واعْرَنْفَطَ الرجُلُ: انْقَبَضَ.
والمُعْرَنْفِطُ: الهَنُ.
بوك: ناقة بائِكةٌ: سمينة خِيار فَتِيَّة حسنة، والجمع البَوائك. ومن
كلامهم: إنه لمِنْحارٌ بَوائكها، وقد باكت بُؤوكاً، وبعير بائِك كذلك،
وجمعهم بُوَّك، وحكى ابن الأَعرابي بُيَّك، وهو مما دخلت فيه الياء على الواو
بغير علة إلا القرب من الطرف وإيثار التخفيف، كما قالوا صُيَّم في صوّم،
ونُيَّم في نُوّم؛ أنشد ابن الأَعرابي:
ألا تَرَاها كالهِضاب بُيَّكا،
مَتالِياً جَنْبَى وعوذاً ضُيَّكا؟
جَنْبَى: أراد كالجَنْبَى لتثاقلها في المشي من السمن، والضُّيَّك: التي
تفاجّ من شدة الحَفْلِ لا تقدر أن تضم أفخاذها على ضروعها، وهو مذكور في
موضعه. الكسائي: باكَت الناقة تَبُوك بَوْكاً سمنت. والبَوائِكُ:
السمان؛ قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
فما كان ذنبُ بَنِي مالكٍ،
بأن سُبَّ منهم غلامٌ فسَبْ
عَراقِيبَ كومٍ طِوال الذُّرَى،
تَخِرُّ بوائِكُها للرُّكَبْ
وقال ذو الرمة: أمثال اللِّجابِ البَوائك. الأَصمعي: البائك والفاشِحُ
(* قوله «والفاشج» كذا بالأصل هنا وفي مادة فسج، ولم يذكر هذه العبارة في
مادة فــشج بل ذكرها في مادة فثج فلعل فــشج محرف عن فثج). والفاسِجُ الناقة
العظيمة السنام، والجمع البَوائِك. وقال النضر: بَوائك الإبل كرامها
وخيارها؛ وقوله أنشده ابن الأَعرابي:
أعطاكَ يا زيدُ الذي يُعْطي النِّعمْ
من غير ما تَمَنُّنٍ ولا عَدَمْ،
بَوائِكاً لم تَنْتَجِعْ مع الغنم
فسره فقال: البَوائك الثابتة في مكانها يعني النخل.
والبَوْك: تَثْويرُ الماء، وفي التهذيب: تَثْوير العين يعني عين الماء.
يقال: باكَ العينَ يعبُوكها. وفي الحديث: أن بعض المنافقين باكَ عَيْناً
كان النبي، صلى الله عليه وسلم، وضع فيها سهماً. والبَوْكُ: تَدُوير
البُنْدقة بين راحتيك. وفي حديث ابن عمر: أنه كانت له بُنْدقة من مسك وكان
يبلها ثم يَبُوكها أي يديرها بين راحتيه فتفوح روائحها. والبَوْك: البيع.
وحكي عن أعرابي أنه قال: معي درهم بَهْرَج لا يُباكُ به شيء أي لا يباع.
وباكَ إذا اشترى، وباكَ إذا باع، وباكَ إذا جامع. والبوك: الشراء،
والبَوْك إدخال القِدْح في النصل. ويقال: عُكْتَ وبُكْتَ ما لا يدي لك به
(*
قوله: «ما لا يدي لك به» هكذا في الأصل.) وعاك وباك. والبَوْك: سفاد الحمار.
وباكَ الحمارُ الأتانَ يَبوكها بَوْكاً: كامَها ونزا عليها، وقد يستعمل
في المرأة، قال ابن بري: وقد يستعار للآدمي؛ وأنشد أبو عمرو:
فباكها مُشوَثَّقُ النِّيَاطِ،
ليس كَبَوْكِ بعلها الوَطْوَاطِ
وفي الحديث: أنه رُفع إلى عمر بن عبد العزيز أن رجلاً قال لآخر وذكر
امرأة أجنبية: إنَّك تَبُوكها، فجلده عمر وجعله قذفاً، وأصل البَوْك في
ضِراب البهائم وخاصة الحمير، فرأى عمر ذلك قذفاً وإن لم يكن صرح بالزنا. وفي
حديث سليمان بن عبد الملك: أن فلاناً قال لرجل من قريش: عَلامَ تَبُوك
يتيمك في حجرك؟ فكتب إلى ابن حزم أنِ اضْرِبْه الحدَّ. وباك القومُ رأيَهم
بَوْكاً: اختلط عليهم فلم يجدوا له مَخْرَجاً. وباكَ أمرُهم بوكاً: اختلط
عليهم. ولقيته أول بَوْكٍ أَي أوَّل مرة، ويقال لقيته اوَّل بَوْكٍ.
وأَوّلَ كل صَوْكٍ وبَوْكٍ أي أول كل شيء. ويقال: أول بَوْكٍ وأول بائك أي
كل شيء. وكذلك فعله أول كل صَوْكٍ وبَوْكٍ. ويقال: لقيته أول صَوْكٍ
وبَوْكٍ أي أول مرة، وهو كقولك لقيته أول ذات بدءٍ. وفي الحديث: أنهم باتوا
يَبوكون حِسْيَ تَبوك بقِدْح فلذلك سميت تَبُوك، أي يحرّكونه يدخلون فيه
القِدْح، وهو السهم، ليخرج منه الماء؛ ومنه يقال: باكَ الحمارَ الأَتان.
وسميت غزوة تَبُوك لأَن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأَى قوماً من أَصحابه
يَبوكون حسْيَ تَبُوك أَي يدخلون فيه القِدْح ويحركونه ليخرج الماء،
فقال: ما زلتم تَبُوكونها بَوْكاً، فسميت تلك الغزوة غزوة تَبُوك، وهو
تَفْعُل من البَوْك، والحِسْي: العين كالجَفْر.
دمع: الدَّمْع: ماء العين، والجمع أَدْمُعٌ ودُموعٌ، والقَطْرةُ منه
دَمْعة. وذُو الدَّمعة: الحُسَين بن زيد بن علي، رضوان الله عليهم، لُقِّبَ
بذلك لكثرة دَمْعِه، فَعُوتِبَ على ذلك فقال: وهل ترَكتِ النارُ
والسَّهمان لي مَضْحَكاً؟ يريد السهْمَين اللذين أَصابا زيد بن علي ويحيى بن زيد،
رضي الله عنهم، وقتلا بخُراسانَ. ودَمَعتِ العينُ ودَمِعت تدْمَع،
فيهما، دمْعاً ودَمَعاناً ودُموعاً، وقيل دَمِعَت دَمَعاً، وامرأَة دَمِعةٌ
ودَمِيعٌ، بغير هاء، كلتاهما: سريعة البكاء كثيرة دمع العين؛ الأَخيرة عن
اللحياني، من نسوة دَمْعَى ودَمائعَ، وما أَكثر دَمْعَتها، التأْنيث
للدَّمْعة. وقال الكسائي وأَبو زيد: دَمَعَت، بفتح الميم، لا غير. ورجل
دَمِيعٌ من قوم دُمَعاء ودَمْعَى. وعين دَموع: كثيرة الدَّمْعة أَو سريعتها؛
واستعار لبيد الدَّمْع في الجفْنة يَكْثرُ دسَمُها ويَسِيل فقال:
ولكنَّ مالي غالَه كُلُّ جَفْنةٍ،
إِذا حانَ وِرْدٌ، أَسْبَلَتْ بدُمُوعِ
يقال: جَفْنةٌ دامِعةٌ وقد دَمِعَت ورَذِمَت.
والمَدامِعُ: المآقي وهي أَطراف العين. والمَدْمَع: مَسِيل الدمع. قال
الأَزهري: والمَدْمَعُ مُجْتَمَعُ الدَّمْع في نواحي العين، وجمعه
مَدامِعُ. يقال: فاضت مَدامِعه. قال: والماقِيانِ من المَدامِع والمُؤْخِران
كذلك.
والدُّمُع، بضم الدال، والدِّماعُ، كلاهما: سِمةٌ من سِماتِ الإِبل في
مَجْرى الدَّمْع. وقال أَبو علي في التذكرة: والدُّمُع سمة في مَدْمَع
العين خطّ صغير، وبعير مَدْمُوعٌ. وقال ابن شميل: الدِّماع مِيسمٌ في
المَناظِر سائلٌ إِلى المَنْخَر، وربما كان عليه دِماعانِ. ودَمَعَ المطرُ:
سالَ، على المثَل؛ قال:
فبَات يأْذَى من رَذاذٍ دَمَعا
ويوم دَمّاعٌ: ذو رَذاذٍ. وثَرًى دَموعٌ ودامِعٌ ودَمّاعٌ ومكانٌ كذلك
إِذا كان نَدِيًّا يتحلَّبُ منه الماء أَو يكاد؛ قال:
من كلِّ دَمّاعِ الثَّرَى مُطَلَّلِ
وقد دَمَع. قال أَبو عدنان: من المياه المَدامِعُ، وهي ما قطر من عُرْضِ
جبل؛ قال: وسأَلت العُقَيْليّ عن هذا البيت:
والشمسُ تَدْمَعُ عَيْناها ومُنْخُرها،
وهنَّ يَخْرُجْن من بِيدٍ إِلى بِيدِ
فقال: هي الظهيرة إِذا سال لُعاب الشمس. وقال الغَنوي: إِذا عَطِشَت
الدَّوابُّ ذَرِفَت عُيونها وسالت مَناخِرها. وشَجَّــة دامِعةٌ: تَسِيلُ
دَماً، وهي بعد الدَّامِية، فإِن الدامِيةَ هي التي تَدْمَى من غير أَن يسيل
منها دم، فإِذا سال منها دم فهي الدّامعةُ، بالعين غير المعجمة؛ وقال ابن
الأَثير: هو أَن يسيل الدَّم منها قَطْراً كالدَّمْع. والدُّماعُ
ودُمّاعُ الكَرْم: هو ما يسيل منه أَيام الربيع. وأَدْمَعَ الإِناءَ إِذا
مَلأَهُ حتى يَفِيضَ. وقدَحٌ دَمْعان إِذا امتلأَ فجعل يَسِيل من
جَوانِبه.والإِدْماع: مَلْء الإِناء. يقال: أَدْمِعْ مُشَقَّرَكَ أَي قَدَحَك،
قاله ابن الأَعرابي.
والدُّماعُ: نبت، ليس بثَبت. والدُّماع، بالضم: ماء العين من عِلَّة أَو
كِبر، ليس الدَّمْعَ؛ وقال:
يا مَنْ لْعَيْنٍ لا تَني تَهْماعا،
قد تَرَكَ الدَّمْعُ بها دُماعا
والدَّمْع: السيَلانُ من الرَّاوُوق، وهو مِصْفاة الصَّبّاغ.
ذهب: الذَّهابُ: السَّيرُ والـمُرُورُ؛ ذَهَبَ يَذْهَبُ ذَهاباً
وذُهوباً فهو ذاهِبٌ وذَهُوبٌ.
والـمَذْهَبُ: مصدر، كالذَّهابِ.
وذَهَبَ به وأَذهَبَه غيره: أَزالَه. ويقال: أَذْهَبَ
به، قال أَبو إِسحق: وهو قليل. فأَمـَّا قراءة بعضهم: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار، فنادِرٌ. وقالوا: ذَهَبْتُ الشَّامَ، فعَدَّوْهُ بغيرِ حرفٍ، وإِن كان الشامُ ظَرْفاً مَخْصُوصاً شَبَّهوه بالمكان الـمُبْهَم، إِذ كان يَقَعُ عليه المكانُ والـمَذْهَبُ. وحكى اللحياني: إِنَّ الليلَ طوِيلٌ، ولا يَذْهَبُ بنَفْسِ أَحدٍ منَّا، أَي لا ذَهَب.
والـمَذْهَب: الـمُتَوَضَّـأُ، لأَنـَّهُ يُذْهَبُ إِليه. وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى اللّه عليه وسلّم، كان إِذا أَراد الغائطَ أَبْعَدَ في الـمَذْهَبِ، وهو مَفْعَلٌ من الذَّهابِ.
الكسائي: يقالُ لـمَوضع الغائطِ: الخَلاءُ، والـمَذْهَب، والـمِرْفَقُ،
والـمِرْحاضُ.
