* " تأدية القُرَّاء القراءة إلينا بالنقل عمَّن قبلهم ". * ما جاء صحيحاً مستفاضاً متلقى بالقبول كمراتب المد الزائدة على القدر المشترك، وهذا وأمثاله ملحق بالقراءة المتواترة حكماً.
[في الانكليزية] Practice ،execution
[ في الفرنسية] Pratique ،execution
جمع: جَمَعَ الشيءَ عن تَفْرِقة يَجْمَعُه جَمْعاً وجَمَّعَه وأَجْمَعَه
فاجتَمع واجْدَمَعَ، وهي مضارعة، وكذلك تجمَّع واسْتجمع. والمجموع: الذي
جُمع من ههنا وههنا وإِن لم يجعل كالشيء الواحد. واسْتجمع السيلُ: اجتمع
من كل موضع. وجمَعْتُ الشيء إِذا جئت به من ههنا وههنا. وتجمَّع القوم:
اجتمعوا أَيضاً من ههنا وههنا. ومُتجمَّع البَيْداءِ: مُعْظَمُها
ومُحْتَفَلُها؛ قال محمد بن شَحّاذٍ الضَّبّيّ:
في فِتْيَةٍ كلَّما تَجَمَّعَتِ الـ
ـبَيْداء، لم يَهْلَعُوا ولم يَخِمُوا
أَراد ولم يَخِيمُوا، فحذف ولم يَحْفَل بالحركة التي من شأْنها أَن
تَرُدَّ المحذوف ههنا، وهذا لا يوجبه القياس إِنما هو شاذ؛ ورجل مِجْمَعٌ
وجَمّاعٌ.
والجَمْع: اسم لجماعة الناس. والجَمْعُ: مصدر قولك جمعت الشيء.
والجمْعُ: المجتمِعون، وجَمْعُه جُموع. والجَماعةُ والجَمِيع والمَجْمع
والمَجْمَعةُ: كالجَمْع وقد استعملوا ذلك في غير الناس حتى قالوا جَماعة الشجر
وجماعة النبات.
وقرأَ عبد الله بن مسلم: حتى أَبلغ مَجْمِعَ البحرين، وهو نادر
كالمشْرِق والمغرِب، أَعني أَنه شَذَّ في باب فَعَل يَفْعَلُ كما شذَّ المشرق
والمغرب ونحوهما من الشاذ في باب فَعَلَ يَفْعُلُ، والموضع مَجْمَعٌ
ومَجْمِعٌ مثال مَطْلَعٍ ومَطْلِع، وقوم جَمِيعٌ: مُجْتَمِعون. والمَجْمَع: يكون
اسماً للناس وللموضع الذي يجتمعون فيه. وفي الحديث: فضرب بيده مَجْمَعَ
بين عُنُقي وكتفي أَي حيث يَجْتمِعان، وكذلك مَجْمَعُ البحرين
مُلْتَقاهما. ويقال: أَدامَ اللهُ جُمْعةَ ما بينكما كما تقول أَدام الله أُلْفَةَ
ما بينكما.
وأَمرٌ جامِعٌ: يَجمع الناسَ. وفي التنزيل: وإِذا كانوا معه على أَمر
جامِعٍ لم يَذهبوا حتى يَستأْذِنوه؛ قال الزجاج: قال بعضهم كان ذلك في
الجُمعة قال: هو، والله أَعلم، أَن الله عز وجل أَمر المؤمنين إِذا كانوا مع
نبيه، صلى الله عليه وسلم، فيما يحتاج إِلى الجماعة فيه نحو الحرب وشبهها
مما يحتاج إِلى الجَمْعِ فيه لم يذهبوا حتى يستأْذنوه. وقول عمر بن عبد
العزيز، رضي الله عنه: عَجِبْت لمن لاحَنَ الناسَ كيف لا يَعْرِفُ
جَوامِعَ الكلم؛ معناه كيف لا يَقْتَصِر على الإِيجاز ويَترك الفُضول من
الكلام، وهو من قول النبي، صلى الله عليه وسلم: أُوتِيتُ جَوامِعَ الكَلِم يعني
القرآن وما جمع الله عز وجل بلطفه من المعاني الجَمَّة في الأَلفاظ
القليلة كقوله عز وجل: خُذِ العَفْو وأْمُر بالعُرْف وأَعْرِضْ عن الجاهلين.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان يتكلم بجَوامِعِ الكَلِم أَي
أَنه كان كثير المعاني قليل الأَلفاظ. وفي الحديث: كان يَستحِبُّ الجَوامع
من الدعاء؛ هي التي تَجْمع الأَغْراض الصالحةَ والمَقاصِدَ الصحيحة أَو
تَجْمع الثناء على الله تعالى وآداب المسأَلة. وفي الحديث: قال له
أَقْرِئني سورة جامعة، فأَقرأَه: إَذا زلزلت، أَي أَنها تَجْمَعُ أَشياء من الخير
والشر لقوله تعالى فيها: فمن يَعمل مِثقالَ ذرَّة خيراً يره ومن يَعمل
مثقال ذرَّة شرّاً يره. وفي الحديث: حَدِّثْني بكلمة تكون جِماعاً، فقال:
اتَّقِ الله فيما تعلم؛ الجِماع ما جَمَع عَدداً أَي كلمةً تجمع كلمات.
وفي أَسماء الله الحسنى: الجامعُ؛ قال ابن الأَثير: هو الذي يَجْمع
الخلائق ليوم الحِساب، وقيل: هو المؤَلِّف بين المُتماثِلات والمُتضادّات في
الوجود؛ وقول امرئ القيس:
فلو أَنَّها نفْسٌ تموتُ جَميعةً،
ولكِنَّها نفْسٌ تُساقِطُ أَنْفُسا
إِنما أَراد جميعاً، فبالغ بإِلحاق الهاء وحذف الجواب للعلم به كأَنه
قال لفَنِيت واسْتراحت. وفي حديث أُحد: وإِنَّ رجلاً من المشركين جَمِيعَ
اللأْمةِ أَي مُجْتَمِعَ السِّلاحِ. والجَمِيعُ: ضد المتفرِّق؛ قال قيس بن
معاذ وهو مجنون بني عامر:
فقدْتُكِ مِن نَفْسٍ شَعاعٍ، فإِنَّني
نَهَيْتُكِ عن هذا، وأَنتِ جَمِيعُ
(* قوله «فقدتك إلخ» نسبه المؤلف في مادة شعع لقيس بن ذريح لا لابن
معاذ.)
وفي الحديث: له سَهم جَمع أَي له سهم من الخير جُمع فيه حَظَّانِ،
والجيم مفتوحة، وقيل: أَراد بالجمع الجيش أَي كسهمِ الجَيْشِ من الغنيمة.
والجميعُ: الجَيْشُ؛ قال لبيد:
في جَمِيعٍ حافِظِي عَوْراتِهم،
لا يَهُمُّونَ بإِدْعاقِ الشَّلَلْ
والجَمِيعُ: الحيُّ المجتمِع؛ قال لبيد:
عَرِيَتْ، وكان بها الجَمِيعُ فأَبْكَرُوا
منها، فغُودِرَ نُؤْيُها وثُمامُها
وإِبل جَمّاعةٌ: مُجْتَمِعة؛ قال:
لا مالَ إِلاَّ إِبِلٌ جَمّاعهْ،
مَشْرَبُها الجِيّةُ أَو نُقاعَهْ
والمَجْمَعةُ: مَجلِس الاجتماع؛ قال زهير:
وتُوقدْ نارُكُمْ شَرَراً ويُرْفَعْ،
لكم في كلِّ مَجْمَعَةٍ، لِواءُ
والمَجْمعة: الأَرض القَفْر. والمَجْمعة: ما اجتَمع من الرِّمال وهي
المَجامِعُ؛ وأَنشد:
باتَ إِلى نَيْسَبِ خَلٍّ خادِعِ،
وَعْثِ النِّهاضِ، قاطِعِ المَجامِعِ
بالأُمّ أَحْياناً وبالمُشايِعِ
المُشايِعُ: الدليل الذي ينادي إِلى الطريق يدعو إِليه. وفي الحديث:
فَجَمعْتُ على ثيابي أَي لبستُ الثيابَ التي يُبْرَزُ بها إِلى الناس من
الإِزار والرِّداء والعمامة والدِّرْعِ والخِمار. وجَمَعت المرأَةُ الثيابَ:
لبست الدِّرْع والمِلْحَفةَ والخِمار، يقال ذلك للجارية إِذا شَبَّتْ،
يُكْنى به عن سن الاسْتواء. والجماعةُ: عددُ كل شيءٍ وكثْرَتُه.
وفي حديث أَبي ذرّ: ولا جِماعَ لنا فيما بَعْدُ أَي لا اجتماع لنا.
وجِماع الشيء: جَمْعُه، تقول: جِماعُ الخِباء الأَخْبِيةُ لأَنَّ الجِماعَ ما
جَمَع عدَداً. يقال: الخَمر جِماعُ الإِثْم أَي مَجْمَعهُ ومِظنَّتُه.
وقال الحسين
(* قوله «الحسين» في النهاية الحسن. وقوله «التي جماعها» في
النهاية: فان جماعها.)، رضي الله عنه: اتَّقوا هذه الأَهواء التي جِماعُها
الضلالةُ ومِيعادُها النار؛ وكذلك الجميع، إِلا أَنه اسم لازم.
والرجل المُجتمِع: الذي بَلغ أَشُدَّه ولا يقال ذلك للنساء. واجْتَمَعَ
الرجلُ: اسْتَوت لحيته وبلغ غايةَ شَابِه، ولا يقال ذلك للجارية. ويقال
للرجل إِذا اتصلت لحيته: مُجْتَمِعٌ ثم كَهْلٌ بعد ذلك؛ وأَنشد أَبو
عبيد:قد سادَ وهو فَتًى، حتى إِذا بلَغَت
أَشُدُّه، وعلا في الأَمْرِ واجْتَمَعا
ورجل جميعٌ: مُجْتَمِعُ الخَلْقِ. وفي حديث الحسن، رضي الله عنه: أَنه
سمع أَنس بن مالك، رضي الله عنه، وهو يومئذ جَمِيعٌ أَي مُجْتَمِعُ
الخَلْقِ قَوِيٌّ لم يَهْرَم ولم يَضْعُفْ، والضمير راجع إِلى أَنس. وفي صفته،
صلى الله عليه وسلم: كان إِذا مَشَى مشى مُجْتَمِعاً أَي شديد الحركة
قويَّ الأَعضاء غير مُسْتَرْخٍ في المَشْي. وفي الحديث: إِن خَلْقَ أَحدِكم
يُجْمَعُ في بطن أُمه أَربعين يوماً أَي أَن النُّطفة إِذا وقَعت في
الرحم فأَراد الله أَن يخلق منها بشراً طارتْ في جسم المرأَة تحت كل ظُفُر
وشعَر ثم تمكُث أَربعين ليلة ثم تنزل دَماً في الرحِم، فذلك جَمْعُها،
ويجوز أَن يريد بالجَمْع مُكْث النطفة بالرحم أَربعين يوماً تَتَخَمَّرُ فيها
حتى تتهيَّأَ للخلق والتصوير ثم تُخَلَّق بعد الأَربعين. ورجل جميعُ
الرأْي ومُجْتَمِعُهُ: شديدُه ليس بمنْتشِره.
والمسجدُ الجامعُ: الذي يَجمع أَهلَه، نعت له لأَنه علامة للاجتماع، وقد
يُضاف، وأَنكره بعضهم، وإِن شئت قلت: مسجدُ الجامعِ بالإِضافة كقولك
الحَقُّ اليقين وحقُّ اليقينِ، بمعنى مسجد اليومِ الجامعِ وحقِّ الشيء
اليقينِ لأَن إِضافة الشيء إِلى نفسه لا تجوز إِلا على هذا التقدير، وكان
الفراء يقول: العرب تُضيف الشيءَ إِلى نفسه لاختلاف اللفظين؛ كما قال
الشاعر:فقلت: انْجُوَا عنها نَجا الجِلْدِ، إِنه
سَيُرْضِيكما منها سَنامٌ وغارِبُهْ
فأَضاف النَّجا وهو الجِلْد إِلى الجلد لمّا اختلف اللفظانِ، وروى
الأَزهري عن الليث قال: ولا يقال مسجدُ الجامعِ، ثم قال الأَزهري: النحويون
أَجازوا جميعاً ما أَنكره الليث، والعرب تُضِيفُ الشيءَ إِلى نفْسه وإِلى
نَعْتِه إِذا اختلف اللفظانِ كما قال تعالى: وذلك دِينُ القَيِّمةِ؛ ومعنى
الدِّين المِلَّةُ كأَنه قال وذلك دِين الملَّةِ القيِّمةِ، وكما قال
تعالى: وَعْدَ الصِّدْقِ ووعدَ الحقِّ، قال: وما علمت أَحداً من النحويين
أَبى إِجازته غيرَ الليث، قال: وإِنما هو الوعدُ الصِّدقُ والمسجِدُ
الجامعُ والصلاةُ الأُولى.
وجُمّاعُ كل شيء: مُجْتَمَعُ خَلْقِه. وجُمّاعُ جَسَدِ الإِنسانِ:
رأْسُه. وجُمّاعُ الثمَر: تَجَمُّعُ بَراعيمِه في موضع واحد على حمله؛ وقال ذو
الرمة:
ورأْسٍ كَجُمّاعِ الثُّرَيّا، ومِشْفَرٍ
كسِبْتِ اليمانيِّ، قِدُّهُ لم يُجَرَّدِ
وجُمّاعُ الثريَّا: مُجْتَمِعُها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ونَهْبٍ كجُمّاعِ الثُرَيّا، حَوَيْتُه
غِشاشاً بمُجْتابِ الصِّفاقَيْنِ خَيْفَقِ
فقد يكون مُجتمِعَ الثُّريا، وقد يكون جُمَّاع الثريا الذين يجتمعون على
مطر الثريا، وهو مطر الوَسْمِيّ،
ينتظرون خِصْبَه وكَلأَه، وبهذا القول الأَخير فسره ابن الأَعرابي.
والجُمّاعُ: أَخلاطٌ من الناس، وقيل: هم الضُّروب المتفرّقون من الناس؛ قال
قيس بن الأَسلت السُّلَمِيّ يصف الحرب:
حتى انْتَهَيْنا، ولَنا غايةٌ،
مِنْ بَيْنِ جَمْعٍ غيرِ جُمّاعِ
وفي التنزيل: وجعلناكم شُعوباً وقَبائلَ؛ قال ابن عباس: الشُّعوبُ
الجُمّاعُ والقَبائلُ الأَفْخاذُ؛ الجُمَّاع، بالضم والتشديد: مُجْتَمَعُ
أَصلِ كلّ شيء، أَراد مَنْشأَ النَّسَبِ وأَصلَ المَوْلِدِ، وقيل: أَراد به
الفِرَقَ المختلفةَ من الناس كالأَوْزاعِ والأَوْشابِ؛ ومنه الحديث: كان
في جبل تِهامةَ جُمّاع غَصَبُوا المارّةَ أَي جَماعاتٌ من قَبائلَ شَتَّى
متفرّقة. وامرأَةُ جُمّاعٌ: قصيرة. وكلُّ ما تَجَمَّعَ وانضمّ بعضُه إِلى
بعض جُمّاعٌ.
ويقال: ذهب الشهر بجُمْعٍ وجِمْعٍ أَي أَجمع. وضربه بحجر جُمْعِ الكف
وجِمْعِها أَي مِلْئها. وجُمْعُ الكف، بالضم: وهو حين تَقْبِضُها. يقال:
ضربوه بأَجماعِهم إِذا ضربوا بأَيديهم. وضربته بجُمْع كفي، بضم الجيم،
وتقول: أَعطيته من الدّراهم جُمْع الكفّ كما تقول مِلْءَ الكفّ. وفي الحديث:
رأَيت خاتم النبوَّة كأَنه جُمْعٌ، يُريد مثل جُمْع الكف، وهو أَن تَجمع
الأَصابع وتَضُمَّها. وجاء فلان بقُبْضةٍ مِلْء جُمْعِه؛ وقال منظور بن
صُبْح الأَسديّ:
وما فعَلتْ بي ذاكَ حتى تَركْتُها،
تُقَلِّبُ رأْساً مِثْلَ جُمْعِيَ عَارِيا
وجُمْعةٌ من تمر أَي قُبْضة منه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: صلى
المغرب فلما انصرف دَرَأَ جُمْعةً من حَصى المسجد؛ الجُمْعةُ: المَجموعةُ.
يقال: أَعطِني جُمعة من تَمْر، وهو كالقُبْضة. وتقول: أَخذْت فلاناً بجُمْع
ثيابه. وأَمْرُ بني فلان بجُمْعٍ وجِمْعٍ، بالضم والكسر، فلا تُفْشُوه
أَي مُجتمِعٌ فلا تفرِّقوه بالإِظهار، يقال ذلك إِذا كان مكتوماً ولم يعلم
به أَحد، وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه ذكر الشهداء فقال:
ومنهم أَن تموت المرأَة بجُمْع؛ يعني أَن تموتَ وفي بطنها ولد، وكسر
الكسائي الجيم، والمعنى أَنها ماتت مع شيء مَجْموع فيها غير منفصل عنها من
حَمْل أَو بَكارة، وقد تكون المرأَة التي تموت بجُمع أَن تموتَ ولم يمسّها
رجل، وروي ذلك في الحديث: أَيُّما امرأَة ماتتْ بجُمع لم تُطْمَثْ دخلت
الجنة؛ وهذا يريد به البكْر. الكسائي: ما جَمَعْتُ بامرأَة قط؛ يريد ما
بَنَيْتُ. وباتتْ فلانةُ منه بجُمْع وجِمْع أَي بكراً لم يَقْتَضَّها. قالت
دَهْناء بنت مِسْحلٍ امرأَة العجاج للعامل: أَصلح الله الأَمير إِني منه
بجُمع وجِمْع أَي عَذْراء لم يَقْتَضَّني. وماتت المرأَة بجُمع وجِمع أَي
ماتت وولدها في بطنها، وهي بجُمع وجِمْع أَي مُثْقلة. أَبو زيد: ماتت
النساء بأَجْماع، والواحدة بجمع، وذلك إِذا ماتت وولدُها في بطنها، ماخِضاً
كانت أَو غير ماخَضٍ. وإِذا طلَّق الرجلُ امرأَته وهي عذراء لم يدخل بها
قيل: طلقت بجمع أَي طلقت وهي عذراء. وناقة جِمْعٌ: في بطنها ولد؛ قال:
ورَدْناه في مَجْرى سُهَيْلٍ يَمانِياً،
بِصُعْرِ البُرى، ما بين جُمْعٍ وخادجِ
والخادِجُ: التي أَلقت ولدها. وامرأَة جامِعٌ: في بطنها ولد، وكذلك
الأَتان أَوّل ما تحمل. ودابة جامِعٌ: تصلحُ للسرْج والإِكافِ.
والجَمْعُ: كل لون من التمْر لا يُعرف اسمه، وقيل: هو التمر الذي يخرج
من النوى.
وجامَعها مُجامَعةً وجَماعاً: نكحها. والمُجامعةُ والجِماع: كناية عن
النكاح. وجامَعه على الأَمر: مالأَه عليه واجْتمع معه، والمصدر كالمصدر.
وقِدْرٌ جِماعٌ وجامعةٌ: عظيمة، وقيل: هي التي تجمع الجَزُور؛ قال
الكسائي: أَكبر البِرام الجِماع ثم التي تليها المِئكلةُ.ويقال: فلان جماعٌ
لِبني فلان إِذا كانوا يأْوُون إِلى رأْيه وسودَدِه كما يقال مَرَبٌّ
لهم.واسَتَجمع البَقْلُ إِذا يَبِس كله. واستجمع الوادي إِذا لم يبق منه
موضع إِلا سال. واستجمع القوم إِذا ذهبوا كلهم لم يَبْق منهم أَحد كما
يَستجمِع الوادي بالسيل.
وجَمَعَ أَمْرَه وأَجمعه وأَجمع عليه: عزم عليه كأَنه جَمَع نفسه له،
والأَمر مُجْمَع. ويقال أَيضاً: أَجْمِعْ أَمرَك ولا تَدَعْه مُنْتشراً؛
قال أَبو الحَسْحاس:
تُهِلُّ وتَسْعَى بالمَصابِيح وسْطَها،
لها أَمْرُ حَزْمٍ لا يُفرَّق مُجْمَع
وقال آخر:
يا ليْتَ شِعْري، والمُنى لا تَنفعُ،
هل أَغْدُوَنْ يوماً، وأَمْري مُجْمَع؟
وقوله تعالى: فأَجمِعوا أَمركم وشُرَكاءكم؛ أَي وادْعوا شركاءكم، قال:
وكذلك هي في قراءة عبد الله لأَنه لا يقال أَجمعت شركائي إِنما يقال جمعت؛
قال الشاعر:
يا ليتَ بَعْلَكِ قد غَدا
مُتَقلِّداً سيْفاً ورُمحا
أَراد وحاملاً رُمْحاً لأَن الرمح لا يُتقلَّد. قال الفرّاء: الإِجْماعُ
الإِعْداد والعزيمةُ على الأَمر، قال: ونصبُ شُركاءكم بفعل مُضْمر كأَنك
قلت: فأَجمِعوا أَمركم وادْعوا شركاءكم؛ قال أَبو إِسحق: الذي قاله
الفرّاء غَلَطٌ في إِضْماره وادْعوا شركاءكم لأَن الكلام لا فائدة له لأَنهم
كانوا يَدْعون شركاءهم لأَن يُجْمعوا أَمرهم، قال: والمعنى فأَجْمِعوا
أَمرَكم مع شركائكم، وإِذا كان الدعاء لغير شيء فلا فائدة فيه، قال: والواو
بمعنى مع كقولك لو تركت الناقة وفَصِيلَها لرضَعَها؛ المعنى: لو تركت
الناقة مع فصيلِها، قال: ومن قرأَ فاجْمَعوا أَمركم وشركاءكم بأَلف موصولة
فإِنه يعطف شركاءكم على أَمركم، قال: ويجوز فاجْمَعوا أَمرَكم مع
شركائكم، قال الفراء: إَذا أَردت جمع المُتَفرّق قلت: جمعت القوم، فهم مجموعون،
قال الله تعالى: ذلك يوم مجموع له الناسُ، قال: وإِذا أَردت كَسْبَ
المالِ قلت: جَمَّعْتُ المالَ كقوله تعالى: الذي جَمَّع مالاً وعدَّده، وقد
يجوز: جمَع مالاً، بالتخفيف. وقال الفراء في قوله تعالى: فأَجْمِعوا
كيْدَكم ثم ائتُوا صفًّا، قال: الإِجماعُ الإِحْكام والعزيمة على الشيء، تقول:
أَجمعت الخروج وأَجمعت على الخروج؛ قال: ومن قرأَ فاجْمَعوا كيدَكم،
فمعناه لا تدَعوا شيئاً من كيدكم إِلاّ جئتم به. وفي الحديث: من لم يُجْمِع
الصِّيامَ من الليل فلا صِيام له؛ الإِجْماعُ إِحكامُ النيةِ والعَزيمةِ،
أَجْمَعْت الرأْي وأَزْمَعْتُه وعزَمْت عليه بمعنى. ومنه حديث كعب بن
مالك: أَجْمَعْتُ صِدْقَه. وفي حديث صلاة المسافر: ما لم أُجْمِعْ مُكْثاً
أَي ما لم أَعْزِم على الإِقامة. وأَجْمَعَ أَمرَه أَي جعلَه جَميعاً
بعدَما كان متفرقاً، قال: وتفرّقُه أَنه جعل يديره فيقول مرة أَفعل كذا
ومرَّة أَفْعل كذا، فلما عزم على أَمر محكم أَجمعه أَي جعله جَمْعاً؛ قال:
وكذلك يقال أَجْمَعتُ النَّهْبَ، والنَّهْبُ: إِبلُ القوم التي أَغار عليها
اللُّصُوص وكانت متفرقة في مراعيها فجَمَعوها من كل ناحية حتى اجتمعت
لهم، ثم طَرَدوها وساقُوها، فإِذا اجتمعت قيل: أَجْمعوها؛ وأُنشد لأَبي ذؤيب
يصف حُمُراً:
فكأَنها بالجِزْعِ، بين نُبايِعٍ
وأُولاتِ ذي العَرْجاء، نَهْبٌ مُجْمَعُ
قال: وبعضهم يقول جَمَعْت أَمرِي. والجَمْع: أَن تَجْمَع شيئاً إِلى
شيء. والإِجْماعُ: أَن تُجْمِع الشيء المتفرِّقَ جميعاً، فإِذا جعلته جميعاً
بَقِي جميعاً ولم يَكد يَتفرّق كالرأْي المَعْزوم عليه المُمْضَى؛ وقيل
في قول أَبي وجْزةَ السَّعْدي:
وأَجْمَعَتِ الهواجِرُ كُلَّ رَجْعٍ
منَ الأَجْمادِ والدَّمَثِ البَثاء
أَجْمعت أَي يَبَّسَتْ، والرجْعُ: الغديرُ. والبَثاءُ: السهْل.
وأَجْمَعْتُ الإِبل: سُقْتها جميعاً. وأَجْمَعَتِ الأَرضُ سائلةً وأَجمعَ المطرُ
الأَرضَ إِذا سالَ رَغابُها وجَهادُها كلُّها. وفَلاةٌ مُجْمِعةٌ
ومُجَمِّعةٌ: يَجتمع فيها القوم ولا يتفرّقون خوف الضلال ونحوه كأَنها هي التي
تَجْمَعُهم. وجُمْعةٌ من أَي قُبْضة منه.
وفي التنزيل: يا أَيها الذين آمنوا إِذا نُودِي للصلاةِ من يوم الجمعة؛
خففها الأَعمش وثقلها عاصم وأَهل الحجاز، والأَصل فيها التخفيف جُمْعة،
فمن ثقل أَتبع الضمةَ الضمة، ومن خفف فعلى الأَصل، والقُرّاء قرؤوها
بالتثقيل، ويقال يوم الجُمْعة لغة بني عُقَيْلٍ ولو قُرِئ بها كان صواباً،
قال: والذين قالوا الجُمُعَة ذهبوا بها إِلى صِفة اليومِ أَنه يَجْمع
الناسَ كما يقال رجل هُمَزةٌ لُمَزَةٌ ضُحَكة، وهو الجُمْعة والجُمُعة
والجُمَعة، وهو يوم العَرُوبةِ، سمّي بذلك لاجتماع الناس فيه، ويُجْمع على
جُمُعات وجُمَعٍ، وقيل: الجُمْعة على تخفيف الجُمُعة والجُمَعة لأَنها تجمع
الناس كثيراً كما قالوا: رجل لُعَنة يُكْثِر لعْنَ الناس، ورجل ضُحَكة يكثر
الضَّحِك. وزعم ثعلب أَن أَوّل من سماه به كعبُ بن لؤيّ جدُّ سيدنا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، وكان يقال له العَرُوبةُ، وذكر السهيلي في
الرَّوْض الأُنُف أَنَّ كعب بن لؤيّ أَوّلُ من جَمَّع يوم العَرُوبةِ، ولم
تسمَّ العَروبةُ الجُمعة إِلا مُذ جاء الإِسلام، وهو أَوَّل من سماها
الجمعة فكانت قريش تجتمِعُ إِليه في هذا اليوم فيَخْطُبُهم ويُذَكِّرُهم
بمَبْعَث النبي، صلى الله عليه وسلم، ويُعلمهم أَنه من ولده ويأْمرهم
باتِّبَاعِه، صلى الله عليه وسلم، والإِيمان به، ويُنْشِدُ في هذا أَبياتاً
منها:
يا ليتني شاهِدٌ فَحْواء دَعْوَتِه،
إِذا قُرَيْشٌ تُبَغِّي الحَقَّ خِذْلانا
وفي الحديث: أَوَّلُ جُمُعةٍ جُمِّعَت بالمدينة؛ جُمّعت بالتشديد أَي
صُلّيت. وفي حديث معاذ: أَنه وجد أَهل مكة يُجَمِّعُون في الحِجْر فنهاهم
عن ذلك؛ يُجمِّعون أَي يصلون صلاة الجمعة وإِنما نهاهم عنه لأَنهم كانوا
يَستظِلُّون بفَيْء الحِجْر قبل أَن تزول الشمس فنهاهم لتقديمهم في الوقت.
وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أَنه قال: إِنما سمي يوم الجمعة
لأَنَّ الله تعالى جَمَع فيه خَلْق آدم، صلى الله على نبينا وعليه وسلم. وقال
أَقوام: إِنما سميت الجمعة في الإِسلام وذلك لاجتماعهم في المسجد. وقال
ثعلب: إِنما سمي يوم الجمعة لأَن قريشاً كانت تجتمع إِلى قُصَيّ في دارِ
النَّدْوةِ. قال اللحياني: كان أَبو زياد
(* كذا بياض بالأصل.) ... وأَبو
الجَرّاح يقولان مضَت الجمعة بما فيها فيُوَحِّدان ويؤنّثان، وكانا
يقولان: مضى السبت بما فيه ومضى الأَحد بما فيه فيُوَحِّدان ويُذَكِّران،
واختلفا فيما بعد هذا، فكان أَبو زياد يقول: مضى الاثْنانِ بما فيه، ومضى
الثَّلاثاء بما فيه، وكذلك الأَربعاء والخميس، قال: وكان أَبو الجراح يقول:
مضى الاثنان بما فيهما، ومضى الثلاثاء بما فيهنّ، ومضى الأَرْبعاء بما
فيهن، ومضى الخميس بما فيهن، فيَجْمع ويُؤنث يُخْرج ذلك مُخْرج العدد.
وجَمَّع الناسُ تَجْمِيعاً: شَهِدوا الجمعة وقَضَوُا الصلاة فيها. وجَمَّع
فلان مالاً وعَدَّده. واستأْجرَ الأَجِيرَ مُجامعة وجِماعاً؛ عن اللحياني:
كل جمعة بِكراء. وحكى ثعلب عن ابن الأَعرابي: لانك جُمَعِيّاً، بفتح
الميم، أَي ممن يصوم الجمعة وحْده. ويومُ الجمعة: يومُ القيامة.
وجمْعٌ: المُزْدَلِفةُ مَعْرفة كعَرَفات؛ قال أَبو ذؤيب:
فباتَ بجَمْعٍ ثم آبَ إِلى مِنًى،
فأَصْبَحَ راداً يَبْتَغِي المَزْجَ بالسَّحْلِ
ويروى: ثم تَمّ إِلى منًى. وسميت المزدلفة بذلك لاجتماع الناس بها. وفي
حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: بعثني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في
الثَّقَل من جَمْعٍ بليل؛ جَمْعٌ علم للمُزْدلفة، سميت بذلك لأَن آدمَ
وحوّاء لما هَبَطا اجْتَمَعا بها.
وتقول: اسْتَجْمَعَ السيْلُ واسْتَجْمَعَتْ للمرء أُموره. ويقال
للمَسْتَجِيش: اسْتَجْمَع كلَّ مَجْمَعٍ. واسْتَجْمَع الفَرَسُ جَرْياً: تكَمَّش
له؛ قال يصف سراباً:
ومُسْتَجْمِعٍ جَرْياً، وليس ببارِحٍ،
تُبارِيهِ في ضاحِي المِتانِ سَواعدُه
يعني السراب، وسَواعِدُه: مَجارِي الماء.
والجَمْعاء: الناقة الكافّة الهَرِمَةُ. ويقال: أَقمتُ عنده قَيْظةً
جَمْعاء وليلة جَمْعاء.
والجامِعةُ: الغُلُّ لأَنها تَجْمَعُ اليدين إِلى العنق؛ قال:
ولو كُبِّلَت في ساعِدَيَّ الجَوامِعُ
وأَجْمَع الناقةَ وبها: صَرَّ أَخلافَها جُمَعَ، وكذلك أَكْمَشَ بها.
وجَمَّعَت الدَّجاجةُ تَجْمِيعاً إِذا جَمَعَت بيضَها في بطنها. وأَرض
مُجْمِعةٌ: جَدْب لا تُفَرَّقُ فيها الرِّكاب لِرَعْي. والجامِعُ: البطن،
يَمانِيةٌ. والجَمْع: الدَّقَلُ. يقال: ما أَكثر الجَمْع في أَرض بني فلان
لنخل خرج من النوى لا يعرف اسمه. وفي الحديث أَنه أُتِيَ بتمر جَنِيب
فقال: من أَين لكم هذا؟ قالوا: إِنا لنأْخُذُ الصاعَ من هذا بالصاعَيْنِ،
فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فلا تفعلوا، بِعِ الجَمْع بالدّراهم
وابتع بالدراهم جَنِيباً. قال الأَصمعي: كلّ لون من النخل لا يعرف اسمه فهو
جَمع. يقال: قد كثر الجمع في أَرض فلان لنخل يخرج من النوى، وقيل الجمع
تمر مختلط من أَنواع متفرقة وليس مرغوباً فيه وما يُخْلَطُ إِلا
لرداءته.والجَمْعاء من البهائم: التي لم يذهب من بَدَنِها شيء. وفي الحديث: كما
تُنتَجُ البَهِيمةُ بَهِيمةً جَمْعاء أَي سليمة من العيوب مُجتمِعة
الأَعضاء كاملتها فلا جَدْعَ بها ولا كيّ.
وأَجْمَعْت الشيء: جعلته جميعاً؛ ومنه قول أَبي ذؤيب يصف حُمراً:
وأُولاتِ ذِي العَرْجاء نَهْبٌ مُجْمَع
وقد تقدم. وأُولاتُ ذي العرجاء: مواضعُ نسبها إِلى مكان فيه أَكمةٌ
عَرْجاء، فشبه الحُمر بإِبل انْتُهِبتْ وخُرِقتْ من طَوائِفها.
