Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب): http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=19620#7fcec3
(سَنَــنَ)قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ «الــسُّنَّــة» وَمَا تصرَّف مِنْهَا. وَالْأَصْلُ فِيهَا الطَّرِيقَةُ والسِّيرة. وَإِذَا أُطْلِقَت فِي الشَّرع فَإِنَّمَا يُرادُ بِهَا مَا أمَر بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَهَى عَنْهُ ونَدَب إِلَيْهِ قَوْلًا وفِعْلا، مِمَّا لَمْ يَنْطق بِهِ الكِتابُ العزيزُ. وَلِهَذَا يُقَالُ فِي أدِلَّة الشَّرع الكِتابُ والــسُّنَّــة، أَيِ الْقُرْآنُ والحديث. (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّمَا أُنَسَّى لِأَــسُنَّ» أَيْ إِنَّمَا أُدْفَعُ إِلَى النِّسيان لأَسُوق النَّاسَ بالهِدَاية إِلَى الطَّرِيق المُسْتَقيم، وأُبِّينَ لَهُمْ مَا يَحْتاَجُون أَنْ يَفْعَلُوا إِذَا عَرَض لَهُمُ النّسيانُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ سَنَــنْتُ الإبلَ إِذَا أحْــسنــت رِعْيتهاَ والقيامَ عَلَيْهَا.وَمِنْهُ حَدِيثُ «أَنَّهُ نَزَل المُحصَّب وَلَمْ يَــسُنَّــه» أَيْ لَمْ يَجْعَلْهُ سُنَّــة يُعْمل بِهَا. وَقَدْ يَفْعلُ الشَّيْءَ لِسَبَبٍ خاصٍّ فَلَا يعُمّ غَيره. وَقَدْ يَفْعل لِمَعْنَى فَيزُول ذَلِكَ المَعْنى وَيَبْقَى الْفِعْلُ عَلَى حَالِهِ مُتَّبعاً، كقَصْر الصَّلَاةِ فِي السَّفر لِلْخَوْفِ، ثُمَّ استمرَّ القَصْر مَعَ عَدَم الخَوف.(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «رَمَل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ بِــسُنَّــةٍ» أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَــسُنَّ فِعْلَه لِكاَفَّة الأمَّة، وَلَكِنْ لسَبب خاصٍّ، وَهُوَ أَنْ يُرِى المُشْركين قُوَّة أَصْحَابِهِ، وَهَذَا مذهبُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وغَيرُه يَرَى أَنَّ الرَّمَل فِي طَوَاف القُدوم سُنَّــة.وَفِي حَدِيثِ مُحَلِّم بْنِ جَثَّامة «اسْنُــنِ اليومِ وغَيِّر غَدًا» أَيِ أعْمَل بــسُنَّــتك الَّتِي سَنَــنْتَهَا فِي القِصاَص، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا شِئْتَ أَنْ تُغَير فَغيَّر: أَيْ تُغَير مَا سَنَــنْت. وَقِيلَ تُغَير: مِنْ أخذِ الغِيَر، وَهِيَ الدِّية.وَفِيهِ «إِنَّ أكبَرَ الْكَبَائِرِ أَنْ تُقاَتِل أَهْلَ صَفْقَتك، وتُبدِّل سُنَّــتَك» أَرَادَ بتَبْديل الــسُّنــة أَنْ يَرْجِعَ أعْرابيا بَعْدَ هِجْرته.(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْمَجُوسِ «سُنُّــوا بِهِمْ سُنَّــةَ أهلِ الْكِتَابِ» أَيْ خْذُوهم عَلَى طَرِيقَتِهِمْ وأجْرُوهم فِي قَبُول الجِزْية مِنْهُمْ مُجْراهُم.(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا يُنْقض عهدُهم عَنْ سُنَّــةِ ما حل» أَيْ لَا يُنْقض بسَعْى ساعْ بالنَّمِيمة وَالْإِفْسَادِ، كَمَا يُقَالُ: لَا أُفْسِد مَا بَيْني وَبَيْنَكَ بِمَذَاهِبِ الْأَشْرَارِ وطُرُقِهم فِي الفَسادِ. والــسُّنَّــةُ الطَريقة، والــسَّنَــنُ أَيْضًا.(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَلَا رجُلٌ يَرُدّ عنَّا مِنْ سَنَــنِ هَؤُلَاءِ» .(س) وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ «اسْتَنَّتْ شَرَفا أَوْ شَرَفَين» اسْتَنَّ الفَرَس يَسْتَنُّ اسْتِنَاناً: أَيْ عَدَا لِمَرَحِه ونشاَطِه شَوْطًا أَوْ شَوْطَيْنِ وَلَا رَاكِب عَلَيْهِ. (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ فَرَس الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَله» .