[في الانكليزية] Word which is followed in a declension
[ في الفرنسية] Mot suivi dans une declinaison
قد سبق تحقيقه في لفظ التابع.
عطف: عَطَفَ يَعْطِفُ عَطْفاً: انصرفَ. ورجل عَطوف وعَطَّاف: يَحْمِي
المُنْهَزِمين. وعطَف عليه يَعْطِفُ عَطفاً: رجع عليه بما يكره أَو له بما
يريد. وتعطَّف عليه: وصَلَه وبرَّه. وتعطَّف على رَحِمه: رَقَّ لها.
والعاطِفةُ: الرَّحِم، صفة غالبة. ورجل عاطِف وعَطُوف: عائد بفضله حَسَنُ
الخُلُق. قال الليث: العطَّاف الرجل الحسَن الخُلُق العطوف على الناس بفضله؛
وقول مُزاحم العُقَيْلي أَنشده ابن الأَعرابي:
وجْدِي به وجْد المُضِلِّ قَلُوصَه
بنَخَلةَ، لم تَعْطِفْ عليه العواطِفُ
لم يفسر العواطف، وعندي أَنه يريد الأَقْدار العَواطِفَ على الإنسان بما
يُحِبُّ. وعَطَفْت عليه: أَشْفَقْت. يقال: ما يَثْنيني عليك عاطِفةٌ من
رَحِم ولا قَرابة. وتعطَّف عليه: أَشْفَقَ. وتعاطَفُوا أَي عطَف بعضهم
على بعض. واسْتَعطَفَه فعطَف. وعَطف الشيءَ يَعْطِفُه عَطْفاً وعُطُوفاً
فانعطَفَ وعطَّفه فتعطَّف: حَناه وأَمالَه، شدِّد للكثرة. ويقال: عطفْت
رأْس الخشَبة فانْعطفَ أَي حَنَيْتُه فانْحنى. وعطفْت أَي مِلْت.
والعَطائف: القِسِيُّ، واحدتها عَطِيفةٌ كما سَمَّوْها حَنِيّة. وجمعها
حَنيٌّ. وقوس عَطوفٌ ومُعطَّفةٌ: مَعْطوفةُ إحدى السِّيَتَين على
الأُخرى. والعطيفةُ والعِطافةُ: القوس؛ قال ذو الرمة في العَطائف:
وأَشْقَرَ بَلَّى وَشْيَه خَفَقانُه،
على البِيضِ في أَغمادِها والعَطائِفِ
يعني بُرْداً يُظَلَّل به، والبيضُ: السُّيوف، وقد عَطَفَها يَعْطِفُها.
وقوس عَطْفَى: مَعْطوفة؛ قال أُسامةُ الهذلي:
فَمَدَّ ذِراعَيْه وأَجْنَأَ صُلْبَه،
وفَرَّجَها عَطْفَى مَرِيرٌ مُلاكِمدُ
(* قوله «مرير إلخ» أنشده المؤلف في مادة لكد ممرّ وضبطناه وما بعده
هناك بالجر والصواب رفعهما.)
وكل ذلك لتَعَطُّفِها وانحِنائها، وقِسِيٌّ مُعطَّفة ولفاح مُعطَّفة،
وربما عَطَفُوا عِدَّة ذود على فصيل واحد فاحْتَلَبُوا أَلْبانهن على ذلك
ليَدْرِرْن. قال الجوهري: والقوس المعْطوفة هي هذه العربية.
ومُنْعَطَفُ الوادي: مُنْعَرَجُه ومُنْحَناه؛ وقول ساعدة بن جؤية:
من كلِّ مُعْنِقةٍ وكلِّ عِطافةٍ
مِنها، يُصَدِّقُها ثَوابٌ يَزْعَب
يعني بعِطافة هنا مُنْحَنًى، يصف صخرة طويلة فيها نحْل. وشاة عاطفة
بيِّنةُ العُطوف والعَطْف: تَثني عُنقها لغير علة. وفي حديث الزكاة: ليس فيها
عَطْفاء أَي مُلْتَوِيةُ القرن وهي نحو العَقْصاء. وظَبْية عاطِفٌ:
تَعْطِفُ عنقها إذا رَبَضَت، وكذلك الحاقِفُ من الظِّباء. وتعاطَف في مَشْيه:
تَثنَّى. يقال: فلان يتَعاطفُ في مِشْيته بمنزلة يتَهادى ويَتمايلُ من
الخُيلاء والتبَخْتُر.
والعَطَفُ: انثِناء الأَشْفار؛ عن كراع، والغين المعجمة أَعلى. وفي حديث
أُمّ مَعْبَد: وفي أَشفاره عَطَفٌ أَي طول كأَنه طال وانعطَف، وروي
الحديث أَيضاً بالغين المعجمة. وعطَف الناقةَ على الحُوار والبوّ: ظأَرَها.
وناقة عطوفٌ: عاطِفةٌ، والجمع عُطُفٌ. قال الأَزهري: ناقة عَطُوف إذا
عُطِفَت على بَوٍّ فرَئمَتْه. والعَطُوف: المُحِبَّة لزوجها. وامرأَة
عَطِيفٌ: هَيِّنة ليّنة ذَلول مِطْواع لا كِبر لها، وإذا قلت امرأَة عَطُوف، فهي
الحانيةُ على ولدها، وكذلك رجل عَطوف. ويقال: عَطَفَ فلان إلى ناحية كذا
يَعْطِفُ عَطْفاً إذا مال إليه وانعطف نحوه. وعَطف رأْسَ بعيره إليه إذا
عاجَه عَطْفاً. وعَطفَ اللّه تعالى بقلب السلطان على رَعِيّته إذا جعله
عاطفاً رَحِيماً. وعطَف الرجل وِساده إذا ثناه ليرْتَفِقَ عليه
ويَتّكِئ؛ قال لبيد:
ومَجُودٍ من صُباباتِ الكَرَى،
عاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ
والعَطُوفُ والعاطُوفُ وبعض يقول العأْطُوف: مِصْيَدةٌ فيها خشبة
مَعطوفة الرأْس، سميت بذلك لانعطاف خشبتها. والعَطْفةُ: خَرَزَة يُعَطِّفُ بها
النساء الرجالَ، وأَرى اللحياني حكى العِطْفة، بالكسر. والعِطْفُ:
المَنْكِب. قال الأَزهري: مَنكِب الرجل عِطْفه، وإبْطُه عِطْفُه. والعُطوف:
الآباطُ. وعِطْفا الرجل والدابة: جانباه عن يمين وشمال وشِقَّاه من لَدُنْ
رأْسه وَرِكه، والجمع أَعْطاف وعِطاف وعُطُوف. وعِطْفا كل شيء: جانباه.
وعطَف عليه أَي كَرَّ؛ وأَنشد الجوهري لأَبي وجزة:
العاطِفُون، تَحِينَ ما من عاطِفٍ،
والمُطْعِمُون، زَمان أََيْنَ المُطْعِمُ؟
قال ابن بري: ترتيب إنشاد هذا الشعر:
العاطفون، تَحِينَ ما من عاطِفٍ،
والمُنْعِمُون يداً، إذا ما أَنْعَمُوا
واللاَّحِقُون جِفانَهم قَمعَ الذُّرَى،
والمُطْعِمُون، زمان أَينَ المُطعِمُ؟
وثنَى عِطْفَه: أَعْرض. ومرَّ ثاني عِطْفِه أَي رَخيَّ البالِ. وفي
التنزيل: ثاني عِطْفِه ليُضِلَّ عن سبيل اللّه؛ قال الأَزهري: جاء في التفسير
أَن معناه لاوِياً عُنقَه، وهذا يوصف به المتكبِّر، فالمعنى ومِن الناس
من يُجادِل في اللّه بغير علم ثانياً عِطفَه أَي متكبراً، ونَصْبُ ثانيَ
عطفه على الحال، ومعناه التنوين كقوله تعالى: هَدْياً بالِغَ الكعْبةِ؛
أَي بالِغاً الكعبةَ؛ وقال أَبو سهم الهذلي يصف حِماراً:
يُعالِج بالعِطْفَينِ شَأْواً كأَنه
حَريقٌ، أُّشِيعَتْه الأَباءَةُ حاصِدُ
أَراد أُشِيعَ في الأَباءة فحذف الحرف وقلَب. وحاصِدٌ أَي يَحْصُِدُ
الأَباءة بإِحْراقه إياها. ومرَّ ينظُر في عِطفَيْه إذا مرَّ مُعجَباً.
