Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: رحم

الرّحمة

الــرّحمــة:
[في الانكليزية] Mercy ،clemency
[ في الفرنسية] Misericorde clemence
بالفتح وسكون الحاء المهملة لغة رقّة القلب وانعطاف يقتضي التّفضّل والإحسان، وهي من الكيفيات التابعة للمزاج، والله سبحانه منزّه عنها، فإطلاقه عليه مجاز عمّا يترتّب عليه من إنعامه على عباده، كالغضب فإنّه لغة ثوران النفس وهيجانها عند إرادة الانتقام، فإذا أسند إلى الله تعالى أريد به المنتهى والغاية. ولذا قيل أسماء الله تعالى إنّما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادئ التي تكون انفعالات.
وذكر بعض المحققين أنّ الــرحمــة من صفات الذات وهي إرادة إيصال الخير ودفع الشّر.
فالباري سبحانه رحمــن ورحيم لأنّ إرادته أزلية، ومعنى ذلك أنّه تعالى أراد في الأزل أن ينعم على عبيده المؤمنين فيما لا يزال. وقال آخرون هي من صفات الفعل وهي إيصال الخير ودفع الشرّ، ونسبتها إليه سبحانه عبارة عن عطاء الله تعالى العبد ما لا يستحقّه من المثوبة ودفع ما يستوجبه من العقوبة. وقيل هي ترك عقوبة من يستحقّ العقوبة. وذكر الإمام الرازي في مفاتيح الغيب أنّ الــرحمــة لا تكون إلّا لله تعالى لأنّ الجود هو إفادة ما ينبغي لا لغرض، وكل أحد غير الله إنّما يعطي ليأخذ عوضا، إلّا أنّ العوض أقسام. منها جسمانية كمن أعطى دينارا ليأخذ كرباسا. ومنها روحانية وهي أقسام. أحدها إعطاء المال لطلب الخدمة. والثاني إعطاؤه لطلب الثناء الجميل. والثالث إعطاؤه لطلب الإعانة. والرابع إعطاؤه لطلب الثّواب الجزيل.
والخامس إعطاؤه لدفع الرّقة الجنسية عن القلب. والسادس إعطاؤه ليزيل حبّ المال عن قلبه، فكلّ من أعطى إنّما يعطي لغرض تحصيل الكمال، فيكون ذلك في الحقيقة معاوضة. وأمّا الحقّ سبحانه فهو كامل في نفسه فيستحيل أن يعطي ليستفيد به كمالا.
اعلم أنّ الفرق بين الــرحمــن والرحيم أنّ الــرحمــن اسم خاص بصفة عامة، والرحيم اسم عام بصفة خاصة، وخصوص اللفظ في الــرحمــن بمعنى أنّه لا يجوز أن يسمّى به لما سوى الله تعالى.
وعموم المعنى من حيث إنّه يشتمل على جميع الموجودات من طريق الخلق والرزق والنفع والدفع. وعموم اللفظ في الرحيم من حيث اشتراك المخلوقين في التسمية به. وخصوص المعنى لأنّه يرجع إلى اللطف والتوفيق المخصوصين بالمؤمنين. وفي الــرحمــن مبالغة في معنى الــرحمــة ليست في الرحيم، هي إمّا بحسب شموله للدارين واختصاص الرحيم بالدنيا كما وقع في الأثر (يا رحمــن الدنيا والآخرة ويا رحيم الدنيا)، وإمّا بحسب كثرة أفراد المرحومين وقلتها كما ورد (يا رحمــن الدنيا ويا رحيم الآخرة)، فإنّ رحمــة الدنيا تعم المؤمن والكافر ورحمــة الآخرة تخص المؤمن، وإما باعتبار جلالة النّعم ودقتها فيقصد بالــرحمــن رحمــة زائدة بوجه ما. وعلى هذا يحمل في قولهم يا رحمــن الدنيا والآخرة ورحيمها، فالمراد بالــرحمــن نوع من الــرحمــة أبعد من مقدورات العباد وهي ما يتعلّق بالسعادة الأخروية، والــرحمــن هو العطوف على عباده بالإيجاد أولا والهداية ثانيا والإسعاد في الآخرة ثالثا والإنعام بالنظر إلى وجه الكريم رابعا.
والأقوال للمفسرين في الفرق بينهما كثيرة، فإن شئت الاطلاع عليها فارجع إلى أسرار الفاتحة.
وقال أبو البقاء الكفوي الحنفي في كلياته:
اعلم أنّ جميع أسماء الله تعالى ثلاثة أقسام:
أسماء الذات وأسماء الأفعال وأسماء الصفات.
والبسملة مشتملة على أفضل الأقسام الثلاثة.
فلفظ الله اسم للذات المستجمع لجميع الكمالات. ولفظ الــرحمــن اسم لفعل الــرحمــة على العباد في الدنيا والآخرة شيئا فشيئا من حيث حدوث المرحومين وحدوث حاجاتهم، فمتعلّقه أثر منقطع فيشتمل المؤمن والكافر. ولفظ الرحيم اسم لصفة الــرحمــة الثابتة الدائمة فيختصّ في حقّ المؤمن، فمتعلّقه أثر غير منقطع. فعلى هذا الرحيم أبلغ من الــرحمــن انتهى.

قال الصوفية: الــرحمــانية هي الظهور لحقيقة الأسماء والصفات، وهي بين ما يختص به من ذاته كالأسماء الذاتية وبين ما له وجه إلى المخلوقات كالعالم والقادر ونحوهما ممّا له تعلّق إلى الحقائق الوجودية. فالــرحمــانية اسم جميع المراتب الحقّية دون الخلقية، فهي أخصّ من الألوهية لانفرادها بما يتفرّد الحقّ سبحانه. والألوهية جميع الأحكام الحقيّة والخلقية. فالــرحمــانية جمع بهذا الاعتبار أعزّ من الألوهية لأنها عبارة عن ظهور الذات في المراتب العليّة وتقدّسها عن المراتب الدنيّة، وليس للذات في مظاهرها مظهر يختصّ بالمراتب العليّة بحكم الجمع إلّا المرتبة الــرحمــانية، فنسبتها إلى الألوهية نسبة النبات إلى القصب، فالنبات على مرتبة توجد في القصب، والقصب توجد فيه النبات وغيره. فإن قلت بأفضلية النبات بهذا الاعتبار فالــرحمــانية أفضل.
وإن قلت بأفضلية القصب لعمومه وجمعه له ولغيره فالألوهية أفضل. والاسم الظاهر في المرتبة الــرحمــانية هو الــرحمــن، وهو اسم يرجع إلى الأسماء الذاتية والأوصاف النفسية وهي سبعة: الحياة والعلم والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر. والأسماء الذاتية كالأحدية والواحدية والصّمدية ونحوها. واختصاص هذه المرتبة بهذا الاسم للــرحمــة الشاملة لكلّ المراتب الحقّية والخلقية فإنّه لظهورها في المراتب الحقّية ظهرت المراتب الخلقية، فصارت الــرحمــة عامة في جميع الموجودات فإن شئت الزيادة فارجع إلى الإنسان الكامل.

وفي الاصطلاحات الصوفية لكمال الدين:
الــرحمــن اسم للحقّ باعتبار الجمعية الأسمائية التي في الحضرة الإلهية الفائض منها الوجود وما يتبعه من الكمالات على جميع الممكنات.
والرحيم اسم له باعتبار فيضان الكمالات المعنوية على أهل الإيمان كالمعرفة والتوحيد.
والــرحمــة الامتنانية هي الــرحمــانية المقتضية للنّعم السابقة على العمل، وهي التي وسعت كلّ شيء في قوله تعالى: وَــرَحْمَــتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ والــرحمــة الوجوبية هي الــرحمــة الموعودة للمتّقين والمحسنين في قوله تعالى فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وفي قوله تعالى إِنَّ رَحْمَــتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ انتهى.

التَّيَمُّم

التَّيَمُّم: تتريب الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ مُرَتبا بِقصد التَّطْهِير.
التَّيَمُّم: فِي اللُّغَة الْقَصْد. وَفِي الشَّرْع قصد الصَّعِيد الطَّاهِر واستعماله بِصفة مَخْصُوصَة لإِزَالَة الْحَدث. وَفِي جَامع الرموز التَّيَمُّم لُغَة الْقَصْد وَشرعا أَفعَال مَخْصُوصَة. وَفِي الْكَافِي وَغَيره الْقَصْد إِلَى الصَّعِيد لإِزَالَة الْحَدث وَلَا يخفى أَنه لَا يَخْلُو عَن شَيْء.
وَاعْلَم أَنه لَا بُد فِي التَّيَمُّم من سَبْعَة أَشْيَاء - النِّيَّة - وضربة للْوَجْه - وضربة للذراعين - والاستيعاب - والصعيد الطَّاهِر - وَالْمسح بِثَلَاثَة أَصَابِع وَعدم الْقُدْرَة على المَاء - وَشَرطه أَن يكون الْمَنوِي عبَادَة مَقْصُودَة لَا تصح إِلَّا بِالطَّهَارَةِ أَو اسْتِبَاحَة الصَّلَاة أَو الطَّهَارَة أَو رفع الْحَدث أَو الْجَنَابَة. فَلَو تيَمّم لصَلَاة الْجِنَازَة أَو سَجْدَة التِّلَاوَة جَازَ لَهُ أَن يُصَلِّي بِهِ وَلَو تيَمّم وَهُوَ مُحدث أَو جنب لقِرَاءَة الْقُرْآن عَن ظهر الْقلب أَو عَن الْمُصحف أَو لمس الْمُصحف أَو لزيارة الْقُبُور أَو لدفن الْمَيِّت أَو للأذان أَو للإقامة أَو لدُخُول الْمَسْجِد أَو للسلام أَو لرد السَّلَام أَو لعيادة الْمَرِيض أَو لتعليم التَّيَمُّم للْغَيْر وَصلى بذلك التَّيَمُّم لَا يجوز كَذَا فِي الْفَتَاوَى العالمكيري.
وَاعْلَم أَن اقْتِدَاء الْمُتَوَضِّئ بالمتيمم جَائِز عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رَضِي الله عَنْهُمَا خلافًا لمُحَمد وَالشَّافِعِيّ رحمــهمَا الله لما ذكر فِي كتب الْأُصُول. وخلاصته أَن التَّيَمُّم طَهَارَة مُطلقَة عِنْد عدم المَاء عندنَا وَعند مُحَمَّد وَالشَّافِعِيّ رحمــهمَا الله طَهَارَة ضَرُورِيَّة بِقدر مَا تنْدَفع بِهِ الضَّرُورَة حَتَّى لم يجز أَدَاء الْفَرَائِض بِتَيَمُّم وَاحِد فَلَا يجوز اقْتِدَاء الْمُتَوَضِّئ بالمتيمم وَأَن الخلفية عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الجوهرين أَي التُّرَاب وَالْمَاء لِأَنَّهُ تَعَالَى نَص عِنْد النَّقْل إِلَى التَّيَمُّم على عدم المَاء فَيكون المَاء أصلا وَالتُّرَاب خلفا وَلما كَانَ المَاء أصلا وَالتُّرَاب خلفا وَكَانَ الطَّهَارَة حكم الأَصْل كَانَ شَرط الصَّلَاة مَوْجُودا فِي كل مِنْهُمَا بِكَمَالِهِ لِأَن الْخلف لَا يُخَالف الأَصْل فِي الحكم فَيجوز اقْتِدَاء الْمُتَوَضِّئ بالمتيمم وَعند مُحَمَّد وَالشَّافِعِيّ رحمــهمَا الله الخلفية بَين التَّيَمُّم وَالْوُضُوء أَي الْفِعْلَيْنِ المخصوصين لَا الجوهرين لِأَن الله تَعَالَى أَمر بِالْوضُوءِ أَولا ثمَّ أَمر بِالتَّيَمُّمِ عِنْد الْعَجز بقوله فَتَيَمَّمُوا ليَكُون الخلفية بَين الْوضُوء وَالتَّيَمُّم لَا بَين المَاء وَالتُّرَاب فَلَا يكون شَرط الصَّلَاة مَوْجُودا فِي كل مِنْهُمَا بِكَمَالِهِ إِذْ كَمَا لَهما بِاعْتِبَار أَنَّهُمَا حكمان للْمَاء وَالتُّرَاب وَهُوَ مُنْتَفٍ فَيكون شَرط الصَّلَاة فِي أَحدهمَا مَوْجُودا بِكَمَالِهِ وَفِي الآخر بنقصانه. واقتداء الْمُتَوَضِّئ وَأَدَاء صلوته بالمتيمم وأدائه فِي ضمن أَدَاء الإِمَام تَفْرِيغ عَلَيْهِ فَلَا يجوز اقْتِدَاء الْمُتَوَضِّئ بالمتيمم عِنْد مُحَمَّد وَالشَّافِعِيّ رحمــهمَا الله لِأَن الْمُتَوَضِّئ صَاحب الأَصْل والمتيمم صَاحب الْفَرْع وَلَيْسَ لصَاحب الأَصْل القوى أَن يَبْنِي صلواته على صَاحب الْخلف الضَّعِيف كَمَا لَا يبْنى من صلى بركوع وَسُجُود على من يُصَلِّي بإيماء فَافْهَم. وَالتَّيَمُّم لمس الْمُصحف وَدخُول الْمَسْجِد مَعَ وجود المَاء جَائِز كَذَا فِي الْمَبْسُوط وَفِي الْفَتَاوَى (العالمكيري) يجوز التَّيَمُّم لمن حَضرته جَنَازَة وَالْوَلِيّ غَيره فخاف أَن اشْتغل بِالطَّهَارَةِ أَن تفوته الصَّلَاة صلى على جَنَازَة بِتَيَمُّم ثمَّ أُتِي بِأُخْرَى فَإِن كَانَ بَين الثَّانِيَة وَالْأولَى مِقْدَار مُدَّة يذهب وَيتَوَضَّأ ثمَّ يَأْتِي وَيُصلي أعَاد التَّيَمُّم وَإِن لم يكن مِقْدَار مَا يقدر على ذَلِك صلى بذلك التَّيَمُّم وَعَلِيهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْمُضْمرَات.
وَالتَّيَمُّم لصَلَاة الْعِيد عِنْد وجود المَاء قبل الشُّرُوع فِيهَا لَا يجوز للْإِمَام إِذا لم يخف خُرُوج الْوَقْت وَإِلَّا يجوز وَيجوز للمقتدي إِن خَافَ فَوت الصَّلَاة لَو تَوَضَّأ وَلَو أحدث أَحدهمَا بعد الشُّرُوع فِيهَا بِالتَّيَمُّمِ تيَمّم وَيَبْنِي وَكَذَلِكَ بعد الشُّرُوع بِالْوضُوءِ إِن خَافَ ذهَاب الْوَقْت أَو فَوت الصَّلَاة لَو تَوَضَّأ هَكَذَا فِي النِّهَايَة. وَيجوز التَّيَمُّم للْجنب لصَلَاة الْجِنَازَة وَصَلَاة الْعِيد كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّة.

ثُبُوت الشَّيْء للشَّيْء ضَرُورِيّ وسلبه عَنهُ مُمْتَنع: قَالَ الزَّاهِد رَحمَــه الله هَذَا على تَقْدِير تقومه بالجعل الْبَسِيط أَو بوجوديته بالجعل الْمركب على اخْتِلَاف الْقَوْلَيْنِ فِي الْجعل انْتهى فَلَا يرد النَّقْض على مَا هُوَ الْمَشْهُور أَعنِي مَا لَيْسَ بموجود لَيْسَ بِشَيْء من الْأَشْيَاء حَتَّى يصدق سلبه عَن نَفسه.
ثُبُوت الشَّيْء للشَّيْء فرع لثُبُوت الْمُثبت لَهُ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُور لَكِن الصَّوَاب أَن ثُبُوت الشَّيْء للشَّيْء فرع لثُبُوت الْمُثبت لَهُ أَو مُسْتَلْزم لَهُ فِي ظرف الثُّبُوت وستطلع على تَحْقِيق هَذَا المرام مَعَ تدقيقات فويقة فِي الْمُوجبَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَمعنى قَوْلهم ثُبُوت الْمَحْمُول للموضوع فرع ثُبُوته فِي نَفسه لَيْسَ مَعْنَاهُ أَن ثُبُوته فِي نَفسه أصل يُوجب ذَلِك الْفَرْع كَمَا يُوجب الدَّلِيل الَّذِي هُوَ أصل للْحكم والنتيجة اللَّذين هما فرعاه وَإِلَّا لَكَانَ ضَرُورِيًّا بل مَعْنَاهُ أَن ثُبُوت الْمَحْمُول لَا يَصح إِلَّا إِذا كَانَ الْمَوْضُوع ثَابتا فالمحمول فرع على ثُبُوته فِي نَفسه أَي مَوْضُوع عَلَيْهِ. وَكَذَا قَول جلال الْعلمَاء رَحمَــه الله تَعَالَى أَنه مُسْتَلْزم لثُبُوت الْمَوْضُوع فِي نَفسه لَيْسَ مَعْنَاهُ أَن ثُبُوت الْمَحْمُول عَلَيْهِ مُسْتَلْزم لثُبُوت الْمَوْضُوع بل مَعْنَاهُ إِن صدق ثُبُوت الْمَحْمُول لَهُ يسْتَلْزم صدق ثُبُوته فِي نَفسه فَلَا تخَالف فِي المُرَاد والمآل.
وَهَا هُنَا مطَالب لم يرخصني تردد الخاطر بذكرها وَلَكِن اذكر هَا هُنَا مغالطة غَرِيبَة لتشحيذ ذهنك فاستمع وَهِي أَنا لَا نسلم أَن ثُبُوت شَيْء لشَيْء فرع لثُبُوت الْمُثبت لَهُ أَو مُسْتَلْزم لَهُ بِوُجُوه: الْوَجْه الأول: أَنه لَو كَانَ ثُبُوت الشي للشَّيْء فرعا أَو مستلزما لثُبُوت الْمُثبت لَهُ لزم التسلسل وَاللَّازِم بَاطِل فَكَذَا الْمَلْزُوم. بَيَان الْمُلَازمَة أَنه إِذا وَجب الثُّبُوت للمثبت لَهُ وَجب أَن يكون هُنَاكَ ثُبُوت آخر للمثبت لَهُ يثبت الثُّبُوت بِهِ وننقل الْكَلَام إِلَى هَذَا الثُّبُوت الثَّانِي فَيلْزم هُنَاكَ ثُبُوت ثَالِث وهلم جرا فَيلْزم التسلسل. وَالْوَجْه الثَّانِي: أَنه لَو صحت هَذِه الْمُقدمَة لزم تقدم الْمَعْلُول الَّذِي هُوَ الْعقل الأول عِنْدهم على الْوَاجِب تَعَالَى وَالثَّانِي بَاطِل فالمقدم مثله. بَيَان الْمُلَازمَة أَنه لاشك فِي أَن الله تَعَالَى متصف بالوجود الْمُطلق اتصافا ذهنيا فعلى تَقْدِير أَن يكون ثُبُوت الشَّيْء لغيره فرعا أَو مستلزما لثُبُوت ذَلِك فِي ظرف الثُّبُوت يلْزم أَن يكون الْوَاجِب تَعَالَى مَوْجُودا فِي ذهن ذاهن قبل اتصافه بالوجود الْمُطلق والذاهن بعد الْوَاجِب بِلَا وَاسِطَة هُوَ الْعقل الأول. وَالْوَجْه الثَّالِث: أَنه لَو صحت الْمُقدمَة الْمَذْكُورَة لزم بطلَان مَا هُوَ الْمُقَرّر بَين الْحُكَمَاء من تحقق عِلّة بسيطة من جَمِيع الْجِهَات لِأَن كل مَعْلُول حِينَئِذٍ يتَوَقَّف على كَونه مَوْجُودا فِي الذِّهْن قبل تَأْثِير الْعلَّة فِيهِ بل نقُول على تَقْدِير صِحَة الْمُقدمَة الْمَذْكُورَة يتَوَقَّف كل مَعْلُول على كَونه مَوْجُودا بوجودات غير متناهية حَتَّى تُؤثر الْعلَّة فِيهِ كَمَا لَا يخفى عِنْد من أجْرى الْمُقدمَة الْمَذْكُورَة على الْوُجُود الْحَاصِل لَهُ فِي الذِّهْن قبل الْوُجُود الْحَاصِل لَهُ من تَأْثِير علته فَافْهَم.
وحلها أَن الْوُجُود والثبوت من الْأُمُور الَّتِي ينتزع عَن الْأَشْيَاء الَّتِي يحكم عَلَيْهَا بِكَوْنِهَا مَوْجُودَة أَو ثَابِتَة على معنى أَن مَا فِي نفس الْأَمر إِذا لاحظه الْعقل بالشَّيْء الْمَوْجُود ينتزع عَنهُ الْوُجُود والأمور المنتزعة بِهَذَا الْمَعْنى جَازَ أَن تقع أوصافا لموصوفاتها فِي نفس الْأَمر. وَبِهَذَا الْحل ينْحل أَكثر المغالطات والأوهام عَن الْقَوَاعِد الَّتِي تمسك بهَا الْحُكَمَاء على مطالبهم.

