* عند الجمهور: تكون الإشارة روما وإشماما.
* عند البصريين: بمعنى (الإشمام)، بحيث لا يظهر للحركة أثر في النطق.
* عند الكوفيين: بمعنى (الروم)، وهو النطق ببعض الحركة.
[في الانكليزية] Indication
[ في الفرنسية] Indication
وأل: وَأَلَ إِليه وَأْلاً ووُؤُولاً وَوَئيلاً ووَاءَلَ مُواءَلَةً
ووِئالاً: لجأَ. والْوَأْلُ والمَوْئِلُ: الملجأُ، وكذلك المَوْأَلَةُ مثال
المَهْلَكة؛ وقد وأَلَ إِليه يَئِلُ وَأْلاً ووُؤُولاً على فُعول أَي
لجأَ، ووَاءل منه على فاعَل أَي طلب النجاة، ووَاءَلَ إِلى المكان
مُوَاءَلَةً ووِئالاً: بادر. وفي حديث عليّ، عليه السلام: أَن دِرْعَه كانت
صَدْراً بلا ظَهْر، فقيل له: لو احترزتَ من ظَهْرِك، فقال: إِذا أَمْكَنْت من
ظهري فلا وَأَلْتُ أَي لا نجوْت. وقد وَأَلَ يَئِلُ، فهو وائِلٌ إذا
التجأَ إِلى موضع ونَجا؛ ومنه حديث البَراء بن مالك: فكأَنَّ نفسي جاشَتْ
فقلت: لا وَأَلْتِ أَفِراراً أَوَّل النهار وجُبْناً آخره؟ وفي حديث قَيْلة:
فوَأَلْنا إِلى حِواءٍ أَي لجَأْنا إِليه، والحِواء: البيوتُ المجتمِعة.
الليث: المَآلُ والمَوْئلُ المَلْجأُ. يقال من المَوْئل وأَلْتُ مثل
وَعَلْت ومن المآل أُلْتُ مثل عُلْت مآلاً، بوزن مَعَالاً؛ وأَنشد:
لا يَسْتَطيعُ مآلاً من حَبائِلهِ
طيرُ السماء، ولا عُصْم الذُّرَى الوَدِقِ
وقال الله تعالى: لن يَجِدوا من دونه مَوْئلاً؛ قال الفراء: الموْئل
المَنْجَى وهو المَلْجأُ، والعرب تقول: إِنه لَيُوائل إِلى موضعه يريدون
يذهب إِلى موضعه وحرزه؛ وأَنشد:
لا واءَلَتْ نفسُك خلَّيتها
للعامِرِيَّيْن، ولم تُكْلَم
يريد: لا نَجَتْ نفسُك. وقال أَبو الهيثم: يقال وَأَلَ يَئلُ وأْلاً
ووَأْلةً وواءَل يُوائل مُواءلةً ووِئالاً؛ قال ذو الرمة:
حتى إِذا لم يَجِدْ وَأْلاً ونَجْنَجَها،
مَخافةَ الرَّمْي حتى كلُّها هِيمُ
يروى: وَعْلاً: ويروى: وَغْلاً، فالوَأْل المَوْئل، والوَغْل المَلْجَأُ
يَغِل فيه أَي يدخل فيه. يقال: وغَل يَغِل فهو واغِل، وكل ملجاءٍ يُلجأ
إِليه وَغْل ومَوْغِل، ومَن رواه وَغْلاً فهو مثل الوَأْل سواءً، قُلبت
الهمزة عيناً؛ ونَجْنَجَها أَي حَرَّكها وردَّدها مخافة صائد أَن يرميها.
الليث: الوَأْلُ والوَعْل الملجأ. التهذيب: شمر قال أَبو عدنان قال لي
مَن لا أُحْصِي من أَعْراب قيسٍ وتميم: أَيلةُ الرجل بنو عمه الأَدْنون.
وقال بعضهم: مَن أَطاف بالرجل وحلَّ معه من قَرابته وعشيرته فهو إِيلَتُه.
وقال العكلي: هو من إِيلَتِنا أَي من عشيرتِنا. ابن بُزُرْج: إِلَةُ فلان
الذين يَئِلُ إِليهم وهم أَهله دِنْياً، وهؤلاء إِلَتُك وهم إِلَتي
الذين وأَلْت إِليهم. وقالوا: رَدَدْته إِلى إِيلَته أَي إِلى أَصله؛
وأَنشد:ولم يكن في إِلَتي غوالي
يريد أَهلَ بيته وهذا من نوادره. قال أَبو منصور: أَمّا إِلَةُ الرجل
فهم أَهلُ بيتِه الذين يَئِلُ إِليهم أَي يَلجَأُ إِليهم، من وَأَلَ يئل.
وإِلَةُ: حرف ناقص أَصله وِئْلةٌ مثل صِلةٍ وزِنةٍ أَصلهما وِصْلة
ووِزْنة، وأَما إِيلةُ الرجل فهم أَصله الذين يَؤُولُ إِليهم، وكان أَصلُه
إِوْلةٌ فقلبت الواو ياء.
التهذيب: وأَيْلة قرية عربيَّة كأَنها سميت أَيلة لأَن أَهلها يَؤُولون
إِليها، وأَمَّا إِلْيةُ الرجل فقَراباته، وكذلك لِيَتُه.
والمَوْئل: الموضع الذي يستقِرُّ فيه السَّيْل.
والأَوَّل: المتقدّم وهو نقيض الآخِر؛ وقول أَبي ذؤيب:
أَدانَ، وأَنْبَأَهُ الأَوَّلونَ
بأَنَّ المُدَانَ مَلِيٌّ وفِيّ
الأَوَّلون: الناس الأَوَّلون والمَشْيخة، يقول: قالوا له إِنَّ الذي
بايعته مَلِيٌّ وفِيٌّ فاطمئِن، والأُنثى الأُولى والجمع الأُوَل مثل
أُخْرى وأُخَر، قال: وكذلك لجماعة الرجال من حيث التأْنيث؛ قال بَشير ابن
النِّكْث:
عَوْدٌ على عَوْدٍ لأَقوامٍ أُوَلْ،
يَموتُ بالتَّرْكِ ويَحْيا بالعَمَلْ
يعني ناقة مسنَّة على طريق قَديم، وإِن شئت قلت الأَوَّلون. وفي حديث
الإِفك: وأَمْرُنا أَمْرُ العرب الأُوَل؛ يروى بضم الهمزة وفتح الواو جمع
الأُولى، ويكون صفة للعَرب، ويروى أَيضاً بفتح الهمزة وتشديد الواو صفة
للأَمر، وقيل: هو الوجه. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه، وأَضيافِهِ: بسم
الله الأُولى للشيطان، يعني الحالة التي غضب فيها وحلَف أَن لا يأْكل،
وقيل: أَراد اللُّقْمة الأُولى التي أَحنثَ بها نفسَه وأَكَلَ؛ ومنه
الصلاةُ الأُولى، فمن قال صلاة الأُولى فهو من إِضافة الشيء إِلى نفسه أَو على
أَنه أَراد صلاةَ الساعةِ الأُولى من الزَّوال. وقوله عز وجل: تَبَرُّجَ
الجاهِلِيّة الأُولى؛ قال الزجاج: قيل الجاهلية الأُولى مَن كان من
لَدُن آدم إِلى زمن نوح، عليهما السلام؛ وقيل: مُنْذ زمن نوح، عليه السلام،
إِلى زمن إِدريس، عليه السلام، وقيل: مُنْذ زمن عيسى إِلى زمن سيدنا محمد
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: وهذا أَجود الأَقوال لأَنهم
الجاهلية المعروفون وهم أَوَّل من أُمة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وكانوا يتَّخِذون البَغايا يُغْلِلْن لهم؛ قال: وأَما قول عَبيد بن
الأَبرص:فاتَّبَعْنا ذاتَ أُولانا الأُولى الْـ
ـمُوقِدِي الحرْب، ومُوفٍ بالحِبال
فإِنه أَراد الأُوَل فقلَب وأَراد ومنهم مُوفٍ بالحِبال أَي العهود؛
فأَما ما أَنشده ابن جني من قول الأَسْود ابن يَعْفُرَ:
فأَلْحَقْتُ أُخْراهُمْ طَريقَ أُلاهُمُ
فإِنه أَراد أُولاهم فحذف استخفافاً، كما تحذف الحركة لذلك في قوله:
وقَدْ بَدا هَنْكِ من المِئْزَرِ
ونحوه، وهم الأَوائل أَجْرَوْه مُجْرى الأَسماء. قال بعض النحويين: أَما
قولهم أَوائل، بالهمز، فأَصله أَواوِل، ولكن لما اكتنفت الأَلفَ واوانِ
ووَلِيَت الأَخيرةُ منهما الطرَفَ فضعفت، وكانت الكلمة جمعاً والجمع
مستثقل، قلبت الأَخيرة منهما همزة وقلبوه فقالوا الأَوالي؛ أَنشد يعقوب لذي
الرمة:
تَكادُ أَوالِيها تُفَرِّي جُلودَها،
ويَكْتَحِل التالي بِمُورٍ وحاصِبِ
أَراد أَوائلَها. والجمع الأُوَل. التهذيب: الليث الأَوائل من الأُول
فمنهم من يقول أَوَّلُ تأسيسِ بِنائِه من همزة وواوٍ ولامٍ، ومنهم مَن يقول
تأْسيسُه من واوين بعدهما لامٌ، ولكلٍّ حجة؛ وقال في قوله:
جَهام تَحُثُّ الوائلاتِ أَواخِرُهْ
قال: ورواه أَبو الدُّقَيش الــأَوَّلاتِ؛ قال: والأَول والأُولى بمنزلة
أَفعَل وفُعْلى، قال: وجمع أَوَّل أَوَّلون وجمع أُولى أُولَيات. قال أَبو
منصور: وقد جمع أَوَّل على أُوَل مثل أَكْبَر وكُبَر، وكذلك الأُولى،
ومنهم من شدَّد الواوَ من أَوَّل مجموعاً؛ الليث: من قال تأْليف أَوَّل من
همزة وواو ولام فينبغي أَن يكون أَفعَل منه أَأْوَل بهمزتين، لأَنك تقول
من آبَ يَؤُوب أَأْوَب، واحتج قائل هذا القول أَنَّ الأَصل كان أَأْوَل،
فقلبت إِحدى الهمزتين واواً ثم أُدغمت في الواو الأُخرى فقيل أَوَّل،
ومَن قال إِنَّ أَصلَ تأْسيسِه واوانِ ولام، جعل الهمزة أَلف أَفْعَل،
وأَدغم إِحدى الواوين في الأُخرى وشدَّدهما؛ قال الجوهري: أَصل أَوَّل أَوْأَل
على أَفعَل مهموزَ الأَوْسط قلبت الهمزة واواً وأُدغم، يدلُّ على ذلك
قولهم: هذا أَوَّل منك، والجمع الأَوائل والأَوالي أَيضاً على القَلْب،
قال: وقال قومٌ أَصله وَوَّل على فَوْعَل، فقلبت الواو الأُولى همزة. قال
الشيخ أَبو محمد
بن بري، رحمه الله: قوله أَصْل أَوَّل أَوْأَل هو قول مَرْغوبٌ عنه،
لأَنه كان يجِب على هذا إِذا خفِّفت همزته أَن يقال فيه أَوَل، لأَن تخفيف
الهمزة إِذ سكَن ما قبلها أَن تحذَف وتلقى حركتُها على ما قبلها، قال: ولا
يصح أَيضاً أَن يكون أَصله وَوْأَل على فَوْعَل، لأَنه يجب على هذا
صَرْفه، إِذْ فَوْعَل مصروف وأَوَّل غير مصروف في قولك مررت برجل أَوَّلَ،
ولا يصح قلب الهمزة واواً في وَوْأَل على ما قدَّمت ذكرَه في الوجه
الأَوَّل، فثبت أَن الصحيح فيها أَنها أَفْعَل من وَوَل، فهي من باب دَوْدَن
(*
قوله «انها أفعل من وول فهي من باب دودن إلخ» هكذا في الأصل) وكَوْكَب
مما جاء فاؤه وعينُه من موضع واحد، قال: وهذا مذهب سيبويه وأَصحابه؛ قال
الجوهري: وإِنما لم يُجمع على أَواوِل لاستثقالهم اجتماعَ الواوين بينهما
أَلفُ الجمع، قال: وهو إِذا جعلته صفةً لم تصرفه، تقول: لَقِيتُه عاماً
أَوَّلَ، وإِذا لم تجعله صفة صرفته، تقول: لقيتُه عاماً أَوَّلاً؛ قال ابن
بري: هذا غلط في التمثيل لأَنه صفة لعام في هذا الوجه أَيضاً، وصوابه أَن
يمثِّله غير صفة في اللفظ كما مثَّله غيره، وذلك كقولهم ما رأَيت له
أَوَّلاً ولا آخِراً أَي قديماً ولا حديثاً؛ قال الجوهري: قال ابن السكيت
ولا تَقُلْ عامَ الأَوَّلِ. وتقول: ما رأَيته مُذْ عامٌ أَوَّلُ ومُذْ عامٍ
أَوَّلَ، فمَنْ رفع الأَوَّل جعله صفةً لعامٍ كأَنه قال أَوَّلُ من
عامِنا، ومنْ نصبه جعله كالظرْف كأَنه قال مذ عامٍ قبل عامِنا، وإِذا قلت
ابْدَأْ بهذا أَوَّلُ ضَمَمْته على الغاية كقولك: افْعَلْه قبلُ، وإِن
أَظهرت المحذوف نصَبت قلت: ابْدَأْ به أَوَّلَ فِعْلك، كما تقول قبلَ فِعْلِك؛
وتقول: ما رأَيته مُذْ أَمْسِ، فإِنْ لم تَره يوماً قبل أَمْس قلت: ما
رأَيته مُذْ أَوَّلُ من أَمْس، فإِنْ لم تَره مُذْ يومين قبلَ أَمْس قلت:
ما رأَيته مُذْ أَوَّلَ من أَوَّلَ من أَمْس، ولم تُجاوِز ذلك. قال ابن
سيده: ولقيته عاماً أَوَّلَ جرى مَجْرى الاسم فجاء بغير أَلف ولام. وحكى
ابن الأَعرابي: لقيته عامٍ الأَوَّلِ بإِضافة العامِ إِلى الأَوَّلِ؛ ومنه
قول أَبي العارم الكلابي يذكر بنتَه وامرأَته: فأَبْكل لهم بَكِيلةً
فأَكلوا ورَمَوْا بأَنفسهم فكأَنما ماتوا عامَ الأَوَّلِ. وحكى اللحياني:
أَتيْتُك عامَ الأَوَّلِ والعامَ الأَوَّلَ ومضى عامُ الأَوَّلِ على إِضافة
الشيء إِلى نفسه. والعامُ الأَوَّلُ وعامٌ أَوَّلٌ مصروف، وعامُ أَوَّلَ
وهو من إِضافة الشيء إِلى نفسه أَيضاً. وحكى سيبويه: ما لقيته مُذْ عامٌ
أَوَّلَ، نصبه على الظرْف، أَراد مُذْ عامٌ وقَع أَوَّل؛ وقوله:
يا لَيْتَها كانت لأَهْلي إِبِلا،
أَو هُزِلَتْ في جَدْب عامٍ أَوَّلا
يكون على الوصف وعلى الظرفِ كما قال تعالى: والرَّكْبُ أَسْفَلَ منكم.