والـمَذْهَبُ: الـمُعْتَقَد الذي يُذْهَبُ إِليه؛ وذَهَب فلانٌ لِذَهَبِه أَي لـمَذْهَبِه الذي يَذْهَبُ فيه. وحَكى اللحياني عن الكسائي: ما
يُدْرَى له أَينَ مَذْهَبٌ، ولا يُدْرَى لَهُ ما مَذْهَبٌ أَي لا يُدْرَى
أَين أَصلُه. ويقال: ذَهَبَ فُلانٌ مَذْهَباً حَسَناً. وقولهم به: مُذْهَب،
يَعْنون الوَسْوَسَة في الماءِ، وكثرة استعمالِه في الوُضوءِ. قال
الأَزْهَرِيُّ: وأَهلُ بَغدادَ يقولون للـمُوَسْوِسِ من الناس: به
الـمُذْهِبُ، وعَوَامُّهم يقولون: به الـمُذْهَب، بفَتح الهاء، والصواب
الـمُذْهِبُ.والذَّهَبُ: معروفٌ، وربما أُنِّثَ. غيره: الذَّهَبُ التِّبْرُ،
القِطْعَةُ منه ذَهَبَة، وعلى هذا يُذَكَّر ويُؤَنَّث، على ما ذُكر في الجمعِ الذي لا يُفارِقُه واحدُه إِلاَّ بالهاءِ. وفي حديث عليٍّ، كرّم اللّه وجهه: فبَعَثَ من اليَمَنِ بذُهَيْبَة. قال ابن الأَثير: وهي تصغير ذَهَبٍ، وأَدْخَلَ الهاءَ فيها لأَنَّ الذَّهَب يُؤَنَّث، والـمُؤَنَّث الثُّلاثيّ إِذا صُغِّرَ أُلْـحِقَ في تصغيرِه الهاءُ، نحو قُوَيْسَةٍ وشُمَيْسَةٍ؛ وقيل: هو تصغيرُ ذَهَبَةٍ، على نِـيَّةِ القِطْعَةِ منها، فصَغَّرَها على لفظِها؛ والجمع الأَذْهابُ والذُّهُوبُ. وفي حديث عليّ، كرّم اللّه تعالى وجهه: لو أَرادَ اللّه أَن يَفْتَحَ لهم كنوزَ الذِّهْبانِ، لفَعَل؛ هو جمعُ ذَهَبٍ، كبَرَقٍ وبِرْقانٍ، وقد يجمع بالضمِّ، نحو حَمَلٍ وحُمْلانٍ.
وأَذْهَبَ الشيءَ: طلاه بالذَّهَبِ.
والـمُذْهَبُ: الشيءُ الـمَطْليُّ بالذَّهَب؛ قال لبيد:
أَوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ، على أَلْواحِهِ * أَلنَّاطِقُ الـمَبْرُوزُ والـمَخْتُومُ
ويروى: على أَلواحِهِنَّ النَّاطِقُ، وإِنما عَدَل عن ذلك بعض الرُّواةِ اسْتِـيحاشاً من قَطْعِ أَلِفِ الوَصْل، وهذا جائِزٌ عند سيبويه في الشِّعْرِ، ولاسِـيَّـما في الأَنْصافِ، لأَنها مواضِعُ فُصُولٍ.
وأَهلُ الـحِجازِ يقولون: هي الذَّهَبُ، ويقال نَزَلَت بلُغَتِهِم:
والذين يَكنِزُونَ الذَّهَبَ والفضة، ولا يُنْفِقونها في سبيل اللّه؛ ولولا ذلك، لَغَلَبَ الـمُذَكَّرُ الـمُؤَنَّثَ. قال: وسائِرُ العَرب يقولون: هو الذَّهَب؛ قال الأَزهري: الذَّهب مُذَكَّر عندَ العَرَب، ولا يجوزُ
تأْنِـيثُه إِلا أَنْ تَجْعَلَهُ جَمْعاً لذَهَبَةٍ؛ وأَما قوله عزَّ وجلَّ: ولا يُنْفِقُونَها، ولم يَقُلْ ولا يُنْفِقُونَه، ففيه أَقاويل: أَحَدُها أَنَّ المعنى يَكْنزُون الذَّهَبَ والفِضَّة، ولا يُنْفِقُونَ الكُنُوزَ في سَبِـيلِ اللّه؛ وقيل: جائِزٌ أَن يكونَ مَحْمولاً على الأَمْوالِ فيكون: ولا يُنْفِقُونَ الأَموال ؛ ويجوز أن يَكونَ: ولا يُنْفِقُونَ الفِضَّة، وحذف الذَّهب كأَنه قال: والذين يَكْنِزُونَ الذَّهَب ولا يُنْفِقُونَه، والفِضَّة ولا يُنْفِقُونَها، فاخْتُصِرَ الكَلام، كما قال:
واللّه ورسولُه أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه، ولم يَقُلْ يُرْضُوهُما.
وكُلُّ ما مُوِّهَ بالذَّهَبِ فقَدْ أُذْهِبَ، وهو مُذْهَبٌ، والفاعل مُذْهِبٌ.
والإِذْهابُ والتَّذْهِـيبُ واحدٌ، وهو التَّمويهُ بالذَّهَب.
ويقال: ذَهَّبْتُ الشيءَ فهو مُذَهَّب إِذا طَلَيْتَه بالذَّهَبِ. وفي حديث جرير وذِكْرِ الصَّدَقَةِ: حتى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، يَتَهَلَّل كأَنـَّه مُذْهَبَةٌ؛ كذا جاءَ في سنن النسائي وبعضِ طُرُقِ مُسْلم، قال: والرواية بالدال المهملة والنون،
وسيأْتي ذكره؛ فَعَلى قوله مُذْهَبَةٌ، هو من الشيءِ الـمُذْهَب، وهو
الـمُمَوَّه بالذَّهَبِ، أَو هو من قولهم: فَرَس مُذْهَبٌ إِذا عَلَتْ
حُمْرَتَه صُفْرَةٌ، والأُنْثَى مُذْهَبَة، وإِنما خَصَّ الأُنْثَى بالذِّكْرِ
لأَنـَّها أَصْفَى لَوْناً وأَرَقُّ بَشَرَةً.
ويقال: كُمَيْتٌ مُذْهَب للَّذي تَعْلُو حُمْرَتَه صُفْرَة، فإِذا اشتَدَّتْ حُمْرَتُه، ولم تَعْلُه صُفْرَةٌ، فهو الـمُدَمَّى، والأُنْثى مُذْهَبَة. وشيءٌ ذَهِـيبٌ مُذْهَبٌ؛ قال: أُراه على تَوَهُّم حَذْفِ الزِّيادَةِ؛ قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:
مُوَشَّحَة الأَقْرابِ، أَمـَّا سَرَاتُها * فَمُلْسٌ، وأَمـَّا جِلْدُها فَذَهِـيبُ
والـمَذَاهِبُ: سُيُورٌ تُـمَوَّه بالذَّهَبِ؛ قال ابن السّكيت، في قول
قيس بن الخَطِـيم:
أَتَعْرفُ رَسْماً كاطِّرَادِ الـمَذَاهِبِ
الـمَذاهِبُ: جُلُودٌ كانت تُذْهَب، واحِدُها مُذْهَبٌ، تُجْعَلُ فيه
خُطوطٌ مُذَهَّبة، فيرى بَعْضُها في أَثرِ بَعْضٍ، فكأَنها مُتَتابِعَةٌ؛
ومنه قول الهذلي:
يَنْزِعْنَ جِلْدَ الـمَرْءِ نَزْ * عَ القَينِ أَخْلاقَ الـمَذَاهِبْ
يقول: الضِّباع يَنزِعْنَ جِلْدَ القَتِـيل، كما يَنزِعُ القَين خِلَل
السُّيُوف. قال، ويقالُ: الـمَذاهِبُ البُرود الـمُوَشَّاةُ، يقال: بُرْدٌ
مُذْهَبٌ، وهو أَرْفَعُ الأَتحَمِـيِّ.
وذَهِبَ الرجلُ، بالكسر، يَذْهَبُ ذَهَباً فهو ذَهِبٌ: هَجَمَ في الـمَعْدِن على ذَهبٍ كثير، فرآه فَزَالَ عقلُه، وبَرِقَ بَصَره من كثرة
عِظَمِه في عَيْنِه، فلم يَطْرِفْ؛ مُشْتَقٌّ من الذهب؛ قال الرَّاجز:
ذَهِبَ لـمَّا أَن رآها تَزْمُرَهْ
وفي رواية(1) :
(1 قوله «وفي رواية إلخ» قال الصاغاني في التكملة الرواية:
«ذهب لما أن رآها تزمرة» وهذا صريح في أنه ليس فيه رواية أخرى.)
ذَهِبَ لـمَّا أَن رآها ثُرْمُلَهْ،
وقال: يا قَوْمِ، رأَيتُ مُنْكرَهْ:
شَذْرَةَ وادٍ، ورأَيتُ الزُّهَرَهْ
وثُرْمُلَة: اسمُ رجل. وحكى ابن الأَعرابي: ذِهِبَ، قال: وهذا عندنا مُطَّرِدٌ إِذا كان ثانيهِ حَرْفاً من حُروفِ الـحَلْقِ، وكان الفعْل مكسور الثاني، وذلك في لغة بني تميمٍ؛ وسمعه ابن الأَعرابي فظَنَّه غيرَ مُطَّرِدٍ في لغتِهِم، فلذلك حكاه. والذِّهْبةُ، بالكسر، الـمَطْرَة، وقيل: الـمَطْرةُ الضَّعيفة، وقيل: الجَوْدُ، والجمع ذِهابٌ؛ قال
ذو الرُّمة يصف روضة:
حَوَّاءُ، قَرْحاءُ، أَشْراطِـيَّة، وكَفَتْ * فيها الذِّهابُ، وحفَّتْها البراعيمُ
وأَنشد الجوهري للبعيث:
وذي أُشُرٍ، كالأُقْحُوانِ، تَشُوفُه * ذِهابُ الصَّبَا، والـمُعْصِراتُ الدَّوالِـحُ
وقيل: ذِهْبةٌ للـمَطْرة، واحدَةُ الذِّهاب. أَبو عبيد عن أَصحابه:
الذِّهابُ الأَمْطارُ الضَّعيفة؛ ومنه قول الشاعر:
تَوَضَّحْنَ في قَرْنِ الغَزَالَةِ، بَعْدَمَا * تَرَشَّفْنَ دِرَّاتِ الذِّهابِ الرَّكائِكِ
وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه، في الاستسقاء: لا قَزَعٌ رَبابُها، ولا شِفّانٌ ذِهابُها؛ الذِّهابُ: الأَمْطارُ اللَّـيِّـنة؛ وفي الكلام مُضافٌ محذوف تقديرُه: ولا ذَاتُ شِفّانٍ ذِهابُها.
والذَّهَب، بفتح الهاءِ: مِكيالٌ معروفٌ لأَهْلِ اليَمَن، والجمع ذِهابٌ
وأَذهابٌ وأَذاهِـيبُ، وأَذاهِبُ جمع الجمع. وفي حديث عِكرمة أَنه قال: في أَذاهِبَ من بُرٍّ وأَذاهِبَ من شَعِـيرٍ، قال: يُضَمُّ بعضُها إِلى بعضٍ فتُزَكَّى. الذَّهَبُ: مِكيالٌ معروفٌ لأَهلِ اليمنِ، وجمعُه
أَذهابٌ، وأَذاهِبُ جمعُ الجمع.
والذِّهابُ والذُّهابُ: موضعٌ، وقيل: هو جبلٌ بعَيْنه؛ قال أَبو دواد:
لِـمَنْ طَلَلٌ، كعُنْوانِ الكتابِ، * ببَطْنِ لُواقَ، أَو بَطْنِ الذُّهابِ
ويروى: الذِّهابِ.
وذَهْبانُ: ابو بَطْنٍ.
وذَهُوبُ: اسم امرأَةٍ.
والـمُذْهِبُ: اسمُ شيطانٍ؛ يقالُ هو من وَلد ابليسَ، يَتَصَوَّر
للقُرَّاءِ، فيَفْتِنهُم عند الوضوءِ وغيرِه؛ قال ابن دُرَيْد: لا أَحسبُه
عَرَبِـيّاً.
مزح: المَزْحُ: الدُّعابةُ، وفي المحكم: المَزْحُ نقيضُ الجِدِّ؛ مَزَحَ
يَمْزَحُ مَزْحاً ومِزاحاً ومُزاحاً ومُزاحةً
(* قوله «ومزاحة» بضم
الميم كما ضبطه المجد، وفتحها الفيومي. نقل شارح القاموس: ان المزاح المباسطة
إلى الغير على جهة التلطف والاستعطاف دون أذية.) وقد مازَحه مُمازَحةً
ومِزاحاً والاسم المُزاح، بالضم، والمُزاحة أَيضاً.
وأَرَى أَبا حنيفة حكى: أَمْزِحْ كرْمَك، بقطع الأَلف، بمعنى عَرِّشْه.
الجوهري: المِزاح، بالكسر: مصدر مازَحه. وهما يَتَمازَحانِ.
الأَزهري: المُزَّحُ من الرجال الخارجون من طَبْعِ الثُّقَلاء،
المتميزون من طبع البُغَضاء.
حسن: الحُسْنُ: ضدُّ القُبْح ونقيضه. الأَزهري: الحُسْن نَعْت لما
حَسُن؛ حَسُنَ وحَسَن يَحْسُن حُسْناً فيهما، فهو حاسِنٌ
وحَسَن؛ قال الجوهري: والجمع مَحاسِن، على غير قياس، كأَنه جمع مَحْسَن.