سقط

(سقط) : السَّقْطُ بالفتح: الكَثِيرُ الحُمْق.
سقط: {سقط}: ندم، ولا يقال: أسقط.
سقط قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَسَأَلت عَنْهُ الْأَصْمَعِي فَلم يقل فِيهِ شَيْئا. وَقَالَ [الْأَصْمَعِي -] : السُقط والسِقط لُغَتَانِ. وَقَالَ رَجُل لرَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم: مَالِي من وَلَدي قَالَ: من قدمت مِنْهُم قَالَ: فَمن خلفت مِنْهُم بعدِي قَالَ: لَك مِنْهُم مَا لمُضَر من وَلَده. وَقَالَ قَالَ حميد: لأَن أقدم سِقْطاً أحب إِلَيّ من أَن أخلف بعدِي قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا أَدْرِي كَيفَ قَالَ حميد: مائَة مستلئم كلهم قد حمل السِّلَاح. وَعَن أَبِي عُبَيْدَة سقط وَسقط وَسقط وَلَا أحد يَقُول بِالْفَتْح غَيره وَكَذَلِكَ فِي اللوى والرمل وَكَذَلِكَ سِقْط النَّار. وَزعم الْكسَائي أَن احْبَنْطْيت واحبنطأت لُغَتَانِ.
(سقط) - في الحديث: "لأن أُقدِّم سَقْطاً أَحبُّ إلىّ من مائة مُسْتَلْئم".
: أي الولَدُ الذي يَسقُط له من بَطْن أْمِّه قبل تَمامِه، تُضَمّ سِينُه وتُفْتَح وتُكْسَر. وسِقْطُ النَّارِ، بالكسْرِ: ما يَسقُط من الزَّندِ.
- في الحديث: "لَلَّهُ عَزَّ وجَلَّ أَفرحُ بتَوْبة عبدِه من أحدكم يَسقُط على بَعِيره قد أضلَّه". : أيَ يعَثُر على مَوضِعه ويَطَّلع عليه ويَقَع. من قولهم: "على الخَبِير سَقَطْتَ "
- في حديث ابن عُمَر رضي الله عنهما: "كان لا يمرّ بسَقَّاطٍ إلا سَلَّم عليه" .
: أي بائِع سَقَطِ المَتاعِ، وهو رُذاَلُه ، والعوام يُسَمُّونه السَّقَطَى.
- في حديث أبي بكر، رضي الله عنه؛ "بهَذِه الأَظْرُب السَّواقِطِ".
: أي صِغار الجبال المُنخَفِضَة اللَّاطِئَة بالأرض.
- في حديث الإفك: "فأَسقَطوُا لَهَابه".
: أي سَبُّوها وقالوا لها من سَقَط الكلام بسبَب ذلِك، وصحَّفه بَعضُهم فقالوا: أسقطوا لهاته..
سقط
السُّقُوطُ: طرح الشيء، إمّا من مكان عال إلى مكان منخفض كسقوط الإنسان من السّطح، قال تعالى: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا
[التوبة/ 49] ، وسقوط منتصب القامة، وهو إذا شاخ وكبر، قال تعالى: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً
[الطور/ 44] ، وقال: فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ
[الشعراء/ 187] ، والسِّقَطُ والسُّقَاطُ: لما يقلّ الاعتداد به، ومنه قيل: رجل سَاقِطٌ لئيم في حَسَبِهِ، وقد أَسْقَطَهُ كذا، وأسقطت المرأة اعتبر فيه الأمران: السّقوط من عال، والرّداءة جميعا، فإنه لا يقال: أسقطت المرأة إلا في الولد الذي تلقيه قبل التمام، ومنه قيل لذلك الولد: سقط ، وبه شبّه سقط الزّند بدلالة أنه قد يسمّى الولد، وقوله تعالى: وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ
[الأعراف/ 149] ، فإنه يعني النّدم، وقرئ: تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا
[مريم/ 25] ، أي: تسّاقط النّخلة، وقرئ: تُساقِطْ بالتّخفيف، أي: تَتَسَاقَطُ فحذف إحدى التاءين، وإذا قرئ (تَسَاقَطْ) فإنّ تفاعل مطاوع فاعل، وقد عدّاه كما عدّي تفعّل في نحو: تجرّعه، وقرئ: يَسَّاقَطْ عليك أي: يسّاقط الجذع.

سقط


سَقَطَ(n. ac. مَسْقَط
سُقُوْط)
a. Fell, dropped, tumbled down; came forth (
fœtus ).
b. Came, fell; abated, lessened (heat).
c. [Fī], Made a slip, error in (speech).
d. [ Ila ], Alighted at the home of, came to.

سَاْقَطَa. Made to fall, drop; threw down one by one.
b. Spoke with, in his turn.
c. Flagged, lagged behind (horse).

أَسْقَطَa. Let fall, drop; miscarried (
female ).
b. Caused to fall into an error, make a mistake.
c. Abated; substracted.

تَسَقَّطَa. Made to be related to himself in detail (
story ).
b. see IV (b)c. Was spoilt, marred, vitiated.

تَسَاْقَطَa. Fell one by one ( leaves & c).
سَقْطa. see 25 (b)b. Worthless, good-for-nothing ( young man ).

سَقْطَةa. Slip; fall; error.

سِقْط
سُقْط (pl.
أَسْقَاْط)
a. Abortion.
b. Sparks.

سَقَط
(pl.
أَسْقَاْط)
a. Refuse, rubbish.
b. Slip; error.
c. Defect; fault; vice.

مَسْقَط
مَسْقِط (pl.
مَسَاْقِطُ)
a. Place, spot.

سَاْقِط
(pl.
سَوَاْقِطُ)
a. Falling &c.; pendant, pendulous.
b. (pl.
سُقَّاْط), Worthless; base, ignoble; mean, paltry.
سَاْقِطَة
( pl.
reg. &
سَوَاْقِطُ)
a. fem. of
سَاْقِط
سَقَاْطa. Sharp sword.

سِقَاْطa. Slip; trip; fall; mistake, error.
b. Scattered dates.

سَقِيْطa. Senseless, empty-headed.
b. Dew; frost, rime; snow; hail; ice.
c. Whelp.

سُقُوْطa. Fall; ruin.

سُقَّاْطَةa. Door-latch, catch, hasp.

N. Ac.
أَسْقَطَa. Substraction.

مَسْقِط الرَّأْس
a. Birth-place; native-land.
سقط
السِّقْطُ والسُّقْطُ والسَّقْطُ: في الوَلَدِ المُسْقَطِ. وامْرَأةٌ مُسْقِطٌ. ويُقال: سَقَطَ الوَلَدُ من بَطْنِ أمِّه، ولا يُقال وَقَع. ومَسْقِطُه: حيْثُ وُلدَ.
وسِقْطُ النارِ: مَكْسُور، ويُفْتَحُ أيضاً.
وسَقَطُ البَيْتِ: مَتاعُه، والجميع الأسْقاطُ. وسَقَطُ البَيْع بَياعُهُ سَقّاطٌ. وهو - أيضاً -: الخَطَأ في الكِتاب والحِساب، أسْقَطَ الرَّجُلُ. ومَنْ يَسْقطُ فلا يُعْتَدُّ به من الجُنْدِ والقَوم وغيرِهم. والساقِطَةُ: اللَئيمُ في حَسَبِه ونَفْسِه، وكذلك الساقِطُ.
والمَرْأةُ الدِّنِيَّةُ الحَمْقاءُ: سَقِيطَة. والسُّقَاطات من الأشياء: ما يُتَهاوَنُ به.
وتَسَقَّطْتُ الخَبَرَ: أي تَلَقَّطْتُه.
وأسْقَاطٌ من الناس: أخْلاطٌ. ويقولون: " لكُلَ ساقِطَةٍ لاقِطَةٌ ".
وفي هذا الأمر مسقطة: أي سُقُوطٌ. وسَيْفٌ سَقّاطٌ وراءَ ضَرِيْبَتِه: إذا نَفَذَها.
ويقولون: " سَقَطَ العَشَاءُ به على سِرْحانٍ ". وسُقِطَ في يَدِه نَدَامَةً.
والسِّقَاطُ: أنْ يكونَ الإنسانُ مَنْكُوباً أبداً. وإذا جاءَ مُسْتَرْخِيَ المَشْي والعَدْ وِ.
ومَسْقِطُ الرَّمْل: حَيْثُ يَعُودُ إليه طَرَفُه، وسَقْطُه وسِقْطُه كذلك؛ وسُقْطُه.
وسِقْطُ السَّحاب: إذا رُئيَ طَرَفٌ منه كأنَّه ساقِطٌ على الأرض في ناحِيَةِ الأفُق. وسِقْط جَنَاحَي الظَّلِيم والخِبَاءِ. والسَّقِيْطُ: الصَّقِيْعُ والجَلِيْدُ.
س ق ط : سَقَطَ سُقُوطًا وَقَعَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ وَيَتَعَدَّى بِالْأَلِفِ فَيُقَالُ أَسْقَطْتُهُ.

وَالسَّقَطُ بِفَتْحَتَيْنِ رَدِيءُ الْمَتَاعِ وَالْخَطَأُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالسِّقَاطُ بِالْكَسْرِ جَمْعُ سَقْطَةٍ مِثْلُ: كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ وَالسِّقْطُ الْوَلَدُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى يَسْقُطُ قَبْلَ تَمَامِهِ وَهُوَ مُسْتَبِينُ الْخَلْقِ يُقَالَ سَقَطَ الْوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ سُقُوطًا فَهُوَ سِقْطٌ بِالْكَسْرِ وَالتَّثْلِيثُ لُغَةٌ وَلَا يُقَالُ وَقَعَ وَأَسْقَطَتْ الْحَامِلُ بِالْأَلِفِ أَلْقَتْ سِقْطًا قَالَ بَعَضُهُمْ وَأَمَاتَتْ الْعَرَبُ ذِكْرَ الْمَفْعُولِ فَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ أَسْقَطَتْ سِقْطًا وَلَا يُقَالُ أُسْقِطَ الْوَلَدُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَسُقْطُ النَّارِ مَا يَسْقُطُ مِنْ الزَّنْدِ وَسُقْطُ الرِّمْلِ حَيْثُ يَنْتَهِي إلَيْهِ الطَّرْفُ بِالْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ فِيهِمَا وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ سَقَطَ الْفَرْضُ مَعْنَاهُ سَقَطَ طَلَبُهُ وَالْأَمْرُ بِهِ وَلِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ أَيْ لِكُلِّ نَادَّةٍ مِنْ الْكَلَامِ مَنْ يَحْمِلُهَا وَيُذِيعُهَا وَالْهَاءُ فِي لَاقِطَةٍ إمَّا مُبَالَغَةٌ وَإِمَّا لِلِازْدِوَاجِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَتْ السَّاقِطَةُ فِي كُلِّ مَا يَسْقُطُ مِنْ صَاحِبِهِ ضَيَاعًا. 
(س ق ط) : (سَقَطَ) الشَّيْءُ سُقُوطًا وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ وَسَقَطَ النَّجْمُ أَيْ غَابَ مَجَازًا (وَمِنْهُ) قَوْلُهُ حِينَ يَسْقُطُ الْقَمَرُ (وَسَوَاقِطُ) فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ «مَا يَسْقُطُ مِنْ الثِّمَارِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ» جَمْعُ سَاقِطَةٍ (وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ) «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَعْطَى خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ وَقَالَ لَكُمْ السَّوَاقِطُ» أَيْ مَا يَسْقُطُ مِنْ النَّخْلِ فَهُوَ لَكُمْ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ (وَعَنْ) خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَسْقُطُ مِنْ الْأَغْصَانِ لَا الثِّمَارِ لِأَنَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ (وَيُقَالُ) أَسْقَطْتُ الشَّيْءَ فَسَقَطَ (وَأَسْقَطَتْ الْحَامِلُ) مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَفْعُولِ إذَا أَلْقَتْ سِقْطًا وَهُوَ بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ الْوَلَدُ يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَيِّتًا وَهُوَ مُسْتَبِينُ الْخَلْقِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِسِقْطٍ وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ أَسْقَطَتْ سِقْطًا لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ وَكَذَا فَإِنْ أُسْقِطَ الْوَلَدُ سِقْطًا (وَالسَّقَطُ) بِفَتْحَتَيْنِ مِنْ الْخَطَأِ فِي الْكِتَابَةِ (وَمِنْهُ) سَقَطُ الْمُصْحَفُ وَرَجُلٌ (سَاقِطٌ) لَئِيمُ الْحَسَبِ وَالنَّفْسِ وَالْجَمْعُ سُقَّاطٌ (وَمِنْهُ) وَلَا أَنْ يَلْعَبُوا مَعَ الْأَرَاذِلِ وَالسُّقَّاطِ (وَالسُّقَاطَةُ) فِي مَصْدَرِهِ خَطَأٌ وَقَدْ جَاءَ بِهَا عَلَى الْمُزَاوَجَةِ مَنْ قَالَ وَالصَّبِيُّ يُمْنَعُ عَمَّا يُورِثُ الْوَقَاحَةَ وَالسُّقَاطَةَ (وَسَقَطُ) الْمَتَاعِ رُذَالُهُ وَيُقَالُ لِبَائِعِهِ سَقَطِيٌّ (وَأَنْكَرَ) بَعْضُهُمْ السَّقَّاطَ فِي مَعْنَاهُ (وَقَدْ جَاءَ) فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَغْدُو فَلَا يَمُرُّ بِسَقَّاطٍ وَلَا صَاحِبِ بِيعَةٍ إلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ وَالْبِيعَةُ مِنْ الْبَيْعِ كَالرُّكْبَةِ مِنْ الرُّكُوبِ وَالْجِلْسَةِ مِنْ الْجُلُوسِ وَيُقَالُ إنَّهُ لَحَسَنُ الْبِيعَةِ كَذَا فَسَّرَهَا الثِّقَاتُ.
س ق ط: (سَقَطَ) الشَّيْءُ مِنْ يَدِهِ مِنْ بَابِ دَخَلَ وَ (أَسْقَطَهُ) هُوَ. وَالْمَسْقَطُ بِوَزْنِ الْمَقْعَدِ السُّقُوطُ. وَهَذَا الْفِعْلُ (مَسْقَطَةٌ) لِلْإِنْسَانِ مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِوَزْنِ الْمَتْرَبَةِ. وَ (الْمَسْقِطُ) بِوَزْنِ الْمَجْلِسِ الْمَوْضِعُ يُقَالُ:
هَذَا مَسْقِطُ رَأْسِهِ أَيْ حَيْثُ وُلِدَ. وَ (سَاقَطَهُ) أَيْ أَسْقَطَهُ قَالَ الْخَلِيلُ: يُقَالُ: (سَقَطَ) الْوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَلَا يُقَالُ: وَقَعَ. وَ (سُقِطَ) فِي يَدِهِ أَيْ نَدِمَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [الأعراف: 149] . قَالَ الْأَخْفَشُ: وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ سَقَطَ بِفَتْحَتَيْنِ كَأَنَّهُ أَضْمَرَ النَّدَمَ. وَجَوَّزَ (أُسْقِطَ) فِي يَدَيْهِ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: لَا يُقَالُ أُسْقِطَ بِالْأَلِفِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَ (السَّاقِطُ) وَ (السَّاقِطَةُ) اللَّئِيمُ فِي حَسَبِهِ وَنَفْسِهِ وَقَوْمٌ (سَقْطَى) بِوَزْنِ مَرْضَى وَ (سُقَّاطٌ) مَضْمُومًا مُشَدَّدًا. وَ (تَسَاقَطَ) عَلَى الشَّيْءِ أَلْقَى نَفْسَهُ عَلَيْهِ. وَ (السَّقْطَةُ) بِالْفَتْحِ الْعَثْرَةُ وَالزَّلَّةُ وَكَذَا (السِّقَاطُ) بِالْكَسْرِ. وَ (سَقْطُ) الرَّمْلِ مُنْقَطِعُهُ. وَسَقْطُ الْوَلَدِ مَا يَسْقُطُ قَبْلَ تَمَامِهِ. وَسَقْطُ النَّارِ مَا يَسَقُطُ مِنْهَا عِنْدَ الْقَدْحِ. وَفِي الْكَلِمَاتِ الثَّلَاثِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: كَسْرُ السِّينِ وَضَمُّهَا وَفَتْحُهَا. قَالَ الْفَرَّاءُ: سَقْطُ النَّارِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وَ (أَسْقَطَتِ) النَّاقَةُ وَغَيْرُهَا أَيْ أَلْقَتْ وَلَدَهَا. وَ (السَّقَطُ) بِفَتْحَتَيْنِ رَدِيءُ الْمَتَاعِ. وَالسَّقْطُ أَيْضًا الْخَطَأُ فِي الْكِتَابَةِ وَالْحِسَابِ. يُقَالُ: (أَسْقَطَ) فِي كَلَامِهِ وَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ فَمَا (سَقَطَ) بِحَرْفٍ وَمَا (أَسْقَطَ) حَرْفًا عَنْ يَعْقُوبَ قَالَ: وَهُوَ كَمَا تَقُولُ: دَخَلَ بِهِ وَأَدْخَلَهُ وَخَرَجَ بِهِ وَأَخْرَجَهُ وَعَلَا بِهِ وَأَعْلَاهُ. وَ (السَّقِيطُ) الثَّلْجُ وَالْجَلِيدُ. وَ (تَسَقَّطَهُ) أَيْ طَلَبَ سَقَطَهُ. وَ (السَّقَّاطُ) مَفْتُوحًا مُشَدَّدًا الَّذِي يَبِيعُ السَّقَطَ مِنَ الْمَتَاعِ. وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانَ لَا يَمُرُّ بِسَقَّاطٍ وَلَا صَاحِبِ بِيعَةٍ إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ» وَالْبِيعَةُ مِنَ الْبَيْعِ كَالرِّكْبَةِ وَالْجِلْسَةِ مِنَ الرُّكُوبِ وَالْجُلُوسِ. 
[سقط] سقط الشئ من يدى سُقوطاً، وأَسْقَطْتُهُ أنا. والمَسْقَطُ، بالفتح: السُقوطُ. وهذا الفعلُ مَسْقَطَةٌ للإنسان من أعين الناس. والمسقط، مثال المجلس: الموضع. يقال: هذا مَسْقِطُ رأسي، أي حيث ولدت. وأتانا في مسقط النجمِ: حيثُ سَقَطَ. وساقَطَهُ، أي أسقطه، وقال يصف الثور والكلاب: يساقط عنه روقه ضارياتها * سِقاطَ حديدِ القَيْنِ أَخْوَلَ أَخْوَلا * قال الخليل: يقال سقط الولد من بطن أمه، ولا يقال وقع. وسُقِطَ في يده، أي ندِمَ. ومنه قوله تعالى: {ولَمَّا سُقِطَ في أيديهم} قال الأخفش: وقرأ بعضهم: " سَقَطَ " كأنّه أضمر الندم. وجوَّز أُسْقِطَ في يده. وقال أبو عمرو: ولا يقال أسقط في يده بالالف على ما لم يسمَّ فاعلُه. وأحمد بن يحيى مثله. والساقط والساقطة: اللئيم في حسبه ونفسه.وقوم سقطى وسقاط. وتساقط على الشئ، أي ألقى بنفْسه عليه. والسَقْطَةُ: العَثَرَةُ والزَلَّةُ. وكذلك السِقاطُ. قال سويد بن أبي كاهل: كيف يَرْجونَ سِقاطي بَعْدَ ما * جَلَّلَ الرأسَ مشيبٌ وصَلَعْ * والسِقاطُ في الفرس: استرخاء العَدْوِ. وسِقاطُ الحديث: أن يتحدَّث الواحدُ وينصتَ له الآخر، فإذا سكت تحدَّث الساكتُ. قال الفرزدق: إذا هُنَّ ساقَطْنَ الحديثَ كأنّه * جَنى النَحْلِ أو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّفُ * وسَقْطُ الرملِ: مُنْقَطَعُهُ. وفيه ثلاث لغاتٍ: سِقْطٌ وسُقْطٌ وسَقْطٌ. وكذلك سَقْطُ الولد، لما يَسْقُطُ قبل تمامه. وسَقْطُ النارِ: ما يَسْقُطُ منها عند القدح في اللغات الثلاث. قال الفراء: سقْطُ النار يذكر ويؤنث. وأسقطت الناقة وغيرها، إذا ألقت ولدَها. والسِقْطانِ من الظليم: جناحاه. وسِقْطُ السحابِ: حيث يُرى طرفُه كأنه ساقِطٌ على الأرض في ناحيةِ الأفق، وكذلك سِقْطُ الخِباءِ. وسِقْطا جناحِ الطائر: ما يُجَرُّ منهما على الارض. وأما قول الشاعر : حَتى إذا ما أضاء الصبح وانبعثت * عنه نَعامَةُ ذي سِقْطَيْنِ مُعتكِرُ * فإنّه عنَى بالنعامة سوادَ الليل. وسِقْطاهُ: أوّله وآخره، وهو على الاستعارة. يقول: إنَّ الليل ذا السِقْطَيْنِ مضى وصَدَقَ الصبحُ. والسَقَطُ: ردئ الطعام. والسقط: الخطأ في الكتابة والحساب. يقال: أَسْقَطَ في كلامه. وتكلَّم بكلام فما سَقَطَ بحرف وما أسقط حرفا، عن يعقوب. قال: وهو كما تقول: دخلت به وأدخلته، وخرجت به وأخرجته، وعلوت به وأعليته. والسقيط: الثلج. قال الراجز : وليلة يامى ذات طل * ذات سقيط وندى مخضل * طعم السرى فيها كطعم الخل * والمرأة السَقيطَةُ: الدَنِيَّةُ. وتَسَقَّطَهُ، أي طلب سَقَطَهُ. قال الشاعر : ولقد تسقَطني الوشاةُ فصادفُوا * حَصِراً بِسِرِّكِ يا أميم ضنينا * والسقاط : السيف يسقط من وراء الضريبة يقطعها حتى يجوزَ إلى الأرض. قال الشاعر :

