المتوفى: سنة 311.
المتوفى: سنة 311.
بحــر: الــبَحْــرُ: الماءُ الكثيرُ، مِلْحاً كان أَو عَذْباً، وهو خلاف
البَرِّ، سمي بذلك لعُمقِهِ واتساعه، قد غلب على المِلْح حتى قَلّ في
العَذْبِ، وجمعه أَــبْحُــرٌ وبُحُــورٌ وبِحــارٌ. وماءٌ بَحْــرٌ: مِلْحٌ، قَلَّ أَو
كثر؛ قال نصيب:
وقد عادَ ماءُ الأَرضِ بَحْــراً فَزادَني،
إِلى مَرَضي، أَنْ أَــبْحَــرَ المَشْرَبُ العَذْبُ
قال ابن بري: هذا القولُ هو قولُ الأُمَوِيّ لأَنه كان يجعل الــبحــر من
الماء الملح فقط. قال: وسمي بَحْــراً لملوحته، يقال: ماءٌ بَحْــرٌ أَي
مِلْحٌ، وأَما غيره فقال: إِنما سمي الــبَحْــرُ بَحْــراً لسعته وانبساطه؛ ومنه
قولهم إِن فلاناً لَــبَحْــرٌ أَي واسع المعروف؛ قال: فعلى هذا يكون الــبحــرُ
للملْح والعَذْبِ؛ وشاهدُ العذب قولُ ابن مقبل:
ونحنُ مَنَعْنا الــبحــرَ أَنْ يَشْرَبُوا به،
وقد كانَ مِنْكُمْ ماؤه بِمَكَانِ
وقال جرير:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ تَحْدُوها ثمانِيَةٌ،
ما في عطائِهِمُ مَنٌَّ ولا سَرَفُ
كُوماً مَهارِيسَ مَثلَ الهَضْبِ، لو وَرَدَتْ
ماءَ الفُراتِ، لَكادَ الــبَحْــرُ يَنْتَزِفُ وقال عديّ بن زيد:
وتَذَكَّرْ رَبِّ الخُوَرْنَقِ إِذْ أَشْـ
ـرَفَ يوماً، وللْهُدَى تَذْكِيرُ
سَرَّه مالُهُ وكَثْرَةُ ما يَمْـ
ـلِكُ، والــبحــرُ مُعْرِضاً والسَّدِيرُ
أَراد بالــبحــر ههنا الفرات لأَن رب الخورنق كان يشرِفُ على الفرات؛ وقال
الكميت:
أُناسٌ، إِذا وَرَدَتْ بَحْــرَهُمْ
صَوادِي العَرائِبِ، لم تُضْرَبِ
وقد أَجمع أَهل اللغة أَن اليَمَّ هو الــبحــر. وجاءَ في الكتاب العزيز:
فَأَلْقِيهِ في اليَمِّ؛ قال أَهل التفسير: هو نيل مصر، حماها الله تعالى.
ابن سيده: وأَــبْحَــرَ الماءُ صار مِلْحاً؛ قال: والنسب إِلى الــبحــر
بَحْــرانيٌّ على غير قياس. قال سيبويه: قال الخليل: كأَنهم بنوا الاسم على
فَعْلان. قال عبدا محمد بن المكرم: شرطي في هذا الكتاب أَن أَذكر ما قاله مصنفو
الكتب الخمسة الذين عينتهم في خطبته، لكن هذه نكتة لم يسعني إِهمالها.
قال السهيلي، رحمه الله تعالى: زعم ابن سيده في كتاب المحكم أَن العرب
تنسب إِلى الــبحــر بَحْــرانيّ، على غير قياس، وإِنه من شواذ النسب، ونسب هذا
القول إِلى سيبويه والخليل، رحمهما الله تعالى، وما قاله سيبويه قط، وإِنما
قال في شواذ النسب: تقول في بهراء بهراني وفي صنعاء صنعاني، كما تقول
بحــراني في النسب إلى الــبحــرين التي هي مدينة، قال: وعلى هذا تلقَّاه جميع
النحاة وتأَوَّلوه من كلام سيبويه، قال: وإِنما اشتبه على ابن سيده لقول
الخليل في هذه المسأَبة أَعني مسأَلة النسب إِلى الــبحــرين، كأَنهم بنوا
الــبحــر على بحــران، وإِنما أَراد لفظ الــبحــرين، أَلا تراه يقول في كتاب العين:
تقول بحــراني في النسب إِلى الــبحــرين، ولم يذكر النسب إِلى الــبحــر أَصلاً،
للعلم به وأَنه على قياس جار. قال: وفي الغريب المصنف عن الزيدي أَنه قال:
إِنما قالوا بَحْــرانيٌّ في النسب إِلى الــبَحْــرَيْنِ، ولم يقولوا
بَحْــرِيٌّ ليفرقوا بينه وبين النسب إلى الــبحــر. قال: ومازال ابن سيده يعثر في هذا
الكتاب وغيره عثرات يَدْمَى منها الأَظَلُّ، ويَدْحَضُ دَحَضَات تخرجه
إِلى سبيل من ضل، أَلاّ تراه قال في هذا الكتاب، وذكر بُحَــيْرَة طَبَرَيَّة
فقال: هي من أَعلام خروج الدجال وأَنه يَيْبَسُ ماؤُها عند خروجه،
والحديث إِنما جاء في غَوْرٍ زُغَرَ، وإِنما ذكرت طبرية في حديث يأْجوج
ومأْجوج وأَنهم يشربون ماءها؛ قال: وقال في الجِمَار في غير هذا الكتاب: إِنما
هي التي ترمي بعرفة وهذه هفوة لا تقال، وعثرة لا لَعاً لها؛ قال: وكم له
من هذا إِذا تكلم في النسب وغيره. هذا آخر ما رأَيته منقولاً عن السهيلي.
ابن سيده: وكلُّ نهر عظيم بَحْــرٌ. الزجاج: وكل نهر لا ينقطع ماؤُه، فهو
بحــر. قال الأَزهري: كل نهر لا ينقطع ماؤه مثل دِجْلَةَ والنِّيل وما
أَشبههما من الأَنهار العذبة الكبار، فهو بَحْــرٌ. و أَما الــبحــر الكبير الذي
هو مغيض هذه الأَنهار فلا يكون ماؤُه إِلاَّ ملحاً أُجاجاً، ولا يكون ماؤه
إِلاَّ راكداً؛ وأَما هذه الأَنهار العذبة فماؤُها جار، وسميت هذه
الأَنهار بحــاراً لأَنها مشقوقة في الأَرض شقّاً. ويسمى الفرس الواسع الجَرْي
بَحْــراً؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في مَنْدُوبٍ فَرَسِ أَبي
طلحة وقد ركبه عُرْياً: إِني وجدته بَحْــراً أَي واسع الجَرْي؛ قال أَبو
عبيدة: يقال للفرس الجواد إِنه لَــبَحْــرٌ لا يُنْكَش حُضْرُه. قال الأَصمعي:
يقال فَرَسٌ بَحْــرٌ وفَيضٌ وسَكْبٌ وحَثٌّ إِذا كان جواداً كثيرَ
العَدْوِ وفي الحديث: أَبى ذلك الــبَحــرُ ابنُ عباس؛ سمي بحــراً لسعة علمه
وكثرته.والتَّــبَحُّــرُ والاستِــبْحَــارُ: الانبساط والسَّعة.
وسمي الــبَحْــرُ بَحْــراً لاسْتــبحــاره، وهو انبساطه وسعته. ويقال: إِنما سمي
الــبَحْــر بَحْــراً لأَنه شَقَّ في الأَرض شقّاً وجعل ذلك الشق لمائه
قراراً. والــبَحْــرُ في كلام العرب: الشَّقُّ. وفي حديث عبد المطلب: وحفر زمزم
ثم بَحَــرَها بَحــراً أَي شقَّها ووسَّعها حتى لا تُنْزَفَ؛ ومنه قيل للناقة
التي كانوا يشقون في أُذنها شقّاً: بَحِــيرَةٌ.
وبَحَــرْتُ أُذنَ الناقة بحــراً: شققتها وخرقتها. ابن سيده: بَحَــرَ
الناقةَ والشاةَ يَــبْحَــرُها بَحْــراً شقَّ أُذنها بِنِصْفَين، وقيل: بنصفين
طولاً، وهي الــبَحِــيرَةُ، وكانت العرب تفعل بهما ذلك إِذا نُتِجَتا عشرةَ
أَبْطن فلا يُنْتَفَع منهما بلبن ولا ظَهْرٍ، وتُترك الــبَحِــيرَةُ ترعى وترد
الماء ويُحَرَّمُ لحمها على النساء، ويُحَلَّلُ للرجال، فنهى الله تعالى
عن ذلك فقال: ما جَعَلَ اللهُ من بَحِــيرَةٍ ولا سائبةٍ ولا وصِيلةٍ ولا
حامٍ؛ قال: وقيل الــبَحِــيرَة من الإِبل التي بُحِــرَتْ أُذنُها أَي شُقت
طولاً، ويقال: هي التي خُلِّيَتْ بلا راع، وهي أَيضاً الغَزِيرَةُ، وجَمْهُها
بُحُــرٌ، كأَنه يوهم حذف الهاء. قال الأَزهري: قال أَبو إِسحق النحوي:
أَثْبَتُ ما روينا عن أَهل اللغة في الــبَحِــيرَة أَنها الناقة كانت إِذا
نُتِجَتْ خَمْسَةَ أَبطن فكان آخرها ذكراً، بَحَــرُوا أُذنها أَي شقوها
وأَعْفَوا ظهرها من الركوب والحمل والذبح، ولا تُحلأُ عن ماء ترده ولا تمنع من
مرعى، وإِذا لقيها المُعْيي المُنْقَطَعُ به لم يركبها. وجاء في الحديث:
أَن أَوَّل من بحــر الــبحــائرَ وحَمَى الحامِيَ وغَيَّرَ دِين إِسمعيل
عَمْرُو بن لُحَيِّ بن قَمَعَة بنِ جُنْدُبٍ؛ وقيل: الــبَحِــيرَةُ الشاة إِذا
ولدت خمسة أَبطُن فكان آخرها ذكراً بَحَــرُوا أُذنها أَي شقوها وتُرِكَت
فلا يَمَسُّها أَحدٌ. قال الأَزهري: والقول هو الأَوَّل لما جاء في حديث
أَبي الأَحوص الجُشَمِيِّ عن أَبيه أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له:
أَرَبُّ إِبلٍ أَنتَ أَم ربُّ غَنَمٍ؟ فقال: من كلٍّ قد آتاني اللهُ
فأَكْثَرَ، فقال: هل تُنْتَجُ إِبلُك وافيةً آذانُها فَتَشُقُّ فيها وتقول
بُحُــرٌ؟ يريد به جمع الــبَحِــيرة. وقال الفرّاء: الــبَحِــيرَةُ هي ابنة
السائبة، وقد فسرت السائبة في مكانها؛ قال الجوهري: وحكمها حكم أُمها. وحكى
الأَزهري عن ابن عرفة: الــبَحــيرة الناقة إِذا نُتِجَتْ خمسة أَبطن والخامس
ذكر نحروه فأَكله الرجال والنساء، وإِن كان الخامس أُنثى بَحَــروا أُذنها
أَي شقوها فكانت حراماً على النساء لحمها ولبنها وركوبها، فإِذا ماتت حلت
للنساء؛ ومنه الحديث: فَتَقَطَعُ آذانَها فتقُولُ بُحُــرٌ؛ وأَنشد شمر لابن
مقبل:
فيه من الأَخْرَجِ المُرْتَاعِ قَرْقَرَةٌ،
هَدْرَ الدَّيامِيِّ وَسْطَ الهجْمَةِ الــبُحُــرِ
الــبُحُــرُ: الغِزارُ. والأَخرج: المرتاعُ المُكَّاءٌ. وورد ذكر الــبَحِــيرة
في غير موضع: كانوا إِذا ولدت إِبلهم سَقْباً بَحَــروا أُذنه أَي شقوها،
وقالوا: اللهم إِن عاش فَقَنِيٌّ، وإِن مات فَذَكيٌّ؛ فإِذا مات أَكلوه
وسموه الــبحــيرة، وكانوا إِذا تابعت الناقة بين عشر إِناث لم يُرْكب ظهرُها،
ولم يُجَزّ وبَرُها، ولم يَشْرَبْ لَبَنَها إِلا ضَيْفٌ، فتركوها
مُسَيَّبَةً لسبيلها وسموَّها السائبة، فما ولدت بعد ذلك من أُنثى شقوا أُذنها
وخلَّوا سبيلها، وحرم منها ما حرم من أُمّها، وسَمّوْها الــبحِــيرَةَ،
وجمعُ الــبَحِــيرَةِ على بُحُــرٍ جمعٌ غريبٌ في المؤنث إِلا أَن يكون قد حمله
على المذكر، نحو نَذِيرٍ ونُذُرٍ، على أَن بَحِــيرَةً فعيلة بمعنى مفعولة
نحو قتيلة؛ قال: ولم يُسْمَعْ في جمع مثله فُعُلٌ، وحكى الزمَخْشري
بَحِــيرَةٌ وبُحُــرٌ وصَريمَةٌ وصُرُمٌ، وهي التي صُرِمَتْ أُذنها أَي
قطعت.واسْتَــبْحَــرَ الرجل في العلم والمال وتَــبَحَّــرَ: اتسع وكثر ماله.
وتَــبَحَّــرَ في العلم: اتسع. واسْتَــبْحَــرَ الشاعرُ إِذا اتَّسَعَ في القولِ؛ قال
الطرماح:
بِمِثْلِ ثَنائِكَ يَحْلُو المديح،
وتَسْتَــبْحِــرُ الأَلسُنْ المادِحَهْ
وفي حديث مازن: كان لهم صنم يقال له باحَر، بفتح الحاء، ويروى بالجيم.
وتَــبَحَّــر الراعي في رعْيٍ كثير: اتسع، وكلُّه من الــبَحْــرِ لسعته.
وبَحِــرَ الرجلُ إِذا رأَى الــبحــر فَفَرِقَ حتى دَهِشَ، وكذلك بَرِقَ إِذا
رأَى سَنا البَرْقِ فتحير، وبَقِرَ إِذا رأَى البَقَرَ الكثيرَ، ومثله
خَرِقَ وعَقِرَ. ابن سيده: أَــبْحَــرَ القومُ ركبوا الــبَحْــرَ.
ويقال للــبَحْــرِ الصغير: بُحَــيْرَةٌ كأَنهم توهموا بَحْــرَةً وإِلا فلا
وجه للهاء، وأَما الــبُحَــيْرَةُ التي في طبرية وفي الأَزهري التي بالطبرية
فإِنها بَحْــرٌ عظيم نحو عشرة أَميال في ستة أَميال وغَوْرُ مائها، وأَنه
(* قوله «وغور مائها وأنه إلخ» كذا بالأَصل المنسوب للمؤلف وهو غير تام).
علامة لخروج الدجال تَيْبَس حتى لا يبقى فيها قطرة ماء، وقد تقدم في هذا
الفصل ما قاله السهيلي في هذا المعنى.
وقوله: يا هادِيَ الليلِ جُرْتَ إِنما هو الــبَحْــرُ أَو الفَجْرُ؛ فسره
ثعلب فقال: إِنما هو الهلاك أَو ترى الفجر، شبه الليل بالــبحــر. وقد ورد ذلك
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: إِنما هو الفَجْرُ أَو البَجْرُ، وقد
تقدم؛ وقال: معناه إِن انتظرت حتى يضيء الفجر أَبصرب الطريق، وإِن خبطت
الظلماء أَفضت بك إِلى المكروه. قال: ويروى الــبحــر، بالحاء، يريد غمرات
الدنيا شبهها بالــبحــر لتحير أَهلها فيها.
