يُرْسِلُهَا التَّغْمِيضُ إِنْ لَمْ تُرْسَلِ
وَأَغْمَضَتْ حَدَّ السَّيْفِ، إِذَا رَقَّقَتْهُ، أَيْ كَأَنَّكَ لِرِقَّتِهِ أَخْفَيْتَهُ عَنِ الْعُيُونِ.
شكا: شكا الرجلُ أَمْرَه يشْكُو شَكْواً، على فَعْلاً، وشَكْوى على
فَعْلى، وشَكاةً وشَكاوَةً وشِكايةً على حَدّ القَلْب كعَلايةٍ، إِلاَّ أَنَّ
ذلك عَلمٌ فهو أَقْبَلُ للتَّغْيير؛ السيرافي: إِنما قُلِبت واوُه ياءً
لأَن أَكثر مصادِرِ
فِعالَةٍ من المُعْتَلّ إِنما هو من قِسْمِ الياءِ نحو الجِراية
والوِلايَة والوِصايَة، فحُــمِلت الشِّكايَةُ عليه لِقلَّة ذلك في الواو.
وتَشَكَّى واشْتَكى: كشَكا. وتَشاكى القومُ: شَكا بعضُهُم إِلى بَعْضٍ.
وشَكَوْتُ فلاناً أَشْكوه شَكْوى وشِكايَةً وشَّكِيَّةً وشَكاةً إذا أَخْبََرْتَ
عنه بسُوءِ فِعْلِه بِكَ، فهو مَشْكُوٌّ ومَشْكِيٌّ والاسْم الشَّكْوى.
قال ابن بري: الشِّكاية والشَّكِيَّة إِظْهارُ ما يَصِفُك به غيرُك من
المَكْرُوهِ، والاشْتِكاءُ إِظْهارُ ما بِكَ من مَكْروهٍ أَو مَرَضٍ ونحوِه.
وأَشْكَيْتُ فلاناً إِذا فَعَلْتَ به فِعْلاً أَحْوَجه إِلى أَن
يَشْكُوك، وأَشْكَيْتُه أَيضاً إِذا أَعْتَبْته من شَكْواهُ ونَزَعْتَ عن شَكاته
وأَزْلْتَه عمَّا يَشْكُوه، وهو من الأَضْداد. وفي الحديث: شَكَوْنا
إِلى رسول الله؛ صلى الله عليه وسلم، حَرَّ الرَّمْضاءِ فلم يُشْكِنا أَي
شَكَوْا إِليْه حرَّ الشَّمْسِ وما يُصِيبُ أَقْدامَهُم منه إِذا خَرجوا
إِلى صَلاةِ الظُّهْرِ، وسأَلوه تأْخِيرَها قليلاً فلم يُشْكِهِمْ أَي لم
يُجِبْهُم إِلى ذلك ولم يُزِلْ شَكْواهم. ويقال: أَشْكَيْت الرجُلَ إِذا
أَزَلْت شَكْواه وإِذا حــمَلْتــه على الشَّكْوى؛ قال ابن الأَثير: وهذا
الحديث يذكر في مواقيت الصلاة لأَجْلِ قول أَبي إسحق أَحد رُواته: قيل له في
تَعْجيلِها فقال نعَم، والفُقَهاء يَذْكرونه في السُّجودِ، فإِنَّهم
كانوا يَضَعون أَطْرافَ ثِيابهم تحت جباهِهِم في السجود من شِدَّة الحرّ،
فَنُهُوا عن ذلك، وأَنَّهم لمَّا شَكَوْا إليه ما يجدونه من ذلك لم
يَفْسَحْ لهُمْ أَن يَسْجُدوا على طَرَف ثِيابِهِمْ. واشْتَكَيْته: مثلُ
شَكَوْته. وفي حديث ضَبَّةَ ابنِ مِحْصَنٍ قال: شاكَيْتُ أَبا مُوسى في بَعْض ما
يُشاكي الرجلُ أَميرَه؛ هو فاعَلْت من الشَّكْوى، وهو أَن تُخْبر عن
مكروه أَصابَك. والشَّكْوُ والشَّكْوى والشَّكاةُ والشَّكاءُ كُلُّه:
المَرَض. قال أَبو المجيب لابن عمِّه: ما شَكاتُك يا ابن حَكيمٍ؟ قال له:
انتِهاءُ المُدّةِ وانْقضاءُ العِدَّةِ. الليث: الشَّكْوُ الاشْتِكاءُ، تقول:
شَكا يَشْكُو شَكاةً، يُسْتَعْمَل في المَوْجِدَةِ والمرَض. ويقال: هو
شاكٍ مريض. الليث: الشَّكْوُ المرَضُ نفسُه؛ وأَنشد:
أَخي إِنْ تَشَكَّى من أَذىً كنتُ طِبَّهُ،
وإِن كان ذاكَ الشَّكْوُ بي فأَخِي طِبِّي
واشَتَكى عُضواً من أَعضائه وتَشَكَّى بمعنىً. وفي حديث عمرو بن
حُرَيْث: دخل على الحسن في شَكْوٍ له؛ هو المرضُ، وقد شَكا المرضَ شَكْواً
وشَكاةً وشَكْوى وتَشَكَّى واشْتَكى. قال بعضهم: الشاكي والشكِيُّ الذي
يمْرَضُ أَقلَّ المرَض وأَهْوَنه. والشَّكِيُّ: الذي يَشْتَكي. والشَّكِيُّ:
المشكُوُّ. وأَشكى الرجلَ: أَتى إِليه ما يَشْكو فيه به.
وأَشْكاهُ: نزَع له من شِكايتِه وأَعْتَبَه: قال الراجز يصفُ إِبلاً قد
أَتْعَبها السَّيْرُ، فهي تَلْوي أَعناقها تارةً وتَمُدُّها أُخْرى
وتَشْتَكي إِلينا فلا نُشْكيها، وشَكْواها ما غَلَبها من سُوء الحالِ والهُزال
فيقوم مقامَ كلامِها، قال:
تَمُدُّ بالأَعْناق أَو تَثْنيها،
وتَشْتكي لو أَنَّنا نُشْكِيها،
مَسَّ حَوايا قَلَّما نُجْفيها
قال أَبو منصور: وللإِشْكاء معنيان آخران: قال أَبو زيد شكاني فلانٌ
فأَشْكَيْتُه إِذا شَكاكَ فزِدْتَه أَذىً وشكْوى، وقال الفراء أَشْكى إِذا
صادَفَ حَبيبَه يشكُو؛ وروى بعضُهم قولَ ذي الرُّمَّة يصف الربع ووقوفه
عليه:
وأُشكِيه، حتى كاد مما أُبِثُّه
تُكَلِّمني أَحجارُه وملاعِبُهْ
قالوا: معنى أُشْكِيه أَي أُبِثُّه شَكْواي وما أُكابدُه من الشَّوْق
إِلى الظاعِنِين عن الرَّبْعِ حين شَوَّقَتْني معاهِدُهُم فيه إِليهم.
وأَشْكى فلاناً من فلانٍ: أَخذَ له منه ما يَرْضى. وفي حديث خَبَّاب بن
الأَرَتِّ: شكَوْنا إِلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الرَّمْضاءَ فما
أَشْكانا أَي ما أَذِنَ لنا في التخلُّف عن صلاة الظَّهيرة وقتَ الرَّمْضاء.
قال أَبو عبيدة: أَشْكَيْتُ الرجل أَي أَتَيْتُ إِليه ما يشْكوني،
وأَشْكَيتُه إِذا شَكا إِليكَ فرَجَعْت له من شِكايتِه إِيَّاكَ إِلى ما
يُحِبُّ. ابن سيده: وهو يُشْكى بكذا أَي يُتَّهَمُ ويُزَنُّ؛ حكاه يعقوبُ في
الأَلْفاظِ؛ وأَنشد:
قالت له بَيْضاءُ من أَهلِ مَلَلْ،
رَقْراقةُ العَيْنين تُشْكى بالغَزََلْ
وقال مُزاحِم:
خلِيلَيَّ، هل بادٍ به الشَّيْبُ إِن بكى،
وقد كان يُشْكى بالعَزاء مَلُول
والشَّكِيّ أَيضاً: المُوجِع؛ وقول الطِّرِمَّاح بن عَدِيٍّ:
أَنا الطَّرِمَّاحُ وعَمِّي حاتِمُ،
وسْمي شَكِيٌّ ولساني عارِمُ،
كالبَحر حينَ تَنْكَدُ الهَزائِمُ
وسْمي: من السِّمَةِ، وشَكيٌّ: موجِعٌ، والهزائمُ: البئارُ الكثيرة
الماءِ، وسمي شَكِيٌّ أَي يُشْكى لذْعُه وإِحْراقُه.