قال سيبويه: وإِذا قلت عامٌ أَوَّلُ فإِنما جاز هذا الكلام لأَنك تعلم
أَنك تعني العامَ الذي يَلِيه عامُك، كما أَنك إِذا قلت أَوَّل من أَمْس
وبعد غد فإِنما تعني به الذي يليه أَمْس والذي يَلِيه غَد. التهذيب: يقال
رأَيته عاماً أَوَّل لأَن أَوَّل على بناء أَفْعَل، قال الليث: ومَنْ
نَوَّن حمله على النكرة، ومَنْ لم ينوِّن فهو بابه. ابن السكيت: لَقِيته
أَوَّل ذي يَدَيْنِ أَي ساعة غَدَوْت، واعْمَل كذا أَوَّل ذات يَدَيْنِ أَي
أَوَّل كل شيء تعمَله. وقال ابن دريد: أَوَّل فَوْعَل، قال: وكان في الأَصل
ووَّل، فقلبت الواوُ الأُولى همزة وأُدغمت إِحدى الواوين في الأُخْرى
فقيل أَوَّل. أَبو زيد: لقيته عامَ الأَوَّل ويومَ الأَوَّل، جَرَّ آخِرَه؛
قال: وهو كقولك أَتيت مسجدَ الجامِعِ من إِضافة الشيء إِلى نعتِه. أَبو
زيد: يقال جاء في أَوَّلِيَّة الناس إِذا جاء في أَولهم. التهذيب: قال
المبرّد في كتاب المقتضب: أَوَّل يكون على ضَرْبين: يكون اسماً، ويكون
نعتاً موصولاً به من كذا، فأَما كونه نعتاً فقولك: هذا رجل أَوَّلُ منك،
وجاءني زيد أَوَّلَ من مجيئك، وجئتك أَوَّلَ من أَمس، وأَما كونه اسماً
فقولك: ما تركت أَوَّلاً ولا آخِراً كما تقول ما تركت له قديماً ولا حديثاً،
وعلى أَيِّ الوجهين سميْت به رجلاً انصرف في النكرة، لأَنه في باب
الأَسماء بمنزلة أَفْكل، وفي باب النعوت بمنزلة أَحْمَر. وقال أَبو الهيثم: تقول
العرب أَوَّلُ ما أَطْلَع ضَبٌّ ذنَبَه، يقال ذلك للرجل يصنع الخير ولم
يكن صنعه قبل ذلك، قال: والعرب ترفع أَوَّل وتنصب ذنَبَه على معنى أَوَّل
ما أَطْلَع ذنبَه، ومنهم من يرفع أَوَّل ويرفع ذنبَه على معنى أَوّلُ
شيء أَطلعه ذنَبُه، قال: ومنهم مَنْ ينصب أَوَّل وينصب ذَنَبَه على أَن
يجعل أَوّل صفة، ومنهم مَنْ ينصب أَوّل ويرفع ذنَبَه على معنى في أَول ما
أَطلع ضَبٌّ ذنَبُهُ أَي ذنبُهُ في أَوّل ذلك. وقال الزجاج في قول الله عز
وجل: إِن أَوّل بيت وُضِعَ للناس لَلَّذي بِبَكَّة، قال: أَوَّل في اللغة
على الحقيقة ابتداءُ الشيء، قال: وجائز أَن يكون المبتدأ له آخِر، وجائز
أَن لا يكون له آخر، فالواحدُ أَوَّل العَدَدِ والعَدد غير متناهٍ،
ونعيمُ الجنة له أَوَّل وهو غير منقطع؛ وقولك: هذا أَوَّلُ مال كسَبته جائز
أَن لا يكون بعده كَسْب، ولكن أَراد بل هذا ابتداء كَسْبي، قال: فلو قال
قائل أَوَّلُ عبدٍ أَملكهُ حُرٌّ فملك عبداً لَعَتَقَ ذلك العبدُ، لأَنه
قد ابتدأَ الملك فجائز أَن يكون قول الله تعالى إِنَّ أَوَّلَ بيتٍ وُضِعَ
للناس هو البيت الذي لم يكن الحجُّ إِلى غيره؛ قال أَبو منصور ولم يبيّن
أَصْل أَوَّل واشتقاقه من اللغة، قال: وقيل تفسير الأَوَّل في صفة الله
عز وجل أَنه الأَوَّل ليس قبله شيء والآخِر ليس بعده شيء، قال: وجاء هذا
في الخبر عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز أَن نَعْدُوَ
في تفسير هذين الاسْمين ما رُوي عنه، صلى الله عليه وسلم، قال: وأَقرب
ما يَحْضُرني في اشتقاقِ الأَوَّل أَنه أَفْعَل من آل يؤول، وأُولى فُعْلى
منه، قال: وكان أَوَّل في الأَصل أَأْوَل فقلبت الهمزة الثانية واواً
وأُدغمت في الواو الأُخرى فقيل أَوَّل، قال: وأُراه قول سيبويه، وكأَنه من
قولهم آل يَؤُولُ إِذا نجا وسبق؛ ومثله وأَلَ يَئِل بمعناه، قال ابن
سيده: وأَما قولهم ابْدَأْ بهذا أَوَّلُ، فإِنما يريدون أَوَّلَ من كذا ولكنه
حذف لكثرته في كلامهم، وبُنِيَ على الحركة لأَنه من المتمكِّن الذي جعل
في موضع بمنزلة غير المتمكِّن؛ قال: وقالوا ادخُلُوا الأَوَّلَ
فالأَوَّلَ، وهي من المَعارف الموضوعة موضع الحال، وهو شاذ، والرفع جائز على
المعنى أَي ليَدْخُل الأَوَّلُ فالأَوَّلُ. وحكي عن الخليل: ما ترَك أَوَّلاً
ولا آخِراً أَي قديماً ولا حديثاً، جعله اسماً فنكَّر وصرَف، وحكى ثعلب:
هنَّ الــأَوَّلاتُ دُخولاً والآخِراتُ خروجاً، واحدتها الأَوَّلة والآخرة،
ثم قال: ليس هذا أَصل الباب وإِنما أَصل الباب الأَوَّل والأُولى
كالأَطْوَل والطُّولى. وحكى اللحياني: أَما أُولَى بأُولى فإِنِّي أَحمَد الله،
لم يزدْ على ذلك. وتقول: هذا أَوَّلُ بَيّنُ الأَوَّلِيَّة؛ قال الشاعر:
ماحَ البِلادَ لنا في أَوْلِيَّتِنا،
على حَسُود الأَعادي، مائحٌ قُثَمُ
وقول ذي الرمة:
وما فَخْرُ مَن لَيْسَتْ له أَوَّلِيَّةٌ
تُعَدُّ، إِذا عُدَّ القَديمُ، ولا ذِكْرُ
يعني مَفاخِر آبائه. وأَوَّلُ معرفةً: الأَحَدُ في التَّسمية الأُولى؛
قال:
أُؤَمِّلُ أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمي
بأَوَّلَ أَو بأَهْوَنَ أَو جُبَارِ
وأَهْوَن وجُبَار: الاثنين والثلاثاء وكل منهما مذكور في موضعه. وقوله
في الحديث: الرُّؤْيا لأَوَّلِ عابِرٍ أَي إِذا عَبَرها بَرٌّ صادقٌ عالم
بأُصولها وفُروعها واجتهدَ فيها وقعتْ له دون غيره ممن فَسَّره بعدَه.
والوَأْلَةُ مثل الوَعْلة: الدِّمْنةُ والسِّرْجِينُ، وفي المحكم: أَبْعارُ
الغنم والإِبلِ جميعاً تجتمع وتَتَلَبَّد، وقيل: هي أَبوالُ الإِبل
وأَبْعارُها فقط. يقال: إِن بَني فلان وَقُودُهم الوَأْلة. الأَصمعي:
أَوْأَلَتِ الماشيةُ في المكان، على أَفْعَلَتْ، أَثَّرت فيه بأَبْوالها
وأَبْعارها، واسْتَوْأَلَتِ الإِبلُ: اجتمعت. وفي حديث عليّ، عليه السلام: قال
لرجل أَنت من بَني فلان؟ قال: نَعَم، قال: فأَنت من وَأْلةَ إِذاً قُمْ
فلا تقرَبَنِّي؛ قيل: هي قبيلة خسيسةٌ سميت بالوَأْلةِ وهي البعرة
لخسَّتها. وقد أَوْأَل المكانُ، فهو مُوئِل، وهو الوَأْلُ والوَأْلةُ
وأَوْأَلَهُ هو؛ قال في صفة ماء:
أَجْنٍ ومُصْفَرِّ الجِمامِ مُوئِل
وهذا البيت أَنشده الجوهري:
أَجْنٌ ومُصْفَرُّ الجِمامِ مُوأَلُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده كما أَنشده أَبو عبيد في الغريب المصنَّف
أَجْنٍ؛ وقبله بأَبيات:
بمَنْهَلٍ تَجْبِينه عن مَنْهَلِ
ووَائل: اسم رجل غلَب على حيٍّ معروف، وقد يُجْعَل اسماً للقبيلة فلا
يُصرف، وهو وائل بنُ قاسِط بن هِنْب بنِ أَفْصَى بنِ دُعْمِيٍّ.
ومَوْأَلةُ: اسم أَيضاً؛ قال سيبويه: جاء على مَفْعَل لأَنه ليس على الفعل، إِذ لو
كان على الفعل لكان مَفْعِلاً، وأَيضاً فإِن الأَسماءَ الأَعْلامَ قد
يكون فيها ما لا يكون في غيرها؛ وقال ابن جني: إِنما ذلك فيمن أَخذه من
وَأَلَ، فأَما من أَخذه من قولهم ما مأَلْت مَأْلَةً، فإِنما هو حينئذ
فَوْعَلة، وقد تقدم. ومَوْأَلةُ بن مالك من هذا الفصل. ابن سيده: وبنُو
مَوْأَلةَ بطْن. قال خالد ابنُ قَيْس بنِ مُنْقِذ بن طريف لمالك بن بُحَبره
(*
قوله «لمالك بن بحبره» هكذا في الأصل من غير نقط): ورَهَنَته بَنُو
مَوْأَلَة بن مالك في دِيةٍ ورَجَوْا أَن يقتلوه فلم يَفْعَلوا؛ وكان مالك
يحمَّق فقال خالد:
لَيْتَك إِذ رُهِنْتَ آلَ مَوْأَلَهْ،
حَزُّوا بنَصلِ السيفِ عند السَّبَلهْ،
وحَلَّقت بك العُقابُ القَيْعَلهْ
قال ابن جني: إِن كان مَوْأَلَة من وَأَل فهو مُغَيَّر عن مَوْئلة
للعلميَّة، لأَن ما فاؤه واوٌ إِنما يجيء أَبداً على مَفْعِل بكسر العين نحو
مَوْضِع ومَوْقِع، وقد ذكر بعض ذلك في مأَل.
أول: الأَوْلُ: الرجوع. آل الشيءُ يَؤُول أَولاً ومآلاً: رَجَع. وأَوَّل
إِليه الشيءَ: رَجَعَه. وأُلْتُ عن الشيء: ارتددت. وفي الحديث: من صام
الدهر فلا صام ولا آل أَي لا رجع إِلى خير، والأَوْلُ الرجوع. في حديث
خزيمة السلمي: حَتَّى آل السُّلامِيُّ أَي رجع إِليه المُخ. ويقال: طَبَخْت
النبيذَ حتى آل إلى الثُّلُث أَو الرُّبع أَي رَجَع؛ وأَنشد الباهلي
لهشام:
حتى إِذا أَمْعَرُوا صَفْقَيْ مَباءَتِهِم،
وجَرَّد الخَطْبُ أَثْباجَ الجراثِيم
آلُوا الجِمَالَ هَرامِيلَ العِفاءِ بِها،
على المَناكِبِ رَيْعٌ غَيْرُ مَجْلُوم
قوله آلوا الجِمَال: ردُّوها ليرتحلوا عليها.
والإِيَّل والأُيَّل: مِنَ الوَحْشِ، وقيل هو الوَعِل؛
قال الفارسي: سمي بذلك لمآله إِلى الجبل يتحصن فيه؛ قال ابن سيده:
فإِيَّل وأُيَّل على هذا فِعْيَل وفُعيْل، وحكى الطوسي عن ابن الأَعرابي:
أَيِّل كسَيِّد من تذكِرة أَبي علي. الليث: الأَيِّل الذكر من الأَوْعال،
والجمع الأَيايِل، وأَنشد:
كأَنَّ في أَذْنابِهنَّ الشُّوَّل،
من عَبَسِ الصَّيْف، قُرونَ الإِيَّل
وقيل: فيه ثلاث لغات: إِيَّل وأَيَّل وأُيَّل على مثال فُعَّل، والوجه
الكسر، والأُنثى إِيَّلة، وهو الأَرْوَى.