والــبَحْــرُ: الرجلُ الكريمُ الكثيرُ المعروف. وفَرسٌ بَحْــرٌ: كثير
العَدوِ، على التشبيه بالــبحــر. والــبَحْــرُ: الرِّيفُ، وبه فسر أَبو عليّ قوله عز
وجل: ظهر الفساد في البَرِّ والــبَحْــرِ؛ لأَن الــبحــر الذي هو الماء لا يظهر
فيه فساد ولا صلاح؛ وقال الأَزهري: معنى هذه الآية أَجدب البر وانقطعت
مادة الــبحــر بذنوبهم، كان ذلك ليذوقوا الشدَّة بذنوبهم في العاجل؛ وقال
الزجاج: معناه ظهر الجدب في البر والقحط في مدن الــبحــر التي على الأَنهار؛
وقول بعض الأَغفال:
وأَدَمَتْ خُبْزِيَ من صُيَيْرِ،
مِنْ صِيرِ مِصْرَيْنِ، أَو الــبُحَــيْرِ
قال: يجوز أَن يَعْني بالــبُحَــيْرِ الــبحــر الذي هو الريف فصغره للوزن
وإقامة القافية. قال: ويجوز أَن يكون قصد الــبُحَــيْرَةَ فرخم اضطراراً. وقوله:
من صُيَيْر مِن صِيرِ مِصْرَيْنِ يجوز أَن يكون صير بدلاً من صُيَيْر،
بإِعادة حرف الجر، ويجوز أَن تكون من للتبعيض كأَنه أَراد من صُيَيْر كائن
من صير مصرين، والعرب تقول لكل قرية: هذه بَحْــرَتُنا. والــبَحْــرَةُ:
الأَرض والبلدة؛ يقال: هذه بَحْــرَتُنا أَي أَرضنا. وفي حديث القَسَامَةِ:
قَتَلَ رَجُلاً بِــبَحْــرَةِ الرِّعاءِ على شَطِّ لِيَّةَ، الــبَحْــرَةُ:
البَلْدَةُ. وفي حديث عبدالله بن أُبيّ: اصْطَلَحَ أَهلُ هذه الــبُحَــيْرَةِ أَن
يَعْصِبُوه بالعِصَابَةِ؛ الــبُحَــيْرَةُ: مدينة سيدنا رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، وهي تصغير الــبَحْــرَةِ، وقد جاء في رواية مكبراً. والعربُ
تسمي المُدُنَ والقرى: الــبحــارَ. وفي الحديث: وكَتَبَ لهم بِــبَحْــرِهِم؛ أَي
ببلدهم وأَرضهم. وأَما حديث عبدالله ابن أُبيّ فرواه الأَزهري بسنده عن
عُرْوَةَ أَن أُسامة ابن زيد أَخبره: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، ركب
حماراً على إِكافٍ وتحته قَطِيفةٌ فركبه وأَرْدَفَ أُسامةَ، وهو يعود سعد
بن عُبادَةَ، وذلك قبل وَقْعَةِ بَدْرٍ، فلما غشيت المجلسَ عَجاجَةُ
الدابة خَمَّرَ عبدُالله بنُ أُبيّ أَنْفَه ثم قال: لا تُغَبِّرُوا، ثم نزل
النبي، صلى الله عليه وسلم، فوقف ودعاهم إِلى الله وقرأَ القرآنَ، فقال
له عبدُالله: أَيها المَرْءُ إِن كان ما تقول حقّاً فلا تؤذنا في مجلسنا
وارجعْ إِلى رَحْلك، فمن جاءَك منَّا فَقُصَّ عليه؛ ثم ركب دابته حتى دخل
على سعد بن عبادة، فقال له: أَي سَعْدُ أَلم تسمعْ ما قال أَبو حُباب؟
قال كذا، فقال سعدٌ: اعْفُ واصفَحْ فوالله لقد أَعطاك اللهُ الذي أَعطاك،
ولقد اصطلح أَهلُ هذه الــبُحَــيْرةِ على أَن يُتَوِّجُوه، يعني يُمَلِّكُوهُ
فَيُعَصِّبوه بالعصابة، فلما ردَّ الله ذلك بالحق الذي أَعطاكَ شَرِقَ
لذلك فذلك فَعَلَ به ما رأَيْتَ، فعفا عنه النبي، صلى الله عليه وسلم.
والــبَحْــرَةُ: الفَجْوَةُ من الأَرض تتسع؛ وقال أَبو حنيفة: قال أَبو نصر
الــبِحــارُ الواسعةُ من الأَرض، الواحدة بَحْــرَةٌ؛ وأَنشد لكثير في وصف
مطر:يُغادِرْنَ صَرْعَى مِنْ أَراكٍ وتَنْضُبٍ،
وزُرْقاً بأَجوارِ الــبحــارِ تُغادَرُ
وقال مرة: الــبَحْــرَةُ الوادي الصغير يكون في الأَرض الغليظة.
والــبَحْــرةُ: الرَّوْضَةُ العظيمةُ مع سَعَةٍ، وجَمْعُها بِحَــرٌ وبِحــارٌ؛ قال النمر
بن تولب:
وكأَنها دَقَرَى تُخايِلُ، نَبْتُها
أُنُفٌ، يَغُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحــارِها
(* قوله «تخايل إلخ» سيأتي للمؤلف في مادّة دقر هذا البيت وفيه تخيل بدل
تخايل وقال أي تلوّن بالنور فتريك رؤيا تخيل إليك أنها لون ثم تراها
لوناً آخر، ثم قطع الكلام الأول فقال نبتها أنف فنبتها مبتدأ إلخ ما
قال).الأَزهري: يقال للرَّوْضَةِ بَحْــرَةٌ. وقد أَــبْحَــرَتِ الأَرْضُ إِذا
كثرت مناقع الماء فيها. وقال شمر: الــبَحْــرَةُ الأُوقَةُ يستنقع فيها الماء.
ابن الأَعرابي: الــبُحَــيْرَةُ المنخفض من الأَرض.
وبَحِــرَ الرجلُ والبعيرُ بَحَــراً، فهو بَحِــرٌ إِذا اجتهد في العدوِ
طالباً أَو مطلوباً، فانقطع وضعف ولم يزل بِشَرٍّ حتى اسودَّ وجهه وتغير. قال
الفراء: الــبَحَــرُ أَن يَلْغَى البعيرُ بالماء فيكثر منه حتى يصيبه منه
داء. يقال: بَحِــرَ يَــبْحَــرُ بَحَــراً، فهو بَحِــرٌ؛ وأَنشد:
لأُعْلِطَنَّه وَسْماً لا يُفارِقُه،
كما يُجَزُّ بِحُــمَّى المِيسَمِ الــبَحِــرُ
قال: وإِذا أَصابه الداءُ كُويَ في مواضع فَيَبْرأُ. قال الأَزهري:
الداء الذي يصيب البعير فلا يَرْوَى من الماء، هو النِّجَرُ، بالنون والجيم،
والبَجَرُ، بالباء والجيم، وأَما الــبَحَــرُ، فهو داء يورث السِّلَّ.
وأَــبْحَــرَ الرجلُ إِذا أَخذه السِّلُّ. ورجلٌ بَجِيرٌ وبَحِــرٌ: مسْلُولٌ ذاهبُ
اللحم؛ عن ابن الأَعرابي وأَنشد:
وغِلْمَتي مِنْهُمْ سَحِيرٌ وبَحِــرْ،
وآبقٌ، مِن جَذْبِ دَلْوَيْها، هَجِرْ
أَبو عمرو: الــبَحِــيرُ والــبَحِــرُ الذي به السِّلُّ، والسَّحِيرُ: الذي
انقطعت رِئَتُه، ويقال: سَحِرٌ. وبَحِــرَ الرجلُ. بُهِتَ. وأَــبْحَــرَ الرجل
إذا اشتدَّتْ حُمرةُ أَنفه. وأَــبْحَــرَ إِذا صادف إِنساناً على غير اعتمادٍ
وقَصدٍ لرؤيته، وهو من قولهم: لقيته صَحْرَةَ بَحْــرَةَ أَي بارزاً ليس
بينك وبينه شيء.
والباحِر، بالحاء: الأَحمق الذي إِذا كُلِّمَ بَحِــرَ وبقي كالمبهوت،
وقيل: هو الذي لا يَتَمالكُ حُمْقاً. الأَزهري: الباحِرُ الفُضولي، والباحرُ
الكذاب. وتَــبَحَّــر الخبرَ: تَطَلَّبه. والباحرُ: الأَحمرُ الشديدُ
الحُمرة. يقال: أَحمر باحرٌ وبَحْــرانيٌّ. ابن الأَعرابي: يقال أَحْمَرُ
قانِئٌ وأَحمرُ باحِرِيٌّ وذَرِيحِيٌّ، بمعنى واحد. وسئل ابن عباس عن المرأَة
تستحاض ويستمرّ بها الدم، فقال: تصلي وتتوضأُ لكل صلاة، فإِذا رأَتِ
الدَّمَ الــبَحْــرانيَّ قَعَدَتْ عن الصلاة؛ دَمٌ بَحْــرَانيٌّ: شديد الحمرة
كأَنه قد نسب إِلى الــبَحْــرِ، وهو اسم قعر الرحم، منسوب إِلى قَعْرِ الرحم
وعُمْقِها، وزادوه في النسب أَلِفاً ونوناً للمبالغة يريد الدم الغليظ
الواسع؛ وقيل: نسب إِلى الــبَحْــرِ لكثرته وسعته؛ ومن الأَول قول العجاج:
وَرْدٌ من الجَوْفِ وبَحْــرانيُّ
أَي عَبِيطٌ خالصٌ. وفي الصحاح: الــبَحْــرُ عُمْقُ الرَّحِمِ، ومنه قيل
للدم الخالص الحمرة: باحِرٌ وبَحْــرانيٌّ. ابن سيده: ودَمٌ باحِرٌ
وبَحْــرانيٌّ خالص الحمرة من دم الجوف، وعم بعضُهم به فقال: أَحْمَرُ باحِرِيٌّ
وبَحْــرَانيٌّ، ولم يخص به دم الجوف ولا غيره. وبَناتُ بَحْــرٍ: سحائبُ يجئنَ
قبل الصيف منتصبات رقاقاً، بالحاء والخاء، جميعاً. قال الأَزهري: قال
الليث: بَناتُ بَحْــرٍ ضَرْبٌ من السحاب، قال الأَزهري: وهذا تصحيف منكر
والصواب بَناتُ بَخْرٍ. قال أَبو عبيد عن الأَصمعي: يقال لسحائب يأْتين قبل
الصيف منتصبات: بَناتُ بَخْرٍ وبَناتُ مَخْرٍ، بالباء والميم والخاء، ونحو
ذلك قال اللحياني وغيره، وسنذكر كلاًّ منهما في فصله.
الجوهري: بَحِــرَ الرجلُ، بالكسر، يَــبْحَــرُ بَحَــراً إِذا تحير من الفزع
مثل بَطِرَ؛ ويقال أَيضاً: بَحِــرَ إِذا اشتدَّ عَطَشُه فلم يَرْوَ من
الماء. والــبَحَــرُ أَيضاً: داءٌ في الإِبل، وقد بَحِــرَتْ.
والأَطباء يسمون التغير الذي يحدث للعليل دفعة في الأَمراض الحادة:
بُحْــراناً، يقولون: هذا يَوْمُ بُحْــرَانٍ بالإِضافة، ويومٌ باحُوريٌّ على غير
قياس، فكأَنه منسوب إِلى باحُورٍ وباحُوراء مثل عاشور وعاشوراء، وهو
شدّة الحر في تموز، وجميع ذلك مولد؛ قال ابن بري عند قول الجوهري: إِنه مولد
وإِنه على غير قياس؛ قال: ونقيض قوله إِن قياسه باحِرِيٌّ وكان حقه أَن
يذكره لأَنه يقال دم باحِرِيٌّ أَي خالص الحمرة؛ ومنه قول المُثَقِّب
العَبْدِي:
باحِريُّ الدَّمِ مُرَّ لَحْمُهُ،
يُبْرئُ الكَلْبَ، إِذا عَضَّ وهَرّ
والباحُورُ: القَمَرُ؛ عن أَبي علي في البصريات له. والــبَحْــرانِ: موضع
بين البصرة وعُمانَ، النسب إِليه بَحْــريٌّ وبَحْــرانيٌّ؛ قال اليزيدي:
كرهوا أَن يقولوا بَحْــريٌّ فتشبه النسبةَ إِلى الــبَحْــرِ؛ الليث: رجل
بَحْــرانيٌّ منسوب إِلى الــبَحْــرَينِ؛ قال: وهو موضع بين البصرة وعُمان؛ ويقال: هذه
الــبَحْــرَينُ وانتهينا إِلى الــبَحْــرَينِ. وروي عن أَبي محمد اليزيدي قال:
سأَلني المهدي وسأَل الكسائي عن النسبة إِلى الــبحــرين وإِلى حِصْنَينِ:
لِمَ قالوا حِصْنِيٌّ وبَحْــرانيٌّ؟ فقال الكسائي: كرهوا أَن يقولوا
حِصْنائِيٌّ لاجتماع النونين، قال وقلت أَنا: كرهوا أَن يقولوا بَحْــريٌّ فتشبه
النسبة إِلى الــبحــر؛ قال الأَزهري: وإِنما ثنوا الــبَحْــرَ لأَنَّ في ناحية
قراها بُحَــيرَةً على باب الأَحساء وقرى هجر، بينها وبين الــبحــر الأَخضر
عشرة فراسخ، وقُدِّرَت الــبُحَــيرَةُ ثلاثةَ أَميال في مثلها ولا يغيض
ماؤُها، وماؤُها راكد زُعاقٌ؛ وقد ذكرها الفرزدق فقال:
كأَنَّ دِياراً بين أَسْنِمَةِ النَّقا
وبينَ هَذالِيلِ الــبُحَــيرَةِ مُصْحَفُ
وكانت أَسماء بنت عُمَيْسٍ يقال لها الــبَحْــرِيَّة لأَنها كانت هاجرت
إِلى بلاد النجاشي فركبت الــبحــر، وكلُّ ما نسب إِلى الــبَحْــرِ، فهو
بَحْــريٌّ.وفي الحديث ذِكْرُ بَحْــرانَ، وهو بفتح الباء وضمها وسكون الحاء، موضع
بناحية الفُرْعِ من الحجاز، له ذِكْرٌ في سَرِيَّة عبدالله بن جَحْشٍ.
وبَحْــرٌ وبَحِــيرٌ وبُحَــيْرٌ وبَيْحَرٌ وبَيْحَرَةُ: أَسماء.
وبنو بَحْــريّ: بَطْنٌ.
وبَحْــرَةُ ويَــبْحُــرُ: موضعان. وبِحــارٌ وذو بِحــارٍ: موضعان؛ قال الشماخ:
صَبَا صَبْوَةً مِن ذِي بِحــارٍ، فَجاوَرَتْ،
إِلى آلِ لَيْلى، بَطْنَ غَوْلٍ فَمَنْعَجِ
صــبح: الصُّــبْحُ: أَوّل النهار. والصُّــبْحُ: الفجر. والصَّباحُ: نقيص
المَساء، والجمع أَصْباحٌ، وهو الصَّبيحةُ والصَّباحُ والإِصْباحُ
والمُصْــبَحُ؛ قال الله عز وجل: فالِقُ الإِصْباحِ؛ قال الفراء: إِذا قيل
الأَمْسَاء والأَصْباح، فهو جمع المَساء والصُّــبْح، قال: ومثله الإِبْكارُ
والأَبْكارُ؛ وقال الشاعر:
أَفْنَى رِياحاً وذَوِي رِياحِ،
تَناسُخُ الإِمْساءِ والإِصْباحِ
يريد به المَساء والصُّــبْحَ. وحكى اللحياني: تقول العربُ إِذا
تَطَيَّرُوا من الإِنسان وغيره: صباحُ الله لا صَباحُك قال: وإِن شئت
نصبتَ.وأَصْــبَحَ القومُ: دخلوا في الصَّباح، كما يقال: أَمْسَوْا دخلوا في
المساء؛ وفي الحديث: أَصْــبِحُــوا بالصُّــبحِ فإِنه أَعظم للأَجر أَي صلوها عند
طلوع الصُّــبْح؛ يقال: أَصْــبَحَ الرجل إِذا دخل في الصُّــبْح؛ وفي
التنزيل: وإِنكم لَتَمُرُّون عليهم مُصْــبِحِــينَ وبالليل؛ وقال سيبويه:
أَصْــبَحْــنا وأَمْسَينا أَي صرنا في حين ذاك، وأَما صَــبَّحْــنا ومَسَّيْنا فمعناه
أَتيناه صَباحاً ومساء؛ وقال أَبو عدنان: الفرق بين صَــبَحْــنا وصَــبَّحْــنا
أَنه يقال صَــبَّحْــنا بلد كذا وكذا، وصَــبَّحْــنا فلاناً، فهذه مُشَدَّدة،
وصَــبَحْــنا أَهلَها خيراً أَو شرّاً؛ وقال النابغة:
وصَــبَّحَــه فَلْجاً فلا زال كَعْبُه،
عل كلِّ من عادى من الناسِ، عاليا
ويقال: صَــبَّحَــه بكذا ومسَّاه بكذا؛ كل ذلك جائز؛ ويقال للرجل يُنَبَّه
من سِنَةِ الغَفْلة: أَصْــبِحْ أَي انْتَبِهْ وأَبْصِرْ رُشْدَك وما
يُصْلِحُك؛ وقال رؤبة:
أَصْــبِحْ فما من بَشَرٍ مَأْرُوشِ
أَي بَشَرٍ مَعِيبٍ. وقول الله، عز من قائل: فأَخذتهم الصَّيْحةُ
مُصْــبِحِــين أَي أَخذتهم الهَلَكة وقت دخولهم في الصباح. وأَصْــبَحَ فلان عالماً
أَي صار. وصَــبَّحــك الله بخير: دُعاء له.
وصَــبَّحْــته أَي قلت له: عِمْ صَباحاً؛ وقال الجوهري: ولا يُرادُ
بالتشديد ههنا التكثير. وصَــبَّحَ القومَ: أَتاهم غُدْوَةً وأَتيتهم صُــبْحَ
خامِسةٍ كما تقول لِمُسْيِ خامسةٍ، وصِــبْحِ خامسة، بالكسر، أَي لِصَباحِ خمسة
أَيام.
