رسالة.
للسيوطي، أيضا.
فــرع: فَــرْعُ كلّ شيء: أَعْلاه، والجمع فُرُوعٌ، لا يُكَسَّر على غير
ذلك. وفي حديث افْتِتاحِ الصلاة: كان يَرْفَعُ يديه إِلى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ
أَي أَعالِيها. وفَــرْعُ كل شيء: أَعلاه. وفي حديث قيام رمضان: فما كنا
نَنْصَرِفُ إِلا في فُرُوعِ الفجْر؛ ومنه حديث ابن ذي المِشْعارِ: على أَن لهم
فِراعَها؛ الفِراعُ: ما عَلا من الأَرض وارْتَفَعَ؛ ومنه حديث عطاء:
وسئل ومن أَين أَرْمِي الجمرتين؟ فقال: تَفْــرَعُــهما أَي تَقِفُ على
أَعْلاهما وتَرْمِيهما. وفي الحديث: أيُّ الشجَرِ أَبْعَدُ من الخارِفِ؟ قالوا:
فَــرْعُــها، قال: وكذلك الصفُّ الأَوَّلُ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
مِنَ المُنْطِياتِ المَوْكب المَعْج بَعْدَما
يُرَى، في فُرُوعِ المُقْلَتَيْنِ، نُضُوبُ
إِنما يريد أَعالِيَهما. وقَوْسٌ فَــرْعٌ: عُمِلَتْ من رأْس القَضِيبِ
وطرَفه. الأَصمعي: من القِسِيّ القَضِيبُ والفَــرْعُ، فالقضيب التي عملت من
غُصْنٍ واحد غير مشقوق، والفَــرْعُ التي عملت من طرف القضيب. وقال أَبو
حنيفة: الفَــرْعُ من خير القِسِيِّ. يقال: قَوْسٌ فَــرْعٌ وفَــرْعــةٌ؛ قال
أَوس:على ضالةٍ فَــرْعٍ كأَنَّ نَذِيرها،
ِذا لَمْ تُخَفِّضْه عن الوَحْشِ، أَفْكَلُ
يقال: قوس فــرْع أَي غيرُ مَشْقوقٍ، وقوسٌ فِلْقٌ أَي مشقوق؛ وقال:
أَرْمي عليها، وهْيَ فَــرْعٌ أَجْمَعُ،
وهْيَ ثَلاثُ أَذْــرُعٍ وإِصْبَعُ
وفَــرَعْــتُ رأْسَه بالعَصا أَي عَلَوْته، وبالقاف أَيضاً. وفَــرَعَ الشيءَ
يَفْــرَعُــه فَــرْعــاً وفُرُوعاً وتَفَــرَّعَــه: عَلاه. وقيل: تَفَــرَّعَ فلانٌ
القومَ عَلاهم؛ قال الشاعر:
وتَفَــرَّعْــنا، مِنَ ابْنَيْ وائِلٍ،
هامةَ العِزِّ وجُرْثُومَ الكَرَمْ
وفَــرَعَ فلان فلاناً: عَلاه. وفَــرع القومَ وتَفَــرَّعــهم: فاقَهم؛ قال:
تُعَيِّرُني سَلْمَى، وليسَ بِقَضْأَةٍ،
ولَوْ كنتُ مِنْ سَلْمَى، تَفَــرَّعْــتُ دارما
والفَــرْعــةُ: رأْسُ الجبل وأَعْلاه خاصّة، وجمعها فِراعٌ؛ ومنه قيل: جبل
فارِعٌ. ونَقاً فارِعٌ: عالٍ أَطْوَلُ مما يَلِيهِ. ويقال: ائْتِ فَــرْعــةً
من فِراعِ الجبل فانْزِلْها، وهي أَماكنُ مرتفعة. وفارعــةُ الجبل:
أَعلاه. يقال: انزل بفارِعــة الوادي واحذر أَسفَله. وتِلاعٌ فَوارِعُ:
مُشْرِفاتُ المَسايِلِ، وبذلك سميت المرأَة فارِعــةً. ويقال: فلان فارِعٌ. ونَقاً
فارِعٌ: مُرْتَفِعٌ طويل. والمُفْــرِعُ: الطويلُ من كل شيء. وفي حديث شريح:
أَنه كان يجعل المُدَبَّر من الثلث، وكان مسروق يجعله الفارِعَ من
المال.والفارِعُ: المُرْتَفِعُ العالي الهَيِّءُ الحَسَنُ. والفارِعُ: العالي.
والفارِعُ: المُسْتَفِلُ. وفي الحديث: أَعْطى يومَ حُنَيْنٍ
(* قوله« أعطى
يوم حنين إلخ» كذا بالأصل، وفي نسخة من النهاية: اعطى العطايا إلخ.)
فارِعــةً من الغَنائِمِ أَي مُرْتَفِعة صاعِدة من أَصلها قبل أَن تُخَمَّسَ.
وفَــرَعــةُ الجُلّة: أَعلاها من التمر. وكَتِفٌ مُفْــرِعــةٌ: عالية مُشْرِفة
عريضة. ورجل مُفْــرِعُ الكتِف أَي عَرِيضُها، وقيل مرتفعها، وكل عالٍ طويلٍ
مُفْــرِعٌ. وفي حديث ابن زِمْلٍ: يَكادُ يَفْــرَعُ الناسَ طُولاً أَي
يَطُولُهم ويَعْلُوهم، ومنه حديث سودةَ: كانت تَفْــرَعُ الناسَ
(* قوله«تفــرع
الناس» كذا بالأصل، وفي نسخة من النهاية: النساء.) طُولاً. وفَــرْعــةُ الطريقِ
وفَــرَعَــتُه وفَــرْعــاؤُه وفارِعَــتُه، كله: أَعلاه ومُنْقَطَعُه، وقيل: ما
ظهر منه وارتفع، وقيل: فارِعــتُه حواشِيه. والفُرُوعُ: الصُّعُود.
وفَــرَعْــتُ رأْسَ الجبَلِ: عَلَوْتُه. وفَــرَعَ رأْسَه بالعَصا والسيف فَــرْعــاً:
عَلاه. ويقال: هو فَــرْعُ قَوْمِه للشريف منهم. وفَــرَعْــتُ قوْمي أَي
عَلَوْتُهم بالشرَف أَو بالجَمالِ. وأَفْــرَعَ فلانٌ: طالَ وعَلا. وأَفْــرَعَ في
قومِه وفَــرَّعَ: طال؛ قال لبيد:
فأَفْــرَعَ بالرِّبابِ، يَقُودُ بُلْقاً
مُجَنَّبَةً تَذُبُّ عن السِّخالِ
شبَّه البَرْقَ بالخيل البُلْقِ في أَوّلِ الناسِ. وتَفَــرَّعَ القومَ:
رَكِبَهم بالشتْمِ ونحوه. وتَفَــرَّعــهم: تزوَّجَ سيِّدةَ نِسائِهم
وعُلْياهُنَّ. يقال: تَفَــرَّعْــتُ ببني فلان تزوَّجْتُ في الذُّرْوةِ منهم
والسَّنامِ، وكذلك تَذَرَّيْتُهم وتنَصَّيْتُهم. وفَــرَّعَ وأَفْــرَعَ: صَعَّدَ
وانْحَدَرَ. قال رجل من العرب: لَقِيتُ فلاناً فارِعــاً مُفْــرِعــاً؛ يقول:
أَحدُنا مُصَعِّدُ والآخَرُ مُنْحَدِرٌ؛ قال الشماخ في الإِفْراعِ بمعنى
الانْحِدارِ:
فإِنْ كَرِهْتَ هِجائي فاجْتَنِبْ سَخَطي،
لا يُدْرِكَنَّكَ إِفْراعِي وتَصْعِيدي
إِفْراعي انْحِداري؛ ومثله لبشر:
إِذا أَفْــرَعَــتْ في تَلْعَةٍ أَصْعَدَتْ بها،
ومَن يَطْلُبِ الحاجاتِ يُفْــرِعْ ويُصْعِد
وفَــرَّعْــتُ في الجبل تَفْرِيعاً أَي انْحَدَرْتُ، وفَــرَّعْــتُ في الجبل:
صَعَّدْتُ، وهو من الأَضداد. وروى الأَزهري عن أَبي عمرو: فَــرَّعَ الرجُلُ
في الجبل إِذا صَعَّدَ فيه، وفَــرَّعَ إِذا انْحَدَرَ. وحكى ابن بري عن
أَبي عبيد: أَفْــرَعَ في الجبل صَعَّدَ، وأَفْــرَعَ منه نزل؛ قال معن بن أَوس في
التفريع بمعنى الانحدار:
فسارُوا، فأَمّا جُلُّ حَيِّي فَفَــرَّعُــوا
جَمِيعاً، وأَمّا حَيُّ دَعْدٍ فَصَعَّدُوا
قال شمر: وأَفْــرَعَ أَيضاً بالمعنيين، ورواه فأَفْــرَعــوا أَي انحدروا؛
قال ابن بري: وصواب إِنشاد هذا البيت: فَصَعَّدا لأَنّ القافيةَ منصوبة؛
وبعده:
فَهَيْهاتَ مِمَّن بالخَوَرْنَقِ دارُه
مُقِيمٌ، وحَيٌّ سائِرٌ قد تَنَجَّدا
وأَنشد ابن بري بيتاً آخر في الإِصْعاد:
إِنِّي امْرُؤٌ من يَمانٍ، حين تَنْسُبُني،
وفي أُمَيَّةَ إِفْراعِي وتَصْوِيبي
قال: والإِفْراعُ هنا الإِصعادُ لأَنه ضَمَّه إِلى التصويبِ وهو
الانْحِدارُ. وفَــرَّعْــتَ إِذا صَعَّدْتَ، وفَــرَّعْــتَ إِذا نزلت. قال ابن
الأَعرابي: فَــرَّعَ وأَفْــرعَ صَعَّدَ وانْحَدَرَ، من الأَضْداد؛ قال عبد الله بن
همّام السّلُولي:
فإِمّا تَرَيْني اليَوْمَ مُزْجِي ظَعينَتي،
أُصَعِّدُ سِرًّا في البِلادِ وأُفْــرِعُ
(* قوله «سراً» تقدم انشاده في صعد سيراً، وأنشده الصحاح هناك طوراً.)
وفَــرعَ، بالتخفيف: صَعَّدَ وعَلا؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَقولُ، وقد جاوَزْنَ مِنْ صَحْنِ رابِغٍ
صَحاصِحَ غُبْراً، يَفْــرَعُ الأُكْمَ آلُها
وأَصْعَدَ في لُؤْمِه وأَفْــرَعَ أَي انحَدَرَ. وبئس ما أَفْــرَعَ به أَي
ابتدأَ. ابن الأَعرابي: أَفْــرَعَ هَبَطَ، وفَــرَّعَ صَعَّدَ.
والفَــرَعُ والفَــرَعَــةُ، بفتح الراء: أَوَلُ نتاج الإِبل والغنم، وكان
أَهل الجاهلية يذبحونه لآلِهتهم يَتَبَــرَّعُــون بذلك فنُهِيَ عنه المسلمون،
وجمع الفَــرَعِ فُــرُعٌ؛ أَنشد ثعلب:
كَغَرِيّ أَجْسَدَتْ رأْسه
فُــرُعٌ بَيْنَ رئاسٍ وحَامِ
رئاس وحام: فحلانِ. وفي الحديث: لا فَــرَعَ ولا عَتِيرةَ. تقول: أَفْــرَعَ
القومُ إِذا ذبحوا أَوَّلَ ولدٍ تُنْتَجُه الناقة لآلِهتهم. وأَفْــرَعُــوا:
نُتِجُوا. والفــرَعُ والفَــرَعــةُ: ذِبْح كان يُذْبَحُ إِذا بلت الإِبل ما
يتمناه صاحبها، وجمعهما فِراعٌ. والفَــرَعُ: بعير كان يذبح في الجاهلية
إِذا كان للإِنسان مائة بعير نحر منها بعيراً كل عام فأَطْعَمَ الناسَ ولا
يَذُوقُه هو ولا أَهلُه، وقيل: إِنه كان إِذا تمت له إِبله مائة قدَّم
بكراً فنحره لصنمه، وهو الفَــرَع؛ قال الشاعر:
إِذْ لا يَزالُ قَتِيلٌ تَحْتَ رايَتِنا،
كما تَشَحَّطَ سَقْبُ الناسِكِ الفَــرَعُ
وقد كان المسلمون يفعلونه في صدر الإِسلام ثم نسخ؛ ومنه الحديث:
فَــرِّعُــوا إِن شئتم ولكن لا تَذْبَحوه غَراةً حتى يَكْبَرَ أَي صغيراً لحمه
كالغَراة وهي القِطْعة من الغِراء؛ ومنه الحديث الآخر: أَنه سئل عن الفَــرَعِ
فقال: حق، وأَن تتركه حتى يكون ابن مخاضٍ أَو ابن لَبُونٍ خير من أَن
تَذْبَحَه يَلْصَقُ لحمه بِوَبَرِه، وقيل: الفَــرَعُ طعام يصنع لنَتاجِ الإِبل
كالخُرْسِ لولادِ المرأَة. والفَــرَعُ: أَن يسلخ جلد الفَصِيلِ
فيُلْبَسَه آخَرُ وتَعْطِفَ عليه سِوَى أُمه فَتَدِرَّ عليه؛ قال أَوس بن حجر يذكر
أَزْمةً في شدَّة برد:
وشُبِّهَ الهَيْدَبُ العَبامُ مِنَ الـ
ـأَقوام سَقْباً مُجَلَّلاً فَــرَعــا
أَراد مُجَلَّلاً جِلْدَ فَــرَعٍ، فاختصر الكلام كقوله:واسأَلِ القرية
أَي أَهل القرية. ويقال: قد أَفْــرَعَ القومُ إِذا فعلت إِبلهم ذلك
والهَيْدَبُ:الجافي الخِلْقة الكثيرُ الشعر من الرجال. والعَبامُ: الثَّقِيلُ.
والفَــرَعُ: المال الطائلُ المُعَدّ؛ قال:
فَمَنَّ واسْتَبْقَى ولم يَعْتَصِرْ،
مِنْ فَــرْعِــه، مالاً ولا المَكْسِرِ
أَراد من فَــرَعِــه فسكن للضرورة. والمَكْسرُ: ما تَكَسَّرَ من أَصل ماله،
وقيل: إِنما الفَــرْعُ ههنا الغُصْنُ فكنى بالفَــرْعِ عن حديث ماله
وبالمَكْسِرِ عن قديمه، وهو الصحيح.
وأَفْــرَعَ الوادي أَهلَه: كَفاهُم. وفارَعَ الرجلَ: كفاه وحَمَلَ عنه؛
قال حسان بن ثابت:
وأُنشِدُكُمْ، والبَغْيُ مُهْلِكُ أَهْلِه،
إِذا الضَّيْفُ لم يُوجَدْ له مَنْ يُفارِعُــهْ
والفَــرْعُ: الشعر التام. والفَــرَعُ: مصدر الأَفْــرَعِ، وهو التامُّ
الشعَر. وفَــرِعَ الرجلُ يَفْــرَعُ فَــرَعــاً وهو أَفْــرَعُ: كثر شعَره.
والأَفْــرَعُ: ضِدُّ الأَصْلَعِ، وجمعهما فُــرْعٌ وفُــرْعــانٌ. وفَــرْعُ المرأَة:
شعَرُها، وجعه فُرُوعٌ. وامرأَة فارِعــةٌ وفَــرْعــاءُ: طويلة الشعر، ولا يقال
للرجل إِذا كان عظيم اللحية والجُمَّة أَفْــرَعُ، وإِنما يقال رجل أَفْــرَعُ
لضدّ الأَصْلَع، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَفْــرَعَ ذا جُمَّة. وفي
حديث عمر: قيل الفُــرْعــانُ أَفضَلُ أَمِ الصُّلْعانُففقال: الفُــرعــان،
قيل: فأَنت أَصْلَعُ؛ الأَفْــرَعُ: الوافي الشعر، وقيل: الذي له جُمَّةٌ.
وتَفَــرَّعَــتْ أَغصانُ الشجرة أَي كثرت. والفَــرَعَــةُ: جِلدةٌ تزاد في
القِرْبة إِذا لم تكن وفْراء تامة.
وأَفــرَعَ به: نزل. وأَفــرَعْــنا بفلان فما أَحْمَدناه أَي نَزَلْنا به.
وأَفْــرَعَ بنو فلان أَي انتجعوا في أَوّل الناس. وفَــرَعَ الأَرض وأَفْــرَعَــها
وفــرَّع فيها جوَّل فيها وعَلِمَ عِلْمَها وعَرَفَ خَبَرَها، وفَــرعَ بين
القوم يَفْــرَعُ فَــرْعــاً: حَجَزَ وأَصلَح، وفي الحديث: أَن جاريتين جاءتا
تَشْتَدّانِ إِلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي فأَخذتا بركبتيه
فَفَــرَعَ بينهما أَي حَجَزَ وفرَّق؛ ويقال منه: فــرَّع يُفَــرِّعُ أَيضاً،
وفَــرَّع بين القوم وفرَّقَ بمعنى واحد. وفي الحديث عن أَبي الطفيل قال: كنت
عند ابن عباس فجاءه بنو أَبي لهب يختصمون في شيء بينهم فاقْتَتَلُوا عنده
في البيت، فقام يُفَــرِّعُ بينهم أَي يَحْجُزُ بينهم. وفي حديث علقمة: كان
يُفَــرِّعُ بيْن الغنم أَي يُفَرِّقُ، قال ابن الأَثير: وذكره الهرويّ في
القاف، وقال: قال أَبو موسى وهو من هَفَواته. والفارِعُ: عَوْنُ السلطانِ،
وجمعه فَــرَعــةٌ، وهو مثل الوازِعِ. وأَفْــرَعَ سفَره وحاجَته: أَخذ فيهما.
وأَفْــرَعُــوا من سفَره: قدموا وليس ذلك أَوانَ قدومهم. وفــرَعَ فرسَه
يَفْــرَعُــه فَــرْعــاً: كبَحَه وكَفَّه وقَدَعَه؛ قال أَبو النجم:
بِمُفْــرَعِ الكِتْفَيْنِ حُرٍّ عَطَلُهْ
نفْــرَعُــه فَــرْعــاً، ولسْنا نَعْتِلُهْ
(* قوله« بمفــرع إلخ» سيأتي إِنشاده في مادة عتل) :
من مفــرع الكتفين حر عطله
شمر: استفْــرَعَ القومُ الحديثَ وافْتَــرَعُــوه إِذا ابتَدَؤوه؛ قال الشاعر
يرثي عبيد بن أَيوب:
ودلَّهْتَنِي بالحُزْنِ حتى تَرَكْتَنِي،
إِذا اسْتَفْــرَعَ القومُ الأَحاديثَ، ساهِيا
وأَفــرَعَــتِ المرأَةُ: حاضَتْ. وأفْــرَعَــها الحَيْضُ: أَدْماها.
وأَفْــرَعَــتْ إِذا رأَت دماً قَبْلَ الولادة. والإِفْراعُ: أَوّلُ ما تَرَى
الماخِضُ من النساء أَو الدوابّ دماً. وأَفْــرَعَ لها الدمُ: بدا لها. وأَفْــرَعَ
اللِّجامُ الفرسَ: أَدْماه؛ قال الأَعشى:
صَدَدْت عن الأَعْداءِ، يومَ عُباعِبٍ،
صُدُودَ المَذاكي أَفْــرَعَــتْها المَساحِلُ
المَساحِلُ: اللُّجُمُ، واحدها مِسْحَلٌ، يعني أَنَّ المَساحِل
أَدْمَتْها كما أَفْــرَعَ الحيضُ المرأَةَ بالدم.
وافْتَــرَعَ البِكْرَ: اقْتَضَّها، والفُــرْعــةُ دمها، وقيل له افْتِراعٌ
لأَنه أَوّلُ جِماعِها، وهذا أَول صَيْدٍ فَــرَعَــه أَي أَراقَ دمه. قال
يزيد بن مرة: من أَمثالهم: أَوّلُ الصيْدِ فَــرَعٌ، قال: وهو مُشَبَّه
بأَوَّلِ النِّتاجِ. والفَــرَعُ: القِسْمُ وخَصَّ به بعضهم الماء. وأُفْــرِعَ
بسيد بني فلان: أُخِذَ فقتل. وأَفْــرَعَــتِ الضَّبُعُ في الغنم: قتلتها
وأَفْسَدَتْها؛ أَنشد ثعلب:
أَفْــرَعْــتِ في فُرارِي،
كأَنَّما ضِرارِي
أرَدْتِ، يا جَعارِ
وهي أَفْسَدُ شيء رُؤيَ. والفُرارُ: الضأْن، وأَما ما ورد في الحديث: لا
يَؤُمَّنَّكُمْ أنْصَرُ ولا أَزَنّ ولا أَفْــرَعُ؛ الأَفْــرَعُ ههنا:
المُوَسْوِسُ.
والفَــرَعــةُ: القَمْلةُ العظيمة، وقيل: الصغيرةُ، تسكن وتحرك، وبتصغيرها
سميت فُرَيْعةُ، وجمعها فِراعٌ وفَــرْعٌ وفَــرَعٌ. والفِراعُ:
الأَوْدِيةُ.والفَوارِعُ: موضعٌ، وفارِعٌ وفُرَيْعٌ وفُرَيْعةُ وفارِعــةُ، كلها:
أَسماء رجال. وفارِعــة: اسم امرأَة. وفُــرْعــانُ: اسم رجل. ومَنازِلُ بن
فُــرْعــانَ: من رهط الأَحْنَف بن قَيْسٍ. والأَفْــرَعُ: بطن من حِمْيَرٍ.
وفَرْوَعٌ: موضع؛ قال البريق الهذلي:
وقَدْ هاجَنِي مِنْها بِوَعْساءِ فَرْوَعٍ،
وأَجْزاعِ ذي اللَّهْباءِ، مَنْزِلةٌ قَفْرُ
وفارِعٌ: حِصْنٌ بالمدينة يقال إِنه حصن حسّان بن ثابت؛ قال مِقْيَسُ بن
صُبابةَ حين قَتَلَ رجلاً من فِهْرٍ بأَخيه:
قَتَلْتُ به فِهْراً، وحَمَّلْتُ عَقْلَه
سَراةَ بَني النّجّارِ أَرْبابَ فارِعِ
وأَدْرَكْتُ ثَأْرِي، واضْطَجَعْتُ مُوَسشَّداً،
وكُنْتُ إِلى الأَوْثانِ أَوّلَ راجِعِ
والفارِعــانِ: اسم أَرض؛ قال الطِّرِمّاحُ:
ونَحْنُ، أَجارَتْ بِالأُقَيْصِرِ هَهُنا
طُهَيَّةُ، يَوْمَ الفارِعَــيْنِ، بِلا عَقْدِ
والفُــرْعُ: موضع وهو أَيضاً ماء بِعَيْنِه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرَبَّعَ الفُــرْع بِمَــرْعًــى مَحْمُود
وفي الحديث ذكر الفُــرْع، بضم الفاء وسكون الراء، وهو موضع بين مكة
والمدينة، وفُرُوعُ الجَوْزاءِ: أَشدّ ما يكون من الحَرّ، قال أَبو
خِراشٍ:وظَلَّ لَنا يَوْمٌ، كأَنَّ أُوارَه
ذَكا النّارِ من نَجْمِ الفُرُوعِ طَوِيلُ
قال: وقرأْته على أَبي سعيد بالعين غير معجمة؛ قال أَبو سعيد في قول
الهذلي:
وذَكَّرَها فَيْحُ نَجْمِ الفُرو
عِ، مِنْ صَيْهَبِ الحَرِّ، بَرْدَ الشَّمال
قال: هي فُروعُ الجَوْزاءِ بالعين، وهو أَشدّ ما يكون من الحر، فإِذا
جاءت الفروغُ، بالغين، وهي من نُجُوم الدّلْو كان الزمان حينئذ بارداً ولا
فَيْحَ يومئذ.
ذرع: الذِّراعُ: ما بين طرَف المِرْفق إِلى طرَفِ الإِصْبَع الوُسْطى،
أُنثى وقد تذكَّر. وقال سيبويه: سأَلت الخليل عن ذراع فقال: ذِراع كثير في
تسميتهم به المذكر ويُمَكَّن في المذكَّر فصار من أَسمائه خاصّة عندهم،
ومع هذا فإِنهم يَصِفون به المذكر فتقول: هذا ثوب ذراع، فقد يُمَكَّنُ
هذا الاسم في المذكر، ولهذا إِذا سمي الرجل بذراع صُرف في المعرفة والنكرة
لأَنه مذكر سمي به مذكر، ولم يعرف الأَصمعي التذكير في الذراع، والجمع
أَذْــرُعٌ؛ وقال يصف قوساً عَربية:
أَرْمِي عليها، وهْيَ فَــرْعٌ أَجْمَعُ،
وهْيَ ثَلاثُ أَذْــرُعٍ وإِصْبَعُ
قال سيبويه: كسّروه على هذا البناء حين كان مؤنثاً يعني أَن فَعالاً
وفِعالاً وفَعِيلاً من المؤنث حُكْمُه أَن يُكسَّر على أَفْعُل ولم
يُكسِّروا ذِراعاً على غير أَفْعُل كما فَعَلوا ذلك في الأَكُفِّ؛ قال ابن بري:
الذراع عند سيبويه مؤنثة لا غير؛ وأَنشد لمِرْداس ابن حُصَين:
قَصَرْتُ له القبيلةَ إِذ تَجَِهْنا،
وما دانَتْ بِشِدَّتِها ذِراعي
وفي حديث عائشةَ وزَينبَ: قالت زينبُ لرسول الله، صلى الله عليه وسلم:
حَسْبُك إِذ قَلبَتْ لك ابنة أَبي قُحافةَ ذُرَيِّعَتَيْها؛ الذُّرَيِّعةُ
تصغير الذراع ولُحوق الهاء فيها لكونها مؤنثة، ثم ثَنَّتْها مصغرة
وأَرادت به ساعدَيْها. وقولهم: الثوب سبع في ثمانية، إِنما قالوا سبع لأَن
الذراع مؤنثة، وجمعها أَذرع لا غير، وتقول: هذه ذراع، وإِنما قالوا ثمانية
لأَن الأَشبار مذكرة. والذِّراع من يَدَيِ البعير: فوق الوظيفِ، وكذلك من
الخيل والبغال والحمير. والذِّراعُ من أَيدي البقر والغنم فوق الكُراع.
قال الليث: الذراع اسم جامع في كل ما يسمى يداً من الرُّوحانِيين ذوي
الأَبدان، والذِّراعُ والساعد واحد. وذَــرَّع الرجلُ: رَفَعَ ذِراعَيْه
مُنذراً أَو مبشراً؛ قال:
تُؤَمِّل أَنفالَ الخمِيس وقد رَأتْ
سَوابِقَ خَيْلٍ، لم يُذَــرِّعْ بَشيرُها
يقال للبشير إِذا أَوْمَأَ بيده: قد ذَــرَّع البَشيرُ.
