Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: يؤدي

أَجْمَع معظم

أَجْمَع معظم
الجذر: ج م ع

مثال: أَجْمَعَ معظم المعلِّقين في السودان على هذا الأمر
الرأي: مرفوضة
السبب: لاستخدام لفظ «معظم» الذي يدل على الأغلبية مع الفعل «أجمع» مما يؤدي إلى التعارض.

الصواب والرتبة: -أجْمَعَ المعلِّقون في السودان على هذا الأمر [فصيحة]-اتَّفق معظم المعلِّقين في السودان على هذا الأمر [فصيحة]
التعليق: الإجماع غير الأغلبية فلا يصح الجمع بينهما في عبارة واحدة.

صلاة التّهجّد

صلاة التّهجّد:
[في الانكليزية] Night prayer
[ في الفرنسية] priere noctione
وهي التي يقال لها أيضا صلاة الليل.
اعلم أنّه وردت روايات مختلفة حول قيام الليل الذي كان يفعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعن وقتها وكيفية أدائها. وللمصلّين الخيار فيها. فكيفما أدّاها فقد حصل على شرف اتباع النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وإذا اتبع أسلوب التنويع بأن يؤدّيــها في كلّ مرّة بشكل مختلف عن الآخر فهو أوفق وأنسب.
فمرة 13 ركعة، ومرة 11 ركعة أو تسع ركعات أو سبعة أو خمسة. ولا يزيد عن 13 ركعة، وكلّ هذه الأعداد هي وتر (مفردة) بسبب ركعة الوتر. إذن فعلى هذا التقدير: صلاة الليل لا تقلّ عن ركعتين ولا تزيد عن عشرة وقد كانت هذه الصلاة فرضا على النبي صلّى الله عليه وسلّم، هكذا في شرح المشكاة للشيخ عبد الحق. وأصل التهجّد وإحياء الليل بدون تعيين مدة ولا تعيين لعدد الركعات ولا لمقدار القراءة المسنونة المؤكّدة.
وقد كان عمل النبي صلّى الله عليه وسلّم وعمل الصحابة بحسب قوتهم واستعدادهم ونشاطهم المختلف.
وقد وردت في بعض الروايات أنّه يكفي قراءة آخر آيتين في سورة البقرة في صلاة التهجّد، كما ورد أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: أيعجز أحدكم عن أن يقرأ كلّ ليلة ثلث القرآن؟ فقال الصحابة: إنّ قراءة ثلث القرآن كل ليلة صعب جدا. فأجابهم: إنّ سورة الإخلاص تعادل ثلث القرآن من حيث الثواب. ولهذا فقد اعتاد أكثر المشايخ أن يقرءوا هذه السورة في صلاة التهجّد في أكثر الأوقات. ولهذا عدة أساليب؛

الأول: أن يقرأ الإخلاص بعد الفاتحة ثلاث مرات في كل ركعة.

الثاني: في الركعة الأولى تقرأ اثني عشر مرة ثم يقلّل ذلك في الركعات التالية مرة مرة، بحيث يقرأها في الركعة الأخيرة مرة واحدة.

الثالث: أن يقرأها في الركعة الأولى مرة واحدة ثم يزيدها في كلّ ركعة مرة حتى يصل إلى الركعة الثانية عشرة فيقرأها اثني عشرة مرة.
وهذا الأسلوب مرفوض عند الفقهاء لأنّه يجعل الركعة الثانية أكثر قراءة من الركعة الأولى وهذا خلاف الأولى.
وإنّ بعض المشايخ كان يرى قراءة سورة يا آيها المزّمّل مضافا إليها سورة الإخلاص.
وعن الصوفي شاه نقشبند منقول أنّه كان يأمر أتباعه بقراءة سورة يس في صلاة التهجّد وكان يرشدهم قائلا: في هذه الصلاة تجتمع ثلاثة قلوب. الأول: قلب الليل أي نصف الليل، والثاني: قلب القرآن أي سورة يس، والثالث:
قلب المريد المؤمن. فإذا تحقّق ذلك تحقّق للمريد الطلب، هكذا في التفسير العزيزي.