والعِطافُ: الإزار. والعِطافُ: الرِّداء، والجمع عُطُفٌ وأَعْطِفة،
وكذلك المِعْطَفُ وهو مثل مئْزر وإزار وملِحَف ولِحاف ومِسْرَد وسِرادٍ،
وكذلك مِعْطف وعِطافٌ، وقيل: المَعاطِفُ الأَرْدِيةُ لا واحد لها، واعْتَطَفَ
بها وتعطَّف: ارْتدى. وسمي الرِّداء عِطافاً لوقُوعه على عِطْفَي
الرّجل، وهما ناحيتا عنقه. وفي الحديث: سُبحان مَن تعطَّف بالعِزِّ وقال به،
ومعناه سبحان من تَرَدَّى بالعز؛ والتعطُّف في حقِّ اللّه مَجازٌ يُراد به
الاتّصاف كأَنَّ العز شَمِله شُمولَ الرِّداء؛ هذا قول ابن الأَثير، ولا
يعجبني قوله كأَنّ العز شَمله شمولَ الرِّداء، واللّه تعالى يشمل كل شيء؛
وقال الأَزهري: المراد به عز اللّه وجَماله وجَلاله، والعرب تضع
الرِّداء موضع البَهْجة والحُسن وتَضَعُه موضع النَّعْمة والبهاء. والعُطوفُ:
الأَرْدِيةُ. وفي حديث الاستسقاء: حَوَّل رِداءه وجعل عِطافَه الأَيمنَ على
عاتقه الأَيسر؛ قال ابن الأَثير: إنما أَضاف العِطاف إلى الرِّداء لأنه
أَراد أَحد شِقّي العِطاف، فالهاء ضمير الرداء، ويجوز أَن يكون للرجل،
ويريد بالعِطافِ جانبَ ردائه الأَيمن؛ ومنه حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما:
خرج مُتَلَفِّعاً بعِطاف. وفي حديث عائشة: فناولتها عِطافاً كان عليَّ
فرأَت فيه تَصْلِيباً فقالت: نَحِّيه عنّي. والعِطاف: السيف لأَن العرب
تسميه رداء؛ قال:
ولا مالَ لي إلا عِطافٌ ومِدْرَعٌ،
لكم طَرَفٌ منه حَديدٌ، ولي طَرَفْ
الطَّرَفْ الأَوَّلُ: حَدُّه الذي يُضرب به، والطرَف الثاني: مَقْبِضُه؛
وقال آخر:
لا مالَ إلا العِطافُ، تُؤْزِرهُ
أُمُّ ثلاثين وابنةُ الجَبَلِ
لا يَرْتَقي النَّزُّ في ذَلاذِلِه،
ولا يُعَدِّي نَعْلَيْه مِنْ بَلَلِ
عُصْرَتُه نُطْفةٌ، تَضَمَّنَها
لِصْبٌ تَلَقَّى مَواقِعَ السَّبَلِ
أَو وَجْبةٌ مِن جَناةِ أَشْكَلةٍ،
إن لم يُرِعْها بالماء لم تُنَلِ
قال ثعلب: هذا وصَف صُعْلوكاً فقال لا مالَ له إلا العِطافُ، وهو السيف،
وأُم ثلاثين: كنانة فيها ثلاثون سهماً، وابنةُ الجبل: قَوسُ نَبْعةٍ في
جبل وهو أَصْلَبُ لعُودها ولا يناله نزٌّ لأَنه يأْوي الجبال، والعُصرة:
المَلْجأُ، والنُّطفة: الماء، واللِّصْب: شَقُّ الجبل، والوَجْبة:
الأَكْلة في اليوم، والأَشْكَلة: شجرة. واعْتَطَفَ الرِّداءَ والسيفَ والقوس؛
الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومَن يَعْتَطِفْه على مِئْزرِ،
فنِعْم الرِّداء على المئْزرِ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
لَبِسْتَ عليكَ عِطافَ الحَياء،
وجَلَّلَكَ المَجْدُ ثِنْيَ العَلاء
إنما عنى به رداء الحَياء أَو حُلَّته استِعارةً. ابن شميل: العِطاف
تَرَدِّيك بالثوب على مَنكِبيك كالذي يفعل الناس في الحرِّ، وقد تعطَّف
بردائه. والعِطافُ: الرِّداء والطَّيْلَسان؛ وكل ثوب تعَطَّفَه أَي تَردَّى
به، فهو عِطاف.
والعَطْفُ: عَطْفُ أَطراف الذَّيْل من الظِّهارة على البطانة.
والعَطَّاف: في صفة قِداح المَيْسِر، ويقال العَطوف، وهو الذي يَعْطِفُ
على القداح فيخرج فائزاً؛ قال الهذلي:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنيَ في جَمِّه،
خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفا
وقال القُتيبي في كتاب المَيْسِر: العَطوف القِدْح الذي لا غُرْم فيه
ولا غُنْم له، وهو واحد الأَغْفال الثلاثة في قِداح الميسر، سمي عَطُوفاً
لأنه في كل رِبابة يُضرب بها، قال: وقوله قِدحاً واحد في معنى جميع؛ ومنه
قَوله:
حتى تَخَضْخَض بالصُّفْنِ السَّبيخ، كما
خاضَ القِداحَ قَمِيرٌ طامِع خَصِلُ
السَّبِيخُ: ما نَسَل من ريش الطير التي ترد الماء، والقَمِيرُ:
المَقْمُور، والطامِعُ: الذي يطمع أَن يَعُود إليه ما قُمِر. ويقال: إنه ليس
يكون أَحد أَطمع من مَقْمُور، وخَصِلٌ: كثر خِصال قَمْرِه؛ وأَما قول ابن
مقبل:
وأَصْفَرَ عطَّافٍ إذا راحَ رَبُّه،
غدا ابْنا عِيانٍ بالشِّواء المُضَهَّبِ
فإنه أَراد بالعَطَّاف قِدْحاً يَعْطِف عن مآخِذِ القِداح وينفرد، وروي
عن المؤرّج أَنه قال في حَلْبة الخيل إذا سُوبق بينها، وفي أَساميها: هو
السابِقُ والمُصَلِّي والمُسَلِّي والمُجَلِّي والتالي والعاطِفُ
والحَظِيُّ والمؤَمَّلُّ واللَّطِيمُ والسِّكِّيتُ. قال أَبو عبيد: لا يُعرف
منها إلا السابق والمصلِّي ثم الثالث والرابع إلى العاشر، وآخرها السكِّيت
والفُِسْكل؛ قال الأَزهري: ولم أَجد الرواية ثابتة عن المؤرّج من جهة من
يوثق به، قال: فإن صحت الرواية عنه فهو ثقة.
والعِطْفة: شجرة يقال لها العَصْبةُ وقد ذكرت؛ قال الشاعر:
تَلَبَّسَ حُبُّها بدَمي ولَحْمِي،
تَلَبُّسَ عِطْفة بفُروع ضالِ
وقال مرة: العَطَف، بفتح العين والطاء، نبت يَتَلَوَّى على الشجر لا ورق
له ولا أَفنان، ترعاه البقر خاصة، وهو مُضِرّ بها، ويزعمون أَن بعض
عروقه يؤخذ ويُلْوى ويُرْقى ويُطْرَح على المرأَة الفارك فتُِحب زوجها. قال
ابن بري: العَطَفةُ اللبلاب، سمي بذلك لتلويه على الشجر. قال الأَزهري:
العِطْفَةُ والعَطْفَة هي التي تَعَلَّقُ الحَبَلَةُ بها من الشجر، وأَنشد
البيت المذكور وقال: قال النضر إنما هي عَطَفةٌ فخففها ليستقيم له الشعر.
