمْراً ثم لا يُتِمُّه: فُلان يُورِد ولا يُــصْدِــر، فإِذا أَتَمَّهُ قيل:
أَوْرَدَ وأَــصْدَــرَ. قال أَبو عبيد: صَدَــرْتُ عن البِلاد وعن الماء
صَدَــراً، وهو الاسم، فإِذا أَردت المــصدر جزمت الدال؛ وأَنشد لابن مقبل:
وليلةٍ قد جعلتُ الصبحَ مَوْعِدَها
صَدْــرَ المطِيَّة حتء تعرف السَّدَفا
قال ابن سيده: وهذا منه عِيٌّ واختلاط، وقد وَضَعَ منه بهذه المقالة في
خطبة كتابِه المحكَم فقال: وهل أَوحَشُ من هذه العبارة أَو أَفحشُ من هذه
الإِشارة؟ الجوهري: الــصَّدْــرُ، بالتسكين، المــصدر، وقوله صَدْــرَ
المطِيَّة مــصدر من قولك صَدَــرَ يَــصْدُــرُ صَدْــراً. قال ابن بري: الذي رواه أَبو
عمرو الشيباني السَّدَف، قال: وهو الصحيح، وغيره يرويه السُّدَف جمع
سُدْفَة، قال: والمشهور في شعر ابن مقبل ما رواه أَبو عمرو، والله أَعلم.
والــصَّدَــر: اليوم الرابع من أَيام النحر لأَن الناس يَــصْدُــرون فيه عن مكة إِلى
أَماكنهم. وتركته على مِثْل ليلة الــصَّدَــر أَي لا شيء له. والــصَّدَــر:
اسم لجمع صادر؛ قال أَبو ذؤيب:
بِأَطْيَبَ منها، إِذا مال النُّجُو
مُ أَعْتَقْنَ مثلَ هَوَادِي الــصَّدَــرْ
والأَــصْدَــرَانِ: عِرْقان يضربان تحت الــصُّدْــغَيْنِ، لا يفرد لهما واحد.
وجاء يضرِب أَــصْدَــرَيْه إِذا جاء فارِغاً، يعنى عِطْفَيْهِ، ويُرْوَى
أَسْدَرَيْهِ، بالسين، وروى أَبو حاتم: جاء فلان يضرب أَــصْدَــرِيْهِ
وأَزْدَرَيهِ أَي جاء فارغاً، قال: ولم يدر ما أَصله؛ قال أَبو حاتم: قال بعضهم
أَــصْدَــراهُ وأَزْدَراهُ وأَــصْدغاهُ ولم يعرِف شيئاً منهنَّ. وفي حديث
الحسَن: يضرب أَــصْدَــرَيْه أَي منكِبيه، ويروى بالزاي والسين. وقوله تعالى:
يَــصْدُــرَ الرِّعاء؛ أَي يرجعوا من سَقْيِهم، ومن قرأَ يُــصْدِــرَ أَراد
يردّون. مواشِيَهُمْ. وقوله عز وجل: يومئذٍ يَــصْدُــرُ الناس أَشتاتاً؛ أَي
يرجعون. يقال: صَدَــرَ القوم عن المكان أَي رَجَعُوا عنه، وصَدَــرُوا إِلى
المكان صاروا إِليه؛ قال: قال ذلك ابن عرفة. والوارِدُ: الجائِي،
والصَّادِرُ: المنصرف.
التهذيب: قال الليث: المَــصْدَــرُ أَصل الكلمة التي تَــصْدُــرُ عنها
صَوادِرُ الأَفعال، وتفسيره أَن المصادر كانت أَول الكلام، كقولك الذّهاب
والسَّمْع والحِفْظ، وإِنما صَدَــرَتِ الأَفعال عنها، فيقال: ذهب ذهاباً وسمِع
سَمْعاً وسَمَاعاً وحَفِظ حِفْظاً؛ قال ابن كيسان: أَعلم أَن المــصدر
المنصوب بالفعل الذي اشتُقَّ منه مفعولٌ وهو توكيد للفعل، وذلك نحو قمت
قِياماً وضربته ضَرْباً إِنما كررته
(*
قوله: «إِنما كررته إِلى قوله وصادر موضع» هكذا في الأَصل). وفي قمتُ
دليلٌ لتوكيد خبرك على أَحد وجهين: أَحدهما أَنك خِفْت أَن يكون من
تُخاطِبه لم يَفهم عنك أَوَّلَ كلامك، غير أَنه علم أَنك قلت فعلت فعلاً، فقلتَ
فعلتُ فِعلاً لتردِّد اللفظ الذي بدأْت به مكرَّراً عليه ليكون أَثبت
عنده من سماعه مرَّة واحدة، والوجه الآخر أَن تكون أَردت أَن تؤكد خَبَرَكَ
عند مَنْ تخاطبه بأَنك لم تقل قمتُ وأَنت تريد غير ذلك، فردَّدته لتوكيد
أَنك قلتَه على حقيقته، قال: فإِذا وصفته بصفة لو عرَّفتْه دنا من
المفعول به لأَن فعلته نوعاً من أَنواع مختلفة خصصته بالتعريف، كقولك قلت قولاً
حسناً وقمت القيام الذي وَعَدْتك.
وصادِرٌ: موضع؛ وكذلك بُرْقَةُ صادر؛ قال النابغة:
لقدْ قلتُ للنُّعمان، حِينَ لَقِيتُه
يُريدُ بَنِي حُنٍّ بِبُرْقَةِ صادِرِ
وصادِرَة: اسم سِدْرَة معروفة: ومُــصْدِــرٌ: من أَسماء جُمادَى الأُولى؛
قال ابن سيده: أُراها عادِيَّة.
قــصد: القــصد: استقامة الطريق. قَــصَد يَقْــصِدُ قــصداً، فهو قاصِد. وقوله
تعالى: وعلى الله قَــصْدُ السبيل؛ أَي على الله تبيين الطريق المستقيم
والدعاءُ إِليه بالحجج والبراهين الواضحة، ومنها جائر أَي ومنها طريق غير
قاصد. وطريقٌ قاصد: سهل مستقيم. وسَفَرٌ قاصدٌ: سهل قريب. وفي التنزيل
العزيز: لو كان عَرَضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك؛ قال ابن عرفة: سفراً
قاصداً أَي غيرَ شاقٍّ. والقَــصْدُ: العَدْل؛ قال أَبو اللحام التغلبي، ويروى
لعبد الرحمن بن الحكم، والأَول الصحيح:
على الحَكَمِ المأْتِيِّ، يوماً إِذا قَضَى
قَضِيَّتَه، أَن لا يَجُورَ ويَقْــصِدُ
قال الأَخفش: أَراد وينبغي أَن يقــصد فلما حذفه وأَوقع يَقْــصِدُ موقع
ينبغي رفعه لوقوعه موقع المرفوع؛ وقال الفراء: رفعه للمخالفة لأَن معناه
مخالف لما قبله فخولف بينهما في الإِعراب؛ قال ابن بري: معناه على الحكم
المرْضِيِّ بحكمه المأْتِيِّ إِليه ليحكم أَن لا يجور في حكمه بل يقــصد أَي
يعدل، ولهذا رفعه ولم ينصبه عطفاً على قوله أَن لا يجور لفساد المعنى
لأَنه يصير التقدير: عليه أَن لا يجور وعليه أَن لا يقــصد، وليس المعنى على
ذلك بل المعنى: وينبغي له أَن يقــصد وهو خبر بمعنى الأَمر أَي وليقــصد؛ وكذلك
قوله تعالى: والوالداتُ يُرْضِعْنَ أَولادهُنَّ؛ أَي ليرضعن. وفي
الحديث: القَــصدَ القــصدَ تبلغوا أي عليكم بالقــصد من الأمور في القول والفعل، وهو
الوسط بين الطرفين، وهو منصوب على المــصدر المؤكد وتكراره للتأكيد. وفي
الحديث: عليكم هَدْياً قاصداً أَي طريقاً معتدلاً. والقَــصْدُ: الاعتمادُ
والأَمُّ. قَــصَدَــه يَقْــصِدُــه قَــصْداً وقَــصَدَ له وأَقْــصَدَــني إِليه
الأَمرُ، وهو قَــصْدُــكَ وقَــصْدَــكَ أَي تُجاهَك، وكونه اسماً أَكثر في كلامهم.
والقَــصْدُ: إِتيان الشيء. تقول: قــصَدْــتُه وقــصدْــتُ له وقــصدْــتُ إِليه بمعنى.
وقد قَــصُدْــتَ قَصادَةً؛ وقال:
قَطَعْتُ وصاحِبي سُرُحٌ كِنازٌ
كَرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قصِيدٌ
وقَــصَدْــتُ قَــصْدَــه: نحوت نحوه.
والقَــصْد في الشيء: خلافُ الإِفراطِ وهو ما بين الإِسراف والتقتير.
والقــصد في المعيشة: أَن لا يُسْرِفَ ولا يُقَتِّر. يقال: فلان مقتــصد في
النفقة وقد اقتــصد. واقتــصد فلان في أَمره أَي استقام. وقوله: ومنهم مُقْتَــصِدٌ؛
بين الظالم والسابق. وفي الحديث: ما عالَ مقتــصد ولا يَعِيلُ أَي ما
افتقر من لا يُسْرِفُ في الانفاقِ ولا يُقَتِّرُ. وقوله تعالى: واقْــصِدْ في
مشيك واقــصد بذَرْعِك؛ أَي ارْبَعْ على نفسِك. وقــصد فلان في مشيه إِذا مشى
مستوياً، ورجل قَــصْد ومُقْتَــصِد والمعروف مُقَــصَّدٌ: ليس بالجسيم ولا
الضئِيل.
وفي الحديث عن الجُرَيْرِيِّ قال: كنت أَطوف بالبيت مع أَبي الطفيل،
فقال: ما بقي أَحد رأَى رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، غيري، قال: قلت له:
ورأَيته؟ قال: نعم، قلت: فكيف كان صفته؟ قال: كان أَبيضَ مَلِيحاً
مُقَــصَّداً؛ قال: أَراد بالمقــصد أَنه كان رَبْعة بين الرجلين وكلُّ بَيْن
مستوٍ غيرِ مُشْرفٍ ولا ناقِص فهو قَــصْد، وأَبو الطفيل هو واثلة بن الأَسقع.
قال ابن شميل: المُقَــصَّدُ من الرجال يكون بمعنى القــصد وهو الربعة. وقال
الليث: المقــصَّد من الرجال الذي ليس بجسيم ولا قصير وقد يستعمل هذا النعت
في غير الرجال أَيضاً؛ قال ابن الأَثير في تفسير المقــصد في الحديث: هو
الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم كأَنَّ خَلْقه يجيءُ به القَــصْدُ من
الأُمور والمعتدِلُ الذي لا يميل إِلى أَحد طرفي التفريط والإِفراط.
والقَــصْدَــةُ من النساء: العظيمة الهامةِ التي لا يراها أَحد إِلاَّ
أَعجبته. والمَقْــصَدَــةُ: التي إِلى القِصَر.
والقاصد: القريب؛ يقال: بيننا وبين الماء ليلة قاصدة أَي هينة السير لا
تَعَب ولا بُطء.