(س) وَحَدِيثُ عُمَرَ «رأيتُ أَبَاهُ يَسْتَنُّ بسَيْفه كَمَا يَسْتَنُّ الْجَمَلُ» أَيْ يَمْرحُ ويَخْطُر بِهِ.وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.(س) وَفِي حَدِيثِ السِّواك «أَنَّهُ كَانَ يَسْتَنُّ بِعُودٍ مِنْ أرَاك» الِاسْتِنَانُ: اسْتعمال السِّواك، وَهُوَ افْتِعاَل مِنَ الْأَــسْنَــانِ: أَيْ يُمِرُّه عَلَيْهَا.(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْجُمُعَةِ «وَأَنْ يَدَّهِن ويَسْتَنَّ» .(س) وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فأخذتُ الجَريدَة فَــسَنَــنْتُهُ بِهَا» أَيْ سَوّكْته بِهَا. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.(هـ) وَفِيهِ «أعْطُوا الرُّكُبَ أَــسِنَّــتَهَا» قَالَ أَبُو عُبيد : إِنْ كَانَتِ اللَّفْظَةُ مَحْفُوظَةً فَكَأَنَّهَا جَمْعُ الْأَــسْنَــانِ. يُقَالُ لِمَا تَأْكُلُهُ الْإِبِلُ وتَرعاه مِنَ العُشْب سِنٌّ وجَمْعه أَــسْنَــانٌ، ثُمَّ أَــسِنَّــةٌ.وَقَالَ غَيْرُهُ : الْأَــسِنَّــةُ جَمْعُ الــسِّنَــانِ لَا جَمْع الأسْنــان، تَقُولُ الْعَرَبُ: الحَمْضُ يَــسُنَّ الْإِبِلَ عَلَى الخُلَّة: أَيْ يُقوّيها كَمَا يُقوىّ الــسَّنُّ حَدّ السِّكين. فالحمْض سِنَــانٌ لَهَا عَلَى رَعْى الخُلَّة. والــسِّنَــانُ الِاسْمُ، وَهُوَ القُوّة.واسْتَصوب الْأَزْهَرِيُّ القَوْلين مَعًا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الــسِّنُّ الْأَكْلُ الشَّدِيدُ.وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أَصَابَتِ الإبلُ سِنّــاً مِنَ الرِّعْى إِذَا مَشَقت مِنْهُ مَشقا صَالحا. ويُجمع الــسِّنُّ بِهَذَا الْمَعْنَى أَــسْنَــاناً [ثُمَّ تُجْمع الْأَــسْنَــانُ أَــسِنَّــة ] . مِثْلُ كِنٍّ وأكْناَن وأكنَّة .وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «الْمَعْنَى أعْطُوها مَا تَمْتَنع بِهِ من النّحر؛ لأن صاحبها إذا أحــسن رعيتها سمنَت وحَــسُنــت فِي عَيْنِهِ فيَبْخَل بِهَا مِنْ أَنْ تُنْحر، فشَبه ذَلِكَ بالأسِنَّــة فِي وُقُوعِ الامتناع بها» . هَذَا عَلَى أنَّ المُراد بِالْأَــسِنَّــةِ جمعْ سِنَــانٍ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا جَمْعُ سِنٍّ فَالْمَعْنَى أمْكنوها مِنَ الرِّعي.(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أعْطُوا الــسِّنَّ حظَّها مِنَ الــسِّنِّ» أَيْ أعْطُوا ذَوَات الــسِّنِّ وَهِيَ الدَّوابُّ حظَّها مِنَ الــسِّن وَهُوَ الرِّعي.(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ «فأمْكِنوا الرِّكاب أَــسْنَــاناً» أَيْ تَرْعى أسْنــاَنا.وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ «أمَرَني أَنْ آخُذ مِنْ كُل ثَلَاثِينَ مِنَ البقَر تِبيعاً وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُــسِنَّــة» قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: البقرة والشاة يَقَعُ عَلَيْهِمَا اسْمُ المُــسِنِّ إِذَا أثْنَيا، وتُثْنَيان فِي الــسَّنَــة الثَّالِثَةِ، وَلَيْسَ مَعْنَى إِــسْنَــانِهَا كِبَرها كالرجُل المُــسِنِّ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ طُلوع سِنّــها فِي الــسَّنــة الثَّالِثَةِ.