وأَوَّلَ الكلامَ وتَأَوَّله: دَبَّره وقدَّره، وأَوَّله وتَأَوَّله:
فَسَّره. وقوله عز وجل: ولَمَّا يأْتهم تأْويلُه؛ أَي لم يكن معهم علم
تأْويله، وهذا دليل على أَن علم التأْويل ينبغي أَن ينظر فيه، وقيل: معناه لم
يأْتهم ما يؤُول إِليه أَمرهم في التكذيب به من العقوبة، ودليل هذا قوله
تعالى: كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين. وفي حديث
ابن عباس: اللهم فَقِّهه في الدين وعَلِّمه التَّأْويل؛ قال ابن
الأَثير: هو من آلَ الشيءُ يَؤُول إِلى كذا أَي رَجَع وصار إِليه، والمراد
بالتأْويل نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأَصلي إِلى ما يَحتاج إِلى دليل لولاه ما
تُرِك ظاهرُ اللفظ؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها: كان النبي،صلى الله
عليه وسلم، يكثر أَن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك
يَتَأَوَّل القرآنَ، تعني أَنه مأْخوذ من قوله تعالى: فسبح بحمد ربك واستغفره.
وفي حديث الزهري قال: قلت لعُروة ما بالُ عائشةَ تُتِمُّ في السَّفَر يعني
الصلاة؟ قال: تأَوَّلَت
(* قوله «قال تأولت إلخ» كذا بالأصل. وفي الأساس:
وتأملته فتأولت فيه الخير أي توسعته وتحرَّيته) كما تأَوَّل عثمانُ؛
أَراد بتأْويل عثمان ما روي عنه أَنه أَتَمَّ الصلاة بمكة في الحج، وذلك
أَنه نوى الإِقامة بها. التهذيب: وأَما التأْويل فهو تفعيل من أَوَّل
يُؤَوِّل تأْويلاً وثُلاثِيُّه آل يَؤُول أَي رجع وعاد. وسئل أَبو العباس أَحمد
بن يحيى عن التأْويل فقال: التأْويل والمعنى والتفسير واحد. قال أَبو
منصور: يقال أُلْتُ الشيءَ أَؤُوله إِذا جمعته وأَصلحته فكان التأْويل جمع
معاني أَلفاظ أَشكَلَت بلفظ واضح لا إشكال فيه. وقال بعض العرب: أَوَّل
اللهُ عليك أَمرَك أَي جَمَعَه، وإِذا دَعَوا عليه قالوا: لا أَوَّل اللهُ
عليك شَمْلَك. ويقال في الدعاء للمُضِلِّ: أَوَّل اللهُ عليك أَي رَدَّ
عليك ضالَّتك وجَمَعها لك. ويقال: تَأَوَّلت في فلان الأَجْرَ إِذا
تَحَرَّيته وطلبته. الليث: التأَوُّل والتأْويل تفسير الكلام الذي تختلف
معانيه ولا يصح إِلاّ ببيان غير لفظه؛ وأَنشد:
نحن ضَرَبْناكم على تنزيله،
فاليَوْمَ نَضْرِبْكُم على تَأْويلِه
(* قوله: نضربْكم، بالجزم؛ هكذا في الأصل ولعل الشاعر اضطُرّ الى ذلك
محافظة على وزن الشعر الذي هو الرجز).
وأَما قول الله عز وجل: هل ينظرون إِلا تأْويله يوم يأْتي تأْويله؛ فقال
أَبو إِسحق: معناه هل ينظروه إِلا ما يَؤُول إِليه أَمرُهم من البَعْث،
قال: وهذا التأْويل هو قوله تعالى: وما يعلم تأْويله إلا الله؛ أَي لا
يعلم مَتَى يكون أَمْرُ البعث وما يؤول إِليه الأَمرُ عند قيام الساعة إِلا
اللهُ والراسخون في العلم يقولون آمنا به أَي آمنا بالبعث، والله أَعلم؛
قال أَبو منصور: وهذا حسن، وقال غيره: أَعلم اللهُ جَلَّ ذكرُه أَن في
الكتاب الذي أَنزله آياتٍ محكماتٍ هن أُمُّ الكتاب لا تَشابُهَ فيه فهو
مفهوم معلوم، وأَنزل آيات أُخَرَ متشابهات تكلم فيها العلماء مجتهدين، وهم
يعلمون أَن اليقين الذي هو الصواب لا يعلمه إِلا الله، وذلك مثل المشكلات
التي اختلف المتأَوّلون في تأْويلها وتكلم فيها من تكلم على ما أَدَّاه
الاجتهاد إِليه، قال: وإِلى هذا مال ابن الأَنباري. وروي عن مجاهد: هل
ينظرون إِلا تأْويله، قال: جزاءه. يوم يأْتي تأْويله، قال: جزاؤه. وقال
أَبو عبيد في قوله: وما يعلم تأْويله إِلا الله، قال: التأْويل المَرجِع
والمَصير مأْخوذ من آل يؤول إِلى كذا أَي صار إِليه. وأَوَّلته: صَيَّرته
إِليه. الجوهري: التأْويل تفسير ما يؤول إِليه الشيء، وقد أَوّلته تأْويلاً
وتأَوّلته بمعنى؛ ومنه قول الأَعْشَى:
على أَنها كانت، تَأَوُّلُ حُبِّها
تَأَوُّلُ رِبْعِيِّ السِّقاب، فأَصْحَبا
قال أَبو عبيدة: تَأَوُّلُ حُبِّها أَي تفسيره ومرجعه أَي أَن حبها كان
صغيراً في قلبه فلم يَزَلْ يثبت حتى أَصْحَب فصار قَديماً كهذا السَّقْب
الصغير لم يزل يَشِبُّ حتى صار كبيراً مثل أُمه وصار له ابن يصحبه.
والتأْويل: عبارة الرؤيا. وفي التنزيل العزيز: هذا تأْويل رؤياي من قبل. وآل
مالَه يَؤوله إِيالة إِذا أَصلحه وساسه. والائتِيال: الإِصلاح والسياسة
قال ابن بري: ومنه قول عامر بن جُوَين:
كَكِرْفِئَةِ الغَيْثِ، ذاتِ الصَّبيـ
رِ، تَأْتي السَّحاب وتَأْتالَها
وفي حديث الأَحنف: قد بَلَوْنا فلاناً فلم نجده عنده إِيالة للمُلْك،
والإِيالة السِّياسة؛ فلان حَسَن الإِيالة وسيِّءُ الإِيالة؛ وقول لبيد:
بِصَبُوحِ صافِيَةٍ، وجَذْبِ كَرِينَةٍ
بِمُؤَتَّرٍ، تأْتالُه، إِبْهامُها
قيل هو تفتعله من أُلْتُ أَي أَصْلَحْتُ، كما تقول تَقْتَاله من قُلت،
أَي تُصْلِحهُ إِبهامُها؛ وقال ابن سيده: معناه تصلحه، وقيل: معناه ترجع
إِليه وتَعطِف عليه، ومن روى تَأْتَالَه فإِنه أَراد تأْتوي من قولك
أَوَيْت إِلى الشيء رَجَعْت إِليه، فكان ينبغي أَن تصح الواو، ولكنهم
أَعَلُّوه بحذف اللام ووقعت العين مَوْقِعَ اللام فلحقها من الإِعلال ما كان يلحق
اللام. قال أَبو منصور: وقوله أُلْنَا وإِيلَ علينا أَي سُسْنَا
وسَاسونا.
والأَوْل: بلوغ طيب الدُّهْن بالعلاج. وآل الدُّهْن والقَطِران والبول
والعسل يؤول أَوْلاً وإِيالاً: خَثُر؛ قال الراجز:
كأَنَّ صَاباً آلَ حَتَّى امَّطُلا
أَي خَثُر حَتَّى امتدَّ؛ وأَنشد ابن بري لذي الرمة:
عُصَارَةُ جَزْءٍ آلَ، حَتَّى كأَنَّما
يُلاقُ بِجَادَِيٍّ ظُهُورُ العَراقبِ
وأَنشد لآخر:
ومِنْ آيلٍ كالوَرْسِ نَضْحاً كَسَوْنَهُ
مُتُونَ الصَّفا، من مُضْمَحِلٍّ وناقِع
التهذيب: ويقال لأَبوال الإِبل التي جَزَأَت بالرُّطْب في آخر جَزْئِها:
قد آلَتْ تؤولُ أَوْلاً إِذا خَثُرت فهي آيلة؛ وأَنشد لذي الرمة:
ومِنْ آيلٍ كالوَرْسِ نَضْح سُكُوبه
مُتُونَ الحَصَى، مِنْ مُضْمَحِلٍّ ويابس
وآل اللبنُ إِيالاً: تَخَثَّر فاجتمع بعضه إِلى بعض، وأُلْتُهُ أَنا.
وأَلْبانٌ أُيَّل؛ عن ابن جني، قال ابن سيده: وهذا عزيز من وجهين: أَحدهما
أَن تجمع صفة غير الحيوان على فُعَّل وإِن كان قد جاء منه نحو عِيدان
قُيَّسٌ، ولكنه نادر، والآخَرُ أَنه يلزم في جمعه أُوَّل لأَنه من الواو
بدليل آل أَوْلاً لكن الواو لَما قَرُبت من الطرف احْتَمَلت الإِعلال كما
قالوا نُيَّم وصُيَّم.
والإِيالُ: وعاء اللّبَن. الليث: الإِيال، على فِعال، وِعاء يُؤَال فيه
شَراب أَو عصير أَو نحو ذلك. يقال: أُلْت الشراب أَؤُوله أَوْلاً؛
وأَنشد:فَفَتَّ الخِتامَ، وقد أَزْمَنَتْ،
وأَحْدَث بعد إِيالٍ إِيَالا
قال أَبو منصور: والذي نعرفه أَن يقال آل الشرابُ إِذا خَثُر وانتهى
بلوغُه ومُنْتهاه من الإِسكار، قال: فلا يقال أُلْتُ الشراب. والإِيَال:
مصدر آل يَؤُول أَوْلاً وإِيالاً، والآيل: اللبن الخاثر، والجمع أُيَّل مثل
قارح وقُرَّح وحائل وحُوَّل؛ ومنه قول الفرزدق:
وكأَنَّ خاتِرَه إِذا ارْتَثَؤُوا به
عَسَلٌ لَهُمْ، حُلِبَتْ عليه الأُيَّل
وهو يُسَمِّن ويُغْلِم؛ وقال النابغة الجعدي يهجو ليلى الأَخْيَلِيَّةَ:
وبِرْذَوْنَةٍ بَلَّ البَراذينُ ثَغْرَها،
وقد شَرِبتْ من آخر الصَّيْفِ أُيَّلا
قال ابن بري: صواب إِنشاده: بُريْذِينةٌ، بالرفع والتصغير دون واو، لأَن
قبله:
أَلا يا ازْجُرَا لَيْلى وقُولا لها: هَلا،
وقد ركبَتْ أَمْراً أَغَرَّ مُحَجَّلا
وقال أَبو الهيثم عند قوله شَرِبَتْ أَلْبان الأَيايل قال:
هذا محال، ومن أَين توجد أَلبان الأَيايل؟ قال: والرواية وقد شَرِبَتْ
من آخر الليل أُيَّلاً، وهو اللبن الخاثر من آل إِذا خَثُر. قال أَبو
عمرو: أُيّل أَلبان الأَيايل، وقال أَبو منصور: هو البول الخاثر بالنصب
(*
قوله «بالنصب» يعني فتح الهمزة) من أَبوال الأُرْوِيَّة إِذا شربته المرأَة
اغتلمت. وقال ابن شميل: الأُيَّل هو ذو القرن الأَشعث الضخمِ مثل الثور
الأَهلي. ابن سيده: والأُيَّل بقية اللبن الخاثر، وقيل: الماء في الرحم،
قال: فأَما ما أَنشده ابن حبيب من قول النابغة:
وقد شَرِبَتْ من آخر الليل إِيَّلاً
فزعم ابن حبيب أَنه أَراد لبن إِيَّل، وزعموا أَنه يُغْلِم ويُسَمِّن،
قال: ويروى أُيَّلاً، بالضم، قال: وهو خطأٌ لأَنه يلزم من هذا أُوَّلاً.
قال أَبو الحسن: وقد أَخطأَ ابن حبيب لأَن سيبوبه يرى البدل في مثل هذا
مطرداً، قال: ولعمري إِن الصحيح عنده أَقوى من البدل، وقد وَهِم ابن حبيب
أَيضاً في قوله إِن الرواية مردودة من وجه آخر، لأَن أُيَّلا في هذه
الرواية مثْلُها في إِيّلا، فيريد لبن أُيَّل كما ذهب إِليه في إِيَّل، وذلك
أَن الأُيَّل لغة في الإِيَّل، فإِيَّل كحِثْيَل وأُيَّل كَعُلْيَب، فلم
يعرف ابن حبيب هذه اللغة. قال: وذهب بعضهم إِلى أَن أُيَّلاً في هذا البيت
جمع إِيَّل، وقد أَخْطأَ من ظن ذلك لأَن سيبويه لا يرى تكسير فِعَّل على
فُعَّل ولا حكاه أَحد، لكنه قد يجوز أَن يكون اسماً للجمع؛ قال وعلى هذا
وَجَّهت أَنا قول المتنبي:
وقِيدَت الأُيَّل في الحِبال،
طَوْع وهُوقِ الخَيْل والرجال
غيره: والأُيَّل الذَّكَر من الأَوعال، ويقال للذي يسمى بالفارسية كوزن،
وكذلك الإِيَّل، بكسر الهمزة، قال ابن بري: هو الأَيِّل، بفتح الهمزة
وكسر الياء، قال الخليل: وإِنما سمي أَيِّلاً لأَنه يَؤُول إِلى الجبال،
والجمع إِيَّل وأُيَّل وأَيايل، والواحد أَيَّل مثل سَيِّد ومَيِّت. قال:
وقال أَبو جعفر محمد بن حبيب موافقاً لهذا القول الإِيَّل جمع أَيِّل،
بفتح الهمزة؛ قال وهذا هو الصحيح بدليل قول جرير:
أَجِعِثْنُ، قد لاقيتُ عِمْرَانَ شارباً،
عن الحَبَّة الخَضْراء، أَلبان إِيَّل
ولو كان إِيَّل واحداً لقال لبن إِيَّل؛ قال: ويدل على أَن واحد إِيَّل
أَيِّل، بالفتح، قول الجعدي:
وقد شَرِبت من آخر الليل أَيِّلاً
قال: وهذه الرواية الصحيحة، قال: تقديره لبن أَيِّل ولأَن أَلبان
الإِيَّل إِذا شربتها الخيل اغتَلَمت. أَبو حاتم: الآيل مثل العائل اللبن
المختلط الخاثر الذي لم يُفْرِط في الخُثورة، وقد خَثُرَ شيئاً صالحاً، وقد
تغير طَعمه إِلى الحَمَض شيئاً ولا كُلَّ ذلك.يقال: آل يؤول أَوْلاً
وأُوُولاً، وقد أُلْتُهُ أَي صببت بعضه على بعض حتى آل وطاب وخَثُر. وآل:
رَجَع، يقال: طبخت الشراب فآل إِلى قَدْر كذا وكذا أَي رجع. وآل الشيءُ مآ
لاً: نَقَص كقولهم حار مَحاراً.
