للإمام، أبي عبد الرحمن: أحمد بن شعــيب النسائي.
المتوفى: سنة 303، ثلاث وثلاثمائة.
شعــر: شَعَــرَ به وشَعُــرَ يَــشْعُــر شِعْــراً وشَعْــراً وشِعْــرَةً
ومَــشْعُــورَةً وشُعُــوراً وشُعُــورَةً وشِعْــرَى ومَــشْعُــوراءَ ومَــشْعُــوراً؛ الأَخيرة عن
اللحياني، كله: عَلِمَ. وحكى اللحياني عن الكسائي: ما شَعَــرْتُ
بِمَــشْعُــورِه حتى جاءه فلان، وحكي عن الكسائي أَيضاً: أَــشْعُــرُ فلاناً ما
عَمِلَهُ، وأَــشْعُــرُ لفلانٍ ما عمله، وما شَعَــرْتُ فلاناً ما عمله، قال: وهو كلام
العرب.
ولَيْتَ شِعْــرِي أَي ليت علمي أَو ليتني علمت، وليتَ شِعــري من ذلك أَي
ليتني شَعَــرْتُ، قال سيبويه: قالوا ليت شِعْــرَتي فحذفوا التاء مع الإِضافة
للكثرة، كما قالوا: ذَهَبَ بِعُذَرَتِها وهو أَبو عُذْرِها فحذفوا التاء
مع الأَب خاصة. وحكى اللحياني عن الكسائي: ليتَ شِعْــرِي لفلان ما
صَنَعَ، وليت شِعْــرِي عن فلان ما صنع، وليتَ شِعْــرِي فلاناً ما صنع؛
وأَنشد:يا ليتَ شِعْــرِي عن حِمَارِي ما صَنَعْ،
وعنْ أَبي زَيْدٍ وكَمْ كانَ اضْطَجَعْ
وأَنشد:
يا ليتَ شِعْــرِي عَنْكُمُ حَنِيفَا،
وقد جَدَعْنا مِنْكُمُ الأُنُوفا
وأَنشد:
ليتَ شِعْــرِي مُسافِرَ بنَ أبي عَمْـ
ـرٍو، ولَيْتٌ يَقُولُها المَحْزُونُ
وفي الحديث: ليتَ شِعْــرِي ما صَنَعَ فلانٌ أَي ليت علمي حاضر أَو محيط
بما صنع، فحذف الخبر، وهو كثير في كلامهم.
وأَــشْعَــرَهُ الأَمْرَ وأَــشْعَــرَه به: أَعلمه إِياه. وفي التنزيل: وما
يُــشْعِــرُكمْ أَنها إِذا جاءت لا يؤمنون؛ أَي وما يدريكم. وأَــشْعَــرْتُه
فَــشَعَــرَ أَي أَدْرَيْتُه فَدَرَى. وشَعَــرَ به: عَقَلَه. وحكى اللحياني:
أَــشْعَــرْتُ بفلان اطَّلَعْتُ عليه، وأَــشْعَــرْتُ به: أَطْلَعْتُ عليه، وشَعَــرَ
لكذا إِذا فَطِنَ له، وشَعِــرَ إِذا ملك
(* قوله: «وشعــر إِذا ملك إِلخ»
بابه فرح بخلاف ما قبله فبابه نصر وكرم كما في القاموس). عبيداً.
وتقول للرجل: اسْتَــشْعِــرْ خشية الله أَي اجعله شِعــارَ قلبك.
واسْتَــشْعَــرَ فلانٌ الخوف إِذا أَضمره.
وأَــشْعَــرَه فلانٌ شَرّاً: غَشِيَهُ به. ويقال: أَــشْعَــرَه الحُبُّ مرضاً.
والــشِّعْــرُ: منظوم القول، غلب عليه لشرفه بالوزن والقافية، وإِن كان كل
عِلْمٍ شِعْــراً من حيث غلب الفقه على علم الشرع، والعُودُ على المَندَلِ،
والنجم على الثُّرَيَّا، ومثل ذلك كثير، وربما سموا البيت الواحد
شِعْــراً؛ حكاه الأَخفش؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بقويّ إِلاَّ أَن يكون على
تسمية الجزء باسم الكل، كقولك الماء للجزء من الماء، والهواء للطائفة من
الهواء، والأَرض للقطعة من الأَرض. وقال الأَزهري: الــشِّعْــرُ القَرِيضُ
المحدود بعلامات لا يجاوزها، والجمع أَــشعــارٌ، وقائلُه شاعِرٌ لأَنه يَــشْعُــرُ
ما لا يَــشْعُــرُ غيره أَي يعلم. وشَعَــرَ الرجلُ يَــشْعُــرُ شِعْــراً وشَعْــراً
وشَعُــرَ، وقيل: شَعَــرَ قال الــشعــر، وشَعُــرَ أَجاد الــشِّعْــرَ؛ ورجل شاعر،
والجمع شُعَــراءُ. قال سيبويه: شبهوا فاعِلاً بِفَعِيلٍ كما شبهوه
بفَعُولٍ، كما قالوا: صَبُور وصُبُرٌ، واستغنوا بفاعل عن فَعِيلٍ، وهو في أَنفسهم
وعلى بال من تصوّرهم لما كان واقعاً موقعه، وكُسِّرَ تكسيره ليكون
أَمارة ودليلاً على إِرادته وأَنه مغن عنه وبدل منه. ويقال: شَعَــرْتُ لفلان
أَي قلت له شِعْــراً؛ وأَنشد:
شَعَــرْتُ لكم لَمَّا تَبَيَّنْتُ فَضْلَكُمْ
على غَيْرِكُمْ، ما سائِرُ النَّاسِ يَــشْعُــرُ
ويقال: شَعَــرَ فلان وشَعُــرَ يَــشْعُــر شَعْــراً وشِعْــراً، وهو الاسم، وسمي
شاعِراً لفِطْنَتِه. وما كان شاعراً، ولقد شَعُــر، بالضم، وهو يَــشْعُــر.
والمُتَشاعِرُ: الذي يتعاطى قولَ الــشِّعْــر. وشاعَرَه فَــشَعَــرَهُ يَــشْعَــرُه،
بالفتح، أَي كان أَــشْعــر منه وغلبه. وشِعْــرٌ شاعِرٌ: جيد؛ قال سيبويه:
أَرادوا به المبالغة والإِشادَة، وقيل: هو بمعنى مــشعــور به، والصحيح قول
سيبويه، وقد قالوا: كلمة شاعرة أَي قصيدة، والأَكثر في هذا الضرب من
المبالغة أَن يكون لفظ الثاني من لفظ الأَول، كَوَيْلٌ وائلٌ ولَيْلٌ لائلٌ.
وأَما قولهم: شاعِرُ هذا الــشعــر فليس على حدذ قولك ضاربُ زيدٍ تريد المنقولةَ
من ضَرَبَ، ولا على حدها وأَنت تريد ضاربٌ زيداً المنقولةَ من قولك يضرب
أَو سيضرب، لأَمن ذلك منقول من فعل متعدّ، فأَما شاعرُ هذا الــشعــرِ فليس
قولنا هذا الــشعــر في موضع نصب البتة لأَن فعل الفاعل غير متعدّ إِلاَّ
بحرف الجر، وإِنما قولك شاعر هذا الــشعــر بمنزلة قولك صاحب هذا الشرع لأَن
صاحباً غير متعدّ عند سيبويه، وإِنما هو عنده بمنزلة غلام وإِن كان مشتقّاً
من الفعل، أَلا تراه جعله في اسم الفاعل بمنزلة دَرّ في المصادر من قولهم
لله دَرُّكَ؟ وقال الأَخفش: الشاعِرُ مثلُ لابِنٍ وتامِرٍ أَي صاحب
شِعْــر، وقال: هذا البيتُ أَــشْعَــرُ من هذا أَي أَحسن منه، وليس هذا على حد
قولهم شِعْــرٌ شاعِرٌ لأَن صيغة التعجب إِنما تكون من الفعل، وليس في شاعر من
قولهم شعــر شاعر معنى الفعل، إِنما هو على النسبة والإِجادة كما قلنا،
اللهم إِلاَّ أَن يكون الأَخفش قد علم أَن هناك فعلاً فحمل قوله أَــشْعَــرُ
منه عليه، وقد يجوز أَن يكون الأَخفش توهم الفعل هنا كأَنه سمع شَعُــرَ
البيتُ أَي جاد في نوع الــشِّعْــر فحمل أَــشْعَــرُ منه عليه. وفي الحديث: قال
رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن من الــشِّعْــر لَحِكمَةً فإِذا أَلْبَسَ
عليكم شَيْءٌ من القرآن فالْتَمِسُوهُ في الــشعــر فإِنه عَرَبِيٌّ.
والــشَّعْــرُ والــشَّعَــرُ مذكرانِ: نِبْتَةُ الجسم مما ليس بصوف ولا وَبَرٍ
للإِنسان وغيره، وجمعه أَــشْعــار وشُعُــور، والــشَّعْــرَةُ الواحدة من
الــشَّعْــرِ، وقد يكنى بالــشَّعْــرَة عن الجمع كما يكنى بالشَّيبة عن الجنس؛ يقال
رأَى
(* قوله: «يقال رأى إلخ» هذا كلام مستأنف وليس متعلقاً بما قبله
ومعناه أَنه يكنى بالــشعــرة عن الشيب: انظر الصحاح والاساس). فلان الــشَّعْــرَة
إِذا رأَى الشيب في رأْسه. ورجل أَــشْعَــرُ وشَعِــرٌ وشَعْــرانيّ: كثير شعــر
الرأْس والجسد طويلُه، وقوم شُعْــرٌ. ورجل أَظْفَرُ: طويل الأَظفار،
وأَعْنَقُ: طويل العُنق. وسأَلت أَبا زيد عن تصغير الــشُّعُــور فقال: أُشَيْعار،
رجع إِلى أَــشْعــارٍ، وهكذا جاء في الحديث: على أَــشْعــارِهم وأَبْشارِهم.
ويقال للرجل الشديد: فلان أَــشْعَــرُ الرَّقَبَةِ، شبه بالأَسد وإِن لم يكن
ثمّ شَعَــرٌ؛ وكان زياد ابن أَبيه يقال له أَــشْعَــرُ بَرْكاً أَي أَنه كثير
شعــر الصدر؛ وفي الصحاح: كان يقال لعبيد الله بن زياد أَــشْعَــرُ بَرْكاً.
وفي حديث عمر: إِن أَخا الحاجِّ الأَــشعــث الأَــشْعَــر أَي الذي لم يحلق شعــره
ولم يُرَجّلْهُ. وفي الحديث أَيضاً: فدخل رجل أَــشْعَــرُ: أَي كثير الــشعــر
طويله. وشَعِــرَ التيس وغيره من ذي الــشعــر شَعَــراً: كَثُرَ شَعَــرُه؛ وتيس
شَعِــرٌ وأَــشْعَــرُ وعنز شَعْــراءُ، وقد شَعِــرَ يَــشْعَــرُ شَعَــراً، وذلك كلما
كثر شعــره.
والــشِّعْــراءُ والــشِّعْــرَةُ، بالكسر: الــشَّعَــرُ النابت على عانة الرجل
ورَكَبِ المرأَة وعلى ما وراءها؛ وفي الصحاح: والــشِّعْــرَةُ، بالكسر، شَعَــرُ
الرَّكَبِ للنساء خاصة. والــشِّعْــرَةُ: منبت الــشِّعــرِ تحت السُّرَّة،
وقيل: الــشِّعْــرَةُ العانة نفسها. وفي حديث المبعث: أَتاني آتٍ فَشَقَّ من
هذه إِلى هذه، أَي من ثُغْرَةِ نَحْرِه إِلى شِعْــرَتِه؛ قال: الــشِّعْــرَةُ،
بالكسر، العانة؛ وأَما قول الشاعر:
فأَلْقَى ثَوْبَهُ، حَوْلاً كَرِيتاً،
على شِعْــراءَ تُنْقِضُ بالبِهامِ
فإِنه أَراد بالــشعــراء خُصْيَةً كثيرة الــشعــر النابت عليها؛ وقوله
تُنْقِضُ بالبِهَامِ عَنى أُدْرَةً فيها إِذا فَشَّتْ خرج لها صوت كتصويت
النَّقْضِ بالبَهْم إِذا دعاها. وأَــشْعَــرَ الجنينُ في بطن أُمه وشَعَّــرَ
واسْتَــشْعَــرَ: نَبَتَ عليه الــشعــر؛ قال الفارسي: لم يستعمل إِلا مزيداً؛ وأَنشد
ابن السكيت في ذلك:
كلُّ جَنِينٍ مُــشْعِــرٌ في الغِرْسِ
وكذلك تَــشَعَّــرَ. وفي الحديث: زكاةُ الجنين زكاةُ أُمّه إِذا أَــشْعَــرَ،
وهذا كقولهم أَنبت الغلامُ إِذا نبتتْ عانته. وأَــشْعَــرَتِ الناقةُ: أَلقت
جنينها وعليه شَعَــرٌ؛ حكاه قُطْرُبٌ؛ وقال ابن هانئ في قوله:
وكُلُّ طويلٍ، كأَنَّ السَّلِيـ
ـطَ في حَيْثُ وارَى الأَدِيمُ الــشِّعــارَا
أَراد: كأَن السليط، وهو الزيت، في شهر هذا الفرس لصفائه. والــشِّعــارُ:
جمع شَعَــرٍ، كما يقال جَبَل وجبال؛ أَراد أَن يخبر بصفاء شعــر الفرس وهو
كأَنه مدهون بالسليط. والمُوَارِي في الحقيقة: الــشِّعــارُ. والمُوارَى: هو
الأَديم لأَن الــشعــر يواريه فقلب، وفيه قول آخر: يجوز أَن يكون هذا البيت
من المستقيم غير المقلوب فيكون معناه: كأَن السليط في حيث وارى الأَديم
الــشعــر لأَن الــشعــر ينبت من اللحم، وهو تحت الأَديم، لأَن الأَديم الجلد؛
يقول: فكأَن الزيت في الموضع الذي يواريه الأَديم وينبت منه الــشعــر، وإِذا
كان الزيت في منبته نبت صافياً فصار شعــره كأَنه مدهون لأَن منابته في الدهن
كما يكون الغصن ناضراً ريان إِذا كان الماء في أُصوله. وداهية شَعْــراءُ
وداهية وَبْراءُ؛ ويقال للرجل إِذا تكلم بما ينكر عليه: جئتَ بها
شَعْــراءَ ذاتَ وبَرٍ. وأَــشْعَــرَ الخُفَّ والقَلَنْسُوَةَ وما أَشبههما وشَعَّــرَه
وشَعَــرَهُ خفيفة؛ عن اللحياني، كل ذلك: بَطَّنَهُ بــشعــر؛ وخُفٌّ مُــشْعَــرٌ
ومُــشَعَّــرٌ ومَــشْعُــورٌ. وأَــشْعَــرَ فلان جُبَّتَه إِذا بطنها بالــشَّعــر،
وكذلك إِذا أَــشْعَــرَ مِيثَرَةَ سَرْجِه.
والــشَّعِــرَةُ من الغنم: التي ينبت بين ظِلْفَيْها الــشعــر فَيَدْمَيانِ،
وقيل: هي التي تجد أُكالاً في رَكَبِها.
وداهيةٌ شَعْــراء، كَزَبَّاءَ: يذهبون بها إِلى خُبْثِها. والــشَّعْــرَاءُ:
الفَرْوَة، سميت بذلك لكون الــشعــر عليها؛ حكي ذلك عن ثعلب.
والــشَّعــارُ: الشجر الملتف؛ قال يصف حماراً وحشيّاً:
وقَرَّب جانبَ الغَرْبيّ يَأْدُو
مَدَبَّ السَّيْلِ، واجْتَنَبَ الــشَّعــارَا
يقول: اجتنب الشجر مخافة أَن يرمى فيها ولزم مَدْرَجَ السيل؛ وقيل:
الــشَّعــار ما كان من شجر في لين ووَطاءٍ من الأَرض يحله الناس نحو الدَّهْناءِ
وما أَشبهها، يستدفئُون به في الشتاء ويستظلون به في القيظ. يقال: أَرض
ذات شَعــارٍ أَي ذات شجر. قال الأَزهري: قيده شمر بخطه شِعــار، بكسر الشين،
قال: وكذا روي عن الأَصمعي مثل شِعــار المرأَة؛ وأَما ابن السكيت فرواه
شَعــار، بفتح الشين، في الشجر. وقال الرِّياشِيُّ: الــشعــار كله مكسور إِلا
شَعــار الشجر. والــشَّعــارُ: مكان ذو شجر. والــشَّعــارُ: كثرة الشجر؛ وقال
الأَزهري: فيه لغتان شِعــار وشَعــار في كثرة الشجر. ورَوْضَة شَعْــراء: كثيرة
الشجر. ورملة شَعْــراء: تنبت النَّصِيَّ. والمَــشْعَــرُ أَيضاً: الــشَّعــارُ،
وقيل: هو مثل المَشْجَرِ. والمَشاعر: كُل موضع فيه حُمُرٌ وأَشْجار؛ قال ذو
الرمة يصف ثور وحش:
يَلُوحُ إِذا أَفْضَى، ويَخْفَى بَرِيقُه،
إِذا ما أَجَنَّتْهُ غُيوبُ المَشاعِر
يعني ما يُغَيِّبُه من الشجر. قال أَبو حنيفة: وإِن جعلت المَــشْعَــر
الموضع الذي به كثرة الشجر لم يمتنع كالمَبْقَلِ والمَحَشِّ. والــشَّعْــراء:
الشجر الكثير. والــشَّعْــراءُ: الأَرض ذات الشجر، وقيل: هي الكثيرة الشجر.