والقَصِيدُ من الشِّعْر: ما تمَّ شطر أَبياته، وفي التهذيب: شطر ابنيته،
سمي بذلك لكماله وصحة وزنه. وقال ابن جني: سمي قصيداً لأَنه قُــصِدَ
واعتُمِدَ وإِن كان ما قَصُر منه واضطرب بناؤُه نحو الرمَل والرجَز شعراً
مراداً مقصوداً، وذلك أَن ما تمَّ من الشِّعْر وتوفر آثرُ عندهم وأَشَدُّ
تقدماً في أَنفسهم مما قَصُر واختلَّ، فسَمُّوا ما طال ووَفَرَ قَصِيداً
أَي مُراداً مقصوداً، وإِن كان الرمل والرجز أَيضاً مرادين مقصودين، والجمع
قصائد، وربما قالوا: قَصِيدَة. الجوهري: القَصِيدُ جمع القَصِيدة
كسَفِين جمع سفينة، وقيل: الجمع قصائدُ وقصِيدٌ؛ قال ابن جني: فإِذا رأَيت
القصيدة الواحدة قد وقع عليها القصيد بلا هاء فإِنما ذلك لأَنه وُضِعَ على
الواحد اسمُ جنس اتساعاً، كقولك: خرجت فإِذا السبع، وقتلت اليوم الذئب،
وأَكلت الخبز وشربت الماء؛ وقيل: سمي قصيداً لأَن قائله احتفل له فنقحه
باللفظ الجيِّد والمعنى المختار، وأَصله من القصيد وهو المخ السمين الذي
يَتَقَــصَّد أَي يتكسر لِسِمَنِه، وضده الرِّيرُ والرَّارُ وهو المخ السائل
الذائب الذي يَمِيعُ كالماء ولا يتقــصَّد، إِذا نُقِّحَ وجُوِّدَ وهُذِّبَ؛
وقيل: سمي الشِّعْرُ التامُّ قصيداً لأَن قائله جعله من باله فَقَــصَدَ له
قَــصْداً ولم يَحْتَسِه حَسْياً على ما خطر بباله وجرى على لسانه، بل
رَوَّى فيه خاطره واجتهد في تجويده ولم يقتَضِبْه اقتضاباً فهو فعيل من
القــصد وهو الأَمُّ؛ ومنه قول النابغة:
وقائِلةٍ: مَنْ أَمَّها واهْتَدَى لها؟
زيادُ بنُ عَمْرٍو أَمَّها واهْتَدَى لها
أَراد قصيدته التي يقول فيها:
يا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّنَدِ
ابن بُزُرج: أَقــصَدَ الشاعرُ وأَرْملَ وأَهْزَجَ وأَرْجَزَ من القصيد
والرمَل والهَزَج والرَّجَزِ. وقَــصَّدَ الشاعرُ وأَقْــصَدَ: أَطال وواصل عمل
القصائد؛ قال:
قد وَرَدَتْ مِثلَ اليماني الهَزْهاز،
تَدْفَعُ عن أَعْناقِها بالأَعْجاز،
أَعْيَتْ على مُقْــصِدِــنا والرَّجَّاز
فَمُفْعِلٌ إِنما يراد به ههنَا مُفَعِّل لتكثير الفعل، يدل على أَنه
ليس بمنزلة مُحْسِن ومُجْمِل ونحوه مما لا يدل على تكثير لأَنه لا تكرير
عين فيه أَنه قرنه بالرَّجَّاز وهو فعَّال، وفعَّال موضوع للكثرة. وقال
أَبو الحسن الأَخفش: ومما لا يكاد يوجد في الشعر البيتان المُوطَآن ليس
بينهما بيت والبيتان المُوطَآن، وليست القصيدة إِلا ثلاثة أَبيات فجعل
القصيدة ما كان على ثلاثة أَبيات؛ قال ابن جني: وفي هذا القول من الأَخفش جواز،
وذلك لتسميته ما كان على ثلاثة أَبيات قصيدة، قال: والذي في العادة أَن
يسمى ما كان على ثلاثة أَبيات أَو عشرة أَو خمسة عشر قطعة، فأَما ما زاد
على ذلك فإِنما تسميه العرب قصيدة. وقال الأَخفش: القصيد من الشعر هو
الطويل والبسيط التامّ والكامل التامّ والمديد التامّ والوافر التامّ والرجز
التامّ والخفيف التامّ، وهو كل ما تغنى به الركبان، قال: ولم نسمعهم
يتغنون بالخفيف؛ ومعنى قوله المديد التامُّ والوافر التامّ يريد أَتم ما جاء
منها في الاستعمال، أَعني الضربين الأَوّلين منها، فأَما أَن يجيئا على
أَصل وضعهما في دائرتيهما فذلك مرفوض مُطَّرَحٌ. قال ابن جني: أَصل «ق ص
د» ومواقعها في كلام العرب الاعتزام والتوجه والنهودُ والنهوضُ نحو
الشيء، على اعتدال كان ذلك أَو جَوْر، هذا أَصله في الحقيقة وإن كان قد يخص في
بعض المواضع بقــصد الاستقامة دون الميل، أَلا ترى أَنك تَقْــصِد الجَوْرَ
تارة كما تقــصد العدل أُخرى؟ فالاعتزام والتوجه شامل لهما جميعاً.
والقَــصْدُ: الكسر في أَيّ وجه كان، تقول: قــصَدْــتُ العُود قَــصْداً كسَرْتُه،
وقيل: هو الكسر بالنصف قَــصَدْــتُهُ أَقْــصِدُــه وقَــصَدْــتُه فانْقَــصَدَ
وتَقَــصَّدَ؛ أَنشد ثعلب:
إِذا بَرَكَتْ خَوَّتْ على ثَفِناتِها
على قَصَبٍ، مِثلِ اليَراعِ المُقَــصَّدِ
شبه صوت الناقة بالمزامير؛ والقِــصْدَــةُ: الكِسْرة منه، والجمع قِــصَد.
يقال: القنا قِــصَدٌ، ورُمْحٌ قَــصِدٌ وقَصِيدٌ مكسور. وتَقَــصَّدَــتِ الرماحُ:
تكسرت. ورُمْحٌ أَقصادٌ وقد انْقَــصَدَ الرمحُ: انكسر بنصفين حتى يبين،
وكل قطعة قِــصْدة، ورمح قَــصِدٌ بَيِّنُ القَــصَد، وإِذا اشتقوا له فِعْلاً
قالوا انْقَــصَدَ، وقلما يقولون قَــصِدَ إِلا أَنَّ كل نعت على فَعِلٍ لا
يمتنع صدوره من انْفَعَلَ؛ وأَنشد أَبو عبيد لقيس بن الخطيم:
تَرَى قِــصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى كأَنها
تَذَرُّعُ خُرْصانٍ بأَيدي الشَّواطِبِ
وقال آخر:
أَقْرُو إِليهم أَنابِيبَ القَنا قِــصَدا
يريد أَمشي إِليهم على كِسَرِ الرِّماحِ. وفي الحديث: كانت المُداعَسَةُ
بالرماح حتى تَقَــصَّدَــتْ أَي تَكسَّرَت وصارت قِــصَداً أَي قطعاً.
والقِــصْدَــةُ، بالكسر: القِطْعة من الشيء إِذا انكسر؛ ورمْحٌ أَقْصادٌ. قال
الأَخفش: هذا أَحد ما جاء على بناء الجمع. وقَــصَدَ له قِــصْدَــةً من عَظْم وهي
الثلث أَو الربُع من الفَخِذِ أَو الذراعِ أَو الساقِ أَو الكَتِفِ.
وقَــصَدَ المُخَّةَ قَــصْداً وقَــصَّدَــها: كَسَرَها وفَصَّلَها وقد انقَــصَدَــتْ
وتَقَــصَّدَــتْ.
والقَصِيدُ: المُخُّ الغليظُ السمِينُ، واحدته قَصِيدَةٌ. وعَظْمٌ
قَصِيدٌ: مُمخٌّ؛ أَنشد ثعلب:
وهمْ تَرَكُوكمْ لا يُطَعَّمُ عَظْمُكُمْ
هُزالاً، وكان العَظْمُ قبْلُ قَصِيدَا
أَي مُمِخًّا، وإِن شئت قلت: أَراد ذا قَصِيدٍ أَي مُخٍّ. والقَصِيدَةُ:
المُخَّةُ إِذا خرجت من العظم، وإِذا انفصلت من موضعها أَو خرجت قيل:
انقَــصَدَــتْ. أَبو عبيدة: مُخٌّ قَصِيدٌ وقَصُودٌ وهو دون السمين وفوق
المهزول. الليث: القَصِيدُ اليابس من اللحم؛ وأَنشد قول أَبي زبيد:
وإِذا القَوْمُ كان زادُهُمُ اللحـ
ـمَ قَصِيداً منه وغَيرَ قَصِيدِ
وقيل: القَصِيدُ السمين ههنا. وسنام البعير إِذا سَمِنَ: قَصِيدٌ؛ قال
المثقب:
سَيُبْلِغُني أَجْلادُها وقَصِيدُهَا
ابن شميل: القَصُودُ من الإِبل الجامِسُ المُخِّ، واسم المُخِّ الجامِس
قَصِيدٌ. وناقة قَصِيدٌ وقصِيدَةٌ: سمينة ممتلئة جسيمة بها نِقْيٌ أَي
مُخٌّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وخَفَّتْ بَقايا النِّقْيِ إِلا قَصِيبَةً،
قَصِيدَ السُّلامى أَو لَمُوساً سَنامُها
والقَصيدُ أَيضاً والقَــصْدُ: اللحمُ اليابس؛ قال الأَخطل:
وسيرُوا إِلى الأَرضِ التي قَدْ عَلِمْتُمُ،
يَكُنْ زادُكُمْ فيها قَصِيدُ الإِباعِرِ
والقَــصَدَــةُ: العُنُقُ، والجمع أَقْصادٌ؛ عن كراع: وهذا نادر؛ قال ابن
سيده: أَعني أَن يكون أَفعالٌ جمع فَعَلَةٍ إِلا على طرح الزائد والمعروف
القَصَرَةُ والقِــصَدُ والقَــصَدُ والقَــصْدُ؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة: كل
ذلك مَشْرَةُ العِضاهِ وهي بَراعيمُها وما لانَ قبْلَ أَن يَعْسُوَ، وقد
أَقــصَدتِ العِضاهُ وقــصَّدَــتْ. قال أَبو حنيفة: القَــصْدُ ينبت في الخريف
إِذا بَرَدَ الليل من غير مَطَرٍ. والقَصِيدُ: المَشْرَةُ؛ عن أَبي حنيفة؛
وأَنشد:
ولا تَشْعفاها بالجِبالِ وتَحْمِيا
عليها ظَلِيلاتٍ يَرِفُّ قَصِيدُها
الليث: القَــصَدُ مَشْرَةُ العِضاهِ أَيامَ الخَريفِ تخرج بعد القيظ
الورق في العضاه أَغْصان رَطْبة غَضَّةٌ رِخاصٌ، فسمى كل واحدة منها قَــصَدة.
وقال ابن الأَعرابي: القَــصَدَــةُ من كل شجرة ذات شوك أَن يظهر نباتها
أَوَّلَ ما ينبت.
الأَصمعي: والإِقْصادُ القَتْل على كل حال؛ وقال الليث: هو القتل على
المكان، يقال: عَضَّتْه حيَّةٌ فأَقْــصَدَــتْه. والإِقْصادُ: أَن تَضْرِبَ
الشيءَ أَو تَرْمِيَه فيموتَ مكانه. وأَقــصَد السهمُ أَي أَصاب فَقَتَلَ
مكانَه. وأَقْــصَدَــتْه حية: قتلته؛ قال الأَخطل:
فإِن كنْتِ قد أَقْــصَدْــتِني إِذْ رَمَيتِنِي
بِسَهْمَيْكِ، فالرَّامي يَصِيدُ ولا يَدري
أَي ولا يخْتُِلُ. وفي حديث عليّ: وأَقْــصَدَــت بأَسْهُمِها؛ أَقْــصَدْــتُ
الرجلَ إِذا طَعَنْتَه أَو رَمَيتَه بسهم فلم تُخْطئْ مَقاتلَه فهو
مُقْــصَد؛ وفي شعر حميد ابن ثور:
أَصْبَحَ قَلْبي مِنْ سُلَيْمَى مُقْــصَدا،
إِنْ خَطَأً منها وإِنْ تَعَمُّدا
والمُقْــصَدُ: الذي يَمْرَضُ ثم يموت سريعاً. وتَقَــصَّدَ الكلبُ وغيره
أَي مات؛ قال لبيد:
فَتَقَــصَّدَــتْ منها كَسابِ وضُرِّجَتْ
بِدَمٍ، وغُودِرَ في المَكَرِّ سُحامُها
وقَــصَدَــه قَــصْداً: قَسَرَه. والقصيدُ: العصا؛ قال حميد:
فَظَلَّ نِساء الحَيِّ يَحْشُونَ كُرْسُفاً
رُؤُوسَ عِظامٍ أَوْضَحَتْها القصائدُ
سمي بذلك لأَنه بها يُقْــصَدُ الإِنسانُ وهي تَهدِيهِ وتَو مُّه، كقول
الأَعشى:
إِذا كانَ هادِي الفَتى في البِلا
دِ صَدْــرَ القناةِ، أَطاعَ الأَمِيرا
والقَــصَدُ: العَوْسَجُ، يَمانِيةٌ.
صدأ: الــصُّدْــأَةُ: شُقْرةٌ تَضْرِبُ إِلى السَّوادِ الغالِبِ. صَدِــئَ
صَدَــأً، وهو أَــصْدَــأُ والأُنثى صَدْــآءُ وصَدِــئةٌ، وفرس أَــصْدَــأُ وجَدْيٌ
أَــصْدَــأُ بيِّنُ الــصَّدَــإِ، إِذا كان أَسودَ مُشْرَباً حُمْرةً، وقد صَدِــئَ.وعَناقٌ صَدْــآءُ. وهذا اللون من شِياتِ المعِز الخَيْل. يقال: كُمَيْتٌ أَــصْدَــأُ إِذا عَلَتْه كُدْرةٌ، والفعل على وجهين: صَدِــئَ يَــصْدَــأُ وأَــصْدَــأَ يُــصْدِــئُ. الأَصمعي في باب أَلوانِ الإِبل: إِذا خالَطَ كُمْتةَ البَعِيرِ مثْلُ صَدَــإِ الحديد فهو الحُوَّةُ.