التهذيب: سلمة يقال به شَكأٌ شديدٌ تَقَشُّرٌ. وقد شَكِئَتْ أَصابعُه،
وهو التَّقَشُّر بين اللحمِ والأَظفارِ شَبيةٌ بالتشققِ. ويقالُ للبعير
إذا أَتعبَه السَّير فمدَّ عنُقَه وكثر أَنِينُه: قد شَكا؛ ومنه قول
الراجز:شكا إِليَّ جملي طولَ السُّرى،
صبراً جُمَيْلي، فكِلانا مُبْتَلى
أَبو منصور: الشَّكاةُ تُوضع موضع العَيب والذَّمِّ؛ وعيَّر رجلٌ عبد
الله بنَ الزُّبَيرِ بأُمِّه فقال ابن الزبير
(* قوله «بأمه فقال ابن
الزبير إلخ» هكذا في الأصل، وعبارة التهذيب: وعير رجل عبد الله بن الزبير بأمه
فقال يا ابن ذات النطاقين فتمثل بقول الهذلي: وتلك شكاة إلخ):
وتلك شَكاةٌ ظاهرٌ عنك عارُها
أَراد: أَن تعييرَه إِيَّاه بأَن أُمَّه كانت ذات النطاقَين ليس بعارٍ،
ومعنى قوله ظاهرٌ عنك عارُها أَي نابٍ، أَراد أَن هذا ليس عاراً يَلزَق
به وأَنه يُفتَخر بذلك، لأَنها إِنما سميت ذات النِّطاقَين لأَنه كان لها
نِطاقانِ تحْمِلُ في أَحدهما الزاد إِلى أَبيها وهو مع رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، في الغارِ، وكانت تَنْتَطِق بالنطاق الآخر، وهي أَسماءُ
بنتُ أَبي بكرٍ الصديقِ، رضي الله عنهما.
الجوهري: ورجلٌ شاكي السلاح إِذا كان ذا شَوْكةٍ وحدٍّ في سلاحه؛ قال
الأَخفش: هو مقلوبٌ من شائك، قال: والشَّكِيُّ في السلاحِ مُعَرَّبٌ، وهو
بالتركَّية بش.
ابن سيده: كل كَوَّةٍ ليست بنافِذةٍ مِشْكاةٌ. ابن جني: أَلف مِشْكاةٍ
منقلِبة عن واو، بدليل أَن العرب قد تنْحو بها مَنْحاة الواو كما يفعلون
بالصلاة. التهذيب: وقوله تعالى: كمِشْكاةٍ فيها مِصباحٌ؛ قال الزجاج: هي
الكَوَّةُ، وقيل: هي بلغة الحبش، قال: والمِشْكاةُ من كلام العرب، قال:
ومثلُها، وإِن كان لغير الكَوَّةِ، الشَّكْوةُ، وهي معروفة، وهي
الزُّقَيْقُ الصغيُر أَولَ ما يُعمَل مثلُه؛ قال أَبو منصور: أَراد، والله أَعلم،
بالمِشْكاة قصَبة الزجاجة التي يُسْتَصبح فيها، وهي موضِع الفَتيلة،
شُبّهت بالمِشْكاة وهي الكَوَّة التي ليست بنافِذَة.
والعرب تقول: سلِّ شاكيَ فلانٍ أَي طَيِّب نفسَه وعزِّه عما عراه.
ويقال: سلَّيت شاكيَ أَرض كذا وكذا أَي تركتُها فلم أَقرَبْها. وكل شيء كفَفْت
عنه فقد سلَّيتَ شاكِيَه.
وفي حديث النجاشي: إِنما يخرجُ من مِشْكاةٍ واحدةٍ؛ المشْكاةُ:
الكَوَّةُ غير النافذةِ، وقيل: هي الحديدة التي يعلَّق عليها القِنديلُ، أَراد
أَن القرآن والإِنجيل كلام الله تعالى، وأَنهما من شيءٍ واحدٍ.
والشَّكْوةُ: جلدُ الرضيع وهو لِلَّبنِ، فإِذا كان جلدَ الجَذَعِ فما
فوقَه سمِّي وَطْباً. وفي حديث عبد الله بنِ
عمرو: كان له شَكْوةٌ يَنْقَعُ فيها زَبيباً، قال: هي وعاءٌ كالدَّلوِ
أَو القِرْبَة الصغيرة، وجمعُها شُكىً. ابن سيده: الشَّكْوة مَسْكُ
السَّخْلَة ما دامَ يَرْضَعُ، فإِذا فُطِم فمَسْكُه البَدْرةُ، فإِذا أَجْذَع
فمَسْكُه السِّقاءُ، وقيل: هو وِعاءٌ من أَدَمٍ يُبَرَّدُ فيه الماءُ
ويُحبَس فيه اللبن، والجمع شَكَواتٌ وشِكاءٌ. وقول الرائد: وشكََّتِ النساءُ
أَي اتَّخذت الشِّكاءَ، وقال ثعلب: إِنما هو تشَكَّت النساءُ أَي اتخذْن
الشِّكاءَ لِمَخْضِ اللبن لأَنه قليلٌ، يعني أَن الشَّكْوةَ صغيرةٌ فلا
يُمَخْضُ فيها إِلا القليلُ، من اللبن. وفي حديث الحجاج: تشَكَّى النساءُ
أَي اتخذْن الشُّكى للَّبنِ. وشَكَّى وتشَكَّى واشْتَكى إِذا اتخذَ
شَكْوةً. أَبو يحيى بنُ كُناسة: تقول العرب في طلوع الثُّرَيَّا بالغَدَواتِ
في الصيف:
طلَع النَّجمُ غُدَيَّهْ،
ابتَغى الرَّاعي شُكيَّهْ
والشُّكَيَّة: تصغير الشَّكْوة، وذلك أَن الثُّرَيّا إِذا طَلَعت هذا
الوقت هَبَّت البوارِحُ ورَمِضَت الأَرض وعَطِشَت الرُّعيان، فاحتاجوا إِلى
شِكاءٍ يَسْتقُون فيها لشفاهِهِم، ويحقِنُون اللُّبَيْنة في بعضِها
ليشربوها قارِصةً. يقال: شَكَّى الراعي وتشَكَّى إِذا اتخذ الشَّكْوةَ؛ وقال
الشاعر:
وحتى رأَيتُ العَنزَ تَشْرى، وشَكَّتِ الـ
أَيامي، وأَضْحى الرِّئْمُ بالدَّوِّ طاوِيا
العَنزُ تَشْرى للخِصْب سِمَناً ونشاطاً، وقوله: أَضحى الرِّئْمُ
طاوِياً أَي طَوى عنُقه من الشِّبَع فرَبَضَ، وقوله: شَكَّت الأَيامى أَي كثُرَ
الرُّسْلُ حتى صارت الأَيِّمُ يفضلُ لها لبنٌ تَحْقِنُه في شَكْوتِها.
واشْتَكى أَي اتخذ شَكْوةً.
والشَّكْوُ: الحَمَلُ الصغير
(* قوله «الحمل الصغير» هكذا بالحاء
المهملة في الأصل والمحكم، وفي القاموس بالجيم).
وبَنو شَكْوٍ: بَطْنٌ؛ التهذيب: وقيل في قول ذي الرمة:
على مُسْتَظِلاَّت العُيونِ سَواهِمٍ
شُوَيْكِيَةٍ، يَكْسُو بُراها لُغامُها
قيل: شُوَيْكِيَةٌ، بغير همز، إِبلٌ منسوبةٌ.