وحكى سيبويه: أَتيته صَباحَ مَساءَ؛ من العرب من يبنيه كخمسة عشر، ومنهم
من يضيفه إِلا في حَدِّ الحال أَو الظرف، وأَتيته صَباحاً وذا صَباحٍ؛
قال سيبويه: لا يستعمل إِلاَّ ظرفاً، وهو ظرف غير متمكن، قال: وقد جاء في
لغة لِخَثْعَم اسماً؛ قال أَنس ابنُ نُهَيْكٍ:
عَزَمْتُ على إِقامةِ ذي صباحٍ،
لأَمْرٍ ما يُسَوَّدُ ما يَسُودُ
وأَتيته أُصْبُوحةَ كل يوم وأُمْسِيَّةَ كلِّ يوم. قال الأَزهري:
صَــبَحْــتُ فلاناً أَتيته صباحاً؛ وأَما قول بُجَيْر بن زُهير المزنيِّ، وكان
أَسلم:
صَــبَحْــناهمْ بأَلفٍ من سُلَيْمٍ،
وسَبْعٍ من بني عُثمانَ وافى
فمعناه أَتيناهم صَباحاً بأَلف رجل من سُليم؛ وقال الراجز:
نحْنُ صَــبَحْــنا عامراً في دارِها
جُرْداً، تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها
يريد أَتيناها صباحاً بخيل جُرْد؛ وقول الشَّمَّاخ:
وتَشْكُو بعَيْنٍ ما أَكَلَّ رِكابَها،
وقيلَ المُنادِي: أَصْــبَحَ القومُ أَدْلِجِي
قال الأَزهري: يسأَل السائل عن هذا البيت فيقول: الإِدلاج سير الليل،
فكيف يقول: أَصــبح القوم، وهو يأْمر بالإِدلاج؟ والجواب فيه: أَن العرب إِذا
قربت من المكان تريده، تقول: قد بلغناه، وإِذا قربت للساري طلوعَ الصــبح
وإِن كان غير طالع، تقول: أَصْــبَحْــنا، وأَراد بقوله أَصــبح القومُ: دنا
وقتُ دخولهم في الصباح؛ قال: وإِنما فسرته لأَن بعض الناس فسره على غير ما
هو عليه.
والصُّــبْحــة والصَّــبْحــة: نوم الغداة. والتَّصَــبُّحُ: النوم بالغداة، وقد
كرهه بعضهم؛ وفي الحديث: أَنه نهى عن الصُّــبْحــة وهي النوم أَوّل النهار
لأَنه وقت الذِّكر، ثم وقت طلب الكسب. وفلان ينام الصُّــبْحــة والصَّــبْحــة
أَي ينام حين يُصْــبح، تقول منه: تَصَــبَّح الرجلُ،؛ وفي حديث أُم زرع أَنها
قالت: وعنده أَقول فلا أُقَــبَّح وأَرْقُدُ فأَتَصَــبَّحُ؛ أَرادت أَنها
مَكفِيَّة، فهي تنام الصُّــبْحــة. والصُّــبْحــة: ما تَعَلَّلْتَ به
غُدْوَةً.والمِصْباحُ من الإِبل: الذي يَبْرُك في مُعَرَّسه فلا يَنْهَض حتى
يُصــبح وإِن أُثير، وقيل: المِصْــبَحُ والمِصْباحُ من الإِبل التي تُصْــبِحُ في
مَبْرَكها لا تَرْعَى حتى يرتفع النهار؛ وهو مما يستحب من الإستبل وذلك
لقوَّتها وسمنها؛ قال مُزَرِّد:
ضَرَبْتُ له بالسيفِ كَوْماءَ مِصْــبَحــاً،
فشُبَّتْ عليها النارُ، فهي عَقِيرُ
والصَّبُوحُ: كل ما أُكل أَو شرب غُدْوَةً، وهو خلاف الغَبُوقِ.
والصَّبُوحُ: ما أَصْــبَحَ عندهم من شرابهم فشربوه، وحكى الأَزهري عن الليث:
الصَّبُوحُ الخمر؛ وأَنشد:
ولقد غَدَوْتُ على الصَّبُوحِ، مَعِي
شَرْبٌ كِرامُ من بني رُهْمِ
والصَّبُوحُ من اللبن: ما حُلب بالغداة. والصَّبُوحُ والصَّبُوحةُ:
الناقة المحلوبة بالغداة؛ عن اللحياني. حكي عن العرب: هذه صَبُوحِي
وصَبُوحَتي. والصَّــبْحُ: سَقْيُكَ أَخاك صَبُوحاً من لبن. والصَّبُوح: ما شرب
بالغداة فما دون القائلة وفعلُكَ الإِصطباحُ؛ وقال أَبو الهيثم: الصَّبُوح
اللبن يُصْطَــبَحُ، والناقة التي تُحْلَبُ في ذلك الوقت: صَبُوح أَيضاً؛
يقال: هذه الناقة صَبُوحِي وغَبُوقِي؛ قال: وأَنشدنا أَبو لَيْلَى
الأَعرابي:ما لِيَ لا أَسْقِي حُبيْباتي
صَبائِحي غَبَائقي قَيْلاتي؟
والقَيْلُ: اللبن الذي يشرب وقت الظهيرة.
واصْطَــبَحَ القومُ: شَرِبُوا الصَّبُوحَ.
وصَــبَحَــه يَصْــبَحُــه صَــبْحــاً، وصَــبَّحَــه: سقاه صَبُوحاً، فهو مُصْطَــبحٌ؛
وقال قُرْطُ بن التُّؤْم اليَشكُري:
كان ابنُ أَسماءَ يَعْشُوه ويَصْــبَحُــه
من هَجْمةٍ، كفَسِيلِ النَّخْل، دُرَّارِ
يَعشون: يطعمه عشاء. والهَجْمة: القطعة من الإِبل. ودُرَّار: من صفتها.
وفي الحديث: وما لنا صَبِيٌّ يَصْطَــبِحُ أَي ليس لنا لبن بقدر ما يشربه
الصبي بُكْرَة من الجَدْب والقحط فضلاً عن الكثير، ويقال: صَــبَحْــتُ
فلاناً أَي ناولته صَبُوحاً من لبن أَو خمر؛ ومنه قول طرفة:
متى تَأْتِنِي أَصــبَحْــكَ كأْساً رَوِيَّةً
أَي أَسقيك كأْساً؛ وقيل: الصَّبُوحُ ما اصْطُــبِحَ بالغداة حارًّا.
ومن أَمثالهم السائرة في وصف الكذاب قولهم: أَكْذَبُ من الآخِذِ
الصَّــبْحــانِ؛ قال شمر: هكذا قال ابن الأَعرابي، قال: وهو الحُوَارُ الذي قد شرب
فَرَوِيَ، فإِذا أَردت أَن تَسْتَدِرَّ به أُمه لم يشرب لِرِيِّه
دِرَّتها، قال: ويقال أَيضاً: أَكذب من الأَخِيذِ الصَّــبْحــانِ؛ قال أَبو عدنان:
الأَخِيذُ الأَسيرُ. والصَّــبْحــانُ: الذي قد اصْطَــبَحَ فَرَوِيَ؛ قال ابن
الأَعرابي: هو رجل كان عند قوم فصَــبَحُــوه حتى نَهَض عنهم شاخصاً، فأَخذه
قوم وقالوا: دُلَّنا على حيث كنت، فقال: إِنما بِتُّ بالقَفْر، فبينما هم
كذلك إِذ قعد يبول، فعلموا أَنه بات قريباً عند قوم، فاستدلوا به عليهم
واسْتَباحوهم، والمصدرُ الصَّــبَحُ، بالتحريك.
وفي المثل: أَعن صَبُوحٍ تُرَقِّق؟ يُضْرَبُ مثلاً لمن يُجَمْجِمُ ولا
يُصَرِّح، وقد يضرب أَيضاً لمن يُوَرِّي عن الخَطْب العظيم بكناية عنه،
ولمن يوجب عليك ما لا يجب بكلام يلطفه؛ وأَصله أَن رجلاً من العرب نزل برجل
من العرب عِشاءً فغَبَقَه لَبَناً، فلما رَويَ عَلِقَ يحدّث أُمَّ
مَثْواه بحــديث يُرَقِّقه، وقال في خِلال كلامه: إِذا كان غداً اصطحبنا وفعلنا
كذا، فَفَطِنَ له المنزولُ عليه وقال: أَعن صَبُوح تُرَقِّق؟ وروي عن
الشَّعْبيِّ أَنَّ رجلاً سأَله عن رجل قَبَّل أُم امرأَته، فقال له الشعبي:
أَعن صبوح ترقق؟ حرمت عليه امرأَته؛ ظن الشعبي أَنه كنى بتقبيله إِياها
عن جماعها؛ وقد ذكر أَيضاً في رقق.
ورجل صَــبْحــانُ وامرأَة صَــبْحَــى: شربا الصَّبُوحَ مثل سكران وسَكْرَى.
وفي الحديث أَنه سئل: متى تحلُّ لنا الميتة؟ فقال: ما لم تَصْطَــبِحُــوا
أَو تَغْتَبِقُوا أَو تَحْتَفُّوا بَقْلاً فشأْنكم بها؛ قال أَبو عبيج:
معناه إِنما لكم منها الصَّبُوحُ وهو الغداء، والغَبُوقُ وهو العَشاء؛
يقول: فليس لكم أَن تجمعوهما من الميتة؛ قال: ومنه قول سَمُرة لبنيه: يَجْزي
من الضَّارُورةِ صَبُوحٌ أَو غَبُوقٌ؛ قال الأَزهري وقال غير أَبي عبيد:
معناه لما سئل: متى تحل لنا الميتة؟ أَجابهم فقال: إِذا لم تجدوا من
اللبن صَبُوحاً تَتَبَلَّغونَ به ولا غَبُوقاً تَجْتزِئون به، ولم تجدوا مع
عَدَمكم الصَّبُوحَ والغَبُوقَ بَقْلَةً تأْكلونها ويَهْجأُ غَرْثُكم
حلَّت لكم الميتة حينئذ، وكذلك إِذا وجد الرجل غداء أَو عشاء من الطعام لم
تحلَّ له الميتة؛ قال: وهذا التفسير واضح بَيِّنٌ، والله الموفق. وصَبُوحُ
الناقة وصُــبْحَــتُها: قَدْرُ ما يُحْتَلَب منها صُــبْحــاً.
ولقيته ذاتَ صَــبْحــة وذا صبُوحٍ أَي حين أَصْــبَحَ وحين شرب الصَّبُوحَ؛
ابن الأَعرابي: أَتيته ذاتَ الصَّبُوح وذات الغَبُوق إِذا أَتاه غُدْوَةً
وعَشِيَّةً؛ وذا صَباح وذا مَساءٍ وذاتَ الزُّمَيْنِ وذاتَ العُوَيمِ أَي
مذ ثلاثة أَزمان وأَعوام.
وصَــبَحَ القومَ شَرًّا يَصْــبَحُــهم صَــبْحــاً: جاءَهم به صَباحاً.
وصَــبَحَــتهم الخيلُ وصَــبَّحَــتهم: جاءَتهم صُــبْحــاً. وفي الحديث: أَنه صَــبَّح
خَيْبَر أَي أَتاها صباحاً؛ وفي حديث أَبي بكر:
كلُّ امرئٍ مُصَــبَّحٌ في أَهله،
والموتُ أَدْنى من شِراك نَعْلِه
أَي مَأْتيٌّ بالموت صباحاً لكونه فيهم وقتئذ. ويوم الصَّباح: يوم
الغارة؛ قال الأَعشى:
به تُرْعَفُ الأَلْفُ، إِذ أُرْسِلَتْ
غَداةَ الصَّباحِ، إِذا النَّقْعُ ثارا
يقول: بهذا الفرس يتقدَّم صاحبُه الأَلفَ من الخيل يوم الغارة.
والعرب تقول إِذا نَذِرَتْ بغارة من الخيل تَفْجَؤُهم صَباحاً: يا
صَباحاه يُنْذِرونَ الحَيَّ أَجْمَعَ بالنداء العالي. وفي الحديث: لما نزلت.
وأَنْذِرْ عشيرتك الأَقربين؛ صَعَّدَ على الصفا، وقال: يا صباحاه هذه
كلمة تقولها العرب إِذا صاحوا للغارة، لأَنهم أَكثر ما يُغِيرون عند
الصباح، ويُسَمُّونَ يومَ الغارة يوم الصَّباح، فكأَنَّ القائلَ يا صباحاه
يقول: قد غَشِيَنا العدوُّ؛ وقيل: إِن المتقاتلين كانوا إِذا جاءَ الليل
يرجعون عن القتال فإِذا عاد النهار عادوا، فكأَنه يريد بقوله يا صباحاه: قد
جاءَ وقتُ الصباح فتأَهَّبوا للقتال. وفي حديث سَلَمة بن الأَكْوَع: لما
أُخِذَتْ لِقاحُ رسول اًّ، صلى الله عليه وسلم، نادَى: يا صَباحاه
وصَــبَح الإِبلَ يَصْــبَحُــها صَــبْحــاً: سقاها غُدْوَةً. وصَــبَّحَ القومَ الماءَ:
وَرَده بهم صباحاً.
والصَّابِحُ: الذي يَصْــبَح إِبلَه الماءَ أَي يسقيها صباحاً؛ ومنه قول
أَبي زُبَيْدٍ:
حِينَ لاحتَ للصَّابِحِ الجَوْزاء
وتلك السَّقْية تسميها العرب الصُّــبْحَــةَ، وليست بناجعة عند العرب،
ووقتُ الوِرْدِ المحمودِ مع الضَّحاء الأَكبر. وفي حديث جرير: ولا يَحْسِرُ
صابِحُــها أَي لا يَكِلُّ ولا يَعْيا، وهو الذي يسقيها صباحاً لأَنه
يوردها ماء ظاهراً على وجه الأَرض.
قال الأَزهري: والتَّصْبِيحُ على وجوه، يقال: صَــبَّحْــتُ القومَ الماءَ
إِذا سَرَيْتَ بهم حتى توردهم الماءَ صباحاً؛ ومنه قوله:
وصَــبَّحْــتُهم ماءً بفَيْفاءَ قَفْرَةٍ،
وقد حَلَّقَ النجمُ اليمانيُّ، فاستوى
أَرادَ سَرَيْتُ بهم حتى انتهيتُ بهم إِلى ذلك الماء؛ وتقول: صَــبَّحْــتُ
القوم تصبيحاً إُذا أَتيتهم مع الصباح؛ ومنه قول عنترة يصف خيلاً:
وغَداةَ صَــبَّحْــنَ الجِفارَ عَوابِساً،
يَهْدِي أَوائِلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ
أَي أَتينا الجِفارَ صباحاً؛ يعني خيلاً عليها فُرْسانها؛ ويقال
صَــبَّحْــتُ القومَ إِذا سقيتهم الصَّبُوحَ.
والتَّصْبيح: الغَداء؛ يقال: قَرِّبْ إِليَّ تَصْبِيحِي؛ وفي حديث
المبعث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يَتِيماً في حجْر أَبي طالب، وكان
يُقَرَّبُ إِلى الصِّبْيان تَصْبِيحُهم فيختلسون ويَكُفّ أَي يُقَرَّبُ
إِليهم غداؤهم؛ وهو اسم بُني على تَفْعِيل مثل التَرْعِيب للسَّنام
المُقَطَّع، والتنبيت اسم لما نَبَتَ من الغِراس، والتنوير اسم لنَوْر
الشجر.والصَّبُوح: الغَداء، والغَبُوق: العَشاء، وأَصلهما في الشرب ثم استعملا
في الأَكل.
وفي الحديث: من تَصَــبَّحَ بسبع تَمراتِ عَجْوَة، هو تَفَعَّلَ من
صَــبَحْــتُ القومَ إِذا سقيتهم الصَّبُوحَ. وصَــبَّحْــتُ، بالتشديد، لغة
فيه.والصُّــبْحــةُ والصَّــبَحُ: سواد إِلى الحُمْرَة، وقيل: لون قريب إِلى
الشُّهْبَة، وقيل: لون قريب من الصُّهْبَة، الذكَرُ أَصْــبَحُ والأُنثى
صَــبْحــاء، تقول: رجل أَصْــبَحُ وأَسَد أَصْــبَح بَيِّنُ الصَّــبَح. والأَصْــبَحُ من
الشَّعَر: الذي يخالطه بياض بحــمرة خِلْقَة أَيّاً كانَ؛ وقد اصْباحَّ.
وقال الليث: الصَّــبَحُ شدّة الحمرة في الشَّعَر، والأَصْــبَحُ قريب من
الأَصْهَب. وروى شمر عن أَبي نصر قال: في الشعَر الصُّــبْحَــة والمُلْحَة. ورجل
أَصْــبَحُ اللحية: للذي تعلو شعرَه حُمْرةٌ، ومن ذلك قيل: دَمٌ صِباحَيُّ
لشدَّة حمرته؛ قال أَبو زُبيد:
عَبِيطٌ صُباحِيٌّ من الجَوْفِ أَشْقَرا
وقال شمر: الأَصْــبَحُ الذي يكون في سواد شعره حمرة؛ وفي حديث الملاعنة:
إِن جاءَت به أَصْــبَحَ أَصْهَبَ؛ الأَصْــبَحُ: الشديد حمرة الشعر، ومنه
صُــبْحُ النهار مشتق من الأَصْــبَح؛ قال الأَزهري: ولونُ الصُّــبْحِ الصادق
يَضْرِب إِلى الحمرة قليلاً كأَنها لون الشفَق الأَوّل في أَوَّل الليل.
والصَّــبَحُ: بَريقُ الحديد وغيره.
والمِصْباحُ: السراج، وهو قُرْطُه الذي تراه في القِنديل وغيره،
والقِراطُ لغة، وهو قول الله، عز وجل: المِصْباحُ في زُجاجةٍ الزُّجاجةُ كأَنها
كوكبٌ دُرِّيٌّ. والمِصْــبَحُ: المِسْرَجة. واسْتَصْــبَح به: اسْتَسْرَجَ.