شمر: الــصَّدْــآءُ على فَعْلاء: الأَرض التي تَرى حَجَرها أَــصْدَــأَ أَحمر يَضْرِب إِلى السَّواد، لا تكون إِلاَّ غَلِيظة، ولا تكون مُسْتَوِيةً بالأَرض، وما تحتَ حِجارة الــصدْــآء أَرض غَلِيظةٌ، وربما كانت طِيناً وحِجارةً. وصُداء، ممدود: حَيٌّ مِنَ اليَمَنِ. وقال لبيد:
فَصَلَقْنا في مُرادٍ صَلْقةً، * وصُداءٌ أَلْحَقَتْهُمْ بالثَّلَلْ
والنِّسبةُ إليه صُداوِيٌّ بمنزلة الرُهاوِي. قال: وهذه الـمَدَّةُ، وإِن
كانت في الأَصل ياءً أَو واواً، فانما تجعل في النِّسْبة واواً كراهيةَ التقاء الياءات. أَلا ترى أَنك تقول: رَحًى ورَحَيانِ، فقد علمت أن أَلف رَحًى
ياء. وقالوا في النسبة اليها رَحَوِيٌّ لتلك العِلّة.
والــصَّدَــأُ، مهموز مقصور: الطَّبَعُ والدَّنَسُ يَرْكَب الحديدَ.
وصَدَــأُ الحديدِ: وسَخهُ. وصَدِــئَ الحديدُ ونحوهُ يَــصْدَــأُ صَدَــأً، وهو
أَــصْدَــأُ: عَلاه الطَّبَعُ، وهو الوسَخُ. وفي الحديث: إِنَّ هذه القُلوب
تَــصْدَــأُ كما يَــصْدَــأُ الحَدِيدُ، وهو أَن يَرْكَبَها الرَّيْنُ بِمُباشَرةِ
الـمَعاصِي والآثامِ، فَيَذْهَبَ بِجَلائِها، كما يعلو الــصَّدأُ وجْهَ
المِرآةِ والسَّيْفِ ونحوهما.
وكَتِيبةٌ صَدْــآء: عِلْيَتُها صَدَــأُ الحَديِد، وكَتِيبةٌ جَأْواء إِذا كان عِلْيَتُها صدأَ الحديد. وفي حديث عمر رضي اللّه عنه: أَنه سأَلَ الأُسْقُفَّ عن الخُلَفاء فحَدَّثه حتى انتهى إِلى نَعْتِ الرَّابِع منهم فقال:
صَدَــأٌ مِنْ حَدِيدٍ، ويروى: صَدَــعٌ من حديد، أَرادَ دَوامَ لُبْس الحَدِيد لاتِّصال الحروب في أَيام عليٍّ عليه السلام، وما مُنِيَ به من مُقاتَلةِ الخَوارِج والبُغاة ومُلابَسةِ الأُمُورِ الـمُشْكِلة والخُطُوبِ
الـمُعْضِلة، ولذلك قال عمر رضي اللّه عنه: وادَفْراه، تَضَجُّراً من ذلك واستِفْحاشاً. ورواه أَبو عبيد غير مهموز، كأَنَّ الــصَّدَــا لغة في الــصَّدَــع، وهو اللَّطِيفُ الجِسْمِ. أَراد أَنَّ عَلِيَّاً خَفيفُ الجِسْمِ يَخِفُّ إِلى الحُروب، ولا يَكْسَلُ، لِشدّة بأْسه وشجاعَته.
ويَدِي مِن الحَدِيد صَدِــئةٌ أَي سَهِكةٌ. وفلان صاغِرٌ صَدِــئ إِذا
لَزِمَه صَدَــأُ العارِ واللَّوْمِ. ورجل صَدَــأ: لَطِيفُ الجِسمِ كَــصَدَــعٍ.وروي الحديث: صَدَــعٌ من حديد. قال: والــصَّدأُ أَشبهُ بالمعنى، لأن الــصَّدَــأَ له دَفَرٌ، ولذلك قال عمر وادَفْراه، وهو حِدّةُ رائحةِ الشيء خبيثاً(1)
(1 قوله «خبيثاً إلخ» هذا التعميم انما يناسب الذفر بالذال المعجمة كما هو المنصوص في كتب اللغة، فقوله وأَما الذفر بالذال فصوابه بالدال المهملة فانقلب الحكم على المؤلف، جل من لا يسهو.)
كان أَو طيباً. وأَما
الذفر، بالذال، فهو النَّتْن خاصة. قال الأَزهري: والذي ذهب إليه شمر معناه حسن. أَراد أَنه، يعني عَلِيًّا رضي اللّه عنه، خفيفٌ يَخِفُّ إِلى الحُرُوب فلا يَكْسَلُ، وهو حَدِيدٌ لشدةِ بأْسه وشَجاعتِه. قال اللّه تعالى:
وأَنزلنا الحديدَ فيه بأْسٌ شديد. وصَدْــآءُ: عَيْنٌ عذبة الماء، أَو بئر.
وفي المثل: ماءٌ ولا كَــصَدْــآءَ.
قال أَبو عبيد: من أَمثالهم في الرجلين يكونانِ ذَوَيْ فضل غير أَن لأَحدهما فضلاً على الآخر قَولهم: ماءٌ ولا كَــصَدْــآءَ، ورواه المنذري عن أَبي الهيثم: ولا كَــصَدَّــاءَ، بتشديد الدال والـمَدّة، وذكر أَن المثَل لقَذورَ بنت قيس بن خالد الشَّيباني، وكانت زوجةَ لَقِيط بن زُرارةَ، فتزوّجها بعده رجُل من قَومها، فقال لها يوماً: أَنا أَجملُ أَم لَقِيطٌ؟ فقالت:
ماءٌ ولا كَــصَدْــآء أَي أَنت جَميلٌ ولستَ مثلَهُ. قال المفضل: صَدَّــاءُ: رَكِيّةٌ ليس عندهم ماء أَعذب من مائها، وفيها يقول ضِرارُ بن عَمرو السَّعْدي:
وإِني، وتَهْيامي بزَيْنَبَ، كالذي * يُطالِبُ، من أَحْواضِ صَدَّــاءَ، مَشْرَبا قال الأَزهري: ولا أَدري صدَّــاء فَعَّالٌ أَو فعلاء، فإِن كان فَعَّالاً: فهو من صَدا يَــصْدُــو أَو صَدِــيَ يَــصْدَــى. وقال شمر: صَدا الهامُ يَــصْدُــو إِذا صاحَ، وإِن كانت صَدَّــاءُ فَعْلاء، فهو من الـمُضاعَفِ كقولهم: صَمَّاء من الصَّمَم.
صدع: الــصَّدْــعُ: الشَّقُّ في الشيءِ الصُّلْبِ كالزُّجاجةِ والحائِطِ
وغيرهما، وجمعه صُدُــوعٌ؛ قال قيس ابن ذريح:
أَيا كَبِداً طارتْ صُدُــوعاً نَوافِذاً،
ويا حَسْرَتا ماذا تَغَلْغَلَ بِالْقَلْبِ؟
ذهب فيه أَي أَن كل جزء منها صار صَدْــعاً، وتَأْوِيل الــصَّدْــعِ في
الزجاج أَن يَبِينَ بعضُه من بعض. وصَدَــعَ الشيءَ يَــصْدَــعُه صَدْــعاً وصَدَّــعَه
فانْــصَدَــعَ وتَــصَدَّــعَ: شَقّه بنصفين، وقيل: صَدّــعه شقّه ولم يفترق.
وقوله عز وجل: يومئذ يَــصَّدَّــعُون؛ قال الزجاج: معناه يَتَفَرَّقُون فيصيرون
فَرِيقَيْنِ فريق في الجنة وفريق في السعير، وأَصلها يَتَــصَدَّــعُون فقلب
التاء صاداً وأُدغمت في الصاد، وكل نصف منه صِدْــعةٌ وصَدِــيعٌ؛ قال ذو
الرمة:
عَشِيّةَ قَلْبِي في المُقِيم صَدِــيعُه،
وراحَ جَنابَ الظاعِنينَ صَدِــيعُ
وصَدَــعْتُ الغنم صِدْــعَتَيْن، بكسر الصاد، أَي فِرْقَتَيْن، وكل واحدة
منهما صِدْــعة؛ ومنه الحديث: أَنَّ المُــصَدِّــقَ يجعل الغنم صدْــعَيْنِ ثم
يأْخذ منهما الــصَّدَــقةَ، أَي فِرْقَيْنِ؛ وقول قيس بن ذريح:
فلَمّا بَدا منها الفِراقُ كما بَدا،
بِظَهْرِ الصَّفا الصَّلْدِ، الشُّقُوقُ الصَّوادِعُ
يجوز أَن يكون صَدَــعَ في معنى تَــصَدع لغة ولا أَعرفها، ويجوز أَن يكون
على النسب أَي ذاتُ انْــصِداعٍ وتَــصَدُّــعٍ. وصَدَــع الفَلاةَ والنهرَ
يَــصْدَــعُهما صَدْــعاً وصَدَّــعَهما: شَقَّهما وقَطَعَهما، على المثل؛ قال
لبيد:فَتَوَسَّطا عُرْضَ السَّرِيِّ، وصَدَّــعا
مَسْجُورةً مُتَجاوِراً قُلاَّمُها
وصَدَــعْتُ الفَلاةَ أَي قَطَعْتُها في وسَط جَوْزها.
والــصَّدْــعُ: نباتُ الأَرض لأَنه يَــصْدَــعُها يَشُقُّها فَتَنْــصَدِــعُ به.
وفي التنزيل: والأَرضِ ذاتِ الــصَّدْــعِ؛ قال ثعلب: هي الأَرضُ تَنْــصَدِــعُ
بالنبات. وتَــصَدَّــعَتِ الأَرضُ بالنبات: تشَقَّقَت. وانْــصَدَــعَ الصبحُ:
انشَقَّ عنه الليلُ. والــصَّدِــيعُ: الفجرُ لانــصِداعِه؛ قال عمرو بن
معديكرب:تَرَى السِّرْحانَ مُفْتَرِشاً يَدَيْهِ،
كأَنَّ بَياضَ لَبَّتِه صَدِــيعُ
ويسمى الصبح صَدِــيعاً كما يسمى فَلَقاً، وقد انْــصَدَــعَ وانْفَجَرَ
وانْفَلَقَ وانْفَطَرَ إِذا انْشَقَّ.
والــصَّدِــيعُ: انــصِداعُ الصُّبْح، والــصَّدِــيعُ: الرُّقْعةُ الجديدة في
الثوب الخَلَق كأَنها صُدِــعَتْ أَي شُقَّتْ. والــصَّدِــيعُ: الثوب
المُشَقَّقُ. والــصِّدْــعةُ: القِطْعةُ من الثوب تُشَقُّ منه؛ قال لبيد:
دَعِي اللَّوْمَ أَوْ بِينِي كشقِّ صَدِــيعِ
قال بعضهم: هو الرِّداءُ الذي شُقَّ صِدْــعَيْن، يُضْرب مثلاً لكل
فُرْقةٍ لا اجتِماعَ بعدها.
وصَدَــعْتُ الشيءَ: أَظهَرْتُه وبَيَّنْتُه؛ ومنه قول أَبي ذؤيب:
وكأَنَّهُنَّ رِبابةٌ، وكأَنَّه
يَسَرٌ يُفِيضُ على القِداحِ ويَــصْدَــعُ
وصَدَــعَ الشيءَ فَتَــصَدَّــعَ: فزّقه فتفرَّقَ. والتــصديعُ: التفريقُ. وفي
حديث الاستسقاء: فتَــصَدَّــعَ السَّحابُ صِدْــعاً أَي تقطَّعَ وتفرَّقَ.
يقال: صَدَــعْتُ الرّداء صَدْــعاً إِذا شَقَقْتَه، والاسم الــصِّدْــعُ، بالكسر،
والــصَّدْــع في الزجاجة، بالفتح؛ ومنه الحديث: فأَعطانِي قُبْطِيّةً وقال:
اصْدَــعْها صَدْــعَيْنِ أَي شُقَّها بنصفين. وفي حديث عائشة، رضي الله
عنها: فَــصَدَــعَتْ منه صَدْــعةً فاخْتَمَرَتْ بها. وتــصَدَّــعَ القوم تفرَّقُوا.
وفي الحديث: فقال بعدما تَــصَدّــعَ كذا وكذا أَي بعدما تفرّقوا؛ وقوله:
فلا يُبْعِدَنْكَ اللهُ خَيْرَ أَخِي امْرئٍ،
إِذا جَعَلَتْ نَجْوى الرِّجالِ تَــصَدَّــعُ
معناه تَفَرَّقُ فتَظْهَرُ وتُكْشَفُ. وصَدَــعَتْهم النَّوَى
وصَدَّــعَتْهم: فرَّقَتْهم، والتَّــصْداعُ، تَفْعالٌ من ذلك؛ قال قيس بن
ذريح:إِذا افْتَلَتَتْ مِنْكَ النَّوَى ذا مَوَدّةٍ،
حَبِيباً بِتَــصْداعٍ مِنَ البَيْنِ ذِي شَعبِ
ويقال: رأَيتُ بين القوم صَدَــعاتٍ أَي تفرُّقاً في الرأْي والهَوَى.