وجَمِيعٌ: يؤكّد به، يقال: جاؤوا جميعاً كلهم. وأَجْمعُ: من الأَلفاظ
الدالة على الإِحاطة وليست بصفة ولكنه يُلَمّ به ما قبله من الأَسماء
ويُجْرَى على إِعرابه، فلذلك قال النحويون صفة، والدليل على أَنه ليس بصفة
قولهم أَجمعون، فلو كان صفة لم يَسْلَم جَمْعُه ولكان مُكسّراً، والأُنثى
جَمْعاء، وكلاهما معرفة لا ينكَّر عند سيبويه، وأَما ثعلب فحكى فيهما
التنكير والتعريف جميعاً، تقول: أَعجبني القصرُ أَجمعُ وأَجمعَ، الرفعُ على
التوكيد والنصب على الحال، والجَمْعُ جُمَعُ، معدول عن جَمعاوات أَو
جَماعَى، ولا يكون معدولاً عن جُمْع لأَن أَجمع ليس بوصف فيكون كأَحْمر وحُمْر،
قال أَبو علي: بابُ أَجمعَ وجَمْعاء وأَكتعَ وكتْعاء وما يَتْبَع ذلك من
بقيته إِنما هو اتّفاق وتَوارُدٌ وقع في اللغة على غير ما كان في وزنه
منها، لأَن باب أَفعلَ وفَعلاء إِنما هو للصفات وجميعُها يجيء على هذا
الوضع نَكراتٍ نحو أَحمر وحمراء وأَصفر وصفراء، وهذا ونحوه صفاتٌ نكرات،
فأَمَّا أَجْمع وجمعاء فاسمانِ مَعْرفَتان ليسا بصفتين فإِنما ذلك اتفاق وقع
بين هذه الكلمة المؤكَّد بها. ويقال: لك هذا المال أَجْمعُ ولك هذه
الحِنْطة جمعاء. وفي الصحاح: وجُمَعٌ جَمْعُ جَمْعةٍ وجَمْعُ جَمْعاء في
تأْكيد المؤنث، تقول: رأَيت النسوة جُمَعَ، غير منون ولا مصروف، وهو معرفة
بغير الأَلف واللام، وكذلك ما يَجري مَجراه منه التوكيد لأَنه للتوكيد
للمعرفة، وأَخذت حقّي أَجْمَعَ في توكيد المذكر، وهو توكيد مَحْض، وكذلك
أَجمعون وجَمْعاء وجُمَع وأَكْتعون وأَبْصَعُون وأَبْتَعُون لا تكون إِلا
تأْكيداً تابعاً لما قبله لا يُبْتَدأُ ولا يُخْبر به ولا عنه، ولا يكون
فاعلاً ولا مفعولاً كما يكون غيره من التواكيد اسماً مرةً وتوكيداً أُخرى
مثل نفْسه وعيْنه وكلّه وأَجمعون: جَمْعُ أَجْمَعَ، وأَجْمَعُ واحد في معنى
جَمْعٍ، وليس له مفرد من لفظه، والمؤنث جَمعاء وكان ينبغي أَن يجمعوا
جَمْعاء بالأَلف والتاء كما جمعوا أَجمع بالواو والنون، ولكنهم قالوا في
جَمْعها جُمَع، ويقال: جاء القوم بأَجمعهم، وأَجْمُعهم أَيضاً، بضم الميم،
كما تقول: جاؤوا بأَكلُبهم جمع كلب؛ قال ابن بري: شاهد قوله جاء القوم
بأَجْمُعهم قول أَبي دَهْبل:
فليتَ كوانِيناً مِنَ اهْلِي وأَهلِها،
بأَجمُعِهم في لُجّةِ البحر، لَجَّجُوا
ومُجَمِّع: لقب قُصيِّ بن كلاب، سمي بذلك لأَنه كان جَمَّع قَبائل قريش
وأَنزلها مكةَ وبنى دار النَّدْوةِ؛ قال الشاعر:
أَبُوكم: قُصَيٌّ كان يُدْعَى مُجَمِّعاً،
به جَمَّع الله القَبائلَ من فِهْرِ
وجامِعٌ وجَمّاعٌ: اسمان. والجُمَيْعَى: موضع.
كتب: الكِتابُ: معروف، والجمع كُتُبٌ وكُتْبٌ. كَتَبَ الشيءَ يَكْتُبه كَتْباً وكِتاباً وكِتابةً، وكَتَّبَه: خَطَّه؛ قال أَبو النجم:
أَقْبَلْتُ من عِنْدِ زيادٍ كالخَرِفْ،
تَخُطُّ رِجْلايَ بخَطٍّ مُخْتَلِفْ،
تُكَتِّبانِ في الطَّريقِ لامَ أَلِفْ
قال: ورأَيت في بعض النسخِ تِكِتِّبانِ، بكسر التاء، وهي لغة بَهْرَاءَ، يَكْسِرون التاء، فيقولون: تِعْلَمُونَ، ثم أَتْبَعَ الكافَ كسرةَ
التاء.والكِتابُ أَيضاً: الاسمُ، عن اللحياني. الأَزهري: الكِتابُ اسم لما كُتب مَجْمُوعاً؛ والكِتابُ مصدر؛ والكِتابةُ لِـمَنْ تكونُ له صِناعةً، مثل الصِّياغةِ والخِـياطةِ.
والكِتْبةُ: اكْتِتابُك كِتاباً تنسخه.
ويقال: اكْتَتَبَ فلانٌ فلاناً أَي سأَله أَن يَكْتُبَ له كِتاباً في حاجة. واسْتَكْتَبه الشيءَ أَي سأَله أَن يَكْتُبَه له. ابن سيده: اكْتَتَبَه ككَتَبَه. وقيل: كَتَبَه خَطَّه؛ واكْتَتَبَه: اسْتَمْلاه، وكذلك اسْتَكْتَبَه. واكْتَتَبه: كَتَبه، واكْتَتَبْته: كَتَبْتُه. وفي التنزيل العزيز: اكْتَتَبَها فهي تُمْلى عليه بُكْرةً وأَصِـيلاً؛ أَي اسْتَكْتَبَها. ويقال: اكْتَتَبَ الرجلُ إِذا كَتَبَ نفسَه في دِيوانِ السُّلْطان. وفي الحديث: قال له رجلٌ إِنَّ امرأَتي خَرَجَتْ حاجَّةً، وإِني اكْتُتِبْت في غزوة كذا وكذا؛ أَي كَتَبْتُ اسْمِي في جملة الغُزاة. وتقول: أَكْتِبْنِي هذه القصيدةَ أَي أَمْلِها عليَّ. والكِتابُ: ما كُتِبَ فيه. وفي الحديث: مَن نَظَرَ في كِتابِ أَخيه بغير إِذنه، فكأَنما يَنْظُرُ في النار؛ قال ابن الأَثير: هذا تمثيل، أَي كما يَحْذر النارَ، فَلْـيَحْذَرْ هذا الصنيعَ، قال: وقيل معناه كأَنما يَنْظُر إِلى ما يوجِبُ عليه النار؛ قال: ويحتمل أَنه أَرادَ عُقوبةَ البَصرِ لأَن الجناية منه، كما يُعاقَبُ السمعُ إِذا اسْتَمع إِلى قوم، وهم له كارهُونَ؛ قال: وهذا الحديث محمولٌ على الكِتابِ الذي فيه سِرٌّ وأَمانة، يَكْرَه صاحبُه أَن يُطَّلَع عليه؛ وقيل: هو عامٌّ في كل كتاب. وفي الحديث: لا تَكْتُبوا عني غير القرآن. قال ابن الأَثير: وَجْهُ الجَمْعِ بين هذا الحديث، وبين اذنه في كتابة الحديث
عنه، فإِنه قد ثبت إِذنه فيها، أَن الإِذْنَ، في الكتابة، ناسخ للمنع منها بالحديث الثابت، وبـإِجماع الأُمة على جوازها؛ وقيل: إِنما نَهى أَن يُكْتَبَ الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة، والأَوَّل الوجه. وحكى الأَصمعي عن أَبي عمرو بن العَلاء: أَنه سمع بعضَ العَرَب يقول، وذَكَر إِنساناً فقال: فلانٌ لَغُوبٌ، جاءَتْهُ كتَابي فاحْتَقَرَها، فقلتُ له: أَتَقُولُ جاءَته كِتابي؟ فقال: نَعَمْ؛ أَليس بصحيفة! فقلتُ له: ما اللَّغُوبُ؟ فقال: الأَحْمَقُ؛ والجمع كُتُبٌ. قال سيبويه: هو مما اسْتَغْنَوْا فيه ببناءِ أَكثرِ العَدَدِ عن بناء أَدْناه، فقالوا: ثلاثةُ كُتُبٍ.
والـمُكاتَبَة والتَّكاتُبُ، بمعنى. والكِتابُ، مُطْلَقٌ: التوراةُ؛ وبه فسر الزجاج قولَه تعالى: نَبَذَ فَريقٌ من الذين أُوتُوا الكِتابَ. وقوله: كتابَ اللّه؛ جائز أَن يكون القرآنَ، وأَن يكون التوراةَ، لأَنَّ الذين كفروا بالنبي، صلى اللّه عليه وسلم، قد نَبَذُوا التوراةَ. وقولُه تعالى: والطُّورِ وكتابٍ مَسْطور. قيل: الكِتابُ ما أُثْبِتَ على بني آدم من أَعْمالهم. والكِتابُ: الصحيفة والدَّواةُ، عن اللحياني. قال: وقد قرئ ولم تَجدوا كِتاباً وكُتَّاباً وكاتِـباً؛ فالكِتابُ ما يُكْتَبُ فيه؛ وقيل الصّحيفة والدَّواةُ، وأما الكاتِبُ والكُتَّاب فمعروفانِ. وكَتَّبَ الرجلَ وأَكْتَبَه إِكْتاباً: عَلَّمَه الكِتابَ. ورجل مُكْتِبٌ: له أَجْزاءٌ تُكْتَبُ من عنده. والـمُكْتِبُ: الـمُعَلِّمُ؛ وقال اللحياني: هو الـمُكَتِّبُ الذي يُعَلِّم الكتابَة. قال الحسن: كان الحجاج مُكْتِـباً بالطائف، يعني مُعَلِّماً؛ ومنه قيل: عُبَيْدٌ الـمُكْتِبُ، لأَنه كان مُعَلِّماً.
والـمَكْتَبُ: موضع الكُتَّابِ. والـمَكْتَبُ والكُتَّابُ: موضع تَعْلِـيم الكُتَّابِ، والجمع الكَتَاتِـيبُ والـمَكاتِبُ. الـمُبَرِّدُ: الـمَكْتَبُ موضع التعليم، والـمُكْتِبُ الـمُعَلِّم، والكُتَّابُ الصِّبيان؛ قال: ومن جعل الموضعَ الكُتَّابَ، فقد أَخْطأَ. ابن الأَعرابي: يقال لصبيان الـمَكْتَبِ الفُرْقانُ أَيضاً. ورجلٌ كاتِبٌ، والجمع كُتَّابٌ وكَتَبة، وحِرْفَتُه الكِتابَةُ. والكُتَّابُ: الكَتَبة. ابن الأَعرابي: الكاتِبُ عِنْدَهم العالم. قال اللّه تعالى: أَم عِنْدَهُم الغيبُ فَهُمْ يَكْتُبونَ؟ وفي كتابه إِلى أَهل اليمن: قد بَعَثْتُ إِليكم كاتِـباً من أَصحابي؛ أَراد عالماً، سُمِّي به لأَن الغالبَ على من كان يَعْرِفُ الكتابةَ، أَن عنده العلم والمعرفة، وكان الكاتِبُ عندهم عزيزاً، وفيهم قليلاً.
والكِتابُ: الفَرْضُ والـحُكْمُ والقَدَرُ؛ قال الجعدي:
يا ابْنَةَ عَمِّي ! كِتابُ اللّهِ أَخْرَجَني * عَنْكُمْ، وهل أَمْنَعَنَّ اللّهَ ما فَعَلا؟
والكِتْبة: الحالةُ. والكِتْبةُ: الاكْتِتابُ في الفَرْضِ والرِّزْقِ.
ويقال: اكْتَتَبَ فلانٌ أَي كَتَبَ اسمَه في الفَرْض. وفي حديث ابن عمر: من اكْتَتَبَ ضَمِناً، بعَثَه اللّه ضَمِناً يوم القيامة، أَي من كَتَبَ اسْمَه في دِيوانِ الزَّمْنَى ولم يكن زَمِناً، يعني الرجل من أَهلِ الفَيْءِ فُرِضَ له في الدِّيوانِ فَرْضٌ، فلما نُدِبَ للخُروجِ مع
المجاهدين، سأَل أَن يُكْتَبَ في الضَّمْنَى، وهم الزَّمْنَى، وهو صحيح.
والكِتابُ يُوضَع موضع الفَرْض. قال اللّه تعالى: كُتِبَ عليكم القِصاصُ في القَتْلى. وقال عز وجل: كُتِبَ عليكم الصيامُ؛ معناه: فُرِضَ.
وقال: وكَتَبْنا عليهم فيها أَي فَرَضْنا. ومن هذا قولُ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لرجلين احتَكما إِليه: لأَقْضِـيَنَّ بينكما بكِتابِ اللّه أَي بحُكْم اللّهِ الذي أُنْزِلَ في كِتابه، أَو كَتَبَه على عِـبادِه، ولم يُرِدِ القُرْآنَ، لأَنَّ النَّفْيَ والرَّجْمَ لا ذِكْر لَـهُما فيه؛ وقيل: معناه أَي بفَرْضِ اللّه تَنْزيلاً أَو أَمْراً، بَيَّنه على لسانِ رسوله، صلى اللّه عليه وسلم. وقولُه تعالى: كِتابَ اللّهِ عليكم؛ مصْدَرٌ أُريدَ به الفِعل أَي كَتَبَ اللّهُ عليكم؛ قال: وهو قَوْلُ حُذَّاقِ النحويين (1)
(1 قوله «وهو قول حذاق النحويين» هذه عبارة الأزهري في تهذيبه ونقلها الصاغاني في تكملته، ثم قال: وقال الكوفيون هو منصوب على الاغراء بعليكم وهو بعيد، لأن ما انتصب بالاغراء لا يتقدم على ما قام مقام الفعل وهو عليكم وقد تقدم
في هذا الموضع. ولو كان النص عليكم كتاب اللّه لكان نصبه على الاغراء أحسن من المصدر.) . وفي حديث أَنَسِ بن النَّضْر، قال له: كِتابُ اللّه القصاصُ أَي فَرْضُ اللّه على لسانِ نبيه، صلى اللّه عليه وسلم؛ وقيل: هو إِشارة إِلى قول اللّه، عز وجل: والسِّنُّ بالسِّنِّ، وقوله تعالى: وإِنْ عاقَبْتُمْ فعاقِـبوا بمثل ما عُوقِـبْتُمْ به. وفي حديث بَريرَةَ: من اشْتَرَطَ شَرْطاً ليس في كتاب اللّه أَي ليس في حكمه، ولا على مُوجِبِ قَضاءِ كتابِه، لأَنَّ كتابَ اللّه أَمَرَ بطاعة الرسول، وأَعْلَم أَنَّ سُنَّته بيانٌ له، وقد جعل الرسولُ الوَلاءَ لمن أَعْتَقَ، لا أَنَّ الوَلاءَ مَذْكور في القرآن نصّاً.
والكِتْبَةُ: اكْتِتابُكَ كِتاباً تَنْسَخُه.
واسْتَكْتَبه: أَمَرَه أَن يَكْتُبَ له، أَو اتَّخَذه كاتِـباً. والـمُكاتَبُ: العَبْدُ يُكاتَبُ على نَفْسه بثمنه، فإِذا سَعَى وأَدَّاهُ عَتَقَ.
وفي حديث بَريرَة: أَنها جاءَتْ تَسْتَعِـينُ بعائشة، رضي اللّه عنها، في كتابتها. قال ابن الأَثير: الكِتابةُ أَن يُكاتِبَ الرجلُ عبدَه على مالٍ يُؤَدِّيــه إِليه مُنَجَّماً، فإِذا أَدَّاه صار حُرّاً. قال: وسميت
كتابةً، بمصدر كَتَبَ، لأَنه يَكْتُبُ على نفسه لمولاه ثَمَنه، ويَكْتُبُ
مولاه له عليه العِتْقَ. وقد كاتَبه مُكاتَبةً، والعبدُ مُكاتَبٌ. قال:
وإِنما خُصَّ العبدُ بالمفعول، لأَن أَصلَ الـمُكاتَبة من الـمَوْلى، وهو الذي يُكاتِبُ عبده. ابن سيده: كاتَبْتُ العبدَ: أَعْطاني ثَمَنَه على أَن أُعْتِقَه. وفي التنزيل العزيز: والذينَ يَبْتَغُون الكِتاب مما
مَلَكَتْ أَيمانُكم فكاتِـبُوهم إِنْ عَلِمْتم فيهم خَيْراً. معنى الكِتابِ
والـمُكاتَبةِ: أَن يُكاتِبَ الرجلُ عبدَه أَو أَمَتَه على مالٍ يُنَجِّمُه
عليه، ويَكْتُبَ عليه أَنه إِذا أَدَّى نُجُومَه، في كلِّ نَجْمٍ كذا
وكذا، فهو حُرٌّ، فإِذا أَدَّى جميع ما كاتَبه عليه، فقد عَتَقَ، وولاؤُه
لمولاه الذي كاتَبهُ. وذلك أَن مولاه سَوَّغَه كَسْبَه الذي هو في الأَصْل لمولاه، فالسيد مُكاتِب، والعَبدُ مُكاتَبٌ إِذا عَقَدَ عليه ما فارَقَه عليه من أَداءِ المال؛ سُمِّيت مُكاتَبة لِـما يُكْتَبُ للعبد على السيد من العِتْق إِذا أَدَّى ما فُورِقَ عليه، ولِـما يُكتَبُ للسيد على العبد من النُّجُوم التي يُؤَدِّيــها في مَحِلِّها، وأَنَّ له تَعْجِـيزَه إِذا
عَجَزَ عن أَداءِ نَجْمٍ يَحِلُّ عليه. الليث: الكُتْبةُ الخُرزَةُ المضْمومة بالسَّيْرِ، وجمعها كُتَبٌ. ابن سيده: الكُتْبَةُ، بالضم، الخُرْزَة
التي ضَمَّ السيرُ كِلا وَجْهَيْها. وقال اللحياني: الكُتْبة السَّيْر
الذي تُخْرَزُ به الـمَزادة والقِرْبةُ، والجمع كُتَبٌ، بفتح التاءِ؛ قال
ذو الرمة:
وَفْراءَ غَرْفِـيَّةٍ أَثْـأَى خَوارِزَها * مُشَلْشَلٌ، ضَيَّعَتْه بينها الكُتَبُ
الوَفْراءُ: الوافرةُ. والغَرْفيةُ: الـمَدْبُوغة بالغَرْف، وهو شجرٌ
يُدبغ به. وأَثْـأَى: أَفْسَدَ. والخَوارِزُ: جمع خارِزَة. وكَتَبَ السِّقاءَ والـمَزادة والقِرْبة، يَكْتُبه كَتْباً: خَرَزَه بِسَيرين، فهي كَتِـيبٌ. وقيل: هو أَن يَشُدَّ فمَه حتى لا يَقْطُرَ منه شيء.وأَكْتَبْتُ القِرْبة: شَدَدْتُها بالوِكاءِ، وكذلك كَتَبْتُها كَتْباً، فهي مُكْتَبٌ وكَتِـيبٌ. ابن الأَعرابي: سمعت أَعرابياً يقول: أَكْتَبْتُ فمَ السِّقاءِ فلم يَسْتَكْتِبْ أَي لم يَسْتَوْكِ لجَفائه وغِلَظِه.
وفي حديث المغيرة: وقد تَكَتَّبَ يُزَفُّ في قومه أَي تَحَزَّمَ وجَمَعَ
عليه ثيابَه، من كَتَبْتُ السقاءَ إِذا خَرَزْتَه. وقال اللحياني: اكْتُبْ
قِرْبَتَك اخْرُزْها، وأَكْتِـبْها: أَوكِها، يعني: شُدَّ رأْسَها.
والكَتْبُ: الجمع، تقول منه: كَتَبْتُ البَغْلة إِذا جمَعْتَ بين شُفْرَيْها
بحَلْقَةٍ أَو سَيْرٍ.
والكُتْبَةُ: ما شُدَّ به حياءُ البغلة، أَو الناقة، لئلا يُنْزَى عليها. والجمع كالجمع. وكَتَبَ الدابةَ والبغلة والناقةَ يَكْتُبها، ويَكْتِـبُها كَتْباً، وكَتَبَ عليها: خَزَمَ حَياءَها بحَلْقةِ حديدٍ أَو صُفْرٍ تَضُمُّ شُفْرَيْ حيائِها، لئلا يُنْزَى عليها؛ قال:
لا تَـأْمَنَنَّ فَزارِيّاً، خَلَوْتَ به، * على بَعِـيرِك واكْتُبْها بأَسْيارِ
وذلك لأَنَّ بني فزارة كانوا يُرْمَوْنَ بغِشْيانِ الإِبل. والبعيرُ
هنا: الناقةُ. ويُرْوَى: على قَلُوصِك. وأَسْيار: جمع سَيْر، وهو
الشَّرَكَةُ.
أَبو زيد: كَتَّبْتُ الناقةَ تَكْتيباً إِذا صَرَرْتَها. والناقةُ إِذا ظَئِرَتْ على غير ولدها، كُتِبَ مَنْخُراها بخَيْطٍ، قبلَ حَلِّ الدُّرْجَة عنها، ليكونَ أَرْأَم لها. ابن سيده: وكَتَبَ الناقة يَكْتُبُها كَتْباً: ظَـأَرها، فَخَزَمَ مَنْخَرَيْها بشيءٍ، لئلا تَشُمَّ البَوَّ، فلا تَرْأَمَه. وكَتَّبَها تَكْتيباً، وكَتَّبَ عليها: صَرَّرها. والكَتِـيبةُ: ما جُمِعَ فلم يَنْتَشِرْ؛ وقيل: هي الجماعة الـمُسْتَحِـيزَةُ من الخَيْل أَي في حَيِّزٍ على حِدَةٍ. وقيل: الكَتيبةُ جماعة الخَيْل إِذا أَغارت، من المائة إِلى الأَلف. والكَتيبة: الجيش. وفي حديث السَّقيفة: نحن أَنصارُ اللّه وكَتيبة الإِسلام. الكَتيبةُ: القِطْعة العظيمةُ من الجَيْش، والجمع الكَتائِبُ. وكَتَّبَ الكَتائِبَ: هَيَّـأَها كَتِـيبةً كتيبةً؛ قال طُفَيْل:
فأَلْوَتْ بغاياهم بنا، وتَباشَرَتْ * إِلى عُرْضِ جَيْشٍ، غيرَ أَنْ لم يُكَتَّبِ
وتَكَتَّبَتِ الخيلُ أَي تَجَمَّعَتْ. قال شَمِرٌ: كل ما ذُكِرَ في الكَتْبِ قريبٌ بعضُه من بعضٍ، وإِنما هو جَمْعُكَ بين الشيئين. يقال:
اكْتُبْ بَغْلَتَك، وهو أَنْ تَضُمَّ بين شُفْرَيْها بحَلْقةٍ، ومن ذلك سميت
الكَتِـيبَةُ لأَنها تَكَتَّبَتْ فاجْتَمَعَتْ؛ ومنه قيل: كَتَبْتُ الكِتابَ لأَنه يَجْمَع حَرْفاً إِلى حرف؛ وقول ساعدة بن جُؤَيَّة:
لا يُكْتَبُون ولا يُكَتُّ عَدِيدُهم، * جَفَلَتْ بساحتِهم كَتائِبُ أَوعَبُوا
قيل: معناه لا يَكْتُبُهم كاتبٌ من كثرتهم، وقد قيل: معناه لا
يُهَيَّؤُونَ.
وتَكَتَّبُوا: تَجَمَّعُوا. والكُتَّابُ: سَهْمٌ صغير، مُدَوَّرُ الرأْس، يَتَعَلَّم به الصبيُّ الرَّمْيَ، وبالثاءِ أَيضاً؛ والتاء في هذا الحرف أَعلى من الثاءِ.
وفي حديث الزهري: الكُتَيْبةُ أَكْثَرُها عَنْوةٌ،
وفيها صُلْحٌ. الكُتَيْبةُ، مُصَغَّرةً: اسم لبعض قُرى خَيْبَر؛ يعني أَنه فتَحَها قَهْراً، لا عن صلح. وبَنُو كَتْبٍ: بَطْنٌ، واللّه أَعلم.
خرج: الخُروج: نقيض الدخول. خَرَجَ يَخْرُجُ خُرُوجاً ومَخْرَجاً، فهو
خارِجٌ وخَرُوجٌ وخَرَّاجٌ، وقد أَخْرَجَهُ وخَرَجَ به. الجوهري: قد يكون
المَخْرَجُ موضعَ الخُرُوجِ. يقال: خَرَجَ مَخْرَجاً حَسَناً، وهذا
مَخْرَجُه. وأَما المُخْرَجُ فقد يكون مصدرَ قولك أَخْرَجَه، والمفعولَ به
واسمَ المكان والوقت، تقول: أَخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ، وهذا مُخْرَجُه،
لأَن الفعل إِذا جاوز الثلاثة فالميم منه مضمومة، مثل دَحْرَجَ، وهذا
مُدَحْرَجُنا، فَشُبِّهَ مُخْرَجٌ ببنات الأَربعة.
والاستخراجُ: كالاستنباط.
وفي حديث بَدْرٍ: فاخْتَرَجَ تَمَراتٍ من قِرْبةٍ أَي أَخْرَجَها، وهو
افْتَعَلَ منه.
والمُخارَجَةُ: المُناهَدَةُ بالأَصابع.
والتَّخارُجُ: التَّناهُدُ؛ فأَما قول الحسين بن مُطَيْرٍ:
ما أَنْسَ، لا أَنْسَ مِنْكُمْ نَظْرَةً شَغَفَتْ،
في يوم عيدٍ، ويومُ العيدِ مَخْرُوجُ
فإِنه أَراد مخروجٌ فيه، فحذف؛ كما قال في هذه القصيدة:
والعينُ هاجِعَةٌ والرُّوح مَعْرُوجُ
أَراد معروج به.
وقوله عز وجل: ذلك يَوْمُ الخُروجِ؛ أَي يوم يخرج الناس من الأَجداث.
وقال أَبو عبيدة: يومُ الخُروجِ من أَسماء يوم القيامة؛ واستشهدَ بقول
العجاج:
أَلَيسَ يَوْمٌ سُمِّيَ الخُرُوجا،
أَعْظَمَ يَوْمٍ رَجَّةً رَجُوجا؟
أَبو إِسحق في قوله تعالى: يوم الخروج أَي يوم يبعثون فيخرجون من
الأَرض. ومثله قوله تعالى: خُشَّعاً أَبصارُهُمُ يَخْرُجون من الأَجْداثِ. وفي
حديث سُوَيْدِ بن عَفَلَةَ: دخل عليَّ عليٌّ، رضي الله عنه، في يوم
الخُرُوج، فإِذا بين يديه فاتُورٌ عليه خُبْزُ السَّمْراء وصحفةٌ فيها
خَطِيفَةٌ. يَوْم الخُروجِ؛ يريد يوم العيد، ويقال له يوم الزينة ويوم المشرق.
وخُبْزُ السَّمْراءِ: الخُشْكارُ، كما قيل لِلُّبابِ الحُوَّارَى
لبياضه.واخْتَرَجَهُ واسْتَخْرجَهُ: طلب إِليه أَن منه أَن يَخْرُجَ. وناقَةٌ
مُخْتَرِجَةٌ إِذا خرجت على خِلْقَةِ الجَمَلِ البُخْتِيِّ. وفي حديث قصة:
أَن الناقة التي أَرسلها الله، عز وجل،آيةً لقوم صالح، عليه السلام، وهم
ثمود، كانت مُخْتَرَجة، قال: ومعنى المختَرَجة أَنها جُبلت على خلقة
الجمل، وهي أَكبر منه وأَعظم.
واسْتُخْرِجَتِ الأَرضُ: أُصْلِحَتْ للزراعة أَو الغِراسَةِ، وهو من ذلك
عن أَبي حنيفة. وخارجُ كلِّ شيءٍ: ظاهرُه. قال سيبويه: لا يُستعمل ظرفاً
إِلا بالحرف لأَنه مخصوص كاليد والرجل؛ وقول الفرزدق:
عَلى حِلْفَةٍ لا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِماً،
ولا خارِجاً مِن فِيِّ زُورُ كلامِ
أَراد: ولا يخرج خروجاً، فوضع الصفة موضع المصدر لأَنه حمله على عاهدت.
والخُروجُ: خُروجُ الأَديب والسائق ونحوهما يُخَرَّجُ فيَخْرُجُ.
وخَرَجَتْ خَوارجُ فلان إِذا ظهرتْ نَجابَتُهُ وتَوَجَّه لإِبرام
الأُمورِ وإِحكامها، وعَقَلَ عَقْلَ مِثْلِه بعد صباه.
والخارِجِيُّ: الذي يَخْرُجُ ويَشْرُفُ بنفسه من غير أَن يكون له قديم؛
قال كثير:
أَبا مَرْوانَ لَسْتَ بِخارِجيٍّ،
وليس قَديمُ مَجْدِكَ بانْتِحال
والخارِجِيَّةُ: خَيْل لا عِرْقَ لها في الجَوْدَة فَتُخَرَّجُ سوابقَ،
وهي مع ذلك جِيادٌ؛ قال طفيل:
وعارَضْتُها رَهْواً على مُتَتَابِعٍ،
شَديدِ القُصَيْرى، خارِجِيٍّ مُجَنَّبِ
وقيل: الخارِجِيُّ كل ما فاق جنسه ونظائره. قال أَبو عبيدة: من صفات
الخيل الخَرُوجُ، بفتح الخاء، وكذلك الأُنثى، بغير هاءٍ، والجمع الخُرُجُ،
وهو الذي يَطول عُنُقُهُ فَيَغْتالُ بطولها كلَّ عِنانٍ جُعِلَ في لجامه؛
وأَنشد:
كلّ قَبَّاءَ كالهِراوةِ عَجْلى،
وخَروجٍ تَغْتالُ كلَّ عِنانِ
الأَزهري: وأَما قول زهير يصف خيلاً:
وخَرَّجَها صَوارِخَ كلِّ يَوْمٍ،
فَقَدْ جَعَلَتْ عَرائِكُها تَلِينُ
فمعناه: أَن منها ما به طِرْقٌ، ومنها ما لا طِرْقَ به؛ وقال ابن
الأَعرابي: معنى خَرَّجَها أَدَّبها كما يُخَرِّجُ المعلم تلميذه.
وفلانٌ خَرِيجُ مالٍ وخِرِّيجُه، بالتشديد، مثل عِنِّينٍ، بمعنى مفعول
إِذا دَرَّبَهُ وعَلَّمَهُ. وقد خَرَّجَهُ في الأَدبِ فَتَخَرَّجَ.
والخَرْجُ والخُرُوجُ: أَوَّلُ ما يَنْشَأُ من السحاب. يقال: خَرَجَ
لَهُ خُرُوجٌ حَسَنٌ؛ وقيل: خُرُوجُ السَّحَاب اتِّساعُهُ وانْبِساطُه؛ قال
أَبو ذؤَيب:
إِذا هَمَّ بالإِقْلاعِ هَبَّتْ له الصَّبا،
فَعَاقَبَ نَشْءٌ بعْدها وخُرُوجُ
الأَخفش: يقال للماء الذي يخرج من السَّحاب: خَرْجٌ وخُرُوجٌ. الأَصمعي:
يقال أَوَّل ما يَنْشَأُ السحابُ، فهو نَشْءٌ. التهذيب: خَرَجَت السماء
خُروجاً إِذا أَصْحَتْ بعد إِغامَتِها؛ وقال هِمْيان يصف الإِبل
وورودها:فَصَبَّحَتْ جابِيَةً صُهارِجَا؛
تَحْسَبُه لَوْنَ السَّماءِ خارِجَا
يريد مُصْحِياً؛ والسحابةُ تُخْرِجُ السحابةَ كما تُخْرِجُ الظَّلْمَ.
والخَرُوجُ من الإِبل: المِعْناقُ المتقدمة. والخُرَاجُ: ورَمٌ يَخْرُجُ
بالبدن من ذاته، والجمع أَخْرِجَةٌ وخِرْجَانٌ. غيره: والخُرَاجُ ورَمُ
قَرْحٍ يخرج بداية أَو غيرها من الحيوان. الصحاح: والخُرَاجُ ما يَخْرُجُ
في البدن من القُرُوح.
والخَوَارِجُ: الحَرُورِيَّةُ؛ والخَارِجِيَّةُ: طائفة منهم لزمهم هذا
الاسمُ لخروجهم عن الناس. التهذيب: والخَوَارِجُ قومٌ من أَهل الأَهواء
لهم مَقالَةٌ على حِدَةٍ.
وفي حديث ابن عباس أَنه قال: يَتَخَارَجُ الشَّريكانِ وأَهلُ الميراث؛
قال أَبو عبيد: يقول إِذا كان المتاع بين ورثة لم يقتسموه أَو بين شركاء،
وهو في يد بعضهم دون بعض، فلا بأْس أَن يتبايعوه، وإِن لم يعرف كل واحد
نصيبه بعينه ولم يقبضه؛ قال: ولو أَراد رجل أَجنبي أَن يشتري نصيب بعضهم
لم يجز حتى يقبضه البائع قبل ذلك؛ قال أَبو منصور: وقد جاءَ هذا عن ابن
عباس مفسَّراً على غير ما ذكر أَبو عبيد. وحدَّث الزهري بسنده عن ابن عباس،
قال: لا بأْس أَن يَتَخَارَج القومُ في الشركة تكون بينهم فيأْخذ هذا
عشرة دنانير نقداً، ويأْخذ هذا عشرة دنانير دَيْناً. والتَّخارُجُ:
تَفاعُلٌ من الخُروج، كأَنه يَخْرُجُ كلُّ واحد من شركته عن ملكه إِلى صاحبه
بالبيع؛ قال: ورواه الثوري بسنده على ابن عباس في شريكين: لا بأْس أَن
يتخارجا؛ يعني العَيْنَ والدَّيْنَ؛ وقال عبد الرحمن بن مهدي: التخارج أَن
يأْخذ بعضهم الدار وبعضهم الأَرض؛ قال شمر: قلت لأَحمد: سئل سفيان عن أَخوين
ورثا صكّاً من أَبيهما، فذهبا إِلى الذي عليه الحق فتقاضياه؛ فقال: عندي
طعام، فاشتريا مني طعاماً بما لكما عليَّ، فقال أَحد الأَخوين: أَنا آخذ
نصيبي طعاماً؛ وقال الآخر: لا آخذ إِلاّ دراهم، فأَخذ أَحدهما منه عشرة
أَقفرة بخمسين درهماً بنصيبه؛ قال: جائز، ويتقاضاه الآخر، فإِن تَوَى ما
على الغريم، رجع الأَخ على أَخيه بنصف الدراهم التي أَخذ، ولا يرجع
بالطعام. قال أَحمد: لا يرجع عليه بشيء إِذا كان قد رضي به، والله
أَعلم.وتَخَارَجَ السَّفْرُ: أَخْرَجُوا نفقاتهم.
والخَرْجُ والخَرَاجُ، واحدٌ: وهو شيء يُخْرِجُه القومُ في السَّنَةِ
مِن مالهم بقَدَرٍ معلوم. وقال الزجاج: الخَرْجُ المصدر، والخَرَاجُ: اسمٌ
لما يُخْرَجُ. والخَرَاجُ: غَلَّةُ العبد والأَمة. والخَرْجُ والخَراج:
الإِتاوَةُ تُؤْخذ من أَموال الناس؛ الأَزهري: والخَرْجُ أَن يؤَدي إِليك
العبدُ خَرَاجَه أَي غلته، والرَّعِيَّةُ تُؤَدِّي الخَرْجَ إِلى
الوُلاةِ. وروي في الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: الخَرَاجُ
بالضمان؛ قال أَبو عبيد وغيره من أَهل العلم: معنى الخراج في هذا الحديث
غلة العبد يشتريه الرجلُ فيستغلُّه زماناً، ثم يَعْثُرُ منه على عَيْبٍ
دَلَّسَهُ البائعُ ولم يُطْلِعْهُ عليه، فله رَدُّ العبد على البائع
والرجوعُ عليه بجميع الثمن، والغَّلةُ التي استغلها المشتري من العبد طَيِّبَةٌ
له لأَنه كان في ضمانه، ولو هلك هلك من ماله. وفسر ابن الأَثير قوله:
الخراج بالضمان؛ قال: يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة، عبداً
كان أَو أَمة أَو ملكاً، وذلك أَن يشتريه فيستغله زماناً، ثم يعثر فيه على
عيب قديم، فله رد العين المبيعة وأَخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغله
لأَن المبيع لو كان تلفَ في يده لكان من ضمانه، ولم يكن له على البائع شيء؛
وباء بالضمان متعلقة بمحذوف تقديره الخراج مستحق بالضمان أَي بسببه،
وهذا معنى قول شريح لرجلين احتكما إِليه في مثل هذا، فقال للمشتري: رُدَّ
الداءَ بدائه ولك الغلةُ بالضمان. معناه: رُدَّ ذا العيب بعيبه، وما حصل
في يدك من غلته فهو لك.