وأَذْــرَع في الكلام وتذَــرَّع: أَكثر وأَفْرَط. والإِذْراعُ: كثرةُ
الكلامِ والإِفْراطُ فيه، وكذلك التَّذَــرُّع. قال ابن سيده: وأَرى أَصله من
مدّ الذِّراع لأَن المُكْثِر قد يفعل ذلك. وثور مُذَــرَّع: في أَكارِعــه
لُمَع سُود. وحمار مُذَــرَّع: لمكان الرَّقْمةِ في ذِراعه. والمُذَــرَّعُ: الذي
أُمه عربية وأَبوه غير عربي؛ قال:
إِذا باهليٌّ عنده حَنْظَلِيَّةٌ،
لها وَلَدٌ منه، فذاك المُذَــرَّعُ
وقيل: المُذَــرَّع من الناس، بفتح الراء، الذي أُمه أَشرف من أَبيه،
والهجين الذي أَبوه عربيّ وأُمه أَمة؛ قال ابن قيس العدوي:
إِنَّ المُذَــرَّعَ لا تُعْنَى خُؤُولَتُه،
كالبَغْلِ يَعْجِزُ عن شَوْطِ المَحاضِير
وقال آخر يهجو قوماً:
قَوْمٌ تَوارَثَ بيتَ اللُّؤْمِ أَوَّلُهم،
كما تَوارَثَ رَقْمَ الأَذْــرُعِ الحُمُرُ
وإِنما سمي مُذَــرَّعــاً تشبيهاً بالبغل لأَنَّ في ذراعيه رَقْمتين
كرَقْمتي ذراع الحِمار نَزَع بهما إِلى الحِمار في الشبه، وأُمّ البغل أَكرم من
أَبيه.
والمُذَــرَّعــة: الضبع لتخطيط ذِراعَيْها، صفة غالبة؛ قال ساعدة بن جؤية:
وغُودِرَ ثاوِياً، وتَأَوَّبَتْه
مُذَــرَّعــةٌ أُمَيْم، لها فَلِيلُ
والضبع مّذَــرَّعــة بسواد في أَذْــرعــها، وأَسد مُذَــرَّع: على ذِراعَيْه
دَمُ فَرائِسه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
قد يَهْلِكُ الأَرْقَمُ والفاعُوسُ،
والأَسَدُ المُذَــرَّعُ المَنْهُوسُ
والتذْرِيع: فضل حبل القَيد يُوثَق بالذراع، اسم كالتَّنْبيت لا مصدر
كالتَّصْويت. وذُــرِّعَ البعيرُ وذُــرِّعَ له: قُيِّدَ في ذراعَيْه جميعاً.
يقال: ذَــرَّعَ فلان لبعيره إِذا قَيَّدَه بفضل خِطامه في ذراعه، والعرب
تسميه تَذْريعاً.
وثوب مُوَشَّى الذِّراع أَي الكُمِّ، وموشَّى المَذارِع كذلك، جمع على
غير واحده كمَلامحَ ومَحاسِنَ.
والذِّراعُ: ما يُذْــرَعُ به. ذَــرَع الثوب وغيره يَذْــرَعُــه ذَــرْعــاً:
قدَّره بالذِّراع، فهو ذارِعٌ، وهو مَذْرُوع، وذَــرْعُ كلّ شيء: قَدْرُه من
ذلك.
والتذَــرُّع أَيضاً: تَقْدِير الشيء بذِراع اليد؛ قال قَيْس بن الخَطِيم:
ترى قَِصَدَ المُرّانِ تُلْقَى، كأَنَّها
تَذَــرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
وقال الأَصمعي: تَذَــرَّعَ فلان الجَرِيدَ إِذا وضَعه في ذِراعِه
فشَطَبه؛ ومنه قول قَيْس بن الخَطِيم هذا البيت، قال: والخِرْصانُ أَصلها
القُضْبان من الجَرِيد، والشَّواطِبُ جمع الشاطِبة، وهي المرأَة التي تَقْشُر
العَسِيب ثم تُلْقِيه إِلى المُنَقِّية فتأْخذ كل ما عليه بسِكِّينها حتى
تتركه رقيقاً، ثم تُلْقِيه المنقِّيةُ إِلى الشاطِبة ثانية فتَشْطُبه على
ذِراعها وتَتَذَــرَّعُــه، وكل قَضِيب من شجرة خِرْصٌ. وقال أَبو عبيدة:
التَّذَــرُّع قدر ذِراع يَنكسر فيسقط، والتذَــرُّع والقِصَدُ واحد غيره، قال:
والخِرْصان أَطراف الرماح التي تلي الأَسنَّة، الواحد خُرْص وخِرْص
وخَرْص. قال الأَزهري: وقول الأَصمعي أَشبههما بالصواب. وتَذَــرَّعــتِ المرأَة:
شقَّت الخُوص لتعمَل منه حَصِيراً. ابن الأَعرابي: انْذَــرَع وانْذَرَأَ
ورَعَــفَ واسْتَــرْعَــفَ إِذا تقدَّم.
والذَّــرِعُ: الطويلُ اللسان بالشَّرِّ، وهو السيّار الليلَ والنهارَ.
وذَــرَع البعيرَ يَذرَعُــه ذَــرْعــاً: وَطِئه على ذِراعه ليرْكب صاحبُه.
وذَــرَّعَ الرجلُ في سباحتِه تَذْرِيعاً: اتَّسَع ومدَّ ذِراعَيْه.
والتَّذْرِيعُ في المشي: تحريك الذِّراعين. وذَــرَّع بيديه تَذْرِيعاً:
حرَّكهما في السعْي واستعان بهما عليه. وقيل في صفته، صلى الله عليه وسلم: إِنه
كان ذَرِيعَ المشْي أَي سريعَ المشْي واسعَ الخَطْوة؛ ومنه الحديث:
فأَكَل أَكْلاً ذَريعاً أَي سريعاً كثيراً. وذَــرَع البعيرُ يَده إِذا مَدَّها
في السير. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَذْــرَعَ
ذِراعَيْه من أَسفلِ الجُبّةِ إِذْراعاً؛ أَذْــرَع ذِراعَيْه أَي أَخرَجهما من تحت
الجُبَّة ومدَّهما؛ ومنه الحديث الآخر: وعليه جَمَّازةٌّ فأَذْــرَع منها
يده أَي أَخرجها. وتَذَــرَّعَــت الإِبل الماءَ: خاضَتْه بأَذْــرُعِــها.
ومَذارِيعُ الدابة ومَذارِعُــها: قوائمها؛ قال الأَخطل:
وبالهدايا إِذا احْمَرَّت مَذارِعُــها،
في يوم ذَبْح وتَشْرِيقٍ وتَنْحارِ
وقوائم ذَــرِعــاتٌ أَي سَريعاتٌ. وذَــرِعــاتُ الدابة: قوائمها؛ ومنه قول ابن
حذاق العبدي:
فأَمْستْ كَنَيْسِ الرَّمْلِ، يَغْدُو إِذا غَدَتْ،
على ذَــرِعــاتٍ يَعْتَلِين خُنُوسَا
أَي على قوائم يَعْتَلين من جاراهُنَّ وهنَّ يَخْنِسْنَ بَعْضَ جَرْيِهن
أَي يُبْقين منه؛ يقول لم يَبْذُلْن جميع ما عندهن من السير. ومِذْراعُ
الدابة: قائمتها تَذْــرَعُ بها الأَرض، ومِذْــرَعُــها: ما بين ركبتها إِلى
إِبْطها، وثَور مُوَشَّى المَذارِع.
وفرس ذَروعٌ وذَرِيعٌ: سَريعٌ بَعِيدُ الخُطى بيِّن الذَّراعة. وفرس
مُذَــرَّع إِذا كان سابقاً وأَصله الفرس يلحق الوَحْشيّ وفارِسُه عليه
يَطْعَنُه طَعْنة تَفُور بالدم فيُلَطِّخ ذِراعَي الفرس بذلك الدم فيكون علامة
لسَبْقِه؛ ومنه قول تميم:
خِلالَ بُيوتِ الحَيِّ مِنها مُذَــرَّع
ويقال: هذه ناقة تُذارِعُ بُعْد الطريق أَي تَمُدّ باعَها وذِراعها
لتَقْطعَه، وهي تُذارِع الفلاة وتَذْــرَعُــها إِذا أَسْــرعــت فيها كأَنها
تَقِيسُها؛ قال الشاعر يصف الإِبل:
وهُنَّ يَذْــرَعْــن الرِّقاقَ السَّمْلَقا،
ذَــرْعَ النّواطِي السُّحُل المُرَقَّقا
والنواطِي: النَّواسِجُ، الواحدة ناطيةٌ، وبعير ذَرُوعٌ. وذَارَع
صاحِبَه فذَــرَعــه: غَلَبه في الخَطْو. وذَــرعــه القَيْءُ إِذا غَلبه وسَبق إِلى
فيه. وقد أَذْــرَعــه الرجلُ إِذا أَخرجه. وفي الحديث: مَن ذَــرَعــه القَيْء فلا
قضاء عليه أَي سبَقه وغَلبه في الخُروج. والذَّــرْعُ: البَدَنُ،
وأَبْطَرَني ذَــرْعِــي: أَبْلى بَدنِي وقطَع مَعاشي. وأَبطَرْت فلاناً ذَــرْعَــه أَي
كَلَّفْته أَكثر من طَوْقه. ورجل واسعُ الذَّــرْع والذِّراع أَي الخُلُق،
على المثل، والذَّــرْعُ: الطاقةُ. وضاقَ بالأَمر ذَــرْعُــه وذِراعُه أَي
ضعُقت طاقتُه ولم يجد من المكروه فيه مَخْلَصاً ولم يُطِقه ولم يَقْو عليه،
وأَصل الذرْع إِنما هو بَسْط اليد فكأَنك تريد مَدَدْت يدي إِليه فلم
تَنَلْه؛ قال حميد بن ثور يصف ذئباً:
وإِن باتَ وَحْشاً لَيْلةً لم يَضِقْ بها
ذِراعاً، ولم يُصْبحْ لها وهو خاشِعُ
وضاق به ذَــرْعــاً: مثل ضاق به ذِراعاً، ونَصْبَ ذرْعــاً لأَنه خرج
مفسِّراً مُحَوِّلاً لأَنه كان في الأَصل ضاق ذَــرْعــي به، فلما حُوّل الفعل خرج
قوله ذرعــاً مفسراً، ومثله طِبْت به نفساً وقَرَرْت به عَيناً، والذَّــرْعُ
يوضع موضع الطاقة، والأَصل فيه أَن يَذْــرَع البعير بيديه في سيره ذَــرْعــاً
على قدر سَعة خَطْوه، فإِذا حملته على أَكثر من طَوْقه قلت: قد
أَبْطَرْت بعيرك ذَــرْعــه أَي حَمَلْته من السير على أَكثر من طاقته حتى يَبْطَر
ويَمُدّ عنقه ضَعْفاً عما حُمِل عليه. ويقال: ما لي به ذَــرْع ولا ذِراع أَي
ما لي به طاقة. وفي حديث ابن عوف: قَلّدوا أَمْركم رَحْب الذِّراع أَي
واسِعَ القوة والقدرة والبطش. والذرْعُ: الوُسْع والطاقة؛ ومنه الحديث:
فكَبُر في ذَــرْعــي أَي عظُم وقْعُه وجلَّ عندي، والحديث الآخر: فكسَر ذلك من
ذَــرْعــي أَي ثَبَّطَني عما أَردته؛ ومنه حديث إِبراهيم، عليه الصلاة
والسلام: أَوحى الله إِليه أَنِ ابنِ لي بَيْتاً فضاق بذلك ذَــرْعــاً، وجهُ
التمثيل أَن القصير الذِّراع لا ينالُ ما ينالهُ الطويل الذراع ولا يُطيق
طاقتَه، فضرب مثلاً للذي سقطت قوَّته دون بلوغ الأَمر والاقتدار عليه.
وذراعُ القَناة: صدرُها لتقدُّمه كتقدُّم الذراع. ويقال لصدر الفتاة: ذراع
العامل. ومن أَمثال العرب السائرة: هو لك على حَبْلِ الذِّراع أَي
أُعَجِّله لك نقداً، وقيل: هو مُعَدٌّ حاضر، والحبْلُ عِرْق في الذراع.
ورجل ذَــرِعٌ: حَسَن العِشْرةِ والمخالَطةِ؛ ومنه قول الخَنْساء:
جَلْد جَمِيل مَخِيل بارِع ذَــرِع،
وفي الحُروبِ، إِذا لاقَيْتَ، مِسْعارُ
ويقال: ذارعْــتُه مذارعــةً إِذا خالطته.
والذِّراع: نَجم من نُجوم الجَوْزاء على شكل الذراع؛ قال غَيْلانُ
الربعي:
غَيَّرها بَعْدِيَ مَرُّ الأَنْواءْ:
نَوءِ الذِّراعِ أَو ذِراعِ الجَوْزاءْ
وقيل: الذراعُ ذِراع الأََسد، وهما كوكبانِ نَيِّران ينزلُهما القمر.
والذِّراع: سِمةٌ في موضع الذِّراع، وهي لبني ثعلبة من أَهل اليمن وناسٍ من
بني مالك بن سعد من أَهل الرِّمال.
وذَــرَّع الرجلَ تذْريعاً وذَــرَّعَ له: جعل عُنقه بين ذراعه وعُنُقه
وعضُده فخنَقَه ثم استعمل في غير ذلك ما يُخْنَق به. وذَــرَّعَــه: قتله. وأَمْر
ذَريع: واسع. وذَــرَّع بالشيء: أَقَرَّ به؛ وبه سمي المُذَــرِّعُ أَحدُ
بني خَفاجةَ بن عُقَيْل، وكان قتل رجلاً من بني عَجْلان ثم أَقرَّ به
فأُقيدَ به فسمي المُذَــرِّعَ.
والذَّــرَعُ: ولد البقرة الوحْشِيَّة، وقيل: إِنما يكون ذَــرَعــاً إِذا
قَوِيَ على المشي؛ عن ابن الأَعرابي، وجمعه ذِــرْعــانٌ، تقول: أَذْــرَعــتِ
البقرةُ، فهي مُذْــرِعٌ ذات ذَــرَعٍ. وقال الليث: هنَّ المُذْــرِعــات أَي ذوات
ذِــرْعــانٍ.
والمَذارِعُ: النخل القريبة من البيوت. والمَذارِعُ: ما دانى المِصْر من
القرى الصِّغار. والمَذارِعُ: المَزالِفُ، وهي البلاد التي بين الريف
والبرّ كالقادِسية والأَنْبار، الواحد مِذْراعٌ. وفي حديث الحسن: كانوا
بمذراع اليمن، قال: هي القريبة من الأَمصار. ومَذارِعُ الأَرض: نَواحيها.
ومَذارِعُ الوادي: أَضْواجُه ونواحيه.
والذَّرِيعة: الوسيلة. وقد تَذَــرَّع فلان بذَريعةٍ أَي توسَّل، والجمع
الذرائعُ. والذريعةُ، مثل الدَّريئة: جمل يُخْتَل به الصيْد يَمْشي
الصيَّاد إِلى جنبه فيستتر به ويرمي الصيدَ إِذا أَمكنه، وذلك الجمل يُسَيَّب
أَوَّلاً مع الوحش حتى تأْلَفَه. والذريعةُ: السبَبُ إِلى الشيء وأَصله من
ذلك الجمل. يقال: فلان ذَرِيعتي إِليك أَي سَبَبي ووُصْلَتي الذي أَتسبب
به إِليك؛ وقال أَبو وجْزةَ يصف امرأَة:
طافَت بها ذاتُ أَلْوانٍ مُشَبَّهة،
ذَرِيعةُ الجِنِّ لا تُعْطِي ولا تَدَعُ
أَراد كأَنها جنية لا يَطْمَع فيها ولا يَعْلمها في نفسها. قال ابن
الأَعرابي: سمي هذا البعير الدَّرِيئة والذَّريعة ثم جعلت الذريعةُ مثلاً لكل
شيء أَدْنى من شيء وقَرَّب منه؛ وأَنشد:
وللمَنِيَّةِ أَسْبابٌ تُقَرِّبها،
كما تُقَرِّب للوَحْشِيَّة الذُّــرُع
وفي نوادر الأَعراب: أَنت ذَــرَّعْــت بيننا هذا وأَنت سَجَلْته؛ يريد
سَبَّبْتَه. والذَّريعةُ: حَلْقة يُتَعلَّم عليها الرَّمْي.
والذريعُ:السريعُ. وموت ذريعٌ: سريع فاشٍ لا يكاد الناس يَتدافَنُون،
وقيل: ذَريع أَي سريع. ويقال: قتلوهم أَذْــرَع قتل. ورجل ذَرِيعٌ بالكتابة
أَي سريع.
والذِّراعُ والذَّراعُ، بالفتح: المرأَة الخفيفةُ اليدين بالغَزل، وقيل:
الكثيرة الغزل القويَّةُ عليه. وما أَذْــرَعَــها وهو من باب أَحْنَكِ
الشاتَيْن، في أَن التعجب من غير فِعل. وفي الحديث: خَيْرُكنَّ أَذْــرَعُــكن
للمِغْزَل أَي أَخَفُّكُنَّ به، وقيل: أَقْدَركنَّ عليه.
وزِقٌّ ذارِعٌ: كثير الأَخذ من الماء ونحوه؛ قال ثعلبة بن صُعَيْر
المازنيّ:
باكَرتُهُم بسِباء جَوْنٍ ذارِعٍ،
قَبْل الصَّباحِ، وقَبْلَ لَغْو الطائرِ
وقال عبد بن الحسحاس:
سُلافة دارٍ، لاسُلافة ذارِعٍ،
إِذا صُبَّ منه في الزُّجاجةِ أَزْبدا
والذارِعُ والمِذْــرَعُ: الزِّقُّ الصغير يُسْلَخ من قِبَلِ الذِّراع،
والجمع ذَوارِعُ وهي للشراب؛ قال الأَعشى:
والشارِبُونَ، إِذا الذَّوارعُ أُغْلِيَتْ،
صَفْوَ الفِصالِ بطارِفٍ وتِلادِ
وابنُ ذارِعٍ: الكلْب. وأَذْــرُعٌ وأَذْــرِعــات، بكسر الراء: بلد ينسب
إِليه الخمر؛ قال الشاعر:
تَنوَّرْتُها من أَذْــرِعــاتِ، وأَهلُها
بيَثْرِبَ أَدْنى دارِها نَظَرٌ عالي
ينشد بالكسر بغير تنوين من أَذرعــاتِ، وأَما الفتح فخطأ لأَن نصب تاء
الجمع وفتحه كسر، قال: والذي أَجاز الكسر بلا صرف فلأَنه اسم لفظُه لفظُ
جماعة لواحد، والقول الجيِّد عند جميع النحويين الصرف، وهو مثل عَرفات،
والقرّاء كلهم في قوله تعالى من عَرَفاتٍ على الكسر والتنوين، وهو اسم لمكان
واحد ولفظه لفظ جمع، وقيل أَذرعــات مَوضِعانِ ينسب إِليهما الخمر؛ قال
أَبو ذؤيب:
فما إِنْ رَحِيقٌ سَبَتْها التِّجا
رُ من أَذْــرِعــاتٍ، فَوادِي جَدَرْ
وفي الصحاح: أَذْــرِعــات، بكسر الراء، موضع بالشام تنسب إِليه الخمر، وهي
معروفة مصروفة مثل عرفات؛ قال سيبويه: ومن العرب من لا ينون أَذرعــات،
يقول: هذه أَذرعــاتُ ورأَيت أَذرعــاتِ، برفع التاء وكسرها بغير تنوين. قال ابن
سيده: والنسبة إِلى أَذْــرِعــات أَذْــرَعِــيٌّ، وقال سيبويه: أَذرعــات بالصرف
وغير الصرف، شبهوا التاء بهاء التأْنيث، ولم يَحْفَلوا بالحاجز لأَنه
ساكن، والساكن ليس بحاجز حَصين، إِن سأَل سائل فقال: ما تقول فيمن قال هذه
أَذرعــاتُ ومسلماتُ وشبه تاء الجماعة بهاء الواحدة فلم يُنَوِّن للتعريف
والتأْنيث، فكيف يقول إِذا نكَّر أَيُنوّن أَم لا؟ فالجواب أَن التنوين مع
التنكير واجب هنا لا محالة لزوال التعريف، فأَقْصى أَحوال أَذْــرِعــات
إِذا نكرتها فيمن لم يصرف أَن تكون كحمزةَ إِذا نكرتها، فكما تقول هذا حمزةُ
وحمزةٌ آخر فتصرف النكرة لا غير، فكذلك تقول عندي مسلماتُ ونظرت إِلى
مسلماتٍ أُخرى فتنوّن مسلماتٍ لا محالة. وقال يعقوب: أَذْــرِعــات ويَذْــرِعــات
موضع بالشام حكاه في المبدل؛ وأَما قول الشاعر:
إِلى مَشْرَبٍ بين الذِّراعَيْن بارِد
فهما هَضْبتان. وقولهم: اقْصِدْ بذَــرْعِــك أَي ارْبَعْ على نَفْسك ولا
يَعْدُ بك قَدْرُك.
والذَّــرَعُ، بالتحريك: الطمَعُ؛ ومنه قول الراجز:
وقد يَقُودُ الذرَعُ الوَحْشِيَّا
والمُذَــرِّعُ، بكسر الراء مشددة: المطر الذي يَرْسَخ في الأَرض قدرَ
ذِراع.
شــرع: شَــرَعَ الوارِدُ يَشْــرَعُ شَــرْعــاً وشُروعاً: تناول الماءَ بفِيه.
وشَــرَعَــتِ الدوابُّ في الماء تَشْــرَعُ شَــرْعــاً وشُرُوعاً أَي دخلت.
ودوابُّ شُروعٌ وشُــرَّعٌ: شَــرَعَــتْ نحو الماء. والشَّريعةُ والشِّراعُ
والمَشْــرَعــةُ: المواضعُ التي يُنْحَدر إِلى الماء منها، قال الليث: وبها سمي ما
شَــرَعَ الله للعبادِ شَريعةً من الصوم والصلاةِ والحج والنكاح وغيره.
والشِّــرْعــةُ والشَّريعةُ في كلام العرب: مَشْــرَعــةُ الماء وهي مَوْرِدُ
الشاربةِ التي يَشْــرَعُــها الناس فيشربون منها ويَسْتَقُونَ، وربما شَــرَّعــوها
دوابَّهم حتى تَشْــرَعــها وتشرَب منها، والعرب لا تسميها شَريعةً حتى يكون
الماء عِدًّا لا انقطاع له، ويكون ظاهراً مَعِيناً لا يُسْقى بالرِّشاءِ،
وإِذا كان من السماء والأَمطار فهو الكَــرَعُ، وقد أَكْــرَعُــوه إِبلهم
فكَــرَعَــتْ فيه وسقَوْها بالكَــرْع وهو مذكور في موضعه. وشَــرَعَ إِبله
وشَــرَّعــها: أَوْرَدَها شريعةَ الماء فشربت ولم يَسْتَقِ لها. وفي المثل: أَهْوَنُ
السَّقْيِ التَّشْريعُ، وذلك لأَن مُورِدَ الإِبل إِذا وَرَدَ بها
الشريعة لم يَتْعَبْ في إِسْقاءِ الماء لها كما يتعب إِذا كان الماء بعيداً؛
ورُفِعَ إِلى عليّ، رضي الله عنه، أَمْرُ رجل سافر مع أَصحاب له فلم
يَرْجِعْ حين قفَلوا إِلى أَهاليهم، فاتَّهَمَ أَهلُه أَصحابَه فرَفَعُوهم إِلى
شُرَيْح، فسأَلَ الأَولياءَ البينةَ فعَجَزُوا عن إِقامتها وأَخبروا
عليّاً بحكم شريح فتمثَّل بقوله:
أَوْرَدَها سَعْدٌ، وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ،
يا سَعْدُ لا تَرْوى بِهذاكَ الإِبِلْ
(* ويروى: ما هكذا توردُ، يا سعدُ، الإبل.)
ثم قال: إِن أَهْوَنَ السَّقْيِ التَّشْريعُ، ثم فَرَّقَ بينهم وسأَلهم
واحداً واحداً، فاعترَفوا بقتله فقَتَلَهم به؛ أَراد علي: أَن هذا الذي
فعله كان يسِيراً هيِّناً وكان نَوْلُه أَن يَحْتاطَ ويَمْتَحِنَ بأَيْسَر
ما يُحْتاطُ في الدِّماءِ كما أَن أَهْوَنَ السَّقْيِ للإِبلِ تشرِيعُها
الماء، وهو أَن يُورِدَ رَبُّ الإِبلِ إِبله شريعةً لا تحتاج مع ظهور
مائها إِلى نَزْع بالعَلَق من البئر ولا حَثْيٍ في الحوض، أَراد أَن الذي
فعله شريح من طلب البينة كان هيِّناً فأَتَى الأَهْوَنَ وترك الأَحْوَطَ
كما أَن أَهون السَّقْيِ التشريعُ. وإِبلٌ شُرُوعٌ، وقد شَــرَعَــتِ الماءَ
فشَرِبت؛ قال الشماخ:
يَسُدُّ به نَوائِبَ تَعْتَرِيهِ
من الأَيامِ كالنَّهَلِ الشُّرُوعِ
وشَــرَعْــتُ في هذا الأَمر شُرُوعاً أَي خُضْتُ. وأَشْــرَعَ يدَه في
المِطْهَرةِ إِذا أَدخَلَها فيها إِشْراعاً. قال: وشَــرَعْــتُ فيها وشَــرَعَــتِ
الإِبلُ الماءَ وأَشــرعْــناها. وفي الحديث: فأَشــرَعَ ناقتَه أَي أَدخَلها في
شرِيعةِ الماء. وفي حديث الوضوء: حتى أَشــرَعَ في العضُد أَي أَدخَل الماءَ
إِليه. وشَــرَّعَــتِ الدابةُ: صارت على شَرِيعةِ الماء؛ قال الشماخ:
فلمّا شَــرَّعَــتْ قَصَعَتْ غَليلاً
فأَعْجَلَها، وقد شَرِبَتْ غِمارا
والشريعةُ موضع على شاطئ البحر تَشْــرَعُ فيه الدوابُّ. والشريعةُ
والشِّــرْعــةُ: ما سنَّ الله من الدِّين وأَمَر به كالصوم والصلاة والحج والزكاة
وسائر أَعمال البرِّ مشتقٌّ من شاطئ البحر؛ عن كراع؛ ومنه قوله تعالى:
ثم جعلناك على شريعةٍ من الأَمْر، وقوله تعالى: لكلٍّ جعلنا منكم شِــرْعــةً
ومِنهاجاً؛ قيل في تفسيره: الشِّــرْعــةُ الدِّين، والمِنهاجُ الطريقُ،
وقيل: الشــرعــة والمنهاج جميعاً الطريق، والطريقُ ههنا الدِّين، ولكن اللفظ
إِذا اختلف أَتى به بأَلفاظ يؤَكِّدُ بها القِصة والأَمر كما قال عنترة:
أَقوَى وأَقْفَرَ بعد أُمِّ الهَيْثَمِ
فمعنى أَقْوَى وأَقْفَرَ واحد على الخَلْوَة إِلا أَن اللفظين أَوْكَدُ
في الخلوة. وقال محمد بن يزيد: شِــرْعــةً معناها ابتِداءُ الطريق،
والمِنهاجُ الطريق المستقيم. وقال ابن عباس: شــرعــة ومنهاجاً سَبيلاً وسُنَّة، وقال
قتادة: شــرعــة ومنهاجاً، الدِّين واحد والشريعة مختلفة. وقال الفراء في
قوله تعالى ثم جعلناك على شريعة: على دين ومِلَّة ومنهاج، وكلُّ ذلك يقال.