يُتِرُّ العَظْمَ سَقَّاطٌ سُراطي * والسَقَّاطُ أيضاً: الذي يبيع السَقَطَ من المتاع. وفى الحديث: " كان لا يمر بسقاط ولا صاحب بيعة إلا سلم عليه ". والبيعة من البيع، كالركبة والجلسة من الركوب والجلوس.
[سقط] فيه: لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم "يسقط" على بعيره قد أضله، أي يعثر على موضعه ويقع عليه كما يسقط الطائر على وكره. ك: سقط على بعيره، أي صادفه وقد أضله أي أضاعه. نه: سئل صلى الله عليه وسلم عن شئ فقال: على الخبير "سقطت" أي على العارف به وقعت، وهو مثل. نه: أي صادفت خبيرًا بحقيقة ما سألت عارفًا بخفيه وجليه. نه: لأن أقدم "سقطا" أحب إلى من مائة مستلم، هو بكسر سينها أكثر من الضم والفتح ولد يسقط من بطن أمه قبل تمامه، والمستلم لابس عدة الحرب، يعنى ثواب السقط أكثر من ثواب كبار الأولاد، لأن فعل الكبير يخصه أجره وإن شاركه الأب في بعضه، وثواب السقط موفر على الأب. ومنه: تحشر ما بين "السقط" إلى الشيخ الفإني مردا مجردا مكحلين. وفي ح الإفك: "فاسقطوا" لها به، يعنى الجارية أي سبوها وقالوا لها من سقط الكلام وهو رديه، بسبب حديث الإفك. ك: في سؤالها وانتهارها وتهديدها بسقط وباطل من القول، وصحفه بعضهم فرووا: لهاته - بمثناة فوق وهو سقف الفم، - يريد من شدة الضرب - ويتم في لها. نه: ومنه ح أهل الجنة: ما لى لا يدخلنى إلا ضعفاء الناس و"سقطهم" أي أراذلهم وأدوانهم. ك: هو بفتحتين أي الساقطون عن أعين الناس، فان قيل: يدخل فيها من الأنبياء والملوك العادلة العلماء المشهورين قلت: يريد أن أكثرهم الفقراء والبله، وأما غيرهم من أكابر الدارين فهم قليلون وهم أصحاب الدرجات العلى، وقيل: معنى الضعيف الخاضع لله المذل نفسه له المتواضع للخلق. نه: ومنه: يبتغى "سقط" العذارى، أي عثراتها وزلاتها، وهى جمع عذراء. وح ابن عمر: لا يمر "بسقاط" أو صاحب بيعة إلا سلم عليه، وهو من يبيع سقط المتاع أي رديه. وفيه ح: هذه الأظرب "السواقط" أي صغار الجبال المنخفضةو: أسقط، كما يقال: حصل في يده مكروه. و"تسقط عليك رطبا" هو تمييز، وبالياء للجذع وبالتاء للنخلة.
س ق ط

سقط في مهواة، وسقط من الجبل، وسقط الشيء من يده. وهذا مسقط السوط. وهذه مساقط الغيث ومواقعة. وأسقطته وساقطته كقولك: أعليته وعاليته. قال بشر:

كادت تسقاط مني منة فزعاً ... معاهد الحيّ والحزن الذي أجد

وتساقط على المتاع: ألقى نفسه عليه، وتساقط على الرجل يفيه بنفسه. وأسقطت المرأة، وهي مسقط ومسقاط. ويقال: سقط الميت من بطن أمه ووقع الحيّ، وألقت سقطاً ميتاً. وانقدح سقط الزند. قال ذو الرمة:

فلما تمشى السقط في العود لم يدع ... ذوابل مما يجمعون ولا خضرا

وهذا سقط الرمل ومسقطه: لمنتهاه. وردّ الخيّاط السقاطات. وفي مثل " لكل ساقطة لاقطة ".

وأصبحت الأرض مبيضّة من السقيط وهو الجليد. قال:

وليلة يا ميّ ذات طلّ ... ذات سقيط وندي محضلّ

ومن المجاز: " على الخبير سقطت ". وفي مثل " سقط العشاء به على سرحان ". وقال الجعدي:

سقطوا على أسد بلحظة مش ... بوح السواعد باسل جهم

وهي مأسدة كبيشة وخفان وغيرهما. وسقط من منزلته. وأسقطه السلطان. و" سقط في يده " وأسقط. وسقط على المبنى للفاعل: ندم، وهو مسقوط في يده وساقط في يده: نادم. وهذا البلد مسقط رأسي، وفلان يحنّ إلى مسقطه. قال:

خرجنا جميعاً من مساقط رؤسنا ... على ثقة منا بجود ابن عامر

وسقط النجم والقمر: غابا. قال عمر بن أبي ربيعة:

هلا دسست رسولاً منك يعلمني ... ولم يعجل إلى أن يسقط القمر

وفلان ساقط من السقاط، وساقطة من السواقط: دنيء لئيم الحسب. قال:

نحن الصميم وهم السواقط

وقال ذو الرمة:

وكان أبوك ساقطة دعياً ... تردد دون منصبه فحارا

وامرأة سقيطة: لقيطة. وسقط من عيني، وهذا الفعل مسقطة لك من العيون. وسيف سقاط: قطاع يسقط من وراء الضريبة. قال الهذلي:

كلون الملح ضربته هبير ... يتر العظم سقاط سراطي

وما له إلا سقاطة البيت وسقطه وأسقاطه وهي أثاثه من نحو الفأس والإبرة والقدر، وأعطاني من سقاطة المتاع: من رذاله، وهو يبيع سقط المتاع وأسقاطه نحو التابل والسكر والزبيب، وهو سقطي وصاحب سقط وسقاط، وقد أبي. وهو من سقط الجند: ممن لا يعتد به. وأسقط العارض اسمه. وسقط من الديوان. وأسقط في كتابه وحسابه: أخطأ. وتكلم فما سقط بحرف وما أسقط حرفاً، وفي كتابه وحسابه سقط: خطأ. وفي الدار أسقاط من الناس وألقاط. ولا يخلو أحد من سقطة ومن سقطات، وفلان يتتبع السقطات، ويعدّ الفرطات.

والكامل من عدت سقطاته. وتسقطته: تتبعت عثرته وأن يندر منه ما يؤخذ عليه. قال:

ولقد تسقّطني الوشاة فصادفوا ... حصراً بسرّك يا أميم ضنينا

وتسقط الخبر: أخذه شيئاً بعد شيء. وإنه لفرس ساقط الشدّ إذا جاء منه شيء بعد شيء. وهو يساقط العدو: يأتي به على مهل. قال:

بذي ميعة كان أدنى سقاطه ... وتقريبه الأعلى ذآليل ثعلب

وساقط فلان إذا لم يلحق ملحق الكرام. وقال:

كيف يرجون سقاطي بعدما ... لفع الرأس مشيب وصلع

ورجل قليل السقاط. وتذاكرنا سقاط الأحاديث، وساقطهم أحسن الحديث وهو أن يحادثهم شيئاً بعد شيء. قال ذو الرمة:

ونلنا سقاطاً من حديث كأنه ... جنى النحل ممزوجاً بماء الوقائع

وقعد على سقط الخباء وهو رفرفه استعير من سقط الرمل، ومنه أرخت السحابة سقطها: هيدبها. قال الراعي:

أعبد الله للبرق اليماني ... يضيء حبيّ ذي سقطين داني

وخفق الظليم بسقطيه. قال:

عنس مذكرة كأن عفاءها ... سقطان من كنفي ظليم جافل

وقال الراعي:

حتى إذا ما أضاء الصبح واكشفت ... عنه نعامة ذي سقطين معتكر

أراد به الليل من قولك: رفع الظليم سقطيه ومضى. وهززت الغصن فساقط ثمره وتساقط ثمره. وتساقط إليّ خيره.
(س ق ط)

السقطة: الْوَقْعَة الشَّدِيدَة.

سقط يسْقط سقوطاً، فَهُوَ سَاقِط، وَسُقُوط: وَقع. وَكَذَلِكَ: الْأُنْثَى، قَالَ:

من كل بلهاء سُقُوط البرقع ... بَيْضَاء لم تحفظ وَلم تضيع

يَعْنِي: أَنَّهَا لم تحفظ من الرِّيبَة وَلم يضيعها والداها.

ومسقط الشَّيْء ومسقطه: مَوضِع سُقُوطه، الْأَخِيرَة نادرة.

وَقَالُوا: الْبَصْرَة مسْقط رَأْسِي، ومسقطه.

وأسقطه هُوَ.

وتساقط الشَّيْء: تتَابع سُقُوطه.

وساقطه مساقطة، وسقاطاً: تَابع إِسْقَاطه. قَالَ:

يساقط عَنهُ روقه ضارياتها ... سقاط حَدِيد الْقَيْن أخول أخولا

وأسقطت الْمَرْأَة وَلَدهَا، وَهِي مسْقط: ألقته لغير تَمام، من السُّقُوط.

وَهُوَ السقط، والسقط، والسقط.

وَسقط النَّار، وسقطها، وسقطها: مَا سقط بَين الزندين قبل استحكام الورى، وَهُوَ مثل بذلك.

وَسقط الرمل، وسقطه، وسقطه، ومسقطه: حَيْثُ انْقَطع معظمه ورقّ، لِأَنَّهُ كُله من السُّقُوط، الْأَخِيرَة إِحْدَى تِلْكَ الشواذ، وَالْفَتْح فِيهَا على الْقيَاس لُغَة.

وسقاط النّخل: مَا سقط من بسره.

وسقيط السَّحَاب: الْبرد.

والسقيط: الجليد، طائية، وَكِلَاهُمَا من السُّقُوط.

وسقيط الندى: مَا سقط مِنْهُ على الأَرْض.

والسقط: مَا اسقط من الشَّيْء.

وَسقط الْبَيْت: خرثيه، لِأَنَّهُ سَاقِط عَن رفيع الْمَتَاع. وَالْجمع: أسقاط.

وأسقاط النَّاس: أوباشهم عَن اللحياني على الْمثل بذلك.

وَسقط الطَّعَام: مَا لَا خير فِيهِ مِنْهُ.

وَقيل: هُوَ مَا يسْقط مِنْهُ.

والسقط: مَا تنوول بَيْعه من تابل. وَنَحْوه، لِأَن ذَلِك سَاقِط الْقيمَة.

وبائعه: سقاط.

والسقاطة: مَا سقط من الشَّيْء.

وساقطه الحَدِيث سقاطاً: سقط مِنْك إِلَيْهِ، وَمِنْه إِلَيْك.

وَسقط إِلَى قوم: نزلُوا عَليّ، وَفِي حَدِيث النَّجَاشِيّ وَأبي سمال: " فَأَما أَبُو سمال فَسقط إِلَى جيران لَهُ ": أَي اتاهم فأعاذوه وستروه.

وَسقط الْحر يسْقط سقوطا: يكنى بِهِ عَن النُّزُول، قَالَ النَّابِغَة الْجَعْدِي:

إِذا الْوَحْش ضم الْوَحْش فِي ظللاتها ... سواقط من حر وَقد كَانَ أظهرا

وَسقط عَنْك الْحر: أقلع. عَن ابْن الْأَعرَابِي، كَأَنَّهُ ضد.

والسقط، والسقاط: الْخَطَأ فِي القَوْل والحساب وَالْكتاب.

وَسقط فِي كَلَامه سقوطاً: أَخطَأ.

وَتكلم فَمَا اسقط كلمة، وَمَا اسقط فِي كلمة، وَمَا سقط بهَا: أَي مَا أَخطَأ فِيهَا. وتسقطه، واستسقطه: عالجه على أَن يسْقط فيخطيء، أَو يكذب، أَو يبوح بِمَا عِنْده، قَالَ:

وَلَقَد تسقطني الوشاة فصادفوا ... حجئا بسرك يَا أميم ضنينا

وَسقط فِي يَد الرجل: زل وَأَخْطَأ. وَفِي التَّنْزِيل: (ولما سقط فِي أَيْديهم وَرَأَوا أَنهم قد ضلوا) . قَالَ الْفَارِسِي: سقط فِي أَيْديهم: ضربوا بأكفهم على أَيْديهم من النَّدَم. فَإِن صَحَّ ذَلِك فَهُوَ إِذا من السُّقُوط وَقد قريء: (سقط فِي أَيْديهم: أَي سقط النَّدَم فِي أَيْديهم كَمَا تَقول لمن يحصل على شَيْء وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يكون فِي الْيَد: قد حصل فِي يَده من هَذَا مَكْرُوه، فَشبه مَا يحصل فِي الْقلب وَفِي النَّفس، بِمَا يحصل فِي الْيَد وَيرى بِالْعينِ.

والسقط: الفضيحة.

والساقطة، والسقيط: النَّاقِص الْعقل، الْأَخِيرَة عَن الزجاجي. وَالْأُنْثَى: سقيطة.

والساقط: الْمُتَأَخر عَن الرِّجَال.

وساقط الْفرس الْعَدو سقاطا: إِذا جَاءَ مسترخيا.

والسواقط: الَّذين يردون الْيَمَامَة لامتياز التَّمْر.

والسقاط: مَا يحملونه من التَّمْر.

وَسيف سقاط وَرَاء الضريبة: وَذَلِكَ إِذا قطعهَا وَوصل إِلَى مَا بعْدهَا. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ الَّذِي يقد حَتَّى يصل إِلَى الأَرْض بعد أَن يقطع.

وَسقط السَّحَاب: طرفه.

وسقطا الخباء: ناحيتاه.