أَبو عمرو: من غريب شجر البر العَطَف، واحدتها عَطَفة.
ابن الأَعرابي: يقال تَنَحَّ عن عِطْفِ الطَّريق وعَطْفِه وعَلْبِه
ودَعْسِه وقَرْيِه وقارِعَتِه:
وعَطَّافٌ وعُطَيْفٌ: اسمان، والأَعرف غُطَيْف، بالغين المعجمة؛ عن ابن
سيده.
تبع: تَبِعَ الشيءَ تَبَعاً وتَباعاً في الأَفعال وتَبِعْتُ
الشيءَتُبوعاً: سِرْت في إِثْرِه؛ واتَّبَعَه وأَتْبَعَه وتتَبَّعه قَفاه وتَطلَّبه
مُتَّبعاً له وكذلك تتَبَّعه وتتَبَّعْته تتَبُّعاً؛ قال القُطامي:
وخَيْرُ الأَمْرِ ما اسْتَقْبَلْتَ منه،
وليس بأَن تتَبَّعَه اتِّباعا
وضَع الاتِّباعَ موضع التتبُّعِ مجازاً. قال سيبويه: تتَبَّعَه
اتِّباعاً لأَن تتَبَّعْت في معنى اتَّبَعْت. وتَبِعْت القوم تَبَعاً وتَباعةً،
بالفتح، إِذا مشيت خلفهم أَو مَرُّوا بك فمضَيْتَ معهم. وفي حديث الدعاء:
تابِعْ بيننا وبينهم على الخيْراتِ أَي اجْعَلْنا نَتَّبِعُهم على ما هم
عليه.
والتِّباعةُ: مثل التَّبعةِ والتِّبعةِ؛ قال الشاعر:
أَكَلَت حَنِيفةُ رَبَّها،
زَمَنَ التقَحُّمِ والمَجاعهْ
لم يَحْذَرُوا، من ربِّهم،
سُوء العَواقِبِ والتِّباعهْ
لأَنهم كانوا قد اتخذوا إِلهاً من حَيْسٍ فعَبَدُوه زَماناً ثم أَصابتهم
مَجاعة فأَكلوه.
وأَتْبَعه الشيءَ: جعله له تابعاً، وقيل: أَتبَعَ الرجلَ سبقه فلَحِقَه.
وتَبِعَه تَبَعاً واتَّبَعه: مرَّ به فمضَى معه. وفي التنزيل في صفة ذي
القَرْنَيْنِ: ثم اتَّبَع سبَباً، بتشديد التاء، ومعناها تَبِعَ، وكان
أَبو عمرو بن العلاء يقرؤُها بتشديد التاء وهي قراءة أَهل المدينة، وكان
الكسائي يقرؤُها ثم أَتبع سبباً، بقطع الأَلف، أَي لَحِقَ وأَدْرك؛ قال ابن
عبيد: وقراءة أَبي عمرو أَحبُّ إِليَّ من قول الكسائي.
واسْتَتْبَعَه: طلَب إِليه أَن يَتبعه. وفي خبر الطَّسْمِيِّ النافِر من
طَسمٍ إِلى حَسَّان الملك الذي غَزا جَدِيساً: أَنه اسْتَتْبَع كلبة له
أَي جعلها تَتبعه.
والتابِعُ: التَّالي، والجمع تُبَّعٌ وتُبَّاعٌ وتَبَعة. والتَّبَعُ:
اسم للجمع ونظيره خادِمٌ وخَدَم وطالبٌ وطلَبٌ وغائبٌ وغَيَبٌ وسالِفٌ
وسَلَفٌ وراصِدٌ ورَصَدٌ ورائحٌ ورَوَحٌ وفارِطٌ وفرَطٌ وحارِسٌ وحَرَسٌ
وعاسٌّ وعَسَسٌ وقافِلٌ من سفَره وقَفَلٌ وخائلٌ وخَوَلٌ وخابِلٌ وخَبَلٌ،
وهو الشيطان، وبعير هامِلٌ وهَمَلٌ، وهو الضالُّ المهمل؛ قال كراع: كل هذا
جمع والصحيح ما بدأْنا به، وهو قول سيبويه فيما ذَكر من هذا وقياس قوله
فيما لم يَذكره منه: والتَّبَعُ يكون واحداً وجماعة. وقوله عز وجل: إِنَّا
كُنا لكم تَبَعاً، يكون اسماً لجمع تابِع ويكون مصدراً أَي ذَوِي
تَبَعٍ، ويجمع على أَتْباع.
وتَبِعْتُ الشيءَ وأَتْبَعْتُه: مثل رَدِفْتُه وأَرْدَفْتِه؛ ومنه قوله
تعالى: إِلاَّ مَن خَطِفَ الخَطْفةَ فأَتْبعه شِهاب ثاقِب؛ قال أَبو
عبيد: أَتْبَعْت القوم مثل أَفْعلت إِذا كانوا قد سبقوك فَلَحِقْتَهم، قال:
واتَّبَعْتُهم مثل افْتَعَلْت إِذا مرُّوا بك فمضيتَ؛ وتَبِعْتُهم تَبَعاً
مثله. ويقال: ما زِلْتُ أَتَّبِعُهم حتى أَتْبَعْتُهم أَي حتى
أَدركْتُهم. وقال الفراء: أَتْبَعَ أَحسن من اتَّبَع لأَن الاتِّباع أَن يَسِير
الرجل وأَنت تسير وراءَه، فإِذا قلت أَتْبَعْتُه فكأَنك قَفَوْته. وقال
الليث: تَبِعْت فلاناً واتَّبَعْته وأَتْبعْته سواء. وأَتْبَعَ فلان فلاناً
إِذا تَبِعَه يريد به شرّاً كما أَتْبَعَ الشيطانُ الذي انسلَخَ من آيات
الله فكان من الغاوِين، وكما أَتْبَع فرعونُ موسى. وأَمَّا التتَبُّع:
فأَن تتتَبَّعَ في مُهْلةٍ شيئاً بعد شيء؛ وفلان يتَتبَّعُ مَساوِيَ فلان
وأَثرَه ويَتتبَّع مَداقَّ الأُمور ونحو ذلك. وفي حديث زيد بن ثابت حين
أَمره أَبو بكر الصديقُ بجمع القرآن قال: فَعَلِقْتُ أَتَتَبَّعه من
اللِّخافِ والعُسُبِ، وذلك أَنه اسـَقْصَى جميعَ القرآن من المواضع التي كُتِب
فيها حتى ما كُتِب في اللِّخاف، وهي الحجارة، وفي العُسُب، وهي جريد
النخل، وذلك أَنَّ الرَّقَّ أَعْوَزَهم حين نزل على رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، فأُمِر كاتبُ الوَحْي فيما تيسَّر من كَتِف ولوْحٍ وجِلْد وعَسُيب
ولَخْفة، وإِنما تَتبَّع زيد بن ثابت القرآن وجمعه من المواضع التي
كُتِب فيها ولم يقتصر على ما حَفِظ هو وغيره، وكان من أَحفظ الناس للقرآن
اسْتِظهاراً واحْتِياطاً لئلا يَسْقُط منه حرف لسُوء حِفْظ حافِظه أَو
يتبدَّل حرف بغيره، وهذا يدل على أَن الكتابة أَضْبَطُ من صدور الرجال
وأَحْرَى أَن لا يسقط منه شيء، فكان زيد يَتتبَّع في مُهلة ما كُتب منه في
مواضعه ويَضُمُّه إَلى الصُّحف، ولا يُثْبِتُ في تلك الصحف إِلاَّ ما وجده
مكتوباً كما أُنزل على النبي، صلى الله عليه وسلم، وأَمْلاه على مَن كَتبه.