القطيعة

(القطيعة) الهجران والصد وَمِنْه ترك الْبر وَالْإِحْسَان إِلَى الْأَهْل والأقارب وَمن الشَّيْء مَا قطعته مِنْهُ والجزء من الأَرْض يملكهُ الْحَاكِم لمن يُرِيد من أَتْبَاعه منحة (ج) قطائع
القطيعة:
فلها معنيان، أحدهما أن يعمد الإمام الجائز الأمر والطاعة إلى قطعة من الأرض
يفرزها عما يجاورها، ويهبها ممن يرى، ليعمرها وينتفع بها، إما أن يجعلها منازل يسكنها ويسكنها من يشاء، وإما أن يجعلها مزدرعا ينتفع بما يحصل من غلّتها، ولا خراج عليه فيها، وربما جعل على مزدرعها خراج، وهذه حال قطائع المنصور وولده بعده ببغداد في محالّها، فمن ذلك قطيعة الربيع، وقطيعة أمّ جعفر، وقطيعة فلان، وقد ذكرت في مواضعها من الكتاب. وأما القطيعة الأخرى، فهي أن يقطع السلطان من يشاء من قوّاده وغيرهم، القرى والنواحي، ويقطع عليهم عنها شيئا معلوما يؤدّونه في كل عام، قلّ أو كثر، توفّر محصولها أو نزر، لا مدخل للسلطان معه في أكثر من ذلك.
الباب الرابع في أقوال الفقهاء في أحكام أراضي الفيء والغنيمة وكيف قسمة ذلك
قال مسلمة بن محارب: حدّثني قحذم قال: جهد زياد في سلطانه، أن يخلّص الصّلح من العنوة، فما قدر، مع قرب العهد ووجود من حضر الفتوح، فأما الحكم في ذلك، فهو أن تخمّس الغنيمة، ثم تقسم أربعة الأخماس بين الذين افتتحوها، وقال بعضهم: ذلك إلى الإمام، إن رأى أن يجعلها غنيمة فيخمّسها ويقسم الباقي كما فعله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بخيبر فذلك إليه، وإن رأى أن يجعلها فيئا، فلا يخمسها ولا يقسمها، بل تكون مقسومة على المسلمين كافّة، كما فعل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بمشورة عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، ومعاذ بن جبل، وأعيان الصحابة، بأرض السواد، وأرض مصر، وغيرهما مما فتحه عنوة. أخذ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقوله تعالى: «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ من شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ» 8: 41، وبذلك أشار الزبير في مصر، وبلال في الشام، وهو مذهب مالك بن أنس، فالغنيمة، على رأيهم، لأهلها دون الناس. واعتمد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وعليّ بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، رضي الله عنهما، في قوله عز وجل: «ما أَفاءَ الله عَلى رَسُولِهِ من أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ» 59: 7، إلى قوله تعالى: «لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا من دِيارِهِمْ 59: 8 ... وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ من قَبْلِهِمْ 59: 9 ... وَالَّذِينَ جاؤُ من بَعْدِهِمْ» 59: 10 وبذا أخذ سفيان الثوري. فإن قسّم الأرض بين من غلب عليها، كما فعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بأراضي خيبر، صارت عشريّة وأهلها رقيقا، فإن لم يقسمها وتركها للمسلمين كافّة، فعلى رقاب أهلها الجزية، وقد عتقوا بها، وعلى الأرض الخراج، وهي لأهلها، وهو قول أبي حنيفة، رضي الله عنه، وإذا أسلم الرجل من أهل العنوة وأقرّت أرضه في يده يعمرها، فــيؤدّي الخراج عنها، ولا اختلاف في ذلك لقوم، بل يكون الخراج عليه، ويزكي بقية ما تخرجه الأرض، بعد إخراج الخراج، إذا بلغ الحبّ خمسة أوسق. وروي عن عليّ، رضي الله عنه، أنه قال: لا يؤخذ من أرض الخراج إلا الخراج وحده، يقول: لا يجمع على المسلم الخراج والزكاة جميعا، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. وقال: أبو يوسف وشريك بن عبد الله في آخرين: إذا استأجر المسلم أرضا خراجيّة، فعلى صاحب الأرض الخراج، وعلى المسلم أن يزكي أرضه إذا بلغ ما يخرج منها خمسة أوسق، وكان
الحسن رأى الخراج على ربّ الأرض، ولم ير على المستأجر شيئا. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف:
أجرة من يقسم غلّة العشر والخراج، من أصل الكيل. وكان سفيان يرى أن أجور الخراج على السلطان وأجور العشر على أهل الأرض. وقال مالك بن أنس: أجور العشر على صاحب الأرض وأجور الخراج على الوسط. وقال مالك وأبو حنيفة وعامّة الفقهاء: إذا عطّل رجل من أهل العنوة أرضه أمر بزراعتها وأداء خراجها، فإن لم يفعل أمر أن يدفعها إلى غيره، وأما أرض العشر فلا يقال له فيها شيء إن زرعت أخذت منه الصدقة وإن أبى فهو أعلم. وقالوا: إذا بني في أرض العشر بناء من حوانيت وغيرها، فلا شيء عليه، وإن جعلها بستانا لزمه الخراج. وقال مالك بن أنس وابن أبي ذؤيب وأبو عمرو الأوزاعي: إذا أصابت الغلّات آفة، سقط الخراج عن صاحبها، وإذا كانت أرض من أراضي الخراج لعبد أو مكاتب أو امرأة، فإن أبا حنيفة قال: عليها الخراج فقط. وقال سفيان وابن أبي ذؤيب ومالك: عليها الخراج وفيما بقي من الغلّة العشر. وقال أبو يوسف في أرض موات من أرض العنوة، يحييها المسلم، إنها له، وهي أرض خراج إن كانت تشرب من ماء الخراج، وإن استنبط لها عينا، أو سقاها ماء السماء، فهي أرض عشر. وقال بشر: هي أرض عشر شربت من ماء الخراج أو غيره. وقال أبو يوسف: إن كان للبلاد سنّة أعجمية قديمة لم يغيّرها الإسلام ولم يبطلها، ثم شكاها قوم إلى الإمام، وسألوه إزالة معرّتها، فليس له أن يغيرها. وقال مالك والشافعي:
يغيّرها وإن قدمت، لأن عليه إزالة كل سنّة جائزة سنّها أحد من المسلمين، فضلا عمّا سنّ أهل الكفر. فهذا كاف في حكم أراضي الخراج.