ويقال: خَارَجَ فلانٌ غلامَه إِذا اتفقا على ضريبة يَرُدُّها العبدُ على
سيده كلَّ شهر ويكون مُخَلًّى بينه وبين عمله، فيقال: عبدٌ مُخَارَجٌ.
ويُجْمَعُ الخَراجُ، الإِتَاوَةُ، على أَخْراجٍ وأَخَارِيجَ وأَخْرِجَةٍ.
وفي التنزيل: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ. قال
الزجاج: الخَرَاجُ الفَيْءُ، والخَرْجُ الضَّريبَةُ والجزية؛ وقرئ: أَم
تسأَلهم خَرَاجاً. وقال الفراء. معناه: أَمْ تسأَلهم أَجراً على ما جئت
به، فأَجر ربك وثوابه خيرٌ. وأَما الخَرَاجُ الذي وظفه عمرُ بن الخطاب، رضي
الله عنه، على السواد وأَرضِ الفَيْء فإِن معناه الغلة أَيضاً، لأَنه
أَمر بِمَسَاحَةِ السَّوَادِ ودفعها إِلى الفلاحين الذين كانوا فيه على غلة
يؤدونها كل سنة، ولذلك سمي خَراجاً، ثم قيل بعد ذلك للبلاد التي افتتحت
صُلْحاً ووظف ما صولحوا عليه على أَراضيهم: خراجية لأَن تلك الوظيفة
أَشبهت الخراج الذي أُلزم به الفلاَّحون، وهو الغلة، لأَن جملة معنى الخراج
الغلة؛ وقيل للجزية التي ضربت على رقاب أَهل الذِّمَّة: خراج لأَنه كالغلة
الواجبة عليهم. ابن الأَعرابي: الخَرْجُ على الرؤوس، والخَرَاجُ على
الأَرضين. وفي حديث أَبي موسى: مثلُ الأُتْرُجَّةِ طَيِّبٌ رِيحُها، طَيِّبٌ
خَرَاجُها أَي طَعْمُ ثمرها، تشبيهاً بالخَرَاجِ الذي يقع على الأَرضين
وغيرها.
والخُرْجُ: من الأَوعية، معروفٌ، عربيٌّ، وهو هذا الوعاء، وهو جُوالِقٌ
ذو أَوْنَيْنِ، والجمع أَخْراجٌ وخِرَجَةٌ مثلُ جُحْرٍ وجِحَرَة.
وأَرْضٌ مُخَرَّجَةٌ أَي نَبْتُها في مكانٍ دون مكانٍ. وتَخْريجُ
الراعية المَرْتَعَ: أَن تأْكل بعضَه وتترك بعضه. وخَرَّجَت الإِبلُ المَرْعَى:
أَبقت بعضه وأَكلت بعضه.
والخَرَجُ، بالتحريك: لَوْنانِ سوادٌ وبياض؛ نعامة خَرْجَاءُ، وظَلِيمٌ
أَخْرَجُ بَيِّنُ الخَرَجِ، وكَبْشٌ أَخْرَجُ. واخْرَجَّتِ النعامةُ
اخْرِجاجاً، واخْرَاجَّتْ اخْرِيجاجاً أَي صارت خَرْجاءَ. أَبو عمرو:
الأَخْرَجُ من نَعْتِ الظَّلِيم في لونه؛ قال الليث: هو الذي لون سواده أَكثر من
بياضه كلون الرماد. التهذيب: أَخْرَجَ الرجلُ إِذا تزوج بِخِلاسِيَّةٍ.
وأَخْرَجَ إِذا اصْطادَ الخُرْجَ، وهي النعام؛ الذَّكَرُ أَخْرَجُ
والأُنثى خَرْجاءُ، واستعاره العجاج للثوب فقال:
إِنَّا، مُذْكِي الحُرُوبِ أَرَّجا،
ولَبِسَتْ، للْمَوتِ، ثَوباً أَخْرَجا
أَي لبست الحروب ثوباً فيه بياض وحمرة من لطخ الدم أَي شُهِّرَتْ
وعُرِفَتْ كشهرة الأَبلق؛ وهذا الرجز في الصحاح:
ولبست للموت جُلاًّ أَخرجها
وفسره فقال: لبست الحروب جُلاًّ فيه بياض وحمرة. وعامٌ فيه تَخْرِيجٌ
أَي خِصْبٌ وجَدْبٌ. وعامٌ أَخْرَجُ: فيه جَدْبٌ وخِصْبٌ؛ وكذلك أَرض
خَرْجَاءُ وفيها تَخرِيجٌ. وعامٌ فيه تَخْرِيجٌ إِذا أَنْبَتَ بعضُ المواضع
ولم يُنْبِتْ بَعْضٌ. وأَخْرَجَ: مَرَّ به عامٌ نصفُه خِصبٌ ونصفه جَدْبٌ؛
قال شمر: يقال مررت على أَرض مُخَرَّجة وفيها على ذلك أَرْتاعٌ.
والأَرتاع: أَماكن أَصابها مطر فأَنبتت البقل، وأَماكن لم يصبها مطر، فتلك
المُخَرَّجةُ. وقال بعضهم: تخريج الأَرض أَن يكون نبتها في مكان دون مكان، فترى
بياض الأَرض في خضرة النبات. الليث: يقال خَرَّجَ الغلامُ لَوْحَه
تخْريجاً إِذا كتبه فترك فيه مواضع لم يكتبها؛ والكتابٌ إِذا كُتب فترك منه
مواضع لم تكتب، فهو مُخَرَّجٌ. وخَرَّجَ فلانٌ عَمَله إِذا جعله ضروباً
يخالف بعضه بعضاً.
والخَرْجاءُ: قرية في طريق مكة، سمِّيَت بذلك لأَن في أَرضها سواداً
وبياضاً إِلى الحمرة.
والأَخْرَجَةُ: مرحلة معروفة، لونها ذلك.
والنجوم تُخَرِّجُ اللَّوْنَ
(* قوله «والنجوم تخرج اللون إلخ» كذا
بالأصل ومثله في شرح القاموس والنجوم تخرج لون الليل فيتلون إلخ بدليل الشاهد
المذكور.) فَتَلَوَّن بِلَوْنَيْنِ من سواده وبياضها؛ قال:
إِذا اللَّيْلُ غَشَّاها، وخَرَّج لَوْنَهُ
نُجُومٌ، كأَمْثالِ المصابيحِ، تَخْفِقُ
وجَبَلٌ أَخْرَجُ، كذلك. وقارَةٌ خَرْجَاءُ: ذاتُ لَوْنَيْنِ. ونَعْجَةٌ
خَرْجاءٌ: وهي السوداء البيضاءُ إِحدى الرجلين أَو كلتيهما والخاصرتين،
وسائرُهما أَسودُ. التهذيب: وشاةٌ خَرْجاءُ بيضاء المُؤَخَّرِ، نصفها
أَبيض والنصف الآخر لا يضرك ما كان لونه. ويقال: الأَخْرَجُ الأَسْوَدُ في
بياض، والسوادُ الغالبُ. والأَخْرَجُ من المِعْزَى: الذي نصفه أَبيض ونصفه
أَسود. الجوهري: الخَرْجاءُ من الشاء التي ابيضت رجلاها مع الخاصرتين؛
عن أَبي زيد. والأَخْرَجُ: جَبَلٌ معروف للونه، غلب ذلك عليه، واسمه
الأَحْوَلُ. وفرسٌ أَخْرَجُ: أَبيض البطن والجنبين إِلى منتهى الظهر ولم يصعد
إِليه، ولَوْنُ سائره ما كان. والأَخْرَجُ: المُكَّاءُ، لِلَوْنِهِ.
والأَخْرَجانِ: جبلان معروفان، وأَخْرَجَةُ: بئر احتفرت في أَصل
أَحدهما؛ التهذيب: وللعرب بئر احتفرت في أَصل جبلٍ أَخْرَجَ يسمونها أَخْرَجَةَ،
وبئر أُخرى احتفرت في أَصل جبل أَسْوَدَ يسمونها أَسْوَدَةَ، اشتقوا
لهما اسمين من نعت الجبلين. الفراءُ: أَخْرَجَةُ اسم ماءٍ وكذلك أَسْوَدَةُ؛
سميتا بجبلين، يقال لأَحدهما أَسْوَدُ وللآخر أَخْرَجُ.
ويقال: اخْترَجُوه، بمعنى استخرجُوه.
وخَرَاجِ والخَرَاجُ وخَرِيجٌ والتَّخْريجُ، كلُّه: لُعْبةٌ لفتيان
العرب. وقال أَبو حنيفة: الخَرِيجُ لعبة تسمى خَرَاجِ، يقال فيها: خَراجِ
خَرَاجِ مثل قَطامِ؛ وقول أَبي ذؤَيب الهذلي:
أَرِقْتُ له ذَاتَ العِشَاءِ، كأَنَّهُ
مَخَارِيقُ، يُدْعَى تَحْتَهُنَّ خَرِيجُ
والهاء في له تعود على برق ذكره قبل البيت، شبهه بالمخاريق وهي جمع
مِخْرَاقٍ، وهو المِنْديلُ يُلَفُّ ليُضْرَبَ به. وقوله: ذاتَ العِشاءِ أَراد
به الساعة التي فيها العِشاء، أَراد صوت اللاعبين؛ شبه الرعد به؛ قال
أَبو علي: لا يقال خَرِيجٌ، وإِنما المعروف خَراجِ، غير أَن أَبا ذؤيب
احتاج إِلى إِقامة القافية فأَبدل الياءَ مكان الأَلف. التهذيب: الخَرَاجُ
والخَرِيجُ مُخَارجة: لعبة لفتيان الأَعراب.؛ قال الفراء: خَرَاجِ اسم لعبة
لهم معروفة، وهو أَن يمسك أَحدهم شيئاً بيده، ويقول لسائرهم: أَخْرِجُوا
ما في يدي؛ قال ابن السكيت: لعب الصبيان خَرَاجِ، بكسر الجيم، بمنزلة
دَرَاكِ وقَطَامِ.
والخَرْجُ: وادٍ لا مَنفذ فيه، ودارَةُ الخَرْجِ هنالك.
وبَنُو الخَارِجِيَّةِ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إِلى أُمّهم، والنسبة
إِليهم خارِجِيٌّ؛ قال ابن دريد: وأَحسبها من بني عمرو بن تميم.
وخارُوجٌ: ضرب من النَّخل.
قال الخليل بن أَحمد: الخُرُوجُ الأَلف التي بعد الصلة في القافية، كقول
لبيد:
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّها فَمُقَامُها
فالقافية هي الميم، والهاء بعد الميم هي الصلة، لأَنها اتصلت بالقافية،
والأَلف التي بعد الهاء هي الخُرُوجُ؛ قال الأَخفَش: تلزم القافية بعد
الروي الخروج، ولا يكون إِلا بحرف اللين، وسبب ذلك أَن هاء الإِضمار لا
تخلو من ضم أَو كسر أَو فتح نحو: ضربه، ومررت به، ولقيتها، والحركات إِذا
أُشبعت لم يلحقها أَبداً إِلا حروف اللين، وليست الهاء حرف لين فيجوز أَن
تتبع حركة هاء الضمير؛ هذا أَحد قولي ابن جني، جعل الخروج هو الوصل، ثم
جعل الخروج غير الوصل، فقال: الفرق بين الخروج والوصل أَن الخروج أَشد
بروزاً عن حرف الروي واكتنافاً من الوصل لأَنه بعده، ولذلك سمي خروجاً لأَنه
برز وخرج عن حرف الروي، وكلما تراخى الحرف في القافية وجب له أَن يتمكن
في السكون واللين، لأَنه مقطع للوقف والاستراحة وفناء الصوت وحسور النفس،
وليست الهاء في لين الأَلف والياء والواو، لأَنهن مستطيلات ممتدات.
والإِخْرِيجُ: نَبْتٌ.
وخَرَاجِ: فَرَسُ جُرَيْبَةَ بن الأَشْيَمِ الأَسدي. والخَرْجُ: اسم
موضع باليمامة. والخَرْجُ: خِلافُ الدَّخْلِ.
ورجل خُرَجَةٌ وُلَجَةٌ مثال هُمَزة أَي كثير الخروج والولوج.
زيد بن كثوة: يقال فلانٌ خَرَّاجٌ وَلاّجٌ؛ يقال ذلك عند تأْكيد
الظَّرْفِ والاحتيال. وقيل: خَرّاجٌ وَلاّجٌ إِذا لم يسرع في أَمر لا يسهل له
الخروج منه إِذا أَراد ذلك.
وقولهم: أَسْرَعُ من نِكاحِ أُمِّ خارجَةَ، هي امرأَة من بَجِيلَةَ،
ولدت كثيراً في قبائلَ من العرب، كانوا يقولون لها: خِطْبٌ فتقول: نِكْحٌ
وخارجةُ ابنها، ولا يُعْلَمُ ممن هو؛ ويقال: هو خارجة بن بكر بن يَشْكُرَ
بن عَدْوانَ بن عمرو بن قيس عَيْلانَ.
وخَرْجاءُ: اسمُ رَكِيَّة بعينها.
وخَرْجٌ: اسم موضع بعينه.
رقق: الرَّقِيقُ: نقيض الغَلِيظ والثَّخِينِ. والرِّقَّةُ: ضدُّ
الغِلَظ؛ رَقَّ يَرِقُّ رِقَّة فهو رَقِيقٌ ورُقاقٌ وأَرَقَّه ورَقَّقه والأُنثى
رَقيقةٌ ورُقاقةٌ؛ قال:
من ناقةٍ خَوَّارةٍ رَقِيقهْ،
تَرْمِيهمُ ببَكَراتٍ رُوقَهْ
معنى قوله رقيقة أنها لا تَغْزُر الناقةُ حتى تَهِنَ أَنقاؤها وتَضْعُف
وتَرِقَّ، ويتسع مَجرى مُخِّها ويَطِيب لحمها ويكر مُخُّها؛ كل ذلك عن
ابن الأَعرابي، والجمع رِقاق ورَقائق. وأَرَقَّ الشيءَ ورَقَّقه: جعله
رقيقاً. واسْترقَّ الشيءُ: نقيض استغلظَ. ويقال: مال مُترقْرِقُ السِّمَن
ومترقرق الهُزال ومُترقرق لأَن يَرْمِدَ أَي مُتَهيِّء له تراه قد دَنا من
ذلك، الرَّمْدُ: الهَلاكُ؛ ومنه عامُ الرَّمادةِ، والرِّقُّ: الشيء
الرَّقيقُ. ويقال للأَرض اللينة: رِقٌّ؛ عن الأَصمعي. ورَقَّ جِلد العِنب:
لَطُفَ. وأَرَقَّ العنبُ: رَقَّ جلده وكثر ماؤُه، وخص أَبو حنيفة به العنب
الأَبيض. ومُسْتَرَقُّ الشيء: ما رَقَّ منه. ورَقِيقُ الأَنف: مُسْتَرَقُّه
حيث لانَ من جانبه؛ قال:
سالَ فقد سَدَّ رَقِيقَ المَنْخَرِ
أَي سال مُخاطُه؛ وقال أَبو حَيَّة النُّمَيْري:
مُخْلِف بُزْلٍ مُعالاةٍ مُعرَّضةٍ،
لم يُسْتَمَلْ ذو رَقِيقَيْها على وَلَدِ
قوله مُعالاةٍ مُعرَّضةٍ: يقول ذهب طولاً وعَرْضاً؛ وقوله: لم يُسْتَمل
ذو رقيقيْها على ولد فتَشُمَّه. ومَرَقَّا الأَنْفِ: كَرَقيقَيْه، ورواه
ابن الأَعرابي مرة بالتخفيف، وهو خطأٌ لأَن هذا إِنما هو من الرِّقة كما
بَيَّنَّا. الأَصمعي: رَقِيقا النُّخْرَتَينِ ناحِيتاهما؛ وأَنشد:
ساطٍ إِذا ابْتَلَّ رَقِيقاهُ نَدى
ندى: في موضع نصب.
ومَراقُّ البطن: أَسفله وما حوله مما اسْتَرَقَّ منه، ولا واحد لها.
التهذيب: والمَراقُّ ما سَفَل من البطن عند الصِّفاق أَسفل من السُّرَّةِ.
ومَراقُّ الإبِلِ: أَرْفاغُها. وفي حديث عائشة قالت: كان رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، إِذا أَرادَ أَنْ يغْتسِلَ من الجنابةِ بَدأَ بيمينه
فغَسلها، ثم غسل مَراقَّه بشِماله ويُفِيضُ عليها بيمينه، فإِذا أَنْقاها
أَهْوى بيده إِلى الحائط فدَلَكَها ثم أَفاضَ عليها الماء؛ أَراد بمراقِّه
ما سفل من بطنه ورُفْغَيْه ومَذاكيره والمواضع التي تَرِقُّ جلودها كنَى
عن جميعها بالمَراقِّ، وهو جمع المَرَقِّ؛ قال الهروي: واحدها مَرَقٌّ،
وقال الجوهري: لا واحد لها. وفي الحديث: أَنه اطَّلى حتى إِذا بلغ المَراقّ
وليَ هو ذلك بنفْسه. واستعمل أَبو حنيفة الرِّقَّة في الأَرض فقال: أَرض
رَقيقة. وعيش رَقيق الحَواشي: ناعِم.
والرَّقَقُ: رِقَّة الطعام. وفي ماله رَقَقٌ ورقَّة أَي قِلَّةٌ، وقد
أَرَقَّ؛ وذكره الفرَّاءُ بالنفي فقال: يقال ما في ماله رَقَقٌ أَي قلة.
والرَّقَقُ: الضَّعْفُ. ورجل فيه رَقَقٌ أَي ضَعف؛ ومنه قول الشاعر:
لم تَلْقَ في عَظْمِها وَهْناً ولا رَقَقا
والرِّقَّةُ: مصدر الرقيق عامٌّ في كل شيء حتى يقال: فلان رَقيقُ
الدِّين. وفي حديث: اسْتَوْصُوا بالمِعْزَى فإِنه مالٌ رَقيقٌ؛ قال القتيبي:
يعني أَنه ليس له صبر الضأْن على الجَفاء وفساد العَطَن وشِدَّة البَرْد،
وهم يضربون المثل فيقولون: أَصْرَدُ من عَنْز جَرْباء. وفي حديث عائشة،
رضي الله عنها: أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، رجل رَقيقٌ أَي ضعيف هَيِّن؛
ومنه الحديث: أَهلُ اليمن هم أَرَقُّ قلوباً أَي أَليَن وأَقبل
للمَوْعِظة، والمراد بالرِّقَّة ضدّ القَسوة والشدَّة. وتَرَقَّقته الجارية:
فَتَنتْه حتى رَقَّ أَي ضَعُف صبره؛ قال ابن هَرْمة:
دَعتْه عَنْوةً فَتَرَقَّقَتْه،
فَرَقَّ، ولا خَلالةَ للرَّقِيقِ
ابن الأَعرابي في قول الساجع حين قالت له المرأَة: أَين شَبابُكَ
وجَلَدُكَ؟ فقال: مَن طال أَمَدُه، وكثر ولدُه، ورَقَّ عدَده، ذهب جَلَدُه؛
قوله رَقَّ عدده أَي سِنُوه التي يَعُدُّها ذهب أَكثرُها وبقي أَقلُّها،
فكان ذلك الأَقل عنده رَقِيقاً. والرَّقَقُ: ضَعْفُ العِظام؛ وأَنشد:
حَلَّتْ نَوارُ بأَرْضِ لا يُبَلِّغُها،
إِلا صَمُوتُ السُّرَى لا تَسأَم العَنَقا
خَطَّارةٌ بعد غِبِّ الجَهْدِ ناجِيةٌ،
لم تَلْقَ في عَظْمِها وَهْناً ولا رَقَقا
وأَنشد ابن بري لأَبي الهيثم الثعلبي:
لها مسائحُ زورٌ في مَراكِضها
لِينٌ، وليس بها وَهْنٌ ولا رَقَقُ
(* قوله «لها» كذا بالأصل، وصوب ابن بري كما في مادة مسح: لنا).
ويقال: رقَّت عظامُ فلان إِذا كَبِر وأَسَنَّ. وأَرَقَّ فلان إِذا
رَقَّتْ حالُه وقلَّ ماله. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه: كَبِرَتْ سِنِّي
ورَقَّ عظمي أَي ضَعُفت. والرِّقَّةُ: الرحمة. ورقَقْت له أَرِقُّ:
رحِمْتُه. ورَقَّ وجهُه: استحيا؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا تَرَكَتْ شُرْبَ الرَّثيئةِ هاجَرٌ
وهَكَّ الخَلايا، لم تَرِقَّ عُيُونُها
لم ترِقّ عيونها أَي لم تَستَحْيِ.
والرَّقاق، بالفتح: الأَرض السَّهلةُ المُنبسِطة المُستوِِية الليِّنةُ
الترابِ تحت صلابة؛ قصره رؤبة بن العجاج في قوله:
كأَنَّها، وهْيَ تَهاوَى بالرَّقَقْ
من ذَرْوِها، شِبْراقُ شَدٍّ ذي عَمَقْ
(*قوله «تهاوى بالرقق» كذا في الأصل وهو في الصحاح أيضاً بواو في تهاوى
وقافين في الرقق والذي سيأتي للمؤلف في مادتي شبرق ومعق تهادى في الرفق
بدال بدل الواو وفاء بدل القاف وضبطت الرفق بضم ففتح في المادتين).
الأصمعي: الرَّقاقُ الأَرض اللينة من غير رمل، وأَنشد:
كأَنَّها بين الرَّقاقِ والخَمَرْ،
إِذا تَبارَيْنَ، شَآبِيبُ مَطَرْ
وقال الراجز:
ذارِي الرَّقاقِ واثِبُ الجراثِمِ
أَي يَذْرُو في الرَّقاقِ ويثب في الجَراثِيمِ من الرمل؛ وأَنشد ابن بري
لإِبراهيم بن عِمران الأَنصاري:
رَقاقُها ضَرِمٌ وجَريُها خَذِمٌ،
ولَحْمها زِيَمٌ والبَطْنُ مَقْبُوبُ
والرُّقاقُ، بالضم: الخبز المنبسط الرَّقِيقُ نقيض الغَلِيظ. يقال:
خُبْز رُقاق ورَقِيق. تقول: عندي غلام يَخْبِز الغليظ والرقيق، فإِن قلت يخبز
الجَرْدَقَ قلت: والرُّقاق، لأَنهما اسمان، والرُّقاقة الواحدة، وقيل:
الرُّقاق المُرَقَّق. وفي الحديث أَنه ما أَكل مُرَقَّقاً قَطُّ؛ هو
الأَرْغِفة الواسعة الرَّقِيقة. يقال: رَقِيق ورُقاق كطَويل وطُوال.
والرُّقُّ: الماءُ الرَّقيق في البحر أَو في الوادي لا غُزْرَ له.
والرَّقُّ: الصحيفة البيضاء؛ غيره: الرَّق، بالفتح: ما يُكتب فيه وهو
جِلْد رَقِيق، ومنه قوله تعالى: في رَقٍّ مَنْشُور؛ أَي في صُحُفٍ. وقال
الفراء: الرَّقُّ الصحائف التي تُخرج إِلى بني آدم يوم القيامة فآخِذٌ
كتابَه بيمينه وآخذ كتابه بشماله، قال الأَزهري: وما قاله الفراء يدل على
أَنَّ المكتوب يسمى رَقّاً أَيضاً، وقوله: وكِتابٍ مَسْطور؛ الكتاب ههنا ما
أُثْبِت على بني آدم من أَعمالهم. والرَّقَّةُ: كلّ أَرض إِلى جَنب وادٍ
ينبسط عليها الماء أَيَّام المَدِّ ثم يَنْحَسِرُ عنها الماء فتكون
مَكْرُمةً للنبات، والجمع رِقاقٌ. أَبو حاتم: الرَّقَّة الأَرض التي نَضَب
عنها الماء، والرَّقَّةُ البيضاء معروفة منه،. والرَّقَّةُ: اسم بلد.
والرَّقُّ: ضرب من دوابِّ الماء شِبه التِّمْساح. والرَّق: العظيم من
السَّلاحِف، وجمعه رُقُوق. وفي الحديث: كان فقهاء المدينة يشترون الرَّقَّ
فيأْكلونه؛ قال الحَربي: هو دُوَيْبة مائية لها أَربع قوائم وأَظفار وأَسنان
تُظهرها وتُغيِّبها.
والرِّقُّ، بالكسر: المِلك والعُبودِيَّةُ. ورَقَّ: صار في رِقٍّ. وفي
الحديث عن علي، عليه السلام، قال: يُحَطُّ عنه بقَدْر ما عَتَق ويَسْعَى
فيما رَقَّ منه. وفي الحديث: يُودَى المُكاتَبُ بقَدْر ما رَقَّ منه
دِيةَ العَبْدِ وبقدر ما أَدَّى دِيةَ
الحُرِّ؛ ومعناه أَن المكاتَب إِذا جني عليه جِنايةٌ وقد أَدَّى بعضَ
كتابته فإِنَّ الجاني عليه يَدْفَع إِلى ورثته بقدر ما كان أَدَّى من
كتابته دِيةَ حُرٍّ، ويدفع إلى مولاه بقدر ما بقي من كتابته دِيةَ عبدٍ كأَن
كاتَب على أَلف وقِيمتُه مائة ثم قُتِل وقد أَدَّى خمسمائة فلورثته خمسة
آلاف نصفُ
دية حُرّ، ولسيده خمسون نصف قيمته، وهذا الحديث خَرّجه أَبو داود في
السنن عن ابن عباس وهو مذهب النخعي، ويروى عن عليّ شيء منه، وأَجمع الفقهاء
على أَنّ المُكاتَب عبد ما بَقِي عليه دِرْهم. وعَبْدٌ مَرْقُوق ومُرَقٌّ
ورَقيقٌ، وجمع الرَّقيق أَرِقَّاء. وقال اللحياني: أَمةٌ رَقيق ورَقِيقة
من إِماء رقائقَ فقط، وقيل: الرقيق اسم للجمع.
واسترقَّ المَمْلوكَ فرَقَّ: أَدخله في الرِّقِّ. واسْترقَّ مملوكَه
وأَرَقَّه: وهو نقيض أَعْتقَه. والرَّقيقُ: المملوك، واحد وجمع، فَعِيل
بمعنى مفعول وقد يُطلق على الجماعة كالرَّفيق، تقول منه رَقَّ العبدَ
وأَرَقَّه واسْترقَّه. الليث: الرِّقُّ العُبودة، والرَّقيق العبد، ولا يؤخذ منه
على بناء الاسم. وقد رَقَّ فلان أَي صار عبداً. أَبو العباس: سمي العبيد
رَقِيقاً لأَنهم يَرِقُّون لمالكهم ويَذِلُّون ويَخْضَعون، وسميت
السُّوق سوقاً لأَن الأَشياءَ تُساق إِليها، والسَّوْقُ: مصدر، والسُّوقُ: اسم.
وفي حديث عُمر: فلم يبق أَحد من المسلمين إِلا له فيها حَظٌّ وحَقٌّ
إِلاّ بعضَ مَن تملكون مِن أَرِقّائكم أَي عبيدكم؛ قيل: أَراد به عبيداً
مخصوصين، وذلك أَنّ عمر، رضي الله عنه، كان يُعطي ثلاثة مَماليك لبني غفار
شهدوا بَدْراً لكل واحد منهم في كل سنة ثلاثة آلاف درهم، فأَراد بهذا
الاستثناء هؤلاء الثلاثة، وقيل: أَراد جميع المماليك، وإِنما استثنى من جملة
المسلمين بعضاً من كل، فكان ذلك منصرفاً إلى جنس المماليك، وقد يوضع
البعض موضع الكل حتى قيل إِنه من الأَضداد. والرِّقُّ أَيضاً: الشيء
الرَّقيق، ويقال للأَرض الليِّنةِ رِقٌّ؛ عن الأَصمعي. والرِّقُّ: ورَق الشجر؛
وروى بيت جُبَيها الأَشجعي:
نَفى الجَدْبُ عنه رِقَّه فهو كالِحُ
والرِّقُّ: نبات له عُود وشَوْك وورَق أَبيض.
ورَقْرَقْت الثوب بالطِّيب: أَجْريته فيه؛ قال الأَعشى:
وتَبْرُدُ بَرْدَ رِداء العَرُو
س بالصَّيْفِ رَقْرَقْتَ فيه العَبِيرا
ورَقْرَقَ الثَّرِيدَ بالدَّسَم: آدَمَه به، وقيل: كثَّره. ورَقْراقُ
السحاب: ما ذهَب منه وجاء. والرَّقراقُ: تَرْقْرُق السَّراب. وكل شيء له
بَصيص وتلأْلُؤ، فهو رَقْراق؛ قال العجاج:
ونَسَجَتْ لَوامِعُ الحَرُورِ
بِرَقْرقانِ آلِها المَسْجُورِِ
رَقْرقان: ما تَرَقْرَق من السراب أَي تحرَّك، والمَسْجُور ههنا:
المُوقد من شدَّة الحَرّ. وفي الحديث: أَن الشمسَ تَطْلُع تَرَقْرَقُ. قال أَبو
عبيد: يعني تَدُور تجيء وتذهب وهي كناية عن ظُهور حركتها عند طلوعها،
فإِنها تُرى لها حركةٌ مُتَخَيَّلة بسبب قُربها من الأُفُق وأَبْخِرته
المُعْتَرِضة بينها وبين الأَبصار، بخلاف ما إِذا علَتْ وارتفعت. وسراب
رَقْراقٌ ورَقرقانٌ: ذو بَصيصٍ. وتَرَقرَقَ: جرَى جَرْياً سَهلاً. وترَقْرق
الشيءُ: تلأْلأ أَي جاء وذهبَ. ورقْرقْت الماء فترقْرقَ أَي جاء وذهب،
وكذلك الدَّمعُ إِذا دار في الحِملاق. وسيفٌ رُقارِقٌ: برّاق. وثوب رُقارِق:
رَقيق. وجارية رَقْراقة: كأَنّ الماء يجري في وجهها. وجارية رَقْراقةُ
البشَرة: برّاقة البياضِ. وترَقْرقَت عينه: دَمَعت، ورَقْرَقَها هو.
ورَقْراقُ الدمع: ما ترَقْرقَ منه؛ قال الشاعر:
فإِنْ لم تُصاحِبْها رَمَيْنا بأَعْيُنٍ،
سَريعٍ برَقْراقِ الدُّمُوعِ انْهِلالُها
ورَقْرقَ الخمرَ: مَزَجَها. وتَرْقِيقُ الكلام: تحسينه. وفي المثل: عن
صَبُوحٍ تُرَقِّقُ؛ يقول: تُرَقِّق كلامك وتُلطِّفه لتوجب الصَّبُوح، قاله
رجل لضيف له غَبَقَه، فرقّق الضيفُ كلامَه ليُصْبِحه؛ وروي هذا المثل عن
الشعبي أَنه قال لرجل سأَله عن رجل قبَّل أُمَّ امرأَته فقال: حَرُمت
عليه امرأَته، أَعن صَبوح تُرَقِّق؟ قال أَبو عبيد: اتَّهمه بما هو أَفْحش
من القُبلة، وهذا مثل للعرب يقال لمن يُظهر شيئاً وهو يريد غيره، كأَنه
أَراد أَن يقول جامَع أُمَّ امرأَته فقال قَبَّل، وأَصله أَن رجلاً نزل
بقوم فبات عندهم فجعل يُرقّق كلامه ويقول: إِذا أَصبحت غداً فاصْطبحت فعلت
كذا، يريد إِيجاب الصَّبُوح عليهم، فقال بعضهم: أَعن صَبُوح تُرقِّق أَي
تُعرّض بالصَّبُوح، وحقيقته أَنّ الغَرض الذي يَقْصِده كأَنّ عليه ما
يستُره فيريد أَن يجعله رَقِيقاً شَفّافاً يَنِمُّ على ما وَراءه، وكأَنَّ
الشعبي اتَّهم السائل وتوهّم أَنه أَراد بالقُبلة ما يَتْبَعُها فغَلّظ
عليه الأَمرَ. وفي الحديث وتجيء فِتْنةٌ فيُرَقّقُ بعضُها بَعْضاً أَي
يُشَوِّق بتَحسينها وتَسْوِيلها. وترقَّقْتَ له إِذا رَقَّ له قلبُك.
والرَّقاقُ: السَّيْر السَّهل؛ قال ذو الرمة:
باقٍ على الأَيْنِ يُعْطي، إِن رَفَقْتَ به،
مَعْجاً رَقاقاً، وإِن تَخْرُقْ به يَخِدِ
أَبو عبيدة: فرس مُرِقٌّ إِذا كان حافره خفيفاً وبه رَقَقٌ. وحِضْنا
الرجل: رَقيقاه؛ وقال مُزاحِم:
أَصابَ رَقِيقَيْهِ بِمَهْوٍ، كأَنه
شُعاعةُ قَرْنِ الشمس مُلْتَهِبِ النَّصْلِ
حلق: الحَلْقُ: مَساغ الطعام والشراب في المَريء، والجمع القليل
أَحْلاقٌ؛ قال:
إِنَّ الذين يَسُوغُ في أَحْلاقِهم
زادٌ يُمَنُّ عليهمُ، للِئامُ
وأَنشد المبرد: في أَعْناقِهم، فَرَدَّ ذلك عليه عليّ بن حَمزَة،
والكثير حُلوق وحُلُقٌ؛ الأَخيرة عَزِيزة؛ أَنشد الفارسي:
حتى إِذا ابْتَلَّتْ حلاقِيمُ الحُلُقْ
الأَزهري: مخرج النفس من الحُلْقُوم وموضع الذبح هو أَيضاً من الحَلْق.
وقال أَبو زيد: الحلق موضع الغَلْصَمة والمَذْبَح. وحَلَقه يَحْلُقُه
حَلْقاً: ضربه فأَصاب حَلْقَه. وحَلِقَ حَلَقاً: شكا حَلْقَه، يطرد عليهما
باب. ابن الأَعرابي: حلَق إِذا أَوجَع، وحَلِقَ إِذا وجِعَ. والحُلاقُ:
وجَعٌ في الحَلْق والحُلْقُوم كالحَلْق، فُعْلُوم عن الخليل، وفُعْلُول عند
غيره، وسيأْتي. وحُلُوق الأَرض: مَجارِيها وأَوْدِيتها على التشبيه
بالحُلوق التي هي مَساوِغُ الطعام والشراب وكذلك حُلوق الآنية والحِياض.
وحَلَّقَ
الإِناءُ من الشراب: امْتلأَ إِلاَّ قليلاً كأَنَّ ما فيه من الماء
انتهى إِلى حَلْقِه، ووَفَّى حلْقَةَ حوضه: وذلك إِذا قارب أَن يملأَه إلى
حَلْقه. أَبو زيد: يقال وفَّيْت حَلْقة الحوض تَوفِيةً والإِناء كذلك.
وحَلْقةُ الإِناء: ما بقي بعد أَن تجعل فيه من الشراب أَو الطعام إِلى نصفه،
فما كان فوق النصف إِلى أَعلاه فهو الحلقة؛ وأَنشد:
قامَ يُوَفِّي حَلْقَةَ الحَوْضِ فَلَجْ
قال أَبو مالك: حَلْقة الحوض امْتِلاؤُه، وحلقته أَيضاً دون الامتلاء؛
وأَنشد:
فَوافٍ كَيْلُها ومُحَلِّقُ
والمُحلِّق: دون المَلْء؛ وقال الفرزدق:
أَخافُ بأَن أُدْعَى وحَوْضِي مُحْلِّقٌ،
إِذا كان يومُ الحَتْف يومَ حِمامِي
(* وفي قصيدة الفرزدق: إِذا كان يوم الوِردِ يومَ خِصامِ)
وحَلَّق ماءُ الحوض إِذا قلَّ وذهب. وحلَّق الحوضُ: ذهب ماؤُه؛ قال
الزَّفَيانُ:
ودُونَ مَسْراها فَلاةٌ خيْفَقُ،
نائي المياه، ناضبًٌ مُحَلِّقُ
(* قوله «مسراها» كذا في الأصل، والذي في شرح القاموس مرآها).