قال أَبو حنيفة: الــشَّعْــراء الروضة يغم رأْسها الشجر وجمعها شُعُــرٌ،
يحافظون على الصفة إِذ لو حافظوا على الاسم لقالوا شَعْــراواتٌ وشِعــارٌ.
والــشَّعْــراء أَيضاً: الأَجَمَةُ. والــشَّعَــرُ: النبات والشجر، على التشبيه
بالــشَّعَــر.
وشَعْــرانُ: اسم جبل بالموصل، سمي بذلك لكثرة شجره؛ قال الطرماح:
شُمُّ الأَعالي شائِكٌ حَوْلَها
شَعْــرانُ، مُبْيَضٌّ ذُرَى هامِها
أَراد: شم أَعاليها فحذف الهاء وأَدخل الأَلف واللام، كما قال زهير:
حُجْنُ المَخالِبِ لا يَغْتَالُه السَّبُعُ
أَي حُجْنٌ مخالبُه. وفي حديث عَمْرِو بن مُرَّةَ:
حتى أَضاء لي أَــشْعَــرُ جُهَيْنَةَ؛ هو اسم جبل لهم.
وشَعْــرٌ: جبل لبني سليم؛ قال البُرَيْقُ:
فَحَطَّ الــشَّعْــرَ من أَكْنافِ شَعْــرٍ،
ولم يَتْرُكْ بذي سَلْعٍ حِمارا
وقيل: هو شِعِــرٌ. والأَــشْعَــرُ: جبل بالحجاز.
والــشِّعــارُ: ما ولي شَعَــرَ جسد الإِنسان دون ما سواه من الثياب، والجمع
أَــشْعِــرَةٌ وشُعُــرٌ. وفي المثل: هم الــشَّعــارُ دون الدِّثارِ؛ يصفهم
بالمودّة والقرب. وفي حديث الأَنصار: أَنتم الــشَّعــارُ والناس الدِّثارُ أَي
أَنتم الخاصَّة والبِطانَةُ كما سماهم عَيْبَتَه وكَرِشَهُ. والدثار: الثوب
الذي فوق الــشعــار. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: إِنه كان لا ينام في
شُعُــرِنا؛ هي جمع الــشِّعــار مثل كتاب وكُتُب، وإِنما خصتها بالذكر لأَنها
أَقرب إِلى ما تنالها النجاسة من الدثار حيث تباشر الجسد؛ ومنه الحديث
الآخر: إِنه كان لا يصلي في شُعُــرِنا ولا في لُحُفِنا؛ إِنما امتنع من
الصلاة فيها مخافة أَن يكون أَصابها شيء من دم الحيض، وطهارةُ الثوب شرطٌ في
صحة الصلاة بخلاف النوم فيها. وأَما قول النبي، صلى الله عليه وسلم،
لَغَسَلَةِ ابنته حين طرح إِليهن حَقْوَهُ قال: أَــشْعِــرْنَها إِياه؛ فإِن أَبا
عبيدة قال: معناه اجْعَلْنَه شِعــارها الذي يلي جسدها لأَنه يلي شعــرها،
وجمع الــشِّعــارِ شُعُــرٌ والدِّثارِ دُثُرٌ. والــشِّعــارُ: ما استــشعــرتْ به من
الثياب تحتها.
والحِقْوَة: الإِزار. والحِقْوَةُ أَيضاً: مَعْقِدُ الإِزار من
الإِنسان. وأَــشْعَــرْتُه: أَلبسته الــشّعــارَ. واسْتَــشْعَــرَ الثوبَ: لبسه؛ قال
طفيل:وكُمْتاً مُدَمَّاةً، كأَنَّ مُتُونَها
جَرَى فَوْقَها، واسْتَــشْعَــرَتْ لون مُذْهَبِ
وقال بعض الفصحاء: أَــشْعَــرْتُ نفسي تَقَبُّلَ أَمْرَه وتَقَبُّلَ
طاعَتِه؛ استعمله في العَرَضِ.
والمَشاعِرُ: الحواسُّ؛ قال بَلْعاء بن قيس:
والرأْسُ مُرْتَفِعٌ فيهِ مَشاعِرُهُ،
يَهْدِي السَّبِيلَ لَهُ سَمْعٌ وعَيْنانِ
والــشِّعــارُ: جُلُّ الفرس. وأَــشْعَــرَ الهَمُّ قلبي: لزِقَ به كلزوق
الــشِّعــارِ من الثياب بالجسد؛ وأَــشْعَــرَ الرجلُ هَمّاً: كذلك. وكل ما أَلزقه
بشيء، فقد أَــشْعَــرَه به. وأَــشْعَــرَه سِناناً: خالطه به، وهو منه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي لأَبي عازب الكلابي:
فأَــشْعَــرْتُه تحتَ الظلامِ، وبَيْنَنا
من الخَطَرِ المَنْضُودِ في العينِ ناقِع
يريد أَــشعــرت الذئب بالسهم؛ وسمى الأَخطل ما وقيت به الخمر شِعــاراً فقال:
فكفَّ الريحَ والأَنْداءَ عنها،
مِنَ الزَّرَجُونِ، دونهما شِعــارُ
ويقال: شاعَرْتُ فلانة إِذا ضاجعتها في ثوب واحد وشِعــارٍ واحد، فكنت لها
شعــاراً وكانت لك شعــاراً. ويقول الرجل لامرأَته: شاعِرِينِي. وشاعَرَتْه:
ناوَمَتْهُ في شِعــارٍ واحد. والــشِّعــارُ: العلامة في الحرب وغيرها.
وشِعــارُ العساكر: أَن يَسِموا لها علامة ينصبونها ليعرف الرجل بها رُفْقَتَه.
وفي الحديث: إِن شِعــارَ أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان في
الغَزْوِ: يا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ وهو تفاؤل بالنصر بعد الأَمر
بالإِماتة. واسْتَــشْعَــرَ القومُ إِذا تداعَوْا بالــشِّعــار في الحرب؛ وقال
النابغة:
مُسْتَــشْعِــرِينَ قَد آلْفَوْا، في دِيارهِمُ،
دُعاءَ سُوعٍ ودُعْمِيٍّ وأَيُّوبِ
يقول: غزاهم هؤلاء فتداعوا بينهم في بيوتهم بــشعــارهم. وشِعــارُ القوم:
علامتهم في السفر. وأَــشْعَــرَ القومُ في سفرهم: جعلوا لأَنفسهم شِعــاراً.
وأَــشْعَــرَ القومُ: نادَوْا بــشعــارهم؛ كلاهما عن اللحياني. والإِــشْعــارُ:
الإِعلام. والــشّعــارُ: العلامة. قالالأَزهري: ولا أَدري مَشاعِرَ الحجّ إِلاَّ
من هذا لأَنها علامات له. وأَــشْعَــرَ البَدَنَةَ: أَعلمها، وهو أَن يشق
جلدها أَو يطعنها في أَسْنِمَتِها في أَحد الجانبين بِمِبْضَعٍ أَو نحوه،
وقيل: طعن في سَنامها الأَيمن حتى يظهر الدم ويعرف أَنها هَدْيٌ، وهو الذي
كان أَو حنيفة يكرهه وزعم أَنه مُثْلَةٌ، وسنَّة النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَحق بالاتباع. وفي حديث مقتل عمر، رضي الله عنه: أَن رجلاً رمى
الجمرة فأَصاب صَلَعَتَهُ بحجر فسال الدم، فقال رجل: أُــشْعِــرَ أَميرُ
المؤمنين، ونادى رجلٌ آخر: يا خليفة، وهو اسم رجل، فقال رجل من بني لِهْبٍ:
ليقتلن أَمير المؤمنين، فرجع فقتل في تلك السنة. ولهب: قبيلة من اليمن فيهم
عِيافَةٌ وزَجْرٌ، وتشاءم هذا اللِّهْبِيُّ بقول الرجل أُــشْعــر أَمير
المؤمنين فقال: ليقتلن، وكان مراد الرجل أَنه أُعلم بسيلان الدم عليه من الشجة
كما يــشعــر الهدي إِذا سيق للنحر، وذهب به اللهبي إِلى القتل لأَن العرب
كانت تقول للملوك إِذا قُتلوا: أُــشْعِــرُوا، وتقول لِسُوقَةِ الناسِ:
قُتِلُوا، وكانوا يقولون في الجاهلية: دية المُــشْعَــرَةِ أَلف بعير؛ يريدون دية
الملوك؛ فلما قال الرجل: أُــشْعِــرَ أَمير المؤمنين جعله اللهبي قتلاً
فيما توجه له من علم العيافة، وإِن كان مراد الرجل أَنه دُمِّيَ كما
يُدَمَّى الهَدْيُ إِذا أُــشْعِــرَ، وحَقَّتْ طِيَرَتُهُ لأَن عمر، رضي الله عنه،
لما صَدَرَ من الحج قُتل. وفي حديث مكحول: لا سَلَبَ إِلا لمن أَــشْعَــرَ
عِلْجاً أَو قتله، فأَما من لم يُــشعــر فلا سلب له، أَي طعنه حتى يدخل
السِّنانُ جوفه؛ والإِــشْعــارُ: الإِدماء بطعن أَو رَمْيٍ أَو وَجْءٍ بحديدة؛
وأَنشد لكثيِّر:
عَلَيْها ولَمَّا يَبْلُغا كُلَّ جُهدِها،
وقد أَــشْعَــرَاها في أَظَلَّ ومَدْمَعِ
أَــشعــراها: أَدمياها وطعناها؛ وقال الآخر:
يَقُولُ لِلْمُهْرِ، والنُّشَّابُ يُــشْعِــرُهُ:
لا تَجْزَعَنَّ، فَشَرُّ الشِّيمَةِ الجَزَعُ
وفي حديث مقتل عثمان، رضي الله عنه: أَن التُّجِيبِيَّ دخل عليه
فأَــشْعَــرَهُ مِشْقَصاً أَي دَمَّاهُ به؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
نُقَتِّلُهُمْ جِيلاً فَجِيلاً، تَراهُمُ
شَعــائرَ قُرْبانٍ، بها يُتَقَرَّبُ
وفي حديث الزبير: أَنه قاتل غلاماً فأَــشعــره. وفي حديث مَعْبَدٍ
الجُهَنِيِّ: لما رماه الحسن بالبدعة قالت له أُمه: إِنك قد أَــشْعَــرْتَ ابني في
الناس أَي جعلته علامة فيهم وشَهَّرْتَهُ بقولك، فصار له كالطعنة في
البدنة لأَنه كان عابه بالقَدَرِ. والــشَّعِــيرة: البدنة المُهْداةُ، سميت بذلك
لأَنه يؤثر فيها بالعلامات، والجمع شعــائر. وشِعــارُ الحج: مناسكه وعلاماته
وآثاره وأَعماله، جمع شَعــيرَة، وكل ما جعل عَلَماً لطاعة الله عز وجل
كالوقوف والطواف والسعي والرمي والذبح وغير ذلك؛ ومنه الحديث: أَن جبريل
أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: مر أُمتك أَن يرفعوا أَصواتهم
بالتلبية فإِنها من شعــائر الحج.
والــشَّعِــيرَةُ والــشِّعــارَةُ
(* قوله: «والــشعــارة» كذا بالأصل مضبوطاً
بكسر الشين وبه صرح في المصباح، وضبط في القاموس بفتحها). والمَــشْعَــرُ:
كالــشِّعــارِ. وقال اللحياني: شعــائر الحج مناسكه، واحدتها شعــيرة. وقوله تعالى:
فاذكروا الله عند المَــشْعَــرِ الحرام؛ هو مُزْدَلِفَةُ، وهي جمعٌ تسمى
بهما جميعاً. والمَــشْعَــرُ: المَعْلَمُ والمُتَعَبَّدُ من مُتَعَبَّداتِهِ.
والمَشاعِرُ: المعالم التي ندب الله إِليها وأَمر بالقيام عليها؛ ومنه سمي
المَــشْعَــرُ الحرام لأَنه مَعْلَمٌ للعبادة وموضع؛ قال: ويقولون هو
المَــشْعَــرُ الحرام والمِــشْعَــرُ، ولا يكادون يقولونه بغير الأَلف واللام. وفي
التنزيل: يا أَيها الذين آمنوا لا تُحِلُّوا شَعــائرَ الله؛ قال الفرّاء:
كانت العرب عامة لا يرون الصفا والمروة من الــشعــائر ولا يطوفون بينهما
فأَنزل الله تعالى: لا تحلوا شعــائر الله؛ أَي لا تستحلوا ترك ذلك؛ وقيل:
شعــائر الله مناسك الحج. وقال الزجاج في شعــائر الله: يعني بها جميع متعبدات
الله التي أَــشْعــرها الله أَي جعلها أَعلاماً لنا، وهي كل ما كان من موقف
أَو مسعى أَو ذبح، وإِنما قيل شعــائر لكل علم مما تعبد به لأَن قولهم
شَعَــرْتُ به علمته، فلهذا سميت الأَعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعــائر.
والمشاعر: مواضع المناسك. والــشِّعــارُ: الرَّعْدُ؛ قال:
وقِطار غادِيَةٍ بِغَيْرِ شِعــارِ
الغادية: السحابة التي تجيء غُدْوَةً، أَي مطر بغير رعد. والأَــشْعَــرُ:
ما استدار بالحافر من منتهى الجلد حيث تنبت الــشُّعَــيْرات حَوالَي الحافر.
وأَشاعرُ الفرس: ما بين حافره إِلى منتهى شعــر أَرساغه، والجمع أَشاعِرُ
لأَنه اسم. وأَــشْعَــرُ خُفِّ البعير: حيث ينقطع الــشَّعَــرُ، وأَــشْعَــرُ
الحافرِ مِثْلُه. وأَــشْعَــرُ الحَياءِ: حيث ينقطع الــشعــر. وأَشاعِرُ الناقة:
جوانب حيائها. والأَــشْعَــرانِ: الإِسْكَتانِ، وقيل: هما ما يلي
الشُّفْرَيْنِ. يقال لِناحِيَتَيْ فرج المرأَة: الإِسْكَتانِ، ولطرفيهما: الشُّفْرانِ،
وللذي بينهما: الأَــشْعَــرانِ. والأَــشْعَــرُ: شيء يخرج بين ظِلْفَي الشاةِ
كأَنه ثُؤْلُولُ الحافر تكوى منه؛ هذه عن اللحياني. والأَــشْعَــرُ: اللحم
تحت الظفر.
والــشَّعِــيرُ: جنس من الحبوب معروف، واحدته شَعِــيرَةٌ، وبائعه
شَعِــيرِيٌّ. قال سيبويه: وليس مما بني على فاعِل ولا فَعَّال كما يغلب في هذا
النحو. وأَما قول بعضهم شِعِــير وبِعِير ورِغيف وما أَشبه ذلك لتقريب الصوت من
الصوت فلا يكون هذا إِلا مع حروف الحلق.
والــشَّعِــيرَةُ: هَنَةٌ تصاغ من فضة أَو حديد على شكل الــشَّعــيرة تُدْخَلُ
في السِّيلانِ فتكون مِساكاً لِنِصابِ السكين والنصل، وقد أَــشْعَــرَ
السكين: جعل لها شَعِــيرة. والــشَّعِــيرَةُ: حَلْيٌ يتخذ من فضة مثل الــشعــير على
هيئة الــشعــيرة. وفي حديث أُم سلمة، رضي الله عنها: أَنها جعلت شَارِيرَ
الذهب في رقبتها؛ هو ضرب من الحُلِيِّ أَمثال الــشعــير.