علم الحكمة

علم الحكمة
هو علم يبحث فيه عن حقائق الأشياء على ما هي عليه في نفس الأمر بقدر الطاقة البشرية وموضوعه الأشياء الموجودة في الأعيان والأذهان.
وعرفه بعض المحققين بأحوال أعيان الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر بقدر الطاقة البشرية عني بذل جهده الإنساني بتمامه في أن يكون بحثه مطابقا لنفس الأمر فدخلت في التعريف المسائل المخالفة لنفس الأمر المبذولة الجهد بتمامه في تطبيقها على نفس الأمر
فيكون موضوعه الأعيان الموجودة وفوائد قيود هذه الحدود مذكورة في كشاف اصطلاحات الفنون بما لها وعليها.
وغايته هي التشريف بالكمالات في العاجل والفوز بالسعادة الأخروية في الآجل.
وتلك الأعيان إما الأفعال والأعمال التي وجودها بقدرتنا اختيارنا أولا فالعلم بأحوال الأول من حيث يؤدي إلى إصلاح المعاش والمعاد يسمى حكمة عملية لأن غايتها ابتداء الأعمال التي لقدرتنا مدخل فيها فنسبت إلى الغاية الابتدائية.
والعلم بأحوال الثاني يسمى حكمة نظرية لأن المقصود منها حصل بالنظر وهو الإدراكات التصورية والتصديقية المتعلقة بالأمور التي لا مدخل لقدرتنا واختيارنا فيها ولا يرد أن الحكمة العملية أيضا منسوبة إلى النظر لأن النظر ليس غايتها ولأن وجه التسمية لا يلزم اطراده وذكر الحركة والسكون والمكان في الحكمة الطبيعية بناء على كونها من أحوال الجسم الطبيعي الذي ليس وجوده بقدرتنا وإن كانت تلك مقدورة لنا.
وكل منهما ثلاثة أقسام:
أما العلمية فلأنها أمام علم بمصالح شخص بانفراده ويسمى تهذيب الأخلاق وقد ذكر في علم الأخلاق ويسمى الحكمة الخلقية وفائدتها تنقيح الطبائع بأن تعلم الفضائل وكيفية اقتنائها لتزكي بها النفس وإن تعلم الرذائل وكيفية توقيها لتطهر عنها النفس.
وأما علم بمصالح جماعة متشاركة في المنزل كالوالد والولد والمالك والمملولك ونحو ذلك ويسمى تدبير المنزل والحكمة المنزلية وقد سبق في التاء. وأما علم بمصالح جماعة متشاركة في المدينة ويسمى: السياسة المدنية وسيأتي في السين.
وفائدتها: أن تعلم كيفية المشاركة التي بين أشخاص الناس ليتعاونوا على مصالح الأبدان ومصالح بقاء نوع الإنسان كما أن فائدة تدبير المنزل أن تعلم المشاركة التي ينبغي أن تكون بين أهل منزل واحد لتنتظم بها المصلحة المنزلية التي تهم بين زوج وزوجة ومالك ومملوك ووالد ومولود وفائدة هذه الحكمة عامة شاملة لجميع أقسام الحكمة العملية ثم مبادئ هذه الثلاثة من جهة الشريعة وبها تتبين كمالات حدودها أي بعض هذه الأمور معلومة من صاحب الشرع على ما يدل عليه تقسيمهم الحكمة المدنية إلى ما يتعلق بالسلك والسلطنة إذ ليس العلم بهما من عند صاحب الشرع كذا ذكر السيد السند في حواشي شرح حكمة العين.
وأما النظرية فلأنها إما علم بأحوال مالا يفتقر في الوجود الخارجي والتعقل إلى المادة كالإله وهو العلم الإلهي وقد سبق في الألف.
وأما علم بأحوال ما يفتقر إليها في الوجود الخارجي دون التعقل كالكرة وهو العلم الأوسط يسمى بالرياضي والتعليمي وسيأتي في الراء.
وأما علم بأحوال ما يفتقر إليها في الوجود الخارجي والعقل كالإنسان وهو العلم الأدنى ويسمى بالطبيعي وسيأتي في الطاء.
وجعل بعضهم ما لا يفتقر إلى المادة أصلا قسمين ما لا يقارنها مطلقا كالإله والعقول وما يقارنها لكن لا على وجه الافتقار كالوحدة والكثرة وسائر الأمور العامة فيسمى العلم بأحوال الأول: علما إلهيا والعلم بأحوال الثاني: علما كليا وفلسفة أولى.
واختلفوا في أن المنطق من الحكمة أم لا؟ فمن فسرها بما يخرج النفس إلى كمالها الممكن في جانبي العلم والعمل جعله منها بل جعل العمل أيضا منها وكذا من ترك الأعيان من تعريفها جعله من أقسام الحكمة النظرية إذ لا يبحث فيه إلا عن المعقولات الثانية التي ليس وجودها بقدرتنا واختيارنا.
وأما من فسرها بأحوال الأعيان الموجودة وهو المشهور بينهم فلم يعده منها لأن موضوعه ليس من أعيان الموجودات والأمور العامة ليست بموضوعات بل محمولات تثبت بالأعيان فتدخل في التعريف.
ومن الناس من جعل الحكمة اسما لاستكمال النفس الإنسانية في قوتها النظرية أي: خروجها من القوة إلى الفعل في الإدراكات التصورية والتصديقية بحسب الطاقة البشرية.
ومنهم من جعلها اسما لاستكمال القوة النظرية بالإدراكات المذكورة واستكمال القوة العملية باكتساب الملكة التامة على الأقوال الفاضلة المتوسطة بين طرفي الإفراط والتفريط وكلام الشيخ في عيون الحكمة يشعر بالقول الأول وهو جعل الحكمة اسما للكمالات المعتبرة في القوة النظيرة فقط وذلك لأنه فسر الحكمة باستكمال النفس الإنسانية بالتصورات والتصديقات سواء كانت في الأشياء النظرية أو في الأشياء العملية فهي مفسرة عنده باكتساب هذه الإدراكات.
وأما اكتساب الملكة التامة على الأفعال الفاضلة فما جعلها جزء منها بل جعلها غاية للحكمة العملية.
وأما حكمة الإشراق فهي من العلوم الفلسفية بمنزلة التصوف من العلوم الإسلامية كما إن الحكمة الطبيعية والإلهية منها بمنزلة الكلام منها وبيان ذلك أن السعادة العظمى والمرتبة العليا للنفس الناطقة هي معرفة الصانع بما له من صفات الكمال والتنزه عن النقصان بما صدر عنه من الآثار والأفعال في النشأة الأولى والآخرة.
والجملة معرفة المبدأ والمعاد والطريق إلى هذه المعرفة من وجهين:
أحدهما: طريقة أهل النظر والاستدلال.
وثانيهما: طريقة أهل الرياضة والمجاهدات. والسالكون للطريقة الأولى إن التزموا ملة من ملل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فهم المتكلمون إلا فهم الحكماء المشاؤون والسالكون إلى الطريقة الثانية إن وافقوا في رياضتهم أحكام الشرع فهم الصوفية وإلا فهم الحكماء الإشراقيون فلكل طريقة طائفتان.
وحاصل الطريقة الأولى: الاستكمال بالقوة النظرية والترقي في مراتبها الأربعة - أعني مرتبة العقل الهيولاني والعقل بالفعل والعقل بالملكة والعقل المستفاد - والأخيرة هي الغاية القصوى لكونها عبارة عن مشاهدة النظريات التي أدركتها النفس بحيث لا يغيب عنها شيء ولهذا قيل لا يوجد المستفاد لأحد في هذه الدار بل في دار القرار اللهم إلا لبعض المتجردين عن علائق البدن والمنخرطين في سلك المجردات.
وحاصل الطريقة الثانية: الاستكمال بالقوة العملية والترقي في درجاتها التي أولها: تهذيب الظاهر باستعمال الشرائع والنواميس الإلهية.
وثانيها: تهذيب الباطن عن الأخلاق الذميمة
وثالثها: تحلي النفس بالصور القدسية الخالصة عن شوائب الشكوك والأوهام.
ورابعها: ملاحظة جمال الله - سبحانه وتعالى - وجلاله وقصر النظر على كماله والدرجة الثالثة من هذه القوة وإن شاركتها المرتبة الرابعة من القوة النظرية فإنها تفيض على النفس منها صور المعلومات على سبيل المشاهدة كما في العقل المستفاد إلا أنها تفارقها من وجهين:
أحدهما: إن الحاصل المستفاد لا يخلو عن الشبهات الوهمية لأن الوهم له استيلاء في طريق المباحثة بخلاف تلك الصور القدسية فإن القوى الحسية قد تسخرت هناك للقوة العقلية فلا تنازعها فيما تحكم به