وقال القتيبي: على شريعة، على مِثال ومَذْهبٍ. ومنه يقال: شَــرَعَ فلان في
كذا وكذا إِذا أَخذ فيه؛ ومنه مَشارِعُ الماء وهي الفُرَضُ التي
تَشْــرَعُ فيها الواردةُ. ويقال: فلان يَشْتَــرعُ شِــرْعَــتَهُ ويَفْتَطِرُ
فِطْرَتَه ويَمْتَلُّ مِلَّتَه، كل ذلك من شِــرْعــةِ الدِّين وفِطْرتِه ومِلِّتِه.
وشَــرَعَ الدِّينَ يَشْــرَعُــه شَــرْعــاً: سَنَّه. وفي التنزيل: شَــرَعَ لكم من
الدِّين ما وصَّى به نوحاً؛ قال ابن الأَعرابي: شَــرَعَ أَي أَظهر. وقال
في قوله: شَــرَعــوا لهم من الدِّين ما لم يأْذن به الله، قال: أَظهَرُوا
لهم. والشارعُ الرَّبّاني: وهو العالم العاملُ المعَلِّم. وشَــرَعَ فلان
إِذا أَظْهَرَ الحَقَّ وقمَعَ الباطِلَ. قال الأَزهري: معنى شَــرَعَ بَيَّنَ
وأَوضَح مأْخوذ من شُــرِعَ الإِهابُ إِذا شُقَّ ولم يُزَقَّقْ أَي يجعل
زِقًّا ولم يُرَجَّلْ، وهذه ضُرُوبٌ من السَّلْخِ مَعْرُوفة أَوسعها
وأَبينها الشَّــرْعُ، قال: وإِذا أَرادوا أَن يجعلوها زِقًّا سلَخُوها من قِبَل
قَفاها ولا يَشُقُّوها شَقّاً، وقيل في قوله: شَــرَع لكم من الدِّين ما
وصَّى به نوحاً: إِنَّ نوحاً أَول من أَتَى بتحريم البَناتِ والأَخَواتِ
والأُمَّهات. وقوله عز وجل: والذي أَوحينا إِليك وما وصَّينا به إِبراهيم
وموسى؛ أَي وشــرع لكم ما أَوحينا إِليك وما وصَّيْنا به الأَنبياء قبْلك.
والشِّــرْعــةُ: العادةُ. وهذا شِــرْعــةُ ذلك أَي مِثاله؛ وأَنشد الخليل يذمُّ
رجلاً:
كَفّاكَ لم تُخْلَقا للنَّدَى،
ولم يَكُ لُؤْمُهما بِدْعَهْ
فَكَفٌّ عن الخَيرِ مَقْبُوضةٌ،
كما حُطَّ عن مائَةٍ سَبْعهْ
وأُخْرَى ثَلاثَةُ آلافِها،
وتِسْعُمِئيها لها شِــرْعــهْ
وهذا شِــرْعُ هذا، وهما شِــرْعــانِ أَي مِثْلانِ.
والشارِعُ: الطريقُ الأَعظم الذي يَشْــرَعُ فيه الناس عامّة وهو على هذا
المعنى ذُو شَــرْعٍ من الخَلْق يَشْــرَعُــون فيه. ودُورٌ شارِعــةٌ إِذا كانت
أَبوابها شارِعــةً في الطريق. وقال ابن دريد: دُورٌ شَوارِعُ على نَهْجٍ
واحد. وشَــرَعَ المَنْزِلُ إِذا كان على طريق نافذ. وفي الحديث: كانت
الأَبوابُ شارِعــةً إِلى المَسْجِدِ أَي مَفْتُوحةً إِليه. يقال: شَــرَعْــتُ
البابَ إِلى الطريق أَي أَنْفَذْتُه إِليه. وشَــرَعَ البابُ والدارُ شُرُوعاً
أَفْضَى إِلى الطريقِ، وأَشْــرَعَــه إِليه. والشَّوارِعُ من النجوم:
الدَّانِيةُ من المَغِيبِ. وكلُّ دانٍ من شيء، فهو شارِعٌ. وقد شَــرَعَ له ذلك،
وكذلك الدارُ الشارِعــةُ التي قد دنت من الطريق وقَرُبَتْ من الناسِ، وهذا
كله راجع إِلى شيء واحد، إِلى القُرْب من الشيء والإِشْرافِ عليه.
وأَشْــرَعَ نَحْوَه الرُّمْحَ والسيْفَ وشَــرَعَــهُما: أَقْبَلَهُما إِياه
وسَدَّدَهُما له، فَشَــرَعَــتْ وهيَ شَوارِعُ؛ وأَنشد:
أَفاجُوا مِنْ رِماحِ الخَطِّ لَمّا
رَأَوْنا قَدْ شَــرَعْــناها نِهالا
وشَــرَعَ الرُّمْحُ والسَّيْفُ أَنْفُسُهُما؛ قال:
غَداةَ تَعاوَرَتْه ثَمَّ بِيضٌ،
شَــرَعْــنَ إِليهِ في الرَّهْجِ المُكِنِّ
(* هذا البيت من قصيدة للنابغة. وفي ديوانه: دُفعن اليه مكان شــرعــن
اليه.)وقال عبد الله بن أَبي أَوْفَى يهجو امرأَة:
ولَيْسَتْ بِتارِكةٍ مُحْرَماً،
ولَوْ حُفَّ بالأَسَلِ الشُّــرَّعِ
ورمح شُراعِيٌ أَي طويلٌ وهو مَنْسُوب. والشِّــرْعــةُ
(* قوله «والشــرعــة»
في القاموس: هو بالكسر ويفتح، الجمع شــرع بالكسر ويفتح وشــرع كعنب، وجمع
الجمع شراع.): الوَتَرُ الرقيقُ، وقيل: هو الوَتَرُ ما دام مَشْدوداً على
القَوْس، وقيل: هو الوتر، مَشْدوداً كان على القَوْس أَو غير مشدود، وقيل:
ما دامت مشدودة على قوس أَو عُود، وجمعه شِــرَعٌ على التكسير، وشِــرْعٌ على
الجمع الذي لا يفارق واحده إِلا بالهاء، وشِراعٌ جمع الجمع؛ قال الشاعر:
كما أَزْهَرَتْ قَيْنَةٌ بالشِّراع
لإِسْوارِها عَلَّ منه اصْطِباحَا
(* قوله «كما أزهرت إلخ» أنشده في مادة زهر: ازدهرت. وقوله «عل منه»
تقدم عل منها.)
وقال ساعدة بن جؤية:
وعاوَدَني دَيْني، فَبِتُّ كأَنما
خِلالَ ضُلوعِ الصَّدْرِ شِــرْعٌ مُمَدَّدُ
ذكَّر لأَن الجمع الذي لا يُفارِقُ واحده إِلا بالهاء لك تذكيره
وتأْنيثه؛ يقول: بِتُّ كأَنّ في صَدْري عُوداً من الدَّوِيِّ الذي فيه من
الهُموم، وقيل: شِــرْعــةٌ وثلاثُ شِــرَعٍ، والكثير شُــرْعٌ؛ قال ابن سيده: ولا
يعجبني على أَن أَبا عبيد قد قاله. والشِّراعُ: كالشِّــرْعــة، وجمعه شُــرُعٌ؛
قال كثير:
إِلا الظِّباءَ بها، كأَنَّ تَرِيبَها
ضَرْبُ الشِّراعِ نَواحيَ الشِّرْيانِ
يعني ضَرْب الوَتَرِ سِيَتَيِ القَوْسِ. وفي الحديث: قال رجل: إِني
أُحِبُّ الجَمالَ حتى في شِــرْعِ نَعْلِي أَي شِراكِها تشبيه بالشِّــرْعِ، وهو
وَترُ العُود لأَنه مُمْتَدٌّ على وجهِ النعل كامتِدادِ الوَترِ على
العُود، والشِّــرْعــةُ أَخَصّ منه، وجمعهما شِــرْعٌ؛ وقول النابغة:
كَقَوْسِ الماسِخِيِّ يَرِنُّ فيها،
من الشِّــرْعِــيِّ، مَرْبُوعٌ مَتِينُ
أَراد الشِّــرْعَ فأَضافه إَلى نفسه ومثله كثير؛ قال ابن سيده: هذا قول
أَهل اللغة وعندي أَنه أَراد الشِّــرْعــةَ لا الشِّــرْعَ لأَنَّ العَرَبَ
إِذا أَرادت الإِضافة إِلى الجمع فإِنما تردُّ ذلك إِلى الواحد.
والشَّريعُ: الكَتَّانُ وهو الأَبَقُ والزِّيرُ والرازِقيُّ، ومُشاقَتُه
السَّبِيخةُ. وقال ابن الأَعرابي: الشَّرَّاعُ الذي يبيع الشَّريعَ، وهو
الكتَّانُ الجَيِّدُ.
وشَــرَّعَ فلان الحَبْلَ أَي أَنْشَطه وأَدْخَلَ قُطْرَيْه في العُرْوة.
والأَشْــرَعُ الأَنْفِ: الذي امْتَدَّت أَرْنَبَتُه. وفي حديث صُوَرِ
الأَنبياء، عليهم السلام: شِراعُ الأَنفِ أَي مُمْتَدُّ الأَنْفِ طويله.
والأَشْــرعُ: السَّقائفُ، واحدتها شَــرَعــة؛ قال ابن خشرم:
كأَنَّ حَوْطاً جَزاه اللهُ مَغْفِرةً،
وجَنَّةً ذاتَ عِلِّيٍّ وأَشْراعِ
والشِّراعُ: شِراعُ السفينةِ وهي جُلُولُها وقِلاعُها، والجمع أَشْــرِعــةٌ
وشُــرُعٌ؛ قال الطِّرِمّاح:
كأَشْــرِعــةِ السَّفِينِ
وفي حديث أَبي موسى: بينا نحن نَسِيرُ في البحر والريحُ طَيِّبةٌ
والشِّراعُ مرفوعٌ؛ شِراعُ السفينة: ما يرفع فوقها من ثوب لِتَدْخُلَ فيه الريح
فيُجْريها. وشَــرّعَ السفينةَ: جعل لها شِراعاً. وأَشــرَعَ الشيءَ:
رَفَعَه جدّاً. وحِيتانٌ شُرُوعٌ: رافعةٌ رُؤُوسَها. وقوله تعالى: إِذ تأْتِيهم
حِيتانُهم يوم سَبْتِهم شُــرَّعــاً ويوم لا يَسْبِتُون لا تأْتيهم؛ قيل:
معناه راعفةٌ رُؤُوسَها، وقيل: خافضة لها للشرب، وقيل: معناه أَن حِيتانَ
البحر كانت تَرِدُ يوم السبت عَنَقاً من البحر يُتاخِمُ أَيْلةَ
أَلهَمَها الله تعالى أَنها لا تصاد يوم السبت لنَهْيِه اليهودَ عن صَيْدِها،
فلما عَتَوْا وصادُوها بحيلة توَجَّهَتْ لهم مُسِخُوا قِرَدةً. وحِيتانٌ
شُــرَّعٌ أَي شارِعــاتٌ من غَمْرةِ الماءِ إِلى الجُدِّ. والشِّراعُ: العُنُق،
وربما قيل للبعير إِذا رَفَع عُنُقه: رَفَع شِراعَه. والشُّراعيّة
والشِّراعيّةُ: الناقةُ الطويلةُ العُنُقِ؛ وأَنشد:
شُِراعِيّة الأَعْناقِ تَلْقَى قَلُوصَها،
قد اسْتَلأَتْ في مَسْك كَوْماءَ بادِنِ
قال الأَزهري: لا أَدري شُراعِيّةٌ أَو شِراعِيّةٌ، والكَسْر عندي
أَقرب، شُبِّهت أَعناقُها بشِراع السفينة لطولها يعني الإِبل. ويقال للنبْتِ
إِذا اعْتَمَّ وشَبِعَتْ منه الإِبلُ: قد أَشــرَعَــتْ، وهذا نَبْتٌ شُراعٌ،
ونحن في هذا شَــرَعٌ سواءٌ وشَــرْعٌ واحدٌ أَي سواءٌ لا يفوقُ بعضُنا
بعضاً، يُحَرَّكُ ويُسَكَّنُ. والجمع والتثنية والمذكر والمؤنث فيه سواء. قال
الأَزهري: كأَنه جمع شارِعٍ أَي يَشْــرَعُــون فيه معاً. وفي الحديث: أَنتم
فيه شَــرعٌ سواءٌ أَي متساوون لا فَضْل لأَحدِكم فيه على الآخر، وهو مصدر
بفتح الراء وسكونها. وشَــرْعُــك هذا أَي حَسْبُك؛ وقوله أَنشده ثعلب:
وكانَ ابنَ أَجمالٍ، إِذا ما تَقَطَّعَتْ
صُدُورُ السِّياطِ، شَــرْعُــهُنَّ المُخَوِّفُ
فسّره فقال: إِذا قطَّع الناسُ السِّياط على إِبلهم كفى هذه أَن
تُخَوَّفَ. ورجل شَــرْعُــك من رجل: كاف، يجري على النكرة وصفاً لأَنه في نية
الانفصال. قال سيبويه: مررت برجل شِــرْعِــكَ فهو نعت له بِكمالِه وبَذِّه، غيره:
ولا يثنَّى ولا يجمع ولا يؤنَّث، والمعنى أَنه من النحو الذي تَشْــرَعُ
فيه وتَطْلُبُه. وأَشــرَعَــني الرجلُ: أَحْسَبَني. ويقال: شَــرْعُــكَ هذا أَي
حَسْبُك. وفي حديث ابن مغفل: سأَله غَزْوانُ عما حُرِّمَ من الشَّرابِ
فَعَرَّفَه، قال: فقلت شَــرْعــي أَي حَسْبي؛ وفي المثل:
شَــرْعُــكَ مل بَلَّغَكَ المَحَلاَّ
أَي حَسْبُكَ وكافِيكَ، يُضْرَبُ في التبليغ باليسير. والشَّــرْعُ: مصدر
شَــرَعَ الإهابَ يَشْــرَعُــه شَــرْعــاً سَلَخَه، وقال يعقوب: إِذا شَقَّ ما
بين رِجْلَيْه وسَلَخَه؛ قال: وسمعته من أُمِّ الحُمارِسِ البَكْرِيّةِ.
والشِّــرْعــةُ: حِبالةٌ من العَقَبِ تُجْعَلُ شَرَكاً يصاد به القَطا ويجمع
شِــرَعــاً؛ وقال الراعي:
من آجِنِ الماءِ مَحْفُوفاً به الشِّــرَعُ
وقال أَبو زبيد:
أَبَنَّ عِرِّيسةً عَنانُها أَشِبٌ،
وعِنْدَ غابَتِها مُسْتَوْرَدٌ شَــرَعُ
الشِّــرَعُ: ما يُشْــرَعُ فيه، والشَّراعةُ: الجُرْأَةُ. والشَّرِيعُ:
الرجل الشُّجاعُ؛ وقال أَبو وجْزةَ:
وإِذا خَبَرْتَهُمُ خَبَرْتَ سَماحةً
وشَراعةً، تَحْتَ الوَشِيجِ المُورِدِ
والشِّــرْعُ: موضع
(* قوله «والشــرع موضع» في معجم ياقوت: شــرع، بالفتح،
قرية على شرقي ذرة فيها مزارع ونخيل على عيون، ثم قال: شــرع، بالكسر، موضع،
واستشهد على كليهما.)، وكذلك الشّوارِعُ. وشَرِيعةُ: ماءٌ بعينه قريب من
ضَرِيّةَ؛ قال الراعي:
غَدا قَلِقاً تَخَلَّى الجُزْءُ منه،
فَيَمَّمَها شَرِيعةَ أَو سَوارَا
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وأَسْمَر عاتِك فيه سِنانٌ
شُراعِيٌّ، كَساطِعةِ الشُّعاعِ
قال: شُراعِيٌّ نسبة إِلى رجل كان يعمل الأَسِنَّة كأَن اسمه كان
شُراعاً، فيكون هذا على قياس النسب، أَو كان اسمه غير ذلك من أَبْنِية شَــرَعَ،
فهو إِذاً من نادِرِ مَعْدُول النسب. والأَسْمَرُ: الرُّمح. والعاتِكُ:
المُحْمَرُّ من قِدَمِه. والشَّرِيعُ من الليف: ما اشتَدَّ شَوْكُه وصلَحَ
لِغِلَظِه أَنْ يُخْرَزَ به؛ قال الأَزهري: سمعت ذلك من الهجريين
النَّخْلِيِّين. وفي جبال الدَّهْناءِ جبلٌ يقال له شارعٌ، ذكره ذو الرمّة في
شعره.
ســرع: السُّــرْعــةُ: نقِيضُ البُطْءِ. سَــرُعَ يَسْــرُعُ سَراعةً وسِــرْعــاً
وسَــرْعــاً وسِــرَعــاً وسَــرَعــاً وسُــرْعــةً، فهو سَــرِعٌ وسَرِيعٌ وسُراعٌ،
والأُنثى بالهاء، وسَــرْعــانُ والأُنثى سَــرْعَــى، وأَسْــرَعَ وسَــرُعَ، وفرق سيبويه
بين سَــرُع وأَسْــرَعَ فقال: أَسْــرَعَ طَلَبَ ذلك من نفسه وتَكَلَّفه كأَنه
أَســرَعَ المشي أَي عَجّله، وأَما ســرُع فكأَنها غَرِيزةٌ. واستعمل ابن
جني أَســرَع متعدِّياً فقال يعني العرب: فمنهم من يَخِفُّ ويُسْــرِعُ قبولَ
ما يسمعه، فهذا إِمَّا أَن يكون يتعدى بحرف وبغير حرف، وإِما أَن يكون
أَراد إِلى قبوله فحذف وأَوصل. وسَــرَّع: كأَسْــرَعَ؛ قال ابن أَحمر:
أَلا لا أَرى هذا المُسَــرِّعَ سابِقاً،
ولا أَحَداً يَرْجُو البَقِيّةَ باقِيا
وأَراد بالبقية البَقاء. وقال ابن الأَعرابي: سَــرِع الرجلُ إِذا أَســرَع
في كلامه وفِعاله. قال ابن بري: وفرس سَريعٌ وسُراعٌ؛ قال عمرو بن
معديكرب:
حتى تَرَوْهُ كاشِفاً قِناعَهْ،
تَغْدُو بِه سَلْهَبةٌ سُراعَهْ
وأَسْــرَعَ في السير، وهو في الأَصل متعدّ. وعجبت من سُــرْعــةِ ذاك وسِــرَعِ
ذاك مثال صِغَرِ ذاك؛ عن يعقوب. وفي حديث تأْخير السَّحُورِ: فكانت
سُــرْعــتي أَن أُدْرِكَ الصلاةَ مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يريد
إِسراعي، والمعنى أَنه لِقُرْبِ سحُورِه من طلوع الفجر يدرك الصلاة بإِسراعه.
ويقال: أَســرَعَ فلان المشي والكتابة وغيرهما، وهو فعل مجاوز. ويقال: أَســرع
إِلى كذا وكذا؛ يريدون أَســرَعَ المضيّ إِليه، وسارَعَ بمعنى أَســرعَ؛
يقال ذلك للواحد، وللجميع سارَعــوا. قال الله عز وجل: أَيحسَبُونَ أَن ما
نُمِدُّهُم به من مال وبنين نُسارِعُ لهم في الخيرات؛ معناه أَيحسبون أَن
إِمدادَنا لهم بالمال والبنين مجازاة لهم وإِنما هو استدراج من الله لهم،
وما في معنى للذي أَي أَيحسبون أَن الذي نمدهم به من مال وبنين، والخبر
محذوف، المعنى نسارع لهم به. وقال الفراء: خبر أَن ما نمدهم به قوله نسارع
لهم، واسم أَنَّ ما بمعنى الذي، ومن قرأَ يُسارِعُ لهم في الخيرات فمعناه
يُسارِعُ لهم به في الخيرات فيكون مثل نُسارِعُ، ويجوز أَن يَكون على
معنى أَيحسبون إِمدادنا يُسارِعُ لهم في الخيرات فلا يحتاج إِلى ضمير، وهذا
قول الزجاج.
وفي حديث خيفان: مَسارِيعُ في الحرب؛ هو جمع مِسْراع وهو الشديد
الإِسْراع في الأُمور مثل مِطْعانٍ ومَطاعِينَ وهو من أَبنية المبالغة. وقولهم:
السَّــرَعَ السَّــرَعَ مثال الوَحَا. وتســرَّعَ الأَمرُ: كسَــرُعَ؛ قال
الراعي:
فلو أَنّ حَقّ اليَوْم مِنْكُم إِقامةٌ،
وإِن كان صَرْحٌ قد مَضَى فَتَسَــرَّعــا
وتَسَــرَّعَ بالأَمر: بادَرَ به. والمُتَسَــرِّعُ: المُبادِرُ إِلى
الشَّرِّ، وتَسَــرَّعَ إِلى الشرِّ، والمسْــرَعُ: السَّريعُ إِلى خير أَو شرّ.
وسارعَ إِلى الأَمر: كأَسْــرَعَ. وسارَعَ إِلى كذا وتَسَــرَّع إِليه بمعنًى.
وجاء ســرَعــاً أَي سَريعاً. والمُسارَعــةُ إِلى الشيء: المُبادَرَةُ إِليه.
وأَســرَع الرجلُ: سَــرُعَــتْ دابَّته كما قالوا أَخَفَّ إِذا كانت دابته
خفيفة، وكذلك أَســرَعَ القومُ إِذا كانت دوابُّهم سِراعاً.
وسَــرُعَ ما فعلْتَ ذاك وسَــرْعَ وسُــرْعَ وسَــرْعــانَ ما يكونُ ذاك؛ وقول
مالك بن زغبة الباهلي:
أَنَوْراً سَــرْعَ ماذا يا فَرُوقُ،
وحَبْلُ الوَصْلِ مُنتكِثٌ حَذِيقُ؟
أَراد سَــرُعَ فخفف، والعرب تخفف الضمة والكسرة لثقلهما، فتقول للفَخِذِ
فَخْذٌ، وللعَضُدِ عَضْدٌ، ولا تقول للحَجَر حَجْر لخفة الفتحة. وقوله:
أَنَوْراً معناه أَنَواراً ونِفاراً يا فَرُوقُ، وما صلة، أَراد سَــرُعَ ذا
نَوْراً. وتقول أَيضاً: سِــرْعــانَ وسُــرْعــانَ، كله اسم للفعل كَشَتان؛
وقال بشر:
أَتَخْطُبُ فيهم بَعْدَ قتْلِ رِجالِهم؟
لَسَــرْعــانَ هذا، والدِّماءُ تَصَبَّبُ
ابن الأَعرابي: وسَــرْعــانَ ذا خُروجاً وسَــرُعــانَ ذا خروجاً، بضم الراء،
وسِــرْعــانَ ذا خروجاً. قال ابن السكيت: والعرب تقول لَسَــرْعــانَ ذا
خُرُوجاً، بتسكين الراء، وتقول لَسَــرُعَ ذا خروجاً، بضم الراء، وربما أَسكنوا
الراء فقالوا سَــرْعَ ذا خروجاً أَي سَــرُعَ ذا خُروجاً. ولَسَــرْعــانَ ما
صَنَعْتَ كذا أَي ما أَسْــرَعَ. وفي المثل: سَــرْعــانَ ذا إِهالةً؛ وأَصل هذا
المثل أَن رجلاً كان يُحَمَّقُ، اشترى شاة عَجْفاءَ يَسِيلُ رُغامُها
هُزالاً وسُوءَ حال، فظن أَنه وَدَكٌ فقال: سَــرْعــانَ ذا إِهالةً.
وسَــرَعــانُ الناسِ وسَــرْعــانُهم: أَوائِلُهم المستبقون إِلى الأَمر.
وسَــرَعــانُ الخيلِ: أَوائِلُها؛ قال أَبو العباس: إِذا كان السَّــرَعــانُ وصفاً
في الناس قيل سَــرَعــانُ وسَــرْعــانُ، وإِذا كان في غير الناس فسَــرَعــانُ
أَفصح، ويجوز سَــرْعــان. وقال الأَصمعي: سَــرَعــانُ الناسِ أَوائِلُهم فحرَّك لمن
يُسْــرِعُ من العسكر، وكان ابن الأَعرابي يسكن الراء فيقول ســرْعــان الناس
أَوائلهم؛ وقال القطامي في لغة من يثقل ويقول سَــرَعــانَ:
وحَسِبْتُنا نَزَعُ الكَتِيبةَ غُدْوةً،
فَيُغَيِّفُونَ ونَرْجِعُ السَّــرَعــانا
قال الجوهري في سَــرَعــانِ الناس: يلزم الإِعرابُ نونَه في كل وجه. وفي
حديث سَهْو الصلاة: فخرج سَــرَعــانُ الناسِ. وفي حديث يوم حُنَينٍ: فخرج
سَــرَعــان الناس وأَخِفّاؤُهُم. والسَّــرَعــانُ: الوَتَرُ القوي؛ قال:
وعَطَّلْتُ قَوْسَ اللَّهْوِ من سَــرَعــانِها،
وعادَتْ سِهامي بَينَ أَحْنَى وناصِلِ
الأَزهري: وسَــرَعــانُ عَقَبِ المَتْنَيْنِ شِبْهُ الخُصَل تَخْلُص من
اللحم ثم تُفْتَلُ أَوتاراً للقِسِيّ يقال لها الســرَعــانُ؛ قال: سمعت ذلك من
العرب، وقال أَبو زيد: واحدة سَــرَعــانِ العَقَبِ سَــرَعــانةٌ؛ وقال أَبو
حنيفة: السَّــرَعــانُ العَقَبُ الذي يجمع أَطرافَ الريش مما يلي الدائرة.
وسَــرَعــانُ الفرس: خُصَلٌ في عُنقه، وقيل: في عَقِبه، الواحدة سَــرَعــانة.
والسَّــرْعُ والسِّــرْعُ: القَضِيبُ من الكرْم الغَضُّ، والجمع سُرُوعٌ.