والــشَّعْــراء: ذُبابَةٌ يقال هي التي لها إِبرة، وقيل: الــشَّعْــراء ذباب
يلسع الحمار فيدور، وقيل: الــشَّعْــراءُ والــشُّعَــيْرَاءُ ذباب أَزرق يصيب
الدوابَّ. قال أَبو حنيفة: الــشَّعْــراءُ نوعان: للكلب شعــراء معروفة، وللإِبل
شعــراء؛ فأَما شعــراء الكلب فإِنها إِلى الزُّرْقَةِ والحُمْرَةِ ولا تمس
شيئاً غير الكلب، وأَما شَعْــراءُ الإِبل فتضرب إِلى الصُّفْرة، وهي أَضخم
من شعــراء الكلب، ولها أَجنحة، وهي زَغْباءُ تحت الأَجنحة؛ قال: وربما
كثرت في النعم حتى لا يقدر أَهل الإِبل على أَن يجتلبوا بالنهار ولا أَن
يركبوا منها شيئاً معها فيتركون ذلك إِلى الليل، وهي تلسع الإِبل في
مَراقِّ الضلوع وما حولها وما تحت الذنب والبطن والإِبطين، وليس يتقونها بشيء
إِذا كان ذلك إِلا بالقَطِرانِ، وهي تطير على الإِبل حتى تسمع لصوتها
دَوِيّاً، قال الشماخ:
تَذُبُّ صِنْفاً مِنَ الــشَّعْــراءِ، مَنْزِلُهُ
مِنْها لَبانٌ وأَقْرَابٌ زَهالِيلُ
والجمع من كل ذلك شَعــارٍ. وفي الحديث: أَنه لما أَراد قتل أُبَيّ بن
خَلَفٍ تطاير الناسُ عنه تَطايُرَ الــشُّعْــرِ عن البعير ثم طعنه في حلقه؛
الــشُّعْــر، بضم الشين وسكن العين: جمع شَعْــراءَ، وهي ذِبَّانٌ أَحمر، وقيل
أَزرق، يقع على الإِبل ويؤذيها أَذى شديداً، وقيل: هو ذباب كثير الــشعــر. وفي
الحديث: أَن كعب بن مالك ناوله الحَرْبَةَ فلما أَخذها انتفض بها
انتفاضةً تطايرنا عنه تطاير الــشَّعــارِيرِ؛ هي بمعنى الــشُّعْــرِ، وقياس واحدها
شُعْــرورٌ، وقيل: هي ما يجتمع على دَبَرَةِ البعير من الذبان فإِذا هيجتْ
تطايرتْ عنها.
والــشَّعْــراءُ: الخَوْخُ أَو ضرب من الخوخ، وجمعه كواحده. قال أَبو
حنيفة: الــشَّعْــراء شجرة من الحَمْضِ ليس لها ورق ولها هَدَبٌ تَحْرِصُ عليها
الإِبل حِرْصاً شديداً تخرج عيداناً شِداداً. والــشَّعْــراءُ: فاكهة، جمعه
وواحده سواء.
والــشَّعْــرانُ: ضَرْبٌ من الرِّمْثِ أَخْضَر، وقيل: ضرب من الحَمْضِ
أَخضر أَغبر.
والــشُّعْــرُورَةُ: القِثَّاءَة الصغيرة، وقيل: هو نبت.
والــشَّعــارِيرُ: صغار القثاء، واحدها شُعْــرُور. وفي الحديث: أَنه
أُهْدِيَ لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، شعــاريرُ؛ هي صغار القثاء. وذهبوا
شَعــالِيلَ وشَعــارِيرَ بِقُذَّانَ وقِذَّانَ أَي متفرّقين، واحدهم شُعْــرُور،
وكذلك ذهبوا شَعــارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ. قال اللحياني: أَصبحتْ شَعــارِيرَ
بِقِرْدَحْمَةَ وقَرْدَحْمَةَ وقِنْدَحْرَةَ وقَنْدَحْرَةَ وقَِدْحَرَّةَ
وقَِذْحَرَّةَ؛ معنى كل ذلك بحيث لا يقدر عليها، يعني اللحياني أَصبحت
القبيلة. قال الفراء: الشَّماطِيطُ والعَبادِيدُ والــشَّعــارِيرُ
والأَبابِيلُ، كل هذا لا يفرد له واحد. والــشَّعــارِيرُ: لُعْبة للصبيان، لا يفرد؛
يقال: لَعِبنَا الــشَّعــاريرَ وهذا لَعِبُ الــشَّعــاريرِ.
وقوله تعالى: وأنه هو رَبُّ الــشِّعْــرَى؛ الــشعــرى: كوكب نَيِّرٌ يقال له
المِرْزَمُ يَطْلعُ بعد الجَوْزاءِ، وطلوعه في شدّة الحرّ؛ تقول العرب:
إِذا طلعت الــشعــرى جعل صاحب النحل يرى. وهما الــشِّعْــرَيانِ: العَبُورُ التي
في الجوزاء، والغُمَيْصاءُ التي في الذِّراع؛ تزعم العرب أَنهما أُختا
سُهَيْلٍ، وطلوع الــشعــرى على إِثْرِ طلوع الهَقْعَةِ. وعبد الــشِّعْــرَى
العَبُور طائفةٌ من العرب في الجاهلية؛ ويقال: إِنها عَبَرَت السماء عَرْضاً
ولم يَعْبُرْها عَرْضاً غيرها، فأَنزل الله تعالى: وأَنه هو رب الــشعــرى؛
أَي رب الــشعــرى التي تعبدونها، وسميت الأُخرى الغُمَيْصاءَ لأَن العرب قالت
في أَحاديثها: إِنها بكت على إِثر العبور حتى غَمِصَتْ.
والذي ورد في حديث سعد: شَهِدْتُ بَدْراً وما لي غير شَعْــرَةٍ واحدة ثم
أَكثر الله لي من اللِّحَى بعدُ؛ قيل: أَراد ما لي إِلا بِنْتٌ واحدة ثم
أَكثر الله لي من الوَلَدِ بعدُ.
وأَــشْعَــرُ: قبيلة من العرب، منهم أَبو موسى الأَــشْعَــرِيُّ، ويجمعون
الأَــشعــري، بتخفيف ياء النسبة، كما يقال قوم يَمانُونَ. قال الجوهري:
والأَــشْعَــرُ أَبو قبيلة من اليمن، وهو أَــشْعَــرُ بن سَبَأ ابن يَشْجُبَ بن
يَعْرُبَ بن قَحْطانَ. وتقول العرب: جاء بك الأَــشْعَــرُونَ، بحذف ياءي
النسب.وبنو الــشُّعَــيْراءِ: قبيلة معروفة.
والشُّوَيْعِرُ: لقب محمد بن حُمْرانَ بن أَبي حُمْرَانَ الجُعْفِيّ،
وهو أَحد من سمي في الجاهلية بمحمد، والمُسَمَّوْنَ بمحمد في الجاهلية سبعة
مذكورون في موضعهم، لقبه بذلك امرؤ القيس، وكان قد طلب منه أَن يبيعه
فرساً فأَبى فقال فيه:
أَبْلِغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَنِّي
عَمْدَ عَيْنٍ قَلَّدْتُهُنَّ حَرِيمَا
حريم: هو جد الشُّوَيْعِرِ فإِن أَبا حُمْرانَ جَدَّه هو الحرث بن
معاوية بن الحرب بن مالك بن عوف بن سعد بن عوف بن حريم بن جُعْفِيٍّ؛ وقال
الشويعر مخاطباً لامرئ القيس:
أَتَتْنِي أُمُورٌ فَكَذِّبْتُها،
وقد نُمِيَتْ لِيَ عاماً فَعاما
بأَنَّ امْرأَ القَيْسِ أَمْسَى كَثيباً،
على آلِهِ، ما يَذُوقُ الطَّعامَا
لَعَمْرُ أَبيكَ الَّذِي لا يُهانُ
لقد كانَ عِرْضُكَ مِنِّي حَراما
وقالوا: هَجَوْتَ، ولم أَهْجُهُ،
وهَلْ يجِدَنْ فيكَ هاجٍ مَرَامَا؟
والشويعر الحنفيّ: هو هانئ بن تَوْبَةَ الشَّيْبانِيُّ؛ أَنشد أَبو
العباس ثعلب له:
وإِنَّ الذي يُمْسِي، ودُنْياه هَمُّهُ،
لَمُسْتَمْسِكٌ مِنْها بِحَبْلِ غُرُورِ
فسمي الشويعر بهذا البيت.
شعــب: الــشَّعْــبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ.
وفي حديث ابن عمر: وشَعْــبٌ صَغِـيرٌ من شَعْــبٍ كبيرٍ أَي صَلاحٌ قلِـيلٌ من فَسادٍ كَثِـيرٍ. شَعَــبَه يَــشْعَــبُه شَعْــباً، فانْــشَعَــبَ، وشَعَّــبَه
فَتَــشَعَّــب؛ وأَنشد أَبو عبيد لعليّ بنِ غَديرٍ الغَنَويِّ في الــشَّعْــبِ
بمعنى التَّفْريق:
وإِذا رأَيتَ المرْءَ يَــشْعَــبُ أَمْرَهُ، * شَعْــبَ العَصا، ويَلِـجُّ في العِصْيانِ
قال: معناه يُفَرِّقُ أَمْرَه. قال الأَصْمَعِـيُّ: شَعَــبَ الرَّجُلُ أَمْرَهُ إِذا شَتَّتَه
وفَرَّقَه.وقال ابن السِّكِّيت في الــشَّعْــبِ: إِنه يكونُ بمَعْنَيَيْنِ، يكونُ إِصْلاحاً، ويكونُ تَفْريقاً. وشَعْــبُ الصَّدْعِ في الإِناءِ:
إِنما هو إِصلاحُه ومُلاءَمَتُه، ونحوُ ذلك. والــشَّعْــبُ: الصَّدْعُ الذي
يَــشْعَــبُهُ الــشَّعّــابُ، وإِصْلاحُه أَيضاً الــشَّعْــبُ. وفي الحديث:
اتَّخَذَ مكانَ الــشَّعْــبِ سِلْسلةً؛ أَي مكانَ الصَّدْعِ والشَّقِّ الذي فيه.
والــشَّعّــابُ: الـمُلَئِّمُ، وحِرْفَتُه الــشِّعــابةُ. والـمِــشْعَــبُ: الـمِثْقَبُ الـمَــشْعُــوبُ به.
والــشَّعِـــيبُ: الـمَزادةُ الـمَــشْعُــوبةُ؛ وقيل: هي التي من أَديمَين؛
وقيل: من أَدِمَينِ يُقابَلان، ليس فيهما فِئامٌ في زَواياهُما؛ والفِئامُ
في الـمَزايدِ: أَن يُؤْخَذَ الأَدِيمُ فيُثْنى، ثم يُزادُ في جَوانِـبِها
ما يُوَسِّعُها؛ قال الراعي يَصِفُ إِبِلاً تَرعَى في العَزيبِ:
إِذا لمْ تَرُحْ، أَدَّى إِليها مُعَجِّلٌ، * شَعِـــيبَ أَدِيمٍ، ذا فِراغَينِ مُتْرَعا
يعني ذا أَدِيمَين قُوبِلَ بينهما؛ وقيل: التي تُفْأَمُ بجِلْدٍ ثالِثٍ
بين الجِلْدَين لتَتَّسِعَ؛ وقيل: هي التي من قِطْعَتَينِ، شُعِــبَتْ
إِحداهُما إِلى الأُخرى أَي ضُمَّتْ؛ وقيل: هي الـمَخْرُوزَةُ من وَجْهينِ؛ وكلُّ ذلك من الجمعِ.
والــشَّعِـــيبُ أَيضاً: السِّقاءُ البالي، لأَنه يُــشْعَــب، وجَمْعُ كلِّ
ذلك شُعُــبٌ. والــشَّعِـــيبُ، والـمَزادةُ، والراويَةُ، والسَّطيحةُ: شيءٌ
واحدٌ، سمي بذلك، لأَنه ضُمَّ بعضُه إِلى بعضٍ.
ويقال: أَــشْعَــبُه فما يَنْــشَعِــبُ أَي فما يَلْتَئِمُ.
ويُسَمَّى الرحلُ شَعِـــيباً؛ ومنه قولُ الـمَرّار يَصِفُ ناقةً:
إِذا هي خَرَّتْ، خَرَّ، مِن عن يمينِها، * شَعِـــيبٌ، به إِجْمامُها ولُغُوبُها(1)
(1 قوله «من عن يمينها» هكذا في الأصل والجوهري والذي في التهذيب من عن شمالها.)
يعني الرحْل، لأَنه مَــشْعــوب بعضُه إِلى بعضٍ أَي مضمومٌ.
وتقول: التَـأَمَ شَعْــبُهم إِذا اجتمعوا بعد التفَرُّقِ؛ وتَفَرَّقَ
شَعْــبُهم إِذا تَفَرَّقُوا بعد الاجتماعِ؛ قال الأَزهري: وهذا من عجائب
كلامِهم؛ قال الطرماح:
شَتَّ شَعْــبُ الحيِّ بعد التِئامِ، * وشَجاكَ، اليَوْمَ، رَبْعُ الـمُقامِ
أَي شَتَّ الجميعُ.
وفي الحديث: ما هذه الفُتْيا التي شَعَــبْتَ بها الناسَ؟ أَي فرَّقْتَهم.
والـمُخاطَبُ بهذا القول ابنُ عباسٍ، في تحليلِ الـمُتْعةِ،
والـمُخاطِبُ له بذلك رَجُلٌ من بَلْهُجَيْم.
والــشَّعْــبُ: الصدعُ والتَّفَرُّقُ في الشيءِ، والجمْع شُعــوبٌ.
والــشُّعْــبةُ: الرُّؤْبةُ، وهي قِطْعةٌ يُــشْعَــب بها الإِناءُ.
يقال: قَصْعةٌ مُــشَعَّــبة أَي شُعِــبَتْ في مواضِـعَ منها، شُدِّدَ
للكثرة.
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، وَوَصَفَتْ أَباها، رضي اللّه عنه: يَرْأَبُ شَعْــبَها أَي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَ أَمْرِ الأُمّةِ وكلِمَتَها؛ وقد
يكونُ الــشَّعْــبُ بمعنى الإِصلاحِ، في غير هذا، وهو من الأَضْدادِ.
والــشَّعْــبُ: شَعْــبُ الرَّأْسِ، وهو شأْنُه الذي يَضُمُّ قَبائِلَه،
وفي الرَّأْسِ أَربَعُ قَبائل؛ وأَنشد:
فإِنْ أَوْدَى مُعَوِيَةُ بنُ صَخْرٍ، * فبَشِّرْ شَعْــبَ رَأْسِكَ بانْصِداعِ
وتقول: هما شَعْــبانِ أَي مِثْلانِ.
وتَــشَعَّــبَتْ أَغصانُ الشجرة، وانْــشَعَــبَتْ: انْتَشَرَت وتَفَرَّقَتْ.
والــشُّعْــبة من الشجر: ما تَفَرَّقَ من أَغصانها؛ قال لبيد:
تَسْلُبُ الكانِسَ، لم يُؤْرَ بها، * شُعْــبةَ الساقِ، إِذا الظّلُّ عَقَل
شُعْــبةُ الساقِ: غُصْنٌ من أَغصانها. وشُعَــبُ الغُصْنِ: أَطرافُه
الـمُتَفَرِّقَة، وكلُّه راجعٌ إِلى معنى الافتراقِ؛ وقيل: ما بين كلِّ
غُصْنَيْن شُعْــبةٌ؛ والــشُّعْــبةُ، بالضم: واحدة الــشُّعَــبِ، وهي الأَغصانُ. ويقال: هذه عَصاً في رأْسِها شُعْــبَتانِ؛ قال الأَزهري: وسَماعي من العرب: عَصاً في رَأْسِها شُعْــبانِ، بغير تاء.
والــشُّعَــبُ: الأَصابع، والزرعُ يكونُ على ورَقة، ثم يُــشَعِّــبُ.
وشَعَّــبَ الزرعُ، وتَــشَعَّــبَ: صار ذا شُعَــبٍ أَي فِرَقٍ.
والتَّــشَعُّــبُ: التفرُّق. والانْــشِعــابُ مِثلُه.
وانْــشَعَــبَ الطريقُ: تَفَرَّقَ؛ وكذلك أَغصانُ الشجرة. وانْــشَعَــبَ
النَّهْرُ وتَــشَعَّــبَ: تَفرَّقَتْ منه أَنهارٌ. وانْــشَعَــبَ به القولُ: أَخَذَ
به من مَعْـنًى إِلى مَعْـنًى مُفارِقٍ للأَولِ؛ وقول ساعدة:
هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، * وعَدَتْ عَوادٍ، دُونَ وَلْيِـكَ، تَــشْعَــبُ
قيل: تَــشْعَــبُ تَصْرِفُ وتَمْنَع؛ وقيل: لا تجيءُ على القصدِ.
وشُعَــبُ الجبالِ: رؤُوسُها؛ وقيل: ما تفرَّقَ من رؤُوسِها. الــشُّعْــبةُ:
دون الــشِّعْــبِ، وقيل: أُخَيَّة الــشِّعْــب، وكلتاهما يَصُبُّ من الجبل.
والــشِّعْــبُ: ما انْفَرَجَ بين جَبَلَينِ. والــشِّعْــبُ: مَسِـيلُ الماء في
بطنٍ من الأَرضِ، له حَرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُه بَطْحةُ رجُلٍ، إِذا انْبَطَح، وقد يكون بين سَنَدَيْ جَبَلَين.
