Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: شامل

نظف

(نظف)
نظافة نقي من الدنس فَهُوَ نظيف (ج) نظفاء

نظف

10 اِسْنَنْظَفَ الذَّكَرَ مِنَ البَوْلِ

: see استنقى.
ن ظ ف : نَظُفَ الشَّيْءُ يَنْظُفُ نَظَافَةً نَقِيَ مِنْ الْوَسَخِ وَالدَّنَسِ فَهُوَ نَظِيفٌ وَيَتَعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ وَتَنَظَّفَ تَكَلَّفَ النَّظَافَةَ. 
نظف: النَّظَافَةُ: مَصْدَرُ النَّظِيْفِ، نَظُفَ نَظَافَةً، ونَظَّفَ الشَّيْءَ تَنْظِيْفاً.
واسْتَنْظَفَ الوالي الخَرَاجَ.
والتَّنَظُّفُ: التَّقَزُّزُ.
[نظف] النَظافَةُ: النَقاوَةُ. وقد نَظُفَ الشئ بالضم، فهو نظيف. ونظفته أنا تنظيفا، أي نقيته. والتنطف، تكلف النظافة. واستنظفت الشئ، أي أخذته كلَّه. يقال اسْتَنْظَفْتُ الخَراجَ، ولا يقال نظفته.

نظف


نَظُفَ(n. ac. نَظَاْفَة)
a. Was clean, pure.

نَظَّفَa. Cleaned, cleansed, purified.

تَنَظَّفَa. Was purified; cleansed himself.

إِسْتَنْظَفَa. Chose the clean.
b. Took all.
c. Paid in full.

إِنْظَاْفَّa. Was cleansed.

نَظَاْفَةa. Cleanliness; pureness, purity.

نَظِيْفa. Clean, cleanly; pure.
(ن ظ ف) : (التَّنَظُّفُ) كِنَايَةٌ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ مِنْ النَّظَافَةِ كَالِاسْتِطَابَةِ مِنْ الطِّيبِ وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ (اسْتَنْظَفَ) الْوَالِي الْخَرَاجَ إذَا اسْتَوْفَاهُ وَأَخَذَهُ كُلَّهُ وَنَظِيرُهُ اسْتَصْفَى الْخَرَاجَ مِنْ الصَّفَاءِ.
ن ظ ف: (النَّظَافَةُ) النَّقَاوَةُ وَقَدْ (نَظُفَ) الشَّيْءُ مِنْ بَابِ ظَرُفَ فَهُوَ (نَظِيفٌ) . وَ (نَظَّفَهُ) غَيْرُهُ (تَنْظِيفًا) أَيْ نَقَّاهُ. وَ (التَّنَظُّفُ) تَكَلُّفُ النَّظَافَةِ. 
[ن ظ ف] نَظُفَ الشيءُ نَظافَةً فهو نَظِيفٌ حَسُنَ وبَهُوَ ونَظَّفَه يُنَظِّفُهُ تَنْظِيفًا نَقّاه والمِنْظَفَةُ سُهَّمَةٌ تُتَّخَذُ من الخُوصِ واسْتَنْظَفَ الوَالِي ما عليه من الخراجِ استوفاه ونَظَفَ الفَصِيلُ ما في ضَرْعِ أُمِّه وانْتَظَفَه شَرِبَ جميعَ ما فيهِ وانْتَظَفْتُه أَنا كذلك
ن ظ ف

نظف الإناء، ونظّفته فهو نظيف.

ومن المجاز: استنظف الوالي الخراج: استوفاه نحو قولهم: استصفى الخراج، وعن بعض أهل اللغة الصواب بالضاد من انتضف الفصيل ما في الضرع والإبل ما في الحوض إذا اشتفّته. ورجل نظيف الأخلاق: مهذّب، وهو يتنظّف: يتنزّه من المساويء.
باب الظاء والنون والفاء معهما ن ظ ف مستعمل فقط

نظف: [النّظافة: مصدرُ النَّظيفِ، والفعل اللازم منه: نَظُفَ، والمجاوز: نَظَّفَ يُنَظِّفُ تنظيفا. واستنظفَ الوالي ما عليه من الخَراجِ، أي: أسْتَوْفَى، ولا يستعمل التنظيف في هذا المعنى]
نظف
النَّظافة: النَّقاوة، يقال: نَظُف؟ بالضم - ينْظُف نظافة؛ فهو نظِيفٌ. وقال الأزهري: يقال للأشنان وما أشبهه: نظيف؛ لأنه يُنَظِّف اليد والثوب من غَمَرِ اللحم والمَرق ودنس الوَدَك، وكذلك ما أشبه ذلك.
وقال ابن الأنباري في قولهم: فلان نظيف السراويل: معناه أنه عفيف الفرْجِ.
ونَظَّفْتُ الشيء تنظيفا: أي نقَّيته؛ فتنظَّف. والتَّنَظُّفُ عند العرب: شِبه التَّنَطُّس والتَّقزز وطلب النظافة من رائحة غمر أو نفي زُهُومة وما أشبهها.
ويقال: استَنْظفَ الوالي ما عليه من الخَراجِ: أي استوفى، ولا يُستعمل التنظيف في هذا المعنى.
(نظف) في الحديث: "إن الله تبارك وتعالى نَظِيفٌ يُحبُّ النَّظافة"
معنى النَّظافَة في حَقِّ الله تبارِك وتعالى: تَنَزُّهُه عن سِمَاتِ الحَدَث، وتَعالِيه في ذاتِه عن كُلّ نقْص؛ وحُبُّه النَّظافةَ مِن غيره: خُلُوصُ العَقِيدَة ونَفْىُ الشِّرْك ومجَانَبة الأهْوَاء، ثم نظافة السِّرّ عَن الغِلّ والحسَدِ والحِقْد وَنحوها، ثم نَظافة المَطْعَم والمَلْبَس عن الحرام، ثم نَظافَة الظاهر لِمُلَابَسَةِ العِبَادَاتِ.
- وفي حديث آخر: "نَظِّفُوا أَفواهَكم فَإنَّها طُرُق القُرآن" : أي صُونُوها عن اللَّغْو، والفُحشِ، والغِيبَةِ .
وَيُحتمل صِيَانَتُهَا عن أَكْل القَاذُورَاتِ، والحَثِّ على السِّوَاك، والله أعلم.
- في الحديث: "تكون فِتْنَةٌ تَسْتَنظِفُ العَربَ"
: أي تَسْتَوعِبُهم هَلاكاً.
[نظف] نه: فيه: إن الله تعالى "نظيف" يحب "النظافة"، نظافته كناية عن تنزهه من سمات الحدث وعن كل نقص. ونظافة غيره خلوص عقيدته ونفي الشركة ومجانبة الأهواء، ثم نظافة القلب عن نحو الحسد، ثم نظافة المطعم والملبس عن الحرام والشبه، ثم نظافة الظاهر لملابسة العبادات. ط: "تنظفوا" أفنيتكم، أي إذا تقرر ذلك فطيبوا كل ما أمكن تطييبه ونظفوا حتى أفنية الدار. نه: ومنه: "نظفوا" أفواهكم بأنها طرق القرآن، أي صونوها عن نحو اللغو والفحش والغيبة وعن أكل الحرام والقاذورات، وهو حث على تطهيرها من النجاسة والسواك. وفيه: تكون فتنة "تستنظف" العرب، أي تستوعبهم هلاكًا، من استنظفته- إذا أخذته كله، ومنه: استنظفت الخراج. ط: قتلاها في النار، أي من قتل في تلك الفتنة كان في النار، لأنهم ما قصدوا بذلك القتال إعلاء دين أو دفع ظالم بل قصدوا التباغي طمعًا في المال والملك- ومر اللسان في ل. نه: ومنه ح الزهري: فقدرت أني "استظفت" ما عنده واستغنيت عنه.
نظف: نظف: نفض الغبار (بوشر) وهو هنا بمعنى نظف التراب (ألف ليلة 1: 33).
نظف: جلا، لمع، صقل، رطبه، صقله، جعله طريا (بوشر).
نظف شجرة: شذبها (بوشر). نظف: طهر (بوشر).
استنضف: تنظف، نظف نفسه (باستعمال النورة لإسقاط الشعر على سبيل المثال) (عبد الواحد 86: 11): استدعى نورة يستنظف بها.
نظيف: الجمع نظاف (معجم الادريسي، بوشر، أما في محيط المحيط فالجمع نظفاء): نقي، خال من الأوساخ.
نظيف والجمع نظاف: ظريف، لطيف، رشيق، انيق، جميل (الكالا) (ابن بطوطة 278، ألف ليلة رقم 1: 278، ألف ليلة رقم 1: 66).
نظيف والجمع نظاف: قوي، صحيح الجسم، متين البنيان، نفير vert ( الكالا).
نظيف: صحي، غير فاسد (بوشر).
علقة نظيفة: ضرب شديد متواتر بالعصا (فليشر، معجم 103).
نظيف: منشفة، فوطة، ممسحة يد serviette ( باين سميث 1799).
نظاف: لطيف، ظريف (أنه الكالا الذي استعمل الجمع في موضع المفرد- gracioso) .
نظافة: لطف، جمال، أناقة (الكالا).
نظافة: قوة، حيوية، صحة (الكالا).
نظاف: نداف، حلاج (وصف مصر 18، القسم الثاني 2: 380).
نظائفي: شديد النظافة إلى حد التصنع (بوشر).

نظف: النَّظافة: النَّقاوة. والنَّظافة: مصدر التنظيف والفعل اللازم منه

نظُف الشيءُ، بالضم، نَظافة، فهو نَظِيف: حَسُن وبَهُوَ. ونظَّفه

ينظِّفه تنظيفاً أَي نقّاه. وفي الحديث: أَن اللّه تبارك وتعالى نَظِيف يُيحب

النَّظافة. قال ابن الأَثير: نَظافةُ اللّه كناية عن تنزهه من سِمات الحدث

وتَعاليه في ذاته عن كل نقص، وحُبُّه النظافة من غيره كناية عن خلوص

العقيدة ونفي الشرك ومجانبةِ الأَهواء، ثم نظافة القلب عن الغِلِّ والحِقد

والحسد وأَمثالها، ثم نظافة المَطعم والمَلبس عن الحرام والشُّبَه، ثم

نظافة الظاهر بملابسة العبادات. ومنه الحديث: نظِّفوا أَفواهكم فإنها طُرق

القرآن أَي صُونوها عن اللَّغو والفُحْش والغِيبة والنميمة والكذب

وأَمثالها، وعن أَكل الحرام والقاذورات والحث على تطهيرها من النجاسات والسؤال.

والتنظُّف: تكلُّف النظافة. واستنظفت الشيء أَي أَخذته نظيفاً كله. وفي

الحديث: تكون فتنة تستنظف العرب أَي تَسْتَوْعِبهم هلاكاً، من استنظَفْت

الشيء إذا أَخذته كله؛ ومنه قولهم: استنظفت ما عنده واستغنيت عنه.

والمِنْظفة: سُمَّهة تُتخذ من الخوص. واستنظف الوالي ما عليه من الخراج:

استوفاه، ولا يستعمل التَّنْظيف في هذا المعنى؛ قال الجوهري: يقال استَنْظفت

الخراج ولا يقال نَظَّفْته.

ونظَف الفصِيلُ ما في ضَرْع أُمه وانْتَظفَه: شرب جميع ما فيه،

وانتظفْته أَنا كذلك. قال أَبو منصور: والتَّنَظُّف عند العرب التَّنَطُّس

والتَّقَزُّز وطلَبُ النَّظافةِ من رائحة غَمَرٍ أَو نَفْي زُهومة وما أَشبهها،

وكذلك غَسْل الوسَخ والدَّرَن والدَّنَس. ويقال للأُشْنان وما أَشبهه:

نظِيف، لتنظيفه اليد والثوب من غَمَر المَرق واللحم ووضَر الودَك وما

أَشبهه. وقال أَبو بكر في قولهم نظِيف السراويل: معناه أَنه عفيف الفَرْج،

يكنى بالسراويل عن الفرج كما يقال هو عفيف المِئزر والإزار؛ قال متمم بن

نُوَيْرَة يرثي أَخاه:

حُلْو شَمائلُه عَفيف المِئزَر

أَي عفيف الفرج. قال: وفلان نَجِس السراويل إذا كان غير عفيف الفرج.

قال: وهم يَكنون بالثياب عن النفْس والقلب، وبالإزار عن العفاف؛ وقال

غيره:فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه

وقال في قوله:

فسُلِّي ثِيابي من ثِيابكِ تَنْسُلِ

في الثياب ثلاثة أَقوال: قال قوم الثياب ههنا كناية عن الأَمر؛ المعنى

اقطعي أَمري من أَمرِك، وقيل: الثياب كناية عن القلب؛ المعنى سُلِّي قلبي

من قلبك، وقال قوم: هذا الكلام كناية عن الصريمة، يقول الرجل لامرأَته

ثيابي من ثيابك حرام، ومعنى البيت إني في خُلُق لا تَرْضَيْنه فاصْرِميني،

وقوله تنسُل تَبِين وتُقْطَع، ونسَلتِ السنُّ إذا بانت، ونسَل رِيش

الطائر إذا سقط.

نظف
النَّظافَةُ: النَّقاوَةُ وقَدْ نَظُفَ الشيءُ، ككَرُمَ، فَهُوَ نَظِيفٌ: حَسُنَ وبَهُوَ، وَفِي اللِّسانِ والأَساسِ: النَّظافَةُ: مصدَرُ التَّنْظِيفِ، والفِعْلُ اللاَّزِمُ مِنْهُ نَظُفَ، بالضَّمِّ. ونَظَّفَه تَنْظِيفاً: نَقّاه، فتَنَظَّفَ. وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ: النَّظيفُ، كأَمِيرٍ: الأُشْنانُ وشِبْهُه لتَنْظِيفِه اليَدَ والثَّوْبَ من غَمَرِ المَرَقِ والَّلحْمِ، ووَضَرِ الوَدَكِ، وَمَا أَشْبَهَهُ. وقالَ أَبُو بَكْرِ بنُ الأَنْباريِّ فِي قولِهمْ: هُوَ نَظِيفُ السَّراوِيلِ مَعْناه: أَنّه عَفِيفُ الفَرْجِ يُكْنىَ بالسَّراوِيِل عَن الفَرْجِ، كَمَا يُقالُ: هُوَ عَفِيفُ المِئْزَرِ والإِزارِ، قالَ: وفُلانٌ نَجِسُ السَّراوِيلِ: إِذا كانَ غيرَ عَفِيفِ الفَرْجِ، قَالَ: وَهُم يَكْنُونَ بالثِّيابِ عَن النَّفْسِ والقَلْبِ، وبالإزارِ عَن العَفافِ. قَالَ الجَوْهرِيُّ: واسْتَنْظَفَ الوَالِي مَا عَلَيْهِ من الخَراجِ: أَي اسْتَوْفَى وَلَا تَقُلْ: نَطَّفَ. وَهُوَ من قَوْلِهم: اسْتَنْظَفَ الشَّيْءَ: إِذا أَخَذَه كُلَّه، وَمِنْه الحَدِيثُ: تَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ العَرَبَ أَي: تَسْتَوْعِبُهم هَلاكاً، وَمِنْه قولهُمُ: اسْتَنظَفْتُ مَا عِنْدَه، واسْتَغْنَيْتُ عَنهُ. قلتُ: وأَمّا الزَّمَخْشَرِيُّ فقالَ: إنَّ الصَّوابَ فِيهِ الضّادُ المُعْجَمَةُ، من انْتَضَفَ الفَصِيلُ مَا فِي الضَّرْعِ، والإبِلُ مَا باِلحَوْضِ: إذَا اشْتَفَّتْهُ، وَقد أَشَرْنا إليِه آنِفاً. وتَنَظَّفَ: تَكَلَّفَ النَّظافَةَ نَقله الجَوهَرِيُّ. قالَ الأَزْهَرِيُّ: التَّنَظُّفُ عندَ العَربِ: شِبْهُ التَّنُطُّسِ والتَّقَزُّزِ، وطَلَبُ النَّظافَةِ من رائِحَةِ غَمَرٍ، أَو نَفْيِ زُهُومَةٍ وَمَا أشْبَهَها، وكذلِكَ غَسْلُ الدَّرَنِ والوَسَخ والدَّنَسِ.
وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: فِي الحَدِيثِ أَخْرَجَه التِّرْمِذِيُّ وغيرُه: إنَّ اللهَ تَبارَكَ وتَعالَى نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظافَةَ قالَ شيخُنَا:) تَكَلَّمَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ، وابنُ العَرَبِيِّ فِي العارِضَةِ، وغيُر واحدٍ، وأَغْفَلَه المُصَنِّفُ لأَنَّ الشيخَ مُحْييِ الدِّينِ لم يَتَعَرَّضْ لَهُ، بخِلافِ الدَّهْرِ من أَسْماءِ اللهِ تعالَى. قلتُ: وقالَ ابنُ الأَثير: نَظافَةُ اللهِ: كِنايَةٌ عَنْ تَنَزُّهِه عَن سِماتِ الحَدَثِ، وتَعالِيِه فِي ذاتِه عَن كُلِّ نَقْصٍ. وحُبُّه للنَّظافَةِ من غيرِه: كِنايَةٌ عَن خُلُوصِ العَقِيدَةِ، ونَفْيِ الشِّرْكِ، ومُجانَبَةِ الأَهْواءِ، ثُمَّ نَظافَةِ القَلْبِ عَن الغِلِّ والحِقْدِ والحَسَدِ وأَمْثالِها، ثمَّ نَظافَةِ المَطْعَمِ والمَلْبَسِ عَن الحَرامِ والشُّبهِ، ثمَّ نَظافَةِ الظّاهِرِ بمُلابَسَةِ العِباداتِ، وَمِنْه الحَدِيثُ: نَظِّفُوا أَفْواهَكُم فإِنَّها طُرُقُ القُرْآنِ أَي: صُونُوها عَن اللَّغْوِ والفُحْشِ الغِيَبِة والنَّمِيمَةِ والكَذِبِ وأَمْثالِها، وَعَن أَكْلِ الحَرامِ والقَاذُوراتِ، وَفِيه الحَثُّ على تَطْهِيرِها من النَّجاساتِ، والسِّواكِ انْتَهَى. والمِنْظَفَةُ، بالكَسْرِ: سُمَّهَةٌ تُتَّخَذُ من الخُوصِ. ونَظَفَ الفَصِيلُ مَا فِي ضَرْع أُمِّه، وانْتَظَفَهُ: شَربَ جميعَ مَا فيِه، لغةٌ فِي الضّادِ، وانْتَظَفْتُه أَنا كذلِكَ.
ورَجُلٌ نَظِيفُ الأَخْلاقِ: مُهَذَّبٌ، وَهُوَ مَجازٌ. وَهُوَ يَتَنَظَّفُ، أَي: يَتَنَزَّهُ من المَساويء، وَهُوَ مَجازٌ أَيضاً. ورَشَأُ بنُ نَظِيفٍ: مُحَدِّثٌ.
نظف
نظُفَ يَنظُف، نظافةً، فهو نظيف
• نظُف الشَّخصُ/ نظُف الشَّيءُ: خلُص من الوَسَخ أو الدَّنس "ثوبٌ نظيف- نظافة اليد: العِفَّة والأمانة- نظُف لسانه مثلما نظُف قلبه". 

استنظفَ يستنظف، استنظافًا، فهو مُستنظِف، والمفعول مُستنظَف
• استنظف الشَّخصَ/ استنظف الشَّيءَ: وجده نظيفًا "استنظفْتُ يدَه فاستخدمته- استنظف القماشَ فاشتراه". 

تنظَّفَ يتنظّف، تنظُّفًا، فهو مُتنظِّف
• تنظَّف البيتُ ونحوُه: مُطاوع نظَّفَ: صار نظيفًا، نقيًّا خالصًا من الأوساخ والأتربة ونحوهما "تنظَّف الثّوبُ- تنظفت واجهةُ البناء".
• تنظَّف الشَّخصُ: تنزّه عن المساوئ والخصال البذيئة "تنظّف من الرِّشْوة- تنظّف عن الخداع". 

نظَّفَ يُنظِّف، تنظيفًا، فهو مُنظِّف، والمفعول مُنظَّف
• نظَّف الشّيءَ/ نظَّف الشّيءَ من الوسخ: نقّاه وأزال أوساخَه وأدناسه "نظّف بيتَه/ الحجرةَ/ الأطباقَ/ الجرحَ/ الثِّياب- نظّف ملابسَه بجهاز التنظيف الآلي" ° تنظيف جافّ: بجهازٍ خاصٍّ بدون ماء- تنظيف شامل: تنظيف كامل خاصَّة في مَسْكن عند انتهاء الشِّتاء- تنظيف على النَّاشف: فنّ وعمليّة الاعتناء بالثّياب بإزالة الوسخ عنها وكيِّها بوسائل مختلفة.
• نظَّف قلبَه: صانه عما يدنّسه من محرَّمات أو شبهات. 

مُنظِّف [مفرد]: ج منظِّفون ومنظِّفات (لغير العاقل):
1 - اسم فاعل من نظَّفَ.
2 - (كم) موادّ كيميائيّة تعمل في وجود الماء لإزالة الأوساخ، وهي نوعان: الصَّابون، والمنظِّفات المختلفة "منظِّف الأسنان: مستحضر (معجون أو مسحوق) لتنظيف الأسنان". 

مِنْظَفة [مفرد]: ج مَناظِفُ: اسم آلة من نظُفَ: ما يُنظَّف به "مِنْظفة أثاث- مناظِفُ أوانٍ". 

نَظافَة [مفرد]: مصدر نظُفَ ° بَيْتُ النَّظافة: المرحاض- عامل النظافة: موظَّف تعيِّنه شركة خاصَّة أو البلديّة ليجمع القمامة ويتخلّص منها. 

نظيف [مفرد]: ج نظيفون ونِظَاف ونُظَفاءُ، مؤ نظيفة، ج مؤ نظيفات ونِظَاف ونُظَفاءُ: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من نظُفَ ° نظيف الأخلاق: مهذَّب- نظيف الثّوب:
 بريء من العيب- نظيف السَّراويل: عفيف- نظيف اليدين: متورّع عن الرِّزق الحرام كالرّشوة وغيرها، نزيه، أمين. 

عفو

عفو: عَفا: لم يذكر لين إلاّ عفّى على، غير أن عفا تستعمل أيضاً، يقال، عفا عليه التراب بمعنى غطاه التراب فلم يعرف. (معجم البلاذري). وفي تاريخ البربر (1: 434): فأزال السلطان تلك السِكة وعفا عليها. (وهذا صواب قراءة العبارة بدل عليه وفقاً لما جاء في مخطوطتنا رقم 135) أي أزالها.
عَفا: ألْغى أمراً؟ (ألكالا) وهو يذكر: نهفو وأهفيت وأهفو ويكتبها كذلك كما لو كان هذا الفعل حفو، غير أن حفو هذا لا يوافق المعنى.
عَفّى (بالتشديد): خرب، دمر، أتلف، اجتاح، ففي كتاب ابن صاحب الصلاة (ص25 ق): قد نقدم التاريخ في قبيح نكاية إبراهيم بن همشك لمدينة قرطبة- وتعفيته جنباتها وربوعها.
عَفَّى: ردَّ، درأ، دافع، قاوم. (فوك).
عافي من: أعفى من. ففي النويري (الأندلس ص482): المعافاة من الخدمة. وفي معجم بوشر: معافاة: إعفاء ومعافاة من: إعفاء من.
عافاك: مرحى؛ أحسنت، ممتاز، حبذا، يا حبذا، ة عظيم، نعما. (بوشر).
عافاكم العرب: مرحى أيها العرب، يا حبذا العرب، أحسنتم أيها العرب. (جاكسون تمبكتو ص141).
أعفى: بمعنى عفا: محا، دمر، خرب (ريجرز ص21) حسب ما جاء في مخطوطتنا (رقم 1) وحسب ما جاء في مخطوطة باريس (رقم ج) التي يعتمد عليها دي ساسي. أما مخطوطتنا (رقم ب) ففيها عافي غير أن الناشر يرى أن عفا أفضل، وهذه موجودة في طبعة باريس. غير أن عبارة في المقري (1: 339) تؤيد كلمة أعفاه، لأن المصدر إعفاء يعني الإبادة والتخريب.
أعفى: بمعنى جعله في حل من الأمر، وصرفه عن منصبه لا تليها من فقط فيقال: إعفاء من، بل تليها عن أيضاً فيقال: إعفاء عن (معجم أبي الفداء بوشر، كليلة ودمنة ص238).
تعافَي: ينقل جان جاك شولتز (انظر فريتاج) كلام الحريري الذي يشير إليه لين أيضاً.
تعافي: نال العافية، استعاد قواه، أبل من المرض. شفي. (بوشر، لين، ألف ليلة 1: 53، 227، 344، برسل 2: 298).
اعتفى عن: اعتذر، أعفى نفسه، استعفى. (بوشر).
عَفْو: إسقاط، مواضعة، تجاوز عن قسم من الدين، وخفض الثمن، وحطيطة في السعر. (بوشر).
عفواً: تلقائياً. (انظر معجم البلاذري). وفي ابن البيطار (1: 180): ينبت لنفسه عفواً على الشجر المذكور، وفي (2: 182) منه: وهو ينبت لنفسه عفواً (2: 539).
عفواً: لم يلق مقاومة. ففي حيان- بسام (1: 173ق): لحق بالمرية ودخلها عفواً.
عفى: قوي، شديد، أضلع، جبار، ضخم جسيم. (بوشر).
عفية عليك: مرحى، أحسنت، نعم ما فعلت يا حبذا ما فعلت. (بوشر).
عَافِية: يسأل السائل: كيف الصحة؟ فيكون الجواب: العافية، أي صحتي جيدة. (المقري 1: 476).
عَافِية: نشاط. (بوشر).
عافِية: هدوء، سكينة وسكون. (بوشر بربرية).
ويقال: راح بعافيته أي ذهب بهدوء. وفي رياض النفوس (ص92 و): قال له وهو يهدده بسكين لئن لم ترح بعافيتك لأخضبنها من دمك.
مات على فراش (أو سرير).
العافية: مات حتف أنفه، مات موتاً طبيعياً. (الجريدة الآسيوية 1851، 1: 56، 57).
عافِيَة: سلم، سلام. (فوك)، وفيه أيضاً: طالب عافية: مسالم، محب للسلم.
عَافية: رغبة في السلام، حب السلام، ففي الجريدة الآسيوية (1852، 2: 215): وارتفع له بذلك صيت عظيم مع عافيته وحسن نيته.
عافية: ففي بلاد البربر يتحاشون استعمال كلمة نار بل يستعملون مقابلها العافية. يقول دوماس (حياة العرب ص523): إذا أردت أن تؤرث غليونك فلا تقل: جيب لي نار، لأن كلمة نار تطلق خاصة على نار جهنم، بل قل: جيب العافية. انظر: (هوست ص222)، دومب ص79، شينييه 3: 188، باربييه، دلايورث ص38، بوشر (وفيه نار الحطب بربرية). وفي مارتن (ص33، 169): راني نقعد قرب العافية ونسخن: أي اقعد قرب النار وادفأ.
عافية عليك: عفية عليك، مرحى، أحسنت نعم ما فعلت، يا حبذا ما فعلت. (بوشر).
عوافي: رحلة سعيدة، مع السلامة: على الطائر الميمون: (بوشر).
أهل العافية: المعوزون، المحتاجون، طلاب المعروف. (دي سلان المقدمة 2: 296).
معفا: في المستعيني (مادة خلاف) وهو الصفصاف والغرب: ومنه نوع يعرف بالمعفا.
معاف (تصحيف معافى): محرر. معفو.
ويقال: معاف عن أي معفو من. (بوشر).
مُعاف: بإعفاء من الضرائب. (بوشر).
مُعاف: سند الإعفاء بكفالة من الرسوم الكمركية، سند يعطيه مدير مكتب الكمرك لمرور شيء نحو المكان المرسل إليه. (بوشر).
معافات: انظرها في مادة عافي. معافاة (جمع): إعفاءات من الضرائب والرسوم (بوشر). متعافي: قوي، طويل بدين، جبار، أضلع. (بوشر، ألف ليلة برسل 3: 106) وفي طبعة ماكن: شجاع بدل متعافي.
عفو: {عفونا}: محونا. {العفو}: السهل. {عفوا}: كثروا. وعفا: كثر ودرس. 
ع ف و

هذا من عفو مالي أي من حلاله وطيّبه. وخذ ما عفا وصفا، وخذ عفوه وصفوه وعفوته وصفوته. قال الأخطل:


المانعين الماء حتى يشربوا ... عفواته ويقسّموه سجالاً

ويقال أعطيته عفواً من غير مسألة " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو " أي فضل المال ما فضل من قوتك وقوت عيالك. وتقول: أطعمونا من عوافيكم، دامت لكم عوافيكم؛ جمع عافي القدر وهو بقيّة المرق فيها. قال الكميت:

فلا تسأليني واسألي ما خليفتي ... إذا ردّ عافي القدر من يستعيرها

وجمع العافية. وكثرت على الماء عافيته أي واردته، وعلى الكريم عافيته أي سؤّاله، وكذلك: عفاته ومعتفوه. وتقول: في واديهم كلأ عاف، وعشب واف؛ وهو الكثير " حتى عفوا ". وعليهم العفاء. وعفّى عليهم الخبال أي هلكوا. والله عفوٌّ عن عباده.
ع ف و : عَفَا الْمَنْزِلُ يَعْفُو عَفْوًا وَعُفُوًّا وَعَفَاءً بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ دَرَسَ وَعَفَتْهُ الرِّيحُ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا.
وَمِنْهُ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ أَيْ مَحَا ذُنُوبَكَ.

وَعَفَوْتَ عَنْ الْحَقِّ أَسْقَطْتَهُ كَأَنَّكَ مَحَوْتَهُ عَنْ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَعَافَاهُ اللَّهُ مَحَا عَنْهُ الْأَسْقَامَ وَالْعَافِيَةُ اسْمٌ مِنْهُ وَهِيَ مَصْدَرٌ جَاءَتْ عَلَى فَاعِلَةٍ وَمِثْلُهُ نَاشِئَةُ اللَّيْلِ بِمَعْنَى نُشُوءِ اللَّيْلِ وَالْخَاتِمَةُ بِمَعْنَى الْخَتْمِ وَالْعَاقِبَةُ بِمَعْنَى الْعُقْبِ وَلَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ وَعَفَا الشَّيْءُ كَثُرَ.
وَفِي التَّنْزِيلِ {حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: 95] أَيْ كَثُرُوا وَعَفَوْتُهُ كَثَّرْتُهُ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى وَيُعَدَّى أَيْضًا بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَعْفَيْتُهُ وَقَالَ السَّرَقُسْطِيّ عَفَوْتُ الشَّعْرَ أَعْفُوهُ عَفْوًا وَعَفَيْتُهُ أَعْفِيهِ عَفْيًا تَرَكْتُهُ حَتَّى يَكْثُرَ وَيَطُولَ وَمِنْهُ «أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَاعْفُوا اللِّحَى» يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ ثُلَاثِيًّا وَرُبَاعِيًّا.

وَعَفَوْتُ الرَّجُلَ سَأَلْتُهُ.

وَعَفَا الشَّيْءُ عَفْوًا فَضَلَ وَاسْتَعْفَى مِنْ الْخُرُوجِ فَأَعْفَاهُ بِالْأَلِفِ أَيْ طَلَبَ التَّرْكَ فَأَجَابَهُ. 

عفو


عَفَا(n. ac. عَفْو)
a. Was effaced, obliterated; was razed.
b. Effaced, obliterated, wiped out; cancelled.
c. [La
or
'An], Pardoned, forgave.
d. Was thick, bushy (hair).
e. Was clear, limpid, untroubled, unfouled (
water ).
f. Became redundant, superfluous.

عَفَّوَa. see I (b) (d), (e).
عَاْفَوَa. Preserved.
b. Healed, restored.

أَعْفَوَa. see III (a) (b).
c. [acc. & Min], Excused, exempted, dispensed from.
d. Was liberal, bountiful, lavish.
e. [acc. & Bi], Paid, discharged (debt).
f. Let grow (hair).
g. Possessed much property.

تَعَفَّوَa. see I (a)
تَعَاْفَوَa. Recovered, got well.
b. Pardoned, forgave one another.

إِعْتَفَوَa. Sought, asked of.
b. see X
إِسْتَعْفَوَ
a. [Min], Asked to be excused, exempted, dispensed from;
resigned, relinquished.
عَفْوa. Effacement, obliteration.
b. Pardon, forgiveness; amnesty.
c. Exemption, dispensation; excuse.
d. Favour, benefit; bounty.
e. The best, the choice of; the superfluity, redundancy
the excess of.
f. (pl.
عَفْوَة
عِفآء [عِفَاْو A ]
أَعْفَآء [] ), Foal of an ass.
عَفْوَةa. Pardon, forgiveness.
b. Bloodmoney.
c. see 2t
. —
عِفْوَة
2t
عُفْوَة
Scum, sediment; scrapings ( of the
cooking-pot ).
عَاْفِو
(pl.
عُفَاة [ 9tA ]
a. عُفِيّ ), Effacing, obliterating.
b. Pardoning, forgiving; forgiver, pardoner.
c. Seeker; suppliant; guest.
d. One coming to the water.

عَاْفِوَة
( pl.
reg. &
عَوَافٍ [] )
a. see 21e. Health.

عَفَاْوَةa. Scum &c.
b. Fat, gravy, the best of the broth. —
عِفَاْوَة
23t
عُفَاْوَةsee 22t
عَفِيّ []
a. [ coll. ], Strong, stout (
thread ).
عَفُوّa. Forgiving, forbearing, clement, merciful, mild;
indulgent.

مُعَافَاة [ N.
Ac.
عَاْفَوَ
(عِفْو)]
a. Pardon, forgiveness.
b. Health.

مُتَعَافٍ [ N.
Ag.
a. VI], Convalescent.

إِسْتِفَآء [ N.
Ac.
a. X], Resignation; abdication.
b. Excuse.

عَفْوًا
a. Spontaneously, readily, willingly, voluntarily
unasked.

عُفِيَ عَنْهُ
a. May he be absolved, pardoned, forgiven.

عَفَّى عَلَى مَا كَانَ
a. He acted well, rightly; righted.
عَفَّى عَلَيْهُم الخَبَال
a. Destruction effaced them: they died.

عَافَاكَ اللّٰه
a. God preserve thee, keep thee soundly, securely.