وسقطا الطَّائِر، وسقاطاه، ومسقطاه: جناحاه.
سقط: سقط ل: وقع على يقال: سقط لفيه ويديه (حيان - بسام 3: 4 ق): سقط أخفق، خاب (بوشر).
سقط من نظر الملك: لم تعد له مكانة عند الملك: مثل سقط فلان من عيني في معجم لين.
سقط: وثل بغتة يقال: سقط الرجل وسقط الخبر وسقط الكتاب وغير ذلك (عباد 1: 252) وسقط إلى فلان (عباد 1: 221) وفي حيان - بسام (3: 50ف): سقط الخبر إلينا بذلك. وسقط على فلان، ففي عباد (1: 388): سقط الخبر عليه. وفي بسام (3: 50 ق): سقط عليه كتاب. سقط في مصطلح الرياضيات: طرح (بوشر، همبرت ص122).
سقط في حق أحد: غضب عليه، تميز من الغيظ (بوشر).
سُقِط في يده: قارن مع ما يقوله لين تعليقة كاترمير في مملوك (1، 1: 48). وفي معجم فوك (باللاتينية) ما معناه: تحيْر وندم.
سَقَّط (بالتشديد). سَقَّط النوار: انتزع الأزهار (ألكالا).
سقَّط الرز في الموية صب الرز في الماء المغلي. (بوشر).
سقَّط: رصَّع، ففي المقري (2: 712) وجميعها بسرج ولجم مسقّطة بالذهب والفضة وبعضها سرجها وركبها كلها ذهب وكذلك لجمها.
سقَّط: رصَع الفولاذ بذهب أو فضة. ويقال أيضاً: سقّط البولاد بالذهب (بوشر) وفي مملوك (1، 2: 203) عمجاه مسقَّطة بذهب (أسيئت ترجمتها).
سقَّط: ألقى الجنين من بطن أمه قبل تمامه، القي سِقطا (باين سميث 1590، ألف ليلة برسل 9: 279).
أسقط: أسقط الورق: حث ورق الشجر. وشذب الأشجار (ألكالا) والمصدر منه إسقاط.
أسقط: رفت الموظفين والجند وفصلهم وسرّحهم (عباد 1: 221، 228 رقم 21، معجم البلاذري، المقري 2: 764، (انظر إضافات) الجريدة الآسيوية 1851، 1: 78 رقم 3) ويقال: أسقط الجند أي حذفهم من ديوان العسكر، ففي تاريخ البربر (1: 400): أسقطهم من ديوانه.
أسقط: حذف عبارة مما كتب، ففي دي ساسي (طرائف 2: 267): وأما خِلَعهم وخِلَع الوزراء ونحوهم فأسقطُتها من كلام ابن فضل الله لأنها كانت من الحرير والذهب وهي محرمة. (ابن البيطار 2: 542، المقري 3: 760).
وقد كتب لسان الدين بن الخطيب في هامش المقالة التي خصصها لابن فرقون في الإحاطة: يُسْقَط هذا الساقط من الديوان ويضيف المقري: ولَعَّل لسان الدين إنَّما أمر بإسقاطه من الإحاطة لما يتهم به من معنى بيتيه السابقين ويحتمل أن يكون لغير ذلك.
ولعل أسقط تعنى عدم ذكر الشخص في الكتاب. (انظر المقري 1: 612). وفي معجم فوك: أخرج، أبعد.
أسقط مُرَوءتَه وهمته عمل ما يشينه ويسربله العار. ففي رياض النفوس (ص95 و): ردَّ شهادة رجل وأسقطه من أجل إنه كان ينزل من حانوته ويتصرف متَّزراً بمئزر عاري البدن فقال أسقط مروءته وهمته.
أسقط فلان: ردّ شهادته، انظر ما تقدم.
أسقط: أنسى ذكر. ففي حيان - بسام (1: 74 ق): فجاء بفتكة أسقطت كل من فتك قَبْلَه.
أسقطه من نظره: سخط عليه، أعدمه الخطوة (بوشر).
أسقط: من مصطلح الحساب: طرح (بوشر، همبرت ص 122).
أسقط سقطة: أخطأ وزلّ (المقدمة 3: 344) تسقّط: سقط (فوك).
تسقّط: تشوَّه (بوشر).
تساقطوا: تركوا المكان وغادروه واحداً بعد الآخر (انظر استخرج في مادة خرج).
تساقطوا إلى فلان: وصلوا إليه واحداً بعد الآخر. (تاريخ البربر 2: 408، 411، 413).
انسقط: سقط وابتعد (فوك).
استسقط: سقط الجنين ونزل من بطن امه قبل تمامه.
استسقط انظر المصدر استسقاط فيما يلي.
سِقْط: خسيس، دنئ دْون، ساقط، (ديوان الهذليين ص34، البيت 2).
سَقَّط: كسيح، مشوه، عاجز (بوشر) وهذا هو ضبط الكلمة فيه غير إنه لا يضبطها بهذا الشكل في الكلمات التي تليها.
سَقَط: طرح، إخراج في علم الحساب (همبرت ص122).
سَقَط: التهاب الحافر، مرض في رجل الفرس (بوشر).
سقَط: مصاب بالتهاب الحافر (بوشر).
سقط القمح: مرض يصيب القمح فلا ينمو (بوشر) سقط: ذكر فوك هذه الكلمة في مادة margarita ولما كانت هذه الكلمة تعنى اللؤلؤ فإني أظن أنها خطأ. والصواب سَفط وهي العلبة التي يحفظ بها اللؤلؤ.
سَقْطِيّ: دواء مُسقِط، مجهض (بوشر).
سَقَطِيّ. سوق السقطية: سوق الأمصرة، سوق الكروش (بوشر).
سقاط: ضعف، خور، وهن، عجز (هلو) وفيه سقات وهو خطأ.
سُقُوط؛ سقوط الوَرَق: تناثر ورق الأشجار (الكالا).
سُقُوط: صرع عند الأطباء (محيط المحيط).
سُقْوط: يقال في علم الفلك إن الكوكب السيار في حالة سقوط أو هبوط حين يكون في برج قليل التأثير (دي سلان المقدمة 2: 219 رقم 7).
سقيط. سقيط في عراقيب الخيل: جَرَذ داخلي، ورم عَظمي يصيب عرقوب الخيل من الداخل (بوشر).
سَقَاطة: قلة الأدب، فظاظة، خشونة، جلافة وقاحة، سفاهة (ألكالا)، دناءة - ضعة النفس. ففي ألف ليلة (برسل 8: 218): أترى خسَّة هذا الرجل وسقاطته؟ لقد أعطيته ثمانية آلاف درهم فإذا سقط منها درهم واحد التقطه ولم يتركه لخدمك.
وفي معجم فوك؛ دناءة، حقارة خسّة، خساسة.
سُقاطُة: بالأسبانية: Zoqueta وتعني قطعة خشب قصيرة ضخمة تبقى من الخشب الذي استعمل، وهي: سُقَاطة: نفاية، رذالة، حثالة.
سَقَّاطه: سقاط الورق: من يحث ورق الأشجار فيجعله يتساقط (ألكالا). سُقَّيْط (انظر لين): يطلق هذا الاسم في الصعيد على أصول الشجر المقطوع المستعمل للوقود (ابن البيطار 1: 279).
ساقط: سافل، قليل الأدب، وقح، جلف، سفيه (ألكالا).
ساقط: بسيط، ساذج أبله ضعيف العقل، أحمق (ويرن ص9).
ساقط الحشمة: سفيه. متهتك، خالع العذار، وقاح. (الخطيب ص136 و).
ساقط: مفرط، مغالٍ، متجاوز الحد، شنيع، منكر (الكالا).
قول ساقط: رأي لا سند له (تاريخ البربر 1: 115) الساقط في نسبهم: الغريب الذي ينضم إلى قبيلة ويكون مولى لها (دي سلان المقدمة 1: 239) أسْقَطُ: أخس، أدنأ. (الفخري ص210) وفي حيان - بسام (ص1: 114 و): اتفقوا على القول إنه لم يجلس في الإمارة منذ تلك الفتنة اسقط منه ولا انقص.
أَسْقَطُ: ما يجب حذفه وتركه. (معجم الماوردي) إسْقاط: عند الحسابيين الطرح: (بوشر)، محيط المحيط).
مَسْقُوط: سِقْط، طِرْح، الولد الذي يسقط من بطن أمه ميتاً. (بوشر).
مِسْقُوط: جهيض، طِرح، سِقط. والثمر لم ينضج ولم ينم نباته. (همبرت ص26).
مَسْقُوط: مرذول، منبوذ، مطروح، نفاية (ألكالا).
مَسْقُوط: آدر، (هبوط الأمعاء .. الفتق، الــرحم ونحو ذلك) (بوشر).
ضاد مسقوطة: حرف الضاد مقابل الظاء التي تسمى ظاء مرفوعة (معجم البيان).
اسْتِسْقاط: عند الرازي: سقم، سقام، ضنى. (معجم المنصوري) ويقول المؤلف أن هذه الكلمة غير ملائمة، لأنه إذا أريد التعبير عن سقوط القوة لا يمكن استعمال استسقط التي تعنى طلب سقوطها.
سقط
سقط الشيءُ من يدي سقوطاً ومسْقطاً - بفتحْ القاف -. وهذا الفعلُ مسقطةُ للإنسان من أعين الناس.
والمسْقُط - أيضاً - عن الأصمعّي: مَسْقط الرأسِ أي حيثُ ولطُ. وغيرهُ يكسرِ القاف.
ومسْقُطَ - أيضاً -: قريةَ على ساحلِ بحرِ فارسَ ممّا يلي برّ اليمنَ، وهو معربُ مشَكتْ.
ومسْقطَ - أيضاً -: رستاَقّ بساحلِ بحرِ الخزرِ.
ومسْقطَ الرَّمْلِ: في طرَيق البصرةَ بينهاَ وبينَ النباج.
ويقالُ: أنا في مَسْقطِ النجمْ: أي حيثُ سقطَ.
ومسْقطَ كل شيْءٍ: منقَطعه، وأنشدَ الأصمعيّ.
ومنهلٍ من الفلا في أوْسَطهِ ... من ذا وها ذاك وذا في مسْقطهِ
وقال الخليل: يقال سقطَ الولدُ من بطنِ أمه، ولا يقال: وقعَ.
وسِقط في يديهْ: أي ندَم وتحيِر، وقال الله تعالى:) ولما سُقِطَ في أيديهم (، وقرأ طاووس:) ولما سَقَطَ (بفتحْ السّين كأنه أصمرَ الندمَ، وإنما قيل: " سقطَ " على ما لم يسمّ فاعلهُ؛ كما يقال رغبَ في فلانٍ، ولا يقال سقطتُ كما لا يقال رغبتُ، إنما يقال رغبُ في ّ، ولا سقط فلانّ في يدهِ بمعنى ندمِ، وهذا نظمَ لم يسمَعْ قبل القرآن ولا عرَفته العَرب. والأصلُ فيه نزوْلُ الشيءِ من أعلى إلى أسفل ووقوعهُ على الأرضْ، ثم اتسعَ فيه فقيلَ للخطأ من الكلام: سقطَ؛ لأنهم شبهوه بما لا يحتاجُ إليه فيسْقطَ، وذكرَ اليدَ لأنّ يحدث في القلبِ وأثرهُ يظهرُ في اليدِ؛ كقوله تعالى:) فأصْبح يقلب كفيهْ على ما أنْفقَ فيها (وكقولهْ عزّ وجلّ:) ويوم يعضّ الظالم على يديه (لأن اليد هي الجارحة العظمى فربماّ يسندّ إليها ما لم تباشرْه؛ كقولهِ تعالى:) ذلك بما قدمتْ يداكَ (.
والسّاقطُ والسْاقطة: اللّئيم في حسبهَ ونفسهِ، وقومّ سقطى وسُقاّط وسِقاّط كنائمٍ ونَيامٍ.
وسقطُ الرّمْلِ وسِقطهُ وسُقطهُ: منقطعهُ، قال امرؤ القيسْ:
قفا نَبكْ من ذِكْرى حبيبٍ ومنزلِ ... بِسقطَ اللوى بين الدّخولِ فَحْوملِ
وكذلك سقطَ الولدَ: للذّي يسْقطَ قبل تمامهِ؛ فيه ثلاثُ لغاتٍ، ومنه حديثُ النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم -: إنّ السّقطّ ليراغمُ ربه إنْ أدْخلَ أبويهِ النّارَ فَيجرهما بسررهِ حتىّ يدخلهاّ الجنةَ، أي يغاضبهُ. وفي حديثهِ الآخر: يظلَ السّقطْ محْبنطئاً على بابِ الجنة، يروى بالهمز وترْكه. وفي حديثه الآخر: يحشر مابين السقط إلى الشيخْ الفاني مردْا جرداً مكحّلْين أوْلي أفانينَ، وهي الخصلُ من الشعرَ.
وكذلك سقطُ النّار: لما يسْقطَ منها عند القدْح، فيه ثلاثُ لغاتٍ، قال الفرّاءُ: سقطُ النّارِ يذكرّ ويؤنث، قال ذو الرّمة:
وسقطٍ كعينِ الديكِ عاوَرْتُ صاحبي ... أباها وهيأنا لموْقعها وكرَ
وسقطا الظلْيم: جناحاه، قال الرّاعي:
حتّى إذا ما أضاءَ الصبْحُ وانْكشفتَ ... عنه نعامة ذي سقطينِ معْتكرِ
ويروْى: منشمرِ. وقال آخر: عنس مذكرة كأنّ عفاءها ... سقطانِ من كنفي ظليمٍ جافلِ
وسقطاْ اللّيال: رواقاه.
وسقط السّحاب: حيثُ يرى طرفه كأنه ساقطَ على الأرضْ في ناحيةِ الأفقِ. وكذلك سقطَ الخباءِ.
والسقّط - بالتحريك -: الخطأ في الكتابةِ والحسابِ، يقال: تكلمَ بكلامٍ فما سقطَ بحرفٍ.
والسقطَ؟ أيضاً -: رديءُ المتاعَ. والسقاط والسقطيّ: بائعه، ومنه حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: أنه كان يغدو فلا يمر بسقاطِ ولا صاحبِ بيعةٍ إلاّ سَلّم عليه. البيعْة من البيعِ كالرّكبةِ والجلْسةِ من " الركوبو " الجلْوس: والسقاط - أيضاً -: السيفُ الذي يسْقطَ من وراءِ الضريبة يقطعها حتى يجوز إلى الأرضْ، قال المتنخلُ الهذلي يصف سيْفاً:
كلْونِ الملْحِ ضرْبتهُ هبيرِ ... يبرّ العظمَ سقاط سراطي
والسقطةُ: العثرة.
والسقطة: الثلْج والجليدُ، قال:
وليلةٍ يا ميّ ذاةِ طلّ ... ذاةِ سقطٍ وندىً مخضلّ
طعمُ السرى فيها كطعمِ الخل
والمرأةُ السقيْطة: الدنيئةُ.
وقال ابن دريدٍ: سقاطة كل شيءٍ - بالضم -: رذالتهُ.
وسقاطُ النخْلِ: ما سقطَ منه. وسقاطُ كلّ شيءٍ وسقاطتهُ: ما سقطَ منه. وقيل: السقاّط جمعُ سقاطةٍ، قال المتنخّلُ الهذليّ:
إذا ما الحرْجفُ النكباءُ ترميْ ... بيوتَ الحيّ بالورقَ السقاطِ
ويروْى: " السّقاطِ " بالكسرْ: جمع ساقطٍ.
ويقال: سقطّ وسقاطّ كطويْلٍ وطوالٍ.
وساقطةَ - ويقال: ساقطةَ النعل -: موْضعّ. وتقولُ العربَ: فلانّ ساقط ابنُ ماقطِ ابنِ لاقطٍ: تتسابّ بها، فالساَقطُ عبدْ الماقطِ والماقطَ عبدّ اللآقطِ واللآقطُ عبدّ معتقّ.
وعن أنس - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلّى الله عليه وسلّم - مرّ بتمرةٍ مسقْوطةٍ مثل قولهِ تعالى:) كان وعده مأتيّاً (. أي آتياً، وقيل: مسقوطة بمعنى النسب؛ أي ذاة سقوطٍ كجاريةٍ مغنوجةٍ أي ذاةِ غنجٍ؛ ولا يقال: غنَجْتها، ويمكن أن يكون من الإسقاط مثل أحمهّ الله فهو محمومّ.
ويقال: أسْقطت الشيْءَ من يدي، وجوز الأخفش: أسْقط في يديهْ مكان سقط في يديه. وقال أبو عمرو: لا يقال أسقطَ بالألفِ على ما لم يسْم فاعله، وأحمدُ بن يحيى مثله.
وأسقطت النّاقة وغيرها: إذا ألْقت ولدها.
وأسْقط؛ في كلامه: من السقط يقال: ما أسقط حرْفاً؛ عن يعقوب، كما يقال: ما سقط بحرفٍ، قال: وهو كما تقول: دخلتُ به وأدْخلته وخرجْتُ به وأخْرجته وعلوت به وأعليته.
وساقطه: أي أسْقطه، قال ضابيءُ بن الحارثِ البرجميّ:
يساقطَ عنه روقةُ ضارياتهاِ ... سقاط حديدِ القيْنِ أخوْلَ أخْولا
والسقاط: العثرةُ والزلة كالسقطة، قال سويدُ ابن أبى كاهلٍ اليشكريّ
كيف يرجون سقاطي بعدْما ... لاحَ في الأسِ بياضّ وصلَعْ
والسقاط في الفرس: اسْترخاءُ العدوٍ.
وسقاط الحديث: أنْ يتحدثّ الواحدُ وينّصتَ الآخر فإذا سكت تحدث السّاكتُ، قال الفرزدق؛
إذا هنّ ساقطنَ الحديث كأنه ... جنى النحلِ أو أبكْارُ كرمٍ
تُقطفّ وقرأ النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم -:) يُساقطْ عليكِ رطباً جنيا " وكذلك قرأ ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -، أي يساقط الله عليك، أي يسقطْ، وقرأ حفضّ: " تساقطْ " بالتاء، وقال ثعلبة بن صغير بن خزّاعي يصفُ ظليماً:
يبري لرائحةٍ يساقطُ ريشها ... مرّ النجاءِ سقاط ليْف الآبرِ
ويسقطه: أي طلب سقطه، قال جريرّ:
ولقد تَسقّطني الوُشاةُ فصادفوا ... حصراً بسركِ يا أميمْ ضنيناْ
وقال إبراهيم بن علي بن محمد بن سلمة بن عامر بن هرْمةَ:
سَمعتْ بنا فأزالها عن حالها ... نَفثاتِ مكرِ الكاشحِ المتسقطِ
ويروْى: " لفتاتِ ".
وقال أبو المقدامِ السلَميّ: تسقطتَ الخيرَ: إذا أخذَته قليلاً شيئاً بعد شيءٍ.
والإساقط: السقوطُ، قال الله تعالى:) تُساقطَ عليك رطباً جنياً (وقرأ حمادّ ونصيرّْ ويعقوبُ وسهلّ: " يساقط " بالياء المنقوطةِ باثْنتين من تحْتها، وكذلك التساقطَ، وقرأ حمزةُ:) تَساقطً عليك (بفتحِ التاء وتخفيفِ السيْن.
والترْكيب يدلّ على الوقوعْ.
سقط
سقَطَ/ سقَطَ عن/ سقَطَ في/ سقَطَ من يَسقُط، سَقْطًا وسُقوطًا، فهو ساقِط وسقيط، والمفعول مسقوطٌ فيه
• سقَط الشَّيءُ/ سقَط الشَّيءُ عن كذا/ سقَط الشَّيءُ من كذا:
1 - وقَع من أعلى إلى أسفل "سقَط القلمُ من يده- سقَطتِ المدينةُ بعد مقاومة طويلة- {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلاَّ يَعْلَمُهَا} " ° سقَط أرضًا: فقد توازنه ووقع على الأرض- سقَط النجم: غاب- سقَطتِ الحكومةُ: أقيلت- سقَط صريعًا: مات- سقَط على ضالّته: وقع عليها وعثر عليها- سقَط من عيني: فقَد احترامَه ومكانتَه عندي- يسقط الاستعمار: دعاء بزوال الاستعمار.
2 - تهدّمَ وانهار "سقط سقف المنزل- تداعى الحائُط للسقوط: آذن بالانهدام".
3 - تناثرَ "سقَط ورقُ الشّجر".
4 - نزل وهطَل "سقَط المطرُ".
• سقَطتِ القضيَّةُ أو الخصومةُ: (قن) انتهى الحقّ في متابعتها "سقَطتِ الدعوى: أصبحت لاغية لبُطلانها وعدم قانونيّتها".
• سقَط الحرُّ أو البردُ: أقبل.
• سقَط في كلامه: أخطأ وزلّ "سقط في الامتحان: رسب".
• سقَط في يده: ندم " {وَلَمَّا سَقَطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [ق] ".
• سقَط الجنينُ من بطن أمّه: نزلَ قبل تمامه. 

سُقطَ في يُسقَط، سُقوطًا، والمفعول مَسْقوطٌ فيه
• سُقط في يده: زلَّ وأخطأ، ندِم وتحيَّر " {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَــرْحَمْــنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ". 