وفي الحديث: فأَصْــبِحــي سِراجَك أَي أَصْلِحيها. وفي حديث جابر في شُحوم
الميتة: ويَسْتَصْــبِحُ بها الناسُ أَي يُشْعِلونَ بها سُرُجَهم. وفي حديث
يحيى بن زكريا، عليهما السلام: كان يَخْدُم بيتَ المقدِس نهاراً
ويُصْــبِحُ فيه ليلاً أَي يُسْرِجُ السِّراح. والمَصْــبَح، بالفتح: موضع الإِصْباحِ
ووقتُ الإِصْباح أَيضاً؛ قال الشاعر:
بمَصْــبَح الحمدِ وحيثُ يُمْسِي
وهذا مبني على أَصل الفعل قبل أَن يزاد فيه، ولو بُني على أَصْــبَح لقيل
مُصْــبَح، بضم الميم؛ قال الأَزهري: المُصْــبَحُ الموضع الذي يُصْــبَحُ فيه،
والمُمْسى المكان الذي يُمْسَى فيه؛ ومنه قوله:
قريبةُ المُصْــبَحِ من مُمْساها
والمُصْــبَحُ أَيضاً: الإِصباحُ؛ يقال: أَصْــبَحْــنا إِصباحاً ومُصْــبَحــاً؛
وقول النمر بن تَوْلَبٍ:
فأَصْــبَحْــتُ والليلُ مُسمْتَحْكِمٌ،
وأَصْــبَحَــتِ الأَرضُ بَحْــراً طَما
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَصْــبَحْــتُ من المِصْباحِ؛ وقال غيره: شبه
البَرْقَ بالليل بالمِصْباح، وشدَّ ذلك قولُ أَبي ذؤَيب:
أَمِنْك بَرْقٌ أَبِيتُ الليلَ أَرْقُبُه؟
كأَنه، في عِراصِ الشامِ، مِصْباحُ
فيقول النمر بن تولب: شِمْتُ هذا البرق والليلُ مُسْتَحْكِم، فكأَنَّ
البرقَ مِصْباح إِذ المصابيح إِنما توقد في الظُّلَم، وأَحسن من هذا أَن
يكون البرقُ فَرَّج له الظُّلْمةَ حتى كأَنه صُــبْح، فيكون أَصــبحــت حينئذ من
الصَّباح؛ قال ثعلب: معناه أَصْــبَحْــتُ فلم أَشْعُر بالصُّــبح من شدّة
الغيم؛ والشَّمَعُ مما يُصْطَــبَحُ به أَي يُسْرَجُ به. والمِصْــبَحُ
والمِصْباحُ: قَدَحٌ كبير؛ عن أَبي حنيفة. والمَصابيح: الأَقْداح التي يُصْطــبح
بها؛ وأَنشد:
نُهِلُّ ونَسْعَى بالمَصابِيحِ وَسْطَها،
لها أَمْرُ حَزْمٍ لا يُفَرَّقُ، مُجْمَعُ
ومَصابيحُ النجوم: أَعلام الكواكب، واحدها مِصْباح. والمِصْباح:
السِّنانُ العريضُ. وأَسِنَّةٌ صُباحِيَّةٌ، كذلك؛ قال ابن سيده: لا أَدري
إِلامَ نُسِبَ.
والصَّباحةُ: الجَمال؛ وقد صَــبُحَ، بالضم، يَصْــبُح صَباحة. وأَما من
الصَّــبَح فيقال صَــبِحَ
(* قوله «فيقال صــبح إلخ» أي من باب فرح، كما في
القاموس.) يَصْــبَحُ صَــبَحــاً، فهو أَصْــبَحُ الشعر.
ورجل صَبِيحٌ وصُباحٌ، بالضم: جميل، والجمع صِباحٌ؛ وافق الذين يقولون
فُعال الذين يقولون فَعِيل لاعتِقابهما كثيراً، والأُنثى فيهما، بالهاء،
والجمع صِباحٌ، وافق مذكره في التكسير لاتفاقهما في الوصفية؛ وقد صَــبُحَ
صَباحة؛ وقال الليث: الصَّبِيح الوَضِيءُ الوجه. وذو أَصْــبَحَ: مَلِكٌ من
ملوك حِمْيَر
(* قوله «ملك من ملوك حمير» من أَجداد الإمام مالك بن أنس.)
وإِليه تنسب السِّياطُ الأَصْــبَحِــيَّة. والأَصْــبَحِــيُّ: السوط.
وصَباحٌ: حيّ من العرب، وقد سَمَّتْ صُــبْحــاً وصَباحاً وصُبَيْحاً
وصَّبَّاحاً وصَبِيحاً ومَضْــبَحــاً. وبنو صُباح: بطون، بطن في ضَبَّة وبطن في
عبد القَيْس وبطن في غَنِيٍّ. وصُباحُ: حيّ من عُذْرَة ومن عبد القَيْسِ.
وصُنابِحُ: بطن من مُراد.
ذبح: الذَّــبْحُ: قَطْعُ الحُلْقُوم من باطنٍ عند النَّصِيل، وهو موضع
الذَّــبْحِ من الحَلْق. والذَّــبْحُ: مصدر ذَــبَحْــتُ الشاة؛ يقال: ذَــبَحــه
يَذْــبَحُــه ذَــبْحــاً، فهو مَذْبوح وذَبِيح من قوم ذَــبْحَــى وذَباحَى، وكذلك
التيس والكبش من كِباشٍ ذَــبْحَــى وذَباحَى.
والذَّبِيحة: الشاة المذبوحة. وشاة ذَبِيحة، وذَبِيحٌ من نِعاج ذَــبْحَــى
وذَباحَى وذَبائح، وكذلك الناقة، وإِنما جاءَت ذبيحة بالهاء لغلبة الاسم
عليها؛ قال الأَزهري: الذبيحة اسم لما يذبح من الحيوان، وأُنث لأَنه ذهب
به مذهب الأَسماء لا مذهب النعت، فإِن قلت: شاة ذَبيحٌ أَو كبش ذبيح أَو
نعجة ذبيح لم تدخل فيه الهاء لأَن فَعِيلاً إِذا كان نعتاً في معنى مفعول
يذكَّر، يقال: امرأَة قتيل وكفٌّ خضيب؛ وقال الأَزهري: الذبيح المذبوح،
والأُنثى ذبيحة وإِنما جاءت بالهاء لغلبة الاسم عليها.
وفي حديث القضاء: من وَليَ قاضياً
(* قوله «من ولي قاضياً إلخ» كذا
بالأصل والنهاية.) فكأَنما ذُــبِحَ بغير سكين؛ معناه التحذير من طلب القضاء
والحِرصِ عليه أَي من تَصَدَّى للقضاء وتولاه فقد تَعَرَّضَ للذبح فليحذره؛
والذبح ههنا مجاز عن الهلاك فإِنه من أَسْرَعِ أَسبابِه، وقوله: بغير
سكين، يحتمل وجهين: أَحدهما أَن الذبح في العُرْف إِنما يكون بالسكين، فعدل
عنه ليعلم أَن الذي أَراد به ما يُخافُ عليه من هلاك دينه دون هلاك
بدنه، والثاني أَن الذَّــبْحَ الذي يقع به راحة الذبيحة وخلاصها من الأَلم
إِنما يكون بالسكين، فإِذا ذُــبِحَ بغير السكين كان ذبحــه تعذيباً له، فضرب به
المثل ليكون أَبلغَ في الحَذَرِ وأَشَدَّ في التَّوَقِّي منه.
وذَــبَّحَــه: كذَــبَحَــه، وقيل: إِنما ذلك للدلالة على الكثرة؛ وفي التنزيل:
يُذَــبِّحُــون أَبناءَكم؛ وقد قرئ: يَذْــبَحُــون أَبناءَكم؛ قال أَبو
إِسحق: القراءة المجتمع عليها بالتشديد، والتخفيف شاذ، والقراءة المجتمع عليها
بالتشديد أَبلغ لأَن يُذَــبِّحُــون للتكثير، ويَذْــبَحُــون يَصْلُح أَن يكون
للقليل والكثير، ومعنى التكثير أَبلغ.
والذِّــبْحُ: اسم ما ذُــبِحَ؛ وفي التنزيل: وفديناه بِذِــبْح عظيم؛ يعني
كبش إِبراهيم، عليه السلام. الأَزهري: معناه أَي بكبش يُذْــبَحُ، وهو الكبش
الذي فُدِيَ به إِسمعيلُ بن خليل الله، صلى الله عليهما وسلم. الأَزهري:
الذِّــبْحُ ما أُعِدَّ للذَّــبْح، وهو بمنزلة الذَّبِيح والمذبوح.
والذِّــبْحُ: المذبوح، هو بمنزلة الطِّحْن بمعنى المطحون، والقِطْفِ بمعنى
المَقْطُوف؛ وفي حديث الضحية: فدعا بِذِــبْحٍ فذَــبَحَــه؛ الذبح، بالكسر: ما
يُذْــبَحُ من الأَضاحِيّ وغيرها من الحيوان، وبالفتح الفعل منه.
واذَّــبَحَ القومُ: اتخذوا ذبيحة، كقولك اطَّبَخُوا إِذا اتخذوا طبيخاً.
وفي حديث أُمِّ زَرْع: فأَعطاني من كل ذابحــة زَوْجاً؛ هكذا في رواية أَي
أَعطاني من كل ما يجوز ذَــبْحُــه من الإِبل والبقر والغنم وغيرها، وهي
فاعلة بمعنى مفعولة، والرواية المشهورة بالراء والياء من الرواح.
وذَبائحُ الجنّ: أَن يشتري الرجل الدار أَو يستخرج ماء العين وما أَشبهه
فيذبح لها ذبيحة للطِّيَرَة؛ وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، نهى
عن ذبائح الجن؛ كانوا إِذا اشْتَرَوْا داراً أَو استخرجوا عيناً أَو
بَنَوْا بُنياناً ذبحــوا ذبيحة، مخافة أَن تصيبهم الجن فأُضيفت الذبائح
إِليهم لذلك؛ معنى الحديث أَنهم يتطيرون إِلى هذا الفعل، مخافة أَنهم إِن لم
يذبحــوا أَو يطعموا أَن يصيبهم فيها شيء من الجن يؤذيهم، فأَبطل النبي، صلى
الله عليه وسلم، هذا ونهى عنه.
وفي الحديث: كلُّ شيء في الــبحــر مَذْبوحُ أَي ذَكِيّ لا يحتاج إِلى
الذبح.وفي حديث أَبي الدرداء: ذَــبْحُ الخَمْرِ المِلْحُ والشمسُ والنِّينانُ؛
النِّينان: جمع نون، وهي السمكة؛ قال ابن الأَثير: هذه صفة مُرِّيٍّ يعمل
في الشام، يؤْخذ الخَمْرُ فيجعل فيه الملح والسمك ويوضع في الشمس،
فتتغير الخمر إِلى طعم المُرِّيِّ، فتستحيل عن هيئتها كما تستحيل إِل
الخَلِّيَّة؛ يقول: كما أَن الميتة حرام والمذبوحة حلال فكذلك هذه الأَشياء
ذَــبَحَــتِ الخَمْرَ فحلّت، واستعار الذَّــبْحَ للإِحْلال. والذَّــبْحُ في الأَصل:
الشَّقُّ.
والمِذْــبَحُ: السكين؛ الأَزهري: المِذْــبَحُ: ما يُذْــبَحُ به الذبيحة من
شَفْرَة وغيرها.
والمَذْــبَحُ: موضع الذَّــبْحِ من الحُلْقوم.
والذَّابحُ: شعر ينبت بين النَّصِيل والمَذْــبَح.
والذُّباحُ والذِّــبَحَــةُ والذُّــبَحَــةُ: وَجَع الحَلْق كأَنه يَذْــبَحُ،
ولم يعرف الذَّــبْحَــة بالتسكين
(* قوله «ولم يعرف الذبحــة بالتسكين» أي مع
فتح الذال. واما بضمها وكسرها مع سكون الباء وكسرها وفتحها فمسموعة
كالذباح بوزن غراب وكتاب كما في القاموس.) الذي عليه العامة. الأَزهري:
الذَّــبَحَــة، بفتح الباء، داء يأْخذ في الحَلقِ وربما قتل؛ يقال أَخذته الذُّــبَحــة
والذِّــبَحــة. الأَصمعي: الذُّــبْحــةُ، بتسكين الباء: وجع في الحلق؛ وأَما
الذُّــبَحُ، فهو نبت أَحمر. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، كَوى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَة في حَلْقِه من الذُِّــبْحــة؛ وقال: لا أَدَعُ
في نفسي حَرَجاً من أَسْعَدَ؛ وكان أَبو زيد يقول: الذِّــبَحَــةُ
والذُّــبَحــة لهذا الداء، ولم يعرفه باسكان الباء؛ ويقال: كان ذلك مثل الذِّــبْحــة
على النَّحْر؛ مثل يضرب للذي تِخالُه صديقاً فإِذا هو عدوّ ظاهر العداوة؛
وقال ابن شميل: الذِّــبْحَــة قَرْحة تخرج في حلق الإِنسان مثل الذِّئْبَةِ
التي تأْخذ الحمار؛ وفي الحديث: أَنه عاد البَرَاءَ بن مَعْرُور وأَخذته
الذُّــبَحــة فأَمر مَن لَعَطَه بالنار؛ الذُّــبَحــة: وجع يأْخذ في الحلق من
الدَّمِ، وقيل: هي قَرْحَة تظهر فيه فينسدّ معها وينقطع النفَس
فَتَقْتُل.والذَّبَاح: القتل أَيّاً كان. والذِّــبْحُ: القتيل. والذَّــبْحُ: الشَّق.
وكل ما شُقَّ، فقد ذُــبِح؛ قال منظور بن مَرْثَدٍ الأَسَدِيُّ:
يا حَبَّذا جاريةٌ من عَكِّ
تُعَقِّدُ المِرْطَ على مِدَكِّ،
شِبْه كثِيبِ الرَّمْلِ غَيْرَ رَكِّ،
كأَنَّ بين فَكِّها والفَكِّ،
فَأْرَةَ مِسْكٍ، ذُــبِحَــتْ في سُكِّ
أَي فُتِقَتْ، وقوله: غير رَكَّ، لأَنه خالٍ من الكثيب.
وربما قالوا: ذَــبَحْــتُ الدَّنَّ أَي بَزَلْتُه؛ وأَما قول أَبي ذؤيب في
صفة خمر:
إِذا فُضَّتْ خَواتِمُها وبُجَّتْ،
يقال لها: دَمُ الوَدَجِ الذَّبيح
فإِنه أَراد المذبوح عنه أَي المشقوق من أَجله، هذا قول الفارسي؛ وقول
أَبي ذؤيب أَيضاً:
وسِرْبٍ تَطَلَّى بالعبيرِ كأَنه
دماءُ ظِباءٍ، بالنُّحورِ، ذَبِيحُ
ذبيح: وصف للدماء،وفيه شيئان: أَحدهما وصف الدم بأَنه ذبيح، وإِنما
الذبيح صاحب الدم لا الدم، والآخر أَنه وصف الجماعة بالواحد؛ فأَما وصفه الدم
بالذبيح فإِنه على حذف المضاف أَي كأَنه دماء ظِباء بالنُّحور ذبيح
ظباؤُه، ثم حذف المضاف وهو الظباء فارتفع الضمير الذي كان مجروراً لوقوعه
موقع المرفوع المحذوف لما استتر في ذبيح، وأَما وصفه الدماء وهي جماعة
بالواحد فِلأَن فعيلاً يوصف به المذكر والمؤَنث والواحد وما فوقه على صورة
واحدة؛ قال رؤبة:
دَعْها فما النَّحْوِيُّ من صَديقِها
وقال تعالى: إِنَّ رحمة الله قريب من المحسنين.
والذَّبِيحُ: الذي يَصْلُح أَن يذبح للنُّسُك؛ قال ابن أَحمر:
تُهْدَى إِليه ذِراعُ البَكْرِ تَكْرِمَةً،
إِمَّا ذَبِيحاً، وإِمَّا كانَ حُلاَّما
ويروى حلاَّنا. والحُلاَّنُ: الجَدْيُ الذي يؤخذ من بطن أُمه حيّاً
فيذبح، ويقال: هو الصغير من أَولاد المعز؛ ابن بري: عَرَّضَ ابنُ أَحمر في
هذا البيت برجل كان يَشْتِمه ويعيبه يقال له سفيان، وقد ذكره في أَوّل
المقطوع فقال:
نُبِّئْتُ سُفْيانَ يَلْحانا ويَشْتِمنا،
واللهُ يَدْفَعُ عنَّا شَرَّ سُفْيانا
وتذابحَ القومُ أَي ذبَحَ بعضُهم بعضاً. يقال: التَّمادُح التَّذابُحُ.