وفي التهذيب: السَّــرْعُ قَضِيب سنة من قُضْبان الكرْم، قال: وهي تَسْــرُعُ
سُرُوعاً وهنّ سَوارِعُ والواحدة سارِعــةٌ. قال: والسَّــرْعُ والسِّــرْعُ
اسم القضيب من ذلك خاصّة. والســرَعْرَعُ: القضيب ما دام رَطْباً غضّاً
طرِيّاً لسَنَتِه، والأُنثى سَــرَعْرَعــةٌ. وكل قضيب رَطْب سِــرْعٌ وسَــرْعٌ
وسَــرَعْرَعٌ؛ قال يصف عُنْفُوانَ الشباب:
أَزْمانَ، إِذْ كُنْتَ كَنَعْتِ الناعِتِ
سَــرَعْرَعــاً خُوطاً كَغُصْنٍ نابِتِ
أَي كالخُوطِ السَّــرَعْرَعِ، والتأْنيثُ على إِرادةِ الشُّعْبة. قال
الأَزهري: والسَّرْغُ، بالغين المعجمة، لغة في السَّــرْع بمعنى القضيب
الرطْب، وهي السُّرُوعُ والسُّروغُ. والسَّــرَعْرَعُ: الدقيق الطويل.
والسَّــرَعْرَعُ: الشابُّ الناعم اللدْنُ. الأَصمعي: شَبَّ فلان شباباً سَــرَعْرَعــاً.
والسَّــرَعْرَعــةُ من النساء: الليِّنة الناعمةُ.
والأَسارِيعُ: شُكُرٌ تَخْرُجُ في أَصلِ الحَبلةِ. والأَسارِيعُ: التي
يتعلق بها العنب، وربما أُكلت وهي رَطْبَةٌ حامضةٌ. الواحِدُ أُسْرُوعٌ.
واليَسْرُوع واليُسْروعُ والأَسْرُوع: دُودٌ يكون على الشوْك، والجمع
الأَسارِيعُ، وقيل: الأَسارِيعُ دُودٌ حُمْرُ الرؤوس بيض الأَجساد تكون في
الرمل تُشَبَّه بها أَصابع النساء، وقال الأَزهري: هي دِيدانٌ تظهر في
الربيع مُخَطَّطة بسواد وحمرة؛ قال امرؤ القيس:
وتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرِ شَثْنٍ كأَنه
أَسارِيعُ ظَبْيٍ، أَو مساوِيكُ إِسْحِلِ
وظَبْيٌ: اسم وادٍ بِتِهامةَ. يقال: أَسارِيعُ ظَبْي كما يقال سِيدُ
رَمْل وضَبُّ كُدْيةٍ وثَوْرُ عَدابٍ، وقيل: اليُسْرُوعُ والأُسْرُوعُ
الدُّودةُ الحمراء تكون في البقْل ثم تنسلخ فتصير فَراشة. قال ابن بري:
اليُسْرُوعُ أَكبر من أَن ينسلخ فيصير فراشة لأَنها مقدار الإِصْبَعِ ملْساءُ
حمراءُ، والأَصل يَسْرُوعٌ لأَنه ليس في الكلام يُفْعُولٌ، قال سيبويه:
وإِنما ضموا أَوّله إِتباعاً لضم الراء كما قالوا أَسْوَدُ بن يعْفُر؛ قال
ذو الرمة:
وحتى سَرَتْ بعد الكَرَى في لَوِيِّه
أَسارِيعُ مَعْرُوفٍ، وصَرَّتْ جَنادِبُهْ
واللَّوِيُّ: ما ذَبَلَ من البَقْل؛ يقول: قد اشتدّ الحرّ فإِن
الأَسارِيعَ لا تَسْرِي على البقل إِلاَّ ليلاً لأَن شدة الحر بالنهار تقتلها.
وقال أَبو حنيفة: الأُسْرُوعُ طُولُ الشِّبْرِ أَطولُ ما يكون، وهو
مُزَيَّن بأَحسن الزينة من صفرة وخُضرة وكل لون لا تراه إِلا في العُشب، وله
قوائم قصار، وتأْكلها الكلاب والذئاب والطير، وإِذا كَبِرَتْ أَفسدت البقل
فَجَدّعتْ أَطرافَه. وأُسْرُوعُ الظَّبْي: عَصَبةٌ تَسْتَبْطِنُ رجله
ويده. وأَسارِيعُ القَوْسِ: الطُّرَقُ والخُطُوطُ التي في سِيَتها، واحدها
أُسْرُوعٌ ويُسْرُوعٌ، وواحدة الطُّرَقِ طُرْقةٌ. وفي صفته، صلى الله عليه
وسلم: كأَنَّ عُنُقَه أَسارِيعُ الذهب أَي طَرائِقُه. وفي الحديث: كان
على صدره الحَسن أَو الحسين فبالَ فرأَيت بوله أَسارِيعَ أَي طرائقَ.
وأَبو سَرِيعٍ: هو النار في العَرْفَجِ؛ وأَنشد:
لا تَعْدِلَنَّ بأَبِي سَرِيعِ،
إِذا غَدَتْ نَكْباءُ بالصَّقِيعِ
والصَّقِيعُ: الثَّلْج؛ وقول ساعِدةَ بن جُؤَيّة:
وظَلَّتْ تُعَدَّى مِن سَرِيعٍ وسُنْبُك،
تَصَدَّى بأَجوازِ اللُّهُوبِ وتَرْكُدُ
فسره ابن حبيب فقال: سَرِيعٌ وسُنْبُكٌ ضَرْبان من السَّيْرِ.
والسَّرْوَعةُ: الرابِيةُ من الرمل وغيره. وفي الحديث: فأَخَذَ بهم بين
سَرْوَعَتَيْنِ ومالَ بهم عن سَنَنِ الطريق؛ حكاه الهرويّ. وقال
الأَزهري: السَّرْوَعةُ النَّبَكةُ العظيمة من الرمْل، ويجمع سَرْوَعاتٍ
وسَراوِعَ. قال الأَزهري: والزَّرْوَحةُ مثل السرْوعةِ تكون من الرمل
وغيره.وسُراوِعٌ: موضع؛ عن الفارسي؛ وأَنشد لابن ذَريح:
عَفا سَرِفٌ من أَهْلِه فَسُراوِعُ
(* قوله «عفا إلخ» تمامه كما في شرح القاموس:
فؤادي قديد فالتلاع الدوافع
وقال إنه عن الفارسي بضم السين وكسر الواو.)
وقال غيره: إِنما هو سَرَاوِع، بالفتح، ولم يحك سيبويه فُعاوِلٌ، ويروى:
فَشُراوِع، وهي رواية العامّة.
رعــب: الــرُّعْــبُ والــرُّعُــبُ: الفَزَع والخَوْفُ.
رَعَــبَه يَــرْعَــبُه رُعْــباً ورُعُــباً، فهو مَــرْعُــوبٌ ورَعِـــيبٌ: أَفْزَعَه؛ ولا تَقُلْ: أَــرْعَــبَه ورَعَّــبَه تَــرْعِـــيباً وتَــرْعــاباً، فَــرَعَــب رُعْــباً، وارْتَعَبَ فهو مُــرَعَّــبٌ ومُرْتَعِبٌ أَي فَزِعٌ. وفي الحديث: نُصِرْتُ بالــرُّعْــبِ مَسيرةَ شَهرٍ؛ كان أَعداءُ النبـيِّ، صلى اللّه عليه وسلم، قد أَوْقَعَ اللّهُ في قلوبِهمُ الخَوْفَ منه، فإِذا كان بينَه وبينَهم مَسِـيرَةُ شَهْرٍ، هابُوه وفَزِعُوا منه؛ وفي حديث الخَنْدَق:
إِنَّ الأُولى رَعَّــبُوا عَلَيْنا
قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في رواية، بالعين المهملة، ويروى بالغين المعجمة، والمشهورُ بَغَوْا من البَغْيِ، قال: وقد تكرر الــرُّعْــب في الحديث.والتِّــرْعــابةُ: الفَرُوقة من كلِّ شيءٍ. والـمَــرْعَــبة: القَفْرة الـمُخِـيفة، وأَن يَثِب الرجُلُ فيَقْعُدَ بجَنْبِـكَ، وأَنتَ عنه غافِلٌ، فتَفْزَعَ.
ورَعَــبَ الـحَوْضَ يَــرْعَــبُه رَعْــباً: مَلأَه. ورَعَــبَ السَّيْلُ الوادِيَ يَــرْعَــبُه: مَلأَه، وهُو منه.
وسَيْلٌ راعِبٌ: يَمْـَلأُ الوادِيَ؛ قال مُلَيْحُ بنُ الـحَكَم الـهُذَلي:
بِذِي هَيْدَبٍ، أَيْمَا الرُّبى تحتَ وَدْقِه، * فتَرْوى، وأَيْمَا كلُّ وادٍ فيَــرْعَــبُ
ورَعَــبَ: فِعْلٌ مُتَعَدٍّ، وغيرُ متعدٍّ؛ تقول: رَعَــبَ الوادي، فهو
راعِبٌ إِذا امْتَلأَ بالماءِ؛ ورَعَــبَ السَّيْلُ الوادِيَ: إِذا مَـَلأَهُ، مِثْلُ قَولِهم: نَقَصَ الشيءُ ونَقَصْتُه، فمن رواه: فيَــرْعَــبُ، بضم لام
كلّ، وفتح ياءِ يَــرْعَــب، فمعناه فيَمْتَلِـئُ؛ ومن رَوَى: فيُــرْعَــب، بضم الياء، فمعناه فيُمْلأُ؛ وقد رُوِيَ بنصب كلٍّ، على أَن يكونَ مفعولاً مقدَّماً لِـيَــرْعَــبُ، كقولك أَمـَّا زيداً فضَرَبْت، وكذلك أَمـّا كلّ وادٍ فيَــرْعَــب؛ وفي يَــرْعَــبُ ضميرُ السَّيْلِ والمطَرِ، وروي فيُرْوِي، بضم الياءِ وكسر الواو، بدل قوله فتَرْوَى، فالرُّبى على هذه الرواية في موضع نصب بيُرْوِي، وفي يُرْوي ضميرُ السَّيْل أَو المطَر، ومَن رواه فتَرْوَى رَفَع الرُّبى بالابتداءِ وتَرْوَى خَبره.
والــرَّعِـــيبُ: الذي يَقْطُر دَسَماً.
ورَعَّــبَتِ الحمامةُ: رَفَعَت هَديلَها وشَدَّتْه.
والرَّاعِـبـيُّ: جِنْسٌ من الـحَمَامِ. وحَمامةٌ راعِـبِـيَّة: تُــرَعِّــبُ في صَوْتِها تَــرْعِـــيباً، وهو شِدّة الصوت، جاءَ على لفظِ النَّسَب،
وليس به؛ وقيلَ: هو نَسَبٌ إِلى موضِـعٍ، لا أَعرِفُ صِـيغة اسمِه. وتقول: إِنه لشَدِيدُ الــرَّعْــبِ؛ قال رؤبة:
ولا أُجِـيبُ الــرَّعْــبَ إِن دُعِـيتُ
ويُرْوى إِنْ رُقِـيتُ. أَراد بالــرَّعْــب: الوعيد؛ إِن رُقِـيتُ، أَي
خُدِعْتُ بالوعيدِ، لمْ أَنْقَدْ ولم أَخَفْ.
والسَّنامُ الـمُــرَعَّــبُ: الـمُقَطَّع.
ورَعَــب السَّنامَ وغيرَهُ، يَــرْعَــبُه، ورَعَّــبَه: قَطَعَه. والتِّــرعِـــيبةُ، بالكسر: القِطْعَةُ منه، والجمعُ تِــرْعِـــيبٌ؛ وقيل: التِّــرْعِـــيبُ السنامُ الـمُقَطَّع شَطَائِبَ مُسْتَطِـيلَةً، وهو اسمٌ لا مَصدر. وحكى سيبويه: التِّــرْعِـــيبَ في التَّــرعِـــيبِ، على الإِتباعِ، ولم يَحْفِلْ بالساكِنِ لأَنه حاجِزٌ غيرُ حَصِـينٍ.
وسَنامٌ رَعِـــيبٌ أَي مُمْـتَلِـئٌ سَمِـينٌ. وقال شمر: تَــرْعِـــيبُه ارتِجاجُه وسِمَنُه وغِلَظُه، كأَنه يَرْتَجُّ من سِمَنِه.
والــرُّعْــبُوبَة: كالتِّــرْعِـــيبةِ، ويقال: أَطْعَمَنا رُعْــبُوبةً من سَنامٍ عندَه، وهو الــرُّعْــبَبُ. وجاريةٌ رُعْــبوبةٌ ورُعْــبوبٌ ورِعْــبيبٌ: شَطْبة تارَّةٌ، الأَخيرة عن السيرافي من هذا، والجمع الــرَّعــابِـيبُ؛ قال حُمَيْد:
رَعــابِـيبُ بِـيضٌ، لا قِصارٌ زَعانِفٌ، * ولا قَمِعات، حُسْنُهُنَّ قَرِيبُ
أَي لا تَسْتَحْسِنُها إِذا بَعُدَتْ عَنْك، وإِنما تَسْتَحْسِنُها عند التأَمـُّلِ لدَمامَة قامتِها؛ وقيل: هي البيضاءُ الـحَسَنةُ، الرَّطْبة الـحُلْوة؛ وقيل: هي البيضاءُ فقط؛ وأَنشد الليث:
ثُمَّ ظَلِلْنا في شِواءٍ، رُعْــبَبُه * مُلَهْوَجٌ، مِثل الكُشَى نُكَشِّبُهْ
وقال اللحياني: هي البيضاءُ الناعمة. ويقال لأَصلِ الطلعة: رُعْــبوبة أَيضاً. والــرُّعْــبُوبة: الطويلة، عن ابن الأَعرابي. وناقة رُعْــبوبة ورُعْــبوبٌ: خفيفة
طَيَّاشة؛ قال عبيد بن الأَبرص:
إِذا حَرَّكَتْها الساقُ قلت: نَعامَةٌ، * وإِن زُجِرَتْ، يوماً، فلَيْسَتْ بــرُعْــبُوبِ
والــرُّعْــبوبُ: الضعِـيفُ الجبان.
والــرَّعْــب: رُقْيةٌ من السِّحْر، رَعَــبَ الرَّاقي يَــرْعَــب رَعْــباً.
ورجلٌ رَعَّــابٌ: رَقَّاءٌ من ذلك.
والأَــرْعَــبُ: القَصِـيرُ، وهو الــرَّعــيبُ أَيضاً، وجَمْعُه رُعُــبٌ
ورُعْــبٌ؛ قالت امرأَة:
إِني لأَهْوَى الأَطْوَلِـين الغُلْبَا، * وأُبْغِضُ الـمُشَيَّبِـينَ الــرُّعْــبا
والــرَّعْــباءُ: موضِعٌ، وليس بثَبَتٍ.
قــرع: القَــرَعُ: قَــرَعُ الرأْس وهو أَن يَصْلَعَ فلا يبقى على رأْسه شعر،
وقيل: هو ذَهابُ الشعر من داءٍ؛ قَــرِعَ قَــرَعــاً وهو أَقْــرَعُ وامرأَة
قَــرْعــاءُ. والقَــرَعــةُ: موضع القَــرَعِ من الرأْسِ، والقوم قُــرْعٌ وقُــرْعــانٌ.
وقَــرِعَــتِ النَّعامةُ قَــرَعــاً: سقَط ريشُ رأْسها من الكِبَرِ، والصِّفةُ
كالصِّفةِ؛ والحَيّةُ الأَقــرع إِنما يَتَمَعَّطُ شعر رأْسه، زعموا لجمعه
السمّ فيه. يقال: شُجاعٌ أَقْــرَعُ. وفي الحديث: يَجِيءُ كَنْزُ أَحدِكم
يومَ القيامةِ شُجاعاً أَقْــرَعَ له زَبِيبَتانِ؛ الأَقْــرَعُ: الذي لا شعر
له على رأْسه، يريد حية قد تمعَّط جلد رأْسه لكثرة سمه وطُولِ عُمُره،
وقيل: سمي أَقــرع لأَنه يَقْرِي السم ويجمعه في رأْسه حتى تتمعط منه فَرْوةُ
رأْسه؛ قال ذو الرمة يصف حية:
قَرَى السَّمَّ، حتى انْمازَ فَرْوةُ رأْسِه
عن العَظْمِ، صِلٌّ فاتِكُ اللَّسْعِ مارِدُهْ
والتَّقْرِيعُ: قَصُّ الشعَر؛ عن كراع. والقَــرَعُ: بَثْرٌ أَبيض يخرج
بالفُصْلانِ وحَشْوِ الإِبل يُسْقِطُ وَبَرها، وفي التهذيب: يخرج في أَعْناق
الفُصْلان وقوائمها. وفي المثلِ: أَحَرُّ من القَــرَعِ. وقد قَــرِع
الفَصِيلُ، فهو قَــرِعٌ، والجمع قَــرْعــى. وفي المثل: اسْتَنَّتِ الفِصالُ حتى
القَــرْعَــى أَي سَمِنَتْ؛ يضرب مثلاً لمن تعدّى طَوْرَه وادّعى ما ليس له.
ودواءُ القَــرَع المِلْح وجُبابُ أَلبانِ الإِبل، فإِذا لم يجدوا مِلْحاً
نَتَفُوا أَوباره ونَضَحُوا جلده بالماء ثم جرّوه على السَّبَخةِ. وتَقَــرَّعَ
جلده: تَقَوَّبَ عن القَــرَعِ. وقُــرِّعَ الفَصِيلُ تقريعاً: فُعِلَ به ما
يُفْعَلُ به إِذا لم يوجد الملح؛ قال أَوس بن حجر يذكر الخيل:
لَدَى كلِّ أُخْدُودٍ يُغادِرْنَ دارِعــاً،
يُجَرُّ كما جُرَّ الفَصِيلُ المُقَــرَّعُ
وهذا على السلب لأَنه يُنْزَعُ قَــرَعُــه بذلك كما يقال: قَذَّيْتُ العينَ
نزعت قذاها، وقَرَّدْت البعير. ومنه المثل: هو أَحرّ من القَــرَع، وربما
قالوا: هو أَحرّ من القــرْع، بالتسكين، يعنون به قَــرْعَ المِيسَمِ وهو
المِكْواةُ؛ قال الشاعر:
كأَنَّ على كَبِدِي قَــرْعــةً،
حِذاراً مِنَ البَيْنِ، ما تَبْرُدُ
والعامة تقوله كذلك بتسكين الراء، تريد به القَــرْعَ الذي يؤكل، وإِنما
هو بتحريكها. والفَصِيلُ قَرِيعٌ والجمع قَــرْعــى، مثل مَرِيضٍ ومَرْضَى.
والقَــرَعُ: الجَرَبُ؛ عن ابن الأَعرابي، أَراه يعني جرب الإِبل. وقَــرَّعَــتِ
الحَلُوبةُ رأْسَ فَصِيلها إِذا كانت كثيرة اللبن، فإِذا رَضِعَ الفصيلُ
خِلْفاً قَطَرَ اللبَنُ من الخِلفِ الآخرِ على رأْسه فَقَــرَعَ رأْسَه؛
قال لبيد:
لها حَجَلٌ قد قَــرَّعَــتْ مِنْ رُؤُوسِه،
لها فَوْقَه مِمَّا تَحَلَّبَ واشِلُ
سَمَّى الإِفالَ حَجلاً تشبيهاً بها لصغرها؛ وقال الجعدي:
لها حَجَلٌ قُــرْعُ الرُؤُوسِ تَحَلَّبَتْ
على هامِها، بالصَّيْفِ، حتى تَمَوَّرا
وقَــرِعَــتْ كُرُوشُ الإِبل إِذا انْجَرَدَتْ في الحرّ حتى لا تَسْقِ
(*
قوله «لا تسق» كذا بالأصل على هذه الصورة ولعله لا تستبقي الماء أو ما في
معناه.) الماءَ فيكثر عَرَقُها وتَضْعُفَ بذلك. والقَــرَعُ: قَــرَعُ
الكَرِش، وهو أَن يذهب زئبره ويَرِِقَّ من شدَّة الحر. واسْتَقْــرَعَ الكَرِش
إِذا استَوْكَعَ. والأَكْراشُ يقال لها القُــرْعُ إِذا ذهب خَمَلُها. وفي
الحديث: أَنه لما أَتى على محسِّرٍ قَــرَعَ راحلته أَي ضرَبها بِسوْطِه.
وقَــرَعَ الشيءَ يَقْــرَعُــهُ قَــرْعــاً: ضربه. الأَصمعي: يقال العَصا قُــرِعَــتْ
لِذِي الحِلْمِ أَي إِذا نُبِّه انْتَبَه؛ ومعنى قول الحرث بن وعْلةَ
الذُّهْليّ:
وزَعَمْتُمُ أَنْ لاحُلُومَ لنا،
إِنَّ العَصا قُــرِعَــتْ لِذِي الحِلْمِ
قال ثعلب: المعنى أَنكم زعمتم أَنَّا قد أَخطأْنا فقد أَخطأَ العلماءُ
قبلنا، وقيل: معنى ذلك أَي أَنَّ الحليم إِذا نبه انتبه، وأَصله أَنَّ
حَكَماً من حُكَّام العرب عاش حتى أُهْتِرَ فقال لابنته: إِذا أَنكَرْتِ من
فَهْمِي شيئاً عند الحُكْمِ فاقْــرَعِــي لي المِجَنَّ بالعصا لأَرتدع، وهذا
الحكم هو عَمْرو بن حُمَمةَ الدَّوْسِيّ قضَى بين العرب ثلثمائة سنة،
فلما كَبِرَ أَلزموه السابع من ولده يقــرع العصا إِذا غَلِطَ في حكومته؛ قال
المتلمس:
لِذِي الحِلْمِ قَبْلَ اليَوْمِ ما تُقْــرَعُ العَصا،
وما عُلِّمَ الإِنسانُ إِلاَّ ليَعْلَما
ابن الأَعرابي: وقول الشاعر:
قَــرَعْــت ظَنابِيبَ الهَوَى، يومَ عاقِلٍ،
ويومَ اللِّوَى حتى قَشَرْت الهَوَى قَشْرا
أَي أَذَلَلْته كما تقــرَع ظُنْبُوبَ بعيرك لِيَتَنَوَّخَ لك فتركبه. وفي
حديث عمار قال: قال عمر بن أَسَدِ بن عبد العُزَّى حين قيل له محمد يخطب
خديجة قال: نِعْمَ البُضْعُ
(* قوله« البضع» هو الكفء كما في النهاية
وبهامشها هو عقد النكاح على تقدير مضاف أي صاحب البضع.) لا يُقْــرَعُ أَنفه؛
وفي حديث آخر: قال ورقة بن نوفل: هو الفحل لا يُقْــرَعُ أَنفه أَي أَنه كفءٌ
كريم لا يُرَدُّ، وقد ذكر في ترجمة قدع أَيضاً، وقوله لا يقــرع أَنفه كان
الرجل يأْتي بناقة كريمة إِلى رجل له فحل يسأَله أَن يُطْرِقَها فحلَه،
فإِن أَخرج إِليه فحلاً ليس بكريم قَــرَعَ أَنفه وقال لا أُريده.
والمُقْــرَعُ: الفحْلُ يُعْقَلُ فلا يُتْرَكُ أَن يضرب الإِبل رغبة عنه، وقَــرَعْــتُ
البابَ أَقْــرَعُــه قَــرْعــاً. وقَــرَعَ الدابَّةَ وأَقــرَع الدابة بلجامها
يَقْــرَعُ: كفَّها به وكبَحَها؛ قال سُحَيْمُ بن وَثِيلٍ الرِّياحِي:
إِذا البَغْلُ لم يُقْــرَعْ له بلِجامِه،
عَدا طَوْرَه في كلِّ ما يَتَعَوَّدُ
وقال رؤْبة:
أَقْــرَعَــه عَنِّي لِجامٌ يُلْجِمُه
وقَــرَعْــت رأْسه بالعَصا قَــرْعــاً مثل فَــرَعْــتُ، وقَــرَعَ فلان سنَّه
نَدَماً؛ وأَنشد أَبو نصر:
ولو أَني أَطَعْتُكَ في أُمُورٍ،
قَــرَعْــتُ نَدامةً مِنْ ذاكَ سِنِّي
وأَنشد بعضهم لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه:
مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بنَ رَوْحٍ ببَلْدةٍ
ليَ النِّصْفُ منها، يَقْــرَعِ السِّنَّ مِنْ نَدَمْ
وكان زِنْباعُ بن رَوْحٍ في الجاهلية ينزل مَشارفَ الشام، وكان يَعْشُرُ
من مَرَّ به، فخرج عمر في تجارة إِلى الشام ومعه ذَهَبةٌ جعلها في دَبِيلٍ
وأَلقَمَها شارِفاً له، فنظر إِليها زِنْباعٌ تَذْرِفُ عيناها فقال: إِن
لها لَشَأْناً، فنحرها ووجَد الذهبَةَ فَعَشَرَها، فحينئذ قال عمر، رضي
الله عنه، هذا البيت. وقَــرَعَ الشاربُ بالإِناء جبهتَه إِذا اشتفَّ ما فيه
يعني أَنه شرب جميع ما فيه؛ وأَنشد:
كأَنَّ الشُّهْبَ في الآذانِ منها،
إِذا قَــرَعُــوا بِحافَتِها الجَبِينا
وفي حديث عمر: أَنه أَخذ قَدَحَ سويق فشربه حتى قَــرَعَ القَدَحُ جبينَه
أَي ضرَبه، يعني شرب جميع ما فيه؛ وقال ابن مقبل يصف الخمر:
تَمَزَّزْتُها صِرفاً، وقارَعْــتُ دَنَّها
بعُودِ أَراكٍ هَدَّه فَتَرَنَّما
قارَعْــتُ دَنَّها أي نزَفْتُ ما فيه حتى قَــرِعَ، فإِذا ضُرِبَ الدَّنُ
بعد فَراغِه بعود تَرَنَّمَ.
والمِقْــرعــةُ: خشبة تُضْرَبُ بها البغالُ والحمير، وقيل: كلُّ ما قُــرِعَ
به فهو مِقْــرعــةٌ. الأَزهريُّ: المِقْــرعــةُ: التي تضرب بها الدابة،
والمِقْراعُ كالفأْس يكسر بها الحجارة؛ قال يصف ذئباً:
يَسْتَمْخِرُ الرِّيحَ إِذالم يَسْمَعِ،
بِمِثْلِ مِقْراعِ الصَّفا المُوَقَّعِ
(* قوله« يستمخر إلخ» أنشده في مادة مخر: لم أسمع بدل لم يسمع .)