وأُلْتُ الشيءَ أَوْلاً وإِيالاً: أَصلحته وسُسْتُه. وإِنه لآيل مال
وأَيِّل مال أَي حَسَنُ القيام عليه. أَبو الهيثم: فلان آيل مال وعائس مال
ومُراقِح مال
(* قوله «ومراقح مال» الذي في الصحاح وغيره من كتب اللغة:
رقاحيّ مال) وإِزَاء مال وسِرْبال مال إِذا كان حسن القيام عليه والسياسة
له، قال: وكذلك خالُ مالٍ وخائل مال. والإِيَالة: السِّياسة. وآل عليهم
أَوْلاً وإِيَالاً وإِيَالة: وَليَ. وفي المثل: قد أُلْنا وإِيل علينا،
يقول: ولَينا وَوُلي علينا، ونسب ابن بري هذا القول إِلى عمر وقال: معناه
أَي سُسْنا وسِيسَ علينا، وقال الشاعر:
أَبا مالِكٍ فانْظُرْ، فإِنَّك حالب
صَرَى الحَرْب، فانْظُرْ أَيَّ أَوْلٍ تَؤُولُها
وآل المَلِك رَعِيَّته يَؤُولُها أَوْلاً وإِيالاً: ساسهم وأَحسن
سياستهم وَوَليَ عليهم. وأُلْتُ الإِبلَ أَيْلاً وإِيالاً: سُقْتها. التهذيب:
وأُلْتُ الإِبل صَرَرْتها فإذا بَلَغَتْ إِلى الحَلْب حلبتها.
والآل: ما أَشرف من البعير. والآل: السراب، وقيل: الآل هو الذي يكون
ضُحى كالماء بين السماء والأَرْض يرفع الشُّخوص ويَزْهَاهَا، فاَّما
السَّرَاب فهو الذي يكون نصف النهار لاطِئاً بالأَرْض كأَنه ماء جار، وقال ثعلب:
الآل في أَوّل النهار؛ وأَنشد:
إِذ يَرْفَعُ الآلُ رأْس الكلب فارتفعا
وقال اللحياني: السَّرَاب يذكر ويؤنث؛ وفي حديث قُسّ بن ساعدَة:
قَطَعَتْ مَهْمَهاً وآلاً فآلا
الآل: السَّراب، والمَهْمَهُ: القَفْر. الأَصمعي: الآل والسراب واحد،
وخالفه غيره فقال: الآل من الضحى إِلى زوال الشمس، والسراب بعد الزوال إِلى
صلاة العصر، واحتجوا بأَن الآل يرفع كل شيء حتى يصير آلاً أَي شَخْصاً،
وآلُ كل شيء: شَخْصه، وأَن السراب يخفض كل شيء فيه حتى يصير لاصقاً
بالأَرض لا شخص له؛ وقال يونس: تقول العرب الآل مُذ غُدْوة إِلى ارتفاع الضحى
الأَعلى، ثم هو سَرَابٌ سائرَ اليوم؛ وقال ابن السكيت: الآل الذي يرفع
الشخوص وهو يكون بالضحى، والسَّراب الذي يَجْري على وجه الأَرض كأَنه الماء
وهو نصف النهار؛ قال الأَزهري: وهو الذي رأَيت العرب بالبادية يقولونه.
الجوهري: الآل الذي تراه في أَول النهار وآخره كأَنه يرفع الشخوص وليس هو
السراب؛ قال الجعدي:
حَتَّى لَحِقنا بهم تُعْدي فَوارِسُنا،
كأَنَّنا رَعْنُ قُفٍّ يَرْفَعُ الآلا
أَراد يرفعه الآل فقلبه، قال ابن سيده: وجه كون الفاعل فيه مرفوعاً
والمفعول منصوباً باسمٍ
(* أراد بالاسم الصحيح: الرَّعْن) صحيح، مَقُول به،
وذلك أَن رَعْن هذا القُفِّ لما رفعه الآل فرُؤي فيه ظهر به الآل إِلى
مَرْآة العين ظهوراً لولا هذا الرَّعْن لم يَبِنْ للعين بَيانَه إِذا كان
فيه، أَلا ترى أَن الآل إِذا بَرَق للبصر رافعاً شَخْصه كان أَبدى للناظر
إِليه منه لو لم يلاق شخصاً يَزْهاه فيزداد بالصورة التي حملها سُفوراً
وفي مَسْرَح الطَّرْف تجَلِّياً وظهوراً؟ فإِن قلت: فقد قال الأَعشى:
إِذ يَرْفَع الآلُ رأْسَ الكلبِ فارتفعا
فجعل الآل هو الفاعل والشخص هو المفعول، قيل: ليس في هذا أَكثر من أَن
هذا جائز، وليس فيه دليل على أَن غيره ليس بجائز، أَلا ترى أَنك إِذا قلت
ما جاءني غير زيد فإِنما في هذا دليل على أَن الذي هو غيره لم يأْتك،
فأَما زيد نفسه فلم يُعَرَّض للإِخبار بإِثبات مجيء له أَو نفيه عنه، فقد
يجوز أَن يكون قد جاء وأَن يكون أَيضاً لم يجئ؟ والآل: الخَشَبُ
المُجَرَّد؛ ومنه قوله:
آلٌ على آلٍ تَحَمَّلَ آلا
فالآل الأَول: الرجل، والثاني السراب، والثالث الخشب؛ وقول أَبي دُوَاد:
عَرَفْت لها مَنزلاً دارساً،
وآلاً على الماء يَحْمِلْنَ آلا
فالآل الأَولِ عيدانُ الخَيْمة، والثاني الشخص؛ قال: وقد يكون الآل
بمعنى السراب؛ قال ذو الرُّمَّة:
تَبَطَّنْتُها والقَيْظَ، ما بَيْن جَالِها
إِلى جَالِها سِتْرٌ من الآل ناصح
وقال النابغة:
كأَنَّ حُدُوجَها في الآلِ ظُهْراً،
إِذا أُفْزِعْنَ من نَشْرٍ، سَفِينُ
قال ابن بري: فقوله ظُهْراً يَقْضِي بأَنه السرادب، وقول أَبي ذؤَيب:
وأَشْعَثَ في الدارِ ذي لِمَّة،
لَدَى آلِ خَيْمٍ نَفَاهُ الأَتِيُّ
قيل: الآل هنا الخشب. وآلُ الجبل: أَطرافه ونواحيه. وآلُ الرجل: أَهلُه
وعيالُه، فإِما أَن تكون الأَلف منقلبة عن واو، وإِما أَن تكون بدلاً من
الهاء، وتصغيره أُوَيْل وأُهَيْل، وقد يكون ذلك لِما لا يعقل؛ قال
الفرزدق:
نَجَوْتَ، ولم يَمْنُنْ عليك طَلاقَةً
سِوَى رَبَّة التَّقْريبِ من آل أَعْوَجا
والآل: آل النبي،صلى الله عليه وسلم. قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى:
اختلف الناس في الآل فقالت طائفة: آل النبي،صلى الله عليه وسلم، من اتبعه
قرابة كانت أَو غير قرابة، وآله ذو قرابته مُتَّبعاً أَو غير مُتَّبع؛
وقالت طائفة: الآل والأَهل واحد، واحتجوا بأَن الآل إِذا صغر قيل أُهَيْل،
فكأَن الهمزة هاء كقولهم هَنَرْتُ الثوب وأَنَرْته إِذا جعلت له عَلَماً؛
قال: وروى الفراء عن الكسائي في تصغير آل أُوَيْل؛ قال أَبو العباس: فقد
زالت تلك العلة وصار الآل والأَهل أَصلين لمعنيين فيدخل في الصلاة كل من
اتبع النبي،صلى الله عليه وسلم، قرابة كان أَو غير قرابة؛ وروى عن غيره
أَنه سئل عن قول النبي،صلى الله عليه وسلم: اللهم صلّ على محمد وعلى آل
محمد: مَنْ آلُ محمد؟ فقال: قال قائل آله أَهله وأَزواجه كأَنه ذهب إِلى
أَن الرجل تقول له أَلَكَ أَهْلٌ؟ فيقول: لا وإِنما يَعْنِي أَنه ليس له
زوجة، قال: وهذا معنى يحتمله اللسان ولكنه معنى كلام لا يُعْرَف إِلاَّ أَن
يكون له سبب كلام يدل عليه، وذلك أَن يقال للرجل: تزوَّجتَ؟ فيقول: ما
تأَهَّلت، فَيُعْرَف بأَول الكلام أَنه أَراد ما تزوجت، أَو يقول الرجل
أَجنبت من أَهلي فيعرف أَن الجنابة إِنما تكون من الزوجة، فأَما أَن يبدأ
الرجل فيقول أَهلي ببلد كذا فأَنا أَزور أَهلي وأَنا كريم الأَهْل، فإِنما
يذهب الناس في هذا إِلى أَهل البيت، قال: وقال قائل آل محمد أَهل دين
محمد، قال: ومن ذهب إِلى هذا أَشبه أَن يقول قال الله لنوح: احمل فيها من
كل زوجين اثنين وأَهلك، وقال نوح: رب إِن ابني من أَهلي، فقال تبارك
وتعالى: إِنه ليس من أَهلك، أَي ليس من أَهل دينك؛ قال: والذي يُذْهَب إِليه
في معنى هذه الآية أَن معناه أَنه ليس من أَهلك الذين أَمرناك بحملهم معك،
فإِن قال قائل: وما دل على ذلك؟ قيل قول الله تعالى: وأَهلك إِلا من سبق
عليه القول، فأَعلمه أَنه أَمره بأَن يَحْمِل من أَهله من لم يسبق عليه
القول من أَهل المعاصي، ثم بيّن ذلك فقال: إِنه عمل غير صالح، قال: وذهب
ناس إِلى أَن آل محمد قرابته التي ينفرد بها دون غيرها من قرابته، وإِذا
عُدَّ آل الرجل ولده الذين إِليه نَسَبُهم، ومن يُؤْويه بيته من زوجة أَو
مملوك أَو مَوْلى أَو أَحد ضَمَّه عياله وكان هذا في بعض قرابته من
قِبَل أَبيه دون قرابته من قِبَل أُمه، لم يجز أَن يستدل على ما أَراد الله
من هذا ثم رسوله إِلا بسنَّة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما قال:
إِن الصدقة لا تحل لمحمد وآل محمد دل على أَن آل محمد هم الذين حرمت عليهم
الصدقة وعُوِّضوا منها الخُمس، وهي صَلِيبة بني هاشم وبني المطلب، وهم
الذين اصطفاهم الله من خلقه بعد نبيه، صلوات الله عليه وعليهم أَجمعين. وفي
الحديث: لا تحل الصدقة لمحمد وآل محمد؛ قال ابن الأَثير: واختلف في آل
النبي، صلى الله عليه وسلم، الذين لا تحل الصدقة لهم، فالأَكثر على أَنهم
أَهل بيته؛ قال الشافعي: دل هذا الحديث أَن آل محمد هم الذين حرمت عليهم
الصدقة وعوّضوا منها الخُمس، وقيل: آله أَصحابه ومن آمن به وهو في اللغة
يقع على الجميع. وقوله في الحديث: لقد أُعْطِي مِزْماراً من مزامير آل
داود، أَراد من مزامير داود نفسه. والآل: صلة زائدة. وآل الرجل أَيضاً:
أَتباعه؛ قال الأَعشى:
فكذَّبوها بما قالت، فَصَبَّحَهم
ذو آل حَسَّان يُزْجي السَّمَّ والسَّلَعا
يعني جَيْشَ تُبَّعٍ؛ ومنه قوله عز وجل: أَدخلوا آل فرعون أَشدَّ
العذاب.التهذيب: شمر قال أَبو عدنان قال لي من لا أُحْصِي من أَعراب قيس وتميم:
إِيلة الرجل بَنُو عَمِّه الأَدْنَوْن. وقال بعضهم: من أَطاف بالرجل
وحلّ معه من قرابته وعِتْرته فهو إِيلته؛ وقال العُكْلي: وهو من إِيلتنا أَي
من عِتْرَتنا. ابن بزرج: إِلَةُ الرجل الذين يَئِلُ إِليهم وهم أَهله
دُنيا. وهؤُلاء إِلَتُكَ وخم إِلَتي الذين وأَلْتُ إِليهم. قالوا: رددته
إِلى إِلته أَي إِلى أَصله؛ وأَنشد:
ولم يكن في إِلَتِي عوالا
يريد أَهل بيته، قال: وهذا من نوادره؛ قال أَبو منصور: أَما إِلَة الرجل
فهم أَهل بيته الذين يئل إِليهم أَي يلجأُ إِليهم. والآل: الشخص؛ وهو
معنى قول أَبي ذؤيب
يَمانِيَةٍ أَحْيا لها مَظَّ مائِدٍ
وآل قِراسٍ، صَوْبُ أَرْمِيَةٍ كُحْلِ
يعني ما حول هذا الموضع من النبات، وقد يجوز أَن يكون الآل الذي هو
الأَهل.