والمَذْــبَحُ: شَقٌّ في الأَرض مِقْدارُ الشِّبْر ونحوه. يقال: غادَرَ
السَّيْلُ في الأَرض أَخاديدَ ومَذابحَ. والذَّبائِحُ: شقوق في أُصول
أَصابع الرِّجْل مما يلي الصدر، واسم ذلك الداء الذُّباحُ، وقيل: الذُّبَّاح،
بالضم والتشديد. والذُّباحُ: تَحََزُّز وتَشَقُّق بين أَصابع الصبيان من
التراب؛ ومنه قولهم: ما دونه شوكة ولا ذُباح، الأَزهري عن ابن بُزُرْج:
الذُّبَّاحُ حَزٌّ في باطن أَصابع الرِّجْل عَرْضاً، وذلك أَنه ذَــبَحَ
الأَصابع وقطعها عَرْضاً، وجمعه ذَبابيحُ؛ وأَنشد:
حِرٌّ هِجَفٌّ مُتَجافٍ مَصْرَعُهْ،
به ذَبابِيحُ ونَكْبٌ يَظْلَعُهْ
وكان أَبو الهيثم يقول: ذُباحٌ، بالتخفيف، وينكر التشديد؛ قال الأَزهري:
والتشديد في كلام العرب أَكثر، وذهب أَبو الهيثم إِلى أَنه من الأَدواء
التي جاءت على فُعَال.
والمَذَابِحُ: من المسايل، واحدها مَذْــبَح، وهو مَسِيل يسيل في سَنَدٍ
أَو على قَرارِ الأَرض، إِنما هو جريُ السيل بعضه على أَثر بعض، وعَرْضُ
المَذْــبَحِ فِتْرٌ أَو شِبْرٌ، وقد تكون المَذابح خِلْقَةً في الأَرض
المستوية لها كهيئة النهر يسيل فيه ماؤُها فذلك المَذْــبَحُ، والمَذَابِحُ
تكون في جميع الأَرض في الأَودية وغير الأَودية وفيما تواطأَ من الأَرض؛
والمَذْــبَحُ من الأَنهار: ضَرْبٌ كأَنه شَقٌّ أَو انشق. والمَذَابِحُ:
المحاريبُ سميت بذلك للقَرابين.
والمَذْــبَحُ: المِحْرَابُ والمَقْصُورة ونحوهما؛ ومنه الحديث: لما كان
زَمَنُ المُهَلَّب أُتِيَ مَرْوانُ برجل ارْتَدَّ عن الإِسلام وكَعْبٌ
شاهد، فقال كَعْبٌ: أَدْخِلوه المَذْــبَحَ وضعوا التوراة وحَلِّفوه بالله؛
حكاه الهَرَوِيُّ في الغَريبَيْنِ؛ وقيل: المَذابحُ المقاصير، ويقال: هي
المحاريب ونحوها. ومَذَابحُ النصارى: بيُوتُ كُتُبهم، وهو المَذْــبَح لبيت
كتبهم. ويقال: ذَــبَحْــتُ فَأْرَة المِسْكِ إِذا فتقتها وأَخرجت ما فيها من
المسك؛ وأَنشد شعر منظور بن مَرْثَدٍ الأَسَدِيِّ:
فَأْرَةَ مِسْكٍ ذُــبِحَــتْ في سُكِّ
أَي فُتِقَتْ في الطيب الذي يقال له سُكُّ المِسْك. وتُسمَّى المقاصيرُ
في الكنائس: مَذابِحَ ومَذْــبَحــاً لأَنهم كانوا يذبحــون فيها القُرْبانَ؛
ويقال: ذَــبَحَــتْ فلاناً لِحْيَتُه إِذا سالت تحت ذَقَنه وبدا مُقَدَّمُ
حَنكه، فهو مذبوح بها؛ قال الراعي:
من كلِّ أَشْمَطَ مَذْبُوحٍ بِلِحْيَتِه،
بادِي الأَداةِ على مَرْكُوِّهِ الطَّحِلِ
يصف قَيِّمَ الماء مَنَعَه الوِرْدَ.
ويقال: ذَــبَحَــتْه العَبْرَةُ أَي خَنَقَتْه.
والمَذْــبَحُ: ما بين أَصل الفُوق وبين الرِّيش.
والذُّــبَحُ: نباتٌ
(* قوله «والذبح نبات إلخ» كصرد وعنب، وقوله: والذبح
الجزر إلخ كصرف فقط كما في القاموس.) له أَصل يُقْشَرُ عنه قِشرٌ أَسودُ
فيخرج أَبيض، كأَنه خَرَزَة بيضاءُ حُلْو طيب يؤكل، واحدته ذُــبَحَــةٌ
وذِــبَحَــةٌ؛ حكاه أَبو حنيفة عن الفراء؛ وقال أَبو حنيفة أَيضاً: قال أَبو
عمرو الذِّــبَحــة شجرة تنبت على ساق نَبتاً كالكُرَّاث، ثم يكون لها زَهْرة
صفراء، وأَصلها مثلُ الجَزَرة، وهي حُلْوة ولونها أَحمر. والذُّــبَحُ:
الجَزَر البَرِّيُّ وله لون أَحمر؛ قال الأَعشى في صفة خمر:
وشَمولٍ تَحْسِبُ العَيْنُ، إِذا
صَفَقَتْ في دَنِّها، نَوْرَ الذُّــبَحْ
ويروى: بُرْدَتها لون الذُّــبَحْ. وبردتها: لونها وأَعلامها، وقيل: هو
نبات يأْكله النعام. ثعلب: الذُّــبَحَــة والذُّــبَحُ هو الذي يُشبه الكَمأَةَ؛
قال: ويقال له الذِّــبْحَــة والذِّــبَحُ، والضم أَكثر، وهو ضَربٌ من
الكمأَة بيض؛ ابن الأَثير: وفي شعر كعب بن مُرَّة:
إِني لأَحْسِبُ قولَه وفِعالَه
يوماً، وإِن طال الزمانُ، ذُباحا
قال: هكذا جاء في رواية. والذُّباحُ: القتل، وهو أَيضاً نبت يَقْتُل
آكله، والمشهور في الرواية رياحا. والذُّــبَحُ والذُّباحُ: نبات من السَّمِّ؛
وأَنشد:
ولَرُبَّ مَطْعَمَةٍ تكونُ ذُباحا
(* قوله «ولرب مطعمة إلخ» صدره كما في الأَساس «واليأس مما فات يعقب
راحة» والشعر للنابغة.)
وقال رؤبة:
يَسْقِيهمُ، من خِلَلِ الصِّفاحِ،
كأْساً من الذِّيفان والذُّباحِ
وقال الأَعشى:
ولكنْ ماءُ عَلْقَمَةٍ بسَلْعٍ،
يُخاضُ عليه من عَلَقِ الذُّباحِ
وقال آخر:
إِنما قولُكَ سَمٌّ وذُــبَحْ
ويقال: أَصابه موت زُؤام وذُواف وذُباحٌ؛ وأَنشد لبيد:
كأْساً من الذِّيفانِ والذُّباحِ
وقال: الذُّباحُ الذُّــبَحُ؛ يقال: أَخذهم بنو فلان بالذُّباحِ أَي
ذَــبَحُــوهم.
والذُّــبَحُ أَيضاً: نَوْرٌ أَحمر. وحَيَّا الله هذه الذُّــبَحــة أَي هذه
الطلعة.
وسَعْدٌ الذَّابِحُ: منزل من منازل القمر، أَحد السعود، وهما كوكبان
نَيِّرَان بينهما مقدارُ ذِراعٍ في نَحْر واحد، منهما نَجْمٌ صَغير قريبٌ
منه كأَنه يذبحــه، فسمي لذلك ذابحــاً؛ والعرب تقول: إِذا طلع الذابح انْحَجَر
النابح.
وأَصلُ الذَّــبْح: الشَّق؛ ومنه قوله:
كأَنَّ عَينَيَّ فيها الصَّابُ مَذْبُوحُ
أَي مشقوق معصور.
وذَــبَّح الرجلُ: طأْطأَ رأْسه للركوع كَدبَّحَ، حكاه الهروي في
الغريبين، والمعروف الدال. وفي الحديث: أَنه نهى عن التذبيح في الصلاة، هكذا جاء
في روايةٍ، والمشهور بالدال المهملة؛ وحكى الأَزهري عن الليث، قال: جاء
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه نهى عن أَن يُذَــبِّحَ الرجلُ في صلاته
كما يُذَــبِّحُ الحمارُ، قال: وقوله أَن يُذَــبِّحَ، هو أَن يطأْطئ رأْسه
في الركوع حتى يكون أَخفض من ظهره؛ قال الأَزهري: صحَّف الليث الحرف،
والصحيح في الحديث: أَن يدبِّح الرجل في الصلاة، بالدال غير معجمة كما رواه
أَصحاب أَبي عبيد عنه في غريب الحديث، والذال خطأٌ لا شك فيه.
والذَّابح: مِيسَمٌ على الحَلْق في عُرْض العُنُق. ويقال للسِّمَةِ:
ذابحٌ.
بحــح: الــبُحَّــة والــبَحَــحُ والــبَحــاحُ والــبُحُــوحةُ والــبَحــاحةُ: كلُّه
غِلَظٌ في الصوت وخُشُونة، وربماكان خِلْقَةً. بَحَّ يَــبَحُّ
(* قوله «بح يــبح
إلخ» بابه فرح ومنع كما في القاموس. ووجد يــبح بضم الباء بضبط الأصل
والنهاية وعليه فيكون من باب قعد أَيضاً.) ويَــبُحُ: كذا أَطلقه أَهل
التَّجْنِيسِ وحَلَّه ابنُ السكيت فقال: بَحِــجْتَ، بالكسر، تَــبَحُّ بَحَــحاً. وفي
الحديث: فأَخَذَتِ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، بُحَّــةٌ؛ الــبُحَّــةُ،
بالضم: غِلَظٌ في الصوت. يقال: بَحَّ يَــبُحُّ بُحــوحاً، وإِن كان من داء، فهو
الــبُحــاحُ. ورجل أَــبَحُّ بَيِّنُ الــبَحَــحِ إِذا كان ذلك فيه خلقة. قال
الأَزهري: الــبَحَــحُ مصدر الأَــبَحِّ. قال ابن سيده: وأُرى اللحياني حكى
بَحَــحْتَ تَــبْحَــحُ، وهي نادرة لأَن مثل هذا إِنما يدغم ولا يفك، وقال: رجل
أَــبَحُّ ولا يقال باحٌّ؛ وامرأَة بَحَّــاءُ وبَحَّــة؛ وفي صوته بُحَّــة، بالضم.
ويقال: ما زِلْتُ أَصِيحُ حتى أَــبَحَّــني ذلك. قال الأَزهري: بحِــحْتُ
أَــبَحُّ هي اللغة العالية، قال: وبَحَــحْتُ، بالفتح، أَــبَحُّ، لغة؛ وقول
الجعْدي يصف الدينار:
وأَــبَحَّ جُنْدِيٍّ، وثاقِبةٍ
سُبِكَتْ، كَثاقِبةٍ من الجَمْرِ
أَراد بالأَــبَحِّ: ديناراً أَــبَحَّ في صوته. جُنْدِيّ: ضُرِبَ بأَجْنادِ
الشام. والثاقبة: سَبِيكَة من ذهب تَثْقُبُ أَي تتقد.
والــبَحَــحُ في الإِبل: خُشُونة وحَشْرَجةٌ في الصدر. بعير أَــبَحُّ وعيودٌ
أَــبَحُّ: غليظ الصوت. والبَمُّ يُدْعى الأَــبَحَّ لغلظ صوته. وشَحِيحٌ
بَحِــيحٌ، إِتباع، والنون أَعلى، وسنذكره. والــبُحُّ: جمع أَــبَحّ. والــبُحُّ:
القِداحُ التي يُسْتَقْسَمُ بها؛ قال خُفافُ بنُ نُدْبَةَ السُّلَمِيُّ:
إِذا الحَسْناءُ لم تَرْحَضْ يَدَيْها،
ولم يُقْصَرْ لها بَصَرٌ بِسِتْرِ
قَرَوْا أَضْيافَهُمْ رَــبَحــاً بِــبُحٍّ،
يَعِيشُ بفَضْلِهِنَّ الحَيُّ سُمْرِ
هُمُ الأَيْسارُ، إِنْ قَحَطَتْ جُمادى،
بكلِّ صَبِيرِ غاديةٍ وقَطْرِ
قال: والصبير من السحاب الذي يصير بعضه فوق بعض دَرَجاً، ويروى: يجيء
بفضلهم المَشّ أَي المَسح. أَراد بالــبُحِّ القِداحَ التي لا أَصوات لها.
والرِّيحُ، بفتح الراء: الشحم. وكِسْرٌ أَــبَحُّ: كثير المُخِّ؛ قال:
وعاذِلَةٍ هَبَّتْ بليلٍ تَلُومُني،
وفي كَفِّها كِسْرٌ أَــبَحُّ رَذُومُ
ردوم: يسيل وَدَكُه.
الفراء: الــبَحْبَحِــيُّ الواسع في النفقة، الواسع في المنزل. وتَــبَحْبَحَ
في المجدِ أَي أَنه في مَجْدٍ واسع. وجعل الفراء التَّــبَحْبُحَ مِن
الباحَة، ولم يجعله من المضاعف.
ويقال: القوم في ابْتِحاحٍ أَي في سَعَةٍ وخِصْب. والأَــبَحُّ: من شُعراء
هُذَيْل ودُهاتهم. والــبُحْــبوحةُ: وَسَطُ المَحَلَّةِ. وبُحْــبوحةُ الدار:
وسطها؛ قال جرير:
قَوْمِي تَمِيمٌ، هُمُ القومُ الذين هُمُ،
يَنْفُونَ تَغْلِبَ عن بُحْــبوحةِ الدارِ
وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: مَن سَرَّه أَن يَسْكُن
بُحْــبُوحة الجنة فَلْيَلْزَمِ الجماعَةَ، فإِن الشيطان مع الواحد، وهو من
الاثنين أَبعد؛ قال أَبو عبيد: أَراد بحــبوحة الجنة وسطها. قال: وبُحْــبُوحة
كل شيء وسطه وخياره.
ويقال: قد تَــبَحْبَحْــتُ في الدار إِذا تَوَسَّطْتَها وتمكنت منها.
والتَّــبَحْبُح: التمكن في الحلول والمُقامِ. وقد بَحْبَحَ وتَــبَحْبَحَ إِذا
تمكن وتوسط المنزل والمقام؛ قال: ومنه حديث غناء الأَنصارية:
وأَهْدة لها أَكْبُشاً، * تَــبَحْبَحُ في المِرْبَدِ
وزَوْجُكِ في النادي، * ويَعْلَمُ ما في غَدِ
(* قوله «وزوجك في النادي» كذا بالأصل.)
أَي متكمنة في المِربَد، وهو الموضع. وفي حديث خزيمة: تََفَطَّرَ
اللِّحاءُ وتَــبَحْبَحَ الحَياءُ أَي اتسع الغيث وتمكن من الأَرض. قال الأَزهري:
وقال أَعرابي في امرأَة ضربها الطلق: تركتها تَــبَحْبَحُ على أَيدي
القوابل. وقال اللحياني: زعم الكسائي أَنه سمع رجلاً من بني عامر يقول: إِذا
قيل لنا أَبَقِيَ عِندكم شيء؟ قلنا: بَحْــباحِ أَي لم يَبْقَ. وذكر
الأَزهري: والــبَحَّــاءُ في البادية رابيةٌ تُعرف برابية الــبَحَّــاءِ؛ قال
كعب:وظَلَّ سَراةُ القومِ تُبْرِم أَمرَه،
بِرابِيَةِ الــبَحَّــاءِ، ذاتِ الأَيايِلِ
بحــدل: البَهْدَلة والــبَحْــدَلة: الخفة في السعي. ابن الأَعرابي: بحْــدَل
الرجلُ إِذا مالت كتفه. الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً يقول لصاحب له:
بَحْــدِلْ؛ يأْمره بالإِسراع في مشيه. وبَحْــدَلٌ: اسم رجل.
ربح: الرِّــبْح والرَّــبَحُ
(* قوله «الربح إلخ» ربح ربحــاً وربحــاً كعلم
علماً وتعب تعباً كما في المصباح وغيره.) والرَّباحُ: النَّماء في
التَّجْر. ابن الأَعرابي: الرِّــبْحُ والرَّــبَحُ مثل البِدْلِ والبَدَلِ، وقال
الجوهري: مثل شِبْهٍ وشَبَهٍ، هو اسم ما رَــبِحَــه.
ورَــبِحَ في تجارته يَرْــبَحُ رِــبْحــاً ورَــبَحــاً ورَباحاً أَي اسْتَشَفَّ؛
والعرب تقول للرجل إِذا دخل في التجارة: بالرَّباح والسَّماح. الأَزهري:
رَــبِحَ فلانٌ ورابَحْــته، وهذا بيعٌ مُرْــبِحٌ إِذا كان يُرْــبَحُ فيه؛
والعرب تقول: رَــبِحَــتْ تجارته إِذا رَــبِحَ صاحبُها فيها. وتجارة رابحــةٌ:
يُرْــبَحُ فيها.وقوله تعالى: فما رَــبِحَــت تجارَتُهم؛ قال أَبو إِسحق: معناه ما
رَــبِحُــوا في تجارتهم، لأَن التجارة لا تَرْــبَحُ، إِنما يُرْــبَحُ فيها
ويوضع فيها، والعرب تقول: قد خَسِرَ بيعُك ورَــبِحَــتْ تجارتُك؛ يريدون بذلك
الاختصار وسَعَة الكلام؛ قال الأَزهري: جعل الفعل للتجارة، وهي لا
تَرْــبَحُ وإِنما يُربح فيها، وهو كقولهم: ليل نائم وساهر أَي يُنام فيه
ويُسْهَر؛ قال جرير:
ونِمْتُ وما ليلُ المَطِيِّ بنائِم
وقوله: فما رَــبِحَــتْ تجارتُهم؛ أَي ما رَــبِحــوا في تجارتهم، وإِذا ربحــوا
فيها فقد رَــبحَــتْ، ومثله: فإِذا عَزَمَ الأَمْرُ، وإِنما يُعْزَمُ على
الأَمْرِ ولا يَعْزِمُ الأَمْرُ، وقوله: والنهارَ مُبْصِراً أَي يُبْصَر
فيه، ومَتْجَرٌ رابِحٌ ورَبيح للذي يُرْــبَحُ فيه. وفي حديث أَبي طلحة: ذاك
مال رابِحٌ أَي ذو رِــبْح كقولك لابِنٌ وتامِرٌ، قال: ويروى بالياء.