وحكى اللحياني: احْسُنْ إن كنتَ حاسِناً، فهذا في المستقبل، وإنه
لَحَسَن، يريد فِعْل الحال، وجمع الحَسَن حِسان. الجوهري: تقول قد حَسُن
الشيءُ، وإن شئت خَفَّفْت الضمة فقلت: حَسْنَ الشيءُ، ولا يجوز أَن تنقُل الضمة
إلى الحاء لأَنه خبَرٌ، وإنما يجوز النقْل إذا كان بمعنى المدح أَو
الذَّم لأَنه يُشَّبه في جواز النَّقْل بنِعْم وبِئْس، وذلك أَن الأَصل فيهما
نَعِم وبَئِس، فسُكِّن ثانيهما ونقِلتْ حركته إلى ما قبله، فكذلك كلُّ
ما كان في معناهما؛ قال سهم بن حنظلة الغَنَوي:
لم يَمْنَعِ الناسُ مِنِّي ما أَردتُ، وما
أُعْطِيهمُ ما أَرادوا، حُسْنَ ذا أَدَبا.
أَراد: حَسُن هذا أَدَباً، فخفَّف ونقَل. ورجل حَسَنٌ بَسَن: إتباع له،
وامرأَة حَسَنة، وقالوا: امرأَة حَسْناء ولم يقولوا رجل أَحْسَن، قال
ثعلب: وكان ينبغي أَن يقال لأَنَّ القياس يوجب ذلك، وهو اسم أُنِّث من غير
تَذْكير، كما قالوا غلام أَمرَد ولم يقولوا جارية مَرْداء، فهو تذكير من
غير تأْنيث. والحُسّان، بالضم: أَحسَن من الحَسَن. قال ابن سيده: ورجل
حُسَان، مخفَّف، كحَسَن، وحُسّان، والجمع حُسّانونَ؛ قال سيبويه: ولا
يُكَسَّر، استغْنَوْا عنه بالواو والنون، والأُنثى حَسَنة، والجمع حِسان
كالمذكر وحُسّانة؛ قال الشماخ:
دارَ الفَتاةِ التي كُنّا نقول لها:
يا ظَبْيةً عُطُلاً حُسّانةَ الجِيدِ.
والجمع حُسّانات، قال سيبويه: إنما نصب دارَ بإضمار أَعني، ويروى
بالرفع. قال ابن بري: حَسِين وحُسَان وحُسّان مثل كَبير وكُبَار وكُبَّار
وعَجيب وعُجاب وعُجَّاب وظريف وظُراف وظُرَّاف؛ وقال ذو الإصبع:
كأَنَّا يَوْمَ قُرَّى إِنْــ
ـنَما نَقْتُل إيّانا
قِياماً بينهم كلُّ
فَتًى أَبْيَضَ حُسّانا.
وأَصل قولهم شيء حَسَن حَسِين لأَنه من حَسُن يَحْسُن كما قالوا عَظُم
فهو عَظِيم، وكَرُم فهو كريم، كذلك حَسُن فهو حَسِين، إلا أَنه جاء
نادراً، ثم قلب الفَعِيل فُعالاً ثم فُعّالاً إذا بُولِغَ في نَعْته فقالوا
حَسَنٌ وحُسَان وحُسّان، وكذلك كريم وكُرام وكُرّام، وجمع الحَسْناء من
النساء حِسانٌ ولا نظير لها إلا عَجْفاء وعِجاف، ولا يقال للذكر أَحْسَن،
إنما تقول هو الأَحْسن على إرادة التفضيل، والجمع الأَحاسِن. وأَحاسِنُ
القوم: حِسانهم. وفي الحديث: أَحاسِنُكم أَخْلاقاً المُوَطَّؤُون أَكنافاً،
وهي الحُسْنَى. والحاسِنُ: القَمَر. وحسَّنْتُ الشيءَ تحْسيناً:
زَيَّنتُه، وأَحسَنْتُ إليه وبه، وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال في قوله
تعالى في قصة يوسف، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وقد أَحسَنَ بي إذ
أَخرَجَني من السِّجن؛ أَي قد أَحسن إلي. والعرب تقول: أَحسَنْتُ بفلانٍ
وأَسأْتُ بفلانٍ أَي أَحسنت إليه وأَسأْت إليه. وتقول: أَحْسِنْ بنا أَي
أَحسِنْ إلينا ولا تُسِئْ بنا؛ قال كُثيِّر:
أَسِيئي بنا أَو أَحْسِنِي، لا مَلومةٌ
لَدَيْنا، ولا مَقْلِيَّةٌ إنْ تَقَلَّتِ.
وقوله تعالى: وصَدَّقَ بالحُسْنى؛ قيل أَراد الجنّة، وكذلك قوله تعالى:
للذين أَحْسَنوا الحُسْنى وزيادة؛ فالحُسْنى هي الجنّة، والزِّيادة النظر
إلى وجه الله تعالى. ابن سيده: والحُسْنى هنا الجنّة، وعندي أَنها
المُجازاة الحُسْنى. والحُسْنى: ضدُّ السُّوأَى. وقوله تعالى: وقولوا للناس
حُسْناً. قال أَبو حاتم: قرأَ الأَخفش وقولوا للناس حُسْنى، فقلت: هذا لا
يجوز، لأَن حُسْنى مثل فُعْلى، وهذا لا يجوز إلا بالأَلف واللام؛ قال ابن
سيده: هذا نصُّ لفظه، وقال قال ابن جني: هذا عندي غيرُ لازم لأَبي الحسن،
لأَن حُسْنى هنا غير صفة، وإنما هو مصدرٌ بمنزلة الحُسْن كقراءة غيره:
وقولوا للناس حُسْناً، ومثله في الفِعْل والفِعْلى: الذِّكْرُ والذِّكْرى،
وكلاهما مصدر، ومن الأَول البُؤسُ والبُؤسى والنُّعْم والنُّعْمى، ولا
يُسْتَوْحَش مِنْ تشبيه حُسْنى بذِكرى لاختلاف الحركات، فسيبويه قد عَمل
مثلَ هذا فقال: ومثلُ النَّضْرِ الحَسَن إلاَّ أَن هذا مُسَكَّن
الأَوْسَط، يعني النَّضْرَ، والجمع الحُسْنَيات
(* قوله «والجمع الحسنيات» عبارة
ابن سيده بعد أن ساق جميع ما تقدم: وقيل الحسنى العاقبة والجمع إلخ فهو
راجع لقوله وصدق بالحسنى). والحُسَنُ، لا يسقط منهما الأَلف واللام لأَنها
مُعاقبة، فأَما قراءة من قرأَ: وقولوا للناس حُسْنى، فزعم الفارسي أَنه
اسم المصدر، ومعنى قوله: وقولوا للناس حُسْناً، أَي قولاً ذا حُسْنٍ
والخِطاب لليهود أَي اصْدُقوا في صفة محمد، صلى الله عليه وسلم. وروى الأَزهري
عن أَحمد بن يحيى أَنه قال: قال بعض أَصحابنا اخْترْنا حَسَناً لأَنه
يريد قولاً حَسَناً، قال: والأُخرى مصدر حَسُنَ يَحسُن حُسْناً، قال: ونحن
نذهب إلى أَن الحَسَن شيءٌ من الحُسْن، والحُسْن شيءٌ من الكل، ويجوز هذا
وهذا، قال: واخْتار أَبو حاتم حُسْناً، وقال الزجاج: من قرأَ حُسْناً
بالتنوين ففيه قولان أَحدهما وقولوا للناس قولاً ذا حُسْنٍ، قال: وزعم
الأَخفش أَنه يجوز أَن يكون حُسْناً في معنى حَسَناً، قال: ومن قرأَ حُسْنى
فهو خطأ لا يجوز أَن يقرأَ به، وقوله تعالى: قل هل ترَبَّصون بنا إلا إحدى
الحُسْنَيَيْن؛ فسره ثعلب فقال: الحُسْنَيان الموتُ أَو الغَلَبة، يعني
الظفَر أَو الشهادة، وأَنَّثَهُما لأَنه أَراد الخَصْلتَين، وقوله تعالى:
والذين اتَّبَعوهم بإحسان؛ أَي باستقامة وسُلوك الطريق الذي درَج
السابقون عليه، وقوله تعالى: وآتَيْناه في الدنيا حَسَنةً؛ يعني إبراهيم، صلوات
الله على نبينا وعليه، آتَيناه لِسانَ صِدْقٍ، وقوله تعالى: إنَّ
الحَسَنات يُذْهِبْنَ السيِّئاتِ؛ الصلواتُ الخمس تكفِّر ما بينها. والحَسَنةُ:
ضدُّ السيِّئة. وفي التنزيل العزيز: مَنْ جاء بالحَسَنة فله عَشْرُ
أَمثالها؛ والجمع حَسَنات ولا يُكسَّر. والمَحاسنُ في الأَعمال: ضدُّ
المَساوي. وقوله تعالى: إنا نراكَ من المُحسِنين؛ الذين يُحْسِنون التأْويلَ.
ويقال: إنه كان يَنْصر الضعيف ويُعين المظلوم ويَعُود المريض، فذلك
إحْسانه. وقوله تعالى: ويَدْرَؤُون بالحَسَنة السيِّئةَ؛ أَي يدفعون بالكلام
الحَسَن ما وردَ عليهم من سَيِّءِ غيرهم. وقال أَبو إسحق في قوله عز وجل: ثم
آتينا موسى الكتابَ تماماً على الذي أَحْسَنَ؛ قال: يكون تماماً على
المُحْسِن، المعنى تماماً من الله على المُحْسِنين، ويكون تماماً على الذي
أَحْسَن على الذي أَحْسَنه موسى من طاعة الله واتِّباع أَمره، وقال:
يُجْعل الذي في معنى ما يريد تماماً
على ما أَحْسَنَ موسى. وقوله تعالى: ولا تَقْرَبوا مالَ اليتيم إلا
بالتي هي أَحْسَن؛ قيل: هو أَن يأْخذَ من ماله ما سَتَرَ عَوْرَتَه وسَدَّ
جَوعَتَه. وقوله عز وجل: ومن يُسْلِمْ وجهَه إلى الله وَهْو مُحْسِن؛ فسره
ثعلب فقال: هو الذي يَتَّبع الرسول. وقوله عز وجل: أَحْسَنَ كُلَّ شيءٍ
خَلْقَه؛ أَحْسَنَ يعني حَسَّنَ، يقول حَسَّنَ خَلْقَ كلِّ شيءٍ، نصب
خلقََه على البدل، ومن قرأَ خَلَقه فهو فِعْلٌ. وقوله تعالى: ولله الأَسماء
الحُسنى، تأْنيث الأَحسن. يقال: الاسم الأَحْسَن والأَسماء الحُسْنى؛ ولو
قيل في غير القرآن الحُسْن لَجاز؛ ومثله قوله تعالى: لِنُريك من آياتنا
الكبرى؛ لأَن الجماعة مؤَنثة. وقوله تعالى: ووَصَّيْنا الإنسانَ بوالِدَيه
حُسْناً؛ أَي يفعل بهما ما يَحْسُنُ حُسْناً. وقوله تعالى: اتَّبِعُوا
أَحسَنَ ما أُنزِلَ إليكم؛ أَي اتَّبعوا القرآن، ودليله قوله: نزَّل
أَحسنَ الحديث، وقوله تعالى: رَبَّنا آتنا في الدنيا حسَنةً؛ أَي نِعْمةً،
ويقال حُظوظاً
حسَنة. وقوله تعالى: وإن تُصِبْهم حسنةٌ، أَي نِعْمة، وقوله: إن
تَمْسَسْكم حسَنةٌ تَسُؤْهمْ، أَي غَنيمة وخِصب، وإن تُصِبْكم سيِّئة، أَي
مَحْلٌ. وقوله تعالى: وأْمُرْ قوْمَك يأْخُذوا بأَحسَنِها؛ أَي يعملوا
بحَسَنِها، ويجوز أَن يكون نحو ما أَمَرنا به من الانتصار بعد الظلم، والصبرُ
أَحسَنُ من القِصاص والعَفْوُ أَحسَنُ. والمَحاسِنُ: المواضع الحسَنة من
البَدن. يقال: فلانة كثيرة المَحاسِن؛ قال الأَزهري: لا تكاد العرب توحِّد
المَحاسِن، وقال بعضهم: واحدها مَحْسَن؛ قال ابن سيده: وليس هذا بالقويِّ
ولا بذلك المعروف، إنما المَحاسِنُ عند النحويين وجمهور اللغويين جمعٌ
لا واحد له، ولذلك قال سيبويه: إذا نسبْتَ إلى محاسن قلت مَحاسِنيّ، فلو