ويقال: أَصْلِحوا ما فيكم من الــصَّدَــعاتِ أَي اجْتَمِعوا ولا تتفَرَّقُوا.
ابن السكيت: الــصَّدْــعُ الفَصْلُ؛ وأَنشد لجرير:
هو الخَلِيفةُ فارْضَوْا ما قَضَى لكُمُ،
بالحَقِّ يَــصْدَــعُ، ما في قوله جَنَفُ
قال: يَــصْدع يفْصِلُ ويُنَفِّذُ؛ وقال ذو الرمة:
فأَصْبَحْتُ أَرْمي كُلَّ شَبْحٍ وحائِلٍ،
كأَنِّي مُسَوِّي قِسْمةِ الأَرضِ صادِعُ
يقول: أَصبحتُ أَرْمي بعيني كل شَبْحٍ وهو الشخص. وحائِل: كل شيء
يَتَحَرَّكُ؛ يقول: لا يأْخُذُني في عينَيّ كَسْرٌ ولا انْثِناءٌ كأَني
مُسَوٍّ، يقول: كأَني أُرِيكَ قِسْمةَ هذه الأَرض بين أَقوام. صادِعٌ: قاضٍ
يَــصْدَــعُ يَفْرُقُ بين الحقّ والباطل.
والــصُّداعُ: وجَعُ الرأْس، وقد صُدِّــعَ الرجلُ تَــصْدِــيعاً، وجاء في
الشعر صُدِــعَ، بالتخفيف، فهو مَــصْدُــوعٌ.
والــصّدِــيعُ: الصِّرْمةُ من الإِبل والفِرْقةُ من الغنم. وعليه صِدْــعةٌ
من مالٍ أَي قَليلٌ. والــصِّدْــعةُ والــصَّدِــيعُ: نحو السِّتين من الإِبل،
وما بين العشرة إِلى الأَربعين من الضأْن، والقِطْعةُ من الغنم إِذا بلغت
سِتين، وقيل: هو القَطِيعُ من الظّباء والغنم. أَبو زيد: الصِّرْمةُ
والقِصْلةُ والحُدْرةُ ما بين العشرة إِلى الأَربعين من الإِبل، فإِذا بلغت
ستين فهي الــصِّدْــعةُ؛ قال المَرَّارُ:
إِذا أَقْبَلْن هاجِرةً، أَثارَتْ
مِنَ الأَظْلالِ إِجْلاً أَو صَدِــيعا
ورجل صَدْــعٌ، بالتسكين وقد يحرك: وهو الضَّرْب الخفِيفُ اللحم.
والــصَّدَــعُ والــصَّدْــعُ: الفَتِيُّ الشابُّ القَوِيُّ من الأَرْعال والظِّباء
والإِبل والحُمُرِ، وقيل: هو الوَسَطُ منها؛ قال الأَزهري: الــصَّدْــعُ
الوَعِلُ بين الوَعِلَيْنِ. ابن السكيت: لا يقال في الوَعِل إِلا صَدَــعٌ،
بالتحريك، وَعِلٌ بَيْنَ الوَعِلَيْنِ وهو الوَسط منها ليس بالعظيم ولا الصغير،
وقيل: وهو الشيء بين الشيئين من أَيّ نوع كان بين الطويل والقصير
والفَتِيّ والمُسِنّ والسمين والمَهْزول والعظيم والصغير؛ قال:
يا رُبَّ أَبَّازٍ مِنَ العُفْرِ صَدَــعْ،
تَقَبَّضَ الذِّئْبُ إِليه واجْتَمَعْ
ويقال: هو الرجل الشابُّ المُسْتَقُِمُ القَناة. وفي حديث عمر، رضي الله
عنه، حين سأَل الأُسْقُفَّ عن الخلفاء فلمّا انتَهى إِلى نعْت الرابع
قال: صَدَــعٌ من حديد، فقال عمر: وادَفَراه قال شمر: قوله صَدَــعٌ من
حَدِيدٍ يريد كالــصَّدَــعِ من الوُعُولِ المُدَمَّجِ الشديد الخلق الشابّ
الصُّلْبِ القَوِيِّ، وإِنما يوصف بذلك لاجتماع القوة فيه والخفة، شبّهه في
نَهْضَتِه إِلى صِعابِ الأُمور وخِفَّته في الحروب حتى يُفْضى الأمرُ إِليه
بالوَعِلِ لتوَقُّلِه في رُؤوس الجبال، وجعلَه من حديد مبالغة في وصفه
بالشدّة والبأْس والصبر على الشدائدِ، وكان حماد بن زيد يقول: صَدَــأٌ من
حديد. قال الأَصمعي: وهذا أَشبه لأَن الــصَّدَــأَ له دَفَرٌ وهو النَّتْنُ.
وقال الكسائي: رأَيت رجلاً صَدَــعاً، وهو الرَّبْعةُ القليل اللحم. وقال
أَبو ثَرْوانَ: تقول إِنهم على ما تَرى من صَداعَتِهم
(* قوله «صداعتهم» كذا
ضبط في الأصل ولينظر في الضبط والمعنى وما الغرض من حكاية أبي ثروان هذه
هنا.) لَكِرامٌ. وفي حديث حذيفة: فإِذا صَدَــعٌ من الرجال، فقلتُ: مَن
هذا الــصَّدَــعُ؟ يعني هذا الرَّبْعةَ في خَلْقِه رجلٌ بين الرجلين، وهو
كالــصَّدَــعِ من الوُعُول وعِلٌ بين الوَعِلينِ. والــصَّدِــيعُ: القميص بين
القميصين لا بالكبير ولا بالصغير.
وصَدَــعْتُ الشيء: أَظْهَرْتُه وبَيَّنْتُه؛ ومنه قول أَبي ذؤيب:
يَسَرٌ يُفِيضُ على القِداحِ ويَــصْدَــعُ
ورجل صَدَــعٌ: ماضٍ في أَمرِهِ. وصَدَــعَ بالأَمرِ يَــصْدَــعُ صَدْــعاً:
أَصابَ به موضِعَه وجاهَرَ به. وصَدَــعَ بالحق: تكلم به جهاراً. وفي التنزيل:
فاصدع بما تؤمر؛ قال بعض المفسرين: اجْهَرْ بالقرآن، وقال ابن مجاهد أَي
بالقرآن، وقال أَبو إِسحق: أَظْهِرْ ما تُؤْمَرُ به ولا تَخفْ أَحداً،
أُخِذَ من الــصَّدِــيع وهو الصبح، وقال الفراء: أَراد عز وجل فاصْدَــعْ
بالأَمر الذي أَظْهَرَ دِينَك، أَقامَ ما مُقامَ المــصدر، وقال ابن عرفة: أَي
فَرِّقْ بين الحق والباطل من قوله عز وجل: يومئذ يَــصَدَّــعون، أَي
يتفرَّقُون، وقال ابن الأَعرابي في قوله: فاصْدَــعْ بما تُؤْمَرُ، أَي شُقَّ
جماعتهم بالتوحيد، وقال غيره: فَرِّقِ القول فيهم مجتمعين وفُرادى. قال ثعلب:
سمعت أَعرابيّاً كان يَحْضُر مجلس ابن الأَعرابي يقول معنى اصْدَــعْ بما
تُؤْمَرُ أَي اقْــصِدْ ما تُؤْمَرُ، قال: والعرب تقول اصدع فلاناً أَي اقــصده
لأَنه كريم.
ودلِيلٌ مِــصْدَــعٌ: ماضٍ لوجهه. وخطِيبٌ مِــصْدَــعٌ: بَلِيغٌ جرِيءٌ على
الكلام.
قال أَبو زيد: هُمْ إِلْبٌ عليه وصَدْــعٌ واحد، وكذلك هم وَعْلٌ عليه
وضِلْعٌ واحد إِذا اجتمعوا عليه بالعَداوةِ، والناسُ علينا صَدْــعٌ واحد أَي
مجتمعون بالعَداوة.
وصَدَــعْتُ إِلى الشيء أَــصْدَــعُ صُدُــوعاً: مِلْتُ إِليه. وما صَدَــعَكَ عن
هذا الأَمرِ صَدْــعاً أَي صَرَفَكَ. والمَــصْدَــعُ: طريق سهل في غِلَظٍ من
الأَرض. وجَبَلٌ صادِعٌ: ذاهِبٌ في الأَرض طولاً، وكذلك سبيل صادِعٌ
ووادٍ صادِعٌ، وهذا الطريق يَــصْدَــعُ في أَرض كذا وكذا. والمِــصْدَــعُ:
المِشْقَصُ من السهام.
رصد: الراصِدُ بالشيء: الراقب له. رَــصَدَــه بالخير وغيره يَرْــصُدُــه
رَــصْداً ورَــصَداً: يرقبه، ورصَدَــه بالمكافأَة كذلك. والتَّرَــصُّدُ: الترقب.
قال الليث: يقال أَنا لك مُرْــصِدٌ بإِحسانك حتى أُكافئك به؛ قال:
والإِرصاد في المكافأَة بالخير، وقد جعله بعضهم في الشر أَيضاً؛ وأَنشد:
لاهُمَّ، رَبَّ الراكب المسافر،
احْفَظْه لي من أَعيُنِ السواحر،
وحَيَّةٍ تُرْــصِدُ بالهواجر
فالحية لا تُرْــصِدُ إِلا بالشر. ويقال للحية التي تَرْــصُد المارة على
الطريق لتلسع: رصيد. والرَّصِيدُ: السبع الذي يَرْــصُد لِيَثِب. والرَّصُود
من الإِبل: التي تَرْــصُد شرب الإِبل ثم تشرب هي. والرَّــصَدُ: القوم
يَرْــصُدون كالحَرَس، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث، وربما قالوا أَرصاد.
والرُّــصْدَــة، بالضم: الزُّبْية. وقال بعضهم: أَرصَدَ له بالخير والشر، لا
يقال إِلا بالأَلف، وقيل: تَرَــصَّدَــه ترقبه. وأَرصَدَ له الأَمر: أَعدّه.
والارتصاد: الرَّــصْد. والرَّــصَد: المرتَــصِدُــون، وهو اسم للجمع. وقال الله
عز وجل: والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين
وإِرصاداً لمن حارب الله ورسوله؛ قال الزجاج: كان رجل يقال له أَبو عامر
الراهب حارَب النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، ومضى إِلى هِرَقْلَ وكان أَحد
المنافقين، فقال المنافقون الذين بنوا مسجد الضرار: نبني هذا المسجد وننتظر
أَبا عامر حتى يجيء ويصلي فيه. والإِرصاد: الانتظار. وقال غيره: الإِرصاد
الإِعداد، وكانوا قد قالوا نَقْضي فيه حاجتنا ولا يعاب علينا إِذا
خلونا، ونَرْــصُده لأَبي عامر حتى مجيئه من الشام أَي نعدّه؛ قال الأَزهري:
وهذا صحيح من جهة اللغة. روى أَبو عبيد عن الأَصمعي والكسائي: رصَدْــت فلاناً
أَرصُدُــه إِذا ترقبته. وأَرْــصَدْــت له شيئاً أُرْــصِدُــه: أَعددت له. وفي
حديث أَبي ذر: قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: ما أُحِبُّ عِندي
(*
قوله «ما أحب عندي» كذا بالأصل ولعله ما أحب ان عندي والحديث جاء بروايات
كثيرة) . مِثلَ أُحُدٍ ذهباً فَأُنفِقَه في سبيل الله، وتمُسي ثالثةٌ وعندي
منه دينارٌ إِلاَّ دينار أُرْــصِدُــه أَي أُعِدُّه لدين؛ يقال: أَرصدته
إِذا قعدت له على طريقه ترقبه. وأَرْــصَدْــتُ له العقوبة إِذا أَعددتها له،
وحقيقتُه جعلتها له على طريقه كالمترقبة له؛ ومنه الحديث: فأَرْــصَدَ الله
على مَدْرجته ملَكاً أَي وكله بحفظ المدرجة، وهي الطريق. وجعله رَــصَداً
أَي حافظاً مُعَدّاً. وفي حديث الحسن بن علي وذكر أَباه فقال: ما خَلَّف
من دنياكم إِلا ثلثمائة درهم كان أَرصَدَــها لشراء خادم. وروي عن ابن سيرين
أَنه قال: كانوا لا يَرْــصُدون الثمار في الدَّيْن وينبغي أَن يُرْــصَد
العينُ في الدَّيْن؛ قال: وفسره ابن المبارك فقال إِذا كان على الرجل دين
وعنده من العين مثله لم تجب الزكاة عليه، وإِن كان عليه دين وأَخرجت أَرضه
ثمرة يجب فيها العشر لم يسقط العشر عنه من أَجل ما عليه من الدين،
لاختلاف حكمهما وفيه خلاف. قال أَبو بكر: قولهم فلان يَرْــصُد فلاناً معناه
يقعد له على طريقه.