والقِراعُ والمُقارَعــةُ: المُضاربةُ بالسيوف، وقيل: مضاربة القوم في
الحرب، وقد تَقارعُــوا. وقَرِيعُك: الذي يُقارِعُــك. وفي حديث عبد الملك وذكر
سيف الزبير:
بِهِنَّ فُلُولٌ من قِراعِ الكَتائِبِ
أَي قتال الجيوش ومحاربتها.
والإِقْراعُ: صَكُّ الحَمِيرِ بعضُها بعضاً بحَوافِرِها؛ قال رؤبة:
حَرًّا منَ الخَرْدلِ مَكْرُوهِ النَّشَقْ،
أَو مُقْــرَعِ مِن رَكْضِها دامِي الزَّنَقْ
والمِقْراعُ: الساقُورُ. والأَقارِعُ: الشِّدادُ؛ عن أَبي نصر.
والقارِعــةُ من شدائدِ الدهْرِ وهي الداهِيةُ؛ قال رؤبة:
وخافَ صَدْعَ القارعــاتِ الكُدَّهِ
قال يعقوب: القارِعــةُ هنا كل هَنةٍ شديدةِ القَــرْعِ، وهي القيامة
أَيضاً؛ قال الفراء: وفي التنزيل: وما أَدراك ما القارعــةُ؛ وقوله:
ولا رَمَيْتُ على خَصْمٍ بقارِعــةٍ،
إِلاَّ مُنِيتُ بِخَصْمٍ فُرَّ لي جَذَعا
يعني حُجّة، وكله من القَــرْع الذي هو الضرْبُ. وقوله تعالى: ولا يزال
كفروا تصيبهم بما صنعوا قارِعــةٌ؛ قيل في التفسير: سَرِيّةٌ من سَرايا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، ومعنى القارعــة في اللغة النازلةُ الشديدة تنزل
عليهم بأَمر عظيم، ولذلك قيل ليوم القيامة القارعــة. ويقال: قَــرَعَــتْهم
قَوارعُ الدهْرِ أَي أَصابتهم، ونعوذ بالله من قَوارِعِ فلان ولواذِعِه
وقَوارِصِ لسانه. وفي حديث أَبي أُمامة: من لم يَغْز أَو يُجَهِّزْ غازِياً
أَصابه الله بقارعــةٍ أَي بداهيةٍ تُهْلِكُه. يقال: قَــرَعَــه أَمرٌ إِذا
أَتاه فَجْأَةً، وجمعها قَوارِعُ. الأَصمعي: يقال أَصابته قارعــة يعني أَمراً
عظيماً يَقْــرَعُــه. ويقال: أَنزل الله به قَــرْعــاءَ وقارعــةً ومُقْــرِعــةً،
وأَنزل الله به بَيْضاء ومُبَيِّضةً؛ هي المصيبة التي لا تدَعُ مالاً ولا
غيره. وفي الحديث: أُقسم لَتَقْــرَعَــنّ بها أَبا هريرة أَي لَتَفْجَأنَّه
بذكرها كالصّكّ له والضربْ.
وقَــرِعَ ماءُ البئرِ: نَفِدَ فَقَــرَعَ قَعْرَها الدَّلْوُ. وبئر
قَرُوعٌ: قليلة الماء يَقْــرَعُ قَعْرَها الدَّلْوُ لفَناءِ مائِها. والقَرُوعُ
من الرَّكايا: التي تحفر في الجبل من أَعلاها إِلى أَسفلها. وأَقْــرَعَ
الغائصُ والمائِحُ إِذا انتهى إِلى الأَرض.
والقَرَّاعُ: طائر له مِنْقارٌ غليظ أَعْقَفُ يأْتي العُود اليابس فلا
يزال يَقْــرَعُــه حتى يدخل فيه، والجمع قَرّاعاتٌ، ولم يكسّر. والقَرّاعُ:
الصُّلْبُ الشديد. وتُرْسٌ أَقْــرَعُ وقَرّاعٌ: صُلْبٌ شديد؛ قال الفارسي:
سمي به لصبره على القَــرْعِ؛ قال أَبو قَيْسِ بن الأَسْلتِ:
صَدْقٍ حُسامٍ وادِقٍ حَدُّه،
ومُجْناءٍ أَسْمَرَ قَرَّاعِ
وقال الآخر:
فلما فَنى ما في الكَنائِنِ ضارَبُوا
إِلى القُــرعِ من جِلْدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ
أَي ضربوا بأَيديهم إِلى التِّرَسةِ لَمّا فَنِيَتْ سِهامُهم، وفَنى
بمعنى فَنِيَ في لغات طيِّءٍ. والقَرّاعُ: التُّرْسُ. والقَرَّاعانِ: السيفُ
والحَجَفةُ؛ هذه من أَمالي ابن بري. والقَرّاعُ من كل شيء: الصُّلْبُ
الأَسفلِ الضَّيِّقُ الفم. واسْتَقْــرَعَ حافِرُ الدابّة إِذا اشتد.
والقِراعُ: الضِّرابُ. وقَــرَعَ الفحلُ الناقةَ والثورُ يَقْــرَعُــها
قَــرْعــاً وقِراعاً: ضربها. وناقة قَرِيعةٌ: يُكْثر الفحلُ ضِرابها ويُبْطِئ
لَقاحُها. ويقال: إِنَّ ناقتك لقَرِيعةٌ أَي مُؤَخَّرةُ الضَّبَعةِ.
واسْتَقْــرَعَــت الناقةُ: اشتهت الضِّرابَ. الأَصمعي: إِذا أَسْــرَعَــتِ الناقةُ
اللَّقَحَ فهي مِقْراعٌ؛ وأَنشد:
تَرى كلَّ مِقْراعٍ سَرِيعٍ لَقاحُها،
تُسِرُّ لَقاحَ الفحْلِ ساعةَ تُقْــرَعُ
وفي حديث هشام يصف ناقة: إِنها لَمِقْراعٌ؛ هي التي تَلْقَحُ في أَوَّل
قَــرْعــةٍ يَقْــرَعُــها الفحلُ. وفي حديث علقمة: أَنه كان يُقَــرِّعُ غَنَمه
ويَحْلُِبُ ويَعْلِفُ أَي يُنْزِي الفُحولَ عليها؛ هكذا ذكره الزمخشري
والهروي، وقال أَبو موسى: هو بالفاء، وقال: هو من هفوات الهروي. واسْتَقْــرَعَــتِ
البقرُ: أَرادت الفحل. الأُمَوِيُّ: يقال للضأْن اسْتَوْبَلَتْ،
وللمِعْزى اسْتَدَرَّتْ، وللبقرة استقــرعــت، وللكلبة اسْتَحْرَمَتْ. وقَــرَعَ
التيْسُ العَنْزَ إِذا قَفَطها. وقــرَّعَ القومَ: أَقْلَقَهم؛ قال أَوس بن حجر
أَنشده الفراء:
يُقَــرِّعُ للرّجالِ، إِذا أَتَوْه،
وللنِّسْوانِ، إِنْ جِئْنَ، السَّلامُ
أَراد يُقَــرِّعُ الرجالَ فزادَ اللام كقوله تعالى: قل عسَى أَن يكون
رَدِفَ لكم؛ وقد يجوزأَن يريد بيُقَــرِّع يَتَقَــرَّعُ. والتقْرِيعُ:
التأْنِيبُ والتعْنِيف. وقيل: هو الإِيجاعُ باللَّوْمِ. وقَــرَّعْــتُ الرجلَ إِذا
وَبَّخْتَه وعَذلْتَه، ومرجعه إِلى ما أَنشده الفراء لأَوس بن حجر. ويقال:
قَــرَّعَــني فلان بلَوْمِه فما ارْتَقَعْتُ به أَي لم أَكْتَرِثْ به. وبات
بَتَقَــرَّعُ ويُقَــرِّعُ: يَتَقَلَّبُ، وبِتُّ أَتَقَــرَّعُ.
والقُــرْعــةُ: السُّهْمةُ. والمُقارَعــةُ: المُساهَمةُ. وقد اقْتَــرَعَ
القومُ وتقارَعــوا وقارَع بينهم، وأَقْــرَعَ أَعْلى، وأَقْــرَعْــتُ بين الشركاء في
شيء يقتسمونه. ويقال: كانت له القُــرْعــةُ إِذا قــرَع أَصحابه. وقارَعــه
فقــرَعَــه يَقْــرَعُــه أَي أَصابته القُــرْعــةُ دونه. وروي عن النبي، صلى الله
عليه وسلم: أَنه رُفِعَ إِليه أَنَّ رجلاً أَعتق ستة مَمالِيكَ له عند مَوته
لا مال له غيرُهم، فأَقْــرَعَ بينهم وأَعْتَق اثنين وأَرَقَّ أَربعة؛
وقول خِداشِ بن زُهَيْر أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا اصْطادُوا بُغاثاً شَيَّطُوه،
فكانَ وفاءَ شاتِهِم القُرُوعُ
فسره فقال: القُرُوعُ المُقارعَــةُ، وإِنما وصف لُؤْمَهم، يقول: إِنما
يتَقارَعُــون على البغاثِ لا على الجُزُرِ كقوله:
فما يَذْبَحُونَ الشاةَ إِلاّ بمَيْسِرٍ،
طويلاً تَناجِيها صِغاراً قُدُورُها
قال ابن سيده: ولا أَدري ما هذا الذي قاله ابن الأَعرابي في هذا البيت،
وكذلك لا أَعرف كيف يكون القُرُوعُ المُقارَعــةَ إِلا أَن يكون على حذف
الزائد، قال: ويروى شاتِهم القَرُوعِ، وفسره فقال: معناه كان البُغاثُ وفاءً
من شاتهم التي يتَقارَعــون عليها لأَنه لا قدرة لهم أَن يتقارعــوا على
جُزُرٍ، فيكون أَيضاً كقوله:
فما يذبحون الشاة إِلا بميسر
قال: والذي عندي أَن هذا أَصح لقوَّة المعنى بذلك، قال: وأَيضاً فإِنه
يسلم بذلك من الإِقْواءِ لأَن القافية مجرورة؛ وقبل هذا البيت:
لَعَمْرُ أَبيك، لَلْخَيْلُ المُوَطّى
أُمامَ القَوْمِ للرَّخَمِ الوُقوعِ،
أَحَقُّ بكم، وأَجْدَرُ أَن تَصِيدُوا
مِنَ الفُرْسانِ تَرْفُلُ في الدُّروعِ
ابن الأَعرابي: القَــرَعُ والسَّبَقُ والخَطَرُ الذي يُسْبَقُ عليه.
والاقْتِراعُ: الاختيارُ. يقال: اقتُــرِعَ فلان أَي اخْتِيرَ.
والقَرِيعُ: الخيارُ؛ عن كراع. واقتَــرَعَ الشيءَ: اختارَه. وأَقْــرَعــوه خِيارَ
مالهِم ونَهْبِهم: أَعْطَوه إِياه، وذكر في الصحاح: أَقْــرَعَــه أَعْطاه خيرَ
مالِه. والقَريعةُ والقُــرْعــةُ: خيارُ المالِ. وقَرِيعةُ الإِبل: كريمتها.
وقُــرْعــةُ كل شيء: خياره. أَبو عمرو: يقال قَــرَعْــناكَ واقْتَــرَعْــناكَ
وقْرَحْناكَ واقْتَرَحْناكَ ومَخَرْناكَ وامْتَخَرْناك وانتَضَلْناك أَي
اخترناك. وفي الحديث: أَنه ركب حِمارَ سعدِ ابن عُبادةَ وكان قَطوفاً فردّه وهو
هِمْلاجٌ قَرِيعٌ ما يُسايَرُ أَي فارِهٌ مختارٌ؛ قال ابن الأَثير: قال
الزمخشري ولو روي فريغٌ، بالفاء الموحدة والغين المعجمة، لكان مُطابقاً
لفراغٍ، وهو الواسع المشي، قال: ولا آمَنُ أَن يكون تصحيفاً. والقَرِيعُ:
الفحل، سمي بذلك لأَنه مُقْتَــرَعٌ من الإِبل أَي مختارٌ. قال الأَزهري:
والقريع الفحل الذي تَصَوَّى للضِّراب. والقَرِيعُ من لإِبل: الذي يأْخذ
بِذِراعِ الناقة فيُنيخُها، وقيل: سمي قَريعاً لأَنه يَقْــرَعُ الناقة؛ قال
الفرزدق:
وجاءَ قَرِيعُ الشوْلِ قَبْلَ إِفالِها
يَزِفُّ، وجاءتْ خَلْفَه، وهْي زُفَّفُ
وقال ذو الرمة:
وقد لاحَ للسّارِي سُهَيْلٌ، كأَنّه
قَرِيعُ هِجانٍ عارَضَ الشوْلَ جافِرُ
ويروى:
وقد عارَضَ الشِّعْرَى سُهَيْلٌ
وجمعه أَقْــرِعــة. والمَقْروعُ: كالقَريع الذي هو المختار للفِحْلةِ؛
أَنشد يعقوب:
ولَمَّا يَزَلْ يَسْتَسْمِعُ العامَ حوْلَه
نَدى صَوْتِ مَقْروعٍ عن العَدْوِ عازِبِ
قال ابن سيده: إِلاَّ أَني لا أَعرف للمقروع فِعْلاً ثانياً بغير زيادة،
أَعني لا أَعرف قَــرَعَــه إِذا اختارَه.
والقِراعُ: أَن يأُخُذَ الرجلُ الناقةَ الصعْبة فيُرَيِّضَها للفحل
فيَبْسُرها. ويقال: قَــرَّعْ لجملك
(* قوله« فيريضها» هو في الأصل بياء تحتية
بعد الراء وفي القاموس بموحدة. وقوله «قــرع لجملك» قال شارح القاموس: نقله
الصاغاني هكذا.)
والمَقْروعُ السيِّدُ. والقَريعُ: السيدُ. يقال: فلان قريعُ دَهْرِه
وفلان قريعُ الكَتِيبةِ وقِرِّيعُها أَي رئيسها. وفي حديث مسروق: إِنكَ
قَرِيعُ القُرّاء أَي رئيسهم. والقريعُ: المختارُ. والقريع: المَغْلوب.
والقَريعُ: الغالب. واسْتَقْــرَعَــه جملاً وأَقْــرعَــه إِياه أَي أَعطاه إِياه
ليضرب أَيْنُقَه. وقولهم أَلْفٌ أَقْــرَعُ أَي تامّ. يقال: سُقْتُ إِليك
أَلفاً أَقــرَعَ من الخيل وغيرها أَي تامّاً، وهو نعت لكل أَلفٍ، كما أَنَّ
هُنَيْدة اسم لكل مائة؛ قال الشاعر:
قَتَلْنا، لَوَ نَّ القَتْل يشْفي صُدورَنا،
بِتَدْمُرَ، أَلْفاً مِنْ قُضاعةَ أَقْــرَعــا
وقال الشاعر:
ولو طَلَبُوني بالعَقوقِ، أَتيتُهم
بأَلفٍ، أُؤَدِّيه إِلى القَوْمِ، أَقْــرَعــا
وقِدْحٌ أَقْــرَعُ: وهو الذي حُكَّ بالحصى حتى بدت سَفاسِقُه أَي
طرائِقُه. وعُود أَقْــرَعُ إِذا قُــرِعَ من لِحائِه. وقَــرِعَ قَــرَعــاً، فهو قَــرِعٌ:
ارتدع عن الشيء. والقَــرَعُ: مصدر قولك قَــرِعَ الرجلُ، فهو قَــرِعٌ إِذا
كان يقبل المَشورةَ ويَرْتَدِعُ إِذا رُدِعَ. وفلان لا يُقْــرَعَ إِقْراعاً
إِذا كان لا يقْبَل المَشْوَرةَ والنصيحة. وفلان لا يَقْــرَعُ أَي لا
يرتدع، فإِن كان يرتدع قيل رجل قَــرِعٌ. ويقال: أَقْــرَعْــتُه أَي كففته؛ قال
رؤبة:
دَعْني، فقد يُقْــرَعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي
أَبو سعيد: فلان مُقْــرِعٌ ومُقْرِنٌ له أَي مُطيقٌ، وأَنشد بيت رؤبة
هذا، وقد يكون الإِقْراعُ كفّاً ويكون إِطاقة. ابن الأَعرابي: أَقْــرَعْــتُه
وأَقْــرَعــتُ له وأَقدَعْتُه وقدَعْتُه وأَوزَعْتُه ووزَعْتُه وزُعْتُه إِذا
كففتَه. وأَقــرَعَ الرجلُ على صاحبه وانقَــرَعَ إِذا كَفَّ. قال الفارسي:
قَــرَعَ الشيءَ قَــرْعــاً سَكَّنَه، وقَــرَعَــه صرَفه. وقَوارِعُ القرآنِ منه:
الآياتُ التي يقرؤُها إِذا فَزِعَ من الجن والإِنس فَيَأْمن، مثل آية
الكرسي وآيات آخر سورة البقرة وياسينَ لأَنها تصرف الفَزعَ عمن قرأَها
كأَنها تَقْــرَعُ الشيطانَ. وأَقــرَع الفَرسَ: كبَحَه. وأَقــرَعَ إِلى الحق
إِقراعاً: رجع إِليه وذَلّ. يقال: أَقــرَعَ لي فلان؛ وأَنشد لرؤبة:
دَعْني، فقد يُقْــرَعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي
أَي يُصْرَفُ صَكِّي إِليه ويُراضُ له ويَذِلُّ. وقــرَعَــه بالحق:
اسْتَبْدَلَه
(* هكذا في الأصل، وربما هي محرفة عن استقبله. وفي اساس البلاغة:
رماه.) وقَــرِعَ المكانُ: خَلا ولم يكن له غاشيةٌ يَغْشَوْنَه. وقَــرِعَ
مَأْوى المال ومُراحُه من المال قَــرَعــاً، فهو قَــرِعٌ: هلكَت ماشيته فخلا؛ قال
ابن أُذينة:
إِذا آداكَ مالُك فامْتَهِنْه
لِجادِيهِ، وإِنْ قَــرِعَ المُراحُ
ويروى: صَفِرَ المُراحُ. آداكَ: أَعانك؛ وقال الهذلي:
وخَوَّالٍ لِمَوْلاهُ إِذا ما
أَتاهُ عائِلاً، قَــرِعَ المُراحُ
ابن السكيت: قَــرَّعَ الرجلُ مكانَ يدِه من المائدةِ تَقْريعاً إِذا ترَك
مكانَ يده من المائدة فارغاً. ومن كلامهم: نعوذ بالله من قَــرَعِ
الفِناءِ وصَفَرِ الإِناء أَي خُلُوِّ الديار من سُكانها والآنيةِ من
مُسْتَوْدعاتها. وقال ثعلب: نعوذ بالله من قَــرْعِ الفِناء، بالتسكين، على غير قياس.
وفي الحديث عن عمر، رضي الله عنه: قَــرِعَ حَجُّكم أَي خلت أَيام الحج. وفي
الحديث: قَــرِعَ أَهلُ المسجد حين أُصِيبَ أَصحاب النَّهر
(* قوله
«النهر» كذا بالأصل وبالنهاية أيضاً، وبهامش الأصل: صوابه النهروان.) أَي قَلّ
أَهلُه كما يَقْــرَعُ الرأْسُ إِذا قل شعره، تشبيهاً بالقَــرعــةِ، أَو هو من
قولهم قَــرِعَ المُراحُ إِذا لم تكن فيه إِبل.
والقُــرْعــةُ: سِمةٌ على أَيْبَس الساقِ، وهي وَكزةٌ بطرَف المِيسَمِ،
وربما قُــرِعَ منه قَــرْعــةً أَو قــرْعَــتين، وبعير مَقْروعٌ وإِبل مُقَــرَّعــةٌ؛
وقيل: القُــرْعــةُ سِمةٌ خَفِيَّةٌ على وسط أَنف البعير والشاة.
وقارِعــةُ الدارِ: ساحَتُها. وقارِعــةُ الطريقِ: أَعلاه. وفي الحديث: نَهى
عن الصلاةِ على قارعــةِ الطريق؛ هي وسطه، وقيل أَعلاه، والمراد به ههنا
نفس الطريق ووجهه. وفي الحديث: لا تُحْدِثُوا في القَــرَعِ فإِنه مُصَلَّى
الخافِينَ؛ القَــرَعُ، بالتحريك: هو أَن يكون في الأَرض ذات الكَلإِ مواضع لا
نباتَ فيها كالقَــرَعِ في الرأْس، والخافُون: الجنُّ. وقَــرْعــاءُ الدار:
ساحَتُها.
وأَرض قَــرِعــةٌ: لا تُنْبِتُ شيئاً. وأَصبحت الرِّياضُ قُــرْعــاً: قد
جَرَّدَتْها المَواشِي فلم تترك فيها شيئاً من الكلإِ. وفي حديث علي: أَن
أَعرابيّاً سأَل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الصُّلَيْعاءِ والقُرَيْعاءِ؛
القُرَيْعاءُ: أَرض لعنها الله إِذا أَنْبَتَتْ أو زُــرِعَ فيها نَبَتَ في
حافَتَيْها ولم ينبت في متنها شيء. ومكان أَقْــرَعُ: شديد صُلْبٌ، وجمعه
الأَقارِعُ؛ قال ذو الرمة:
كَسا الأُكْمَ بُهْمَى غَضّةً حَبَشِيّةً
قواماً، ونقعان الظُّهُورِ الأَقارِعِ
وقول الراعي:
رَعَــيْنَ الحَمْضَ حَمْضَ خُناصِراتٍ،
بما في القُــرْعِ من سَبَلِ الغَوادِي
قيل: أَراد بالقُــرْعِ غُدْراناً في صلابة من الأَرض. والقَرِيعةُ:
عَمُودُ البيتِ الذي يُعْمَدُ بالزِّرِّ؛ والزِّرُّ أَسْفَلَ الرُّمّانة وقد
قَــرَعَــه به. وقَرِيعةُ البيتِ: خيْرُ موضع فيه، إِن كان في حَرٍّ فخِيارُ
ظِلِّه، وإِن كان في قُرٍّ فخِيارُ كِنِّه، وقيل: قَرِيعَتُه سَقْفُه؛ ومنه
قولهم: ما دخلت لفلان قَرِيعةَ بيت قَطّ أَي سَقْفَ بيت.
وأَقْــرَعَ في سِقائه: جَمَع؛ عن ابن الأَعرابي. والمِقْــرَعُ: السِّقاءُ
يُخْبَأُ فيه السمْن. والقُــرْعــةُ: الجِرابُ الواسع يلقى فيه الطعام. وقال
أَبو عمرو: القُــرْعــةُ الجِراب الصغير، وجمعها قُــرَعٌ. والمِقْــرَعُ:
وِعاءٌ يُجْبَى فيه التمرُ أَي يُجْمَعُ. وتميم تقول: خُفّانِ مُقَــرَعــانِ أَي
مُثْقَلانِ. وأَقْــرَعــتُ نَعْلي وخُفِّي إِذا جعلت عليهما رُقْعةً
كَثِيفةً.
والقَرّاعةُ: القَدّاحةُ التي يُقْتَدَحُ بها النارُ.
والقَــرْعُ: حمْل اليَقْطِين، الواحدة قَــرْعــةٌ. وكان النبي، صلى الله
عليه وسلم، يحبّ القَــرْعَ، وأَكثر ما تسميه العرب الدُّبَّاء وقلّ من
يسْتعمل القَــرْعَ. قال المَعَرِّيُّ: القــرع الذي يؤكل فيه لغتان: الإِسكان
والتحريك، والأَصل التحريك؛ وأَنشد:
بِئْسَ إِدامُ العَزَبِ المُعْتَلِّ،
ثَرِيدةٌ بقَــرَعٍ وخَلِّ
وقال أَبو حنيفة: هو القَــرَعُ، واحدته قَــرَعَــةٌ، فحرك ثانيها ولم يذكر
أَبو حنيفة الإِسكان؛ كذا قال ابن بري.
والمَقْــرَعــةُ: مَنْنِتُه كالمَبْطَخَةِ والمَقْثَأَةِ. يقال: أَرض
مَقْــرَعــة. والقَــرْعُ: حَمْلُ القِثّاء من المَــرْعَــى.
ويقال: جاء فلان بالسَّوْءةِ القَــرْعــاءِ والسوءةِ الصَّلْعاءِ أَي
المتكشفة.
ويقال: أَقــرَعَ المسافر إِذا دَنا من منزله، وأَقْــرَع دارَه آجُرًّا
إِذا فرشها بالآجرّ، وأَقــرَعَ الشرُّ إِذا دامَ. ابن الأَعرابي: قَــرِعَ فلان
في مِقْــرَعِــه، وقَلَدَ في مِقْلَدِه، وكَرَص في مِكْرَصِه، وصرَب في
مِصْرَبِه، كله: السِّقاءُ والزِّقُّ. ابن الأَعرابي: قَــرِعَ الرجلُ إِذا قُمِرَ
في النِّضالِ، وقَــرِعَ إِذا افتقر، وقَــرِعَ إِذا اتَّعَظَ.
والقَــرْعــاء، بالمدّ: موضع. قال الأَزهري: والقــرعــاء مَنْهَلٌ من مَناهِلِ
طريق مكة بين القادسية والعَقَبةِ والعُذَيْب. والأَقْــرعــانِ: الأَقــرع بن
حابس، وأَخوه مَرْثَدٌ؛ قال الفرزدق:
فإِنَّكَ واجِدٌ دُوني صَعُوداً،
جَراثِيمَ الأُقارِعِ والحُتاتِ
الحُتاتُ: هو بشر بن عامر بن علقمة، والأَقارِعــةُ والأَقارِعُ: آلُهُما
على نحو المَهالِبةِ والمَهالِبِ؛ والأَقْــرَعُ: هو الأَشيم بن معاذ بن
سِنان، سمي بذلك لبيت قاله يهجو معاوية بن قشير:
مُعاوِيَ مَنْ يَرْقِيكُمُ إِنْ أَصابَكُمْ
شَبا حَيّةٍ، مِمّا عَدا القَفْرَ، أَقْــرَع؟
ومقْروعٌ: لقب عبد شمس بن سعد بن زيد مَناةَ بن تميم، وفيه يقول مازِنُ
بن مالك بن عمرو بن تميم في هَيْجُمانةَ بنت العَنْبر بن عمرو بن تميم:
حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لَكِ مَقْرُوعٌ. ومُقارِعٌ وقُرَيْعٌ:
اسمان. وبنو قُرَيْع: بطن من العرب. الجوهري: قُريع أَبو بطن من تميم رهط بني
أَنف الناقة، وهو قُرَيْعُ بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم،
وهو أَبو الأَضبط.
ضــرع: ضَــرَعَ إِليه يَضْــرَعُ ضَــرَعــاً وضَراعةً: خضع وذلَّ، فهو ضارِعٌ،
من قوم ضَــرَعــةٍ وضُرُوعٍ. وتضــرَّع: تذلَّل وتخشَّع. وقوله عز وجل: فلولا
إِذْ جاءهم بأْسُنا تضَــرَّعــوا، فمعناه تذلَّلوا وخضَعوا. ويقال: ضــرَع فلان
لفلان وضَــرِعَ له إِذا ما تخشَّع له وسأَله أَن يُعْطِيَه؛ قال الأعشى:
سائِلْ تَميماً به، أَيّامَ صَفْقَتِهمْ،
لَمّا أَتَوْه أَسارى كلُّهُم ضَــرَعــا
أَي ضــرَع كلُّ واحدٍ منهم له وخضَع. ويقال: ضــرَع له واستَضْــرَعَ.