كان له واحد لرَدَّه إليه في النسب، وإنما يقال إن واحدَه حَسَن على
المسامحة، ومثله المَفاقِر والمَشابِه والمَلامِح والليالي. ووجه مُحَسَّن:
حَسَنٌ، وحسَّنه الله، ليس من باب مُدَرْهَم ومفؤود كما ذهب إليه بعضهم
فيما ذُكِر. وطَعامٌ مَحْسَنةٌ للجسم، بالفتح: يَحْسُن به. والإحْسانُ: ضدُّ
الإساءة. ورجل مُحْسِن ومِحسان؛ الأَخيرة عن سيبويه، قال: ولا يقال ما
أَحسَنَه؛ أَبو الحسن: يعني منْ هذه، لأَن هذه الصيغة قد اقتضت عنده
التكثير فأَغْنَتْ عن صيغة التعجب. ويقال: أَحْسِنْ يا هذا فإِنك مِحْسانٌ أَي
لا تزال مُحْسِناً. وفسر النبي، صلى الله عليه وسلم، الإحسانَ حين سأَله
جبريلٍ، صلوات الله عليهما وسلامه، فقال: هو أَن تَعْبُدَ الله كأَنك
تراه، فإن لم تكن تراه فإِنه يَراك، وهو تأْويلُ قوله تعالى: إن الله
يأُْمُر بالعدل والإحسان؛ وأَراد بالإحسان الإخْلاص، وهو شرطٌ في صحة الإيمان
والإسلام معاً، وذلك أَن من تلفَّظ بالكلمة وجاء بالعمل من غير إخْلاص لم
يكن مُحْسِناً، وإن كان إيمانُه صحيحاً، وقيل: أَراد بالإحسان الإشارةَ
إلى المُراقبة وحُسْن الطاعة، فإن مَنْ راقَبَ اللهَ أَحسَن عمَله، وقد
أَشار إليه في الحديث بقوله: فإن لم تكن تراه فإِنه يراك، وقوله عز وجل:
هل جزاءُ الإحسان إلا الإحسان؛ أَي ما جزاءُ مَنْ أَحْسَن في الدُّنيا إلا
أَن يُحْسَنَ إليه في الآخرة. وأَحسَنَ به الظنَّ: نقيضُ أَساءَه،
والفرق بين الإحسان والإنعام أَن الإحسانَ يكون لنفسِ الإنسان ولغيره، تقول:
أَحْسَنْتُ إلى نفسي، والإنعامُ لا يكون إلا لغيره. وكتابُ التَّحاسين:
خلاف المَشْق، ونحوُ هذا يُجْعَل مصدراً في المصدر كالتَّكاذِيب
والتَّكاليف، وليس الجمعُ في المصدر بفاشٍ، ولكنهم يُجْرُون بعضه مُجْرى الأَسماء
ثم يجمعونه. والتَّحاسينُ: جمعُ التَّحْسِين، اسم بُنِيَ على تَفْعيل،
ومثلُه تَكاليفُ الأُمور، وتَقاصيبُ الشَّعَرِ ما جَعُدَ مِنْ ذَوائِبه. وهو
يُحْسِنُ الشيءَ أَي يَعْمَلَه، ويَسْتَحْسِنُ الشيءَ أَي يَعُدُّه
حَسَناً. ويقال: إني أُحاسِنُ بك الناسَ. وفي النوادر: حُسَيْناؤُه أن يفعل
كذا، وحُسَيْناه مِثْلُه، وكذلك غُنَيْماؤه وحُمَيْداؤه أَي جُهْدُه
وغايتُه. وحَسَّان: اسم رجل، إن جعلته فعَّالاً من الحُسْنِ أَجْرَيْتَه، وإن
جَعَلْتَه فَعْلاَنَ من الحَسِّ وهو القَتْل أَو الحِسِّ بالشيء لم
تُجْرِه؛ قال ابن سيده: وقد ذكرنا أَنه من الحِسِّ أَو من الحَسِّ، وقال: ذكر
بعض النحويين أَنه فَعَّالٌ من الحُسْنِ، قال: وليس بشيء. قال الجوهري:
وتصغيرُ فعَّالٍ حُسَيْسِين، وتصغيرُ فَعْلانَ حُسَيْسان. قال ابن سيده:
وحَسَنٌ وحُسَيْن يقالانِ باللام في التسمية على إرادة الصفة، وقال قال
سيبويه: أَما الذين قالوا الحَسَن، في اسم الرجل، فإنما أَرادوا أَن يجعلوا
الرجلَ هو الشيءَ بعينه ولم يَجْعلوه سُمِّيَ بذلك، ولكنهم جعلوه كأَنه
وصفٌ
له غَلَب عليه، ومن قال حَسَن فلم يُدْخِل فيه الأَلفَ واللامَ فهو
يُجْريه مُجْرَى زيدٍ. وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: كنا عند النبي،
صلى الله عليه وسلم، في ليلةٍ ظَلْماءَ حِنْدِسٍ وعندَه الحَسَنُ
والحُسَيْنُ، رضي الله عنهما، فسَمِعَ تَوَلْوُلَ فاطمةَ، رضوانُ الله عليها، وهي
تُنادِيهما: يا حَسَنانِ يا حُسَيْنانِ فقال: الْحَقا بأُمّكما؛
غَلَّبَت أَحدَ الإسمين على الآخر كما قالوا العُمَران لأَبي بكر وعمر، رضي الله
عنهما، والقَمَران للشمس والقمر؛ قال أَبو منصور: ويحتمل أَن يكون
كقولهم الجَلَمانُ للجَلَم، والقَلَمانُ للمِقْلامِ، وهو المِقْراضُ، وقال:
هكذا روى سلمة عن الفراء، بضم النون فيهما جميعاً، كأَنه جعل الاسمين اسماً
واحداً فأَعطاهما حظ الاسم الواحد من الإعراب. وذكر الكلبي أَن في طيِّء
بَطْنَيْن يقال لهما الحسَن والحُسَيْن. والحَسَنُ: اسمُ رملة لبني
سَعْد؛ وقال الأَزهري: الحَسَنُ نَقاً في ديار بني تميم معروف، وجاء في الشعر
الحَسَنانُ، يريد الحَسَنَ وهو هذا الرملُ بعينه؛ قال الجوهري: قُتِل
بهذه الرملة أَبو الصَّهْباء بِسْطامُ بنُ قيْس بنِ خالدٍ الشَّيْبانيِّ،
يَوْمَ النَّقَا، قتَله عاصِمُ بن خَلِيفةَ الضَّبِّي، قال: وهما جَبَلانِ
أَو نَقَوانِ، يقال لأَحد هذين الجَبَلَيْن الحَسَن؛ قال عبد الله بن
عَنَمة الضَّبّيّ في الحَسَن يَرْثِي بِسْطَامَ بنَ قَيْس:
لأُمِّ الأَرضِ وَيْلٌ ما أَجَنَّتْ،
بحيثُ أَضَرَّ بالحَسَنِ السَّبيلُ.
وفي حديث أَبي رَجاء العُطارِدِيِّ: وقيل له ما تَذْكُر؟ فقال: أَذْكُرُ
مَقْتَلَ بِسْطام بنِ قَيْسٍ على الحَسَنِ؛ هو بفتحتين: جَبَل معروف من
رمل، وكان أَبو رجاء قد عُمِّر مائةً وثمانِياً وعشرين سَنَةً، وإذا
ثنّيت قلت الحَسَنانِ؛ وأَنشد ابن سيده في الحَسَنين لشَمْعَلة بن الأَخْضَر
الضَّبِّيّ:
ويوْمَ شَقيقةِ الحَسَنَيْنِ لاقَتْ
بَنُو شَيْبان آجالاً قِصارا
شَكَكْنا بالأَسِنَّة، وهْيَ زُورٌ،
صِماخَيْ كَبْشِهم حتى اسْتَدارا
فَخَرَّ على الأَلاءةِ لم يُوَسَّدْ،
وقد كان الدِّماءُ له خِمارا
قوله: وهي زُورٌ يعني الخيلَ، وأَنشد فيه ابنُ بري لجرير:
أَبَتْ عيْناكِ بالحَسَنِ الرُّقادا،
وأَنْكَرْتَ الأَصادِقَ والبِلادا
وأَنشد الجوهري في حُسَيْن جبل:
تَركْنَا، بالنَّواصِف من حُسَيْنٍ،
نساءَ الحيِّ يَلْقُطْنَ الجُمانا.
فحُسَيْنٌ ههنا: جبلٌ. ابن الأَعرابي: يقال أَحْسَنَ الرجلُ إذا جلس على
الحَسَنِ، وهو الكثيبُ النَّقِيّ العالي، قال: وبه سمي الغلام حَسَناً.
والحُسَيْنُ: الجبَلُ العالي، وبه سمي الغلام حُسَيْناً. والحَسَنانِ:
جبلانِ، أَحدُهما بإِزاء الآخر. وحَسْنَى: موضع. قال ابن الأَعرابي: إذا
ذكَر كُثيِّر غَيْقةَ فمعها حَسْنَى، وقال ثعلب: إنما هو حِسْيٌ، وإذا لم
يذكر غيْقةَ فحِسْمَى. وحكى الأَزهري عن علي ابن حمزة: الحَسَنُ شجــر
الآَلاءُ مُصْطفّاً بكَثيب رمْلٍ، فالحسَنُ هو الــشجــرُ، سمي بذلك لِحُسْنِه
ونُسِبَ الكثيبُ إليه فقيل نَقا الحَسَنِ، وقيل: الحَسَنةُ جبلٌ أَمْلَسُ
شاهقٌ ليس به صَدْعٌ، والحَسَنُ جمعُه؛ قال أَبو صعْتَرة البَوْلانِيُّ:
فما نُطْفةٌ من حَبِّ مُزْنٍ تَقاذَفَتْ
به حَسَنُ الجُودِيّ، والليلُ دامِسُ.
ويروى: به جَنْبَتا الجُودِيِّ، والجودِيُّ وادٍ، وأَعلاه بأَجَأَ في
شواهِقها، وأَسفلُه أَباطحُ سهلةٌ، ويُسَمِّي الحَسَنةَ أَهلُ الحجاز
المَلقَة.
أقا: الإقاةُ: شجــرة؛ قال؛ وعسى
(* قوله «شجــرة قال وعسى إلخ» هكذا في
الأصل). أن يكون له وجه آخر من التصريف لا نعلمه. الأَزهري: الإقاء شجــرة؛
قال الليث: ولا أَعرفه.
ابن الأَعرابي: قَأَى: إذا أَقرَّ لخصمه بِحَقٍّ وذَلَّ، وأَقَى إذا
كَرِه الطعامَ والشراب لِعَلَّة، والله أَعلم.
أما: الأَمَةُ: المَمْلوكةُ خِلاف الحُرَّة. وفي التهذيب: الأَمَة
المرأَة ذات العُبُودة، وقد أَقرّت بالأُمُوَّة. تقول العرب في الدعاء على
الإِنسان: رَماه الله من كل أَمَةٍ
بحَجَر؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: وأُراهُ
(* قوله «قال ابن
سيده وأراه إلخ» يناسبه ما في مجمع الامثال: رماه الله من كل أكمة بحجر).
مِنْ كل أَمْتٍ بحَجر، وجمع الأَمَة أَمَواتٌ وإِماءٌ وآمٍ وإِمْوانٌ
وأُمْوانٌ؛ كلاهما على طرح الزائد، ونظيره عند سيبويه أَخٌ وإِخْوانٌ: قال
الشاعر:
أَنا ابنُ أَسْماءَ أَعْمامي لها وأَبي،
إِذا تَرامى بَنُو الإِمْوانِ بالعار
وقال القَتَّالُ الكِلابي:
أَما الإِماءُ فلا يَدْعُونَني وَلَداً،
إِذا تَرامى بَنُو الإِمْوانِ بالعار
ويروى: بَنُو الأُمْوانِ؛ رواه اللحياني؛ وقال الشاعر في آم:
مَحَلَّةُ سَوْءٍ أَهْلَكَ الدَّهْرُ أَهْلَها،
فلم يَبْقَ فيها غَيْرُ آمٍ خَوالِفِ
وقال السُّلَيْك:
يا صاحِبَيَّ، أَلا لا حَيَّ بالوادي
إِلا عبيدٌ وآمٍ بين أَذْواد
وقال عمرو بن مَعْديكرب:
وكُنْتُمْ أَعْبُداً أَوْلادَ غَيْلٍ،
بَني آمٍ مَرَنَّ على السِّفاد
وقال آخر:
تَرَكْتُ الطيرَ حاجِلَةً عليه،
كما تَرْدي إِلى العُرُشاتِ آمِ
(* قوله «العرشات» هكذا في الأصل وشرح القاموس بالمعجمة بعد الراء،
ولعله بالمهملة جمع عرس طعام الوليمة كما في القاموس. وتردي: تحجل، من ردت
الجارية رفعت إحدى رجليها ومشت على الأخرى تلعب).