وحَلَّقَ
المكُّوكُ إِذا بلغ ما يُجعل فيه حَلْقَه. والحُلُق: الأَهْوِية بين
السماء والأَرض، واحدها حالِقٌ. وجبل حالق: لا نبات فيه كأَنه حُلِق، وهو
فاعل بمعنى مفعول؛ كقول بشر بن أَبي خازم:
ذَكَرْتُ بها سَلْمَى، فبِتُّ كأَنَّني
ذَكَرْتُ حَبيباً فاقِداً تَحْتَ مَرْمَسِ
أَراد مَفْقوداً، وقيل: الحالق من الجبال المُنِيفُ المُشْرِف، ولا يكون
إِلا مع عدم نبات. ويقال: جاء من حالق أَي من مكان مُشرف. وفي حديث
المَبْعث: فهَمَمْتُ أَن أَطرح بنفسي من حالِق أَي جبل عالٍ.
وفي حديث أَبي هريرة: لما نزل تحريم الخمر كنا نَعْمِد إِلى الحُلْقانةِ
فنَقْطَع ما ذَنَّبِ منها؛ يقال للبُسر إِذا بدا الإِرْطاب فيه من قِبل
ذَنَبِه التَّذْنوبة، فإِذا بلغ نصفه فهو مُجَزَّع، فإِذا بلغ ثُلُثيه
فهو حُلْقان ومُحَلْقِنٌ؛ يريد أَنه كان يقطع ما أَرطب منها ويرميه عند
الانتباذ لئلا يكون قد جَمع فيه بين البُسْر والرُّطب؛ ومنه حديث بَكَّار:
مرّ بقوم يَنالُون من الثَّعْد والحُلْقان. قال ابن سيده: بُسرة حُلْقانة
بلغ الإِرْطاب قريباً من النُّفدوق من أسفلها والجمع حُلْقانٌ حلْقها،
وقيل: هي التي بلغ الإِرطاب ومُحَلْقِنة والجمع مُحَلْقِنٌ. وقال أَبو
حنيفة: يقال حلَّق البُسر وهي الحَواليقُ، بثبات الياء؛ قال ابن سيده: وهذا
البناء عندي على النسب إِذ لو كان على الفعل لقال: مَحاليق، وأَيضاً فإِني
لا أَدري ما وجه ثبات الياء في حَواليق. وحَلْق التمرة والبُسرة: منتهى
ثُلثيها كأَن ذلك موضع الحلق منها.
والحَلْقُ: حَلْقُ الشعر. والحَلْقُ: مصدر قولك حَلق رأْسه. وحَلَّقوا
رؤُوسهم: شدّد للكثرة. والاحْتِلاقُ: الحَلْق. يقال: حَلق مَعَزه، ولا
يقال: جَزَّه إِلا في الضأْن، وعنز مَحْلوقة، وحُلاقة المِعزى، بالضم: ما
حُلِق من شعره. ويقال: إِن رأْسه لَجيِّد الحِلاق. قال ابن سيده: الحَلْق
في الشعر من الناس والمعز كالجَزّ في الصوف، حلَقه يَحلِقه حَلْقاً فهو
حالقٌ وحلاقٌ وحلَقَه واحْتَلَقه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لاهُمَّ، إِن كان بنُو عَمِيرهْ
أَهْلُ التِّلِبِّ هؤلا مَقْصُورهْ
(* قوله «مقصورة» فسره المؤلف في مادة قصر عن ابن الأَعرابي فقال:
مقصورة أي خلصوا فلم يخالصهم غيرهم)،
فابْعَثْ عليهم سَنةً قاشُورة،
تَحْتَلِقُ المالَ احْتلاقَ النُّورهْ
ويقال: حَلق مِعْزاه إِذا أَخذ شعرها، وجزَّ ضأْنَه، وهي مِعْزى
مَحْلُوقة وحَلِيقة، وشعر مَحْلوق. ويقال: لحية حَليق، ولا يقال حَلِيقة. قال
ابن سيده: ورأْس حليق محلوق؛ قالت الخنساء:
ولكني رأَيتُ الصبْر خَيْراً
من النَّعْلَينِ والرأْسِ الحَلِيق
والحُلاقةُ: ما حُلِقَ
منه يكون ذلك في الناس والمعز. والحَلِيقُ: الشعر المحلوق، والجمع
حِلاقٌ. واحْتلقَ بالمُوسَى. وفي التنزيل: مُحَلِّقين رُؤُوسكم ومُقَصِّرين.
وفي الحديث: ليس مِنَّا من صَلَق أَو حَلق أَي ليس من أَهل سُنَّتنا من
حلَق شعره عند المُصيبة إِذا حلَّت به. ومنه الحديث: لُعِنَ من النساء
الحالقة والسالِقةُ والخارِقةُ. وقيل: أَراد به التي تَحلِق وجهها للزينة؛
وفي حديث: ليس منا من سلَق أَو حلَق أَو خَرق أَي ليس من سنَّتنا رَفْعُ
الصوت في المَصائب ولا حلْقُ
الشعر ولا خَرْقُ الثياب. وفي حديث الحَجّ: اللهمَّ اغْفر
للمُحَلِّقِين قالها ثلاثاً؛ المحلِّقون الذين حلَقوا شعورهم في الحج أَو العُمرة
وخصَّهم بالدعاء دون المقصوين، وهم الذين أَخذوا من شعورهم ولم يَحلِقوا
لأَن أَكثر من أَحرم مع النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يكن معهم هَدْيٌ ،
وكان عليه السلام قد ساق الهَدْيَ، ومَن منه هَدْيْ لا يَحلِق حتى يَنْحَر
هديَه، فلما أَمرَ
من ليس معه هدي أَن يحلق ويحِلَّ، وجَدُوا في أَنفسهم من ذلك وأَحبُّوا
أَن يأَذَن لهم في المُقام على إِحرامهم حتى يكملوا الحج، وكانت طاعةُ
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَولى بهم، فلما لم يكن لهم بُدُّ من الإِحْلال
كان التقصير في نُفوسهم أَخفّ من الحلق، فمال أَكثرهم إِليه، وكان فيهم
من بادر إِلى الطاعة وحلق ولم يُراجِع، فلذلك قدَّم المحلِّقين وأَخَّر
المقصِّرين.
والمِحْلَقُ، بكسر الميم: الكِساءُ الذي يَحْلِق الشعر من خِشونته؛ قال
عُمارة بن طارِقٍ يصف إِبلاً ترد الماءَ فتشرب:
يَنْفُضْنَ بالمَشافِر الهَدالِقِ،
نَفْضَكَ بالمَحاشِئ المَحالِقِ
والمَحاشِئُ: أَكْسِية خَشِنةٌ تَحْلِقُ الجسد، واحدها مِحْشأ، بالهمز،
ويقال: مِحْشاة، بغير همز، والهَدالِقُ: جمع هِدْلق وهي
المُسْتَرْخِيَةُ.
والحَلَقةُ: الضُّروعُ المُرْتَفعةُ. وضَرْعٌ حالقٌ: ضخْم يحلق شعر
الفخذين من ضِخَمِه. وقالوا: بينهم احْلِقِي وقُومي أَي بينهم بَلاءٌ وشدَّة
وهو من حَلْق الشعر كان النساءٌ يَئمْن فيَحلِقْن شُعورَهنَّ؛ قال:
يومُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ
أَفضلُ من يومِ احْلِقي وقُومِي
الأَعرابي: الحَلْقُ الشُّؤْم. ومما يُدعَى به على المرأَة: عَقْرَى
حَلْقَى، وعَقْراً حَلْقاً فأَمّا عقرَى وعقراً فسنذكره في حرف العين،
وأَما حلْقَى وحلقاً فمعناه أَنه دُعِيَ عليها أَن تئيم من بعلها فتْحْلِق
شعرها، وقيل: معناه أَوجع الله حَلْقها، وليس بقويّ؛ قال ابن سيده: وقيل
معناه أَنها مَشْؤُومةٌ، ولا أَحُقُّها. وقال الأَزهري: حَلْقَى عقْرى
مشؤُومة مُؤْذِية. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال لصَفِيَّة بنت
حُيَيٍّ حين قيل له يوم النَّفْر إِنها نَفِسَت أَو حاضت فقال: عقرى حلقى
ما أَراها إِلاَّ حابِسَتنا؛ معناه عَقَر الله جَسدَها وحلَقها أَي
أَصابها بوجع في حَلْقها، كما يقال رأَسَه وعضَده وصَدَره إِذا أَصاب رأْسَه
وعضُدَه وصَدْره. قال الأَزهري: وأَصله عقراً حلقاً، وأَصحاب الحديث
يقولون عقرَى حلقَى بوزن غَضْبَى، حيث هو جارٍ على المؤَنث، والمعروف في
اللغة التنوين على أَنه مصدر فَعل متروك اللفظ، تقديره عقَرها الله عقْراً
وحلَقها الله حلقاً. ويقال للأَمر تَعْجَبُ منه: عقْراً حلقاً، ويقال
أَيضاً للمرأَة إِذا كانت مؤْذِية مشؤُومة؛ ومن مواضع التعجب قولُ أُمّ الصبي
الذي تكلَّم: عَقْرَى أَو كان هذا منه قال الأَصمعي: يقال عند الأَمر
تَعْجَبُ
منه: خَمْشَى وعَقْرى وحَلْقى كأَنه من العَقْر والحَلْق والخَمْش؛
وأَنشد:
أَلا قَوْمِي أُولُو عَقْرَى وحَلْقَى
لِما لاقَتْ سَلامانُ بن غَنْمِ
ومعناه قَومِي أُولُو نساءٍ قد عَقَرْن وجُوههن فخذَشْنَها وحَلَقْن
شعورهن مُتَسَلِّباتٍ على من قُتل من رجالها؛ قال ابن بري: هذا البيت رواه
ابن القطَّاع:
أَلا قَومي أُولو عَقْرَى وحَلْقَى
يريدون أَلا قومي ذَوو نساءٍ قد عقرن وجوهَهنَّ وحلقن رؤُوسهن، قال:
وكذلك رواه الهَرَوِيّ في الغريبين قال: والذي رواه ابن السكيت:
أَلا قُومِي إِلى عقْرى وحلْقى
قال: وفسَّره عثمان بن جني فقال: قولهم عقرى حلقى، الأَصل فيه أَن
المرأَة كانت إِذا أُصِيب لها كريم حلَقَت رأْسها وأَخذت نَعْلين تضرب بهما
رأْسَها وتعقِره؛ وعلى ذلك قول الخنساء:
فلا وأَبِيكَ، ما سَلَّيْتُ نفسي
بِفاحِشةٍ أَتَيتُ، ولا عُقوقِ
ولكنِّي رأَيتُ الصَّبْر خَيراً
من النَّعلين والرأْسِ الحَليقِ
يريد إِن قومي هؤلاء قد بلغ بهم من البَلاء ما يبلُغ بالمرأَة المعقورة
المحلوقة، ومعناه أَهم صاروا إِلى حال النساءِ المَعْقُورات المحلوقات.
قال شمر: روى أَبو عبيد عقراً حلقاً، فقلت له: لم أَسمع هذا إِلا عقرَى
حلقَى، فقال: لكني لم أَسمع فَعْلى على الدعاء، قال شمر: فقلت له قال ابن
شميل إِن صِبيانَ
البادية يلعبون ويقولون مُطَّيْرَى على فُعَّيْلى، وهو أَثقل من
حَلْقَى، قال: فصيره في كتابه على وجهين: منوّناً وغير منوَّن. ويقال: لا
تَفعلْذلك أُمُّك حالِقٌ أَي أَثْكلَ الله أُمَّك بك حتى تَحلِق شعرها،
والمرأَةُ إِذا حلَقت شعرها عند المصيبة حالِقةٌ وحَلْقَى. ومثَلٌ للعرب:
لأُمّك الحَلْقُ ولعينك العُبْرُ.
والحَلْقَةُ: كلُّ شيءٍ استدار كحَلْقةِ الحديد والفِضّة والذهب، وكذلك
هو في الناس، والجمع حِلاقٌ على الغالب، وحِلَقٌ على النادر كهَضْبة
وهِضَب، والحَلَقُ عند سيبويه: اسم للجمع وليس بجمع لأَن فَعْلة ليست مما
يكسَّر على فَعَلٍ، ونظير هذا ما حكاه من قولهم فَلْكَةٌ وفَلَكٌ، وقد حكى
سيبويه في الحَلْقة فتح اللام وأَنكرها ابن السكيت وغيره، فعلى هذه
الحكاية حلَقٌ جمع حلَقة وليس حينئذ اسم جميع كما كان ذلك في حلَق الذي هو اسم
جمع لحَلْقة، وإِن كان قد حكى حلَقة بفتحها. وقال اللحياني: حَلْقة الباب
وحلَقته، بإِسكان اللام وفتحها، وقال كراع: حلْقةُ القوم وحلَقتهم، وحكى
الأُمَوِيُّ: حِلْقة القوم، بالكسر، قال: وهي لغة بني الحرت بن كعب،
وجمع الحِلْقةِ حِلَقٌ وحَلَق وحِلاقٌ، فأَما حِلَقٌ فهو بابُه، وأَما
حَلَقٌ فإِنه اسم لجمع حِلْقة كما كان اسماً لجمع حَلْقةٍ، وأَما حِلاقٌ فنادر
لأَن فِعالاً ليس مما يغلب على جمع فِعْلة. الأَزهري: قال الليث
الحَلْقةُ، بالتخفِيف، من القوم، ومنهم من يقول حَلَقة، وقال الأَصمعي: حَلْقة
من الناس ومن حديد، والجمع حِلَقٌ مثل بَدْرةٍ وبِدَر وقَصْعة وقِصَعٍ؛
وقال أَبو عبيد: أَختار في حلَقة الحديد فتح اللام ويجوز الجزم، وأَختار
في حلْقة القوم الجزم ويجوز التثقيل؛ وقال أَبو العباس: أَختار في حلَقة
الحديد وحلَقة الناس التخفيف، ويجوز فيهما التثقيل، والجمع عنده حَلَقٌ؛
وقال ابن السكيت: هي حلْقة الباب وحلَقة القوم، والجمع حِلَق وحِلاق.
وحكى يونس عن أَبي عمرو بن العلاء حلَقة في الواحد، بالتحريك، والجمع حَلَقٌ
وحَلَقات؛ وقال ثعلب: كلهم يجيزه على ضعفه وأَنشد:
مَهْلاً بَني رُومانَ، بعضَ وَعيدكم
وإِيّاكمُ والهُلْبَ منِّي عَضارِطا
أَرِطُّوا، فقد أَقْلَقْتُمُ حَلَقاتِكمْ،
عسَى أَن تَفُوزوا أَن تكونوا رَطائطا
قال ابن بري: يقول قد اضطرب أَمرُكم من باب الجِدِّ والعقل فتَحامَقُوا
عسى أَن تفُوزوا؛ والهُلْبُ: جمع أَهْلَبَ، وهو الكثير شعر الأُنثيين،
والعِضْرِطُ: العِجانُ، ويقال: إِن الأَهلَبَ
العِضرِطِ لا يُطاق؛ وقد استعمل الفرزدق حَلَقة في حلْقةِ القوم قال:
يا أَيُّها الجالِسُ، وسْطَ الحَلَقهْ،
أَفي زِناً قُطِعْتَ أَمْ في سَرِقَهْ؟
وقال الراجز:
أُقْسِمُ بالله نُسْلِمُ الحَلَقهْ
ولا حُرَيْقاً، وأُخْتَه الحُرَقهْ
وقال آخر:
حَلَفْتُ بالمِلْحِ والرَّمادِ وبالنـ
ـارِ وبالله نُسْلِمُ الحَلَقهْ
حتى يَظَلَّ الجَوادُ مُنْعَفِراً،
ويَخْضِبَ القَيْلُ عُرْوَةَ الدَّرَقهْ
ابن الأَعرابي: هم كالحَلَقةِ المُفْرَغة لا يُدْرَى أَيُّها طَرَفُها؛
يضرب مثلاً للقوم إِذا كانوا مُجتمعين مؤتَلِفين كلمتهُم وأَيديهم واحدة
لا يَطْمَعُ عَدوُّهم فيهم ولا يَنال منهم. وفي الحديث: أَنه نَهى عن
الحِلَقِ قبل الصَّلاةِ ، وفي رواية: عن التَّحَلُّقِ؛ أَراد قبل صلاة
الجُمعة؛ الحِلَقُ، بكسر الحاء وفتح اللام: جمع الحَلْقة مثل قَصْعة وقِصَعٍ،
وهي الجماعة من الناس مستديرون كحلْقة الباب وغيرها. والتَّحَلُّق،
تفَعُّل منها: وهو أَن يتَعمَّدوا ذلك. وتَحلَّق القومُ: جلسوا حَلْقة حَلْقة.
وفي الحديث: لا تصلوا خَلْف النيِّام ولا المُتَحَلِّقين أَي الجُلوسِ
حِلَقاً حِلَقاً. وفي الحديث: الجالس وسْط الحلَقة ملعون لأَنه إِذا جلس
في وسَطِها استدبر بعضَهم بظهره فيُؤذيهم بذلك فيَسبُّونه ويلْعَنُونه، ؛
ومنه الحديث: لا حِمَى إِلا في ثلاث، وذكر حَلْقة القوم أَي لهم أَن
يَحْمُوها حتى لا يَتَخَطَّاهم أَحَد ولا يَجلس في وسطها. وفي الحديث: نهى
عن حِلَقِ الذهب؛ هي جمع حَلْقةٍ وهي الخاتمُ بلا فَصّ؛ ومنه الحديث: من
أَحَبّ أَن يُحَلِّق جبينه حَلْقة من نار فلْيُحَلِّقْه حَلْقة من ذهب؛
ومنه حديث يأْجُوج ومأْجُوج: فُتِحَ اليومَ من رَدْمِ يأْجوجَ ومأْجوجَ
مِثْلُ
هذه وحَلَّق بإِصْبَعِه الإِبْهام والتي تليها وعقَد عَشْراً أَي جعل
إِصْبَعيْه كالحَلْقة، وعَقْدُ العشرة: من مُواضَعات الحُسّاب، وهو أَن
يجعل رأْس إِصْبَعه السبابة في وسط إِصبعه الإِبهام ويَعْملهما كالحَلْقة.
الجوهري: قال أَبو يوسف سمعت أَبا عمرو الشيباني يقول: ليس في الكلام
حلَقة، بالتحريك، إِلا في قولهم هؤلاء قوم حَلَقةٌ للذين يَحلِقون الشعر، وفي
التهذيب: للذين يحلقونَ المِعْزى، جمع حالِقٍ. وأَما قول العرب:
التَقَتْ حلَقتا البِطان، بغير حذف أَلف حلْقتا لسكونها وسكون اللام، فإِنهم
جمعوا فيها بين ساكنين في الوصل غير مدغم أَحدهما في الآخر، وعلى هذا قراءة
نافع: مَحْيايْ ومَماتي، بسكون ياء مَحيايْ، ولكنها ملفوظ بها ممدودة
وهذا مع كون الأَوّل منهما حرف مدّ؛ وممّا جاء فيه بغير حرف لين، وهو شاذٌّ
لا يقاس عليه، قوله:
رَخِّينَ أَذْيالَ الحِقِيِّ وارْتَعْنْ
مَشْيَ حَمِيّات كأَنْ لم يُفْزَعْنْ،
إِنْ يُمْنَعِ اليومِ نِساء تُمْنَعْنْ
قال الأَخفش: أَخبرني بعض من أَثق به أَنه سمع:
أَنا جَريرٌ كُنْيَتي أَبو عَمْرْ،
أَجُبُناً وغَيْرةً خَلْفَ السِّتْرْ
قال: وسمعت من العرب:
أَنا ابنُ ماوِيّة إِذا جَدَّ النَّقْرْ
قال ابن سيده: قال ابن جني لهذا ضرب من القياس، وذلك أَنّ الساكن
الأَوّل وإن لم يكن مدّاً فإِنه قد ضارَع لسكونه المدّة، كما أَن حرف اللين
إِذا تحرك جرى مَجرى الصحيح، فصحّ في نحو عِوَضٍ وحِولٍ، أَلا تراهما لم
تُقْلب الحركةُ فيهما كما قلبت في ريح ودِيمة لسكونها؟ وكذلك ما أُعِلّ
للكسرة قبله نحو مِيعاد ومِيقات، والضمة قبله نحو مُوسر ومُوقن إِذا تحرك صح
فقالوا مَواعِيدُ ومَواقيتُ ومَياسيرُ
ومَياقِينُ، فكما جرى المدّ مجرى الصحيح بحركته كذلك يجري الحرف الصحيح
مجرى حرف اللين لسكونه، أَوَلا ترى ما يَعرِض للصحيح إِذا سكن من
الإِدغام والقلب نحو من رأَيت ومن لقِيت وعنبر وامرأَة شَنْباء؟ فإِذا تحرك صح
فقالوا الشنَب والعبر وأَنا رأَيت وأَنا لقِيت، فكذلك أَيضاً تجري العين
من ارتعْن، والميم من أَبي عمْرو، والقاف من النقْر لسكونها مجرى حرف المد
فيجوز اجتماعها مع الساكن بعدها. وفي الرحم حَلْقتانِ: إِحداهما التي
على فم الفرْج عند طرَفه، والأُخرى التي تنضمُّ على الماء وتنفتح للحيض،
وقيل: إِنما الأُخرى التي يُبالُ منها. وحَلَّق القمرُ
وتحلَّق: صار حولَه دارةٌ. وضربوا بيوتهم حِلاقاً أَي صفّاً واحداً حتى
كأَنها حَلْقة. وحلَّقَ
الطائرُ إِذا ارتفع في الهواء واسْتدارَ، وهو من ذلك؛ قال النابغة:
إِذا ما التَقَى الجَمْعانِ، حَلَّقَ فوقَهمْ
عَصائبُ طَيْرٍ تَهْتَدِي بِعصائبِ
(* وفي ديوان النابغة: إِذا ما غَزَوا بالجيش، حلَّق فوقهم
وقال غيره:
ولوْلا سُليْمانُ الأَمِيرُ لحَلَّقَتْ
به، مِن عِتاقِ الطيْرِ، عَنْقاءُ مُغْرِب
وإِنما يريد حلَّقت في الهَواء فذهبت به؛ وكذلك قوله أَنشده ثعلب:
فحَيَّتْ فحيَّاها، فهْبَّتْ فحَلَّقَتْ
مع النجْمِ رُؤْيا، في المَنامِ، كذُوبُ
وفي الحديث: نَهَى عن بيع المُحلِّقاتِ
أَي بيعِ الطير في الهواء. وروى أَنس بن مالك قال: كان النبي، صلى الله
عليه وسلم، يصلي العصر والشمسُ بيضاء مُحَلِّقةٌ فأَرجِع إِلى أَهلي
فأَقول صلُّوا؛ قال شمر: مُحلِّقة أَي مرتفعة؛ قال: تحليق الشمس من أَوَّل
النهار ارتفاعها من المَشرِق ومن آخر النهار انْحِدارُها. وقال شمر: لا
أَدري التحليق إِلا الارتفاعَ في الهواء. يقال: حلَّق النجمُ إِذا ارتفع،
وتَحْلِيقُ الطائرِ ارتفاعه في طَيَرانه، ومنه حلّق الطائرُ في كَبِد
السماء إِذا ارتفع واستدار؛ قال ابن الزبير الأَسَدي في النجم:
رُبَّ مَنْهَلٍ طاوٍ ورَدْتُ، وقد خَوَى
نَجْمٌ، وحَلَّقَ في السماء نُجومُ
خَوى: غابَ؛ وقال ذو الرمة في الطائر:
ورَدْتُ احْتِسافاً والثُّرَيَّا كأَنَّها،
على قِمّةِ الرأْسِ، ابنُ ماء مُحَلِّقُ
وفي حديث: فحلَّقَ ببصره إِلى السماء كما يُحلِّقُ
الطائر إِذا ارتفع في الهواء أَي رفَعه؛ ومنه الحالِقُ: الجبل المُنِيفُ
المُشْرِف.
والمُحلَّقُ: موضع حَلْقِ الرأْسِ بِمنًى؛ وأَنشد:
كلاَّ ورَبِّ البيْتِ والمُحلَّقِ
والمُحلِّق، بكسر اللام: اسم رجل من ولد بَكْر بن كِلاب من بني عامر
ممدوح الأَعشى؛ قال ابن سيده: المُحلِّق اسم رجل سمي بذلك لأَن فرسه عضَّته
في وجهه فتركَتْ به أَثراً على شكل الحَلقة؛ وإِياه عنى الأَعشى بقوله:
تُشَبُّ لِمَقْرورَيْنِ يَصْطَلِيانِها،
وباتَ على النارِ النَّدَى والمُحَلِّقُ
وقال أَيضاً:
تَرُوحَ على آلِ المُحَلِّقِ جَفْنةٌ،
كجابِيةِ الشيخِ العِراقِيِّ تَفْهَقُ
وأَما قول النابغة الجَعْدِي:
وذكَرْتَ من لبَنِ المُحَلَّق شَرْبَةً،
والخَيْلُ تَعْدُو بالصَّعِيدِ بَدادِ
فقد زعم بعض أَهل اللغة أَنه عنى ناقةً سمَتُها على شكل الحَلْقة وذكَّر
على إِرادةِ الشخص أَن الضَّرْع؛ هذا قول ابن سيده، وأَورد الجوهري هذا
البيت وقال: قال عَوْقُ بن الخَرِع يخاطب لَقيطَ بن زُرارةَ، وأَيده ابن
بري فقال: قاله يُعيِّره بأَخيه مَعْبَدٍ حيث أَسَرَه بنو عامر في يوم
رَحْرَحان وفرَّ عنه؛ وقبل البيت:
هَلاَّ كَرَرْتَ على ابنِ أُمِّك مَعْبَدٍ،
والعامِرِيُّ يَقُودُه بصِفادِ
(* قوله «هلا كررت إلخ» أورد المؤلف هذا البيت في مادة صفد:
هلا مننت على أخيك معبد * والعامريّ يقوده أصفاد
والصواب ما هنا؛ والصفاد، بالكسر: حبل يوثق به.)
والمُحَلَّقُ
من الإِبل: المَوْسوم بحلْقة في فخذه أَو في أَصل أُذنه، ويقال للإِبل
المُحَلَّقة حلَقٌ؛ قال جَنْدل الطُّهَوي:
قد خَرَّبَ الأَنْضادَ تَنْشادُ الحَلَقْ
من كلَ بالٍ وجْهُه بَلْيَ الخِرَقْ
يقول: خَرَّبوا أَنْضادَ بيوتنا من أَمتعتنا بطلَب الضَّوالِّ. الجوهري:
إِبل مُحلَّقة وسْمُها الحَلَقُ؛ ومنه قول أَبي وجْزة السعدي:
وذُو حَلَقٍ تَقْضِي العَواذِيرُ بينها،
تَرُوحَ بأَخْطارٍ عِظامِ اللَّقائحِ
(* قوله «تقضي» أي تفصل وتميز، وضبطناه في مادة عذر بالبناء للمفعول).
ابن بري: العَواذِيرُ جمع عاذُور وهو وَسْم كالخَطّ، وواحد الأَخْطار
خِطْر وهي الإِبل الكثيرة، وسكِّينٌ حالِقٌ وحاذِقٌ أَي حَدِيد.
والدُّرُوع تسمى حَلْقةً؛ ابن سيده: الحَلْقَةُ اسم لجُملة السِّلاح
والدُّروع وما أَشبهها وإِنما ذلك لمكان الدروع، وغلبَّوا هذا النوع من
السلاح، أَعني الدروع، لشدَّة غَنائه، ويدُلك على أَن المراعاة في هذا إِنما
هي للدُّروع أَن النعمان قد سمَّى دُروعه حَلْقة. وفي صلح خيبر: ولرسول
الله، صلى الله عليه وسلم، الصفْراء والبيْضاء والحلْقةُ؛ الحلْقةُ، بسكون
اللام: السلاحُ عامّاً، وقيل: هي الدروع خاصّة؛ ومنه الحديث: وإِن لنا
أَغْفالَ الأَرض والحَلْقَةَ. ابن سيده: الحِلْق الخاتم من الفضة بغير
فَصّ، والحِلق، بالكسر، خاتم المُلْك. ابن الأَعرابي: أُعْطِيَ فلان
الحِلْقَ أَي خاتمَ المُلك يكون في يده؛ قال:
وأُعْطِيَ مِنّا الحِلْقَ أَبيضُ ماجِدٌ
رَدِيفُ مُلوكٍ، ما تُغبُّ نَوافِلُهْ
وأَنشد الجوهري لجرير:
ففازَ، بِحِلْقِ المُنْذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ.
فَتىً منهمُ رَخْوُ النِّجاد كرِيمُ
والحِلْقُ: المال الكثير. يقال: جاء فلان بالحِلْق والإِحْرافِ.
وناقة حالِقٌ: حافِل، والجمع حوَالِقُ
وحُلَّقٌ. والحالِقُ: الضَّرْعُ المُمْتلئ لذلك كأََنَّ اللبَن فيه
إِلى حَلْقه. وقال أَبو عبيد: الحالق الضرع، ولم يُحَلِّه، وعندي أَنه
المُمْتلئ، والجمع كالجمع؛ قال الحطيئة يصف الإِبل بالغَزارة:
وإِن لم يكنْ إِلاَّ الأَمالِيسُ أَصْبَحَتْ
لها حُلَّقٌ ضَرّاتُها، شَكِراتِ
حُلَّقٌ: جمع حالِق، أَبدل ضراتُها من حُلَّق وجعل شكرات خبر أَصبحت،
وشَكِرات: مُمتلِئة من اللبن؛ ورواه غيره:
إِذا لم يكن إِلا الأمالِيسُ رُوِّحَتْ،
مُحَلّقةً، ضَرّاتُها شَكِراتِ
وقال: مُحلّقة حُفَّلاً كثيرة اللبن، وكذلك حُلَّق مُمتلئة. وقال النضر:
الحالق من الإِبل الشديدة الحَفْل العظيمة الضَّرّة، وقد حَلَقَت
تحْلِقُ حَلْقاً. قال الأَزهري: الحالق من نعت الضُّروع جاء بمعنيين
مُتضادَّين، والحالق: المرتفع المنضم إِلى البطن لقلة لبنه؛ ومنه قول
لبيد:حتى إِذا يَبِسَتْ وأَسْحَقَ حالِقٌ،
لم يُبْلِه إِرْضاعُها وفِطامُها
(* في معلقة لبيد: يَئِستَ بدل يبست).
فالحالق هنا: الضَّرْعُ
المرتفع الذي قلَّ لبنه، وإِسْحاقُه دليل على هذا المعنى. والحالق
أَيضاً: الضرع الممتلئ وشاهده ما تقدَّم من بيت الحطيئة لأَن قوله في آخر
البيت شكرات يدل على كثرة اللبن. وقال الأَصمعي: أَصبحت ضرةُ الناقة حالقاً
إِذا قاربت المَلْء ولم تفعل. قال ابن سيده: حلَّق اللبن ذهب، والحالق
التي ذهب لبنها؛ كلاهما عن كراع. وحلَق الضرعُ: ذهب لبنه يَحْلِق حُلوقاً،
فهو حالق، وحُلوقُه ارتفاعه إِلى البطن وانضمامُه، وهو في قول آخر كثرة
لبنه. والحالق: الضامر. والحالقُ السريع الخفيف.
وحَلِقَ قضيب الفرس والحمار يَحْلَق حَلَقاً: احمرَّ وتقشَّر؛ قال أَبو
عبيد: قال ثور النَّمِرِي يكون ذلك من داء ليس له دَواء إِلا أَن يُخْصَى
فربما سلم وربما مات؛ قال:
خَصَيْتُكَ يا ابنَ حَمْزَةَ بالقَوافي،
كما يُخُصَى من الحَلَقِ الحِمارُ
قال الأَصمعي: يكون ذلك من كثرة السِّفاد. وحَلِقَ الفرسُ
والحمار، بالكسر، إِذا سَفَد فأَصابه فَساد في قَضِيبه من تقشُّر أَوِ
احْمرار فيُداوَى بالخِصاء. قال ابن بري: الشعراء يجعلون الهِجاء
والغَلَبة خِصاء كأَنه خرج من الفُحول؛ ومنه قول جرير:
خُصِيَ الفَرَزْدَقُ، والخِصاءُ هَذَلَّةٌ،
يَرْجُو مُخاطَرَةَ القُرومِ البُزَّلِ
قال ابن سيده: الحُلاقُ صفة سوء وهو منه كأَنّ مَتاعَ الإِنسان يَفْصُد
فتعُود حَرارتُه إِلى هنالك. والحُلاقُ في الأَتان: أَن لا تشبَع من
السِّفاد ولا تَعْلَقُ
مع ذلك، وهو منه، قال شمر: يقال أَتانٌ حَلَقِيّةً إِذا تداولَتْها
الحُمْر فأَصابها داء في رحِمها.
وحلَق الشيءَ يَحْلِقُه حَلْقاً: قشَره، وحَلَّقَتْ
عينُ البعير إِذا غارَتْ. وفي الحديث: مَن فَكَّ حَلْقةً فكَّ الله عنه
حَلْقة يوم القيامة؛ حكى ثعلب عن ابن الأَعرابي: أَنه من أَعْتق مملوكاً
كقوله تعالى: فَكّ رَقَبة. والحالِقُ: المَشْؤوم على قومه كأَنه
يَحْلِقهم أَي يَقْشِرُهم. وفي الحديث روي: دَبَّ إِليكم داء الأُمَمِ قبلكم
البَغْضاء، وهي الحالِقةُ أَي التي من شأْنها أَن تَحْلق أَي تُهْلِك
وتَسْتَأْصِل الدِّينَ كما تَسْتأْصِل المُوسَى الشعر. وقال خالد بن جَنْبةَ:
الحالِقةُ قَطِيعة الرَّحمِ والتَّظالُمُ والقولُ السيء. ويقال: وقَعَت
فيهم حالِقةٌ لا تدَعُ شيئاً إِلا أَهْلكَتْه. والحالِقةُ: السنة التي
تَحلِق كلّ شيء. والقوم يَحلِق بعضهم بعضاً إِذا قَتل بعضهم بعضاً.
والحالِقةُ: المَنِيّة، وتسمى حَلاقِ. قال ابن سيده: وحَلاقِ
مثل قَطامِ المنيّةُ، مَعدُولة عن الحالقةِ، لأَنها تَحلِق أَي
تَقْشِرُ؛ قال مُهَلْهل:
ما أُرَجِّي بالعَيْشِ بعدَ نَدامَى،
قد أَراهم سُقُوا بكَأْسِ حَلاقِ
وبنيت على الكسر لأَنه حصل فيها العدل والتأْنيث والصفة الغالبة؛ وأَنشد
الجوهري:
لَحِقَتْ حَلاقِ بهم على أَكْسائهم،
ضَرْبَ الرِّقابِ، ولا يُهِمُّ المَغْنَمُ
قال ابن بري: البيت للأَخْزم بن قاربٍ الطائي، وقيل: هو للمُقْعَد بن
عَمرو؛ وأَكساؤهم: مآخِرُهم، الواحد كسْء وكُسْء، بالضم أَيضاً. وحَلاقِ:
السنةُ المُجْدِبة كأَنها تَقشر النبات، والحالُوق: الموت، لذلك. وفي حديث
عائشة: فبَعَثْتُ إِليهم بقَميص رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
فانْتَحَبَ الناسُ فحلَّق به أَبو بكر إِليّ وقال: تزوَّدِي منه واطْوِيه، أَي
رماه إِليّ.