عيل: عالَ يَعِيلُ عَيْلاً وعَيْلة وعُيولاً وعِيُولاً ومَعِيلاً:
افتقر. والعَيِّلُ: الفقير، وكذلك العائل؛ قال الله تعالى: وَوَجَدَك عائلاً
فأَغْنى. وفي الحديث: إِن الله يُبْغِضُ العائلَ المُخْتال؛ العائل:
الفقير؛ ومنه حديث صِلة: أَمَّا أَنا فلا أَعِيلُ فيها أَي لا أَفْتقر. وفي
حديث الإِيمان: وترى العالَة رؤوسَ الناس؛ العالة: الفقراء، جمع عائل،
وقالوا في الدعاء على الإِنسان: ما لَه مالَ وعالَ، فمالَ: عَدَلَ عن الحق،
وعالَ: افتقر. وقال مرَّة
(* قوله «وقال مرة إلخ» هي عبارة المحكم، ولعل
فاعل القول ابن جني المتقدم في عبارته كما يعلم بالوقوف عليها): مالَ
وعالَ بمعنى واحد افتقر واحتاج. ورجل عائلٌ من قوم عالةٍ وعُيَّلٍ؛ قال:
فَتَرَكْنَ نَهْداً عُيَّلاً أَبناؤُهم،
وبَنُو كِنانة كاللُّصُوت المُرَّد
والاسم العَيْلة. والعَيْلة والعالةُ: الفاقة. يقال: عالَ يَعِيل
عَيْلةً وعُيولاً إِذا افتقر. وفي التنزيل: وإِن خِفْتُمْ عَيْلةً؛ وقال
أُحَيْحة:
فهَلْ من كاهِنٍ أَو ذي إِلَهٍ،
إِذا ما كان من ريِّي قُفُول
(* قوله «ربي» هكذا في الأصل).
أُراهِنُه فيَرْهَنُني بَنِيه،
وأَرْهَنُه بَنِيَّ بما أَقول
وما يَدْري الفقيرُ مَتى غِناه،
وما يَدْري الغَنِيُّ مَتى يَعِيل
وما تَدْري، إِذا أَزْمَعْتَ أَمْراً،
بأَيِّ الأَرض يُدْرِكُك المَقِيل
وهو عائلٌ وقوم عَيْلة. وفي الحديث: ما عالَ مُقْتَصِدٌ ولا يَعِيل أَي
ما افتقر. والعالةُ: جمع عائل، تقول: قوم عالةٌ مثل حائكٍ وحاكةٍ؛ قال
ابن بري: ومنه الحديث: أَن تَدَعَ وَرَثَتَك أَغنياء خَيرٌ من أَن تتركهم
عالة يتَكَفَّفُون الناس أَي فقراء. وعِيالُ الرجل وعَيِّله: الذين
يَتَكَفَّل بهم ويَعولهم؛ قال:
سَلامٌ على يَحْيى ولا يُرْجَ عِنْدَه
وَلاءٌ، وإِن أَزْرى بعَيِّلِه الفَقْرُ
وقد يكون العَيِّلُ واحداً، ونسوة عَيائل، فخصَّص النسوة. ورجل
مُعَيَّلٌ: ذو عِيال. ويقال: عنده كذا وكذا عَيِّلاً أَي كذا وكذا نفساً من
العيال.
ويقال: ترَك يَتامى عَيْلى أَي فقراء؛ وواحد العِيال عَيِّلٌ، ويجمع
عَيائل، فعمَّ ولم يُخَصّص.
وعَيَّلَ عِيالَه: أَهملهم؛ قال:
لقد عَيَّلَ الأَيتامَ طعْنةُ ناشرَه
وقيل: عَيَّلهم صَيَّرَهم عِيالاً. وعَيَّل فلان دابَّته إِذا أَهملها
وسيَّبَها؛ وأَنشد:
وإِذا يَقومُ به الحَسِيرُ يُعَيَّل
أَي يُسَيَّب. قال ابن سيده: وعالَ الرجلُ وأَعالَ وأَعْيَلَ وعَيَّلَ
كله كَثُر عِيالُه، فهو مُعِيلٌ، والمرأَة مُعِيلة؛ وقال الأَخفش: صار ذا
عِيال. ابن الكلبي: ما زِلْت مُعِيلاً من العَيْلة أَي محتاجاً، ابن
الأَعرابي: العِيَلُ
(* قوله «ابن الاعرابي العيل إلخ» كذا ضبط في الأصل
بالكسر وكذا ضبط شارح القاموس بالعبارة نقلاً عن ابن الاعرابي، والذي في نسخة
من التهذيب: العيل، مضبوطاً بضمتين) العَيْلة، والعِيلُ جمع العائل وهو
الفقير، والعِيلُ جمع العائل وهو المُتَكَبِّر والمتبختر. وقال يونس:
يقال طالت عَيْلتي إِياك، بالياء، أَي طالما عُلْتُك. وأَعال الذئبُ والأَسد
والنِّمِر يُعِيل إِعالةً إِذا التَمس شيئاً؛ والعَيِّل منهن: الــملتــمس
الباحث، والجمع عَياييل على غير قياس؛ أَنشد سيبويه:
فيها عَياييلُ أُسودٌ ونُمُر
وعالَ في مشْيه يَعِيل عَيْلاً، وهو عَيَّال، وتعَيَّل: تبختر وتمايل
واختال، وتَعَيَّلَ يَتَعَيَّل إِذا فعل ذلك. وفلان عَيَّالٌ: متعيِّل أَي
متبختر. وعالَ في الأَرض يَعِيل عَيْلاً وعُيولاً وعِيُولاً: ضرَب فيها،
وهو عَيَّال
(* قوله «ضرب فيها وهو عيال إلخ» هكذا في الأصل، وعبارة
المحكم: وعال في الارض عيلاً وعيولاً وعيولاً وهو عيال ذهب إلخ) ذهَب ودار
كعارَ؛ قال أَوس في صفة فرس:
لَيْثٌ عليه من البَرْدِيِّ هِبْرِيةٌ
كالمَرْزُبانِيِّ عَيَّالٌ بأَوصال
أَي متبختر، ويروى عَيَّار، وقد تقدم ذكره. والعَيَّال: المتبختر في
مشيه؛ قال ابن بري: والمشهور في رواية من رواه عَيَّال أَن يكون تمام البيت
بآصال أَي يخرج العَيَّال المتبختر بالعَشِيَّات، وهي الأَصائل،
متبختراً، والذي ذكره الجوهري عَيَّال بأَوصال في ترجمة رزب، وليس كذلك في شعره
إِنما هو على ما ذكرناه. وجمع عَيَّال المتبختر عَيايِيلُ؛ قال حكيم ابن
مُعَيَّة الرَّبَعي من تميم يصف قَناةً نبتت في موضع محفوف بالجبال
والشجر:حُفَّتْ بأَطْواد جِبالٍ وحُظُر،
في أَشَبِ الغِيظان مُلْتَــفِّ السَّمُر،
فيه عَيايِيلُ أُسودٌ ونُمُر
الحُظُر: الموضع الذي حوله شجر كالحَظِيرة؛ قال ابن بري: ومن العَيْل
التبختُر قول حميد:
.... لم تَجِدْ لها
تَكالِيفَ إِلاَّ أَن تَعِيلَ وتَسْأَما
وامرأَة عَيَّالةٌ: متبخترة. وعالَ الفرسُ يَعِيل عَيْلاً إِذا ما
تَكفَّأَ في مِشْيته وتمايل، فهو فرس عَيَّالٌ، وذلك لكرمه، وكذلك الرجل إِذا
تبختر في مِشْيته وتمايل. وأَعالَ الرجلُ وأَعْوَل إِعْوالاً أَي حَرَص
وترَك أَولاده يَتامى عَيْلى أَي فقراء. وعالَني الشيءُ يَعِيلني عَيْلاً
ومَعِيلاً: أَعْوَزني وأَعْجَزَني. وعالَ الميزانُ يَعِيل: جار، وقيل:
زاد؛ قال أَبو طالب ابن عبد المطلب:
جَزَى اللهُ عَنَّا عَبْد شَمْسٍ ونَوْفَلاً
عُقوبةَ شَرٍّ عاجلٍ غيرِ آجِل
بميزانِ صِدْقٍ، لا يُغِلُّ شَعِيرةً،
له شاهِدٌ من نَفْسِه غيرُ عائِل
ومكيال عائلٌ: زائد على غيره؛ هذه عن ابن الأَعرابي. وعالَ للضَّالَّةِ
(* قوله «وعال للضالة» كذا في الأصل باللام، وهو الذي في نسختي النهاية
والمحكم والتهذيب، وفي القاموس ونسختين من الصحاح: وعال الضالة، من غير
لام) يَعِيل عَيْلاً وعَيَلاناً إِذا لم يَدْرِ أَين يَبْغِيها. روى صخر بن
عبد الله بن بُرَيدة عن أَبيه عن جده قال: بَيْنا هو جالس بالكوفة في
مجلس مع أَصحابه فقال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: إِنَّ من
البَيانِ لسِحْراً، وإِنَّ من العِلم جَهْلاً، وإِنَّ من الشِّعر
حِكَماً، وإِن من القول عَيْلاً؛ قيل: قوله عَيْلاً عَرْضُك كلامَك على من لا
يريده وليس من شأْنه كأَنه لم يَهْتَدِ لمن يطلب كلامَه فَعَرَضه على من
لا يريد. يونس: لا يَعُول أَحد على القَصْد أَي لا يحتاج، ولا يَعِيل
مثله.والتعييل: سُوءُ الغِذاء. وعَيَّلَ الرجلُ فرسَه إِذا سَيَّبه في
المفازة؛ قال ابن بري: شاهده قول الباهلي:
نَسْقي قَلائصَنا بماء آجِنٍ،
وإِذا يَقُوم به الحَسِيرُ يُعَيَّل
أَي إِذا حَسِر البعير أُخِذَتْ عنه أَداته وتُركَ مُهمَلاً بالفلاة.