وأَنشد الأَزهري للكميت:
تَمْشِي بها رُبْدُ النَّعام
تَماشِيَ الآمِ الزَّوافِر
قال أَبو الهيثم: الآم جمع الأمَة كالنَّخْلة والنَّخْل والبَقْلَة
والبَقْل، وقال: وأَصل الأَمَة أَمْوَة، حذفوا لامها لَمَّا كانت من حروف
اللين، فلما جمعوها على مثال نَخْلَة ونَخْل لَزِمَهم أَن يقولوا أَمَة
وأَمٌ، فكرهوا أَن يجعلوها على حرفين، وكرهوا أَن يَرُدُّوا الواو المحذوفة
لما كانت آخر الاسم، يستثقلون السكوت على الواو فقدموا الواو فجعلوها
أَلفاً فيما بين الأَلف والميم. وقال الليث: تقول ثلاث آمٍ، وهو على تقدير
أَفْعُل، قال أَبو منصور: لم يَزد الليث على هذا، قال: وأُراه ذهب إِلى
أَنه كان في الأَصل ثلاث أَمْوُيٍ، قال: والذي حكاه لي المنذري أَصح وأَقيس،
لأَني لم أَرَ في باب القلب حرفين حُوِّلا، وأُراه جمع على أَفْعُل، على
أَن الأَلف الأُولى من آم أَلف أَفْعُل، والألف الثانية فاء أَفعل،
وحذفوا الواو من آمُوٍ، فانكسرت الميم كما يقال في جمع جِرْوٍ ثلاثة أَجْرٍ،
وهو في الأَصل ثلاثة أَجْرُوٍ، فلما حذفت الواو جُرَّت الراء، قال: والذي
قاله أَبو الهيثم قول حَسَنٌ، قال: وقال المبرد أَصل أَمَة فَعَلة،
متحركة العين، قال: وليس شيء من الأَسماء على حرفين إِلاَّ وقد سقط منه حرف،
يُسْتَدَل عليه بجمعه أَو بتثنيته أَو بفعل إن كان مشتقّاً منه لأَن
أَقلَّ الأُصول ثلاثة أَحرف، فأَمَةٌ الذاهب منه واو لقولهم أُمْوانٌ. قال:
وأَمَةٌ فَعَلة متحركة يقال في جمعها آمٍ، ووزن هذا أَفْعُل كما يقال
أَكَمَة وآكُم، ولا يكون فَعْلة على أَفْعُل، ثم قالوا إِمْوانٌ كما قالوا
إِخْوان. قال ابن سيده: وحمل سيبويه أَمَة على أَنها فَعَلة لقولهم في
تكسيرها آمٍ كقولهم أَكَمة وآكُم قال ابن جني: القول فيه عندي أَن حركة
العين قد عاقَبَتْ في بعض المواضع تاء التأْنيث، وذلك في الأَدواء نحو رَمِث
رَمَثاً وحَبِطَ حَبَطاً، فإِذا أَلحقوا التاء أَسكنوا العين فقالوا
حَقِلَ حَقْلةً ومَغِلَ مَغْلةً، فقد ترى إِلى مُعاقبة حركة العين تاءَ
التأْنيث، ومن ثم قولهم جَفْنة وجَفَنات وقَصْعة وقَصَعات، لَمَّا حذفوا
التاء حَرَّكوا العين، فلما تعاقبت التاءُ وحركة العين جَرَتا في ذلك مَجْرى
الضِّدين المتعاقبين، فلما اجتمعا في فَعَلة تَرافَعا أَحكامَهما،
فأَسقطت التاءُ حُكْمَ الحركة وأَسقطت الحركةُ حكمَ التاء، وآل الأَمر بالمثال
إِلى أَن صارَ كأَنه فَعْلٌ، وفَعْلٌ بابٌ تكسيره أَفْعُل. قال الجوهري:
أَصل أَمَة أَمَوَة، بالتحريك، لأَنه يُجْمع على آمٍ، وهو أَفْعُل مثل
أَيْنُق. قال: ولا يجمع فَعْلة بالتسكين على ذلك. التهذيب: قال ابن كيسان
يقال جاءَتْني أَمَةُ الله، فإِذا ثنَّيت قلت جاءَتني أَمَتا الله، وفي
الجمع على التكسير جاءَني إِماءُ الله وأُمْوانُ الله وأَمَواتُ الله،
ويجوز أَماتُ الله على النقص. ويقال: هُنَّ آمٌ لزيد، ورأَيت آمِياً لزيد،
ومرَرْت بآمٍ لزيد، فإِذا كَثُرت فهي الإِماء والإِمْوان والأُمْوان.
ويقال: اسْتَأْمِ أََمَةً غير أَمَتِك، بتسكين الهمزة، أَي اتَّخِذ،
وتَأَمَّيْتُ أَمةً. ابن سيده: وتَأَمَّى أَمَةً اتَّخَذها، وأَمَّاها
جعلَها أَمَة. وأَمَتِ المرأَةُ وأَمِيَتْ وأَمُوَتْ؛ الأَخيرة عن اللحياني،
أُمُوَّةُ: صارت أَمَةً. وقال مُرَّة: ما كانت أَمَةً ولقد أَمُوَت
أُمُوَّة. وما كُنْتِ أَمَةً ولقد تَأَمَّيْتِ وأَمِيتِ أُمُوَّة. الجوهري:
وتَأَمَّيتُ أَمَةً أَي اتَّخَذت أَمَة؛ قال رؤبة:
يَرْضَوْن بالتَّعْبِيدِ والتَّآمي
ولقد أَمَوْتِ أُمُوَّة.
قال ابن بري: وتقول هو يأْتَمِي بزيد أَي يَأْتَمُّ به؛ قال الشاعر:
نَزُورُ امْرأً، أَمّا الإِلَه فَيَتَّقي،
وأَمّا بفِعْل الصَّالحِينَ فَيَأْتَمِي
والنسبة إِليها أَمَويٌّ، بالفتح، وتصغيرها أُمَيَّة.
وبَنو أُمَيَّة: بطن من قريش، والنسبة إِليهم أُمَويٌّ، بالضم، وربما
فَتَحوا. قال ابن سيده: والنسب إِليه أُمَويٌّ على القياس، وعلى غير القياس
أَمَويٌّ. وحكى سيبويه: أُمَيِّيٌّ على الأَصل، أَجروه مُجْرى نُمَيْريّ
وعُقَيْلّي، وليس أُمَيِّيٌّ بأَكثر في كلامهم، إِنما يقولها بعضهم. قال
الجوهري: ومنهم من يقول في النسبة إليهم أُمَيِّيٌّ، يجمع بين أَربع
ياءَات، قال: وهو في الأَصل اسم رجل، وهما أُمَيَّتانِ: الأَكبر والأَصغر،
ابنا عَبْدِ شمس بن عبد منافٍ، أَولاد عَلَّةٍ؛ فمِنْ أُمَيَّة الكُبْرى
أَبو سفيان بن حرب والعَنابِسُ
والأعْياصُ، وأُمَيَّة الصُّغْرى هم ثلاثة إِخوة لأُم اسمها عَبْلَة،
يقال هم العَبَلات، بالتحريك. وأَنشد الجوهري هذا البيت للأَحْوَص
(* قوله
«وأنشد الجوهري هذا البيت للاحوص» الذي في التكملة: أن البيت ليس للاحوص
بل لسعد بن قرط بن سيار الجذامي يهجو أمه). وأَفرد عجزه:
أَيْما إِلى جنة أَيما إِلى نار
قال:وقد تكسر. قال ابن بري: وصوابه إِيما، بالكسر، لأَن الأَصل إِما،
فأَما أَيْما فالأَصل فيه أَمّا، وذلك في مثل قولك أَمّا زيد فمنطلق، بخلاف
إِمّا التي في العطف فإِنها مكسورة لا غير. وبنو أَمَة: بطن من بني نصر
بن معاوية.
قال: وأَمَا، بالفتح، كلمة معناها الاستفتاح بمنزلة أَلا، ومعناهما
حقّاً، ولذلك أَجاز سيبويه أَمَا إِنَّه منطلق وأَما أنه، فالكسر على أَلا
إِنَّه، والفتح حقّاً أَنَّه. وحكى بعضهم: هَما والله لقد كان كذا أَي
أَما والله، فالهاء بدل من الهمزة. وأَمَّا أَما التي للاستفهام فمركبة من
ما النافية وأَلف الاستفهام. الأَزهري: قال الليث أَمَا استفهام جحود
كقولك أَمَا تستحي من الله، قال: وتكون أَمَا تأْكيداً للكلام واليمين كقولك
أَما إِنَّه لرجلٌ كريم، وفي اليمين كقولك: أَمَا والله لئن سهرت لك
ليلة لأَدَعَنَّكَ نادماً، أَمَا لو علمت بمكانك لأُزعجنك منه. وقال الفراء
في قوله عز وجل: مِمّا خَطاياهم، قال: العرب تجعل ما صِلَةً فيما ينوى به
الجزاء كأَنه من خطيئاتهم ما أغرقوا، قال: وكذلك رأَيتها في مصحف عبد
الله وتأْخيرها دليل على مذهب الجزاء، ومثلها في مصحفه: أَيَّ الأَجَلَيْنِ
ما قَضَيْتُ؛ أَلا ترى أَنك تقول حَيْثُما تكن أَكن ومهْما تَقُلْ
أَقُلْ؟
قال الفراء: قال الكسائي في باب أَمَّا وإِمَّا: إذا كنت آمراً أَو
ناهياً أَو مخبراً فهو أَمّا مفتوحة، وإِذا كنت مشترطاً أَو شاكّاً أَو
مُخَيِّراً
أَو مختاراً فهي إِمَّا، بكسر الأَلف؛ قال: وتقول من ذلك في الأَول
أَمَّا اللهَ فاعْبُدْه وأَمّا الخمر فلا تشرَبْها وأَمّا زيد فقد خرج، قال:
وتقول في النوع الثاني إِذا كنت مشترطاً إِمّا تَشْتُمَنَّ فإِنه يَحْلُم
عنك، وتقول في الشك: لا أَدري من قام إِمَّا زيد وإِمَّا عمرو، وتقول في
التخيير: تَعَلَّمْ إِمَّا الفقه وإِما النحو، وتقول في المختار: لي دار
بالكوفة فأَنا خارج إِليها، فإِما أَن أَسكنها، وإِمّا أن أَبيعها؛ قال
الفراء: ومن العرب من يجعل إِمّا بمعنى أَمّا الشرطية؛ قال: وأَنشدني
الكسائي لصاحب هذه اللغة إِلاَّ أَنه أبدل إِحدى الميمين ياء:
يا لَيْتَما أُمَّنا شالت نَعامتُها،
إِيما إلى جنة إِيما إِلى نار
قال الجوهري: وقولهم إِيما وأَيْما يريدون أَمّا، فيبدلون من إِحدى
الميمين ياء. وقال المبرد: إِذا أَتيت بإِمّا وأَما فافتحها مع الأَسماء
واكسرها مع الأَفعال؛ وأَنشد:
إِمَّا أَقَمْتَ وأَمّا أَنت ذا سفر،
فاللهُ يَحْفَظُ ما تأْتي وما تَذَرُ
كسرت إِمّا أَقمتَ مع الفعل، وفتحت وأَمّا أَنت لأَنها وَلِيَت الاسم؛
وقال:
أَبا خُراشة أَمَّا أَنتَ ذا نَفَرٍ
المعنى: إِذا كنت ذا نَفَر؛ قال: قاله ابن كَيْسان. قال: وقال الزجاج
إِمّا التي للتخيير شبهت بأَن التي ضمت إِليها ما مثل قوله عز وجل: إِمّا
أَن تُعذبَ وإِما أَن تَتَّخذَ فيهم حُسْناً؛ كتبت بالأَلف لما وصفنا،
وكذلك أَلا كتبت بالأَلف لأَنها لو كانت بالياء لأَشبهت إِلى، قال: قال
البصريون أَمّا هي أَن المفتوحة ضمت إِليها ما عوضاً من الفعل، وهو بمنزلة
إِذ، المعنى إِذا كنت قائماً فإِني قائم معك؛ وينشدون:
أَبا خراشة أَمَّا كنت ذا نفر
قالوا: فإِن ولي هذه الفعل كسرت فقيل إِمَّا انطلقتَ انطلقتُ معك؛
وأَنشد:
إِمّا أَقمت وأَما أَنت مرتحلا
فكسر الأُولى وفتح الثانية، فإِن ولي هذه المكسورة فعل مستقبل أَحدثت
فيه النون فقلت إِمّا تذهبنَّ فإِني معك، فإِن حذفت النون جزمت فقلت إِما
يأْكلْك الذئب فلا أَبكيك. وقال الفراء في قوله عز وجل: انا هديناه السبيل
إِمّا شاكراً وإِمَّا كفوراً، قال: إِمّا ههنا جزاء أَي إِن شكر وإِن
كفر. قال: وتكون على إِما التي في قوله عز وجل: إِمّا يعذبهم وإِما يتوب
عليهم، فكأَنه قال خلقناه شقيّاً أَو سعيداً. الجوهري: وإِمّا، بالكسر
والتشديد، حرف عطف بمنزلة أَو في جميع أَحوالها إِلا في وجه واحد، وهو أَنك
تبتدئ بأَو متيقناً ثم يدركك الشك، وإما تبتدئ بها شاكّاً ولا بد من
تكريرها. تقول: جاءني إِمّا زيد وإِمّا عمرو؛ وقول حسان بن ثابت:
إِمَّا تَرَيْ رأْسي تَغَيَّر لونُه
شَمَطاً فأَصْبَح كالثَّغام المُمْحِل
(* قوله «الممحل» كذا في الأصل، والذي في الصحاح: كالثغام المخلس، ولم
يعز البيت لاحد).
يريد: إِنْ تَرَيْ رأْسي، وما زائدة؛ قال: وليس من إِمّا التي تقتضي
التكرير في شيء وذلك في المجازاة تقول: إِمّا تأْتني أُكرمْك. قال عز من
قائل: فإِمَّا تَرَيِنَّ من البشر أَحداً. وقولهم: أَمَّا، بالفتح، فهو
لافتتاح الكلام ولا بد من الفاء في جوابه تقول: أَما عبد الله فقائم، قال:
وإِنما احتيج إِلى الفاء في جوابه لأَن فيه تأويل الجزاء كأَنك قلت مهما
يكن من شيء فعبد الله قائم. قال: وأَمَا، مخفف، تحقيق للكلام الذي يتلوه،
تقول: أَمَا إِن زيداً عاقل، يعني أَنه عاقل على الحقيقة لا على المجاز.