وثانيهما: إن الفائض على النفس في الدرجة الثالثة قد تكون صورا كثيرة استعدت النفس بصفائها عن الكدورات وصقالتها عن أوساخ التعلقات لأن تفيض تلك الصور عليها كرات صقلت وحوذي بها ما فيه صور كثيرة فإنه يتراءى فيها ما تسع هي من تلك الصور والفائض عليها في العقل المستفاد هو العلوم التي تناسب تلك المبادئ التي رتبت معا للتأدي إلى مجهول كمرآة صقل شيء يسير منها فلا يرتسم فيها إلا شيء قليل من الأشياء المحاذية لها. ذكره ابن خلدون في المقدمة.
وأما العلوم العقلية التي هي طبيعة للإنسان من حيث أنه ذو فكر فهي غير مختصة بملة بل يوجد النظر فيها لأهل الملل كلهم ويستوون في مداركها ومباحثها وهي موجودة في النوع الإنساني مذ كان عمران الخليقة وتسمى هذه العلوم: علوم الفلسفة والحكمة.
وهي سبعة: المنطق وهو المقدم.
وبعده التعاليم فالأرثماطيقي أولا ثم الهندسة ثم الهيئة ثم الموسيقى ثم الطبيعيات ثم الإلهيات ولكل واحد منها فروع تتفرع عنه. واعلم أن أكثر من عني بها في الأجيال الأمتان العظيمتان فارس والروم فكانت أسواق العلوم نافقة لديهم لما كان العمران موفورا فيهم والدولة والسلطان قبل الإسلام لهم وكان للكلدانيين ومن قبلهم من السريانيين والقبط عناية بالسحر والنجامة وما يتبعهما من التأثيرات والطلسمات. وأخذ عنهم الأمم من فارس ويونان ثم تتابعت الملل بحظر ذلك وتحريمه فدرست علومه إلا بقايا تناقلها المنتحلون.
وأما الفرس فكان شأن هذه العلوم العقلية عندهم عظيما ولقد يقال: إن هذه العلوم إنما وصلت إلى يونان منهم حين قتل إسكندر دارا وغلب على مملكته واستولى على كتبهم وعلومهم إلا أن المسلمين لما افتتحوا بلاد فارس وأصابوا من كتبهم كتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب يستأذن في شأنها وتنقيلها للمسلمين.
فكتب إليه عمر رضي الله عنه: أن اطرحوها في الماء فإن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله تعالى بأهدى منه وإن يكن ضلالا فقد كفانا الله تعالى فطرحوها في الماء أو في النار فذهبت علوم الفرس فيها.
وأما الروم: فكانت الدولة فيهم ليونان أولا وكان لهذه العلوم شأن عظيم وحملها مشاهير من رجالهم مثل أساطين الحكمة واختص فيها المشاؤون منهم أصحاب الذوق واتصل سند تعليمهم على ما يزعمون من لدن لقمان الحكيم في تلميذه إلى سقراط ثم إلى تلميذه أفلاطون ثم إلى تلميذه أرسطو ثم إلى تلميذه إسكندر الأفرودوسي وكان أرسطو أرسخهم في هذه العلوم ولذلك يسمى: المعلم الأول
ولما انقرض أمر اليونانيين وصار الأمر للقياصرة وتنصروا هجروا تلك العلوم كما تقتضيه الملل والشرائع وبقيت من صحفها ودواوينها مجلدات في خزائنهم.
ثم جاء الإسلام وظهر أهله عليهم وكان ابتداء أمرهم بالغفلة عن الصنائع حتى إذا اتضح السلطان والدولة وأخذوا من الحضارة تشوقوا إلى الاطلاع على هذه العلوم الحكمية بما سمعوا من الأساقفة وبما تسمو إليه أفكار الإنسان فيها فبعث أبو جعفر المنصور إلى ملك الروم: أن يبعث إليه بكتب التعاليم مترجمة فبعث إليه بكتاب إقليدس وبعض كتب الطبيعيات وقرأها المسلمون واطلعوا على ما فيها وازدادوا حرصا على الظفر بما بقي منها
وجاء المأمون من بعد ذلك وكانت له في العلم رغبة فأوفد الرسل إلى ملك الروم في استخراج علوم اليونانيين وانتساخها بالخط العربي وبعث المترجمين لذلك فأخذ منها واستوعب وعكف عليها النظار من أهل الإسلام وحذقوا في فنونها وانتهت إلى الغاية أنظارهم فيها وخالفوا كثيرا من آراء المعلم الأول واختصوه بالرد والقبول ودونوا في ذلك الدواوين.
وكان من أكابرهم في الملة: أبو نصر الفارابي وأبو علي بن سينا في المشرق والقاضي أبو الوليد بن رشد والوزير أبو بكر بن الصانع بالأندلس بلغوا الغاية في هذه العلوم.
واقتصر كثير على انتحال التعاليم وما يضاف إليها من علوم النجامة والسحر والطلسمات ووقفت الشهرة على مسلمة بن أحمد المجريطي من أهل الأندلس ثم إن المغرب والأندلس لما ركدت ريح العمران بهما وتناقصت العلوم بتناقصه اضمحل ذلك منه إلا قليلا من رسومه وبلغنا عن أهل المشرق: أن بضائع هذه العلوم لم تزل عندهم موفورة وخصوصا في عراق العجم وما وراء النهر لتوفر عمرانهم واستحكام الحضارة فيهم وكذلك يبلغنا لهذا العهد أن هذه العلوم الفلسفية ببلاد الفرنجة وما يليها من العدوة الشمالية نافقة الأسواق وإن رسومها هناك متجددة ومجالس تعليمها متعددة انتهى خلاصة ما ذكره ابن خلدون.
أقول: وكانت سوق الفلسفة والحكمة نافقة في الروم أيضا بعد الفتح الإسلامي إلى أواسط الدولة العثمانية وكان شرف الرجل في تلك الأعصار بمقدار تحصيله وإحاطته من العلوم العقلية والنقلية وكان في عصرهم فحول ممن جمع بين الحكمة والشريعة كالعلامة شمس الدين الفناري والفاضل قاضي زاده الرومي والعلامة خواجه زاده والعلامة علي القوشجي والفاضل ابن المؤيد وميرجلبي والعلامة ابن الكمال والفاضل ابن الحنائي وهو آخرهم.
ولما حل أوان الانحطاط ركدت ريح العلوم وتناقصت بسبب منع بعض المفتين عن تدريس الفلسفة وسوقه إلى درس الهداية والأكمل فاندرست العلوم بأسرها إلا قليلا من رسومه فكان المولى المذكور سببا لانقراض العلوم من الروم وذلك من جملة أمارة انحطاط الدولة كما ذكره ابن خلدون والحكم لله العلي العظيم.
ونقل في الفهرس: أنه كانت الحكمة في القديم ممنوعا منها إلا من كان من أهلها ومن علم أنه يتقبلها طبعا.
وكانت الفلاسفة تنظر في مواليد من يريد الحكمة والفلسفة فإن علمت منها أن صاحب المولد في مولده حصول ذلك استخدموه وناولوه الحكمة وإلا فلا.
وكانت الفلسفة ظاهرة في اليونانيين والروم قبل شريعة المسيح عليه السلام فلما تنصرت الروم منعوا منها وأحرقوا بعضها وخزنوا البعض إذ كانت بضد الشرائع.
ثم إن الروم عادت إلى مذهب الفلاسفة وكان السبب في ذلك أن جوليانوس بن قسطنطين وزر له تامسطيوس مفسر كتب أرسطاطاليس.
ثم قتل جوليانوس في حرب الفرس ثم عادت النصرانية إلى حالها وعاد المنع أيضا وكانت الفرس نقلت في القديم شيئا من كتب المنطق والطب إلى اللغة الفارسية فنقل ذلك إلى العربي عبد الله بن المقفع وغيره وكان خالد بن يزيد بن معاوية يسمى: حكيم آل مروان فاضلا في نفسه له همة ومحبة للعلوم خطر بباله الصنعة فأحضر جماعة من الفلاسفة فأمرهم بنقل الكتب في الصنعة من اليوناني إلى العربي وهذا أول نقل كان في الإسلام.
ثم إن المأمون رأى في منامه رجلا حسن الشمائل فقال: من أنت؟ فقال: أرسطاطاليس فسأل عن الحسن فقال: ما حسن في العقل ثم ماذا؟ فقال: فما حسن في الشرع فكان هذا المنام من أوكد الأسباب في إخراج الكتب وكان بينه وبين ملك الروم مراسلات وقد استظهر عليه المأمون فكتب إليه يسأله إنفاد ما يختار من الكتب القديمة المخزونة بالروم فأجاب إلى ذلك بعد امتناع فأخرج المأمون لذلك جماعة منهم: الحجاج بن مطر وابن البطريق وسلما صاحب بيت الحكمة فأخذوا ما اختاروا وحملوا إليه فأمرهم بنقله فنقل.