عَافَاك
a. [ coll. ], Bravo!
كَثِيْر العَافِيَة
a. Generous.
عفو وعفى
عفى أُهْمَلَه الخَليلُ. وحَكاه الخارْزَنْجِيُّ. العَفْوُ: الصَّفْحُ وأحَلُّ المالِ وأطيَبُه. والوَرَمُ يُقال: عَفِيَتْ رِجْلُه واعْتُفِيَت. والمَعْرُوف يقال: عَفَاه واعْتَفاه: أي طَلَبَ مَعْرُوفَه، فأعْفاه: أي أعْطاه، ومنه: عافِيَةُ الطَّيْر والسِّباع.
والعَفْوُ والعَفْوَةُ والعَفَاءُ: الأرضُ التي لم تُوْطَأْ. واسْتَعْفَتِ الإِبِلُ اليَبِسَ واعْتَفَتْه: أَخَذَتْه بمَشَافِرها من فوق التُّراب مُسْتَصْفِيَةً له، وكذلك اعْتَفَيْتُ عَفْوَ الأمْرِ وعَفْوَتَه أي صَفْوَه.
وعَفْوَةُ المالِ: أفْضَلُه وخِيَارُه. والعُفْوَةُ: الحُسْوَةُ من الماء. وعَفْوُ المَرَقَةِ وعِفَاوَتُها: صِفْوَتُها. والعِفَاوَةُ والعَفْوُ: يكُونانِ من الكَثْرَةِ أيضاً. ويُقال: عَفَا الماءُ: إذا لم يُوْرَدْ فَصَفا.
وعَفَا الشَّيْءُ: كَثُرَ، عُفُوّاً، وعَفَوْتُه أنا، وعَفَيْتُه - بالياء - أيضاً، وعَفَّيْتُه. والعَفْوَةُ: الفَضْلُ.
وعَفَا المَكانُ: دَرَسَ، عَفَاءً وعُفُوّاً، وتَعَفّى أيضاً، وعَفَتْه الرِّيْحُ عَفَاءً وعُفُوّاً.
قال أبو زَيْدٍ: عَفَوْتُ صُوْفَ الشّاةِ، أَخَذْتَه، وعَفَوْتُه: وفَّرْتَه، من الأضداد. والعَفْوَةُ: الدِّيَةُ، وجَمْعُه: عَفَوَاتٌ وعُفَىً. والعِفْوُ - بكسر العَيْن وفَتْحِها وضَمِّها - والعِفَا - بكَسْر العين وفَتْحِها وبالقَصْر -: الجَحْشُ، والجَميعُ: الأعْفَاءُ والعِفَاءُ والعَفْوَةُ، قال الخَليلُ: وليس في الكَلام واوٌ مُتَحرِّكَةٌ بعد حَرْفٍ مُتَحَرِّكٍ في آخِرِ البِناء غير هذه.
والعِفْوُ: الشّاةُ التي عُفِي عنها وأُعْفِيَتْ من الحَلَب. واسْتَعْفاني فأعْفَيْتُه: أي اسْتَقالني.
وعَفّى عليهم الخَبَالُ: ماتُوا. والعَفَاءُ: المَطَرُ، وقد أعْفَيَتِ السَّماءُ. والتُّرابُ، يُقال: بِفِيْهِ العَفَاءُ وعليه العَفَاء. والعِفَاءُ: الوَبَرُ والرِّيشُ، والواحِدةُ: عَفَاءةٌ. وعِفَاءُ السَّحَابِ: كالخَمْلِ في وَجْهِهِ. وأبو العُفّى: الحِمَارُ.
(ع ف و) : (يُقَالُ عَفَوْتُ) عَنْ فُلَانٍ أَوْ عَنْ ذَنْبِهِ إذَا صَفَحْتُ عَنْهُ وَأَعْرَضْتُ عَنْ عُقُوبَتِهِ وَهُوَ كَمَا تَرَى يُعَدَّى بِعَنْ إلَى الْجَانِي وَإِلَى الْجِنَايَةِ فَإِذَا اجْتَمَعَا عُدِّيَ إلَى الْأَوَّلِ بِاللَّامِ فَقِيلَ عَفَوْتُ لِفُلَانٍ عَنْ ذَنْبِهِ وَعَلَى ذَا قَوْلُهُ عَفَوْتُكَ عَنْ الْقَطْعِ أَوْ عَنْ الشَّجَّةِ خَطَأٌ وَبِاسْمِ الْفَاعِلَةِ مِنْهُ سُمِّيَ (عَافِيَةُ) الْقَاضِي الْأَوْدِيُّ كَذَا صَحَّ فِي مَنَاقِبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالتَّعَافِي) تَفَاعُل مِنْهُ وَهُوَ أَنْ يَعْفُوَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ (وَأَمَّا) تَعَافُوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فَالْأَصْلُ تَعَافُوا عَنْ الْحُدُودِ أَيْ لِيَعْفُ كُلٌّ مِنْكُمْ عَنْ صَاحِبِهِ إلَّا أَنَّهُ حُذِفَ عَنْ وَأُوصِلَ الْفِعْلُ أَوْ ضُمِّنَ مَعْنَى التَّرْكِ فَعُدِّيَ تَعْدِيَتَهُ (وَقَدْ جَعَلَ) صَاحِبُ الْمَقَايِيسِ هَذَا التَّرْكِيبَ دَالًّا عَلَى أَصْلَيْنِ تَرْكٍ وَطَلَبٍ إلَّا أَنَّ الْعَفْوَ غَلَبَ عَلَى تَرْكِ عُقُوبَةِ مَنْ اسْتَحَقَّهَا (وَالْإِعْفَاءُ) عَلَى التَّرْكِ مُطْلَقًا (وَمِنْهُ) إعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَهُوَ تَرْكُ قَطْعِهَا وَتَوْفِيرُهَا وَقَوْلُهُمْ أَعْفِنِي مِنْ الْخُرُوج مَعَك أَيْ دَعْنِي عَنْهُ وَاتْرُكْنِي وَمِنْهُ حَدِيث مُحَاكَمَةِ عُمَرَ وَأُبَيّ بْنِ كَعْبٍ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الْحَائِطِ وَإِنْ رَأَيْت أَنْ تُعْفِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْيَمِينِ فَاعْفِهِ فَقَالَ أَبِي بَلْ نُعْفِيهِ وَنُصَدِّقهُ وَمَنْ رَوَى أَوْ عَفَوْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ الْيَمِينِ فَقَدْ سَهَا (وَقَوْلُهُمْ) الْعَفْوُ الْفَضْلُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا تُرِكَ فَضَلَ وَزَادَ (وَمِنْهُ حَدِيثُ) عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أُمِرْنَا أَنْ لَا نَأْخُذَ مِنْهُمْ إلَّا الْعَفْوَ» وَخُذْ مَا صَفَا وَعَفَا أَيْ فَضَلَ وَتَسَهَّلَ (وَمِنْهُ) قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَعَمْرِي مَا الْبَرَاذِينُ بِأَعْفَى مِنْ الْفَرَسِ فِيمَا كَانَ مِنْ مُؤْنَةٍ وَحَرْسٍ يَعْنِي لَيْسَ هَذَا بِأَسْهَلَ مُؤْنَةٍ مِنْ ذَاكَ (وَاخْتَلَفُوا) فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178] فَأَكْثَرهمْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْعَفْوِ خِلَافِ الْعُقُوبَةِ وَأَنَّ مَعْنَاهُ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ جِهَةِ أَخِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْعَفْوِ أَيْ بَعْضِهِ بِأَنْ يُعْفَى عَنْ بَعْضِ الدَّم أَوْ يَعْفُوَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَالْأَخُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ وَمَنْ هُوَ الْقَاتِلُ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ وَأَخِيهِ لِمَنْ وَفِي إلَيْهِ لِلْأَخِ أَوْ لِلْمُتَّبَعِ الدَّالِّ عَلَيْهِ فَاتِّبَاعٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَلْيُتَّبَعْ الطَّالِبُ بِالْمَعْرُوفِ وَلْيُؤَدِّ إلَيْهِ الْمَطْلُوب بِإِحْسَانِ وَقِيلَ عُفِيَ تُرِكَ وَمُحِيَ وَقِيلَ أُعْطِيَ وَالْأَخُ الْقَاتِل وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ أَوْ لِلْبَدَلِ وَقَدْ أُنْكِرَ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] فَالْعَفْوُ فِيهِ مُسْتَعَارٌ لِلتَّجَافِي عَنْ الْحَقِّ وَطَلَبِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «عَفَوْنَا لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ» وَاَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ وَقِيلَ الْوَلِيُّ وَقَدْ أُنْكِرَ كَمَا أُنْكِرَ تَفْسِيرُ الْعَفْوِ بِالْإِعْطَاءِ وَتَمَامُ التَّفْسِيرِ لِلْآيَتَيْنِ فِي الْمُعْرِبِ.
باب العين والفاء و (واي) معهما ع ف و، ف ع د، ع ي ف، ي ف ع مستعملات

عفو: العفو: تركُكَ إنساناً استوجَبَ عُقوبةً فعفوتَ عنه تعفُو، والله العَفُوُّ الغَفور. والعَفْوُ: أحَلُّ المالِ وأطيبُه. والعَفْوُ: المعروف. والعُفاةُ: طُلاّبُ المعروف، وهم المُعْتَفُونَ. واعْتَفَيتُ فلاناً: طَلَبتُ مَعروفَه. والعافيةُ من الدَّوابِّ والطَّيْر : طُلاّب الرِزقِ، اسمٌ لهم جامع.

وجاء في الحديث: مَن غَرَسَ شجرةً فما أَكَلَتِ العافيةُ منها كُتِبَتْ له صَدَقةٌ .

والعافيةُ: دِفاعُ الله عن العبد المَكارِه. والإستِعفاءُ: أن تَطْلُبَ إلى من يُكَلِّفُك أمراً أن يُعفيك منه أي يَصرِفُه عنك. والعَفاءُ: التُّرابُ. والعَفاءُ: الدُّروسُ، قال: على آثار مَن ذَهَبَ العَفاءُ

تقول: عَفَتِ الدِّيار تَعفُو عُفُوّاً، والرِّيحُ تَعفُو الدارَ عَفاءً وعُفُوّاً وتَعَفَّتِ الدارُ والأثَرُ تَعَفّيَاً. والعَفْو والعِفَو والجميع عِفْوة : الحُمُر الأَفْتاء والفَتيات، والأنثى عِفَوَة ولا أعلم واواً مُتحركة بعد حرف متحرك في في آخِر البناء غيرَ هذا، وأن [لُغَة] قيس بها جاءت وذلكم أنَّهم كَرهوا عِفاة في موضع فِعَلة وهم يريدون الجماعة فيلتبس بوُحْدان الأسماء فلو تكلَّف متكلّف أن يَبنيَ من العَفو اسماً مفرداً على فِعلة لقال عِفاة. وفيه قول آخر: يقال همزة العَفاء والعَفاءة ليست بأصلية إنما هي واوٌ أو ياء لا تُعرَف لأنّها لم تُصَرَّف ولكنّها جاءت أشياء في لغات العرب ثَبَتَت المَدَّة في مؤنثّها نحو العَماء والواحدة العَماءة ليست في الأصل مهموزة ولكنّهم إذا لم يكن بين المذكّر والمؤنّث فرقٌ في أصل البناء همَزوا بالمدّة كما تقول: رجلٌ سَقّاء وامرأة سقّاءة وسقّاية. قيل أيضاً، من ذهب إلى أن أصله ليس بمهموز . والعِفاء ما كَثُر من الريش والوَبَر. ناقةٌ ذات عِفاء كثيرةُ الوَبَر طويلتُه قد كادَ ينسِل للسُقوط. وعِفاء النَّعامة: الريشُ الذي قد عَلا الزِّفَّ الصِّغار، وكذلك الدّيك ونحوه من الطَّير، الواحدة عِفاءة بمَدَّة وهمزة، قال : أُجُدٌ مُؤَثَّفةٌ كأنَّ عِفاءَها ... سِقْطانِ من كَنَفَيْ ظَليمٍ جافِلِ

وعِفاءُ السّحاب: كالخَمْل في وجهه لا يكاد يُخلِف ، ولا يقال للواحدة عِفاءة حتى تكونَ كثيرة فيها كثافة.

فعو: الأفعى: حَيَّةٌ رَقشاءُ طويلةُ العُنُق عريضة الرَّأس، لا ينفَعُ منها رُقْيَة ولا تِرْياق، وربّما كانتْ ذاتَ قَرْنَيْن. والأُفْعُوانُ: الذَّكَرُ.

عوف: العَوْفُ: الضَّيْف، وهو الحالُ أيضاً : تقول: نِعْمَ عَوْفُك أي ضَيْفُكَ. والعَوْفُ: اسم من أسماء الأسد لأنّه يَتَعَوَّف باللَّيْل فيَطلُب. ويقال: كلُّ مَن ظَفِرَ في اللَّيْل بشيءٍ فالذي يَظفَر به عُوافتُه. وعُوافةُ وعَوْفٌ من أسماء الرّجال. ويقال: العَوْفُ الأَيْرُ. ويقال: العَوْف نَبْتٌ

عيف: عافَ الشَّيءَ يَعَافُه عِيافةً إذا كَرِهَه من طعام أو شراب. والعَيُوفُ من الإبِلِ: الذي يَشَمُّ الماءَ فيَدَعُه وهو عطشان. والعِيافة زَجْرُ الطَّيْر، وهو أَنْ تَرَى طَيْراً أو غراباً فَتَتَطَيَّرَ، تقول: ينبغي أنْ يكون كذا فإنْ لم تَرَ شيئاً قُلتَ بالحَدْس فهو عِيافة. ورجل عائف يَتَكَهَّن، قال: عَثَرَت طيرك أو تعيف. يفع: اليَفاعُ: التلُّ المُنيفُ. وكلُّ شيءٍ مُرتَفع يَفاع. وغُلامٌ يَفَعة وقد أيْفَعَ ويَفَعَ أي شَبَّ ولم يبلُغ. والجارية يَفَعَة والأيفاع جمعه. 
الْعين وَالْفَاء وَالْوَاو

عَفا عَن ذَنبه عفوا: صفح، وَقَوله تَعَالَى (فَمن عُفيَ لَهُ من اخيه شَيْء) قيل: كَانَ النَّاس من سَائِر الْأُمَم يقتلُون الْوَاحِد بِالْوَاحِدِ فَجعل الله لنا الْعَفو عَمَّن قتل إت شئناه، فَعَفَا على هَذَا مُتَعَدٍّ أَلا ترَاهُ مُتَعَدِّيا هُنَا إِلَى شَيْء وَقَوله عز وَجل (إِلَّا أَن يعفون أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح) مَعْنَاهُ إِلَّا أَن يعْفُو النسء أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح وَهُوَ الزَّوْج أَو الْوَلِيّ إِذا كَانَ ابا. وَمعنى عَفْو الْمَرْأَة أَن تَعْفُو عَن النّصْف الْوَاجِب لَهَا فتتركه للزَّوْج، أَو يعْفُو الزَّوْج عَن النّصْف فيعطيها الْكل.

وَرجل عَفْو عَن الذَّنب: عاف.

واعفاه من الْأَمر برأه. واستعفاه طلب ذَلِك مِنْهُ ز وعفت الْإِبِل المرعى: تناولته قَرِيبا.

وعفاه عَفوه: اتاه.

وَالْعَفو: الْمَعْرُوف.

والعافية والعفاة والعفى: الاضياف وطلاب الْمَعْرُوف. وَقيل: هم الَّذين يعفونك أَي ياتونك يطْلبُونَ مَا عنْدك.

والعافي أَيْضا: الرائد والوارد لِأَن ذَلِك كُله طلب، قَالَ الجذامي يصف مَاء:

ذَا عرمض تخضر كف عَافِيَة

أَي وارده أَو مستقيه.

والعافية: طلاب الرزق من الدَّوَابّ وَالطير انشد ثَعْلَب:

لعز علينا وَنعم الْفَتى ... مصيرك يَا عَمْرو للعافية

يَعْنِي إِن قتلت فصرت اكلة للطير والضباع وَهَذَا كُله طلب.

وَأَعْطَاهُ المَال عفوا: بِغَيْر مَسْأَلَة وَقَوله تَعَالَى (ويَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو) . قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الْعَفو: الْكَثْرَة وَالْفضل فامروا أَن ينفقوا الْفضل إِلَى أَن فرضت الزَّكَاة. وَقَوله تَعَالَى (خُذ الْعَفو) قيل: الْعَفو: الْفضل وَقيل: مَا اتى بِغَيْر مَسْأَلَة، والعافي: مَا اتى على ذَلِك من غير مَسْأَلَة أَيْضا، قَالَ:

يُغْنِيك عَافِيَة وَعند النحز

يَقُول: مَا جَاءَك مِنْهُ عفوا اغناك من غَيره.

وَأدْركَ الْأَمر عفوا صفوا أَي فِي سهولة وسراح.

وَعَفا الْقَوْم: كَثُرُوا. وَفِي التَّنْزِيل (حَتَّى عفوا) أَي كَثُرُوا.

وَعَفا النبت وَالشعر وَغَيره: كثر وَطَالَ. وَفِي الحَدِيث انه أَمر بإعفاء اللِّحْيَة.

وَعَفا شعر ظهر الْبَعِير: كثر وَطَالَ فَغطّى دبره.

وَقَوله انشد ابْن الاعرابي:

هلا سَأَلت إِذا الْكَوَاكِب اخلفت ... وعفت مَطِيَّة طَالب الانساب

فسره فَقَالَ: عفت أَي لم يجد أحد كَرِيمًا يرحل إِلَيْهِ فعطل مطيته فَسَمنت وَكثر وبرها.

وعفاه الله واعفاه.

وَأَرْض عَافِيَة: لم يرع نبتها فوفر وَكثر.

وعفوة المرعى: مَا لم يرع فَكَانَ كثيرا.

وعفوة المَاء: جمته قبل أَن يسقى مِنْهُ وَهُوَ من الْكَثْرَة.

وعفوة المَال وَالطَّعَام وَالشرَاب وعفوته - الْكسر عَن كرَاع -: خِيَاره وَمَا صفا مِنْهُ وَكثر، وَقد عَفا عفوا وعفوا.

وَقَالَ أَبُو حنيفَة: العفوة - بِضَم الْعين - من كل النَّبَات: لينه وَمَا لَا مؤونة على الراعية فِيهِ.

وعفوة كل شَيْء وعفاوته وعفاوته - الضَّم عَن اللحياني -: صَفوه وكثرته.

والعفاوة: مَا يرفع للْإنْسَان من مرق.

وعافى الْقدر مَا يبْقى الْمُسْتَعِير فِيهَا لمعيرها قَالَ: فَلَا تسأليني واسألي مَا خليقتي ... إِذا رد عافي الْقدر من يستعيرها

واعفاه الله وَعَافَاهُ الله معافاة وعافية - مصدر كالعاقبة والخاتمة: اصحه وابرأه.

والعفاة: مَا كثر من الْوَبر والريش الْوَاحِدَة عفاءة.

وعفاء النعام وَغَيره: الريش الَّذِي على الزف الصغار.

وعفاء السَّحَاب كالخمل فِي وَجهه لَا يكَاد يخلف.

وعفوة الرجل وعفوته: شعر رَأسه.

وعفت الدَّار وَنَحْوهَا عفاء وعفوا وعفت وتعفت: درست.

وعفتها الرّيح وعفتها: درستها وعفتها اثره عفاء: هلك، على الْمثل.

قَالَ زُهَيْر:

تحمل اهلها مِنْهَا فبانوا ... على آثَار من ذهب العفاء

والعفاء: التُّرَاب.

وَالْعَفو: الأَرْض الَّتِي لَا اثر فِيهَا.

وَالْعَفو وَالْعَفو وَالْعَفو والعفا والعفا - بقصرهما -: الجحش، وَالْجمع اعفاء وعفاء وعفوة. وَلَيْسَ فِي الْكَلَام وَاو متحركة بعد فَتْحة فِي آخر الْبناء غير هَذِه.

والعفاوة - بِكَسْر الْعين -: الاتان بِعَينهَا، عَن ابْن الاعرابي.

ومعافي: اسْم رجل عَن ثَعْلَب.
عفو
عفَا يَعفو، اعْفُ، عَفاءً وعُفُوًّا، فهو عافِ، والمفعول معفوّ (للمتعدِّي)
• عفَا الأثرُ: زال، انمحى، قَدُم؛ بلي "عفت معالمُ الطّريق- عفا فكرُه/ أثَرُ الاحتلال" ° عفَا عليه الزَّمَن: تجاوزته الأحداثُ وصار متخلِّفًا.
• عفَا الشَّعْرُ والنَّبْتُ: كثُرَ " {حَتَّى عَفَوْا}: كثرت أموالُهم وأولادهُم".
• عفَتِ الرِّيحُ الأثرَ: محته، أزالته. 

عفا/ عفا عن يَعفو، اعْفُ، عَفْوًا، فهو عافٍ، والمفعول مَعْفوّ
• عفَا عنه ذنْبَه/ عفَا له ذنْبَه/ عفَا عن ذنْبَه: صفح عنه ولم يُعاقبْه، غَفَر وتجاوز "الحلم هو أن تعفو عمَّن ظلمك وأن تدفع السَّيئة بالحسنة- عفا عن ولده/ الأسير- {عَفَا اللهُ عَنْكَ} - {عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ} " ° عفا اللهُ عما سلف: دعوة لنبذ الخلافات وفتح صفحة جديدة.
• عفَا عن حقِّه: أسقطه. 

عُفِيَ لـ يُعفَى، عَفْوًا، والمفعول معفوّ له
 • عُفي له: تُرك له " {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}: فمن عُفي له من دم أخيه المقتول شيء بأن ترك وليُّه القصاصَ وقبِل الدِّيَّة فلا يُرهقه". 

أعفى يُعفي، أَعْفِ، إعفاءً، فهو مُعْفٍ، والمفعول مُعْفًى
• أعفى الشَّعرَ ونحوَه: أطلقه، أبقاه حتَّى يطول "أعفى لحيتَه- أعفت ضفائرَها".
• أعفاه اللهُ: وهَب له العافيةَ من العِلَل والبلايا.
• أعفاه من الدَّين: أسقطه عنه، لم يُطالبْه به "أعفني من الخروج معك: دعني منه- أعفاه من المسئوليّة- مُعفًى من الخدمة العسكريَّة- مُعفًى من الضرائب" ° يُعفي شخصًا من الحرج: يحفظ ماءَ وجهه.
• أعفاه من العمل:
1 - نحَّاه، عزَله، أبعده، فصَله "أعفاه من وظيفته- أعفى وزيرًا من منصبه".
2 - أبرأه منه وسامحه "أعفاه من الضرائب". 

استعفى يستعفي، اسْتَعْفِ، استعفاءً، فهو مُسْتَعْفٍ، والمفعول مُسْتَعْفًى
• استعفى رئيسَه: طلب منه أن يُسقطَ عنه ما كلَّفه به "استعفى مضيفَه من تناول الدَّسم- رفض الوزيرُ استعفاءَ أحد المديرين: رفض استقالته". 

تعافى يتعافى، تَعافَ، تعافيًا، فهو مُتعافٍ، والمفعول مُتعافًى (للمتعدِّي)
• تعافى المريضُ: صحَّ، زال عنه مرضُه، وذهبت عِلَّتُه، شُفيَ ونال العافيةَ "غادر المستشفى بعد أن تَعافَى- ها هو قد تعافى من داءٍ عُضال".
• تعافى الشَّيءَ: تركه "تعافى اللهوَ وانصرف إلى العمل". 

تعفَّى يتعفَّى، تَعَفَّ، تعفّيًا، فهو مُتَعَفٍّ
• تعفَّى الشَّيءُ: مُطاوع عفَّى: زال وامَّحَى. 

عافى يعافي، عافِ، معافاةً، فهو مُعافٍ، والمفعول مُعافًى
• عافاه اللهُ: أصحَّه، شفاه وأبرأه من مرضه وعِلَّته "أصبح مُعافًى بفضل الله- شَفَاكَ اللهُ وَعَافَاكَ [حديث] ". 

عفَّى يعفِّي، عَفِّ، تَعْفِيةً، فهو مُعَفٍّ، والمفعول مُعَفًّى
• عفّتِ الرِّيحُ آثارَ الأقدام: عفَت؛ أزالتها ومحتها ° عفَّى عليه الزَّمَنُ: تجاوزته الأحداثُ وصار متخلِّفًا، صار قديمًا باليًا. 

إعفاء [مفرد]: ج إعفاءات (لغير المصدر): مصدر أعفى.
• إعفاء ضريبيّ: (قص) قانون ضرائب يُسمح من خلاله لدافع الضرائب أن يستبعد أنواعًا معيّنة من دخله ويعفيها من الضرائب. 

استعفاء [مفرد]: مصدر استعفى. 

تعفية [مفرد]: مصدر عفَّى. 

عافية [مفرد]: صحَّةٌ تامَّة، عكْسها بلاء "نسأل اللهَ العَفْوَ والعافية- رزقه اللهُ العافيةَ- استردَّ عافيَته- ما أنعم اللهُ على عبده بنعمةٍ أوفى من العافية". 

عَفاء [مفرد]:
1 - مصدر عفَا ° أدركه العَفاءُ: أخنى عليه الدَّهرُ، لم يعد صالحًا للاستعمال- عليه العَفاءُ: هلك، انتهى أمرُه.
2 - هلاك وزوال. 

عَفْو [مفرد]:
1 - مصدر عفا/ عفا عن وعُفِيَ لـ ° عَفْوًا: لا مؤاخذة، تُقال عند الخطأ طلبًا للمعذرة- عَفْوًا/ العَفْو: لا شكرَ على واجب، تُقال ردًّا على (شكرًا) - عَفْو الخاطر: تلقائيًّا، ارتجالاً، دون إعداد.
2 - ما زاد من المال عن الحاجة، فضل المال " {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} ".
3 - (مع) إيقافُ رئيس الدَّولة عُقوبةَ المحكوم عليه "نال عَفْوًا من الرَّئيس في أعياد النصر" ° العَفْو عند المقدرة: ترك المعاقبة عند التمكّن منها- عَفْوٌ عامٌّ شامل: إسقاط العقوبة عن جميع المذنبين- منظَّمة العفو الدوليَّة: منظَّمة غير حكوميَّة مقرُّها لندن، هدفها الدّفاع عن حقوق الإنسان. 

عَفُوّ [مفرد]: صيغة مبالغة من عفا/ عفا عن.
• العَفُوّ: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: الذي يُزيل ويمحو آثار الذُّنوب، والذي يعطي الكثير ويهب الفضل "
 {إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} ". 

عُفُوّ [مفرد]: مصدر عفَا. 

عَفْويّ [مفرد]: تلقائيّ، ما نقوم به بدافع ذاتيّ بدون تأثير خارجيّ، غير مكتسب بالتَّعليم "إجابةٌ عَفْويَّة- هزَّ رأسَه عَفْويًّا- ردّ فعلِ/ تصرُّفٌ عَفْويّ". 

مُعافاة [مفرد]: مصدر عافى.
• المُعافاة: الإعفاء من الخدمة "حصل على شهادة المُعافاة من التجنيد". 

عفو

1 عَفَا, aor. ـْ (S, Msb,) inf. n. عَفَآءٌ (S, Msb, K) and عُفُوٌّ and عَفْوٌ, (Msb, K,) It was, or became, effaced, erased, rased, or obliterated; (S, Msb, K;) as also ↓ تعفّى: (K:) and it, or he, perished, came to nought or to an end, or died. (S, TA.) One says, عَفَا الأَثَرُ The trace, vestige, or footprint, was, or became, effaced, &c. (TA.) And [hence,] عَفَا

أَثَرُهُ, inf. n. عَفَآءٌ, He perished, or died. (K.) And عَفَا المَنْزِلُ, aor. as above. (S, Msb,) and so the inf. ns. as in the first sentence, (Msb,) the place of alighting, or abode, was, or became effaced, &c., (S, Msb:) and عَفَت الدَّارُ. aor. ـف inf. a عَفَآءٌ and عُفُوٌّ [and عَفْوٌ]: (TA;) and ↓ تَعَفَّت, (S, TA.) and ↓ عَفَّت also; (TA;) The house, or dwelling, or abode, was, or became, effaced, &c. (S, TA) A'Obeyd cites, as an ex. of العَفَآءُ signifying the being, or becoming, effaced, &c., and the perishing, &c., the saying of Zuheyr, (S, TA.) mentioning a dwelling, or an abode, (TA.) تَحَمَّلُ أَهُلَهَا عَنْهَا فَبَانُوا عَلَى آثَارِ مَا ذَهَبَ العَفَآءُ [Its occupants departed from it, and separated themselves, or removed far away; may the state of that which is effaced, &c., be or rest, upon the traces of what has gone away; or the meaning may be, dust is upon the traces &c., (see عَفَآءٌ as a subst., below;) but it is not thus accord to A 'Obeyd; for] he says, This is like their saying عَلَيْهِ الدَّبَارُ as an imprecation against one expressing a prayer that he may go away and not return. (S, TA.) MF says that عَفَا is one of those verbs that have contr. significations, for at signifies It was, or became, unapparent, or imperceptible and also It was, or became, apparent, or perceptible: and it has two other contr. significations, which will be mentioned in what follows (TA.) b2: And عَفْوٌ signifies also The act of effacing, erasing, rasing, or obliterating. (K, TA.) One says, عَفَتِ الرِّيحُ الأَثَرَ, (TA,) or المَنْزِلَ, (S, Msb,) and الدَّارَ, (TA,) the wind effaced, &c, (S, Msb, TA,) the trace, vestige, or footprint, (TA,) or the place of alighting, or abode, (S, Msb,) and the house, or dwelling, or abode: (TA:) and in like manner, الرِّيحُ ↓ عَفَّتِ الدَّارَ, (S, TA,) inf. n. تَعْفِيَةٌ, (TA,) in which the verb is with teshdeed to denote intensiveness [of the signification, i. e. the wind effaced, &c., mightily, or utterly, the house, or dwelling, or abode]: (S, TA:) and عَلَى أَثَرِهِ ↓ عَفَّى It, or he, effaced its, or his, trace, vestige, or footprint. (MA.) b3: Hence, as some say, عَفَا اللّٰهُ عَنْكَ i. e. May God efface [from thee thy sin, &c.; meaning may God absolve thee]; (TA;) or may God efface thy sins: (Msb:) [and عُفِىَ عَنْهُ May he be absolved, or forgiven, or pardoned:] and hence the saying in a trad., سَلُوا اللّٰهَ العَفْوَ i. e. [Ask ye of God] the effacement of sin; [or ask ye of God absolution, or forgiveness, or pardon;] and ↓ المُعَافَاةَ, and ↓ العَافِيَةَ [which have a similar meaning: see 3]: (TA:) and one says, عَفَوْتُ عَنْ ذَنْبِهِ, meaning I left him, and did not punish him: (S:) or عَفَوْتُ عَنْهُ and عَفَوْتُ عَنْ ذَنْبِهِ and عَفَوْتُ لَهُ عَنْ ذَنْبِهِ i. e. I turned away from him, or from his crime, sin, fault, or offence; syn. صَفَحْتُ عَنْهُ; and I turned away (أَعْرَضْتُ) from punishing him: (Mgh:) or العَفْوُ signifies the turning away (الصَّفْحُ, K, TA) from the committer of a crime or the like; (TA;) and the relinquishing the punishment of the deserving [thereof]: and one says, عَفَا عَنْهُ and عَفَا لَهُ ذَنْبَهُ and عَنْ ذَنْبِهِ [he turned away from him, or from his crime, &c; and relinquished the infliction of his merited punishment, i. e. forgave him, or pardoned him]: (K, TA:) or عَفَا عَنْهُ ذَنْبَهُ and عَفَا لَهُ ذَنْبَهُ and عَنْ ذَنْبِهِ: (so accord. to the CK:) accord. to MF, the primary signification of العَفْوُ is التَّرْكُ: but this is not the case: and الصَّفْحُ [by which it is expl. in the K] is [or rather implies] the relinquishing of blame, or reproof, or of severe, or angry, blame or reproof; and this is more than [is signified by]

العَفْوُ, for the latter is sometimes without the former: the primary signification of العَفْوُ [when trans.] is [said to be] the purposing to take a thing; and Er-Rághib says that عَفَوْتُ عَنْكَ is as though it meant I have purposed to remove [or to take away] thy crime or the like: (TA:) [but I think that the primary signification of العَفْوُ when its object is a crime or the like is that of effacement: and hence likewise what next follows:] b4: العَفْوُ is also metaphorically used as meaning (tropical:) The withdrawing from a right, or due, and from seeking, or demanding, it: and thus the verb is used in the Kur ii. 238 [q. v.]: and in the saying of the Prophet, عَفَوْنَا لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الخَيْلِ وَالرَّقِيقِ [i. e. (tropical:) We have remitted to you the poor-rate of horses and of the slave or slaves]: (Mgh:) [and hence] عَفَوْتُ عَنِ الحَقِّ means (assumed tropical:) I have annulled [or remitted] the right, or due; as though I erased it from [the account of] him who owed it: (Msb:) and عَفَوْتُ لَهُ عَنْ مَا لِى عَلَيْهِ (assumed tropical:) I have relinquished [or remitted] to him what was due to me on his part. (TA.) A2: عَفَا signifies also It was, or became, much in quantity, or many in number: (Msb, MF, TA:) and also the contr., i. e. It was, or became, little in quantity, or few in number. (MF, TA.) It is said in the former sense of hair, and of herbage, &c.: (S:) or, said of hair, It was, or became, long, and much in quantity; (TA;) and said of the hair of a camel, (K,) or of the hair of a camel's back, (TA,) it became abundant and long, and covered his rump; (K, TA;) and said of herbage, it was, or became, much in quantity, and tall. (TA.) And عَفَوْا in the Kur vii. 93 means They became many, or numerous. (S, Msb.) And عَفَتِ الأَرْضُ The land became covered with herbage. (K and TK. [In the CK, والارضَ is erroneously put for وَالأَرْضُ.]) b2: And عَفَوْتُهُ I made it to become much in quantity, or many in number; as also ↓ أَعْفَيْتُهُ; (S, * Msb, TA; *) and so ↓ عَفَّيْتُهُ. (TA.) Accord. to Es-Sarakustee, one says, عَفَوْتُ الشَّعَرَ, aor. ـْ inf. n. عَفْوٌ; and عَفَيْتُهُ, aor. ـْ inf. n. عَفَىٌ; meaning I left the hair to become abundant and long. (Msb.) And one says, اللِّحْيَةَ ↓ اعفى He left the beard to become abundant and long, (Mgh, K, TA,) having ceased from cutting it: (Mgh:) whence, (TA,) it is said in a trad., أَمَرَ أَنْ تُحْفَى

الشَّوَارِبُ وَتُعْفَى اللُّحَى [He commanded that the mustaches should be clipped closely, or much, and that the beards should be left to become abundant and long]: (S, TA:) or أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى [Clip ye &c.], and one may also use the unaugmented verb [saying وَاعْفُوا, from عَفَا]. (Msb, TA.) And شَعَرَ البَعِيرِ ↓ أَعْفَيْتُ, (K,) or شَعَرَ ظَهْرِ البَعِيرِ, (TA,) I left the hair of the camel, or the hair of the back of the camel, to become abundant and long; as also ↓ عَفَّيْتُهُ; (K, TA;) this latter with teshdeed. (TA. [In the CK, عَفَيْتُهُ.]) عَفَا الصُّوفَ, expl. in the K as signifying He shore, or sheared, the wool, signifies he left the wool to become abundant and long, then shore, or sheared, it. (TA.) A3: Also, inf. n. عَفْوٌ, i. q. فَضَلَ or superfluous; or it remained over and above]. (Msb.) You say, خُذْ مَا صَفَا وَعَفَا, [correctly, مَا عَفَا وَصَفَا,] meaning فَضَلَ وَتَسَهَّلَ [i. e. Take thou what has exceeded, or become redundant, and has become facilitated]. (Mgh.) b2: [And He exceeded.] You say, عَفَا عَلَيْهِ فِى العِلْمِ He exceeded him in knowledge; syn. زَادَ. (K.) And هُوَ يَعْفُو عَلَى مُنْيَةِ المُتَمَنِّى وَسُؤَالِ السَّائِلِ He exceeds, in giving, the wish of the wisher and the petition of the petitioner. (TA.) And عَفَوْتُ لَهُ بِمَالِى I exceeded to him [what was incumbent on me] with my property, and gave him. (TA.) b3: And عَفَا, aor. ـْ signifies also [simply] He gave. (TA.) And ↓ اعفاهُ He gave to him, namely, one seeking, or demanding, his beneficence. (Ham pp. 377 and 723.) And بِحَقِّهِ ↓ اعفاهُ He gave to him fully, or wholly, his right, or due. (Har p. 117.) b4: And عَفَوْتُ لَهُ مِنَ المَرَقِ I laded out for him first, and gave to him in preference, some of the broth. (S. [See عِفَاوَةٌ.]) b5: And عَفَوْتُ القِدْرَ I left in the bottom of the cooking-pot [as a gratuity for the lender thereof] the last of the broth, which is termed the عُفَاوَة. (S.) A4: and عَفَوْتُ الرَّجُلَ I asked, or petitioned, the man. (Msb.) And عَفَوْتُهُ and ↓ اِعْتَفَيْتُهُ I came to him seeking, or demanding, his beneficence: you say, فُلَانٌ تَعْفُوهُ الأَضْيَافُ and ↓ تَعْتَفِيهِ [Such a one, guests come to him seeking, or demanding, his hospitality]. (S.) b2: And عَفَتِ الإِبِلُ المَرْعَى, (K, TA,) aor. ـْ inf. n. عَفْوٌ, (TA,) The camels took [or cropped] the pasture near by. (K, TA.) A5: عَفَا المَآءُ The water was untrodden by what would render it turbid. (S, K.) 2 عَفَّتِ الدَّارُ: b2: and عَفَّتِ الرِّيحُ الدَّارَ: and عَفَّى عَلَى أَثَرِهِ: see 1, former half, in three places. [Hence] one says, عَفَّى عَلَيْهِمُ الخَبَالُ, inf. n. تَعْفِيَةٌ, [Perdition, or destruction, &c., effaced them,] meaning (tropical:) they died. (Z, K, TA.) And عَفَّى

عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ [He effaced what had proceeded from him], meaning (assumed tropical:) he acted well, or rightly, after acting ill, or wrongly. (S.) A2: See also 1, latter half, in two places. b2: [Hence] one says, عَفُّوا ظَهْرَ هٰذَا الجَمَلِ, meaning Leave ye this camel [lit. the back of this camel] so that he may become fat. (TA.) 3 عافاهُ اللّٰهُ, (S, Msb, K,) مِنَ المَكْرُوهِ, inf. n. مُعَافَاةٌ (K) and عِفَآءٌ (TA as from the K) and ↓ عَافِيَةٌ, (K,) or this is a subst. (S, Msb) put in the place of an inf. n., (S,) or also an inf. n.; (Msb;) and ↓ اعفاهُ; (S, K;) God granted him [health, or soundness, and safety, or security, i. e.] defence (S, K) from diseases and from trial: (K:) or [restored him to health, or soundness, and to security from punishment, i. e.] effaced from him diseases, and sins. (Msb. See also 1, former half.) And عُوفِىَ and ↓ اعفى [the latter perhaps أَعْفَى, but more probably, I think, أُعْفِىَ, agreeably with what here precedes,] are both used in the same sense, said of a sick person [as meaning He was restored to health, or soundness]. (TA.) b2: And مُعَافَاةٌ signifies also God's defending thee from men and defending them from thee: (K, TA:) IAth says that it signifies his rendering thee independent, or in no need, of them, and rendering them independent, or in no need, of thee, and averting their harm from thee and thy harm from them: and some say that it signifies one's forgiving, or pardoning, men, and their forgiving, or pardoning, him. (TA. [See also 6.]) 4 اعفاهُ مِنَ الأَمْرِ He made him to be free, or exempted him, from the affair. (K.) You say, أَعْفِنِى مِنْ هٰذَا الأَمْرِ and أَعْفِ عَنِّى مِنْهُ [Make thou me to be free, or exempt thou me, from this affair]. (TA.) And أَعْفِنِى مِنَ الخُرُوجِ مَعَكَ Exempt thou me, or excuse me, from going forth with thee. (S, Mgh, Msb. *) b2: See also 3, in two places: b3: and 1, latter half, in three places: b4: and the same paragraph, last quarter, in two places.