(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «يُنْفَى مِنَ الضَّحَايَا الَّتِي لَمْ تُــسْنَــنْ» رَوَاهُ القُتَيْبي بِفَتْحِ النُّونِ الْأُولَى، قَالَ: وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَنْبُت أسْنــانها، كَأَنَّهَا لَمْ تُعْطَ أَــسْنَــانًا، كَمَا يُقَالُ لَمْ يُلْبَن فُلَانٌ إِذَا لَمْ يُعْط لَبناً. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَهِمَ فِي الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا المحفوظُ عَنْ أَهْلِ الثَّبْت والضبْط بِكَسْرِ النُّونِ، وَهُوَ الصَّوَابُ فِي الْعَرَبِيَّةِ. يُقَالُ لَمْ تُــسْنِــنْ وَلَمْ تُــسِنَّ. وَأَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يُضَحَّى بِأُضْحِيَّةٍ لَمْ تُثْنِ:أَيْ لَمْ تَصِرْ تَنَّية، فَإِذَا أثْنَت فَقَدْ أَــسَنَّــتْ. وَأَدْنَى الأسْنــاَن الإثْناَءُ.(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ خَطب فذَكر الرِّبا فَقَالَ: إِنَّ فِيهِ أَبْوَابًا لَا تَخْفى عَلَى أحدٍ مِنْهَا السَّلّم فِي الــسِّنِّ» يَعْنِي الرقيقَ والدوابَّ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْحَيَوَانِ. أرادَ ذواتَ الــسِّنِّ. وسِنُّ الْجَارِحَةِ مُؤَنَّثة. ثُمَّ اسْتُعِيرَتْ للعُمْر استدِلاَلاً بِهَا عَلَى طُوله وقِصَره. وبَقيَتْ عَلَى التأنيْث.(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ:باَزِلُ عَامَيْن حَدِيثٌ سِنِّــي أَيْ أَنَا شابٌ حَدَثٌ فِي العُمر، كَبِير قَوِىٌّ فِي العَقْل والعِلمْ.(هـ) وَحَدِيثُ عُثْمَانَ «وجاوزتُ أَــسْنَــانَ أَهْلِ بَيْتِي» أَيْ أعْمارهم. يُقَالُ فُلَانٌ سِنُّ فلانَ، إِذَا كَانَ مثْله في الــسّنّ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ ذِي يَزَن «لأُوطِئَنَّ أَــسْنَــانَ العرَب كَعْبَة» يُرِيد ذَوِي أسْنــاَنهم، وَهُمُ الأكَابِر والأشْرَاف.[هـ] وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «صَدَقني سِنَّ بَكْرِه» هَذَا مَثَلٌ يُضرب للصَّادِق فِي خبَره، وَيَقُولُهُ الإنسانُ عَلَى نَفْسه وَإِنْ كَانَ ضَارًّا لَهُ. وأصلهُ أَنَّ رجُلا ساَوَمَ رَجلا فِي بَكْرٍ ليشْتَريه، فَسَأَلَ صَاحِبَهُ عَنْ سِنِّــهِ فَأَخْبَرَهُ بِالْحَقِّ، فَقَالَ المُشْتَري: صَدَقَني سِنَّ بَكْره.وَفِي حديثُ بَوْل الْأَعْرَابِيِّ فِي الْمَسْجِدِ «فدعاَ بدَلْو مِنْ مَاءٍ فَــسَنَّــهُ عَلَيْهِ» أَيْ صَبَّه. والــسَّنُّ الصَّبُّ فِي سُهُولة. وَيُرْوَى بِالشِّينِ. وَسَيَجِيءُ.(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْخَمْرِ «سَنَّــهَا فِي الْبَطْحَاءِ» .(هـ) وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «كَانَ يَــسُنُّ المْاءَ عَلَى وجْهه وَلَا يَشُنُّه» أَيْ كَانَ يَصُبُّه وَلَا يُفَرِّقه عَلَيْهِ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ مَوْتِهِ «فَــسُنُّــوا عَلىَّ التُّرابَ
سَنّــاً» أَيْ ضَعُوه وضْعا سَهْلا.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ حضَّ عَلَى الصَّدَقة، فَقَامَ رَجل قَبِيحُ الــسُّنَّــة» : الــسُّنَّــةُ: الصُّورةُ، وَمَا أقْبل عَلَيْكَ مِنَ الْوَجْهِ. وَقِيلَ سُنَّــةُ الْخَدِّ: صَفْحته.
(س) وَفِي حَدِيثِ بَرْوَعَ بنْتِ واشِقٍ «وَكَانَ زوجُها سُنَّ فِي بِئْرٍ» أَيْ تَغيَّر وأنْتَن، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: «مِنْ حَمَإٍ مَــسْنُــونٍ» *
أَيْ مُتَغَيّر. وَقِيلَ أَرَادَ بــسُنَّ أَــسِنَ بِوَزْنِ سَمِعَ، وَهُوَ أَنْ يَدُورَ رأسُه مِنْ رِيح كَرِيهة شَمَّها ويُغْشَى عَلَيْهِ.