قال: والمَرْــصَدُ والمِرْصادُ عند العرب الطريق؛ قال الله عز وجل:
واقعدوا لهم كل مَرصد؛ قال الفراء: معناه واقعدوا لهم على طريقهم إِلى البيت
الحرام، وقيل: معناه أَي كونوا لهم رَــصَداً لتأْخذوهم في أَيّ وجه توجهوا؛
قال أَبو منصور: على كل طريق؛ وقال عز وجل: إِنَّ ربك لبالمرصاد؛ معناه
لبالطريق أَي بالطريق الذي ممرّك عليه؛ وقال عديّ:
وإِنَّ المنايا للرجالِ بِمَرْــصَد
وقال الزجاج: أَي يرصد من كفر به وصدّ عنه بالعذاب؛ وقال ابن عرفة: أَي
يَرْــصُد كل إِنسان حتى يجازِيَه بفعله. ابن الأَنباري: المِرصاد الموضع
الذي ترصد الناس فيه كالمضمار الموضع الذي تُضَمَّر فيه الخيل من ميدان
السباق ونحوه، والمَرْــصَدُ: مثل المِرصاد، وجمعه المراصد، وقيل: المرصاد
المكان الذي يُرْــصَدُ فيه العدوّ. وقال الأَعمش في قوله: إِنَّ ربك
لبالمرصاد؛ قال: المرصاد ثلاثة جسور خلف الصراط: جسر عليه الأَمانة، وجسر عليه
الرحم، وجسر عليه الربّ؛ وقال تعالى: إِن جهنم كانت مرصاداً، أَي تَرْــصُد
الكفار. وفي التنزيل العزيز: فإِنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً أَي
إِذا نزل الملَك بالوحي أَرسل الله معه رصداً يحفظون الملك من أَن يأْتي
أَحد من الجنّ، فيستمع الوحي فيخبر به الكهنة ويخبروا به الناس، فيساووا
الأَنبياء. والمَرْــصَد: كالرصَد. والمرصاد والمَرْــصَد: موضع الرصد.
ومراصد الحيات: مكامنها؛ قال الهذلي:
أَبا مَعْقَلٍ لا يُوطِئَنْكَ بغاضَتي
رُؤوسَ الأَفاعي في مَراصِدِــها العُرْم
وليث رصيد: يَرْــصُدُ ليثب؛ قال:
أَسليم لم تعد،
أَم رصِيدٌ أَكلَكْ؟
والرَّــصْد والرَّــصَد: المطر يأْتي بعد المطر، وقيل: هو المطر يقع
أَوّلاً لما يأْتي بعده، وقيل: هو أَوّل المطر. الأَصمعي: من أَسماء المطر
الرصْد. ابن الأَعرابي: الرصَد العهاد تَرْــصُد مطراً بعدها، قال: فإِن
أَصابها مطر فهو العشب، واحدتها عِهْدَة، أَراد: نَبَت العُشْب أَو كان العشب.
قال: وينبت البقل حينئذ مقترحاً صُلْباً، واحدته رَــصَدَــة ورَــصْدة؛
الأَخيرة عن ثعلب؛ قال أَبو عبيد: يقال قد كان قبل هذا المطر له رَــصْدَــة؛
والرَّــصْدة، بالفتح: الدُّفعة من المطر، والجمع رصاد، وتقول منه: رُــصِدَــت
الأَرض، فهي مرصودة.
وقال أَبو حنيفة: أَرض مُرصِدة مطرت وهي ترجى لأَن تنبت، والرصد حينئذ:
الرجاء لأَنها ترجى كما ترجى الحائل
(* قوله «ترجى الحائل» مرة قالها
بالهمز ومرة بالميم، وكلاهما صحيح.) وجمع الرصد أَرصاد. وأَرض مرصودة
ومُرْــصَدة: أَصابتها الرَّــصْدة. وقال بعض أَهل اللغة: لا يقال مرصودة ولا
مُرْــصَدَــة، إِنما يقال أَصابها رَــصْد ورَــصَد. وأَرض مُرصِدة إِذا كان بها شيء
من رصَد. ابن شميل: إِذا مُطرت الأَرض في أَوّل الشتاء فلا يقال لها
مَرْت لأَنّ بها حينئذ رصداً، والرصد حينئذ الرجاء لها كما ترجى الحامل. ابن
الأَعرابي: الرَّــصْدة ترصد وَلْياً من المطر. الجوهري: الرصَد، بالتحريك،
القليل من الكلإِ والمطر. ابن سيده: الرصد القليل من الكلإِ في أَرض
يرجى لها حَيَا الربيع. وأَرض مُرْــصِدة: فيها رَــصَدٌ من الكلإِ. ويقال: بها
رصد من حيا.
وقال عرّام: الرصائد والوصائد مصايدُ تُعدّ للسباع.
صدم: الــصَّدْــمُ: ضَرْبُ الشيء الصُّلْب بشيء مثله. وصَدَــمَه صَدْــماً:
ضَرَبه بجسده. وصادَمَهُ فتَصادَماً واصطَدَما، وصَدَــمَه يَــصدِــمُه
صَدْــماً، وصَدَــمَهُم أَمْرٌ: أصابهم. والتَّصادُمُ: التَّزاحُمُ. والرَّجُلانِ
يَعْدُوانِ فيَتَصادَمانِ أي يَــصْدِــمُ هذا ذاك وذاك هذا، والجَيْشانِ
يَتَصادَمان. قال الأزهري: واصطِدامُ السفينتين إذا ضربتْ كلُّ واحدة
صاحِبَتَها إذا مَرَّتا فوق الماء بحَمْوَتِهما، والسفينتان في البحر
تتَصادَمانِ وتَصْطَدِمان إذا ضرب بعضُهما بعضاً، والفارسان يَتَصادمان أَيضاً. وفي
الحديث: الصَّبْرُ عند الــصَّدْــمةِ الأُولى أي عند فَوْرة المصِيبة
وحَمْوَتِها؛ قال شمر: يقول من صَبَرَ تلك الساعة وتَلَقَّاها بالرِّضا فله
الأَجر؛ قال الجوهري: معناه أن كل ذي مَرْزِئةٍ قُصاراه الصبرُ ولكنه إنما
يُحْمَدُ عند حِدَّتِها. ورجل مِــصْدَــمٌ: مِحْرَبٌ.
والــصَّدِــمَتان، بكسر الدال: جانبا الجَبِينَينِ. والــصَّدمَةُ:
النَّزَعةُ. ورجل أَــصْدَــمُ إذا كان أَنْزَع. أبو زيد: في الرأْس الــصَّدِــمَتان،
بكسر الدال، وهما الجبينان. وفي حديث مسيره إلى بَدْرٍ: حتى أَفْتَقَ من
الــصَّدِــمَتَيْنِ، يعني من جانبي الوادي، سمِّيتا بذلك كأَنهما لتقابلهما
تَتَصادَمانِ، أو لأَنَّ كل واحدة منهما تَــصْدِــمُ من يَمُرُّ بها
ويُقابلها.والــصُّدامُ: داء يأْخذ في رؤوس الدواب؛ قال الجوهري: الــصِّدامُ، بالكسر،
داء يأْخذ رؤوسَ الدواب، قال: والعامَّة تضمه، قال: وهو القياس، قال ابن
شميل: الــصُّدامُ داء يأْخذ الإبل فتَخْمَصُ بُطُونُها وتَدَعُ الماء وهي
عِطاشٌ أياماً حتى تَبْرأَ أو تموت، يقال منه: جمل مَــصْدُــوم وإبل
مُــصَدَّــمَةٌ، وبعضهم يقول: الــصُّدامُ ثِقَلٌ يأخذ الإنسان في رأْسه، وهو
الخُشامُ.
أبو العباس عن ابن الأعرابي: الــصَّدْــمُ الدَّفْعُ، ويقال: لا أَفْعَلُ
الأمرين صَدْــمَةً واحدة أي دَفْعَةً واحدة. وقال عبدُ المَلِكِ بنُ
مَرْوانَ وكتب إلى الحجاج: إني وَلَّيْتُكَ العراقين صَدْــمةً واحدة أي دَفْعَةَ
واحدةً.
وصِدامٌ: اسْمُ فرس لَقِيط بن زُرارَةَ. وصِدامٌ: فرس معروف؛ قال ابن
بري: وأَنشد الهَرَويُّ في فصل نَقَصَ قول الشاعر:
وما اتَّخَدْتُ صِداماً للمُكوثِ بها،
وما انْتَقَشْناكَ إلاَّ للوَصَرَّاتِ
وقال الأزهري: لا أَدري صِدامٌ أو صَرامٌ. وصِدامٌ ومِــصْدَــمٌ: اسمان.
حــصد: الحَــصْدُ: جزك البر ونحوه من النبات.
حَــصَدَ الزرع وغيره من النبات يَحْــصِدُــه ويَحْــصُدُــه حَــصْداً وحَصاداً
وحِصاداً؛ عن اللحياني: قطعه بالمِنْجَلِ؛ وحَــصَده واحتــصده بمعنى واحد.
والزرع محصود وحَصِيدٌ وحَصِيدَةٌ وحَــصَدٌ، بالتحريك؛ ورجل حاصد من قوم
حَــصَدةٍ وحُصَّاد.
والحَصَاد والحِصاد: أَوانُ الحَــصْد. والحَِصَادُ والحَصِيدُ والحَــصَد:
الزرع والبر المحصود بعدما يحــصد؛ وأَنشد:
إِلى مُقْعَدات تَطْرَحُ الريحُ بالضحى،
عليهنَّ رَفْضاً من حَصَادِ القُلاقل
وحَصاد كل شجرة: ثمرتها. وحَصاد البقول البرية: ما تناثر من حبتها عند
هَيْجها. والقلاقل: بقلة برية يشبه حبها حب السمسم ولها أَكمام كأَكمامها؛
وأَراد بحصاد القلاقل ما تناثر منه بعد هيجه. وفي حديث ظبيانَ: يأْكلون
حَصِيدَها؛ الحصيد المحصود فعيل بمعنى مفعول. وأَحْــصَدَ البر والزرع: حان
له أَن يُحــصد؛ واسْتَحْــصَد: دعا إِلى ذلك من نفسه. وقال ابن الأَعرابي:
أَحــصد الزرع واستحــصد سواء.
والحَصِيد: أَسافل الزرع التي تبقى لا يتمكن منها المِنْجل. والحَصِيد:
المَزْرَعَة لأَنها تُحْــصَد؛ الأَزهري: الحصيدة المزرعة إِذا حــصدت كلها،
والجمع الحصائد. والحصيدُ: الذي حَــصَدَــتْه الأَيدي؛ قاله أَبو حنيفة،
وقيل هو الذي انتزعته الرياح فطارت به.
والمُحْــصدُ: الذي قد جف وهو قائم.
والحَــصَدُ: ما أَحــصَدَ من النبات وجف؛ قال النابغة:
يَمُدُّهُ كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لَجِبٍ،
فيه رُكام من اليَنْبوتِ والحَــصَدِ
(* في ديوان النابغة: والخَضَد).
وقوله عز وجل: وآتوا حقه يوم حَصاده؛ يريد، والله أَعلم، يوم حَــصْده
وجزازه.
يقال: حِصاد وحَصاد وجِزاز وجَزاز وجِداد وجَداد وقِطاف وقَطاف، وهذان
من الحِصاد والحَصاد.
وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، نهى عن حَِصاد الليل وعن جداده؛
الحَِصاد، بالفتح والكسر: قَطْعُ الزرع؛ قال أَبو عبيد: إِنما نهى عن ذلك
ليلاً من أَجل المساكين لأَنهم كانوا يحضرونه فيتــصدق عليهم؛ ومنه قوله
تعالى: وآتوا حقه يوم حصاده؛ وإِذا فعل ذلك ليلاً فهو فرار من الــصدقة؛
ويقال: بل نهى عن ذلك لأَجل الهوام أَن تصيب الناس إِذا حَــصَدوا ليلاً. قال
أَبو عبيد: والقول الأَول أَحبُّ إِليّ.
وقول الله تعالى: وحَبَّ الحصيد؛ قال الفراء: هذا مما أُضيف إِلى نفسه
وهو مثل قوله تعالى: إِن هذا لهو حق اليقين؛ ومثله قوله تعالى: ونحن أَقرب
إِليه من حبل الوريد؛ والحبل: هو الوريد فأُضيف إِلى نفسه لاختلاف لفظ
الاسمين. وقال الزجاج: نصب قوله وحبَّ الحصيد أَي وأَنبتنا فيها حب الحصيد
فجمع بذلك جميع ما يقتات من حب الحنطة والشعير وكل ما حــصد، كأَنه قال:
وحب النبت الحصيد؛ وقال الليث: أَراد حب البر المحصود، قال الأَزهري: وقول
الزجاج أَصح لأَنه أَعم.