A2: اعفى also signifies He expended the عَفْو of his property; (K, TA;) i. e., the clear portion thereof; or the redundant portion of it. (TA.) A3: And He was, or became, a possessor of much property; and independent, or in no need. (TA.) 5 تَعَفَّوَ see 1, first and fourth sentences.6 التَّعَافِى signifies [The forgiving, or pardoning, one another, or] the turning away from punishing one another: and تَعَافَوُا الحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ, originally تَعَافَوْا عَنِ الحُدُودِ, [i. e. Relinquish ye the prescribed punishments in respect of what occurs between you,] means let every one of you turn away from [or relinquish] punishing his fellow; the phrase being elliptical, or the verb being made to imply the meaning of التَّرْك, and therefore being made trans. in the same manner as الترك: [hence,] لَوْ تَعَافَيْتُهَا is used by El-Hareeree as meaning If I relinquished them: (Har p. 60:) [and hence it is said that التَّعَافِى signifies التَّجَاوُزُ [app. when each is followed by عَنْ, and thus meaning The passing by, or over, another, or one another, without punishing]. (TA.) A2: And it signifies also The finding, experiencing, or obtaining, health, or soundness. (KL.) 8 إِعْتَفَوَ see 1, last sentence but two, in two places: b2: and see also the paragraph here following.10 الاِسْتِعْفَآءُ is Thy seeking, or demanding, of him who imposes upon thee an affair that is difficult, or troublesome, or inconvenient, his exempting, or excusing, thee from doing it. (K.) You say, اِسْتَعْفَاهُ مِنَ الخُرُوجِ مَعَهُ He asked, or petitioned, him to exempt, or excuse, him from going forth with him. (S, Msb, * TA.) b2: اِسْتَعْفَتِ الإِبِلُ اليَبِيسَ and ↓ اِعْتَفَتْهُ mean The camels took with their lips the dry herbage (K, TA) from above the dust, (TA,) picking out the clear, or best. (K, TA.) عَفًا: see عَفْوٌ, second and last sentences.

عِفًا: see the next paragraph, last sentence.

عَفْوٌ [an inf. n.; for which see 1, throughout.

A2: And also] A land in which is no sign of the way nor trace of habitation or cultivation; untrodden, and not having in it any traces, or vestiges, or footprints: (S:) or a country, or portion of the earth or of land, in which is no trace of its being possessed by any one: and so ↓ عَفًا. (K.) b2: And A redundant portion, (S, Mgh, K,) being such as is left, (Mgh,) of property, remaining over and above what is expended. (S.) A poet says, [app. addressing his wife,] خُذِى العَفْوَ مِنِّى تَسْتَدِيمِى مَوَدَّتِى

وَلَا تَنْطِقِى فِى سَوْرَتِى حِينَ أَغْضَبُ [Take thou what is redundant from me, seeking the continuance of my affection; and speak not in my fit of irritation, when I am angry]. (S.) قُلِ العَفْوَ, in the Kur [ii. 217], means Say thou, Expend ye what is redundant and abundant. (TA.) And خُدِ العَفْوَ, in the same [vii. 198]. means [Take thou, or accept thou,] what is redundant: or accept thou what is easily obtained from the dispositions of men; and oppose them not, for in that case they would oppose thee, and thence would be engendered hatred and enmity. (TA.) And you say, أَعْطَيْتُهُ عَفْوَ المَالِ i. e. [I gave him, of the property, that for which he did not ask; or spontaneously;] without being asked. (S.) And أَعْطَيْتُهُ عَفْوًا [I gave him spontaneously;] without being asked: (K, TA:) or without constraint. (TA.) And أَدْرَكَ الأَمْرَ عَفْوًا He attained the thing easily. (TA.) And أَتَانِى ذٰلِكَ عَفْوًا [That came to me easily]. (A and K in art. غمض.) b3: Also The portion of water that remains over and above what is required by the شَارِيَة [which may mean either the people that dwell thereby and to whom it belongs or the drinkers], (K, TA,) and is taken without constraint and without crowding or pressing. (TA.) b4: And The most lawful, (أَحَلُّ,) so in the copies of the K, but in the M أَجْمَلُ [most beautiful, or goodly], (TA,) and most pleasant, of wealth, or property: (M, K, TA:) and the clear portion thereof. (TA.) b5: And The choice, and best, or most excellent, portion of a thing, (K, TA,) and such as is not attended with fatigue, or weariness. (TA.) b6: And Goodness, or beneficence; or a benefit, or benefaction: syn. مَعْروفٌ. (K.) b7: And A first run: one says of a courser, هُوَ ذُو عَفْوٍ وَعَقِبٍ He has a first run, and a subsequent, and more vehement, ran. (A in art. عقب.) A3: Also, and ↓ عُفْوٌ, and ↓ عِفْوٌ, A young ass; and so ↓ عَفًا; (S, K;) or, accord. to ISk, ↓ عِفًا: (S:) and the female is called عَفْوَةٌ (S, TA) and ↓ عِفَاوَةٌ: (TA:) pl. [of mult.], accord. to the copies of the K, عَفْوَةٌ, but correctly عِفَوَةٌ, said by ISd to be the only instance of a word with و as a final radical movent after a fet-hah, (TA,) and عِفَآءٌ, (ISd, K, TA,) and [of pauc.] أَعْفَآءٌ: (ISd, TA:) and [hence] أَبُو العِفَآءِ means The ass; (K, TA;) [lit. the father of the young asses;] العفَآء being pl. of عَفْوٌ signifying the young ass. (TA.) عُفْوٌ and عِفْوٌ: see the next preceding sentence.

عَفْوَةٌ A bloodwit: (K, TA:) because by means of it pardon is obtained from the heirs of the slain man. (TA.) A2: عَفْوَةُ القِدْرِ and ↓ عِفْوَتُهَا and ↓ عُفْوَتُهَا, as also ↓ عَفَاوَتُهَا, and ↓ عِفَاوَتُهَا and ↓ عُفَاوَتُهَا, signify The froth, or foam, of the cooking-pot; (K, TA;) and the best, or choice, portion thereof, i. e., [of the contents] of the cookingpot; (TA:) or ↓ العِفَاوَةُ signifies the broth that is first taken up out of the cooking-pot, and with which he who is honoured is peculiarly favoured: or, as some say, the first and best of the broth: and ↓ العَفَاوَةُ, the last of the broth, which the borrower of the cooking-pot returns with the cooking-pot. (S, TA. [See also عَافٍ.]) b2: عَفْوَةُ المَرْعَى is What has not been depastured, of herbage, and is therefore abundant. (TA.) b3: And عَفْوَةُ المَآءِ is The supply of water that has collected before the drawing from it. (TA.) b4: See also عِفْوَةٌ.

عُفْوَةٌ: see the next preceding paragraph: b2: and also the next following, in two places.

عِفْوَةٌ: see عَفْوَةٌ. b2: Also, (S, TA,) and ↓ عَفْوَةٌ, (TA,) The best, or choice, (S, TA,) and abundant, (TA,) of a thing, (S,) or of property, (TA,) and of food, and of beverage. (S, TA.) One says, ذَهَبَتْ عِفْوَةُ هٰذَا النَّبْتِ The soft, or tender, and best, of this herbage, has gone: (S, TA:) and accord. to the M, ↓ عُفْوَةٌ, with damm, signifies such as is soft, or tender, of any herbage, and such as has not in it anything troublesome, or burdensome, to the pasturing cattle. (M, TA.) b3: And عِفْوَةٌ and ↓ عُفْوَةٌ signify The hair of the head of a man. (TA.) عَفَآءٌ [an inf. n.: used as a subst., signifying The state of being effaced, erased, rased, or obliterated: and of perishing, or dying.

A2: Also] Dust. (S, K.) One says, in reviling, بِفِيهِ العَفَآءُ وَعَلَيْهِ العَفَآءُ [In his mouth be dust, and may the state of that which is effaced, &c., be, or rest, upon him: see also the verse cited near the beginning of this art.]. (TA.) b2: And Rain: (K:) because it effaces the traces of the places of alighting. (TA.) b3: And A whiteness upon the black of the eye. (K.) عِفَآءٌ Such as is abundant of the plumage of the ostrich, (S, K,) and of the fur, or soft hair, of the camel, (S, and so in the K accord. to the TA,) and long and abundant hair: (K:) [see an ex. of the last meaning in a verse cited in art. صب, conj. 6:] the n. of un. is with ة; but it is said that a single feather is not termed عِفَآءَةٌ unless it be [one of feathers that are] dense and abundant. (TA.) One says نَاقَةٌ ذَاتُ عِقَآءٍ [A she-camel having abundant far]. (S.) b2: عِقَآءُ السَّحَابِ means (assumed tropical:) What resembles nap, or pile, in the surface of the clouds, which [when they have this] scarcely ever, or never, break their promise of yielding rain. (TA.) عَفُوٌّ عَنِ الذَّنْبِ A man forgiving [or who forgives] the crime, or misdeed: (K:) [or rather]

العَفُوُّ signifies he who forgives much: (S:) and [as meaning thus, or the Very Forgiving,] it is one of the names of God. (TA.) عَفَاوَةٌ: see عَفْوَةٌ.

عُفَاوَةٌ: see عَفْوَةٌ, in two places.

عِفَاوَةٌ: see عَفْوَةٌ, in two places: A2: and see also عَفْوٌ, last sentence.

عَافٍ Being, or becoming, effaced, erased, rased, or obliterated: [&c.: see 1, of which it is a part. n.:] pl. عُفِىٌّ. (S, TA.) A2: Having long hair. (S, K.) b2: A fleshy, plump, boy. (TA.) And عَافِيَةُ اللَّحْمِ A she-camel having much flesh: pl. عَافِيَاتٌ. (K.) b3: And أَرْضٌ عَافِيَةٌ A land of which the herbage, not having been depastured, has become abundant. (TA.) A3: Some broth that is returned in the cooking-pot when it has been borrowed: (K:) or عَافِى القِدْرِ means what is left in the cooking-pot (As, S, M) by the borrower, for the lender. (M, TA.) [See also عَفْوَةٌ.]

A4: A guest: (S, * K:) and any seeker, or demander, of a favour or bounty, (S, K,) or of means of subsistence: as also ↓ مُعْتَف: (K:) pl. عُفَاةٌ (S, TA) and عُفِىُّ, (S, * K,) both signifying guests, &c., (TA,) as also عَافِيَةٌ; (S, * TA;) which last signifies also beasts, and birds, (S, TA,) as well as men, (S,) seekers of, or seeking, the means of subsistence; (S, TA;) and its pl. is عَوَافٍ. (TA.) One says, هُوَ كَثِيرُ العُفَاةِ and العَافِيَةِ and العُفِىِّ [He is one who has many guests, &c.]. (S, TA.) b2: And A seeker of herbage. (K, * TA. [In the CK, الزّائِدُ is erroneously put for الرَّائِدُ.]) b3: and A comer to water: (K, * TA:) and عَافِيَةُ المَآءِ the comers to the water. (S, TA.) عَافِيَةٌ a subst. from عَافَاهُ اللّٰهُ, q. v., (S, Msb,) and from الإِعْفَآءُ [inf. n. of 4, q. v.], (TA,) signifying Health, or soundness, and safety, or security: (TK:) [or, as it may be best rendered, health and safety, considered as proceeding from God; i. e.] God's defence of a man (S, K) from diseases and from trial: (K:) or freedom from evil. (KL.) See also 1, former half.

A2: [Also fem. of عَافٍ (q. v.), and used as a pl.]

أَعْفَى a word occurring in the saying of 'Omar Ibn-'Abd-El-'Azeez, لَعَمْرِى مَا البَرَاذِينُ بِأَعْفَى مِنَ الفَرَسِ فِيمَا كَانَ مِنْ مَؤُونَةٍ وَحَرْسٍ i. e. [By my life, or by my religion, the hackneys] are not more easy in respect of sustenance [and guardianship than the horse, or mare, of good breed: see فَرَسٌ]. (Mgh.) مُعْفٍ, thus correctly, like مُكْرِمٌ, as in the M, in the K said to be like مُحَدِّثٌ, (TA,) One who associates with another without seeking to obtain his bounty. (K, TA.) You say, اِصْطَحَبْنَا وَكِلَانَا مُعْفٍ [We associated, each of us doing so without seeking to obtain the other's bounty]: and hence the saying of Ibn-Mukbil, فَإِنَّكَ لَا تَبْلُو امْرَأَ دُونَ صُحْبَةٍ

وَحَتَّى تَعِيشَا مُعْفِيَيْنِ وَتَجْهَدَا [For verily thou wilt not test a man before companionship, and until ye live associating without either's seeking to obtain the other's bounty, and toil in so living]. (TA.) مُعَفًّى A camel left unridden. (K and TA in art. سنم.) مُعْتَفٍ: see عَافٍ.

ضفو

ضفو


ضَفَا (و)(n. ac. ضَفْو)
a. Was abundant.
b. Overflowed (wateringtrough).
ضَفْوَة []
a. Wealth, prosperity.

دَفًا [ ]
a. Side.
ض ف و : ضَفَا الثَّوْبُ يَضْفُو ضَفْوًا وَضُفُوًّا فَهُوَ ضَافٍ أَيْ تَامٌّ سَابِغٌ وَضَفَا الْعَيْشُ اتَّسَعَ. 
ضفو
ضَفَا الشعرُ والمالُ: كَثُرَ؛ يَضْفُو. ودِيْمَةٌ ضافِيَةٌ تَضْفُو ضُفُواً. وفَرَسٌ ضافي العُرْفِ. والضَفَا: جانِبُ الحَوْضِ وغَيْرِه، وُيثَنّى ضَفَوَانِ.
ضفو: أضفى: أسبغ الثوب حتى القدمين (فوك) وفي المقري (3: 23): مع الصبح نضفيها عباءة صفَّة أي نسبغ مع الصبح عباءة الصوفي.
أضفى: طلى بالجصَ، جصَّص؟ (انظر أضفى في مادة صفو).
ضافٍ. وردت في ديوان الهذليين (ص171 البيت 5) وانظر (ص172) وتستعمل اسماً بمعنى الشعر الطويل (دي ساسي طرائف 2: 142) وانظر (ص394 رقم75).
ض ف و

ثوب ضاف: سابغ. ورجل ضافي الشعر. وفرس ضافي العرف والذنب.


ومن المجاز: له نعمة ضافية. وديمة ضافية أخصبت لها الأرض. وضفا الحوض فهو ضاف: فاض من جوانبه. وضفا ماله: كثر واتسع. وهو في ضفوة من العيش: في رغد، وله عيش ضافي القناع. قال ابن مقبل:

لهوت بها والعيش ضاف قناعه ... علينا ولم يقطع لنا كاشح حبلاً
الضاد والفاء والواو ض فوضَفَا مالُه ضُفُواً كَثُرَ وضَفَا الشَّعْرُ والصُّوفُ ضَفْواً وضُفُواً كَثُر قال أبو ذُؤَيْبٍ

(إذا الهَدَفُ المِغْراء صَوَّبَ رأسَه ... وأعْجَبَهُ ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ)

وفَرَسٌ ضافي السَّبِيبِ سَابغُه وثَوْبٌ سابغٌ وفلانٌ ضافِي الفَضْل على المَثَل ودِيمَةٌ ضافِيةٌ تُخْصِبُ منها الأَرْضُ وهو في ضَفْوٍ من عيشةٍ أي سَعَةٍ وضَفَا الماءُ يَضْفُو فاضَ أنشد ابنُ الأعرابيِّ

(وماكِدٍ تَمْأَدُهُ من بَحْرِهِ ... يَضْفُو ويُبْدِي تارةً عن قَعْرِه)

تَمْأُدُهُ أي تَأْخُذُه في ذلك الوَقْت 

ضفو

1 ضَفَا, aor. ـْ (S, Msb,) inf. n. ضَفْوٌ (S, Msb, K) and ضَفُوٌّ, (Msb,) It (a thing, S, and a garment, S, Msb) was, or became, complete, full, ample, or without deficiency. (S, Msb, K. *) b2: And It was, or became, much in quantity; (S, K, * TA;) said of property, or property consisting in cattle, (S, TA,) and of hair, and of wool. (TA.) [Hence,] one says, ضَفَتْ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ, i. q. رَفَّتْ [i. e. Wealth became abundantly bestowed upon him]. (M in art. رف.) And ضَفَا العَيْشُ, meaning اِتَّسَعَ [i. e. The means of subsistence became ample]. (Msb.) b3: And ضَفَا الحَوْضُ, (TA,) inf. n. ضَفْوٌ, (K, TA,) The watering-trough overflowed (K, * TA) by reason of its fulness. (TA.) A2: ضَفِىَ He (a man) became poor: mentioned by Az in art. ضيق. (TA.) ضَفًا A side: and ضَفَوَاهُ his, or its, two sides. (K.) [ضَفَّةٌ and ضِفَّةٌ, also, have a similar meaning.]

ضَفْوٌ [an inf. n. of 1, q. v.: and as a simple subst.,] Wealth, or prosperity, and ampleness [of circumstances]. (TA.) [See also what next follows.]

ضَفْوَةُ العَيْشِ An easy and a plentiful state, or condition, of life. (K, TA.) One says, فُلَانٌ فِى

ضَفْوَةٍ مِنْ عَيْشِهِ [Such a one is in an easy and a plentiful state, or condition, in respect of his means of subsistence]. (S.) ثَوْبٌ ضَافٍ A garment that is complete, full, ample, or without deficiency. (S, Msb, K. *) and فَرَسٌ ضَافِى السَّبِيب A horse full, or ample, in the سبيب [or hair of the forelock or of the mane or of the tail]. (TA.) And رَجُلٌ ضَافِى الرَّأْسِ A man having much hair of the head. (S.) And دِيمّةٌ ضَافيَةٌ A lasting, or continuous, or continuous and still, rain, in consequence of which the land becomes abundant with herbage. (TA.) And هُوَ ضَافِى

الفَضْلِ (tropical:) [He is abundant in excellence]. (TA.)
ضفو
ضفَا يَضفُو، اضْفُ، ضَفْوًا وضُفُوًّا، فهو ضافٍ
• ضفا مالُه: نما وكثُر "ضفا الماءُ: فاض" ° ضفا الحوضُ: فاض بالماء.
• ضفا الثَّوبُ: طال وسَبَغَ. 

أضفى يُضفي، أضفِ، إضفاءً، فهو مُضفٍ، والمفعول مُضفًى
• أضفى عليه نعمًا كثيرة: زاده، أسبغ عليه "أضفى عليه عطاءً/ جلالاً وبهاءً".
• أضفى على المكان بهاءً: أكسبه "أضفى عليه طابع الجِدَّة/ مسحة من الجمال- أضفى انسجامًا على الفريق" ° أضفى اللَّمسات الأخيرة على شيء: قام بمراجعة نهائيَّة له. 

إضفاء [مفرد]: مصدر أضفى. 

ضافٍ [مفرد]:
1 - اسم فاعل من ضفَا.
2 - مُفصَّل "خطاب/ مقال/ بيان ضافٍ".
3 - سابغ ساتر "ثوب ضافٍ".
4 - عامّ شامل "كرمٌ ضافٍ- هذا رجل ضافي الفضل". 

ضَفْو [مفرد]: مصدر ضفَا. 

ضُفُوّ [مفرد]: مصدر ضفَا. 
ضفو
: (و ( {الضَّفْوُ: السُّبوغُ) . يقالُ:} ضَفا الشيءُ {يَضْفُو.
(و) أَيْضاً: (الكَثْرَةُ) . يقالُ: ضَفا المالُ يَضْفُو، وكَذلكَ الشَعَرُ والصُّوفُ؛ قالَ أَبو ذُؤَيْب:
إِذا الهَدَفُ المِعْزالُ صَوَّبَ رأْسَه
وأَعْجَبَه} ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِومنه رجُلٌ! ضافِي الرأْسِ: أَي كثيرٌ شَعَره؛ كَذَا فِي الصِّحاح.
(و) أَيْضاً: (فَيَضانُ الحَوْضِ) . يقالُ: ضَفا الحَوْضُ إِذا فاضَ مِن امْتِلائِه، قَالَ الراجزُ:
وماكِدٍ تَمْأَدُه من بَحْرِه
يَضْفُو ويُبْدي تَارَة عَن قَعْرِهيقولُ: يَمْتلِىءُ فتَشْربُ الإِبِلُ ماءَهُ حَتَّى يَظْهَرَ قَعْرُه. (وثَوْبٌ {ضافٍ) : سابِغٌ؛ قالَ بِشْرٌ، أَو الأَخْطل:
لَيالِيَ لَا أُطاوِعُ مَنْ نَهانِي
} ويَضْفُو تحتَ كَعْبَيَّ الإزارُوفَرَسٌ {ضافِي السَّبِيبِ: سابِغُه.
(} والضَّفا: الجانِبُ، وهُما ضَفَواهُ) ، بالتَّحْريكِ، أَي جانِبَاهُ.
( {وضَفْوَةُ العَيْشِ: بُلَهْنِيَتُه) أَي سَعَتُه.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
دِيمةٌ} ضافِيَةٌ: تُخْصِبُ مِنْهَا الأَرْضُ.
{والضَّفْوُ: الخَيْرُ والسَّعَةُ.
وَهُوَ} ضافِي الفَضْلِ على المَثَلِ.
{والضُّفُوُّ، كعُلُوَ: الكَثْرَةُ.
: وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
باب الضاد والفاء و (وأ يء) معهما ض ف و، ف ض و، ف وض، ف ي ض، ض ي ف، وف ض مستعملات

ضفو: ضَفَا الشَّعْرُ يَضْفُو أي كُثُرُ. (وشَعْرٌ ضافٍ، وذَنَب ضافٍ، وأنشد قوله: بضافٍ فُوَيْقَ الأرض ليس بأعزَلِ)

ودِيمةٌ ضافيةٌ تَضْفُو ضَفْواً أي تُخصِبُ الأرضَ. وفَرَسٌ ضافي العُرْفِ والذَّنَبِ. وفلان ضافي العَطِيّة أي كثيرة، قال:

فجُدْ علينا من جَداكَ الضافي

(والضَّفْوُ: السَّعَةُ والخيرُ والكَثْرة، وأنشدَ:

اذا الهَدَفُ المِعزالُ صوَّبَ رأسَه ... وأَعْجَبَه ضَفْوٌ من الثُّلَّةِ الخُطْلِ)

فضو: الفضاءُ: المكانُ الواسعُ، والنعل فَضَا يفضو فُضوَّاً وفَضاءً فهو فاضٍ، أي واسع، (وقال رؤبة:

أفرَخَ قيضُ بيضِها المُنقاضِ ... عنكم كِراماً بالمكان الفاضي)  والفَضا، مقصور،: الشيءُ المختلِط كالتَّمْر والزَّبيب في جِرابٍ واحد، قال:

فقُلْتُ لها يا عَمَّتي لك ناقتي ... وتَمْر فضاً في عَيْبتي وزَبيبُ

وأَفْضَى فلان الى فلانٍ أي وَصَلَ إليه، وأصله: أنه صارَ في فُرْجَته وفَضائه. وأَلْقَيتُ ثوبي في الدارِ فضاً أي لم أستَوْدِعْه أحَدَاً. وأفْضَى الرجلُ المرأةَ اذا جَعَل سبيلَيْها سبيلاً واحداً.

فوض: فَوَّضْتُ اليه الأمرَ أي جَعَلتْهُ إليه. [وقال اللهُ- جلَّ وعزَّ-: وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ

، أي أتَّكِلُ عليه] . وصارَ النّاسُ فَوْضَى أي مُتَفَرِّقِّين، وهو جماعة الفائضِ، ولا يُفرَدُ كما لا يُفَرد الواحد من المتفَرقِّين. ويقال: الوَحُشُ فَوْضَى أي متفرِّقة مُتَردِّدة. [والناسُ فَوْضَى: لا سَراةَ لهم تجمعهم] . وشركة المُفاوضة: الاشتِراكُ في كلِّ شيءٍ، يقال: بينَهم فَوْضٌ اذا كانوا فيه شُرَكاءَ. وشاركتُه شَرِكةَ مُفاوضَةٍ أي في كل شيءٍ، وشاركته شَرِكةَ عِنانٍ، وهو أن يشتَرِكا في شيءٍ خاصٍّ.

فيض: فاضَ الماءُ والدَّمْعُ والمَطَرُ والخَيْرُ، يفيض فَيْضاً أي: كَثُرَ. وفاضَتْ عينه، تفيض فَيْضاً أي: سالت. وأفاضَ دمعَه يُفيضه إفاضةً. وأفاضَ البعيرُ جِرَّتَه إفاضةً أي دُفعةً. وفاضَ صدرُ فلانٍ بِسرِّه اذا امتَلأَ فأظهَرَه. والحَوْضُ فائِضٌ أي مُمْتَلِيءٌ فَيْضاً وفَيْضُوضةَ، وأَفَضْتُه أنا. وأفاضَ إناءَه حتى كادَ ينصَبُّ. ويقال: ماؤها فَيْضٌ وغَيْضُ. الفَيْضُ: الكثير، والغَيضُ: القليل. وأفاضَ القوم من عَرَفات أي رَجَعوا ودَفَعُوا، وكلُّ دُفْعَةٍ إفاضة. وأفاضُوا في الحديث أي أخَذُوا فيه. وحديثٌ مُستَفاضٌ: مأخُوذٌ فيه، قد استفاضُوه أي أخَذوا فيه. ومن قال: مُستَفيضٌ فإِنّه يقول: هو ذائعٌ في النّاس، مُنْبَسِطٌ مثلُ الماء المستفيض. وأفاضَ القومُ بالقِداحِ أي دَفَعُوا بها.

وفض: الأوفاضُ مثل الأوضام لِلَّحْم، واحدُها وَفْضٌ. والإبِلُ [تفِضُ وَفْضاً وتَسْتَوْفِضُ، أوفضها راكبها. وقالَ ذو الرّمُة يصف ثوراً وحشياً:

طاوى الحَشَا فَصَرَتْ عنه مُحَرَّجَةٌ ... مُسْتَوفَضٌ من بَناتِ القَفْرِ مَشْهُومٌ]

وأَوْفضْتُ الابِلَ: عَجَّلْتُها. وقوله تعالى: كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ

أي يُسرعون. والوَفْضَةُ والأَوفاضُ: الفِرَقُ والأَخلاطُ من الناس.

[وفي حديث النبي- صلى الله عليه وسلم-: أنّه] أَمَر بصَدَقةٍ أن تُوضَع في الأوفاض

وهم الفِرَقُ والأَخلاطُ.

ضيف: المَضُوفَةُ أراد بها مَفْعُلة من التضيف. وتَضَيَّفْتُ فلاناً: سألْتُه أن يُضيفني. ونَزَلَتْ به مَضُوفةٌ من الأمرِ أي شِدّةٌ. ويُجمَعُ الضَّيْفُ على ضُيُوفٍ وضِيفان. وفي لغة: هي ضيف، وهو وهما وهم وهُنَّ ضَيْفٌ، قال الله- عز وجل-: إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي . وقال:

اذا جاءَ ضَيْفٌ جاءَ للضَّيْفِ ضَيْفَنٌ ... فأودَى بما يُقْرَى الضُيُوفُ الضَّيافِنُ

والمُضافُ: الرجلُ الواقعُ بين الخيلِ والأبطالِ، ولا قُوَّةَ به، والمُلْزَق بالقوم هو المضاف. والمضاف: المُلْجَأ المُخْرَجُ المُثْقَلُ بالشَّرِّ، تقول: جاءني فلان مضاف أي مُلْجَأ. وأضافَ فلانٌ فلاناً أي أَلُجأَه الى ذلك الشيء. والضِّيفُ: جانب الوادي. وتَضايَفَ الوادي: تضايَقَ. وضِفْتُ فلاناً اي نَزَلتُ به للضِّيافة، وأَضَفْتُه: أنْزَلْتُه. و [تقول] : انا أضيفُه اذا أَمَلْتَه اليكَ، ومنه يقال: هو مُضاف إلى كذا. أي: ممال إليه. ومنه يقال: الدَّعِيُّ مُضافٌ لأنّه مُسنَدٌ الى قوم ليس منهم. وضافَ السَّهْمُ يَضيفُ ضيفاً إذا عَدَلَ عن الهَدَف فهو من هذا، وصافَ لغة فيه. وتقول: هذه ناقةٌ تُضيف الى فَحلٍ كذا، كأنَّها اذا سَمِعَت صوته أرادَت أن تأتِيَه، قال البُرَيق الهذلي:

من المدعين إذا نوكروا ... تضيف إلى صوته الغَيْلَم

الغَيْلَمُ: الجارية تَسْتَأنِسُ الى صوته، وقيل: الغَيْلَمُ الحَسناءُ الجَمْلاءُ.

وفي الحديث نُهِيَ عن الصلاة اذا تَضَيَّفَتِ الشمسُ للغروبِ

يعني إذا مالت للمغيب، وضافت ايضاً مالَتْ.

الْحَرْف

(الْحَرْف) من كل شَيْء طرفه وجانبه وَيُقَال فلَان على حرف من أمره نَاحيَة مِنْهُ إِذا رأى شَيْئا لَا يُعجبهُ عدل عَنهُ وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف} أَي يعبده فِي السَّرَّاء لَا فِي الضراء وَمن الدَّوَابّ الضامرة الصلبة وكل وَاحِد من حُرُوف المباني الثَّمَانِية وَالْعِشْرين الَّتِي تتركب مِنْهَا الْكَلِمَات وَتسَمى حُرُوف الهجاء وكل وَاحِد من حُرُوف الْمعَانِي وَهِي الَّتِي تدل على معَان فِي غَيرهَا وتربط بَين أَجزَاء الْكَلَام وتتركب من حرف أَو أَكثر من حُرُوف المباني وَهِي أحد أَقسَام الْكَلِمَة الثَّلَاثَة من اسْم وَفعل وحرف والكلمة يُقَال هَذَا الْحَرْف لَيْسَ فِي لِسَان الْعَرَب واللغة واللهجة وَمِنْه الحَدِيث (نزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف) والطريقة وَالْوَجْه

(الْحَرْف) كل مَا فِيهِ حرارة ولذع وَحب الرشاد
الْحَرْف: فِي اللُّغَة الطّرف. وَعند النُّحَاة كلمة دلّت على معنى غير مُسْتَقل بالمفهومية لاحتياجه فِي المفهومية إِلَى انضمام أَمر آخر إِلَيْهَا والحرف بِهَذَا الْمَعْنى مُقَابل للاسم وَالْفِعْل. وَاعْلَم أَنه قد يَجْعَل الْحُرُوف مُقَابل الْأَلْفَاظ فَيُقَال هِيَ أَلْفَاظ أَو حُرُوف فيراد بِاللَّفْظِ مَا يكون مركبا من حُرُوف التهجي. وبالحرف مَا لَا يكون مركبا مِنْهَا سَوَاء كَانَ مركبا من حرف من حُرُوف الْمعَانِي وَمن اسْم بسيط مثلا. أَو لَا يكون مركبا أصلا بِأَن يكون بسيطا، كالياء وَحده وَالْكَاف وَحده فِي بك فَإِنَّهُ مركب من أَدَاة وَاسم لَا من حُرُوف التهجي فَهُوَ حرف وكل وَاحِد من أَجْزَائِهِ أَيْضا حرف وَاحِد لِأَنَّهُ لَيْسَ بمركب مِنْهَا (فالحرف) بِهَذَا الْمَعْنى شَامِل للاسم وَالْفِعْل أَيْضا مثل كَاف الْخطاب و (ق) أمرا لَا مُقَابل لَهما بل مُقَابل للفظ بِمَعْنى مَا تركب من حُرُوف التهجي. وَإِن أردْت أَن تعلم عدد مَا فِي الْقُرْآن الْمجِيد من الْكَلِمَات وحروف الْمعَانِي والمباني. فَاعْلَم أَن الْكَلِمَات سِتَّة وَسَبْعُونَ ألفا وَأَرْبع مائَة وَأَرْبَعُونَ والحروف مِائَتَان وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ ألفا وَأَرْبع مائَة وَاثْنَانِ وَسَبْعُونَ و (الالفات) ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ وتسع مائَة وَاثْنَانِ وَتسْعُونَ و (الباءات) اثْنَا عشر ألفا ومائتان وَثَمَانِية وَعِشْرُونَ و (التاءات) الفان وَأَرْبع مائَة وَأَرْبع و (الثاءات) ثَلَاثَة آلَاف وَمِائَة وَخَمْسَة و (الجيمات) أَرْبَعَة آلَاف ومائتان وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ و (الحاءات) أَربع آلَاف وَمِائَة وَعِشْرُونَ. و (الخاءات) أَلفَانِ وَخمْس مائَة وَخَمْسَة و (الدالات) خَمْسَة آلَاف وتسع مائَة وَاثْنَانِ وَسَبْعُونَ و (الذالات) أَرْبَعَة آلَاف وَسبع مائَة وَتِسْعَة وَثَلَاثُونَ و (الراءات) اثْنَان وَعشرَة آلَاف ومائتان وَأَرْبَعُونَ و (الزايات) ثَلَاثَة آلَاف وَخمْس مائَة وَثَمَانُونَ و (السينات) خَمْسَة آلَاف وتسع مائَة وَسِتَّة وَسَبْعُونَ و (الشينات) أَلفَانِ وَمِائَة وَخَمْسَة عشر و (الصادات) عشرُون ألفا وَثَمَانِية وَثَلَاثُونَ و (الضادات) سِتّ مائَة وَاثْنَانِ وَثَمَانُونَ و (الطاءات) ألف وَثَلَاث مائَة وَسَبْعَة و (الظاءات) سبع مائَة وَاثْنَانِ وَثَمَانُونَ و (العينات) تِسْعَة آلَاف ومائتان وَأَرْبَعَة وَسَبْعُونَ و (الغينات) تِسْعَة آلَاف ومائتان وَإِحْدَى عشر و (الفاءات) ثَمَانِيَة آلَاف وَأَرْبع مائَة وَثَمَانِية عشر و (القافات) سِتَّة آلَاف وست مائَة وَاثنا عشر و (الكافات) عشرَة آلَاف وست مائَة وَثَمَانِية وَعِشْرُونَ و (اللامات) ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ ألفا وَخمْس مائَة وَعِشْرُونَ و (الميمات) سِتَّة وَعِشْرُونَ ألفا وَخمْس مائَة وَخَمْسَة عشر و (النونات) خَمْسَة وَأَرْبَعُونَ ألفا وَمِائَة وَتسْعُونَ و (الواوات) خَمْسَة وَعِشْرُونَ ألفا وَخمْس مائَة وَتِسْعَة وَثَمَانُونَ و (الهاءات) سِتَّة عشر ألفا وَسَبْعُونَ و (الياءات) خَمْسَة وَعِشْرُونَ ألفا وتسع مائَة وَتِسْعَة. هَكَذَا فِي (زِينَة الْقَارئ)

الِاسْم

(الِاسْم) مَا يعرف بِهِ الشَّيْء ويستدل بِهِ عَلَيْهِ و (عِنْد النُّحَاة) مَا دلّ على معنى فِي نَفسه غير مقترن بِزَمن كَرجل وَفرس وَالِاسْم الْأَعْظَم الِاسْم الْجَامِع لمعاني صِفَات الله عز وَجل وَاسم الْجَلالَة اسْمه تَعَالَى (ج) أَسمَاء (جج) أسامي وأسام
الِاسْم: عِنْد النُّحَاة كلمة دلّت على معنى فِي نَفسهَا غير مقترن بِأحد الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة بِالْوَضْعِ. وَهُوَ على نَوْعَيْنِ اسْم عين وَهُوَ الدَّال على شَيْء معِين يقوم بِذَاتِهِ كزيد وَعَمْرو. وَاسم معنى وَهُوَ مَا لَا يقوم بِذَاتِهِ سَوَاء كَانَ مَعْنَاهُ وجوديا كَالْعلمِ أَو عدميا كالجهل - وَفِي شرح الْمَقَاصِد الِاسْم هُوَ اللَّفْظ الْمُفْرد الْمَوْضُوع للمعنى فَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى شَامِل لأنواع الْكَلِمَة - وَفِي الْأَنْوَار تَحت قَوْله تَعَالَى {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} . الِاسْم بِاعْتِبَار الِاشْتِقَاق مَا يكون عَلامَة للشَّيْء إِن كَانَ من الوسم ودليلا يرفعهُ إِلَى الذِّهْن إِن كَانَ من السمو سَوَاء كَانَ لفظا مُطلقًا أَو صفة أَو فعلا واستعماله عرفا فِي اللَّفْظ الْمَوْضُوع لِمَعْنى سَوَاء كَانَ مركبا أَو مُفردا مخبرا عَنهُ أَو خَبرا أَو رابطة وَاصْطِلَاحا فِي الْمُفْرد الدَّال على معنى فِي نَفسه غير مقترن بِأحد الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة انْتهى وَهُوَ يدل على أَن التَّخْصِيص بالمفرد مُطلقًا لَيْسَ فِي شَيْء من الإطلاقات فَافْهَم.