والضارِعُ: المتذلِّلُ للغَنِيّ. وتضــرَّع إِلى الله أَي ابْتَهَلَ. قال الفواء:
جاء فلان يَتَضَــرَّعُ ويَتَعَرَّضُ ويَتَأَرَّضُ ويَتصَدَّى ويَتَأَتَّى
بمعنًى إِذا جاء يَطْلُبُ إِليك الحاجةَ، وأَضــرَعَــتْه إِليه الحاجةُ
وأَضــرَعَــه غيره. وفي المثل: الحُمَّى أَضــرَعَــتْني لَكَ. وخَدٌّ ضارِعٌ وجَنْبٌ
ضارعٌ: مُتَخَشِّعٌ على المثل. والتضــرُّعُ: التَّلَوِّي والاستغاثةُ.
وأَضــرَعْــتُ له مالي أَي بَذَلْتُه له؛ قال الأَسود: وإِذا أَخِلاَّئي
تَنَكَّبَ ودُّهُمْ،
فأَبُو الكُدادةِ مالُه لي مُضْــرَعُ
أَي مبذولٌ. والضَّــرَعُ، بالتحريك، والضارِعُ: الصغير من كل شيء، وقيل:
الصغير السنّ الضعيف الضاوي النحيفُ. وإِنَّ فلاناً لضارِعُ الجسمِ أَي
نحيف ضعيف. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأَى ولَدَيْ
جَعْفَرٍ الطَّيَّار فقال: ما لي أَراهُما ضارِعَــيْن؟ فقالوا: إِنَّ العَيْنَ
تُسْــرِعُ إِليهما: الضَّارِعُ النَّحِيفُ الضَّاوي الجسم. يقال: ضَــرِعَ
يَضْــرَعُ، فهو ضارِعٌ وضَــرَعٌ، بالتحريك. ومنه حديث قيس بن عاصم: إِني
لأُفْقِرُ البَكْرَ الضَّــرَعَ والنَّابَ المُدْبِرَ أَي أُعِيرُهُما
للرّكوب، يعني الجمل الضعيف والناقة الهَرِمةَ التي هَرِمَتْ فأَدْبَرَ خيرُها؛
ومنه حديث المِقْداد: وإِذا فيهما فرس آدَمُ ومُهْرٌ ضَــرَعٌ، وحديث عمرو
بن العاصِ: لَسْتُ بالضَّــرَعِ، ويقال: هو الغُمْرُ الضَّعِيفُ من الرجال؛
وقال الشاعر:
أَناةً وحِلْماً وانْتِظاراً بِهِمْ غَداً،
فَما أَنا بالواني ولا الضَّــرَعِ الغُمْرِ
ويقال: جَسَدُك ضارِعٌ وجَنْبُكَ ضارِعٌ؛ وأَنشد:
مِنَ الحُسْنِ إِنْعاماً وجَنْبُكَ ضارِعُ
ويقال: قوم ضَــرَعٌ ورجل ضَــرَعٌ؛ وأَنشد:
وأَنْتُمُ لا أُشاباتٌ ولا ضَــرَعُ
وقد ضَــرُعَ ضَراعةً، وأَضْــرَعَــه الحُبُّ وغيره؛ قال صخر:
ولَما بَقِيتُ لَيَبْقَيَنَّ جَوًى،
بَيْنَ الجَوانِحِ، مُضْــرِعٌ جِسْمِي
ورجل ضارعٌ بيِّنُ الضُّرُوعِ والضَّراعةِ: ناحِل ضعيفٌ. والضَّــرَعُ:
الجمل الضَّعِيفُ. والضَّــرَعُ: الجَبانُ. والضَّــرَعُ: المُتهالِكُ مِنَ
الحاجةِ للغنى؛ وقول أَبي زبيد:
مُسْتَضْــرِعٌ ما دَنا مِنْهُنَّ مُكْتَنِتٌ
من الضَّــرَعِ وهو الخاضِعُ، والضَّارِعُ مثله.
وقوله عزَّ وجل: تدعونه تضــرُّعــاً وخفية؛ المعنى تدعونه مظهرين الضراعة
وهي شدة القر والحاجة إِلى الله عز وجل، وانتصابهما على الحال، وإِن كانا
مصدرين. وفي حديث الاستسقاء: خرج مُتَبَدِّلاً مُتَضَــرِّعــاً؛ التضَــرُّعُ
الذلُّلُ والمبالغة في السؤَال والرغْبة. يقال: ضَــرِعَ يَضْــرَعُ، بالكسر
والفتح، وتَضَــرَّعَ إِذا خَضَعَ وذلَّ. وفي حديث عمر: فقد ضَــرَعَ الكبيرُ ورقَّ
الصغير؛ ومنه حديث علي: أَضْــرَعَ اللهُ خُدُودَكم أَي أَذلَّها. ويقال:
لفلان فَرَسٌ قدْ ضَــرِعَ به أَي غَلَبَه، وقد ورد في حديث سلمان: قد ضَــرِع
به. وضَــرَعَــتِ الشمسُ وضَــرَّعَــتْ: غابَتْ أَو دَنَتْ من المَغِيبِ،
وتَضْريعُها: دُنُوُّها للمغيب. وضَــرَّعَــتِ القِدْرُ تَضْرِيعاً: حان أَنْ
تُدْرِكَ.
والضَّــرْعُ لكل ذات ظِلْف أَو خُفّ، وضَــرْعُ الشاةِ والناقةِ: مَدَرُّ
لبنها، والجمع ضُرُوعٌ. وأَضْــرَعَــتِ الشاةُ والناقة وهي مُضْــرِعٌ: نَبَتَ
ضَــرْعُــها أَو عَظُم. والضَّرِيعةُ والضَّــرْعــاءُ جميعاً: العظيمة
الضَّــرْعِ من الشاءِ والإِبل. وشاة ضَرِيعٌ: حَسَنة الضَّــرْعِ. وأَضْــرَعَــتِ
الشاةُ أَي نزل لبنها قبيل لنِّتاجِ. وأَضْــرَعَــتِ الناقةُ، وهي مُضْــرِعٌ: نزل
لبنها من ضَــرْعــها قُرْب النتاج، وقيل: هو إِذا قرب نتاجها. وما له زرع
ولا ضَــرْعٌ: يعني بالضــرع الشاة والناقة؛ وقول لبيد:
وخَصْمٍ كبادِي الجِنِّ أَسْقَطْتُ شَأْوَهُم
بِمُسْتَحْوِذٍ ذِي مِرَّة وضُرُوعِ
فسره ابن الأَعرابي فقال: معناه واسع له مَخارِجُ كمخارج اللبن، ورواه
أَبو عبيد: وصُرُوع، بالصاد المهملة، وهي الضُّروبُ من الشيء، يغني ذي
أَفانِينَ. قال أَبو زيد: الضَّــرْعُ جِماع وفيه الأَطْباءُ، وهي الأَخْلافُ،
واحدها طُبْيٌ وخِلْفٌ، وفي الأَطْباءِ الأَحالِيلُ وهي خُروقُ اللبن.
والضُّروعُ: عِنَبٌ أَبيض كبير الحب قليل الماء عظيم العناقيد.
والمُصارِعُ: المُشْبِهُ. والمُضارَعــةُ: المشابهة. والمُضارعــة للشيء:
أَن يُضارِعــه كأَنه مثله أَو شبْهه. وفي حديث عدِيّ، رضي الله عنه: قال له لا
يَخْتَلِجَنَّ في صدرك شيء ضارَعْــتَ فيه النصرانية؛ المُضارَعــةُ:
المُشابَهةُ والمُقارَبةُ، وذلك أَنه سأَله عن طعام النصارى فكأَنه أَراد لا
يتحرَّكنَّ في قلبك شكّ أَنَّ ما شابَهْتَ فيه النصارى حرام أَو خبيث أَو
مكروه، وذكره الهروي لا يَتَحَلَّجنَّ، ثم قال يعني أَنه نظيف، قال ابن
الأَثير: وسياقُ الحديث لا يناسب هذا التفسير؛ ومنه حديث معمر بن عبد الله: إِني
أَخافُ أَن تُضارِعَ، أَي أَخاف أَن يُشْبِه فعلُك الرِّياء. وفي حديث
معاوية: لستُ بنُكَحةٍ طُلَقةٍ ولا بسُبَبةٍ ضُــرَعــةٍ، أَي لست بشَتَّام
للرجال المُشابِه لهم والمُساوِي. ويقال: هذا ضِــرْعُ هذا وصِــرْعُــه، بالضاد
والصاد، أَي مِثْله. قال الأَزهري: والنحويون يقولون للفعل المستَقْبَلِ
مُضارِعٌ لمشاكلته الأَسماء فيما يلحقه من الإِعراب. والمُضارِعُ من
الأَفعال: ما أَشبه الأَسماء وهو الفعل الآتي والحاضر؛ والمُضارِعُ في
العَرُوضِ: مفاعيل فاع لاتن مفاعيل فاع لاتن كقوله:
دَعاني إِلى سُعاد
دَواعِي هَوَى سُعاد
سمِّي بذلك لأَنه ضارَعَ المُجْتَثَّ.
والضُّروعُ والصُّروعُ: قُوَى الحبْل، واحدها ضِــرْعٌ وصِــرْعٌ.
والضَّرِيعُ: نبات أَخضَر مُنْتِنٌ خفيف يَرْمي به البحرُ وله جوْفٌ،
وقيل: هو يَبِيسُ العَرْفَجِ والخُلَّةِ، وقيل: ما دام رطباً فهو ضرِيعٌ،
فإِذا يَبِسَ فهو ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فهو الشَّبْرِقُ، وهو مَــرْعَــى
سَوءٍ لا تَعْقِدُ عليه السائمةُ شَحْماً ولا لحماً، وإِن لم تفارقه إِلى غيره
ساءَت حالها. وفي التنزيل: ليس لهم طعام إِلاَّ من ضريع لا يُسْمِنُ ولا
يُغني من جوع؛ قال الفراء: الضرِيعُ نبت يقال له الشَّبْرِقُ، وأَهل
الحجاز يسمونه الضريع إِذا يبس، وقال ابن الأَعرابي: الضريع العوْسَجُ
الرطْب، فإِذا جَفَّ فهو عَوْسَجٌ، فإِذا زاد جُفوفاً فهو الخَزِيزُ، وجاءَ في
التفسير: أَن الكفار قالوا إِنَّ الضريعَ لتَسْمَنُ عليه إِبلنا، فقال الله
عز وجل: لا يُسْمِنُ ولا يُغْني من جوع. وجاء في حديث أَهل النار:
فيُغاثون بطعام من ضريع؛ قال ابن الأَثير: هو نبت بالحجاز له شوْكٌ كبار يقال له
الشبرق؛ وقال قَيْسُ بن عَيْزارةَ الهذليّ يذكر إِبلاً وسُوءَ مَــرْعــاها:
وحُبِسْنَ في هَزْمِ الضَّرِيعِ، فكُلُّها
حَدْباءُ دامِيةُ اليَدَيْنِ، حَرُودُ
هَزْمُ الضرِيعِ: ما تَكَسَّر منه، والحَرُودُ: التي لا تكاد تَدِرُّ؛
وصف الإِبل بشدَّة الهُزال؛ وقيل: الضرِيعُ طعام أَهل النار، وهذا لا
يعرفه العرب. والضَّرِيعُ: القِشْرُ الذي على العظم تحت اللحم، وقيل: هو جلد
على الضِّلَعِ.
وتَضْرُوعُ: بلدة؛ قال عامر ابن الطفيل وقد عُقِرَ فرسُه:
ونِعْمَ أَخُو الضُّعْلُوكِ أَمسِ تَرَكْتُه
بِتَضْرُوعَ، يَمْرِي باليَدَيْنِ ويَعْسِفُ
قال ابن برِّي: أَخو الصُّعْلوك يعني به فرسه، ويَمْرِي بيديه: يحرّكهما
كالعابث، ويَعْسِف: ترجُف حَنْجَرتُه من النَّفَسِ، وهذا المكان وهذا
البيت أَورده الجوهري بتَضْــرُع بغير واو؛ قال ابن بري: ورواه ابن دريد
بتَضْرُوعَ مثل تَذْنُوب.
وتُضارُعٌ، بضم التاء والراء: موضع أَو جبل بنجد، وفي التهذيب:
بالعَقِيق. وفي الحديث: إِذا سال تُضارُعٌ فهو عامُ ربِيعٍ، وفيه: إِذا أَخصبت
تُضارُعٌ أَخصبت البلاد؛ قال أَبو ذؤيب:
كأَنَّ ثِقالَ المُزْنِ بَيْنَ تُضارُعٍ
وشابةَ بَرْكٌ من جُذامَ لَبِيجُ
قال ابن بري: صوابه تُضارِع، بكسر الراء، قال: وكذا هو في بيت أَبي ذؤيب،
فأَمّا بضم التاء والراء فهو غلط لأَنه ليس في الكلام تُفاعُل ولا
فُعالُلٌ، قال ابن جني: ينبغي أَن يكون تُضارِعٌ فُعالِلاً بمنزلة عُذافِرٍ،
ولا نحكم على التاء بالزيادة إِلا بدليل، وأَضــرُعٌ: موضع؛ وأَما قول
الراعي:فأَبصَرْتُهُمْ حتى تَواراتْ حُمُولُهُم،
بأَنْقاءٍ يَحْمُومٍ، ووَرَّكْنَ أَضْــرُعــا
فإِنَّ أَضْــرُعــاً ههنا جبال أَو قاراتٌ صِغار؛ قال خالد ابن جبلة: هي
أُكَيْمات صغار، ولم يذكر لها واحداً.
رعــش: الــرعَــشُ، بالتحريك، والــرُّعــاشُ: الــرِّعْــدة. رَعِــشَ، بالكسر،
يَــرْعَــشُ رَعَــشاً وارْتَعَشَ أَي ارْتَعَدَ، وأَــرْعَــشَه اللَّه. وارْتَعَشت
يدُه إِذا ارْتَعدت. وارْتَعَش رأْسُ الشيخ إِذا رجَف من الكِبَر.
والــرُّعــاشُ: رِعْــشةٌ تَعْتري الإِنسان من داء يُصيبه لا يسكن عنه. ورجل رَعِــشٌ:
مُرتَعِش؛ قال أَبو كبير:
ثم انْصرفْتُ، ولا أَبُثّك حِيْبتي،
رَعِــش البنانِ أَطِيشُ مَشْيَ الأَصْورِ
وعندي أَن رعِــشاً على النسَب لأَنه لم نجد له فعلاً، ورُعِــشَ وأُــرْعِــشَ.
ورجل رَعِــيشٌ: مُرْتَعِشٌ. ورجل رِعْــشيشٌ: يُــرْعَــشُ في الحرب جُبْناً.
ورجل رَعِــشٌ أَي جبان. ويقال: أَخذتْ فلاناَ رِعْــشةٌ عند الحرب ضعْفاً
وجُبْناً. ويقال: إِنه لَــرَعِــشٌ إِلى القِتال وإِلى المعروف أَي سريعٌ
إِليه. والــرِّعْــشةُ: العَجَلةُ؛ وأَنشد:
والمُــرْعَــشِينَ بالقَنا المُقَوّم
كأَنما أَــرْعَــشُوهم أَي أَعْجَلُوهم. والــرَّعْــشَنُ: المُرْتَعِشُ. وجمل
رَعْــشَنٌ: سريعٌ لاهتزازِه في السير، نونُهما زائدةٌ؛ وناقة رَعْــشَنة
ورَعْــشاء كذلك، وقيل: الــرَّعْــشاء الطويلة العنق. والــرَّعْــشاءُ من النعام:
الطويلةُ، وقيل: السريعة، وظَلِيم رَعِــشٌ كذلك، وهو على تقدير فَعِل بدلٌ
من أَفْعَل، خالَفوا بصيغة المذكر عن صيغة المؤنث ومثله كثير، وكذلك
الناقة الــرَّعْــشاءُ، والجمل أَــرْعَــشُ وهو الــرَّعْــشَنُ والــرَّعْــشَنةُ
(* قوله
«وهو الــرعــشن والــرعــشنة» كذا بالأصل ولعل فيه سقطاً والأَصل وهي الــرعــشنة.)؛
وأَنشد:
من كلّ رَعْــشاءَ وناجٍ رَعْــشَنِ
والنون زائدة في الــرَّعْــشَن كما زادوها في الصَّيْدَنِ، وهو الأَصْيَدُ
من الملوك، وكما قالوا للمرأَة الخلاَّبة خَلْبَنٌ؛ ويقال: الــرَّعْــشَنُ
بناءٌ رباعيّ على حِدَة. وتسمى الدابة رَعْــشاءَ لانتقاضها من شَهامتها
ونشاطها. وناقة رَعُــوشٌ، مثل رَعُــوس: للتي يَرْجُف رأَسُها من الكِبَر.
والــرَّعْــشُ: هزُّ الرأْس في السير والنوم.
والمَــرْعَــش: جنس من الحمام وهي التي تُحَلِّقُ، وبعضهم يضم مِيمَه.
ويَــرْعِــش: ملِكٌ من ملوك حِمْيَر كان به ارتعاشٌ فسُمي بذلك. ورَعِــشٌ:
فرس لسلمة بن يزيد الجُعْفيّ. ومَــرْعَــش: بلدٌ في الثغور من كُوَرِ
الجزيرة، وقيل: هو موضع ولم يُعَيَّن؛ قال:
فلو أَبْصَرَتْ أُمُّ القُدَيدِ طِعانَنا،
بمَــرْعَــشَ رَهْطَ الأَرْمَنيّ، أَرنّت
كــرع: كَــرِعَــت المرأَةُ كَــرَعــاً، فهي كَــرِعــةٌ: اغْتَلَمَتْ وأَحَبَّتِ
الجِماعَ. وجارية كــرِعــةٌ: مِغْلِيمٌ، ورجل كَــرِعٌ، وقد كَــرِعَــتْ إِلى
الفحْلِ كَــرَعــاً.
والكُراعُ من الإِنسان: ما دون الركبة إِلى الكعب، ومن الدوابِّ: ما دون
الكَعْبِ، أُنْثَى. يقال: هذه كُراعٌ وهو الوظيف؛ قال ابن بري: وهو من
ذواتِ الحافِرِ ما دُونَ الرُّسْغِ، قال: وقد يُسْتَعْمَلُ الكُراعُ أَيضاً
للإِبل كما استعمل في ذوات الحافر؛ قالت الخنساءُ
(* قوله« قالت
الخنساء» كذا بالأصل هنا، ومر في مادة كوس: قالت عمرة أُخت العباس بن مرداس
وأمها الخنساء ترثي أخاها وتذكر أنه كان يعرقب الابل: فظلت تكوس على إلخ): فقامَتْ تَكُوسُ على أَكْــرُعٍ
ثلاثٍ، وغادَرْتَ أُخْرَى خَضِيبا
فجعلت لها أَكارِعَ أَربعاً، وهو الصحيح عند أَهل اللغة في ذوات
الأَربع، قال: ولا يكون الكراع في الرِّجل دون اليد إِلا في الإِنسان خاصّة،
وأَما ما سواه فيكون في اليدين والرجلين، وقال اللحياني: هما مما يؤنث
ويذكر، قال: ولم يعرف الأَصمعي التذكير، وقال مرة أُخرى: هو مذكر لا غير، وقال
سيبويه: أَما كُراعٌ فإِن الوجه فيه ترك الصرْف، ومن العرب من يصرفه
يشبهه بذراع، وهو أَخبث الوجهين، يعني أَن الوجه إِذا سمي به أَن لا يصرف
لأَنه مؤنث سمي به مذكر، والجمع أَكْــرُعٌ، وأَكارِعُ جمع الجمع، وأَما
سيبويه فإِنه جعله مما كسر على ما لا يكسّر عليه مثلُه فِراراً من جمع الجمع،
وقد يكسر على كِــرْعــانٍ. والكُراعُ من البقر والغنم: بمنزلة الوَظِيفِ من
الخيل والإِبل والحُمُرِ وهو مُسْتدَقُّ الساقِ العاري من اللحم، يذكر
ويؤنث، والجمع أَكْــرُعٌ ثم أَكارِعُ. وفي المثل: أُعْطِيَ العبدُ كُراعاً
فطلَب ذِــرعــاً، لأَن الذراع في اليد وهو أَفضل من الكُراع في الرجْلِ.
وكَــرَعَــه: أَصابَ كُراعَه. وكَــرِعَ كَــرَعــاً: شَكا كُراعَه. ويقال للضعيف
الدِّفاعِ: فلان ما يُنْضجُ الكُراعَ. والكَــرَعُ: دِقَّةُ الأَكارِعِ،
طويلةً كانت أَو قصيرةً، كَــرِعَ كَــرَعــاً، وهو أَكْــرَعُ، وفيه كَــرَعٌ أَي
دِقَّةٌ. والكَــرَعُ أَيضاً: دِقَّةُ الساقِ، وقيل: دقة مُقَدَّمِها وهو
أَكْــرعُ، والفِعْلُ كالفِعْلِ والصِّفةُ كالصِّفةِ. وفي حديث الحوض:
فَبَدَأَ الله بكُراعٍ أي طرَفٍ من ماءِ الجنةِ مُشَبَّهٍ بالكراع لقلته، وإِنه
كالكُراعِ من الدابة.
وتَكَــرَّعَ للصلاة: غَسَل أَكارِعَــه، وعمّ بعضهم به الوضوء. قال
الأَزهري: تَطَهَّرَ الغلام وتَكَــرَّعَ وتَمكَّنَ إِذا تطهر للصلاة.
وكُراعاً الجُنْدَبِ: رجلاه؛ ومنه قول أَبي زبيد:
ونَفَى الجُنْدَبُ الحَصى بِكُراعَيْـ
ـه، وأوْفَى في عُودِه الحِرْباءُ
وكُراعُ الأَرض: ناحِيَتُها. وأَكارِعُ الأَرض: أَطْرافُها القاصِيةُ،
شبهت بأَكارِعِ الشاء وهي قوائمُها. وفي حديث النخعي: لا بأْس بالطَّلَبِ
في أَكارِعِ الأَرض أَي نواحيها وأَطْرافِها. والكُراعُ: كلُّ أَنف سالَ
فتقدم من جبل أَو حَرّةٍ. وكُراع كلِّ شيء: طَرَفُه، والجمع في هذا كله
كِــرْعــانٌ وأَكارِعُ. وقال الأَصمعي: العُنُقُ من الحَرّة يمتدّ؛ قال عوف بن
الأَحوص:
أَلم أَظْلِفْ عن الشُّعَراءِ عِرْضِي،
كما ظُلِفَ الوَسِيقةُ بالكُراعِ؟
وقيل: الكُراعُ ركن من الجبل يَعْرِضُ في الطريق. ويقال: أَكْــرَعَــكَ
الصيْدُ وأَخْطَبَكَ وأَصْقَبَك وأَقْنى لكَ بمعنى أَمْكَنَكَ. وكَــرِعَ
الرجلُ بِطِيبٍ فَصاكَ به أَي لَصِقَ به. والكُراعُ: اسم يجمع الخيل.
والكُراعُ: السلاحُ، وقيل: هو اسم يجمع الخيل والسلاح.
وأَكْــرَعَ القومُ إِذا صَبَّتْ عليهم السماءُ فاسْتَنْقَعَ الماءُ حتى
يَسْقُوا إِبلهم من ماء السماء، والعرب تقول لماء السماء إِذا اجتمع في
غَدِيرٍ أَو مَساكٍ: كَــرَعٌ. وقد شَرِبْنا الكَــرَعَ وأَرْوَيْنا نَعَمَنا
بالكَــرَعِ. والكَــرَعُ. والكُراعُ: ماء السماء يُكْــرَعُ فيه. ومنه حديث
معاوية: شربت عُنْفُوانَ المكْــرَعِ أَي في أَوّلِ الماءِ، وهو مَفْعَلٌ من
الكَــرَعِ، أَراد به عَزَّ فَشَرِبَ صافِيَ الماء وشرب غيره الكَدِرَ؛ قال
الراعي يصف إِبلاً وراعِيَها بالرِّفْقِ في رِعــايةِ الإِبلِ، ونسبه
الجوهري لابن الرّقاع:
يَسُنُّها آبِلٌ، ما إِنْ يُجَزِّئُها
جَزْأً شَديداً، وما إِنْ تَرْتَوي كَــرَعــا
وقيل: هو الذي تَخُوضُه الماشِيةُ بأَكارِعِــها. وكل خائِضِ ماءٍ كارِعٌ،
شرِبَ أَو لم يشرب. والكَرّاعُ: الذي يسقي ماله بالكَــرَعِ وهو ماء
السماء. وفي الحديث: أَنّ رجلاً سمع قائلاً يقول في سَحابة: اسق كَــرَعَ فلان،
قال: أَراد موضعاً يجتمع فيه ماءُ السماء فيسقي به صاحبه زرعــه. ويقال:
شربت الإِبل بالكَــرَعِ إِذا شربت من ماءِ الغَدِيرِ.
وكَــرَعَ في الماء يَكْــرَعُ كُرُوعاً وكَــرْعــاً: تناوله بِفِيه من موضعه
من غير أَن يشرب بِكَفَّيْه ولا بإِناء، وقيل: هو أَن يدخل النهر ثم يشرب،
وقيل: هو أَن يُصَوِّبَ رأْسَه في الماء وإِن لم يشرب. وفي الحديث: أَنه
دخل على رجل من الأَنصار في حائِطه فقال: إِن كان عندك ماءٌ بات في
شَنِّه وإِلا كَــرَعْــنا؛ كَــرَعَ إِذا تناوَلَ الماءَ بِفِيه من موضعه كما تفعل
البهائم لأَنها تدخل أَكارِعَــها، وهو الكَــرْعُ؛ ومنه حديث عكرمة: كَرِهَ
الكَــرْعَ في النهر. وكل شيء شربت منه بنيك من إِناءٍ أَو غيره، فقد
كَــرَعْــتَ فيه؛ وقال الأَخطل:
يُرْوِي العِطاشَ لَها عَذْبٌ مُقَبَّلُه،
إِذا العِطاشُ على أَمثالِه كَــرَعُــوا
والكارِعُ: الذي رمى بفمه في الماء. والكَرِيعُ: الذي يشرب بيديه من
النهر إِذا فَقَدَ الإِناء. وكَــرَعَ في الإِناء إِذا أَمال نحوه عنقه فشرب
منه؛ وأَنشد للنابغة:
بِصَهْباءَ في أَكْنافِها المِسْك كارِعُ
قال: والكارِعُ الإِنسانُ أَي أَنت المِسْكُ لأَنك أَنت الكارِعُ فيها
المسْكَ. ويقال: اكْــرَعْ في هذا الإِناءِ نَفَساً أَو نفسين، وفيه لغة
أُخرى: كَــرِع يَكْــرَعُ كَــرَعــاً، وأَكْــرَعُــوا: أَصابوا الكَــرَعَ، وهو ماء
السماء، وأَوْرَدُوا.