واتَّبَعَ القرآنَ: ائْتَمَّ به وعَمِلَ بما فيه. وفي حديث أَبي موسى
الأَشعري، رضي الله عنه: إِنَّ هذا القرآن كائنٌ لكم أَجراً وكائن عليكم
وِزْراً فاتَّبِعوا القرآن ولا يَتَّبِعنَّكُم القرآنُ، فإِنه من يَتَّبِعِ
القرآن يَهْبِطْ به على رِياضِ الجنة، ومَن يَتَّبِعْه القرآنُ يَزُخّ في
قَفاه حتى يَقْذِفَ به في نار جهنم؛ يقول: اجعلوه أَمامكم ثم اتلوه كما
قال تعالى: الذين آتيناهم الكتاب يَتْلُونه حقَّ تِلاوته أَي يَتَّبِعونه
حقَّ اتِّباعه، وأَراد لا تَدَعُوا تِلاوته والعملَ به فتكونوا قد
جعلتموه وراءَكم كما فَعل اليهود حين نَبَذُوا ما أُمروا به وراء ظهورهم،
لأَنه إِذا اتَّبَعَه كان بين يديه، وإِذا خالفه كان خَلْفَه، وقيل: معنى
قوله لا يتبعنكم القرآن أَي لا يَطْلُبَنَّكُم القرآنُ بتضييعكم إِياه كما
يطلُب الرجلُ صاحبَه بالتَّبِعة؛ قال أَبو عبيد: وهذا معنى حسن يُصَدِّقه
الحديث الآخر: إِن القرآن شافِع مُشَفَّعٌ وماحِلٌ مُصَدَّقٌ، فجعله
يَمْحَل صاحبَه إِذا لم يَتَّبِعْ ما فيه. وقوله عز وجل: أَو التابعينَ
غَيْرِ أُولي الإِرْبةِ؛ فسره ثعلب فقال: هم أَتباع الزوج ممن يَخْدُِمُه مثل
الشيخ الفاني والعجوز الكبيرة.
وفي حديث الحُدَيْبية: وكنت تَبِيعاً لطَلْحةَ بن عُبيدِ الله أَي
خادماً. والتَّبَعُ كالتابِعُ كأَنه سمي بالمصدر. وتَبَعُ كلِّ شيءٍ: ما كان
على آخِره. والتَّبَعُ: القوائم؛ قال أَبو دُواد في وصف الظَّبَّية:
وقَوائم تَبَع لها،
مِن خَلْفِها زَمَعٌ زَوائدْ
وقال الأَزهري: التَّبَعُ ما تَبِعَ أَثَرَ شيء فهو تَبَعةٌ؛ وأَنشد بيت
أَبي دواد الإيادي في صفة ظبية:
وقوائم تَبَع لها،
من خلفها زمع مُعَلَّقْ
وتابَع بين الأُمور مُتابَعةً وتِباعاً: واتَرَ ووالَى؛ وتابعْتُه على
كذا مُتابعةً وتِباعاً. والتِّباعُ: الوِلاءُ. يقال: تابَعَ فلان بين
الصلاة وبين القراءة إِذا والَى بينهما ففعل هذا على إِثْر هذا بلا مُهلة
بينهما، وكذلك رميته فأَصبته بثلاثة أَسهم تِباعاً أَي وِلاء. وتَتابَعَتِ
الأَشياءُ: تَبِعَ بعضُها بعضاً. وتابَعه على الأَمر: أَسْعدَه عليه.
والتابِعةُ: الرَّئِيُّ من الجنّ، أَلحقوه الهاء للمبالغة أَو لتَشْنِيع
الأَمْرِ أَو على إِرادة الداهِيةِ. والتابعةُ: جِنِّيَّة تَتْبع
الإِنسان. وفي الحديث: أَوَّلُ خَبرٍ قَدِمَ المدينةَ يعني من هجرة النبي، صلى
الله عليه وسلم، امرأَة كان لها تابِعٌ من الجن؛ التابِعُ ههنا: جِنِّيٌّ
يَتْبَع المرأَة يُحِبُّها. والتابعةُ: جِنية تتْبع الرجلَ تحبه.
وقولهم: معه تابعة أَي من الجن.
والتَّبِيعُ: الفَحل من ولد البقر لأَنه يَتْبع أُمه، وقيل: هو تَبيع
أَولَ سنة، والجمع أَتْبِعة، وأَتابِعُ وأَتابِيعُ كلاهما جمعُ الجمعِ،
والأَخيرة نادرة، وهو التِّبْعُ والجمع أَتباع، والأُنثى تَبِيعة. وفي
الحديث عن معاذ بن جبل: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، بعثه إِلى اليمين
فأَمرَه في صدَقةِ البقر أَن يأْخذ من كل ثلاثين من البقر تَبِيعاً، ومن كل
أَربعين مُسِنَّةً؛ قال أَبو فَقْعَس الأَسَدي: ولد البقَر أَول سنة
تَبِيع ثم جزَع ثم ثنيّ ثم رَباعٌ ثم سَدَسٌ ثم صالِغٌ. قال الليث: التَّبِيعُ
العِجْل المُدْرِك إِلا أَنه يَتْبَع أُمه بعدُ؛ قال الأَزهري: قول
الليث التَّبِيع المدرك وهَم لأَنه يُدْرِكُ إِذا أَثنى أَي صار ثَنِيًّا.
والتبيع من البقر يسمى تبيعاً حين يستكمل الحَوْل، ولا يسمى تَبِيعاً قبل
ذلك، فإِذا استكمل عامين فهو جَذَع، فإِذا استوفى ثلاثة أَعوام فهو
ثَنِيٌّ، وحينئذ مُسِنٌّ، والأُنثى مُسِنَّة وهي التي تؤخذ في أَربعين من
البقر.وبقرة مُتْبِعٌ: ذاتُ تَبِيع. وحكى ابن بري فيها: مُتْبِعة أَيضاً.
وخادم مُتْبِع: يَتْبَعُها ولدها حيثما أَقبلت وأَدبرت، وعمَّ به اللحياني
فقال: المُتْبِعُ التي معها أَولاد. وفي الحديث: أَن فلاناً اشترى
مَعْدِناً بمائة شاة مُتْبِع أَي يَتْبَعها أَولادها. وتَبِيعُ المرأَةِ:
صَدِيقُها، والجمع تُبَعاء، وهي تَبِيعته.
وهو تِبْعُ نِساء، والجمع أَتباع، وتُبَّع نساء؛ عن كراع حكاها في
المُنَجَّذ، وحكاها أَيضاً في المُجَرَّد إِذا جدَّ في طَلَبِهِنّ؛ وحكى
اللحياني: هو تِبْعُها وهي تِبْعَتُه؛ قال الأَزهري: تِبْعُ نساء أَي
يَتْبَعُهُنَّ، وحِدْثُ نساء يُحادِثُهنَّ، وزِيرُ نساء أَي يَزُورُهُنَّ، وخِلْب
نساء إِذا كان يُخالِبهنَّ. وفلان تِبْعُ ضِلَّةٍ: يَتْبَع النساءَ،
وتِبْعٌ ضِلَّةٌ أَي لا خَيْرَ فيه ولا خير عنده؛ عن ابن الأَعرابي. وقال
ثعلب: إِنما هو تِبْعُ ضِلَّةٍ مضاف.
والتَّبِيعُ: النَّصِير. والتَّبِيعُ: الذي لك عليه مال. يقال: أُتْبِعَ
فلان بفلان أَي أُحِيلَ عليه، وأَتْبَعَه عليه: أَحالَه.