وتقول: أَمَا والله قد ضرب زيد عمراً.
الجوهري: أَمَتِ السِّنَّوْرُ تَأْمو أُماء أَي صاحت، وكذلك ماءت
تَمُوءُ مُواء.
لصف: لَصَفَ لونُه يَلْصِفُ لَصْفاً ولُصوفاً ولَصيفاً برَق وتلألأ؛
وأَنشد لابن الرِّقاع:
مُجَلِّحة من بنات النّعا
مِ، بيضاء واضِحة تَلْصِفُ
وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: لما وفَد عبد المطلب وقريش إلى سيف
بن ذي يَزَن فأَذن لهم فإذا هو مُتَضَمّخٌ بالعبير يَلْصِف وبيصُ المسك
من مَفْرَقه أَي يَبْرُق ويَتلألأ. واللاصِف: الإِثْمِد المُكتَحَل به،
قال ابن سيده: أَراه سمي به من حيث وُصِف بالتَّأَلُّل وهو البرِيق.
واللَّصْف واللَّصَفُ: شيء ينبت في أَصل الكَبَر رَطْب كأَنه خِيار، قال
الأَزهري: هذا هو الصحيح، وأَما ثمر الكَبَر فإن العرب تسميه
الشَّفَلَّح إذا انشق وتفتَّح كالبُرعُومة، وقيل: اللصَف الكبَر نفسُه، وقيل: هو
ثمرة حشيشة تُطبخ وتوضع في المرقة فتُمْرِئها ويُصْطَبَغ بعُصارتها،
واحدتها لصْفة ولصَفة، قال: والأعرف في جميع ذلك فتح الصاد، وإنما الإسكان عن
كراع وحده، فلصْف على قوله اسم للجمع. الليث: اللَّصَف لغة في الأَصَف،
وهي ثمرة شجــرة تجعل في المَرق وله عصارة يصطبغ به يُمرئ الطعام وهو جنس من
الثمر، قال: ولم يعرفه أَبو الغوث. ولَصَف البعيرُ، مخفف: أَكل اللصَف.
ولَصافٌ ولَصافِ مثل قطامِ: موضع من منازل بني تميم، وقيل: أَرض لبني
تميم؛ قال أَبو المُهَوِّس الأَسَدِي:
قد كنت أَحسَبُكم أُسُودَ خَفِيّةٍ،
فإذا لَصَافِ تَبيضُ فيه الحُمَّرُ
وإذا تَسُرُّكَ من تميمٍ خَصْلةٌ،
فلمَا يسُوءُك من تميمٍ أَكْثرُ
قال الجوهري: وبعضهم يُعربه ويجريه مجرى ما لا ينصرف من الأَسماء؛ قال
ابن بري: وشاهده:
نحن ورَدْنا حاضِري لَصافا،
بسَلَفٍ يَلْتَهِم الأَسلافا
ولصاف وثَبْرَةُ: ماءَان بناحية الشَّواجِن في ديار ضَبّة بن أُدّ؛
وإيَّاها أَراد النابغة بقوله:
بمُصْطَحِباتٍ من لَصافِ وثَبْرَةٍ
يَزُرْنَ إلالاً، سَيْرُهنَّ التَّدافُعُ
فنن: الفَنُّ: واحد الفُنُون، وهي الأَنواع، والفَنُّ الحالُ. والفَنُّ:
الضَّرْبُ من الشيء، والجمع أَفنان وفُنونٌ، وهو الأُفْنُون. يقال:
رَعَيْنا فُنُونَ النَّباتِ، وأَصَبْنا فُنُونَ الأَموال؛ وأَنشد:
قد لَبِسْتُ الدَّهْرَ من أَفْنانِه،
كلّ فَنٍّ ناعِمٍ منه حَبِرْ
والرجلُ يُفَنِّنُ الكلام أَي يَشْتَقُّ في فَنٍّ بعد فنٍّ،
والتَّفَنُّنُ فِعْلك. ورجل مِفَنٌّ: يأْتي بالعجائب، وامرأَة مِفْنَّة. ورجل
مِعَنٌّ مِفَنٌّ: ذو عَنَنٍ واعتراض وذو فُنُون من الكلام؛ وأَنشد أَبو
زيد:إِنَّ لنا لكَنَّه
مِعَنَّةً مِفَنَّه
وافْتَنَّ الرجل في حديثه وفي خُطْبته إِذا جاء بالأَفانين، وهو مثلُ
اشْتَقَّ؛ قال أَبو ذؤيب:
فافْتَنَّ، بعد تَمامِ الوِرْدِ، ناجِيةً،
مثْلَ الهِرَاوَةِ ثِنْياً بِكْرُها أَبِدُ
قال ابن بري: فسر الجوهري ا فْتَنَّ في هذا البيت بقولهم افْتَنَّ الرجل
في حديثه وخُطْبته إِذا جاء بالأَفانين، قال: وهو مثلُ اشْتَقَّ، يريد
أَن افْتَنَّ في البيت مستعار من قولهم افْتَنَّ الرجل في كلامه وخصومته
إِذا توسع وتصرف، لأَنه يقال افْتَنَّ الحمارُ بأُتُنه واشْتَقَّ بها إِذا
أَخذ في طَرْدِها وسَوْقها يميناً وشمالاً وعلى استقامة وعلى غير
استقامة؛ فهو يَفْتَنُّ في طَرْدِها أَفانينَ الطَّرْدِ؛ قال: وفيه تفسير آخر
وهو أَن يكون افْتَنَّ في البيت من فَنَنْتُ الإِبلَ إِذا طردتها، فيكون
مثل كسَبْته واكتَسَبْته في كونهما بمعنى واحد، وينتصب ناجية بأَنه مفعول
لافْتَنَّ من غير إِسقاط حرف جر، لأَن افْتَنَّ الرجل في كلامه لا
يتعدَّى إِلا بحرف جرّ؛ وقوله: ثِنياً بكرها أَبِدُ أَي وَلَدَت بَطْنَين،
ومعنى بِكْرُها أَبِدٌ أَي وَلَدُها الأَول قد توحش معها. وافْتَنَّ: أَخذ في
فُنُونٍ من القول. والفُنُونُ: الأَخلاطُ من الناس. وإِن المجلس ليجمع
فُنُوناً من الناس أَي ناساً ليسوا من قبيلة واحدة. وفَنَّنَ الناسَ:
جعلهم فُنُوناً. والتَّفْنينُ: التخليط؛ يقال: ثوبٌ فيه تَفْنين إِذا كان
فيه طرائق ليست من جِنْسه. والفَنَّانُ في شعر الأَعشى: الحمارُ؛ قال:
الوحشي الذي يأْتي بفُنُونٍ من العَدْوِ؛ قال ابن بري وبيت الأَعشى الذي
أَشار إِليه هو قوله:
وإِنْ يَكُ تَقْرِيبٌ من الشَّدِّ غالَها
بمَيْعَةِ فَنَّانِ الأَجارِيِّ، مُجْذِمِ
والأّجارِيُّ: ضُروبٌ من جَرْيه، واحدها إِجْرِيّا، والفَنُّ:
الطَّرْدُ. وفَنَّ الإِبلَ يَفُنُّها فَنّاً إِذا طردها؛ قال الأَعشى:
والبِيضُ قد عَنَسَتْ وطال جِرَاؤُها،
ونَشَأْنَ في فَنٍّ وفي أَذْوادِ
وفَنَّه يَفُنُّه فَنّاً إِذا طرده. والفَنُّ: العَناء. فنَنْتُ الرجلَ
أَفُنُّه فَنّاً إِذا عَنَّيْتَه، وفنَّه يَفُنُّه فَنّاً:
عَنَّاه؛ قال:
لأجْعَلَنْ لابنة عَمْروللهٍ فَناً،
حتى يَكُونَ مَهْرُها دُهْدُنَّا
وقال الجوهري: فنّاً أي أمراً عَجَباً، ويقال: عَناءً أي آخُذُ عليها
بالعَناء حتى تَهَبَ لي مَهْرَها. والفَنُّ: المَطْلُ. والفَنُّ: الغَبْنُ،
والفعل كالفعل، والمصدر كالمصدر. وامرأَة مِفَنَّة: يكون من الغَبْنِ
ويكون من الطَّرْدِ والتَّغْبِيَة.
وأُفْنُونُ الشَّبابِ: أوَّله، وكذلك أُفْنُونُ السحاب. والفَنَنُ:
الغُصْنُ المستقيم طُولاً وعَرْضاً؛ قال العجاج:
والفَنَنُ الشَّارِقُ والغَرْبيُّ
والفَنَنُ: الغُصْنُ، وقيل: الغُصْنُ القَضِيب يعني المقضوب، والفَنَنُ:
ما تشَعَّبَ منه، والجمع أَفْنان. قال سيبويه: لم يُجاوِزُوا به هذا
البناء. والفَنَنُ: جمعه أَفْنانٌ، ثم الأَفانِينُ؛ قال الشاعر يصف
رَحىً:لها زِمامٌ من أَفانِينِ الــشَّجَــرْ
وأما قول الشاعر:
مِنَا أَنْ ذَرَّ قَرْنُ الشمسِ، حتى
أغاثَ شَرِيدَهمْ فَنَنُ الظَّلام
فإنه استعار للظلمة أَفْناناً، لأَنها تسْتُر الناسَ بأَستارها
وأَوراقِها كما تستر الغصون بأَفنانها وأَوراقها. وشجــرة فَنْواءُ: طويلة
الأَفْنانِ، على غير قياس. وقال عكرمة في قوله تعالى: ذَواتَا أَفْنانٍ؛ قال:
ظِلُّ الأغصانِ على الحِيطانِ؛ وقال أَبو الهيثم: فسره بعضهم ذَواتا
أغصانٍ، وفسره بعضهم ذواتا أَلوان، واحدها حينئذ فَنّ وفَنَنٌ، كما قالوا
سَنٌّ وسَنَنٌ وعَنٌّ وعَنَنٌ. قال أَبو منصور: واحدُ الأَفنان إذا أَردت بها
الأَلوان فَنٌّ، وإذا أردْتَ بها الأغصان فواحدها فَنَنٌ. أَبو عمرو:
شجــرة فَنْواء ذات أَفنان. قال أبو عبيد: وكان ينبغي في التقدير فَنَّاء.
ثعلب: شجــرة فَنَّاء وفَنْواء ذات أَفْنانٍ، وأَما قَنْواء، بالقاف، فهي
الطويلة. قال أَبو الهيثم: الفُنُون تكون في الأغصان، والأغصان تكون في
الشُّعَبِ، والشُّعَبُ تكون في السُّوق، وتسمى هذه الفُروعُ، يعني فروعَ
الــشجــر، الشَّذَبَ، والشَّذَبُ العِيدانُ التي تكون في الفُنون. ويقال
للجِذعِ إذا قطع عند الشَّذَب: جِذْعٌ مُشَذَّبٌ؛ قال امرؤ القيس:
يُرادَا على مِرْقاةِ جِذْعٍ مُشَذَّبِ
يُرادا أي يُدارا. يقال: رادَيْتُه ودارَيْتُه. والفَنَنُ: الفَرْع من
الــشجــر، والجمع كالجمع. وفي حديث سِدْرة المُنْتَهَى: يسير الراكب في
ظِلِّ الفَنَنِ مائةَ سَنةٍ. وامرأَة فَنْواء: كثيرة الشعر، والقياس في كل
ذلك فَنَّاء، وشعَر فَيْنان؛ قال سيبويه: معناه أَن له فنوناً كأَفنانِ
الــشجــر، ولذلك صرف، ورجل فَيْنان وامرأَة فَينانة؛ قال ابن سيده: وهذا هو
القياس لأَن المذكر فَيْنان مصروف مشتق من أَفنان الــشجــر. وحكي ابن
الأَعرابي: امرأَة فَيْنَى كثيرة الشعر، مقصور، قال: فإن كان هذا كما حكاه فحكم
فَيْنان أن لا ينصرف، قال: وأُرى ذلك وهَماً من ابن الأَعرابي. وفي
الحديث: أَهلُ الجنة مُرْدٌ مُكَحَّلون أُولو أَفانِين؛ يريد أُولو شُعور
وجُمَم. وأَفانِينُ: جمع أَفنان، وأَفنانٌ: جمع فَنَنٍ، وهو الخُصلة من
الشعر، شبه بالغصن؛ قال الشاعر:
يَنْفُضْنَ أَفنانَ السَّبيبِ والعُذَرْ
يصف الخيلَ ونَفْضَها خُصَل شعر نواصيها وأَذنابها؛ وقال المَرَّار:
أَعَلاقَةً أُمَّ الوُلَيِّد، بعدَما
أَفْنانُ رأْسِك كالثَّغام المُخْلِسِ؟
يعني خُصَلَ جُمَّة رأْسِه حين شاب. أَبو زيد: الفَينان الشعر الطويل
الحسَنُ. قال أَبو منصور: فَيْنانٌ فَيعال من الفَنَن، والياء زائدة.