أسقطَ يُسقِط، إسقاطًا، فهو مُسْقِط، والمفعول مُسْقَط
• أسقط الشَّيءَ: أوقَعه من أعلى إلى أسفل، ألقاه، أنزله "أسقط طائرةً- أسقطت قذائفُ العدُوّ مواقعَ مدنية: تسببت في انهيارها- {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} " ° أسقط حقّه: تنازل عنه- أُسقط في يده: تحيّر وشعر بفشله في تحقيق هدفه.
• أسقطتِ الحاملُ الجنينَ: ألقته قبل تمامه.
• أسقط القضيَّةَ أو الدَّعوَى: (قن) توقّف عن متابعتها، تنازل عنها.
• أسقط الوزارةَ: سحب الثِّقةَ منها وأرغمها على الاستقالة.
• أسقط كذا من كذا: طرحه، اقتطعه منه ونقصه "أسقط عددًا من عددٍ"? أسقطه من حسابه: أهمله، لم يعتدّ به. 

أُسقِطَ يُسقَط، إسقاطًا، والمفعول مُسقَط
 • أُسقط في يده: سُقِط؛ زلّ وأخطأ، ندم وتحيّر، شعر بالفشل في تحقيق هدفه " {وَلَمَّا أُسْقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [ق] ". 

اسّاقطَ يسّاقط، فهو مُسّاقِط
• اسَّاقطَ الشَّيءُ: تساقط، تتابع سُقوطُه " {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تَسَّاقَطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [ق]: وفي قراءة أخرى "يسّاقط"". 

تساقطَ يَتساقط، تَساقُطًا، فهو مُتَساقِط
• تساقط الشَّيءُ: اسّاقَط؛ تتابع سقوطُه "تساقَط المطرُ/ ورقُ الأشجار- {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تَتَسَاقَطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [ق] ".
• تساقط الشَّخصُ: انهارَ "تساقط من الإرهاق". 

تسقَّطَ يتسقَّط، تسقُّطًا، فهو مُتسقِّط، والمفعول مُتسقَّط
• تسقَّط الأخبارَ: تلقَّفها، ترقّبها ليأخذها شيئًا بعد شيء. 

ساقطَ يساقط، مُساقَطةً وسِقاطًا، فهو مُساقِط، والمفعول مُساقَط
• ساقط الشَّيءَ: أوقعه، وتابع إنزالَه "ساقَطتِ الشجرةُ ثمارَها- {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} ". 

إسْقاط [مفرد]:
1 - مصدر أسقطَ ° إسقاط الحكومة: سحب الثّقة منها وإرغامها على الاستقالة- إسقاط جويّ: إنزال وتوصيل الموادّ أو الجنود بالمظلات.
2 - (دب) خلع الشّاعر مشاعره على الحيوانات والأشياء الطبيعيّة وغيرها.
3 - (دب) تأليف عمل أدبيّ يتناول أحداثًا ماضية وتضمينه رموزًا تدلّ على إرادة الحاضر.
4 - (رض) حركة في المصارعة أو الفنون القتاليّة يُلقى فيها الخصم الواقف أرضًا.
5 - (طب) إلقاءُ المرأة جنينَها بين الشّهريْن الرّابع والسّابع.
6 - (نف) نسبة الإنسان لا شعوريًّا حوافزه وأفكاره إلى الآخرين، كأن ينسب الكذَّابُ الكذبَ إلى غيره.
7 - (هس) موقع عمود أُنزل من نقطة على مستقيم أو على مستوٍ أو سطح. 

ساقط1 [مفرد]: ج ساقطون وسُقّاط، مؤ ساقطة، ج مؤ ساقطات وسواقِطُ:
1 - اسم فاعل من سقَطَ/ سقَطَ عن/ سقَطَ في/ سقَطَ من ° ساقط قَيْد: لم يسجّل اسمه في سجل المواليد- شعاع ساقِط: واقع على سطح عاكس.
2 - دنيء، لئيم في حسبِه ونفسِه.
3 - متأخِّر عن غيره في الفضائل.
4 - من يثير الاحتقار بسلوكه الشاذّ "امرأة ساقطة" ° لكلِّ ساقطةٍ لاقطة: لكلّ رديءٍ حقيرٍ طالبٌ. 

ساقط2 [مفرد]: (شر) غشاء مُبطِّن للــرَّحم تطرأ عليه بعضُ التغيّرات استعدادًا لاستقبال البيضة الملقّحة.
• السَّاقط المُبطِّن: (شر) الغشاء المبطِّن للــرَّحم فيما عدا ما انغرست فيه البيضة.
• السَّاقط القاعديّ: (شر) جزء من غشاء الــرَّحم بين البيضة المطمورة وجدار الــرَّحم في الحمل. 

سُقاط [مفرد]: كُلّ ما سَقَط من الشّيء "سُقاط الشّجر".
• سُقاط ذرِّيّ: (كم) غبار ذرِّيّ؛ جسيمات دقيقة، بطيئة السّقوط في الغلاف الجويّ، تلي انفجارًا خاصّة انفجارًا نوويًّا. 

سِقاط [مفرد]:
1 - مصدر ساقطَ.
2 - ما سقط من النَّخل من البُسْر.
3 - خطأ، عثرة، زَلَّة "العاقل قليل السِّقاط".
• سِقَاط الشَّيء: ناحيته وجانبه ° سِقاطا اللّيل: ناحيتا ظلامه. 

سُقاطة [مفرد]: كُلّ ما سقَط من الشّيء "جمَع سُقاطة الشّجر". 

سَقْط1 [مفرد]: مصدر سقَطَ/ سقَطَ عن/ سقَطَ في/ سقَطَ من. 

سَقْط2/ سَقَط [مفرد]: ج أسْقاط:
1 - لئيم، حقير ° أسقاط النَّاس: أوباشهم وأسافلهم.
2 - ما لا خير فيه من كلِّ شيء "سَقَطُ المتاع: أشياء وأغراض متنوعة يتمّ تخزينها".
3 - خطأ في القول أو الفعل "ارتكب سقَطًا".
4 - أحشاء الدابة بعد ذبحها كالمُصْران والكرش والكبد وما أشبهها. 

سُقْط/ سِقْط [مفرد]: ج أسْقاط:
1 - كلّ ما يسقط.
2 - جنين يسقط من بطن أمّه قبل تمامه، ذكرًا كان أو أنثى. 

سَقْطَة [مفرد]: ج سَقَطات وسَقْطات وسِقاط:
1 - اسم مرَّة من سقَطَ/ سقَطَ عن/ سقَطَ في/ سقَطَ من: "سقَط سَقْطتين".
2 - عَثْرة وزلَّة، خطأ عفويّ "كان كثير السَّقَطات- الكامل من
 عُدَّت سَقَطاتُه- يُعرَف الصّديق من العدوّ بسَقَطات اللِّسان ولَحَظات العيون". 

سُقَّاطة [مفرد]:
1 - أداة تُوضع خلف الباب من أعلى لإحكام إغلاقه.
2 - ما يُطرق به الباب. 

سُقوط [مفرد]: مصدر سُقطَ في وسقَطَ/ سقَطَ عن/ سقَطَ في/ سقَطَ من ° آيل للسُّقوط: محتمل سقوطه- سقوط الشّعر: ذهابه- سقوط النَّدى: تشكّل أو تكوُّن النَّدى.
• سُقوط الــرَّحِم: (طب) هبوطه عن مستواه الطبيعيّ.
• سُقوط الذِّراع: (طب) انزلاقها من الــرّحم قبل الرأس أثناء الولادة.
• سُقوط الخصومة: (قن) انتهاء الخصومة قبل الفصل فيها بعد انقضاء سنة على الأقل من عدم السّير فيها.
• سقوط الحَقّ: (قن) زوال الحقّ من يد صاحبه لأنّه لم يستعمله في مدّة معيَّنة؛ كسقوط حقّ المحكوم عليه في استئناف الحكم إذا لم يستأنفه في الآجال الموقوتة قانونًا.
• سقوط الدَّعوى: (قن) محو آثار كلِّ إجراء في الدَّعوى يتذرّع به المدَّعَى عليه بعد انقضاء مدَّة معلومة.
• سقوط حُرّ/ سقوط طليق:
1 - (سك) سقوط جنديّ المظلاَّت قبل فتح المظلَّة.
2 - (فز) سقوط جسم في الفضاء أو في الجوّ دون مؤثِّر كابح أو موجِّه. 

سَقيط [مفرد]: ج سُقُط: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من سقَطَ/ سقَطَ عن/ سقَطَ في/ سقَطَ من: دنيء، لئيم في حسَبه ونفسه. 

مِسْقاط [مفرد]: ج مَساقيطُ: صيغة مبالغة من سقَطَ/ سقَطَ عن/ سقَطَ في/ سقَطَ من: امرأة من عادتها سقوط حملها. 

مَسْقَط/ مَسْقِط [مفرد]: ج مَساقِطُ: اسم مكان من سقَطَ/ سقَطَ عن/ سقَطَ في/ سقَطَ من ° مساقِط الغيث: أماكن نزوله- مَسْقَط النّور في البيت: فُرجة يقع منها الضّوء- مَسْقَط رأسِه: مكان الولادة.
• مسقط رأسيّ: (هس) مسافة السُّقوط؛ المسافة الرَّأسيّة من أعلى إلى أسفل.
• مسقط ماء: (جو) سيل الماء فوق منحدر شديد، أو فوق انفصال عموديّ في قاع النهر. 

مَسْقَطة [مفرد]: ج مَساقِطُ: مدعاة السقوط وسببه "كانت مصاحبته لرفاق السّوء مَسْقَطته". 

سقط: السَّقْطةُ: الوَقْعةُ الشديدةُ. سقَطَ يَسْقُطُ سُقوطاً، فهو

ساقِطٌ وسَقُوطٌ: وقع، وكذلك الأُنثى؛ قال:

من كلِّ بَلْهاء سَقُوطِ البُرْقُعِ

بيْضاءَ، لم تُحْفَظْ ولم تُضَيَّعِ

يعني أَنها لم تُحْفَظْ من الرِّيبةِ ولم يُضَيِّعْها والداها.

والمَسْقَطُ، بالفتح: السُّقوط. وسَقط الشيءُ من يدي سُقوطاً. وفي الحديث: لَلّهُ

عزّ وجلّ أَفْرَحُ بتَوْبةِ عَبْدِه من أَحدكم يَسْقُط على بَعِيره وقد

أَضلَّه؛ معناه يَعثُر على موضعه ويقعُ عليه كما يقعُ الطائرُ على وكره.

وفي حديث الحرث بن حسان: قال له النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وسأَله عن

شيء فقال: على الخَبِيرِ سقَطْتَ أَي على العارِفِ به وقعت، وهو مثل

سائرٌ للعرب.

ومَسْقِطُ الشيء ومَسْقَطُه: موضع سقُوطه، الأَخيرة نادرة. وقالوا:

البصرة مَسْقَطُ رأْسي ومَسْقِطُه.

وتساقَط على الشيء أَي أَلقى نفسَه عليه، وأَسقَطَه هو. وتساقَط الشيءُ:

تتابع سُقوطه. وساقَطه مُساقَطةً وسِقاطاً: أَسْقَطَه وتابع إِسْقاطَه؛

قال ضابئُ بن الحَرثِ البُرْجُمِيّ يصف ثوراً والكلاب:

يُساقِطُ عنه رَوْقُه ضارِياتِها،

سِقاطَ حَدِيدِ القَينِ أَخْوَلَ أَخْوَلا

قوله: أَخْوَل أَخولا أَي متفرِّقاً يعني شرَرَ النار. والمَسْقِطُ

مِثال المَجْلِس: الموضع؛ يقال: هذا مَسْقِط رأْسي، حيث ولد، وهذا مسقِطُ

السوْطِ، حيث وقع، وأَنا في مَسْقِط النجم، حيث سقط، وأَتانا في مَسْقِط

النجم أَي حين سقَط، وفلان يَحِنُّ إِلى مسقِطه أَي حيث ولد. وكلُّ مَن وقع

في مَهْواة يقال: وقع وسقط، وكذلك إِذا وقع اسمه من الدِّيوان، يقال: وقع

وسقط، ويقال: سقَط الولد من بطن أُمّه، ولا يقال وقع حين تَلِدُه.

وأَسْقَطتِ المرأَةُ ولدها إِسْقاطاً، وهي مُسْقِطٌ: أَلقَتْه لغير تَمام من

السُّقوطِ، وهو السَّقْطُ والسُّقْطُ والسَّقْط، الذكر والأُنثى فيه سواء،

ثلاث لغات. وفي الحديث: لأَنْ أُقَدِّمَ سِقْطاً أَحَبُّ إِليَّ من مائة

مُسْتَلئِمْ؛ السقط، بالفتح والضم والكسرِ، والكسرُ أَكثر: الولد الذي

يسقط من بطن أُمه قبل تَمامِه، والمستلْئِمُ: لابس عُدَّةِ الحرب، يعني

أَن ثواب السِّقْطِ أَكثر من ثوابِ كِبار الأَولاد لأَن فعل الكبير يخصُّه

أَجره وثوابُه وإِن شاركه الأَب في بعضه، وثواب السقط مُوَفَّر على

الأَب. وفي الحديث: يحشر ما بين السَّقْطِ إِلى الشيخ الفاني جُرْداً

مُرْداً.وسَقْطُ الزَّند: ما وقع من النار حين يُقْدَحُ، باللغات الثلاث أَيضاً.

قال ابن سيده: سَقْطُ النار وسِقْطُها وسُقْطُها ما سقَط بين الزنْدين

قبل اسْتحكامِ الوَرْي، وهو مثل بذلك، يذكر ويؤَنث. وأَسقَطَتِ الناقةُ

وغيرها إِذا أَلقت ولدها. وسِقْطُ الرَّمْلِ وسُقْطُه وسَقْطُه ومَسْقِطُه

بمعنى مُنقَطَعِه حيث انقطع مُعْظَمُه ورَقَّ لأَنه كله من السُّقوط،

الأَخيرة إِحدى تلك الشواذ، والفتح فيها على القياس لغة. ومَسْقِطُ الرمل:

حيث ينتهي إِليه طرَفُه. وسِقاطُ النخل: ما سقَط من بُسْرِه. وسَقِيطُ

السَّحابِ: البَرَدُ. والسَّقِيطُ: الثلْجُ. يقال: أَصبَحتِ الأَرض

مُبْيَضَّة من السَّقِيطِ. والسَّقِيطُ: الجَلِيدُ، طائيةٌ، وكلاهما من السُّقوط.

وسَقِيطُ النَّدَى: ما سقَط منه على الأَرض؛ قال الراجز:

وليْلةٍ، يا مَيَّ، ذاتِ طَلِّ،

ذاتِ سَقِيطٍ ونَدىً مُخْضَلِّ،

طَعْمُ السُّرَى فيها كطَعْمِ الخَلِّ

ومثله قول هُدْبة بن خَشْرَمٍ:

وَوادٍ كجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قطَعْتُه،

تَرى السَّقْطَ في أَعْلامِه كالكَراسِفِ

والسَّقَطُ من الأَشياء: ما تُسْقِطهُ فلا تَعْتَدُّ به من الجُنْد

والقوم ونحوه. والسُّقاطاتُ من الأَشياء: ما يُتَهاون به من رُذالةِ الطعام

والثياب ونحوها. والسَّقَطُ: رَدِيءُ المَتاعِ. والسَّقَطُ: ما أُسْقِط من

الشيء. ومن أَمْثالِهم: سَقَطَ العَشاء به على سِرْحانٍ، يُضرب مثلاً

للرجل يَبْغي البُغْيةَ فيقَعُ في أَمر يُهْلِكُه. ويقال لخُرْثِيِّ

المَتاعِ: سَقَطٌ. قال ابن سيده: وسقَطُ البيت خُرْثِيُّه لأَنه ساقِطٌ عن رفيع

المتاع، والجمع أَسْقاط. قال الليث: جمع سَقَطِ البيتِ أَسْقاطٌ نحو

الإِبرة والفأْس والقِدْر ونحوها. وأَسْقاطُ الناس: أَوْباشُهم؛ عن

اللحياني، على المثل بذلك. وسَقَطُ الطَّعامِ: ما لا خَيْرَ فيه منه، وقيل: هو ما

يَسْقُط منه. والسَّقَطُ: ما تُنُوول بيعه من تابِلٍ ونحوه لأَن ذلك

ساقِطُ القِيمة، وبائعه سَقَّاط.

والسَّقَّاطُ: الذي يبيع السَّقَطَ من المَتاعِ. وفي حديث ابن عمر، رضي

اللّه عنهما: كان لا يَمُرُّ بسَقَّاطٍ ولا صاحِبِ بِيعةٍ إِلا سَلَّم

عليه؛ هو الذي يَبيعُ سَقَطَ المتاعِ وهو رَدِيئُه وحَقِيره. والبِيعةُ من

البَيْعِ كالرِّكْبةِ والجِلْسَةِ من الرُّكُوبِ والجُلوس، والسَّقَطُ من

البيع نحو السُّكَّر والتَّوابِل ونحوها، وأَنكر بعضهم تسميته

سَقَّاطاً، وقال: لا يقال سَقَّاط، ولكن يقال صاحب سَقَطٍ.

والسُّقاطةُ: ما سَقَط من الشيء. وساقَطه الحديثَ سِقاطاً: سَقَط منك

إِليه ومنه إِليك. وسِقاطُ الحديثِ: أَن يتحدَّثَ الواحدُ ويُنْصِتَ له

الآخَرُ، فإِذا سكت تحدَّثَ الساكِتُ؛ قال الفرزدق:

إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَديثَ، كأَنَّه

جَنى النَّحْلِ أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّف

وسَقَطَ إِليَّ قوم: نزلوا عليَّ. وفي حديث النجاشِيّ وأَبي سَمّالٍ:

فأَما أَبو سَمَّالٍ فسَقَطَ إِلى جيرانٍ له أَي أَتاهم فأَعاذُوه

وسَترُوه. وسَقَطَ الحَرّ يَسْقُطُ سُقُوطاً: يكنى به عن النزول؛ قال النابغة

الجعدي:

إِذا الوَحْشُ ضَمَّ الوَحْش في ظُلُلاتِها

سَواقِطُ من حَرٍّ، وقد كان أَظْهَرا

وسَقَطَ عنك الحَرُّ: أَقْلَعَ؛ عن ابن الأَعرابي، كأَنه ضد.

والسَّقَطُ والسِّقاطُ: الخَطَأُ في القول والحِساب والكِتاب. وأَسْقَطَ

وسَقَطَ في كلامه وبكلامه سُقوطاً: أَخْطأَ. وتكلَّم فما أَسْقَطَ كلمة،

وما أَسْقَط حرفاً وما أَسْقَط في كلمة وما سَقَط بها أَي ما أَخْطأَ

فيها. ابن السكيت: يقال تَكلَّم بكلام فما سَقَطَ بحرف وما أَسْقَطَ

حَرْفاً، قال: وهو كما تقول دَخَلْتُ به وأَدْخَلْتُه وخرَجْتُ به وأَخْرَجْتُه

وعَلوْت به وأَعْلَيْتُه وسُؤتُ به ظَنّاً وأَسأْتُ به الظنَّ، يُثْبتون

الأَلف إِذا جاء بالأَلف واللام. وفي حديث الإفك: فأَسْقَطُوا لها به

يعني الجارِيةَ أَي سَبُّوها وقالوا لها من سَقَط الكلامِ، وهو رديئه، بسبب

حديث الإِفْك. وتَسَقَّطَه واستَسْقَطَه: طلَب سَقَطَه وعالَجه على أَن

يَسْقُطَ فيُخْطِئ أَو يكذب أَو يَبُوحَ بما عنده؛ قال جرير:

ولقد تسَقَّطَني الوُشاةُ فصادَفُوا

حَجِئاً بِسِرِّكِ، يا أُمَيْمَ، ضَنِينا

(* قوله «حجئاً» أَي خليقاً، وفي الأَساس والصحاح وديوان جرير: حصراً،

وهو الكتوم للسر.)