والحَلْقُ: نَبات لورقه حُموضة يُخلَط بالوَسْمةِ للخِضاب، الواحدة
حَلْقة. والحالقُ
من الكَرْم والشَّرْي ونحوه: ما التَوى منه وتعلَّق بالقُضْبان.
والمَحالِقُ والمَحاليقُ: ما تعلَّق بالقُضْبان. من تعاريش الكرم؛ قال الأَزهري:
كلُّ ذلك مأْخوذ من استدارته كالحَلْقة. والحَلْقُ: شجر ينبت نبات
الكَرْم يَرْتَقي في الشجر وله ورق شبيه بورق العنب حامض يُطبخ به اللحم، وله
عَناقيدُ صغار كعناقيد العنب البّري الذي يخضرّ ثم يَسودُّ فيكون مرّاً،
ويؤخذ ورقه ويطبخ ويجعل ماؤه في العُصْفُر فيكون أَجود له من حبّ
الرمان، واحدته حَلْقة؛ هذه عن أَبي حنيفة.
ويومُ تَحْلاقِ
اللِّمَمِ: يومٌ لتَغْلِب على بكر بن وائل لأَن الحَلْقَ كان شِعارهم
يومئذ.
والحَلائقُ: موضع؛ قال أَبو الزبير التَّغْلَبيّ:
أُحِبُّ تُرابَ الأَرضِ أَن تَنْزِلي به،
وذا عَوْسَجٍ والجِزْعَ جِزْعَ الحَلائقِ
ويقال: قد أَكثرت من الحَوْلقة إِذا أَكثر من قول: لا حولَ
ولا قوّة إِلا بالله؛ قال ابن بري: أَنشد ابن الأَنباري شاهداً عليه:
فِداكَ من الأَقْوامِ كلُّ مُبَخَّلٍ
يُحَوْلِقُ، إِمّا سالَه العُرْفَ سائلُ
وفي الحديث ذكر الحَوْلَقةِ، هي لفظة مبنيّة من لا حول ولا قوة إِلا
بالله، كالبسملة من بسم الله، والحمدَلةِ من الحمد لله؛ قال ابن الأَثير:
هكذا ذكرها الجوهري بتقديم اللام على القاف، وغيره يقول الحوْقلةُ، بتقديم
القاف على اللام، والمراد بهذه الكلمات إِظهار الفقر إِلى الله بطلب
المَعُونة منه على ما يُحاوِلُ من الأُمور وهي حَقِيقة العُبودِيّة؛ وروي عن
ابن مسعود أَنه قال: معناه لا حول عن معصية ا لله إِلا بعصمة الله، ولا
قوّة على طاعة الله إِلا بمعونته.
جزي: الجَزاءُ: المُكافأََة على الشيء، جَزَاه به وعليه جَزَاءً وجازاه
مُجازاةً وجِزَاءً؛ وقول الحُطَيْئة:
منْ يَفْعَلِ الخَيْرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ
قال ابن سيده: قال ابن جني: ظاهر هذا أَن تكون جَوازِيَه جمع جازٍ أَي
لا يَعْدَم جَزاءً عليه، وجاز أَن يُجْمَع جَزَاءٌ على جَوازٍ لمشابهة اسم
الفاعل للمصدر، فكما جمع سَيْلٌ على سَوائِل كذلك يجوز أَن يكون
جَوَازِيَهُ جمع جَزَاءٍ. واجْتَزاه: طَلبَ منه الجَزاء؛ قال:
يَجْزُونَ بالقَرْضِ إِذا ما يُجْتَزَى
والجازِيةُ: الجَزاءُ، اسم للمصدر كالعافِية. أَبو الهيثم: الجَزاءُ
يكون ثواباً
ويكون عقاباَ. قال الله تعالى: فما جَزاؤُه إِن كنتم كاذبين، قالوا
جَزاؤُه من وُجِدَ في رَحْله فهو جَزاؤُه؛ قال: معناه فما عُقُوبته إِنْ
بان كَذِبُكم بأَنه لم يَسْرِقْ أَي ما عُقُوبة السَّرِقِ عندكم إِن
ظَهَر عليه؟ قالوا: جزاء السَّرِقِ عندنا مَنْ وُجِدَ في رَحْله أَي الموجود
في رحله كأَنه قال جَزاء السَّرِقِ عندنا استرقاق السارِقِ الذي يوجد في
رَحْله سُنَّة، وكانت سُنَّة آل يعقوب. ثم وَكَّده فقال فهو جَزاؤه.
وسئل أَبو العباس عن جَزَيْته وجازَيْته فقال: قال الفراء لا يكون جَزَيْتُه
إِلاَّ في الخير وجازَيْته يكون في الخير والشر، قال: وغيره يُجِيزُ
جَزَيْتُه في الخير والشر وجازَيْتُه في الشَّرّ. ويقال: هذا حَسْبُك من
فلان وجازِيكَ بمعنىً واحد. وهذا رجلٌ جازِيكَ من رجل أَي حَسْبُك؛ وأَما
قوله:
جَزَتْكَ عني الجَوَازي
فمعناه جَزتْكَ
جَوازي أَفعالِك المحمودة. والجَوازي: معناه الجَزاء، جمع الجازِية
مصدر على فاعِلةٍ، كقولك سمعت رَوَاغِيَ الإِبل وثَوَاغِيَ الشاءِ؛ قال أَبو
ذؤَيب:
فإِنْ كنتَ تَشْكُو من خَليلٍ مَخانَةً،
فتلك الجَوازي عُقْبُها ونَصِيرُها
أَي جُزِيتَ كما فعَلْتَ، وذلك لأَنه اتَّهَمه في خليلتِه؛ قال
القُطاميُّ:
وما دَهْري يُمَنِّيني ولكنْ
جَزتْكُمْ، يا بَني جُشَمَ، الجوازي
أَي جَزَتْكُم جَوازي حُقُوقكم وذِمامِكم ولا مِنَّةَ لي عليكم.
الجوهري: جَزَيْتُه بما صنَعَ جَزاءً وجازَيْتُه بمعنىً. ويقال: جازَيْتُه
فجَزَيْتُه أَي غَلَبْتُه. التهذيب: ويقال فلانٌ ذو جَزاءٍ وذو غَناءٍ. وقوله
تعالى: جَزاء سيئة بمثلها؛ قال ابن جني: ذهب الأَخفش إِلى أَن الباء فيها
زائدة، قال: وتقديرها عنده جَزاءُ سيئة مثلُها، وإِنما استدل على هذا
بقوله: وجَزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مِثْلُها؛ قال ابن جني: وهذا مذهب حسن واستدلال
صحيح إِلا أَن الآية قد تحتمل مع صحة هذا القول تأْويلين آخرين: أَحدهما
أَن تكون الباء مع ما بعدها هو الخبر، كأَنه قال جزاءُ سيئة كائنٌ
بمثلها، كما تقول إِنما أَنا بك أَي كائنٌ موجود بك، وذلك إِذا صَغَّرت نفسك
له؛ ومثله قولك: توكلي عليك وإِصغائي إِليك وتوَجُّهي نحوَك، فتخبر عن
المبتدإِ بالظرف الذي فِعْلُ ذلك المصدر يتَناوَلُه نحو قولك: توكلت عليك
وأَصغيت إِليك وتوجهت نحوك، ويدل على أَنَّ هذه الظروفَ في هذا ونحوه
أَخبار عن المصادر قبلها تَقَدُّمها عليها، ولو كانت المصادر قبلها واصلة
إِليها ومتناولة لها لكانت من صلاتها، ومعلوم استحالة تقدُّم الصِّلة أَو
شيءٍ منها على الموصول، وتقدُّمُها نحوُ قولك عليك اعتمادي وإِليك توجهي
وبك استعانتي، قال: والوجه الآخر أَن تكون الباء في بمثلها متعلقة بنفس
الجزاء، ويكون الجزاء مرتفعاً بالابتداء وخبرة محذوف، كأَنه جزاءُ سيئة
بمثلها كائن أَو واقع. التهذيب: والجَزاء القَضاء. وجَزَى هذا الأَمرُ
أَي قَضَى؛ ومنه قوله تعالى: واتَّقُوا يوماً لا تَجْزي نفسٌ عن نفس
شيئاً؛ يعود على اليوم والليلة ذكرهما مرة بالهاء ومرة بالصفة، فيجوز ذلك
كقوله: لا تَجْزي نفسٌ عن نفس شيئاً، وتُضْمِرُ الصفةَ ثم تُظْهرها فتقول
لا تَجْزي فيه نفسٌ عن نفس شيئاً، قال: وكان الكسائي لا يُجِيزُ إِضمار
الصفة في الصلة. وروي عن أَبي العباس إِضمارُ
الهاء والصفةِ واحدٌ عند الفراء تَجْزي وتَجْزي فيه إِذا كان المعنى
واحداً؛ قال: والكسائي يضمر الهاء، والبصريون يضمرون الصفة؛ وقال أَبو
إِسحق: معنى لا تَجْزي نفس عن نفس شيئاً أَي لا تَجْزي فيه، وقيل: لا
تَجْزيه، وحذف في ههنا سائغٌ لأَن في مع الظروف محذوفة. وقد تقول: أَتيتُك
اليومَ وأَتيتُك في اليوم، فإِذا أَضمرت قلتَ أَتيتك فيه، ويجوز أَن تقول
أَتَيْتُكه؛ وأَنشد:
ويوماً شَهِدْناه سُلَيْماً وعامِراً
قَليلاً، سِوَى الطَّعْنِ النِّهَالِ، نَوافِلُهْ
أَراد: شهدنا فيه. قال الأَزهري: ومعنى قوله لا تَجْزي نفسٌ عن نفس
شيئاً، يعني يوم القيامة لا تَقْضِي فيه نفْسٌ شيئاً: جَزَيْتُ فلاناً
حَقَّه أَي قضيته. وأَمرت فلاناً يَتَجازَى دَيْني أَي يتقاضاه. وتَجازَيْتُ
دَيْني على فلان إِذا تقاضَيْتَه. والمُتَجازي: المُتَقاضي. وفي الحديث:
أَن رجلاً كان يُدايِنُ الناس، وكان له كاتبٌ ومُتَجازٍ، وهو المُتَقاضي.
يقال: تَجازَيْتُ دَيْني عليه أَي تقاضَيْته. وفسر أَبو جعفر بن جرير
الطَّبَرِيُّ قوله تعالى: لا تَجْزي نفْسٌ عن نفس شيئاً، فقال: معناه لا
تُغْني، فعلى هذا يصح أَجْزَيْتُك عنه أَي أَغنيتك. وتَجازَى دَيْنَه:
تقاضاه. وفي صلاة الحائض: قد كُنَّ نساءُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
يَحِضْنَ أَفأَمَرَهُنَّ أَن يَجْزِينَ أَي يَقْضين؟ ومنه قولهم: جَزاه الله
خيراً أَي أَعطاه جَزاءَ ما أَسْلَف من طاعته. وفي حديث ابن عمر: إِذا
أَجْرَيْتَ الماءَ على الماءِ جَزَى عنك، وروي بالهمز. وفي الحديث: الصومُ
لي وأَنا أَجْزي به؛ قال ابن الأَثير: أَكثَرَ الناسُ في تأْويل هذا
الحديث وأَنه لِمَ خَصَّ الصومَ والجَزاءَ عليه بنفسه عز وجل، وإِن كانت
العباداتُ كلها له وجَزاؤها منه؟ وذكروا فيه وُجُوهاً مدارُها كلها على أَن
الصوم سرٌّ بين الله والعبد، لا يَطَّلِع عليه سواه، فلا يكون العبد
صائماً حقيقة إِلاَّ وهو مخلص في الطاعة، وهذا وإِن كان كما قالوا، فإِن غير
الصوم من العبادات يشاركه في سر الطاعة كالصلاة على غير طهارة، أَو في
ثوب نجس، ونحو ذلك من الأَسرار المقترنة بالعبادات التي لا يعرفها إِلاَّ
الله وصاحبها؛ قال: وأَحْسَنُ ما سمعت في تأْويل هذا الحديث أَن جميع
العبادات التي ُتقرب بها إِلى الله من صلاة وحج وصدقة واعتِكاف وتَبَتُّلٍ
ودعاءٍ وقُرْبان وهَدْي وغير ذلك من أَنواع العبادات قد عبد المشركون بها
ما كانوا يتخذونه من دون الله أَنداداً، ولم يُسْمَع أَن طائفة من طوائف
المشركين وأَرباب النِّحَلِ
في الأَزمان المتقدمة عبدت آلهتها بالصوم ولا تقرَّبت إِليها به، ولا
عرف الصوم في العبادات إِلاَّ من جهة الشرائع، فلذلك قال الله عزَّ وجل:
الصومُ لي وأَنا أَجْزي به أَي لم يشاركني فيه أَحد ولا عُبِدَ به غيري،
فأَنا حينئذ أَجْزي به وأَتولى الجزاء عليه بنفسي، لا أَكِلُه إِلى أَحد
من مَلَك مُقَرَّب أَو غيره على قدر اختصاصه بي؛ قال محمد بن المكرم: قد
قيل في شرح هذا الحديث أَقاويل كلها تستحسن، فما أَدري لِمَ خَصَّ ابن
الأَثير هذا بالاستحسان دونها، وسأَذكر الأَقاويل هنا ليعلم أَن كلها حسن:
فمنها أَنه أَضافه إِلى نفسه تشريفاً وتخصيصاً كإِضافة المسجد والكعبة
تنبيهاً على شرفه لأَنك إِذا قلت بيت الله، بينت بذلك شرفه على البيوت،
وهذا هو من القول الذي استحسنه ابن الأَثير، ومنها الصوم لي أَي لا يعلمه
غيري لأَن كل طاعة لا يقدر المرء أَن يخفيها، وإِن أَخفاها عن الناس لم
يخفها عن الملائكة، والصوم يمكن أَن ينويه ولا يعلم به بشر ولا ملك، كما
روي أَن بعض الصالحين أَقام صائماً أَربعين سنة لا يعلم به أَحد، وكان
يأْخذ الخبز من بيته ويتصدق به في طريقه، فيعتقد أَهل سوقه أَنه أَكل في
بيته، ويعتقد أَهل بيته أَنه أَكل في سوقه، ومنها الصوم لي أَي أَن الصوم
صفة من صفات ملائكتي، فإِن العبد في حال صومه ملك لأَنه يَذْكُر ولا يأْكل
ولا يشرب ولا يقضي شهوة، ومنها، وهو أَحسنها، أَن الصوم لي أَي أَن الصوم
صفة من صفاتي، لأَنه سبحانه لا يَطْعَم، فالصائم على صفة من صفات الرب،
وليس ذلك في أَعمال الجوارح إِلاَّ في الصوم وأَعمال القلوب كثيرة كالعلم
والإرادة، ومنها الصوم لي أَي أَن كل عمل قد أَعلمتكم مقدار ثوابه
إِلاَّ الصوم فإِني انفردت بعلم ثوابه لا أُطلع عليه أَحداً، وقد جاء ذلك
مفسراً في حديث أَبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: كل عمل
ابن آدم يُضاعَفُ الحسنةُ عشر أَمثالها إِلى سبعمائة ضِعْفٍ، قال الله عز
وجل: إِلاَّ الصوم فإِنه لي وأَنا أَجْزي به، يَدَعُ شهوتَه وطعامه من
أَجلي، فقد بيَّن في هذا الحديث أَن ثواب الصيام أَكثر من ثواب غيره من
الأَعمال فقال وأَنا أَجزي به، وما أَحال سبحانه وتعالى المجازاة عنه على
نفسه إِلاَّ وهو عظيم، ومنها الصوم لي أَي يَقْمَعُ عدوِّي، وهو الشيطان
لأَن سبيل الشيطان إِلى العبد عند قضاء الشهوات، فإِذا تركها بقي الشيطان
لا حيلة له، ومنها، وهو أَحسنها، أَن معنى قوله الصوم لي أَنه قد روي في
بعض الآثار أَن العبد يأْتي يوم القيامة بحسناته، ويأْتي قد ضرَب هذا
وشَتَم هذا وغَصَب هذا فتدفع حسناته لغرمائه إِلاَّ حسنات الصيام، يقول
الله تعالى: الصوم لي ليس لكم إِليه سبيل. ابن سيده: وجَزَى الشيءُ يَجْزِي
كَفَى، وجَزَى عنك الشيءُ قضَى، وهو من ذلك. وفي الحديث: أَنه، صلى الله
عليه وسلم، قال لأَبي بُرْدة بن نِيَارٍ حين ضَحَّى بالجَذَعة: تَجْزِي
عنك ولا تَجْزِي عن أَحد بعدَك أَي تَقْضِي؛ قال الأَصمعي: هو مأْخوذ من
قولك قد جَزَى عني هذا الأَمرُ يَجْزِي عني، ولا همز فيه، قال: ومعناه
لا تَقْضِي عن أَحد بعدك. ويقال: جَزَتْ عنك شاةٌ أَي قَضَتْ، وبنو تميم
يقولون أَجْزَأَتْ عنك شاةٌ بالهمز أَي قَضَت. وقال الزجاج في كتاب
فَعَلْتُ وأَفْعَلْتُ: أَجْزَيْتُ عن فلان إِذا قمتَ مَقامه. وقال بعضهم:
جَزَيْتُ عنك فلاناً كافأْته، وجَزَتْ عنك شاةٌ وأَجْزَتْ بمعنىً. قال: وتأْتي
جَزَى بمعنى أَغْنَى. ويقال: جَزَيْتُ فلاناً بما صنع جَزَاءً، وقَضَيْت
فلاناً قَرْضَه، وجَزَيْتُه قرضَه. وتقول: إِن وضعتَ صدقَتك في آل فلان
جَزَتْ عنك وهي جازِية عنك. قال الأَزهري: وبعض الفقهاء يقول أَجْزَى
بمعنى قَضَى. ابن الأَعرابي: يَجْزِي قليلٌ من كثير ويَجْزِي هذا من هذا أَي
كلُّ واحد منهما يقوم مقام صاحبه. وأَجْزَى الشيءُ عن الشيء: قام مقامه
ولم يكف. ويقال: اللحمُ السمين أَجْزَى من المهزول؛ ومنه يقال: ما
يُجْزِيني هذا الثوبُ أَي ما يكفيني. ويقال: هذه إِبلٌ مَجازٍ يا هذا أَي
تَكْفِي، الجَملُ الواحد مُجْزٍ. وفلان بارع مَجْزىً لأَمره أَي كاف أَمره؛
وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده لبعض بني عمرو بن تميم:
ونَحْنُ قَتَلْنا بالمَخارِقِ فارساً،
جَزاءَ العُطاسِ، لا يموت المُعاقِب
قال: يقول عجلنا إِدراك الثَّأْر كقدر ما بين التشميت والعُطاس،
والمُعاقِبُ الذي أَدرك ثَأْره، لا يموت المُعاقِب لأَنه لا يموت ذكر ذلك بعد
موته، لا يَمُوت من أَثْأَرَ أَي لا يَمُوت ذِكْرُهُ. وأَجْزَى عنه
مُجْزَى فلان ومُجْزاته ومَجْزاه ومَجْزاته؛ الأَخيرة على توهم طرح الزائد
أَعني لغة في أَجْزَأَ. وفي الحديث: البَقَرَةُ تُجْزِي عن سبعة، بضم التاء؛
عن ثعلب، أَي تكون جَزَاءً عن سبعة. ورجلٌ ذو جَزَاءٍ أَي غَناء، تكون من
اللغتين جميعاً.
والجِزْيَةُ: خَراجُ الأَرض، والجمع جِزىً وجِزْيٌ. وقال أَبو علي:
الجِزَى والجِزْيُ واحد كالمِعَى والمِعْيِ لواحد الأَمْعاء، والإِلَى
والإِلْيِ لواحد الآلاءِ، والجمع جِزاءٌ؛ قال أَبو كبير:
وإِذا الكُماةُ تَعاوَرُوا طَعْنَ الكُلَى،
تَذَرُ البِكارةَ في الجِزَاءِ المُضْعَفِ
وجِزْيَةُ الذِّمِّي منه. الجوهري: والجِزْيةُ ما يؤخذ من أَهل الذمة،
والجمع الجِزَى مثل لِحْيةٍ ولِحىً. وقد تكرر في الحديث ذكر الجِزْية في
غير موضع، وهي عبارة عن المال الذي يَعْقِد الكتابيُّ عليه الذمة، وهي
فِعْلَةٌ من الجَزاء كأَنها جَزَتْ عن قتلِه؛ ومنه الحديث: ليس على مسلم
جِزْية؛ أَراد أَن الذمي إِذا أَسلم وقد مر بعضُ الحول لم يُطالَبْ من
الجِزْية بِحِصَّةِ ما مضى من السَّنة؛ وقيل: أَراد أَن الذمي إِذا أَسلم وكان
في يده أَرض صُولح عليها بخراج، توضع عن رقبته الجِزْيةُ وعن أَرضه
الخراج؛ ومنه الحديث: من أَخَذ أَرضاً بِجِزْيَتِها أَراد به الخراج الذي
يُؤَدَّى عنها، كأَنه لازم لصاحب الأَرض كما تَلْزَم الجِزْىةُ الذميَّ؛ قال
ابن الأَثير؛ هكذا قال أَبو عبيد هو أَن يسلم وله أَرض خراج، فتُرْفَعُ
عنه جِزْيَةُ رأْسه وتُتْرَكُ عليه أَرضُه يؤدي عنها الخراجَ؛ ومنه حديث
علي، رضوان الله عليه: أَن دِهْقاناً أَسْلَم على عَهْدِه فقال له: إِن
قُمْتَ في أَرضك رفعنا الجِزْْيةَ عن رأْسك وأَخذناها من أَرضك، وإِن
تحوّلت عنها فنحن أَحق بها. وحديث ابن مسعود، رضي الله عنه، أَنه اشترى من
دهْقان أَرضاً على أَن يَكْفِيَه جِزْيَتَها؛ قيل: اشترَى ههنا بمعنى
اكْتَرَى؛ قال ا بن الأَثير: وفيه بُعْدٌ لأَنه غير معروف في اللغة، قال:
وقال القُتَيْبي إِن كان محفوظاً، وإِلا فَأَرى أَنه اشتري منه الأَرضَ قبل
أَن يُؤَدِّيَ جِزْيَتَها للسنة التي وقع فيها البيعُ فضمّنه أَن يقوم
بخَراجها. وأَجْزَى السِّكِّينَ: لغة في أَجْزَأَها جعل لها جُزْأَةً؛ قال
ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك لأَن قياس هذا إِنما هو أَجْزَأَ، اللهم
إِلا أَن يكون نادراً.
خطر: الخاطِرُ: ما يَخْطُرُ في القلب من تدبير أَو أَمْرٍ. ابن سيده:
الخاطر الهاجس، والجمع الخواطر، وقد خَطَرَ بباله وعليه يَخْطِرُ
ويَخْطُرُ، بالضم؛ الأَخيرة عن ابن جني، خُطُوراً إِذا ذكره بعد نسيان. وأَخْطَرَ
الله بباله أَمْرَ كذا، وما وَجَدَ له ذِكْراً إِلاَّ خَطْرَةً؛ ويقال:
خَطَر ببالي وعلى بالي كذا وكذا يِخْطُر خُطُوراً إِذا وقع ذلك في بالك
ووَهْمِك. وأَخْطَرَهُ اللهُ ببالي؛ وخَطَرَ الشيطانُ بين الإِنسان وقلبه:
أَوصل وَسْواسَهُ إِلى قلبه. وما أَلقاه إِلاَّ خَطْرَةً بعد خَطْرَةٍ
أَي في الأَحيان بعد الأَحيان، وما ذكرته إِلاَّ خَطْرَةً واحدةً. ولَعِبَ
الخَطْرَةَ بالمِخْراق.
والخَطْرُ: مصدر خَطَرَ الفحلُ بذنبه يَخْطِرُ خَطْراً وخَطَراناً
وخَطِيراً: رَفَعَهُ مرة بعد مرة، وضرب به حاذيْهِ، وهما ما ظهر من فَخِذيْه
حيث يقع شَعَرُ الذَّنَبِ، وقيل: ضرب به يميناً وشمالاً. وناقةٌ
خَطَّارَةٌ: تَخْطِرُ بذنبها. والخَطِيرُ والخِطَارُ: وَقْعُ ذنب الجمل بين
وَرَكَيْهِ إِذا خَطَرَ؛ وأَنشد:
رَدَدْنَ فَأَنْشَفْنَ الأَزِمَّةَ بعدما
تَحَوَّبَ، عن أَوْراكِهِنَّ، خَطِيرُ
والخاطِرُ: المُتَبَخْتِرُ؛ يقال: خَطَرَ يَخْطِرُ إِذا تَبَخْتَرَ.
والخَطِيرُ والخَطَرَانُ عند الصَّوْلَةِ والنَّشَاطِ، وهو التَّصَاوُل
والوعيد؛ قال الطرماح:
بالُوا مَخافَتَهُمْ على نِيرانِهِمْ،
واسْتَسْلَمُوا، بعد الخَطِيرِ، فَأَُخْمِدُوا
التهذيب: والفحل يَخْطِرُ بذنبه عند الوعيد من الخُيَلاءِ. وفي حديث
مَرْحَبٍ: فخرج يَخْطِرُ بسيفه أَي يَهُزُّهُ مُعْجباً بنفسه مُتَعَرِّضاً
للمبارزة، أَو أَنه كان يَخْطِرُ في مشيه أَي يتمايل ويمشي مِشْيَةَ
المُعْجبِ وسيفه في يده، يعني كان يَخْطِرُ وسيفه معه، والباء للملابسة.
والناقةُ الخَطَّارَةُ: تَخْطِرُ بذنبها في السير نشاطاً. وفي حديث الاستسقاء:
والله ما يَخْطِرُ لنا جمل؛ أَي ما يحرك ذنبه هُزَالاً لشدة القَحْطِ
والجَدْبِ؛ يقال: خَطَرَ البعيرُ بذنبه يَخْطِرُ إِذا رفعه وحَطَّهُ،
وإِنما يفعل ذلك عند الشَّبَعِ والسِّمَنِ؛ ومنه حديث عبد الملك لما قَتَلَ
عَمْرو بْنَ سَعِيدٍ: والله: لقد قَتَلْتُه، وإِنه لأَعز عليّ من جِلْدَةِ
ما بَيْنَ عَيْنَيَّ، ولكن لا يَخْطِرُ فحلانِ في شَوْلٍ؛ وفي قول
الحجاج لما نَصَبَ المِنْجَنيقَ على مكة:
خَطَّارَةٌ كالجَمَلِ الفَنِيقِ
شبه رميها بِخَطَرَانِ الفحل. وفي حديث سجود السهو: حتى يَخْطِرَ
الشيطانُ بين المرء وقلبه؛ يريد الوسوسة. وفي حديث ابن عباس: قام نبيّ الله
يوماً يصلي فَخَطَر خَطْرَةً، فقال المنافقون: إِن له قلبين. والخَطِيرُ:
الوعيد والنشاط؛ وقوله:
هُمُ الجَبَلُ الأَعْلَى، إِذا ما تَنَاكَرَتْ
مُلُوكُ الرِّجالِ، أَو تَخاطَرَتِ البُزْلُ
يجوز أَن يكون من الخطير الذي هو الوعيد، ويجوز أَن يكون من قولهم
خَطَرَ البعير بذنبه إِذا ضرب به. وخَطَرَانُ الفحل من نشاطه، وأَما خطران
الناقة فهو إِعلام للفحل أَنها لاقح. وخَطَرَ البعير بذنبه يَخْطِرُ،
بالكسر، خَطْراً، ساكن، وخَطَرَاناً إِذا رفعه مرة بعد مرة وضرب به فخذيه.
وخَطَرَانُ الرجلِ: اهتزازُه في المشي وتَبَخْتُرُه. وخَطَر بسيفه ورمحه
وقضيبه وسوطه يَخْطِرُ خَطَراناً إِذا رفعه مرة ووضعه أُخْرَى. وخَطَرَ في
مِشْيَتِه يَخْطِرُ خَطِيراً وخَطَراناً: رفع يديه ووضعهما. وقيل: إِنه
مشتق من خَطَرانِ البعير بذنبه، وليس بقويّ، وقد أَبدلوا من خائه غيناً
فقالوا: غَطَرَ بذنبه يَغْطِرُ، فالغين بدل من الخاء لكثرة الخاء وقلة الغين،
قال ابن جني: وقد يجوز أَن يكونا أَصلين إِلاَّ أَنهم لأَحدهما أَقلُّ
استعمالاً منهم للآخر. وخَطَرَ الرجلُ بالرَّبِيعَةِ يَخْطُر خَطْراً:
رفعها وهزها عند الإِشالَةِ؛ والرَّبِيعَةُ: الحَجَرُ الذي يرفعه الناس
يَخْتَبِرُونَ بذلك قُواهُمْ.
الفراء: الخَطَّارَةُ حَظِيرَةُ الإِبل.
والخَطَّارِ: العطَّار؛ يقال: اشتريت بَنَفْسَجاً من الخَطَّارِ.
والخَطَّارُ: المِقْلاعُ؛ وأَنشد:
جُلْمُودُ خَطَّارٍ أُمِرَّ مِجْذَبُهْ
ورجل خَطَّارٌ بالرمحِ: طَعَّانٌ به؛ وقال:
مَصالِيتُ خَطَّارونَ بالرُّمْحِ في الوَغَى
ورمح خَطَّارٌ: ذو اهتزاز شديد يَخْطِرُ خَطَراناً، وكذلك الإِنسان إِذا
مشى يَخْطِرُ بيديه كثيراً. وخَطَرَ الرُّمْحُ يَخْطِرُ: اهْتَزَّ، وقد
خَطَرَ يَخْطِرُ خَطَراناً.
والخَطَرُ: ارتفاعُ القَدْرِ والمالُ والشرفُ والمنزلة. ورجلٌ خَطِيرٌ
أَي له قَدْرٌ وخَطَرٌ، وقد خَطُرَ، بالضم، خُطُورَةً. ويقال: خَطَرانُ
الرمح ارتفاعه وانخفاضه للطعن. ويقال: إِنه لرفيع الخَطَرِ ولئيمه. ويقال:
إِنه لعظيم الخَطَرِ وصغير الخَطَرِ في حسن فعاله وشرفه وسوء فعاله
ولؤمه. وخَطَرُ الرجلِ: قَدْرُه ومنزلته، وخص بعضهم به الرفعة، وجمعه
أَخْطارٌ. وأَمْرٌ خَطِيرٌ: رفيعٌ. وخَطُرَ يَخْطُرُ خَطَراً وخُطُوراً إِذا
جَلَّ بعد دِقَّةٍ. والخَطِيرُ من كل شيء: النَّبِيلُ. وهذا خَطِيرٌ لهذا
وخَطَرٌ له أَي مِثْلٌ له في القَدْرِ، ولا يكون إِلاَّ في الشيء المَزِيزِ؛
قال: ولا يقال للدون إِلاَّ للشيء السَّرِيِّ. ويقال للرجل الشريف: هو
عظيم الخَطَرِ. والخَطِيرُ: النَّظِيرُ. وأَخْطَرَ به: سَوَّى.
وأَخْطَرَهُ: صار مثله في الخَطَرِ. الليث: أُخْطِرْتُ لفلان أَي صُيِّرْتُ نظيره
في الخَطَرِ. وأَخْطَرَني فلانٌ، فهو مُخْطِرٌ إِذا صار مثلك في الخَطَرِ.
وفلانٌ ليس له خَطِيرٌ أَي ليس له نظير ولا مثل. وفي الحديث: أَلا هل
مُشَمِّرٌ للجنة فإِن الجنة لا خَطَرَ لها؛ أَي لا عِوَضَ عنها ولا مِثْلَ
لها؛ ومنه: أَلاَّ رَجُلٌ يُخاطِرُ بنفسه وماله؛ أَي يلقيها في
الهَلَكَةِ بالجهاد. والخَطَرُ، بالتحريك: في الأَصل الرهن، وما يُخاطَرُ عليه
ومِثْلُ الشيء وَعَدِلْهُ، ولا يقال إِلاَّ في الشيء الذي له قدر ومزية؛
ومنه حديث عمر في قسمة وادِي القُرَى: وكان لعثمان فيه خَطَرٌ ولعبد الرحمن
خَطَرٌ أَي حظ ونصيب؛ وقول الشاعر:
في ظِلِّ عَيْشٍ هَنِيٍّ ماله خَطَرُ
أَي ليس له عَِدْلٌ. والخَطَرُ: العَِدْلُ؛ يقال: لا تجعل نفسك خَطَراً
لفلان وأَنت أَوْزَنُ منه. والخَطَرُ: السَّبَقُ الذي يترامى عليه في
التراهن، والجمع أَخْطارٌ. وأَخْطَرَهُمْ خَطَراً وأَخْطَرَه لهم: بذل لهم
من الخَطَرِ ما أَرضاهم. وأَخْطَرَ المالَ أَي جعله خَطَراً بين
المتراهنين. وتَخاطَرُوا على الأَمر: تراهنوا؛ وخاطَرَهم عليه: راهنهم. والخَطَرُ؛
الرَّهْنُ بعينه. والخَطَرُ: ما يُخاطَرُ عليه؛ تقول: وَضَعُوا لي
خَطَراً ثوباً ونحو ذلك؛ والسابق إِذا تناول القَصَبَةَ عُلِمَ أَنه قد
أَحْرَزَ الخَطَرَ. والخَطَرُ والسَّبَقُ والنَّدَبُ واحدٌ، وهو كله الذي يوضع
في النِّضالِ والرِّهانِ، فمن سَبَقَ أَخذه، ويقال فيه كله: فَعَّلَ،
مشدّداً، إِذا أَخذه؛ وأَنشد ابن السكيت:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، ولم أَقُمْ
على نَدَبٍ يوماً، ولي نَفْسُ مُخْطِرِ؟
والمُخْطِرُ: لذي يجعل نفسه خَطَراً لِقِرْنِه فيبارزه ويقاتله؛ وقال:
وقلتُ لمن قد أَخْطَرَ الموتَ نَفْسَه:
أَلا مَنْ لأَمْرٍ حازِمٍ قد بَدَا لِيَا؟
وقال أَيضاً:
أَين عَنَّا إِخْطارُنا المالَ والأَنْـ
ـفُسَ، إِذ ناهَدُوا لِيَوْمِ المِحَالِ؟
وفي حديث النعمان بن مُقَرِّنٍ أَنه قال يوم نَهاوَنْدَ، حين التقى
المسلمون مع المشركين: إِن هؤلاء قد أَخْطَرُوا لكم رِثَةً ومَتاعاً،
وأَخْطَرتم لهم الدِّينَ، فَنافِحُوا عن الدين؛ الرِّثَةُ: رَدِيء المتاع، يقول:
شَرَطُوها لكم وجعلوها خَطَراً أَي عِدْلاً عن دينكم، أَراد أَنهم لم
يُعَرِّضُوا للهلاك إِلاَّ متاعاً يَهُونُ عليهم وأَنتم قد عَرَّضْتُمْ لهم
أَعظم الأَشياء قَدْراً، وهو الإِسلام.
والأَخطارُ من الجَوْزِ في لَعِب الصبيان هي الأَحْرازُ، واحدها خَطَرٌ.
والأَخْطارُ: الأَحْرازُ في لعب الجَوْز.