والعَيْلان: الذَّكَر من الضِّباع. وعَيْلان: اسم أَبي قَيْس بن
عَيْلان، وقيل: كان اسم فرس فأُضيف إِليه، قال الجوهري: ويقال للناس بن
مُضَر بن نِزار قَيْسُ عَيْلان، وليس في العرب عَيْلانُ غيره، وهو في
الأَصل اسم فرسه، ويقال: هو لقب مُضَر لأَنه يقال قَيْسُ بن عَيْلانَ؛ وقال
زُفَر بن الحرث:
أَلا إِنَّما قَيْسُ بنُ عَيْلانَ بَقَّةٌ،
إِذا وَجَدَتْ رِيحَ العُصَيْر تَغَنَّتِ
عتم: عَتَم الرجلُ عن الشيء يَعْتِمُ وعَتَّم: كَفَّ عنه بعد المُضِيِّ
فيه؛ قال الأَزهري: وأَكثر ما يقال عَتَّم تَعْتِيماً، وقيل: عَتَّم
احْتَبَسَ عن فِعْل الشيء يريده. وعتَم عن الشيء يَعْتِمُ وأَعْتَم وعَتَّم:
أَبْطأَ، والاسم العَتَمُ: وعَتَم قِراهُ: أَخَّره. وقِرًى عاتِمٌ
ومُعَتِّمٌ: بطيءٌ
مُمْسٍ، وقد عَتَم قِرَاه. وأَعْتَمه صاحبُه وعَتَّمه أَي أَخَّره.
ويقال: فلانٌ عاتِمُ القِرَى؛ قال الشاعر:
فلما رأيْنا أَنه عاتِمُ القِرَى
بَخِيلٌ، ذَكَرْنا ليلةَ الهَضْمِ كَرْدَما
قال ابن بري: ويقال جاءنا ضَيْفٌ عاتِمٌ إذا جاء ذلك الوقتَ؛ قال
الراجز:يَبْني العُلى ويَبْتَني المَكارِما،
أَقْراهُ للضَّيْفِ يؤُوب عاتِمَا
وأَعْتَمْتَ حاجَتك أَي أَخَّرْتَها. وقد عَتَمَتْ حاجتُك، ولغةٌ أُخرى:
أَعْتَمَتْ حاجتُك أَي أَبْطأَتْ؛ وأنشد قوله:
مَعاتِيمُ القِرَى، سُرُفٌ إذا ما
أَجَنَّتْ طَخْيَةُ الليلِ البَهِيمِ
وقال الطِّرِمّاحُ يمدح رجلاً:
متى يَعِدْ يُنْجِزْ، ولا يَكْتَبِلْ
منه العَطايا طُولُ إعْتامِها
وأَنشد ثعلب لشاعر يهجو قوماً:
إذا غابَ عنْكُمْ أَسوَدُ العَينِ كُنْتُمُ
كِراماً، وأَنْتمْ، ما أَقامَ، أَلائِمُ
تحَدَّث رُكْبانُ الحَجِيجِ بلُؤْمِكمْ،
ويَقْرِي به الضَّيْفَ اللِّقاحُ العَواتِمُ
يقول: لا تكونون كراماً حتى يَغِيبَ عنكم هذا الجبلُ الذي يقال له
أَسْوَدُ العَينِ وهو لا يَغِيبُ أَبداً، وقوله: يقري به الضيفَ اللقاحُ
العواتم، معناه أَن أَهل البادية يتَشاغَلون بذكر لُؤْمِكُمْ عن حَلْبِ
لِقاحِهم حتى يُمْسُوا، فإذا طَرَقَهم الضيفُ صادفَ الأَلْبانَ بحالها لم
تُحْلَبْ فنال حاجَته، فكان لُؤمُكم قِرى الأَضيافِ. قال ابن الأَعرابي:
العُتُم يكون فَعالُهم مَدْحاً ويكون ذَمّاً جمعُ عاتِمٍ وعَتُومٍ، فإذا كان
مَدْحاً فهو الذي يَقْري ضِيفانَه الليلَ والنهارَ، وإذا كان ذَمّاً فهو
الذي لا يَحْلُب لبَنَ إبِله مُمْسِياً حتى ييْأَسَ من الضيف. وحكى ابن
بري؛ العَتَمةُ الإبْطاءُ أَيضاً؛ قال عمرو بن الإطْنابة:
وجِلاداً إنْ نَشِطْت لهُ
عاجِلاً ليسَتْ له عَتَمه
وحمَل عليه فما عَتَّمَ أَي ما نَكَلَ ولا أَبْطأَ. وضرَبَ فلانٌ فلاناً
فما عَتَّم ولا عَتَّبَ ولا كَذَّبَ أَي لم يَتَمَكَّثْ ولم يتَباطأْ في
ضرْبه إياه. وفي حديث عمر: نَهى عن الحَريرِ إلا هكذا وهكذا فما
عَتَّمْنا أَنه يَعْني الأعْلامَ أَي أَبْطأْنا عن معرفةِ ما عَنى وأَراد؛ قال
ابن بري: شاهدُه قولُ الشاعر:
فمَرَّ نَضِيُّ السَّهمِ تحتَ لَبانِه،
وجالَ على وَحْشِِيِّه لم يُعَتِّمِ
قال الجوهري: والعامَّةُ تقولُ ضرَبَهُ فما عَتَّبَ. وفي الحديث في صفة
نَخْلٍ: أَنَّ سَلْمانَ غرَس كذا وكذا وَدِيَّةً والنبيُّ، صلى الله عليه
وسلم، يُناوِلُه وهو يٍغْرِسُ فما عَتَّمَتْ منها وَدِيَّةٌ
أَي ما لَبِثَتْ أَن عَلِقَتْ. وعَتَمَتِ الإبلُ تَعْتِمُ وتَعْتُمُ
وأَعْتَمَتْ واسْتَعْتَمَتْ: حُلِبَتْ عِشاءً وهو من الإبْطاء
والتَّأَخُّرِ؛ قال أَبو محمد الحَذْلَمِيُّ:
فيها ضَوىً قد رُدَّ من إعْتامِها
والعَتَمَةُ: ثلثُ الليلِ الأولُ بعد غَيْبوبةِ الشَّفَقِ. أَعْتَم
الرجلُ: صار في ذلك الوقت. ويقال: أَعْتَمنا من العَتَمَةِ كما يقال
أَصْبَحْنا من الصُّبْحِ. وأَعْتَم القومُ وعَتَّمُوا تَعْتِيماً: ساروا في ذلك
الوقت، أَو أَوْرَدُوا أو أَصْدَروا، أَو عَمِلوا أَيَّ عَمَلٍ كان، وقيل:
العَتَمةُ وقتُ صلاةِ العشاء الأَخيرةِ، سميت بذلك لاسْتِعْتامِ
نَعَمِها، وقيل: لِتَأخُّر وقتِها. ابن الأَعرابي: عَتَم الليلُ وأَعْتَم إذا
مَرَّ قِطْعةٌ من الليل، وقال: إذا ذَهب النهارُ وجاء الليل فقد جَنَح
الليلُ. وفي الحديث: لا يَغْلِبَنَّكُم الأَعرابُ على اسْمِ صَلاتِكم
العشاءِ؛ فإن اسْمها في كتاب الله العِشاءُ، وإنما يُعْتَمُ بحِلابِ الإبل؛
قوله: إنما يُعْتَمُ بِحلابِ الإبل، معناه لا تُسَمُّوها صلاةَ العَتَمة فإن
الأَعرابَ الذين يَحْلُبُونَ إبلَهم إذا أَعْتَموا أَي دخلوا في وقت