وآل الخَيْمة: عَمَدها. الجوهري: الآلة واحدة الآل والآلات وهي خشبات
تبنى عليها الخَيْمة؛ ومنه قول كثيِّر يصف ناقة ويشبه قوائمها بها:
وتُعْرَف إِن ضَلَّتْ، فتُهْدَى لِرَبِّها
لموضِع آلات من الطَّلْح أَربَع
والآلةُ: الشِّدَّة. والآلة: الأَداة، والجمع الآلات. والآلة: ما
اعْتَمَلْتَ به من الأَداة، يكون واحداً وجمعاً، وقيل: هو جمع لا واحد له من
لفظه. وقول علي، عليه السلام: تُسْتَعْمَل آلَةُ الدين في طلب الدنيا؛
إِنما يعني به العلم لأَن الدين إِنما يقوم بالعلم. والآلة: الحالة، والجمع
الآلُ. يقال: هو بآلة سوء؛ قال الراجز:
قد أَرْكَبُ الآلَةَ بعد الآله،
وأَتْرُك العاجِزَ بالجَدَالَه
والآلة: الجَنازة. والآلة: سرير الميت؛ هذه عن أَبي العَمَيْثَل؛ وبها
فسر قول كعب
بن زهير:
كُلُّ ابنِ أُنْثَى، وإِن طالَتْ سَلاَمَتُه،
يوماً على آلَةٍ حَدْباءَ محمول
التهذيب: آل فلان من فلان أَي وَأَل منه ونَجَا، وهي لغة الأَنصار،
يقولون: رجل آيل مكان وائل؛ وأَنشد بعضهم:
يَلُوذ بشُؤْبُوبٍ من الشمس فَوْقَها،
كما آل مِن حَرِّ النهار طَرِيدُ
وآل لحمُ الناقة إِذا ذَهَب فضَمُرت؛ قال الأَعْشَى:
أَذْلَلْتُهَا بعد المِرَا
ح، فآل من أَصلابها
أَي ذهب لحمُ صُلْبها.
والتأْويل: بَقْلة ثمرتها في قرون كقرون الكباش، وهي شَبِيهة بالقَفْعاء
ذات غِصَنَة وورق، وثمرتها يكرهها المال، وورقها يشبه ورق الآس وهيَ
طَيِّبة الريح، وهو من باب التَّنْبيت، واحدته تأْويلة. وروى المنذري عن
أَبي الهيثم قال: إِنما طعام فلان القفعاء والتأْويل، قال: والتأْويل نبت
يعتلفه الحمار، والقفعاء شجرة لها شوك، وإِنما يضرب هذا المثل للرجل إِذا
استبلد فهمه وشبه بالحمار في ضعف عقله. وقال أَبو سعيد. العرب تقول أَنت
في ضَحَائك
(* قوله «أنت في ضحائك» هكذا في الأصل، والذي في شرح القاموس:
أنت من الفحائل) بين القَفْعاء والتأْويل، وهما نَبْتَان محمودان من
مَرَاعي البهائم، فإِذا أَرادوا أَن ينسبوا الرجل إِلى أَنه بهيمة إِلا أَنه
مُخْصِب مُوَسَّع عليه ضربوا له هذا المثل؛ وأَنشد غيره لأَبي وَجْزَة
السعدي:
عَزْبُ المَراتع نَظَّارٌ أَطاعَ له،
من كل رَابِيَةٍ، مَكْرٌ وتأْويل
أَطاع له: نَبَت له كقولك أَطَاعَ له الوَرَاقُ، قال: ورأَيت في تفسيره
أَن التأْويل اسم بقلة تُولِعُ بقر الوحش، تنبت في الرمل؛ قال أَبو
منصور: والمَكْر والقَفْعاء قد عرفتهما ورأَيتهما، قال: وأَما التأْويل فإِني
ما سمعته إِلاَّ في شعر أَبي وجزة هذا وقد عرفه أَبو الهيثم وأَبو سعيد.
وأَوْل: موضع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
أَيا نَخْلَتَيْ أَوْلٍ، سَقَى الأَصْلَ مِنكما
مَفِيضُ الرُّبى، والمُدْجِناتُ ذُرَاكُما
وأُوال وأَوَالُ: قربة، وقيل اسم موضع مما يلي الشام؛ قال النابغة
الجعدي: أَنشده سيبويه:
مَلَكَ الخَوَرْنَقَ والسَّدِيرَ، ودَانَه
ما بَيْنَ حِمْيَرَ أَهلِها وأَوَال
صرفه للضرورة؛ وأَنشد ابن بري لأُنَيف
بن جَبَلة:
أَمَّا إِذا استقبلته فكأَنَّه
للعَيْنِ جِذْعٌ، من أَوال، مُشَذَّبُ
ذا: قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى ومحمد بن زيد: ذا يكون بمعنى هذا، وم
نه قول الله عز وجل: مَنْ ذا الذي يَشْفَع عِنده إلا بإذنه؛ أَي مَنْ هذا
الذي يَشْفَع عِنده؛ قالا: ويكون ذا بمعنى الذي ، قالا: ويقال هذا دو
صَلاحٍ ورأَيتُ هذا ذا صَلاحٍ ومررت بهذا ذي صَلاحٍ، ومعناه كله صاحِب
صَلاح. وقال أَبو الهيثم: ذا اسمُ كلِّ مُشارٍ إليه مُعايَنٍ يراه المتكلم
والمخاطب، قال: والاسم فيها الذال وحدها مفتوحة، وقالوا الذال وحدها هي
الاسم المشار إليه، وهو اسم مبهم لا يُعرَف ما هو حتى يُفَسِّر ما بعده كقولك
ذا الرَّجلُ، ذا الفرَسُ، فهذا تفسير ذا ونَصْبُه ورفعه وخفصه سواء،
قال: وجعلوا فتحة الذال فرقاً بين التذكير والتأْنيث كما قالوا ذا أَخوك،
وقالوا ذي أُخْتُك فكسروا الذال في الأُنثى وزادوا مع فتحة الذال في المذكر
أَلفاً ومع كسرتها للأُنثى ياء كما قالوا أَنْتَ وأَنْتِ. قال الأَصمعي:
والعرب تقول لا أُكَلِّمُك في ذي السنة وفي هَذِي السنة، ولا يقال في
ذا السَّنةِ، وهو خطأٌ، إِنما يقال في هذه السَّنةِ؛ وفي هذي السنة وفي ذي
السَّنَة، وكذلك لا يقال ادْخُلْ ذا الدارَ ولا الْبَسْ ذا الجُبَّة،
وإنما الصواب ادْخُل ذي الدارَ والْبَس ذي الجُبَّةَ، ولا يكون ذا إلا
للمذكر. يقال: هذه الدارُ وذي المرأَةُ. ويقال: دَخلت تِلْكَ الدَّار وتِيكَ
الدَّار، ولا يقال ذِيك الدَّارَ، وليس في كلام العرب ذِيك البَتَّةَ،
والعامَّة تُخْطِئ فيه فتقول كيف ذِيك المرأَةُ؟ والصواب كيف تِيكَ
المرأَةُ؟ قال الجوهري: ذا اسم يشار به إِلى المذكر، وذي بكسر الذال للمؤنث،
تقول: ذي أَمَةُ اللهِ، فإِن وقفت عليه قلت ذِهْ، بهاء موقوفة، وهي بدل من
الياء، وليست للتأْنيث، وإنما هي صِلةٌ كما أَبدلوا في هُنَيَّةٍ فقالوا
هُنَيْهة؛ قال ابن بري: صوابه وليست للتأْنيث وإنما هي بدل من الياء،
قال: فإِن أَدخلت عليها الهاء للتنبيه قلت هذا زيدٌ وهذي أَمَةٌ اللهِ وهذه
أَيضاً، بتحريك الهاء، وقد اكتفوا به عنه، فإِن صَغَّرْت ذا قلت دَيًّا،
بالفتح والتشديد ، لأَنك تَقْلِب أَلف ذا ياء لمكان الياء قبلها
فتُدْغِمها في الثانية وتزيد في آخره أَلفاً لتَفْرُقَ بين المُبْهَم والمعرب،
وذَيّانِ في التثنية، وتصغير هذا هَذَيًّا، ولا تُصَغَّر ذي للمؤنث وإنما
تصَغَّر تا، وقد اكتفوا به عنه، وإن ثَنَّيْتَ ذا قلت ذانِ لأَنه لا يصح
اجتماعهما لسكونهما فتَسْقُط إحدى الأَلفين، فمن أَسقط أَلف ذا قرأَ إنَّ
هذَينِْ لَساحِرانِ فأَعْرَبَ، ومن أَسقط أَلف التثنية قرأَ إَنَّ هذانِ
لساحِرانِ لأَن أَلف ذا لا يقع فيها إعراب، وقد قيل: إنها على لغة
بَلْحَرِثِ ابن كعب، قال ابن بري عند قول الجوهري: من أَسقط أَلف التثنية قرأَ
إنَّ هذان لساحران، قال: هذا وهم من الجوهري لأَن أَلف التثنية حرف زيد
لمعنى، فلا يسقط وتبقى الأَلف الأَصلية كما لم يَسقُط التنوين في هذا
قاضٍ وتبقى الياء الأَصلية، لأَن التنوين زيدَ لمعنى فلا يصح حذفه، قال:
والجمع أُولاء من غير لفظه، فإن خاطبْتَ جئْتَ بالكاف فقلت ذاكَ وذلك،
فاللام زائدة والكاف للخطاب، وفيها دليل على أَنَّ ما يُومأُ إِليه بعيد ولا
مَوْضِعَ لها من الإِعراب، وتُدْخِلُ الهاء على ذاك فتقول هذاك زَيدٌ، ولا
تُدْخِلُها على ذلك ولا على أُولئك كما لم تَدْخُل على تلْكَ، ولا
تَدْخُل الكافُ على ذي للمؤنث، وإنما تَدْخُلُ على تا، تقول تِيكَ وتِلْك، ولا
تَقُلْ ذِيك فأِنه خطأٌ، وتقول في التثنية: رأَيت ذَيْنِكَ الرِّجُلين،
وجاءني ذانِكَ الرَّجُلانِ، قال: وربما قالوا ذانِّك، بالتشديد. قال ابن
بري: من النحويين من يقول ذانِّك، بتشديد النون، تَثْنِيةَ ذلك قُلِبَتِ
اللام نوناً وأُدْغِمَت النون في النون، ومنهم من يقول تشديدُ النون
عِوضٌ من الأَلف المحذوفة من ذا، وكذلك يقول في اللذانِّ إِنَّ تشديد النون
عوض من الياء المحذوفة من الذي، قال الجوهري: وإنما شددوا النون في ذلك
تأْكيداً وتكثيراً للاسم لأَنه بقي على حرف واحد كما أَدخلوا اللام على
ذلك، وإنما يفعلون مثل هذا في الأَسماء المُبْهَمة لنقصانها، وتقول للمؤنث
تانِكَ وتانِّك أَيضاً، بالتشديد، والجمع أُولئك، وقد تقدم ذكر حكم الكاف
في تا، وتصغير ذاك ذَيّاك وتصغير ذلك ذَيّالِك؛ وقال بعض العرب وقَدِمَ
من سَفَره فوجد امرأَته قد ولدت غلاماً فأَنكره فقال لها:
لَتَقْعُدِنَّ مَقْعَدَ القَصِيِّ
مِنِّي ذي القاذُورةِ المَقْلِيِّ
أَو تَحْلِفِي برَبِّكِ العَلِيِّ
أَنِّي أَبو ذَيّالِكِ الصَّبيِّ
قد رابَني بالنَّظَر التُّرْكِيِّ،
ومُقْلةٍ كمُقْلَةِ الكُرْكِيِّ
فقالت:
لا والذي رَدَّكَ يا صَفِيِّي،
ما مَسَّني بَعْدَك مِن إنْسِيِّ
غيرِغُلامٍ واحدٍ قَيْسِيِّ،
بَعْدَ امرأَيْنِ مِنْ بَني عَدِيِّ
وآخَرَيْنِ مِنْ بَني بَلِيِّ،
وخمسة كانوا على الطَّوِيِّ
وسِتَّةٍ جاؤوا مع العَشِيِّ،
وغيرِ تُرْكِيٍّ وبَصْرَوِيِّ
وتصغير تِلْك تَيَّاكَ؛ قال ابن بري: صوابه تَيّالِكَ، فأَما تَيّاك
فتصغير تِيك. وقال ابن سيده في موضع آخر: ذا إِشارة إِلى المذكر، يقال
ذا وذاك، وقد تزاد اللام فيقال ذَلِكَ. وقوله تعالى: ذَلِكَ الكِتابُ؛
قال الزجاج: معناه هَذا الكتابُ، وقد تدخل على ذا ها التي للتَّنْبِيه
فيقال هَذا، قال أَبو علي: وأَصله ذَيْ فأَبدلوا ياءه أَلفاً، وإن كانت
ساكنة ، ولم يقولوا ذَيْ لئلا يشبه كَيْ وأَيْ، فأَبدلوا ياءه أَلفاً
لِيلْحَقَ بباب متى وإذ أَو يخرج من شَبَه الحَرْفِ بعضَ الخُروج. وقوله تعالى:
إنَّ هَذانِ لَساحِرانِ؛ قال الفراء: أَراد ياء النصب ثم حذفها لسكونها
وسكون الأَلف قَبْلَها، وليس ذلك بالقوي، وذلِك أَن الياء هي الطارئة على
الأَلف فيجب أَن تحذف الأَلف لمكانها، فأَما ما أَنشده اللحياني عن
الكسائي لجميل من قوله:
وأَتَى صَواحِبُها فَقُلْنَ: هَذَا الَّذي
مَنَحَ المَوَدَّةَ غَيْرَنا وجَفانا
فإِنه أَراد أَذا الَّذِي، فأَبدل الهاء من الهمزة. وقد استُعْمِلت ذا
مكان الذي كقوله تعالى: ويَسْأَلُونك ماذا يُنْفِقُون قل العَفْوُ؛ أَي ما
الذي ينفقون فيمن رفع الجواب فَرَفْعُ العَفْوِ يدلّ على أَن ما مرفوعة
بالابتداء وذا خبرها ويُنْفِقُون صِلةُ ذا، وأَنه ليس ما وذا جميعاً