ثمَّ اعْلَم: إِن من خواصه الحكم عَلَيْهِ أَي الْإِسْنَاد إِلَيْهِ. فَإِن قلت لَا نسلم ذَلِك بِسَنَد قَوْلهم (ضرب) فعل مَاض (وَمن) حرف. قُلْنَا إِن الْإِسْنَاد فِيهِ إِلَى لفظ (ضرب) وَلَفظ (من) لَا إِلَى مَعْنَاهُمَا والإسناد إِلَى الْمَعْنى من خَواص الِاسْم. وَأما الْإِسْنَاد إِلَى اللَّفْظ لَيْسَ من خواصه بل يجْرِي فِي الْفِعْل والحرف حَتَّى فِي المهملات أَيْضا كَمَا يُقَال (جق) مهمل (وديز) مقولب زيد. - وتفصيل هَذَا الْمُجْمل أَن الْإِخْبَار عَن الْحَرْف وَالْفِعْل
إِمَّا عَن لَفْظهمَا فَهُوَ جَائِز كالمثالين الْمَذْكُورين. وَإِمَّا عَن مَعْنَاهُمَا فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يعْتَبر مَعْنَاهُمَا بِلَفْظ وضع بإزائهما أَو بِغَيْر لفظ كَذَلِك وَلَا امْتنَاع فِي الثَّانِي أَيْضا كَقَوْلِنَا معنى الْفِعْل مقرون بِالزَّمَانِ وَمعنى الْحَرْف غير مُسْتَقل بِنَفسِهِ. وَالْأول إِمَّا أَن يكون بلفظهما مَعَ ضميمة وَهُوَ أَيْضا لَيْسَ بممتنع كَقَوْلِنَا معنى من غير معنى فِي وَمعنى ضرب غير معنى كلمة فِي أَو بِمُجَرَّد لَفْظهمَا وَهُوَ غير جَائِز لِأَن الْإِخْبَار عَن الْمَعْنى والإسناد إِلَيْهِ بِمُجَرَّد لَفظه خَاصَّة الِاسْم وَهَذَا هُوَ الْجَواب الصَّوَاب فَلَا تنظر إِلَى مَا هُوَ الْمَشْهُور من أَن كلمة من وَضرب فِي القَوْل الْمَذْكُور اسمان للحرف وَالْفِعْل الْمَاضِي وَكَذَا جق وديز اسمان لجق وديز فَإِنَّهُ لم يقل أحد من أَرْبَاب اللُّغَة باسميتهما مَعَ أَن القَوْل باسميتهما إِن كَانَ مَقْرُونا بِدَعْوَى الْوَضع فَلَا بُد من إِثْبَات الْوَضع وَإِلَّا فاصعب من خرط القتاد. هَذَا حَاصِل مَا حققناه فِي جَامع الغموض منبع الفيوض. وَإِن أردْت تَحْقِيق لفظ الِاسْم فَاعْلَم أَن فِي الِاسْم مذهبين الصَّحِيح أَنه مَأْخُوذ من السمو بِالسِّين الْمُهْملَة المتحركة بالحركات الثَّلَاث وَسُكُون الْمِيم وَإِنَّمَا سميت الْكَلِمَة الْمَذْكُورَة اسْما لعلوها عَن أخويها اسْتِقْلَالا فِي الدّلَالَة على الْمَعْنى واستغناء فِي الِاشْتِقَاق ثمَّ حذفت الْوَاو تَخْفِيفًا على خلاف الْقيَاس ونقلت حَرَكَة السِّين إِلَى الْمِيم ليَصِح الْوَقْف لِأَنَّهُ إِسْقَاط الْحَرَكَة ثمَّ جِيءَ بِالْهَمْزَةِ لِئَلَّا يلْزم الِابْتِدَاء بالساكن. وَقيل الْهمزَة عوض الْوَاو المحذوفة فَصَارَ السمو اسْما. وَالْمذهب الثَّانِي أَن الِاسْم مَأْخُوذ من الوسم بِمَعْنى الْعَلامَة وَإِنَّمَا سميت تِلْكَ الْكَلِمَة بِالِاسْمِ لكَونهَا عَلامَة على مسماها والهمزة مبدلة عَن الْوَاو على غير الْقيَاس لِأَن إِبْدَال الْوَاو الْمَفْتُوحَة فِي أول الْكَلِمَة بِالْهَمْزَةِ نَادِر شَاذ كَأحد واناة. وَلَا يخفى أَن هَذَا الْمَذْهَب بَاطِل لِأَن ماضيه سمى وَجمعه أَسمَاء. وَلَو كَانَ الِاسْم من الوسم الْمِثَال الواوي لَكَانَ الْفِعْل الْمَاضِي مِنْهُ وسم وَجمعه أوسام. وَالْجَوَاب بارتكاب الْقلب المكاني يُنبئ عَن الْقلب الجناني يَعْنِي مَا قَالَ بَعضهم أَن فاءه جعل لامه ملوم. وَقد يُطلق الِاسْم على مَا يُقَابل الصّفة فالاسم الْمُقَابل للْفِعْل والحرف اسْم كزيد وَعَمْرو. وَصفَة كأحمر وأسود. وَقد يُطلق الِاسْم على مَا يُقَابل اللقب والكنية فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ قسم من الْعلم فَإِن الْعلم وَهُوَ مَا وضع لشَيْء بِعَيْنِه غير متناول غَيره بِوَضْع وَاحِد اسْم ولقب وكنية لِأَن الْعلم إِن كَانَ مصدرا بَاب أَو أم أَو ابْن أَو بنت أَو لَا الأول الكنية وَالثَّانِي إِن كَانَ مشعرا بالمدح أَو الذَّم أَو لَا الأول اللقب وَالثَّانِي الِاسْم هَذَا عِنْد النُّحَاة فعلى هَذَا تقَابل الْأَقْسَام بِالذَّاتِ. وَنقل عَن بعض أهل الحَدِيث أَن الْعلم الْمصدر بَاب أَو أم مُضَاف إِلَى اسْم حَيَوَان كَأبي هُرَيْرَة أَو صفة كَأبي الْحسن كنية وَإِلَى غير ذَلِك لقب كَأبي تُرَاب. ثمَّ إِن الكنية عِنْد الْمُحدثين قد يكون بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوْصَاف كَأبي الْغفار وَأبي الْمَعَالِي وَأبي الحكم وَأبي الْخَيْر. وَقد يكون بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوْلَاد كَأبي مُسلم وَأبي شُرَيْح. وَقد يكون بِالنِّسْبَةِ إِلَى أدنى مُلَابسَة كَأبي هُرَيْرَة فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام رَآهُ وَمَعَهُ هرة فكناه بِأبي هُرَيْرَة. وَقد يكون بِالنِّسْبَةِ إِلَى العلمية الصرفة كَأبي بكر وَأبي عمر كَذَا فِي كنز الْأُصُول فِي معرفَة حَدِيث الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالِاسْم
عِنْد الصُّوفِيَّة هُوَ اللَّفْظ الدَّال على الذَّات مَعَ الصّفة الوجودية كالعليم والقدير، أَو العدمي كالقدوس وَالسَّلَام.

الرزق

الرزق: ما يسوقه الله إلى الحيوان للتغذي أي ما به قوام الجسم ونماؤه. وعند المعتزلة: مملوك يأكله المستحق فلا يكون حراما.
(الرزق) بِالْفَتْح مصدر وبالكسر اسْم الشَّيْء المرزوق وَهُوَ كل مَا ينْتَفع بِهِ وَيجوز أَن يوضع كل مِنْهُمَا مَوضِع الآخر وَمَا ينْتَفع بِهِ مِمَّا يُؤْكَل ويلبس وَمَا يصل إِلَى الْجوف ويتغذى بِهِ وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {فليأتكم برزق مِنْهُ} والمطر لِأَنَّهُ سَبَب الرزق وَالعطَاء أَو الْعَطاء الْجَارِي يُقَال كم رزقك فِي الشَّهْر كم راتبك (ج) أرزاق
الرزق: متناول للْحَلَال وَالْحرَام لِأَنَّهُ اسْم لما يَسُوقهُ الله تَعَالَى إِلَى الْحَيَوَان فيأكله أَي يتَنَاوَلهُ فَيشْمَل المأكولات والمشروبات. وَلما كَانَ معنى الْإِضَافَة إِلَى الله تَعَالَى مُعْتَبرا فِي مَفْهُوم الرزق كَانَ هَذَا التَّفْسِير أولى من تَفْسِيره بِمَا يتغذى بِهِ الْحَيَوَان لخلوه عَن معنى الْإِضَافَة إِلَيْهِ تَعَالَى. وَعند الْمُعْتَزلَة الرزق عبارَة عَن مَمْلُوك يَأْكُلهُ الْمَالِك. وَتارَة فسروه بِمَا لَا يمْتَنع شرعا الِانْتِفَاع بِهِ. فعلى هَذَا لَا يكون الْحَرَام رزقا عِنْدهم. فَإِن قيل: إِن خمر الْمُسلم وخنزيره مملوكان لَهُ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فَإِذا أكلهما يصدق على كل مِنْهُمَا تَعْرِيف الرزق لِأَنَّهُ مَمْلُوك يَأْكُلهُ الْمَالِك مَعَ أَنه حرَام وَالْحرَام لَيْسَ برزق عِنْدهم فالتعريف الْمَذْكُور لَيْسَ بمانع. قُلْنَا: فِي شرح نظم الأوحدي إِن الْحَرَام لَيْسَ بِملك عِنْد الْمُعْتَزلَة فَلَا انْتِقَاض بِالْخمرِ وَالْخِنْزِير لعدم كَونهمَا مملوكين للْمُسلمِ عِنْدهم وَإِن سلمنَا أَن الْحَرَام مَمْلُوك لَهُ عِنْدهم فَالْجَوَاب بِأَن المُرَاد بالمملوك المجعول ملكا بِمَعْنى الْمَأْذُون فِي التَّصَرُّف الشَّرْعِيّ بِدَلِيل أَن معنى الْإِضَافَة إِلَى الله تَعَالَى مُعْتَبر فِي مَفْهُوم الرزق بالِاتِّفَاقِ فَلَو لم يكن المُرَاد مَا ذكرنَا لخلا تَعْرِيف الرزق عَن ذَلِك الْمَعْنى فَيحصل بذلك المُرَاد الْحَيْثِيَّة الَّتِي ينْدَفع بهَا الانتقاض الْمَذْكُور أَي مَمْلُوك يَأْكُلهُ الْمَالِك من حَيْثُ إِنَّه مَمْلُوك بِأَن يكون مَأْذُونا فِي أكله.
وَأَنت تعلم أَنَّهُمَا من حَيْثُ الْأكل ليسَا بمملوكين لَهُ فَافْهَم. وَمَا فسرنا الرزق بِهِ أَعنِي مَا يَسُوقهُ الله تَعَالَى إِلَى الْحَيَوَان فيأكله مَشْهُور فِي الْعرف. وَقد يُفَسر بِمَا سَاقه الله تَعَالَى إِلَى الْحَيَوَان فَانْتَفع بِهِ بالتغذي أَو غَيره فَهُوَ شَامِل للمأكولات والمشروبات والملبوسات بل المراكب وَسَائِر مَا ينْتَفع بِهِ بِأَيّ وَجه كَانَ كالإنفاق على الْغَيْر. وَلِهَذَا قَالُوا إِن هَذَا التَّفْسِير يُوَافقهُ قَوْله تَعَالَى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} . لِأَن الِانْتِفَاع بِهِ جِهَة الْإِنْفَاق على الْغَيْر بِخِلَاف التَّفْسِير الأول فَإِنَّهُ لَا يُوَافقهُ لِأَن مَا يتَنَاوَلهُ لَا يُمكن إِنْفَاقه على الْغَيْر. وَقيل فِي تَوْجِيه الْمُوَافقَة إِن الله تَعَالَى أطلق الرزق على الْمُنفق بِصِيغَة الْمَفْعُول مجَازًا بطرِيق المشارفة على وتيرة من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه. يَعْنِي أَن الْمُنفق لما كَانَ مآله أَن يكون رزقا أطلق عَلَيْهِ الرزق فَلَيْسَ الْمُنفق رزقا حَقِيقَة حَتَّى لَا يُوَافق قَوْله تَعَالَى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} . التَّفْسِير الأول وَلَكِن يرد على التَّفْسِير الثَّانِي كَون العواري أَي مَا يُؤْخَذ بطرِيق الْعَارِية رزقا وَلَيْسَ برزق لِأَنَّهُ لَا يُطلق عَلَيْهَا الرزق بِحَسب الْعرف واللغة. وَثَانِيهمَا: جَوَاز أكل شخص رزق غَيره وَهُوَ خلاف مَذْهَبنَا من أَن الْإِنْسَان لَا يَأْكُل رزق غَيره والرزق الْحسن مَا يصل إِلَى صَاحبه بِلَا كد فِي طلبه. وَقيل مَا وجد بِلَا ترقب وَلَا اكْتِسَاب.

الزكاة

الزكاة: لغة: الزيادة، وشرعا: قدر من المال في مال مخصوص لمالك مخصوص، ذكره ابن الكمال. وقال الراغب: أصل الزكاة النمو الحاصل عن بركة الله، ويعتبر ذلك بالأمور الدنيوية والأخروية ومنه الزكاة لما يخرج للفقراء سميت بذلك لما فيها من رجاء البركة أو لتزكية النفس أي تنميتها بالخير أو لهما جميعا.
الزكاة
[ما ينفقونه في سبيل الله، وهو الصدقة، ثم خصّت بما كتبه الله في الأموال. وتسميته بالزكاة من زَكَا يَزْكو: طهر، كما في القرآن:
{أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} .
أي طاهرة عن الذنب.
وأيضاً زكَا الزرعُ: طال ونما. ووجه التسمية أنها طهارة للنفس والمال، وبركة ونَماء له، فجمعت المعنيين. قال تعالى:
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} . وقال تعالى:
{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} .
فنبّه على كلتا الجهتين لتسمية الزكاة باسمها] .
لها جهات: فمنها كونها ذكراً للمعاد. فإنما نعطي أموالنا، فنردّها إلى الرب، وهكذا نرد أنفسنا، ولهذا وجب الخضوع فيها:
{وهم راكعون} .
{وقلوبهم وَجِلَةٌ} .
فصارت كالصلاة من جهة أخرى، أي الخشوع والخوف.
الزكاة: في اللغة الطهارةُ والزيادة. وفي الشرع: تمليك جزء مال عيَّنه الشارع من مسلم فقير غيرِ هاشمي ولا مولاه بشرط قطع المنفعة عن المُملَّك من كل وجه لِلَّه تعالى. وفي البدائع: "ركن الزكاة هو إخراج جزء من النصاب إلى الله تعالى وتسليم ذلك إليه يقطع المالك يده عنه بتمليكه من الفقير، وتسليمه إليه أو إلى يدِ مَن هو نائبٌ عنه وهو المُصَدِّق".
الزكاة:
[في الانكليزية] Charity tax ،tithe ،purety
[ في الفرنسية] Taxe aumoniere ،dime ،purete
كالصلاة وزنا وكتابة اسم من التزكية، وكلاهما مستعملان. وفي المفردات إنها في اللغة النموّ الحاصل من بركة الله تعالى. وفي الشريعة قدر معين من النّصاب الحولي يخرجه الحرّ المسلم المكلّف لله تعالى إلى الفقير المسلم الغير الهاشمي ولا مولاه مع قطع المنفعة عنه من كلّ وجه. فالقدر يتناول الصدقة أيضا. وقولنا معيّن يخرج الصدقة إذ لا تعيّن فيها. وقولنا يخرجه الحرّ المسلم المكلّف لأنّ شرط وجوبها الحرية والإسلام والعقل والبلوغ.
وقولنا إلى الفقير المسلم الغير الهاشمي ولا مولاه أي مولى الهاشمي يخرج الغني والكافر الهاشمي ومولاه، فإنّ دفع الزكاة إليهم مع العلم لا يجوز. وقولنا مع قطع المنفعة عنه احتراز عن الدفع إلى فروعه وإن سفلوا وأصوله وإن علوا، ومكاتبه ودفع أحد الزوجين إلى الآخر. ومعنى قوله من كلّ وجه أي شرعا وعادة فإنّ انتفاع الأب بمال الابن عند الحاجة جائز شرعا، وانتفاع الابن بمال الأب أو أحد الزوجين بمال الآخر جار عادة. وقيد لله تعالى لأنّ الزكاة عبادة فلا بد فيها من الإخلاص هكذا يستفاد من الدرر. وفي جامع الرموز أنّ الزكاة في الشريعة القدر الذي يخرجه إلى الفقير. وفي الكرماني أنّها في القدر مجاز شرعا فإنّها إيتاء ذلك القدر، وعليه المحقّقون كما في المضمرات انتهى. ويؤيّده أنّها توصف بالوجوب وهو من صفات الأفعال ويؤيّد الأول قوله تعالى وَآتُوا الزَّكاةَ إذ إيتاء الإيتاء محال.
والأظهر أنّ الزكاة في الشرع يجيء بكلا المعنيين كذا في البرجندي. وهكذا لفظ الصلاة فإنّها في الأفعال المعهودة مجاز شرعا ولغة إتيانها وأداؤها.
وقد تطلق الزكاة شاملــة للعشر وصدقة الفطر والكفارة والنذر وغير ذلك من الصدقات الواجبة كما يستفاد من جامع الرموز في فصل مصرف الزكاة. وقد تطلق الزكاة على التزكية كما ستعرف. وفي شرح القصيدة الفارضية الزكاة لغة الطهارة والنمو وشرعا طهارة مال بلغ النصاب بإخراج ما فضل عن الحاجة لانسداد خلّة المحتاجين به. وفي الحقيقة طهارة نفس بلغت حدّ الكمال بإفاضة ما فضل عن حاجتها من الفيض الربّاني على المحتاجين إليه انتهى.
وفي الإنسان الكامل وأمّا الزكاة فعبارة عن التزكّي بإيثار الحقّ على الخلق، أعني يؤثر شهادة الحقّ في الوجود على شهود الخلق ويؤيّده ما في بعض الرسائل قال: الزّكاة: في اصطلاح الصوفية: ترك الدنيا، وتطهير النّفس من خطرات الغير. 

الشكل

الشكل: هيئة حاصلة للجسم بسبب إحاطة حد واحد بالمقدار كما في الكرة، أو حدود كما في المضلعات من مربع ومسدس، ذكره ابن الكمال. وقال الراغب: الشكل والهيئة والصورة والند في الجنسية، والشبه في الكيفية. والشكل في الحقيقة الأنس الذي بين المتماثلين في الطريقة، ومنه قيل للناس أشكال، وأصل المشاكله من الشكل وهو تقييد الدابة. والشكال ما يقيد به. ومنه استعير شكلت الكتاب كقيدته. والأشكلة الحاجة التي تقيد الإنسان. والإشكال في الأمر استعارة كالاشتباه من الشبه. وفي المصباح: شكلت الكتاب شكلا أعلمته بعلامات الإعراب. وأشكلته بالألف لغة، وأشكل الأمر بالألف: التبس.
الشكل: فِي اللُّغَة الشّبَه والمثل وَصُورَة الشَّيْء. وَعند المنطقيين الْهَيْئَة الْحَاصِلَة من وضع الْحَد الْأَوْسَط عِنْد الحدين يجب حمله عَلَيْهِمَا أَو وَضعه لَهما أَو حمله على أَحدهمَا وَوَضعه للْآخر فَهُوَ أَرْبَعَة. لِأَن الْحَد الْأَوْسَط إِن كَانَ مَحْمُولا فِي الصُّغْرَى مَوْضُوعا فِي الْكُبْرَى فَهُوَ الشكل الأول - أَو مَحْمُولا فيهمَا فَالثَّانِي - أَو مَوْضُوعا فيهمَا فالثالث - أَو عكس الأول فالرابع - والشكل الأول بديهي الإنتاج وَبَاقِي الأشكال مَرْدُودَة إِلَيْهِ وَلِهَذَا يُقَال إِنَّه محكها. وَشرط إنتاجه إِيجَاب الصُّغْرَى كيفا وفعليتها جِهَة وكلية الْكُبْرَى كَمَا.
فَإِن قيل إِن الشكل الأول دوري إِذْ الْعلم بالمطلوب يحْتَاج إِلَى الْعلم بكلية الْكُبْرَى وَهُوَ إِلَى الْعلم بالمطلوب لِأَنَّهُ من جزئياتها. قُلْنَا، إِن احتياجها إِلَى الْعلم بالجزئيات إِجْمَالا وَإِلَّا لما حكمنَا بِصدق كليتها وَالْمَطْلُوب يحْتَاج فِي علمه التفصيلي فَافْهَم. وَفِي الشكل عِنْد الْحُكَمَاء اخْتِلَاف قَالَ بَعضهم هُوَ الْهَيْئَة الْحَاصِلَة من إحاطة الْحَد الْوَاحِد أَو حَدَّيْنِ أَو أَكثر بالجسم التعليمي أَو السَّطْح. وَأما الْخط فَلَا يُمكن إحاطة أَطْرَافه بِهِ لِأَن أَطْرَاف الْخط النقط وَلَا يتَصَوَّر كَون الْخط محاطا بالنقط. وإحاطة الْحَد الْوَاحِد كَمَا فِي الكرة والدائرة. وإحاطة الحدين كَمَا فِي نصف الدائرة أَو وَنصف الكرة. وإحاطة الْحُدُود كَمَا فِي المثلث والمربع وَسَائِر المضلعات. وَالْمرَاد بالإحاطة فِي تَعْرِيف الشكل هِيَ الْإِحَاطَة التَّامَّة ليخرج الزاوية فَإِنَّهَا على الْأَصَح لَيست بشكل بل هَيْئَة وكيفة عارضة للمقدار من حَيْثُ إِنَّه محاط بحدكما فِي رَأس المخروط المستدير أَو أَكثر إحاطة غير تَامَّة مثلا إِذا فَرضنَا سطحا مستويا محاطا بخطوط ثَلَاثَة مُسْتَقِيمَة. فَإِذا اعْتبر كَونه محاطا بالخطوط الثَّلَاثَة كَانَت الْهَيْئَة الْعَارِضَة لَهُ بِهَذَا الِاعْتِبَار هِيَ الشكل. فَإِذا اعْتبر من تِلْكَ الخطوط الثَّلَاثَة خطان متلاقيان على نقطة مِنْهُ كَانَت الْهَيْئَة الْعَارِضَة للسطح بِهَذَا الِاعْتِبَار هِيَ الزاوية.
وتعريف الشكل بِمَا ذكرنَا مَشْهُور بَين الْحُكَمَاء وَلَكِن لَا يخفى عَلَيْك أَنه يلْزم من هَذَا التَّعْرِيف أَن لَا يكون لمحيط الكرة وَهُوَ السَّطْح وَكَذَا الْأَمْثَال هَذَا الْمُحِيط كمحيط الدائرة والمثلث وَسَائِر المضلعات شكل لِأَنَّهُ لَيْسَ لذَلِك الْمُحِيط محيطا آخر وَلذَا قَالُوا الْأَنْسَب فِي تَعْرِيف الشكل أَن يُقَال الشكل هُوَ الْهَيْئَة الْحَاصِلَة للمقدار من جِهَة الْإِحَاطَة سَوَاء كَانَت إحاطة الْمِقْدَار بالشكل أَو إحاطة الشكل بالمقدار فَحِينَئِذٍ تَعْرِيف الشكل شَامِل لمحيط الكرة وَأَمْثَاله.
وَيعلم من هَا هُنَا أَنه لَا وَجه لتخصيص الشكل بالسطح والجسم التعليمي فَإِنَّهُ مُحِيط الدائرة خطّ لَا سطح وَلَا جسم تعليمي. وَلَا شكّ فِي أَن لَهُ شكلا بِهَذَا التَّعْرِيف. نعم لَا بُد أَن يخصص الشكل بالمقدار. والشكل الطبيعي مَا يكون باقتضاء الطبيعة النوعية كشكل الْإِنْسَان بِأَنَّهُ مدور الرَّأْس بَادِي الْبشرَة مُسْتَقِيم الْقَامَة وَعَيناهُ كَذَا وَأَنْفه كَذَا وخده كَذَا ويداه وَرجلَاهُ كَذَا وَكَذَا وَهَذَا الشكل يكون مُشْتَركا فِي جَمِيع أَفْرَاد الْإِنْسَان. والشكل الشخصي مَا يكون باقتضاء تشخص شخص وَهَذَا يكون مُخْتَصًّا بِهِ وَالْأول يكون مُمَيّزا للنوع عَن النَّوْع الآخر وَالثَّانِي للشَّخْص عَن الشَّخْص الآخر.
(الشكل) الْأَمر الملتبس الْمُشكل وهيئة الشَّيْء وَصورته وَيُقَال مسَائِل شكلية يهتم فِيهَا بالشكل دون الْجَوْهَر والشبه والمثل وَمَا يُنَاسب وَيصْلح لَك يُقَال هَذَا من شكلي و (فِي الهندسة) هَيْئَة للجسم أَو السَّطْح محدودة بِحَدّ وَاحِد كالكرة أَو بحدود مُخْتَلفَة كالمثلث والمربع و (عِنْد المناطقة) صُورَة من الدَّلِيل تخْتَلف تبعا لنسبة الْحَد الْأَوْسَط إِلَى الحدين الآخرين الْأَصْغَر والأكبر (ج) أشكال وشكول و (الدّفع الشكلي) (فِي قانون المرافعات) دفع الْمُدعى عَلَيْهِ الْمُتَعَلّق بإجراءات الْخُصُومَة دون موضوعها كالدفع بِبُطْلَان صحيفَة الدَّعْوَى (مج)

(الشكل) الْمثل والشبيه

القاعدة

القاعدة
انظر: الأصول.
القاعدة: ما يقعد عليه الشيء، أي يستقر ويثبت. وعرفا: قضية كلية منطبقة على جميع جزئياتها.
القاعدة:
[في الانكليزية] Rule ،norm ،foundation ،principle ،basis
[ في الفرنسية] Regle ،norme ،fondation ،principe ،base
بالعين المهملة هي في اصطلاح العلماء يطلق على معان: مرادف الأصل والقانون والمسألة والضابطة والمقصد. وعرّف بأنّها أمر كلّى منطبق على جميع جزئياته عند تعرّف أحكامها منه. وهذا التفسير مجمل. وبالتفصيل قضية كلّية تصلح أن تكون كبرى الصغرى سهلة الحصول حتى يخرج الفرع من القوة إلى الفعل. قال السّيّد السّند رحمه الله تعالى: وجه كونه تفصيلا أنّه علم به أنّ الأمر الكلّي المذكور أوّلا أريد به القضية الكلّية لا المفهوم الكلّي، كالإنسان مثلا وإن ذهب إليه بعض القاصرين. وعلم أيضا أنّ المراد بالجزئيات ليس جزئيات ذلك الأمر الكلّي كما يتبادر إليه الوهم، إذ ليس للقضية جزئيات تحمل هي عليها فضلا عن أن يكون لها أحكام يتعرّف منها، بل المراد جزئيات موضوع تلك القضية، فإنّ لها أحكاما تتعرّف منها، فخرجت الشرطيات، إذ ليس لها موضوع، وعلم أيضا أنّ تلك الأحكام أيضا منطوية في تلك القضية المشتملة عليها بالقوة. فهذا الاشتمال هو المراد بانطباق الأمر الكلّي على جزئيات موضوعه باعتبار أحكامها التي تتعرّف منه، فقد فصّلت في هذه العبارة أمور ثلاثة أجملت في العبارة الأولى، فصار الحاصل أنّ القاعدة أمر كلّي، أي قضية كلّية منطبق، أي مشتمل بالقوة على جميع جزئياته، أي جزئيات موضوعه عند تعرّف أحكامها، أي يستعمل عند طلب معرفة أحكامها بأن تجعل كبرى الصغرى سهلة الحصول للكسب أو للتنبيه. فقولك كلّ سالبة كلّية ضرورية فإنّها تنعكس سالبة كلّية دائمة قضية كلّية مشتملة بالقوة على أحكام جزئيات موضوعها، أعني السوالب الكلّية الضرورية.
فإذا أردت أن تتعرّف حكم قولنا لا شيء من الإنسان بحجر بالضرورة، قلت هذه سالبة كلّية ضرورية، وكلّ سالبة كلّية ضرورية تنعكس إلى سالبة كلّية دائمة، فهذه تنعكس إلى سالبة كلّية دائمة، أعني قولنا لا شيء من الحجر بإنسان دائما فالقضية الكلّية أصل لهذه الأحكام، وهي فروع لها، واستخراجها عنها بتحصيل تلك الصغرى وضمّها إليها يسمّى تفريعا، ونسبة الفرع، وإلى أصولها تشبه نسبة الجزئيات إلى كلّياتها المحمولة عليها. فإنّ الإنسان مثلا يتناول زيدا وعمروا وبكرا وغيرهم بالحمل عليها. وقولنا كلّ إنسان حيوان يشتمل بالقوة على أحكامها، فتقييد الأمر بالكلّي للاحتراز عن القضية الجزئية أو الشخصية فإنّها لا تسمّى قاعدة، ووصف الأمر الكلّي بالانطباق المذكور والاستعمال عند التعرّف للإشعار إلى حيثيتين معتبرتين في مفهوم القاعدة أي من حيث إنّه منطبق على أحكام جزئيات موضوعة وصالح للاستعمال عند طلب معرفتها منه. فالحيثية الأولى لإخراج الأمر الكلّي عن تعريف القاعدة إذا أخذ بالقياس إلى أحكام جزئيات ما يساوي موضوعه أو أعمّ منه، كقولنا: كلّ ناطق إنسان، وبالقياس إلى هذا الضاحك إنسان، وبالقياس إلى هذا الحيوان إنسان. فإنّ أمثال تلك القضايا لا تسمّى في الاصطلاح أصولا وقواعد بالقياس إلى تلك النتائج وإن كانت مبدأ لها. والحيثية الثانية لإخراجه عنه إذا أخذ بالقياس إلى أحكام جزئيات موضوعه المستغنية عن التعريف، ككونها مستغنية عن التنبيه أيضا.
فالقواعد المنطقية التي أحكام جزئيات موضوعاتها بديهية كالشكل الأول منتج داخلة في القانون بالقياس إلى بعض منها ومحتاجة إلى التنبيه بالنسبة إلى بعض الأذهان القاصرة، فلا يلزم خروجها عن المنطق المعرف بالقانون كما توهّمه البعض. وبالجملة فالقضية الكلّية التي ليست لها جزئيات لا يحتاج إلى استنباطها منها أصلا لا بطريق النظر ولا بطريق التنبيه لا تسمّى قانونا وأصلا، وما يكون لها جزئيات بديهية صرفة وجزئيات أخر ليست كذلك لا تسمّى قانونا بالقياس إلى الجزئيات البديهية الصرفة، وإنما قيّدنا الصغرى بكونها سهلة الحصول لكونها سهلة الحصول غالبا وقال بعض المحقّقين التقييد للتخصيص وإخراج كون القضية الكلّية أصلا وقانونا بالقياس إلى قضية جزئية مستنبطة منها ومن صغرى لا تكون سهلة الحصول فإنّها لا تسمّى أصلا وقانونا بالنسبة إليها وإنّه يظهر لمن تتبع موارد الاستعمالات أنّ القاعدة هي الكلّية التي يسهل تعرّف أحوال الجزئيات منها، فلا يقال كون النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان قاعدة بالنسبة إلى كون زوايا المثلث مساوية لقائمتين انتهى.
وقيل معنى التعريف المجمل قضية كلّية تشتمل على جزئيات تعتبر فيها باعتبار تحقّقها لا باعتبار تعلّقها، فخرجت الشرطيات إذ لا جزئيات لها والسوالب إذ لا تشتمل على الجزئيات المعتبرة في تحقّقها بناء على أنّ السالبة لا تستدعي وجود الموضوع، فالقانون لا يكون إلّا قضية كلّية حملية موجبة وإضافة الجزئيات إلى الأمر الكلّي مع أنّ الواضح إضافتها إلى موضوعها للدلالة على أنّ المراد الجزئيات بحسب نفس الأمر لأنّها جزئيات القضية بمعنى الجزئيات المعتبرة فيها دون الأعمّ الــشامل للجزئيات الفرضية، وفيه تكلّفات. الأول أن يراد باشتمالها على الجزئيات أن يكون الحكم فيها على تلك الجزئيات. والثاني أن يراد بجزئياته الجزئيات المعتبرة في تحقّقها ولا دلالة للفظ عليه.
والثالث أنّه يستلزم أن لا يكون قولهم نقيضا المتساويين متساويان ونحوه قانونا لاشتمالهما على نقائض الأمور الــشاملــة نحو اللاشيء واللاممكن، وهي من الأمور الفرضية. والرابع أنّه يلزم أن لا تكون المسائل التي موضوعها الكلّيات المنحصرة في فرد واحد كمباحث الواجب والعقول والأفلاك قوانين لعدم الجزئيات لها في نفس الأمر، بل بالفرض.
هذا كلّه خلاصة ما في المحاكمات وشرح المطالع وشرح الشمسية وحواشيهما. وهاهنا أبحاث تركناها مخافة الإطناب، فمن أراد فليرجع إلى المحاكمات وحواشي شرح المطالع.
اعلم أنّ الأطباء يقسمون القاعدة بالنسبة إلى قاعدة أخرى فوقها أو تحتها إلى كلية وجزئية، ويعنون بالجزئي الإضافي لأنّ الكلّية مأخوذة في تعريف القاعدة فلا يتصوّر كونها جزئية حقيقية، ويريدون بالقاعدة الكلّية قاعدة تحتها قاعدة، وبالقاعدة الجزئية قاعدة فوقها قاعدة. مثلا قولهم علاج كلّ مرض بالضدّ قاعدة كلّية يندرج تحتها قواعد جزئية، كقولهم علاج الغبّ الخالص بالتبريد، وعلى هذا فقس، كذا في الأقسرائي شرح المؤجز. ومنها ضلع من أضلاع المثلّث. ومنها الوتر بالنسبة إلى كل قطعتي دائرة. ومنها الدائرة بالنسبة إلى كلّ قطعتي كرة وبالنسبة إلى المخروط والأسطوانة المستديرين. ومنها غير ذلك كقاعدة المخروط والأسطوانة المضلّعين وسيأتي في لفظ المخروط، والأسطوانة. وهذه المعاني الأخيرة من مصطلحات المهندسين.