وأَرْــبَحْــته على سِلْعَتِه أَي أَعطيته رِــبحــاً، وقد أَرْــبحَــه بمتاعه،
وأَعطاه مالاً مُرابَحــة أَي على الربح بينهما، وبعتُ الشيءَ مُرابَحَــةً.
ويقال: بِعْتُه السِّلْعَةَ مُرابَحَــة على كل عشرة دراهم درهمٌ، وكذلك
اشتريته مُرابَحــة، ولا بدّ من تسمية الرِّــبْح. وفي الحديث: أَنه نهى عن ربْح
ما لم يُضْمَن؛ ابن الأَثير: هو أَن يبيع سلعة قد اشتراها ولم يكن قبضها
بِربْح، ولا يصح البيع ولا يحل الرِّــبْح لأَنها في ضمان البائع الأَوَّل
وليست من ضمان الثاني، فَرِــبْحُــها وخَسارتُها للأوَّل.
والرَّــبَحُ: ما اشْتُرِيَ من الإِبل للتجارة. والرَّــبَحُ: الفصالُ،
واحدها رابِحٌ. والرَّــبَحُ: الفَصِيلُ، وجمعه رِباحٌ مثل جَمَل وجِمال.
والرَّــبَحُ: الشَّحْم؛ قال خُفَافُ بن نُدْبَة:
قَرَوْا أَضيافَهم رَــبَحــاً بِــبُحٍّ،
يَعِيشُ بفضلِهِنَّ الحَيُّ، سُمْرِ
الــبُحُّ: قِداحُ المَيْسر؛ يعني قداحاً بُحّــاً من رزانتها. والرَّــبَحُ
هنا يكون الشَّحْمَ ويكون الفِصالَ، وقيل: هي ما يَرْــبَحــون من المَيْسِر؛
الأَزهري: يقول أَعْوَزَهم الكِبارُ فتقامروا على الفِصال.
ويقال:أَرْــبَحَ الرجلُ إِذا نَحر لِضيفانه الرَّــبَحَ، وهي الفُصْلان
الصغار، يقال: رابح ورَــبَحٌ مثل حارس وحَرَسٍ؛ قال: ومن رواه رُــبَحــاً، فهو
ولد الناقة؛ وأَنشد:
قد هَدِلَتْ أَفواه ذي الرُّبُوحِ
وقال ابن بري في ترجمة بحــح في شرح بيت خُفافِ بن نُدْبَة، قال ثعلب:
الرَّــبَحُ ههنا جمع رابح كخادم خَدَم، وهي الفصال.
والرُّــبَحُ: من أَولاد الغنم، وهو أَيضاً طائر يشبه الزَّاغ؛ قال
الأَعشى:
فترى القومَ نَشاوَى كلَّهم،
مثلما مُدَّتْ نِصاحاتُ الرُّــبَحْ
وقيل: الرَّــبَحُ، بفتح أَوله، طائر يشبه الزَّاغَ؛ عن كراع.والرُّــبَحُ
والرُّبَّاحُ، بالضم والتشديد جميعاً: القِرْد الذكر، قاله أَبو عبيد في
باب فُعَّال؛ قال بشر بن المعتمر:
وإِلْقَةٌ تُرْغِثُ رُبَّاحَها،
والسهلُ والنَّوْفَلُ والنَّضْرُ
الإِلْقة ههنا القِرْدَة. ورُبَّاحها: ولدها. وتُرغِثُ: تُرْضِع.
والسهل: الغراب. والنوفل: الــبحــر. والنضر: الذهب؛ وقبله:
تبارك الله وســبحــانه،
مَنْ بيديه النَّفْعُ والضَّرُّ
مَنْ خَلْقُه في رزقه كلُّهم:
الذِّيخُ والتَّيْتَلُ والغُفْرُ
وساكِنُ الجَوِّ إِذا ما عَلا
فيه، ومَنْ مَسْكَنُه القَفْرُ
والصَّدَعُ الأَعْصَمُ في شاهِقٍ،
وجأْبَةٌ مَسْكَنُها الوَعْرُ
والحَيَّةُ الصَّمَّاءُ في جُحْرِها،
والتَّتْفُلُ الرائغُ والذَّرُّ
الذيخ: ذكر الضباع. والتَّيتل: المُسِنُّ من الوُعُول. والغُفْر: ولد
الأُرْوِيَّة، وهي الأُنثى من الوعول أَيضاً. والأَعْصَم: الذي في يديه
بياض. والجَأْبَةُ: بقرة الوحش، وإِذا قلت: جَأْبَةُ المِدْرَى، فهي الظبية.
والتَّتْفُل: ولد الثعلب. ورأَيت في حواشي نسخة من حواشي ابن بري بخط
سيدنا الإِمام العلامة الراوية الحافظ رَضِيِّ الدين الشاطبي، وفقه الله،
وإِليه انتهى علم اللغة في عصره نقلاً ودراية وتصريفاً؛ قال أَول
القصيدة:الناسُ دَأْباً في طِلابِ الثَّرَى،
فكلُّهمْ من شأْنِه الخَتْرُ
كأَذؤُبٍ تَنْهَسُها أَذؤُبٌ،
لها عُواءٌ، ولها زَفْرُ
تَراهُمُ فَوْضَى، وأَيْدِي سَبَا،
كلٌّ له، في نَفْسِهِ، سِحْرُ
تبارك الله وســبحــانه . . .
وقال: بِشْرُ بن المُعْتَمِر النَّضْرِيٌّ أَبو سهل كان أَبرص، وهو أَحد
رؤساء المتَكلمين، وكان راوية ناسباً له الأَشعار في الاحتجاج للدين وفي
غير ذلك، ويقال إِن له قصيدة في ثلثمائة ورقة احتج فيها، وقصيدة في
الغول؛ قال: وذكر الجاحظ أَنه لم ير أَحداً أَقوى على المُخَمَّس المزدوج
منه؛ وهو القائل:
إِن كنتَ تَعْلَمُ ما تقو
ل وما أَقولُ، فأَنتَ عالِمْ
أَو كنتَ تَجْهَلُ ذا وذا
ك، فكنْ لأَهلِ العلمِ لازِمْ
وقال: هذا من معجم الشعراء للمَرْزُبانيِّ. الأَزهري: قال الليث:
رُبَّاحٌ اسم للقرد، قال: وضرب من التمر يقال له زُبُّ رُبَّاحٍ؛ وأَنشد شمر
للبَعِيث:
شَآمِيَةٌ زُرْقُ العُيون، كأَنها
رَبابِيحُ تَنْزُو، أَو فُرارٌ مُزَلَّمُ
قال ابن الأَعرابي: الرُّبَّاحُ القِرْدُ، وهو الهَوْبَرُ والحَوْدَلُ،
وقيل: هو ولد القرد، وقيل: الجَدْيُ، وقيل: الرُّبَّاحُ الفصيل،
والحاشيةُ الصغير الضَّاوِيّ؛ وأَنشد:
حَطَّتْ به الدَّلْوُ إِلى قَعْرِ الطَّوِي،
كأَنما حَطَّتْ برُبَّاحٍ ثَني
قال أَبو الهيثم: كيف يكون فصيلاً صغيراً، وقد جعله ثَنِيّاً، والثنيّ
ابن خمس سنين؟ وأشنشد شمر لِخِداش بن زهير:
ومَسَبُّكم سُفْيانَ ثم تُرِكْتُم،
تَتَنَتَّجونَ تَنَتُّجَ الرُّبّاحِ
والرَّبَاحُ: دُوَيبَّة مثل السِّنَّوْر؛ هكذا في الأَصل الذي نقلت منه.
وقال ابن بري في الحواشي: قال الجوهري: الرَّبَاحُ أَيضاً دُوَيبَّة
كالسنور يجلب منه الكافور، وقال: هكذا وقع في أَصلي، قال: وكذا هو في أَصل
الجوهري بخطه، قال: وهو وَهَمٌ، لأَن الكافور لا يجلب من دابة، وإِنما هو
صمغ شجر بالهند.
ورَباحٌ: موضع هناك ينسب إِليه الكافور، فيقال كافور رَباحِيٌّ، وأَما
الدُّوَيْبَّةُ التي تشبه السنور التي ذكر أَنها تجلب للكافور فاسمها
الزَّبادة، والذي يجلب منها من الطيب ليس بكافور، وإِنما يسمى باسم الدابة،
فيقال له الزَّبادة؛ قال ابن دريد: والزبادة التي يجلب منها الطيب أَحسبها
عربية، قال: ووقع في بعض النسخ: والرَّباح دويبَّة، قال: والرَّباحُ
أَيضاً بلد يجلب منه الكافور؛ قال ابن بري: وهذا من زيادة ابن القطاع
وإصلاحه، وخط الجوهري بخلافه. وزُبُّ الرُّبَّاح: ضرب من التمر. والرَّبَاحُ:
بلد يجلب منه الكافور. ورَبَاحٌ: اسم؛ ورَبَاح في قول الشاعر:
هذا مَقامُ قَدَمَيْ رَباحِ
اسم ساقٍ.
والمُرَــبِّحُ: فرسُ الحرث بن دُلَفٍ. والرُّــبَحُ: الفصيل كأَنه لغة في
الرُّبَع، وأَنشد بيت الأَعشى:
مثلما مُدَّت نِصاحاتُ الرُّــبَحْ
قيل: إِنه أَراد الرُّبَعَ، فَأَبدل الحاء من العين. والرَّــبَحُ: ما
يَرْــبَحــون من المَيْسِر.
بحــن: بَحْــنةُ: نخلةٌ معروفة. وبنات بَحْــنَةَ: ضربٌ
من النخل طِوالٌ، وبها سمِّي ابنُ بُحَــينة. وابنُ بَحْــنَة: السوطُ
تَشْبيهاً بذلك؛ قال أَبو منصور: قيل للسوط ابنُ بَحْــنةَ لأَنه يُسَوّى من
قُلوس العراجين. وبَحْــنَةُ: اسمُ امرأَةٍ نُسِبَ إليها نَخْلاتٌ كُنَّ عند
بيتها كانت تقول: هُنَّ بناتي، فقيل: بناتُ بَحْــنةً. قال ابن بري: حكى
أَبو سهل عن التميمي في قولهم بنت بحْــنة أَن الــبَحْــنة نخلة معروفة بالمدينة،
وبها سميت المرأَة بَحْــنة، والجمع بنات بَحْــنٍ. المحكم: وبَحْــنةُ
وبُحَــيْنَةُ اسمُ امرأَتين؛ عن أَبي حنيفة. والــبَحْــونُ: رملٌ متراكبٌ؛
قال:من رَمْلِ تُرْنَى ذي الرُّكامِ الــبَحْــون
ورجل بَحْــوَنٌ وبَحْــوَنةٌ: عظيمُ البطن. والــبَحْــوَنةُ: القِرْبةُ
الواسعةُ البطن؛ أَنشد ابن بري للأَسود بن يَعْفُر:
جَذْلان يَسَّرَ جُلَّةً مكنوزةً،
حَبْناءَ بَحْــوَنةً ووَطْباً مِجْزَما
(* قوله «جذلان» رواية ابن سيده: ريان). أَبو عمرو: الــبَحْــنانةُ
الجُلَّة العظيمةُ الــبَحْــرانية التي يُحْملُ فيها الكَنْعَد المالحُ، وهي
الــبَحْــوَنةُ أَيضاً، ويقال للجُلَّة العظيمة الــبَحْــناء. وفي الحديث: إذا كان
يومُ القيامة تخرجُ بَحْــنانةٌ من جهنم فتلْقُطُ المنافقين لَقْطَ الحَمامةِ
القِرْطِمَ؛ الــبَحْــنانةُ: الشرارةُ من النار. ودلْوٌ بَحْــوَنيٌّ: عظيمٌ
كثيرُ الأَخْذِ للماء. وجُلَّة بَحْــوَنةٌ: عظيمةٌ، قال: وكذلك الدلو
العظيم. والــبَحْــوَنُ: ضربٌ من التمر؛ حكاه ابن دريد، قال: فلا أَدري ما
حقيقتُه. وبَحْــوَن وبَحْــوَنةُ: اسمان.
ســبح: السَّــبْحُ والسِّباحة: العَوْمُ. سَــبَحَ بالنهر وفيه يَسْــبَحُ
سَــبْحــاًوسِباحةً، ورجل سابِحٌ وسَبُوح من قوم سُــبَحــاء، وسَبَّاحٌ من قوم
سَبَّاحين؛ وأَما ابن الأَعرابي فجعل السُّــبَحــاء جَمْعَ سابح؛ وبه فسر قول
الشاعر:
وماءٍ يَغْرَقُ السُّــبَحــاءُ فيه،
سَفِينتُه المُواشِكةُ الخَبُوبُ
قال: السُّــبَحــاءُ جمع سابِحٍ. ويعني بالماء هنا السَّرابَ.
والمُواشِكةُ: الجادَّةُ في سيرها. والخَبُوب، من الخَبَب في السير؛ جعل الناقة مثل
السفينة حين جعل السَّرابَ كالماء. وأَسْــبَح الرجلَ في الماء: عَوَّمَه؛
قال أُمية:
والمُسْــبِحُ الخُشْبَ، فوقَ الماءِ سَخَّرَها،
في اليَمِّ جَرْيَتُها، كأَنها عُوَمُ
وسَــبْحُ الفَرَسِ: جَرْيُه. وفرس سَبُوحٌ وسابِحٌ: يَسْــبَحُ بيديه في
سيره. والسَّوابِحُ: الخيل لأَنها تَسْــبَح، وهي صفة غالبة.
وفي حديث المقداد: أَنه كان يوم بدرٍ على فرس يقال له سَــبْحَــة؛ قال ابن
الأَثير: هو من قولهم فرس سابِحٌ إِذا كان حسنَ مَدِّ اليدين في الجَرْي؛
وقوله أَنشده ثعلب:
لقد كانَ فيها للأَمانةِ موضِعٌ،
وللعَيْنِ مُلْتَذٌّ، وللكَفِّ مَسْــبَحُ
فسره فقال: معناه إِذا لمسَتها الكف وجدت فيها جميع ما تريد.
والنجوم تَسْــبَحُ في الفَلَكِ سَــبْحــاً إِذا جرت في دَورَانها.
والسَّــبْحُ: الفَراغُ. وقوله تعالى: إِنَّ لك في النهار سَــبْحــاً طويلاً؛ إِنما
يعني به فراغاً طويلاً وتَصَرُّفاً؛ وقال الليث: معناه فراغاً للنوم؛ وقال
أَبو عبيدة: مُنْقَلَباً طويلاً؛ وقال المُؤَرِّجُ: هو الفَراغ والجَيئَة
والذهاب؛ قال أَبو الدُّقَيْش: ويكون السَّــبْحُ أَيضاً فراغاً بالليل؛
وقال الفراء: يقول لك في النهار ما تقضي حوائجك؛ قال أَبو إِسحق: من قرأَ
سَبْخاً فمعناه قريب من السَّــبْح، وقال ابن الأَعرابي: من قرأَ سَــبْحــاً
فمعناه اضطراباً ومعاشاً، ومن قرأَ سَبْخاً أَراد راحة وتخفيفاً
للأَبدان.قال ابنُ الفَرَج: سمعت أَبا الجَهْم الجَعْفَرِيِّ يقول: سَــبَحْــتُ في
الأَرض وسَبَخْتُ فيها إِذا تباعدت فيها؛ ومنه قوله تعالى: وكلٌّ في
فَلَكٍ يَسْــبَحُــون أَي يَجْرُونَ، ولم يقل تَسْــبَحُ لأَنه وصفها بفعل من يعقل؛
وكذلك قوله: والسَّابحــاتِ سَــبْحــاً؛ هي النجوم تَسْــبَحُ في الفَلَكِ أَي
تذهب فيها بَسْطاً كما يَسْــبَحُ السابحُ في الماء سَــبْحــاً؛ وكذلك السابح
من الخيل يمدّ يديه في الجري سَــبْحــاً؛ وقال الأَعشى:
كم فيهمُ من شَطْبَةٍ خَيْفَقٍ،
وسابِحٍ ذي مَيْعَةٍ ضامِرِ
وقال الأَزهري في قوله عز وجل: والسابِحــاتِ سَــبْحــاً فالسَّابِقاتِ
سَبْقاً؛ قيل: السابحــاتُ السُّفُنُ، والسابقاتُ الخيلُ، وقيل: إِنها أَرواح
المؤمنين تخرج بسهولة؛ وقيل: الملائكة تَسْــبَحُ بين السماء والأَرض.
وسَــبَحَ اليَرْبُوعُ في الأَرض إِذا حفر فيها، وسَــبَحَ في الكلام إِذا أَكثر
فيه. والتَّسبيح: التنزيه.