والمِحْــصَدُ، بالكسر: المنجل. وحَــصَدَــهم يَحْــصَِدُــهم حَــصْداً: قتلهم؛
قال الأَعشى:
قالوا البَقِيَّةَ، والهنْدِيُّ يَحْــصُدُــهم،
ولا بَقِيَّةَ إِلاَّ الثَّارُ، وانكَشَفوا
وقيل للناس: حَــصَدٌ، وقوله تعالى: حتى جعلناهم حصيداً خامدين، مِن هذا؛
هؤلاء قوم قتلوا نبيّاً بعث إِليهم فعاقبهم الله وقتلهم ملك من ملوك
الأَعاجم فقال الله تعالى: حتى جعلناهم حصيداً خامدين؛ أَي كالزرع المحصود.
وفي حديث الفتح: فإِذا لقيتموهم غداً أَن تحْــصُدوهم حَــصْداً أَي تقتلوهم
وتبالغوا في قتلهم واستئصالهم، مأْخوذ من حَــصْدِ الزرع؛ وكذلك قوله:
يزرعها اللَّهُ من جَنْبٍ ويَحْــصُدُــها،
فلا تقوم لما يأْتي به الصُّرَمُ
كأَنه يخلقها ويميتها، وحَــصَدَ الرجلُ حَــصْداً؛ حكاه اللحياني عن أَبي
طيبة وقال: هي لغتنا، قال: وإِنما قال هذا لأَن لغة الأَكثر إِنما هو
عَــصَدَ.
والحَــصَدُ: اشتداد الفتل واستحكام الصناعة في الأَوتار والحبال والدروع؛
حبل أَحْــصَدُ وحَــصِدٌ ومُحْــصَدٌ ومُسْتَحْــصِدٌ؛ وقال الليث: الحَــصَدُ
مــصدرُ الشيء الأَحْــصَدِ، وهو المحكم فتله وصنعته من الحبال والأَوتار
والدروع. وحبل مُحْــصَدٌ أَي محكم مفتول. وحَــصِد، بكسر الصاد، وأَحــصدت الحبل:
فتلته. ورجل مُحْــصَدُ الرأْي: محكمه سديده، على التشبيه بذلك، ورأْي
مُسْتَحْــصَدٌ: محكم؛ قال لبيد:
وخَصْمٍ كنادي الجنِّ، أَسقطت شَأْوَهم
بمُسْتَحْــصَدٍ ذي مِرَّة وضُروع
أَي برأْي محكم وثيق. والصُّروع والضُّروع: الضُّروب والقُوَى. واستحــصد
أَمر القوم واستحصف إِذا استحكم. واستَحْصَل الحبل أَي استحكم. ويقال
للخَلْقِ الشديد: أَحْــصَدُ مُحْــصَدٌ حَــصِدٌ مُسْتَحْــصِد؛ وكذلك وتَرٌ أَحــصد:
شديد الفتل؛ قال الجعدي:
مِنْ نَزِعٍ أَحْــصَدَ مُسْتأْرِب
أَي شديد محكم؛ وقال آخر:
خُلِقْتَ مشروراً مُمَرّاً مُحْــصَدا
واسْتَحْــصَدَ حَبْله: اشتدّ غضبه. ودرع حَــصداء: صلبة شديدة محكمة.
واستحــصد القوم أَي اجتمعوا وتضافروا.
والحَصَادُ: نبات ينبت في البَرَّاق على نِبْتَة الخافورِ يُخْبَطُ
للغَنَم. وقال أَبو حنيفة: الحَصادُ يشبه السَّبَطَ؛ قال ذو الرمة في وصف ثور
وحشي:
قاظَ الحَصادَ والنَّصِيَّ الأَغْيَدا
والحَــصَدُ: نبات أَو شجر؛ قال الأَخطل:
تَظَلُّ فيه بناتُ الماءِ أَنْجِيَةً،
وفي جَوانبه اليَنْبوتُ والحَــصَدُ
الأَزهري: وحَصاد البَرْوَق حبة سوداء؛ ومنه قول ابن فَسْوَة:
كأَنَّ حَصادَ البَرْوَق الجَعْدِ حائلٌ
بِذِفْرَى عِفِرْناةٍ، خلافَ المُعَذَّرِ
شبه ما يقطر من ذفراها إِذا عرقت بحب البروَق الذي جعله حصاده، لأَن ذلك
العرق يتحبب فيقطر أَسود. وروي عن الأَصمعي: الحصاد نبت له قصب ينبسط في
الأَرض وُرَيْقُه على طَرَف قَصَبه؛ وأَنشد بيت ذي الرمة في وصف ثور
الوحش. وقال شمر: الحَــصَدُ شجر؛ وأَنشد:
فيه حُطام من اليَنْبُوت والحَــصَد
ويروى: والخَضَد وهو ما تثنى وتكسر وخُضِدَ.
الجوهري: الحَصادُ والحَــصَدُ نبتان، فالحصاد كالنَّصِيِّ والحــصد شجر،
واحدته حَــصَدَــةٌ. وحصائد الأَلسنة التي في الحديث: هو ما قيل في الناس
باللسان وقطع به عليهم. قال الأَزهري: وفي الحديث: وهل يكبّ الناس على
مناخرهم في النار إِلاَّ حصائد أَلسنتهم؟ أَي ما قالته الأَلسنة وهو ما
يقتطعونه من الكلام الذي لا خير فيه، واحدتها حَصيدَةٌ تشبيهاً بما يُحْــصَدُ من
الزرع إِذا جذ، وتشبيهاً للسان وما يقتطعه من القول بحد المنجل الذي يحــصد
به.
وحكى ابن جني عن أَحمد بن يحيى: حاصود وحواصيد ولم يفسره، قال ابن سيده:
ولا أَدري ما هو.
صدف: الــصُّدُــوفُ: المَيْلُ عن الشيء. وأَــصْدَــفَني عنه كذا وكذا أَي
أَمالَني. ابن سيده: صَدَــفَ عنه يَــصْدِــفُ صَدْــفاً وصُدُــوفاً: عَدَلَ.
وأَــصْدَــفَه عنه: عَدَل به، وصَدَــفَ عني أَي أَعْرَضَ. وقوله عز وجل: سَنَجْزِي
الذين يَــصْدِــفون عن آياتنا سُوء العذاب بما كانوا يَــصْدِــفُونَ، أَي
يُعْرِضون. أَبو عبيد: صَدَــفَ ونكَبَ إذا عَدلَ؛ وقيل في قول الأَعشى:
ولقد ساءها البياض فَلَطَّتْ
بِحِجابٍ، من بَيْنِنا، مَــصْدُــوفِ
أَي بمعنى مَسْتُور.
ويقال: امرأَة صَدُــوفٌ للتي تَعْرِضُ وجهها عليك ثم تَــصْدِــفُ. ابن سيده:
والــصَّدُــوفُ من النساء التي تَــصْدِــفُ عن زَوجها؛ عن اللحياني، وقيل:
التي لا تشتهي القبل، وقيل: الــصَّدُــوفُ البَخْراء؛ عن اللحياني أَيضاً.
والــصَّدَــفُ: عَوَجٌ في اليدين، وقيل: مَيَلٌ في الحافر إلى الجانب
الوحْشِيِّ، وقيل: هو أَن يَمِيل خُفُّ البعير من اليد أَو الرجل إلى الجانب
الوحشي، وقيل: الــصَّدَــفُ مَيل في القدم؛ قال الأَصمعي: لا أَدري أَعن يمين
أَو شمال، وقيل: هو إقْبالُ إحدى الرُّكْبَتين على الأُخرى، وقيل: هو في
الخيل خاصّة إقْبالُ إحداهما على الأُخرى، وقد صَدِــفَ صَدَــفاً، فإن مالَ
إلى الجانب الإنسيّ، فهو القَفَدُ، وقد قَفِدَ قَفَداً، وقيل: الــصَّدَــفُ
تَداني العُجايَتَين وتباعُدُ الحافرين في التِواءٍ من الرُّسْغَينِ،
وهو من عيوب الخيل التي تكون خِلْقةً، وقد صَدِــفَ صَدَــفاً، وهو أَــصْدَــفُ.
الجوهري: فرس أَــصْدَــفُ بَيِّنُ الــصَّدَــفِ إذا كان مُتَدانيَ الفَخْذين
مُتَباعِد الحافرين في التواء من الرسغين.
الأَصمعي: الــصدفُ كل شيء مرتفع عظيم كالهدَف والحائط والجبل. والــصدَــفُ
والــصدَــفَةُ: الجانِبُ والناحِيةُ. والــصَّدَــفُ والــصُّدُــفُ: مُنْقَطَعُ
الجبل المرتفِع. ابن سيده: والــصدَــفُ جانب الجبل، وقيل الــصدَــفُ ما بين
الجبلين، والــصُّدُــفُ لغة فيه؛ عن كراع.
وقال ابن دريد: الــصُّدُــفانِ، بضم الدال، ناحِيتا الشِّعْب أَو الوادي
كالــصَّدَّــيْنِ. ويقال لجانبي الجبل إذا تَحاذيا: صُدُــفانِ وصَدَــفانِ
لتَصادُفِهما أَي تَلاقِيهما وتَحاذي هذا الجانِبِ الجانِبَ الذي يُلاقيه، وما
بينهما فَجٌّ أَو شِعْب أَو وادٍ، ومن هذا يقال: صادَفْت فلاناً أَي
لاقَيْتُه ووجَدْتُه. والــصَّدَــفانِ والــصُّدُــفانِ: جبلان مُتلاقِيانِ بيننا
وبين يأْجوجَ ومأْجوجَ. وفي التنزيل العزيز: حتى إذا ساوَى بين
الــصَّدَــفَيْنِ؛ قرئ الــصَّدَــفَيْنِ والــصُّدُــفَيْنِ والــصُّدَــفَيْنِ
(* قوله «قرئ
الــصدفين إلخ» بقيت رابعة الــصدفين كعضدين كما في القاموس.). وفي الحديث:
أَنَّ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كان إذا مرَّ بــصَدَــفٍ أَو هَدَفٍ مائل
أَسْرَع المشي؛ ابن الأَثير: هو بفتحتين وضمتين؛ قال أَبو عبيد: الــصَّدَــفُ
والهدَفُ واحد، وهو كلُّ بناء مرتفع عظيم؛ قال الأَزهري: وهو مثل صدَــفِ
الجبل شَبَّهه به وهو ما قابلك من جانبه. وفي حديث مُطَرِّفٍ: من نامَ تحتَ
صَدفٍ مائلٍ يَنْوِي التوكُّلَ فَليَرْمِ نَفْسَه من طَمارِ؛ وهو
يَنْوِي التَّوكلَ يعني أَنَّ الاحْتِرازَ من المَهالِك واجب وإلقاء الرجل بيده
إليها والتَّعَرُّضُ لها جَهْلٌ وخَطأٌ.
والصَّوادِفُ: الإبل التي تأْتي على الحَوْض فتَقِف عند أَعْجازها تنتظر
انْصِرافَ الشارِبةِ لتَدخل؛ ومنه قول الراجز:
النَّاظِراتُ العُقَبَ الصَّوادِفُ
(* قوله «الناظرات إلخ» صدره كما في شرح القاموس:
لا ريَّ حتى تنهل الروادف)
وقول مليح الهُذَلي:
فلما اسْتَوَتْ أَحْمالُها، وتــصَدَّــفَتْ
بِشُمِّ المَراقي بارِداتِ المَداخِلِ
قال السكري: تَــصَدَّــفَتْ تَعَرَّضَتْ.
والــصَّدَــفُ: المَحارُ، واحدته صَدَــفَةٌ. الليث: الــصَّدَــفُ غِشاء خَلْقٍ
في البحر تضمّه صَدَــفَتانِ مَفْرُوجَتانِ عن لحم فيه روح يسمى
المَحارَةَ، وفي مثله يكون اللؤلؤ. الجوهري: وصَدَــفُ الدرَّةِ غِشاؤها، الواحدة
صدَــفَةٌ. وفي حديث ابن عباس: إذا مَطَرَتِ السماء فَتَحتِ الأَــصْدافُ
أَفْواهَها؛ الأَــصْدافُ: جمع الــصَّدَــفِ، وهو غِلافُ اللُّؤلؤِ وهو من حيوان
البحر. والــصَّدفةُ: مَحارةُ الأُذن. والــصَّدَــفتانِ: النُّقْرَتانِ اللتانِ
فيهما مَغْرِزُ رأْسَيِ الفَخِذَين وفيهما عَصَبةٌ إلى رأْسهما.
والمُصادَفةُ: المُوافَقَةُ.
والــصُّدَــفُ: سبع من السِّباعِ، وقيل طائر.