القرآن

القرآن:
[في الانكليزية] The Koran
[ في الفرنسية] Le Coran
بالضم اختلف فيه. فقيل هو اسم علم غير مشتقّ خاصّ بكلام الله فهو غير مهموز وبه قرأ ابن كثير وهو مروي عن الشافعي. وقيل هو مشتقّ من قرنت الشيء بالشيء سمّي به لقران السور والآيات والحروف فيه. وقال الفرّاء هو مشتقّ من القرائن وعلى كلّ تقدير فهو بلا همزة ونونه أصلية. وقال الزجاج هذا سهو والصحيح أنّ ترك الهمزة فيه من باب التخفيف، ونقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها. واختلف القائلون بأنّه مهموز، فقيل هو مصدر لقرأت سمّي به الكتاب المقروء من باب تسميته بالمصدر. وقيل هو وصف على فعلان مشتق من القرء بمعنى الجمع كذا في الاتقان. قال أهل السّنّة والجماعة: القرآن ويسمّى بالكتاب أيضا كلام الله تعالى غير مخلوق وهو مكتوب في مصاحفنا محفوظ في قلوبنا مقروء بألسنتنا مسموع بآذاننا غير حالّ فيها أي مع ذلك ليس حالّا في المصاحف ولا في القلوب والألسنة والآذان، لأنّ كلام الله ليس من جنس الحروف والأصوات لأنّها حادثة، وكلام الله صفة أزلية قديمة منافية للسكوت الذي هو ترك التكلّم مع القدرة عليه والآفة التي هي عدم مطاوعة الآلات بل هو معنى قديم قائم بذات الله تعالى يلفظ ويسمع بالنّظم الدّال عليه ويحفظ بالنظم المخيل ويكتب بنقوش وأشكال موضوعة للحروف الدالة عليه، كما يقال النار جوهر محرق يذكر باللفظ ويكتب بالقلم ولا يلزم منه كون حقيقة النار صوتا وحرفا. وتحقيقه أنّ للشيء وجودا في الأذهان ووجودا في الكتابة. فالكتابة تدلّ على العبارة وهي على ما في الأذهان وهو على ما في الأعيان، فحيث يوصف القرآن بما هو من لوازم القديم كقولنا القرآن غير مخلوق فالمراد حقيقته الموجودة في الخارج، وحيث يوصف بما هو من لوازم المخلوقات يراد به الألفاظ المنطوقة المسموعة كقولك قرأت نصف القرآن أو المخيلة كقولك حفظت القرآن أو الأشكال كقولك يحرم للمحدث مسّ القرآن. ثم الكلام القديم الذي هو صفة لله تعالى يجوز أن يسمع وهو مذهب الأشعري ومنعه الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني، وهو اختيار الشيخ أبي منصور رحمه الله تعالى. فمعنى قوله: حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ يسمع ما يدلّ عليه كما يقال سمعت علم فلان. فموسى صلوات الله عليه سمع صوتا دالّا على كلام الله، لكن لمّا كان بلا واسطة الكتاب والملك خصّ باسم الكليم. وقيل خصّ به لما سمعه من جميع الجهات على خلاف المعتاد. وأمّا من يجوّز سماعه فهو يقول خصّ به لأنّه سمع كلامه الأزلي بلا حرف وصوت كما يرى ذاته تعالى في الآخرة بلا كمّ ولا كيف.
فإن قيل لو كان كلام الله حقيقة في المعنى القديم مجازا في النّظم المؤلّف يصحّ نفيه عنه بأن يقال ليس النّظم كلام الله والإجماع على خلافه، وأيضا المعجز هو كلام الله حقيقة مع القطع بأنّ الإعجاز إنّما يتصوّر في النظم.
قلنا التحقيق أنّ كلام الله تعالى مشترك بين الكلام النفسي القديم ومعنى الإضافة كونه صفة له تعالى وبين اللفظي الحادث، ومعنى الإضافة حينئذ أنّه مخلوق له تعالى ليس من تأليفات المخلوقين، فلا يصحّ النفي أصلا ولا يكون الإعجاز إلّا في كلام الله تعالى. وما وقع في عبارة بعض المشايخ من أنّه مجاز فليس معناه أنّه غير موضوع للنظم بل إنّ الكلام في التحقيق وبالذات اسم للمعنى القائم بالنفس وتسمية اللفظ به وضعه لذاك إنّما هو باعتبار دلالته على المعنى، فلا نزاع لهم في الوضع والتسمية باعتبار معنى مجازي يكون حقيقة أيضا، كما يكون باعتبار معنى حقيقي. ويؤيّد هذا ما وقع في شرح التجريد من أنّه لا نزاع في إطلاق اسم القرآن وكلام الله بطريق الاشتراك على المعنى القائم بالنفس القديم وعلى المؤلّف الحادث وهو المتعارف عند العامة والقراء والأصوليين والفقهاء وإليه يرجع الخواص التي هي من صفات الحادث. وإطلاق هذين اللفظين عليه ليس بمجرد أنّه دالّ على كلامه القديم حتى لو كان مخترع هذه الألفاظ غير الله تعالى لكان الإطلاق بحاله، بل لأنّ له اختصاصا به تعالى وهو أنّه اخترعه بأن أوجد أولا الأشكال في اللوح المحفوظ لقوله بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ والأصوات في لسان الملك لقوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. ثم اختلفوا، فقيل القرآن وكلام الله اسمان لهذا المؤلّف المخصوص القائم بأوّل لسان اخترعه الله تعالى فيه، حتى إنّ ما يقرأه كلّ أحد سواه بلسان يكون مثله لا عينه. والأصحّ أنّه اسم له لا من حيث تعيّن المحلّ فيكون واحدا بالنوع ويكون ما يقرأه القارئ أيّ قارئ كان نفسه لا مثله، وهكذا الحكم في كلّ متغيّر وكتاب ينسب إلى مؤلّفه. وعلى التقديرين فقد يجعل اسما للمجموع بحيث لا يصدق على البعض وقد يجعل اسما بمعنى كلّ صادق على المجموع وعلى كلّ بعض من أبعاضه.
وبالجملة فما يقال إنّ المكتوب في كلّ مصحف والمقروء بكل لسان كلام الله، فباعتبار الوحدة النوعية. وما يقال إنّه حكاية عن كلام الله ومماثل له وإنّما الكلام هو المخترع في لسان الملك فباعتبار الوحدة الشخصية. وما يقال إنّ كلام الله ليس قائما بلسان أو قلب ولا حالّا في مصحف فيراد به الكلام الحقيقي النفسي. ومنعوا من القول بحلول اللفظي أيضا رعاية للتأدّب واحترازا عن ذهاب الوهم إلى الحقيقي النفسي، على أنّ إطلاق اسم المدلول على الدّال وكذا إجراء صفات الدّال على المدلول شائع ذائع مثل: سمعت هذا المعنى من فلان انتهى كلامه. وقال صاحب المواقف إنّ المعنى من قول مشايخنا كلام الله تعالى معنى قديم ليس المراد به مدلول اللفظ بل الأمر القائم بالغير فيكون الكلام النفسي عندهم أمرا شاملــا للفظ والمعنى جميعا قائما بذاته تعالى وهو مكتوب في المصاحف مقروء بالألسنة محفوظ في الصدور، وهو غير القراءة والكتابة والحفظ الحادثة. وما يقال من أنّ الحروف والألفاظ مترتّبة متعاقبة فجوابه أنّ ذلك الترتّب إنما هو في التلفّظ بسبب عدم مساعدة الآلة، فالتلفّظ حادث والأدلة الدالة على الحدوث يجب حملها على حدوثه دون حدوث الملفوظ جمعا بين الأدلة انتهى. قيل عليه القول بأنّ ترتّب الحروف إنّما هو في التلفّظ دون الملفوظ، فالتلفّظ حادث دون الملفوظ أمر خارج عن العقل وما ذلك إلّا مثل أن يتصوّر حركة تكون أجزاؤها مجتمعة في الوجود لا يكون لبعضها تقدّم على بعض، ويندفع بما قيل إنّ المراد بالملفوظ هو اللفظ القائم به تعالى وبالتلفّظ اللفظ القائم بنا عبّر عنه بالتلفّظ، فرقا بينهما وإشعارا بأنّ اللفظ الحادث كالنسبة المصدرية لكونه غير قارّ، ولولا هذا الاعتبار لكان القول بقدم الملفوظ دون التلفّظ تناقضا، وبه يندفع من أنّ حمل المعنى على الأمر القائم بالغير بعيد جدا لأنّ الأدلة إنّما تدلّ على حدوث ماهية القرآن لا حدوث التلفّظ لأنّه ليس بقرآن، وذلك لأنّ اللفظ يعدّ واحدا في المحال كلها وتباينه إنّما هو بتباين الهيئات. فاللفظ القائم بنا وبه تعالى واحد حقيقة، والأول حادث والثاني قديم.
فإن قيل يفهم من هذا التوجيه أنّه لا ترتّب في اللفظ القائم بذاته تعالى فيلزم عدم الفرق بين لمع وعلم. قيل ترتّب الكلمات وتقدّم بعضها على بعض لا يقتضي الحدوث لأنّ التقدّم ربما لا يكون زمانيا كالحروف المنطبعة في شمعة دفعة من الطابع عليه، وقد يمثل أيضا بوجود الألفاظ في نفس الحافظ فإنّ جميعها مع الترتيب المخصوص مجتمعة الوجود فيها وليس وجود بعضها مشروطا بانقضاء البعض وانعدامه عن نفسه. والفرق بأنّ وجود الحرف على هذا الوجه في ذاته تعالى بالوجود العيني وفي نفس الحافظ بالظلّي لا يضرّ إذ الغرض منه مجرّد التصوير والتفهيم لا إثباته بطريق التمثيل، فحينئذ يكون الحاصل أنّ الترتيب المقتضي للحدوث إنّما هو في التلفّظ أي اللفظ القائم بنا، هذا غاية توجيه المقام فافهم.
فائدة:
في بيان كيفية الإنزال قال في الاتقان وفيه مسائل. الأولى قال الله تعالى شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ وقال إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. اختلف في كيفية إنزاله من اللوح المحفوظ على ثلاثة أقوال. الأول وهو الأصح الأشهر أنّه نزل إلى سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة ثم نزل بعد ذلك منجّما في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين على حسب الخلاف في مدة إقامته صلى الله عليه وآله وسلم بمكة بعد البعثة.
الثاني أنّه نزل إلى سماء الدنيا في عشرين ليلة القدر أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين، في كلّ ليلة ما يقدر الله إنزاله في كلّ سنة، ثم نزل بعد ذلك منجّما في جميع السنة، وهذا القول ذكره الرازي بطريق الاحتمال ثم توقّف. هل هذا أولى أو الأول؟ قال ابن كثير وهذا الذي جعله احتمالا نقله القرطبى عن مقاتل بن حيان، وحكى الإجماع على أنّه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزّة في سماء الدنيا. الثالث أنّه ابتدأ انزاله في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجّما في أوقات مختلفة من سائر الأوقات، وبه قال الشعبي. قال ابن حجر والأول هو الصحيح المعتمد. قال وحكى الماوردي قولا رابعا أنّه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة وأنّ الحفظة نجّمته على جبرئيل في عشرين ليلة وأنّ جبرئيل نجّمه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عشرين سنة، والمعتمد أنّ جبرئيل كان يعارضه في رمضان بما ينزل به عليه في طول السنة. قال أبو شامة:
نزوله جملة إلى سماء الدنيا قبل ظهور نبوّته ويحتمل أن يكون بعدها، قيل الظاهر هو الثاني. قيل السرّ في إنزاله جملة إلى سماء الدنيا تفخيم أمره وأمر من نزل عليه وذلك بإعلام سكان السموات السبع أنّ هذا آخر الكتب المنزّلة على خاتم الرسل أشرف الأمم قد قرّبناه إليهم لننزّله عليهم، ولولا أنّ الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجّما بحسب الوقائع لهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزّلة قبله، ولكن الله باين بينه وبينها فجعل له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرّقا تشريفا للمنزّل عليه. وقيل إنزاله منجّما لأنّ الوحي إذا كان يتجدّد في كلّ حادثة كان أقوى للقلب وأشدّ عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك إليه فيحدث له من السرور ما يقصر عنه العبارة. والثانية في كيفية الإنزال والوحي.
قال الأصفهاني اتفق أهل السّنة والجماعة على أنّ كلام الله منزّل واختلفوا في معنى الإنزال.
فمنهم من قال إظهار القراءة، ومنهم من قال إنّ الله تعالى ألهم كلامه جبرئيل وهو في السماء وهو عال من المكان وعلّمه قراءته ثم جبرئيل أدّاه إلى الأرض وهو يهبط في المكان. وفي التنزيل طريقان أحدهما أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم انخلع من الصورة البشرية إلى الصورة الملكية وأخذه من جبرئيل، ثانيهما أنّ الملك انخلع إلى البشرية حتى يأخذه الرسول منه، والأوّل أصعب الحالين. وقال القطب الرازي إنزال الكلام ليس مستعملا في المعنى اللغوي الحقيقي وهو تحريك الشيء من العلو إلى السفل بل هو مجاز. فمن قال بقدمه فإنزاله أن يوجد الكلمات والحروف الدّالّة على ذلك المعنى ويثبتها في اللوح المحفوظ، ومن قال بحدوثه وأنّه هو الألفاظ فإنزاله مجرّد إثباته في اللوح المحفوظ. ويمكن أن يكون المراد بإنزاله إثباته في سماء الدنيا بعد الإثبات في اللوح المحفوظ والمراد بإنزال الكتب على الرسل أن يتلقّفها الملك من الله تلقّفا روحانيا أو يحفظها من اللوح المحفوظ وينزل بها فيلقيها عليهم.

وقال غيره فيه ثلاثة أقوال: الأول أنّ المنزّل هو اللفظ والمعنى وأنّ جبرئيل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به، وذكر بعضهم أنّ أحرف القرآن في اللوح المحفوظ كلّ حرف منها بقدر جبل قاف، وأنّ تحت كلّ حرف منها معان لا يحيط بها إلّا الله. الثاني أنّ جبرئيل عليه السلام إنّما نزل بالمعاني خاصة وأنّه صلى الله عليه وآله وسلم علم تلك المعاني وعبّر عنها بلغة العرب لقوله تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ، الثالث أنّ جبرئيل ألقى عليه المعنى وأنّه عبّر بهذه الألفاظ بلغة العرب، وأنّ أهل السماء يقرءونه بالعربية ثم أنّه نزل به كذلك بعد ذلك. وقال الجويني كلام الله المنزّل قسمان. قسم قال الله تعالى لجبرئيل قل للنبي الذي أنت مرسل إليه إنّ الله يقول افعل كذا وكذا وأمر بكذا وكذا، ففهم جبرئيل ما قاله ربّه ثم نزل على ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له ما قاله ربّه، ولم تكن العبارة تلك العبارة كما يقول الملك لمن يثق به قل لفلان يقول لك الملك اجتهد في الخدمة واجمع الجند للقتال، فإن قال الرسول يقول لك الملك لا تتهاون في خدمتي واجمع الجند وحثّهم على المقاتلة لا ينسب إلى كذب ولا تقصير في أداء الرسالة. وقسم آخر قال الله تعالى لجبرئيل اقرأه على النبي هذا الكتاب فنزل جبرئيل بكلمة الله من غير تغيير كما يكتب الملك كتابا ويسلّمه إلى أمين ويقول اقرأه على فلان فهو لا يغيّر منه كلمة ولا حرفا. قيل القرآن هو القسم الثاني والقسم الأول هو السّنّة. كما ورد أنّ جبرئيل كان ينزل بالسّنّة كما ينزل بالقرآن. ومن هاهنا جاز رواية السّنّة بالمعنى لأنّ جبرئيل أدّاه بالمعنى ولم تجز القراءة بالمعنى لأنّ جبرئيل أدّاه باللفظ. والسّرّ في ذلك أنّ المقصود منه التعبّد بلفظه والإعجاز به وأنّ تحت كلّ حرف منه معان لا يحاط بها كثرة فلا يقدر أحد أن يأتي بلفظ يقوم مقامه، والتخفيف على الأمة حيث جعل المنزّل إليهم على قسمين: قسم يروونه بلفظ الموحى به وقسم يروونه بالمعنى، ولو جعل كلّه مما يروى باللفظ لشقّ أو بالمعنى لم يؤمن من التبديل والتحريف. الثالثة للوحي كيفيات. الأولى أن يأتيه الملك في مثل صلصلة الجرس كما في الصحيح وفي مسند احمد (عن عبد الله بن عمر سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل تحسّ بالوحي؟ فقال أسمع صلاصل ثم اسكت عند ذلك. فما من مرّة يوحى إليّ إلّا ظننت أنّ نفسي تقبض). قال الخطابي المراد أنّه صوت متداول يسمعه ولا يتبينه أوّل ما يسمعه حتى يفهمه بعد. وقيل هو صوت خفق أجنحة الملك، والحكمة في تقدّمه أن يقرع سمعه الوحي فلا يبقي فيه مكانا لغيره. وفي الصحيح أنّ هذه الحالة أشدّ حالات الوحي عليه. وقيل إنّه إنّما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد. الثانية أن ينفث في روعه الكلام نفثا كما قال صلى الله عليه وآله وسلم (إنّ روح القدس نفث في روعي) أخرجه الحاكم، وهذا قد يرجع إلى الحالة الأولى أو التي بعدها بأن يأتيه في إحدى الكيفيتين وينفث في روعه. الثالثة أن يأتيه في صورة رجل فيكلّمه كما في الصحيح (وأحيانا يتمثّل لي الملك رجلا فيكلّمني فأعي ما يقول) زاد أبو عوانة في صحيحة وهو أهونه عليّ. الرابعة أن يأتيه في النوم وعدّ من هذا قوم سورة الكوثر. الخامسة أن يكلّمه الله تعالى إمّا في اليقظة كما في ليلة الإسراء أو في النوم كما في حديث معاذ (أتاني ربّي فقال فيم يختصم الملأ الأعلى) الحديث انتهى ما في الإتقان.
وقال الصوفية القرآن عبارة عن الذات التي يضمحلّ فيها جميع الصفات فهي المجلى المسمّى بالأحدية أنزلها الحقّ تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليكون مشهد الأحدية من الأكوان. ومعنى هذا الإنزال أنّ الحقيقة الأحدية المتعالية في ذراها ظهرت بكمالها في جسده، فنزلت عن أوجها مع استحالة العروج والنزول عليها، لكنه صلى الله عليه وآله وسلم لما تحقّق بجسده جميع الحقائق الإلهية وكان مجلى الاسم الواحد بجسده، كما أنّه بهويته مجلى الأحدية وبذاته عين الذات، فلذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أنزل عليّ القرآن جملة واحدة) يعبّر عن تحقّقه بجميع ذلك تحقّقا ذاتيا كليا جسميا، وهذا هو المشار إليه بالقرآن الكريم لأنه أعطاه الجملة، وهذا هو الكرم التّام لأنّه ما ادّخر عنه شيئا بل أفاض عليه الكلّ كرما إلهيا ذاتيا. وأمّا القرآن الحكيم فهو تنزّل الحقائق الإلهية بعروج العبد إلى التحقّق بها في الذات شيئا فشيئا على مقتضى الحكمة الإلهية التي يترتّب الذات عليها فلا سبيل إلى غير ذلك، لأنّه لا يجوز من حيث الإمكان أن يتحقّق أحد بجميع الحقائق الإلهية بجهده من أوّل إيجاده، لكن من كانت فطرته مجبولة على الألوهة فإنّه يترقّى فيها ويتحقّق منها بما ينكشف له من ذلك شيئا بعد شيء مرتبا ترتيبا إلهيا. وقد أشار الحقّ إلى ذلك بقوله:
وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا، وهذا الحكم لا ينقطع ولا ينقضي، بل لا يزال العبد في ترقّ، وهكذا لا يزال الحقّ في تجلّ، إذ لا سبيل إلى استيفاء ما لا يتناهى لأنّ الحقّ في نفسه لا يتناهى. فإن قلت ما فائدة قوله: أنزل عليّ القرآن جملة واحدة؟ قلنا ذلك من وجهين: الوجه الواحد من حيث الحكم لأنّ العبد الكامل إذا تجلّى الحقّ له بذاته حكم بما شهده أنّه جملة الذات التي لا تتناهى وقد تنزّلت فيه من غير مفارقة لمحلها الذي هو المكانة. والوجه الثاني من حيث استيفاء بقيات البشرية واضمحلال الرسوم الخلقية بكمالها لظهور الحقائق الإلهية بآثارها في كلّ عضو من أعضاء الجسد. فالجملة متعلّقة بقوله على هذا الوجه الثاني، ومعناها ذهاب جملة النقائص الخلقية بالتحقّق بالحقائق الإلهية.
وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنزل القرآن دفعة واحدة إلى سماء الدنيا) ثم أنزله الحقّ عليه آيات مقطّعة بعد ذلك، هذا معنى الحديث. فإنزال القرآن دفعة واحدة إلى سماء الدنيا إشارة إلى التحقّق الذاتي، ونزول الآيات مقطّعة إشارة إلى ظهور آثار الأسماء والصفات مع ترقّي العبد في التحقّق بالذات شيئا فشيئا. وقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، فالقرآن العظيم هاهنا عبارة عن الجملة الذاتية لا باعتبار النزول ولا باعتبار المكانة بل مطلق الأحدية الذاتية التي هي مطلق الهوية الجامعة لجميع المراتب والصفات والشئون والاعتبارات المعبّر عنها بساذج الذات مع جملة الكمالات.
ولذا قورن بلفظ العظيم لهذه العظمة، والسبع المثاني عبارة عمّا ظهر عليه في وجوده الجسدي من التحقّق بالسبع الصفات. وقوله تعالى الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ إشارة إلى أنّ العبد إذا تجلّى عليه الرحمن يجد في نفسه لذة رحمانية تكسبه تلك اللذة معرفة الذات فتتحقّق بحقائق الصفات، فما علّمه القرآن إلّا الرحمن وإلّا فلا سبيل إلى الوصول إلى الذات بدون تجلّي الرحمن الذي هو عبارة عن جملة الأسماء والصفات، إذ الحقّ تعالى لا يعلم إلّا من طريق أسمائه وصفاته فافهم، ولا يعقله إلّا العالمون، كذا في الانسان الكامل.
القرآن: عند أهل الفقه: اللفظ المنزل على محمد للإعجاز بسورة منه، المكتوب في المصاحف المنقول عنه نقلا متواترا.القرآن عند أهل الحق: العلم اللدني الإجمالي الجامع للحقائق كلها.
القرآن
هو العلم الخاص بهذا الكتاب الذى نزل على محمد، لم يشركه غيره من كتب الله في هذا الاسم، وقد اختار الكتاب العزيز له من الصفات ما يوضّح رسالته، والهدف الذى نزل من أجله، فهو هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (البقرة 97). هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ (البقرة 185). هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (آل عمران 138).
هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ (فصلت 44). يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (الأحقاف 30). أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (الكهف 1، 2). فرسالة القرآن الأساسية هداية الناس إلى الحق وطريق الصواب، وتبشير المهتدى وإنذار الضال، إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (الإسراء 9، 10).
وإذا كان الكتاب قد أنزل للهداية صحّ وصفه بأنه شفاء، أليس هو بلسما يبرئ أدواء القلوب، ودواء لعلل النفوس، وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (الإسراء 82). وصح وصفه بأنه كالمصباح، يخرج الناس من الظلمات إلى النور، كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (إبراهيم 1). وبأنه لم يدع سبيلا للإرشاد إلا بيّنه، وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (النمل 89). ولما كان كتاب هداية كان واضحا في دلالته، بيّنا في إرشاده، هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ (العنكبوت 49). وكان خير ذكرى، يلجأ إليه المسترشد فيرشد، والضال فيجد عنده التوفيق والهداية، إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (الأنعام 90). وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ (الزخرف 44). وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا (الإسراء 41). وهو ذكر مبارك، ناضج الثمر، جليل الأثر، وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ (الأنعام 92). وهو حق لا مرية فيه لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (فصلت 42). وهو قول فصل وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (الطارق 14). وكتاب حكيم، وذكر مبين، قد أحكمت آياته، ثم فصلت.
أليس كتاب هذا شأنه وتلك صفاته جديرا بالاتّباع، خليقا بالاسترشاد والاقتداء، أو ليس في تلك الصفات ما يحرك النفس إلى الاستماع إليه، وتدبر آياته، والإنصات إلى عظاته، ولا سيما أنه كثيرا ما يقترن بذكر الحكمة، وفي الحكمة ما يغرى بحبها واتباعها، إذ يقول: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (البقرة 151).
وردد القرآن كثيرا أنه نزل من الله بالحق، وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (الإسراء 105). ويؤكد ذلك في قوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (الإنسان 23). وينفى أن يكون وحى شيطان، أو أن يستطيع الشياطين الإيحاء بمثله، وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (الشعراء 192 - 194).
وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (الشعراء 210، 211). ويؤكد في صراحة أن الإنس والجن مجتمعين لا يستطيعون الإتيان بمثل القرآن، ولو ظاهر بعضهم بعضا، وإذا كان المجيء به مما ليس في طوق مخلوق فمن غير المعقول أن يفترى من دون الله، وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (يونس 37). ولما ادعى المعارضون أن محمدا تقوّله أو افتراه تحداهم القرآن أن يأتوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (الطور 34). ثم تحداهم أن ائتوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (هود 13). ثم نزل إلى سورة مثله، فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (القصص 50). ويتحدث القرآن في صراحة عما كان يمكن أن ينتظر محمدا من الجزاء الصارم لو أنه افترى أو تقوّل، فقال: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (الحاقة 44 - 47). أرأيت كيف يصوّر القرآن، كيف يلتزم محمد ما أوحى إليه، من غير أن يستطيع تعدى الحدود التى رسمت له، فى جلاء ووضوح، لأنه ليس سوى رسول عليه بلاغ ما عهد إليه أن يبلغه فى أمانة وصدق.
كما ردد كثيرا أنه بلسان عربىّ مبين، إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (يوسف 2).
وفي ترديد هذه الفكرة ودفع العجمة عن القرآن، ما يدفع العرب إلى التفكير في أمره وأن كونه بلسانهم ثمّ عجزهم عن المجيء بمثله، مع تحديهم صباح مساء، دليل على أنه ليس من عند محمد، ولا قدرة لمحمد على الإتيان بقرآن مثله، وهو بهذا الوصف يقرر عجزهم الدائم، وأنه لا وجه لهم في الانحراف عن جادة الطريق، وما يدعو إليه العقل السليم، والتفكير المستقيم.
وقرّر أنه كتاب متشابه مثان، ومعنى تشابهه أن بعضه يشبه بعضا في قوة نسجه، وعمق تأثيره، وإحكام بلاغته، فكل جزء مؤثر بألفاظه وأفكاره وأخيلته وتصويره، ومعنى أنه مثان أن ما فيه من معان يثنى في مواضع مختلفة، ومناسبات عديدة، فيكون لهذا التكرير أثره في الهداية والإرشاد، وهو بهذا التكرير يؤدى رسالته التى جاء من أجلها، ولذا كان بتشابهه وتكرير ما جاء به من عظات، مؤثرا أكبر الأثر في القلوب، حتى لتقشعرّ منه جلود أولئك الذين يتدبرونه، وتنفعل له قلوبهم، ثم لا يلبثون أن تطمئن أفئدتهم إلى هداه، وتهدأ نفوسهم إلى ذكر الله، اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (الزمر 23). ويعرف القرآن ما له من تأثير قوى بالغ حتى لتتأثر به صم الحجارة إذا أدركت معناه، لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (الحشر 21).
ومع طول القرآن وتعدد مناحيه لا عوج فيه، ولا اضطراب في أفكاره ولا أخيلته، أو لا ترى أن أمّيا لا يستطيع تأليف كتاب على هذا القدر من الطول من غير أن يقع فيه الخلل والاختلاف والاضطراب، أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (النساء 82).
ومما أكده القرآن أنه مصدّق لما نزل قبله من التوراة والإنجيل، وإلى جانب ذلك، سجل القرآن ما قابله به أهل الكتاب والمشركون، من كفر به وإنكار له، أما بعض أهل الكتاب فقد مضوا يكابرون، منكرين أن يكون الله قد أنزل كتابا على إنسان، وما كان أسهل دحض هذه الفرية بما بين أيديهم من كتاب موسى، يبدون بعضه ويخفون الكثير منه، قال سبحانه: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (الأنعام 91). ولم يزد الكثير من أهل الكتاب نزول القرآن إلا تماديا فى الكفر وشدة في الطغيان، قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ
وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ
(المائدة 68). وقالوا إن محمّدا يتعلم القرآن من إنسان عليم بأخبار الماضين، وكان من السهل أيضا إبطال تلك الدعوى، فإن هذا الذى زعموه يعلمه ذو لسان أعجمى، وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (النحل 103). ثم زعموا أنه إفك اختلقه، وأعانه على إتمامه سواه ممن يعرفون أساطير الأولين ويتقنونها، وهنا يرد القرآن في هدوء بأن هذه الأسرار التى في القرآن، والتى ما كان يعلمها محمد ولا قومه، إنما أنزلها الذى يعلم أسرار السموات والأرض، وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (الفرقان 4 - 6). ونزلوا في المكابرة إلى أعمق درك، فزعموا مرة أن ليس ما في القرآن من أخبار سوى أضغاث أحلام، وحينا زعموا أنه قول شاعر، وأن القرآن لا يصلح أن يكون آية قاطعة كآيات الرسل السابقين، بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (الأنبياء 5). ولم يتحمل القرآن الرد على دعوى أضغاث الأحلام لتفاهتها، ووضوح بطلانها، ولكنه نفى أن يكون القرآن شعرا بوضوح الفرق بين القرآن والشعر، الذى لا يليق أن يصدر من محمد، وجعلوا القرآن سحرا من محمد، لا صلة لله به، وهنا يبين القرآن مدى مكابرتهم، فيقول: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (الأنعام 7).
ومضى بعض الناس يذيع الأحاديث الباطلة ليضل عن سبيل الله، ويصم أذنيه عن سماع القرآن مستكبرا مستهزئا به، والقرآن يغضب لموقف هؤلاء شديد الغضب، وينذرهم كما استهزءوا، بعذاب يهينهم ويؤلمهم، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (لقمان 6، 7).
ومن عجب أن كثيرا من الكافرين كان لا يرضى عما في القرآن من أفكار التوحيد والعبادة، فكان يطلب من الرسول أن يأتى بقرآن غير هذا القرآن، فكان رد الرسول صريحا في أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا من تلقاء نفسه، وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (يونس 15).
ومما اعترضوا به على القرآن أنه نزل منجّما، واقترحوا أن ينزل دفعة واحدة، ولكن القرآن ردّ على هذا الاقتراح، بأن نزوله على تلك الطريقة، فيه تثبيت لفؤاد الرسول، ليكون دائم الاتصال بربه، أو ليس في نزوله كذلك تثبيت لأفئدة المؤمنين أيضا إذ ينقلهم القرآن بتعاليمه مرحلة مرحلة إلى الدين الجديد، ويروى القرآن هذا الاعتراض، ويرد عليه في قوله سبحانه: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (الفرقان 32، 33).
ولقد تعبوا في صدّ تيار القرآن الجارف، ووقف أثره في النفوس فما استطاعوا ثم هداهم خيالهم الضّيق إلى طريقة يحولون بها بين القرآن وسامعيه تلك هى الصّخب عند سماع القرآن واللغو فيه، ولما كان في ذلك استقبال لا يليق بالقرآن قابله الله بتهديد عنيف، وإيعاد شديد، إذ يقول: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (فصلت 26 - 28). وذلك أقوى دليل على الإخفاق، وأنه لا حجة عندهم يستطيعون أن يهدموا بها حجة القرآن.
وحرّك القرآن فيهم غريزة الخوف إن كذبوا به، فسألهم ماذا تكون النتيجة إذا ثبت حقّا أنه من عند الله، وظلوا كافرين به، أيكون ثمّ من هو أضل منهم أو أظلم، يثير تلك الغريزة في قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (فصلت 52). ويقف منهم موقف من بين الخير والشر، ثم تركهم لأنفسهم يفكرون، ألا يثير فيهم ذلك كثيرا من الخوف من أن ينالهم سوء إعراضهم بأوخم العواقب، إذ يقول: إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (الزمر 41). أما سورة الفرقان فيراد به هنا القرآن، كما أنه في مواضع أخرى يطلق على كتب الله، لأنها تفرق بين الحق والباطل، والصواب والخطأ.
ولعل بدء هذه السورة بقوله سبحانه: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (الفرقان 1). فيه دلالة على أنها تحوى إنذارا ووعيدا وتهديدا، وحقا لقد اتسمت هذه السورة بالرد المنذر على كثير من دعاوى المنكرين لأحقية القرآن ورسالة محمد ووحدانية الله، وقد بدأها بالحديث عن منزل القرآن، وتفرده بالملك وتعجبه من أن اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (الفرقان 3). وبدأ بعد ذلك يعدد مفترياتهم على القرآن وتشكيكهم في رسالة محمد، ثم يتعمّق في السبب الذى دفعهم إلى إنكار القرآن ونبوة محمد، فيراه التكذيب باليوم الآخر، وكأنما غضبت جهنم لهذا التكذيب، حتى إنها إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (الفرقان 12).
ويمضى في تصوير ما ينتظرهم في ذلك اليوم من مصير مؤلم موازنا بين ذلك، وبين جنة الخلد التى وعد المتقون، ثم يعود إلى أكاذيبهم، فيردّ على بعضها، ويبسط
بعضها الآخر، واضعا إلى جانب هذه الأكاذيب ما ينتظرها من عقوبة يوم الدين، وهنا يلجأ إلى التصوير المؤثر، يرسم به موقفهم في ذلك اليوم، علّه يردهم بذلك إلى الصواب، إذا ذكروا سوء المغبة؛ وتأمل قوة تصوير من ظلم نفسه بهجر القرآن وتكذيبه، فى قوله: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (الفرقان 27 - 30). ويعود مرة إلى شبهة من شبهاتهم في القرآن فيدحضها وينذرهم بشر مكان في جهنم، ويعدد لهم عواقب من كذب الرسل من قبلهم. ثم يأتى إلى إثم آخر من آثامهم باستهزائهم بالرسول الذى كاد يصرفهم عن آلهتهم، لولا أن صبروا عليها، وهنا يناقشهم في اتخاذ هذه الآلهة التى لا يصلح اتخاذها إلها إذا وزنت بالله الذى يعدد من صفاته ما يبين بوضوح وجلاء أنهم يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ (الفرقان 55). ويطيل القرآن في تعداد صفات الله وبيان مظاهر قدرته. وإذا كانت السورة قد مضت تنذر المنكرين وتعدّد آثامهم، فإنها قد أخذت تذكر كذلك صفات المؤمنين الصادقين، ليكونوا إلى جانبهم مثالا واضحا للفرق بين الصالح والطّالح، ولتكون الموازنة بينهما مدعاة إلى تثبيت النموذجين في النفس، وختمت السورة بالإنذار بأن العذاب نازل بهم لا محالة، ما داموا قد كذبوا، فكانت السورة كلّها من المبدأ إلى المنتهى تتجه إلى الوعيد، ما دامت تناقش المنكرين في مفتريات تتعلق بالقرآن ومن نزل عليه القرآن، وقد رأينا كيف كان يقرن كل افتراء بما أعدّ له من العذاب.

القرض

القرض: الجزء من الشيء والقطع منه، كأنه يقطع له من ماله قطعة ليقطع له من أثوابه إقطاعا مضاعفة، ذكره الحرالي. وقال الراغب: من القطع، ومنه سمي به ما يُدفع للإنسان بشرط رد بدله قرضا. وفي 
القرض:
[في الانكليزية] Loan ،advance
[ في الفرنسية] Emprunt ،pret
بالفتح أو الكسر وسكون الراء المهملة شرعا مال يعطيه من مثليّ فيسترد بعينه، والدين عند المحقّقين فعل هو تمليك أو تسليم كما في كفالة الكرماني وغيره من المتداولات. وفي القاموس الدين ماله أجل والقرض ما لا أجل له كما في جامع الرموز في فصل لا يجوز بيع مشترى قبل قبضه. وفي البرجندي في هذا المقام القرض مال يعطيه من أمواله فيعطيه لغيره ويستردّ مثله متى شاء، شرط صحته أن يكون مثليا، والدين أعمّ منه إذ هو شامل لما وجب دينا في ذمته لعقد أو استهلاك، وما صار في ذمته دينا باستقراض فإذا أجّل ثمن مبيع حال أو غيره من الديون جاز لأنّه حقّه فله أن يأخذه سواء كان الأجل معلوما أو مجهولا جهالة يسيرة كالحصاد، وإن كانت الجهالة متفاحشة كهبوب الريح لا يجوز. وأمّا القرض فلا يجوز تأجيله بمعنى أنّه لو أجّله عند الإقراض مدّة معلومة أو بعد الإقراض لا يثبت الأجل وله أن يطالبه في الحال لأنّه عارية، والمعير وإن وقّت مدة فله أن يستردّها من ساعته انتهى. 

الكلام

الكلام: إظهار ما في الباطن على الظاهر لمن يشهد ذلك بنحو من إنحاء الإظهار. والكلام علم يبحث فيه عن ذات الله وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام.وفي اصطلاح النحاة: المعنى المركب الذي فيه الإسناد التام وعبر عنه بأنه ما تضمن من الكلم إسنادا مفيدا مقصودا لذاته.وقالت المعتزلة: هو حقيقة في اللسان.وقال الأشعري: مرة في النفساني، واختاره السبكي، ومرة مشترك، ونقله الإمام الرازي عن المحققين.
الكلام:
[في الانكليزية] Talk ،speech ،speaking
[ في الفرنسية] Parole ،propos ،dire ،langage discours
بالفتح في الأصل شامل لحرف من حروف المباني والمعاني ولأكثر منها. ولذا قيل الكلام ما يتكلّم به قليلا كان أو كثيرا، واشتهر في عرف أهل اللغة في المركّب من الحرفين فصاعدا، وهو المراد في الجلالي أنّ أدنى ما يقع اسم الكلام عليه المركّب من حرفين، وفيه إشعار بما هو المشهور أنّ الحرف هو الصوت المكيّف، لكن في المحيط أنّ الصوت والحرف كلّ منهما شرط الكلام، إذ لا يحصل الإفهام إلّا بهما كما قال الجمهور. وذهب الكرخي ومن تابعه مثل شيخ الإسلام إلى أنّ الصوت ليس بشرط في حصول الكلام. فلو صحح المصلي الحروف بلا إسماع لم يفسد الصلاة إلّا عند الكرخي وتابعيه هكذا في جامع الرموز في بيان مفسدات الصلاة. وقال الأصوليون الكلام ما انتظم من الحروف المسموعة المتواضع عليها الصادرة عن مختار واحد، والحروف فصل عن الحرف الواحد فإنّه لا يسمّى كلاما، والمسموعة فصل المكتوبة والمعقولة، والمتواضع عليها من المهمل والصادرة الخ. عن الصادر من أكثر من واحد كما لو صدر بعض الحروف عن واحد والبعض من آخر، ويخرج الكلام الذي على حرف واحد مثل ق ور، اللهم إلّا أن يراد أعم من الملفوظة والمقدّرة، هكذا في بعض كتب الأصول. وفي العضدي أنّ أبا الحسين عرّف الكلام بأنّه المنتظم من الحروف المتميّزة المتواضع عليها. قال المحقق التفتازاني والمتميّزة احتراز عن أصوات الطيور، ولمّا لم تكن المكتوبة حروفا حقيقة ترك قيد المسموعة، وفوائد باقي القيود بمثل ما مرّ ومرجع هذا التفسير إلى الأول، لكن في إخراج أصوات الطيور بقيد المتميّزة نظرا إذ أصوات الطيور غير داخلة في الحرف لأنّ التمييز معتبر في ماهية الحروف على ما مرّ في محله.