والخَطَرُ: الإِشْرافُ على هَلَكَة. وخاطَرَ بنفسه يُخاطِرُ: أَشْفَى
بها على خَطَرِ هُلْكٍ أَو نَيْلِ مُلْكٍ. والمَخاطِرُ: المراقي. وخَطَرَ
الدهرُ خَطَرانَهُ، كما يقال: ضرب الدهرُ ضَرَبانَهُ؛ وفي التهذيب: يقال
خَطَرَ الدهرُ من خَطَرانِهِ كما يقال ضَرَبَ من ضَرَبانِه. والجُنْدُ
يَخْطِرُونَ حَوْلَ قائدهم يُرُونَهُ منهم الجِدَّ، وكذلك إِذا احتشدوا في
الحرب.
والخَطْرَةُ: من سِماتِ الإِبل؛ خَطَرَهُ بالمِيسَمِ في باطن الساق؛ عن
ابن حبيب من تذكرة أَبي علي كذلك.
قال ابن سيده: والخَطْرُ ما لَصِقَ
(* قوله: «والخطر ما لصق إلخ» بفتح
الحاء وكسرها مع سكون الطاء كما في القاموس). بالوَرِكَيْنِ من البول؛ قال
ذو الرمة:
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائِلَ. بعدما
تَقَوَّبَ، عن غِرْبانِ أَوْرَاكِها، الخَطْرُ
قوله: تقوّب يحتمل أَن يكون بمعنى قوّب، كقوله تعالى: فتقطَّعوا أَمرهم
بينهم؛ أَي قطعوا، وتقسمت الشيء أَي قسمته. وقال بعضهم: أَراد تقوّبت
غربانها عن الخطر فقلبه.
والخِطْرُ: الإِبل الكثيرة؛ والجمع أَخطار، وقيل الخِطْرُ مائتان من
الغنم والإِبل، وقيل: هي من الإِبل أَربعون، وقيل: أَلف وزيادة؛ قال:
رَأَتْ لأَقْوامٍ سَوَاماً دَثْراً،
يُرِيحُ رَاعُوهُنَّ أَلْفاً خَِطِرْا،
وبَعْلُها يَسُوقُ مِعْزَى عَشْرا
وقال أَبو حاتم: إِذا بلغت الإِبل مائتين، فهي خَِطْرٌ، فإِذا جاوزت ذلك
وقاربت الأَلف، فهي عَِرْجٌ.
وخَطِيرُ الناقة: زمامُها؛ عن كراع. وفي حديث علي، عليه السلام، أَنه
أَشار لعَمَّارٍ وقال: جُرُّوا له الخَطِيرَ ما انْجَرَّ لكم، وفي رواية:
كا جَرَّهُ لكم؛ معناه اتَّبِعُوه ما كان فيه مَوْضِعٌ مُتَّبَعٌ،
وتَوَقَّوْا ما لم يكن فيه موضع؛ قال: الخطير زمام البعير، وقال شمر في الخطير:
قال بعضهم الخَطِير الحَبْلُ، قال: وبعضهم يذهب به إِلى إِخْطارِ النفس
وإِشْرَاطِهَا في الحرب؛ المعنى اصبروا لعمَّار ما صبر لكم.
وتقول العرب: بيني وبينه خَطْرَةُ رَحِمٍ؛ عن ابن الأَعرابي، ولمن
يفسره، وأُراه يعني شُبْكَةَ رَحِمٍ، ويقال: لا جَعَلَها اللهُ خَطْرَتَه ولا
جعلها آخر مَخْطَرٍ منه أَي آخِرَ عَهْدٍ منه، ولا جعلها الله آخر
دَشْنَةٍ
(* قوله: «آخر دشنة إلخ» كذا بالأَصل وشرح القاموس). وآخر دَسْمَةٍ
وطَيَّةٍ ودَسَّةٍ، كلُّ ذلك: آخِرَ عَهْدٍ؛ وروي بيت عدي بن زيد:
وبِعَيْنَيْكَ كُلُّ ذاك تَخَطَرْا
كَ، ويمْضِيكَ نَبْلُهُمْ في النِّضَالِ
قالوا: تَخَطْراكَ وتَخَطَّاكَ بمعنى واحد، وكان أَبو سعيد يرويه تخطاك
ولا يعرف تخطراك، وقال غيره: تَخَطْرَاني شَرُّ فلان وتخطاني أَي جازني.
والخِطْرَةُ: نبت في السهل والرمل يشبه المَكْرَ، وقيل: هي بقلة، وقال
أَبو حنيفة: تَنْبُتُ الخِطْرَةُ مع طلوع سهيل، وهي غَبْراءُ حُلْوَةٌ طيبة
يراها من لا يعرفها فيظن أَنها بقلة، وإِنما تنبت في أَصل قد كان لها
قبل ذلك، وليست بأَكثر مما يَنْتَهِسُ الدابةُ بفمه، وليس لها ورق، وإِنما
هي قُضْبانٌ دِقَاقٌ خُضْرٌ، وقد تُحْتَبَلُ بها الظِّباءُ، وجمعها
خِطَرٌ مثل سِدْرَةٍ وسِدَرٍ. غيره: الخِطْرَةُ عُشْبَةٌ معروفة لها قَضْبَةٌ
يَجْهَدُها المالُ ويَغْزُرُ عليها، والعرب تقول: رَعَيْنا خَطَرات
الوَسْمِيّ، وهي اللُّمَعُ من المَراتِعِ والبُقَعِ؛ وقال ذو الرمة:
لها خَطَراتُ العَهْدِ من كُلِّ بَلْدَةٍ
لِقَوْمٍ، ولو هاجَتْ لهم حَرْبُ مَنْشِمِ
والخِطَرَةُ: أَغصان الشجرة، واحدتها خِطْرٌ، نادر أَو على توهم طرح
الهاء. والخِطْرُ، بالكسر: نبات يجعل ورقه في الخضاب الأَسود يختضب به؛ قال
أَبو حنيفة: هو شبيه بالْكَتَمِ، قال: وكثيراً ما ينبت معه يختضب به
الشيوخ؛ ولحية مَخْطُورَةٌ ومُخَطَّرَةٌ: مَخْضُوبَةٌ به؛ ومنه قيل اللبن
الكثير الماء: خِطْرٌ.
والخَطَّارُ: دهن من الزيت ذو أَفاويه، وهو أَحد ما جاء من الأَسماء على
فَعَّال.
والخَطْرُ: مكيال ضخم لأَهل الشام.
والخَطَّارُ: اسم فرس حذيفة بن بدر الفَزارِيِّ.
سوق: السَّوق: معروف. ساقَ الإبلَ وغيرَها يَسُوقها سَوْقاً وسِياقاً،
وهو سائقٌ وسَوَّاق، شدِّد للمبالغة؛ قال الخطم القيسي، ويقال لأبي زغْبة
الخارجي:
قد لَفَّها الليلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ
وقوله تعالى: وجاءت كلُّ نَفْسٍ معها سائقٌ وشَهِيد؛ قيل في التفسير:
سائقٌ يَسُوقها إلى محشرها، وشَهِيد يشهد عليها بعملها، وقيل: الشهيد هو
عملها نفسه، وأَساقَها واسْتاقَها فانْساقت؛ وأَنشد ثعلب:
لولا قُرَيْشٌ هَلَكَتْ مَعَدُّ،
واسْتاقَ مالَ الأَضْعَفِ الأَشَدُّ
وسَوَّقَها: كساقَها؛ قال امرؤ القيس:
لنا غَنَمٌ نُسَوِّقُها غِزارٌ،
كأنَّ قُرونَ جِلَّتِها العِصِيُّ
وفي الحديث: لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قَحْطان يَسُوق الناس
بعَصاه؛ هو كناية عن استقامةِ الناس وانقيادِهم إليه واتِّفاقِهم عليه، ولم
يُرِدْ نفس العصا وإنما ضربها مثلاً لاستيلائه عليهم وطاعتهم له، إلاّ أن
في ذكرها دلالةً على عَسْفِه بهم وخشونتِه عليهم. وفي الحديث: وسَوَّاق
يَسُوق بهن أي حادٍ يَحْدُو الإبلَ فهو يسُوقهن بحُدائِه، وسَوَّاق الإبل
يَقْدُمُها؛ ومنه: رُوَيْدَك سَوْقَك بالقَوارير.
وقد انْساقَت وتَساوَقَت الإبلُ تَساوُقاً إذا تتابعت، وكذلك تقاوَدَت
فهي مُتَقاوِدة ومُتَساوِقة. وفي حديث أُم معبد: فجاء زوجها يَسُوق
أعْنُزاً ما تَساوَقُ أي ما تتابَعُ. والمُساوَقة: المُتابعة كأنّ بعضَها يسوق
بعضاً، والأصل في تَساوَقُ تتَساوَق كأَنَّها لضعفِها وفَرْطِ هُزالِها
تتَخاذَلُ ويتخلَّفُ بعضها عن بعض. وساقَ إليها الصَّداق والمَهرَ سِياقاً
وأَساقَه، وإن كان دراهمَ أَو دنانير، لأن أَصل الصَّداق عند العرب
الإبلُ، وهي التي تُساق، فاستعمل ذلك في الدرهم والدينار وغيرهما. وساقَ
فلانٌ من امرأته أي أعطاها مهرها. والسِّياق: المهر. وفي الحديث: أنه رأى
بعبد الرحمن وَضَراً مِنْ صُفْرة فقال: مَهْيَمْ، قال: تزوَّجْتُ امرأة من
الأَنصار، فقال: ما سُقْتَ إليها؟ أَي ما أَمْهَرْتَها، قيل للمهر سَوْق
لأن العرب كانوا إذا تزوجوا ساقوا الإبل والغنم مهراً لأَنها كانت الغالبَ
على أموالهم، وضع السَّوق موضع المهر وإن لم يكن إبلاً وغنماً؛ وقوله في
رواية: ما سُقْتُ منها، بمعنى البدل كقوله تعالى: ولو نشاء لَجَعَلْنا
منكم ملائكة في الأرض يََخْلفقون؛ أي بدلكم. وأَساقه إبلاً: أَعطاه إياها
يسُوقها. والسَّيِّقةُ: ما اختَلَس من الشيء فساقَه؛ ومنه قولهم: إنما
ابنُ آدم سَيِّقةٌ يسُوقُه الله حيث شاء وقيل: السَّيِّقةُ التي تُساقُ
سوْقاً؛ قال:
وهل أنا إلا مثْل سَيِّقةِ العِدا،
إن اسْتَقْدَمَتْ نَجْرٌ، وإن جبّأتْ عَقْرُ؟
ويقال لما سِيقَ من النهب فطُرِدَ سَيِّقة، وأَنشد البيت أيضاً:
وهل أنا إلا مثل سيِّقة العدا
الأَزهري: السِّيَّقة ما اسْتاقه العدوُّ من الدواب مثل الوَسِيقة.
الأَصمعي: السَّيقُ من السحاب ما طردته الريح، كان فيه ماء أَو لم يكن، وفي
الصحاح: الذي تَسوقه الريح وليس فيه ماء.
وساقةُ الجيشُ: مؤخَّرُه. وفي صفة مشيه، عليه السلام: كان يَسُوق
أَصحابَه أَي يُقَدِّمُهم ويمشي خلفم تواضُعاً ولا يَدع أحداً يمشي خلفه. وفي
الحديث في صفة الأَولياء: إن كانت الساقةُ كان فيها وإن كان في الجيش
(*
قوله «في الجيش» الذي في النهاية: في الحرس، وفي ثابتة في الروايتين). كان
فيه الساقةُ؛ جمع سائق وهم الذين يَسُوقون جيش الغُزاة ويكونون مِنْ
ورائه يحفظونه؛ ومنه ساقةُ الحاجّ.
والسَّيِّقة: الناقة التي يُسْتَتَرُ بها عن الصيد ثم يُرْمَى؛ عن ثعلب.
والمِسْوَق: بَعِير تستتر به من الصيد لتَخْتِلَه. والأساقةُ: سيرُ
الرِّكابِ للسروج.
وساقَ بنفسه سياقاً: نَزَع بها عند الموت. تقول: رأيت فلاناً يَسُوق
سُوُقاً أي يَنْزِع نَزْعاً عند الموت، يعني الموت؛ الكسائي: تقول هو يَسُوق
نفْسَه ويَفِيظ نفسَه وقد فاظت نفسُه وأَفاظَه الله نفسَه. ويقال: فلان
في السِّياق أي في النَّزْع. ابن شميل: رأيت فلاناً بالسَّوْق أي بالموت
يُساق سوقاً، وإنه نَفْسه لتُساق. والسِّياق: نزع الروح. وفي الحديث: دخل
سعيد على عثمان وهو في السَّوْق أي النزع كأَنّ روحه تُساق لتخرج من
بدَنه، ويقال له السِّياق أيضاً، وأَصله سِواق، فقلبت الواو ياء لكسرة
السين، وهما مصدران من ساقَ يَسُوق. وفي الحديث: حَضَرْنا عمرو بن العاصِ وهو
في سِياق الموت.
والسُّوق: موضع البياعات. ابن سيده: السُّوق التي يُتعامل فيها، تذكر
وتؤنث؛ قال الشاعر في التذكير:
أَلم يَعِظِ الفِتْيانَ ما صارَ لِمَّتي
بِسُوقٍ كثيرٍ ريحُه وأَعاصِرُهْ
عَلَوْني بِمَعْصوبٍ، كأَن سَحِيفَه
سَحيفُ قُطامِيٍّ حَماماً يُطايِرُهْ
المَعْصوب: السوط، وسَحِيفُه صوته؛ وأَنشد أَبو زيد:
إنِّي إذالم يُنْدِ حَلْقاً رِيقُه،
ورَكَدَ السَّبُّ فقامت سُوقُه،
طَبٌّ بِإهْداء الخنا لبِيقُه
والجمع أسواق. وفي التنزيل: إلا إِنَّهم ليأكلون الطعام ويَمْشُون في
الأَسْواق؛ والسُّوقة لغة فيه. وتَسَوَّق القومُ إذا باعوا واشتَروا. وفي
حديث الجُمعة: إذا جاءت سُوَيْقة أي تجارة، وهي تصغير السُّوق، سميت بها
لأن التجارة تجلب إليها وتُساق المَبيعات نحوَها. وسُوقُ القتالِ والحربِ
وسوقَتُه: حَوْمتُه، وقد قيل: إن ذلك مِنْ سَوْقِ الناس إليها.
الليث: الساقُ لكل شجرة ودابة وطائر وإنسان. والساقُ: ساقُ القدم.
والساقُ من الإنسان: ما بين الركبة والقدم، ومن الخيل والبغال والحمير والإبل:
ما فوق الوَظِيف، ومن البقر والغنم والظباء: ما فوق الكُراع؛ قال:
فَعَيْناكِ عَيْناها، وجِيدُك جِيدُها،
ولكنّ عَظْمَ السَّاقِ منكِ رَقيقُ
وامرأة سوْقاء: تارّةُ الساقين ذات شعر. والأَسْوَق: الطويل عَظْمِ
الساقِ، والمصدر السَّوَق؛ وأَنشد:
قُبُّ من التَّعْداءِ حُقْبٌ في السَّوَقْ
الجوهري: امرأة سَوْقاء حسنَة الساقِ. والأَسْوَقُ: الطويل الساقين؛
وقوله:
للْفَتى عَقْلٌ يَعِيشُ به،
حيث تَهْدِي ساقَه قَدَمُهْ
فسره ابن الأَعرابي فقال: معناه إن اهتدَى لرُشْدٍ عُلِمَ أنه عاقل، وإن
اهتدى لغير رشدٍ علم أَنه على غير رُشْد. والساقُ مؤنث؛ قال الله تعالى:
والتفَّت الساقُ بالساق؛ وقال كعب بن جُعَيْل:
فإذا قامَتْ إلى جاراتِها،
لاحَت الساقُ بُخَلْخالٍ زَجِلْ
وفي حديث القيامة: يَكْشِفُ عن ساقِه؛ الساقُ في اللغة الأمر الشديد،
وكَشْفُه مَثَلٌ في شدة الأمر كما يقال للشحيح يدُه مغلولة ولا يدَ ثَمَّ
ولا غُلَّ، وإنما هو مَثَلٌ في شدّة البخل، وكذلك هذا. لا ساقَ هناك ولا
كَشْف؛ وأَصله أَن الإنسان إذا وقع في أمر شديد يقال: شمَّر ساعِدَه وكشفَ
عن ساقِه للإهتمام بذلك الأمر العظيم. ابن سيده في قوله تعالى: يوم
يُكشَف عن ساقٍ، إنما يريد به شدة الأمر كقولهم: قامت الحربُ على ساق، ولسنا
ندفع مع ذلك أَنَ الساق إذا أُريدت بها الشدة فإنما هي مشبَّهة بالساق هي
التي تعلو القدم، وأَنه إنما قيل ذلك لأن الساقَ هذه الحاملة للجُمْلة
والمُنْهِضَةُ لها فذُكِرت هنا لذلك تشبيهاً وتشنيعاً؛ وعلى هذا بيت
الحماسة لجدّ طرفة:
كَشَفَتْ لهم عن ساقِها،
وبدا من الشرَّ الصُّراحْ
وقد يكون يُكْشَفُ عن ساقٍ لأن الناس يَكِشفون عن ساقِهم ويُشَمِّرون
للهرب عند شدَّة الأَمر؛ ويقال للأَمر الشديد ساقٌ لأن الإنسان إذا
دَهَمَتْه شِدّة شَمّر لها عن ساقَيْه، ثم قيل للأَمر الشديد ساقٌ؛ ومنه قول
دريد:
كَمِيش الإزار خارِجِ نصْفُ ساقِه
أَراد أَنه مشمر جادٌّ، ولم ييرد خروج الساق بعينها؛ ومنه قولهم:
ساوَقَه أي فاخَرة أَيُّهم أَشدّ. وقال ابن مسعود: يَكْشِفُ الرحمنُ جلّ ثناؤه
عن ساقِه فَيَخِرّ المؤمنون سُجَّداً، وتكون ظهورُ المنافقين طَبَقاً
طبقاً كان فيها السَّفافيد. وأَما قوله تعالى: فَطِفقَ مَسْحاً بالسُّوق
والأَعْناق، فالسُّوق جمع ساقٍ مثل دارٍ ودُورٍ؛ الجوهري: الجمع سُوق، مثل
أَسَدٍ وأُسْد، وسِيقانٌ وأَسْوقٌ؛ وأَنشد ابن بري لسلامة بن جندل:
كأنّ مُناخاً، من قُنونٍ ومَنْزلاً،
بحيث الْتَقَيْنا من أَكُفٍّ وأَسْوُقِ
وقال الشماخ:
أَبَعْدَ قَتِيلٍ بالمدينة أَظْلَمَتْ
له الأَرضُ، تَهْتَزُّ العِضاهُ بأَسْوُقِ؟
فأَقْسَمْتُ لا أَنْساك ما لاحَ كَوكَبٌ،
وما اهتزَّ أَغصانُ العِضاهِ بأَسْوُقِ
وفي الحديث: لا يسْتَخرجُ كنْزَ الكعبة إلا ذو السُّوَيْقَتَيْنِ؛ هما
تصغير الساق وهي مؤنثة فذلك ظهرت التاء في تصغيرها، وإنما صَغَّر الساقين
لأن الغالب على سُوق الحبشة الدقَّة والحُموشة. وفي حديث الزِّبْرِقان:
الأَسْوَقُ الأَعْنَقُ؛ هو الطويل الساق والعُنُقِ. وساقُ الشجرةِ:
جِذْعُها، وقيل ما بين أَصلها إلى مُشَعّب أَفنانها، وجمع ذلك كله أَسْوُقٌ
وأَسْؤُقٌ وسُوُوق وسؤوق وسُوْق وسُوُق؛ الأَخيرة نادرة، توهموا ضمة السين
على الواو وقد غلب ذلك على لغة أبي حيَّة النميري؛ وهَمَزَها جرير في
قوله:أَحَبُّ المُؤقدانِ إليك مُؤسي
وروي أَحَبُّ المؤقدين وعليه وجّه أَبو علي قراءةَ من قرأَ: عاداً
الأؤْلى. وفي حديث معاوية: قال رجل خاصمت إليه ابنَ أخي فجعلت أَحُجُّه، فقال:
أَنتَ كما قال:
إني أُتيحُ له حِرْباء تَنْضُبَةٍ،
لا يُرْسِلُ الساقَ إلا مُمْسِكاً ساقا
(* قوله «إِني أُتيح له إلخ» هو هكذا بهذا الضبط في نسخة صحيحة من
النهاية).
أَراد بالساق ههنا الغصن من أَغصان الشجرة؛ المعنى لا تَنْقضِي له حُجّة
إلا تَعَلَّق بأُخرى، تشبيهاً بالحِرْباء وانتقاله من غُصنٍ إلى غصن
يدور مع الشمس.
وسَوَّقَ النَّبتُ: صار له ساقٌ؛ قال ذو الرمة:
لها قَصَبٌ فَعْمٌ خِدالٌ، كأنه
مُسَوِّقُ بَرْدِيٍّ على حائرٍغَمْرِ
وساقَه: أَصابَ ساقَه. وسُقْتُه: أصبت ساقَه. والسَّوَقُ: حُسْن الساقِ
وغلظها، وسَوِق سَوَقاً وهو أَسْوَقُ؛ وقول العجاج:
بِمُخْدِرٍ من المَخادِير ذَكَرْ،
يَهْتَذُّ رَدْمِيَّ الحديدِ المُسْتَمرْ،
هذَّك سَوَّاقَ الحَصادِ المُخْتَضَرْ
الحَصاد: بقلة يقال لها الحَصادة. والسَّوَّاقُ: الطويل الساق، وقيل: هو
ما سَوَّقَ وصارعلى ساقٍ من النبت؛ والمُخْدِرُ: القاطع خِدْرَه،
وخَضَرَه: قَطَعه؛ قال ذلك كله أَبو زيد، سيف مُخْدِر. ابن السكيت: يقال ولدت
فلانةُ ثلاثةَ بنين على ساقٍ واحدة أي بعضهم على إثر بعض ليس بينهم جارية؛
ووُلِدَ لفلان ثلاثةُ أولاد ساقاً على ساقٍ أي واحد في إثر واحد،
وولَدَتْ ثلاثةً على ساقٍ واحدة أي بعضُهم في إثر بعض ليست بينهم جارية، وبنى
القوم بيوتَهم على ساقٍ واحدة، وقام فلانٌ على ساقٍ إذا عُنِيَ بالأَمر
وتحزَّم به، وقامت الحربُ على ساقٍ، وهو على المَثَل. وقام القوم على ساقٍ:
يراد بذلك الكد والمشقة. وليس هناك ساقٌ، كما قالوا: جاؤوا على بَكْرة
أَبيهم إذا جاؤوا عن آخرِهم، وكما قالوا: شرٌّ لا يُنادى وَليدُه. وأَوهت
بساق أي كِدْت أَفعل؛ قال قرط يصف الذئب:
ولكِنّي رَمَيْتُك منْ بعيد،
فلم أَفْعَلْ، وقد أَوْهَتْ بِساقِ
وقيل: معناه هنا قربت العدّة. والساق: النَّنْفسُ؛ ومنه قول عليّ، رضوان
الله عليه، في حرب الشُّراة: لا بُدَّ لي من قتالهم ولو تَلِفَت ساقي؛
التفسير لأَبي عمر الزاهد عن أَبي العباس حكاه الهروي. والساقُ: الحمام
الذكر؛ وقال الكميت:
تغْريد ساقٍ على ساقٍ يُجاوِبُها،
من الهَواتف، ذاتُ الطَّوْقِ والعُطُل
عنى بالأَول الوَرَشان وبالثاني ساقَ الشجرة، وساقُ حُرٍّ: الذكر من
القَمارِيّ، سمي بصوته؛ قال حميد بن ثور:
وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إلا حمامةٌ
دَعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحةً وتَرنُّما
ويقال له أيضاً السَّاق؛ قال الشماخ:
كادت تُساقِطُني والرَّحْلَ، إذ نَطَقَتْ
حمامةٌ، فَدَعَتْ ساقاً على ساقِ
وقال شمر: قال بعضهم الساقُ الحمام وحُرٌّ فَرْخُها. ويقال: ساقُ حُرٍّ
صوت القُمْريّ.
قال أَبو منصور: السُّوقة بمنزلة الرعية التي تَسُوسُها الملوك، سُمُّوا
سُوقة لأن الملوك يسوقونهم فينساقون لهم، يقال للواحد سُوقة وللجماعة
سُوقة. الجوهري: والسُّوقة خلاف المَلِك، قال نهشل بن حَرِّيٍّ:
ولَمْ تَرَعَيْني سُوقةً مِثْلَ مالِكٍ،
ولا مَلِكاً تَجْبي إليه مَرازِبُهْ
يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث والمذكر؛ قالت بنت النعمان بن المنذر:
فَبينا نَسُوس الناسَ والأمْرُ أَمْرُنا،
إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ
أَي نخْدُم الناس، قال: وربما جمع على سُوَق. وفي حديث المرأة
الجَوْنيَّة التي أَراد النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يدخل بها: فقال لها هَبي
لي نَفْسَك، فقالت: هل تَهَبُ المَلِكةُ نَفْسَها للسُّوقة؟ السُّوقةُ من
الناس: الرعية ومَنْ دون الملِك، وكثير من الناس يظنون أَن السُّوقة أَهل
الأَسْواق. والسُّوقة من الناس: من لم يكن ذا سُلْطان، الذكر والأُنثى
في ذلك سواء، والجمع السُّوَق، وقيل أَوساطهم؛ قال زهير:
يَطْلُب شَأو امْرأَين قَدَّما حَسَناً،
نالا المُلوكَ وبَذَّا هذه السُّوَقا
والسَّوِيق: معروف، والصاد فيه لغة لمكان المضارعة، والجمع أَسْوِقة.
غيره: السَّوِيق ما يُتَّخذ من الحنطة والشعير. ويقال: السَّويقُ المُقْل
الحَتِيّ، والسَّوِيق السّبِق الفَتِيّ، والسَّوِيق الخمر، وسَوِيقُ
الكَرْم الخمر؛ وأَنشد سيبويه لزياد الأَعْجَم:
تُكَلِّفُني سَوِيقَ الكَرْم جَرْمٌ،
وما جَرْمٌ، وما ذاكَ السَّويقُ؟
وما عرفت سَوِيق الكَرْمِ جَرْمٌ،
ولا أَغْلَتْ به، مُذْ قام، سُوقُ
فلما نُزِّلَ التحريمُ فيها،
إذا الجَرْميّ منها لا يُفِيقُ
وقال أَبو حنيفة: السُّوقةُ من الطُّرْثوث ما تحت النُّكَعة وهو كأَيْرِ
الحمار، وليس فيه شيء أَطيب من سُوقتِه ولا أَحلى، وربما طال وربما قصر.
وسُوقةُ أَهوى وسُوقة حائل: موضعان؛ أَنشد ثعلب:
تَهانَفْتَ واسْتَبْكاكَ رَسْمُ المَنازِلِ،
بسُوقةِ أَهْوى أَو بِسُوقةِ حائِلِ
وسُوَيْقة: موضع؛ قال:
هِيْهاتَ مَنْزِلُنا بنَعْفِ سُوَيْقةٍ،
كانت مُباركةً من الأَيّام
وساقان: اسم موضع. والسُّوَق: أَرض معروفة؛ قال رؤبة:
تَرْمِي ذِراعَيْه بجَثْجاثِ السُّوَقْ
وسُوقة: اسم رجل.
خلف: الليث: الخَلْفُ ضدّ قُدّام. قال ابن سيده: خَلْفٌ نَقِيضُ قُدَّام
مؤنثة وهي تكون اسماً وظَرفاً، فإذا كانت اسماً جَرت بوجوه الإعراب،
وإذا كانت ظرفاً لم تزل نصباً على حالها. وقوله تعالى: يعلم ما بينَ أَيديهم
وما خَلْفَهم؛ قال الزجاج: خلفهم ما قد وقع من أَعمالهم وما بين أَيديهم
من أَمرِ القيامة وجميع ما يكون. وقوله تعالى: وإذا قيل لهم اتَّقُوا ما
بين أَيديكم وما خَلْفكم؛ ما بين أَيديكم ما أَسْلَفْتُم من ذُنوبكم،
وما خلفكم ما تستعملونه فيما تستقبلون، وقيل: ما بين أَيديكم ما نزل
بالأُمم قبلكم من العذاب، وما خَلْفكم عذابُ الآخرة.
وخَلَفَه يَخْلُفه: صار خَلْفَه. واخْتَلَفَه: أَخذَه من خَلْفِه.
واخْتَلَفَه وخَلَّفَه وأَخْلَفه: جعله خَلْفَه؛ قال النابغة:
حتى إذا عَزَلَ التَّوائمَ مُقْصِراً،
ذاتَ العِشاء، وأَخْلَفَ الأَرْكاحا
وجَلَسْتُ خَلْفَ فلان أَي بعدَه. والخَلْفُ: الظَهْر. وفي حديث عبد
اللّه بن عتبة قال: جئتُ في الهاجرة فوجدْتُ عمرَ بن الخطاب، رضي اللّه عنه،
يصلي فقمت عن يساره فأَخْلَفَني، فجعلني عن يمينه فجاء يَرْفَأُ،
فتأَخَّرْتُ فصيلتُ خَلْفُه؛ قال أَبو منصور: قوله فأَخلفني أَي رَدَّني إلى
خَلْفِه فجعلني عن يمينه بعد ذلك أَو جعلني خَلْفَه بحِذاء يمينه. يقال:
أَخْلَفَ الرجلُ يدَه أَي رَدَّها إلى خَلْفِه. ابن السكيت: أَلْحَحْتُ على
فلان في الاتِّباع حتى اخْتَلَفْتُه أَي جعلته خَلْفي؛ قال اللحياني: هو
يَخْتَلِفُني النصيحةَ أَي يخْلُفني. وفي حديث سعد: أَتَخَلَّفُ عن
هِجْرتي؛ يريد خَوْفَ الموت بمكة لأَنها دار تركوها للّه تعالى، وهاجَرُوا
إلى المدينة فلم يُحِبُّوا أَن يكون موتهم بها، وكان يومئذ مريضاً.
والتخلُّفُ: التأَخُّرُ. وفي حديث سعد: فخَلَّفَنا فكُنّا آخِر الأَربع
أَي أَخَّرَنا ولم يُقَدِّمْنا، والحديث الآخر: حتى إنّ الطائر ليَمُرُّ
بجَنَباتهم فما يُخَلِّفُهم أَي يتقدَّم عليهم ويتركهم وراءه؛ ومنه
الحديث: سَوُّوا صُفوفَكم ولا تَخْتَلِفوا فتَخْتَلِفَ قلوبُكم أَي إذا تقدَّم
بعضُهم على بعض في الصُّفوف تأَثَّرَت قُلوبهم ونشأَ بينهم الخُلْفُ.
وفي الحديث: لَتُسَوُّنَّ صُفوفَكم أَو لَيُخالِفَنَّ اللّهُ بين
وُجُوهِكم؛ يريد أَنَّ كلاًّ منهم يَصْرِفُ وجهَه عن الآخر ويُوقَعُ بينهم
التباغُضُ، فإنَّ إقْبالَ الوجْهِ على الوجهِ من أَثَرِ الـمَوَدَّةٍ
والأُلْفةِ، وقيل: أَراد بها تحويلَها إلى الأَدْبارِ، وقيل: تغيير صُوَرِها إلى
صُوَرٍ أُخرى. وفي حديث الصلاة: ثم أُخالِفَ إلى رجال فأُحَرِّقَ عليهم
بيوتَهم أَي آتِيَهم من خلفهم، أَو أُخالف ما أَظْهَرْتُ من إقامةِ الصلاةِ
وأَرجع إليهم فآخُذهم على غَفْلةٍ، ويكون بمعنى أَتَخَلَّفُ عن الصلاة
بمُعاقبتهم. وفي حديث السَّقِيفةِ: وخالَف عَنّا عليٌّ والزُّبَيْرُ أَي
تَخَلَّفا. والخَلْفُ: المِرْبَدُ يكون خَلْفَ البيت؛ يقال: وراء بيتك
خَلْفُ جيّد، وهو المِرْبَدُ وهو مَحْبِسُ الإبل؛ قال الشاعر:
وجِيئا مِنَ البابِ الـمُجافِ تَواتُراً،
ولا تَقْعُدا بالخَلْفِ، فالخَلْفُ واسِعُ
(* قوله «وجيئا إلخ» تقدم انشاده للمؤلف وشارح القاموس في مادّة جوف:
وجئنا من الباب المجاف تواتراً * وان تقعدا بالخلف
فالخلف واسع.)
وأَخْلَفَ يدَه إلى السيفِ إذا كان مُعَلَّقاً خَلْفَه فهوى إليه. وجاء
خِلافَه أَي بعده. وقرئ: وإذاً لا يَلْبَثُون خَلفَكَ إلا قليلاً،
وخِلافك.
والخِلْفةُ: ما عُلِّقَ خَلْفَ الرَّاكِبِ؛ وقال:
كما عُلِّقَتْ خِلْفَةُ الـمَحْمِلِ
وأَخْلَف الرجلُ: أهْوَى بيدِه إلى خَلْفِه ليأْخُذَ من رَحْلِه سيفاً
أَو غيرَه، وأَخْلَفَ بيدِه وأَخْلفَ يدَه كذلك. والإخْلافُ: أَن يَضْرِبَ
الرجُل يده إلى قِرابِ سيفِه ليأْخُذَ سيفَه إذا رأَى عدوًّا. الجوهري:
أَخْلَفَ الرجلُ إذا أَهْوَى بيده إلى سيفه ليَسُلَّه. وفي حديث عبد
الرحمن بن عوف: أَن رجلاً أَخْلَفَ السيف يوم بدر
(* قوله «اخلف السيف يوم
إلخ» كذا بالأصل، والذي في النهاية مع اصلاح فيها: وفي حديث عبدالرحمن بن
عوف فأحاطوا بنا وأنا أذب عنه فأخلف رجل بالسيف يوم بدر. يقال إلخ.). يقال:
أَخْلَفَ يده إذا أَراد سيفه وأخْلفَ يدَه إلى الكنانةِ. ويقال: خَلَفَ
له بالسيفِ إذا جاء من وَرائه فضرَبه . وفي الحديث: فأَخْلَفَ بيده وأَخذ
يدفع الفَضْلَ.
واسْتَخْلَفَ فلاناً من فلان: جعله مكانه.
وخَلَفَ فلان فلاناً إذا كان خَلِيفَتَه. يقال: خَلَفه في قومه خِلافةً.
وفي التنزيل العزيز: وقال موسى لأَخِيه هرون اخْلُفْني في قَوْمي.
وخَلَفْتُه أَيضاً إذا جئت بعده.
ويقال: خَلَّفْتُ فلاناً أُخَلِّفُه تَخْلِيفاً واسْتَخْلفْتُه أَنا
جَعَلتُه خَليفَتي. واسْتَخْلفه: جعله خليفة.