والــشُّعْــبةُ: صَدْعٌ في الجبلِ، يأْوي إِليه الطَّيرُ، وهو منه.
والــشُّعْــبةُ: الـمَسِيلُ في ارتفاعِ قَرارَةِ الرَّمْلِ. والــشُّعْــبة: الـمَسِـيلُ
الصغيرُ؛ يقال: شُعْــبةٌ حافِلٌ أَي مُمتلِئة سَيْلاً. والــشُّعْــبةُ: ما
صَغُرَ عن التَّلْعة؛ وقيل: ما عَظُمَ من سَواقي الأَوْدِيةِ؛ وقيل:
الــشُّعْــبة ما انْــشَعَــبَ من التَّلْعة والوادي، أَي عَدَل عنه، وأَخَذ في طريقٍ غيرِ طريقِه، فتِلك الــشُّعْــبة، والجمع شُعَــبٌ وشِعــابٌ. والــشُّعْــبةُ: الفِرْقة والطائفة من الشيءِ. وفي يده شُعْــبةُ خيرٍ، مَثَلٌ بذلك. ويقال: اشْعَــبْ لي شُعْــبةً من المالِ أَي أَعْطِني قِطعة من مالِكَ. وفي يدي شُعْــبةٌ من مالٍ. وفي الحديث: الحياءُ شُعْــبةٌ من الإِيمانِ أَي طائفةٌ منه وقِطعة؛ وإِنما جَعَلَه بعضَ الإِيمان، لأَنَّ الـمُسْتَحِـي يَنْقَطِـعُ لِحيائِه عن المعاصي، وإِن لم تكن له تَقِـيَّةٌ، فصار كالإِيمانِ الذي يَقْطَعُ بينَها وبينَه. وفي حديث ابن مسعود:
الشَّبابُ شُعْــبة من الجُنونِ، إِنما جَعَله شُعْــبةً منه، لأَنَّ الجُنونَ يُزِيلُ العَقْلَ، وكذلك الشَّبابُ قد يُسْرِعُ إِلى قِلَّةِ العَقْلِ، لِـما فيه من كثرةِ الـمَيْلِ إِلى الشَّـهَوات، والإِقْدامِ على الـمَضارّ. وقوله تعالى: إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاثِ شُعَــبٍ؛ قال ثعلب: يقال إِنَّ النارَ يومَ القيامة، تَتَفَرَّقُ إِلى ثلاثِ فِرَقٍ، فكُـلَّما ذهبُوا
أَن يخرُجوا إِلى موضعٍ، رَدَّتْـهُم. ومعنى الظِّلِّ ههنا أَن النارَ أَظَلَّتْه، لأَنـَّه ليس هناك ظِلٌّ.
وشُعَــبُ الفَرَسِ وأَقْطارُه: ما أَشرَفَ منه، كالعُنُقِ والـمَنْسِج؛
وقيل: نواحِـيه كلها؛ وقال دُكَينُ ابنُ رجاء:
أَشَمّ خِنْذِيذٌ، مُنِـيفٌ شُعَــبُهْ، * يَقْتَحِمُ الفارِسَ، لولا قَيْقَبُه
الخِنْذِيذُ: الجَيِّدُ من الخَيْلِ، وقد يكون الخصِـيَّ أَيضاً. وأَرادَ بقَيْقَبِه: سَرْجَه.
والــشَّعْــبُ: القَبيلةُ العظيمةُ؛ وقيل: الـحَيُّ العظيمُ يتَــشَعَّــبُ من
القبيلةِ؛ وقيل: هو القبيلةُ نفسُها، والجمع شُعــوبٌ. والــشَّعْــبُ: أَبو القبائِلِ الذي يَنْتَسِـبُون إِليه أَي يَجْمَعُهُم ويَضُمُّهُم. وفي التنزيل: وجعَلناكم شُعُــوباً وقبائِلَ لتعارَفُوا. قال ابن عباس، رَضي اللّه عنه، في ذلك: الــشُّعُــوبُ الجُمّاعُ، والقبائلُ البُطُونُ، بُطونُ العرب، والــشَّعْــبُ ما تَــشَعَّــبَ من قَبائِل العرب والعجم. وكلُّ جِـيلٍ شَعْــبٌ؛ قال ذو الرمة:
لا أَحْسِبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدَّةً، أَبداً، * ولا تَقَسَّمُ شَعْــباً واحداً، شُعَــبُ
والجَمْعُ كالجَمْعِ. ونَسَب الأَزهري الاستشهادَ بهذا البيت إِلى
الليث، فقال: وشُعَــبُ الدَّهْر حالاتُه، وأَنشد البيت، وفسّره فقال: أَي ظَنَنْت أَن لا يَنْقَسِمَ الأَمرُ الواحد إِلى أُمورٍ كثيرةٍ؛ ثم قال: لم
يُجَوِّد الليثُ في تفسير البيت، ومعناه: أَنه وصفَ أَحياءً كانوا مُجتَمِعينَ في الربيعِ، فلما قَصَدُوا الـمَحاضِرَ، تَقَسَّمَتْهُم المياه؛ وشُعَــب القومِ نِـيّاتُهم، في هذا البيت، وكانت لكلِّ فِرْقَةٍ منهم نِـيَّة غيرُ نِـيّة الآخَرينَ، فقال: ما كنتُ أَظُنُّ أَنَّ نِـيَّاتٍ مختَلِفةً تُفَرِّقُ نِـيَّةً مُجْتمعةً. وذلك أَنهم كانوا في مُنْتَواهُمْ ومُنْتَجَعِهم مجتمعين على نِـيَّةٍ واحِدةٍ، فلما هاجَ العُشْبُ، ونَشَّتِ الغُدرانُ، توزَّعَتْهُم
الـمَحاضِرُ، وأَعْدادُ الـمِـياهِ؛ فهذا معنى قوله:
ولا تَقَسَّمُ شَعْــباً واحداً شُعَــبُ
وقد غَلَبَتِ الــشُّعــوبُ، بلفظِ الجَمْعِ، على جِـيلِ العَجَمِ، حتى قيل
لـمُحْتَقرِ أَمرِ العرب: شُعُــوبيٌّ، أَضافوا إِلى الجمعِ لغَلَبَتِه على
الجِـيلِ الواحِد، كقولِهم أَنْصاريٌّ.
والــشُّعــوبُ: فِرقَةٌ لا تُفَضِّلُ العَرَبَ على العَجَم.
والــشُّعــوبيُّ: الذي يُصَغِّرُ شأْنَ العَرَب، ولا يَرَى لهم فضلاً على
غيرِهم. وأَما الذي في حديث مَسْروق: أَنَّ رَجلاً من الــشُّعــوبِ أَسلم، فكانت تؤخذُ منه الجِزية، فأَمرَ عُمَرُ أَن لا تؤخذَ منه، قال ابن الأَثير: الــشعــوبُ ههنا العجم، ووجهُه أَن الــشَّعْــبَ ما تَــشَعَّــبَ من قَبائِل العرب، أَو العجم، فخُصَّ بأَحَدِهِما، ويجوزُ أَن يكونَ جمعَ الــشُّعــوبيِّ، وهو الذي يصَغِّرُ شأْنَ العرب، كقولِهم اليهودُ والمجوسُ، في جمع اليهوديِّ والمجوسيِّ. والــشُّعَــبُ: القبائِل.
وحكى ابن الكلبي، عن أَبيه: الــشَّعْــبُ أَكبرُ من القبيلةِ، ثم
الفَصيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ. قال الشيخ ابن بري: الصحيح في هذا ما رَتَّبَه الزُّبَيرُ ابنُ بكَّارٍ: وهو الــشَّعْــبُ، ثم القبيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ، ثم الفصيلة؛ قال أَبو أُسامة: هذه الطَّبَقات على ترتِـيب خَلْق الإِنسانِ، فالــشَّعــبُ أَعظمُها، مُشْتَقٌّ من شَعْــبِ الرَّأْسِ، ثم القبيلةُ من قبيلةِ الرّأْسِ لاجْتماعِها، ثم العِمارةُ وهي الصَّدرُ،
ثم البَطنُ، ثم الفخِذُ، ثم الفصيلة، وهي الساقُ.والــشعْــبُ، بالكسرِ: ما انْفَرَجَ بينَ جبلين؛ وقيل: هو الطَّريقُ في الجَبَلِ، والجمعُ الــشِّعــابُ. وفي الـمَثَل: شَغَلَتْ شِعــابي جَدْوايَ أَي شَغَلَتْ كَثرةُ المؤُونة عَطائي عن الناسِ؛ وقيل: الــشِّعْــبُ مَسِـيلُ الماءِ، في بَطْنٍ منَ الأَرضِ، لهُ جُرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُهُ بطْحَةُ رَجُلٍ. والــشُّعْــبة: الفُرْقة؛ تقول: شَعَــبَتْهم المنية أَي فرَّقَتْهم، ومنه سميت المنية شَعُــوبَ، وهي معرفة لا تنصرف، ولا تدخلها الأَلف
واللام. وقيل: شَعُــوبُ والــشَّعُــوبُ، كِلْتاهُما الـمَنِـيَّة، لأَنها
تُفَرِّقُ؛ أَمـّا قولهم فيها شَعُــوبُ، بغير لامٍ، والــشَّعــوبُ باللام، فقد يمكن أَن يكونَ في الأَصل صفةً، لأَنه، من أَمْثِلَةِ الصِّفاتِ، بمنزلة قَتُولٍ وضَروبٍ، وإِذا كان كذلك، فاللامُ فيه بمنزلتِها في العَبّاسِ والـحَسَنِ والـحَرِثِ؛ ويؤَكِّدُ هذا عندَكَ أَنهم قالوا في اشْتِقاقِها، إِنها سُمِّيَتْ شَعُــوبَ، لأَنها تَــشْعَــبُ أَي تُفَرِّقُ، وهذا المعنى يؤَكِّدُ الوَصْفِـيَّةَ فيها، وهذا أَقْوى من أَن تُجْعَلَ اللام زائدةً. ومَن قال شَعُــوبُ، بِلا لامٍ، خَلَصَتْ عندَه اسْماً صريحاً، وأَعْراها في اللفظ مِن مَذْهَبِ الصفةِ، فلذلك لم يُلْزمْها اللام، كما فَعَلَ ذلك من قال عباسٌ وحَرِثٌ، إِلاَّ أَنَّ روائِحَ الصفةِ فيه على كلِّ حالٍ، وإِنْ لم تكن فيه لامٌ، أَلا ترَى أَنَّ أَبا زيدٍ حَكَى أَنهم يُسَمُّونَ الخُبزَ جابِرَ بن حبَّة؟ وإِنما سَمَّوهُ بذلك، لأَنه يَجْبُر الجائِعَ؛ فقد تَرَى معنى الصِّفَةِ فيه، وإِن لم تَدْخُلْهُ اللامُ. ومِن ذلك قولهم: واسِطٌ؛ قال سيبويه: سَمَّوهُ واسِطاً، لأَنه وَسَطَ بينَ العِراقِ
والبَصْرَة، فمعنى الصفةِ فيه، وإِن لم يكن في لفظِه لامٌ.
وشاعَبَ فلانٌ الحياةَ، وشاعَبَتْ نَفْسُ فلانٍ أَي زَايَلَتِ الـحَياةَ
وذَهَبَت؛ قال النابغة الجعدي:
ويَبْتَزُّ فيه المرءُ بَزَّ ابْنِ عَمِّهِ، * رَهِـيناً بِكَفَّيْ غَيْرِه، فَيُشاعِبُ
يشَاعِبُ: يفَارِق أَي يُفارِقُه ابنُ عَمِّه؛ فَبزُّ ابنِ عَمِّه:
سِلاحُه. يَبْتَزُّه: يأْخُذُه.
وأَــشْعَــبَ الرجلُ إِذا ماتَ، أَو فارَقَ فِراقاً لا يَرْجِـعُ. وقد شَعَــبَتْه شَعُــوبُ أَي الـمَنِـيَّة، تَــشْعَــبُه، فَــشَعَــب، وانْــشَعَــب، وأَــشْعَــبَ أَي ماتَ؛ قال النابغة الجعدي:
أَقَامَتْ بِهِ ما كانَ، في الدَّارِ، أَهْلُها، * وكانُوا أُناساً، مِنْ شَعُــوبَ، فأَــشْعَــبُوا
تَحَمَّلَ منْ أَمْسَى بِهَا، فَتَفَرَّقُوا * فَريقَيْن، مِنْهُمْ مُصْعِدٌ ومُصَوِّبُ
قال ابن بري: صَوابُ إِنْشادِه، على ما رُوِيَ في شعــره: وكانوا شُعُــوباً من أُناسٍ أَي مـمَّنْ تَلْحَقُه شَعُــوبُ. ويروى: من شُعُــوب، أَي كانوا من الناس الذين يَهْلِكُون فَهَلَكُوا.
ويقال للمَيِّتِ: قد انْــشَعَــبَ؛ قال سَهْم الغنوي:
حتى تُصادِفَ مالاً، أَو يقال فَـتًى * لاقَى التي تــشْعَــبُ الفِتْيانَ، فانْــشَعَــبَا
ويقال: أَقَصَّتْه شَعُــوب إِقْصاصاً إِذا أَشْرَفَ على الـمَنِـيَّة، ثم
نَجَا. وفي حديث طلحة: فما زِلْتُ واضِعاً رِجْلِـي على خَدِّه حتى
أَزَرْتُه شَعُــوبَ؛ شَعُــوبُ: من أَسماءِ الـمَنِـيَّةِ، غيرَ مَصْروفٍ،
وسُمِّيَتْ شعُــوبَ، لأَنـَّها تُفَرِّقُ. وأَزَرْتُه: من الزيارةِ.
(يتبع...)
(تابع... 1): شعــب: الــشَّعْــبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ.... ...
وشَعَــبَ إِليهم في عدد كذا: نَزَع، وفارَقَ صَحْبَهُ.
والـمَــشْعَــبُ: الطَّريقُ. ومَــشْعَــبُ الـحَقِّ: طَريقُه الـمُفَرِّقُ بينَه وبين الباطلِ؛ قال الكميت:
وما لِـيَ، إِلاَّ آلَ أَحْمَد، شِـيعةٌ، * وما لِـيَ، إِلاَّ مَــشْعَــبَ الحقِّ، مَــشْعَــبُ
والــشُّعْــبةُ: ما بين القَرْنَيْنِ، لتَفْريقِها بينهما؛ والــشَّعَــبُ: تَباعُدُ ما بينهما؛ وقد شَعِــبَ شَعَــباً، وهو أَــشْعَــبُ.
وظَبْـيٌ أَــشْعَــبُ: بَيِّنُ الــشَّعَــب، إِذا تَفَرَّقَ قَرْناه، فتَبايَنَا بينُونةً شديدةً، وكان ما بين قَرْنَيْه بعيداً جدّاً، والجمع شُعْــبٌ؛
قال أَبو دُوادٍ:
وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْساءِ، * نَـبَّاجٍ من الــشُّعْــبِ
وتَيْسٌ أَــشْعَــبُ إِذا انْكَسَرَ قَرْنُه، وعَنْزٌ شَعْــبَاءُ. والــشَّعَــبُ أَيضاً: بُعْدُ ما بين الـمَنْكِـبَيْنِ، والفِعلُ كالفِعلِ. والشاعِـبانِ: الـمَنْكِبانِ، لتَباعُدِهِما، يَمانِـيَةٌ. وفي الحديث: إِذا قَعَدَ الرَّجُلُ من المرأَةِ ما بين شُعَــبِها الأَرْبعِ، وَجَبَ عليه الغُسْلُ. شُعَــبُها الأَرْبعُ: يَداها ورِجْلاها؛ وقيل: رِجْلاها وشُفْرا فَرْجِها؛ كَنى بذلك عن تَغْيِـيبِه الـحَشَفَة في فَرْجِها.