كالشيء الواحد، هذا هو الوجه عند سيبويه، وإِن كان قد أَجاز الوجهَ الآخر مع
الرفع. وذي، بكسر الذال، للمؤنث وفيه لُغاتٌ: ذِي وذِهْ، الهاء بدل من
الياء، الدليل على ذلك قولهم في تحقير ذَا ذَيًّا، وذِي إنما هي تأْنيث ذا
ومن لفظه، فكما لا تَجِب الهاء في المذكر أَصلاً فكذلك هي أَيضاً في
المؤنث بَدَلٌ غيرُ أَصْلٍ، وليست الهاء في هَذِه وإن استفيد منها التأْنيث
بمنزلة هاء طَلْحَة وحَمْزَة لأَن الهاء في طلحة وحمزة زائدة، والهاء في
هَذا ليست بزائدة إِنما هي بدل من الياء التي هي عين الفعل في هَذِي،
وأَيضاً فإِنَّ الهاء في حمزة نجدها في الوصل تاء والهاء في هذه ثابِتةٌ في
الوصل ثَباتَها في الوقف. ويقال: ذِهِي، الياء لبيان الهاء شبهها بهاء
الإِضمار في بِهِي وهَذِي وهَذِهِي وهَذِهْ، الهاء في الوصل والوقف ساكنةٌ
إِذا لم يلقها ساكن، وهذه كلها في معنى ذِي؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
قُلْتُ لَها: يا هَذِهي هذا إِثِمْ،
هَلْ لَكِ في قاضٍ إِلَيْهِ نَحْتَكِمْ؟
ويوصل ذلك كله بكاف المخاطبة. قال ابن جني: أَسماء الإِشارة هَذا وهذِه
لا يصح تثنية شيء منها من قِبَلِ أَنَّ التثنية لا تلحق إِلا النكرة، فما
لا يجوز تنكيره فهو بأَن لا تصح تثنيته أَجْدَرُ، فأَسْماء الإِشارة لا
يجوز أَن تُنَكَّر فلا يجوز أَن يُثَنَّى شيء منها، أَلا تراها بعد
التثنية على حدّ ما كانت عليه قبل التثنية، وذلك نحو قولك هَذانِ الزَّيْدانِ
قائِمَيْن، فَنَصْبُ قائِمَيْن بمعنى الفعل الذي دلت عليه الإِشارةُ
والتنبيهُ، كما كنت تقول في الواحد هذا زَيْدٌ قائماً، فَتَجِدُ الحال واحدةً
قبل التثنيةِ وبعدها، وكذلك قولك ضَرَبْتُ اللَّذَيْنِ قاما، تَعرَّفا
بالصلة كما يَتَعَرَّفُ بها الواحد كقولك ضربت الذي قامَ، والأَمر في هذه
الأَشياء بعد التثنية هو الأَمر فيها قبل التثنية، وليس كذلك سائرُ
الأَسماء المثناة نحو زيد وعمرو، أَلا ترى أَن تعريف زيد وعمرو إِنما هو
بالوضع والعلمية؟ فإِذا ثنيتهما تنكرا فقلت عندي عَمْرانِ عاقِلانِ، فإِن آثرت
التعريف بالإِضافة أَو باللام فقلت الزَّيْدانِ والعَمْرانِ وزَيْداكَ
وعَمْراكَ، فقد تَعَرَّفا بَعْدَ التثنية من غير وجه تَعَرُّفِهما قبلها
ولَحِقا بالأَجْناسِ وفارَقا ما كانا عليه من تعريف العَلَمِيَّةِ
والوَضْعِ، فإِذا صح ذلك فينبغي أَن تعلمَ أَنَّ هذانِ وهاتانِ إِنما هي أَسماء
موضوعة للتثنية مُخْتَرعة لها، وليست تثنية للواحد على حد زيد وزَيْدانِ،
إِلا أَنها صِيغت على صورة ما هو مُثَنًّى على الحقيقة فقيل هذانِ
وهاتانِ لئلا تختلف التثنية، وذلك أَنهم يُحافِظون عليها ما لا يُحافِظون على
الجمع، أَلا ترى أَنك تجد في الأَسماء المتمكنة أَلفاظَ الجُموع من غير
أَلفاظِ الآحاد، وذلك نحو رجل ونَفَرٍ وامرأَةٍ ونِسْوة وبَعير وإِبلٍ
وواحد وجماعةٍ، ولا تجد في التثنية شيئاً من هذا، إنما هي من لفظ الواحد نحو
زيد وزيدين ورجل ورجلين لا يختلف ذلك، وكذلك أَيضاً كثير من المبنيات
على أَنها أَحق بذلك من المتمكنة، وذلك نحو ذا وأُولَى وأُلات وذُو وأُلُو،
ولا تجد ذلك في تثنيتها نحو ذا وذانِ وذُو وذَوانِ، فهذا يدلك على
محافظتهم على التثنية وعنايتهم بها، أَعني أَن تخرج على صورة واحدة لئلا
تختلف، وأَنهم بها أَشدُّ عِناية منهم بالجمع، وذلك لَمَّا صيغت للتثنية
أَسْماء مُخْتَرَعة غير مُثناة على الحقيقة كانت على أَلفاظ المُثناة
تَثْنِيةً حقيقةً، وذلك ذانِ وتانِ، والقول في اللَّذانِ واللَّتانِ كالقول في
ذانِ وتانِ. قال ابن جني: فأَما قولهم هذانِ وهاتانِ وفذانك فإِنما تقلب في
هذه المواضع لأَنهم عَوَّضوا من حرف محذوف، وأَما في هذانِ فهي عِوَضٌ
من أَلف ذا، وهي في ذانِك عوض من لام ذلك، وقد يحتمل أَيضاً أَن تكون
عوضاً من أَلف ذلك، ولذلك كتبت في التخفيف بالتاء
(* قوله« ولذلك كتبت في
التخفيف بالتاء إلخ» كذا بالأصل.) لأَنها حينئذ ملحقة بدَعْد، وإِبدال التاء
من الياء قليل، إِنما جاء في قولهم كَيْتَ وكَيْتَ، وفي قولهم ثنتان،
والقول فيهما كالقول في كيت وكيت، وهو مذكور في موضعه. وذكر الأَزهري في
ترجمة حَبَّذا قال: الأَصل حَبُبَ ذا فأُدغمت إِحدى الباءَين في الأُخرى
وشُدِّدت، وذا إِشارة إِلى ما يقرب منك؛ وأَنشد بعضهم:
حَبَّذا رَجْعُها إِلَيْكَ يَدَيْها
في يَدَيْ دِرْعِها تَحُلُّ الإِزارا
كأَنه قال: حَبُبَ ذا، ثم ترجم عن ذا فقال: هو رَجْعُها يَدَيْها إِلى
حَلّ تِكَّتها أَي ما أَحَبَّه، ويَدا دِرْعِها: كُمَّاها. وفي صفة
المهدي: قُرَشِيٌّ يَمانٍ ليس مِن ذِي ولا ذُو أَي ليس نَسَبُه نَسَبَ أَذْواء
اليمن، وهم مُلوكُ حِمْيَرَ، منهم ذُو يَزَنَ وذُو رُعَيْنٍ؛ وقوله:
قرشيٌّ يَمانٍ أَي قُرَشِيُّ النَّسَب يَمانِي المَنْشإ؛ قال ابن الأَثير:
وهذه الكلمة عينها واو، وقياس لامها أَن تكون ياء لأَن باب طَوَى أَكثر من
باب قَوِيَ؛ ومنه حديث جرير: يَطْلُع عليكم رَجل من ذِي يَمَنٍ على
وجْهِه مَسْحة من ذي مَلَكٍ؛ قال ابن الأَثير: كذا أَورده أَبو عُمَر الزاهد
وقال ذي ههنا صِلة أَي زائدة.
علل: العَلُّ والعَلَلُ: الشَّرْبةُ الثانية، وقيل: الشُّرْب بعد الشرب
تِباعاً، يقال: عَلَلٌ بعد نَهَلٍ.
وعَلَّه يَعُلُّه ويَعِلُّه إِذا سقاه السَّقْيَة الثانية، وعَلَّ
بنفسه، يَتعدَّى ولا يتعدَّى. وعَلَّ يَعِلُّ ويَعُلُّ عَلاًّ وعَلَلاً،
وعَلَّتِ الإِبِلُ تَعِلُّ وتَعُلُّ إِذا شَرِبت الشَّرْبةَ الثانية. ابن
الأَعرابي: عَلَّ الرَّجلُ يَعِلُّ من المرض، وعَلَّ يَعِلُّ ويَعُلُّ من
عَلَل الشَّراب. قال ابن بري: وقد يُسْتَعْمَل العَلَلُ والنَّهَل في
الرِّضاع كما يُسْتَعْمل في الوِرْد؛ قال ابن مقبل:
غَزَال خَلاء تَصَدَّى له،
فتُرْضِعُه دِرَّةً أَو عِلالا
واستَعْمَل بعضُ الأَغْفال العَلَّ والنَّهَلَ في الدعاء والصلاة فقال:
ثُمَّ انْثَنى مِنْ بعد ذا فَصَلَّى
على النَّبيّ، نَهَلاً وعَلاَّ
وعَلَّتِ الإِبِلُ، والآتي كالآتي
(* قوله «والآتي كالآتي إلخ» هذه بقية
عبارة ابن سيده وصدرها: عل يعل ويعل علاً وعللاً إلى أن قال وعلت الابل
والآتي إلخ) والمصدر كالمصدر، وقد يستعمل فَعْلى من العَلَل والنَّهَل.
وإِبِلٌ عَلَّى: عَوَالُّ؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد لِعَاهَانَ بن
كعب:تَبُكُّ الحَوْضَ عَلاَّها ونَهْلاً،
ودُون ذِيادِها عَطَنٌ مُنِيم
تَسْكُن إِليه فيُنِيمُها، ورواه ابن جني: عَلاَّها ونَهْلى، أَراد
ونَهْلاها فحَذَف واكْتَفى بإِضافة عَلاَّها عن إِضافة نَهْلاها، وعَلَّها
يَعُلُّها ويَعِلُّها عَلاًّ وعَلَلاً وأَعَلَّها. الأَصمعي: إِذا وَرَدتِ
الإِبلُ الماءَ فالسَّقْية الأُولى النَّهَل، والثانية العَلَل.
وأَعْلَلْت الإِبلَ إِذا أَصْدَرْتَها قبل رِيِّها، وفي أَصحاب الاشتقاق مَنْ
يقول هو بالغين المعجمة كأَنه من العَطَش، والأَوَّل هو المسموع. أَبو عبيد
عن الأَصمعي: أَعْلَلْت الإِبِلَ فهي إِبِلٌ عالَّةٌ إِذا أَصْدَرْتَها
ولم تَرْوِها؛ قال أَبو منصور: هذا تصحيف، والصواب أَغْلَلْت الإِبلَ،
بالغين، وهي إِبل غالَّةٌ. وروى الأَزهري عن نُصَير الرازي قال: صَدَرَتِ
الإِبلُ غالَّة وغَوَالَّ، وقد أَغْلَلْتها من الغُلَّة والغَلِيل وهو
حرارة العطش، وأَما أَعْلَلْت الإِبلَ وعَلَلْتها فهما ضِدَّا أَغْلَلْتها،
لأَن معنى أَعْلَلتها وَعَلَلتها أَن تَسْقِيها الشَّرْبةَ الثانية ثم
تُصْدِرَها رِواء، وإِذا عَلَّتْ فقد رَوِيَتْ؛ وقوله:
قِفِي تُخْبِرِينا أَو تَعُلِّي تَحِيَّةً
لنا، أَو تُثِيبي قَبْلَ إِحْدَى الصَّوافِق
إِنَّما عَنى أَو تَرُدِّي تَحِيَّة، كأَنَّ التَّحِيَّة لَمَّا كانت
مردودة أَو مُراداً بها أَن تُرَدَّ صارت بمنزلة المَعْلُولة من الإِبل.
وفي حديث علي، رضي الله عنه: من جَزيل عَطائك المَعْلول؛ يريد أَن عطاء
الله مضاعَفٌ يَعُلُّ به عبادَه مَرَّةً بعد أُخرى؛ ومنه قصيد كعب:
كأَنه مُنْهَلٌ بالرَّاح مَعْلُول
وعَرَضَ عَلَيَّ سَوْمَ عالَّةٍ إِذا عَرَض عليك الطَّعامَ وأَنت
مُسْتَغْنٍ عنه، بمعنى قول العامَّة: عَرْضٌ سابِرِيٌّ أَي لم يُبالِغْ، لأَن
العَالَّةَ لا يُعْرَضُ عليها الشُّربُ عَرْضاً يُبالَغ فيه كالعَرْضِ على
الناهِلة. وأَعَلَّ القومُ: عَلَّتْ إِبِلُهم وشَرِبَت العَلَل؛
واسْتَعْمَل بعضُ الشعراء العَلَّ في الإِطعام وعدّاه إِلى مفعولين، أَنشد ابن
الأَعرابي:
فباتُوا ناعِمِين بعَيْشِ صِدْقٍ،
يَعُلُّهُمُ السَّدِيفَ مع المَحال
وأُرَى أَنَّ ما سَوَّغَ تَعْدِيَتَه إِلى مفعولين أَن عَلَلْت ههنا في
معنى أَطْعَمْت، فكما أَنَّ أَطعمت متعدِّية إِلى مفعولين كذلك عَلَلْت
هنا متعدِّية إِلى مفعولين؛ وقوله:
وأَنْ أُعَلَّ الرَّغْمَ عَلاًّ عَلاَّ
جعَلَ الرَّغْمَ بمنزلة الشراب، وإِن كان الرَّغْم عَرَضاً، كما قالوا
جَرَّعْته الذُّلَّ وعَدَّاه إِلى مفعولين، وقد يكون هذا بحذف الوَسِيط
كأَنه قال يَعُلُّهم بالسَّدِيف وأُعَلّ بالرَّغْم، فلما حَذَف الباء
أَوْصَلَ الفعل، والتَّعْلِيل سَقْيٌ بعد سَقْيٍ وجَنْيُ الثَّمرة مَرَّةً بعد
أُخرى. وعَلَّ الضاربُ المضروبَ إِذا تابَع عليه الضربَ؛ ومنه حديث عطاء
أَو النخعي في رجل ضَرَب بالعَصا رجلاً فقَتَله قال: إِذا عَلَّه
ضَرْباً ففيه القَوَدُ أَي إِذا تابع عليه الضربَ، مِنْ عَلَلِ الشُّرب.