التهذيب: وإن أَخذت قولهم شعر فَيْنانٌ من الفَنَن وهو الغصن صرفته في حالي
النكرة والمعرفة، وإن أَخذته من الفَيْنة وهو الوقت من الزمان أَلحقته بباب
فَعْلان وفَعْلانة، فصرفته في النكرة ولم تصرفه في المعرفة. وفي الحديث:
جاءَت امرأَةٌ تشكو زوجَها فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: تُرِيدينَ
أن تزَوَّجِي ذا جُمَّةٍ فَينانة على كل خُصلة منها شيطان؛ الشعر
الفَيْنانُ: الطويل الحسن، والياء زائدة. ويقال: فَنَّنَ فلانٌ رأْيه إذا لَوَّنه
ولم يثبت على رأْي واحد. والأَفانِينُ: الأَساليب، وهي أَجناس الكلام
وطُرُقه. ورجل مُتفَنِّنٌ أي ذو فُنون. وتَفنَّنَ: اضطرب كالفَنَن. وقال
بعضهم: تَفنَّن اضطرب ولم يَشْتقَّه من الفَنن، والأَول أَولى؛ قال:
لو أَن عُوداً سَمْهَريّاً من قَنا،
أو من جِيادِ الأَرْزَناتِ أَرْزَنا،
لاقى الذي لاقَيْتُه تَفنَّنا
والأُفْنونُ: الحية، وقيل: العجوز، وقيل: العجوز المُسِنَّة، وقيل:
الداهية؛ وأَنشد ابن بري لابن أَحمر في الأُفْنون العجوز:
شَيْخٌ شآمٍ وأُفْنونٌ يَمانِيةٌ،
من دُونِها الهَوْلُ والمَوْماة والعِلَلُ
وقال الأَصمعي: الأُفْنون من التَّفَنُّن؛ قال ابن بري: وبيت ابن أَحمر
شاهد لقول الأَصمعي، وقولُ يعقوب إنَّ الأُفْنون العجوز بعِيدٌ جدّاً،
لأَنَّ ابنَ أَحمر قد ذكر قبل هذا البيت ما يَشْهَد بأَنها محبوبته، وقد
حال بينه وبينها القَفْرُ والعِلل.
والأُفْنون من الغُصن: المُلتفُّ. والأُفنون: الجَرْيُ المختلط من جَرْي
الفرس والناقة. والأُفنون: الكلام المُثبَّجُ من كلام الهِلْباجة.
وأُفْنون: اسم امرأَة، وهو أَيضاً اسم شاعرسمي بأَحد هذه الأَشياء.
والمُفَنَّنة من النساء: الكبيرة السيئة الخُلُق؛ ورجل مُفَنَّنٌ كذلك.
والتَّفْنِينُ: فِعْلُ الثَّوْب إذا بَلِيَ فتفَزَّرَ بعضهُ من بعض،
وفي المحكم: التَّفْنِينُ تفَزُّر الثوب إذا بَليَ من غير تشقق شديد،
وقيل: هو اختلاف عمَله برِقَّة في مكان وكثافة في آخر؛ وبه فسرابن الأَعرابي
قول أَبانَ بن عثمان:: مَثَلُ اللَّحْن في الرجل السَّريِّ ذي الهيئة
كالتَّفنِين في الثوب الجيِّد. وثوب مُفَنَّنٌ: مختلف. ابن الأَعرابي:
التَّفْنِينُ البُقعة السَّخيفة السَّمِجة الرقيقة في الثوب الصفيق وهو عيب،
والسَّريُّ الشريف النفيس من الناس.
والعربُ تقول كنتُ بحال كذا وكذا فَنَّةً من الدهر وفَيْنةً من الدهر
وضَرْبة من الدهر أي طرَفاً من الدهر.
والفَنِينُ: وَرَمٌ في الإبط ووجع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
فلا تَنْكِحي، يا أَسْمَ، إن كنتِ حُرَّةً
عُنَيْنةَ ناباً نُجَّ عنها فَنِينُها
نصب ناباً على الذم أو على البدل من عُنَينة أي هو في الضعف كهذه الناب
التي هذه صِفَتُها؛ قال ابن سيده: وهكذا وجدناه بضبط الحامِض نُجَّ،
بضم النون، والمعروف نَجَّ. وبعير فَنِينٌ ومَفْنون: به ورم في إبطه؛ قال
الشاعر:
إذا مارَسْت ضِغْناً لابنِ عَمٍّ،
مِراسَ البَكْر في الإبِطِ الفَنِينا
أَبو عبيد: اليَفَنُ، بفتح الياء والفاء وتخفيف النون، الكبير، وقيل:
الشيخ الفاني، والياء فيه أَصلية؛ وقال بعضهم: بل هو على تقديريفعل لأَن
الدهر فَنَّه وأَبلاه، وسنذكره في يفن.
والفَيْنانُ: فرس قرانة بن عُوَيَّة الضَّبّيّ، والله أََعلم.
عبب: العَبُّ: شُرْبُ الماء من غير مَصٍّ؛ وقيل: أَن يَشْرَبَ الماءَ ولا يَتَنَفَّس، وهو يُورِثُ الكُبادَ. وقيل: العَبُّ أَن يَشْرَبَ الماءَ دَغْرَقَةً بلا غَنَثٍ. الدَّغْرَقَةُ: أَن يَصُبَّ الماءَ مرة واحدة.
والغَنَثُ:
أَن يَقْطَعَ الجَرْعَ. وقيل: العَبُّ الجَرعُ، وقيل: تَتابُعُ الجَرْعِ. عَبَّه يَعُبُّه عَبّاً، وعَبَّ في الماءِ أَو الإِناءِ عَبّاً: كرَع؛ قال:
يَكْرَعُ فيها فَيَعُبُّ عَبّا، * مُحَبَّـباً، في مائها، مُنْكَبَّا(1)
(1 قوله «محبباً في مائها الخ» كذا في التهذيب محبباً، بالحاء المهملة بعدها موحدتان. ووقع في نسخ شارح القاموس مجبأ، بالجيم وهمز آخره ولا معنى له هنا وهو تحريف فاحش وكان يجب مراجعة الأصول.)
ويقال في الطائر: عَبَّ، ولا يقال شرِبَ. وفي الحديث: مُصُّوا الماءَ مَصّاً، ولا تَعُبُّوه عَبّاً؛ العَبُّ: الشُّرْبُ بلا تَنَفُّس، ومنه
الحديث: الكُبادُ من العبِّ. الكُبادُ: داءٌ يعرض للكَبِدِ.
وفي حديث الحوض: يَعُبُّ فيه مِـيزابانِ أَي يَصُبّانِ فلا يَنْقَطِـعُ
انْصِـبابُهما؛ هكذا جاء في رواية؛ والمعروف بالغين المعجمة والتاء المثناة فوقها. والحمامُ يَشْرَبُ الماء عبّاً، كما تَعُبُّ الدَّوابُّ. قال الشافعي: الحمامُ من الطير ما عَبَّ وهَدَر؛ وذلك ان الحمام يَعُبُّ الماء عَبّاً ولا يَشرب كما يشرب الطَّير شيئاً فشيئاً.
وعَبَّتِ الدَّلْوُ: صَوَّتَتْ عند غَرْفِ الماء. وتَعَبَّبَ النبيذَ: أَلَحَّ في شُرْبه، عن اللحياني. ويقال: هو يَتَعَبَّبُ النبيذ أَي يَتَجَرَّعُه.
وحكى ابن الأَعرابي: أَن العرب تقول: إِذا أَصابت الظِّباءُ الماءَ، فلا عَبابَ، وإِن لم تُصِـبْهُ فلا أَباب أَي إِن وَجَدَتْه لم تَعُبَّ،
وإِن لم تجده لم تَـأْتَبَّ له، يعني لم تَتَهَيَّـأْ لطلبه ولا تشربه؛ من
قولك: أَبَّ للأَمر وائْتَبَّ له: تَهَيَّـأَ. وقولهم: لا عَبابَ أَي لا
تَعُبّ في الماء، وعُبَابُ كلّ شيء: أَوَّلُه. وفي الحديث: إِنَّا حَيٌّ
من مَذحِجٍ، عُبَابُ سَلَفِها ولُبابُ شرَفِها. عُبابُ الماءِ: أَوَّلهُ
ومُعْظَمُه. ويقال: جاؤوا بعُبابهِم أَي جاؤوا بأَجمعهم. وأَراد بسَلَفِهم مَنْ سَلَفَ من آبائهم، أَو ما سَلَفَ من عِزِّهم ومَجْدِهم. وفي حديث علي يصف أَبا بكر، رضي اللّه تعالى عنهما: طِرْتَ بعُبابها وفُزْتَ بحبابها أَي سبَقْتَ إِلى جُمَّة الإِسلام، وأَدْرَكْتَ أَوائلَه، وشَرِبتَ صَفْوَه، وحَوَيْتَ فَضائِلَه. قال ابن الأَثير: هكذا أَخرج الحديث الـهَرَوي والخَطَّابيُّ وغيرُهما من أَصحاب الغريب. وقال بعضُ فُضلاء المتأَخرين: هذا تفسير الكلمة على الصواب، لو ساعدَ النقلُ. وهذا هو حديث أُسَيْدِ بنِ صَفْوانَ، قال: لما مات أَبو بكر، جاءَ عليٌّ فمدحه، فقال في كلامه:
طِرْتَ بِغَنائها، بالغين المعجمة والنون، وفُزْتَ بحِـيائها، بالحاءِ
المكسورة والياء المثناة من تحتها؛ هكذا ذكره الدارقطني من طُرُق في كتاب: ما قالت القرابة في الصحابة، وفي كتابه المؤتلف والمختلف، وكذلك ذكره ابنُ بَطَّة في الإِبانةِ.
والعُبابُ: الخُوصَةُ؛ قال الـمَرّارُ:
رَوافِـعَ للـحِمَى مُتَصَفِّفاتٍ، * إِذا أَمْسى، لصَيِّفه، عُبابُ
والعُبابُ: كثرة الماءِ. والعُبابُ: الـمَطَرُ الكثير. وعَبَّ النَّبْتُ
أَي طال. وعُبابُ السَّيْل: مُعْظمُه وارتفاعُه وكثرته؛ وقيل: عُبابُه
مَوجُه. وفي التهذيب: العُبابُ معظم السيل.
ابن الأَعرابي: العُبُبُ المياهُ المتدفقة.
والعُنْبَبُ (2)
(2 قوله «والعنبب» وعنبب كذا بضبط المحكم بشكل القلم بفتح
العين في الأول محلى بأل وبضمها في الثاني بدون أل والموحدة مفتوحة فيهما اهـ.): كثرة الماء، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَصَبَّحَتْ، والشمسُ لم تُقَضِّبِ، * عَيْناً، بغَضْيانَ، ثَجُوجَ العُنْبَبِ
ويُرْوى: نجوج. قال أَبو منصور: جعل العُنْبَبَ، الفُنْعَلَ، من
العَبِّ، والنون ليست أَصلية، وهي كنون العُنْصَل.
والعَنْبَبُ وعُنْبَبٌ: كلاهما وادٍ، سمي بذلك لأَنه يَعُبُّ الماءَ،
وهو ثلاثي عند سيبويه، وسيأْتي ذكره. ابن الأَعرابي: العُبَبُ عِنَبُ الثَّعلب، قال: وشجَــرَةٌ يقال لها الرَّاءُ، ممدود؛ قال ابن حبيب: هو العُبَبُ؛ ومن قال عِنَبُ الثعلبِ، فقد أَخطأَ. قال أَبو منصور: عِنَبُ الثعلب صحيح ليس بخطإٍ. والفُرْسُ تسميه: رُوسْ أَنْكَرْدَهْ. ورُوسْ: اسم الثعلب؛ وأَنْكَرْدَهْ: حَبُّ العِنَب. ورُوِيَ عن الأَصمعي أَنه قال: الفَنا، مقصور، عِنَبُ الثعلب، فقال عِنَبُ ولم يَقُلْ عُبَبُ؛ قال الأَزهري: وجَدْتُ بيتاً لأَبي وَجْزَة يَدُلُّ على ما قاله ابن الأَعرابي وهو:
إِذا تَرَبَّعْتَ، ما بَينَ الشُّرَيْقِ إِلى * أَرْضِ الفِلاجِ، أُولاتِ السَّرْحِ والعُبَبِ(1)
(1 قوله «ما بين الشريق» بالقاف مصغراً، والفلاج بكسر الفاء وبالجيم: واديان ذكرهما ياقوت بهذا الضبط، وأنشد البيت فيهما فلا تغتر بما وقع من التحريف في شرح القاموس اهـ.)
والعُبَبُ: ضَرْبٌ من النبات؛ زعم أَبو حنيفة أَنه من الأَغْلاثِ.