وفي الحديث: الظُّلْم لَيُّ الواجِدِ، وإِذا أُتْبِعَ أَحدُكم على
مَلِيءٍ فَلْيَتَّبِعْ؛ معناه إِذا أُحِيلَ أَحدكم على مَلِيءٍ قادِرٍ
فلْيَحْتَلْ من الحَوالةِ؛ قال الخطابي: أَصحاب الحديث يروونه اتَّبع، بتشديد
التاء، وصوابه بسكون التاء بوزن أُكْرِمَ، قال: وليس هذا أَمراً على الوجوب
وإِنما هو على الرِّفْق والأَدب والإِياحةِ. وفي حديث ابن عباس، رضي الله
عنهما: بَيْنا أَنا أَقرأُ آية في سِكَّة من سَكَكِ المدية إِذ سمعت صوتاً
من خَلفي: أَتْبِعْ يا ابن عباس، فالتَفَتُّ فإِذا عُمر، فقلت: أُتْبِعُك
على أُبَيّ بن كعب أَي أَسْنِدْ قراءتك ممن أَخذتها وأَحِلْ على
من سَمِعْتها منه. قال الليث: يقال للذي له عليك مال يُتابِعُك به أَي
يُطالبك به: تَبِيع. وفي حديث قيس بن عاصم، رضي الله عنه، قال: يا رسول الله
ما المالُ الذي ليس فيه تَبِعةٌ من طالب ولا ضَيْفٍ؟ قال: نِعْم المال
أَربعون والكثير ستون؛ يريد بالتَّبِعةِ ما يَتْبَع المالَ من نوائب الحُقوق
وهو من تَبِعْت الرجل بحقّي. والتَّبِيعُ: الغَرِيمُ؛ قال الشماخ:
تَلُوذُ ثَعالِبُ الشَّرَفَيْن منها،
كما لاذَ الغَرِيمُ من التَّبِيعِ
وتابَعَه بمال أَي طَلَبه. والتَّبِعُ: الذي يَتْبَعُكَ بحق يُطالبك به
وهو الذي يَتْبع الغريم بما أُحيل عليه. والتبيع: التابع. وقوله تعالى:
فيُغْرِقَكم بما كفرتم ثم لا تَجِدُوا لكم علينا به تَبِيعاً؛ قال الفراء:
أَي ثائراً ولا طالباً بالثَّأْرِ لإِغْراقِنا إِيّاكم، وقال الزجاج:
معناه لا تجدوا من يَتْبَعُنا بإِنكار ما نزل بكم ولا يتبعنا بأَن يصرفه
عنكم، وقيل: تَبِيعاً مُطالِباً؛ ومنه قوله تعالى: فاتِّباعٌ بالمَعْروف
وأَداء إِليه بإِحْسان؛ يقول: على صاحب الدَّمِ اتِّباع بالمعروف أَي
المُطالَبَةُ بالدِّية، وعلى القاتِل أَداء إِليه بإِحسان، ورفع قوله تعالى
فاتباع على معنى قوله فعليه اتِّباع بالمعروف، وسيُذْكَرُ ذلك مُستوفى في
فصل عفا، في قوله تعالى: فَمن عُفِيَ له من أَخِيه شيء.
والتَّبِعةُ والتِّباعةُ: ما اتَّبَعْتَ به صاحبَك من ظُلامة ونحوها.
والتَّبِعةُ والتِّباعةُ: ما فيه إِثم يُتَّبَع به. يقال: ما عليه من الله في
هذا تَبِعة ولا تِباعة؛ قال وَدّاك بن ثُمَيل:
هِيمٌ إِلى الموتِ إِذا خُيِّرُوا،
بينَ تِباعاتٍ وتَقْتالِ
قال الأَزهري: التِّبِعة والتَّباعة اسم الشيء الذي لك فيه بُغْية شِبه
ظُلامة ونحو ذلك. وفي أَمثال العرب السائرة: أَتْبِعِ الفَرَس لِجامَها،
يُضرب مثلاً للرجل يؤْمر بردِّ الصَّنِيعةِ وإِتْمامِ الحاجة.
والتُّبّعَُ والتُّبُّع جميعاً: الظل لأَنه يَتْبَع الشمس؛ قالت سُعْدَى
الجُهَنِيَّةُ تَرْثي أَخاها أَسْعَدَ:
يَرِدُ المِياهَ حَضِيرةً ونَفِيضةً،
وِرْدَ القَطاةِ إِذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ
التُّبَّعُ: الظل، واسْمِئْلاله: بُلوغه نصف النهار وضُمورُه. وقال أَبو
سعيد الضرير: التُّبَّع هو الدَّبَرانُ في هذا البيت سُمي تُبَّعاً
لاتِّباعِه الثُّرَيّا؛ قال الأَزهري: سمعت بعض العرب يسمي الدبران التابع
والتُّوَيْبِع، قال: وما أَشبه ما قال الضرير بالصواب لأَن القَطا تَرِدُ
المياه ليلاً وقلما تردها نهاراً، ولذلك يقال: أَدَلُّ من قَطاة؛ ويدل على
ذلك قول لبيد:
فَوَرَدْنا قبلَ فُرَّاطِ القَطا،
إِنَّ مِن وَرْدِيَ تَغْلِيسَ النَّهَلْ
قال ابن بري: ويقال له التابِعُ والتُّبَّعُ والحادِي والتالي؛ قال
مُهَلْهل:
كأَنَّ التابِعَ المَسْكِينَ فيها
أَجِيرٌ في حُداياتِ الوَقِير
(* رواية اخرى: حدابات بدل حدايات.)
والتَّبابِعةُ: ملوك اليمن، واحدهم تُبَّع، سموا بذلك لأَنه يَتْبَع
بعضُهم بعضاً كلما هَلك واحد قام مَقامه آخر تابعاً له على مثل سِيرته،
وزادوا الهاء في التبابعة لإِرادة النسب؛ وقول أَبي ذؤيب:
وعليهِما ماذِيَّتانِ قَضاهُما
داودُ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
سَمِعَ أَن داودَ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، كان سُخِّر له
الحديدُ فكان يَصْنع منه ما أَراد، وسَمِعَ أَنَّ تُبَّعاً عَمِلَها وكان تُبع
أَمَر بعملها ولم يَصْنعها بيده لأَنه كان أَعظمَ شأْناً من أَن يصنع
بيده. وقوله تعالى: أَهم خَيْر أَم قومٌ تُبَّعٍ؛ قال الزجاج: جاء في
التفسير أَن تُبَّعاً كان مَلِكاً من الملوك وكان مؤْمناً وأَن قومه كانوا
كافرين وكان فيهم تَبابِعةٌ، وجاء أَيْضاً أَنه نُظِر إِلى كتاب على قَبْرَين
بناحية. حِمْيَر: هذا قبر رَضْوى وقبر حُبَّى، ابنتي تُبَّع، لا تُشركان
بالله شيئاً، قال الأَزهري: وأَمّا تبع الملِك الذي ذكره الله عز وجل في
كتابه فقال:وقومُ تبع كلٌّ كذَّب الرسُلَ، فقد روي عن النبيي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه قال: ما أَدري تُبَّعٌ كان لعِيناً أَم لا
(* قوله« تبع كان
لعيناً أم لا» هكذا في الأصل الذي بأيدينا ولعله محرف، والأصل كان نبياً
إلخ. ففي تفسير الخطيب عند قوله تعالى في سورة الدخان أهم خير أم قوم تبع،
وعن النبي،صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا تبعاً فإنه كان قد أسلم. وعنه
صلى الله عليه وسلم: ما أدري أكان تبع نبياً أو غير نبي، وعن عائشة، رضي الله
عنها، قالت: لا تسبوا تبعاً فانه كان رجلاً صالحاً) ؛ قال: ويقال إِن
تُبَّتَ اشْتُقَّ لهم هذا الاسمُ من اسم تُبَّع ولكن فيه عُجْمة. ويقال: هم
اليوم من وَضائِع تُبَّع بتلك البلاد. وفي الحديث: لا تَسُبُّوا تُبَّعاً
فإِنه أَول من كَسا الكعبة؛ قيل: هو ملك في الزمان الأَول اسْمه أَسْعَدُ
أَبو كَرِب، وقيل: كان مَلِكُ اليمنِ لا يسمى تُبَّعاً حتى يَمْلِكَ
حَضْرَمَوْتَ وسَبأ وحِمْيَرَ.