والــصَّدِــفُ: قبيلة من عَرب اليمن؛ قال:
يومٌ لهَمْدانَ ويَوْمٌ للــصَّدِــفْ
ابن سيده: والــصَّدَــفيُّ ضرب من الإبل، قال: أُراه نسب إليهم؛ قال طرفة:
لدى صَدَــفيٍّ كالحَنِيّةِ بارِك
وقال ابن بري: الــصَّدِــفُ بَطْن من كِنْدة والنسب إليه صَدَــفيّ؛ قال
الراجز:
يوم لهمْدان ويوم للــصَّدِــفْ،
ولِتَمِيمٍ مِثْلُه أَو تَعْترِفْ
قال: وقال طرفة:
يَرُدُّ عليَّ الرِّيحُ ثوبي قاعداً،
لدى صدفيّ كالحنِيَّةِ بازِلِ
وصَيْدفا وتَــصْدَــفُ: موضعان؛ قال السُّلَيْكُ بن السُّلَكةِ:
إذا أَسْهَلَتْ خَبَّتْ، وإن أَحْزَنتْ مَشَتْ،
ويُغْشَى بها بين البُطونِ وتَــصْدَــفِ
قال ابن سيده: وإنما قضيت بزيادة التاء فيه لأَنه ليس في الكلام مثل
جعفر.
صدغ: الــصُّدْــغُ: ما انحدر من الرأْس إلى مَرْكَبِ اللَّحيين، وقيل: هو
ما بين العين والأُذن، وقيل: الــصدغان ما بين لِحاظَي العينين إلى أَصل
الأُذن؛ قال: قُبِّحْتِ من سالِفةٍ ومِنْ صُدُــغْ،
كأَنها كُشْيةُ ضَبٍّ في صُقُعْ
(* في مادة «سقغ» يوجد سقغ بدل صُقُعْ.)
أَراد قبحتِ يا سالفةُ من سالفة وقبِّحتَ يا صُدُــغُ من صدغ، فحذف لعلم
المخاطب بما في قوة كلامه وحرَّك الــصدُــغَ. قال ابن سيده: فلا أَدري
أَللشعر فَعَل ذلك أَم هو في موضوع الكلام، وكذلك صُقُع فلا أَدري أَصُقُع لغة
أَم حرّكه تحريكاً مُعْتَبطاً، وقال: صُدُــغ وصُقُع فجمع بين الغين والعين
لأَنهما مجانِسانِ إذْ هما حرفا حلق، ويروى صُقُغْ، فلا أَدري هل صُقُغْ
لغة في صُقُع أَم احتاج إليه للقافية فحوَّل العين غيناً لأَنهما جميعاً
من حروف الحلق، والجمع أََــصْداغٌ وأَــصْدُــغٌ، ويسمى أَيضاً الشعَرُ
المتدلي عليه صُدْــغاً، ويقال: صُدْــغٌ مُعَقْرَبٌ؛ قال الشاعر:
عاضَها اللهُ غُلاماً، بَعْدَها
شابَتِ الأَــصداغُ ، والضِّرْسُ نَقِدْ
وقال أَبو زيد: الــصُّدْــغانِ هما مَوْصِلُ ما بين اللِّحية والرأْس إلى
أَسفَل من القَرْنَيْنِ وفيه الدُّوّارة، الواو ثقيلة والدال مرفوعة، وهي
التي في وسط الرأْس يدعونها الدائرة، وإليها يَنتَهي فَروُ الرأْسِ،
والقَرنانِ حرفا جانِبَيِ الرأْس، قال: وربما قالوا السُّدْغُ، بالسين، قال
محمد بن المُسْتَنِير قُطْرُب: إِنَّ قوماً من بني تميم يقال لهم
بَلْعَنْبَر يقلبون السين صاداً عند أَربعة أَحرف: عند الطاء والقاف والغين
والخاء إِذا كُنَّ بعد السين، ولا يُبالون أَثانيةً كُنَّ أَم ثالثةً أَم
رابعة بعد أَن يَكُنَّ بعدها، يقولون سِراط وصِراط وبَسْطة وبصطة وسَيْقل
وصيقل وسَرَقْت وصرقت ومَسْغَبة ومَصغبة ومِسْدَغة ومِــصدغة وسخَّر لكم
وصخَّر لكم والسَّخَبُ والصَّخَبُ.
وصَدَــغَه يَــصْدَــغُه صَدْــغاً: ضرب صُدْــغَه أَو حاذى صُدْــغَه بــصُدْــغِه في
المشي. وصُدِــغَ صَدَــغاً: اشتكى صُدْــغَه. والمِــصْدغةُ: المِخَدّةُ التي
توضَعُ تحت الــصُّدْــغ، وقالوا مِزْدغة، بالزاي.
والأَــصْدغانِ: عرقان تحت الــصُّدْــغين هما يضربان من كل أَحد في الدنيا
أَبداً ولا واحد لهما يعرف، كما قالوا المذْرَوان لناحِيَتَي الرأْس ولا
يقال مِذْرى للواحد، والمعروف الأَــصْدرانِ.
والــصِّداغُ: سِمةٌ في موضع الــصُّدْــغِ طُولاً. وبعير مَــصْدوغٌ وإِبلُ
مُــصَدَّــغةٌ إِذا وُسِمَتْ بالــصَّداغ.
والــصَّدِــيغُ: الولد قبل اسْتِمتامه سبعةَ أَيامِ، سُمِّي بذلك لأَنه لا
يشتَدُّ صُدغاه إلا إلى سبعة أَيام. وفي حديث قتادة: كان أَهل الجاهلية
لا يُورّثون الصبي، يقولون: ما شأْن هذا الــصَّدِــيغِ الذي لا يحْتَرِفُ ولا
يَنْفَع نجعل له نصيباً في الميراث؟ الــصديغ: الضعيف، وقيل: هو فَعِيلٌ
بمعنى مَفْعول من صَدَــغه عن الشيء إذا صرفه. وما يَــصْدَــغُ نملةً من
ضَعْفِه أَي ما يقتل نملة. وصَدُــغَ، بالضم، يَــصْدَــغُ صَداغةً أَي ضَعُف؛ قال
ابن بري: شاهده قول رؤبة:
إِذا المَنايا انْتَبْنَه لم يَــصْدُــغ
أَي لم يَضْعُفْ. وصَدَــغَ إلى الشيء يَــصْدُــغ صُدوغاً وصَدَــغاً: مالَ.
وصَدَــغ عن طريقة: مال. ولأُقِيمَنَّ صَدَــغَك أَي مَيْلَك. وصَدَــغَه.: أَقام
صَدَــغَه. وصَدَــغَه عن الأَمر يَــصْدَــغُه صَدْــغاً: صرَفَه. يقال: ما
صَدَــغك عن هذا الأَمر أَي ما صَرَفَك وردَّك؟ قال ابن السكيت: ويقال للفرس أَو
البعير إِذا مرَّ مُنْفَلِتاً يَعْدو فأُتبِعَ لِيُرَدّ: اتَّبَعَ فلان
بعيره فما صَدَــغَه أَي فما ثناه وما ردَّه، وذلك إذا نَدَّ؛ وروى أَصحاب
أبي عبيد هذا الحرف عنه بالعين، والصواب بالغين، كما قال ابن الأَعرابي
وغيره.
صدد: الــصَّدّ: الإِعْراضُ والــصُّدُــوف. صَدِّ عنه يَــصِدُّ ويَــصُدُّ
صَدّــاً وصُدُــوداً: أَعرض. ورجل صادٌّ من قوم صُدَّــا،، وامرأَة صادَّةٌ من
نِسوة صَوادَّ وصُدَّــادٍ أَيضاً؛ قال القطامي:
أَبْصارُهُنَّ إِلى الشُّبَّانِ مائِلَةٌ،
وقد أَراهُنَّ عنهم غَيحرَ صُدَّــادَ
(*قوله «وقد أراهن عنهم» المشهور: عنى).
ويقال: صدّــه عن الأَمر يَــصُدُّــه صَدّــاً منعه وصرفه عنه. قال الله عز
وجل: وصذَّها ما كانت تعبد من دون الله؛ يقال عن الايمان، العادةُ التي كانت
عليها لأَنها نشأَت ولم تعرف إِلا قوماً يعبدون الشمس، فــصَدَّــتها
العادةُ، وهي عادتها، بقوله: إِنها كانت من قوم كافرين؛ المعنى صَدَّــها كونُها
من قوم كافرين عن الإِيمان. وفي الحديث: فلا يَــصُدَّــنَّكم ذلك. وصعدَّه
عنه وأَــصَدَّــه: صرفه. وفي التنزيل: فــصدَّــهم عن السبيل؛ وقال امرؤ القيس:
أَــصَدَّ نِشاصَ ذي القَرْنعيْنِ، حتى
تَوَلَّى عارِضُ المَلكِ الهُمام
وصَدَّــدَه: كأَــصَدَّــه؛ وأَنشد الفراء لذي الرمة:
أُناسٌ أَــصَدُّــوا الناسَ بالسَّيْفِ عنهمُ،
صُدُــود السَّواقي عَنْ أُنوفِ الحَوائِمِ
وهذا البيت أَنشده الجوهري وغيره على هذا النص؛ قال ابن بري: وصاب
إِنشاده:
صُدُــودَ السَّواقي عن رو وسِ المخارِم
والسَّواقي: مَجاري الماء. والمَخْرِم: مُنْقَطَعُ أَنِف الجبل. يقول:
صَدُّــوت الناسَ عنهم بالسيفِ كما صُدَّــتْ هذه الأَنهارُ عن المَخارِم فلم
تستطع أَن ترتفع إِليها. وحكى اللحياني: لا صَدَّ عن ذلك؛ قال:
والتأْويل حَقّاً أَنت فَعَلْتَ ذاك. وصَدَّ يَــصِدُّ صَدّــاً: اسْتَغْرَب ضَحِكاً.
ولما ضخربَ ابنُ مريم مثلاً إِذا قومكَ منه يَــصِدُّــون؛ وقرئ:
ويَــصُدُّــون، فَيَــصِدُّــون يَضِجُّون ويَعِجُّون كما قدَّمنا، ويَــصُدُّــون يُعْرِضون،
والله أَعلم. الأَزهري: تقول صَدَّ يَــصِدُّ ويَــصُدُّ مثل شدَّ يَشِدُّ
ويَشُدُّ، والاختيار يصهدون، بالكسر، وهي قراءة ابن عباس،. وفسره
يَضِجُّون ويَعِجُّون. وقال الليث: إِذا قومك منه يَــصِدُّــون، أَي يضحكون؛ قال
الأَزهري: وعلى قول ابن عباس في تفسيره العمل. قال أَبو منصور: يقال
ثَدَدْتُ فلاناً عن أَمره أَــصُدُّــه صَدّــاً فَــصَدَّ يَصخدُّ، يستوي فيه لفظ
الواقع واللازم، فإِذا كان المعنى يَضِجُّ ويَعِجُّ فالوجه الجيد صَدَّ
يَــصِدَّ مثل ضَجَّ يَضِجُّ، ومنه قوله عز وجل: وما كان صلاتُهم عند البيت إِلا
مُكاءً وتَــصْدِــيةً، فالمُكاءُ الصَّفِير والتَّــصْدية التصفيق، وقيل
للتَّصّفِيق تَــصْديَةٌ لأَن اليدين تتصافقان فيقابل صَفْقُ هذه صَفْقَ
الأُخرى، وصدُّ هذه صَدَّ الأُخرى وهما وَجْهاها.
والــصَّدُّ: الهِجْرانُ؛ ومنه فَيَــصدُّ هذا ويَــصُدُّ هذا أَي يُعرِض
بوجهه عنه. ابن سيده: التــصدية التَّصفيقُ والصَّوتُ على تحويل التضعيف. قال:
ونظيره قَصَّيْتُ أَظفاري في حروف كثيرة. قال: وقد عمل فيه سيبويه باباً،
وقد ذكر منه يعقوبُ وأَبو عبيد أَحرفاً. الأَزهري: يقال صَدَّــى يُــصَدِّــي
تَــصْدُــيَةً إِذا صَفَّق، وأَصله صَدَّــدِ يُــصَدِّــد فكثرت الدالات فقلبت
إِحداهن ياء، كما قالوا قصيت أَظفاري والأَصل قصَّصتُ أَظفاري. قال: قال
ذلك أَبو عبيد وابن السكيت وغيرهما. وصَدِــيدُ الجُرْحِ: ماؤُه الرقيقُ
المختلط بالدم قبل أَن تَغْلُظ المِدَّة. وفي الحديث: يُسْقَى من صَدِــيدِ
أَهلِ النارِ؛ وهو الدم والقيح الذي يسيل من الجسد؛ ومنه حديث الــصدِّــيق في
الكفن: إِنما هو للمُهْلِ والــصَّدِــيدِ؛ ابن سيده: الــصديد القَيْح الذي
كأَنه ماء وفيه شُكْلةٌ. وقد أَــصَدَّ الجرحُ وصَدَّــدَ أَي صار فيه
المِدَّة. والــصَّدِــيدُ في القرآن: ما يَسِيلُ من جلود أَهل النار، وقيل: هو
الحَمِيم إِذا أُغْلِيَ حتى خَثُرَ. وصديد الفِضَّةِ: ذؤابَتُها، على
التشبيه، وبذلك سُمِّي المُهْلَةُ. وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى: ويُسْقَى من
ماءٍ صَدِــيدٍ: يَتَجَرَّعُه؛ قال: الــصديد ما يسيل الدمُ المختلط بالقيح
في الجُرْح.