والعَلَلُ من الطعام: ما أُكِلَ منه؛ عن كراع. وطَعامٌ قد عُلَّ منه أَي
أُكِل؛ وقوله أَنشده أَبو حنيفة:
خَلِيلَيَّ، هُبَّا عَلِّلانيَ وانْظُرا
إِلى البرق ما يَفْرِي السَّنى، كَيْفَ يَصْنَع
فَسَّرَه فقال: عَلَّلاني حَدَّثاني، وأَراد انْظُرا إِلى البرق
وانْظُرَا إِلى ما يَفرِي السَّنى، وفَرْيُه عَمَلُه؛ وكذلك قوله:
خَلِيلَيَّ، هُبَّا عَلِّلانيَ وانْظُرَا
إِلى البرق ما يَفْرِي سَنًى وتَبَسَّما
وتَعَلَّلَ بالأَمر واعْتَلَّ: تَشاغَل؛ قال:
فاسْتَقْبَلَتْ لَيْلَة خِمْسٍ حَنَّان،
تَعْتلُّ فيه بِرَجِيع العِيدان
أَي أَنَّها تَشاغَلُ بالرَّجِيع الذي هو الجِرَّة تُخْرِجها
وتَمْضَغُها. وعَلَّلَه بطعام وحديث ونحوهما: شَغَلهُ بهما؛ يقال: فلان يُعَلِّل
نفسَه بتَعِلَّةٍ. وتَعَلَّل به أَي تَلَهَّى به وتَجَزَّأَ، وعَلَّلتِ
المرأَةُ صَبِيَّها بشيء من المَرَق ونحو ليَجْزأَ به عن اللَّبن؛ قال
جرير:تُعَلِّل، وهي ساغَبَةٌ، بَنِيها
بأَنفاسٍ من الشَّبِم القَراحِ
يروى أَن جريراً لما أَنْشَدَ عبدَ الملك بن مَرْوان هذا البيتَ قال له:
لا أَرْوى الله عَيْمَتَها
وتَعِلَّةُ الصبيِّ أَي ما يُعَلَّل به ليسكت. وفي حديث أَبي حَثْمة
يَصِف التَّمر: تَعِلَّة الصَّبيِّ وقِرى الضيف. والتَّعِلَّةُ والعُلالة:
ما يُتَعَلَّل به. وفي الحديث: أَنه أُتيَ بعُلالة الشاة فأَكَلَ منها،
أَي بَقِيَّة لحمها. والعُلُل أَيضاً: جمع العَلُول، وهو ما يُعَلَّل به
المريضُ من الطعام الخفيف، فإِذا قَوي أَكلُه فهو الغُلُل جمع الغَلُول.
ويقال لبَقِيَّة اللبن في الضَّرْع وبَقيَّة قُوّة الشيخ: عُلالة، وقيل:
عُلالة الشاة ما يُتَعَلَّل به شيئاً بعد شيء من العَلَل الشُّرب بعد
الشُّرْب؛ ومنه حديث عَقِيل بن أَبي طالب: قالوا فيه بَقِيَّةٌ من عُلالة
أَي بَقِيَّة من قوة الشيخ. والعُلالةُ والعُراكةُ والدُّلاكة: ما
حَلَبْتَ قبل الفِيقة الأُولى وقبل أَن تجتمع الفِيقة الثانية؛ عن ابن
الأَعرابي. ويقال لأَوَّل جَرْي الفرس: بُداهَته، وللذي يكون بعده: عُلالته؛ قال
الأَعشى:
إِلاَّ بُداهة، أَو عُلا
لَة سابِحٍ نَهْدِ الجُزاره
والعُلالة: بَقِيَّة اللَّبَنِ وغيرِه. حتى إِنَّهم لَيَقولون لبَقِيَّة
جَرْي الفَرَس عُلالة، ولبَقِيَّة السَّيْر عُلالة.
ويقال: تَعالَلْت نفسي وَتَلوَّمْتها أَي استَزَدْتُها. وتَعالَلْت
الناقةَ إِذا اسْتَخْرَجْت ما عندها من السَّيْر؛ وقال:
وقد تَعالَلْتُ ذَمِيل العَنْس
وقيل: العُلالة اللَّبَن بعد حَلْبِ الدِّرَّة تُنْزِله الناقةُ؛ قال:
أَحْمِلُ أُمِّي وهِيَ الحَمَّاله،
تُرْضِعُني الدِّرَّةَ والعُلاله،
ولا يُجازى والدٌ فَعَالَه
وقيل: العُلالة أَن تُحْلَب الناقة أَوّل النهار وآخره، وتُحْلَب وسط
النهار فتلك الوُسْطى هي العُلالة، وقد تُدْعى كُلُّهنَّ عُلالةً. وقد
عالَلْتُ الناقة، والاسم العِلال. وعالَلْتُ الناقة عِلالاً: حَلَبتها صباحاً
ومَساء ونِصْفَ النهار. قال أَبو منصور: العِلالُ الحَلْبُ بعد الحَلْب
قبل استيجاب الضَّرْع للحَلْب بكثرة اللبن، وقال بعض الأَعراب:
العَنْزُ تَعْلَمُ أَني لا أَكَرِّمُها
عن العِلالِ، ولا عن قِدْرِ أَضيافي
والعُلالة، بالضم: ما تَعَلَّلت به أَي لَهَوْت به. وتَعَلَّلْت
بالمرأَة تَعَلُّلاً: لَهَوْت بها. والعَلُّ: الذي يزور النساء. والعَلُّ:
التَّيْس الضَّخْم العظيم؛ قال:
وعَلْهَباً من التُّيوس عَلاً
والعَلُّ: القُراد الضَّخْم، وجمعها عِلالٌ
(* قوله «وجمعها علال» كذا
في الأصل وشرح القاموس، وفي التهذيب: أعلال) ، وقيل: هو القُراد
المَهْزول، وقيل: هو الصغير الجسم. والعَلُّ: الكبير المُسِنُّ. ورَجُلٌ عَلٌّ:
مُسِنٌّ نحيف ضعيف صغير الجُثَّة، شُبِّه بالقُراد فيقال: كأَنه عَلُّ؛ قال
المُتَنَخِّل الهذلي:
لَيْسَ بِعَلٍّ كبيرٍ لا شَبابَ له،
لَكِنْ أُثَيْلَةُ صافي الوَجْهِ مُقْتَبَل
أَي مُسْتَأْنَف الشَّباب، وقيل: العَلُّ المُسِنُّ الدقيق الجسم من كل
شيء.
والعَلَّة: الضَّرَّة. وبَنُو العَلاَّتِ: بَنُو رَجل واحد من أُمهات
شَتَّى، سُمِّيَت بذلك لأَن الذي تَزَوَّجها على أُولى قد كانت قبلها ثم
عَلَّ من هذه؛ قال ابن بري: وإِنما سُمِّيت عَلَّة لأَنها تُعَلُّ بعد
صاحبتها، من العَلَل؛ قال:
عَلَيْها ابْنُ عَلاَّتٍ، إِذا اجْتَشَّ مَنْزِلاً
طَوَتْه نُجومُ اللَّيل، وهي بَلاقِع
(* قوله «إذا اجتش» كذا في الأصل بالشين المعجمة، وفي المحكم بالمهملة)
إِنَّما عَنى بابن عَلاَّتٍ أَن أُمَّهاته لَسْنَ بقَرائب، ويقال: هما
أَخَوانِ من عَلَّةٍ. وهما ابْنا عَلَّة: أُمَّاهُما شَتَّى والأَب واحد،
وهم بَنُو العَلاَّت، وهُمْ من عَلاَّتٍ، وهم إِخُوةٌ من عَلَّةٍ
وعَلاَّتٍ، كُلُّ هذا من كلامهم. ونحن أَخَوانِ مِنْ عَلَّةٍ، وهو أَخي من
عَلَّةٍ، وهما أَخَوانِ من ضَرَّتَيْن، ولم يقولوا من ضَرَّةٍ؛ وقال ابن شميل:
هم بَنُو عَلَّةٍ وأَولاد عَلَّة؛ وأَنشد:
وهُمْ لمُقِلِّ المالِ أَولادُ عَلَّةٍ،
وإِن كان مَحْضاً في العُمومةِ مُخْوِلا
ابن شميل: الأَخْيافُ اختلاف الآباء وأُمُّهُم واحدة، وبَنُو الأَعيان
الإِخْوة لأَب وأُمٍّ واحد. وفي الحديث: الأَنبياء أَولاد عَلاَّتٍ؛ معناه
أَنهم لأُمَّهات مختلفة ودِينُهم واحد؛ كذا في التهذيب وفي النهاية لابن
الأَثير،أَراد أَن إِيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة. ومنه حديث علي، رضي
الله عنه: يَتَوارَثُ بَنُو الأَعيان من الإِخوة دون بني العَلاَّت أَي
يتوارث الإِخوة للأُم والأَب، وهم الأَعيان، دون الإِخوة للأَب إِذا
اجتمعوا معهم. قال ابن بري: يقال لبَني الضَّرائر بَنُو عَلاَّت، ويقال لبني
الأُم الواحدة بَنُو أُمٍّ، ويصير هذا اللفظ يستعمل للجماعة المتفقين،
وأَبناء عَلاَّتٍ يستعمل في الجماعة المختلفين؛ قال عبد المسيح:
والنَّاسُ أَبناء عَلاَّتٍ، فَمَنْ عَلِمُوا
أَنْ قَدْ أَقَلَّ، فَمَجْفُوٌّ ومَحْقُور
وهُمْ بَنُو أُمِّ مَنْ أَمْسى له نَشَبٌ،
فَذاك بالغَيْبِ مَحْفُوظٌ ومَنْصور
وقال آخر:
أَفي الوَلائِم أَوْلاداً لِواحِدة،
وَفي المآتِم أَولاداً لَعِلاَّت؟
(* في المحكم هنا ما نصبه: وجمع العلة للضرة علائل، قال رؤبة: دوى بها لا يغدو العلائلا).
وقد اعْتَلَّ العَلِيلُ عِلَّةً صعبة، والعِلَّة المَرَضُ. عَلَّ
يَعِلُّ واعتَلَّ أَي مَرِض، فهو عَلِيلٌ، وأَعَلَّه اللهُ، ولا أَعَلَّك اللهُ
أَي لا أَصابك بِعِلَّة. واعْتَلَّ عليه بِعِلَّةٍ واعْتَلَّه إِذا
اعتاقه عن أَمر. واعْتَلَّه تَجَنَّى عليه. والعِلَّةُ: الحَدَث يَشْغَل
صاحبَه عن حاجته، كأَنَّ تلك العِلَّة صارت شُغْلاً ثانياً مَنَعَه عن شُغْله
الأَول. وفي حديث عاصم بن ثابت: ما عِلَّتي وأَنا جَلْدٌ نابلٌ؟ أَي ما
عذْري في ترك الجهاد ومَعي أُهْبة القتال، فوضع العِلَّة موضع العذر. وفي
المثل: لا تَعْدَمُ خَرْقاءُ عِلَّةً، يقال هذا لكل مُعْتَلٍّ ومعتذر
وهو يَقْدِر.
والمُعَلِّل: دافع جابي الخراج بالعِلَل، وقد، اعْتَلَّ الرجلُ. وهذا
عِلَّة لهذا أَي سبَب. وفي حديث عائشة: فكان عبد الرحمن يَضْرِب رِجْلي
بِعِلَّة الراحلة أَي بسببها، يُظْهِر أَنه يضرب جَنْب البعير برِجْله
وإِنما يَضْرِبُ رِجْلي. وقولُهم: على عِلاَّتِه أَي على كل حال؛ وقال:
وإِنْ ضُرِبَتْ على العِلاَّتِ، أَجَّتْ
أَجِيجَ الهِقْلِ من خَيْطِ النَّعام
وقال زهير:
إِنَّ البَخِيلَ مَلُومٌ حيثُ كانَ، ولَـ
ـكِنَّ الجَوَادَ، على عِلاَّتِهِ، هَرِم
والعَلِيلة: المرأَة المُطَيَّبة طِيباً بعد طِيب؛ قال وهو من قوله:
ولا تُبْعِدِيني من جَنَاكِ المُعَلَّل
أَي المُطَيَّب مرَّة بعد أُخرى، ومن رواه المُعَلِّل فهو الذي
يُعَلِّلُ مُتَرَشِّفَه بالريق؛ وقال ابن الأَعرابي: المُعَلِّل المُعِين
بالبِرِّ بعد البرِّ.
وحروفُ العِلَّة والاعْتِلالِ: الأَلفُ والياءُ والواوُ، سُمِّيت بذلك
لِلينها ومَوْتِها.
واستعمل أَبو إِسحق لفظة المَعْلول في المُتقارِب من العَروض فقال:
وإِذا كان بناء المُتَقارِب على فَعُولن فلا بُدَّ من أَن يَبْقى فيه سبب غير
مَعْلُول، وكذلك استعمله في المضارع فقال: أُخِّر المضارِع في الدائرة
الرابعة، لأَنه وإِن كان في أَوَّله وَتِدٌ فهو مَعْلول الأَوَّل، وليس في
أَول الدائرة بيت مَعْلولُ الأَول، وأَرى هذا إِنما هو على طرح الزائد
كأَنه جاء على عُلَّ وإِن لم يُلْفَظ به، وإِلا فلا وجه له، والمتكلمون
يستعملون لفظة المَعْلول في مثل هذا كثيراً؛ قال ابن سيده: وبالجملة
فَلَسْتُ منها على ثِقَةٍ ولا على ثَلَجٍ، لأَن المعروف إِنَّما هو أَعَلَّه
الله فهو مُعَلٌّ، اللهم إِلاَّ أَن يكون على ما ذهب إِليه سيبويه من قولهم
مَجْنُون ومَسْلول، من أَنه جاء على جَنَنْته وسَلَلْته، وإِن لم
يُسْتَعْملا في الكلام استُغْنِيَ عنهما بأَفْعَلْت؛ قال: وإِذا قالُوا جُنَّ
وسُلَّ فإِنما يقولون جُعِلَ فيه الجُنُون والسِّلُّ كما قالوا حُزِنَ
وفُسِلَ.