والتُّبَّعُ: ضرب من الطير، وقيل: التُّبَّع ضرب من اليَعاسِيب وهو
أَعظمها وأحسنها، والجمع التبابِعُ تشبيهاً بأُولئك الملوكُ، وكذلك الباء هنا
ليشعروا بالهاء هنالك. والتُّبَّعُ: سيِّد النحل:
وتابَعَ عَمَلَه وكلامَه: أَتْقَنَه وأَحكمه؛ قال كراع: ومنه حديث أَبي
واقد الليثي: تابَعْنا الأَعمال فلم نَجِد شيئاً أَبلغ في طلَب الآخرة من
الزُّهْد في الدنيا أَي أَحْكَمْناها وعَرَفْناها. ويقال: تابَعَ فلان
كلامَه وهو تبيع للكلام إِذا أَحكمه. ويقال: هو يُتابِعُ الحديث إِذا كان
يَسْرُدُه، وقيل: فلان مُتتابِعُ العِلم إِذا كان عِلْمه يُشاكل بعضُه
بعضاً لا تَفاوُتَ فيه. وغصن مُتتابعٌ إِذا كان مستوياً لا أُبَن فيه. ويقال:
تابَعَ المَرْتَعُ المالَ فَتتابَعَت أي سَمَّن خَلْقَها فسَمِنَت
وحَسُنت؛ قال أَبو وجْزةَ السعْدي:
حَرْفٌ مُلَيْكِيةٌ كالفَحْلِ تابَعَها،
في خِصْبِ عامَينِ، إِفْراقٌ وتَهْمِيلُ
(* قوله« مليكية» كذا بالأصل مضبوطاً وفي الاساس بياء واحدة قبل الكاف.)
وناقة مُفْرِقٌ: تَمْكُث سنتين أَو ثلاثاً لا تَلْقَحُ؛ وأَما قول
سَلامان الطائي:
أَخِفْنَ اطِّنانِي إِن شُكِينَ، وإِنَّني
لفي شُغُلٍ عن ذَحْليَ اليتَتَبَّعُ
فإِنه أَرادَ ذَحْليَ يتَتَبَّع فطرح الذي وأَقام الأَلف واللام مُقامه،
وهي لغة لبعض العرب؛ وقال ابن الأَنباري: وِإِنما أَقحم الأَلف واللام
على الفعل المضارع لمضارعة الأَسماء.
قال ابن عون: قلت للشعبي: إِنَّ رُفَيْعاً أَبا العاليةِ أَعتقَ سائبةً
فأَوصَى بماله كله، فقال: ليس ذلك له إِنما ذلك للتابعة، قال النضر:
التابعةُ أَن يتبع الرجلُ الرجلَ فيقول: أَنا مولاك؛ قال الأَزهري: أَراد أَن
المُعْتَقَ سائبةً مالُه لمُعْتِقِه.
والإِتْباعُ في الكلام: مثل حَسَن بَسَن وقَبِيح شَقِيح.
وصف: وصَف الشيءَ له وعليه وصْفاً وصِفةً: حَلاَّه، والهاء عوض من
الواو، وقيل: الوصْف المصدر والصِّفةُ الحِلْية، الليث: الوصف وصفك الشيء
بحِلْيته ونَعْته. وتواصَفُوا الشيءَ من الوصف. وقوله عز وجل: وربُّنا الرحمن
المُستعان على ما تصفون؛ أَراد ما تصفونه من الكذب. واستوْصَفَه الشيءَ:
سأَله أَن يَصفه له. واتَّصَف الشيءُ: أَمكن وصْفُه؛ قال سحيم:
وما دُمْيةٌ من دُمى مَيْسَنا
نَ، مُعْجِبةً نَظَراً واتِّصافا
(* قوله «دمية من دمى» أَنشده في مادة ميس: قرية من قرى، وأراد الشاعر
ميسان فاضطر فزاد النون كما نبه عليه المؤلف هناك.)
اتَّصف من الوصف. واتصف الشيء أَي صار مُتواصِفاً؛ قال طرَفة بن العبد:
إنّي كَفانيَ من أَمْرٍ هَمَمْتُ به
جارٌ، كجار الحُذاقيِّ الذي اتَّصَفا
أَي صار موصوفاً بحُسْن الجِوار. ووصَف المُهْرُ: توجَّه لحُسْنِ السير
كأَنه وصَف الشيء. ويقال للمهر إذا توجّه لشيء من حُسن السير: قد وصَفَ
معناه أَنه قد وصفَ المشي. يقال: مَهُر حين وصَف. ووصَفَ المُهرُ إذا جاد
مشْيُه؛ قال الشمّاخ:
إذا ما أَدْلَجَتْ، وصَفَتْ يداها
لها الإدْلاجَ، لَيلةَ لا هُجوع
يريد أَجادت السير. وقال الأَصمعي: أَي تَصِف لها إدلاجَ الليلة التي لا
تَهْجَعُ فيها؛ قال القُطامي:
وقِيدَ إلى الظَّعِينةِ أَرْحَبيٌّ،
جُلالٌ هَيْكَلٌ يَصِفُ القِطارا
أَي يَصِفُ سِيرةَ القِطار.
وبَيْعُ المُواصفةِ: أَن يبيع الشيء من غير رُؤية. وفي حديث الحسن أَنه
كره المُواصفة في البيع؛ قال أَحمد بن حنبل: إذا باع شيئاً عنده على
الصفة لزمه البيع؛ وقال إسحق كما قال؛ قال الأَزهري: هذا بيع على الصفة
المضمونة بلا أَجل يُميَّز له، وهو قول الشافعي، وأَهلُ مكة لا يجيزون
السَّلَم إذا لم يكن إلى أَجل معلوم. وقال ابن الأَثير: بيع المواصفة هو أَن
يبيع ما ليس عنده ثم يَبتاعَه فيدفَعَه إلى المشتري، قيل له ذلك لأَنه باع
بالصفة من غير نَظر ولا حِيازَة مِلك. وقوله في حديث عمر، رضي اللّه عنه:
إن لا يَشِفّ فإنه يَصِفُ أَي يصفها، يريد الثوب الرقيق إن لم يبن منه
الجَسد فإنه لرقَّته يصف البدن فيظهر منه حَجْم الأَعضاء، فشبّه ذلك بالصفة
كما يصف الرجل سِلْعَته.
وغلام وَصِيف: شابّ، والأُنثى وصِيفة. وفي حديث أُم أَيمن: أَنها كانت
وصيفة لعبد المطلب أَي أَمة، وقد أَوصَفَ ووَصُف وَصافة. ابن الأَعرابي:
أَوْصَفَ الوصِيفُ إذا تمَّ قَدُّه، وأَوصَفتِ الجارية، ووَصِيفٌ ووُصَفاء
ووَصِيفة ووَصائفُ. وأَما أَبو عبيد فقال: وَصِيفٌ بيّن الوَصافةِ،
وأَما ثعلب فقال: بيِّن الإيصافِ، وأَدْخلاه في المصادر التي لا أَفعال لها.
وفي حديث أَبي ذرّ، ورضي اللّه عنه: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال
له: كيف أَنت وموتٌ يُصِيب الناسَ حتى يكون البيتُ بالوَصِيف؟ الوَصِيف:
العبد، والأَمة وصِيفةٌ؛ قال شمر: معناه أَن الموت يكثر حتى يصير موضعُ
قبر يُشترى بعبد من كثرة الموت، مثل المُوتان الذي وقع بالبصرة وغيرها.
وبيت الرجل: قبره، وقبر الميت: بيته. والوصيف: الخادم، غلاماً كان أَو
جارية. ويقال وصُف الغلامُ إذا بلغ الخِدمة، فهو وصِيف بيّن الوَصافة،
والجمع وُصَفاء. وقال ثعلب: وربما قالوا للجارية وصيفة بيّنة الوَصافة
والإيصاف، والجمع الوصائف. واسْتوْصَفْت الطبيبَ لدائي إذا سأَلته أَن يصف لك ما
تَتعالج به.