وكان يوحنا بن مأسويه ممن ينفد إلى الروم وكان محمد وأحمد والحسن بنو شاكر المنجم ممن عني بإخراج الكتب وكان قسطا بن لوقا البعلبكي قد حمل معه شيئا فنقل له.
وأول من تكلم في الفلسفة على زعم فرفوريوس الصوري في تاريخه السرياني سبعة أولهم: ثاليس. قال آخرون: قوتاغورس وهو أول من سمى الفلسفة بهذا الاسم وله رسائل تعرف بالذهبيات لأن جالينوس كان يكتبها بالذهب.
ثم تكلم على الفلسفة سقراط من مدينة أيتنه بلد الحكمة.
ومن أصحاب سقراط أفلاطون كان من أشراف يونان وكان في قديم أمره يميل إلى الشعر فأخذ منه بحظ عظيم ثم حضر مجلس سقراط فرآه يسب الشعراء فتركه ثم انتقل إلى قول فيثاغورس في الأشياء المعقولة وعنه أخذ أرسطاطاليس وألف كتبا وترتيب كتبه هكذا: المنطقيات الطبيعيات الإلهيات الخلقيات.
أما المنطقية فهي ثمان كتب قاطيغورياس معناه: المقالات نقله حنين وفسره فرفوريوس والفارابي.
ياريمنياس: معناه العبارة نقله حنين إلى السريانية وإسحاق إلى العربي وفسره الكندي.
أنالوطيقا معناه: تحليل القياس نقله تيودورس إلى العربي وفسره الكندي.
أنورطيقا ومعناه: البرهان نقله إسحاق إلى السرياني ونقل متى نقل إسحاق إلى العربي وشرحه الفارابي.
طوبيقا ومعناه: الجدل نقله إسحاق إلى السرياني ونقل يحيى هذا النقل إلى العربي وفسره الفارابي.
سوفسطيقا ومعناه: المغالطة والحكمة المموهة نقله ابن ناعمة إلى السرياني ونقله يحيى بن عدي إلى العربي من السرياني وفسره الكندي.
ريطوريقا معناه: الخطابة قيل: إن إسحاق نقله إلى العربية وفسره الفارابي.
أنوطيقا معناه: الشعر نقله متى من السرياني إلى العربي.
وأما الطبيعيات والإلهيات ففيهما كتاب السماع الطبيعي بتفسير الإسكندر وهو ثمان مقالات فوجد تفسير مقالة بجماعة.
وكتاب السماء والعالم وهو أربع مقالات نقله متى وشرح الأفرودات.
وكتاب الكون والفساد نقله حنين إلى السرياني وإسحاق إلى العربي.
وكتاب الأخلاق فسره فرفوريوس.
أسماء النقلة اصطفن القديم نقل لخالد بن يزيد كتب الصنعة وغيرها.
والبطريق كان في أيام المنصور ونقل أشياء بأمره.
وابن يحيى الحجاج بن مطر وهو الذي نقل المجسطي وإقليدس للمأمون.
وابن ناعمة عبد المسيح الحمصي وسلام الأبرش من النقلة القدماء في أيام البرامكة.
وحسين بن بهريق فسر المأمون عدة كتب وهلال بن أبي هلال الحمصي وابن آوى وأبو نوح بن الصلت وابن رابطة وعيسى بن نوح وقسطا بن لوقا البعلبكي جيد النقل وحنين وإسحاق وثابت وإبراهيم بن الصلت ويحيى بن عدي وابن المقفع نقل من الفارسية إلى العربية وكذا موسى ويوسف ابنا خالد والحسن ابن سهل والبلاذري وكنكه الهندي نقل من الهندية إلى العربية وابن وحشية نقل من النبطية إلى العربية.
وذكر الشهرستاني في الملل والنحل: إن فلاسفة الإسلام الذين فسروا ونقلوا كتبها من اليونانية إلى العربية وأكثرهم على رأي أرسطو منهم: حنين وأبو الفرج وأبو سليمان السنجري ويحيى النحوي ويعقوب بن إسحاق الكندي وأبو سليمان محمد ابن بكير المقدسي وثابت بن قرة الحراني وأبوتمام يوسف بن محمد النيسابوري وأبو زيد أحمد بن سهل البلخي وأبو الحارث حسن بن سهل القمي وأبو حامد بن محمد الإسفرائني وأبو زكريا يحيى الصيمري وأبو نصر الفارابي وطلحة النسفي وأبو الحسن العامري وابن سينا.
وفي حاشية المطالع لمولانا لطفي أن المأمون جمع مترجمي مملكته كحنين بن إسحاق وثابت بن قرة وترجموها بتراجم متخالفة مخلوطة غير ملخصة ومحررة لا توافق ترجمة أحدهم للآخر فبقيت تلك التراجم هكذا غير محررة بل أشرف إن عفت رسومها إلى زمن الحكيم الفارابي.
ثم إنه التمس منه ملك زمانه مصور بن نوح الساماني أن يجمع تلك التراجم ويجعل من بينها ترجمة ملخصة محررة مهذبة مطابقة لما عليه الحكمة فأجاب الفارابي وفعل كما أراد وسمى كتابه بالتعليم الثاني فلذلك لقب: بالمعلم الثاني.
وكان هذا في خزانة المنصور إلى زمان السلطان مسعود من أحفاد منصور كما هو مسودا بخط الفارابي غير مخرج إلى البياض إذ الفارابي غير ملتفت إلى جمع تصانيفه وكان الغالب عليه السياحة على زي القلندرية وكانت تلك الخزانة بأصفهان وتسمى: صوان الحكمة.
وكان الشيخ أبو علي بن سينا وزير المسعود وتقرب إليه بسبب الطب حتى استورده وسلم إليه خزانة الكتب فأخذ الشيخ الحكمة من هذه الكتب ووجد فيما بينها التعليم الثاني ولخص منه كتاب الشفاء.
ثم إن الخزانة أصابها آفة فاحترقت تلك الكتب فاتهم أبو علي بأنه أخذ من تلك الخزانة الحكمة ومصنفاته ثم أحرقها لئلا ينتشر بين الناس ولا يطلع عليه فإنه بهتان وإفك لأن الشيخ مقر لأخذه الحكمة من تلك الخزانة كما صرح في بعض رسائله.
وأيضا يفهم في كثير من مواضع الشفاء أنه تلخيص التعليم الثاني انتهى إلى هنا خلاصة ما ذكروه في أحوال العلوم العقلية وكتبها ونقلها إلى العربية والتفصيل في تاريخ الحكماء.
ثم إن الإسلاميين لما رأوا في العلوم الحكمية ما يخالف الشرع الشريف صنفوا فنا للعقائد واشتهر بعلم الكلام
لكن المتأخرين من المحققين أخذوا من الفلسفة ما لا يخالف الشرع وخلطوا به الكلام لشدة الاحتياج إليه كما قال العلامة سعد الدين في شرح المقاصد فصار كلامهم حكمة إسلامية ولم يبالوا برد المتعصبين وإنكارهم على خلطهم لأن المرء مجبول على عداوة ما جهله
لكنهم لما لم يكن أخذهم وخلطهم على طريق النقل والاستفادة بل على سبيل الرد والاعتراض والنقص والإبرام في كثير من الأمور الطبيعية والفلكية والعنصرية. قام أشخاص من الإسلاميين كالنصير وابن رشد ومن غير الإسلاميين وانتصبوا في ردهم وتزييفهم فصار فن الكلام كالحكمة في النقض وتزييف الدلائل كما قال الفاضل القاضي مير حسين الميبذي في آخر رسالته المعرفة بجام كيتي نما: فاللائق بحال الطالب أن ينظر في كلام الفريقيين وكلام أهل المتصوف ويستفيد من كل منهما ولا ينكر إذ الإنكار سبب البعد عن الشيء كما قال الشيخ في آخر الإشارات.
وأما الكتب المصنفة في الحكمة الطبيعية والإلهية والرياضية فأكثرها ليس بإسلامي بل يوناني ولاتيني، لأن معظم الكتب بقي في بلادهم ولم ينقل إلى العربي إلا الشاذ النادر وما نقل لم يبق على أصل معناه لكثرة التحريفات في خلال التراجم كما هو أمر مقرر في نقل الكتب من لسان إلى لسان.
وقد اختبرنا وحققنا ذلك حين الاشتغال بنقل كتاب أطلس وغيره من لغة لاتن إلى اللغة التركية فوجدناه كذلك ولم نر أعظم كتابا من الشفا في هذا الفن مع أنه شيء يسير بالنسبة إلى ما صنف أهل أقاديميا التي في بلاد أورفا ثم إن بعض المحققين أخذ طرفا من كتب الشيخ كالشفا والنجاة والإشارات وعيون الحكمة وغيرها وجعل مقدمة ومدخلا للعلوم العقلية كالهداية لأثير الدين الأبهري وعين القواعد للكابر القزويني فصار قصارى همم أهل زماننا الاكتفاء بشيء من قراءة الهداية ولو تجرد بعض المشتغلين وسعى إلى مذاكرة حكمة العين لكان ذلك أقصى الغاية فيما بينهم وقليل ما هم. انتهى ما في كشف الظنون.