والخَلِيفةُ: الذي يُسْتخْلَفُ مـمن قبله، والجمع خلائف، جاؤوا به على
الأصل مثل كريمةٍ وكرائِمَ، وهو الخَلِيفُ والجمع خُلَفاء، وأَما سيبويه
فقال خَلِيفةٌ وخُلَفاء، كَسَّروه تكسير فَعِيلٍ لأَنه لا يكون إلا
للمذكر؛ هذا نقل ابن سيده. وقال غيره: فَعِيلة بالهاء لا تجمع على فُعَلاء، قال
ابن سيده: وأَما خَلائِفُ فعلى لفظ خَلِيفةٍ ولم يعرف خليفاً، وقد حكاه
أَبو حاتم؛ وأَنشد لأَوْس بن حَجَر:
إنَّ مِنَ الحيّ موجوداً خَلِيفَتُهُ،
وما خَلِيفُ أبي وَهْبٍ بمَوْجُودِ
والخِلافةٌ: الإمارةُ وهي الخِلِّيفَى. وإنه لخَلِيفةٌ بَيِّنُ
الخِلافةِ والخِلِّيفى. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لولا الخِلِّيفَى
لأَذَّنْتُ، وفي رواية: لو أَطَقْتُ الأَذَان مع الخِلّيفى، بالكسر والتشديد
والقَصْر، الخِلافةِ، وهو وأَمثاله من الأَبْنِيَةِ كالرِّمِّيَّا
والدِّلِّيلَى مصدر يدل على معنى الكثرة، يريد به كثرة اجتِهاده في ضَبْطِ أُمورِ
الخِلافَةِ وتَصْرِيفِ أَعِنَّتِها. ابن سيده: قال الزجاج جاز أن يقال
للأَئمة خُلفاء الله في أَرْضِه بقوله عز وجل: يا داودُ إنَّا جَعَلْناك
خَلِيفةً في الأرض. وقال غيره: الخَليفةُ السلطانُ الأَعظم. وقد يؤنَّثُ؛
وأَنشد الفراء:
أَبوكَ خَلِيفةٌ وَلَدَتْه أُخْرَى،
وأَنتَ خَليفةٌ، ذاكَ الكَمالُ
قال: ولدته أُخْرَى لتأْنيث اسم الخليفة والوجه أَن يكون ولده آخَرُ،
وقال الفراء في قوله تعالى: هو الذي جعلكم خلائِفَ في الأرض، قال: جعل أُمة
محمد خَلائفَ كلِّ الأُمم، قال: وقيل خَلائفَ في الأرض يَخْلُفُ بعضكم
بعضاً؛ ابن السكيت: فإنه وقَعَ للرجال خاصّة، والأجْوَدُ أَن يُحْمَل على
معناه فإنه ربما يقع للرجال، وإن كانت فيه الهاء، أَلا تَرَى أَنهم قد
جمعوه خُلفاء؟ قالوا ثلاثةُ خُلفاء لا غير، وقد جُمعَ خَلائفَ، فمن قال
خلائفَ قال ثلاثَ خلائفَ وثلاثة خلائفَ، فمرَّة يَذْهَب به إلى المعنى ومرَة
يذهب به إلى اللفظ، قال: وقالوا خُلفاء من أَجل أَنه لا يقع إلا على
مذكر وفيه الهاء، جمعوه على إسقاط الهاء فصار مثل ظَرِيفٍ وظُرَفاء لأَن
فَعِيلة بالهاء لا تُجمَعُ على فُعلاء.
ومِخْلافُ البلدِ: سُلطانُه. ابن سيده: والمِخْلافُ الكُورةُ يَقْدَمُ
عليها الإنسان، وهو عند أَهل اليمن واحِدُ المَخالِيفُ، وهي كُوَرُها،
ولكلِّ مِخْلافٍ منها اسم يعرف به، وهي كالرُسْتاقِ؛ قال ابن بري:
المَخالِيفُ لأَهل اليمن كالأَجْنادِ لأَهل الشامِ، والكورِ لأَهل العِراقِ،
والرَّساتِيقِ لأَهل الجِبالِ، والطّساسِيج لأَهْلِ الأهْوازِ.
والخَلَفُ: ما اسْتَخْلَفْتَه من شيء. تقول: أَعطاك اللّه خَلَفاً مما
ذهب لك، ولا يقال خَلْفاً؛ وأَنتَ خَلْفُ سُوءٍ من أَبيك. وخَلفَه
يَخْلُفُه خَلَفاً: صار مكانه. والخَلَفُ: الولد الصالح يَبْقَى بعد الإنسان،
والخَلْفُ والخالِفةُ: الطَّالِحُ؛ وقال الزجاج: وقد يسمى خلَفاً، بفتح
اللام، في الطَّلاحِ، وخَلْفاً، بْسكانها، في الصّلاحِ، والأوّلُ أَعْرَفُ.
يقال: إنه لخالِفٌ بَيِّنُ الخَلافةِ؛ قال ابن سيده: وأَرى اللحياني حكى
الكسْر. وفي هؤلاء القَوْمِ خَلَفٌ مـمن مَضى أَي يقومون مَقامهم. وفي
فلان خلَفٌ من فلان إذا كان صالحاً أَو طالحاً فهو خَلَفٌ. ويقال: بئسَ
الخَلَفُ هُمْ أَي بئس البَدَلُ. والخَلْفُ: القَرْن يأْتي بعد القَرْن، وقد
خلَفوا بعدهم يخلُفون. وفي التنزيل العزيز: فخَلَفَ من بعدهم خلْفٌ
أَضاعوا الصلاةَ، بدلاً من ذلك لأَنهم إذا أَضاعوا الصلاةَ فهم خَلْفُ سُوء
لا مَحالةَ، ولا يكونُ الخَلَفُ إلاَّ من الأَخْيارِ، قَرْناً كان أَو
ولَداً، ولا يكونُ الخَلْفُ إلا من الأَشرارِ. وقال الفراء: فَخَلَفَ من
بعدهم خَلْفٌ ورثُوا الكتاب، قال: قَرْنٌ. ابن شميل: الخَلَفُ يكون في
الخَير والشرّ، وكذلك الخَلْفُ، وقيل: الخَلْفُ الأَرْدِياء الأَخِسَّاء.
يقال: هؤلاء خَلْفُ سوءٍ لناسٍ لاحِقِينَ بناس أَكثر منهم، وهذا خَلْف سَوْء؛
قال لبيد:
ذَهَبَ الذينَ يُعاشُ في أَكنافِهمْ،
وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدِ الأَجربِ
قال ابن سيده: وهذا يحتمل أَن يكون منهما جميعاً، والجمع فيهما أَخْلافٌ
وخُلُوفٌ. وقال اللحياني: بقِينا في خَلْفِ سَوْءٍ أَي بقيّة سَوْء.
وبذلك فُسِّرَ قوله تعالى: فَخَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ، أَي بَقِيّة. أَبو
الدُّقَيْشِ: يقال مضى خَلْفٌ من الناس، وجاء خَلْفٌ من الناس، وجاء خَلْفٌ
لا خيرَ فيه، وخلفٌ صالح، خفَّفهما جميعاً. ابن السكيت: قال هذا خَلْف،
بإِسكان اللام، للرَّديء، والخَلْفُ الرَّديء من القول؛ يقال: هذا خَلْفٌ
من القولِ أَي رَديء. ويقال في مَثَلٍ: سَكَتَ أَلفاً ونَطَقَ خَلْفاً،
للرجل يُطيل الصَّمْتَ، فإذا تكلم تكلم بالخَطإ، أَي سكت عن أَلف كلمة ثم
تكلم بخطإٍ. وحكي عن يعقوب قال: إن أَعرابيّاً ضَرطَ فتَشَوَّر فأَشار
بإبهامه نحو اسْتِه فقال: إنها خَلْفٌ نَطَقَتْ خَلْفاً؛ عنى بالنُّطْق
ههنا الضَّرْطَ. والخَلَف، مَثَقَّل، إذا كان خَلفاً من شيء. وفي حديث
مرفوع: يَحْمِلُ هذا العِلْمَ من كلّ خَلَفٍ عُدُولُه يَنْفُون عنه تَحْريفَ
الغالِينَ، وانْتِحالَ المُبْطِلينَ، وتأويلَ الجاهِلينَ؛ قال القعنبي:
سمعت رجلاً يحدّث مالكَ ابن أَنس بهذا الحديث فأَعجبه . قال ابن
الأَثير:الخَلَفُ، بالتحريك والسكون، كل من يجيء بعد من مضى، إلا أَنه بالتحريك في
الخير، وبالتسكين في الشر: يقال خَلَفُ صِدْقٍ وخَلْفُ سوء، ومعناهما
جميعاً القَرْن من الناس، قال: والمراد في هذا الحديث المَفْتُوحُ، ومن
السكون الحديث: سيكُونُ بعد ستّين سنة خَلْفٌ أَضاعُوا الصلاةَ.
وفي حديث ابن مسعود: ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم
(* قوله «تخلف من بعدهم»
في النهاية: تختلف من بعده.) ؛ خُلوفٌ هي جمع خَلْفٍ. وفي الحديث:
فَلْيَنْفُضْ فِراشَه فإنه لا يدري ما خَلَفَه عليه أَي لعل هامَّة دَبَّتْ
فصارت فيه بعده، وخِلافُ الشيء بعدَه. وفي الحديث: فدخَل ابنُ الزبير
خِلافَه. وحديث الدَّجّال: قد خَلَفَهم في ذَرارِيِّهم
(* قوله «ذراريهم» في
النهاية: ذريتهم.) . وحديث أَبي اليَسَرِ: أَخْلَفْتَ غازِياً في سبيل
اللّه في أَهلِه بمثل هذا؟ يقال: خَلَفْتُ الرجلَ في أَهله إذا أَقمتَ بعدَه
فيهم وقمت عنه بما كان يفعله، والهمزة فيه للاستفهام. وفي حديث ماعزٍ:
كلَّما نَفَرْنا في سبيلِ اللّه خَلَفَ أَحدُهم له نَبيبٌ كنَبِيبِ
التَّيْسِ؛ وفي حديث الأَعشى الحِرْمازِي:
فَخَلَفَتْني بنِزاعٍ وحَرَبْ
أَي بَقِيَتْ بعدي؛ قال ابن الأَثير: ولو روي بالتشديد لكان بمعنى
تَرَكَتْني خَلْفها، والحَرَبُ:الغضب.
وأَخْلَفَ فلان خَلَفَ صِدْقٍ في قومه أَي ترَكَ فيهم عَقِباً. وأَعْطِه
هذا خَلَفاً من هذا أَي بدلاً.
والخالِفةُ: الأُمّةُ الباقيةُ بعد الأُمة السالِفةِ لأَنها بدل مـمن
قبلها؛ وأَنشد:
كذلك تَلْقاه القُرون الخَوالِفُ وخلَفَ فلان مكانَ أَبيه يَخْلُف
خِلافةً إذا كان في مكانه ولم يَصِرْ فيه غيرُه. وخَلَفَه رَبُّه في أَهلِه
وولدِه: أَحْسَنَ الخِلافةَ، وخَلَفَه في أَهله وولدِه ومكانِه يَخْلُفُه
خِلافةً حسَنةً: كان خَلِيفةً عليهم منه، يكون في الخير والشر، ولذلك قيل:
أَوْصى له بالخِلافةِ. وقد خَلَّف فلان فلاناً يُخَلِّفُه تَخْلِيفاً،
وخَلَف بعده يَخْلُفُ خُلوفاً، وقد خالَفَه إليهم واخْتَلَفه.
وهي الخِلْفةُ؛ وأَخْلَفَ النباتُ: أَخرج الخِلْفةَ. وأخْلَفَتِ الأَرضُ
إذا أَصابَها بَرْد آخِر الصيف فيَخْضَرُّ بعضُ شَجرِها. والخِلْفة:
زِراعةُ الحبوب لأَنها تُسْتَخْلَفُ من البر والشعير. والخِلْفةُ: نَبْتٌ
يَنْبُتُ بعد النبات الذي يَتَهَشَّم. والخِلْفةُ: ما أَنبت الصَّيْفُ من
العُشْبِ بعدما يَبِسَ العُشْبُ الرِّيفِيُّ، وقد اسْتخلفت الأرض، وكذلك
ما زُرع من الحُبوب بعد إِدراك الأُولى خِلْفةٌ لأَنها تُسْتَخْلَفُ. وفي
حديث جرير: خيرُ الـمَرْعى الأَراكُ والسَّلَمُ إِذا أَخْلَفَ كان
لَجِيناً أَي إِذا أَخرج الخِلْفة، وهو الورق الذي يخرج بعد الورَق الأَوَّل في
الصيف. وفي حديث خُزيمةَ السُّلمي: حتى آلَ السُّلامى وأَخْلَفَ
الخُزامى أَي طَلَعَتْ خِلْفَتُه من أُصولِه بالمطر. والخِلْفةُ: الرّيحةُ وهي
ما يَنْفَطِرُ عنه الشجر في أَوَّل البرد، وهو من الصَّفَرِيَّةِ.
والخِلْفةُ: نباتُ ورَقٍ دون ورق. والخِلْفةُ: شيء يَحْمِلُه الكَرْمُ بعدما
يَسْوَدُّ العِنَبُ فيُقْطَفُ العنب وهو غَضٌّ أَخْضَرُ ثم يُدْرِك، وكذلك
هو من سائر الثَّمر. والخِلفةُ أَيضاً: أَن يأْتيَ الكَرْمُ بحِصْرِمٍ
جديدٍ؛ حكاه أَبو حنيفة. وخِلْفةُ الثَّمر: الشيء بعد الشيء.
والإخْلافُ: أَن يكون في الشجر ثَمَر فيذهب فالذي يعُود فيه خِلْفةٌ.
ويقال: قد أَخْلَفَ الشجرُ فهو يُخْلِفُ إخْلافاً إذا أَخرج ورقاً بعد ورق
قد تناثر. وخِلْفة الشجر: ثمر يخرج بعد الثمر الكثير. وأَخْلَفَ الشجرُ:
خرجت له ثمرة بعد ثمرة. وأَخْلَفَ الطائر: خرج له ريشٌ بعد ريش.
وخَلَفَتِ الفاكهةُ بعضُها بعضاً خَلَفاً وخِلْفةً إذا صارت خَلَفاً من الأُولى.
ورجلان خِلْفةٌ: يَخْلُفُ أَحدُهما الآخر. والخِلْفةُ: اختلاف الليلِ
والنهار. وفي التنزيل العزيز: وهو الذي جعَلَ الليلَ والنهارَ خلِفة؛ أَي
هذا خَلَفٌ من هذا، يذهَب هذا ويجيء هذا؛ وأَنشد لزهير:
بها العِينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً،
وأَطْلاؤُها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَمِ
وقيل: معنى قول زهير يمشين خِلْفةً مُخْتَلِفاتٌ في أَنها ضَرْبان في
ألوانها وهيئتها، وتكون خِلْفة في مِشْيَتِها، تذهب كذا وتجيء كذا. وقال
الفراء: يكون قوله تعالى خِلْفةً أَي مَن فاته عمل في الليل استدركه في
النهار فجعل هذا خلَفاً من هذا. ويقال: علينا خِلْفةٌ من نهار أَي
بَقِيَّةٌ، وبَقِيَ في الحَوْضِ خِلْفةٌ من ماء؛ وكل شيء يجيء بعد شيء، فهو
خِلْفة. ابن الأعرابي: الخِلْفة وَقْت بعد وقت.
والخَوالِفُ: الذين لا يَغْزُون، واحدهم خالفةٌ كأَنهم يَخْلُفُون من
غزا. والخَوالِفُ أَيضاً: الصِّبْيانُ الـمُتَخَلِّفُون. وقَعَدَ خِلافَ
أَصحابه: لم يخرج معهم، وخَلَفَ عن أَصحابه كذلك. والخِلافُ: الـمُخالَفةُ؛
وقال اللحياني: سُرِرْتُ بمَقْعَدي خِلافَ أَصحابي أَي مُخالِفَهم،
وخَلْفَ أَصحابي أَي بعدَهم، وقيل: معناه سُرِرْتُ بمُقامي بعدَهم وبعدَ
ذهابهم.
ابن الأعرابي: الخالِفةُ القاعدِةُ من النساء في الدار. وقوله تعالى:
وإذاً لا يَلْبَثُون خِلافَك إلا قليلاً، ويقرأُ خَلْفَك ومعناهما بعدَك.
وفي التنزيل العزيز: فَرِحَ الـمُخَلَّفون بمَقْعَدِهم خِلافَ رسولِ الله،
ويقرأُ خَلْفَ رسولِ الله أَي مُخالَفةَ رسولِ الله؛ قال ابن بري:
خِلافَ في الآية بمعنى بعد؛ وأَنشد للحرِثِ بن خالِدٍ المخزومي:
عَقَبَ الرَّبيعُ خِلافَهم، فكأَنـَّما
نَشَطَ الشَّواطِبُ بَيْنَهُنَّ حَصِيرا
قال: ومثله لمُزاحِمٍ العُقَيْلِي:
وقد يَفْرُطُ الجَهْل الفَتى ثم يَرْعَوِي،
خِلافَ الصِّبا، للجاهلينَ حُلوم
قال: ومثله للبريق الهذلي:
وما كنتُ أَخْشى أَن أَعِيشَ خِلافَهم،
بسِتَّةِ أَبْياتٍ، كما نَبَتَ العِتْرُ
وأَنشد لأَبي ذؤيب:
فأَصْبَحْتُ أَمْشِي في دِيارٍ كأَنـَّها،
خِلافَ دِيارِ الكاهِلِيّةِ، عُورُ
وأَنشد لآخر:
فقُلْ للذي يَبْقَى خِلافَ الذي مضَى:
تَهَيّأْ لأُخْرى مِثْلِها فكأَنْ قَدِ
(* قوله «يبقى» في شرح القاموس: يبغي.)
وأَنشد لأَوْس:
لَقِحَتْ به لِحَياً خِلافَ حِيالِ
أَي بَعدَ حِيالِ؛ وأَنشد لـمُتَمِّم:
وفَقْدَ بَني آمٍ تَداعَوْا فلم أَكُنْ،
خِلافَهُمُ، أَن أَسْتَكِينَ وأَضْرَعا
وتقول: خَلَّفْتُ فلاناً ورائي فَتَخَلَّفَ عني أَي تأَخَّر،
والخُلُوفُ: الحُضَّرُ والغُيَّبُ ضِدٌّ. ويقال: الحيُّ خُلوفٌ أَي غُيَّبٌ،
والخُلوفُ الحُضُورُ الـمُتَخَلِّفُون؛ قال أَبو زبيد لطائي:
أَصْبَحَ البَيْتُ بَيْتُ آلِ بَيانٍ
مُقْشَعِرًّا، والحيُّ حَيٌّ خُلوفُ
أَي لم يَبْقَ منهم أَحد؛ قال ابن بري: صواب إنشاده:
أَصْبَحَ البيْتُ بَيْتُ آلِ إياسٍ
لأَن أَبا زبيد رَثَى في هذه القصيدة فَرْوَة بن إياسِ ابن قَبيصةَ وكان
منزله بالحيرة. والخَلِيفُ: المتَخَلِّفُ عن المِيعاد؛ قال أَبو ذؤيب:
تَواعَدْنا الرُّبَيْقَ لنَنْزِلَنْهُ،
ولم تَشْعُرْ إذاً أَني خَلِيفُ
والخَلْفُ والخِلْفةُ: الاسْتِقاء وهو اسم من الإخْلافِ. والإخْلافُ:
الاسْتِقاء. والخالِفُ: الـمُسْتَقِي. والـمُسْتَخْلِفُ: الـمُسْتَسْقِي؛
قال ذو الرمة:
ومُسْتَخْلِفاتٍ من بلادِ تَنُوفةٍ،
لِمُصْفَرَّةِ الأشْداقِ، حُمْرِ الحَواصِلِ
وقال الحطيئة:
لِزُغْبٍ كأَوْلادِ القَطا راثَ خَلْفُها
على عاجِزاتِ النَّهْضِ، حُمْرٍ حَواصلُهْ
يعني راثَ مُخْلِفُها فوضَع الـمَصْدَرَ موضعه، وقوله حواصِلُه قال
الكسائي: أَراد حواصل ما ذكرنا، وقال الفراء: الهاء ترجع إلى الزُّغْبِ دُون
العاجِزاتِ التي فيه علامة الجمع، لأَن كل جمع بُني على صورة الواحد ساغ
فيه تَوَهُّم الواحد كقول الشاعر:
مِثْل الفِراخِ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ
لأَن الفراخ ليس فيه علامة الجمع وهو على صورة الواحد كالكِتاب
والحِجاب، ويقال: الهاء ترجع إلى النَّهْضِ وهو موضع في كَتِف البعير فاستعاره
للقطا، وروى أَبو عبيد هذا الحرف بكسر الخاء وقال: الخِلْفُ الاسْتِقاءُ؛
قال أَبو منصور: والصواب عندي ما قال أَبو عمرو إنه الخَلْف، بفتح الخاء،
قال: ولم يَعْزُ أَبو عبيد ما قال في الخِلف إلى أَحد. واسْتَخْلَفَ
الـمُسْتَسْقي، والخَلْفُ الاسم منه. يقال: أَخْلَفَ واسْتَخْلَف. والخَلْفُ:
الحَيُّ الذين ذهَبوا يَسْتَقُون وخَلَّفُوا أَثقالهم. وفي
التهذيب:الخَلْفُ القوم الذين ذهبوا من الحيّ يستقون وخلَّفوا أَثقالهم.
واستخلف الرجلُ: اسْتَعْذَب الماء. واستخلَف واخْتَلَفَ وأَخْلفَ: سقاه؛
قال الحطيئة:
سَقلها فَروّاها من الماء مُخْلِفُ
ويقال: من أَين خِلْفَتُكم؟ أَي من أَين تستقون. وأَخلف واستخلف: استقى.
وقال ابن الأعرابي: أَخْلَفْتُ القَومَ حَمَلت إليهم الماء العَذْب، وهم
في ربيع، ليس معهم ماء عذب أَو يكونون على ماء ملح، ولا يكون الإخْلافُ
إلا في الربيع، وهو في غيره مستعار منه. قال أَبو عبيد: الخِلْفُ
والخِلْفَةُ من ذلك الاسم، والخَلْفُ المصدر؛ لم يَحْكِ ذلك غير أَبي عبيد؛ قال
ابن سيده: وأَراه منه غلطاً. وقال اللحياني: ذهب الـمُسْتَخْلِفُونَ
يسْتَقُون أَي المتقدمون. والخَلَفُ: العِوَضُ والبَدَلُ مـما أُخذ أَو ذهَب.
وأََحْلَفَ فلان لنفسه إذا كان قد ذهب له شيء فجعل مكانه آخر؛ قال ابن
مقبل:
فأَخْلِفْ وأَتْلِفْ، إنما المالُ عارةٌ،
وكُلْه مع الدهْرِ الذي هو آكِلُه
يقال: اسْتَفِدْ خَلَفَ ما أَتْلَفْتَ. ويقال لمن هلك له من لا يُعْتاضُ
منه كالأَب والأَمّ والعمّ: خلَف الله عليك أَي كان الله عليك خليفةً،
وخَلف عليك خيراً وبخير وأَخْلَفَ الله عليك خيراً وأَخْلف لك خيراً، ولمن
هَلَك له ما يُعْتاض منه أَو ذهَب من ولد أَو مال: أَخْلَفَ الله لك
وخَلَف لك. الجوهري: يقال لمن ذهب له مال أَو ولد أَو شيء يُسْتَعاضُ: أَخلف
الله عليك أَي ردَّ عليك مثلَ ما ذهب، فإن كان قد هلك له والد أَو عمّ
أَو أَخ قلت: خلف الله عليك، بغير أَلف، أَي كان الله خليفةَ والدِك أَو
مَنْ فَقَدتَه عليك. ويقال: خلفَ الله لك خَلَفاً بخَيْرٍ، وأَخْلَفَ عليك
خيراً أَي أَبْدَلَك بما ذهب منك وعَوّضك عنه؛ وقيل: يقال خلَف الله
عليك إذا مات لك ميّت أَي كان الله خَليفَتَه عليك، وأَخلف الله عليك أَي
أَبْدَلك. ومنه الحديث: تَكَفَّل الله للغازِي أَن يُخْلِفَ نَفَقَتَه.
وفي حديث أَبي الدرداء في الدعاء للميت: اخْلُفْه في عَقِبِه أَي كُنْ
لهم بعده. وحديث أُم سلمة: اللهم اخْلُفْ لي خيراً منه. اليزِيدِيُّ: خلَف
الله عليك بخير خِلافة. الأَصمعي: خلف الله عليك بخير، إذا أَدخلت الباء
أَلْقَيْتَ الأَلف. وأَخلف الله عليك أَي أَبدل لك ما ذهب. وخَلَفَ الله
عليك أَي كان الله خَلِيفَةَ والدِك عليك. والإخْلافُ: أَن يُهْلِكَ
الرجلُ شيئاً لنفسه أَو لغيره ثم يُحْدِث مثلَه.
والخَلْفُ: النَّسْلُ. والخَلَفُ والخَلْفُ: ما جاء من بعدُ. يقال: هو
خَلْفُ سَوء من أَبيه وخَلَفُ صِدْقٍ من أَبيه، بالتحريك، إذا قام
مَقامِه؛ وقال الأخفش: هما سواء، منهم مَن يُحرّك، ومنهم من يسكن فيهما جميعاً
إذا أَضاف، ومن حرك في خَلَف صدْق وسكن في الآخر فإنما أَراد الفرق
بينهما؛ قال الراجز:
إنَّا وجدْنا خَلَفاً، بئسَ الخَلَفْ
عَبْداً إذا ما ناءَ بالحِمْلِ خَضَفْ
قال ابن بري: أَنشدهما الرِّياشِيُّ لأَعرابي يذُمُّ رجلاً اتخذ وليمة،
قال: والصحيح في هذا وهو المختار أَن الخَلَف خَلَفُ الإنسان الذي
يَخْلُفُه من بعده، يأْتي بمعنى البدل فيكون خلَفاً منه أَي بدلاً؛ ومنه قولهم:
هذا خَلَفٌ مـما أُخذ لك أَي بَدَلٌ منه، ولهذا جاء مفتوح الأَوسط ليكون
على مِثال البدل وعلى مثال ضِدّه أَيضاً، وهو العدم والتَّلَفُ؛ ومنه
الحديث: اللهم أَعْطِ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً ولِمُمْسِكٍ تَلَفاً أَي عِوَضاً،
يقال في الفعل منه خَلَفَه في قومه وفي أَهله يَخْلُفُه خَلَفاُ
وخِلافةً. وخَلَفَني فكان نعم الخَلَفُ أَو بئس الخلَفُ؛ ومنه خَلَف الله عليك
بخير خلَفاً وخِلافةً، والفاعل منه خَلِيفٌ وخَلِيفَةٌ، والجمع خُلفاء
وخَلائفُ، فالخَلَفُ في قولهم نعم الخَلَف وبئس الخلف، وخلَفُ صِدْقٍ وخلَفُ
سَوء، وخلَفٌ صالحٌ وخلَفٌ طالحٌ، هو في الأَصل مصدر سمي به من يكون
خليفةً، والجمع أَخْلافٌ كما تقول بدَلٌ وأَبْدالٌ لأَنه بمعناه. قال: وحكى
أَبو زيد هم أَخْلافُ سَوْء جمع خلَفٍ؛ قال: وشاهد الضم في مُسْتَقْبل
فِعْلِه قولُ الشمَّاخ:
تُصِيبُهُمُ وتُخْطِينا الـمَنايا،
وأَخْلُفُ في رُبُوعٍ عن رُبُوعِ
قال: وأَما الخَلْفُ، ساكِنَ الأَوسَط، فهو الذي يَجيء بعد. يقال:
خَلَفَ قومٌ بعد قوم وسلطانٌ بعد سلطانٍ يَخْلُفُون خَلْفاً، فهم خالِفون.
تقول: أَنا خالِفُه وخالِفتُه أَي جئت بعده. وفي حديث ابن عباس: أَن
أَعرابيّاً سأَل أَبا بكر، رضي الله عنه، فقال له: أَنتَ خَلِيفَةُ رسولِ الله،
صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، قال: فما أَنت؟ قال: أَنا الخالِفةُ
بعدَه. قال ابن الأَثير: الخَلِيفةُ مَن يقوم مَقام الذاهب ويَسُدُّ مَسَدَّه،
والهاء فيه للمبالغة، وجمعه الخُلَفاء على معنى التذكير لا على اللفظ
مثل ظَريفٍ وظُرَفاء، ويجمع على اللفظ خَلائفَ كظرِيفةٍ وظرائِفَ، فأَما
الخالِفةُ، فهو الذي لا غَناء عنده ولا خير فيه، وكذلك الخالف، وقيل: هو
الكثير الخِلافِ وهو بَيِّنُ الخَلافةِ، بالفتح، وإنما قال ذلك تواضُعاً
وهَضماً من نفسه حِين قال له: أَنتَ خليفةُ رسولِ الله. وسمع الأَزهري بعض
العرب، وهو صادِرٌ عن ماء وقد سأَله إنسان عن رَفيق له فقال: هو خالِفتي
أَي وارِدٌ بعدي. قال: وقد يكون الخالِفُ الـمُتَخَلِّف عن القوم في
الغَزْوِ وغيره كقوله تعالى: رَضُوا بأَن يكونوا مع الخَوالِفِ، قال: فعلى
هذا الخَلْفُ الذي يجيء بعد الأَوّل بمنزلة القَرْنِ بعد القَرْن،
والخَلْفُ المتخلف عن الأَول، هالكاً كان أَو حيّاً. والخَلْفُ: الباقي بعد
الهالك والتابع له، هو في الأَصل أَيضاً من خَلَفَ يخْلُفُ خَلْفاً، سمي به
المتخلّف والخالِفُ لا على جهة البدل، وجمعه خُلُوفٌ كقَرْنٍ وقرون؛ قال:
ويكون محْمُودا ومَذْموماً؛ فشاهدُ المحمود قولُ حسانَ بن ثابت
الأَنصاري:لَنا القَدَمُ الأُولى إليك، وخَلْفُنا،
لأَوَّلِنا في طاعةِ الله، تابِعُ
فالخَلْف ههنا هو التابعُ لمَن مضَى وليس من معنى الخلَفِ الذي هو
البدَلُ، قال: وقيل الخَلْفُ هنا المتخلِّفُون عن الأَوّلين أَي الباقون؛
وعليه قوله عز وجل: فَخَلَفَ من بعدِهم خَلْفٌ، فسمي بالمصدر فهذا قول ثعلب،
قال: وهو الصحيح. وحكى أَبو الحسن الأَخفش في خلَفِ صِدْق وخلَفِ سَوء
التحريكَ والإسكان، قال: والصحيح قول ثعلب إِن الخلَف يجيء بمعنى البدَل
والخِلافةِ، والخَلْفُ يجيء بمعنى التخلّف عمن تقدم؛ قال: وشاهد المذموم
قول لبيد:
وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدٍ الأَجْرَبِ
قال: ويستعار الخَلْفُ لـما لا خير فيه، وكلاهما سمي بالمصدر أَعني
المحمود والمذموم، فقد صار على هذا للفِعْل معنيان: خَلَفْتُه خَلَفاً كنت
بعده خَلَفاً منه وبدلاً، وخَلَفْتُه خَلْفاً جئت بعده، واسم الفاعل من
الأَول خَليفة وخَلِيفٌ، ومن الثاني خالِفةٌ وخالِفٌ؛ ومنه قوله تعالى:
فاقعُدوا مع الخالفين. قال: وقد صح الفَرْقُ بينهما على ما بَيَّنّاه. وهو من
أَبيه خَلَف أَي بدلٌ، والبدلُ من كل شيء خلَفٌ منه.
والخِلافُ: الـمُضادّةُ، وقد خالَفه مُخالَفة وخِلافاً. وفي المثل: إنما
أَنتَ خِلافَ الضَّبُعِ الراكبَ أَي تخالِفُ خِلافَ الضَّبُعِ لأَنَّ
الضَّبُعَ إذا رأَت الراكِبَ هَرَبَتْ منه؛ حكاه ابن الأَعرابي وفسّره
بذلك.وقولهم: هو يخالِفُ إلى امرأَة فلان أَي يأَْتيها إذا غاب عنها. وخَلَفَ
فلان بعَقِبِ فلان إذا خالفَه إلى أَهله. ويقال: خلَف فلان بعَقبِي إذا
فارقه على أَمر فصنع شيئاً آخر؛ قال أَبو منصور: وهذا أَصح من قولهم إنه
يخالفه إلى أَهله. ويقال: إن امرأَة فلان تَخْلُفُ زوجَها بالنزاع إلى
غيره إذا غاب عنها؛ وقدمَ أَعْشَى مازِنٍ على النبي، صلى اللّه عليه وسلم،
فأَنشده هذا الرجز:
إليكَ أَشْكُو ذِرْبَةً مِنَ الذِّرَبْ،
خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعامَ في رَجَبْ،
فَخَلَفَتْني بِنزاعٍ وحَرَبْ،
أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ
وأَخْلَفَ الغُلامُ، فهو مُخْلِفٌ إذا راهَقَ الحُلُم؛ ذكره الأَزهري؛
وقول أَبي ذؤيب:
إذا لَسَعَتْه النَّحْلُ لم يَرْجُ لَسْعَها،
وخالَفَها في بَيْتِ نُوبٍ عَواسِلِ
(* قوله «في بيت نوب إلخ» تقدّم ضبطه في مادة دبر لا على هذا الوجه ولعل
الصواب في الضبط ما هنا.)
معناه دخَل عليها وأَخَذ عَسَلها وهي ترعى، فكأَنه خالَفَ هَواها بذلك،
ومن رواه وحالَفَها فمعناه لزِمَها.
والأَخْلَفُ: الأَعْسَرُ؛ ومنه قول أَبي كبير الهُذلي:
زَقَبٌ، يَظَلُّ الذئبُ يَتْبَعُ ظِلَّه
من ضِيقِ مَوْرِدِه، اسْتِنانَ الأَخْلَفِ
قال السكري: الأَخْلَفُ الـمُخالِفُ العَسِرُ الذي كأَنه يَمشي على أَحد
شِقَّيْه، وقيل: الأَخْلَفُ الأَحْوَلُ. وخالفه إلى الشي: عَصاه إليه
أَو قصَده بعدما نهاه عنه، وهو من ذلك. وفي التنزيل العزيز: وما أُريد أَن
أُخالِفَكم إلى ما أَنْهاكم عنه. الأَصمعي: خَلَفَ فلان بعَقِبي وذلك إذا
ما فارَقَه على أَمْر ثم جاء من ورائه فجعَل شيئاً آخر بعد فِراقِه،
وخَلَفَ له بالسيف إذا جاءه من خَلْفِه فضَرب عُنقه. والخِلافُ: الخُلْفُ؛
وسُمع غير واحد من العرب يقول إذا سُئل وهو مُقبل على ماء أَو بلد:
أَحَسْتَ فلاناً؟ فيُجِيبُه: خالِفَتي؛ يريد أَنه ورَدَ الماء وأَنا صادِرٌ
عنه. الليث: رجل خالِفٌ وخالِفةٌ أَيّ يُخالِفُ كثيرُ الخِلافِ. ويقال: بعير
أَخْلَفُ بيًّنُ الخَلَفِ إذا كان مائلاً على شِقّ. الأَصمعي: الخَلَفُ
في البعير أَن يكون مائلاً في شق.
ابن سيده: وفي خُلُقِه خالِفٌ وخالِفةٌ وخُلْفةٌ وخِلْفةٌ وخِلَفْنة
وخِلَفْناةٌ أَي خِلافٌ. ورجل خِلَفْناة: مُخالِفٌ. وقال اللحياني: هذا رجل
خِلَفْناة وامرأَة خِلَفْناة، قال: وكذلك الاثنان والجمع؛ وقال بعضهم:
الجمع خِلَفْنَياتٌ في الذكور والإناث. ويقال: في خُلُق فلان خلَفْنةٌ مثل
دِرَفْسةٍ أَي الخِلافُ، والنون زائدة، وذلك إِذا كان مُخالِفاً.