التقسيم:
مراتب تأليف الكلام خمس. الأول ضمّ الحروف بعضها إلى بعض فتحصل الكلمات الثلاث الاسم والفعل والحرف. الثاني تأليف هذه الكلمات بعضها إلى بعض فتحصل الجمل المفيدة، وهذا هو النوع الذي يتداوله الناس جميعا في مخاطباتهم وقضاء حوائجهم، ويقال له المنثور من الكلام. الثالث ضمّ بعض ذلك إلى بعض ضما له مباد ومقاطع ومداخل ومخارج، ويقال له المنظوم. الرابع أن يعتبر في أواخر الكلم مع ذلك تسجيع ويقال له المسجّع.
الخامس أن يجعل له مع ذلك وزن ويقال له الشعر والمنظوم إمّا مجاورة ويقال له الخطابة وإمّا مكاتبة ويقال له الرسالة. فأنواع الكلام لا تخرج عن هذه الأقسام كذا في الاتقان في بيان وجوه إعجاز القرآن. وقال النحاة الكلام لفظ تضمّن كلمتين بالإسناد ويسمّى جملة ومركّبا تاما أيضا أي يكون كلّ واحدة من الكلمتين حقيقة كانتا أو حكما في ضمن ذلك اللفظ، فالمتضمّن اسم فاعل هو المجموع والمتضمّن اسم مفعول كلّ واحدة من الكلمتين فلا يلزم اتحادهما، فاللفظ يتناول المهملات والمفردات والمركّبات، وبقيد تضمّن كلمتين خرجت المهملات والمفردات، وبقيد الإسناد خرجت المركّبات الغير الإسنادية من المركّبات التي من شأنها أن لا يصحّ السكوت عليها، نحو: عارف زيد على الإضافة وزيد العارف على الوصفية وزيد نفسه على التوكيد فإنّها لا تسمّى كلاما ولا جملة، وهذا عند من يفسّر الإسناد بضمّ إحدى الكلمتين إلى الأخرى بحيث يفيد السامع. وأمّا عند من يفسّره بضمّ أحدهما إلى الأخرى مطلقا فيقال المراد بالإسناد عنده هاهنا الإسناد الأصلي، وحيث كانت الكلمتان أعمّ من أن تكونا كلمتين حقيقة أو حكما دخل في التعريف مثل زيد أبوه قائم أو قام أبوه أو قائم أبوه فإنّ الأخبار فيها وإن كانت مركّبات لكنها في حكم المفردات، أعني قائم الأب ودخل فيه أيضا جسق مهمل وديز مقلوب زيد مع أنّ المسند إليه فيهما مهمل ليس بكلمة فإنّه في حكم هذا اللفظ. ثم إنّ هذا التعريف ظاهر في أنّ ضربت زيدا قائما بمجموعة كلام بخلاف كلام صاحب المفصّل حيث قال: الكلام هو المركّب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى فإنّه صريح في أنّ الكلام هو ضربت، والمتعلّقات خارجة عنه، ثم اعلم أنّ صاحب المفصّل وصاحب اللباب ذهبا إلى ترادف الكلام والجملة، وظاهر هذين التعريفين يدلّ على ذلك، لكن الاصطلاح المشهور على أنّ الجملة أعمّ من الكلام مطلقا لأنّ الكلام ما تضمّن الإسناد الأصلي وكان إسناده مقصودا لذاته، والجملة ما تضمّن الإسناد الأصلي سواء كان إسناده مقصودا لذاته أولا، فالمصدر والصفات المسندة إلى فاعلها ليست كلاما ولا جملة لأنّ إسنادها ليست أصلية، والجملة الواقعة خبرا أو وصفا أو حالا أو شرطا أو صلة ونحو ذلك مما لا يصحّ السكوت عليها جملة وليست بكلام لأنّ إسنادها ليس مقصودا لذاته. هذا كله خلاصة ما في شروح الكافية والمطوّل في تعريف الوصل والوافي وغيرها.

التقسيم:
اعلم أنّ الحذّاق من النحاة وغيرهم وأهل البيان قاطبة على انحصار الكلام في الخبر والإنشاء وأنّه ليس له قسم ثالث. وادّعى قوم أنّ أقسام الكلام عشرة: نداء ومسئلة وأمر وتشفّع وتعجّب وقسم وشرط ووضع وشك واستفهام. وقيل تسعة بإسقاط الاستفهام لدخوله في المسألة. وقيل ثمانية بإسقاط التشفّع لدخوله فيها. وقيل سبعة بإسقاط الشكّ لأنّه من قسم الخبر. وقال الأخفش هي ستة: خبر واستخبار وأمر ونهي ونداء وتمنّ. وقال قوم أربعة خبر واستخبار وطلب ونداء. وقال كثيرون ثلاثة خبر وطلب وإنشاء، قالوا لأنّ الكلام إمّا أن يحتمل التصديق والتكذيب أو لا. الأول الخبر والثاني إن اقترن معناه بلفظه فهو الإنشاء وإن لم يقترن بلفظه بل تأخّر عنه فهو الطلب. والمحقّقون على دخول الطلب في الإنشاء وإنّ معنى اضرب وهو طلب الضرب مقترن بلفظه، وأمّا الضرب الذي يوجد بعد ذلك فهو متعلّق الطلب لا نفسه.

وقال بعض من جعل الأقسام ثلاثة: الكلام إن أفاد بالوضع طلبا فلا يخلو إمّا أن يطلب ذكر الماهية أو تحصيلها أو الكفّ عنها. الأول الاستفهام والثاني الأمر والثالث النهي. وإن لم يفد طلبا بالوضع فإن لم يحتمل الصدق والكذب يسمّى تنبيها وإنشاء لأنّك نبّهت به على مقصودك وأنشأته أي ابتكرته من غير أن يكون موجودا في الخارج، سواء أفاد طلبا باللازم كالتمنّي والترجّي والنداء والقسم أولا، كأنت طالق، وإن احتملهما من حيث هو فهو الخبر كذا في الاتقان. وسيأتي ما يتعلّق بهذا في لفظ المركّب، وسمّى ابن الحاجب في مختصر الأصول غير الخبر بالتنبيه وأدخل فيه الأمر والنّهي والتمنّي والترجّي والقسم والنّداء والاستفهام. قال المحقّق التفتازاني هذه التسمية غير متعارف.
فائدة:
الكلام في العرف اللغوي لا يشتمل الحرف الواحد وفي العرف الأصولي لا يشتمل المهمل وفي العرف النحوي لا يشتمل الكلمة والمركّبات الغير التامة كما لا يخفى، فكل معنى أخصّ مطلقا مما هو قبله، والمعنى الأول أعمّ مطلقا من الجميع. اعلم أنّه لا اختلاف بين أرباب الملل والمذاهب في كون البارئ تعالى متكلّما إنّما الاختلاف في معنى كلامه وفي قدمه وحدوثه، وذلك لأنّ هاهنا قياسين متعارضين أحدهما أنّ كلام الله تعالى صفة له، وكلما هو كذلك فهو قديم فكلام الله تعالى قديم. وثانيهما أنّ كلامه تعالى مؤلّف من أجزاء مترتّبة متعاقبة في الوجود، وكلما هو كذلك فهو حادث، فكلامه تعالى حادث، فافترق المسلمون إلى فرق أربع. ففرقتان منهم ذهبوا إلى صحّة القياس الأول وقدحت واحدة منهما في صغرى القياس الثاني وقدحت الأخرى في كبراه.
وفرقتان أخريان ذهبوا إلى صحّة الثاني وقدحوا في إحدى مقدمتي الأول. فالحنابلة صحّحوا القياس الأول ومنعوا كبرى الثاني وقالوا كلامه حرف وصوت يقومان بذاته وإنّه قديم، وقد بالغوا فيه حتى قال بعضهم بالجهل الجلد والغلاف قديمان. والكرّامية صحّحوا القياس الثاني وقدحوا في كبرى الأول وقالوا كلامه حروف وأصوات وسلّموا أنها حادثة لكنهم زعموا أنّها قائمة بذاته تعالى لتجويزهم قيام الحوادث بذاته تعالى. والمعتزلة صحّحوا الثاني وقدحوا في كبرى الأول وقالوا كلامه حروف وأصوات لكنها ليست قائمة بذاته تعالى بل يخلقها الله تعالى في غيره كاللوح المحفوظ أو جبرئيل أو النبي وهو حادث. والأشاعرة صحّحوا القياس الأول ومنعوا صغرى الثاني وقالوا كلامه ليس من جنس الأصوات والحروف بل هو معنى قائم بذاته تعالى قديم مسمّى بالكلام النفسي الذي هو مدلول الكلام اللفظي الذي هو حادث وغير قائم بذاته تعالى قطعا، وذلك لأنّ كلّ من يأمر وينهي ويخبر يجد من نفسه معنى ثم يدلّ عليه بالعبارة أو الكتابة أو الإشارة وهو غير العلم إذ قد يخبر الإنسان عمّا لا يعلم بل يعلم خلافه، وغير الإرادة لأنّه قد يأمر بما لا يريده كمن أمر عبده قصدا إلى إظهار عصيانه وعدم امتثاله لأوامره ويسمّى هذا كلاما نفسيا على ما أشار إليه الأخطل بقوله:
إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما جعل اللسان على الفؤاد دليلا.

وقال عمر رضي الله عنه: إنّي زورت في نفسي مقالة. وكثيرا ما تقول لصاحبك إنّ في نفسي كلاما أريد أن أذكره لك. فلما امتنع اتصافه تعالى باللفظي لحدوثه تعيّن اتصافه بالنفسي إذ لا. اختلاف في كونه متكلّما.
وبالجملة فما يقوله المعتزلة وهو خلق الأصوات والحروف وحدوثها فالأشاعرة معترفون به ويسمّونه كلاما لفظيا. وما يقوله الأشاعرة من كلام النفس فهم ينكرون ثبوته ولو سلّموه لم ينفوا قدمه فصار محلّ النزاع بينهم وبين الأشاعرة نفي المعنى النفسي وإثباته. فأدلتهم الدالة على حدوث الألفاظ إنّما تفيدهم بالنسبة إلى الحنابلة، وأمّا بالنسبة إلى الأشاعرة فيكون نصبا للدليل في غير محلّ النزاع، كذا في شرح المواقف وتمام التحقيق قد سبق في لفظ القرآن.
وقال الصوفية الكلام تجلّي علم الله سبحانه باعتبار إظهاره إيّاه، سواء كانت كلماته نفس الأعيان الموجودة أو كانت المعاني التي يفهمها عباده إمّا بطريق الوحي أو المكالمة أو أمثال ذلك لأنّ الكلام لله تعالى في الجملة صفة واحدة نفسية، لكن لها جهتين: الجهة الأولى على نوعين. النوع الأول أن يكون الكلام صادرا عن مقام العزّة بأمر الألوهية فوق عرش الربوبية وذلك أمره العالي الذي لا سبيل إلى مخالفته، لكن طاعة الكون له من حيث يجهله ولا يدريه، وإنّما الحقّ سبحانه يسمع كلامه في ذلك المجلى عن الكون الذي يريد تقدير وجوده، ثم يجري ذلك الكون على ما أمره به عناية منه ورحمة سابقة ليصحّ للوجود بذلك اسم الطاعة فتكون سعيدا. وإلى هذا أشار بقوله في مخاطبته للسماء والأرض ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ. فحكم للأكوان بالطاعة تفضّلا منه، ولذلك سبقت رحمته غضبه.
والمطيع مرحوم فلو حكم عليها بأنّها أتت مكرهة لكان ذلك الحكم عدلا إذ القدرة تجبر الكون على الوجود إذ لا اختيار للمخلوق ولكان الغضب حينئذ أسبق إليه من الرحمة لكنه تفضّل فحكم لها بالطاعة، فما ثمّ عاص له من حيث الجملة في الحقيقة، وكلّ الموجودات مطيعة له تعالى ولهذا آل حكم النّار إلى أن يضع الجبّار فيها قدمه فيقول قط قط فتزول وينبت في محلّها شجر الجرجير كما ورد في الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأمّا النوع الثاني منها فهي الصادرة من مقام الربوبية بلغة الأنس بينه وبين خلقه كالكتب المنزّلة على أنبيائه والمكالمات لهم ولمن دونهم من الأولياء، ولذلك وقعت الطاعة والمعصية في الأوامر المنزّلة في الكتب من المخلوق لأنّ الكلام صدر بلغة الأنس، فهم في الطاعة كالمخيرين أعني جعل نسبة اختيار الفعل إليهم ليصحّ الجزاء في المعصية بالعذاب عدلا، ويكون الثواب في الطاعة فضلا لأنّه جعل نسبة الاختيار إليهم بفضله ولم يكن ذلك إلّا بجعله لهم، وما جعل ذلك إلّا لكي يصحّ لهم الثواب، فثوابه فضل وعقابه عدل. وأمّا الجهة الثانية فاعلم أنّ كلام الحقّ نفس أعيان الممكنات، وكلّ ممكن كلمة من كلماته، ولذا لا نفود للممكن. قال تعالى قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ الآية، فالممكنات هي كلمات الحقّ سبحانه وذلك لأنّ الكلام من حيث الجملة صورة لمعنى في علم المتكلّم، أراد المتكلّم بإبراز تلك الصورة فهم السامع ذلك المعنى، فالموجودات كلمات الله تعالى وهي الصورة العينية المحسوسة والمعقولة الوجودية، وكلّ ذلك صور المعاني الموجودة في علمه وهي الأعيان الثابتة. وإن شئت قلت حقائق الأشياء.
وإن شئت قلت ترتيب الألوهية. وإن شئت قلت بساطة الوحدة. وإن شئت قلت تفصيل الغيب.

موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم ج 2 1374 فائدة: ..... ص: 1372

إن شئت قلت ترتيب الألوهية. وإن شئت قلت بساطة الوحدة. وإن شئت قلت تفصيل الغيب.
وإن شئت قلت صور الجمال. وإن شئت قلت آثار الأسماء والصفات. وإن شئت قلت معلومات الحقّ. وإن شئت قلت الحروف العاليات، فكما أنّ المتكلّم لا بدّ له في الكلام من حركة إرادية للتكلّم ونفس خارج بالحروف من الصّدر الذي هو غيب إلى ظاهر الشفة، كذلك الحقّ سبحانه في إبرازه لخلقه من عالم الغيب إلى عالم الشهادة يريد أولا ثم تبرزه القدرة، فالإرادة مقابلة للحركة الإرادية التي في نفس المتكلّم، والقدرة مقابلة للنفس الخارج بالحروف من الصّدر إلى الشفة لأنّها تبرز من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، وتكوين المخلوق مقابل لتركيب الكلمة على هيئة مخصوصة في نفس المتكلّم، كذا في الإنسان الكامل.

المعرب

المعرب
واستخدم القرآن ألفاظا تكلمت بها العرب، وأدخلتها في لغتها، وإن كانت في أصلها ليست من اللغة العربية، وقد صقلتها العرب بألسنتها، وشذبتها، وربما تكون قد غيرت بعض حروفها، أو أسقطت بعضها، وإذا أدخلت العرب هذه الألفاظ، استغنت بها غالبا عن أن تضع ألفاظا في معناها.
ومن هذه الكلمات المعربة التى استخدمها القرآن، وهى في جملتها طائفة قليلة، كلمة (إبريق) فى قوله تعالى: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (الواقعة 17 - 18). وكلمات إِسْتَبْرَقٍ، وزَنْجَبِيلًا، وسُنْدُسٍ، و (سلسبيل) ، فى قوله سبحانه: وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (الإنسان 17 - 21).
و (كافور) ، فى قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (الإنسان 5). والْفِرْدَوْسِ فى قوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (الكهف 107). والتَّنُّورُ فى الآية: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (هود 40)، وبِدِينارٍ ، فى قوله تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً (آل عمران 75).
ودَراهِمَ، فى قوله: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (يوسف 20). وسِجِّيلٍ فى الآية الكريمة: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (الفيل 3، 4). و (سرادق) ، فى قوله سبحانه: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها (الكهف 29). و (القسطاس) فى قوله تعالى: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (الإسراء 35). وَالْمَجُوسَ ، فى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ (الحج 17). وغير ذلك وقد أحصى كتاب الإتقان هذه الكلمات المعربة، ولكنه عد فيها ما ليس منها، متبعا في ذلك بعض الآراء، مثل كلمة سيد، وابلعى، وأواب، وتحت، وغير ذلك، وربما اتفقت العربية وغيرها من اللغات السامية، فى بعض الكلمات؛ لأنها جميعها من أصل واحد وحينئذ لا يقال إن اللغة العربية قد أخذتها عن غيرها من اللغات السامية.
وليس استخدام هذه الألفاظ المعربة بمخرج القرآن عن أن يكون بلسان عربى مبين، فقد ارتضى العرب هذه الألفاظ، واستخدموها في لغتهم، وارتضوها بين كلماتهم، وقد نزل القرآن بما ألف العرب استعماله، ليدركوا معناه، فليس غريبا أن يتخذ من تلك الأدوات المعربة، أدوات له يؤدى بها أغراضه، ومعانيه.
ووجه البلاغة في إيثارها، أنها تؤدى معانيها الدقيقة في عبارة موجزة، فإن العرب لم تضع لفظا تدل به على معنى ما عربته، فلم تعد ثمة وسيلة للتعبير عنه، سوى اختيار اللفظ المعرب، أو الإتيان بأكثر من كلمة لأداء معناه، فإذا أريد مثلا الاستغناء عن كلمة استبرق، احتيج إلى كلمتين أو أكثر، فقيل الديباج الثخين، وما دامت الكلمة المعربة خفيفة على اللسان، فهى أولى من الكلمتين، وهى متعينة حين لم يضع العرب بدلا منها.
المعرب: لفظ غير علم استعمله العرب في معنى وضع له في غير لغتهم.
المعرب: ما في آخره إحدى الحركات الثلاث أو إحدى الحروف لفظا أو تقديرا بواسطة العامل صورة أو معنى.
المعرب: اسْم مفعول من الْإِعْرَاب أَو ظرف مِنْهُ وَعند النُّحَاة هُوَ الِاسْم الَّذِي لم يُنَاسب مَبْنِيّ الأَصْل مُنَاسبَة مُعْتَبرَة فِي منع الْإِعْرَاب فبعضهم اعتبروا مَعَ صَلَاحِية الْإِعْرَاب حُصُول اسْتِحْقَاقه بِالْفِعْلِ فَلِذَا عرفوه بِأَنَّهُ الِاسْم الْمركب مَعَ غَيره تركيبا يتَحَقَّق مَعَه عَامله الَّذِي لم يُنَاسب مبْنى الأَصْل بِتِلْكَ الْمُنَاسبَة وَبَعْضهمْ اكتفوا بِتِلْكَ الصلاحية فَلم يعتبروا التَّرْكِيب الْمَذْكُور فَجعلُوا الْأَسْمَاء الْعَارِية عَن المشابهة الْمَذْكُورَة معربة نَحْو زيد - عَمْرو - بكر وَإِطْلَاق المعرب على الْمُضَارع بِمَعْنى أَنه أعرب أَي أجْرى الْإِعْرَاب على آخِره وَإِنَّمَا سمي الِاسْم الْمَذْكُور معربا لِأَنَّهُ من الْإِعْرَاب بِمَعْنى الْإِظْهَار أَو إِزَالَة الْفساد كَمَا عرفت فِي الْإِعْرَاب وَالِاسْم الْمَذْكُور مَحل إِظْهَار الْمعَانِي وَمَكَان إِزَالَة فَسَاد التباس بعض الْمعَانِي بِبَعْضِهَا فالمعرب على هَذَا اسْم مَكَان.
المعرب:
[في الانكليزية] Declinable noun
[ في الفرنسية] Nom declinable
على صيغة اسم المفعول من الإعراب عند النحاة هو ما اختلف آخره باختلاف العوامل لفظا أو تقديرا، والمراد بما اللفظ وهو كالجنس شامل للمعرب والمبني. وقولهم باختلاف العوامل يخرج المبني، إذ المبني ما لا يختلف آخره باختلاف العوامل لا لفظا ولا تقديرا فيكون حركة آخره أو سكونه لا بسبب عامل أوجب ذلك بل هو مبني عليه.
فالاختلاف اللفظي كما في زيد والتقديري كما في عصا. واعترض عليه بأنّ معرفة الاختلاف متوقّف على العلم بكونه معربا فلما أخذ الاختلاف في حدّ المعرب توقّف معرفة كونه معربا على معرفة الاختلاف، وذلك دور.
وأجيب بأنّا لا نسلّم توقّف معرفة مفهوم اختلاف الآخر على معرفة مفهوم المعرب حتى يلزم الدور، وتوقّف معرفة تحقّق الاختلاف في أفراده على معرفة أنّها معربة بالنظر إلى غير المتتبع لا يقدح في التعريف. فالتعريف في نفسه صحيح، فظهر فساد ما قيل إنّ معرفة الاختلاف وإن لم يتوقّف على معرفة المعرب بالنظر إلى غير المتتبع لكنها موقوفة عليها بالنظر إلى غير المتتبع، وهو الذي دون النحوي فالدور لازم بالنظر إليه. وقد سبق جواب آخر أيضا في تعريف المبني. وللتحرّز عن الدور عرّف ابن الحاجب الاسم المعرب بالمركّب الذي لم يشبه مبني الأصل. قيل المراد بالتركيب هو الإسنادي ليخرج عن الحدّ المضاف في قولنا غلام زيد، ويرد عليه خروج المضاف إليه والمفاعيل وسائر الفضلات عن الحدّ. وقيل المراد بالتركيب هو التركيب الذي مع العامل فخرج المضاف ودخل المضاف إليه، ويرد عليه المبتدأ والخبر فإنّ كلّ واحد منهما مركّب مع الآخر لا مع الابتداء الذي هو عامل فيهما. وأجيب باختيار مذهب الكوفيين من أنّ كلّ واحد منهما عامل في الآخر.
والأولى أن يقال المراد هو التركيب الذي يتحقّق معه العامل، وعلى هذا فلا إشكال ويظهر سببية التركيب للإعراب لأنّه إذا تحقّق معه العامل، سواء كان التركيب معه أو معه ومع غيره تحقّق المعنى المقتضي للإعراب.
والمراد بالمشابهة المناسبة التي هي أعمّ منها أي الاسم المعرب المركّب الذي لم يناسب مبني الأصل وهو الحرف والأمر بغير اللام والماضي مناسبة معتبرة أي مؤثّرة في منع الإعراب فلا يدخل في الحدّ المناسب الغير المشابه نحو يومئذ.
اعلم أنّ صاحب الكشاف جعل الأسماء المعدودة العارية عن المشابهة المذكورة معربة، وليس النزاع في المعرب الذي هو اسم مفعول من قولك أعربت الكلمة، فإنّ ذلك لا يحصل إلّا بإجراء الإعراب على الكلمة بعد التركيب، بل هو في المعرب اصطلاحا، فاعتبر العلامة مجرّد الصلاحية لاستحقاق الإعراب بعد التركيب وهو الظاهر من كلام الإمام عبد القاهر. واعتبر ابن الحاجب مع الصلاحية حصول الاستحقاق بالفعل ولهذا أخذ التركيب في مفهومه. وأمّا وجود الإعراب بالفعل في كون الاسم معربا فلم يعتبره أحد، ولذا يقال لم تعرب الكلمة وهي معربة.

اعلم أنّ المعرب على نوعين: الفعل المضارع والاسم المتمكّن، وله نوعان: نوع يستوفي حركات الإعراب والتنوين كزيد ورجل ويسمّى المنصرف، وقد يقال له الأمكن أيضا، ونوع يحذف عنه الجرّ والتنوين ويحرّك بالفتح موضع الجرّ كأحمد وإبراهيم إلّا إذا أضيف أو دخله لام التعريف، ويسمّى غير المنصرف كما في المفصّل واللباب.

المعرفة

المعرفة: عند النحاة: ما وضع ليدل على شيء بعينه وهي المضمرات والأعلام والمبهمات، وما عرف باللام، والمضاف إلى أحدهما.وعند أهل النظر: إدراك الشيء على ما هو عليه وهي مسبوقة بنسيان حاصل بعد العلم، ولذلك يسمى الحق تعالى بالعالم دون العارف.المعرفة عند القوم: سمو اليقين. وقيل سقوط الوهم لوضوح الاسم. وقيل زوال البرهان بكمال العيان. وقيل دثور الريب لظهور الغيب. وقيل هجوم الأنوار على الأبرار.
المعرفة:
[في الانكليزية] Knowledge
[ في الفرنسية] Connaissance
هي تطلق على معان. منها العلم بمعنى الإدراك مطلقا تصوّرا كان أو تصديقا. ولهذا قيل كلّ معرفة وعلم فإمّا تصوّر أو تصديق.
ومنها التصوّر كما سبق وعلى هذا يسمّى التصديق علما كما مرّ أيضا. ومنها إدراك البسيط سواء كان تصوّرا للماهية أو تصديقا بأحوالها، وإدراك المركّب سواء كان تصوّرا أو تصديقا، على هذا الاصطلاح يخصّ بالعلم، فبين المعرفة والعلم تباين بهذا المعنى، وكلاهما أخصّ من العلم بمعنى الإدراك مطلقا، وكذا الحال في المعنى الثاني للمعرفة والعلم. وبهذا الاعتبار يقال عرفت الله دون علمته. ومناسبة هذا الاصطلاح بما نسمعه من أئمة اللغة من حيث إنّ متعلّق المعرفة في هذا الاصطلاح وهو البسيط واحد ومتعلّق العلم وهو المركّب متعدّد، كما أنّهما كذلك عند أهل اللغة وإن اختلف وجه التعدّد والوحدة، فإنّ وجه التعدّد والوحدة في اللغوي يرجع إلى تقييد الاسم الأول بإسناد أمر إليه وإطلاقه عنه، سواء كان مدخوله مركّبا أو بسيطا، وفي الاصطلاحي إلى نفس المحكوم عليه. فإن كان مركّبا فهو متعلّق العلم وإن كان بسيطا فمتعلّق المعرفة. ومنها إدراك الجزئي سواء كان مفهوما جزئيا أو حكما جزئيا، وإدراك الكلّي مفهوما كلّيا كان أو حكما كلّيا على هذا الاصطلاح يخصّ بالعلم، وبالنظر إلى هذا يقال أيضا عرفت الله دون علمته، والمراد بالحكم التصديق، والنسبة بينهما على هذا على قياس المعنى الثاني والثالث، والنسبة بين تلك المعاني الثلاثة للمعرفة هي العموم من وجه، وكذا بين تلك المعاني الثلاثة للعلم، وكذا بين المعرفة بالمعنى الثاني أي بمعنى التصوّر وبين العلم بالمعنى الثالث الرابع، وكذا بين المعرفة بالمعنى الثالث والعلم بالمعنى والرابع، وكذا بين المعرفة بالمعنى الرابع والعلم بالمعنى الثالث كما لا يخفى. قيل الاصطلاح الثاني والرابع متفرّعان على الثالث لأنّ الجزئي والتصوّر أشبه بالبسيط والكلّي والتصديق بالمركّب، هذا والأقرب أن يجعل استعمال المعرفة في التصوّرات والعلم في التصديقات أصلا لأنّه عين المعنى اللغوي ثم يفرّع عليه المعنيان الآخران، هكذا في شرح المطالع وحواشيه وحواشي المطول. ومنها إدراك الجزئي عن دليل كما في التوضيح في تعريف الفقه ويسمّى معرفة استدلالية أيضا. ومنها الإدراك الأخير من الإدراكين لشيء واحد إذا تخلّل بينهما عدم بأن أدرك أولا ثم ذهل عنه ثم أدرك ثانيا. قيل المراد بالذهول هو ما يفضي إلى نسيان محوج إلى كسب جديد وإلّا فالحاصل بعد الذهول التفات لا إدراك إلّا مجازا. والحقّ أنّ الذهول زوال الصورة عن المدركة فيكون الموجود بعده إدراكا، وإن كان بلا كسب جديد. ومنها الإدراك الذي هو بعد الجهل ويعبّر عنه أيضا بالإدراك المسبوق بالعدم والعلم يقال للإدراك المجرّد من هذين الاعتبارين بمعنى أنّه لم يعتبر فيه شيء من هذين القيدين، وبالنظر إلى هذه المعاني الثلاثة يقال: الله تعالى عالم ولا يقال عارف، إذ ليس إدراكه تعالى استدلاليا ولا مسبوقا بالعدم ولا قابلا للذهول، والنسبة بين المعرفة والعلم بهذين المعنيين هي العموم مطلقا، هكذا في حواشي المطول في تعريف علم المعاني، وباقي النّسب يظهر بأدنى توجّه.
ومنها ما هو مصطلح الصوفية. قال في مجمع السلوك: المعرفة لغة العلم، وعرفا العلم الذي تقدّمه نكرة. وفي عبارة الصوفية العلم الذي لا يقبل الشكّ إذا كان المعلوم ذات الله تعالى وصفاته، ومعرفة الذات أن يعلم أنّه تعالى موجود واحد فرد وذات وشيء وقائم ولا يشبه شيئا ولا يشبهه. وأما معرفة الصفات فأن يعرف الله تعالى حيّا عالما سميعا بصيرا مريدا متكلّما إلى غير ذلك من الصفات. وإنما لا تطلق المعرفة على الله تعالى لأنّها في الأصل اسم لعلم كان بعد أن لم يكن، وعلمه تعالى قديم.
ثم المعرفة إمّا استدلالية، وهو الاستدلال بالآيات على خالقها لأنّ منهم من يرى الأشياء فيراه بالأشياء، وهذه المعرفة على التحقيق إنّما تحصل لمن انكشف له شيء من أمور الغيب حتى استدلّ على الله تعالى بالآيات الظاهرة والغائبة، فمن اقتصر استدلاله بظاهر العالم دون باطنه فلم يستدل بالدليلين فتعطّل استدلاله بالباطن وهي درجة العلماء الراسخين في العلم.
وأمّا شهودية ضرورية وهو الاستدلال بناصب الآيات على الآيات، وهي درجة الصّدّيقين وهم أصحاب المشاهدة. قال بعض المشايخ: رأيت الله قبل كلّ شيء وهو عرفان الإيقان والإحسان، فعرفوا كلّ شيء به لا أنّهم عرفوه بشيء انتهى. ويقرب من هذا ما في شرح القصيدة الفارضية من أنّ المعرفة أخصّ من العلم لأنّها تطلق على معنيين، كلّ منهما نوع من العلم، أحدهما العلم بأمر باطن يستدلّ عليه بأثر ظاهر كما توسّمت شخصا فعلمت باطن أمره بعلامة ظاهرة منه، ومن ذلك ما خوطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ. وثانيهما العلم بمشهود سبق به عهد كما رأيت شخصا رأيته قبل ذلك بمدة فعلمت أنّه ذلك المعهود، فقلت عرفته بعد كذا سنّة عهده، فالمعروف على الأول غائب وعلى الثاني شاهد. وهل التفاوت البعيد بين عارف وعارف إلّا لبعد التفاوت بين المعرفتين؟ فمن العارفين من ليس له طريق إلى معرفة الله تعالى إلّا الاستدلال بفعله على صفته وبصفته على اسمه وباسمه على ذاته، أولئك ينادون من مكان بعيد. ومنهم من يحمله العناية الأزلية فتطرقه إلى حريم الشّهود فيشهد المعروف تعالى جده بعد المشاهدة السابقة في معهد أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ويعرف به أسماءه وصفاته على عكس ما يعرفه العارف الأول، فبين العارفين بون بيّن، إذ الأول لغيبة معروفة كنائم يرى خيالا غير مطابق للواقع، والثاني لشهود معروفه كمستيقظ يرى مشهودا حقيقيا مطابقا للواقع انتهى كلامه.

قال في مجمع السلوك: أوحى الله تعالى لداود عليه السلام يا داود: أتدري ما معرفتي؟ قال:

لا. قال: حياة القلب في مشاهدتي. وقال الواسطي: المعرفة ما شاهدته حسّا والعلم ما شاهدته خبرا أي بخبر الأنبياء عليهم السلام.

وقال البعض: المعرفة اسم لعلم تقدّمه نكرة وغفلة، ولهذا لا يصحّ إطلاقه على الله تعالى.

وقال الشبلي: إذا كنت بالله تعالى متعلّقا لا بأعمالك غير ناظر إلى ما سواه فأنت كامل المعرفة. وقيل الرؤية في الآخرة كالمعرفة في الدنيا كما أنّه تعالى يعرف في الدنيا من غير إدراك كذلك يرى في العقبى من غير إدراك، لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ.
وقالوا من لم يعرف الله تعالى فالسكوت عليه حتم، ومن عرف الله تعالى فالصّمت له جزم.
ولذلك قيل من عرف الله كلّ لسانه، ولا يعارضه ما قيل: من عرف الله طال لسانه: إذ المعنى من عرف الله بالذات كلّ لسانه ومن عرف الله بالصفات طال لسانه. لأنّ الشّخص الذي له مقام التلوين يكون له معرفة الصفات، وأمّا من كان في مقام التمكين فله معرفة الذات.
وذلك مثل سيدنا موسى عند ما كان في مقام التلوين فتطاول قائلا: ربّ أرني أنظر إليك.

فجاءه الجواب: لن تراني. وأمّا نبيّنا المصطفى صلى الله عليه وسلم فلكونه في مقام التمكين فلم يتطاول بلسانه ولم يطلب الرؤية لهذا حظي بالرؤية. أو يقال: المعنى من عرف الله بمعرفته الشهودية الضرورية كلّ لسانه، ومن عرف الله بمعرفته الاستدلالية طال لسانه انتهى. وفي خلاصة السلوك: المعرفة ظهور الشيء للنفس عن ثقة، قال به عليّ بن عيسى. وقال عبد الله بن يحيى إذا أراك الاضطراب عن مقام العلم بدوام الصحبة فهو معرفة. وقيل المعرفة إحاطة العلم بالأشياء، قال عليه الصلاة والسلام: «لو عرفتم الله حقّ معرفته لزال الجبال عن دعائكم». قال أبو يزيد: حقيقة المعرفة الحياة بذكر الله وحقيقة الجهل الغفلة عن الله.
حكى أبو عليّ ثمرة المعرفة إذا ابتلي صبر وإذا أعطي النّعم شكر وإذا أصابه المكروه رضي.