علم آفات العجب

علم آفات العجب
وهو أن يرى في نفسه فضيلة تحصل بها للنفس هزة وفرح ولا يشترط فيه روية الغير بل لو لم يوجد أحد غيره يمكن أن يحصل له العجب بخلاف الكبر: فإنه رؤية النفس أنها أفضل من غيرها.
وآفاته كثيرة: لأنه قد يؤدي إلى الكبر وستأتي آفاته.
ومن آفاته: أنه ينسى ذنوبه ويظن أنه استغنى عن تفقدها ويستصغرها ولا يتداركها وربما يظن أنها تغفر له. ومنها: أنه يستعظم عباداته ويمتن بها على الله - سبحانه وتعالى - ويغتر بنفسه وربه ويأمن مكر الله ويظن أنه عند الله بمكان ويخرجه العجب إلى أن يحمد نفسه ويثني عليها ويزكيها برأيه وإن كان خطأ ويستنكف عن سؤال من هو أعلم منه.
وعلاجه: المعرفة بأن جميع ما له من الكمال إنما هو نعمة من الله وفضل من غير سابقة تدبير وتصرف من نفسه فإذا عرف ذلك حق المعرفة وعرف أنه ليس له من نفسه كمالا ينقطع عرق العجب الذي ينشأ من الجهل.