والصِّفة: كالعِلْم والسواد. قال: وأَما النحويون فليس يريدون بالصفة
هذا لأن الصفة عندهم هي النعت، والنعت هو اسم الفاعل نحو ضارب، والمفعول
نحو مضروب وما يرجع إليهما من طريق المعنى نحو مثل وشبه، وما يجري مجرى
ذلك، يقولون: رأَيت أَخاك الظَّريفَ، فالأَخ هو الموصوف، والظريف هو الصفة،
فلهذا قالوا لا يجوز أَن يضاف الشيء إلى صفته كما لا يجوز أَن يضاف إلى
نفسه لأَن الصفة هي الموصوف عندهم، أَلا ترى أَن الظريف هو الأَخ؟
نعت: النَّعْتُ: وَصْفُكَ الشيءَ، تَنْعَتُه بما فيه وتُبالِغُ في
وَصْفه؛ والنَّعْتُ: ما نُعِتَ به.
نَعَته يَنْعَتُه نَعْتاً: وصفه. ورجل ناعِتٌ مِن قَوم نُعَّاتٍ؛ قال
الشاعر:
أَنْعَتُها، إِنِّيَ من نُعَّاتِها
ونَعَتُّ الشيءَ وتَنَعَّتُّه إِذا وصَفْته.
قال: واسْتَنْعَتُّه أَي اسْتَوْصَفْتُه. واسْتَنْعَتَه: اسْتَوْصَفه.
وجمعُ النَّعْتِ: نُعُوت؛ قال ابن سيده: لا يُكَسَّر على غير ذلك.
والنَّعْتُ من كل شيء: جَيِّدُه؛ وكل شيء كان بالغاً تقول: هذا نَعْتٌ
أَي جَيِّدٌ. قال: والفَرَسُ النَّعْتُ هو الذي يكون غايةً في العِتْقِ.
وما كان نَعْتاً؛ ولقد نَعُتَ يَنْعُتُ نَعاتةً؛ فإِذا أَرَدْتَ أَنه
تَكَلَّف فِعْلَه، قلت: نَعِتَ. يقال: فرس نَعْتٌ ونَعْتة، ونَعِيتة
ونَعِيتٌ: عَتيقةٌ، وقد نَعُتَتْ نَعاتَةً. وفرس نَعْتٌ ومُنْتَعِتٌ إِذا كان
موصوفاً بالعِتْقِ والجَوْدَةِ والسَّبْقِ؛ قال الأَخْطل:
إِذا غَرَّقَ الآلُ الإِكامَ عَلَوْنَهُ
بمُنْتَعِتاتٍ، لا بِغالٍ ولا حُمُرْ
والمُنْتَعِتُ من الدواب والناس: الموصوفُ بما يَفْضِّلُه على غيره من
جنسه، وهو مُفْتَعِل، من النَّعْتِ. يقال: نَعَتُّه فانْتَعَتَ، كما يقال:
وَصَفْتُه فاتَّصَفَ؛ ومنه قول أَبي دُوادٍ الإِيادِيّ:
جارٌ كجارِ الحُذاقِيِّ الذي اتَّصَفا
قال ابن الأَعرابي: أَنْعَتَ إِذا حَسُنَ وَجْهُه حتى يُنْعَتَ. وفي
صفته، صلى الله عليه وسلم، يقول ناعتُه: لم أَرَ قبله ولا بعده مثله. قال
ابن الأَثير: النَّعْتُ وَصْفُ الشيء بما فيه من حُسْن، ولا يقال في القبيح
إِلا أَن يَتَكَلَّف مُتَكَلِّف، فيقول نَعْتَ سَوْءٍ؛ والوَصْفُ يقال
في الحَسَن والقَبيح.
وناعِتون وناعِتينَ، جميعاً: موضع؛ وقول الراعي:
حَيِّ الدِّيارَ، دِيارَ أُمِّ بَشِيرِ،
بِنُوَيْعِتِينَ، فَشاطِئِ التَّسْريرِ
إِنما أَراد ناعِتينَ
(* قوله «إِنما أراد ناعتين إلخ» كذا قال في
المحكم. وجرى ياقوت في معجمه على أَنه مثنى نويعة مصغراً: موضع بعينه.)،
فَصَغَّره.
بدل: الفراء: بَدَلٌ وبِدْلٌ لغتان، ومَثَل ومِثْل، وشَبَه وشِبْه،
ونَكَل ونِكْل. قال أَبو عبيد: ولم يُسْمَع في فَعَل وفِعْل غير هذه الأَربعة
الأَحرف. والبَدِيل: البَدَل. وبَدَلُ الشيء: غَيْرُه. ابن سيده: بِدْل
الشيء وبَدَله وبَدِيله الخَلَف منه، والجمع أَبدال. قال سيبوبه: إِنَّ
بَدَلك زَيد أَي إِنَّ بَديلك زَيْد، قال: ويقول الرجل للرجل اذهب معك
بفلان، فيقول: معي رجل بَدَلُه أَي رجل يُغْني غَناءه ويكون في مكانه.
وتَبَدَّل الشيءَ وتَبدل به واستبدله واستبدل به، كُلُّه: اتخذ منه
بَدَلاً. وأَبْدَل الشيءَ من الشيء وبَدّله: تَخِذَه منه بدلاً. وأَبدلت
الشيء بغيره وبدّله الله من الخوف أَمْناً. وتبديل الشيء: تغييره وإِن لم
تأْت ببدل. واستبدل الشيء بغيره وتبدَّله به إِذا أَخذه مكانه. والمبادلة:
التبادُل. والأَصل في التبديل تغيير الشيء عن حاله، والأَصل في الإِبدال
جعل شيء مكان شيء آخر كإِبدالك من الواو تاء في تالله، والعرب تقول للذي
يبيع كل شيء من المأْكولات بَدَّال؛ قاله أَبو الهيثم، والعامة تقول
بَقَّال. وقوله عز وجل: يوم تُبَدَّل الأَرْضُ غيرَ الأَرض والسمواتُ؛ قال
الزجاج: تبديلها، والله أَعلم، تسييرُ جبالها وتفجير بِحارها وكونُها مستوية
لا تَرى فيها عِوَجاً ولا أَمْتاً، وتبديل السموات انتثار كواكِبها
وانفطارُها وانشقاقُها وتكوير شمسها وخسوف قمرها، وأَراد غيرَ السموات
فاكتَفى بما تقدم. أَبو العباس: ثعلب يقال أَبْدلت الخاتم بالحَلْقة إِذا
نَحَّيت هذا وجعلت هذا مكانه. وبدَّلت الخاتم بالحَلْقة إِذا أَذَبْتَه
وسوَّيته حَلْقة. وبدلت الحَلْقة بالخاتم إِذا أَذبتها وجعلتها خاتماً؛ قال
أَبو العباس: وحقيقته أَن التبديل تغيير الصورة إِلى صورة أُخرى والجَوْهرةُ
بعينها. والإِبدال: تَنْحيةُ الجوهرة واستئناف جوهرة أُخرى؛ ومنه قول
أَبي النجم:
عَزْل الأَمير للأَمير المُبْدَل
أَلا ترى أَنه نَحَّى جسماً وجعل مكانه جسماً غيره؟ قال أَبو عمرو:
فعرضت هذا على المبرد فاستحسنه وزاد فيه فقال: وقد جعلت العرب بدَّلت بمعنى
أَبدلت، وهو قول الله عز وجل: أُولئك يبدّل الله سَيِّئاتهم حسنات؛ أَلا
ترى أَنه قد أَزال السيئات وجعل مكانها حسنات؟ قال: وأَمَّا ما شَرَط
أَحمد بن يحيى فهو معنى قوله تعالى: كلما نَضِجَت جُلودُهم بدَّلناهم جُلوداً
غيرها. قال: فهذه هي الجوهرة، وتبديلها تغيير صورتها إِلى غيرها لأَنها
كانت ناعمة فاسودّت من العذاب فردّت صورةُ جُلودهم الأُولى لما نَضِجَت
تلك الصورة، فالجوهرة واحدة والصورة مختلفة. وقال الليث: استبدل ثوباً