وماءٌ شَعْــبٌ: بعيدٌ، والجمع شُعُــوبٌ؛ قال:
كما شَمَّرَتْ كَدْراءُ، تَسْقِـي فِراخَها * بعَرْدَةَ، رِفْهاً، والمياهُ شُعُــوبُ
وانْــشَعَــبَ عنِّي فُلانٌ: تباعَدَ. وشاعَبَ صاحبَه: باعَدَه؛ قال:
وسِرْتُ، وفي نَجْرانَ قَلْبـي مُخَلَّفٌ، * وجِسْمي، ببَغْدادِ العِراقِ، مُشاعِبُ
وشَعَــبَه يَــشْعَــبُه شَعْــباً إِذا صَرَفَه. وشَعَــبَ اللجامُ الفَرَسَ إِذا كَفَّه؛ وأَنشد:
شاحِـيَ فيه واللِّجامُ يَــشْعَــبُهْ
وشَعْــبُ الدار: بُعْدُها؛ قال قيسُ بنُ ذُرَيْحٍ:
وأَعْجَلُ بالإِشْفاقِ، حتى يَشِفَّـنِـي، * مَخافة شَعْــبِ الدار، والشَّمْلُ جامِـعُ
وشَعْــبانُ: اسمٌ للشَّهْرِ، سُمِّيَ بذلك لتَــشَعُّــبِهم فيه أَي
تَفَرُّقِهِم في طَلَبِ الـمِـياهِ، وقيل في الغاراتِ. وقال ثعلب: قال بعضهم إِنما سُمِّيَ شَعــبانُ شَعــبانَ لأَنه شَعَــبَ، أَي ظَهَرَ بين شَهْرَيْ رمضانَ ورَجَبٍ، والجمع شَعْــباناتٌ، وشَعــابِـينُ، كرمضانَ ورَمَاضِـينَ. وشَعــبانُ: بَطْنٌ من هَمْدانَ، تَــشَعَّــب منَ اليَمَنِ؛ إِليهم يُنْسَبُ عامِرٌ الــشَّعْــبِـيُّ، رحمه اللّه، على طَرْحِ الزائدِ. وقيل: شَعْــبٌ جبلٌ باليَمَنِ، وهو ذُو شَعْــبَيْنِ، نَزَلَه حَسَّانُ بنُ عَمْرو الـحِمْيَرِيُّ وَولَدُه، فنُسِـبوا إِليه؛ فمن كان منهم بالكوفة، يقال لهم الــشَّعْــبِـيُّونَ، منهم عامرُ بنُ شَراحِـيلَ الــشَّعْــبِـيُّ، وعِدادُه في هَمْدانَ؛ ومن كان منهم بالشامِ، يقالُ لهم الــشَّعْــبانِـيُّون؛ ومن كان منهم باليَمَن، يقالُ لهم آلُ ذِي شَعْــبَيْنِ، ومَن كان منهم بمصْرَ
والـمَغْرِبِ، يقال لهم الأُــشْعُــوبُ. وشَعَــب البعيرُ يَــشْعَــبُ شَعْــباً: اهْتَضَمَ الشجرَ من أَعْلاهُ. قال ثعلبٌ، قال النَّضْر: سمعتُ أَعرابياً حِجازيّاً باعَ بعيراً له، يقولُ: أَبِـيعُكَ،
هو يَشْبَعُ عَرْضاً وشَعْــباً؛ العَرْضُ: أَن يَتَناوَلَ الشَّجَرَ من أَعْراضِه.
وما شَعَــبَك عني؟ أَي ما شَغَلَكَ؟ والــشِّعْــبُ: سِمَةٌ لبَنِـي مِنْقَرٍ، كهَيْئةِ الـمِحْجَنِ وصُورَتِه، بكسر الشين وفتحها.
وقال ابن شميل: الــشِّعــابُ سِمَةٌ في الفَخِذ، في طُولِها خَطَّانِ،
يُلاقى بين طَرَفَيْهِما الأَعْلَيَيْنِ، والأَسْفَلانِ مُتَفَرِّقانِ؛ وأَنشد:
نار علَيْها سِمَةُ الغَواضِرْ: * الـحَلْقَتانِ والــشِّعــابُ الفاجِرْ
وقال أَبو عليّ في التذكِرةِ: الــشَّعْــبُ وسْمٌ مُجْتَمِـعٌ أَسفلُه،
مُتَفَرِّقٌ أَعلاه.
وجَمَلٌ مَــشْعُــوبٌ، وإِبلٌ مُــشَعَّــبةٌ: مَوْسُومٌ بها. والــشَّعْــبُ: موضعٌ.
وشُعَــبَـى، بضم الشين وفتح العين، مقصورٌ: اسمُ موضعٍ في جبل طَيِّـئٍ؛ قال جرير يهجو العباس بن يزيد الكِنْدِي:
أَعَبْداً حَلَّ، في شُعَــبَـى، غَريباً؟ * أَلُؤْماً، لا أَبا لَكَ، واغْتِرابا!
قال الكسائي: العرب تقولُ أَبي لكَ وشَعْــبـي لكَ، معناه فَدَيْتُك؛
وأَنشد:
قالَتْ: رأَيتُ رَجُلاً شَعْــبـي لَكْ، * مُرَجَّلاً، حَسِبْتُه تَرْجِـيلَكْ
قال: معناه رأَيتُ رجُلاً فدَيْتُك، شَبَّهتُهُ إِيَّاك.
وشعــبانُ: موضعٌ بالشامِ.
والأَــشْعَــب: قَرْيةٌ باليَمامَةِ؛ قال النابغة الجَعْدي:
فَلَيْتَ رسُولاً، له حاجةٌ * إِلى الفَلَجِ العَوْدِ، فالأَــشْعَــبِ
وشَعَــبَ الأَمِـيرُ رسولاً إِلى موضعِ كذا أَي أَرسَلَه.
وشَعُــوبُ: قَبِـيلة؛ قال أَبو خِراشٍ:
مَنَعْنا، مِنْ عَدِيِّ، بَني حُنَيْفٍ، * صِحابَ مُضَرِّسٍ، وابْنَيْ شَعُــوبَا
فأَثْنُوا، يا بَنِـي شِجْعٍ، عَلَيْنا، * وحَقُّ ابْنَيْ شَعُــوبٍ أَن يُثِـيبا
قال ابن سيده: كذا وجدنا شَعُــوبٍ مَصْروفاً في البيت الأَخِـير، ولو لمْ يُصْرَفْ لاحْتَمل الزّحافَ. وأَــشْعَــبُ: اسمُ رجُلٍ كان طَمَّاعاً؛ وفي الـمَثَل: أَطْمَعُ من أَــشْعَــبَ.
وشُعَــيْبٌ: اسمٌ.
وغَزالُ شعــبانَ: ضَرْبٌ من الجَنادِب، أَو الجَخادِب.
وشَعَــبْعَبُ: موضع. قال الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّهِ القُشَيْرِي، قال ابن
بري: كثيرٌ ممن يَغْلَطُ في الصِّمَّة فيقولُ القَسْري، وهو القُشَيْرِي
لا غَيْرُ، لأَنه الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّه بنِ طُفَيْلِ بن قُرَّةَ بنِ
هُبَيْرةَ بن عامِر بن سَلَمَةِ الخَير بن قُشَيْرِ بن كَعبٍ:
يا لَيْتَ شِعْــرِيَ، والأَقْدارُ غالِـبةٌ، * والعَيْنُ تَذْرِفُ، أَحْياناً، من الـحَزَنِ
هَلْ أَجْعَلَنَّ يَدِي، للخَدِّ، مِرْفَقَةً * على شَعَــبْعَبَ، بينَ الـحَوْضِ والعَطَنِ؟
وشُعْــبةُ: موضعٌ. وفي حديث المغازي: خرج رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، يريدُ قُريْشاً، وسَلَكَ شُعْــبة، بضم الشين وسكون العين، موضعٌ قُرْب يَلْيَل، ويقال له شُعْــبةُ ابنِ عبدِاللّه.
شعــع: الــشُّعــاعُ: ضَوْءُ الشمس الذي تراه عند ذُرُورِها كأَنه الحبال أَو
القُضْبانُ مُقْبِلةً عليك إِذا نظرت إِليها، وقيل: هو الذي تراه
مُمْتَدًّا كالرِّماحِ بُعَيْدَ الطلوع، وقيل: الــشُّعــاعُ انتشارُ ضوئِها؛ قال
قيس ابن الخطيم:
طَعَنْتُ ابنَ عبدِ القَيْسِ طَعْنَةَ ثائِرِ،
لها نَفَذٌ، لولا الــشَّعــاعُ أَضاءَها
وقال أَبو يوسف: أَنشدني ابن معن عن الأَصمعي: لولا الــشُّعــاع، بضم
الشين، وقال: هو ضوءُ الدم وحُمْرَتُه وتَفَرُّقُه فلا أَدري أَقاله وضعاً أَم
على التشبيه، ويروى الــشَّعــاعُ، بفتح الشين، وهو تَفَرُّق الدَّمِ وغيره،
وجمع الــشُّعــاعِ أَــشِعَّــةٌ وشُعُــعٌ. وفسر الأَزهريّ هذا البيت فقال: لولا
انْتِشارُ سَنَنِ الدَّمِ لأَضاءَها النَّفَذُ حتى تستبين، وقال أَيضاً:
شعــاع الدَّمِ ما انْتَشر إِذا اسْتَنَّ من خَرْق الطَّعْنةِ.
ويقال: سَقَيْتُه لَبَناً شَعــاعاً أَي ضَياحاً أُكْثِرَ ماؤُه، قال:
والــشَّعْشَعــةُ بمعنى المَزْجِ منه. ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: إِنَّ
الشهر قد تَــشَعْشَعَ فلو صُمْنا بَقِيَّتَه، كأَنه ذَهب به إِلى رِقَّة الشهر
وقِلَّةِ ما بقي منه كما يُــشَعْشَعُ اللبن بالماء. وتَــشَعْشَعَ الشهرُ:
تَقَضَّى إِلاَّ أَقَلَّه. وقد روي حديث عمر، رضي الله عنه، نَــشَعْــسَعَ
من الشُّسُوعِ الذي هو البعد، بذلك فسَّره أَبو عبيد، وهذا لا يُوجِبُه
التصرِيفُ.
وأشَعَّــت الشمسُ: نَشَرَتْ شُعــاعَها؛ قال:
إِذا سَفَرَتْ تَلأْلأُ وَجْنَتاها،
كإِــشْعــاعِ الغَزالةِ في الضَّحاءِ
ومنه حديث ليلة القَدْرِ: وإِنَّ الشمس تَطلُعُ من غَدِ يومها لا شُعــاعَ
لها، الواحدة شُعــاعةٌ. وظِلٌ شَعْشَعٌ أَي ليس بكثيف، ومُــشَعْشَعٌ
أَيضاً كذلك، ويقال: الــشَّعْشَعُ الظِّلُّ الذي لم يُظِلّك كلُّه ففيه فُرَجٌ.
وشَعُّ السُّنبل وشَعــاعُه وشِعــاعُه وشُعــاعُه: سَفاه إِذا يَبِسَ ما دام
على السُّنْبُلِ. وقد أَــشَعَّ الزرْعُ: أَخرج شَعــاعَه. أَبو زيد: شاعَ
الشيءُ يَشِيعُ وشَعَّ يَــشِعُّ شَعّــاً وشَعــاعاً كلاهما إِذا تَفَرَّقَ،
وشَعْشَعْــنا عليهم الخيلَ نُــشَعْشِعُــها. والــشَّعــاعُ: المتفرِّق. وتَطايَرَ
القوم شَعــاعاً أَي متفرِّقين. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: سَتَرَوْن
بعدي مُلْكاً عَضُوضاً وأُمَّةً شَعــاعاً أَي متفرِّقين مختلفين. وذهبَ
دمُه شَعــاعاً أَي متفرِّقاً. وطارَ فؤَادُه شَعــاعاً تَفَرَقتْ هُمَومُه.
يقال ذهبت نفسي شَعــاعاً إِذا انتشر رأْيها فلم تتجه لأَمْر جَزْم، ورجل
شَعــاعُ الفُؤَاد منه. ورأْي شَعــاعٌ أَي مُتَفَرِّقٌ. ونفْس شَعــاع:
متفرِّقة قد تفرَّقَتْ هِمَمُها؛ قال قيس بن ذَريح:
فلم أَلْفِظْكِ مِنْ شِبَعٍ، ولَكِنْ
أُقَضِّي حاجةَ النَّفْسِ الــشَّعــاعِ
وقال أَيضاً:
فقَدْتُكِ مِن نَفْسٍ شَعــاعٍ، أَلَمْ أَكُنْ
نَهَيْتُكِ عن هذا وأَنْتِ جَميعُ؟
قال ابن برِّيّ: ومثل هذا لقيس بن معاذ مجنون بني عامر:
فَلا تَتْرُكي نَفْسِي شَعــاعاً، فإِنَّها
من الوَجْدِ قَدْ كادَتْ عَلَيْكِ تَذُوبُ
والــشَّعْــشاعُ أَيضاً: المُتَفَرِّقُ؛ قال الراجز:
صَدْقُ اللِّقاءِ غَيْرُ شَعْــشاعِ الغَدَرْ
يقول: هو جميع الهِمة غير متفرقها. وتَطايَرَتِ العَصا والقَصَبةُ
شَعــاعاً إِذا ضربت بها على حائط فَتَكَسَّرتْ وتطايرت قِصَداً وقِطَعاً.
وأَــشَعَّ البعيرُ بَوْله أَي فَرَّقَه وقَطَّعه، وكذلك شَعَّ بولَه يَــشُعُّــه
أَي فرَّقه أَيضاً فَــشَعَّ يَــشِعُّ إِذا انتَشر وأَوْزَعَ به مثله. ابن
الأَعرابي: شَعَّ القومُ إِذا تَفَرَّقُوا؛ قال الأَخطل:
عِصابةُ سَبْيٍ شَعَّ أَنْ يُتَقَسَّما
أَي تَفَرَّقُوا حِذارَ أَن يُتَقَسَّموا. قال: والــشَّعُّ العَجَلةُ.
قال: وانْــشَعَّ الذئب في الغنم وانْشلَّ فيها وانْشَنَّ وأَغار فيها
واستغار بمعنى واحد. ويقال لبيت العَنْكَبُوت: الــشُّعُّ وحُقُّ الكُهول.
وشَعْشَعَ الشَّرابَ شَعْشَعَــةً: مزَجَه بالماء، وقيل: المُــشَعْشَعــة
الخَمْرُ التي أُرِقَّ مَزْجُها. وشَعْشَعَ الثَّريدةَ الزُّرَيْقاءَ:
سَغْبَلَها بالزَّيْت، يقال: شَعْشِعْــها بالزَّيْت. وفي حديث وائِلةَ بن
الأَسْقَع: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، ثَرَدَ ثَرِيدةً ثم شَعْشَعَــها
ثم لبَّقها ثم صَعْنَبَها؛ قال ابن المبارك: شَعْشَعَــها خلَط بعضَها ببعض
كما يُــشَعْشَعُ الشرابُ بالماء إِذا مُزِجَ به، ورُوِيتْ هذه اللفظةُ
سَغْسَغَها، بالسين المهملة والغين المعجمة، أَي روَّاها دَسَماً. وقال
بعضهم: شَعْشَعَ الثريدة إِذا رفع رأْسها، وكذلك صَعْلَكَها وصعْنَبَها. وقال
ابن شميل: شَعْشَعَ الثَّريدة إِذا أَكْثَرَ سَمْنَها، وقيل: شَعْشَعَــها
طَوَّلَ رأْسها من الــشَّعْــشاعِ، وهو الطويل من الناس، وهو في الخمر
أَكثر منه في الثريد. والــشَّعْشَّعُ والــشَّعْــشاعُ والــشَّعْشَعــانُ
والــشَّعْشَعــانيُّ: الطَّوِيلُ الحَسنُ الخفيفُ اللحْمِ، شُبِّه بالخمر المُــشَعْشَعــةِ
لِرِقَّتِها، ياءُ النسب فيه لغير علة، إِنما هو من باب أَحمرَ
وأَحْمَرِيٍّ ودوَّارٍ ودَوَّارِيٍّ؛ ووصف به العجاج المِشْفَرَ لطوله ورِقَّتِه
فقال:
تُبادِرُ الحَوْضَ، إِذا الحَوْضُ شُغِلْ،
بِــشَعْشَعــانيٍّ صُهابيٍّ هَدِلْ،
ومَنْكِباها خَلْفَ أَوْراكِ الإِبِلْ
وقيل: الــشَّعْــشاعُ الطويل، وقيل: الحسَن؛ قال ذو الرمة:
إِلى كُلِّ مَشْبُوحِ الذِّراعينِ، تُتَّقَى
بهِ الحَرْبُ، شَعْــشاعٍ وآخَرَ فَدْغَمِ
وفي حديث البَّيْعةِ: فجاء أَبْيَضُ شَعْــشاعٌ أَي طويل. ومنه حديث سفيان
بن نُبَيْح: تراهُ عَظِيماً شَعْشَعــاً، وقيل: الــشَّعْــشاعُ
والــشَّعْشَعــانيُّ والــشَّعْشَعــانُ الطويلُ العُنقِ من كل شيء. وعُنُقٌ شَعْــشاعٌ: طويل.
والــشَّعْشَعــانةُ مِن الإِبل: الجَسِيمةُ، وناقة شَعْشَعــانة؛ قال ذو
الرمة:هَيْهاتَ خَرقاءُ إِلاَّ أَنْ يُقَرِّبَها
ذُو العَرْشِ، والــشَّعْشَعــاناتُ العَياهِيم
ورجل شُعْشُعٌ: خفيف في السفر. وقال ثعلب: غلام شُعْشُع خفيف في السفر،
فقَصَره على الغلام. ويقال: الــشُّعْشُعُ الغلام الحسَنُ الوجه الخفيف
الرُّوحِ، بضم الشين.