وســبحــان الله: معناه تنزيهاً لله من الصاحبة والولد، وقيل: تنزيه الله
تعالى عن كل ما لا ينبغي له أَن يوصف، قال: ونَصْبُه أَنه في موضع فعل على
معنى تسبيحاً له، تقول: سَــبَّحْــتُ الله تسبيحاً له أَي نزهته تنزيهاً،
قال: وكذلك روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم؛ وقال الزجاج في قوله تعالى:
سُــبْحــانَ الذي أَسْرَى بعبده ليلاً؛ قال: منصوب على المصدر؛ المعنى
أُســبِّح الله تسبيحاً. قال: وســبحــان في اللغة تنزيه الله، عز وجل، عن السوء؛
قال ابن شميل: رأَيت في المنام كأَنَّ إِنساناً فسر لي ســبحــان الله، فقال:
أَما ترى الفرس يَسْــبَحُ في سرعته؟ وقال: ســبحــان الله السرعةُ إِليه
والخِفَّةُ في طاعته، وجِماعُ معناه بُعْدُه، تبارك وتعالى، عن أَن يكون له
مِثْلٌ أَو شريك أَو ندٌّ أَو ضدّ؛ قال سيبويه: زعم أَبو الخطاب أَن ســبحــان
الله كقولك براءَةَ الله أَي أُبَرِّئُ اللهَ من السوء براءةً؛ وقيل:
قوله ســبحــانك أَي أُنزهك يا رب من كل سوء وأُبرئك. وروى الأَزهري بإِسناده
أَن ابن الكَوَّا سأَل عليّاً، رضوان الله تعالى عليه، عن ســبحــان الله،
فقال: كلمة رضيها الله لنفسه فأَوصى بها. والعرب تقول: سُــبْحــانَ مِن كذا إِذا
تعجبت منه؛ وزعم أَن قول الأَعشى في معنى البراءة أَيضاً:
أَقولُ لمَّا جاءني فَخْرُه:
ســبحــانَ مِن عَلْقَمَةَ الفاخِرِ
أَي براءةً منه؛ وكذلك تسبيحه: تبعيده؛ وبهذا استدل على أَن ســبحــان معرفة
إِذ لو كان نكرة لانصرف. ومعنى هذا البيت أيضاً: العجب منه إِذ
يَفْخَرُ، قال: وإِنما لم ينوّن لأَنه معرفة وفيه شبه التأْنيث؛ وقال ابن بري:
إِنما امتنع صرفه للتعريف وزيادة الأَلف والنون، وتعريفه كونه اسماً علماً
للبراءة، كما أَن نَزالِ اسم علم للنزول، وشَتَّانَ اسم علم للتفرّق؛
قال: وقد جاء في الشعر ســبحــان منوّنة نكرة؛ قال أُمية:
سُــبْحــانَه ثم سُــبْحــاناً يَعُودُ له،
وقَبْلَنا سَــبَّح الجُودِيُّ والجُمُدُ
وقال ابن جني: ســبحــان اسم علم لمعنى البراءة والتنزيه بمنزلة عُثْمانَ
وعِمْرانَ، اجتمع في ســبحــان التعريف والأَلف والنون، وكلاهما علة تمنع من
الصرف.
وسَــبَّح الرجلُ: قال ســبحــان الله؛ وفي التنزيل: كلٌّ قد عَلِمَ صلاتَه
وتسبيحَه؛ قال رؤبة:
سَــبَّحْــنَ واسْتَرْجَعْنَ مِن تَأَلُّهِ
وسَــبَحَ: لغة، حكى ثعلب سَــبَّح تسبيحاً وسُــبْحــاناً، وعندي أَن سُــبْحــاناً
ليس بمصدر سَــبَّح، إِنما هو مصدر سَــبَح، إِنما هو مصدر سَــبَح. وفي
التهذيب: سَــبَّحْــتُ الله تسبيحاً وسُــبْحــاناً بمعنى واحد، فالمصدر تسبيح،
والاسم سُــبْحــان يقوم مقام المصدر. وأَما قوله تعالى: تُسَــبِّح له السمواتُ
السبعُ والأَرضُ ومَن فيهن وإِنْ من شيء إِلاَّ يُسَــبِّحُ بحــمده ولكن لا
تَفْقَهُونَ تسبيحَهم؛ قال أَبو إِسحق: قيل إِن كل ما خلق الله يُسَــبِّحُ
بحــمده، وإِن صَريرَ السَّقْف وصَريرَ الباب من التسبيح، فيكون على هذا
الخطابُ للمشركين وحدهم: ولكن لا تفقهون تسبيحهم؛ وجائز أَن يكون تسبيح هذه
الأَشياء بما الله به أَعلم لا نَفْقَه منه إِلا ما عُلِّمْناه، قال: وقال
قوم وإِنْ من شيء إِلا يســبح بحــمده أَي ما من دابة إلا وفيه دليل أَن
الله، عز وجل، خالقه وأَن خالقه حكيم مُبَرَّأٌ من الأَسْواء ولكنكم، أَيها
الكفار، لا تفقهون أَثر الصَّنْعة في هذه المخلوقات؛ قال أَبو إِسحق:
وليس هذا بشيء لأَن الذين خوطبوا بهذا كانوا مقرّين أَن الله خالقُهم وخالقُ
السماء والأَرض ومن فيهن، فكيف يجهلون الخِلْقَة وهم عارفون بها؟ قال
الأَزهري: ومما يدلك على أَن تسبيح هذه المخلوقات تسبيح تَعَبَّدَتْ به
قولُ الله عز وجل للجبال: يا جبالُ أَوِّبي معه والطيرَ؛ ومعنى أَوِّبي
سَــبِّحــي مع داود النهارَ كلَّه إِلى الليل؛ ولا يجوز أَن يكون معنى أَمر الله
عز وجل للجبال بالتأْويب إِلا تَعَبُّداً لها؛ وكذلك قوله تعالى: أَلم
ترَ أَن الله يسجد له من في السموات ومن في الأَرض والشمسُ والقمرُ
والنجومُ والجبالُ والشجرُ والدوابُّ وكثير من الناس، فسجود هذه المخلوقات
عبادة منها لخالقها لا نَفْقَهُها عنها كما لا نفقه تسبيحها؛ وكذلك قوله:
وإِن من الحجارة لما يَتَفَجَّر منه الأَنهارُ وإِنَّ منها لما يَشَّقَّقُ
فيَخْرج منه الماءُ وإِنَّ منها لما يهبِطُ من خشية الله؛ وقد عَلِم اللهُ
هُبوطَها من خشيته ولم يعرّفنا ذلك فنحن نؤمن بما أُعلمنا ولا نَدَّعِي
بما لا نُكَلَّف بأَفهامنا من عِلْمِ فِعْلِها كيفيةً نَحُدُّها.
ومن صفات الله عز وجل: السُّبُّوحُ القُدُّوسُ؛ قال أَبو إِسحق:
السُّبُّوح الذي يُنَزَّه عن كل سُوء، والقُدُّوسُ: المُبارَك، وقيل: الطاهر؛
وقال ابن سيده: سُبُّوحٌ قُدُّوس من صفة الله عز وجل، لأَنه يُسَــبَّحُ
ويُقَدَّسُ، ويقال: سَببوحٌ قَدُّوسٌ؛ قال اللحياني: المجتمع عليه فيها الضم،
قال: فإِن فتحته فجائز؛ هذه حكايته ولا أَدري ما هي. قال سيبويه: إِنما
قولهم سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رب الملائكة والروح؛ فليس بمنزلة سُــبْحــان لأَن
سُبُّوحاً قُدُّوساً صفة، كأَنك قلت ذكرت سُبُّوحاً قُدُّوساً فنصبته على
إِضمار الفعل المتروك إِظهاره، كأَنه خطر على باله أَنه ذَكَره ذاكِرٌ،
فقال سُبُّوحاً أَي ذَكرت سبوحاً، أَو ذَكَره هو في نفسه فأَضمر مثل ذلك،
فأَما رَفْعُه فعلى إِضمار المبتدإِ وتَرْكُ إِظهارِ ما يَرْفع كترك
إظهار ما يَنْصِب؛ قال أَبو إِسحق: وليس في كلام العرب بناءٌ على فُعُّول،
بضم أَوّله، غير هذين الاسمين الجليلين وحرف آخر
(* قوله «وحرف آخر إلخ» نقل
شارح القاموس عن شيخه قال: حكى الفهري عن اللحياني في نوادره اللغتين في
قولهم ستوق وشبوك لضرب من الحوت وكلوب اهـ ملخصاً. قوله والفتح فيهما
إلخ عبارة النهاية. وفي حديث الدعاء سبوح قدّوس يرويان بالفتح والضم،
والفتح فيهما إِلى قوله والمراد بهما التنزيه.) وهوقولهم للذِّرِّيحِ، وهي
دُوَيْبَّةٌ: ذُرُّوحٌ، زادها ابن سيده فقال: وفُرُّوجٌ، قال: وقد يفتحان
كما يفتح سُبُّوح وقُدُّوسٌ، روى ذلك كراع. وقال ثعلب: كل اسم على فَعُّول
فهو مفتوح الأَول إِلاَّ السُّبُّوح وقُدُّوسٌ، روى ذلك كراع.وقال ثعلب:
كل اسم على فَعُّول فهو مفتوح الأَول إِلاَّ السُّبُّوحَ والقُدُّوسَ،
فإِن الضم فيهما أَكثر؛ وقال سيبويه: ليس في الكلام فُعُّول بواحدة، هذا
قول الجوهري؛ قال الأَزهري: وسائر الأَسماء تجيء على فَعُّول مثل سَفُّود
وقَفُّور وقَبُّور وما أَشبههما، والفتح فيهما أَقْيَسُ، والضم أَكثر
استعمالاً، وهما من أَبنية المبالغة والمراد بهما التنزيه.
وسُــبُحــاتُ وجهِ الله، بضم السين والباء: أَنوارُه وجلالُه وعظمته. وقال
جبريل، عليه السلام: إِن لله دون العرش سبعين حجاباً لو دنونا من أَحدها
لأَحرقتنا سُــبُحــاتُ وجه ربنا؛ رواه صاحب العين، قال ابن شميل: سُــبُحــاتُ
وجهه نُورُ وجهه. وفي حديث آخر: حجابُه النورُ والنارُ، لو كشفه لأَحْرقت
سُــبُحــاتُ وجهه كلَّ شيء أَدركه بصَرُه؛ سُــبُحــاتُ وجه الله: جلالُه
وعظمته، وهي في الأَصل جمع سُــبْحــة؛ وقيل: أَضواء وجهه؛ وقيل: سُــبْحــاتُ الوجه
محاسنُه لأَنك إِذا رأَيت الحَسَنَ الوجهِ قلت: ســبحــان الله وقيل: معناه
تنزيهٌ له أَي ســبحــان وجهه؛ وقيل: سُــبْحــاتُ وجهه كلام معترض بين الفعل
والمفعول أَي لو كشفها لأَحرقت كل شيء أَدركه بصره، فكأَنه قال: لأَحرقتُ
سُــبُحــاتُ الله كل شيء أَبصره، كما تقول: لو دخل المَلِكُ البلدَ لقتل،
والعِياذُ بالله، كلَّ من فيه؛ قال: وأَقرب من هذا كله أَن المعنى: لو انكشف من
أَنوار الله التي تحجب العباد عنه شيء لأَهلك كلَّ من وقع عليه ذلك
النورُ، كما خَرَّ موسى، على نبينا وعليه السلام، صَعِقاً وتَقَطَّعَ الجبلُ
دَكّاً، لمَّا تجلى الله ســبحــانه وتعالى؛ ويقال: السُّــبُحــاتُ مواضع
السجود.والسُّــبْحَــةُ: الخَرَزاتُ التي يَعُدُّ المُسَــبَّحُ بها تسبيحه، وهي
كلمة مولَّدة.
وقد يكون التسبيح بمعنى الصلاة والذِّكر، تقول: قَّضَيْتُ سُــبْحَــتي.
وروي أَن عمر، رضي الله عنه، جَلَدَ رجلين سَــبَّحــا بعد العصر أَي صَلَّيا؛
قال الأَعشى:
وسَــبِّحْ على حين العَشِيَّاتِ والضُّحَى،
ولا تَعْبُدِ الشيطانَ، واللهَ فاعْبُدا
يعني الصلاة بالصَّباح والمَساء، وعليه فسر قوله: فسُــبْحــانَ الله حين
تُمْسون وحين تُصْــبحــون؛ يأْمرهم بالصلاة في هذين الوَقتين؛ وقال الفراء:
حين تمسون المغرب والعشاء، وحين تصــبحــون صلاة الفجر، وعشيّاً العصر، وحين
تظهرون الأُولى. وقوله: وسَــبِّحْ بالعَشِيِّ والإِبْكارِ أَي وصَلِّ. وقوله
عز وجل: فلولا أَنه كان من المُسَــبِّحــين؛ أَراد من المصلين قبل ذلك،
وقيل: إِنما ذلك لأَنه قال في بطن الحوت: لا إِله إِلاَّ أَنت ســبحــانك إِني
كنت من الظالمين. وقوله: يُسَــبِّحُــونَ الليلَ والنهارَ لا يَفْتُرونَ؛
يقال: إِن مَجْرَى التسبيح فيهم كمَجرى النَّفَسِ منا لا يَشْغَلُنا عن
النَّفَسِ شيء. وقوله: أَلم أَقُلْ لكم لولا تُسَــبِّحــون أَي تستثنون، وفي
الاستثناء تعظيمُ الله والإِقرارُ بأَنه لا يشاء أَحدٌ إِلاَّ أَن يشاء
الله، فوضع تنزيه الله موضع الاستثناء.
والسُّــبْحــةُ: الدعاء وصلاةُ التطوع والنافلةُ؛ يقال: فرغ فلانٌ من
سُــبْحَــته أَي من صلاته النافلة، سمِّيت الصلاة تسبيحاً لأَن التسبيح تعظيم
الله وتنزيهه من كلِّ سوء؛ قال ابن الأَثير: وإِنما خُصت النافلة
بالسُّــبْحــة، وإِن شاركتها الفريضة في معنى التسبيح، لأَن التسبيحات في الفرائض
نوافلُ، فقيل لصلاة النافلة سُــبْحــة لأَنها نافلة كالتسبيحات والأَذكار في
أَنها غير واجبة؛ وقد تكرر ذكر السُّــبْحــة في الحديث كثيراً فمنها: اجعلوا
صلاتكم معهم سُــبْحَــةً أَي نافلة، ومنها: كنا إِذا نزلنا منزلاً لا
نُسَــبِّحُ حتى نَحُلَّ الرِّحال؛ أَراد صلاة الضحى، بمعنى أَنهم كانوا مع
اهتمامهم بالصلاة لا يباشرونها حتى يَحُطُّوا الرحال ويُريحوا الجمالَ رفقاً بها
وإِحساناً. والسُّــبْحَــة: التطوُّع من الذِّكر والصلاة؛ قال ابن الأَثير:
وقد يطلق التسبيح على غيره من أَنواع الذكر مجازاً كالتحميد والتمجيد
وغيرهما. وسُــبْحَــةُ الله: جلالُه.
وقيل في قوله تعالى: إِن لك في النهار سَــبْحــاً طويلاً أَي فراغاً للنوم،
وقد يكون السَّــبْحُ بالليل. والسَّــبْحُ أَيضاً: النوم نفسه.
وقال ابن عرفة الملقب بنفطويه في قوله تعالى: فَسَــبِّحْ باسم ربك العظيم
أَي ســبحــه بأَسمائه ونزهه عن التسمية بغير ما سمَّى به نفسه، قال: ومن
سمى الله تعالى بغير ما سمى به نفسه، فهو مُلْحِدٌ في أَسمائه، وكلُّ من
دعاه بأَسمائه فَمُسَــبِّح له بها إِذ كانت أَسماؤُه مدائح له وأَوصافاً؛
قال الله تعالى: ولله الأَسماء الحُسْنى فادْعُوه بها، وهي صفاته التي وصف
بها نفسه، وكل من دعا الله بأَسمائه فقد أَطاعه ومدحه ولَحِقَه ثوابُه.
وروي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ما أَحدٌ أَغْيَرَ من
الله ولذلك حَرَّمَ الفواحشَ، وليس أَحدٌ أَحبَّ إِليه المَدْحُ من الله
تعالى. والسَّــبْحُ أَيضاً: السكون. والسَّــبْحُ: التقَلُّبُ والانتشار في
الأَرض والتَّصَرُّفُ في المعاش، فكأَنه ضِدٌّ.