مكان ثوب وأَخاً مكان أَخ ونحو ذلك المبادلة. قال أَبو عبيد: هذا باب
المبدول من الحروف والمحوّل، ثم ذكر مَدَهْته ومَدَحْته، قال الشيخ: وهذا يدل
على أَن بَدَلت متعدّ؛ قال ابن السكيت: جمع بَدِيل بَدْلى، قال: وهذا يدل
على أَن بَديلاً بمعنى مُبْدَل. وقال أَبو حاتم: سمي البدّال بدّالاً
لأَنه يبدّل بيعاً ببيع فيبيع اليوم شيئاً وغداً شيئاً آخر، قال: وهذا كله
يدل على أَن بَدَلت، بالتخفيف، جائز وأَنه متعدّ. والمبادلة مفاعلة من
بَدَلت؛ وقوله:
فلم أَكُنْ، والمالِكِ الأَجَلِّ،
أَرْضى بِخَلٍّ، بعدَها، مُبْدَلِّ
إِنما أَراد مُبْدَل فشدَّد اللام للضرورة، قال ابن سيده: وعندي أَنه
شدَّدها للوقف ثم اضطُرَّ فأَجرى الوصل مُجْرى الوقف كما قال:
ببازِلٍ وَجْناءَ أَو عَيْهَلِّ
واختار المالك على المَلك ليسلم الجزء من الخَبْل، وحروف البدل: الهمزة
والأَلف والياء والواو والميم والنون والتاء والهاء والطاء والدال
والجيم، وإِذا أَضفت إِليها السين واللام وأَخرجت منها الطاء والدال والجيم
كانت حروفَ الزيادةِ؛ قال ابن سيده: ولسنا نريد البدل الذي يحدث مع الإِدغام
إِنما نريد البدل في غير إِدغام. وبادَلَ الرجلَ مُبادَلة وبِدالاً:
أَعطاه مثل ما أَخَذَ منه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
قال: أَبي خَوْنٌ، فقيل: لالا
اَيْسَ أَباك، فاتْبَعِ البِدَالا
والأَبدال: قوم من الصالحين بهم يُقيم اللهُ الأَرض، أَربعون في الشام
وثلاثون في سائر البلاد، لا يموت منهم أَحد إِلا قام مكانه آخر، فلذلك
سُمُّوا أَبدالاً، وواحد الأَبدال العُبَّاد بِدْل وبَدَل؛ وقال ابن دريد:
الواحد بَدِيل. وروى ابن شميل بسنده حديثاً عن علي، كرم الله وجهه، أَنه
قال: الأَبدال بالشام، والنُّجَباء بمصر، والعصائب بالعراق؛ قال ابن شميل:
الأَبدال خِيارٌ بَدَلٌ من خِيار، والعصائب عُصْبة وعصائب يجتمعون فيكون
بينهم حرب؛ قال ابن السكيت: سمي المُبَرِّزون في الصلاح أَبدالاً لأَنهم
أُبْدِلوا من السلف الصالح، قال: والأَبدال جمع بَدَل وبِدْل، وجَمْع
بَدِيل بَدْلى، والأَبدال: الأَولياء والعُبَّاد، سُموا بذلك لأَنهم كلما
مات منهم واحد أُبدل بآخر.
وبَدَّل الشيءَ: حَرَّفه. وقوله عز وجل: وما بَدَّلوا تبديلاً؛ قال
الزجاج: معناه أَنهم ماتوا على دينهم غَيْرَ مُبَدِّلين. ورجل بِدْل: كريم؛
عن كراع، والجمع أَبدال. ورجل بِدْل وبَدَل: شريف، والجمع كالجمع، وهاتان
الأَخيرتان غير خاليتين من معنى الخَلَف. وتَبَدَّل الشيءُ: تَغَيَّر؛
فأَما قول الراجز:
فبُدِّلَتْ، والدَّهْرُ ذو تبدُّلِ،
هَيْفا دَبُوراً بالصَّبا والشَّمْأَلِ
فإِنه أَراد ذو تبديل.
والبَدَل: وَجَع في اليدين والرجلين، وقيل: وجع المفاصل واليدين
والرجلين؛ بَدِل، بالكسر، يَبْدَل بَدلاً فهو بَدِلٌ إِذا وَجِع يَديه ورجليه؛
قال الشَّوْأَل بن
نُعيم أَنشده يعقوب في الأَلفاظ:
فَتَمَذَّرَتْ نفسي لذاك، ولم أَزل
بَدِلاً نَهارِيَ كُلَّه حتى الأُصُل
والبَأْدَلة: ما بين العُنُق والتَّرْقُوَة، والجمع بآدل؛ قال الشاعر:
فَتىً قُدَّ السَّيْفِ، لا مُتآزفٌ،
ولا رَهِلٌ لَبَّاتُه وبآدِلُه
وقيل: هي لحم الصدر وهي البَأْدَلة والبَهْدَلة وهي الفَهْدَة. ومَشى
البَأْدَلة إِذا مَشى مُحَرِّكاً بآدله، وهي مِن مِشْية القِصار من النساء؛
قال:
قد كان فيما بيننا مُشاهَلَه،
ثم تَوَلَّتْ، وهي تَمْشي البَادَله
أَراد البَأْدَلة فَخَفَّف حتى كأَن وضعها أَلف، وذلك لمكان التأْسيس.
وبَدِل: شكا بَأْدَلته على حكم الفعل المَصُوغ من أَلفاظ الأَعضاء لا على
العامّة؛ قال ابن سيده: وبذلك قَضينا على همزتها بالزيادة وهو مذهب
سيبويه في الهمزة إِذا كانت الكلمة تزيد على الثلاثة؛ وفي الصفات لأَبي عبيد:
البَأْدَلة اللَّحمية في باطن الفخذ. وقال نُصير: البَأْدَلتان بطون
الفخذين، والرَّبْلتان لحم باطن الفَخذ، والحاذان لحم ظاهِرهما حيث يقع شعر
الذَّنَب، والجاعِرتان رأْساً الفخذين حيث يُوسَم الحمار بحَلْقة،
والرَّعْثاوان والثَّنْدُوَتان يُسَمَّينَ البآدل، والثَّنْدُوَتان لَحْمتان فوق
الثديين.
وبادَوْلى وبادُولى، بالفتح والضم: موضع؛ قال الأَعشى:
حَلَّ أَهْلي بَطْنَ الغَمِيس فَبادَوْ
لى، وحَلَّتْ عُلْوِيَّة بالسِّخَال
يروى بالفتح والضم جميعاً. ويقال للرجل الذي يأْتي بالرأْي السخيف: هذا
رأْي الجَدَّالين والبَدَّالين. والبَدَّال: الذي ليس له مال إِلا بقدر
مايشتري به شيئاً، فإِذا باعه اشترى به بدلاً منه يسمى بَدَّالاً، والله
أَعلم.
حرسن: الحُرْسُونُ: البعيرُ المهزول؛ عن الهجري؛ وأَنشد لعَمّار بن
البَوْلانِيّة الكلبي:
وتابع غير متبوع، حَلائلُه
يُزْجِينَ أَقْعِدَةً حُدْباً حَراسِينا.
والقصيدةُ التي فيها هذا البيت مجرورةُ القوافي؛ وأَولها:
وَدَّعْتُ نَجْداً، وما قلْبي بمَحْزونِ،
وداعَ مَنْ قد سَلا عنها إلى حينِ.
الأَزهري عن أَبي عمرو: إبِلٌ حَراسِينُ عِجافٌ مجهودة؛ وقال:
يا أُمُّ عَمْروٍ، ما هداكِ لِفِتْيةٍ
وخُوصٍ حَراسينٍ شَديدٍ لُغوبُها
أَبو عمرو: الحراسيمُ والحراسينُ السِّنون المُقْحِطات.