وقال الأَزهري في آخر هذه الترجمة: كلُّ ما مضى في الــشَّعــاعِ فهو بفتح
الشين، وأَما ضَوءُ الشمس فهو الــشُّعــاعُ، بضم الشين، والــشَّعَــلَّع:
الطويل، بزيادة اللام.
شعــل: الــشَّعَــلُ والــشُّعْــلَة: البياضُ في ذَنَب الفَرَس أَو ناصيتِه في
ناحية منها، وخَصَّ بعضهُم به عَرْضها. يقال: غُرَّةٌ شَعْــلاءُ تأْخذ
إِحدى العينين حتى تدخل فيها، وقد يكون في القَذَال، وهو في الذَّنَب أَكثر،
شَعِــلَ شَعَــلاً وشُعْــلَةً؛ الأَخيرة شاذة، وكذلك اشْعــالَّ اشْعِــيلالاً
إِذا صار ذا شَعَــلٍ؛ قال:
وبَعدَ انتِهاضِ الشَّيْب في كلِّ جانبٍ،
على لِمَّتِي، حتى اشْعَــأَلَّ بَهِيمُها
أَراد اشْعَــالَّ فحرَّك الأَلف لالتقاء الساكنين، فانقلبت همزة لأَن
الأَلف حرف ضعيف واسع المَخْرَج لا يَتَحَمَّل الحركة، فإِذا اضطُرُّوا إِلى
تحريكه حَرَّكوه بأَقرب الحروف إِليه، ويقال إِذا كان البياض في طَرَف
ذَنَب الفرس فهو أَــشْعَــلُ، وإِن كان في وَسَط الذَّنَب فهو أَصْبَغ، وإِن
كان في صَدْره فهو أَدْعَم، فإِذا بلغ التحجيلُ إِلى ركبتيه فهو
مُجَبَّب، فإِن كان في يديه فهو مُقَفَّزٌ، وقال الأَصمعي: إِذا خالط البياضُ
الذَّنَب في أَيّ لون كان فذلك الــشُّعْــلة. والفَرَس أَــشْعَــلُ بَيِّنُ
الــشَّعَــل، والأُنثى شَعْــلاء.
وشَعَــل النارَ في الحَطَب يَــشْعَــلُها وشَعَّــلَها وأَــشْعَــلها فاشْتَعَلَت
وتَــشَعَّــلَتْ: أَلْهَبَها فالتَهَبَت. وقال اللحياني: اشْتَعَلَت النارُ
تَأَجَّجَتْ في الحطب. وقال مُرَّةُ: نارٌ مُــشْعَــلَة مُلْتَهِبة
مُتَّقدة. والــشُّعْــلَةُ: ما اشْتَعَلَتْ فيه من الحطب أَو أَــشْعَــلَه فيها؛ قال
الأَزهري: الــشُّعْــلَة شِبْه الجِذْوة وهي قطعة خَشَب تُــشْعَــل فيها النارُ،
وكذلك القَبَس والشِّهَاب. والــشُّعْــلَة: واحدة الــشُّعَــل. والــشُّعْــلة
والــشُّعْــلُول: اللَّهَبُ؛ والمَــشْعَــلَةُ: الموضع الذي تُــشْعَــل فيه النارُ.
والــشَّعِــيلة: النار المُــشْعَــلة في الذُّبَال، وقيل: الفَتِيلة المُرَوَّاة
بالدُّهْن شُعِــل فيها نار يُسْتَصْبَحُ بها، ولا يقال لها كذلك إِلا
إِذا اشْتَعَلَت بالنار، وجمعها شُعُــلٌ مثل صَحِيفةٍ وصُحُفٍ. والمَــشْعَــلة:
واحدة المَشَاعِل؛ قال لبيد:
أَصاحِ، تَرَى بُرَيْقاً هَبَّ وَهْناً،
كَمِصباحِ الــشَّعِــيلة في الذُّبَال
وفي حديث عمر بن عبد العزيز: كان يَسْمُر مع جُلَسائه فكاد السِّراجُ
يَخْمَد فقام وأَصْلَحَ الــشَّعِــيلة وقال: قُمْتُ وأَنا عُمَر وقَعَدْتُ
وأَنا عُمَر؛ الــشَّعِــيلة: الفَتِيلة المُــشْعَــلَة. والمَــشْعَــل:
القِنْديل.وشُعــلَةُ: اسم فرس قَيس بن سِبَاع على التشبيه بإِــشعــال النار
لسُرْعتها.واشْتَعَل غَضَباً: هاج، على المثل، وأَــشْعَــلْته أَنا. واشْتَعَل الشيبُ
في الرأْس: اتَّقَد، على المثل، وأَصله من اشْتِعال النار. وفي التنزيل
العزيز: واشْتَعَل الرأْسُ شَيْباً؛ ونصب شَيْباً على التفسير، وإِن شئت
جعلته مصدراً، وكذلك قال حُذَّاقُ النحويين. واشْتَعَلَ الرأْسُ شَيْباً
أَي كَثُر شيبُ رأْسه، ودخل في قوله الرأْس شَعَــرُ الرأْسِ واللِّحية
لأَنه كُلَّه من الرأْس. وأَــشْعَــلَتِ العينُ: كثُر دمعُها. وأَــشْعَــلَ إِبلَه
بالقَطِران: كَثَّرَ عليها منه وعَمَّها بالهِنَاء ولم يَطْلِ النُّقَب
من الجَرَب دون غيرها من بَدَن البَعير الأَجْرَب. وكَتِيبةٌ مُــشْعَــلةٌ:
مَبْثُوثة انْتَشَرَت. وأَــشْعَــلَ الخَيْلَ في الغارة: بَثَّها؛ قال:
والخَيْلُ مُــشْعَــلةٌ في ساطِعٍ ضَرِمٍ،
كأَنَّهُنَّ جَرادٌ أَو يَعَاسِيبُ
وأَــشْعَــلَتِ الغارةُ: تَفَرَّقَت. والغارة المُــشْعِــلَة: المنتشِرة
المتفرِّقة. ويقال: كَتِيبة مُــشْعِــلة، بكسر العين، إِذا انْتَشَرَتْ؛ قال جرير
يخاطب رجلاً، قال ابن بري: والصحيح أَنه للأَخطل:
عايَنتَ مُــشْعِــلَةَ الرِّعالِ، كأَنَّها
طَيْرٌ تُغَاوِلُ في شَمَامِ وُكُورا
وشَمَامِ: جَبَلٌ بالعالية. وجَرَادٌ مُــشْعِــلٌ: كثير متفرِّق إِذا
انتَشَرَ وجَرَى في كل وجه. يقال: جاء جَيْشٌ كالجَراد المُــشْعِــل، وهو الذي
يَخْرُج في كل وجه، وأَما قولهم جاء فلان كالحَرِيقِ المُــشْعَــل، فمفتوحة
العين، لأَنه من أَــشْعَــل النارَ في الحَطَب أَي أَضْرَمَها؛ وأَنشد ابن بري
لجرير:
واسْأَلْ، إِذا خَرِجَ الخِدَامُ، وأُحْمِشَتْ
حَرْبٌ تَضَرَّمُ كالحَرِيقِ المُــشْعَــلِ
وأَــشْعَــلَ الإِبِلَ: فَرَّقَها؛ عن اللحياني. وأَــشْعَــلْت جَمْعَه إِذا
فَرَّقته؛ قال أَبو وَجْزَة:
فَعاد زمانٌ بَعْدَ ذاك مُفَرِّقٌ،
وأُــشعِــل وَلْيٌ من نَوًى كلَّ مُــشْعَــل
والــشُّعْــلول: الفِرْقة من الناس وغيرِهم. وذَهَبُوا شَعَــالِيلَ
بقِرْدَحْمَةٍ، وما في قِرْدَحْمَة من اللغات مذكور في موضعه. وذَهَب القومُ
شَعَــالِيلَ مثل شَعَــارِيرَ إِذا تفرَّقوا؛ قال أَبو وَجْزَة:
حتى إِذا ما دَنَتْ منه سَوابِقُها،
ولِلُّغَامِ بِعِطْفَيْه شَعَــالِيلُ
وشعَــلَ في الشيء يَــشْعَــلُ شَعْــلاً: أَمْعَنَ. وغلامٌ شَعْــلٌ أَي خَفِيف
مُتَوَقِّد، ومَعْلٌ مثلُه؛ وقال:
يُلِحْنَ مِن سَوْقِ غلامٍ شَعْــلِ،
قام فنادَى برَواحٍ مَعْلِ
وكان تأَبَّط شَرًّا يقال له شَعْــلٌ؛ ومنه قوله:
سَرَى ثابتٌ مَسْرًى ذَمِيماً، ولم أَكن
سَلَلْتُ عليه، شَلَّ مني الأَصابِعُ
ويَأْمُرني شَعْــلٌ لأَقْتُل مُقْبِلاً،
فَقُلْتُ لــشَعْــلٍ: بِئْسَما أَنت شافِعُ
والمِــشْعَــل: شيء من جُلُود له أَربع قوَائم يُنْتَبذُ فيه؛ قال ذو
الرُّمَّة:
أَضَعنَ مَوَاقِتَ الصَّلوَاتِ عَمْداً،
وحالَفْنَ المَشاعِلَ والجِرَارا
قال ابن بري: ومثه قول الراجز:
يا حَشَراتِ القاعِ من جُلاجِل،
قد كَشَّ ما هاجَ من المَشَاعِل
(* قوله «قد كش ما هاج» تقدم في ترجمة كشش: قد نش ما كش).
الحَشَرات: القَنَافِذ والضَّباب، كَشَّ ونَشَّ واحدٌ أَي عَلَيْكُنَّ
بالهَرَب من هذه المواضع لا تُؤْكَلْنَ؛ المِــشْعَــل، بكسر الميم: شيء
يَتَّخِذه أَهل البادية من أَدَمٍ يُخْرَزُ بعضه إِلى بعضٍ كالنِّطعْ ثم
يُشَدُّ إِلى أَربع قوائم من خشب فيصير كالحوض يُنْبَذُ فيه لأَنه ليس لهم
حِبَابٌ. وفي الحديث: أَنه شَقَّ المَشَاعِلَ يوم خَيْبَر؛ قال: هي زِقَاق
كانوا يَنْتَبِذُون فيها، واحدها مِــشْعَــلٌ ومِــشْعــالٌ. ورَجُلٌ شاعِلٌ أَي
ذُو إِــشْعــال مثل تامِرٍ ولابِنٍ، وليس له فعل، قال عمرو بن الإِطْنابة،
والإِطْنَابَةُ أُمُّه وهي امرأَة من بني كِنانة بن القَيْس بن جَسْرِ بن
قُضَاعة، واسم أَبيه زَيْدُ مَنَاة:
إِني مِنَ القومِ الذين إِذا ابْتَدَوْا،
بَدَؤُوا بحَقِّ اللهِ ثُمَّ السائل
المانِعِين من الخَنَى جاراتِهم،
والحاشِدين على طَعامِ النَّازِل
ليْسُوا بأَنْكاسٍ، ولا مِيلٍ، إِذا
ما الحرب شُبَّتْ أَــشعَــلُوا بالشّاعِل
وأَــشْعَــلَتِ القِرْبةُ والمَزَادةُ إِذا سالَ ماؤُها متفرِّقاً.
وأَــشعَــلَتِ الطَّعْنةُ أَي خَرَج دَمُها مُتَفَرِّقاً. وأَــشعَــلَ السَّقْيَ:
أَكثَر الماءَ؛ عن ابن الأَعرابي. وشَعْــلٌ: اسم رجل. وبنو شُعَــل: حَيٌّ من
تَمِيم. وشَعْــلان: موضع. والــشَّعَــلَّعُ: الطويلُ.
شعــث: شَعِــثَ شَعَــثاً وشُعــوثَةً، فهو شَعِــثٌ وأَــشْعَــثُ وشَعْــثانُ،
وتَــشَعَّــثَ: تَلَبَّد شعَــرُه واغْبَرَّ، وشَعَّــثْتُه أَنا تَــشْعِــيثاً.
والــشَّعِــثُ: المُغْبرُّ الرأْسِ، المُنْتَتِفُ الــشَّعَــرِ، الحافُّ الذي
لم يَدَّهِنْ.
والتَّــشَعُّــثُ: التَّفَرُّقُ والتَّنَكُّثُ، كما يَتَــشَعَّــثُ رأْسُ
المِسْواك. وتَــشْعِــيثُ الشيءِ: تفريقهُ.
وفي حديث عمر أَنه كان يَغْتَسِلُ وهو مُحْرم، وقال: إِنَّ الماء لا
يزيده إِلا شَعَــثاً أَي تَفَرُّقاً، قلا يكون مُتَلَبِّداً؛ ومنه الحديث:
رُبَّ أَــشْعَــثَ أَغْبَر ذِي طِمْرَيْنِ، لا يُؤْبه له، لو أَقْسَم على الله
لأَبَرَّه. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: أَحَلَقْتُم الــشَّعَــثَ؟ أَي الــشَّعَــر
ذا الــشَّعَــثِ.
والــشَّعَــثَةُ: موضعُ الــشعــر الــشَّعِــثِ.
وخيلٌ شُعْــثٌ أَي غير مُفَرْجَنَة؛ ومُفَرْجَنَةٌ: مَحْسُوسة؛ وقول ذي
الرُّمة:
ما ظَلَّ، مُذْ وَجَفَتْ في كلِّ ظاهرةٍ،
بالأَــشْعَــثِ الوَرْدِ، إِلاَّ وَهْوَ مَهْمُومُ
عَنى بالأَــشْعَــثِ الوَرْدِ: الصَّفارَ، وهو شَوْك البُهْمى إِذا يَبسَ،
وإِنما اهْتَمَّ، لما رأَى البُهْمَى هاجَتْ، وقد كان رَخِيَّ البالِ،
وهي رَطْبةٌ، والحافرُ كلُّه شديدُ الحُبِّ للبُهْمَى، وهي ناجعةٌ فيه،
وإِذا جَفَّتْ فأَسْفَتْ، تَأَذَّتِ الراعيةٌ بسَفاها. ويقال للبُهْمَى إِذا
يَبِسَ سَفاه: أَــشْعَــثُ. قال الأَزهري: قال الأَصمعي: أَساء ذو الرمة في
هذا البيت، وإِدخالُ إِلاَّ ههنا قبيح، كأَنه كره إِدخالَ تحقيق على
تحقيق، ولم يُرِد ذو الرمة ما ذهب إِليه، إِنما أَراد لم يَزَلْ من مكان
إِلى مكان يَسْتَقْري المَراتِعَ، إِلاَّ وهو مهموم، لأَنه رأَى المَراعيَ
قد يَبِسَتْ، فما ظَلَّ ههنا ليس بتحقيق، إِنما هو كلام مجحود، فحققه
بإِلاَّ.
والــشَّعْــثُ والــشَّعَــثُ: انتشارُ الأَمرِ وخَلَلُه؛ قال كعب بن مالك
الأَنصاريُّ:
لَمَّ الإِلهُ به شَعْــثاً، ورَمَّ به
أُمُورَ أُمَّتِه، والأَمرُ مُنْتَشِرُ
وفي الدُّعاء: لَمَّ اللهُ شَعْــثَه أَي جَمَعَ ما تَفَرَّقَ منه؛ ومنه
شَعَــثُ الرأْسِ. وفي حديث الدعاء: أَسأَلُكَ رحمةً تَلُمُّ بها شَعَــثي
أَي تَجْمَعُ بها ما تَفَرَّقَ من أَمري؛ وقال النابغة:
ولَسْتَ بمُسْتَبْقٍ أَخاً، ولا تَلُمُّه
على شَعَــثٍ، أَيُّ الرجالِ المُهَذَّبُ؟
قوله لا تلمُّه على شعــث أَي لا تحتمله على ما فيه من زَللٍ ودَرْءٍ،
فتَلُمُّه وتُصْلحه، وتَجْمَعُ ما تَــشَعَّــثَ من أَمره.
وفي حديث عطاء: أَنه كان يُجِيز أَن يُــشَعَّــثَ سَنَا الحَرَم، ما لم
يُقْلَعْ من أَصله، أَي يُؤْخَذَ من فروعه المُتَفَرِّقة ما يصير به
أَــشْعَــثَ، ولا يستأْصله. وفي الحديث: لما بلغه هِجاءُ الأَعْشَى عَلْقمةَ بنَ
عُلاثة العامِريَّ نَهى أَصحابَه أَن يَرْوُوا هجاءَه، وقال: إِن أَبا
سفيان شَعَّــثَ مني عند قَيْصَرَ، فرَدَّ عليه علقمةُ وكَذَّبَ أَبا سفيان.
يقال: شَعَّــثْتُ من فلان إِذا غَضَضْتَ منه وتَنَقَّصْتَه، مِن الــشَّعَــث،
وهو انْتشارُ الأَمر؛ ومنه حديث عثمان: حين شَعَّــثَ الناسُ في الطَّعْن
عليه أَي أَخَذُوا في ذَمّه، والقَدْح فيه بتَــشْعِــيثِ عِرْضه.