العَتَمة سَمَّوْها صلاةَ العَتَمة، وسَمَّاها اللهُ عز وجل في كتابه صلاةَ
العشاء، فسَمُّوها كما سَمَّاها اللهُ لا كما سماها الأَعرابُ، فنهاهم عن
الاقتداء بهم، ويُستحَبُّ لهم التَّمَسُّكُ بالاسم الناطق به لسانُ
الشريعةِ، وقيل: أراد لا يَغُرَّنَّكُمْ فعْلُهم هذا فَتُؤَخِّروا صلاتكم ولكن
صَلُّوها إذا حانَ وقْتُها. وعَتَمةُ الليلِ: ظلامُ أَوَّلهِ عند سقوطِ
نور الشفقِ. يقال: عَتَم الليلُ يَعْتِمُ. وقد أَعْتَم الناسُ إذا
دَخَلوا في وقت العَتَمة، وأَهلُ البادِية يُرِيحون نَعَمَهم بُعَيْدَ
المَغْرِب ويُنِيخُونَها في مُراحِها ساعةً يَسْتَفِيقونها، فإذا أَفاقَت وذلك
بعد مَرِّ قطعة من الليلِ أَثارُوها وحَلَبوها، وتلك الساعةُ تُسَمَّى
عَتَمةً، وسمعتهم يقولون: اسْتَعْتِمُوا نَعَمَكم حتى تُفِيقَ ثم
احْتَلِبوها. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: واللِّقاحُ قد رُوِّحَتْ وحُلِبتْ عَتَمتُها أَي
حُلِبَتْ ما كانت تُحْلَبُ وقتَ العَتَمةِ، وهم يُسَمُّون الحِلاب
عَتَمةً باسم الوقت. ويقال: قَعَدَ فلان عندنا قَدْرَ عَتَمة الحَلائبِ أَي
احْتَبَس قدر احْتِباسها للإفاقَةِ. وأَصلُ العَتْمِ في كلام العرب المُكْثُ
والاحْتِباسُ. قال ابن سيده: والعَتَمةُ بقِيَّةُ اللبنِ تُفيقُ بها
النَّعَمُ في تلك الساعةِ. يقال: حَلَبْنا عَتَمةً. وعَتَمةُ
الليلُ: ظَلامُه. وقوله: طَيْفٌ أَلَمّْ بذِي سَلَمْ، يَسْرِي عَتَمْ
بينَ الخِيَمْ، يجوز أَن يكون على حذف الهاء كقولهم هو أَبو عُذْرِها؛
وقوله:
أَلا ليتَ شِعْرِي هل تَنَظَّرَ خالِدٌ
عِيادِي على الهِجْرانِ أَم هو يائِسُ؟
قد يكون من البُطْءِ أَي يَسْري بطِيئاً، وقد عَتَم الليلُ يَعْتِمُ.
وعَتَمَةُ الإبلِ: رُجوعُها من المَرْعى بعدما تُمْسي. وناقةٌ
عَتُومٌ: وهي التي لا تَزالُ تَعَشَّى حتى تَذْهَبَ ساعةٌ
من الليل ولا تُحْلَبُ إلا بعد ذلك الوقت؛ قال الراعي:
أُدِرُّ النَّسا كيْلا تَدِرَّ عَتُومُها
والعَتُومُ: الناقةُ التي لا تَدِرُّ إلا عَتَمَةً. قال ابن بري: قال
ثعلب العَتُومة الناقةُ الغزيرةُ الدَّرّ؛ وأَنشد لعامر بن الطُّفَيْلِ:
سُودٌ صَناعِيَةٌ، إذا ما أَوْرَدُوا
صَدَرَتْ عَتُومَتُهمْ، ولَمَّا تُحْلَبِ
صُلْعٌ صَلامعةٌ، كأَنَّ أُنُوفَهُمْ
بَعَرٌ يُنَظِّمهُ الوَلِيدُ بِمَلْعَب
لا يََخْطُبونَ إلى الكرامِ بنَاتِهمْ،
وتَشِيبُ أَيِّمُهُمْ ولما تُخْطَبِ
ويروى:
يُنَظّمُه وَليدٌ يَلْعَبُ
سُودٌ صَناعِيَةٌ: يَصْنعونَ المالَ ويُسَمّنُونَه، والصَّلامِعَةُ:
الدِّقاقُ الرُّؤُوس. قال الأزهري: العَتُوم ناقةٌ غَزِيرَةٌ
يُؤخَّرُ حِلابُها إلى آخر الليل. وقيل: ما قَمْراءُ أَرْبَع
(* قوله
«ما قمراء أربع» كذا في الصحاح والقاموس، والذي في المحكم: ما قمر أربع،
بغير مد)؟ فقيل: عَتَمةُ رُبَع أَي قَدْر ما يَحْتَبِسُ في عشَائه؛ قال
أَبو زيد الأَنصاري: العرب تَقول للقَمَرِ إذاكان ابن لَيْلَةٍ: عَتَمَةُ
سُخَيْلة حَلَّ أَهلُها برُمَيْلة أَي قَدْرُ احْتِباسِ القَمَرِ إذا كان
ابن ليلة، ثم غُروبِه قدْر عَتَمةِ سَخْلَةٍ يَرْضَعُ أُمَّه، ثم
يَحْتَبِسُ قليلاً، ثم يعودُ لرَضاعِ أُمِّه، وذلك أَن يُفَوِّقَ السِّخْلُ أمَّه
فُواقاً بعدَ فُواقٍ يَقْرُبُ ولا يَطولُ، وإذا كان القمرُ ابنَ
لَيْلَتَيْن قيل له: حديثُ أَمَتَيْن بكَذِبٍ ومَيْنٍ، وذلك أَن حَدِيثَهما لا
يَطولُ لشُغْلِهما بمَهْنَةِ أَهْلِهما، وإذا كان ابنَ ثلاث قيل: حدِيثُ
فَتَياتٍ غيرِ مُؤْتَلفاتٍ، وإذا كان ابنَ أَرْبَع قيل: عَتَمةُ رُبَع غير
جائع ولا مُرْضَع؛ أَرادوا أَن قدرَ احتباسِ القَمَرِ طالعاً ثم غُروبه
قدرُ فُواقِ هذا الرُّبَعِ أَو فُواق أُمِّه. وقال ابن الأَعرابي:
عَتَمَةُ
أُمِّ الرُّبَع، وإذا كان ابنَ خَمْسٍ قيل: حديثٌ وأُنْس، ويقال: عَشاءُ
خَلفاتٍ قُعْسٍ، وإذا كان ابنَ سِت قيل: سِرْ وبِتْ، وإذا كان ابنَ
سَبْع قيل: دُلْجَةُ الضَّبُعُ، وإذا كان ابنَ ثَمان قيل: قَمَرٌ إضْحِيان،
وإذا كان ابنَ تِسْع قيل: يُلْقَطُ فيه الجِزْعُ، وإذا كان ابنَ عَشْر قيل
له: مُخَنِّقُ الفَجْر؛ وقول الأَعشى:
نُجُومَ الشِّتاء العَاتماتِ الغَوامِضا
يعني بالعاتماتِ التي تُظْلِمُ من الغَبَرة التي في السماء، وذلك في
الجَدْب لأن نجومَ الشِّتاء أَشدُّ إضاءةً لنَقاء السماء. وضَيْفٌ عاتِمٌ:
مُقِيمٌ. وعَتَّمَ الطائرُ إذا رَفْرَفَ على رَأْسِكَ ولم يَبْعُدْ، وهي
بالغين والياء أَعلى. وعَتَم عَتْماً: نَتَفَ؛ عن كراع.