وقال أهل الإشارات: العارف من لا يشغله شاغل طرفة عين. قال الجنيد: العارف الذي نطق الحقّ عن سرّه وهو ساكت. وقيل الذي ضاقت الدنيا عليه بسعتها. وقيل: الناس على أربعة أصناف: الثابت الذي يعمل للدرجات، والمحبّ الذي يعمل للزلفى القريبة، والعارف الذي يعمل لرضاء ربه من غير حفظ لنفسه منه.
ومنها ما هو مصطلح النحاة وهي اسم وضع لشيء بعينه. وقيل اسم وضع ليستعمل في شيء بعينه ويقابلها النكرة. اعلم أنّ التعريف عبارة عن جعل الذات مشارا بها إلى خارج إشارة وضعية ويقابلها التنكير وهو جعل الذات غير مشار بها إلى خارج في الوضع، والمراد بالذات المعنى المستقلّ بالمفهومية الذي يصلح أن يحكم عليه وبه، وهو معنى الاسم فقط، فإنّ معنى الفعل والجملة لدخول النسبة فيه خارج عن تلك الصلاحية، وكذا معنى الحرف. ثم لا يخفى أنّ المشار به إلى خارج إنّما هو اللفظ الدالّ على الذات وإنّما نسب إليها مجازا أو أراد بالذات ما يدلّ عليها مجازا، فالتعريف والتنكير من عوارض الذات أي من عوارض ما يكون مدلوله الذات، فلا يجريان في غير الاسم. فعلى هذا لو بدّل الذات بالاسم لكان أنسب. والمراد بالخارج مقابل الذهن. وإنّما قيل إلى خارج لأنّ كلّ اسم موضوع للدلالة على ما سبق في علم المخاطب بكون ذلك الاسم دالا عليه، ومن ثمّة لا يحسن أن يخاطب بلسان إلّا من سبق معرفته بذلك اللسان، فعلى هذا كلّ لفظ فهو إشارة إلى ما ثبت في ذهن المخاطب أنّ ذلك اللفظ موضوع له، فلو لم يقل إلى خارج لدخل في الحدّ جميع الأسماء معارفها ونكراتها. وتوضيحه أنّ المعرفة يشار بها إلى ما في الذهن من حيث حضوره فيه، ولهذا قيل المعرفة يقصد بها معيّن عند السامع من حيث هو معيّن كأنه إشارة إليه بذلك الاعتبار. وأمّا النكرة فيقصد بها التفات الذهن إلى المعيّن من حيث ذاته ولا يلاحظ فيها تعيينه وإن كان معيّنا في نفسه، لكن بين مصاحبة التعيين وملاحظته فرق جلي. ولا شكّ في أنّ الأمر الحاضر في الذهن وإن كان أمرا ذهنيا إلّا أنه مع قيد الحضور في الذهن أمر خارج عن الذهن لأنّ الموجود في الذهن مجرّد ذاته لا مع قيد الحضور فيه، فالمراد بالخارج المعيّن من حيث هو معيّن، وقد يقيّد الخارج بالمختصّ ويجعل فائدته الاحتراز عن الضمائر العائدة إلى ما لم يختص بشيء قبله نحو: أرجل قائم أبوه، ونحو: ربّه رجلا وربّ رجل وأخيه، ويا لها قصة، فإنّ هذه الضمائر نكرات إذ لم يسبق اختصاص المرجوع إليه بحكم. ولو قلت ربّ رجل كريم وأخيه، وربّ شاة سوداء وسخلتها لم يجز لأنّ الضمير معرفة لرجوعه إلى نكرة مخصصة بالصفة. وفيه بحث لأنّه إن كانت هذه الضمائر إشارة إلى ما في الذهن من حيث حضوره فيه كان الظاهر كونها معرفة لا نكرة، وإن كانت إشارة إليه من حيث ذاته خرجت من قيد خارج فلم يحتج إلى قيد مختص. وأيضا معنى التعريف هو التعيين أي الإشارة إلى معلوم حاضر في ذهن السامع من حيث هو معلوم وإن كان مبهما كما سبق، وهذا المعنى موجود في الضمير العائد إلى النكرة، فلا وجه للحكم بكونه نكرة. وأيضا لمّا اعتبر مجرّد الإشارة إلى الخارج فاعتبار التخصيص الغير الواصل إلى حدّ التعيين مستبعد جدا. ولما كان الحقّ إدخال تلك الضمائر في المعارف لم يقيّد الخارج بالمختص. وإنّما قيل إشارة وضعية ليخرج عن الحدّ النكرات المعيّنة عند المخاطب نحو أتيت رجلا إذا علمه المتكلّم بعينه إذ ليس في رجلا إشارة لا وضعا ولا استعمالا إلى معيّن؛ ويدخل في الحدّ تعريف الأعلام المشتركة إذ يشار بها إلى معيّن بحسب الوضع.
فالمعرفة على هذا ما أشير به إلى خارج إشارة وضيعة. وعند من قيّد الخارج بالمختصّ هي ما أشير به إلى خارج مختصّ إشارة وضعية، والنكرة ما ليس كذلك.
ثم اعلم أنّ الجمهور على أنّ المعتبر في المعرفة التعيين عند الاستعمال دون الوضع، فعرّفوا المعرفة بما وضع ليستعمل في شيء بعينه أي متلبّس بعينه أي في شيء معيّن من حيث إنّه معيّن. وحاصله الإشارة إلى أنّه معهود ومعلوم بوجه ما، وبهذا خرج النكرة لأنّ معاني النكرات وإن أوجبت معلوميتها للسامع لكن ليس في اللفظ إشارة إلى تلك المعلومية. ولمّا اعتبر التعيين عند الاستعمال دخل في الحدّ المضمرات والمبهمات وسائر المعارف، فإنّ لفظ أنا لا يستعمل إلّا في الاشخاص المعيّنة إذ لا يصحّ أن يقال إنا ويراد به متكلّم لا بعينه، وليست موضوعة لواحد منها وإلّا لكانت في غيره مجازا، ولا لكلّ واحد منها وإلّا لكانت مشتركة موضوعة أوضاعا بعدد الأفراد. وأيضا لا قدرة على وضعها لأمور متعيّنة لا يمكن ضبطها وملاحظتها حين الوضع، فوجب أن تكون موضوعة لمفهوم كلّي شامل لكلّ الأفراد، ويكون الغرض من وضعها له استعمالها في أفراده المعيّنة دونه، فما سوى العلم معارف استعمالية لا وضعية، فالشيء المذكور في التعريف أعمّ ممّا وضع اللفظ المستعمل فيه له كالأعلام وممّا وضع لما يصدق عليه كما في سائر المعارف. وهذا هو الذي اختاره المحقّق التفتازاني. وقال في التلويح بأنّه الأحسن.
وذهب بعض المتأخّرين إلى أنّ المعتبر التعيين عند الوضع وعرّفوها بما وضع لشيء بعينه.
فالموضوع له لا بدّ أن يكون معيّنا سواء كان الوضع خاصا كما في العلم أو عاما كما في غيره من المعارف، ولا يلزم المجاز ولا الاشتراك وتعدّد الأوضاع. ويرد على قولهم لا قدرة على وضعها لأمور الخ أنّه كيف صحّ منكم اشتراط أن لا يستعمل إلّا في واحد معيّن من طائفة من المعيّنات فيما ضبطتم للمستعمل فيه يمكن أن يضبط الموضوع له ويوضع له، ولو صحّ ما ذكرتموه لكانت أنت وأنا وهذا مجازات لا حقائق لها إذ لا تستعمل فيما وضعت هي لها من المفهومات الكلّية، بل لا يصحّ استعمالها فيها أصلا، وهذا مستبعد جدا، كيف لا ولو كانت كذلك لما اختلف أئمّة اللغة في عدم استلزام المجاز الحقيقة ولما احتيج في نفي الاستلزام أن يتمسّك في ذلك بأمثلة نادرة، وهذا هو الذي اختاره السّيّد السّند وصاحب الأطول وغيرهما، وقالوا بأنّه هو الحقّ الحقيق بالتحقيق ويجيء لذلك توضيح في لفظ الوضع.
هذا كلّه خلاصة ما في المطول وحواشيه والأطول في بيان فائدة تعريف المسند إليه.

اعلم أنّ المعارف بحسب الاستقراء ستّ:
المضمرات والأعلام والمبهمات وما عرّف باللام وما عرّف بالنداء والمضاف إلى إحدى هذه الخمسة، ولم يذكر المتقدّمون ما عرّف بالنداء لرجوعه إلى ذي اللام إذ أصل يا رجل يا أيّها الرجل، ويذكر هاهنا المعرّف باللام والإضافة. فأقول اشتهر فيما بينهم أنّ لام التعريف يكون للعهد الخارجي ولتعريف الجنس وللعهد الذهني وللاستغراق وكذلك المعرّف بالإضافة. وذهب المحقّقون إلى أنّ اللام لتعريف العهد والجنس لا غير، إلّا أنّ القوم أخذوا بالحاصل وجعلوه أربعة أقسام: توضيحا وتسهيلا، وجعلوا تعريف الاستغراق من أقسام تعريف الجنس، واختلفوا في المعهود الذهني.
فبعضهم جعله من أقسام العهد الخارجي وقال إذا ذكر بعض أفراد الجنس خارجا أو ذهنا فحمل الفرد على ذلك البعض أولى من حمله على جميع الأفراد ويسمّى المعهود خارجيا أو ذهنيا، وإلى هذا ذهب صاحب التوضيح كما صرّح به الفاضل الچلپي في حاشية التلويح في بيان ألفاظ العموم، وإلى هذا يشير أيضا ما وقع في الاتقان حيث قال: التعريف باللام نوعان:

عهدية وجنسية، وكلّ منهما ثلاثة أقسام:
فالعهدية إمّا أن يكون مصحوبها معهودا ذكريا نحو كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا، فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ وضابطته أنّ يسدّ الضمير مسدّها مع مصحوبها أو معهودا ذهنيا نحو إِذْ هُما فِي الْغارِ أو معهودا حضوريا نحو الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي. قال ابن عصفور وكذا كلّ ما وقع بعد اسم الإشارة نحو جاءني هذا الرجل، وبعد أيّ في النداء نحو يا أيّها الرجل، أو إذا الفجائية نحو خرجت فإذا الأسد، أو في اسم الزمان الحاضر نحو الآن انتهى نظرك. والجنسية إمّا لاستغراق الأفراد وهي التي يخلفها لفظ كلّ حقيقة نحو وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً ومن دلائلها صحة الاستثناء من مدخولها نحو إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا أو وصفه بالجمع نحو أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا وإمّا لاستغراق خصائص الأفراد وهي التي يخلفها لفظ كلّ مجازا نحو ذلك الكتاب أي الكتاب الكامل في الهداية الجامع لصفات جميع الكتب المنزّلة وخصائصها. وإمّا لتعريف الماهية والحقيقة والجنس وهي التي لا يخلفها كلّ لا حقيقة ولا مجازا نحو جعلنا من الماء كل شيء حيّا، ومثل هذا في المغني أيضا. وبعضهم جعله أي المعهود الذهني من أقسام الجنس ولذا حقّق صاحب المفتاح أنّ لام التعريف للإشارة إلى تعيين حصّة من مفهوم مدخوله أو تعيين نفس المفهوم والعهد الذهني والاستغراق من أقسام لام تعريف الجنس. واعلم أنّ معنى التعريف مطلقا هو الإشارة إلى أنّ مدلول اللفظ معهود أي معلوم حاضر في الذهن فلا فرق بين لام الجنس ولام العهد في الحقيقة إذ كلّ منهما إشارة إلى معهود غايته أنّ المعهود في أحدهما جنس وفي الآخر حصّة منه، فتسمية أحدهما بلام الجنس والآخر بلام العهد اصطلاح عائد إلى معروض التعيين، أي التعريف، لا إلى التعيين نفسه. ولهذا قال أئمة الأصول حقيقة التعريف العهد لا غير، وإلى هذا أشار السّكّاكي واختار في اللام أنّ معناها العهد، أي الإشارة إلى أنّ مدلول اللفظ معهود أي معلوم حاضر في ذهن السامع. وإذا كانت اللام موضوعة لمعنى العهد مطلقا أي سواء كان الحاضر ماهية أو حصة منها كان تعريف الحقيقة قسما من العهد، كما أنّ ما سمّوه تعريف عهد قسم آخر منه، وهذا كلام حقّ. هكذا يستفاد من الأطول وحواشي المطول، وبهذا ظهر فساد ما في بعض شروح المغني أنّ الألف واللام عند السّكّاكي إنّما هي لتعريف العهد الذهني خاصة. وأمّا الجنسية والاستغراقية والعهدية خارجيا فكلّها داخلة في العهد الذهني انتهى. واعلم أيضا أنّه إذا دخلت اللام على اسم الجنس فإمّا أن يشار بها إلى حصّة معيّنة منه فردا كان أو أفرادا مذكورة تحقيقا أو تقديرا، ويسمّى لام العهد الخارجي والأول وهو ما كان مذكورا تحقيقا بأن يذكر سابقا في كلامك أو كلام غيرك صريحا أو غير صريح هو العهد التحقيقي، والثاني وهو ما كان مذكورا تقديرا بأن يكون معلوما حقيقة أو ادعاء لغرض وهو العهد التقديري. وأمّا أن يشار بها إلى الجنس نفسه وحينئذ إمّا أن يقصد الجنس من حيث هو كما في التعريفات وفي نحو قولنا الرجل خير من المرأة ويسمّى لام الحقيقة والطبيعة، وإمّا أن يقصد الجنس من حيث هو موجود في ضمن الأفراد بقرينة الأحكام الجارية عليه الثابتة له في ضمنها، فأمّا في جميعها كما في المقام الخطابي وهو الاستغراق أو في بعضها وهو المعهود الذهني. فإن قلت هلّا جعلت العهد الخارجي كالذهني راجعا إلى الجنس؟ قلت:
لأنّ معرفة الجنس غير كافية في تعيين شيء من أفراده، بل يحتاج فيه إلى معرفة أخرى. ثم الظاهر أنّ الاسم في المعهود الخارجي له وضع آخر بإزاء خصوصية كلّ معهود. ومثله يسمّى وضعا عاما، ولا حاجة إلى ذلك في العهد الذهني والاستغراق، والتعريف الجنسي إذا جعل أسماء الأجناس موضوعة للماهيات من حيث هي. هذا خلاصة ما قال عضد الملّة في الفوائد الغياثية، فهذا صريح في أنّ لام الحقيقة ولام الطبيعة بمعنى واحد، وهو قسم من لام الجنس مقابل للعهد الذهني والاستغراق، والمفهوم من المطول والإيضاح أنّ لام الجنس ولام الحقيقة بمعنى واحد كذا في الأطول.
فائدة:
قولهم لام الجنس تشير إلى نفس الحقيقة معناه أنّ لام الجنس تشير إلى مطلق المفهوم أي مفهوم المسمّى، سواء كان حقيقيا أو مجازيا، فإنّها كما تدخل على الحقيقة تدخل على المجاز أيضا، كقولك الأسد الذي يرمي خير من الأسد المفترس، وسواء اقتصر الحكم على المفهوم أو أفضي صرفه إلى الفرد، وليس معناه أنّها تشير إلى نفس المفهوم من غير زيادة كما توهّم، وإلّا لم يصح جعل العهد الذهني والاستغراق داخلين تحته. وقد تكون الإشارة إلى نفس الحقيقة لدعوى اتحاده مع شيء، وجعل منه قوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وهو الذي قصده جار الله حيث قال: إنّ معنى التعريف في «المفلحون» الدلالة على أن المتقين هم الذين إن حصلت صفة المفلحين وتحقّقوا بما هم فيه وتصوّروا بصورتهم الحقيقية فهم هم لا يعدون تلك الحقيقة، كما تقول لصاحبك هل عرفت الأسد وما جبل إليه من فرط الإقدام أنّ زيدا هو هو. وقد يشار بها إلى تعيين الجنس من حيث انتسابه إلى المسند إليه فيرجع التعيين إلى الانتساب كما في بيت حسّان ووالدك العبد أي المعروف بالعبودية، فظهر أنّ تعريف الجنس ليس تعريفا لفظيا لا يحكم به إلّا بضبط أحكام اللفظ من غير حظّ المعنى فيه، كما قال بعض محقّقي النحاة، كلّ لام تعريف سوى لام العهد لا معنى للتعريف فيها، فإنّ الناظرين في المعاني لهم شرب آخر ولا يعتبرون التعريف اللفظي، ولذلك تراهم طووا ذكر علم الجنس بأقسامه في مقام التعرض للعلم وأحكامه؛ فلام الجنس تشير إلى نفس الحقيقة باعتبار حضورها وتعيّنها وعهديتها في الذهن. ولذا قال السّكّاكي لا بدّ في تعريف الجنس من تنزيله منزلة المعهود بوجه من الوجوه الخطابية إمّا لكون ذلك الشيء محتاجا إليه على طريق التحقيق أو على طريق التحكّم، فهو لذلك حاضر في الذهن، أو لأنّه عظيم الخطر معقود به الهمم لذلك على أحد الطريقين، أو لأنّه لا يغيب عن الجنس على أحد الطريقين، وإمّا لأنّه جار على الألسن كثير الدور في الكلام على أحد الطريقين، فإن قلت لم لم يجعل علم الجنس موضوعا بجوهره لما وضع له المعرّف بلام الجنس؟ قلت: لأنّ اعتبار التعين الذهني تكلّف إذ ليس نظر أرباب وضع اللفظ إلّا على الأمور الخارجية، وذو اللام يدعو إليه لئلّا يلغو اللام، ولا داعي إليه في نحو أسامة كذا في الأطول.
فائدة:
الاستغراق مطلقا باللام كان أو غيره ضربان: حقيقي نحو عالم الغيب والشّهادة وعرفي نحو جمع الأمير الصاغة أي صاغة بلده أو مملكته. وفسّر المحقّق التفتازاني الحقيقي بالشمول لكلّ ما يتناوله اللفظ بحسب اللغة وكأنّه أراد أعم من التناول بحسب المعنى المجازي أو الحقيقي والعرفي بالشمول لما يتناوله اللفظ بحسب متفاهم العرف. والعرف إذا أطلق يراد به العرف العام فيتّجه أنّه يبقى الشمول شرعا واصطلاحا واسطة وأنّ الظاهر لغوي وعرفي. وفسّر في شرح المفتاح السّيد السند أيضا الحقيقي بما كان شموله للأفراد على سبيل الحقيقة بأن لا يخرج فرد والعرفي مما يعدّ شمولا في عرف الناس، وإن خرج عنه كثير من أفراد المفهوم. هذا ولا يخفى عليك أنّ التقسيم إلى الحقيقي والعرفي لا يختص الاستغراق بل هو تخصيص من غير مخصّص إذ المعرّف باللام أيضا لواحد منها يكون عرفيا وحقيقيا، فنحو أدخل السوق عرفي إذ المراد سوق من أسواق البلد لا أسواق الدنيا، بل الإشارة إلى الحقيقة من حيث هي أيضا كذلك لأنّك ربما تقول في بلد البطيخ خير من العنب لأنّ بطيخه خير من عنبه، فالإشارة في كلّ من البطيخ والعنب إلى جنس خاص منهما بمعونة العرف. ولذا قد يعكس ذلك في بلد آخر وهذه دقيقة قد أبدعها السّكّاكي واتخذها من جاء بعده مذهبا. والحق أن لا استغراق إلّا حقيقيا والتصرّف في أمثال هذا المثال في الاسم المعرّف حيث خصّ ببعض مفهومه بقرينة التعارف فأريد بالصاغة إحدى الصاغتين، وأدخل اللام فاستفيد العموم كذا في الأطول.
فائدة:
الفرق بين المعرّف بلام الحقيقة والطبيعة وبين أسماء الأجناس التي ليست فيها دلالة على البعضية والكلّية نحو رجعى وذكرى ونحوهما من المصادر لأنّ المصادر ليس فيها القصد إلّا إلى الحقيقة المتحدة بالإجماع هو أنّ المعرّف بلام الحقيقة يقصد فيه الإشارة إلى الحقيقة باعتبار حضورها في الذهن وليس أسماء الأجناس المذكورة كذلك. والفرق بينه وبين علم الجنس هو أنّ علم الجنس يدلّ بجوهره على حضور الماهية في الذهن بخلاف المعرّف باللام فإنّه يدلّ على الحضور بالآلة. ومثل هذا الفرق بين المعهود الخارجي وعلم الشخص. وأيضا المعرّف باللام كثيرا ما لا يدلّ على المعهود بشخصه بخلاف علم الشخص. والفرق بين المعرّف بلام الاستغراق وبين كل مضافا إلى النكرة أنّ المعرّف مستعمل في الماهية بخلاف كلّ مضافا إلى النكرة، وأيضا في المعرّف باللام إشارة إلى حضورها في الذهن دون كلّ مضافا إلى النكرة، هكذا في المطول وأبي القاسم.
والفرق بين المعهود الذهني وبين النكرة هو أنّ النكرة تفيد أنّ ذلك الاسم بعض من جملة الحقيقة نحو أدخل سوقا سواء كانت موضوعة للحقيقة مع وحدة أو كانت موضوعة للحقيقة المتحدة، لأنّها مع التنوين تفيد الماهية مع وحدة لا بعينها، فإطلاقها على الواحد حقيقة بخلاف المعرّف باللام نحو أدخل السوق فإنّ المراد به نفس الحقيقة والبعضية مستفادة من القرينة، فإنّ الدخول أفاد أنّ الحقيقة المتحدة المرادة بالمعرّف باللام متحدة مع معهود، فإطلاقه على الواحد مجاز. وبالجملة قولك أدخل سوقا يأتي لواحد من حاق اللفظ فالنكرة أقوى في الإتيان لواحد، ولذا قالوا المعهود الذهني في المعنى كالنكرة وإن كان في اللفظ معرفة صرفة لوجود اللام وعدم التنوين، ولذا يجري عليه أحكام المعارف تارة من وقوعه مبتدأ وذا حال ووصفا للمعرفة ونحو ذلك، وأحكام النكرات تارة أخرى كتوصيفه بالجملة في قول الشاعر:
ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني وفي قوله تعالى كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً. هذا حاصل ما في الأطول. لكن في المطول أنّ إطلاق المعرّف بلام الحقيقة وكذا علم الجنس على الواحد حقيقة إذ لم يستعمل إلّا فيما وضع له، والفرق بين المعرّف والنكرة أنّ إرادة البعض في النكرة بنفس اللفظ، وفي المعرّف بالقرينة. واعترض عليه بأنّ الموضوع له الماهية المطلقة والمستعمل فيه هو الماهية المخلوطة، ولا شك في تغايرهما فينبغي أن يكون مجازا. وأجيب بأن الموضوع له هو الماهية لا بشرط شيء، وهي تتحقّق في ضمن المخلوطة، فالمستعمل فيه ليس إلّا الماهية لا بشرط شيء، والفرد المنتشر إنّما فهم من القرينة، وإنّما سمّي معهودا باعتبار مطابقته للماهية المعهودة فله عهد بهذا الاعتبار فسمّي معهودا ذهنيا. قال صاحب الأطول: لا يخفى أنّ المعرّف في مقام الاستغراق أيضا كالنكرة لأنّه يأتي للوحدات من غير إشارة إلى تعيينها، غايته أنّه متحد مع الماهية المعهودة كالمعهود الذهني، والمعرّف بلام الحقيقة من المصادر كالنكرة منها في المعنى، فلا وجه لتخصيص هذا الحكم بهذا القسم. ويمكن أن يقال يراد أنّ هذا في المعنى كالنكرة في اعتبار البلغاء وليس غيره كذلك. ولذا لم يعامل معه معاملة النكرة، ونظرهم في هذا التخصيص محمود لأنّ مناط الإفادة وهو الفرد في هذا القسم مبهم فلم يعتدّ بتعيين تعلّق بالمفهوم بخلاف ما إذا أريد جميع الأفراد فإنّها لتعيّنها بالعموم نائبة مناب المتعيّن.
فائدة:
اعلم أنّ التعريف باللام والنداء وبالإضافة جاء لمدلول اللفظ من الخارج. وأمّا تعريف باقي المعارف فمن جوهر اللفظ ولوضعه للأمر المأخوذ مع التعيّن. وما ذكره السّيّد السّند ناقلا عن الرّضي أنّ تعريف الموصول واسم الإشارة والضمير من الخارج كالمعرّف باللام والنداء والإضافة والانقسام إلى الخمسة بحسب تفاوت ما يستفاد منه مزيّف لأنّ الخارج في الموصول ونظيريه قرينة المراد من اللفظ لا الإشارة إلى تعيّنه كما قال، ولأنّ تفاوت ما يستفاد منه أزيد من الخمسة كذا في الأطول.

الملك

الملك: بكسر الميم في اصطلاح المتكلمين: حالة تعرض للشيء بسبب ما يحيط به وينتقل بانتقاله كالتعميم والتقميص، فإن كلا منهما حالة لشيء بسبب إحاطة العمامة برأسه والقميص ببدنه.وفي اصطلاح الفقهاء: اتصال شرعي بين الإنسان وبين شيء يكون مطلقا لتصرفه. وعاجزا عن تصرف غيره فيه.
الملك: بالضم: التصرف بالأمر والنهي في الجمهور، وذلك يختص بسياسة الناطقين. والملك ضربان: ملك التولي والتملك وملك هو القوة على ذلك تولى أم لا، فمن الأول {إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} . ومن الثاني {إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} . فجعل النبوة مخصوصة، والملك فيها عاما فإن معنى الملك هنا القوة التي بها يترشح للسياسة، لا أنه جعلهم كلهم متولين للأمر فذلك مناف للحكمة، فلا خير في كثرة الرؤساء. وقال بعضهم: الملك بفتح فكسر: اسم لكل من يملك السياسة، إما في نفسه وذلك بالتمكن من زمام قواه، وصرفها عن هواها، وإما في نفسه وغيره سواء تولى ذلك أم لا.
الملك:
[في الانكليزية] Possession
[ في الفرنسية] Possession
بالكسر وسكون اللام عند الحكماء هو هيئة تعرض للشيء بسبب ما يحيط به وينتقل بانتقاله ويسمّى بالجدة بكسر الجيم وتخفيف الدال وبالقنية أيضا كما في بحر الجواهر.
وبالقيد الأخير خرج المكان أي الأين المتعلّق بالمكان فإنّه وإن كان هيئة عرضية للشيء بسبب المكان المحيط به إلّا أنّ المكان لا ينتقل بانتقال المتمكّن وما يحيط به أعم من أن يكون طبيعيا كالإهاب للهرة مثلا، أو لا يكون طبيعيا كالقميص للإنسان، ومن أن يكون محيطا بالكلّ كالثوب الــشامل لجميع البدن، أو بالبعض كالخاتم للإصبع. وفي المباحث المشرقية أنّ الملك عبارة عن نسبة الجسم إلى حاصر له أو لبعضه وينتقل بانتقاله، فجعل الملك نفس النسبة والحقّ أنّه تسامح، والمراد أنّه أمر نسبي حاصل للجسم بسبب حاصر لأنّ نسبة المحصورية والحاصرية مستويتان، فجعل إحداهما مقولة دون الأخرى تحكّم. والوجدان أيضا شاهد بأنّ التعمّم مثلا حالة بسبب الإحاطة المخصوصة لا نفس إحاطة العمامة، كذا في شرح المواقف وحاشيته للمولوي عبد الحكيم.
الملك:
[في الانكليزية] Angel
[ في الفرنسية] Ange
بفتحتين مقلوب مألك صفة مشبّهة من الألوكة بمعنى الرسالة. فأصل ملك ملأك حذفت الهمزة بعد نقل حركتها إلى ما قبلها طلبا للخفة لكثرة استعماله والملائكة جمع ملأك على الأصل، كالشمائل جمع شمأل والتاء للتأنيث أي لتأكيد تأنيث الجماعة، هكذا في البيضاوي وحواشيه في تفسير قوله تعالى في سورة البقرة وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً. وفي التفسير الكبير هناك اختلف العقلاء في ماهية الملائكة وحقيقتهم وطريق ضبط المذهب أن يقال الملائكة لا بدّ أن تكون ذوات موجودة قائمة بأنفسها، ثم إنّ تلك الذوات إمّا أن تكون متحيّزة أو لا. أمّا الأول وهو أنّ الملائكة ذوات متحيّزة فههنا أقوال.
القول الأول إنّها أجسام هوائية لطيفة تقدر على التشكّل بأشكال مختلفة مسكنها السموات وهذا قول أكثر المسلمين. وفي شرح المقاصد الملائكة أجسام نورانية خيّرة والجنّ أجسام لطيفة هوائية منقسمة إلى الخيّرة والشريرة، والشياطين أجسام نارية شريرة. وقيل تركيب الأنواع الثلاثة من امتزاج العناصر إلّا أنّ الغالب في كلّ واحد ما ذكر، ولكون النار والهواء في غاية اللطافة كانت الملائكة والجنّ والشياطين بحيث يدخلون المنافذ والمضايق حتى جوف الإنسان، ولا يرون بحسّ البصر إلّا إذا اكتسوا من الممتزجات الأخر التي تغلب عليها الأرضية والمائية جلابيب وغواشي فيرون في أبدان كأبدان الناس وغيره من الحيوانات انتهى. ثم قال في التفسير الكبير والقول الثاني قول طائفة من عبدة الأوثان وهو أنّ الملائكة في الحقيقة هي هذه الكواكب الموصوفة بالإسعاد والإنحاس، فإنّها بزعمهم أحياء ناطقة وإنّ المسعدات منها ملائكة الرحمة والمنحسات منها هي ملائكة العذاب. والقول الثالث قول معظم المجوس والثنوية وهو أنّ هذا العالم مركّب من أصلين الذين هما النور والظلمة وهما في الحقيقة جوهران شفّافان حسّاسان مختاران قادران متضادّا النفس والصورة مختلفا الفعل والتدبير. فجوهر النور فاضل خيّر تقي طيّب الريح كريم النفس يسرّ ولا يضرّ وينفع ولا يمنع ويحيي ولا يبلي، وجوهر الظلمة على ضدّ ذلك. ثم إنّ جوهر النور لم يزل لولد الأولياء وهم الملائكة لا على سبيل التناكح بل على سبيل تولّد الحكمة من الحكيم والضوء من المضيء، وجوهر الظلمة لم يزل لولد الأعداء وهم الشياطين على سبيل تولّد السّفه من السفيه لا على سبيل التناكح. وأمّا الثاني وهو أنّ الملائكة ذوات قائمة بأنفسها وليست بمتحيّزة ولا أجسام، فههنا قولان: الأول قول طوائف من النصارى وهو أنّ الملائكة في الحقيقة هي الأنفس الناطقة بذواتها المفارقة لأبدانها على نعت الصّفاء والخيرية، وذلك لأنّ هذه النفوس المفارقة إن كانت صافية خالصة فهي الملائكة، وإن كانت خبيثة كدرة فهي الشياطين. والقول الثاني قول الفلاسفة وهي أنّها جواهر قائمة بأنفسها ليست بمتحيّزة البتة فإنّها بالماهية مخالفة لأنواع النفوس الناطقة البشرية وأنّها أكمل قوة منها وأكثر علما منها وأنّها للنفوس البشرية جارية مجرى الشمس بالنسبة إلى الأضواء. ثم إنّ هذه الجواهر على قسمين: منهما ما هي بالنسبة إلى أجرام الأفلاك والكواكب كنفوسنا الناطقة بالنسبة إلى أبداننا، ومنهما ما هي أعلى شأنا من تدبير أجرام الأفلاك، بل هي مستغرقة في معرفة الله ومحبته ومشتغلة بطاعته، وهذا القسم هم الملائكة المقرّبون ونسبتهم إلى الملائكة الذين يدبّرون السموات كنسبة أولئك المدبّرين إلى نفوسنا الناطقة، فهذان القسمان من الملائكة قد اتفقت الفلاسفة على إثباتهما.
ومنهم من أثبت أنواعا أخر من الملائكة وهي الملائكة الأرضية المدبّرة لأحوال هذا العالم.
ثم إنّ مدبرات هذا العالم إن كانت خيّرات فهم الملائكة، وإن كانت شريرة فهم الشياطين انتهى كلامه. وفي العيني شرح صحيح البخاري قالت الفلاسفة الملائكة جواهر مجرّدة، فمنهم من هو مستغرق في معرفة الله فمنهم الملائكة المقرّبون، ومنهم مدبّرات العالم إذا كانت خيّرات، فمنهم الملائكة الأرضية، وإن كانت شريرة فهم الشياطين انتهى كلامه. وفي تهذيب الكلام أنّ الحكماء ذهبوا إلى أنّ الملائكة هم العقول المجرّدة والنفوس الفلكية انتهى. ويسمّى الملائكة بالأرواح أيضا وقد سبق في لفظ المفارق، وفي لفظ الجنّ.
واعلم أنّ أصناف الملائكة كثيرة منها حملة العرش، ومنها الحافّون حول العرش، ومنها أكابر الملائكة فمنهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، ومنها ملائكة الجنّة، ومنها ملائكة النار وأسماء جملتهم الزبانية ورئيسهم مالك، ومنها كتبة الأعمال، ومنها الموكلون لبني آدم وهو في قوله تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ، كِراماً كاتِبِينَ الآية، ومنها الملائكة الموكلون بأحوال هذا العالم وهم المرادون بقوله تعالى: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا، وبقوله تعالى: وَالذَّارِياتِ ذَرْواً إلى قوله تعالى فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً وبقوله تعالى وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً. وعن ابن عباس قال إنّ لله ملائكة سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجرة، فإذا أصاب بأحدكم عجزة بأرض فلاة فتنادوا أعينوا عباد الله رحمكم الله، كذا في التفسير الكبير. ومنهم الكروبيون والروحانيون وخزنة الكرسي والسّفرة والبررة.

وفي أنواع البسط يقول: الملائكة فريقان:
أحدهما علوي والآخر سفلي. فما هو علوي يقال له موكل. وما هو سفلي فيقال لهم أعوان وأرواح وروحاني.
الملك: عالم الشهادة من المحسوسات الطبيعية.
الملك: بفتح الميم واللام: جسم لطيف نوراني يتشكل باشكال مختلفة، أو هو جوهر بسيط ذو حياة ونطق وعقل غير ماتت، واسطة بين الباري والأجسام الأرضية منه عقلي ونفسي وجسماني.

الوصف

الوصف: ما دل على الذات باعتبار معنى هو المقصود من جوهر حروفه، أي يدل على الذات بصفة كأحمر، فإنه بجوهر حروفه يدل على معنى مقصود وهو الحمرة. فالوصف والصفة مصدران: والمتكلمون فرقوا بينهما فقالوا: الوصف يقوم بالواصف، والصفة بالموصوف. كذا قرره ابن الكمال. وقال الراغب: الوصف ذكر الشيء بحليته، والصفة التي عليها الشيء من حليته ونعته. والوصف قد يكون حقا وباطلا.
الوصف:
[في الانكليزية] Description ،cause ،consequence ،quality
[ في الفرنسية] Description ،cause ،consequence ،qualite
بالفتح وسكون الصاد المهملة يطلق على معان. منها علّة القياس فإنّ الأصوليين يطلقون الوصف على العلّة كثيرا ومنه الوصف المناسب كما مرّ. وفي نور الأنوار شرح المنار وقد يسمّى المعنى الجامع الوصف مطلقا في عرف الأصوليين سواء كان وصفا أو حكما أو اسما.
ومنها ما هو مصطلح الفقهاء وهو مقابل الأصل في الدرر شرح الغرر في كتاب البيوع وكتاب الإيمان: الوصف في اصطلاح الفقهاء ما يكون تابعا لشيء غير منفصل عنه إذا حصل فيه يزيده حسنا وإن كان في نفسه جوهرا كذراع من ثوب وبناء من دار فإنّ ثوبا هو عشرة أذرع ويساوي عشرة دراهم إذا انتقص منه ذراع لا يساوي تسعة دراهم، بخلاف المكيلات والعدديات فإنّ بعضها منها يسمّى قدرا واصلا ولا يفيد انضمامه إلى بعض آخر كمالا للمجموع فإنّ حنطة هي عشرة أقفزة إذا ساوت عشرة دراهم كانت التسعة منها تساوي تسعة، وقد اختلفوا في تفسير الأصل والوصف والكلّ راجع إلى ما ذكرنا انتهى. وفي البرجندي قال المصنف المراد بالوصف الأمر الذي إذا قام بالمحل يوجب في ذلك المحل حسنا أو قبحا، فالكمية المحضة ليست بوصف بل أصل لأنّ الكمية عبارة عن كثرة الأجزاء وقلّتها والشيء إنّما يوجد بالأجزاء والوصف لا بد أن يكون مؤخّرا عن وجود ذلك الشيء والكمية تختلف بها الكيفية كالذراع في الثوب فإنّه أمر يختلف به حسن المزيد عليه، فالثوب يكفي جبّة ولا يكفي الأقصر لها فزيادة الذراع يزيده حسنا فيصير كالأوصاف الزائدة.
وقيل إنّ ما يتعيب بالتبعيض والتنقيص فالزيادة والنقصان فيه وصف، وما لا يتعيب بهما فالزيادة والنقصان فيه أصل. وقيل الوصف ما لوجوده تأثير في تقويم غيره ولعدمه تأثير في نقصان غيره والأصل ما لا يكون كذلك، وقيل إنّ ما لا ينتقص الباقي بفواته فهو أصل وما ينتقص الباقي بفواته فهو وصف، وكلّ من هذه الوجوه الثلاثة أظهر ممّا ذكره كما لا يخفى.
وذكر في شرح الطحاوي أنّ الأوصاف ما يدخل في البيع من غير ذكر كالبناء والأشجار في الأرض والأطراف في الحيوان والجودة في الكيلي انتهى. ثم الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن إلّا إذا صارت مقصودة بالتناول حقيقة أو حكما. أمّا حقيقة فكما إذا باع عبدا فقطع البائع يده قبل القبض يسقط نصف الثمن لأنّه صار مقصودا بالقطع. وأمّا حكما فبأن يكون امتناع الردّ بحقّ البائع كما إذا تعيب المبيع عند المشتري أو بحقّ الشارع كما إذا زاد المبيع بأن كان ثوبا فخاطه ثم وجد به عيبا، فالوصف صار مقصودا بأحد هذين يأخذ قسطا من الثمن كذا في الكفاية. ومنها ما يحمل على الشيء سواء كان عين حقيقته أو داخلا فيها أو خارجا عنها، فالاتصاف بمعنى الحمل لا بمعنى القيام والعروض كما في المعنى الآتي وهو لا يقتضي إلّا التغاير في المفهوم. ومنها ما يكون خارجا عن الشيء قائما به وبعبارة أخرى الصفة ما يكون قائما بالشيء والقيام العروض كذا في شرح المواقف. قال أحمد جند في حاشية الخيالي في تعريف العلم الصفة هو الأمر الغير القائم بالذات أو القائم بالمحل أي الموضوع أو الأمر القائم بالغير، والتفسير الأخير لا يجري في صفات الله تعالى عند الأشاعرة القائلين بكونها لا عين ولا غير انتهى.
اعلم أنّ قيام الصفة بالموصوف له معنيان فقيل معناه أن يكون تحيّزا لصفة تبعا لتحيّز الموصوف، يعني أنّ هناك تحيّزا واحدا قائما بالمتحيّز بالذات وينسب إلى المتحيّز بالتبع باعتبار أنّ له نوع علاقة بالمتحيّز بالذات كالوصف بحال المتعلّق لا أنّ هناك تحيّزا واحدا بالشخص يقوم بهما بالتّبع، ولا أنّ هناك تحيّزين أحدهما مسبّب الآخر فافهم، فإنّه زلّ فيه الأقدام. وقيل معناه الاختصاص الناعت وهو أن يختصّ شيء بآخر اختصاصا يصير به ذلك الشيء نعتا للآخر والآخر منعوتا به فيسمّى الأول حالا والثاني محلا له كاختصاص السواد بالجسم لا كاختصاص الماء بالكوز، والمراد بالاختصاص هو الارتباط ونسبة النعت إليه مجازي لكونه سببا له، وهذا القول هو المختار لعمومه لأوصاف البارى فإنّها قائمة به من غير شائبة تحيّز في ذاته وصفاته، هكذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح المواقف. وفي قوله لأوصاف الباري إشارة إلى ترادف الوصف والصفة. ومنها العرضي أي الخارج عن الشيء المحمول عليه ويقابله الذات بمعنى الجزء كما عرفت. قال في الأجد حاشية شرح التجريد في بحث استناد القديم إلى الذات صفة الشيء على قسمين أحدهما ما يكون قائما به غير محمول عليه مواطأة كالكتابة بالقياس إلى زيد، والثاني ما يكون محمولا عليه بالمواطأة ولا يكون ذاتيا له كالكاتب بالقياس إليه، وهذا القسم من الصفات لما كانت محمولة على موصوفاتها بالمواطأة كانت عينها ومتحدة بعضها من وجه، وإن كانت مغايرة لها من وجه آخر وهو صحّة الحمل، ومن ثمّ قيل صحّة الحمل الإيجابي في القضايا الخارجية تقتضي اتحاد الطرفين في الخارج وتغايرهما في الذهن.
اعلم أنّ من ذهب إلى أنّ صفاته تعالى ليست زائدة على ذاته قد حصر صفاته في القسم الثاني ونفى القسم الأول من الصفات عنه تعالى فإنّه عين العالم مثلا، لا بأنّ العلم صفة قائمة به تعالى، كما أنّ زيدا عين العالم لعمرو بأنّ علمه لعمرو صفة قائمة به بل بأنّ علمه تعالى نفس ذاته كما أنّ زيدا عين العالم بذاته فإنّ علمه بذاته نفس ذاته فاعرف ذلك انتهى. وربّما يخصّ القسم الأول باسم الصفة والوصف والقسم الثاني باسم الاسم كما يستفاد من أكثر إطلاقات الصوفية، ومما وقع في كتب الفقه في كتاب الإيمان من أنّ القسم يصحّ وباسم من أسمائه تعالى كالرحمن والرحيم، وبصفة يحلف بها عرفا من صفاته تعالى كعزّة الله وجلالته وكبريائه وعظمته وقدرته. قال في فتح القدير المراد بالصفة في هذا المقام اسم المعنى الذي لا يتضمّن ذاتا ولا يحمل عليها بهو هو كالعزة والكبرياء والعظمة، بخلاف العظيم وهي أعمّ من أن يكون صفة فعلية أو ذاتية، والصفة الذاتية ما يوصف بها سبحانه ولا يوصف بأضدادها كالقدرة والجلال والكمال والكبرياء والعظمة والعزة، والصفة الفعلية ما يصحّ أن يوصف بها وبأضدادها كالرحمة والرضى لوصفه سبحانه بالسخط والغضب انتهى. ثم الظاهر أنّ المراد بما قال في الأجد من أنّ صفة الشيء على قسمين أنّ ما يطلق عليه لفظ الصفة على قسمين كما في تقسيم العلّة إلى سبعة أقسام فتأمّل.