والسَّقْطةُ: العَثْرةُ والزَّلَّةُ، وكذلك السِّقاطُ؛ قال سويد بن أَبي

كاهل:

كيفَ يَرْجُون سِقاطِي، بَعْدَما

جَلَّلَ الرأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ؟

قال ابن بري: ومثله ليزيد بن الجَهْم الهِلالي:

رجَوْتِ سِقاطِي واعْتِلالي ونَبْوَتي،

وراءَكِ عَنِّي طالِقاً، وارْحَلي غَدا

وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كُتب إِليه أَبيات في صحيفة منها:

يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدةُ من سُلَيْمٍ

مُعِيداً، يَبْتَغي سَقَطَ العَذارى

أَي عثَراتِها وزَلاَّتِها. والعَذارى: جمع عَذْراء. ويقال: فلان قليل

العِثار، ومثله قليل السِّقاطِ، وإِذا لم يَلْحق الإِنسانُ مَلْحَقَ

الكِرام يقال: ساقِطٌ، وأَنشد بيت سويد بن أَبي كاهل. وأَسقط فلان من الحساب

إِذا أَلقى. وقد سقَط من يدي وسُقِطَ في يَدِ الرجل: زَلَّ وأَخْطأَ،

وقيل: نَدِمَ. قال الزجّاجُ: يقال للرجل النادم على ما فعل الحَسِر على ما

فرَطَ منه: قد سُقِط في يده وأُسْقِط. وقال أَبو عمرو: لا يقال أُسقط،

بالأَلف، على ما لم يسمّ فاعله. وفي التنزيل العزيز: ولَمّا سُقِط في

أَيديهم؛ قال الفارسي: ضرَبوا بأَكُفِّهم على أَكفهم من النَّدَم، فإِن صح ذلك

فهو إِذاً من السقوط، وقد قرئ: سقَط في أَيديهم، كأَنه أَضمر الندم أَي

سقَط الندمُ في أَيديهم كما تقول لمن يحصل على شيء وإِن كان مما لا يكون

في اليد: قد حَصل في يده من هذا مكروهٌ، فشبّه ما يحصُل في القلب وفي

النفْس بما يحصل في اليد ويُرى بالعين. الفراء في قوله تعالى ولما سُقط في

أَيْديهم: يقال سُقط في يده وأُسقط من الندامة، وسُقط أَكثر وأَجود.

وخُبِّر فلان خَبراً فسُقط في يده وأُسقط. قال الزجاج: يقال للرجل النادم على

ما فعل الحسِرِ على ما فرَط منه: قد سُقط في يده وأُسقط. قال أَبو منصور:

وإِنما حَسَّنَ قولهم سُقط في يده، بضم السين، غير مسمًّى فاعله الصفةُ

التي هي في يده؛ قال: ومثله قول امرئ القيس:

فدَعْ عنكَ نَهْباً صيحَ في حَجَراتِه،

ولكنْ حَدِيثاً، ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ؟

أَي صاح المُنْتَهِبُ في حَجَراتِه، وكذلك المراد سقَط الندمُ في يده؛

أَنشد ابن الأَعرابي:

ويوْمٍ تَساقَطُ لَذَّاتُه،

كنَجْم الثُّرَيّا وأَمْطارِها

أَي تأْتي لذاته شيئاً بهد شيء، أَراد أَنه كثير اللذات:

وخَرْقٍ تحَدَّث غِيطانُه،

حَديثَ العَذارَى بأَسْرارِها

أَرادَ أَن بها أَصوات الجنّ. وأَما قوله تعالى: وهُزِّي إِليكِ بجِذْعِ

النخلةِ يَسّاقَطْ، وقرئ: تَساقَطْ وتَسّاقَطْ، فمن قرأَه بالياء فهو

الجِذْعُ، ومن قرأَه بالتاء فهي النخلةُ، وانتصابُ قوله رُطَباً جَنِيّاً

على التمييز المحوَّل، أَرادَ يَسّاقطْ رُطَبُ الجِذْع، فلما حوّل الفعل

إِلى الجذع خرج الرطبُ مفسِّراً؛ قال الأَزهري: هذا قول الفرّاء، قال:

ولو قرأَ قارئ تُسْقِطْ عليك رُطباً يذهب إِلى النخلة، أَو قرأَ يسقط عليك

يذهب إِلى الجذع، كان صواباً.

والسَّقَطُ: الفَضيحةُ. والساقِطةُ والسَّقِيطُ: الناقِصُ العقلِ؛

الأَخيرة عن الزجاجيّ، والأُنثى سَقِيطةٌ. والسَّاقِطُ والساقِطةُ: اللَّئيمُ

في حسَبِه ونفْسِه، وقوم سَقْطَى وسُقّاطٌ، وفي التهذيب: وجمعه

السَّواقِطُ؛ وأَنشد:

نحنُ الصَّمِيمُ وهُمُ السَّواقِطُ

ويقال للمرأَة الدنيئةِ الحَمْقَى: سَقِيطةٌ، ويقال للرجل الدَّنِيء:

ساقِطٌ ماقِطٌ لاقِطٌ. والسَّقِيطُ: الرجل الأَحمق. وفي حديث أَهل النار:

ما لي لا يَدْخُلُنِي إِلاَّ ضُعفاء الناسِ وسَقَطُهم أَي أَراذِلُهم

وأَدْوانُهُم. والساقِط: المتأَخِّرُ عن الرجال.

وهذا الفعل مَسْقَطةٌ للإِنسان من أَعْيُنِ الناس: وهو أَن يأْتي بما لا

ينبغي.

والسِّقاطُ في الفَرسِ: اسْتِرْخاء العَدْوِ. والسِّقاطُ في الفرس: أَن

لا يَزالَ مَنْكُوباً، وكذلك إِذا جاء مُسْتَرْخِيَ المَشْي والعَدْوِ.

ويقال للفرس: إِنه ليساقِط الشيء

(* قوله «ليساقط الشيء» كذا بالأصل،

والذي في الاساس: وانه لفرس ساقط الشدّ إِذا جاء منه شيء بعد شيء.) أَي يجيء

منه شيء بعد شيء؛ وأَنشد قوله:

بِذي مَيْعة، كأَنَّ أَدْنَى سِقاطِه

وتَقْرِيبِه الأَعْلَى ذَآلِيلُ ثَعْلَبِ

وساقَطَ الفرسُ العَدْوَ سِقاطاً إِذا جاء مسترخياً. ويقال للفرس إِذا

سبق الخيل: قد ساقَطَها؛ ومنه قوله:

ساقَطَها بنَفَسٍ مُرِيحِ،

عَطْفَ المُعَلَّى صُكَّ بالمَنِيحِ،

وهَذَّ تَقْرِيباً مع التَّجْلِيحِ

المَنِيحُ: الذي لا نَصِيبَ له. ويقال: جَلَّحَ إِذا انكشَف له الشأْنُ

وغَلب؛ وقال يصف الثور:

كأَنَّه سِبْطٌ من الأَسْباطِ،

بين حَوامِي هَيْدَبٍ سُقَّاطِ

السِّبْطُ: الفِرْقةُ من الأَسْباط. بين حوامِي هَيْدَبٍ وهَدَبٍ أَيضاً

أَي نَواحِي شجر ملتفّ الهَدَب. وسُقّاطٌ: جمع الساقِط، وهو

المُتَدَلِّي.

والسَّواقِطُ: الذين يَرِدُون اليمَامةَ لامْتِيارِ التمر، والسِّقاطُ:

ما يحملونه من التمر.

وسيف سَقّاطٌ وَراء الضَّريبةِ، وذلك إِذا قَطَعَها ثم وصَل إِلى ما

بعدها؛ قال ابن الأَعرابي: هو الذي يَقُدُّ حتى يَصِل إِلى الأَرض بعد أَن

يقطع؛ قال المتنخل الهذلي:

كلَوْنِ المِلْحِ ضَرْبَتُه هَبِيرٌ،

يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُراطِي

وقد تقدَّم في سرط، وصوابهُ يُتِرُّ العظمَ. والسُّراطِيُّ: القاطعُ.

والسَّقّاطُ: السيفُ يسقُط من وراء الضَّرِيبة يقطعها حتى يجوز إِلى

الأَرض.وسِقْطُ السَّحابِ: حيث يُرى طرَفُه كأَنه ساقِطٌ على الأَرض في ناحية

الأُفُق. وسِقْطا الخِباء: ناحِيَتاه. وسِقْطا الطائرِ وسِقاطاه

ومَسْقَطاه: جَناحاه، وقيل: سِقْطا جَناحَيْه ما يَجُرُّ منهما على الأَرض. يقال:

رَفَع الطائرُ سِقْطَيْه يعني جناحيه. والسِّقْطانِ من الظليم: جَناحاه؛

وأَما قول الرَّاعي:

حتى إِذا ما أَضاء الصُّبْحُ، وانْبَعَثَتْ

عنه نَعامةُ ذي سِقْطَيْن مُعْتَكِر

فإِنه عنى بالنعامة سَواد الليل، وسِقْطاه: أَوّلُه وآخِرُه، وهو على

الاستعارة؛ يقول: إِنَّ الليلَ ذا السِّقْطين مضَى وصدَق الصُّبْح؛ وقال

الأَزهري: أَراد نَعامةَ ليْلٍ ذي سِقطين، وسِقاطا الليل: ناحِيتا ظَلامِه؛

وقال العجاج يصف فرساً:

جافِي الأَيادِيمِ بلا اخْتِلاطِ،

وبالدِّهاسِ رَيَّث السِّقاطِ

قوله: ريّث السقاط أَي بطيء أَي يَعْدو

(* قوله «أي يعدو إلخ» كذا

بالأصل.) في الدِّهاسِ عَدْواً شديداً لا فُتورَ فيه. ويقال: الرجل فيه سِقاطٌ

إِذا فَتَر في أَمره ووَنَى.

قال أَبو تراب: سمعت أَبا المِقْدامِ السُّلَمِيّ يقول: تسَقَّطْتُ

الخَبَر وتَبقَّطْتُه إِذا أَخذته قليلاً قليلاً شيئاً بعد شيء.

وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: بهذه الأَظْرُبِ السَّواقِطِ أَي

صِغار الجبالِ المُنْخفضةِ اللاَّطئةِ بالأَرض.

وفي حديث سعد، رضي اللّه عنه: كان يُساقِطُ في ذلك عن رسول اللّه، صلّى

اللّه عليه وسلّم، أَي يَرْوِيهِ عنه في خِلالِ كلامِه كأَنه يَمْزُجُ

حَدِيثَه بالحديث عن رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو من أَسْقَطَ

الشيءَ إِذا أَلْقاه ورَمَى به.

وفي حديث أَبي هريرة: أَنه شرب من السَّقِيطِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا

ذكره بعض المتأَخرين في حرف السين، وفسره بالفَخّارِ، والمشهور فيه لُغةً

وروايةً الشينُ المعجمة، وسيجيء، فأَمّا السَّقِيطُ، بالسين المهملة، فهو

الثَّلْجُ والجَلِيدُ.

سقط

1 سَقَطَ, (S, M, &c.,) aor. ـُ (M, MS,) inf. n. سُقُوطٌ (S, M, Mgh, Msb, K) and مَسْقَطٌ, (S, K,) It fell; fell down; dropped; dropped down; tumbled down; (M, Mgh, Msb, K;) upon the ground; (Mgh;) or from a higher to a lower place; (Msb;) namely, a thing from the hand; (S;) or from a high place, as a roof of a house; and from a low place, as when said of a person in an erect posture; (B;) also said of a building; (TA in art. هور;) and of a جُرْف [q. v.]: (Msb and TA in that art.:) [and often used by anatomists and physicians, as meaning it delapsed; it slipped, or fell, down:] and ↓ اِسَّاقَطَ [originally تَسَاقَطَ] signifies the same; (K;) as in the phrase in the Kur [xix. 25], تَسَّاقَطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا, or يَسَّاقَطْ, accord. to different readings, It, namely the palm-tree (نَخْلَة) accord. to the former reading, and the trunk (جِذْع) accord. to the latter reading, shall drop upon thee with fresh ripe dates, plucked; رطبا جنيّا being transferred from its proper place, and used as a specificative; the meaning being, يَسَّاقَطْ رُطَبُ الجِذْعِ: so says Fr. (Az, TA.) [This phrase of the Kur, with the above-mentioned explanation, but less fully given, occurs in a copy of the S which, throughout this art., differs much from other copies.] You say also, سَقَطَ فُلَانٌ مَغْضْلَرRِيًّا عَلَيْهِ [Such a one fell down in a swoon]. (TA.) And مَنْ نَازَعَ أَطْوَلَ مِنْهُ سَقَطَ الضْلَرRَّغْزَبِيَّةَ [He who contends with one taller than himself falls by the trick which consists in one's twisting his leg with the leg of the other]. (TA.) b2: سَقَطَ الوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمِهِ, (Kh, S, Msb, K,) inf. n. سُقُوطٌ, (Msb,) The child, or fœtus, came forth [or fell] from the belly of its mother (Msb, K) abortively, or in an immature, or imperfect, state, (Msb,) or dead, (A,) but having the form developed, or manifest: (Msb:) you do not say وَقَعَ (Kh, S, Msb, K) unless the child is born alive. (A, TA.) b3: سُقِطَ فِىيَدِهِ, and فى ↓ أُسْقِطَ يده, (Fr, Zj, S, M, K,) but the former is more common, and better, (Fr,) the latter allowed by Akh, but disallowed by AA and by Ahmad Ibn-Yahyà [i. e. Th], (S,) [lit. There was a falling, and there was a making to fall, upon his hand; i. e., of his hand upon his hand, or of his teeth upon his hand, by reason of repentance, and grief, or regret; meaning] (tropical:) he repented, (Fr, Zj, S, M, K,) of what he had done; and grieved for, or regretted, an act of inadvertence; (Zj, M;) or, and became confounded, or perplexed, and unable to see his right course: (O, K:) or both signify, (TA,) or signify also, (K,) or the former signifies also, (M,) he slipped; fell into an error, or a fault; committed a mistake. (M, K.) Hence the saying in the Kur [vii. 148], وَلَمَّا سُقِطَ فِى أَيْدِيهِمْ (tropical:) And when they repented: (S:) or struck their hands upon their hands, by reason of repentance; accord. to AAF: (M:) or repented greatly; because he who repents, and grieves, or regrets, bites his hand in sorrow, so that his hand is fallen upon [by his teeth]: (Bd:) the phrase was not known to the Arabs before the time of the Kur-án: (O:) it has also been read سَقَطَ فى ايديهم, (Akh, S, M,) as though النَّدَمُ were understood; (Akh, S;) i. e. سَقَطَ النَّدَمُ; like as you say, قَدْ حَصَلَ فِى يَدِهِ مِنْ هٰذَا مَكْرُوهٌ, likening what comes into the heart, and into the mind, to what comes into the hand, and is seen with the eye: (M, TA:) and this, as well as the former, is tropical. (TA.) b4: سَقَطَ القَمَرُ (tropical:) The moon set: and in like manner النَّجْمُ [the star, or asterism; generally meaning the Pleiades; and when this is the case, the phrase in most instances means the Pleiades set at dawn: see مَسْقطٌ]. (Mgh, TA.) b5: سَقَطَ الرَّجُلُ (tropical:) The man died. (TA.) b6: [And (assumed tropical:) The man tottered by reason of age.] You say of an old man, سَقَطَ مِنَ الكِبَرِ (assumed tropical:) [He tottered by reason of age]. (S in art. درهم.) b7: سَقَطَ إِلَىَّ القَوْمُ, (M, K,) inf. n. سُقُوطٌ, (TA,) (tropical:) The people, or company of men, alighted at my abode: (M, K, TA:) they came to me. (TA.) سَقَطَ إِلَى جِيرَانٍ لَهُ, occurring in a trad., means (tropical:) He came to some neighbours of his, and they gave him refuge, and protected him. (M, TA.) And it is said in a postclassical prov., حَيْثُمَا سَقَطَ لَقَطَ [Wherever he alights he picks up something]: applied to him who practises evasions, shifts, artifices, or the like. (Meyd, and Har p. 660.) b8: سَقَطَ عَلَى ضَالَّتِهِ (tropical:) He stumbled upon, lighted on, or became acquainted with, the place of his stray, or lost, beast; he lighted on his stray, or lost, beast. (TA.) Mohammad said to El-Hárith Ibn-Hassán, on the latter's asking him respecting a thing, عَلَى الخَبِيرِ سَقَطْتَ (tropical:) On the possessor of knowledge thou hast lighted: and this is a prov. current among the Arabs. (TA.) And it is said in a prov., سَقَطَ العَضْلَرRَآءُ بِهِ عَلَى سِرْحَانِ (assumed tropical:) [The evening-meal, or supper, (i. e. the seeking for it,) made him to fall, or light, upon a wolf: or سرحان, as is said in a copy of the S, is here the name of a certain man: see also art. سرح]: applied to him who seeks an object of desire, and falls into a thing that destroys him. (TA.) b9: سَقَطَ also signifies He descended [from the place which he occupied], and his place became vacant. (TA.) And you say, سَقَطَ فُلَانٌ مِنْ مَنْزِلَتِهِ (tropical:) [Such a one fell from his honourable station]. (TA.) And سَقَطَ فُلَانٌ مِنْ عَيْنِى (tropical:) [Such a one fell from the place which he held in my regard]. (TA.) سَقَاطَةٌ, as an inf. n., meaning (assumed tropical:) The being ignoble in respect of the deeds or qualities of one's ancestors, and of oneself, [as though its verb were سَقُطَ,] is a mistake, although it has been used, for the purpose of assimilation, coupled with وَقَاحَةٌ. (Mgh.) b10: [Also, (assumed tropical:) He dropped off; fell behind: he, or it, remained behind, or in the rear. See سَاقِطٌ.] b11: سَقَطَ عَنِ الطَّرِيقِ (assumed tropical:) [He deviated from the road]. (IAar, TA in art. فجر.) b12: سَقَطَ فِى كَلَامِهِ, (M, K,) and بِكَلَامِهِ, (TA,) inf. n. سُقُوطٌ; (M, TA;) and فى كلامه ↓ أَسْقَطَ; (S, TA;) (tropical:) He committed a mistake in his speech. (M, K, TA.) And تَكَلَّمَ فَمَا سَقَطَ بِكَلِمَةٍ, (M, TA,) and كَلِمَةً ↓ مَا أَسْقَطَ, and فِى كَلِمَةٍ ↓ مَاأَسْقَطَ, (M, K,) (tropical:) He spoke, and did not commit a mistake in a word. (M, K, TA.) And تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ

فَمَا سَقَطَ بِحَرْفٍ, and حَرْفًا ↓ مَا أَسْقَطَ, [held by him on whose authority it is mentioned to mean (assumed tropical:) He spoke speech, and did not drop a letter, or a word; for this is] said by Yaakoob to be like دَخَلْتُ بِهِ and أَدْخَلْتُهَ, &c. (S.) b13: سَقَطَ ذِكْرُهُ (assumed tropical:) [The mention of him, or it, was, or became, dropped, left out, or omitted]. (TA, passim.) And سَقَطَ الرَّجُلُ (tropical:) The man's name fell out, or became dropped, from the register of soldiers or pensioners. (TA.) b14: سَقَطَتْ قُوَّتُهُ دُونَ بُلُوغِ الأمْرِ [His power fell short of the attainment or accomplishment, of the affair.] (TA in art. ذرع.) b15: [سَقَطَ, inf. n. سُقُوطٌ, likewise signifies (assumed tropical:) It (a claim or demand, a due, an argument or a plea, a condition, a law, a command or prohibition, a gift, a reward, a punishment, a good action, a sin, &c.,) became null, annulled, void, of no force, or of no account; as though it fell to the ground, or became dropped; whence سَقَطَ حُكْمُهُ, by which phrase بَطَلَ, q. v., is expl. in the Msb.] Yousay, سَقَطَ الفَرْضُ (assumed tropical:) [The assigned, or appointed, gift, or soldier's stipend or pay, became annulled], meaning سَقَطَ طَلَبُهُ وَالأَمْرُ بِهِ (assumed tropical:) [the demand for it and the order for it became dropped]. (Msb.) And إِذَاصَحَّتِ المَوَدَّةُ سَقَطَتٌ ضْلَرRُرُوطُ الأَدَبِ وَ التَّكْلِيفِ (assumed tropical:) [When love, or affection, is free from imperfection, the conditions of politeness and constraint become annulled]. (TA.) And سَقَطَتْ خَطَايَاهُ (assumed tropical:) His sins fell [from him]; went away; or departed. (TA in art. خر.) b16: سَقَطَ الحَرُّ, (M, K,) aor. ـُ inf. n. سُقُوطٌ, (M,) (tropical:) The heat fell [like as one says of rain]; (M, K;) it befell; (TA;) it came. (K.) But سَقَطَ عَنَّا الحَرَّ (assumed tropical:) The heat left us or quitted us: (IAar, M, K:) as though the verb had two contr. significations. (M, K. *) b17: سَقَطَ الحَدِيثُ مِنْكَ إِلَيْهِ وَمِنْهُ إِلَيْكَ (tropical:) [Discourse fell from thee to him, and from him to thee]: (M:) or سَقَطَ مِنْ كُلٍ عَلَى الاّخَرِ (tropical:) [it fell from each to the other]. (K.) 3 ساقطهُ, (S, M, K,) inf. n. مُسَاقَطَةٌ and سِقَاطٌ, (M, K,) i. q. ↓ أَسْقَطَهُ [q. v.]: (K:) or he made it to fall, fall down, drop, drop down, or tumble down, in consecutive portions or quantities; syn. تَابَعَ إِسْقَاطَهُ [in the CK اَسْقاطَهُ]: (M, K:) or it has both of these significations. (So in the L, and in some copies of the S; but in one copy of the S, the former only is mentioned.) A poet says, (S, M,) namely Dábi Ibn-El-Hárith ElBurjumee, (TA,) describing a [wild] bull and the dogs, (S,) يُسَاقِطُ عَنْهُ رَوْقُهُ ضَارِ يَاتِهَا سِقَاطَ حَدِيدِ القَيْنِ أَخْوَلَ أَخْوَلَا [His horn makes to fall consecutively from him those of them that were trained for hunting, as the iron of the blacksmith makes sparks to fall consecutively, scattered about]. (S, M.) b2: ساقط الخَيْلَ (tropical:) He (a horse) outstripped the [other] horses: (TA:) [as though he made them to drop behind him, one after another.] b3: ساقطهُ الحَدِيثَ, (M, K,) inf. n. سِقَاطٌ (S, M, A) and مُسَاقَطَةٌ, (TA,) (tropical:) [He discoursed with him alternately;] discourse fell (سَقَطَ) from each of them to the other, (M, K,) so as that one discoursed, and the other listened to him, and when he became silent, he who had been silent discoursed: (S, K:) or he discoursed to him telling him thing after thing. (A, TA.) b4: كَانَ يُسَاقِطُ ذٰلِكَ عَنْ رَسُولِ اللّٰهِ (assumed tropical:) He used to relate that from the Apostle of God amid his discourse; as though he mixed his discourse therewith. (TA, from a trad.) A2: ساقط الفَرَسُ العَدْوَ, (M, K,) inf. n. سِقَاطٌ, (S, M, K,) (tropical:) The horse came [running] in a slack, or languid, manner: (S, * M, K, TA:) or سِقَاطٌ in a horse is the incessantly having the foot wounded and made to bleed by stones, or hurt thereby. (A, TA.) You say also فَرَسٌ رَيّثُ السِقَاطِ (assumed tropical:) A horse slow in running. (TA.) b2: ساقط الرَّجُلُ, inf. n. سِقَاطٌ, (tropical:) The man failed of attaining to the condition of the generous, or noble. (TA.) 4 اسقطهُ He made it to fall, fall down, drop, drop down, or tumble down; threw it down; dropped it; let it fall; (S, * M, Mgh, Msb;) upon the ground; (Mgh;) or from a higher to a lower place. (Msb.) See also 3, first sentence. b2: أَسْقَطَتٌ, (S, Mgh, O, Msb, K,) or اسقطت وَلَدَهَا, (M, K,) or the latter is wrong, (MF,) for the Arabs disused, as some say, the objective complement after this verb, scarcely, or never, saying أَسْقَطَتْ سِقْطًا, nor do they say, أُسْقِطَ الوَلَدُ, (Msb, MF,) or the lawyers use these last two phrases, but they are not Arabic, (Mgh,) or a phrase like the last, i. e. أُسْقِطَتِ الأَجِنَّةُ, occurs in an Arabic verse, (TA,) She (a pregnant female, Mgh, Msb, or a woman, M, B, and so in a copy of the S, or a camel or other animal, as in some copies of the S and in the O, or, accord. to El-Kálee, only said of a woman, like as اجهضت is only said of a she-camel, TA,) cast her young one, or fœtus or her young; brought forth her young one, or fœtus, or her young, abortively, or in an immature, or imperfect, state, (S, * M, Msb, K, B,) or dead, (Mgh,) but having the form developed, or manifest. (Mgh, Msb.) b3: أُسْقِطِ فِى

يَدِهِ: see 1. b4: اسقطهُ السُّلْطَانُ (tropical:) [The Sultán made him to fall, or degraded him, مِنْ مَنْزِلَتِهِ from his honourable station]. (TA.) b5: [اسقط also signifies (assumed tropical:) He dropped, left out, or omitted, a letter of a word, a word of a phrase, &c.] Yousay, اسقط حَرْفًا, and كَلِمَةٍ, and فِى كَلِمَةٍ, and فِىكَلَامِهِ: see 1. And اسقط الفَارِضُ اسْمَهُ (tropical:) The appointer, or registrar, of the stipends of soldiers or pensioners dropped, left out, or omitted, his name. (TA.) b6: [Also (assumed tropical:) He, or it, annulled; made, or rendered, null, void, of no force, or of no account; he rejected; said in relation to a claim or demand, a due, an argument or a plea, a condition, a law, a command or prohibition, a gift, a reward, a punishment, a good action, a sin, &c.; of any of these you say, اسقطهُ, and اسقط حُكْمَهُ: see an ex. voce هَدَرَ: and see 1, near the end of the paragraph. Hence,] اسقط مِنَ الثَّمَنِ كَذَا (assumed tropical:) He abated of the price so much; syn. حَطَّ. (Mgh and Msb in art. حط.) b7: اسقطهُ is erroneously put in the K, in one instance, for استسقطهُ. (TA.) See 5.

A2: أَسْقَطُوا لَهُ بِالكَلَامِ (tropical:) They reviled him with evil speech. (TA.) 5 تسقّطهُ (tropical:) He sought his mistake, or error: (S, K, TA:) (tropical:) he strove, or laboured, to make him commit a mistake, or an error; or to make him lie; or to make him reveal what he had to tell; (M, K, TA;) as also ↓ استسقطهُ; (M, TA;) in the copies of the K, ↓ أَسْقَطَهُ, which is a mistake. (TA.) b2: تسقّط الخَبَرَ (tropical:) He took, or received, the news, or information, by little and little; (K, TA;) thing after thing: mentioned by Aboo-Turáb, on the authority of Abu-l-Mikdám EsSulamee. (TA.) 6 تساقط: see its variation اِسَّاقَطَ in 1; first sentence. b2: It fell in consecutive portions or quantities [like the leaves of a tree, &c.; by degrees; gradually]. (M, K.) A poet says, كَنَجْمِ الثُّرَيَّا وَأَمْطَارِهَا وَيَوْمٍ تَسَاقَطُ لَذَّاتُهُ i. e. (assumed tropical:) [Many a day] of which the pleasures come one thing after another; [such a day being like the asterism of the Pleiades, and the pleasures thereof like its rains;] meaning the abounding of its pleasures. (TA.) And you say, تَسَاقَطَ إِلَىَّ خَيْرُ فُلَانٍ (tropical:) [The wealth of such a one fell, or came, to me, one thing after another]. (TA.) b3: تساقط عَلَى الشَّىٌءِ He threw himself upon the thing. (S.) You say, تساقط عَلَى الرَّجُلِ يَقِيه بِنَفْسِهِ [He threw himself upon the man, protecting him with his own person]. (TA.) 10 إِسْتَسْقَطَ see 5.

سَقْطٌ: see سِقْطٌ, in three places: A2: and سَقِيطٌ, in two places: b2: and سَاقِطٌ: b3: and سَقْطَةٌ.

سُقْطٌ: see سِقْطٌ, in three places.

سِقْطٌ and ↓ سُقْطٌ and ↓ سَقْطٌ A child, or young one, or fœtus, that falls from the belly of the mother abortively, or in an immature, or imperfect, state, (S, M, Msb, K,) or dead, (Mgh,) but having the form developed, or manifest; (Mgh, Msb;) for otherwise it is not so called; (Mgh;) whether male or female: (Msb, TA:) the first of these three forms is the most common: and the pl. is أَسْقَاطٌ. (TA.) The reward which a father will receive for such offspring is [held to be] more than that for adult offspring. (TA.) b2: Hence, (M, B, TA,) the same three words, (K,) or سِقْطُ النَّارِ and ↓ سُقْطُهَا and ↓ سَقْطُهَا, (S, M, Msb,) (tropical:) What falls, (S, M, Msb, K,) of fire, (S,) from the زَنْد, (Msb,) or between the زَنْدَانِ, (M, K,) when one produces fire, (S,) or before the emission of the fire is thoroughly effected: (M, K:) masc. and fem. (Fr, S, K.) b3: Also سِقْطُ رَمْلٍ and ↓ سُقْطُهُ and ↓ سَقْطُهُ (S, M, Msb, K,) and ↓ مَسْقَطُهُ (M, K) and ↓ مَسْقِطُهُ (M, TA) [The fall, or slope, of a tract, or quantity, of sand;] the place where sand [falls, or slopes, and] ends: (S:) or the place to which the extremity of sand extends: (Msb:) or the place where the main portion of sand ends, and where it [falls, or slopes, and] becomes thin; (M, K;) for it is [derived] from سُقُوطٌ [inf. n. of 1]. (M.) b4: Also سِقْطٌ (tropical:) The edge, or extremity, of a cloud: (M, K:) or the part of a cloud where the edge, or extremity, is seen as though it were falling upon the earth, in the horizon. (S.) b5: And hence, or from the same word as used in relation to sand, (TA,) (tropical:) The similar part of a [tent of the kind called]

خِبَآء: (S:) or the lowest strip of cloth, that is next the ground, on either side of a خبآء: (A, TA:) or the side of a خبآء: (K:) or [each of] the two sides thereof. (M.) b6: Also, (S, M, K,) and ↓ سِقَاطٌ and ↓ مَسْقَطٌ, (M, K,) (tropical:) The wing; (K;) each of the two wings; (S, M;) of a bird; (M, K;) or of a male ostrich. (S.) And سِقْطُ جَنَاحِ الطَّائِرِ (tropical:) The part of the wing of the bird which it drags upon the ground. (S, TA.) b7: [And hence,] سِقْطَا اللَّيْلِ (tropical:) The two sides of the darkness of night; (TA;) the beginning and end thereof; (S, TA;) as also ↓ سِقَاطَاهُ: (TA:) whence the saying of the poet, (S, TA,) namely Er-Rá'ee, (TA,) حَتَّى إِذَامَا أَضَآءَالصُّبْحُ وَ أَنْبَعَثَتْ عَنْهُ نَعَامَةُ ذِى سِقْطَيْنِ مُعْتَكِرِ (tropical:) [Until, when the dawn shone, and the blackness of confused night became dispelled from it]: he means by نعامة the “ blackness ” of night: he says that the night, having its beginning and end, passed, and the dawn shone clearly. (S, TA.) سَقَطٌ What is made to fall, thrown down, or dropped, of, or from, a thing, (M, K,) and held in mean estimation: (TA:) and [in like manner]

↓ سُقَاطَةٌ the refuse of anything; (IDrd;) or what falls, of, or from, a thing, (M, K,) and is held in mean estimation; (TA;) as also ↓ سُقَاطٌ; (K;) or, accord. to some, this last is a pl. [or rather a coll. gen. n.], and ↓ سُقَاطَهٌ is its sing. [or n. un.]; and سُقَاطَاتٌ is also a pl. of this last. (TA.) [Hence,] سَقَطُ الطَّعَامِ (tropical:) What is worthless, of food: (M, K: *) or what falls from, or of, food: (M:) and [in like manner] ↓ سُقَاطَةٌ and ↓ سُقَاطٌ refuse that falls, and is held in mean estimation, of, or from, food and beverage and the like: (TA:) the pl. of سَقَطٌ is أَسْقَاطٌ. (K.) And سَقَطُ المَتَاعِ (tropical:) What is worthless, paltry, mean, vile, or held in little account, of the furniture or utensils of a house or tent, or of household goods: (S, Msb, K:) or the refuse thereof; (Mgh;) and so المَتَاعِ ↓ سُقَاطَةُ: (TA:) and سَقَطُ البَيْتِ signifies the same; (M;) or such articles of the tent or house as the needle and the axe and the cookingpot and the like: (Lth:) pl. as above. (M.) And hence, آَسْقَاطُ النَّاسِ (q. v. infrà, as also سَقَطُ النَّاسِ, voce سَاقِطٌ). (Lh, M.) سَقَطٌ also signifies (assumed tropical:) Things of which the sale is held in mean estimation; such as the seeds that are used in cooking, for seasoning food; and the like; (M, TA;) or such as sugar and raisins. (A, TA.) Also (assumed tropical:) The parts of a slaughtered beast that are held in mean estimation; such as the legs and the stomach and the liver, and the like of these: pl. as above. (TA.) b2: (tropical:) A mistake, or an error, (S, M, Mgh, Msb, K,) in speech, (M, Msb, K,) in reckoning, (S, M, K,) in writing, (S, M, Mgh, K,) and in action; (Msb;) as also ↓ سِقَاطٌ. (M, K.) [See also ↓ سَقْطَةٌ.] b3: (tropical:) A disgraceful; or shameful, thing; a vice, or fault, or the like. (M, K, TA.) b4: سَقَطُ الكَلَامِ (tropical:) Evil speech. (TA.) سَقْطَةٌ [A fall: or] a violent fall. (M, TA.) b2: (tropical:) A slip, lapse, fault, or wrong action; as also ↓ سِقَاطٌ; (S, K;) and ↓ سَقْطٌ; which last is also used in a pl. sense: (TA:) or the second (سقاط) is pl. of سَقْطَةٌ: (Msb, K:) as sing., it is an inf. n. of سَاقَطَ: (TA:) and سَقْطَةٌ also signifies a bad word or saying, that swerves from rectitude: (TA in art. عور:) its pl., or one of its pls., is سَقَطَاتٌ. (TA.) You say, لَايَخْلُو أَحَدٌ مِنْ سَقْطَةٍ (tropical:) [No one will be free from a slip]. (TA.) And الكَامِلُ مَنْ عُدَّتْ سَقَطَاتُهُ (tropical:) [The perfect is he whose slips are so few that they may be counted]. (TA.) سَقَطِىُّ (Mgh, K) and ↓ سَقَّاطٌ, (S, Mgh, K,) the latter disallowed by some, (Mgh, TA,) but occurring in a trad., (S, Mgh, TA,) A seller of what is worthless, or mean, or vile, of the furniture or utensils of a house or tent, or of household goods; (S, K;) or of the refuse thereof; (Mgh;) of what are termed سَقَطُ المَتَاعِ: (S, Mgh, K:) those who disallow the latter epithet term such a person صَاحِبُ سَقَطِ: (TA:) or ↓ the latter epithet signifies a seller of things of which the sale is held in mean estimation; such as the seeds that are used in cooking, for seasoning food; and the like; which are termed سَقَطٌ. (M.) [See also أَسْقَاطِىٌّ.]

سَقَاطٌ: see سَقَّاطٌ.

سُقَاطٌ: see سَقَطٌ, in two places.

سِقَاطٌ What falls from palm-trees, of unripe dates: (K:) or such are termed سِقَاطُ النَّخْلِ: (M:) سقاط, thus used, may be a sing., or pl. of سَاقِطٌ [q. v.]. (TA.) b2: (tropical:) Dates that are brought from El-Yemámeh by those who journey thither to procure them. (M, K.) b3: See also سَقْطَةٌ: and سَقَطٌ, near the end of the paragraph: b4: and see سِقْطٌ, in two places, near the end of the paragraph.

سَقُوطٌ: see سَاقِطٌ.

سَقِيطٌ Hoar-frost, or rime; i. e. dew that falls and congeals upon the ground; (S, M, K;) also called جَلِيدٌ and ضَرِيبٌ; (S in art. جلد;) of the dial. of Teiyi. (M.) b2: Snow; (S, TA;) as also ↓ سَقْطٌ. (K, TA.) b3: Hail: (K:) or this is called سَقِيطُ السَّحَابِ. (M, TA.) b4: What falls, or has fallen, of dew, (M, K, TA,) upon the ground; (M, TA;) as also ↓ سَقْطٌ. (K, TA.) b5: دُرٌّسَقِيطٌ Scattered pearls. (TA.) And وَرَقٌ سِقَاطٌ [Scattered leaves]: the latter word is pl. of سَقِيطٌ, like as طِوَالٌ is pl. of طَوِيلٌ. (TA.) b6: See also سَاقِطٌ.

A2: A whelp; syn. جِرْوٌ. (TA.) A3: It is also said by some to signify Baked pottery; but the correct word in this sense is with ش. (TA.) سُقَاطَةٌ: see سَقَطٌ, in four places.

سَقِيطَةٌ: see سَاقِطٌ, in two places.

سَقَّاطٌ (S, Sgh, L, K) and ↓ سَقَاطٌ, (K,) or سَقَّاطٌ وَرَآءَ الضَّرِيبَةِ, (M,) A sword that falls behind the object struck therewith, cutting it so as to pass to the ground: (S, K:) or that cuts the object struck therewith, and then reaches to what is after it: (M, K:) or that cleaves so as to reach to the ground after cutting: (IAar, M:) or that passes through the object struck therewith, and then falls. (Expos. of the Deewán of the Hudhalees.) A2: See سَقَطِىٌّ, in two places.