وفي نوادر الأَعراب: الــصِّدادُ ما اضْطَرَبَ
(* قوله «ما اضطرب إلخ»
صوابه ما اصطدمت به المرأة وهو إلخ كتبه السيد مرتضى بهامش الأصل المعول
عليه وهو نص القاموس). وهو السِّتْرُ.
ابنُ بُزُرخ: الــصَّدُــودُ ما دَلَكْتَه على مِرْآةٍ ثم كَحَلْتَ به
عيناً.والــصَّدُّ والــصُّدُّ: الجبل؛ قالت ليلى الأَخيلية:
أَنابِغَ، لم تَنْبَغْ ولم تَكُ أَوّلا،
وكنتَ صُنَيّاً بين صَدَّــين، مَجْهَلا
والجمع أَــصْداد وصُدُــود، والسين فيه لغة. والــصَّدُّ: المرتفع من السحاب
تراه كالجبل، والسين فيه أَعلى. وصُدَّــا الجبل: ناحيتاه في مَشْعَبِه.
والــصَّدَّــان: ناحيتا الشِّعْب أَو الجبل أَو الوادي، الواحد صَدٌّ، وهما
الــصَّدَــفان أَيضاً؛ وقال حميد:
تَقَلْقَلَ قِدْحٌ، بين صَدَّــين، أَشْخَصَتْ
له كَفُّ رامٍ وِجْهَةً لا يُريدُها
قال: ويقال للجبل صَّدُّ وسَدٌّ. قال أَبو عمرو: يقال لكل جبل صَدٌّ
وصُدٌّ وسَدٌّ وسُدٌّ. قال أَبو عمرو: الــصُّدَّــان الجبلان، وأَنشد بيت ليلى
الأَخيلية. وقال: الصُّنَيُّ شِعْبٌ صغير يَسِيل فيه الماء، والــصَّدُّ
الجانب.
والــصَّدَــدُ: الناحية. والــصَّدَــدُ: ما اسْتَقْبَلك. وهذا صَدَــدَ هذا
وبــصَدَــدِه وعلى صَدَــده أَي قُبَالَتَه.
والــصَّدَــدُ: القُرْب. والــصَّدَــدُ: القَــصْد. قال ابن سيده: قال سيبويه هو
صَدَــدُك ومعناه القــصْدُ. قال: وهي من الحروف التي عَزَلَها ليفسر
معانيها لأَنها غرائب. ويقال: صَدَّ السبيلُ
(* قوله «صد السبيل إلخ» عبارة
الأساس صد السبيل إذا اعترض دونه مانع من عقبة أَو غيرها فأخذت في غيره)
إِذا اسْتَقْبَلَكَ عَقَبَةٌ صَعْبَةٌ فتركتَها وأَخَذتَ غيرها؛ قال
الشاعر:إِذا رأَيْنَ علَماً مُقْوَدَّا،
صَدَــدْنَ عن خَيْشُومِها وصَدَّــا
وقول أَبي الهَيْثم:
فكُلُّ ذلكَ مِنَّا والمَطِيُّ بنا،
إِليكَ أَعْناقُها مِن واسِطٍ صَدَــدُ
قال: صَدَــدٌ قَــصْدٌ. وصَدَــدُ الطريق: ما استقبلك منه.
وأَما قول الله عز وجل: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فأَنت له تَــصَدّــى؛
فمعناه تتعرّض له وتَمِيل إِليه وتُقْبِل عليه. يقال: تَــصَدّــى فلان لفلان
يَتَــصَدّــى إِذا تَعَرَّض له، والأَصل فيه أَيضاً تَــصَدَّــد يتَــصَدَّــد. يقال:
تَــصَدَّــيت له أَي أَقْبَلْتُ عليه؛ وقال الشاعر:
لمَّا رَأَيْتُ وَلَدي فيهم مَيَلْ
إِلى البُيوتِ، وتَــصَدَّــوْا لِلحَجَلْ
قال الأَزهري: وأَصله من الــصَّدَــد وهو ما اسْتَقبلكَ وصار قُبالَتَكَ.
وقال الزجاج: معنى قوله عز وجل: فأَنتَ له تَــصَدّــى؛ أَي أَنت تُقْبِلُ
عليه، جعله من الــصَّدَــدِ وهو القُبالَةُ. وقال الليث: يقال هذه الدارُ على
صَدَــدِ هذه أَي قُبالَتَها. وداري صَدَــدَ دارِه أَي قُبالَتَها، نَصْب على
الظرف. قال أَبو عبيد: قال ابن السكيت: الــصَّدَــدُ والصَّقَبُ القُرْبُ.
قال الأَزهري: فجائز أَن يكون معنى قوله تعالى: فأَنت له تــصدّــى؛ أَي
تَتَقَرَّب إِليه على هذا التأْويل.
والــصُّدّــاد، بالضم والتشديد: دُوَيْبَّةٌ وهي من جنس الجُرْذانِ؛ قال
أَبو زيد: هو في كلام قيس سامُّ أَبْرَصَ. ابن سيده: الــصُّدَّــادُ سامُّ
أَبْرَصَ، وقيل: الوَزَغ؛ أَنشد يعقوب:
مُنْجَحِراً مُنْجَحَرَ الــصُّدّــادِ
ثم فسره بالوزغ، والجمع منهما الــصَّدائدُ، على غير قياس؛ وأَنشد
الأَزهري:
إِذا ما رَأَى إِشْرافَهُنَّ انْطَوَى لَها
خَفِيٌّ، كَــصُدَّــادِ الجَديرَةِ، أَطْلَسُ
والــصَّدّــى، مقصورٌ: تِينٌ أَبيضُ الظاهر أَكحلُ الجوفِ إِذا أَريدَ
تزبيبهُ فُلْطِح، فيجيءُ كأَنه الفَلَكُ، وهو صادق الحلاوة؛ هذا قول أَبي
حنيفة. وصَدّــاءُ: اسم بئر، وقيل: اسم رَكِيَّة عذبة الماء، وروى بعضهم هذا
المَثَل: ماءٌ ولا كَــصَدَّــاء؛ أَنشد أَبو عبيد:
وإِنِّي وتَهْيامِي بِزَيْنَبَ كالذي
يُحاوِلُ، من أَحْواضِ صَدَّــاءَ، مَشْرَبا
وقيل لأَبي عليّ النحوي: هو فَعْلاءُ من المضاعف، فقال: نعم؛ وأَنشد
لضرار بن عُتْبَةَ العبشمي:
كأَنِّيَ، مِنْ وَجْدٍ بزَيْنَبَ، هائمٌ،
يُخالسُ من أَحْواض صَدَّــاءَ مَشْرَبا
يَرَى دُونَ بَرْدِ الماءِ هَوْلاً وذادَةً،
إِذا شَدَّ صاحوا قَبْلَ أَنْ يَتَحَبَّبَا
وبعضهم يقول: صَدْــآءُ، بالهمز، مثل صَدْــعاءَ؛ قال الجوهري: سأَلت عنه
رجلاً في البادية فلم يهمزه. والــصُّدَّــادُ:
(* هو كرمان وكتاب كما في
القاموس.): الطريق إِلى الماء.
عــصد: العَــصْدُ: اللَّيُّ.
عَــصَدَ الشيءَ يَعْــصِدُــه عَــصْداً، فهو مَعْصُود وعَصيدٌ: لواه؛
والعَصِيدَةُ منه، والمِعْــصَدُ ما تُعْــصَدُ به. قال الجوهري: والعصيدَةُ التي
تَعْــصِدُــها بالمسواط فَتُمِرُّها به، فتنقلب ولا يَبْقَى في الإِناءِ منها
شيء إِلا انقلب. وفي حديث خَوْلَةَ: فقَرَّبْتُ له عَصِيدَةً؛ هو دقيق
يُلَتُّ بالسمن ويطبخ. يقال: عَــصَدْــتُ العصيدة وأَعْــصَدْــتُها أَي اتخذتها.
وعَــصَدَ البعير عنقه: لواه نحو حارِكِه للموت؛ يَعْــصدُــه عُصُوداً، فهو
عاصد، وكذلك الرجل. يقال: عَــصَدَ فلان
(* قوله «عــصد فلان» في القاموس وكعلم
ونصر عصوداً مات.) يَعْــصُدُ عُصُوداً مات؛ وأَنشد شمر:
على الرَّحْلِ ممَّا مَنَّه السيْرُ عاصِدُ
وقال الليث: العاصد ههنا الذي يَعْــصِدُ العصِيدة أَي يديرها ويقلبها
بالمِعْــصَدَــة؛ شبَّه الناعسَ به لخفقان رأْسه. قال: ومن قال إِنه أَراد
الميت بالعاصد فقد أَخطأَ. وعَــصَدَ السهم: التوى في مَرٍّ ولم يَقْــصِد
الهَدَف. وفي نوادر الأَعراب: يومٌ عَطُودٌ
(* قوله «عطود» كذا في الأصل بهذا
الضبط. وفي شرح القاموس عن نوادر الأعراب عطرد، براء مهملة مشددة بدل
الواو الساكنة.) وعَطَوَّدٌ وعَصَوَّدٌ أَي طويل. ورَكِبَ فلان عِصْوَدَّه
أَي رأْيه وعِرْبَدَّهُ إِذا رَكِبَ رأْيَه.
والعَــصْدُ والعَزْدُ: النكاحُ لا فعل له. وقال كراع: عــصَدَ الرجلُ
المرأَة يَعْــصِدُــها عَــصْداً وعزَدَها عَزْداً: نكحها، فجاءَ له بفعل.
وأَعْــصِدْــني عَــصْداً من حمارك وعَزْداً، على المضارعة، أَي أَعِرْني إِياه
لأُنْزِيَه على أَتاني؛ عن اللحياني. ورجل عَصِيدٌ مَعْصودٌ: نعت سوء.
وعَــصَدْــتُه على الأَمر عَــصْداً إِذا أَكرهته عليه؛ وقد روى بعضهم
لعنترة:فهَلاَّ وفي الفَغْواءَ عَمْرُو بن جابِرٍ
بِذِمَّتِهِ، وابنُ اللَّقِيطَةِ عِصْيَدُ
قال بعضهم: عصيد بوزن حِذْيَم وهو المأْبون؛ قال الأَزهري: وقرأْت بخط
أَبي الهيثم في شعر المتلمس يهجو عمرون بن هند:
فإِذا حَلَلْتُ ودُونَ بَيْتي غاوَةٌ،
فابْرُقْ بأَرضِك ما بدا لكَ وارْعُدِ
أَبَنِي قِلابَة، لم تكُنْ عاداتُكُم
أَخْذَ الدَّنِيَّةِ قَبْلَ خُطَّةِ مِعْــصَدِ
قال أَبو عبيدة: يعني عُــصِدَ عمرو بن هِند من العَــصْدِ والعَزْدِ يعني
منكوحاً.
والعِصْوادُ والعُصْوادُ: الجَلَبة والاختلاطُ في حرب أَو خصومة، قال:
وتَرامى الأَبْطالُ بالنَّظَرِ الشَّزْ
رِ، وظَلَّ الكُماةُ في عِصْوادِ
وتَعَصْوَدَ القومُ: جَلَّبوا واختلطوا. وعَصْوَدُوا عَصْوَدَةً منذ
اليوم أَي صاحوا واقتتلوا. الليث: العِصْوادُ جَلَبة في بَلِيَّة،
وعَــصَدَــتْهُم العَصاويدُ: أَصابتهم بذلك. وعِصْوادُ الظلام: اختلاطُه
وتراكُبه.وجاءَت الإِبلُ عَصاويدَ إِذا رَكِبَ بعضها بعضاً، وكذلك عَصاويدُ
الكلام. والعصاويدُ: العِطاشُ من الإِبل. ورجل عِصْوادٌ: عَسِر شديد. وامرأَة
عِصواد: كثيرة الشر؛ قال:
يا مَيُّ ذاتَ الطَّوْقِ والمِعْصادِ،
فدَتْكِ كلُّ رَعْبَلٍ عِصْوادِ،
نَافِيَةٍ للبَعْلِ والأَوْلادِ
وقومٌ عَصاويدُ في الحرب: يلازمون أَقرانهم ولا يفارقونهم؛ وأَنشد:
لمَّا رَأَيْتُهُمُ، لا دَرْءَ دُونَهُمُ،
يَدْعونَ لِحْيانَ في شُعْثٍ عَصاويدِ
وقولهم: وقعوا في عِصْوادٍ أَي في أَمر عظيم. ويقال: تركتهم في عِصْوادٍ
وهو الشر من قَتْل أَو سِباب أَو صَخَب. وهم في عِصْوادٍ بينهم: يعني
البلايا والخصومات. ورجلٌ عِصْوادٌ: مُتعِب؛ وأَنشد:
وفي القَرَبِ العِصْوادُ للعِيسِ سائقُ