والكارِعــاتُ والمُكْــرِعــاتُ: النخل
(* قوله«والمكــرعــات النخل» هو بكسر
الراء كما في سائر نسخ الصحاح افاده شارح القاموس وعليه يتمشى ما بعده، واما
المكــرعــات في البيت فضبط بفتح الراء في الأصل ومعجم ياقوت وصرح به في
القاموس حيث قال: وبفتح الراء ما غرس في الماء إلخ.) التي على الماء، وقد
أَكْــرَعَــتْ وكَــرَعَــتْ، وهي كارِعــةٌ ومُكْــرعــةٌ؛ قال أَبو حنيفة: هي التي لا
يفارق الماءُ أُصولَها؛ وأَنشد:
أَو المُكْــرَعــات من نَخِيلِ ابن يامِنٍ،
دُوَيْنَ الصَّفا، اللاَّئي يَلِينَ المُشَقَّرا
قال: والمُكْــرَعــاتُ أَيضاً النخل القَرِيبةُ من المَحَلِّ، قال:
والمُكْــرَعــاتُ أَيضاً من النخل التي أُكْــرِعَــتْ في الماء؛ قال لبيد يصف نخلاً
نابتاً على الماء:
يَشْرَبْنَ رِفْهاً عِراكاً غير صادِرةٍ،
فكلُّها كارِعٌ في الماءِ مُغْتَمِرُ
قال: والمُكْــرَعــاتُ أَيضاً الإِبل تُدْنى من البيوت لتَدْفَأَ
بالدُّخانِ، وقيل: هي اللَّواتي تُدْخِلُ رؤوسَها إِلى الصِّلاءِ فَتَسْوَدُّ
أَعْناقُها، وفي المصنف المُكْرَباتُ؛ وأَنشد أَبو حنيفة للأَخطل:
فلا تَنْزلْ بِجَعْدِيٍّ إِذا ما
تَرَدَّى المُكْــرعــاتُ من الدُّخانِ
وقد جعلت المُكْــرِعــاتُ هنا النخيل النابتة على الماء.
وكَــرَعُ الناس: سَفِلَتُهم. وأَكارِعُ الناسِ: السَّفِلَةُ شُبِّهُوا
بأَكارِعِ الدوابِّ، وهي قوائِمُها. والكَرَّاعُ: الذي يُخادِنُ الكَــرَعَ
وهم السَّفِلُ من الناس، يقال للواحد: كَــرَعٌ ثم هلم جرّاً. وفي حديث
النجاشي: فهل يَنْطِقُ فيكم الكَــرَعُ؟ قال ابن الأَثير: تفسيره في الحديث
الدَّنيءُ النفْسِ. وفي حديث علي: لو أَطاعَنا أَبو بكر فيما أَشَرْنا به
عليه من ترْكِ قِتالِ أَهلِ الرِّدّةِ لَغَلَبَ على هذا الأَمْرِ الكَــرَعُ
والأَعْرابُ؛ قال: هم السَّفِلَةُ والطَّعامُ من الناسِ.
وكُراعُ الغَمِيم: موضع معروف بناحية الحجاز. وفي الحديث: خرَج عامَ
الحُدَيْبِيةِ حتى بَلَغَ كُراعَ الغَمِيم، هو اسم موضع بين مكة والمدينة.
وأَبو رِياشٍ سُوَيْدُ بن كُراعَ: من فٌرْسانِ العرب وشعرائهم، وكُراعُ
اسم أُمه لا ينصرف، قال سيبويه: هو من القسم الذي يقع فيه النسب إِلى الثاني
لأَن تَعَرُّفَه إِنما هو به كابن الزُّبَيْرِ وأَبي دَعْلَجٍ، وأَما
الكَرّاعةُ التي تَلْفِظُ بها العامّةُ فكلمة مُوَلَّدة.
هــرع: الهَــرَعُ والهُراعُ والإِهْراعُ: شدَّة السَّوْقِ وسُــرْعــةُ
العَدْو؛ قال الشاعر أَورده ابن بري:
كأَنَّ حُمُولَهم، مُتتابِعاتٍ،
رَعِــيلٌ يُهْــرَعُــونَ إِلى رَعــيلِ
وقد هُــرِعُــوا وأُهْــرِعُــوا. واسْتُهْــرِعَــتِ الإِبلُ: أَسْــرَعَــتْ إِلى
الحوضِ. وأْهْــرِعَ الرجلُ، على ما لم يسم فاعله: خَفَّ وأُــرْعِــدَ من سُــرْعــةٍ
أَو خوْفٍ أَو حِرْصٍ أَو غَضَبٍ أَو حُمَّى. وفي النزيل: وجاءه قومه
يُهْــرَعُــون إِليه؛ قال أَبو عبيدة: يُسْتَحَثُّون إِليه كأَنه يَحُثُّ بعضهم
بعضاً. وتَهَــرَّعَ إِليه: عَجِلَ. قال أَبو العباس: الإِهْراعُ إِسْراعٌ
في طُمَأْنِينةٍ، ثم قيل له: إِسْراعٌ في فَزَعٍ، فقال: نعم. وقال
الكسائي: الإِهْراعُ إِسْراعٌ في رِعْــدَةٍ، وقال المهلهل:
فجاؤُوا يُهْــرَعُــونَ، وهُمْ أُسارَى،
يَقُودُهُمُ على رَغمِ الأُنُوفِ
قال الليث: يُهْــرَعُــون وهم أُسارى يُساقُون ويُعْجَلُون. يقال: هُــرِعُــوا
وأُهْــرِعُــوا. أَبو عبيد: أُهْــرِع الرجلُ إِهْراعاً إِذا أَتاكَ وهو
يُــرْعَــدُ من البَرْدِ، وقد يكون الرجل مُهْــرَعــاً من الحمى والغضب، وهو حين
يُــرْعَــدُ، والمُهْــرَعُ أَيضاً كالحريص؛ وذكر ذلك كله أَبو عبيد في باب ما
جاء في لفظ مفعول بمعنى فاعل. وقوله تعالى: وهم على آثارِهم يُهْــرَعُــونَ،
أَي يَسْعَوْن عِجالاً. والعرب تقول: أُهْــرِعُــوا وهُــرِعُــوا فهم
مُهْــرَعُــون ومَهْرُوعُون؛ أَنشد شمر لابن أَحمر يصف الريح:
أَرَبَّتْ عليها كلُّ هَوْجاءَ سَهْوةٍ
زَفُوفِ التَّوالي، رَحْبةِ المُتَنَسَّمِ
إِبارِيّةٍ هَوْجاء، مَوْعِدُها الضُّحَى،
إِذا أَرْزَمَتْ جاءَتْ بِوِرْدٍ غَشَمْشَمِ
زَفُوفٍ نِيافٍ هَيْــرَعٍ عَجْرَفِيَّةٍ،
تَرَى البِيدَ، مِنْ إِعْصافِها الجَرْيَ، تَرْتَمي
أَراد بالوِرْد المَطَرَ. ورجُل هَــرِعٌ: سَرِيعُ المَشْي. وهَــرِعٌ
أَيضاً: سَرِيعُ البُكاءِ. والهَــرِعُ: الجاري. وهَــرِعَ الشيءُ هَــرَعــاً، فهو
هَــرِعٌ، وهَمَعَ: سال، وقيل: تَتابَعَ في سَيَلانِه؛ قال الشماخ:
عُذَافِرة، كأَنَّ بِذِفْرَيَيْها
كُحَيْلاً، بَضَّ من هَــرِعٍ هَمُوعِ
ودم هَــرِعٌ أَي جارٍ بَيِّنُ الهَــرَعِ، وقد هَــرِعَ.
والهَــرِعــةُ من النساء: المرأَةُ التي تُنْزِلُ حين يخالِطُها الرجل قبله
شَبَقاً وحرْصاً على الرجال. والمَهْرُوعُ: المجنونُ الذي يُصْــرَعُ.
يقال: هو مَهْرُوعٌ مَخْفُوعٌ مَمْسُوسٌ. وقال أَبو عمرو: المَهْرُوعُ
المَصْرُوعُ من الجَهْدِ. والهَيْــرَعُ: الذي لا يتَماسَكُ، وهو أَيضاً
الجَبانُ الضعيفُ الجَزُوعُ؛ قال ابن أَحمر:
ولَسْتُ بِهَيْــرَعٍ خَفِقٍ حَشاه،
إِذا ما طَيَّرَتْه الرِّيحُ طارَا
والهَيْــرَعُ والهَيْلَعُ: الضعيفُ. وإِذا أَشْــرَعَ القومُ رِماحَهم ثم
مَضَوْا بها قيل: هَــرَّعُــوا بها. وتَهَــرَّعَــتِ الرِّماحُ إِذا أَقْبَلَتْ
شَوارِعَ؛ وأَنشد:
عِنْدَ البَدِيهةِ والرِّماحُ تَهَــرَّعُ
وهَــرَّعَ القومُ الرماحَ وأَهْــرَعُــوها: أَشْــرَعُــوها ومضوا بها.
وتَهَــرَّعَــتْ هي: أَقْبَلَتْ شَوارِعَ.
والهَيْــرَعَــةُ: الغُولُ كالعَيْهَرةِ. ورِيحٌ هَيْــرَعٌ: سَرِيعةُ
الهُبُوب، وقيل: تَسْفِي الترابَ. وريح هَيْــرَعَــةٌ. قَصِفةٌ تأْتي بالتُّرابِ.
والهَيْــرَعــةُ: القَصَبة التي يَزْمِرُ فيها الرَّاعِي، وربما سميت
يَراعةً أَيضاً.
والهَــرْعــةُ والفَــرْعــةُ: القَمْلة الصغيرة، وقيل: الضَّخْمة،
والهُرْنُوعُ أَكثر، وقيل: الفَــرْعــةُ والهَــرْعــةُ والهَيْــرعَــةُ والخَيْضَعةُ معناها
واحِدٌ.
والهِرْياعُ: سَفِيرُ ورَق الشجر. والهَرِيعةُ: شُجَيرة دَقِيقةُ
الأَغْصان.
ويَهْــرَعُ: موضع.
صــرع: الصَــرْعُ: الطَّرْحُ بالأَرض، وخَصَّه في التهذيب بالإِنسان،
صارَعَــه فصَــرَعَــه يَصْــرَعُــه صَــرْعــاً وصِــرْعــاً، الفتح لتميم والكسر لقيس؛ عن
يعقوب، فهو مصروعٌ وصرِيعٌ، والجمع صَــرْعَــى؛ والمُصارَعــةُ والصِّراعُ:
مُعالَجَتُهما أَيُّهُما يَصْــرَعُ صاحِبَه. وفي الحديث: مثَلُ المؤمِن
كالخامةِ من الزَّــرْعِ تَصْــرَعُــها الريحُ مرة وتَعْدِلُها أُخْرى أَي تُمِيلُها
وتَرْمِيها من جانب إِلى جانب. والمَصْــرَعُ: موضِعٌ ومَصْدَرٌ؛ قال
هَوْبَرٌ الحارثيّ:
بمَصْــرَعِــنا النُّعْمانَ، يومَ تأَلَّبَتْ
علينا تَمِيمٌ من شَظًى وصَمِيمِ،
تَزَوَّدَ مِنّا بَيْنَ أُذْنَيْه طَعْنةً،
دَعَتْه إِلى هابِي التُّرابِ عَقِيمِ
ورجل صَرّاعٌ وصَرِيعٌ بَيِّنُ الصّراعةِ، وصَرِيعٌ: شَدِيد الصَّــرْع
وإِن لم يكن معروفاً بذلك، وصُــرَعــةٌ: كثير الصَّــرْع لأَقْرانِه يَصْــرَعُ
الناسَ، وصُــرْعــةٌ: يُصْــرَعُ كثيراً يَطَّرِدُ على هذين بابٌ. وفي الحديث:
أَنه صُــرِعَ عن دابَّة فجُحِشَ شِقُّه أَي سقَطَ عن ظهرها. وفي الحديث
أَيضاً: أَنه أَردَفَ صَفِيّةَ فَعَثَرَتْ ناقتُه فصُــرِعــا جميعاً. ورجُلٌ
صِرِّيعٌ مثال فِسِّيقٍ: كثير الصَّــرْع لأَقْرانه، وفي التهذيب: رجل
صِرِّيعٌ إِذا كان ذلك صَنْعَتَه وحالَه التي يُعْرَفُ بها. ورجل صَرّاعٌ إِذا
كان شديد الصَّــرْعِ وإِن لم معروفاً. ورجل صَرُوعُ الأَقْرانِ أَي كثير
الصَّــرْع لهم. والصُّــرَعــة: هم القوم الذين يَصْــرَعُــون من صَارَعُــوا. قال
الأَزهري: يقال رجل صُــرَعــةٌ، وقوم صُــرَعــةٌ وقد تَصارَعَ القومُ
واصْطَــرَعُــوا، وصارَعَــه مُصارَعــةً وصِراعاً. والصِّــرْعــانِ: المُصْطَــرِعــانِ. ورجل
حَسَنُ الصِّــرْعــةِ مثل الرِّكْبةِ والجِلْسةِ، وفي المَثلِ: سُوءُ
الاسْتِمْساكِ خَيْر من حُسْنِ الصِّــرْعــةِ؛ يقول: إِذا اسْتَمْسَكَ وإِن لم
يُحْسِنِ الرّكْبةَ فهو خير من الذي يُصْــرَعُ صَــرْعــةً لا تَضُرُّه، لأَن الذي
يَتماسَكُ قد يَلْحَقُ والذي يُصْــرَعُ لا يَبْلُغُ.
والصَّــرْعُ: عِلّة مَعْرُوفة. والصَّريعُ: المجنونُ، ومررت بِقَتْلى
مُصَــرَّعِــين، شُدِّد للكثرة. ومَصارِعُ القوم: حيث قُتِلُوا. والمَنِيّةُ
تَصْــرَعُ الحيوانَ، على المَثل.
والصُّــرَعــةُ: الحلِيمُ عند الغَضَبِ لأَن حِلْمَه يَصْــرَعُ غَضَبَه على
ضِدّ معنى قولهم: الغَضَبُ غُولُ الحِلْمِ. وفي الحديث: الصُّــرَعــةُ، بضم
الصاد وفتح الراء مثل الهُمَزةِ، الرجلُ الحليمُ عِندَ الغَضَب، وهو
المبالغ في الصِّراعِ الذي لا يُغْلَبُ فَنَقَلَه إِلى الذي يَغْلِبُ نفسه
عند الغضب ويَقْهَرُها، فإِنه إِذا مَلَكها كان قد قَهَرَ أَقْوى أَعْدائِه
وشَرَّ خُصُومِه، ولذلك قال: أَعْدَى عَدُوٍّ لك نفسُك التي بين
جَنْبَيْكَ، وهذا من الأَلفاظ التي نقَلها اللغويون
(* قوله «نقلها اللغويون إلخ
كذا بالأصل، والذي في النهاية: نقلها عن وضعها اللغوي، والمتبادر منه
أن اللغوي ضفة للوضع وحينئذ فالناقل النبي، صلى الله عليه وسلم، ويؤيده
قول المؤلف قبله: فنقله الى الذي يغلب نفسه.) عن وضعها لِضَرْبٍ من
التَّوَسُّع والمجاز، وهو من فصيح الكلام لأَنه لما كان الغضبانُ بحالة شديدة من
الغَيْظِ، وقد ثارَتْ عليه شهوة الغضب فَقَهَرها بحلمه وصَــرَعَــها
بثباته، كان كالصُّــرَعَــةِ الذي يَصْــرَعُ الرجالَ ولا يَصْــرَعُــونه. والصَّــرْعُ
والصِّــرعُ والضِّــرْعُ: الضرْبُ والفَنُّ من الشيء، والجمع أَصْــرُعٌ
وصُرُوعٌ؛ وروى أَبو عبيد بيت لبيد:
وخَصْمٍ كَبادِي الجِنّ أَسْقَطْتُ شَأْوَهُمْ
بِمُسْتَحْوذٍ ذِي مِرّةٍ وصُرُوعِ
بالصاد المهملة أَي بِضُروبٍ من الكلام، وقد رواه ابن الأَعرابي بالضاد
المعجمة، وقال غيره: صُرُوعُ الحبل قُواه. ابن الأَعرابي: يقال هذا
صِــرْعُــه وصَــرْعُــه وضِــرْعُــه وطَبْعُه وطَلْعُه وطِباعُه وطِبَيعُه وسِنُّه
وضَــرْعُــه وقَرْنُه وشِلْوُهُ وشُلَّتُه أَي مِثْلُه؛ وقول الشاعر:
ومَنْجُوبٍ له منْهُنَّ صِــرْعٌ
يَمِيلُ، إِذا عَدَلْتَ بهِ الشّوارا
هكذا رواه الأَصمعي أَي له مِنْهُنَّ مثل؛ قال ابن الأَعرابي: ويروى
ضِــرْعٌ، بالضاد المعجمة، وفسره بأَنه الحَلْبة. والصَّــرْعــانِ: إِبلان تَرِدُ
إِحداهما حين تَصْدُر الأُخرى لكثرتها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
مِثْل البُرامِ غَدا في أصْدةٍ خَلَقٍ،
لم يَسْتَعِنْ وحَوامِي المَوْتِ تَغْشاهُ
فَرَّجْتُ عنه بِصَــرْعَــيْنا لأَرْملةٍ،
وبائِسٍ جاءَ مَعْناهُ كَمَعْناه
قال يصف سائلاً شَبَّهَه بالبُرام وهو القُراد. لم يَسْتَعِنْ: يقول لم
يَحْلِقْ عانته. وحَوامِي الموت وحَوائِمُهُ: أَسبابُه. وقوله
بصَــرْعَــيْنا أَراد بها إِبلاً مختلفة التِّمْشاء تجيء هذه وتذهب هذه لكثرتها، هكذا
رواه بفتح الصاد، وهذا الشعر أَورده الشيخ ابن بري عن أَبي عمرو وأَورد
صدر البيت الأَول:
ومُرْهَق سالَ إِمْتاعاً بأصْدتِه
والصِّــرْعُ: المِثْلُ؛ قال ابن بري شاهِدُه قول الراجز:
إِنَّ أَخاكَ في الأَشاوٍي صِــرْعُــكا
والصِّــرْعــانِ والضِّــرْعــانِ، بالكسر: المِثْلانِ. يقال: هما صِــرْعــانِ
وشِــرْعــانِ وحِتْنانِ وقِتْلانِ كله بمعنى. والصَّــرْعــانِ: الغَداةُ
والعشِيُّ، وزعم بعضهم أَنهم أَرادوا العَصْرَيْنِ فقُلِبَ. يقال: أَتيتُه صَــرْعَــى
النهارِ، وفلان يأْتينا الصَّــرْعَــيْنِ أَي غُدْوةً وعَشِيَّةً، وقيل:
الصَّــرْعــانِ نصف النهار الأَول ونصفه الآخر؛ وقول ذي الرمة:
كأَنَّني نازِعٌ، يَثْنِيهِ عن وَطَنٍ
صَــرْعــانِ رائحةً عَقْلٌ وتَقْيِيدُ
أَراد عَقْلٌ عَشِيّةً وتَقْيِيدٌ غُدْوةً فاكتفى بذكر أَحدهما؛ يقول:
كأَنني بعير نازعٌ إِلى وَطَنِه وقد ثناه عن إِرادته عَقْلٌ وتَقْيِيدٌ،
فَعَقْلُه بالغداةِ ليَتَمَكَّنَ في المَــرْعَــى، وتقييدُه بالليل خوفاً من
شِرادِه. ويقال: طلبْتُ من فلان حاجة فانصَرَفْتُ وما أَدرِي على أَيّ
صِــرْعَــيْ أَمرِه هو أَي لم يتبين لي أَمرُه؛ قال يعقوب: أَنشدني
الكلابي:فَرُحْتُ، وما ودَّعْتُ لَيْلى، وما دَرَتْ
على أَيِّ صِــرْعَــيْ أَمرِها أَتَرَوَّحُ
يعني أَواصلاً تَرَوَّحْتُ من عندها أَو قاطعاً. ويقال: إِنه لَيَفْعَلُ
ذلك على كلِّ صِــرْعــةٍ
(* قوله «على كل صــرعــة هي بكسر الصاد في الأصل وفي
القاموس بالفتح.) أَي يَفْعَلُ ذلك على كلّ حال. ويقال للأَمر صَــرْعــان
أَي طَرَفان. ومِصْراعا البابِ: بابان منصوبان ينضمان جميعاً مَدْخَلُهما
في الوَسَط من المِصْراعَيْنِ؛ وقول رؤبة:
إِذْ حازَ دُوني مِصْــرَعَ البابِ المِصَكّْ
يحتمل أَن يكون عندهم المِصْــرَعُ لغة في المِصْراعِ، ويحتمل أَن يكون
محذوفاً منه. وصَــرَعَ البابَ: جعَل له مِصْراعَيْنِ؛ قال أَبو إِسحق:
المِصْراعانِ بابا القصيدة بمنزلة المِصْراعَيْنِ اللذين هما بابا البيت، قال:
واشتِقاقهما الصَّــرْعَــيْنِ، وهما نصفا النهار، قال: فمن غُدْوةٍ إِلى
انتصاف النهار صَــرْعٌ، ومن انتصاف النهار إِلى سقوط القُرْص صَــرْع. قال
الأَزهري: والمِصْراعانِ من الشعْر ما كان فيه قافيتان في بيت واحد، ومن
الأَبواب ما له بابان منصوبان ينضَمّان جميعاًمَدْخَلُهما بينهما في وسط
المصراعين، وبيتٌ من الشعْر مُصَــرَّعٌ له مِصْراعانِ، وكذلك باب
مُصَــرَّعٌ.والتصريعُ في الشعر: تَقْفُِهُ المِصْراعِ الأَول مأْخوذ من مِصْراعِ
الباب، وهما مُصَــرَّعــانِ، وإِنما وقع التصريعُ في الشعر ليدل على أَنّ
صاحبه مبتدِئٌ إِما قِصّةً وإِما قصِيدة، كما أَن إِمّا إِنما ابْتُدِئَ
بها في قولك ضربت إِما زيداً وإِمّا عمراً ليعلم أَن المتكلم شاكّ؛ فمما
العَرُوضُ فيه أَكثر حروفاً من الضرب فَنَقَصَ في التصريعِ حتى لحق بالضرب
قَوْلُ امرِئِ القَيْسِ:
لِمَنْ طَلَلٌ أَبْصَرْتُه فَشَجَاني
كَخَطِّ زَبُورٍ في عَسِيبِ يَماني؟
فقوله شَجاني فعولن وقوله يماني فعولن والبيت من الطويل وعروضه المعروف
إِنما هو مفاعلن، ومما زِيد في عروضه حتى ساوَى الضرْبَ قول امرئ
القيس:أَلا انْعِمْ صَباحاً أَيُّها الطَّلَلُ البالي،
وهل يَنْعَمَنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي؟
وصَــرَّعَ البيتَ من الشعر: جعلَ عَرُوضه كضربه.
والصرِيعُ: القضِيبُ من الشجر يَنْهَصِرُ إِلى الأَرض فيسقط عليها
وأَصله في الشجرة فيبقى ساقطاً في الظل لا تُصِيبُه الشمس فيكون أَلْيَنَ من
الفَــرْعِ وأَطيَبَ رِيحاً، وهو يُسْتاكُ به، والجمع صُــرُعٌ. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يعجبه أَن يَسْتاكَ بالصُّــرُعِ؛ قال
الأَزهري: الصَّرِيعُ القضِيبُ يَسْقُطُ من شجر البَشام، وجمعه صِــرْعــانٌ.
والصَّريعُ أَيضاً: ما يَبِسَ من الشجر، وقيل: إنما هو الصَّرِيفُ،
بالفاء، وَقيل: الصَّرِيعُ السوْطُ أَو القَوْسُ الذي لم يُنْحَتْ منه شيء،
ويقال الذي جَفَّ عُوده على الشجرة؛ وقول لبيد:
منها مَصارِعُ غايةٍ وقِيامُها
(* في معلقة لبيد: منه مصــرَّعُ غابةٍ وقيامها.)
قال: المَصارِعُ جمع مَصْرُوعٍ من القُضُب، يقول: منها مَصْرُوعٌ ومنها
قائم، والقياس مَصارِيعُ.
وذكر الأَزهري في ترجمة صعع عن أَبي المقدام السُّلَمِيّ قال: تَضَــرَّعَ
الرجلُ لصاحبه وتَصَــرَّعَ إِذا ذَلَّ واسْتَخْذَى.
خــرع: الخَــرَعُ، بالتحريك، والخَراعةُ: الرخاوةُ في الشيء، خَــرِعَ
خَــرَعــاً وخَراعةً، فهو خَــرِعٌ وخَرِيعٌ؛ ومنه قيل لهذه الشجرة الخِرْوَع
لرَخاوته، وهي شجرة تَحْمل حَبًّا كأَنه بيضُ العصافِير يسمى السِّمْسم الهندي،
مشتق من التَّخــرُّعِ، وقيل: الخِرْوَعُ كل نبات قَصيفٍ رَيّانَ من شجر
أَو عُشْب، وكلّ ضعيفٍ رِخْو خَــرِعٌ وخَرِيعٌ؛ قال رؤبة:
لا خَــرِعَ العظْمِ ولا مُوَصَّما
وقال أَبو عمرو: الخَرِيعُ الضعيف. قال الأَصمعي: وكلّ نَبْتٍ ضعيفٍ
يتثنى خِرْوَعٌ أَيَّ نَبت كان؛ قال الشاعر:
تُلاعِبُ مَثْنَى حَضْرَمِيٍّ، كأَنّه
تعَمُّجُ شَيْطانٍ بذِي خِرْوَعٍ قَفْر
ولم يجئ على وزن خِرْوَعٍ إِلاَّ عِتْوَدٌ، وهو اسم وادٍ، ولهذا قيل
للمرأَة الليِّنةِ الحسْناء: خَرِيعٌ، وكذلك يقال للمرأَة الشابّة الناعمة
اللينة.
وتَخَــرَّع وانخــرَع: استرْخَى وضَعُفَ ولان، وضَعُف الخوّار. والخَــرَعُ:
لينُ المَفاصِل. وشَفة خَرِيعٌ: ليّنةٌ. ويقال لِمِشْفَرِ البعير إِذا
تدلَّى: خَرِيعٌ؛ قال الطرمّاح:
خَرِيعَ النَّعْوِ مُضْطَرِبَ النَّواحِي،
كأَخْلاقِ الغَرِيفةِ ذي غُضونِ
(* قوله «ذي غضون» كذا في الأصل والصحاح أَيضا في عدة مواضع، وقال شارح
القاموس في مادة غرف: قال الصاغاني كذا وقع في النسخ ذي غضون، والرواية
ذا غضون منصوب بما قبله.)