التقسيم:
الصفة بمعنى الخارج القائم بالشيء قالوا هي على قسمين ثبوتية وهي ما لا يكون السّلب معتبرا في مفهومها وسلبية وهي ما يكون السّلب معتبرا في مفهومها، فالصفة أعمّ من العرض لاختصاصه بالموجود دون الصفة. ثم الصفة الثبوتية عند الأشاعرة تنقسم إلى قسمين: نفسية وهي التي تدلّ على الذات دون معنى زائد عليها ككونها جوهرا أو موجودا أو شيئا أو ذاتا، والمراد بالذات ما يقابل المعنى أي ما يكون قائما بنفسه، والحاصل أنّ الصفة النفسية صفة تدلّ على الذات لكونها مأخوذة من نفس الذات ولا تدلّ على أمر قائم بالذات زائد عليه في الخارج وإن كان مغايرا له في المفهوم فلا يتوهّم أنّه كيف لا يكون دالا على معنى زائد على الذات مع كونها صفة، وبهذا ظهر أنّ الصفات السلبية لا تكون نفسية لأنّه يستلزم أن يكون الذات غير السلوب في الخارج، وبعبارة أخرى هي ما لا يحتاج في وصف الذات به إلى تعقّل أمر زائد عليها أي لا يحتاج في توصيف الذات به إلى ملاحظة أمر زائد عليها في الخارج بل يكون مجرّد الذات كافيا في انتزاعها منه ووصفه بها، وبهذا المعنى أيضا لا يجوز أن يكون السلوب صفات نفسية لاحتياجها إلى ملاحظة معنى يلاحظ السلب إليه وتسمّى بصفات الأجناس أيضا. ومعنوية وهي التي تدلّ على معنى زائد على الذات أي تدلّ على أمر غير قائم بذاته زائد على الذات في الخارج والسلوب لا تدلّ على قيام معنى بالذات بل على سلبه كالتحيّز والحدوث، فإنّ التحيّز وهو الحصول في المكان زائد على ذات الجوهر وكذا الحدوث وهو كون الموجود مسبوقا بالعدم زائدا على ذات الحادث، وقد يقال بعبارة أخرى هي ما يحتاج في وصف الذات به إلى تعقّل أمر زائد عليها، هذا على رأي نفاة الأحوال. وبعض أصحابنا كالقاضي وأتباعه القائلين بالحال لم يفسّروا المعنوية والنفسية بما مرّ فإنّ الحال صفة قائمة بموجود فيكون دالا على معنى زائد على الذات فلا يصحّ كونه صفة نفسية بذلك المعنى مع كون بعض أفراده منها كالجوهرية واللونية، بل فسّروا النفسية بما لا يصحّ توهّم ارتفاعه عن الذات مع بقائها أي لا يكون توهّم الارتفاع صحيحا مطابقا للواقع، ولذا لم يفسّر بما لا يتوهّم الخ، فإنّ التوهّم ممكن بل واقع لكن خلاف ما في نفس الأمر كالأمثلة المذكورة، فإنّ كون الجوهر جوهرا أو ذاتا وشيئا ومتحيّزا وحادثا أحوال زائدة على ذات الجوهر عندهم ولا يمكن تصوّر انتفائها مع بقاء الذات. والمعنوية بما يقابلها وهي ما يصحّ توهّم ارتفاعه عن الذات مع بقائها، وهؤلاء قد قسّموا الصفة المعنوية إلى معلّلة كالعالمية والقادرية ونحوهما وإلى معلّلة كالعالمية والقادرية ونحوهما وإلى غير معلّلة كالعلم والقدرة وشبههما، ومن أنكر الأحوال منّا أنكر الصفات المعلّلة، وقال لا معنى لكونه عالما قادرا سوى قيام العلم والقدرة بذاته. وأما عند المعتزلة فالصفة الثبوتية أربعة أقسام: الأول النفسية. قال الجبائي وأتباعه منهم هي أخصّ وصف النفس وهي التي يقع بها التماثل بين المتماثلين والتخالف بين المتخالفين كالسوادية والبياضية، فالنفسية لا بدّ أن تكون مأخوذة من تمام الماهية لا غير إذ المأخوذ من الجنس أعمّ منه صدقا والمأخوذ من الفصل القريب أعمّ منه مفهوما، وإن كان مساويا له صدقا كالناطقية والإنسانية، ولم يجوّزوا اجتماع صفتي النفس في ذات واحدة ولم يجعلوا اللونية مثلا صفة نفسية للسواد والبياض لامتناع أن يكون لشيء واحد ماهيتان. وقال الأكثرون منهم هي الصفة اللازمة للذات فجوّزوا اجتماع صفتي النفس في ذات واحدة لأنّ الصفات اللازمة لشيء واحد متعدّدة ككون السواد سوادا أو لونا وعرضا، وكون الرّبّ تعالى عالما قادرا فإنّه لازم لذاته.
واتفقوا على أنّ النفسية يتصف بها الموجود والمعدوم مطلقا. الثاني الصفة المعنوية فقال بعضهم هي الصفة المعلّلة بمعنى زائد على ذات الموصوف ككون الواحد منا عالما قادرا بخلاف عالمية الواجب تعالى وقادريته فإنّها غير معلّلة عندهم بمعنى زائد على ذات الموصوف بل هما من الصفات النفسية. وقيل هي الصفة الجائزة أي غير اللازمة الثبوت لموصوفها. الثالث الصفة الحاصلة بالفاعل وهي عندهم الحدوث، وليست هذه الصفة نفسية إذ لا تثبت حال العدم ولا معنوية لأنّها لا تعلّل بصفة. الرابع الصفة التابعة للحدوث وهي التي لا تحقّق لها حالة العدم ولا يتصف بها الممكن إلّا بعد وجوده.
فالقيد الأول احتراز عن الصفة النفسية والحدوث، والقيد الثاني أي قولهم لا يتصف الخ احتراز عن الوجود ولا تأثير للفاعل فيها أصلا، وهي منقسمة إلى أقسام: فمنها ما هي واجبة أي يجب حصولها لموصوفها عند حدوثه كالتحيّز وقبول الأعراض للجوهر وكالحلول في المحل والتضاد للأعراض وكإيجاب العلّة لمعلولها وقبح القبيح. ومنها ما هي ممكنة أي غير واجبة الحصول لموصوفها عند حدوثه وهي إمّا تابعة للإرادة ككون الفعل طاعة أو معصية، فإنّ الفعل قد يوجد غير متصف لشيء من ذلك إذا لم يكن هناك قصد وإرادة، وإمّا غير تابعة لها ككون العلم ضروريا فإنّه صفة تابعة لحدوث العلم، ولذا لا يتصف علم الباري بالضرورة والكسب وليست واجبة له لتفاوت العلم بالنظرية والضرورية بالنسبة إلى الأشخاص وليست أيضا تابعة للقصد والإرادة. هذا والحاصل أنّ للمعتزلة تقسيمين: الأول الصفة الثبوتية إمّا أن يكون أخصّ صفات النفس وهي الصفة النفسية أو لا، فهي إمّا أن تكون معلّلة بمعنى زائد على الذات فهي المعلّلة والمعنوية أو لا تكون معلّلة كالعلم والقدرة منّا والعالمية والقادرية للواجب تعالى، فعلى هذا يتحقّق الواسطة بين النفسية والمعنوية أو يقال الصفة الثبوتية إمّا لازمة للذات وهي النفسية أو لا وهي المعنوية، وعلى هذا لا واسطة بينهما. والتقسيم الثاني الصفة إمّا أن تكون حاصلة بتأثير الفاعل وهي الحدوث أو تابعة لها من غير تأثير متجدّد فيها، سواء كانت معلّلة بمعنى زائد أو لا والصفات النفسية خارجة عن القسمين. وأيضا الصفات على الإطلاق نفسية كانت أو لا موجودة كانت أو لا عند المعتزلة إمّا عائدة إلى الجملة أي البنية المركّبة من عدة أمور أو إلى التفصيل إلى كلّ واحد من متعدّد بلا اعتبار تركيب بينها، والقسم الأول الحياة وما يتبعها من القدرة والعلم الإرادة والكراهة وغيرها لأن الحياة مشروطة بالبنية المركّبة من جواهر فردة لكونها اعتدال المزاج أو تابعة له والبواقي مشروطة بها، فهذا القسم مختصّ بالجواهر إذ لا يتصور حلول الحياة في الأعراض المركّبة. والقسم الثاني إمّا للجواهر أو للأعراض، فللجواهر أربعة أوصاف: الأول الصفة الحاصلة للجوهر حالتي العدم والوجود وهي الجوهرية التي هي من صفات الأجناس والثاني الصفة الحاصلة من الفاعل وهو الوجود إذ الفاعل لا تأثير له في الذوات لثبوتها أزلا، ولا في كون الجواهر جوهرا لأنّ الماهيات غير مجعولة، بل في جعل الجوهر موجودا أي متصفا بصفة الوجود.
والثالث ما يتبع وجود الجوهر وهو التحيّز المسمّى بالكون فإنّه صفة صادرة عن صفة الجوهرية بشرط الوجود. والرابع المعلّلة بالتحيّز بشرط الوجود وهو الحصول في الحيّز أي اختصاص الجوهر بالجوهر المسمّى بالكائنية المعلّلة بالكون. وللأعراض الأنواع الثلاثة:
الأول أعني الوصف الحاصل حالتي الوجود والعدم وهو العرضية، وما بالفاعل وهو الوجود، والصفة التابعة للوجود وهو الحصول في المحل. وقال بعضهم الذوات في العدم معرّاة عن جميع الصفات ولا يحصل الصفات إلّا حال الوجود. ومنهم من قال الجوهرية نفس التحيّز، فابن عياش ينفيهما حال العدم وأبو يعقوب الشّحّام يثبتهما فيه مع إثبات الحصول في الحيّز، وأبو عبد الله البصري يثبتهما دون الحصول في الحيّز، والبصري يختصّ من بينهم بإثبات العدم صفة. واتفق من عداه على أنّ المعدوم ليس له بكونه معدوما صفة. ثم جميع القائلين منهم بأنّ المعدومات ثابتة ومتصفة بالصفات اتفقوا على أنّه بعد العلم بأنّ للعالم صانعا قادرا عالما حيّا يحتاج إلى إثباته بالدليل لجواز اتصاف المعدوم بتلك الصفات عندهم.
وقال الإمام الرازي إنّه جهالة وسفسطة. وأيضا صفة الشيء على ثلاثة أقسام: الأول حقيقية محضة وهي ما تكون متقرّرة في الموصوف غير مقتضية لإضافته إلى غيره كالسّواد والبياض والشّكل والحسّ للجسم. الثاني حقيقية ذات إضافة وهي ما تكون متقرّرة في الموصوف غير مقتضية لإضافته إلى غيره، وهذا القسم ينقسم إلى ما لا يتغيّر بتغيّر المضاف إليه مثل القدرة على تحريك جسم ما فإنّها صفة متقرّرة في الموصوف بها يلحقها إضافة إلى أمر كلّي من تحريك جسم ما لزوما أوّليا ذاتيا، وإلى الجزئيّات التي تقع تحت ذلك الكلّي كالحجارة والشجرة والفرس لزوما ثانيا غير ذاتي، بل بسبب ذلك الكلّي، والأمر الكلّي الذي يتعلّق به الصفة لا يمكن أن يتغيّر وإن تغيّرت الجزئيات بتغيّر الإضافات الجزئية العرضية المتعلّقة بها.
فلمّا لم يتغيّر ذلك الأمر الكلّي الذي هو متعلّق الصفة أولا لم تتغيّر الصفة. مثلا القادر على تحريك زيد لا يصير غير قادر في ذاته عند انعدام زيد، ولكن تتغيّر الإضافة فإنّه حينئذ ليس قادرا على تحريك زيد وإن كان قادرا في ذاته، وإلى ما يتغيّر بتغيّر المضاف إليه كالعلم فإنّه صفة متقرّرة في العالم مقتضية لإضافته إلى معلومه المعيّن ويتغيّر بتغيّر المعلوم فإنّ العالم بكون زيد في الدار يتغيّر علمه بخروجه عن الدار وذلك لأنّ العلم يستلزم إضافته إلى معلومه المعيّن حتى إنّ العلم المضاف إلى معنى كلّي لم يكف في ذلك بأن يكون علما لجزئي، بل يكون العلم بالنتيجة علما مستأنفا يلزمه إضافة مستأنفة وهيئة للنفس متجدّدة لها إضافة متجدّدة مخصوصة غير العلم بالمقدّمة وغير هيئة تحقّقها، ليس مثل القدرة التي هي هيئة واحدة لها إضافات شيء، مثاله العلم بأنّ الحيوان جسم لا يقتضي العلم بكون الإنسان جسما ما لم يقترن إلى ذلك علم آخر، وهو العلم بكون الإنسان حيوانا. فإذن العلم بكون الإنسان جسما علم مستأنف له إضافة مستأنفة وهيئة جديدة للنفس لها إضافة جديدة غير العلم بكون الحيوان جسما وغير هيئة تحقّق ذلك العلم، ويلزم من ذلك أن يختلف حال الموصوف بالصفة التي تكون من هذا الصنف باختلاف حال الإضافات المتعلّقة بها لا في الإضافة فقط بل في نفس تلك الصفة. الثالث إضافية محضة مثل كونه يمينا أو شمالا وهي ما لا تكون متقرّرة في الموصوف وتكون مقتضية لإضافته إلى غيره وفي عدادها الصفات السلبية، فما ليس محلا للتغيّر كالباري تعالى لم يجز أن يعرض تغيّر بحسب القسم الأول، ولا بحسب أحد شقّي القسم الثاني، وهو الذي لا يتغيّر بتغيّر الإضافة. وأمّا بحسب الشقّ الآخر منه وبحسب القسم الثالث فقد يجوز، فالواجب الوجود يجب أن يكون علمه بالجزئيات علما زمانيا فلا يدخل الآن والماضي والمستقبل، هذا عند الحكماء.
وأمّا عند الأشاعرة ففي القسم الثاني لا يجوز التغيّر ويجوز في تعلّقه، فنفس العلم والقدرة والإرادة قديمة غير متغيّرة، وتعلّقاتها حادثة متغيّرة، والكرّامية جوّزوا تغيّر صفاته تعالى مطلقا، هذا كله خلاصة ما في شرح شرح المواقف وشرح الطوالع وشرح الإشارات.
ومنها ما هو مصطلح أهل العربية، والصفة في اصطلاحهم يطلق على معان. الأول النعت وهو تابع يدلّ على معنى في متبوعه مطلقا وقد سبق. الثاني الوصف المشتق ويقابله الاسم، وقد يطلق الصفة المعنوية عليه لكن هذا الإطلاق قليل، هكذا ذكر السّيّد السّند في حاشية المطول وهو ما دلّ على ذات مبهمة باعتبار معنى هو المقصود، والمراد بما اللفظ وبهذا المعنى يستعمله النحاة في باب منع الصرف على ما صرّح به السّيّد الشريف في حاشية المطول في باب القصر تدلّ على تعيين الذات أصلا، فإنّ معنى قائم شيء ما أو ذات ما له القيام، ولذا فسّرت أيضا بما دلّ على ذات مبهمة غاية الإبهام باعتبار معنى هو المقصود، فلا يرد على التعريف اسم الزمان والمكان والآلة فإنّها وإن دلّت على ذات باعتبار معنى هو المقصود لكن الذات المعتبرة فيها لها تعيّن المكانية والزمانية والآلية، فإنّ قولك مقام معناه مكان فيه القيام لا شيء ما أو ذات ما فيه القيام، كذا قالوا. ولا يبعد أن يقال المعنى ما قام بالغير والمتبادر منه أن يقوم بالذات المذكورة فامتازت الصفة بهذا الوجه أيضا من هؤلاء الأسماء وفيه نظر إذ يجوز أن يكون ما وضع له اسم المكان ذات يفعل فيها وكذا اسم الزمان، ويكون ما وضع له اسم الآلة ذات يفعل بها، وكأنّه لهذا صرّحوا بأنّ تعريف الصفة هذا غير صحيح لانتقاضه بهؤلاء الأسماء كذا في الأطول في بحث الاستعارة التبعية.
وقيل المعنى هو المقصود الأصلي في الصفات وفي تلك الأسماء المقصود الأصلي هو الذات فلا نقض في التعريف، وفيه بحث لأنّا لا نسلّم أنّ المقصود الأصلي في الصفات هو المعنى بل الأمر بالعكس إذ نفس المعنى يستفاد من نفس تركيب ض ر ب، فالصوغ إلى صيغة فاعل مثلا إنّما يكون للدلالة على ذات يقوم ذلك الوصف به، هكذا في بعض حواشي المطول في بحث القصر. وقيل المراد قيام معنى به أو وقوعه عليه فتخرج هؤلاء الأسماء فإنّ المضرب مثلا لا يدلّ على قيام الضرب بالزمان والمكان ولا وقوعه عليهما بل على وقوعه فيهما، وعلى هذا القياس اسم الآلة. وقوله هو المقصود احتراز عن رجل فإنّه يدلّ على الذات باعتبار معنى به هو البلوغ والذكور، ولكن ذلك المعنى ليس مقصودا بالدلالة فإنّ المقصود هو الموصوف بخلاف ضارب مثلا فإنّه يدلّ على ذات باعتبار معنى هو المقصود بالدلالة عليه وهو اتصافه بصفة الضرب، فالمقصود بالدلالة في نحو رجل هو الموصوف لا الاتصاف، وفي الضارب هو الاتصاف دون الموصوف، هكذا في بعض حواشي الإرشاد في بحث غير المنصرف. وقال مولانا عصام الدين في حاشية الفوائد الضيائية في بحث اسم التفضيل: أسماء الزمان والمكان والآلة لم توضع لزمان أو مكان أو آلة موصوفا بل لزمان أو مكان أو آلة مضافا انتهى. فمعنى المقتل مكان القتل أو زمانه لا مكان أو زمان يقتل فيه، وإلّا لزم أن يكون فيه ضمير راجع إلى المكان أو الزمان، وكذا الحال في الآلة فإنّ معنى المقتل آلة القتل لا آلة يقتل بها وهذا الفرق أظهر، فإنّ أهل اللغة إنّما يفسّرون معانيها بالإضافة غالبا لا بالتوصيف. ولا شكّ أنّ اسم الفاعل ونحوه لا يمكن تفسيره إلّا بالتوصيف، فعلم من هذا أنّها ليست موضوعة لزمان أو مكان أو آلة موصوفا بل مضافا، فلهذا لم يحكم بكونها أوصافا، والنسبة بين المعنيين العموم من وجه لتصادقهما في نحو جاءني رجل عالم وصدق النعت بدون الوصف المشتق في نحو جاءني هذا الرجل والعكس في نحو زيد عالم.
وفي غاية التحقيق الوصف في الاصطلاح يطلق على معنيين: أحدهما كونه تابعا يدلّ على معنى في متبوعه، وثانيهما كونه دالّا على ذات باعتبار معنى هو المقصود انتهى. ولا شكّ أنّ الوصف بكلا المعنيين ليس إلّا اللفظ الدالّ لا كونه دالّا، ففي العبارة مسامحة إشارة إلى أنّ المعتبر في التسمية بالوصف ليس محض اللفظ بل اللفظ بوصف كونه دالّا. وفي الفوائد الضيائية الوصف المعتبر في باب منع الصرف هو بمعنى كون الاسم دالّا على ذات مبهمة مأخوذة مع بعض صفاتها والدلالة أعمّ سواء كانت بحسب أصل الوضع أو بحسب الاستعمال كما في أربع في مررت بنسوة أربع انتهى. وهذا المعنى شامل للنعت والوصف المشتق لكنه يخرج عنه أيضا أسماء الزمان والمكان والآلة، فإنّ هذه الأمور وإن دلّت على الذات لكن لم تدلّ على بعض صفة تلك الذات على ما ذكره المولوي عصام الدين. الثالث الصفة المعنوية وهي تطلق على معنى قائم بالغير والمراد بالمعنى مقابل اللفظ كما هو الظاهر، فبينها وبين النعت تباين، وكذا بينها وبين الوصف المشتقّ. وقد يراد بالمعنى نفس اللفظ تسامحا تسمية للدّال باسم المدلول أو على حذف المضاف أي دالّ معنى، فعلى هذا بينهما عموم من وجه لتصادقهما في أعجبني هذا العلم وصدق المعنوية بدون النعت في نحو العلم حسن، والعكس في نحو مررت بهذا الرجل وبينها وبين الوصف المشتق التباين، وهذا هو المراد بالصفة في قولهم: القصر نوعان قصر الصفة على الموصوف وقصر الموصوف على الصفة. وقد تطلق على معنى أخصّ من هذا كما عرفت في تقسيم الصفة. وقد تطلق على ما تجريه على الغير وتجعل الغير فردا له وذلك بجعله حالا أو خبرا أو نعتا. وأمّا ما قال المحقّق التفتازاني من أنّ المراد بها في القول المذكور الوصف المشتق فبعيد إذ لم يشتهر وصفها بالمعنوية ولا يصحّ في كثير من موارد القصر إلّا بتكلّف أو تعسّف، هكذا يستفاد من الأطول وحواشي المطول. قال في الإنسان الكامل: الصفة عند علماء العربية على نوعين صفة فضائلية وهي التي تتعلّق بذات الإنسان كالحياة وفاضلية وهي التي تتعلّق به وبخارج عنه كالكرم وأمثال ذلك انتهى. والصفة في هذا التقسيم بمعنى ما يقوم بالغير. اعلم أنّ الوصف والصفة في هذه المعاني الثلاثة مترادفان، قال مولانا عبد الحكيم في حاشية الفوائد الضيائية في بحث غير المنصرف: الوصف يقال بمعنى النعت وبمعنى الأمر القائم بالغير وبمعنى ما يقابل الاسم انتهى. وفي المطول والأطول صرّح بأنّ الصفة تطلق على هذه المعاني الثلاثة فعلم أنّ بينهما ترادفا.

اسْم الْجِنْس

اسْم الْجِنْس: اعْلَم أَن الِاسْم على أَرْبَعَة أَنْوَاع: جنس وَاسم جنس وَعلم جنس ونكرة. أما الْجِنْس فَهُوَ الَّذِي يَصح إِطْلَاقه على الْقَلِيل وَالْكثير كَالْمَاءِ فَإِنَّهُ يُطلق على القطرة وَالْبَحْر. وَاسم الْجِنْس كالإنسان. وَعلم الْجِنْس كأسامة. والنكرة كَرجل. فَإِن قيل مَا الْفرق بَين اسْم الْجِنْس وَعلم الْجِنْس مَعَ أَنَّهُمَا موضوعان للماهية من حَيْثُ هِيَ هِيَ. قُلْنَا اسْم الْجِنْس مَوْضُوع للماهية من حَيْثُ هِيَ هِيَ من غير مُلَاحظَة الْحُضُور فِي الذِّهْن. وَعلم الْجِنْس أَيْضا مَوْضُوع لَهَا لَكِن من حَيْثُ إِنَّهَا حَاضِرَة فِيهِ وَلِهَذَا صَار معرفَة كَمَا أَنه لَا فرق بَين الْعلم والمعلوم عِنْد الْقَائِلين بِحُصُول الْأَشْيَاء بأنفسها فِي الذِّهْن إِلَّا بِاعْتِبَار الْقيام بالذهن وَعدم الْقيام على مَا تقرر فِي مَحَله.
والنكرة مَا يكون مَوْضُوعا لفرد منتشر من الْمَفْهُوم وملاحظة الْمَفْهُوم فِي النكرَة لَيْسَ إِلَّا ليَكُون آلَة لملاحظة الْأَفْرَاد. والنكرة بِهَذَا الْمَعْنى مُقَابل للْجِنْس وَاسم الْجِنْس وَعلم الْجِنْس. وَأما النكرَة بِمَعْنى مَا وضع لغير معِين فــشامل للْجَمِيع مُقَابل للمعرفة تقَابل التضاد أَو تقَابل الْعَدَم والملكة. إِن فسر النكرَة بِمَا لَيْسَ بِمَعْرِِفَة عَمَّا من شَأْنه أَن يكون معرفَة فَبين النكرَة بِالْمَعْنَى الأول والمعرفة وَاسِطَة بِخِلَاف النكرَة بِالْمَعْنَى الثَّانِي. وَالْمَفْهُوم من كَلَام جمال الْعَرَب الشَّيْخ ابْن الْحَاجِب رَحمَه الله فِي شرح الْمفصل أَن اسْم الْجِنْس والنكرة متحدان مُتَرَادِفَانِ.

ثمَّ فِيهَا اخْتِلَاف: قَالَ بَعضهم إِنَّهَا مَوْضُوعَة للماهية مَعَ تشخص غير معِين وَيُسمى فَردا منتشرا. وَقَالَ بَعضهم إِنَّهَا مَوْضُوعَة للماهية من حَيْثُ هِيَ أَي من غير مُلَاحظَة إِلَى أَن يعرضهَا التشخص. فعلى الأول الْفرق بَين النكرَة وَعلم الْجِنْس ظَاهر. وَأما على الثَّانِي فَإِنَّهُمَا وَإِن اتحدا فِي كَون كل مِنْهُمَا مَوْضُوعا للماهية المتحدة فِي الذِّهْن لكنهما افْتَرقَا من حَيْثُ إِن علم الْجِنْس يدل بجوهره على كَون تِلْكَ الْمَاهِيّة مَعْلُومَة للمخاطب معهودة عِنْده كَمَا أَن الْأَعْلَام الشخصية تدل بجواهرها على كَون تِلْكَ الْأَشْخَاص معهودة لَهُ. وَأما اسْم الْجِنْس أَي النكرَة فَلَا يدل بجوهره على كَون تِلْكَ الْمَاهِيّة مَعْلُومَة للمخاطب معهودة عِنْده بل يدل عَلَيْهِ إِذا دخله اللَّام فَهِيَ آلَة تجْعَل تِلْكَ الْمَاهِيّة الَّتِي وضع اسْم الْجِنْس بإزائها معهودة مَعْلُومَة عِنْد الْمُخَاطب وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره اسْم الْجِنْس مَا وضع لِأَن يَقع على شَيْء وعَلى مَا أشبهه كَالرّجلِ فَإِنَّهُ مَوْضُوع لكل فَرد خارجي على سَبِيل الْبَدَل من غير اعْتِبَار تعينه. وَإِن أردْت زِيَادَة التَّفْصِيل فَارْجِع إِلَى كتَابنَا جَامع الغموض شرح الكافيه فِي بحث الْمعرفَة.

الخنثى

الخنثى: إنسان له آلة الرجل والنساء أو ليس له منهما أصلا بل له ثقبة لا تشبههما، من الخنث وهو اللين. 
الخنثى:
[في الانكليزية] Androgyne
[ في الفرنسية] Androgyne
بالضم وسكون النون هي فعلى من الخنث بالفتح والسكون وهو اللين والتكسر، وألفها المقصورة للتأنيث. وكان القياس أن توصف بالمؤنث ويؤنث الضمير الراجع إليه كما هو المذكور في كلام الفصحاء، إلّا أنّ الفقهاء نظروا إلى عدم تحقّق التأنيث فلم يلحقوا علامة التأنيث في وصفه وضميره تغليبا للذكورة، وقالوا إنّه شرعا ذو فرج وذكر أي مولود له آلة المرأة والرجل. وبعبارة أخرى ذو فرجين، إذ الفرج شامل لهما. ومن لم يكن له شيء منهما وخرج بوله من سرّته فليس بخنثى. ولذا قال الشيخان أنا لا ندري اسمه كما في الاختيار.
وقال محمد إنّه في حكم الخنثى. وقيل بإطلاق الخنثى عليه أيضا فإن بلغ الخنثى من حيث السّن ولم تظهر منه علامة الذكورة ولا علامة الأنوثة فيسمّى خنثى مشكلا هكذا يستفاد من البرجندي وجامع الرموز.

الأشاعرة

الأشاعرة: الْفرق بَين الأشاعرة والأشعرية أَن الأشعرية فِي مُقَابلَة الماتريدية وهم الَّذين تبعوا أَبَا الْحسن الْأَشْعَرِيّ. والأشاعرة فِي مُقَابلَة الْمُعْتَزلَة شَامِلَــة للماتريدية والأشعرية. والأشاعرة إِذا وَقعت فِي مُقَابلَة الْحُكَمَاء فَالْمُرَاد بهَا جَمِيع الْمُتَكَلِّمين. الِاشْتِرَاك: لَفْظِي ومعنوي. أما الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ فَهُوَ أَن يكون اللَّفْظ مَوْضُوعا لمعنيين أَو لمعان بأوضاع مُتعَدِّدَة كَلَفْظِ الْعين للباصرة وَالْجَارِيَة وَالذَّهَب وَغير ذَلِك. والاشتراك الْمَعْنَوِيّ أَن يكون اللَّفْظ مَوْضُوعا لِمَعْنى كلي كالإنسان للحيوان النَّاطِق.

الِاشْتِقَاق

(الِاشْتِقَاق) (فِي عُلُوم الْعَرَبيَّة) صوغ كلمة من أُخْرَى على حسب قوانين الصّرْف
الِاشْتِقَاق: عِنْد عُلَمَاء التصريف اقتطاع فرع من أصل يَدُور فِي تصاريفه مَعَ تَرْتِيب الْحُرُوف وَزِيَادَة الْمَعْنى وَهَذَا تَعْرِيف للاشتقاق الصَّغِير.

وَأما تَعْرِيفه: الــشَّامِل لجَمِيع أَنْوَاعه فَهُوَ أَن تَجِد بَين اللَّفْظَيْنِ تنَاسبا فِي أحد المدلولات الثَّلَاثَة. واشتراكا فِي جَمِيع الْحُرُوف الْأَصْلِيَّة مُرَتبا أَو غير مُرَتّب أَو اشتراكا فِي أَكثر الْحُرُوف الْأَصْلِيَّة مَعَ تقَارب مَا بَقِي فِي الْمخْرج كنعق من نهق. وَالْمرَاد بِأَن تَجِد أَن تعلم فَهَذَا تَعْرِيف الْعلم بالاشتقاق لَا نَفسه وَكلمَة أَو للتنويع لَا للتشكيك. فَلَا يرد أَن التشكيك يُنَافِي التَّعْرِيف. فَاعْلَم أَن الِاشْتِقَاق على ثَلَاثَة أَنْوَاع صَغِير وكبير وأكبر. أما الِاشْتِقَاق الصَّغِير فكون اللَّفْظَيْنِ متناسبين فِي أحد المدلولات الثَّلَاثَة، ومشتركين فِي الْحُرُوف وَالتَّرْتِيب كضرب من الضَّرْب، وَأما الِاشْتِقَاق الْكَبِير فَهُوَ أَن تكون بَينهمَا مُنَاسبَة ومشاركة فِي الْحُرُوف دون التَّرْتِيب كجبذ من جذب، وَأما الِاشْتِقَاق الْأَكْبَر فَهُوَ أَن يكون بَينهمَا مُنَاسبَة ومشاركة فِي أَكثر الْحُرُوف مَعَ تقَارب مَا بَقِي فِي الْمخْرج كنعق من نهق.
وَاعْلَم أَن لمعْرِفَة زِيَادَة الْحُرُوف ثَلَاثَة طرق. الأول الِاشْتِقَاق وَالْمرَاد بِمَعْرِِفَة زِيَادَة الْحُرُوف أَنه إِذا أوردت الْكَلِمَة وفيهَا بعض حُرُوف الزِّيَادَة الْعشْرَة أَعنِي حُرُوف (الْيَوْم تنسيها) وَرَأَيْت ذَلِك الْحَرْف قد سقط فِي بعض تصاريف الْكَلِمَة الَّذِي يُوَافِقهَا فِي الْمَعْنى والتركيب حكمت بِزِيَادَة ذَلِك الْحَرْف وَالثَّانِي عدم النظير وَمَعْنَاهُ أَنَّك لَو حكمت بأصالة الْحَرْف أَو زيادتها لزم بِنَاء لم يُوجد فِي كَلَامهم كنون قرنفل فَإنَّك تحكم بزيادتها إِذْ لَيْسَ فِي الْكَلَام فعلل مثل سفرجل بِضَم الْجِيم وَالثَّالِث كَثْرَة زِيَادَة ذَلِك الْحَرْف فِي ذَلِك الْموضع كالهمزة إِذا وَقعت أَولا وَبعدهَا ثَلَاثَة أصُول نَحْو احمر. وَإِذا تعَارض بَعْضهَا مَعَ بعض يحكم بالترجيح. وتفصيل هَذَا الْمُجْمل أَن الِاشْتِقَاق مُحَقّق وَشبه اشتقاق لِأَن الدّلَالَة إِن كَانَت على الْمَعْنى الْمُشْتَرك ظَاهِرَة كضارب من الضَّرْب فالاشتقاق حِينَئِذٍ مُحَقّق وَإِن لم تكن الدّلَالَة كَذَلِك فَحِينَئِذٍ شبه الِاشْتِقَاق ثمَّ الِاشْتِقَاق الْمُحَقق إِن لم يُعَارضهُ اشتقاق آخر تعين الْعَمَل بِهِ. إِذْ الحكم بِهِ قَطْعِيّ. وَإِن عَارضه اشتقاق آخر فَإِن تَسَاويا يجوز فِيهِ الْأَخْذ بِأَيّ شِئْت وَإِن ترجح أَحدهمَا فَالْحكم بالراجح وتفصيل الْأَمْثِلَة فِي المطولات.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.