والعُتْم والعُتُم: شجر الزيتون البَرِّي الذي لا يَحْمِلُ شيئاً، وقيل:
هو ما يَنْبتُ منه بالجبال. وفي حديث أَبي زَيْدٍ الغَافِقيِّ:
الأَسْوِكَةُ ثلاثةٌ أَراكٌ فإن لم يكنْ فَعَتَمٌ
أَو بُطْمٌ؛ العَتَمُ، بالتحريك: الزَّيْتونُ، وقيل: شيء يُشْبِههُ
يَنْبُت بالسَّراة؛ وقال ساعدةُ بن جُؤَيَّة الهُذَليُّ:
من فَوْقِه شُعَبٌ قُرٌّ، وأَسْفَلُه
جَيءٌ تَنَطَّقَ بالظَّيَّانِ والعَتَم
وثَمَرُه الزَّغْبَجُ، والجَيْءُ: الماءُ الذي يَخْرُجُ من الدُّور
فيجتمع في موضع واحد، ومنه أُخِذَ هذه الْجَيْئَةُ المعروفة؛ وقال أمية:
تِلْكُمْ طَرُوقَتُه، واللهُ يَرْفَعها،
فيها العَذاةُ، وفيها يَنْبُتُ العَتَمُ
وقال الجَعْدِيّ:
تَسْتَنُّ بالضِّرْوِ من بَراقِشَ أَوْ
هَيْلانَ، أو ناضِرٍ منَ العُتُم
وقوله:
ارْمِ على قَوْسِكَ ما لم تَنْهَزِمُ،
رَمْيَ المَضَاءِ وجَوادِ بنِ عُتُمْ
يجوز في عُتُمٍ أَن يكون اسم رجل وأَن يكون اسم فرسٍ.
مخخ: المُخُّ: نِقْيُ العظم؛ وفي التهذيب: نِقْيُ عظام القصب؛ وقال ابن
دريد: المُخُّ ما أُخرج من عظم، والجمع مَخَخة ومخاخ، والمُخَّة: الطائفة
منه، وإذا قلت مُخَّة فجمعها المُخُّ. وتقول العرب: هو أَسمح من مُخَّة
الوبَر أَي أَسهل، وقالوا: اندَرَع اندِراعَ المُخَّة وانقصف انقصاف
البَرْوَقَة فاندرع، يذكر في موضعه. وانقصف: انكسر بنصفين. وفي حديث أُمّ
معبد في رواية: فجاءَ يسوق أَعْنُزاً عجافاً مِخاخُهنّ قليل؛ المخاخ جمع مُخ
مثل حِباب وحُب وكمام وكمّ، وإِنما لم يقل قليلة لأَنه أَراد أَن
مخاخَهن شيء قليل.
وتَمَخَّخ العظمَ وامْتَخخَه وتَمَكَّكه ومَخْمَخَه: أَخرج مخه.
والمُخاخَة: ما تُمُصِّص منه. وعظم مَخيخ: ذو مخ؛ وشاة مَخيخة وناقة مخيخة؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
باتَ يُماشي قُلُصاً مَخائِخا
وأَمَخَّ العظمُ: صار فيه مُخّ؛ وفي المثل: شَرٌّ ما يُجِيئُكَ إِلى
مُخَّةِ عُرْقُوبٍ.
وأَمَخَّتِ الدابة والشاة: سَمِنت. وأَمَخَّت الإِبل أَيضاً: سَمِنَت؛
وقيل: هو أَوّل السِّمَن في الإِقبال وآخر الشحم في الهُزال. وفي المثل:
بين المُمِخَّة والعَجْفاءِ. وأَمَخَّ العود: ابتَلَّ وجرى فيه الماءُ،
وأَصل ذلك في العظم. وأَمَخَّ حب الزرع: جرى فيه الدقيق، وأَصل ذلك
العظم.والمخ: الدماغ؛ قال:
فلا يَسْرقُ الكلْبُ السَّرُوقُ نِعالَنا،
ولا نَنْتَقي المُخَّ الذي في الجَماجم
ويروى السروّ وهو فعول من السُّرى، وصف بهذا قوماً فذكر أَنهم لا يلبسون
من النعال إِلا المدبوغة والكلب لا يأْكلها، ولا يستخرجون ما في الجماجم
لأَن العرب تعير بأَكل الدماغ كأَنه عندهم شَرَهٌ ونَهَم. ومُخُّ
العين: شحمتها، وأَكثر ما يستعمل في الشعر. التهذيب: وشحم العين قد سمي مخّاً؛
قال الراجز:
ما دام مُخٌّ في سُلامى أَو عَيْن
ومخ كل شيء: خالصه. وغيره يقال: هذا من نُخّ قَلْبي ونُخاخة قلبي ومن
مُخَّة قلبي ومن مُخِّ قلبي أَي من صافيه. وفي الحديث: الدعاءُ مُخُّ
العبادة؛ مخّ الشيء: خالصه، وإِنما كان مُخّاً لأَمرين: أَحدهما أَنه امتثال
أَمر الله تعالى حيث قال ادعوني فهو محض العبادة وخالصها، الثاني أَنه
إِذا رأَى نجاح الأُمور من الله قطع أَمله عن سواه ودعاه لحاجته وحده، وهذا
هو أَصل العبادة ولأَن الغرض من العبادة الثواب عليها وهو المطلوب
بالدعاءِ.
وأَمْرٌ مُمِخٌّ إِذا كان طائلاً من الأُمور. وإِبل مخائخ إِذا كانت
خياراً. أَبو زيد؛ جاءَته مُخَّة من الناس أَي نخبتهم؛ وأَنشد أَبو
عمرو:أَمسى حَبيبٌ كالفُرَيجِ رائِخا،
يقول: هذا الشرُّ ليس بائخا،
بات يماشي قلصاً مخائخا
ونعجة فَريج إِذا ولدت فانْفَرج وَرِكاها. والرائخ: المسترخي. والمخ:
فرس الغراب بن سالم.
أري: الأَصمعي: أَرَتِ القِدْرُ تَأْري أَرْياً إذا احترقت ولَصِقَ بها
الشيء، وأَرَتِ القِدْرُ تَأْري أَرْياً، وهو ما يَلْصَق بها من الطعام.