وفي حديث الوضوء: فأَدخل اصْبُعَيْه السَّبَّاحَتَيْنِ في أُذنيه؛
السَّبَّاحةُ والمُسَــبِّحــةُ: الإِصبع التي تلي الإِبهام، سميت بذلك لأَنها
يشار بها عند التسبيح. والسَّــبْحَــةُ، بفتح السين: ثوب من جُلُود، وجمعها
سِباحٌ؛ قال مالك بن خالد الهذلي:
وسَبَّاحٌ ومَنَّاحٌ ومُعْطٍ،
إِذا عادَ المَسارِحُ كالسِّباحِ
وصحَّف أَبو عبيدة هذه الكلمة فرواها بالجيم؛ قال ابن بري: لم يذكر،
يعني الجوهري، السَّــبْحَــة، بالفتح، وهي الثياب من الجلود، وهي التي وقع فيها
التصحيف، فقال أَبو عبيدة: هي السُّبْجة، بالجيم وضم السين، وغلط في
ذلك، وإِنما السُّبْجَة كساء أَسود، واستشهد أَبو عبيدة على صحة قوله بقول
مالك الهذلي:
إِذا عاد المسارح كالسباج
فصحَّف البيت أَيضاً، قال: وهذا البيت من قصيدة حائية مدح بها زهيرَ بنَ
الأَغَرِّ اللحياني، وأَوَّلها:
فَتًى ما ابنُ الأَغَرِّ، إِذا شَتَوْنا،
وحُبَّ الزَّادُ في شَهْرَيْ قُِماحِ
والمسارح: المواضع التي تسرح إِليها الإِبل، فشبهها لمَّا أَجدبت
بالجلود المُلْسِ في عدم النبات، وقد ذكر ابن سيده في ترجمة سبج، بالجيم، ما
صورته: والسِّباحُ ثياب من جلود، واحدتها سُبْجَة، وهي بالحاء أَعلى، على
أَنه أَيضاً قد قال في هذه الترجمة: إِن أَبا عبيدة صحَّف هذه الكلمة
ورواها بالجيم كما ذكرناه آنفاً، ومن العجب وقوعه في ذلك مع حكايته عن أَبي
عبيدة أَنه وقع فيه، اللهم إِلا أَن يكون وجد ثقلاً فيه، وكان يتعين عليه
أَنه لو وجد نقلاً فيه أَن يذكره أَيضاً في هذه الترجمة عند تخطئته لأَبي
عبيدة ونسبته إِلى التصحيف ليسلم هو أَيضاً من التهمة والانتقاد.
أَبو عمرو: كساءٌ مُســبَّح، بالباء، قوي شديد، قال: والمُسَــبَّحُ، بالباء
أَيضاً، المُعَرَّضُ، وقال شمر: السِّباحُ، بالحاء، قُمُصٌ للصبيان من
جلود؛ وأَنشد:
كأَنَّ زوائِدَ المُهُراتِ عنها
جَواري الهِنْدِ، مُرْخِيةَ السِّباحِ
قال: وأَما السُّــبْحَــة، بضم السين والجيم، فكساء أَسود.
والسُّــبْحَــة: القطعة من القطن.
وسَبُوحةُ، بفتح السين مخففة: البلدُ الحرامُ، ويقال: وادٍ بعرفات؛ وقال
يصف نُوقَ الحجيج:
خَوارِجُ من نَعْمانَ، أَو من سَبُوحةٍ
إِلى البيتِ، أَو يَخْرُجْنَ من نَجْدِ كَبْكَبِ
قــبح: القُــبْحُ: ضد الحُسْنِ يكون في الصورة؛ والفعل قَــبُحَ يَقْــبُح
قُــبْحــاً وقُبُوحاً وقُباحاً وقَباحةً وقُبوحة، وهو قبيح، والجمع قِباحٌ
وقَباحَى والأُنْثَى قَبيحة، والجمع قَبائِحُ وقِباحٌ؛ قال الأَزهري: هو نقيض
الحُسْنِ، عامّ في كل شيء.
وفي الحديث: لا تُقَــبِّحُــوا الوَجْهَ؛ معناه: لا تقولوا إِنه قبيح فإِن
الله مصوّره وقد أَحسن كل شيء خَلَقَه؛ وقيل: أَي لا تقولوا قَــبَح اللهُ
وَجْه فلان.
وفي الحديث: أَقْــبَحُ الأَسماء حَربٌ ومُرَّة؛ هو من ذلك، وإِنما كان
أَقــبحــها لأَن الحرب مما يُتَفَاءل بها وتكره لما فيها من القتل والشرّ
والأَذى، وأَما مُرَّة فَلأَنه من المَرارة، وهو كريه بغيض إِلى الطِّباع،
أَو لأَنه كنية إِبليس، لعنه الله، وكنيته أَبو مرة. وقَــبَّحــهُ الله:
صيَّره قَبيحاً؛ قال الحُطَيئة:
أَرى لك وَجْهاً قَــبَّح اللهُ شَخْصَه
فَقُــبِّحَ من وَجْهٍ، وقُــبِّحَ حاملُهْ
وأَقْــبَح فلان: أَتى بقبيح.
واسْتَقْــبَحــه: رآه قبيحاً. والاسْتِقْباح: ضد الاستحسان.
وحكى اللحياني: اقْــبُحْ إِن كنتَ قابِحــاً؛ وإِنه لقَبيح وما هو بقابِح
فوق ما قَــبُحَ، قال: وكذلك يفعلون في هذه الحروف إِذا أَرادوا افْعَلْ ذاك
إِن كنتَ تريد أَن تفعل.
وقالوا: قُــبْحــاً له وشُقْحاً وقَــبْحــاً له وشَقْحاً، الأَخيرة إِتباع.
أَبو زيد: قَــبَحَ اللهُ فلاناً قَــبْحــاً وقبوحاً أَي أَقصاه وباعده عن كل
خير كقُبُوح الكلب والخِنزير.
وفي النوادر: المُقَابَحــةُ والمُكابَحَــة المُشَاتمة. وفي التنزيل: ويومَ
القِيَامة هم من المَقْبُوحين أَي من المُبْعَدِين عن كل خير؛ وأَنشد
الأَزهري للجَعْدِيّ:
ولَيْسَت بشَوْهاءَ مَقْبُوحةٍ،
تُوافي الدِّيارَ بِوجْهٍ غَبِرْ
قال أُسَيْدٌ: المَقْبُوح الذي يُرَدُّ ويُخْسَأُ. والمَنْبُوحُ: الذي
يُضْرَبُ له مَثَلُ الكلب. وروي عن عَمَّار أَنه قال لرجل نال بحــضرته من
عائشة، رضي الله عنها: اسْكُتْ مَقْبُوحاً مَشْقُوحاً مَنبوحاً؛ أَراد هذا
المعنى؛ أَبو عمرو: قَــبَحــتُ له وجهَه، مُخففة، والمعنى قلت له: قَــبَحــه
الله وهو من قوله تعالى: ويومَ القيامة هم من المَقْبوحين، أَي من
المُبْعَدين الملعونين، وهو من القَــبْح وهو الإِبعاد.
وقَــبَّحَ له وجهَه: أَنْكَرَ عليه ما عمل؛ وقَــبَّح عليه فعله تَقْبيحاً؛
وفي حديث أُمّ زَرْع: فعنده أَقولُ فلا أُقَــبَّح أَي لا يَرُدُّ عليّ
قولي لميله إِليَّ وكرامتي عليه؛ يقال: قَــبَّحْــتُ فلاناً إِذا قلت له
قَــبَحــه الله، من القَــبْحِ، وهو الإِبعاد؛ وفي حديث أَبي هريرة: إِن مُنِع
قَــبَّحَ وكَلَحَ أَي قال له قَــبَحَ الله وجهك والعرب تقول: قَــبَحَــه اللهُ
وأُمًّا زَمَعَتْ به أَي أَبعده الله وأَبعد والدته.
الأَزهري: القَبِيح طَرَفُ عَظْمِ المِرْفَقِ، والإِبرة عُظَيْم آخر
رأْسه كبير وبقيته دقيق مُلَزَّز بالقبيح؛ وقال غيره: القَبيح طَرَفُ عظم
العَضُدِ مما يلي المِرْفَق بين القبيح وبين إِبرة الذراع
(* قوله «بين
القبيح وبين ابرة الذراع» هكذا بالأصل ولعله بين المرفق وبين ابرة الذراع.)،
وإِبرة الذراع من عندها يَذرَعُ الذراع، وطَرَفُ عظم العضد الذي يلي
المَنْكِبَ يُسمَّى الحَسَنَ لكثرة لحمه؛ والأَسفلُ القَبِيحَ؛ وقال الفراء:
أَسلفُ العَضُدِ القبيحُ وأَعلاها الحسَنُ؛ وقيل: رأْس العضد الذي يلي
الذراع، وهو أَقل العِظام مُشاشاً ومُخًّا؛ وقيل: القَبِيحان الطَرَفانِ
الدقيقان اللذان في رؤُوس الذراعين، ويقال لطرف الذراع الإِبرة؛ وقيل:
القبيحان مُلْتَقَى الساقين والفخذين؛ قال أَبو النجم:
حيث تُلاقي الإِبْرَةُ القَبيحا
ويقال له أَيضاً: القَباحُ
(* قوله «ويقال له أَيضاً القباح» كسحاب كما
في القاموس.)؛ وقال أَبو عبيد: يقال لعظم الساعد مما يلي النِّصْفَ منه
إِلى المِرْفَق: كَِسْرُ قَبيح؛ قال:
ولو كنتَ عَيْراً، كنتَ عَيْرَ مَذَلَّةٍ،
ولو كنتش كَِسْراً، كنتَ كَِسْرَ قبيحِ
وإِنما هجاه بذلك لأَنه أَقل العِظام مُشاشاً، وهو أَسرعُ العِظام
انكساراً، وهو لا ينجبر أَبداً، وقوله: كسر قبيح هو من إِضافة الشيء إِلى نفسه
لأَن ذلك العظم يقال له كسر.
الأَزهري: يقال قَــبَحَ فلانٌ بَثْرَةً خرجت بوجهه، وذلك إِذا فَضَخَها
ليُخْرج قَيْحَها، وكل شيء كسرته فقد قَــبَحْــته. ابن الأَعرابي: يقال قد
اسْتَكْمَتَ العُرُّ فاقْــبَحْــهُ، والعُرُّ: البَثْرة، واسْتِكْماتُه:
اقترابه للانفقاء.
والقُبَّاحُ: الدُّبُّ
(* قوله «والقباح الدب» بوزن رمان كما في
القاموس.) الهَرِمُ.
والمَقابِحُ: ما يُسْتَقْــبَح من الأَخلاق، والمَمادِحُ: ما يُسْتَحْسَنُ
منها.
ضــبح: ضَــبَحَ العُودَ بالنار يَضْــبَحُــه ضَــبْحــاً: أَحرق شيئاً من أَعاليه،
وكذلك اللحم وغيره؛ الأَزهري: وكذلك حجارةُ القَدَّاحةِ إِذا طلعت
كأَنها مُتَحَرِّقةٌ مَضْبوحةٌ. وضَــبَحَ القِدْحَ بالنار: لَوَّحَه.
وقِدْحٌ ضَبِيحٌ ومَضْبوحٌ: مُلَوَّح؛ قال:
وأَصْفَرَ مَضْبوحٍ نَظَرْتُ حِوارَه
على النارِ، واسْتَوْدَعْتُه كَفَّ مُجْمِدِ
أَصفر: قِدْحٌ، وذلك أَن القِدْحَ إِذا كان فيه عَوَجٌ ثُقِّفَ بالنار
حتى يستوي. والمَضْبوحةُ: حجارة القَدّاحَةِ التي كأَنها محترقة؛ قال رؤبة
بن العجاج يصف أُتُناً وفَحْلَها:
يَدَعْنَ تُرْبَ الأَرضِ مَجْنُونَ الصِّيَقْ،
والمَرْوَ ذا القَدَّاحِ مَضْبُوحَ الفِلَقْ
والصِّيَقُ: الغُبار. وجنونه: تطايره. والمَضْبُوحُ: حجر الحَرَّة
لسواده.
والضِّــبْحُ: الرَّمادُ، وهو من ذلك؛ الأَزهري: أَصله من ضَــبَحــته النار.
وضَــبَحَــتْه الشمسُ والنار تَضْــبَحُــه ضَــبْحــاً فانْضَــبَحَ: لَوَّحته
وغيَّرته؛ وفي التهذيب: وغَيَّرَتْ لونَه؛ قال:
عُلِّقْتُها قبلَ انْضِباحِ لَوْني،
وجُبْتُ لَمَّاعاً بعيدَ البَوْنِ
والانْضِباحُ: تغير اللون؛ وقيل: ضَــبَحَــتْهُ النارُ غيرته ولم تبالغ
فيه؛ قال مُضَرِّسٌ الأَسديُّ:
فلما أَن تَلَهْوَجْنا شِواءً،
به اللَّهَبانُ مَقْهوراً ضَبِيحا،
خَلَطْتُ لهم مُدامةَ أَذْرِعاتٍ
بماءٍ سَحابةٍ، خَضِلاً نَضُوحا
والمُلَهْوَجُ من الشواء: الذي لم يَتِمَّ نُضْجُه. واللَّهَبانُ:
اتِّقادُ النار واشْتِعالُها.
وانْضَــبَحَ لونُه: تغير إلى السواد قليلاً. وضَــبَحَ الأَرنبُ والأَسودُ
من الحيات والبُومُ والصَّدَى والثعلبُ والقوسُ يَضْــبَحُ ضُباحاً:
صَوَّت؛ أَنشد أَبو حنيفة في وصف قوس:
حَنَّانةٌ من نَشَمٍ أَو تَوْلَبِ،
تَضْــبَحُ في الكَفِّ ضُباح الثَّعلبِ
قال الأَزهري: قال الليث الضُّباح، بالضم، صوت الثعالب؛ قال ذو الرمة:
سَباريتُ يَخْلُو سَمْعُ مُجْتازِ رَكْبِها
من الصوتِ، إِلا من ضُباحِ الثعالبِ
وفي حديث ابن الزبير: قاتل اللهُ فلاناً ضَــبَح ضَــبْحَــة الثعلب وقَبَعَ
قَبْعةَ القُنْفُذِ؛ قال: والهامُ تَضْــبَح أَيضاً ضُباحاً؛ ومنه قول
العَجَّاج:
من ضابِحِ الهامِ وبُومٍ بَوَّام
وفي حديث ابن مسعود: لا يَخْرُجَنَّ أَحدُكم إِلى ضَــبْحــةٍ بليل أَي
صَيْحة يسمعها فلعله يصيبه مكروه، وهو من الضُّباحِ صوت الثعلب؛ ويروى صيحة،
بالصاد المهملة والياء المثناة تحتها؛ وفي شعر أَبي طالب:
فإِني والضَّوابحِ كلَّ يومٍ
جمع ضابح. يريد القَسَمَ بمن رفع صوته بالقراءة، وهو جمع شاذ في صفة
الآدمي كفَوارس.
وضَــبَحَ يَضْــبَحُ ضَــبْحــاً وضُباحاً: نَــبَحَ. والضُّباحُ: الصَّهيل.
وضَــبَحَــت الخيلُ في عَدْوِها تَضْــبَحُ ضَــبْحــاً: أَسْمَعَتْ من أَفواهها صوتاً
ليس بصهيل ولا حَمْحَمَة؛ وقيل: تَضْــبَحُ تَنْحِمُ، وهو صوت أَنفاسها
إِذا عدون؛ قال عنترة:
والخيلُ تَعْلَمُ، حين تَضْـ
ـــبَحُ في حِياضِ الموتِ ضَــبْحــا
(* قوله «والخيل تعلم» كذا بالأصل والصحاح. وأَنشده صاحب الكشاف؛ والخيل
تكدح.)
وقيل: هو سير، وقيل: هو عَدْوٌ دون التقريب؛ وفي التنزيل: والعادياتِ
ضَــبْحــاً؛ كان ابن عباس يقول: هي الخيل تَضْــبَحُ، وكان، رضوان الله عليه،
يقول: هي الإِبل؛ يذهب إِلى وقعة بدر، وقال: ما كان معنا يومئذ إِلاَّ فرس
كان عليه المِقْداد. والضَّــبْح في الخيل أَظهر عند أَهل العلم؛ قال ابن
عباس، رضي الله تعالى عنهما: ما ضَــبَحَــتْ دابة قط إِلا كَلْبٌ أَو فرس؛
وقال بعض أَهل اللغة: من جعلها للإِبل جعل ضَــبْحــاً بمعنى ضَبْعاً؛ يقال:
ضَــبَحَــت الناقة في سيرها وضَبَعَتْ إِذا مَدَّتْ ضَبْعَيها في السير؛ وقال
أَبو إِسحق: ضَــبْحُ الخيل صوت أَجوافها إِذا عَدَت؛ وقال أَبو عبيدة:
ضَــبَحَــتِ الخيلُ وضَبَعَتْ إِذا عدت، وهو السير؛ وقال في كتاب الخيل: هو أَن
يَمُدَّ الفرسُ ضَبْعَيْه إِذا عدا حتى كأَنه على الأَرض طولاً؛ يقال:
ضَــبَحَــتْ وضَبَعَتْ؛ وأَنشد:
إِنَّ الجِيادَ الضَّابِحــاتِ في العَدَدْ
وقال ابن قتيبة في حديث أَبي هريرة: تَعِسَ عبدُ الدينار والدرهم الذي
إِن أُعْطِيَ مَدَحَ وضَــبَحَ، وإِن مُنع قَــبَحَ وكَلَحَ، تَعِسَ فلا
انْتَعَشَ وشِيكَ فلا انْتَقَش؛ معنى ضَــبَحَ: صاح وخاصم عن مُعْطيه، وهذا كما
يقال: فلان يَنْــبَحُ دونك، ذهب إِلى الاستعارة؛ وقيل: الضَّــبْحُ
الخَضِيعة تُسْمَعُ من جوف الفرس؛ وقيل: الضَّــبْحُ شدّةُ النَّفَس عند العَدْو؛
وقيل: هو الحَمْحَمة؛ وقيل: هو كالــبَحَــحِ؛ وقيل: الضَّــبْحُ في السير
كالضَّبْعِ.
وضُبَيْح ومَضْبوحٌ: اسمان.