وبَنُو العَبّابِ: قوم من العرب، سُمُّوا بذلك لأَنهم خالَطوا فارِسَ،
حتى عَبَّتْ خيلُهم في الفُرات. واليَعْبوبُ: الفَرَسُ الطويلُ السريع؛ وقيل: الكَثير الجَرْيِ؛ وقيل: الجوادُ السَّهْل في عَدْوه؛ وهو أَيضاً: الجَوادُ البعيدُ القَدْرِ في الجَرْي.
واليَعْبُوبُ: فرسُ الربيع بن زياد، صفةٌ غالبة. واليَعْبُوبُ:
الجَدْوَلُ الكثير الماء، الشديدُ الجِريةِ، وبه شُبِّه الفَرَسُ الطويلُ
اليَعْبُوبُ؛ وقال قُسٌّ:
عِذْقٌ بساحَةِ حائِرٍ يَعْبُوبِ
الحائر: المكان المطمئن الوَسَطِ، المرتفعُ الـحُروف، يكون فيه الماءُ، وجمعه حُورانٌ. واليَعْبوبُ: الطويلُ؛ جَعَلَ يَعْبوباً من نَعْتِ حائر. واليَعبوبُ: السَّحابُ.
والعَبِـيبةُ: ضَرْبٌ من الطَّعام. والعَبيبةُ أَيضاً: شرابٌ يُتَّخَذُ
من العُرْفُطِ، حُلْوٌ. وقيل: العَبيبةُ التي تَقْطُرُ من مَغافِـيرِ العُرْفُطِ. وعَبيبةُ اللَّـثَى: غُسالَتُه؛ واللَّـثَى: شيءٌ يَنْضَحُه الثُّمامُ، حُلْوٌ كالناطِفِ، فإِذا سال منه شيءٌ في الأَرض، أُخِذَ ثم جُعِلَ في إِناءٍ، وربما صُبَّ عليه ماءٌ، فشُرِب حُلْواً، وربما أُعْقِدَ.
أَبو عبيد: العَبِـيبةُ الرائب من الأَلبان؛ قال أَبو منصور: هذا تصحيف مُنْكَر. والذي أَقرأَني الإِياديُّ عن شَمِرٍ لأَبي عبيد في كتاب المؤتلف: الغَبيبةُ، بالغين معجمة: الرائب من اللبن. قال: وسمعت العرب تقول للَّبنِ البَيُّوتِ في السِّقاءِ إِذا رابَ من الغَدِ: غَبِـيبةٌ؛ والعَبيبةُ، بالعين، بهذا المعنى، تصحيف فاضح. قال أَبو منصور: رأَيتُ بالبادية جنساً من الثُّمام، يَلْثَى صَمْغاً حُلْواً، يُجْنى من أَغصانِه ويؤكل، يقال له: لَثَى الثُّمام، فإِن أَتَى عليه الزمانُ، تَناثر في أَصل الثُّمام، فيؤخَذُ بتُرابه، ويُجْعَلُ في ثوب، ويُصَبُّ عليه الماءُ ويُشْخَلُ به أَي يُصَفَّى، ثم يُغْلى بالنارِ حتى يَخْثُرَ، ثم يُؤكل؛ وما سال منه فهو العَبِـيبَة؛ وقد تَعَبَّـبْتُها أَي شَرِبْتُها. وقيل: هو عِرْقُ الصَّمْغِ، وهو حُلْو يُضْرَبُ بمِجْدَحٍ، حتى يَنْضَجَ ثم يُشْرَبَ.
والعَبِـيبةُ: الرِّمْثُ إِذا كان في وَطاءٍ من الأَرض.
والعُبَّـى، على مثال فُعْلى، عن كراع: المرأَةُ التي لا تَكادُ يموتُ
لها ولدٌ.
والعُبِّـيَّة والعِـبِّيَّةُ: الكِبْرُ والفَخْرُ. حكى اللحياني: هذه عُبِّيَّةُ قُريشٍ وعِـبِّيَّةُ. ورجل فيه
عُبِّيَّة وعِـبِّيَّة أَي كِـبر وفخر. وعِبِّيَّةُ الجاهلية: نَخْوَتُها. وفي الحديث: إِن اللّه وضَعَ عَنْكم عُبِّيَّةَ الجاهلية، وتَعَظُّمَها بآبائها، يعني الكِـبْرَ، بضم العين، وتُكْسَر. وهي فُعُّولة أَو فُعِّيلة، فإِن كان فُعُّولة، فهي من التَّعْبِـيةِ، لأَن المتكبر ذو تكلف وتَعْبِـيَةٍ، خلافُ الـمُسترْسِل على سَجِـيَّتِه؛ وإِن كانت فُعِّيلَة، فهي من عُبابِ الماءِ، وهو أَوَّلُه وارتفاعُه؛ وقيل: إِن الباءَ قُلِـبَتْ ياء، كما فَعَلوا في تَقَضَّى البازي.
والعَبْعَبُ: الشَّبابُ التامُّ. والعَبْعَبُ: نَعْمَةُ الشَّبابِ؛ قال العجاج:
بعد الجَمالِ والشَّبابِ العَبْعَبِ
وشبابٌ عَبْعَبٌ: تامٌّ. وشابٌّ عَبْعَبٌ: مُـمْـتَلِـئُ الشَّباب.
والعَبْعَبُ: ثَوْبٌ واسِـعٌ. والعَبْعَبُ: كِساءٌ غليظ، كثير الغَزْلِ،
ناعمٌ يُعْمَلُ من وَبَرِ الإِبِلِ. وقال الليث: العَبْعَبُ من الأَكْسِـية،
الناعمُ الرقيق؛ قال الشاعر:
بُدِّلْتِ، بعدَ العُرْي والتَّذَعْلُبِ،
ولُبْسِكِ العَبْعَبَ بعدَ العَبْعَبِ،
نَمارِقَ الخَزِّ، فَجُرِّي واسْحَبي
وقيل: كِساءٌ مُخَطَّطٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
تَخَلُّجَ المجنونِ جَرَّ العَبْعَبا
وقيل: هو كساء من صوف.
والعَبْعَبَةُ: الصوفةُ الحمراء. والعَبْعَبُ: صَنَمٌ، وقد يقال بالغين
المعجمة؛ وربما سمي موضعُ الصنم عَبْعَباً. والعَبْعَبُ والعَبْعابُ:
الطويلُ من الناس. والعَبْعَبُ: التَّيسُ من الظِّـباءِ.
وفي النوادر: تَعَبْعَبْتُ الشيءَ، وتَوَعَّبْتُه، واستوعبْتُه، وتَقَمْقَمْتُه، وتَضَمَّمْتُه إِذا أَتيتَ عليه كله.
ورجلٌ عَبْعابٌ قَبْقابٌ إِذا كان واسِـعَ الـحَلْقِ والجَوْفِ، جليلَ
الكلام؛ وأَنشد شمر:
بعد شَبابٍ عَبْعَبِ التصوير
يعني ضَخمَ الصُّورة، جليلَ الكلام.
وعَبْعَبَ إِذا انهزم، وعَبَّ إِذا شرب، وعَبَّ إِذا حَسُنَ وجهُه بعد
تَغيُّر، وعَبُ الشمسِ: ضُوءُها، بالتخفيف؛ قال:
ورَأْسُ عَبِ الشَّمْسِ الـمَخُوفُ ذِماؤُها(1)
(1 قوله «المخوف ذماؤها» الذي في التكملة المخوف ونابها.)
ومنهم من يقول: عَبُّ الشمسِ، فيشدِّد الباء. الأَزهري: عَبُّ الشمسِ ضَوءُ الصُّبْح. الأَزهري، في ترجمة عبقر، عند إِنشاده:
كأَنَّ فاها عَبُّ قُرٍّ بارِدِ
قال: وبه سمي عَبْشَمْسٌ؛ وقولهم: عَبُّ شمسٍ؛ أَرادوا عبدشَمْسٍ. قال ابن شميل في سَعْدٍ: بنو عَبِّ الشَّمْسِ، وفي قريشٍ: بنو عبدِالشمسِ.
ابن الأَعرابي: عُبْ عُبْ إِذا أَمرته أَن يَسْتَتِر.
وعُباعِبُ: موضع؛ قال الأَعشى:
صَدَدْتَ، عن الأَعْداءِ يومَ عُباعِبٍ، * صُدودَ الـمَذاكي أَفْرَعَتْها الـمَساحِلُ
وعَبْعَبٌ: اسم رجل.
نكع: النَّكِعُ: الأَحْمَرُ من كلِّ شيء. والأَنْكَعُ: المُتَقَشِّرُ
الأَنْفِ مع حُمْرةٍ شديدةٍ. رجُلٌ أَنْكَعُ بيِّنُ النَّكَعِ، وقد نَكِعَ
يَنْكعُ نَكَعاً. والنَّكِعةُ من النساءِ: الحَمْراءُ اللَّوْنِ.
والنَّكِعُ والناكِعُ والنُّكَعةُ: الأَحمر الأَقْشَرُ. وأَحمر نَكِعٌ: شديد
الحُمْرَةِ ورجُلٌ نُكَعٌ: يخالِطُ حُمْرَتَه سَوادٌ، والاسم النَّكَعةُ
والنُّكَعةُ. وشَفةٌ نَكِعة: اشْتَدَّتْ حمرتها لكثرة دم باطنها. ونَكَعةُ
الأَنْفِ: طَرَفُه. ويقال: أَحمر مثلُ نَكَعةِ الطُّرْثُوثِ، ونَكَعةُ
الطرثوث، بالتحريك: قِشْرَةٌ حَمْراء في أَعْلاه، وقيل: هي رأْسه، وقيل: هي
من أَعْلاه إِلى قدر إِصبع عليه قشرة حمراء؛ قال الأَزهري: رأَيتها كأَنها
ثُومةُ ذكر الرجل مُشْرَبةٌ حُمْرةً. وفي الخبر: قَبَّحَ الله نَكَعةَ
أَنْفِه كأَنها نَكَعةُ الطُّرْثُوثِ والنُّكعةُ، بضم النون: جَناةٌ
حمراء كالنبق في استدارته. ابن الأَعرابي: يقال أَحمر كالنُّكعةِ، قال: وهي
ثمرة النُّقاوَى وهو نبت أَحمر. وفي حديث: كانت عيناه أَشدَّ حُمْرَةً من
النُّكعةِ. وحكى ابن الأَعرابي عن بعضهم أَنه قال: فكانت عيناه أَشدّ
حمرة من النُّكعةِ، هكذا رواه بضم النون. قال الأَزهري: وسماعي من العرب
نَكَعةٌ، بالفتح. والنُّكَعةُ والنَّكَعةُ: ثَمَرُ شجــر أَحمر. وقال أَبو
حنيفة: النُّكَعةُ والنَّكَعةُ كِلاهما هَنةٌ حمراء تَظْهَرُ في رأْس
الطُّرْثُوثِ.
ونَكَعه بظهر قدمِه نَكْعاً: ضربه، وقيل: هو الضَّرْبُ على الدُّبر
كالكَسْعِ.
والنَّكُوعُ من النساء: القصِيرةُ،وجمعها نُكُعٌ؛ قال ابن مُقْبِلٍ:
بِيضٌ مَلاوِيحُ، يومَ الصَّيْفِ، لا صُبُرٌ
على الهَوانِ، ولا سُودٌ، ولا نُكُعُ
ونَكَعَه حَقَّه: حَبَسَه عنه. ونَكَعَه الوِرْدَ ومنه: مَنَعَه إِيّاه؛
أَنشد سيبويه:
بَني ثُعَلٍ لا تَنْكَعُوا العَنْزَ شُرْبَها،
بَني ثُعَلٍ مَنْ يَنْكَع العَنْزَ ظالِمُ
وأَنْكَعَتْه بِغْيَتُه: طَلَبها ففاتَتْه. ونَكَعَه عن الشيء يَنْكَعُه
نَكْعاً وأَنْكَعَه: صَرَفَه. ونَكَعَ عن الأَمر ونَكَلَ بمعنًى واحدٍ.
وتَكَلَّمَ فأَنْكَعَه: أَسْكَتَه. وشَرِبَ فأَنْكَعَه: نَغَّصَ عليه.
والنُّكَعةُ: الأَحْمَقُ الذي إِذا جَلَسَ لم يَكَدْ يَبْرَحُ. ويقال
للأَحمق: هُكَعةٌ نُكَعةٌ. والنَّكْعُ: الإِعْجالُ عن الأَمْرِ. ونَكَعَه عن
الأَمر: أَعْجَلَه عنه؛ قال عديّ بن زيد:
تَقْنِصُكَ الخَيْلُ وتَصْطادُكَ الطْـ
ـطَيْرُ، ولا تُنْكَعُ لَهْوَ القَنِيص
ابن الأَعرابي: لا تُنْكَعُ لا تُمْنَعُ؛ وأَنشد أَبو حاتم في
الإِنْكاعِ بمعنى الإِعْجالِ:
أَرَى إِبلي لا تُنْكَعُ الوِرْدَ شُرَّداً،
إِذا شُلَّ قومٌ عن وُرودٍ وكُعْكِعوا
وذكر في ترجمة لكع: ولَكَعَ الرجلُ الشاةَ إِذا نَهَزَها، ونكَعَها إِذا
فعل بها ذلك عند حَلْبِها، وهو أَن يضرب ضَرْعَها لِتَدِرَّ.