وقد أَرَتِ القِدْرُ أَرْياً: لَزِقَ بأَسفلها شيء من الاحتراق مثل
شاطَتْ؛ وفي المحكم: لَزِقَ بأَسفلها شِبْهُ الجُلْبَة السوداء، وذلك إذا لم
يُسَطْ ما فيها أو لم يُصَبَّ عليه ماء. والأَرْيُ: ما لَزِقَ بأَسفلها
وبقِي فيه من ذلك؛ المصدرُ والاسم فيه سواءٌ. وأَرْيُ القِدْرِ: ما
الْتَزَقَ بجوانبها من الحَرَق. ابن الأَعرابي: قُرارَة القِدر وكُدادتُها
وأَرْيُها. والأَرْيُ: العَسَلُ؛ قال لبيد:
بأَشْهَبَ مِنْ أَبكارِ مُزْن سَحابةٍ،
وأَرْيِ دَبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ عاسلُ
وعَمَلُ النَّحْلِ أَرْيٌ أَيضاً؛ وأَنشد ابن بري لأَبي ذؤيب:
جَوارِسُها تَأْري الشُّعُوفَ
تَأْري: تُعَسِّل، قال: هكذا رواه عليّ بن حمزة وروى غيره تَأْوي. وقد
أَرَتِ النَّحْلُ تَأْري أَرْياً وتَأَرَّتْ وأْتَرَتْ: عَــمِلَت العَسَل؛
قال الطرماح في صفة دَبْر العسل:
إذا ما تَأَرَّتْ بالخَليِّ، بَنَتْ به
شَريجَيْنِ مِمّا تَأْتَري وتُتِيعُ
(* قوله «إذا ما تأرت» كذا في الأصل بالراء، وفي التكملة بالواو).
شَريجَيْن: ضربين يعني من الشَّهْدِ والعسل. وتأْتري: تُعَسِّلُ،
وتُتِيعُ أَي تقيء العسلَ. والْتِزاقُ الأَرْي بالعَسَّالة ائْتِراؤه، وقيل:
الأَرْيُ ما تجمعه من العسل في أَجوافِها ثم تَلْفِظه، وقيل: الأَرْيُ
عَمَلُ النحل، وهو أَيضاً ما التَزَقَ من العسل في جوانب العَسَّالة، وقيل:
عَسَلُها حين تَرْمي به من أَفواهها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إذا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر
إنما هو مستعار من ذلك، يعني ما جَمَعَتْ في أَجوافها من الغيظ كما
تَفْعَلُ النَّحْلُ إذا جمَعَتْ في أَفواهها العَسَل ثم مَجَّتْه. ويقال
للَّبَنِ إذا لَصِق وَضَرهُ بالإناء: قد أَرِيَ، وهو الأَرْيُ مثل
الرَّمْي.والتَّأَرِّي: جَمْع الرجل لِبَنِيه الطَّعامَ. وأَرَتِ الريحُ الماءَ:
صَبَّته شيئاً بعد شيء. وأَرْيُ السماءِ ما أَرَتْه الريح تَأْرِيه
أَرْياً فصَبَّته شيئاً بعد شيء، وقيل: أَرْيُ الريح عَمَلُها وسَوْقُها
السحابَ؛ قال زهير:
يَشِمْنَ بُرُوقَها، ويَرُشُّ أَرْيَ الـْ
جَنُوب، على حَواجِبها، العَماءُ
قال الليث: أَرادَ ما وقع من النَّدى والطَّلِّ على الشجر والعُشْب فلم
يَزَلْ يَلْزَقُ بعضهُ ببعض ويَكْثُرُ، قال أَبو منصور: وأَرْيُ الجَنوبِ
ما اسْتَدَرَّتْه الجَنوبُ من الغَمام إذا مَطَرَت. وأَرْيُ السحاب:
دِرَّتُه، قال أَبو حنيفة: أَصل الأَرْيِ العَمَل. وأَرْيُ النَّدى: ما وقع
منه على الشجر والعُشْب فالتزَق وكَثُر. والأَرْيُ: لُطاخةُ ما تأْكله.
وتَأَرَّى عنه: تَخَلَّف. وتَأَرَّى بالمكان وأْتَرى: احْتَبَس. وأَرَتِ
الدابَّةُ مَرْبَطَها ومَعْلَفَها أرْياً: لَزِمَتْه. والآرِيُّ والآري:
الأَخِيَّةُ. وأَرَّيْتُ لها: عَــمِلْتُ لها آريّاً. قال ابن السكيت في
قولهم للمَعْلَف آرِيٌّ قال: هذا مما يضعه الناس في غير موضعه، وإنما
الآرِيُّ مَحْبِس الدابة، وهي الأَواري والأَواخِي، واحدتها آخِيِّةٌ، وآرِيٌّ
إنما هو من الفعل فاعُولٌ. وتَأَرَّى بالمكان إذا تَحَبَّس؛ ومنه قول
أَعشى باهِلة:
لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه،
ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفهِ الصَّفَر
(* قوله «لا يتأرى البيت» قال الصاغاني: هكذا وقع في أكثر كتب اللغة
وأخذ بعضهم عن بعض، والرواية:
لا يتأرى لما في القدر يرقبه
ولا يزال أمام القوم يقتفر
لا يغمز الساق من أين ولا نصب
ولا يعض على شرسوفه الصفر).
وقال آخر:
لا يَتَأَرَّوْنَ في المَضِيق، وإنْ
نادَى مُنادٍ كَيْ يَنْزِلوا، نَزَلوا
يقول: لا يَجْمَعون الطعام في الضِّيقة؛ وقال العجاج:
واعْتَادَ أَرباضاً لها آرِيُّ
من مَعْدِن الصِّيرانِ عُدْمُليُّ
قال: اعْتادَها أَتاها ورَجَع إليها، والأَرْباضُ: جمع رَبَضٍ وهو
المأْوى، وقوله له آرِيٌّ أَي لها آخِيَّةٌ من مَكانِس البقر لا تزول، ولها
أَصل ثابت في سكون الوحش بها، يعني الكِناس. قال: وقد تسمى الآخِيَّة
أَيضاً آرِيّاً، وهو حبل تُشَدُّ به الدابة في مَحْبِسها؛ وأَنشد ابن السكيت
للمُثَقِّب العبدي يصف فرساً:
داوَيْتُه بالمحْض، حتَّى شَتا
يَجْتَذِبُ الآرِيَّ بالمِرْوَد
أي مع المِرْوَدِ، وأَرادَ بآرِيِّه الرَّكاسَةَ المدفونةَ تحت الأَرض
المُثْبتةَ فيها تُشَدُّ الدابةُ من عُرْوتَها البارزة فلا تَقْلَعُها
لثباتها في الأَرض؛ قال الجوهري: وهو في التقدير فاعُولٌ، والجمع الأَوارِي،
يخفف ويشدّد. تقول منه: أَرَّيْتُ للدابة تَأْريَةً، والدابة تَأْري إلى
الدابَّة إذا انضمت إليها وأَلِفَتْ معها مَعْلَفاً واحداً، وآرَيْتُها
أَنا؛ وقول لبيد يصف ناقته:
تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُوأَرْ بها
شُعْبَة السَّاقِ، إذا الظِّلُّ عَقَل
قال الليث: لم يُوأَرْ بها أَي لم يُذْعَرْ، ويروى لم يُورأْ بها أَي لم
يُشْعَرْ بها، قال: وهو مقلوب من أَرَيْتُه أَي أَعلمته، قال: ووزنه
الآن لم يُلْفَعْ، ويروى لم يُورَا، على تخفيف الهمزة، ويروى لم يُؤرَ بها،
بوزن لم يُعْرَ، من الأَرْي أي لم يَلْصَق بصدره الفَزَعُ، ومنه قيل: إن
في صَدْرِكَ عَليَّ لأَرْياً أَي لَطْخاً من حِقْد، وقد أَرى عليَّ
صَدْرُه. قال ابن بري: وروى السيرافي لم يُؤْرَ من أُوار الشمس، وأَصله لم
يُوأَرْ، ومعناه لم يُذْعَرْ أَي لم يُصِبْه حَرُّ الذُّعْر. وقالوا: أَرِيَ
الصَّدْرُ أَرْياً، وهو ما يثبت في الصدر من الضِّغْن. وأَرِيَ صدرُه،
بالكسر، أَي وَغِر. قال ابن سيده: أَرَى صَدْرُه عليَّ أَرْياً وأَرِيَ
اغتاظ؛ وقول الراعي:
لهَا بَدَنٌ عاسٍ ونارٌ كَرِيمةٌ
بمُعْتَلَجِ الآرِيِّ، بَيْنَ الصَّرائم
قيل في تفسيره: الآرِيُّ ما كان بين السَّهْل والحَزْن، وقيل: مُعْتَلَج
الآَرِيّ اسمُ أَرض. وتأَرَّى: تَحَزّن
(* قوله «وتأرّى تحزن» هكذا في
الأصل ولم نجده في كتب اللغة التي بأَيدينا). وأَرَّى الشيءَ: أَثبته
ومَكَّنه. وفي الحديث: اللهم أرِّ ما بَيْنَهم أَي ثَبِّت الوُدَّ ومَكِّنْه،
يدعو للرجل وامرأَته. وروى أَبو عبيدة: أَن رجلاً شكا إلى رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، امرأَته فقال اللهم أَرِّ بَيْنَهما؛ قال أَبو عبيد:
يعني أَثبت بينهما؛ وأَنشد لأَعشى باهلة:
لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه
البيت. يقول: لا يَتَلَبَّث ولا يَتَحَبَّس. وروى بعضهم هذا الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، دعا بهذا الدعاء لعليّ وفاطمة، عليهما
السلام، وروى ابن الأَثير أَنه دعا لامرأَة كانت تَفْرَك زَوْجها فقال: اللهم
أَرِّ بينهما، أَي أَلِّف وأَثبت الوُدَّ بينهما، من قولهم الدابة
تَأْرِي للدابة إذا انضمَّت إليها وأَلِفَت معها مَعْلَفاً واحداً، وآرَيْتُها
أَنا، ورواه ابن الأَنباري: اللهم أَرِّ كلَّ واحد منهما صاحبَه أَي احبس
كل واحد منهما على صاحبه حتى لا ينصرف قلبه إلى غيره، من قولهم
تَأَرَّيْت بالمكان إذا احْتَبَسْت فيه، وبه سمِّيت الآخِيَّة آرِيّاً لأَنها
تمنع الدوابّ عن الانفلات، وسمي المَعْلَف آرِيّاً مجازاً، قال: والصواب في
هذه الرواية أَن يقال اللهم أَرِّ كل واحد منهما على صاحبه، فإن صحت
الرواية بحذف على فيكون كقولهم تَعَلَّقْتُ بفلان وتَعَلَّقتُ فلاناً؛ ومنه
حديث أَبي بكر: أَنه دفع إليه سيفاً ليقتل به رجلاً فاسْتَثْبَتَه فقال:
أَرِّ أَي مَكِّن وثَبِّتْ يدي من السيف، وروي: أَرِ مخففة، من الرؤْية
كأَنه يقول أَرِني بمعنى أَعْطِني. الجوهري: تَأَرَّيْت بالمكان أَقمت به؛
وأَنشد ببيت أَعشى باهلة أَيضاً:
لا يَتأَرَّى لِمَا في القِدْر يَرْقُبُه
وقال في تفسيره: أَي لا يَتَحَبَّس على إدراك القِدْر ليأْكل. قال أَبو
زيد: يَتَأَرَّى يَتَحَرَّى؛ وأَنشد ابن بري للحُطيئة:
ولا تَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبه،
ولا يَقُومُ بأَعْلى الفجر يَنْتَطِق
قال: وأَرَّيْت أَيضاً وإلى مَتى أَنت مُؤَرٍّ به. وأَرَّيْته:
اسْتَرْشَدَني فغَشَشْته. وأَرَّى النارَ: عَظَّمَها ورَفَعَها. وقال أَبو حنيفة:
أَرَّاها جَعَل لها إرَةً، قال: وهذا لا يصح إلا أَن يكون مقلوباً من
وَأَرْتُ، إمَّا مستعمَلة، وإما متوهَّهمة. أَبو زيد: أَرَّيْتُ النارَ
تَأْرِيَةً ونَمَّيتها تَنْمِيَةً وذكَّيْتها تَذْكِيَةً إذا رَفَعْتها.
يقال: أَرِّ نارَك. والإرَةُ: موضع النار، وأَصله إرْيٌ، والهاء عوض من
الياء، والجمع إرُونَ مثل عِزُون؛ قال ابن بري: شاهده لكعب أَو لزهير:
يُثِرْنَ التُّرابَ على وَجْهِه،
كلَوْنَ الدَّواجِن فَوْقَ الإرِينا
قال: وقد تجمع الإرَةُ إرات، قال: والإرةُ عند الجوهري محذوفةُ اللام
بدليل جمعها على إرِين وكَوْنِ الفعل محذوف اللام. يقال: أَرِّ لِنارِك أَي
اجْعَل لها إرَةً، قال: وقد تأْتي الإرَةُ مثل عِدَة محذوفة الواو،
تقول: وَأَرْتُ إرَةً. وآذاني أَرْيُ القِدْرِ والنَّارِ أَي حَرُّهُما؛
وأَنشد ثعلب:
إذا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر
أَي حَرَّ العَداوَة. والإرةُ أَيضاً: شَحْم السَّنامِ؛ قال الراجز:
وَعْدٌ كَشَحْمِ الإرَةِ المُسَرْهَد
الجوهري: أَرَّيْتُ النارَ تَأْرِيَةً أَي ذَكّيتها؛ قال ابن بري: هو
تصحيف وإنما هو أَرَّثْتها، واسم ما تلقيه علي الأُرْثَة. وأَرِّ نارَك
وأَرِّ لنارك أَي اجْعَل لها إرَةً، وهي حُفْرة تكون في وسط النار يكون فيها
معظم الجَمْر. وحكي عن بعضهم أَنه قال: أَرِّ نارَك افتح وسطها ليتسع
الموضع للجمر، واسم الشيء الذي تلقيه عليها من بَعَر أَو حَطَب الذُّكْىة.
قال أَبو منصور: أَحسب أَبا زيد جَعَل أَرَّيْت النار مِنْ وَرَّيْتَها،
فقلب الواو همزة، كما قالوا أكَّدْت اليمين ووَكَّدْتها وأَرَّثْت النار
ووَرَّثْتها. وقالوا من الإرَة وهي الحفرة التي توقد فيها النار: إرَةٌ
بَيّنة الإرْوَة، وقد أَرَوْتها آرُوها، ومِنْ آرِيِّ الدابة أَرَّيْت
تَأْرِيَةً. قال: والآرِيُّ ما حُفِر له وأُدْخِل في الأَرض، وهي الآرِيَّة
والرَّكاسَة. وفي حديث بلال: قال لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
أَمعَكم شيءٌ من الإرَة أَي القدِيد؛ وقيل: هو أَن يُغْلَى اللحمُ بالخل
ويحمل في الأَسفار. وفي حديث بريدةَ: أَنه أَهْدى لرسول الله، صلى الله عليه
وسلم، إرَةً أَي لحماً مطبوخاً في كرش. وفي الحديث: ذُبِحَت لرسول الله،
صلى الله عليه وسلم، شاةٌ ثم صُنِعَتْ في الإرَة؛ الإرَةُ: حفرة توقد
فيها النار، وقيل:هي الحفرة التي حولها الأَثافيُّ. يقال: وَأَرْتُ إرَةَ،
وقيل: الإرَةُ النارُ نَفْسُها، وأَصل الإرَة إرْيٌ، بوزن عِلْم، والهاء
عوض من الياء. وفي حديث زيد بن حارثة: ذبحنا شاة وصنعناها في الإرَة حتى
إذا نَضِجت جعلناها في سُفْرَتنا. وأَرَّيْت عن الشيء: مثل وَرَّيْت
عنه.وبئر ذي أَرْوانَ: اسم بئر، بفتح الهمزة. وفي حديث عبد الرحمن
النَّخَعي: لو كان رأْيُ الناس مثْلَ رَأْيك ما أُدِّيَ الأَرْيانُ. قال ابن
الأَثير: هو الخَراجُ والإتاوة، وهو اسم واحد كالشيطان.
قال الخطابي: الأَشبه بكلام العرب أَن يكون بضم الهمزة والباء المعجمة
بواحدة، وهو الزيادة عن الحق، يقال فيه أُرْبان وعُرْبان، قال: فإن كانت
الياء معجمة باثنتين فهو من التَّأْرِيَة لأَنه شيء قُرِّرَ على الناس
وأُلْزِموه.