علم آداب السماع والوجد

علم آداب السماع والوجد.
حرمه الإمام أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم من المشائخ المعتد بهم في أمور الدين والآثار فيه كثيرة.
ومن الصوفية من أباحه ولا بأس به فقد دلت السنة الصحيحة على ذلك بشرط أن لا يؤدي إلى المنكر في الشرع وقد حقق المقام الإمام الهمام شيخنا العلامة المجتهد محمد بن علي الشوكاني في كتابه نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار وهو المعتمد.
وأما الصوفية فقالوا: إن له مراتب سماع صوت طيب وهو: إما موزون أو غيره.
ثم الموزون إما مفهوم أو غيره فهذه درجات.
والصوت الطيب لا حرمة فيه بل هو حلال كصوت البلابل ونغمة العنادل ولا يتفاوت ذلك بصدوره عن حيوان أو عن حنجر إنسان.
والموزون من حيث أنه موزون غير محرم إذ قد أنشد الشعر بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يكون الحرمة فيه إلا بحسب مفهومه.
وإن كان محرما فيحرم سواء كان موزونا أو غير موزون وإلا فلا يحرم ولذا ورد الشعر كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح.
وإذا عرفت كون الشعر الحسن مباحا فاعلم أن الكلام الموزون والصوت الطيب يحرك القلب سرورا وانقباضا ونشاطا وغما وذلك مركوز في طبع الإنسان حتى الصبيان في المهد بل في طبع الحيوان أيضا كما يحكى من ميل الجمال إلى الأصوات الطيبة والحداء وإذا كان كذلك لم يجز أن يحكم مطلقا بإباحته وحرمته بل يختلف ذلك باختلاف وأحوال القلب.
قال أبو سليمان: السماع لا يجعل في القلب ما ليس فيه بل يحرك ما هو فيه وذكر في مدينة العلوم سبعة مواضع للغناء ليس ذكرها مرادا لنا في هذا الموضع.

علم الاحتساب

علم الاحتساب
وهو: علم باحث عن الأمور الجارية بين أهل البلد، من معاملاتهم اللاتي لا يتم التمدن بدونها، من حيث إجرائها على قانون العدل.
بحيث يتم التراضي بين المعاملين.
وعن سياسة العباد، بنهي المنكر، وأمر المعروف.
بحيث لا يؤدي إلى مشاجرات، وتفاخر بين العباد، بحسب ما رآه الخليفة من: الزجر والمنع.
ومباديه: بعضها فقهي، وبعضها أمور استحسانية، ناشئة من رأي الخليفة.
والغرض منه: تحصيل الملكة في تلك الأمور.
وفائدته: إجراء أمور المدن في المجاري على الوجه الأتم.
وهذا العلم: من أدق العلوم، ولا يدركه إلا من له فهم ثاقب، وحدس صائب، إذ الأشخاص، والأزمان، والأحوال: ليست على وتيرة واحدة، فلا بد لكل واحد من الأزمان والأحوال سياسة خاصة، وذلك من أصعب الأمور.
فلذلك لا يليق بمنصب الاحتساب، إلا من له قوة قدسية، مجردة عن الهوى، كعمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه -.
ولذلك كان علما في هذا الشأن.
كذا في: (موضوعات لطف الله).
وعرفه: المولى أبو الخير، بالنظر في أمور أهل المدينة، بإجراء ما رسم في الرياسة، وما تقرر في الشرع، ليلا ونهارا، سرا وجهارا.
ثم قال: وعلم الرياسة (السياسة) المدنية، مشتمل على: بعض لوازم هذا المنصب.
ولم نر كتابا صنف فيه خاصة.
وذكر في (الأحكام السلطانية) ما يكفي. انتهى ملخصا.
أقول: فيه كتاب (نصاب الاحتساب) خاصة ذكر فيه مؤلفه: أن الحسبة في الشريعة، تتناول كل مشروع يفعل لله تعالى، كالأذان، والإقامة، وأداء الشهادة، مع كثرة تعدادها.
ولذا قيل: القضاء باب من أبواب الحسبة.
وفي العرف مختص بأمور، فذكرها إلى تمام خمسين.
وفيه: كتب يأتي ذكرها في محالها.
علم الاحتساب
وهو النظر في أمور أهل المدينة بإجراء مراسم معتبرة في الرياسة الاصطلاحية ونهي ما يخالفها وتنفيذ ما تقرر في الشرع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والسلطان بالنسبة إلى الملك بمنزلة الرأس من البدن الذي هو منبع الرأي والتدبير.
والوزير بمنزلة اللسان المعبر عما في الضمير.
وأهل الاحتساب بمنزلة الأيدي والأقدام والمماليك والخدم ولن يتم أمر الملك إلا بهؤلاء الثلاث هذه عبارة قديمة العلوم.
وقال في كشف الظنون: هو علم باحث عن الأمور الجارية بين أهل البلد من معاملاتهم اللاتي لا يتم التمدن بدونها من حيث إجرائها على القانون العدل بحيث يتم التراضي بين المعاملين وعن سياسة العباد بنهي المنكر وأمر المعروف بحيث لا يؤدي إلى مشاجرات وتفاخر بين العباد بحسب ما رآه الخليفة من الزجر والمنع.
ومباديه: بعضها فقهي وبعضها أمور استحسانية ناشئة من رأي الخليفة.
والغرض من تحصيل الملكة في تلك الأمور.
وفائدته: إجراء أمور المدن في المجاري على الوجه الأتم وهذا من أدق العلوم ولا يدركه إلا من له فهم ثاقب وحدس صائب إذ الأشخاص والأزمان والأحوال ليست على وتيرة واحدة فلا بد لكل واحد من الأزمان والأحوال سياسة خاصة وذلك من أصعب الأمور فلذلك لا يليق بمنصب الاحتساب إلا من له قوة قدسية مجردة عن الهوى كعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان عالما في هذا الشأن كذا في موضوع لطف الله.
وعرفه أبو الخير بالنظر في أمور أهل المدينة بإجراء ما رسم في الرياسة وما تقرر في الشرع ليلا ونهارا سرا وجهارا ثم قال: وعلم السياسة المدنية مشتمل على بعض لوازم هذا المنصب ولم نر كتابا صنف فيه خاصة وذكر في الأحكام السلطانية ما يكفي. انتهى.
أقول فيه كتاب نصاب الاحتساب خاصة ذكر فيه مؤلفه أن الحسبة في الشريعة تتناول كل مشروع بفعل الله - سبحانه وتعالى - كالأذان والإقامة وأداء الشهادة مع كثرة تعدادها ولذا قيل: القضاء باب من أبواب الحسبة وفي العرف مختص بأمور فذكرها إلى تمام خمسين وفيه كتب ذكرت في محالها انتهى ما في الكشف.