وتــشَعَّــثَ الشيءُ: تَفَرَّقَ. وتَــشَعُّــثُ رأْسِ المِسْواك والوَتِدِ:
تَفَرُّقُ أَجزائِه، وهو مِنه. وفي حديث عمر أَنه قال لزيد بن ثابت، لما
فَرَّعَ أَمْرَ الجَدِّ مع الإِخوة في الميراث: شَعِّــثْ ما كنتَ مُــشَعِّــثاً
أَي فَرِّقْ ما كنتَ مُفَرِّقاً. ويقال: تَــشَعَّــثه الدَّهْرُ إِذا
أَخذه.والأَــشْعَــثُ: الوَتِدُ، صفة غالبةٌ غَلَبَةَ الاسم، وسُمّيَ به لــشَعَــثِ
رأْسه؛ قال:
وأَــشْعَــثَ في الدارِ، ذي لِمَّةٍ،
يُطيلُ الحُفُوفَ، ولا يَقْمَلُ
وشَعِــثْتُ من الطَّعام: أَكَلْتُ قليلاً.
والتَّــشْعــيثُ: التفريق والتمييزُ، كانْــشِعــاب الأَنهار والأَغصان؛ قال
الأَخطل:
تَذَرَّيْتَ الذَّوائبَ من قُرَيْشٍ،
وإِنْ شُعِــثُوا، تَفَرَّعْتَ الــشِّعــابا
قال: شُعِــثُوا فُرِّقُوا ومُيِّزُوا.
والتَّــشْعــيثُ في عَروضِ الخَفيفِ: ذَهابُ عين فاعلاتن، فيبقى فالاتن،
فينقل في التقطيع إِلى مفعولن، شبهوا حذف العين ههنا بالخرم، لأَنها
أَوَّلُ وَتِدٍ؛ وقيل: إِن اللام هي الساقطة، لأَنها أَقرب إِلى الآخر، وذلك
أَن الحذف إِنما هو في الأَواخر، وفيما قَرُبَ منها؛ قال أَبو إِسحق: وكلا
القولين جائز حَسَنٌ، إِلاّ أَن الأَقيس على ما بَلَوْنا في الأَوتاد من
الخَرْم، أَن يكون عينُ فاعلاتن هي المحذوفة، وقياسُ حذف اللام أَضعفُ،
لأَن الأَوتاد إِنما تحذف مِن أَوائلها أَو مِن أَواخرها؛ قال: وكذلك
أَكثر الحذف في العربية، إِنما هو من الأَوائل، أَو من الأَواخر، وأَما
الأَوساط، فإِن ذلك قليل فيها؛ فإِن قال قائل: فما تنكر من أَن تكون الأَلف
الثانية من فاعلاتن هي المحذوفة، حتى يبقى فاعلَتُن ثم تسكن اللام حتى يبقى
فاعلْتن، ثم تنقله في التقطيع إِلى مفعولن، فصار مثل فعلن في البسيط
الذي كان أَصله فاعلن؟ قيل له: هذا لا يكون إِلا في الأَواخر، أَعني أَواخر
الأَبيات؛ قال: وإِنما كان ذلك فيها، لأَنها موضع وقف، أَو في الأَعاريض،
لأَن الأَعاريض كلها تتبع الأَواخر في التصريع؛ قال: فهذا لا يجوز، ولم
يقله أَحد. قال ابن سيده: والذي أَعتقده مُخالَفةُ جميعهم، وهو الذي لا
يجوز عندي غيره، أَنه حذفت أَلف فاعلاتن الأُولى، فبقي فعلاتن، وأُسكنت
العين، فصار فعْلاتن، فنقل إِلى مفعولن، فإِسكان المتحرّك قد رأَيناه يجوز
في حشو البيت، ولم نرَ الوتد حُذف أَوّله إِلا في أَوّل البيت، ولا آخرُه
إِلا في آخر البيت، وهذا كله قول أَبي إِسحق.
والأَــشْعَــثُ: رجلٌ. والأَشاعِثةُ والأَشاعِثُ: منسوبون إِلى الأَــشْعَــث،
بدل من الأَــشْعَــثيين، والهاء للنسب.
وشَعْــثاءُ: اسم امرأَة؛ قال جرير:
أَلا طَرَقَتْ شَعْــثاءُ، والليلُ دُونَها،
أَحَمَّ عِلافِيّاً، وأَبْيَضَ ماضِيَا
قال ابن الأَعرابي: وشَعْــثاء اسم امرأَةِ حَسَّانَ بن ثابت. وشُعَــيْث:
اسم، إِما أَن يكون تصغير شَعَــثٍ أَو شَعِــثٍ، أَو تصغير أَــشْعَــثَ
مُرَخَّماً؛ أَنشد سيبويه:
لَعَمْرُكَ ما أَدْري، وإِن كنتُ دارياً:
شُعَــيْثُ بنُ سَهْم، أَمْ شُعْــيْثُ بنُ مِنْقَرِ
ورواه بعضهم: شُعَــيْبٌ، وهو تصحيف.
شعــف: شَعَــفَةُ كلّ شيء: أَعلاه. وشعَــفةُ الجبل، بالتحريك: رأْسُه،
والجمع شَعَــفٌ وشِعــافٌ وشُعــوفٌ وهي رؤوس الجبال. وفي الحديث: من خَيرِ الناس
رجلٌ في شَعَــفةٍ من الــشِّعــافِ في غَنَيْمَةٍ له حتى يأْتيَه الموتُ وهو
معتزل الناس؛ قال ابن الأَثير: يريدُ به رأْسَ جبل من الجبال ويجمع
شَعَــفات، ومنه قيل لأَعْلى شعــر الراْس شَعَــفَة، ومنه حديث يأْجوج ومأْجوجَ: فقال
عِراضُ الوُجوهِ صِغارُ العُيون شُهْبُ الــشِّعــافِ من كل حدَب
يَنْسِلُون؛ قوله صهب الــشِّعــاف يريد شعــور رؤوسهم، واحدتها شَعَــفة، وهي أَعْلى
الــشعــر. وشَعَــفاتُ الرأْس: أَعالي شعــره، وقيل: قَنازِعُه، وقال رجل: ضربني عمر
بدِرَّتِه فسقط البُرْنُسُ عن رأْسي فأَغاثني اللّه بــشُعَــيْفَتَيْنِ في
رأْسي أَي ذُؤابَتين على رأْسه من شعــره وقتاه الضرب، وما على رأْسه إلا
شُعَــيْفاتٌ أَي شُعَــيرات من الذؤابة. ويقال لذؤابة الغلام شَعَــفةٌ؛ وقول
الهذلي:
من فَوْقِه شَعَــفٌ قَرٌّ، وأَسْفلُه
حيٌّ يُعانَقُ بالظَّيّانِ والعُتُمِ
قال قرّ لأَن الجمع الذي لا يفارق واحده إلا بالهاء يجوز تأْنيثه
وتذكيره.
والــشَّعَــفُ: شِبْه رؤوس الكَمْأَةِ والأَثافي تَسْتَدير في أَعلاها.
وقال الأَزهري: الــشَّعَــفُ رأْسُ الكمأَة والأَثافي المستديرةُ. وشَعَــفاتُ
الأَثافي والأَبنية: رؤوسُها؛ وقال العجاج:
دواخِساً في الأَرض إلاَّ شَعَــفا
وشَعَــفةُ القلبِ: رأْسُه عند مُعَلَّقِ النِّياطِ. والــشَّعَــفُ: شِدّة
الحُبِّ. قال الأَزهريّ: ما علمت أَحداً جعل للقلب شَعَــفة غير الليث،
والحُبُّ الشديد يتمكن من سَوادِ القلب لا من طَرفه. وشَعَــفَني حُبُّها:
أَصابَ ذلك مني. يقال: شَعَــفَ الهِناءُ البعيرَ إذا بلَغ منه أَلَمُه.
وشَعَــفْتُ البعِيرَ بالقَطِرانِ إذا شَعَــلْتَه به. والــشَّعْــفُ: إحْراقُ الحُبِّ
القلبَ مع لذة يجدها كما أَن البعير إذا هُنِئَ بالقطران يجد له لذة مع
حُرْقة؛ قال امْرُؤ القيس:
لِتَقتُلَني، وقد شَعَــفْتُ فُؤادَها،
كما شَعَــفَ المَهْنُوءةَ الرجلُ الطَّالي
يقول: أَحْرَقْتُ فؤادَها بِحبي كما أَحرق الطالي هذه المَهْنوءة،
ففؤادها طائر من لذة الهِناء لأَن المهنوءة تجد للهِناء لذة مع حُرْقة،
والمصدر الــشَّعَــفُ كالأَلم؛ وأَما قول كعب بن زهير:
ومَطافُه لك ذِكْرةٌ وشُعــوف
قال: فيحتمل أَن يكون جمع شَعْــف، ويحتمل أَن يكون مصدراً وهو الظاهر.
والــشَّعــافُ: أَن يذهَب الحُبُّ بالقلب، وقوله تعالى: قد شَعَــفَها حُبّاً،
قُرِئتْ بالعين والغين، فمن قرأَها بالعين المهملة فمعناه تَيَّمها، ومن
قرأَها بالغين المعجمة أَي أَصاب شَغافَها. وشَعَــفَه الهَوى إذا بلغ منه،
وفلان مَــشْعُــوفٌ بفلانة، وقراءةُ الحسن شَعَــفَها، بالعين المهملة، هو من
قولهم شُعِــفْتُ بها كأَنه ذَهَبَ بها كل مَذهب، وقيل: بطَنَها حُبّاً.
وشعَــفَه حُبُّها يَــشْعَــفُه إذا ذهب بفؤاده مثل شعــفه المرض إذا أَذابَه.
وشعَــفَه الحُبُّ: أَحرق قلبَه، وقيل: أَمرضه. وقد شُعِــفَ بكذا، فهو
مَــشْعــوفٌ. وحكى ابن بري عن أَبي العلاء: الــشَّعَــفُ، بالعين غير معجمة، أَن يقع في
القلب شيء فلا يذهب. يقال: شَعَــفَني يــشعَــفُني شَعَــفاً؛ وأَنشد للحرث بن
حِلِّزَة اليَشْكُري:
ويَئِسْتُ مـما كان يَــشْعَــفُني
منها، ولا يُسْلِيك كالياس
ويقال: يكون بمعنى عَلا حُبها على قلبه. والمَــشْعُــوفُ: الذاهِبُ القلب،
وأَهل هجرَ يقولون للمجنون مَــشْعُــوف. وبه شُعــافٌ أَي جُنون؛ وقال
جَنْدَلٌ الطُّهَويُّ:
وغَيْر عَدْوى من شُعــافٍ وحَبَنْ
والحبنُ: الماء الأَصفر. ومعنى شُعِــفَ بفلان إذا ارتفع حُبُّه إلى أَعلى
المواضع من قلبه، قال: وهذا مذهب الفرَّاء، وقال غيره: الــشَّعَــفُ
الذُّعْر، فالمعنى هو مَذْعُورٌ خائف قَلِقٌ. والــشَّعَــفُ: شعَــف الدابة حين
تُذْعَر ثم نقلته العرب من الدوابّ إلى الناس؛ وأَنشد بيت امرئ القيس:
لِتَقْتُلَني، وقد شَعَــفْتُ فُؤادَها،
كما شَعَــفَ المَهْنوءةَ الرجلُ الطَّالي
فالــشعَــفُ الأَوَّلُ من الحبّ، والثاني من الذُّعْر. ويقال: أَلقى عليه
شَعَــفَه وشَغَفَه ومَلَقَه وحُبَّه وحُبَّته، بمعنى واحد وفي حديث عذاب
القبر: فإذا كان الرجل صالحاً جَلَسَ في قبره غير فَزِعٍ ولا مَــشْعُــوفٍ؛
الــشَّعَــفُ: شِدَّةُ الفَزَع حتى يذهب بالقلب؛ وقول أَبي ذؤيب يصف الثور
والكلاب:
شَعَــفَ الكِلابُ الضارياتُ فُؤادَه،
فإذا يَرى الصُّبحَ المُصَدَّقَ يَفْزَعُ
فإنه استعمل الــشعــف في الفزع؛ يقول: ذهبت بقلبه الكلاب فإذا نظر إلى
الصبح ترقب الكلابَ أَن تأْتيه.
والــشَّعْــفةُ: المَطْرةُ الهَيِّنةُ. وفي المثل: ما تَنْفَعُ الــشَّعْــفةُ
في الوادي الرُّغُبِ؛ يُضْرَبُ مثلاً للذي يُعْطيك قليلاً لا يقع منك
مَوْقِعاً ولا يَسُدُّ مَسَدّاً، والوادي الرغُبُ: الواسِعُ الذي لا
يَمْلَؤُه إلا السيلُ الجُحاف. والــشَّعْــفةُ: القَطْرة الواحدة من المطر.
والــشَّعْــفُ: مطْرة يسيرة؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فلا غَرْوَ إلاَّ نُرْوِهِمْ من نِبالِنا،
كما اصْعَنْفَرَتْ مِعْزى الحِجازِ من الــشَّعْــفِ
وشُعَــيْفٌ: اسم. ويقال للرجل الطويل: شِنْعافٌ، والنون زائدة.
وشَعْــفَيْنِ: موضع، ففي المَثَل: لكن بــشَعْــفَيْنِ
(* قوله «بــشعــفين» هو بلفظ المثنى
كما في القاموس تبعاً للازهري؛ وفي معجم ياقوت مغلطاً للجوهري في كسره
الفاء بلفظ الجمع.) أَنتِ جَدُودٌ؛ يُضْرَب مثلاً لمن كان في حال سيِّئةٍ
فحَسُنَتْ حالُه. وفي التهذيب: وشَعْــفانِ جَبلانِ بالغور، وذكر المثل؛
قاله رجل التقطه مَنْبُوذةً ورآها يوماً تُلاعِبُ أَتْرابَها وتمشي على
أَربع وتقول: احْلُبُوني فإني خَلِفةٌ.
مــشع: المَــشْعُ: ضرْبٌ من الأَكل كأَكلِكَ القِثّاء، وقد مَــشَعَ
القِثّاءَ مَــشْعــاً أَي مَضَغَه، وقيل: المَــشْعُ أَكلُ القِثّاء وغيره مما له
جَرْسٌ عند الأَكل. ويقال: مَــشَعْــنا القَصْعةَ أَي أَكلنا كلّ ما فيها.
والمَــشْعُ: السير السهل.
والتمــشُّعُ: الاستنجاءُ. والتمْشِيعُ: التمْسِيح. وفي الحديث: أَنه نهى
أَن يُتَمَــشَّعَ برَوْثٍ أَو عَظْمٍ؛ التمــشُّعُ: التمسُّحُ في الاستنجاء؛
قال الأَزهري: وهو حرف صحيح. وتَمَــشَّعَ وامْتَــشَعَ إِذا أَزال عنه
الأَذى. ومَــشَعَ القُطْنَ يَمْــشَعُــه مَــشْعــاً: نَفَشَه بيده، والمِــشْعــةُ
والمَشِيعةُ: القِطْعةُ منه. والمَــشْعُ: الكَسَبُ. ومَــشَعَ يَمْــشَعُ مَــشْعــاً
ومُشُوعاً: كَسَبَ وجَمَع. ورجل مَشُوعٌ: كَسُوبٌ؛ قال:
وليس بخَيْرٍ من أَبٍ غيرَ أَنه،
إِذا اغْبَرّ آفاقُ البلادِ، مَشُوعُ
ومَــشَعْــتُ الغنَمَ: حَلَبْتُها. وامْتَــشَعْــتُ ما في الضّرْعِ
وامْتَشَقْتُه إِذا لم تدَع فيه شيئاً، وكذلك امْتَــشَعْــتُ ما في يَدَيْ فلان
وامْتَشَقْته إِذا أَخذت ما في يده كله. وامتــشع السفَ من غِمْدِه وامْتَلَخه إِذا
امْتَعَدَه وسلَّه مُسْرِعاً. ويقال: امْتَــشِعْ من فلان ما مَــشَعَ لك أَي
خُذْ منه ما وجدْت. قال ابن الأَعرابي: امْتَــشَعَ الرجل ثوب صاحبه أَي
اخْتَلَسَه. وذنبٌ مَشُوعٌ.