وانخَــرَعَــت كَتِفُه: لغة في انْخَلَعَت. وانْخَــرَعَــت أَعضاء البعير
وتخــرَّعــت: زالت عن موضعها؛ قال العجاج:
ومَن هَمَزْنا عِزَّه تخــرَّعــا
وفي حديث يحيى بن كثير أَنه قال: لا يُجزئ في الصدقة الخَــرِعُ، وهو
الفَصِيل الضعيف، وقيل: هو الصغير الذي يَرْضَع. وكلُّ ضعيف خــرِعٌ. وانخــرع
الرجل: ضعف وانكسر، وانخــرَعْــتُ له: لِنْتُ. وفي حديث أَبي سعيد الخدري: لو
سمع أَحدكم ضَغْطةَ القبر لخَــرِعَ أَو لَجَزِعَ. قال ابن الأَثير: أَي
دَهِشَ وضعُف وانكسر. والخَــرَعُ: الدَّهَشُ، وقد خَــرِعَ خَــرَعــاً أَي
دَهِشَ. وفي حديث أَبي طالب: لولا أَنَّ قريشاً تقول أَدركه الخَــرَعُ لقلتها،
ويروى بالجيم والزاي، وهو الخَوْف. قال ثعلب: إِنما هو الخَــرَعُ، بالخاء
والراء. والخَرِيعُ: الغُصْن في بعض اللغات لنَعمَتِه وتَثَنِّيه.
وغُصْنٌ خَــرِعٌ: لَيِّنٌ ناعِمٌ؛ قال الراعي يذكر ماء:
مُعانِقاً ساقَ رَيّا ساقُها خَــرِع
والخَرِيعُ من النساء: الناعمةُ، والجمع خُورعٌ وخَرائعُ؛ حكاهما ابن
الأَعرابي. وقيل: الخَرِيعُ والخَرِيعةُ المتكسرة التي لا تَرُدّ يدَ لامِس
كأَنها تَتخَــرَّع له؛ قال يصف راحلته:
تَمْشِي أَمامَ العِيسِ، وهي فيها،
مَشْيَ الخَرِيعِ تركَتْ بَنِيها
وكلُّ سرِيع الانكِسارِ خَرِيعٌ. وقيل: الخَرِيعُ الناعمةُ مع فُجور،
وقيل: الفاجِرةُ من النساء، وقد ذهب بعضهم بالمرأَة الخَرِيع إِلى الفُجور؛
قال الراجز:
إِذا الخَرِيعُ العَنْقَفِيرُ الحُذَمهْ،
يَؤُرُّها فَحْلٌ شَدِيدُ الصُّمَمهْ
وقال كثير:
وفيهنَّ أَشْباهُ المَها رَعَــتِ المَلا،
نَواعمُ بِيضٌ في الهَوَى غَيْرُ خُــرَّعِ
وإِنما نفى عنها المَقابِحَ لا المَحاسِن أَراد غير فواجِرَ وأَنكر
الأَصمعي أَن تكون الفاجِرةَ، وقال: هي التي تَـَثنَّى من اللِّين؛ وأَنشد
لعُتَيْبةَ بن مِرْداس في صفة مِشْفر بعير:
تَكُفُّ شبا الأَنيابِ عنها بِمشْفَرٍ
خَرِيعٍ، كسِبْتِ الأَحْوريّ المُخَصَّرِ
وقيل: هي الماجِنةُ المَرِحةُ. والخَراوِيعُ من النساء: الحِسان.
وامرأَة خِرْوعةٌ: حسَنةٌ رَخْصةٌ لَيِّنةٌ؛ وقال أَبو النجم:
فهي تَمَطَّى في شَبابٍ خِرْوَعِ
والخَرِيعُ: المُرِيبُ لأَن المُريب خائف فكأَنه خَوَّارٌ؛ قال:
خَريع متى يَمْشِ الخَبيثُ بأَرضِه،
فإِنَّ الحَلالَ لا مَحالةَ ذائِقُهْ
والخَراعةُ: لغة في الخَلاعة، وهي الدَّعارةُ؛ قال ابن بري: شاهده قول
ثعلبة بن أَوْس الكلابي:
إِنْ تُشْبِهيني تُشْبِهي مُخَــرَّعــا
خَراعةً مِنِّي ودِيناً أَخْضَعا،
لا تَصْلُح الخَوْدُ عليهنَّ مَعا
ورجل مُخَــرّع: ذاهب في الباطل.
واخْتَــرع فلان الباطل إِذا اخترقه. والخَــرْعُ: الشقُّ. وخَــرَعَ الجلدَ
والثوبَ يَخْــرَعــه خَــرْعــاً فانْخــرع: شقّه فانشقَّ. وانْخَــرَعــتِ القَناةُ
إِذا انشقَّتْ، وخَــرَعَ أُذنَ الشاةِ خَــرْعــاً كذلك، وقيل: هو شقُّها في
الوسط. واخْتَــرَع الشيء: اقتَطَعه واخْتَزَلَه، وهو من ذلك لأَن الشقَّ قطع.
والاختِراعُ والاخْتِزاعُ: الخِيانةُ والأَخذُ من المالِ. والاختِراعُ:
الاستِهلاكُ. وفي الحديث: يُنْفَقُ على المُغيبةِ من مال زوجها ما لم
تَختــرِعْ مالَه أَي ما لم تَقْتَطِعْه وتأْخذه؛ وقال أَبو سعيد: الاختراعُ
ههنا الخيانة وليس بخارج من معنى القَطْع، وحكى ذلك الهروي في الغريبين.
ويقال: اخْتــرعَ فلان عوداً من الشجرة إِذا كسرها. واخْتــرعَ الشيء:
ارْتَجَلَه، وقيل: اخْتــرعــه اشتقَّه، ويقال: أَنشأَه وابْتَدَعه، والاسم
الخِــرْعــةُ.
ابن الأَعرابي: خَــرِعَ الرجل إِذا استرخَى رأْيُه بعد قُوَّة وضَعُف
جسمه بعد صَلابة.
والخُراعُ: داء يُصيب البعير فيَسْقُط ميتاً، ولم يَخُصّ ابن الأَعرابي
به بعيراً ولا غيره، إِنما قال: الخُراعُ أَن يكون صحيحاً فيقع ميِّتاً.
والخُراعُ: الجُنون، وقد خُــرِعَ فيهما، وربما خُصَّ به الناقةُ فقيل:
الخُراعُ جُنون الناقة. يقال: ناقة مَخْروعة. الكسائي: من أَدواء الإِبل
الخُراعُ وهو جُنونُها، وناقة مَخْروعةٌ، وقال غيره: خَرِيعٌ ومَخْروعةٌ وهي
التي أَصابها خُراع وهو انقطاع في ظهرها فَتُصبِح باركةً لا تقوم، قال:
وهو مَرض يُفاجئُها فإِذا هي مَخروعةٌ. وقال شمر: الجُنونُ والطَّوَفانُ
والثَّوَلُ والخُراعُ واحد. قال ابن بري: وحكى ابن الأَعرابي أَن
الخُراعَ يُصِيبُ الإِبل إِذا رَعَــتِ النَّدِيّ في الدَّمَن والحُشوش؛ وأَنشد
لرجل هجا رجلاً بالجَهْل وقلة المعرفة:
أَبُوك الذي أُخْبرْتُ يَحْبِسُ خَيْلَه،
حِذارَ النَّدَى، حتى يَجِفَّ لها البَقْلُ
وصفَه بالجهل لأَنَّ الخيل لا يَضُرُّها الندى إِنما يَضرّ الإِبل
والغنم.
والخَرِيعُ والخِرِّيعُ: العُصْفُر، وقيل: شجرةٌ. وثوب مُخَــرَّع:
مَصْبوغ بالخَرِيع وهو العُصْفر.
وابن الخَرِيع: أَحَدُ فُرْسان العرب وشُعرائها.
وخَــرِعَــت النخلة أَي ذهَب كَرَبُها.
درع: الدِّــرْعُ: لَبُوسُ الحديد، تذكر وتؤنث، حكى اللحياني: دِــرْعٌ
سابغةٌ ودرع سابغ؛ قال أَبو الأَخرز:
مُقَلَّصاً بالدِّــرْعِ ذِي التَّغَضُّنِ،
يَمْشِي العِرَضْنَى في الحَدِيد المُتْقَنِ
والجمع في القليل أَدْــرُعٌ وأَدْراعٌ، وفي الكثير دُروعٌ؛ قال الأَعشى:
واخْتارَ أَدْراعَه أَن لا يُسَبَّ بها،
ولم يَكُن عَهْدُه فيها بِخَتَّارِ
وتصغير دِــرْعٍ دُرَيْعٌ، بغير هاء على غير قياس لأَن قياسه بالهاء، وهو
أَحد ما شذ من هذا الضرب. ابن السكيت: هي دِــرْعُ الحديد. وفي حديث خالد:
أَدْراعَه وأَعْتُدَه حَبْساً في سبيل الله؛ الأَدراعُ: جمع دِــرْع وهي
الزَّرَدِيَّةُ.
وادَّــرَع بالدِّــرْع وتَدَــرَّع بها وادَّــرَعَــها وتَدَــرَّعــها: لَبِسَها؛
قال الشاعر:
إِن تَلْقَ عَمْراً فقد لاقَيْتَ مُدَّــرِعــاً،
وليس من هَمِّه إِبْل ولا شاء
قال ابن بري: ويجوز أَن يكون هذا البيت من الادّراع، وهو التقدّم،
وسنذكره في أَواخر الترجمة. وفي حديث أَبي رافع: فَغَلَّ نَمِرةً فَدُــرِّعَ
مثلَها من نار أَي أُلْبِسَ عِوَضَها دِــرْعــاً من نار.
ورجل دارعٌ: ذو دِــرْعٍ على النسَب، كما قالوا لابنٌ وتامِرٌ، فأَمَّا
قولهم مُدَّــرَعٌ فعلى وضع لفظ المفعول موضع لفظ الفاعل.
والدِّــرْعِــيَّةُ: النِّصال التي تَنْفُذُ في الدُّروع. ودِــرْعُ
المرأَةِ: قميصُها، وهو أَيضاً الثوب الصغير تلبسه الجارية الصغيرة في بيتها،
وكلاهما مذكر، وقد يؤنثان. وقال اللحياني: دِــرْعُ المرأَة مذكر لا غير،
والجمع أَدْراع. وفي التهذيب: الدِّــرْع ثوب تَجُوب المرأَةُ وسطَه وتجعل له
يدين وتَخِيط فرجَيْه. ودُــرِّعــت الصبيةُ إِذا أُلبِست الدِّــرْع،
وادَّــرَعَــتْه لبِسَتْه. ودَــرَّعَ المرأَةَ بالدِّــرْع: أَلبسها إِياه.
والدُّرّاعةُ والمِدْــرعُ: ضرب من الثياب التي تُلْبَس، وقيل: جُبَّة
مشقوقة المُقَدَّم. والمِدْــرعــةُ: ضرب آخر ولا تكون إِلاَّ من الصوف خاصة،
فرقوا بين أَسماء الدُّرُوع والدُّرّاعة والمِدْــرعــة لاختلافها في الصَّنْعة
إِرادة الإِيجاز في المَنطِق. وتَدَــرَّعَ مِدْــرعَــته وادَّــرَعــها
وتَمَدْــرَعــها، تحمَّلُوا ما في تَبْقية الزائد مع الأَصل في حال الاشتقاق تَوْفية
للمعنى وحِراسة له ودَلالة عليه، أَلا ترى أَنهم إِذا قالوا تَمَدْــرَعَ،
وإِن كانت أَقوى اللغتين، فقد عرّضوا أَنفسهم لئلا يُعرف غَرضهم أَمن
الدِّــرْع هو أَم من المِدْــرعــة؟ وهذا دليل على حُرمة الزائد في الكلمة عندهم
حتى أَقرّوه إِقرار الأُصول، ومثله تَمَسْكَن وتَمَسْلَم، وفي المثل:
شَمِّر ذَيْلاً وادَّــرِعْ ليلاً أَي اسْتَعمِل الحَزْم واتخذ الليل
جَمَلاً. والمِدْــرَعــةُ: صُفّةُ الرحْل إِذا بدت منها رُؤوس الواسطة الأَخِيرة.
قال الأَزهري: ويقال لصُفّة الرحل إِذا بدا منها رأْسا الوَسط والآخِرة
مِدْــرعــةٌ.
وشاة دَــرْعــاء: سَوداء الجسد بَيْضاء الرأْس، وقيل: هي السوداء العنق
والرأْسِ وسائرُها أَبيض. وقال أَبو زيد في شِياتِ الغنم من الضأْن: إِذا
اسودَّت العنق من النعجة فهي دَــرْعــاء. وقال الليث: الدَّــرَعُ في الشاة
بياضٌ في صدرها ونحرها وسواد في الفخذ. وقال أَبو سعيد: شاة دَــرْعــاء مُختلفة
اللون. وقال ابن شميل: الدرعــاء السوداء غير أَن عنقها أَبيض، والحمراء
وعنُقُها أَبيض فتلك الدَّــرْعــاء، وإِن ابْيَضَّ رأْسها مع عنقها فهي دَــرعــاء
أَيضاً. قال الأَزهري: والقول ما قال أَبو زيد سميت درعــاء إِذا اسودّ
مقدمها تشبيهاً بالليالي الدُّــرْع، وهي ليلة ستَّ عَشْرة وسبعَ عشرة وثماني
عشرة، اسودّت أَوائلها وابيضَّ سائرها فسُمّين دُــرْعــاً لم يختلف فيها
قول الأَصمعي وأَبي زيد وابن شميل. وفي حديث المِعْراج: فإِذا نحن بقوم
دُــرْع: أَنْصافُهم بيض وأَنصافهم سود؛ الأَدْــرَعُ من الشاء الذي صدره أَسوَد
وسائره أَبيض. وفرس أَدْــرَع: أَبيض الرأْس والعنق وسائره أَسود، وقيل
بعكس ذلك، والاسم من كل ذلك الدُّــرْعــة. والليالي الدُّــرَعُ والدُّــرْع:
الثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة، وذلك لأَنّ بعضها أَسود وبعضها
أَبيض، وقيل: هي التي يطلع القمر فيها عند وجه الصبح وسائرها أَسود مظلم،
وقيل: هي ليلة ست عشرة وسبع عشرة وثماني عشرة، وذلك لسواد أَوائلها وبياض
سائرها، واحدتها دَــرْعــاء ودَــرِعــةٌ، على غير قياس، لأَن قياسه دُــرْعٌ
بالتسكين لأَن واحدتها دَــرْعــاء، قال الأَصمعي: في ليالي الشهر بعد الليالي
البيض ثلاث دُــرَعٌ مثل صُرَدٍ، وكذلك قال أَبو عبيد غير أَنه قال: القياس
دُــرْعٌ جمع دَــرْعــاء. وروى المنذري عن أَبي الهيثم: ثلاث دُــرَعٌ وثلاث
ظُلَمٌ، جمع دُــرْعــة وظُلْمة لا جمع دَــرْعــاء وظَلْماء؛ قال الأَزهري: هذا صحيح
وهو القياس. قال ابن بري: إِنما جمعت دَــرْعــاء على دُــرَع إِتباعاً لظُلَم
في قولهم ثلاث ظُلَم وثلاث دُــرَع، ولم نسمع أَن فَعْلاء جمعُه على فُعَل
إِلاَّ دَــرْعــاء. وقال أَبو عبيدة: الليالي الدُّــرَع هي السود الصُّدورِ
البيضُ الأَعجازِ من آخر الشهر، والبيضُ الصدور السودُ الأَعجاز من
أَوَّل الشهر، فإِذا جاوَزَت النصف من الشهر فقد أَدْــرَعَ، وإِدْراعه سواد
أَوّله؛ وكذلك غنم دُــرْعٌ للبيض المآخِير السُّودِ المَقاديمِ، أَو السودِ
المآخيرِ البيضِ المَقاديمِ، والواحد من الغنم والليالي دَــرْعــاء، والذكر
أَدْــرَعُ؛ قال أَبو عبيدة: ولغة أُخرى ليالٍ دُــرَعٌ، بفتح الراء، الواحدة
دُــرْعــة. قال أَبو حاتم: ولم أَسمع ذلك من غير أَبي عبيدة. وليل أَدْــرَع:
تَفَجَّر فيه الصبح فابْيَضَّ بعضُه.
ودُــرِعَ الزَّــرْعُ إِذا أُكل بعضُه. ونَبْت مُدَــرَّع: أُكل بعضه
فابْيَضَّ موضعه من الشاة الدَّــرْعــاء. وقال بعض الأَعراب: عُشْبٌ دَــرِعٌ وتَــرِعٌ
وثَمِعٌ ودَمِظٌ ووَلِجٌ إِذا كان غَضّاً.
وأَدْــرَع الماءُ ودُــرِع: أُكل كل شيء قَرُب منه، والاسم الدُّــرْعــة.
وأَدْــرَعَ القومُ إِدْراعاً، وهم في دُــرْعــة إِذا حَسَر كَلَؤُهم عن حَوْل
مِياهِهم ونحو ذلك. وأَدْــرَعَ القومُ: دُــرِعَ ماؤهم، وحكى ابن الأَعرابي:
ماء مُدْــرِع، بالكسر، قال ابن سيده: ولا أَحقُّه، أُكل ما حَوْله من
المَــرْعَــى فتباعد قليلاً، وهو دون المُطْلِب، وكذلك روْضة مُدْــرِعــة أُكل ما
حولها، بالكسر؛ عنه أَيضاً. ويقال للهَجين: إِنه لَمُعَلْهَجٌ وإِنه
لأَدْــرَعُ.
ويقال: دَــرَع في عنُقه حَبْلاً ثم اخْتَنَق، وروي: ذَــرَع بالذال،
وسنذكره في موضعه. أَبو زيد: دَــرَّعْــته تَدْريعاً إِذا جعلت عُنقه بين ذراعك
وعَضُدك وخنَقْته. وانْدَرأَ يَفْعل كذا وانْدَــرَع أَي اندفع؛ وأَنشد:
وانْدَــرَعَــتْ كلَّ عَلاةٍ عَنْسِ،
تَدَــرُّعَ الليلِ إِذا ما يُمْسِي
وادَّــرَعَ فلان الليلَ إِذا دخل في ظُلْمته يَسْرِي، والأَصلُ فيه
تَدَــرَّعَ كأَنه لبس ظلمة الليل فاستتر به. والانْدِراعُ والادِّراعُ:
التقدُّم في السير؛ قال:
أَمامَ الرَّكْبِ تَنْدَــرِعُ انْدِراعا
وفي المثل انْدَــرَعَ انْدِراعَ المُخَّة وانْقَصَفَ انْقِصافَ
البَرْوَقةِ.
وبنو الدَّــرْعــاء: حَيٌّ من عَدْوانَ. ورأَيت حاشية في بعض نسخ حواشي ابن
بري الموثوق بها ما صورته:الذي في النسخة الصحيحة من أَشعار الهذليين
الذُّــرَعــاء على وزن فُعَلاء، وكذلك حكاه ابن التولمية في المقصور والممدود،
بذال معجمة في أَوَّله، قال: وأَظن ابن سيده تبع في ذلك ابن دريد فإِنه
ذكره في الجمهرة فقال: وبنو الدَّــرْعــاء بطن من العرب، ذكره في درع ابن
عمرو، وهم حُلَفاء في بني سهم
(* كذا بياض بالأصل.) ... بن معاوية بن تميم
بن سعد بن هُذَيل. والأَدْــرَِع: اسم رجل. ودِــرْعــةُ: اسم عنز؛ قال عُرْوةُ
بن الوَرْد:
أَلَمَّا أََغْزَرَتْ في العُسِّ بُزْلٌ،
ودِــرْعــةُ بِنْتُها، نَسيا فَعالي
مــرع: المَــرْعُ: الكَلأُ، والجمع أَمْــرُعٌ وأَمْراعٌ مثل يَمْنٍ
وأَيْمُنٍ وأَيمانٍ؛ قال أَبو ذؤيب يعني عَضَّ السِنِينَ المُجْدِبةِ:
أَكَلَ الجَمِيمَ وطاوَعَتْه سَمْحجٌ
مثْلُ القَناةِ، وأَزْعَلَتْه الأَمْــرُعُ
ذكر الجوهري في هذا الفصل: المَرِيعُ الخَصِيبُ، والجمع أَمْــرُعٌ
وأَمْراعٌ، قال ابن بري: لا يصح أَن يجمع مَرِيعٌ على أَمْــرُعٍ لأَنّ فَعِيلاً
لا يجمع على أَفْعُلٍ إِلا إِذا كان مؤنثاً نحو يمِينٍ وأَيْمُنٍ، وأَما
أَمْــرُعٌ في بيت أَبي ذؤيب فهو جمع مَــرْعٍ، وهو الكَلأُ؛ قال أَعرابي:
أَتَتْ علينا أَعوامٌ أَمْــرُعٌ إِذا كانت خَصْبةً.
ومَــرَعَ المكانُ والوادِي مَــرْعــاً ومَراعةً ومَــرِعَ مَــرَعــاً وأَمْــرَعَ،
كلُّه: أَخْصَبَ وأَكْلأَ،وقيل لم يأْت مَــرَعَ، ويجوز مَــرُعَ. ومَــرِعَ
الرجل إِذا وَقَعَ في خِصْبٍ، ومَــرِع إِذا تَنَعَّمَ. ومكانٌ مَــرِعٌ
ومَرِيعٌ: خَصِيب مُمْــرِع ناجِعٌ؛ قال الأَعشى:
سَلِسٌ مُقَلَّدُه أَسِيـ
ـلٌ خَدُّه مَــرِعٌ جَنابُهْ
وأَمْــرَعَ القومُ: أَصابوا الكَلأَ فأَخْصَبُوا. وفي المثل: أَمْــرَعْــتَ
فانْزِلْ؛ وأَنشد ابن بري:
بما شِئْتَ من خَزٍّ وأَمْــرَعْــتَ فانْزِلِ
ويقال للقوم مُمْــرِعُــون إِذا كانت مواشِيهم في خِصْبٍ. وأَرض أُمْرُوعةٌ
أَي خصيبة. ابن شميل: المُمْــرِعــةُ. الأَرض المُعْشِبةُ المُكْلِئةُ. وقد
أَمْــرَعَــت الأَرضُ إِذا شَبِعَ غنمها، وأَمْــرَعَــتْ إِذا أَكْلأَتْ في
الشجر والبقل، ولا يزال يقال لها مُمْــرِعــةٌ ما دامت مُكْلِئةً من الربيع
واليَبِيسِ. وأَمْــرَعَــتِ الأَرضُ إِذا أَعْشَبَتْ. وغَيْثٌ مَرِيعٌ
ومِمْراعٌ: تُمْــرِعُ عنه الأَرضُ. وفي حديث الاستسقاء: أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، دَعا فقال: اللهم اسْقِنا غَيْثاً مَرِيئاً مَرِيعاً مُرْبِعاً؛
المَرِيعُ: ذُو المَراعةِ والخِصْبِ. يقال: أَمْــرَعَ الوادي إِذا أَخْصَبَ؛
قال ابن مقبل:
وغَيْث مَرِيع لم يُجَدَّعْ نَباتُه
أَي لم ينقطع عنه المطر فَيُجَدَّعَ كما يجدّع الصبي إِذا لم يَرْوَ من
اللبن فيسوءَ غِذاؤه ويُهْزَلَ. ومَمارِيعُ الأَرضِ: مَكارِمُها، قال:
أَعني بمكارمها التي هي جمع مَكْرُمةٍ؛ حكاه أَبو حنيفة ولم يذكر لها
واحداً. ورجل مَرِيعُ الجنابِ: كثير الخير، على المثل. وأَمْــرَعَــتِ الأَرضُ:
شَبِعَ مالُها كلُّه؛ قال:
أَمْــرَعَــتِ الأرضُ لَوَ نَّ مالا،
لو أَنَّ نُوقاً لَكَ أَو جِمالا،
أَو ثَلّةً من غَنَمٍ إِمَّالا
والمُــرَعُ: طير صِغار لا يظهر إِلا في المطر شبيه بالدُّرّاجة، واحدته
مُــرَعــةٌ مثل هُمَزةٍ مثل رُطَبٍ ورُطَبةٍ؛ قال سيبويه: ليس المُــرَعُ تكسير
مُــرَعــةٍ، إِنما هو من باب ثَمْرة وتَمْر لأَن فُعَلةَ لا تكسَّر لقلها في
كلامها، أَلا تراهم قالوا: هذا المُــرَعُــففذكّروا فلو كان كالغُرَفِ
لأَنَّثُوا. ابن الأَعرابي: المُــرْعــةُ طائر طويل، وجمعها مُــرَعٌ؛ وأَنشد
لمليح:
سَقَى جارَتَيْ سُعْدَى، وسُعْدَى ورَهْطَها،
وحيثُ التَقَى شَرْقٌ بِسُعْدَى ومَغْرِبُ
بِذي هَيْدبٍ أَيْما الرُّبا تحتَ وَدْقِه
فَترْوَى، وأَيْما كلُّ وادٍ فَيَــرْعَــبُ
له مُــرَعٌ يَخْرُجْنَ من تحتِ وَدْقِه،
منَ الماءِ جُونٌ رِيشُها يَتَصَبَّبُ
قال أَبو عمرو: المُــرْعــةُ طائر أَبيض حسَنُ اللونِ طيب الطعم في قدر
السُّمانَى. وفي حديث ابن عباس: أَنه سئل عن السَّلْوى فقال: هي المُــرَعــةُ؛
قال ابن الأَثير: هو طائر أَبيض حسن اللون طويل الرجلين بقدر السُّمانى،
قال: إِنه يقع في المطر من السماء.
ومارِعــةُ: مِلكٌ في الدهْرِ الأوّل. وبنو مارِعــةَ: بطن يقال لهم
الموارِعُ. ومَرْوَعُ: أَرض؛ قال رؤْبة:
في جَوْفِ أَجْنَى من حِفافى مَرْوَعا
وأَمْــرَعَ رأْسَه بدُهْنٍ أَي أَكْثَرَ منه وأَوْسَعَه، يقال: أَمــرِعْ
رأْسك وامْــرَعْــه أَي أَكثر منه؛ قال رؤبة:
كَغُصْنِ بانٍ عُودُه سَــرََعْرَعُ،
كأَنَّ وَرْداً من دِهانٍ يُمْــرَعُ
لَوْنِي، ولو هَبَّتْ عَقِيمٌ تَسْفَعُ
يقول كأَنَّ لونه يُعْلَى بالدُّهْنِ لصَفائِه. ابن الأَعرابي: أَمْــرَعَ
المكانُ لا غير. ومَــرَعَ رأْسَه بالدهن إِذا مَسَحَه.