الترجيح بين القراءات

الترجيح بين القراءات:
المفاضلة بين القراءات، وجمهور العلماء على جوازها، واختياراتهم في ذلك مشهورة، وأكثر اختياراتهم إنما هو في الحرف إذا اجتمع فيه ثلاثة أشياء: قوة وجهه في العربية وموافقته للمصحف واجتماع العامة عليه، ويشترط أن لا يؤدي الترجيح إلى إسقاط القراءة الأخرى أو إنكارها، إذا كان ذلك بين القراءات المتواترة. 

بُورًا

{بُورًا}
وسأل نافع عن قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} فقال ابن عباس: هَلْكى بلغة عُمَان، وهم من اليمن. واستشهد له بقول الشاعر:
فلا [تكفروا] ما قد صَنَعْنَا إليكمُ. . . وكافُوا به فالكُفرُ بورٌ لصانعِهْ
(تق)
= الكلمة من آية الفتح 12 في المخلفين من الأعراب:
{بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} ومعها آية الفرقان 18: {قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا} .
وفي القرآن من مادتها، الفعل مضارعاً مرتين في آيتى فاطر:
{وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} - 10
{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} - 29
والبوار في آية إبراهيم 28:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ}
الهلاك وما يشبهه من تعطل، أصل أول في المادة (المقاييس 1 / 316) .
والبوُر في كلام العرب: لا شيء، يقال: أصبحت أعمالهم بورا ودُورهم قبورا (الفراء) ، ومثله في الطبري، حكى أبو عبيدة: امرأة بور، والمثنى والجمع. وقيل يجوز أن يكون جمع بائر كحائل وحول (الطبري وأبو حيان) وفي معناها، أسند الفراء عن ابن عباس، قال: البور في لغة أزد عمان الفاسد {وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} قوماً فاسدين (معاني القرآن) ، آية الفتح.
وفي تأويل الطبري: هلكى قد غلب عليهم الشقاء والخذلان. . . ومنه: بارت السوق وبار الطعام إذا خلا من الطالب والمشتري فصار كالشيء الهالك. ورده "الراغب" كذلك إلى فرط الكساد، يؤدي إلى الفساد. فيُعبر بالبوار عن الهلاك. {وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا} ، اي هلكى، جمع بائر، وقيل هو مصدر يوصف به الواحد والجمع. وأنشد الشاهد من قول الشاعر:
يا رسولَ المليكِ إن لساني. . . راتقٌ ما فتقتُ إذ أنا بُورُ
وكل ما في مادة "بور" في القرآن الكريم، هو من الخُسر بالضلال والكفر، وإنه لأفدح الفساد والهلاك، منقولاً إليها من أصل معناها في البوار والكساد.

النول

(النول) جعل السَّفِينَة وأجرها والرسم الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى مصلحَة الْبَرِيد أُجْرَة لنقل الطرود وَنَحْوهَا (مو) والوادي السَّائِل والمنوال يحاك عَلَيْهِ الثَّوْب (ج) أنوال وَيُقَال مَا نولك وَلَا نولك أَن تفعل كَذَا لَا يَنْبَغِي لَك وَفِي الحَدِيث (مَا نول امْرِئ مُسلم أَن يَقُول غير الصَّوَاب) 

الْتزم

(الْتزم) الشَّيْء أَو الْأَمر أوجبه على نَفسه وَفُلَان للدولة تعهد أَن يُؤَدِّي قدرا من المَال لِقَاء استغلاله أَرضًا من أملاكها فَهُوَ مُلْتَزم (مو)

الْمفْسدَة

(الْمفْسدَة) الضَّرَر يُقَال هَذَا الْأَمر مفْسدَة لكذا فِيهِ فَسَاده وَمَا يُؤَدِّي إِلَى الْفساد من لَهو وَلعب وَنَحْوهمَا قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة
(إِن الشَّبَاب والفراغ وَالْجدّة ... مفْسدَة للمرء أَي مفْسدَة) (ج) مفاسد

الطعمة

(الطعمة) كل مَا يطعم والرزق والإتاوة وَالْخَرَاج وَالْغنيمَة وَوجه الْكسْب يُقَال هُوَ طيب الطعمة وعفيف الطعمة إِذا كَانَ نقي الْكسْب وَهُوَ خَبِيث الطعمة إِذا كَانَ غير نقي الْكسْب والدعوة إِلَى الطَّعَام وَأَن تدفع الضَّيْعَة إِلَى رجل ليديرها وَــيُؤَدِّي عشرهَا وَتَكون لَهُ مُدَّة حَيَاته فَإِذا مَاتَ ارتجعت من ورثته (ج) طعم

(الطعمة) الْجِهَة الَّتِي مِنْهَا يرتزق (ج) طعم

الرّيع

(الرّيع) فضل كل شَيْء كريع الْعَجِين والدقيق وَيُقَال لَيْسَ لَهُ ريع مرجوع وغلة و (فِي الاقتصاد السياسي) الْجُزْء الَّذِي يُؤَدِّيــه الْمُسْتَأْجر إِلَى الْمَالِك من غلَّة الأَرْض مُقَابل استغلال قواها الطبيعية الَّتِي لَا تقبل الْهَلَاك وريع الخصب الناتج من ميزة أَرض على أُخْرَى من جِهَة الخصب وريع الْموقع النَّاشِئ من صقع الأَرْض (مج) وَأول كل شَيْء وأفضله وَيُقَال هَذَا فِي ريع الشَّبَاب مقتبله وريع الضحا بياضه والمرتفع من الأَرْض وَالطَّرِيق

(الرّيع) الْمُرْتَفع من الأَرْض وَالطَّرِيق (ج) ريوع وأرياع ورياع
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.