ومُعَلِّل: يومٌ من أَيام العجوز السبعة التي تكون في آخر الشتاء لأَنه
يُعَلِّل الناسَ بشيء من تخفيف البرد، وهي: صِنٌّ وصِنَّبْرٌ ووَبْرٌ
ومُعَلَّلٌ ومُطْفيءُ الجَمْر وآمِرٌ ومُؤْتَمِر، وقيل: إِنما هو مُحَلِّل؛
وقد قال فيه بعضُ الشعراء فقدَّم وأَخَّر لإِقامة وزن الشعر:
كُسِعَ الشِّتاءُ بسَبْعةٍ غُبْر،
أَيّامِ شَهْلَتِنا من الشَّهْر
فإِذا مَضَتْ أَيّامُ شَهْلَتِنا:
صِنٌّ وصِنْبرٌ مع الوَبْر
وبآمرٍ وأَخِيه مُؤْتَمِر،
ومُعَلِّل وبمُطْفِئِ الجَمْر
ذَهب الشِّتاءُ مولِّياً هَرَباً،
وأَتَتْكَ واقدةٌ من النَّجْر
(* قوله «واقدة» كذا هو بالقاف في نسختين من الصحاح ومثله في المحكم،
وسبق في ترجمة نجر وافدة بالفاء، والصواب ما هنا).
ويروى: مُحَلِّل مكان مُعَلِّل، والنَّجْر الحَرُّ.. واليَعْلُول.
الغَدِير الأَبيض المُطَّرِد. واليَعَالِيل: حَبَابُ الماء. واليَعْلُول:
الحَبَابة من الماء، وهو أَيضاً السحاب المُطَّرِد، وقيل: القِطْعة البيضاء
من السحاب. واليَعَالِيل: سحائب بعضها فوق بعض، الواحد يَعْلُولٌ؛ قال
الكميت:
كأَنَّ جُمَاناً واهِيَ السِّلْكِ فَوْقَه،
كما انهلَّ مِنْ بِيضٍ يَعاليلَ تَسْكُب
ومنه قول كعب:
مِنْ صَوْبِ ساريةٍ بِيضٌ يَعالِيل
ويقال: اليَعالِيلُ نُفَّاخاتٌ تكون فوق الماء من وَقْع المَطَر، والياء
زائدة. واليَعْلُول: المَطرُ بعد المطر، وجمعه اليَعالِيل. وصِبْغٌ
يَعْلُولٌ: عُلَّ مَرَّة بعد أُخرى. ويقال للبعير ذي السَّنَامَيْنِ:
يَعْلُولٌ وقِرْعَوْسٌ وعُصْفُوريٌّ.
وتَعَلَّلَتِ المرأَةُ من نفاسها وتَعَالَّتْ: خَرَجَتْ منه وطَهُرت
وحَلَّ وَطْؤُها.
والعُلْعُل والعَلْعَل؛ الفتح عن كراع: اسمُ الذَّكر جميعاً، وقيل: هو
الذَّكر إِذا أَنْعَظ، وقيل: هو الذي إِذا أَنْعَظَ ولم يَشْتَدّ. وقال
ابن خالويه: العُلْعُل الجُرْدَان إِذا أَنْعَظَ، والعُلْعُل رأْسُ
الرَّهابَة من الفَرَس. ويقال: العُلْعُل طَرَف الضِّلَعِ الذي يُشْرِفُ على
الرَّهابة وهي طرف المَعِدة، والجمع عُلُلٌ وعُلُّ وعِلٌّ،
(* قوله «والجمع
علل وعل وعل» هكذا في الأصل وتبعه شارح القاموس، وعبارة الازهري: ويجمع
على علل، أي بضمتين، وعلى علاعل، وقال بعد هذا: والعلل أَيضاً جمع العلول،
وهو ما يعلل به المريض، إِلى آخر ما تقدم في صدر الترجمة) ، وقيل:
العُلْعُل، بالضم، الرَّهابة التي تُشْرِف على البطن من العَظْم كأَنه
لِسانٌ.والعَلْعَل والعَلْعالُ: الذَّكَر من القَنَابِر، وفي الصحاح: الذَّكر
من القنافِذ. والعُلْعُول: الشَّرُّ؛ الفراء: إِنه لفي عُلْعُولِ شَرٍّ
وزُلْزُولِ شَرٍّ أَي في قتال واضطراب.
والعِلِّيَّة، بالكسر: الغُرْفةُ، والجمع العَلالِيُّ، وهو يُذْكر
أَيضاً في المُعْتَلِّ.
أَبو سعيد: والعَرَب تقول أَنا عَلاَّنٌ بأَرض كذا وكذا أَي جاهل.
وامرأَة عَلاَّنةٌ: جاهلة، وهي لغة معروفة؛ قال أَبو منصور: لا أَعرف هذا
الحرف ولا أَدري من رواه عن أَبي سعيد.
وتَعِلَّةُ: اسمُ رجل؛ قال:
أَلْبانُ إِبْلِ تَعِلَّةَ بنِ مُسافِرٍ،
ما دامَ يَمْلِكُها عَلَيَّ حَرَامُ
وعَلْ عَلْ: زَجْرٌ للغنم؛ عن يعقوب. الفراء: العرب تقول للعاثر لَعاً
لَكَ وتقول: عَلْ ولَعَلْ وعَلَّكَ ولَعَلَّكَ بمعنىً واحد؛ قال
العَبْدي:وإِذا يَعْثُرُ في تَجْمازِه،
أَقْبَلَتْ تَسْعَى وفَدَّتْه لَعل
وأَنشد للفرزدق:
إِذا عَثَرَتْ بي، قُلْتُ: عَلَّكِ وانتهَى
إِلى بابِ أَبْوابِ الوَلِيد كَلالُها
وأَنشد الفراء:
فَهُنَّ على أَكْتافِها، ورِمَاحُنا
يقُلْنَ لِمَن أَدْرَكنَ: تَعْساً ولا لَعَا
شُدَّدت اللام في قولهم عَلَّك لأَنهم أَرادوا عَلْ لَك، وكذلك
لَعَلَّكَ إِنما هو لَعَلْ لَك، قال الكسائي: العرب تُصَيِّرُ لَعَلْ مكان لَعاً
وتجعل لَعاً مكان لَعَلْ، وأَنشد في ذلك البيتَ، أَراد ولا لَعَلْ،
ومعناهما ارْتَفِعْ من العثْرَة؛ وقال في قوله:
عَلِّ صُروفِ الدَّهْرِ أَو دَوْلاتِها،
يُدِلْنَنا اللَّمَّة من لَمَّاتِها
معناه عاً لِصُروف الدهر، فأَسْقَطَ اللام من لَعاً لِصُروف الدهر
وصَيَّر نون لَعاً لاماً، لقرب مخرج النون من اللام، هذا على قول من كَسَر
صروف، ومن نصبها جعل عَلَّ بمعنى لَعَلَّ فَنَصَب صروفَ الدهر، ومعنى لَعاً
لك أَي ارتفاعاً؛ قال ابن رُومان: وسمعت الفراء يُنْشد عَلِّ صُروفِ
الدهر، فسأَلته: لِمَ تَكْسِر عَلِّ صُروفِ؟ فقال: إِنما معناه لَعاً لِصُروف
الدهر ودَوْلاتها، فانخفضت صُروف باللام والدهر بإِضافة الصروف إِليها،
أَراد أَوْ لَعاً لِدَوْلاتها ليُدِلْنَنا من هذا التفرق الذي نحن فيه
اجتماعاً ولَمَّة من اللمَّات؛ قال: دَعا لصروف الدهر ولدَوْلاتِها لأَنَّ
لَعاً معناه ارتفاعاً وتخَلُّصاً من المكروه، قال: وأَو بمعنى الواو في
قوله أَو دَوْلاتِها، وقال: يُدِلْنَنا فأَلقى اللام وهو يريدها كقوله:
لئن ذَهَبْتُ إِلى الحَجَّاج يقتُلني
أَراد لَيَقْتُلني. ولعَلَّ ولَعَلِّ طَمَعٌ وإِشْفاق، ومعناهما
التَّوَقُّع لمرجوّ أَو مَخُوف؛ قال العجاج:
يا أَبَتا عَلَّك أَو عَساكا
وهما كَعَلَّ؛ قال بعض النحويين: اللام زائدة مؤَكِّدة، وإِنما هو
عَلَّ، وأَما سيبويه فجعلهما حرفاً واحداً غير مزيد، وحكى أَبو زيد أَن لغة
عُقَيْل لعَلِّ زيدٍ مُنْطَلِقٌ، بكسر اللام، من لَعَلِّ وجَرِّ زيد؛ قال
كعب بن سُوَيد الغَنَوي:
فقلت: ادْعُ أُخرى وارْفَع الصَّوتَ ثانياً،
لَعَلِّ أَبي المِغْوارِ منك قَرِيب
وقال الأَخفش: ذكر أَبو عبيدة أَنه سمع لام لَعَلَّ مفتوحة في لغة من
يَجُرُّ بها في قول الشاعر:
لَعَلَّ اللهِ يُمْكِنُني عليها،
جِهاراً من زُهَيرٍ أَو أَسيد
وقوله تعالى: لعَلَّه يَتَذَكَّر أَو يخشى؛ قال سيبويه: والعِلم قد أَتى
من وراء ما يكون ولكِن اذْهَبا أَنتما على رَجائكما وطمَعِكما
ومَبْلَغِكما من العِلم وليس لهما أَكثرُ مِنْ ذا ما لم يُعْلَما، وقال ثعلب:
معناه كي يتَذَكَّر. أَخبر محمد بن سَلاَم عن يونس أَنه سأَله عن قوله تعالى:
فلعَلَّك باخِعٌ نفْسَك ولعَلَّك تارِكٌ بعض ما يُوحى إِليك، قال: معناه
كأَنك فاعِلٌ ذلك إِن لم يؤمنوا، قال: ولَعَلَّ لها مواضع في كلام
العرب، ومن ذلك قوله: لعَلَّكم تَذَكَّرون ولعَلَّكم تَتَّقون ولعَلَّه
يتَذَكَّر، قال: معناه كيْ تتَذَكَّروا كيْ تَتَّقُوا، كقولك ابْعَثْ إِليَّ
بدابَّتك لعَلِّي أَرْكَبُها، بمعنى كي أَرْكَبَها، وتقول: انطَلِقْ بنا
لعَلَّنا نتَحدَّث أَي كي نتحدَّث؛ قال ابن الأَنباري: لعَلَّ تكون
تَرَجِّياً، وتكون بمعنى كيْ على رأْي الكوفيين؛ وينشدون:
فأَبْلُوني بَلِيَّتَكُمْ لَعَلِّي
أُصالِحُكُم، وأَسْتَدْرِجْ نُوَيّا
(* فسره الدسوقي فقال: أبلوني أعطوني، والبلية الناقة تعقل على قبر
صاحبها الميت بلا طعام ولا شراب حتى تموت، ونويّ بفتح الواو كهويّ، وأَصله
نواي كعصاي قلبت الالف ياء على لغة هذيل والشاعر منهم، والنوى الجهة التي
ينويها المسافر. وقوله: استدرج، هكذا مجزومة في الأصل).
وتكون ظَنًّا كقولك لَعَلِّي أَحُجُّ العامَ، ومعناه أَظُنُّني
سأَحُجُّ، كقول امرئ القيس:
لَعَلَّ مَنايانا تَبَدَّلْنَ أَبْؤُسا
أَي أَظُنُّ منايانا تبدَّلنَ أَبؤُسا؛ وكقول صخر الهذلي:
لعَلَّكَ هالِكٌ أَمَّا غُلامٌ
تَبَوَّأَ مَنْ شَمَنْصِيرٍ مَقاما
وتكون بمعنى عَسى كقولك: لعَلَّ عبدَ الله يقوم، معناه عَسى عبدُ الله؛
وذلك بدليل دخول أَن في خبرها في نحو قول مُتَمِّم:
لعَلَّكَ يَوْماً أَن تُلِمَّ مُلِمَّةٌ
عَلَيْك من اللاَّتي يَدَعْنَكَ أَجْدَعا
وتكون بمعنى الاستفهام كقولك: لَعَلَّك تَشْتُمُني فأُعاقِبَك؟ معناه هل
تشْتُمني، وقد جاءت في التنزيل بمعنى كَيْ، وفي حديث حاطب: وما يُدْريك
لعلَّ اللهَ قد اطَّلَع على أَهل بَدْرٍ فقال لهم اعْمَلوا ما شئتم فقد
غَفَرْتُ لكم؛ ظَنَّ بعضهم أَن معنى لَعَلَّ ههنا من جهة الظَّن
والحِسْبان، وليس كذلك وإِنما هي بمعني عَسى، وعَسى ولعَلَّ من الله تحقيق. ويقال:
عَلَّك تَفْعَل وعَلِّي أَفعَلُ ولَعَلِّي أَفعَلُ، وربما قالوا:
عَلَّني ولَعَّنِي ولعَلَّني؛ وأَنشد أَبو زيد:
أَرِيني جَوَاداً مات هُزْلاً، لعَلَّني
أَرى ما تَرَيْنَ، أَو بَخِيلاً مُخَلَّدا
قال ابن بري: ذكر أَبو عبيدة أَن هذا البيت لحُطائط ابن
يَعْفُر، وذكر الحوفي أَنه لدُرَيد، وهذا البيت في قصيدة لحاتم معروفة
مشهورة. وعَلَّ ولَعَلَّ: لغتان بمعنىً مثل إِنَّ ولَيتَ وكأَنَّ ولكِنَّ
إِلاَّ أَنها تعمل عمل الفعل لشبههنَّ به فتنصب الاسم وترفع الخبر كما
تفعل كان وأَخواتها من الاًفعال، وبعضهم يخفِض ما بعدها فيقول: لعَلَّ زيدٍ
قائمٌ؛ سمعه أَبو زيد من عُقَيل. وقالوا لَعَلَّتْ، فأَنَّثُوا لعَلَّ
بالتاء، ولم يُبْدِلوها هاءً في الوقف كما لم يبدلوها في رُبَّتْ وثُمَّت
ولاتَ، لأَنه ليس للحرف قوَّةُ الاسم وتصَرُّفُه، وقالوا لعَنَّك
ولغَنَّك ورَعَنَّكَ ورَغَنَّك؛ كل ذلك على البدل، قال يعقوب: قال عيسى بن عمر
سمعت أَبا النجم يقول:
أُغْدُ لَعَلْنا في الرِّهان نُرْسِلُه
أَراد لعَلَّنا، وكذلك لأَنَّا ولأَنَّنا؛ قال: وسمعت أَبا الصِّقْر
ينشد:
أَرِيني جَوَاداً مات هُزْلاً، لأَنَّنِي
أَرَى ما تَرَيْنَ، أَو بَخِيلاً مُخَلَّدا
وبعضهم يقول: لَوَنَّني.