وتَخالَفَ الأَمْران واخْتَلَفا: لم يَتَّفِقا. وكلُّ ما لم يَتَساوَ، فقد
تَخالف واخْتَلَفَ. وقوله عز وجل: والنخلَ والزرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُه؛ أَي
في حال اخْتِلافِ أُكُلِه إِن قال قائل: كيف يكون أَنـْشأَه في حال
اخْتِلافِ أُُكُلُه وهو قد نَشأَ من قبل وقُوع أُكُلِه؟ فالجواب في ذلك أَنه
قد ذكر انشاء بقوله خالِقُ كلِّ شيء، فأَعلم جل ثناؤه أَن الـمُنْشئ له في
حال اخْتِلافِ أُكُلِه هو، ويجوز أَن يكون أَنشأَه ولا أُكُلَ فيه
مختلفاً أُكُله لأَن المعنى مُقَدَّراً ذلك فيه كما تقول: لتَدْخُلَنَّ منزل
زيد آكلاً شارباً أَي مُقَدِّراً ذلك، كما حكى سسيبويه في قوله مررتُ برجل
معه صَقْر صائداً به غداً أَي مُقَدِّراً به الصيدَ، والاسم الخِلْفةُ.
ويقال: القوم خِلْفةٌ أَي مُخْتَلِفون، وهما خِلْفان أَي مختلفان، وكذلك
الأُنثى؛ قال:
دَلْوايَ خِلْفانِ وساقِياهُما
أَي إحداهما مُصْعِدةٌ مَلأَى والأُخرى مُنْحَدِرةٌ فارِغةٌ، أَو
إِحداهما جديدة والأُخرى خَلَقٌ. قال الحياني: يقال لكل شيئين اختلفا هما
خِلْفان، قال: وقال الكسائي هما خِلْفَتانِ، وحكي: لها ولَدانِ خِلْفانِ
وخِلْفتانِ، وله عَبدان خِلْفان إذا كان أَحدهما طويلاً والآخر قصيراً، أَو
كان أَحدهما أَبيضَ والآخر أَسود، وله أَمتان خِلْفان، والجمع من كل ذلك
أَخْلافٌ وخِلْفةٌ. ونِتاجُ فلان خِلْفة أَي عاماً ذكراً وعاماً أُنثى.
وولدت الناقة خِلْفَيْنِ أَي عاماً ذكراً وعاما أَنثى. ويقال: بنو فلان
خِلْفةٌ أَي شِطْرةٌ نِصف ذكور ونصف إِناث.
والتَّخاليف: الأَلوان المختلفةُ. والخِلْفةُ: الهَيْضةُ. يقال:
أَخَذَتْه خِلْفةٌ إذا اخْتَلَفَ إلى الـمُتَوَضَّإِ. ويقال: به خِلفة أَي بَطنٌ
وهو الاختلاف، وقد اخْتَلَف الرجلُ وأَخْلَفَه الدَّواء. والـمَخْلُوفُ:
الذي أَصابته خِلفة ورِقَّةُ بَطْنٍ. وأَصبح خالفاً أَي ضعيفاً لا يشتهي
الطعام. وخَلَفَ عن الطعام يَخْلُف خُلوفاً، ولا يكون إلا عن مرَض.
الليث: يقال اخْتَلَفْتُ إليه اخْتِلافةً واحدة. والخَلْفُ والخالِف
والخالِفةُ: الفاسِدُ من الناس، الهاء للمبالغة.
والخَوالِفُ: النساء المُتَخَلِّفاتُ في البيوت. ابن الأَعرابي:
الخُلوفُ الحيّ إذا خرج الرجالُ وبقي النساء، والخُلُوفُ إذا كان الرجال والنساء
مجتمعين في الحيّ، وهو من الأَضداد. وقوله عز وجل: رضوا بأن يكونوا مع
الخَوالِف؛ قيل: مع النساء، وقيل: مع الفاسد من الناس، وجُمِع على
فَواعِلَ كفوارِسَ؛ هذا عن الزجاج. وقال: عَبد خالِفٌ وصاحِب خالِفٌ إذا كان
مُخالفاً. ورَجل خالِفٌ وامرأة خالِفةٌ إذا كانت فاسِدةً ومتخلِّفة في
منزلها. وقال بعض النحويين: لم يجئْ فاعل مجموعاً على فَواعِلَ إلا قولهم إنه
لخالِفٌ من الخَوالِف، وهالِكٌ من الهَوالِكِ، وفارِسٌ من الفَوارِس.
ويقال: خَلَفَ فلان عن أَصحابه إذا لم يخرج معهم. وفي الحديث: أَن اليهود
قالت لقد علمنا أَن محمداً لم يترك أَهلَه خُلوفاً أَي لم يتركهن سُدًى لا
راعِيَ لهنَّ ولا حامِيَ. يقال: حيٌّ خُلوفٌ إذا غاب الرجال وأَقام
النساء ويطلق على المقيمين والظَّاعِنين؛ ومنه حديث المرأَة والمَزادَتَيْنِ:
ونَفَرُنا خُلُوفٌ أَي رجالنا غُيَّبٌ. وفي حديث الخُدْريِّ: فأَتينا
القوم خُلوفاً. والخَلْفُ: حَدُّ الفَأْسِ. ابن سيده: الخَلْفُ الفَأْس
العظيمة، وقيل: هي الفأْس برأْس واحد، وقيل: هو رأْس الفأْس والمُوسى،
والجمع خُلوفٌ. وفأْسٌ ذاتُ خِلْفَيْنِ
(* قوله «ذات خلفين» قال في القاموس:
ويفتح.) أَي لها رأْسان، وفأَسٌ ذاتُ خِلْفٍ. والخَلْفُ: المِنْقارُ الذي
يُنْقَرُ به الخشب. والخَلِيفان: القُصْرَيانِ. والخِلْفُ: القُصَيْرى من
الأَضْلاعِ، بكسر الخاء
(* قوله «بكسر الخاء» أَي وتفتح وعلى الفتح
اقتصر المجد.). وضِلَعُ الخِلْفِ: أَقصى الأَضْلاعِ وأَرَقُّها. والخِلْفُ،
بالكسر: واحد أَخْلافِ الضَّرْع وهو طرَفُه. الجوهري: الخِلْفُ أَقصر
أَضلاع الجنب، والجمع خلوف؛ ومنه قول طرفةَ بن العبد:
وطَيُّ مَحالٍ كالحَنِيِّ خُلوفُه،
وأَجْرِنةٌ لُزَّتْ بدَأْيٍ مُنَضَّدِ
والخلْفُ: الطُّبْيُ المؤَخَّرُ، وقيل: هو الضَّرْعُ نفْسُه، وخص بعضهم
به ضرع الناقة وقال: الخِلف، بالكسر، حلَمةُ ضَرْعِ الناقة القادِمان
والآخِران. وقال اللحياني: الخِلْفُ في الخُفِّ والظِّلْفِ، والطُّبْيُ في
الحافِر والظُّفُر، وجمع الخِلْف أَخْلافٌ وخُلوفٌ؛ قال:
وأَحْتَمِلُ الأَوْقَ الثَّقِيلَ وأَمْتَري
خُلوفَ المَنايا، حِينَ فَرَّ المُغامِسُ
وتقول: خَلَّفَ بناقته تَخْلِيفاً أَي صَرَّ خِلْفاً واحداً من
أَخْلافِها؛ عن يعقوب؛ وأَنشد لطرفة:
وطَيُّ مَحالٍ كالحنيّ خُلُوفُه
قال الليث: الخُلوفُ جمع الخِلْفِ هو الضَّرْعُ نفْسُه؛ وقال الراجز:
كأَنَّ خِلْفَيها إذا ما دَرَّا
يريد طُبْيَيْ ضَرْعِها. وفي الحديث: دَعْ داعِيَ اللَّبَنِ. قال: فتركت
أَخْلافَها قائمة؛ الأَخْلافُ جمع خِلف، بالكسر، وهو الضرع لكل ذات خُفّ
وظِلْفٍ، وقيل: هو مَقْبِضُ يد الحالب من الضرع.
أَبو عبيد: الخَلِيفُ من الجسد ما تحت الإبط، والخَلِيفانِ من الإبل
كالإبْطين من الإنسان، وخَليفا الناقةِ إبْطاها، قال كثير:
كأَنَّ خَلِيفَيْ زَوْرها ورَحاهُما
بُنَى مَكَوَيْنِ ثُلِّما بعدَ صَيْدنِ
المكا جُحْرُ الثَّعْلَبِ والأَرْنبِ ونحوه، والرَّحى الكِرْكِرةُ،
وبُنَى جمع بُنْيةٍ، والصَّيْدن هنا الثعلب؛ وقيل: دُوَيْبَّةٌ تعمل لها
بيتاً في الأَرض وتُخْفيه. وحلَبَ الناقة خَلِيفَ لِبَئِها، يعني الحلْبة
التي بعد ذَهاب اللِّبا.
وخلَفَ اللبنُ وغيره وخلُفَ يَخْلُفُ خُلوفاً فيهما: تغَيَّر طَعْمُه
وريحه. وخلَفَ اللبنُ يَخْلُفُ خُلوفاً إذا أُطيل إنْقاعُه حتى يَفْسُدَ.
وخَلَفَ النبيذُ إذا فسَد، وبعضهم يقول: أَخْلَفَ إذا حَمُضَ، وإنه
لطَيِّبُ الخُلْفةِ أَي طيِّبُ آخِر الطعْم. الليث: الخالِفُ اللحم الذي تَجِدُ
منه رُوَيحةً ولا بأْسَ بمَضْغِه. وخَلَفَ فُوه يَخْلُفُ خُلوفاً
وخُلوفة وأَخْلَفَ: تغَيَّر، لغة في خَلَفَ؛ ومنه: ونَوْم الضُّحى مَخْلَفةٌ
للفم أَي يُغَيِّرُه. وقال اللحياني: خَلَف الطعامُ والفم وما أَشبههما
يَخْلُفُ خُلوفاً إذا تغيَّر. وأَكل طعاماً فَبَقِيَتْ في فيه خِلْفةٌ فتغير
فُوه، وهو الذي يَبْقى بين الأسنان. وخلَفَ فَمُ الصائم خُلوفاً أَي
تغيرت رائحتُه. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم: ولَخُلُوفُ فم الصائم،
وفي رواية: خِلْفةُ فمِ الصائم أَطيبُ عندَ اللّه مِن رِيحِ المِسْكِ؛
الخِلْفةُ، بالكسر: تغَيُّرُ ريحِ الفم، قال: وأَصلها في النبات أَن ينبت
الشيء بعد الشيء لأَنها رائحةٌ حديثةٌ بعد الرائحة الأُولى. وخلَف فمُه
يخلُفُ خِلْفةً وخُلوفاً؛ قال أَبو عبيد: الخُلوف تغير طعم الفم لتأَخُّرِ
الطعام ومنه حديث عليّ، عليه السلام، حين سُئل عن القُبْلة للصائم فقال:
وما أَرَبُك إلى خُلوف فيها. ويقال: خَلَفَتْ نفْسه عن الطعام فهي
تَخْلُفُ خُلوفاً إذا أَضرَبَت عن الطعام من مرض. ويقال: خلَفَ الرجل عن خُلُق
أَبيه يَخْلُف خُلوفاً إذا تغَيَّر عنه. ويقال: أَبيعُكَ هذا العَبْدَ
وأَبْرَأُ إليك من خُلْفَتِه أَي فَسادِه، ورجُل ذو خُلْفةٍ، وقال ابن
بُزرج: خُلْفَةُ العبدِ أَن يكون أَحْمَقَ مَعْتُوهاً. اللحياني: هذا رجل
خَلَفٌ إذا اعتزل أَهلَه. وعبد خالِفٌ: قد اعتزل أَهلَ بيته. وفلان خالِفُ
أَهلِ بيته وخالِفَتُهم أَي أَحمقهم أَو لا خَيْرَ فيه، وقد خَلَفَ
يَخْلُفُ خَلافة وخُلوفاً.
والخالفةُ: الأَحْمَقُ القليلُ العقْلِ. ورجل أَخْلَفُ وخُلْفُفٌ
مَخْرَجَ قُعْدُدٍ. وامرأة خالفةٌ وخَلْفاء وخُلْفُفة وخُلْفُفٌ، بغير هاء: وهي
الحَمْقاء. وخلَفَ فلان أَي فسَد. وخلَفَ فلان عن كلّ خير أَي لم
يُفْلِح، فهو خالِفٌ وهي خالِفة. وقال اللحياني: الخالِفةُ العَمودُ الذي يكون
قُدَّامَ البيتِ. وخلَفَ بيتَه يَخْلُفُه خَلْفاً: جعل له خالِفةً، وقيل:
الخالِفةُ عَمُودٌ من أَعْمِدة الخِباء. والخَوالِفُ: العُمُد التي في
مُؤَخَّر البيت، واحدتها خالِفةٌ وخالِفٌ، وهي الخَلِيفُ. اللحياني: تكون
الخالِفةُ آخِرَ البيت. يقال: بيت ذو خالِفَتَيْن. والخَوالِفُ: زَوايا
البيت، وهو من ذلك، واحدتها خالِفةٌ. أَبو زيد: خالِفةُ البيتِ تحتَ
الأَطناب في الكِسْر، وهي الخَصاصةُ أَيضاً وهي الفَرْجة، وجمع الخالفة
خَوالِفُ وهي الزَّوايا؛ وأَنشد:
فأَخفت حتى هتكوا الخَوالِفا
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، في بِناء الكعبة: قال لها لَوْلا
حِدْثان قَوْمِك بالكفر بَنَيْتُها على أَساس إبراهيمَ وجعلت لها خَلْفَيْن،
فإن قُريشاً اسْتَقْصَرَتْ من بِنائها؛ الخَلْفُ: الظَّهرُ، كأَنه أَراد
أَن يجعل لها بابين، والجِهةُ التي تُقابِل البابَ من البيت ظهرُه، فإذا
كان لها بابان فقد صار لها ظَهْرانِ، ويروى بكسر الخاء، أَي زِيادَتَيْن
كالثَّدْيَيْنِ، والأَول الوجه. أَبو مالك: الخالِفةُ الشُّقّةُ
المؤخَّرةُ التي تكون تحت الكِفاء تحتَها طرَفُها مـما يلي الأَرض من كِلا
الشِّقَّين.
والإخْلافُ: أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيجعل مـما يَلي خُصْيَيِ البعير
لئلا يُصيبَ ثِيله فيَحْتَبِسَ بولُه، وقد أَخْلَفَه وأَخْلَفَ عنه. وقال
اللحياني: إنما يقال أَخْلِفِ الحَقَبَ أَي نَحِّه عن الثِّيلِ وحاذِ به
الحَقَبَ لأَنه يقال حَقِبَ بولُ الجملِ أَي احْتَبَسَ، يعني أَن الحَقَب
وقَع على مَبالِه، ولا يقال ذلك في الناقة لأَن بولها من حَيائها، ولا
يبلغ الحقَبُ الحَياء. وبعير مَخْلوفٌ: قد شُقَّ عن ثِيله من خَلْفِه إذا
حَقِبَ. والإخْلافُ: أَن يُصَيَّرَ الحَقَبُ وراء الثِّيلِ لئلا
يَقْطَعَه. يقال: أَخْلِفْ عن بعيرك فيصير الحقب وراء الثيل. والأَخْلَفُ من
الإبل: المشقوقُ الثيل الذي لا يستقرّ وجَعاً. الأَصمعي: أَخْلَفْتَ عن البعير
إذا أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه فيَحْقَبُ أَي يَحْتَبِسُ بولُه فتحَوِّلُ
الحَقَبَ فتجعلُه مما يلي خُصْيَي البعير.
والخُلْفُ والخُلُفُ: نقِيضُ الوَفاء بالوعْد، وقيل: أَصله التَّثْقِيلُ
ثم يُخَفَّفُ. والخُلْفُ، بالضم: الاسم من الإخلاف، وهو في المستقبل
كالكذب في الماضي. ويقال: أَخْلَفه ما وَعَده وهو أَن يقول شيئاً ولا
يفْعَله على الاستقبال. والخُلُوفُ كالخُلْفِ؛ قال شُبْرمةُ بن
الطُّفَيْل:أَقِيمُوا صُدُورَ الخَيْلِ، إنَّ نُفُوسَكُمْ
لَمِيقاتُ يَومٍ، ما لَهُنَّ خُلُوفُ
وقد أَخْلَفَه ووعَده فأَخْلفَه: وجَده قد أَخْلَفَه، وأَخْلَفَه: وجدَ
مَوْعِدَه خُلْفاً؛ قال الأَعشى:
أَثْوى وقَصَّرَ لَيْلَةً ليُزَوَّدا،
فمَضَتْ، وأَخْلَفَ مِنْ قُتَيلة مَوْعِدا
أَي مضت الليلة. قال ابن بري: ويروى فمضى، قال: وقوله فمضى الضمير يعود
على العاشق، وقال اللحياني: الإخْلافُ أَن لا يَفي بالعهد وأَن يَعِدَ
الرجلُ الرجلَ العِدةَ فلا يُنجزها. ورجل مُخْلِفٌ أَي كثير الإخْلافِ
لوَعْدِه. والإخْلافُ: أَن يطلب الرجلُ الحاجة أَو الماء فلا يجد ما طلب.
اللحياني: رُجِيَ فلان فأَخْلَفَ. والخُلْفُ: اسم وضِعَ موضِع الإخْلافِ.
ويقال للذي لا يكاد يَفِي إذا وعد: إنه لمِخْلافٌ. وفي الحديث: إذا وعَدَ
أَخْلف أَي لم يفِ بعهده ولم يَصْدُقْ، والاسم منه الخُلْفُ، بالضم. ورجل
مُخالِفٌ: لا يكاد يُوفي. والخِلافُ: المُضادَّة. وفي الحديث: لمَّا
أَسْلمَ سعيد بن زيد قال له بعض أَهله: إني لأُحْسَبُكَ خالِفةَ بني عَدِيٍّ
أَي الكثيرَ الخِلافِ لهم؛ وقال الزمخشري: إنَّ الخطَّاب أَبا عُمر قاله
لزَيْد بن عَمْرو أَبي سعيد بن زيد لمَّا خالَفَ دِينَ قومه، ويجوز أَن
يُرِيدَ به الذي لا خير عنده؛ ومنه الحديث: أَيُّما مُسلمٍ خَلَفَ غازِياً
في خالِفَتِه أَي فيمن أَقامَ بعدَه من أَهله وتخلَّف عنه. وأَخْلَفَتِ
النجومُ: أَمْحَلَتْ ولم تُمْطِرْ ولم يكن لِنَوْئِها مطر، وأَخْلَفَتْ
عن أَنْوائها كذلك؛ قال الأَسودُ بن يَعْفُرَ:
بِيض مَساميح في الشّتاء، وإن
أَخْلَفَ نَجْمٌ عن نَوئِه، وبَلُوا
والخالِفةُ: اللَّجوجُ من الرجال. والإخْلاف في النخلة إذا لم تحمل سنة.
والخَلِفَةُ: الناقةُ الحامِلُ، وجمعها خَلِفٌ، بكسر اللام، وقيل: جمعها
مَخاضٌ على غير قياس كما قالوا لواحدة النساء امرأة؛ قال ابن بري: شاهده
قول الراجز:
ما لَكِ تَرْغِينَ ولا تَرْغُو الخَلِفْ
وقيل: هي التي اسْتَكْمَلت سنة بعد النِّتاج ثم حُمِل عليها فلَقِحَتْ؛
وقال ابن الأَعرابي: إذا استبان حَمْلُها فهي خَلِفةٌ حتى تُعْشِرَ.
وخَلَفَت العامَ الناقةُ إذا ردَّها إلى خَلِفة. وخَلِفَت الناقةُ تَخْلَفُ
خَلَفاً: حَمَلتْ؛ هذه عن اللحياني. والإخْلافُ: أَن تُعِيد عليها فلا
تَحْمِل، وهي المُخْلِفةُ من النوق، وهي الرَّاجع التي توهَّموا أَنَّ بها
حمَلاً ثم لم تَلْقَحْ، وفي الصحاح: التي ظهر لهم أَنها لَقِحَتْ ثم لم
تكن كذلك. والإخلافُ: أَن يُحْمَلَ على الدابّة فلا تَلْقَحَ. والإخْلافُ:
أَن يأْتيَ على البعير البازل سنةٌ بعد بُزُوله؛ يقال: بَعِير مُخْلِفٌ.
والمُخْلِف من الإبل: الذي جاز البازِلَ؛ وفي المحكم: بعد البازِل وليس
بعده سِنّ، ولكن يقال مُخْلِفُ عامٍ أَو عامين، وكذلك ما زاد، والأَنثى
بالهاء، وقيل: الذكر والأُنثى فيه سواء؛ قال الجعدي:
أَيِّدِ الكاهلِ جَلْدٍ بازِلٍ
أَخْلَفَ البازِلَ عاماً أَو بَزَلْ
وكان أَبو زيد يقول: لا تكون الناقة بازلاً ولكن إذا أَتى عليها حول بعد
البزُول فهي بَزُول إلى أَن تُنيِّبَ فتُدْعَى ناباً، وقيل: الإخْلافُ
آخِرُ الأَسنان من جميع الدوابّ. وفي حديث الدِّيةِ: كذا وكذا خَلِفةً؛
الخَلِفةُ، بفتح الخاء وكسر اللام: الحامل من النوق، وتجمع على خَلِفاتٍ
وخلائِفَ، وقد خلِفَت إذا حَمَلَتْ، وأَخْلَفَتْ إذا حالَتْ. وفي الحديث:
ثلاثُ آَياتٍ يَقْرؤهنَّ أَحدُكم خير له من ثلاثِ خَلِفاتٍ سِمانٍ عظامٍ.
وفي حديث هدم الكعبة: لما هدموها ظهر فيها مِثْلُ خَلائفِ الإبل، أَراد
بها صُخوراً عِظاماً في أَساسها بقدْر النوق الحوامل.
والخَلِيفُ من السِّهام: الحديدُ كالطَّرِيرِ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد
لساعِدةَ بن جُؤيَّةَ
(* قوله «جؤية» صوابه العجلان كما هو هكذا في
الديوان، كتبه محمد مرتضى ا هـ. من هامش الأصل بتصرف.):
ولَحَفْته منها خَليفاً نَصْلُه
حَدٌّ، كَحَدِّ الرُّمْحِ، لَيْسَ بِمِنزَعِ
والخَلِيفُ: مَدْفَعُ الماء، وقيل: الوادي بين الجبَلين؛ قال:
خَلِيف بَين قُنّة أَبْرَق
والخَليفُ: فَرْج بين قُنَّتَيْنِ مُتدانٍ قليل العرض والطُّول.
والخلِيفُ: تَدافُع
(* قوله «والخليف تدافع إلخ» كذا بالأصل. وعبارة القاموس
وشرحه: أو الخليف مدفع الماء بين الجبلين. وقيل: مدفعه بين الواديين وأنما
ينتهي إلى آخر ما هنا، وتأمل العبارتين.) الأَوْدية وإنما يَنتهي
المَدْفَعُ إلى خَلِيفٍ ليُفْضِيَ إلى سَعَةٍ. والخلِيفُ: الطَّريقُ بين الجبلين؛
قال صخر الغي:
فلما جَزَمْتُ بِها قِرْبَتي،
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقةً أَو خَلِيفَا
جَزَمتُ: ملأْت، وأَطْرقة: جمع طَريق مثل رغيفٍ وأَرْغِفَةٍ، ومنه قولهم
ذِيخُ الخَلِيفِ كما يقال ذِئبُ غَضاً؛ قال كثِّير:
وذِفْرَى، ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف
أَصابَ فَرِيقَةَ لَيْلٍ فَعاثَا
قال ابن بري: صواب إنشاده بِذِفْرَى، وقيل: هو الطريق في أَصل الجبل،
وقيل: هو الطريق وراء الجبل، وقيل: وراء الوادي، وقيل: الخَلِيفُ الطريق في
الجبل أَيّاً كان، وقيل: الطريق فقط، والجمع من كل ذلك خُلُفٌ؛ أَنشد
ثعلب:
في خُلُفٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرامِها
والمَخْلَفَةُ: الطَّريقُ كالخَلِيفِ؛ قال أَبو ذؤيب:
تُؤمِّلُ أَن تُلاقيَ أُمَّ وَهْبٍ
بمَخْلَفَةٍ، إذا اجْتَمَعَتْ ثَقِيفُ
ويقال: عليك المَخْلَفة الوُسْطَى أَي الطريق الوسطى.
وفي الحديث ذكْرُ خَلِيفةَ، بفتح الخاء وكسر اللام، قال ابن الأَثير:
جبل بمكة يُشْرِفُ على أَجْيادٍ؛ وقول الهُذلي:
وإِنَّا نَحْنُ أَقْدَمُ مِنْكَ عِزّاً،
إذا بُنِيَتْ لِمَخْلفةَ البُيوتُ
مَخْلَفَةُ مِنًى: حيث يَنْزل الناس. ومَخْلَفة بني فلان: مَنْزِلُهم .
والمَخْلَفُ بِمنًى أَيضاً: طُرُقُهم حيث يَمُرُّون. وفي حديث معاذ: من
تخلّف
(* قوله «تخلف» كذا بالأصل، والذي في النهاية: تحوّل، وقوله «مخلاف
عشيرته» كذا به أَيضاً والذي فيها مخلافه.) من مخْلافٍ إلى مِخْلافٍ
فَعُشْرُه وصَدَقتُه إلى مِخْلافِ عَشِيرَتِه الأَوّل إذا حالَ عليه الحَوْل؛
أَراد أَنه يؤَدِّي صدَقَته إلى عَشيرته التي كان يؤدي إليها. وقال أَبو
عمرو: يقال اسْتُعْمِلَ فلان على مَخالِيفِ الطَّائفِ وهي الأَطراف
والنَّواحُ. وقال خالد بن جَنْبَة: في كل بلد مِخْلافٌ بمكة والمدينة والبصرة
والكوفة. وقال: كنا نَلْقَى بني نُمَير ونحن في مِخْلافِ المدينة وهم في
مِخلاف اليمامة. وقال أَبو معاذ: المِخْلافُ البَنْكَرْدُ، وهو أَن يكون
لكل قوم صَدقةٌ على حِدة، فذلك بَنْكَرْدُه يُؤدِّي إلى عشيرته التي كان
يُؤدِّي إليها. وقال الليث: يقال فلان من مِخْلافِ كذا وكذا وهو عند
اليمن كالرُّستاق، والجمع مخالِيفُ. اليزيدِيّ: يقال إنما أَنتم في خَوالفَ
من الأرض أَي في أَرَضِينَ لا تُنْبِت إلا في آخر الأَرضِين نباتاً. وفي
حديث ذي المِشْعارِ: من مِخلافِ خارِفٍ ويامٍ؛ هما قبيلتان من اليمن. ابن
الأَعرابي: امرأة خَلِيفٌ إذا كان عَهْدُها بعد الولادة بيوم أَو يومين.
ويقال للناقة العائذ أَيضاً خَلِيفٌ.
ابن الأعرابي: والخِلافُ كُمُّ القَمِيص. يقال: اجعله في متنِ خِلافِك
أَي في وَسطِ كُمّكَ. والمَخْلُوفُ: الثوبُ الـمَلْفُوقُ. وخلَفَ الثوبَ
يَخْلُفُهُ خَلْفاً، وهو خَلِيفٌ؛ المصدر عن كراع: وذلك أَن يَبْلى وسَطُه
فيُخْرِجَ البالي منه ثم يَلْفِقَه؛ وقوله:
يُرْوي النَّديمَ، إذا انْتَشى أَصحابُه
أُمُّ الصَّبيِّ، وثَوْبُه مَخْلُوفُ
قال: يجوز أَن يكون المَخْلُوفُ هنا المُلَفَّق، وهو الصحيح، ويجوز أَن
يكون المرْهُونَ، وقيل: يريد إذا تَناشى صحبُه أُمْ ولده من العُسْر فإنه
يُرْوي نَديمَه وثوبه مخلُوف من سُوء حاله.
وأَخْلَفْتُ الثوبَ: لغة في خَلَفْتُه إذا أَصْلَحْتَه؛ قال الكميت يصف
صائداً:
يَمْشِي بِهِنَّ خَفِيُّ الصَّوْتِ مُخْتَتِلٌ،
كالنَّصْلِ أَخْلَفَ أَهْداماً بأَطْمارِ
أَي أَخْلَفَ موضعَ الخُلْقانِ خُلْقاناً.
وما أَدْري أَيُّ الخَوالِفِ هو أَي أَيّ الناسِ هو. وحكى كراع في هذا
المعنى: ما أَدري أَيُّ خالِفةَ، هو غير مَصْرُوفٍ، أَي أَيُّ الناس هو،
وهو غير مصروف للتأْنيث والتعريف، أَلا ترى أَنك فسرته بالناس؟ وقال
اللحياني: الخالفةُ الناس، فأَدخل عليه الأَلف واللام. غيره ويقال ما أَدري
أَيُّ خالِفةَ وأَيُّ خافِيةَ هو، فلم يُجْرِهما، وقال: تُرِكَ صَرْفُه
لأَنْ أُرِيدَ به المَعْرِفةُ لأَنه وإن كان واحداً فهو في موضع جماع، يريد
أَيُّ الناس هو كما يقال أَيُّ تَمِيم هو وأَيُّ أَسَد هو.
وخِلْفةُ الوِرْدِ: أَن تُورِد إبلك بالعشيِّ بَعدما يذهَبُ الناسُ.
والخِلْفةُ: الدوابُّ التي تختلف. ويقال: هن يمشين خِلْفة أَي تذهب هذه
وتَجيء هذه؛ ومنه قول زهير:
بها العينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً،
وأَطْلاؤها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَمِ
وخلَفَ فلانٌ على فلانة خِلافةً تزوّجها بعد زوج؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
فإنْ تَسَلي عَنَّا، إذا الشَّوْلُ أَصْبَحَتْ
مَخالِيفَ حُدْباً، لا يَدِرُّ لَبُونُها
مَخالِيفُ: إبل رعت البقل ولم تَرْعَ اليَبِيسَ فلم يُغْن عنها رَعْيُها
البقلَ شيئاً. وفرس ذو شِكالٍ من خِلافٍ إذا كان في يده اليمنى ورجله
اليسرى بياض. قال: وبعضهم يقول له خَدَمتانِ من خِلافٍ أَي إذا كان بيده
اليمنى بياض وبيده اليسرى غيره.
والخِلافُ: الصَّفْصافُ، وهو بأَرض العرب كثير، ويسمى السَّوْجَرَ وهو
شجر عِظام، وأَصنافُه كثيرة وكلها خَوّارٌ خَفيفٌ؛ ولذلك قال الأَسود:
كأَنَّكَ صَقْبٌ من خِلافٍ يُرى له
رُواءٌ، وتأْتِيه الخُؤُورةُ مِنْ عَلُ
الصَّقْبُ: عَمُودٌ من عمد البيت، والواحد خِلافةٌ، وزعموا أَنه سمّي
خِلافاً لأَن الماء جاء بِبَزره سبيّاً فنبت مُخالِفاً لأَصْلِه فسمّي
خِلافاً، وهذا ليس بقويّ. الصحاح: شجر الخِلافِ معروف وموضِعُه المَخْلَفَةُ؛
وأَما قول الراجِز:
يَحْمِلُ في سَحْقٍ من الخِفافِ
تَوادِياً سُوِّينَ من خِلافِ
فإنما يريد أَنها من شجر مُخْتَلِفٍ، وليس يعني الشجرة التي يقال لها
الخِلافُ لأَن ذلك لا يكاد يكون بالبادية.
وخَلَفٌ وخَلِيفةُ وخُلَيْفٌ: أَسماء.
ذبل: ذَبَلَ النباتُ والغُصن والإِنسان يَذْبُل ذَبْلاً وذبُولاً: دَقَّ
بعد الرِّيّ، فهو ذابِل، أَي ذَوى، وكذلك ذَبُلَ، بالضم. وقَناً ذابل:
دقيق لاصِق اللِّيطِ، والجمع ذُبَّلٌ وذُبُلٌ. ويقال: ذَبَل فوه يَذْبُل
ذُبولاً وذَبَّ ذُبوباً إِذا جَفَّ ويَبسَ رِيقُه وأَذْبَله الحرّ.
والتَّذَبُّل: من مَشْي النساء إِذا مشت المرأَة مِشْية الرجال وكانت دقيقة.
ويقال: ذِبْلُ ذَبِيل أَي ثُكْلُ ثاكل؛ ومنه سميت المرأَة ذِبْلة. وما له
ذَبَلَ ذَبْلُه أَي أَصلُه، وهو من ذُبول الشيء أَي ذَبَل جسمه ولحمه،
وقيل: معناه بَطَل نكاحه؛ قال كثير بن الغَريرةِ:
طِعان الكُماة ورَكْض الجِيادِ،
وقَوْل الحواضِنِ: ذَبْلاً ذَبِيلا
قال ابن بري: الذَّبِيل العَجَبُ؛ قال بَشامةُ بن الغَدِير النَّهْشَلي:
طعان الكماة وضرب الجياد،
وقول الحواضن: ذَبْلاً ذبيلا
وفي حديث عمرو بن مسعود: قال لمعاوية وقد كَبِر: ما تسأَل عمن ذَبَلت
بَشرته أَي قلّ ماء جلده وذهبت نَضارته. ويقال: ذَبَلَتْهم ذُبَيلةٌ أَي
هَلكوا. ابن الأَعرابي: الذُّبال النَّقَّابات، وكذلك الدُّبال بالذال
والدال، قال: وذَبَلَته ذُبول ودَبَلَته دُبول، قال: والذِّبل الثكْل؛ قال
أَبو منصور: فهما لغتان. وذَبُلَ الفرس: ضَمُر؛ ومنه قول امرئ القيس:
على الذَّبْلِ جَيّاشٌ كأَنَّ اهْتِزامَه،
إِذا جاشَ فيه حَمْيُه، غَلْيُ مِرْجَلِ
والذَّبْلةُ: الرّيح المُذْبِلةُ؛ قال ذو الرمة:
دِيار مَحَتْها بَعْدَنا كُلُّ ذَبْلةٍ
دَروجٍ، وأُخرى تُهْذِبُ الماء ساجر
والذُّبالةُ: الفَتِيلة التي تُسْرَج، والجمع ذُبال؛ وأَنشد سيبويه:
بِتْنا بِتَدْوِرةٍ تُضِيء وجُوهُنا
دسَم السَّلِيطِ، يُضِيء فَوْقَ ذُبالِ
التهذيب: يقال للفَتِيلة التي يُصْبَح بها السراج ذُبالة وذبَّالة،
وجمعها ذُبال وذُبَّال؛ قال امرؤ القيس:
كمِصْباحِ زَيْتٍ في قَنادِيل ذُبَّالِ
قال: وهو الذُّبال الذي يوضع في مِشكاة الزُّجاجة التي يُسْتَصْبَح بها.
والذَّبْل: ظهر السُّلَحْفاة، وفي المحكم: جلد السُّلحْفاة البَرِّيَّة،
وقيل البحرية، يجعل منه الأَمشاط ويُجْعَل منه المَسَك أَيضاً، وقيل:
الذَّبْل عظام ظهر دابة من دواب البحر تتخذ النساء منه أَسْوِرة؛ قال جرير
يصف امرأَة راعية:
ترى العَبَس الحَوْلِيَّ جَوْناً بكوعها
لها مَسَكاً، من غير عاج ولا ذَبْل
ويروى: جَوْناً بسوقها؛ وأَنشد ثعلب:
تقول ذاتُ الذَّبَلات جَيْهَلُ
فجمع الذَّبْل بالأَلف والتاء، ورواه ابن الأَعرابي ذات الرَّبَلات.
وقال ابن شميل: الذَّبْل القرون يُسَوَّى منه المَسَك. الجوهري: والذَّبْل
شيء كالعاج وهو ظهر السُّلَحْفاة البرية يتخذ منه السِّوار. والذَّبْل:
جَبَل؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد لشاعر:
عَقِيلة إِجْل، تنتمي طَرِفاتُها
إِلى مُؤْنِق من جَنْبة الدَّبْل راهن
ويَذْبُل: اسم جبل بعينه في بلاد نجد.