خــشع: خَــشَع يَخْــشَعُ خُشوعاً واخْتَــشَع وتَخَــشَّعَ: رمى ببصره نحو
الأَرض وغَضَّه وخفَضَ صوته. وقوم خُــشَّع: مُتَخَــشِّعُــون. وخــشَع بصرُه: انكسر،
ولا يقال اخْتَــشع؛ قال ذو الرمة:
تَجَلَّى السُّرى عن كلِّ خِرْقٍ كأَنه
صَفِيحةُ سَيْفٍ، طَرْفُه غيرُ خاشِع
واخْتــشعَ إِذا طأْطأَ صَدْرَه وتواضع، وقيل: الخُشوع قريب من الخُضوع
إِلا أَنّ الخُضوع في البدن، وهو الإِقْرار بالاستِخْذاء، والخُشوعَ في
البدَن والصوْت والبصر كقوله تعالى: خاشِعــةً أَبصارُهم؛ وخَــشَعــتِ الأَصواتُ
للرحمن، وقرئ: خاشِعــاً أَبصارُهم؛ قال الزجاج: نصب خاشعــاً على الحال،
المعنى يخرجون من الأَجْداث خُــشَّعــاً، قال: ومَن قرأَ خاشِعــاً فعلى أَنّ لك
في أَسماء الفاعلين إِذا تقدمت على الجماعة التوحيد نحو خاشِعــاً
أَبصارُهم، ولك التوحيدُ والتأْنِيثُ لتأْنِيث الجَماعةِ كقولك خاشعــةً أَبصارهم،
قال: ولك الجمع خُــشَّعــاً أَبصارُهم، تقول: مررتُ بشُبّان حَسَنٍ
أَوْجُهُهم وحِسانٍ أَوجُههم وحسَنةٍ أَوجهُهم؛ وأَنشد:
وشَبابٍ حَسَنٍ أَوجُهُهُم،
منْ إِيادِ بنِ نِزارِ بنِ مَعَدِّ
وقوله: وخــشَعــتِ الأَصوات للرحمن؛ أَي سكنت، وكلُّ ساكنٍ خاضعٍ خاشعٌ.
وفي حديث جابر: أَنه، صلى الله عليه وسلم، أَقبل علينا فقال: أَيُّكم يُحِب
أَن يُعْرِضَ الله عنه؟ قال: فخَــشَعْــنا أَي خَشِينا وخضَعْنا؛ قال ابن
الأَثير: والخُشوع في الصوت والبصَر كالخُضوع في البدَن. قال: وهكذا جاء
في كتاب أَبي موسى، والذي جاء في كتاب مسلم فجَــشِعْــنا، بالجيم، وشرحه
الحميدي في غريبه فقال: الجَــشَعُ الفَزَعُ والخَوْفُ. والتخــشُّع: نحو
التضرُّعِ. والخشُوعُ: الخضُوعُ. والخاشع: الراكع في بعض اللغات. والتخــشُّعُ:
تَكلُّف الخُشوع. والتخــشُّعُ لله: الإِخْباتُ والتذلُّلُ.
والخُــشْعــةُ: قُفٌّ غَلبت عليه السُّهولةُ. والخُــشْعــةُ، مثال الصُّبْرة:
أَكَمةٌ مُتواضِعةٌ. وفي الحديث: كانت الكعبة خُــشْعــةً على الماء
فَدُحِيَت الأَرضُ من تَحْتِها؛ قال ابن الأَثير: الخُــشْعــةُ أَكَمةٌ لاطِئةٌ
بالأَرض، والجمع خُــشَعٌ، وقيل: هو ما غَلَبت عليه السُّهولة أَي ليس بحجر ولا
طين، ويروى خَشَفة، بالخاء والفاء، والعرب تقول للجَثَمة اللاطئة
بالأَرض هي الخُــشْعــة، وجمعها خُــشَعٌ؛ وقال أَبو زبيد
(* قوله «وقال أبو زبيد»
أي يصف صروف الدهر، وقوله الاوداة يريد الاودية فقلب، أفاده شرح القاموس.):
جازِعات إِليهمُ، خُــشَعَ الأَوْ
داةِ قُوتاً، تُسْقَى ضَياحَ المَدِيدِ
ويروى: خُــشَّعَ الأَوْداة جمع خاشِعٍ. ابن الأَعرابي: الخُــشْعــةُ
الأَكمةُ وهي الجَثَمةُ والسَّرْوعةُ والقائدةُ. وأَكمة خاشِعــة: مُلْتَزِقة
لاطئة بالأَرض. والخاشِعُ من الأَرض: الذي تُثِيره الرّياح لسُهولته فتمحو
آثارَه. وقال الزجاج: وقوله تعالى: ومن آياته أَنك ترى الأَرض خاشعــة، قال:
الخاشِعــة المتَغَبّرة المُتَهَشِّمة، وأَراد المُتهشِّمةَ النبات.
وبَلْدةٌ خاشعــة أَي مُغْبَرّة لا مَنْزِل بها. وإِذا يَبِست الأَرض ولم تُمْطَر
قيل: قد خَــشَعَــت. قال تعالى: وترى الأَرض خاشعــة فإِذا أَنزلنا عليها
الماء اهْتَزّتْ وربَتْ. والعرب تقول: رأَينا أَرض بني فلان خاشِعــةً هامِدة
ما فيها خَضْراء. ويقال: مكان خاشِعٌ. وخَــشَعَ سَنامُ البعير إِذا
أُنْضِيَ فذهب شَحْمه وتَطأْطأَ شَرَفُه. وجِدار خاشعٌ إِذا تَداعَى واستوى مع
الأَرض؛ قال النابغة:
ونُؤْيٌ كَجِذْم الحَوْضِ أَثْلَمُ خاشِعُ
وخَــشَعَ خَراشِيَّ صدْره: رمَى بُزاقاً لَزِجاً. قال ابن دريد: وخَــشَعَ
الرَّجلُ خَراشِيَّ صدْرِه إِذا رمَى بها. ويقال: خَــشَعَــت الشمسُ
وخَسَفَت وكَسَفَت بمعنى واحد. وقال أَبو صالح الكلابي: خُشوعُ الكواكِب إِذا
غارَت وكادت تَغِيب في مَغِيبها؛ وأَنشد:
بَدْر تَكادُ له الكواكب تَخْــشَعُ
وقال أَبو عدنان: خــشعــت الكواكب إِذا دنت من المَغِيب، وخضَعَت أَيدي
الكواكب أَي مالت لتَغِيب.
والخِــشْعــةُ: الذي يُبْقر عنه بطْن أُمه. قال ابن بري: قال ابن خالويه
والخِــشْعــة ولد البَقِير، والبقيرُ: المرأَة تموت وفي بطنها ولد حيّ
فَيُبْقَر بطنُها ويُخرج، وكان بكير بن عبد العزيز خِــشْعــة؛ ورأَيت في حاشية نسخة
موثوق بها من أَمالي الشيخ ابن بري قال الحطيئة يمدح خارِجةَ بن حِصْن
بن حُذَيفةَ بن بَدْر:
وقد عَلِمَتْ خيْلُ ابنِ خِــشْعــةَ أَنها
متى تَلْقَ يَوْماً ذا جِلادٍ تُجالِدِ
خِــشْعــةُ: أُم خارجةَ وهي البَقِيرةُ كانت ماتت وهو في بطنها يَرْتَكِم،
فبُقِر بطنُها فسميت البَقِيرةَ وسمي خارجةَ لأَنهم أَخرجوه من بطنها.
جــشع: في الحديث: أَنَّ معاذاً لما خرج إلى اليمن شيَّعَه رسولُ الله،
صلى الله عليه وسلم، فبكى معاذ جَــشَعــاً لفِراق رسولِ الله، صلى الله عليه
وسلم؛ الجَــشَعُ: الجزَعُ لِفراق الإِلْفِ. وفي حديث جابر: ثم أَقبل علينا
فقال: أَيُّكم يُحِب أَن يُعْرِضَ الله عنه؟ قال: فجَــشِعْــنا أَي
فَزِعْنا. وفي حديث ابن الخَصاصِيَّة: أَخافُ إِذا حضَر قِتالٌ جَــشِعَــتْ نفسي
فكَرِهَتِ الموتَ. والجَــشَعُ: أَسْوَأُ الحِرْصِ، وقيل: هو أَشدُّ الحِرْص
على الأَكل وغيره، وقيل: هو أَن تأْخذ نصيبك وتَطْمَعَ في نصيب غيرك؛
جَــشِعَ، بالكسر، جَــشَعــاً، فهو جَــشِعٌ من قوم جَــشِعِــين وجَشاعى وجُــشَعــاء
وجِشاعٌ وتَجَــشَّعَ مثله؛ قال سويد:
وكِلابُ الصيْدِ فيهنّ جَــشَعْ
ورجل جَــشِعٌ بَــشِعٌ: يجمع جَزَعاً وحِرْصاً وخبثَ نَفْس.
وقال بعض الأَعراب: تجاشَعْــنا الماء نتَجاشَعــهُ وتناهَبْناه
وتَشاحَحْناه إِذا تضايَقْنا عليه وتَعاطَشْنا. والجَــشِعُ: المُتَخَلِّق بالباطل وما
ليس فيه.
ومُجاشِعٌ: اسم رجل من بني تميم وهو مُجاشِع بن دارِم بن مالك بن
حنْظَلة بن مالك بن عمرو بن تميم.
قــشع: القَــشْعُ والقَــشْعــةُ: بيت من أَدَمٍ، وقيل: بيت من جِلْد، فإِن كان
من أَدَمٍ فهو الطِّراف؛ قال متمم بن نويرة يرثي أَخاه:
ولا برَم تُهْدِي النساءُ لِعِرْسِه،
إِذا القَــشْعُ من بَرْدِ الشتاءِ تَقَعْقَعا
وربما اتخذ من جُلُودِ الإِبل صِواناً لما فيه من المتاعِ، والجمع
قِــشْعٌ؛ وقول الراجز:
فَخَيَّمَتْ في ذَنَبانٍ مُنْقَفِعْ،
وفي رُفُوضِ كَلإٍ غيرِ قَــشِعْ
أَي رطْبٍ لم يَقْــشَعْ، والقَــشِعُ: اليابسُ، والمُنْقَفِعُ:
المُتَقَبِّضُ. والقَــشْعُ: الرجل الكبير الذي انْقَــشَعَ عنه لحمه من الكِبَرِ؛ قال
أَبو منصور: القَــشْع الذي في بيت متمم هو الشيخ الذي انقــشع عنه لحمه من
الكِبَرِ فالبرد يؤذيه ويَضُرُّ به. والقَــشْعُ والقَــشْعــةُ: قِطْعة نِطَعٍ
خَلَقٍ، وقيل: هو النطع نفسه. والقَــشْعُ أَيضاً: الفَرْوُ الخلَقُ، وجمع
كل ذلك قُشُوعٌ. والقَــشْعــةُ والقِــشْعــةُ: القطعة الخلَقُ اليابسةُ من
الجلد، والجمع قِــشَعٌ، وقيل: إِن واحده قَــشْعٌ على غير قياس لأَن قياسه قــشعــة
مثل بَدْرةٍ وبِدَرٍ إِلا أَنه هكذا يقال. ابن الأَعرابي: القِــشَعُ
الأَنْطاعُ المُخْلِقةُ. وفي حديث سلمة بن الأَكوع في غزاة بني فَزارةَ قال:
أَغرنا عليهم فإِذا امرأَة عليها قَــشْعٌ لها فأَخذتها فقدمت بها المدينة؛ قال
ابن الأَثير: أَراد بالقَــشْع الفَرْوَ الخَلَق، وأَخرجه الهروي عن أَبي
بكر قال: نَفَّلَنِي رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، جارية عليها قَــشْعٌ
لها. وفي الحديث: لا أَعْرِفَنَّ أَحدَكم يَحْمِلُ قَــشْعــاً من أَدَمٍ
فينادِي: يا محمد فأَقول: لا أَملِك لك من الله شيئاً، قد بَلَّغْتُ، يعني
أَدِيماً أَو نِطَعاً، قاله في الغُلولِ، وقال ابن الأَثير: أَراد
القِرْبةَ البالية وهو إِشارة إِلى الخيانةِ في الغنيمةِ أَو غيرها من الأَعمال؛
قيل: مات رجل بالبادية فأَوصَى أَن ادفنوني في مكاني ولا تنقلوني عنه، ثم
قال:
لا تَجْتَوِي القَــشْعــةُ الخَرْقاءُ مَبْناها؛
الناسُ ناسٌ، وأَرضُ اللهِ سَوّاها
قوله مبناها: حيث تنبُتُ القَــشْعــةُ
(* قوله« حيث تنبت القــشعــة» لعل
المراد بها الكشوثاء ففي القاموس والقــشعــة الكشوثاء وان كان شارحه استشهد به
على القــشعــة بمعنى المرأَة)، والاجْتِواء: أَن لا يوافقك المكان ولا
ماؤُه.وقَــشِعَ الشيءُ قَــشَعــاً: جَفَّ كاللحم الذي يسمى الحُساسَ.
والقُشاعُ: داءٌ يُؤْيِسُ الإِنسانَ. والقِشاعُ: الرُّقْعةُ التي توضعُ
على النِّجاش عند خَرْزِ الأَدِيمِ.
وانْقَــشَعَ عنه الشيءُ وتَقــشََّعَ: غَشِيَه ثم انجلى عنه كالظَّلام عن
الصبح والهَمِّ عن القلبِ والسَّحابِ عن الجوِّ. قال شمر: يقال للشَّمالِ
الجِرْبِياءُ وسَيْهَكٌ وقَــشْعــة لقَــشْعِــها السَّحاب. والقَــشْعُ
والقِــشْعُ: السحابُ الذاهبُ المُتَقَــشِّعُ عن وجه السماء، والقَــشْعــةُ والقِــشْعــةُ:
قِطْعةٌ منه تبقى في أُفُقِ السماء إِذا تَقَــشَّع الغيمُ. وقد انْقَــشَع
الغيمُ وأَقْــشَعَ وتَقَــشَّعَ وقَــشَعَــتْه الريحُ أَي كَشَفَتْه فانقــشَع؛ قال
ابن جني: جاءَ هذا معكوساً مخالفاً للمعتاد وذلك أَنك تجد فيها فعَل
متعدِّياً وأَفعَل غير متعد، ومثله شَنَقَ البعِيرَ وأَشنَقَ هو، وأَجفَلَ
الظَّلِيمُ وجَفَلَتْه الريحُ، وكل ذلك مذكور في موضعه. وفي حديث الاستسقاء:
فَتَقَــشَّعَ السحابُ أَي تصدَّع وأَقلع، وكذلك أَقْــشَعَ، وقَــشَعَــتْه
الريحُ.
وقَــشَعْــتُ القومَ فأَقْــشَعــوا وتقــشَّعــوا وانقــشَعــوا: ذهبوا وافترقوا.
وأَقــشَعَ القومُ: تفرَّقوا. وأَقْــشَعُــوا عن الماء: أَقْلَعوا، وعن مجلسهم:
ارتفعوا؛ هذه عن ابن الأَعرابي. والقَــشْعُ والقُــشْعُ والقِــشْعُ: كُناسةُ
الحمَّامِ والحجَّامُ، والفتح أَعلى. والقَــشْعــةُ: العجوز التي انقطع عنها
لحمها من الكِبَرِ. والقُشاعُ: صوت الضَّبُعِ الأُنثى؛ وقال أَبو مهراس:
كأَنَّ نِداءَهُنَّ قُشاعُ ضَبعٍ،
تَفَقَّدُ من فَراعِلَةٍ أَكِيلا
والقِــشْعــةُ: النُّخامةُ، وجمعها قِــشَعٌ، وبه فسر حديث أَبي هريرة، رضي
الله عنه: لو حدثتكم بكل ما أَعلم لرميتموني بالقِــشَع، وروي: بالقَــشْعِ،
وقال: القَــشْعُ ههنا البُزاقُ؛ قال المفسر: أَي بَصَقْتُم في وجهي
تَفْنِيداً لي؛ حكاه الهَرَوِيُّ في الغَرِيبَيْنِ، وقال ابن الأَثير: هي جمع
قَــشْعٍ على غير قياس، وقيل: هي جمع قَــشْعــةٍ وهي ما يُقْــشَع عن وجه الأَرض من
المدَر والحجر أَي يقلع كبَدْرةٍ وبِدَرٍ، وقيل: القِــشْعــةُ النُّخامة
التي يَقْتَلِعُها الإِنسان من صدره ويُخْرِجُها بالتنخم، أَي لبصقتم في وجهي
استخفافاً بي وتكذيباً لقولي؛ ويروى: لرميتموني بالقَــشْعِ، على
الإِفراد، وهو الجِلْد أَو من القَــشْعِ الأَحمق أَي لجعلتموني أَحمَق. وقال أَبو
منصور عقيب إِيراد هذا الحديث: القِــشَعُ الجُلود اليابسة، وقال: قال بعض
أَهل اللغة القَــشْعــةُ ما تَقَلَّفَ من يابِس الطينِ إِذا نَشَّتِ
الغُدْرانُ وجفّت، وجمعها قِــشَعٌ. والقَــشْعُ: أَن تَيْبَسَ أَطرافُ الذّرةِ قبل
إِناها، يقال: قَــشَعَــت الذُّرةُ تَقْــشَعُ قَــشْْعــاً: الحِرْباءُ؛ وأَنشد:
وبَلْدةٍ مُغْبَرّةِ المَناكِبِ،
القَــشْعُ فيها أَخضَرُ الغَباغِبِ
وأَراكةٌ قَــشِعــةٌ: مُلْتَفّةٌ كثيرة الورق.
والمِقْــشَعُ: الناوُوس، يمانية.