سُقَّيْطٌ i. q. حَبُّ العَزِيزِ [The small tubercles that compose the root of the cyperus esculentus: or that plant itself]. (TA.) سُقَّاطَةٌ [A door-latch;] a thing that is put over the upper part of a door, and that falls upon it, so that it becomes fastened. (TA.) سَاقِطٌ Falling; falling down; dropping; dropping down; tumbling down; as also ↓ سَقُوطٌ; (M, K;) which latter is both masc. and fem. (M, TA.) b2: ↓ سَاقِطَةٌ [its fem., as an epithet in which the quality of a subst. predominates,] A fruit that falls before maturity: pl. سَوَاقِطُ: which also signifies what falls from palm-trees: or branches that fall; not fruits. (Mgh.) b3: هُوَ سَاقِطٌ فِى يَدِهِ: see مَسْقُوطٌ. b4: لَاقِطَةٌ ↓ لِكُلِّ سَاقِطَةٍ (tropical:) For every saying that falls from one, there is a person who will take it up: (Msb:) or for every word that falls from the mouth of the speaker, there is a person who will hear it and pick it up and publish it: a prov., relating to the guarding of the tongue: (TA:) the ة in لاقطة is either to give intensiveness to the meaning or for the purpose of assimilation. (Msb.) b5: مِنْ حَرٍ ↓ سَوَاقِطُ (tropical:) Fallings of heat. (M, TA.) [See 1, near the end of the paragraph.] b6: سَاقِطٌ also signifies Hanging down; pendent; pendulous: and the pl. is سُقَّاطٌ. (TA.) b7: [And Tottering by reason of age.] Yousay شَيْخٌ سَاقِطٌ كِبَرًا [An old man tottering by reason of age]. (K in art. درهم.) b8: Also (assumed tropical:) Low, ignoble, base, vile, or mean, in respect of the deeds or qualities of his ancestors, and of himself; (S, Mgh;) and so ↓ سَاقِطَةٌ: (S:) or, (assumed tropical:) in respect of the deeds or qualities of his ancestors, and of his race; and so ↓ سَاقِطَةٌ: (TA:) (assumed tropical:) one who is not reckoned among the better, or best, class of young men; as also ↓ سَقْطٌ: (K:) (tropical:) one who is, or remains, behind, or in the rear of, other men: (M, K:) [obscure, unnoted, reputeless, or of no reputation:] pl. سُقَّاطٌ (S, Mgh, TA) and سَقْطَى (S, TA) and سِقَاطٌ, which last is like نِيَامٌ as pl. of نَائِمٌ, and سُقَطَآءُ, [by rule a pl. of سَقِيطٌ, which see in what follows,] and ↓ سَوَاقِطُ [is pl. of سَاقِطَةٌ]. (TA.) The epithets سَاقِطٌ مَاقِطٌ لَاقِطٌ are used together, as signifying (assumed tropical:) Low, ignoble, base, vile, or mean; applied to a man; as is said in the L: or, accord. to the O, [and the S in art. مقط,] the Arabs say, in reviling, فُلَانٌ سَاقِطُ بْنُ مَاقِطِ بْنِ لَاقِطٍ, meaning Such a one is a slave of a slave of a slave of a freedman, son of a slave of a slave of a freedman, son of a slave of a freedman; the ساقط being the slave of the ماقط, and the ماقط being the slave of the لاقط, and the لاقط being the slave of the freedman. (TA.) سُقَّاطُ النَّاسِ signifies, accord. to IAar, (assumed tropical:) The refuse, rabble, or lowest or basest or meanest sort, of mankind, or of people; (TA in art. خشر;) as also النَّاسِ ↓ سَقَطُ, (TA,) and النَّاسِ ↓ أَسْقَاطُ, as being likened to those articles of a tent or house which are termed سَقَطٌ, q. v.: (Lh, M:) and سُقَّاطُ الجُنْدِ (assumed tropical:) Soldiers of whom no account is made. (TA.) ↓ سَاقِطَةٌ, (M, L, TA,) in the K ↓ سَقِيطَةٌ, but this is a mistake, (TA,) or, applied to a man, only used when immediately followed by لَقِيطَةٌ, (TA in art. لقط,) also signifies (assumed tropical:) Deficient in intellect, or intelligence, or understanding; (M, L, K;) as also ↓ سَقِيطٌ; (Ez-Zejjájee, M, L, K;) and ↓ سَقِيطَة is the fem. of the latter; (M, L, TA;) and signifies also, applied to a woman, (assumed tropical:) Low, ignoble, base, vile, or mean, (S, TA,) and stupid. (So in some copies of the S, and in the TA.) You say also, الفِعْلِ ↓ هُوَ سَاقِطَةُ (assumed tropical:) [He is mean in conduct: or one of whose actions no account is made]. (TA.) b9: Also, [as signifying (assumed tropical:) Vile, mean, or paltry,] applied to a thing: (TA in art. لقط:) [a thing] (assumed tropical:) falling short of the due, or just, mean. (M in art. وسط.) b10: سَاقِطُ الشَّدِ (assumed tropical:) A horse that runs interruptedly. (A, TA.) b11: ↓ سَوَاقِطُ (tropical:) Persons who come to El-Yemámeh to bring thence for themselves provisions of dates. (M, K, TA.) b12: And ↓ this last word, (assumed tropical:) Small, low mountains, [as though] cleaving to the ground. (TA.) سَاقِطَةٌ, and its pl. سَوَاقِطُ: see سَاقِطٌ, throughout.

أَسْقَاطِىُّ (assumed tropical:) One who sells the parts of a slaughtered beast that are called سَقَطٌ [q. v.]. (TA.) [See also سَقَطِىٌّّ.]

مِسْقِطٌ (S, M, K) and مَسْقَطٌ, (M, K,) the former extr. [with respect to rule, though the contr. with respect to usage], (M,) and the latter an inf. n. as well as a noun of place [and of time], (S, K,) A place [and a time] of falling, falling down, dropping, dropping down, or tumbling down, (S, M, K,) of a thing; (M, TA;) as, for instance, of a whip, and of rain: pl. مَسَاقِطُ. (TA.) b2: مَسْقِطُ الرَّأْسِ, (K,) and مَسْقَطُهُ, (As,) and المسقط alone, (A, TA,) (tropical:) The place of birth. (K, TA.) You say, هٰذَامَسْقِطُ رَأْسِى (tropical:) This is my birthplace. (S.) And البَصْرَةُ مَسْقَطُ رَأْسِى (tropical:) [El-Basrah is my birth-place]. (M.) And هُوَ يَحِنُّ إِلَىمَسْقِطِهِ (tropical:) He yearns towards his birth-place. (A, TA.) b3: اتَانَا فِى مَسْقِطِ النَّجْمِ (tropical:) He came to us at the time of the setting of the star, or asterism; (S, TA;) [meaning, at the time of the auroral setting of the Pleiades: see مَنَازِلُ القَمَرِ, in art. نزل.] b4: مَسْقِطٌ also signifies The place of the ending of anything. (TA.) See سِقْطٌ, in three places.

مُسْقِطٌ Casting her young one or fœtus; bringing it forth abortively, or in an immature, or imperfect, state, (M, K,) [or dead, but having the form developed, or manifest: see 4.]

هٰذَا الفِعْلُ مَسْقَطَةٌ لَلْإِنْسَانَ مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ (tropical:) [This deed is a cause of a man's falling from the place which he holds in the regard of people]: (S, K: *) said when one does a thing that is not proper for him to do. (TA.) مِسْقَاطٌ Accustomed to cast her young; to bring them forth abortively, or in an immature, or imperfect, state, (K,) [or dead, but having the form developed, or manifest: see 4.]

تَمْرَةٌ مَسْقُوطَةٌ [A fallen date]: some say that this means سَاقِطَةٌ: others, ذَاتُ سُقُوطٍ [having a falling]: it may be from أَسْقَطِهُ; like مَحْمُومٌ from أَحَمَّهُ اللّٰهُ. (TA.) b2: هُوَ مَسْقُوطٌ فِى يَدِهِ (tropical:) He is repenting, and abject; as also فِى ↓ سَاقِطٌ يَدِهِ (TA.) مَشَى مُتَسَاقِطًا (tropical:) [He walked, or went, in a slack, or languid, manner; as though repeatedly stumbling; or as though throwing himself down: see 3, near the end; and see also 6]. (A in art. طرح.)
سقط
سَقَطَ الشَّيءُ من يَدي سُقُوطاً، بالضَّمِّ، ومَسْقَطاً، بالفَتْحِ: وَقَعَ، وكلُّ مَنْ وَقَعَ فِي مَهْواةٍ يُقَالُ: وَقَعَ وسَقَطَ. وَفِي البَصائِر: السُّقوطُ: إِخْراجُ الشَّيءِ إِمَّا من مكانٍ عالٍ إِلَى مُنْخَفِضٍ، كالسُّقوطِ من السَّطحِ. وسُقُوطِ مُنْتَصِبِ القامَةِ، كاسَّاقَطَ، ومِنْهُ قَوْله تَعَالَى: تَسَّاقَطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا، وقرأَ حَمَّاد ونُصَيْرٌ ويَعْقوبُ وسَهْلٌ يَسَّاقَط بالياءِ التَّحتِيَّة المَفْتوحَةِ، كَمَا فِي العُبَاب. قُلْتُ: فَمن قرَأَ بالياءِ فَهُوَ الجِذْعُ، وَمن قرأَ بالتَّاءِ فَهِيَ النَّخْلَة، وانْتِصابُ قَوْله: رُطَباً جَنِيًّا عَلَى التَّمْييزِ المُحَوَّلِ، أَرادَ يَسَّاقَط رُطَبُ الجِذْع، فلمَّا حُوِّل الفِعْلُ إِلَى الجِذْعِ خَرَجَ الرُّطَبُ مُفَسِّراً، قالَ الأّزْهَرِيّ: هَذَا قَوْلُ الفَرَّاءِ. فَهُوَ ساقِطٌ وسَقُوطٌ، كصَبُورٍ، المذكَّرُ والمؤنَّثُ فِيهِ سَواءٌ، قالَ: مِنْ كلِّ بَلْهاءَ سَقُوطِ البُرْقُعِ بَيْضاءَ لم تُحْفَظْ وَلم تُضَيَّعِ يَعْنِي أنَّها لم تُحْفَظْ من الرِّيْبَة وَلم يُضَيِّعْها والِداها. والمَوْضِعُ: مَسقَطٌ كمَقْعَدٍ ومَنْزِلٍ الأُولى نادِرَةٌ نَقَلَها الأَصْمَعِيّ، يُقَالُ: هَذَا مَسْقَط الشَّيءِ ومَسْقِطُهُ، أَي مَوْضِعُ سُقوطهِ. وقالَ الخَليلُ: يُقَالُ: سَقَطَ الوَلَدُ من بَطْنِ أُمِّهِ، أَي خَرَجَ وَلَا يُقَالُ: وَقَعَ، حينَ تَلِدُهُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ والصَّاغَانِيّ.
وَفِي الأَسَاسِ: ويُقَالُ: سَقَطَ المَيِّتُ من بَطْنِ أُمِّه، ووَقَعَ الحَيُّ. وَمن المَجَازِ: سَقَطَ الحَرُّ يَسْقُطُ سُقوطاً، أَي وَقَعَ، وأَقْبَلَ ونَزَلَ. ويُقَالُ: سَقَطَ عَنَّا الحَرُّ، إِذا أَقْلَعَ، عَن ابْن الأَعْرَابِيّ، كَأَنَّهُ ضِدٌّ.
وَمن المَجَازِ: سَقَطَ فِي كَلامِه وبِكَلامِه سُقوطاً، إِذا أَخْطأَ، وكَذلِكَ أَسْقَطَ فِي كَلامِه. وَمن المَجَازِ: سَقَطَ القومُ إليَّ سُقوطاً: نَزَلوا عَلَيَّ، وأَقْبَلوا، ومِنْهُ الحَديثُ: فَأَمّا أَبُو سَمّالٍ فَسَقَطَ إِلَى جيرانٍ لَهُ أَي أَتاهُمْ فأَعاذوه وسَتَروه. وَمن المَجَازِ: هَذَا الفِعْلُ مَسْقَطَةٌ لَهُ أَعْيُنِ النّاسِ، وَهُوَ أَن يَأتِيَ بِمَا لَا يَنْبَغي. نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ، والزَّمَخْشَرِيُّ، وصَاحِب اللّسَان. ومَسْقِطُ الرَّأسِ: المَوْلِدُ، رَواه الأَصْمَعِيّ بِفَتْح الْقَاف، وغيرُه بالكَسْرِ، ويُقَالُ: البَصْرَةُ مَسْقَطُ رَأسي، وَهُوَ يَحِنُّ إِلَى مَسْقَطِهِ، يَعْنِي حَيْثُ وُلِدَ، وَهُوَ مَجازٌ، كَمَا فِي الأَسَاسِ. وتَسَقَطَ الشَّيْءُ: تَتَبَع سُقوطُهُ. وساقَطَهُ مُساقَطَةً، وسِقاطاً: أَسْقَطَه، وتابَعَ إسْقاطَهُ، قالَ ضابِئُ بن الحارِثِ البُرْجُمِيُّ يَصِفُ ثَوْراً والكلابَ:
(يُساقِطُ عَنهُ رَوْقُهُ ضارِياتِها ... سِقاطَ حَديدِ القَيْنِ أَخْوَلَ أَخْولا)
قَوْله: أَخْوَلَ أَخْوَلا، أَي مُتَفَرِّقاً، يَعْنِي شَرَرَ النَّارِ. والسُّقْطُ، مُثَلَّثَةً: الوَلَدُ يَسْقُطُ من بَطْنِ أُمِّه) لِغَيْرِ تَمامٍ، والكَسْرُ أكثرُ، والذَّكَرُ والأُنْثَى سَواءٌ ومِنْهُ الحَدِيث: لأنْ أُقَدِّمُ سِقْطاً أَحَبُّ إليَّ من مائَةِ مَسْتَلْئِمٍ المُسْتَلْئم: لابِسُ عُدَّةِ الحَرْبِ، يَعْنِي أنَّ ثَوابَ السِّقْطِ أَكثَرُ من ثَوابِ كِبار الأوْلاد.
وَفِي حَديثٍ آخر: يُحْشَرُ مَا بَيْنَ السِّقْطِ إِلَى الشَّيْخِ الفاني مُرْداً جُرْداً مُكَحَّلينَ أُولي أَفانينَ.
وَهِي الخُصَلُ من الشَّعرِ، وَفِي حَديثٍ آخرَ: يَظَلُّ السِّقْطُ مُحْبَنْطِئاً عَلَى بَاب الجَنَّة ويُجْمَع السِّقْطُ عَلَى الأسْقاطِ، قالَ ابْن الرُّوميّ يَهْجو وَهْباً عِنْدَمَا ضَرَط:
(يَا وَهْبُ إنْ تَكُ قَدْ وَلَدْت صَبِيَّةً ... فبحمْلِهم سَفراً عليكَ سِباطاً)

(مَنْ كانَ لَا يَنْفَكُّ يُنْكَح دَهْرَهُ ... وَلَدَ البَناتِ وأَسْقَطَ الأسْقاطا)
وَقَدْ أَسْقَطَتْهُ أُمُّه إسْقاطاً، وَهِي مُسْقِطٌ، ومُعْتادَتُه: مِسْقاطٌ، وَهَذَا قَدْ نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الأَسَاسِ. وعِبارَةُ الصّحاح والعُبَاب: وأَسْقَطَت النّاقَةُ وغَيْرُها، إِذا أَلْقَتْ وَلَدَها، والَّذي فِي أَمالي القالي، أنَّه خاصٌّ ببَني آدَمَ، كالإجْهاضِ للنّاقَةِ، وَإِلَيْهِ مَال المُصَنِّف وَفِي البَصائر: فِي أَسْقَطَت المَرْأََةُ، اعْتُبِرَ الأمْرانِ: السُّقوطُ من عالٍ، والرَّداءةُ جَمِيعًا، فإِنَّه لَا يُقال أَسْقَطت المَرأَةُ إلاَّ فِي الَّذي تُلْقيه قَبْلَ التَّمامِ، ومِنْهُ قِيل لذَلِك الوَلَدِ: سِقْطٌ. قالَ شَيْخُنا: ثمَّ ظاهِرُ المُصَنِّف أَنَّهُ يُقَالُ: أَسْقَطَت الوَلَدَ، لأنَّه جاءَ مُسْنَداً للضَّمير فِي قولِهِ: أَسْقَطَتْهُ، وَفِي المِصْباحِ، عَن بَعْضِهم: أَماتَت العرَبُ ذِكَرْ الْمَفْعُول فَلَا يَكادونَ يَقُولُونَ: أَسْقَطَت سِقْطاً، وَلَا يُقَالُ: أُسْقِطَ الوَلَدُ، بالبِناء للمَفْعول، قُلْتُ: وَلَكِن جاءَ ذلِكَ فِي قَوْلِ بعضِ العَرَب:
(وأُسْقِطَتِ الأجِنَّةُ فِي الوَلايا ... وأُجْهِضَتِ الحَوامِلُ والسِّقابُ)
والسَّقْطُ: مَا سَقَطَ بَيْنَ الزَّنْدَيْن قَبْلَ اسْتِحْكام الوَرْيِ، وَهُوَ مَثَلٌ بذلك، كَمَا فِي المُحْكَمِ ويُثَلَّثُ، كَمَا فِي الصّحاح، وَهُوَ مُشَبَّه بالسّقْطِ للوَلَدِ الَّذي يَسْقُطُ قبلَ التَّمام، كَمَا يَظْهَرُ من كَلامِ المُصَنِّف، وصَرّحَ بِهِ فِي البَصائرِ. وَفِي الصّحاح: سَقْطُ النّارِ: مَا يَسْقُطُ مِنْهَا عِنْد القَدْح، ومِثْلُه فِي العُبَاب، قالَ الفرّاء: يُذَكَّرُ ويُؤَنَّث قَالَ، ذُو الرُّمَّة:
(وسِقْطٍ كعَيْنِ الدِّيك عاوَرْتُ صاحِبي ... أَباها، وهَيَّأْنا لِمَوْقِعها وَكْرا)
والسَّقْطُ: حيثُ انْقَطَعَ مُعْظَمُ الرَّمْلِ ورَقَّ، ويُثَلَّثُ أَيْضاً، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الجَوْهَرِيّ والصَّاغَانِيّ وَقَدْ أغْفِلَ عَن ذلِكَ فِيهِ وَفِي الَّذي تَقَدَّم، ثمَّ إنَّ عِبارَةَ الصّحاح أَخْصَرُ من عِبارَتهِ، حيثُ قالَ: وسِقْط الرَّمْلِ: مُنْقَطَعُه، وأمَّا قولُه رَقَّ فهوَ مَفْهومٌ من قَوْله: مُنْقَطَعُه لِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ حتَّى يَرِقَّ، كمَسْقَطِهِ، كمَقْعَدٍ، عَلَى القِياسِ، ويُرْوَى: كمَنْزِلٍ، عَلَى الشُّذوذ، كَمَا فِي اللّسَان، وأَغْفَلَهُ)
المُصَنِّف قُصوراً. وقِيل: مَسْقَطُ الرَّمْلِ حيثُ يَنْتَهي إِلَيْهِ طَرَفُه، وَهُوَ قَريبٌ من القولِ الأوَّلِ، وقالَ امْرؤُ القَيْس:
(قِفا نَبْكِ من ذِكْرى حَبيبٍ ومَنْزِلِ ... بسِقْطِ اللِّوى بَيْنَ الدَّخولِ فحَوْمَلِ)
والسَّقْطُ، بالفَتْحِ: الثَّلْجُ، وأيْضاً: مَا يَسْقُطُ من النَّدَى، كالسَّقيطِ، فيهمَا، كَمَا سَيَأْتِي للمُصَنِّف قَريباً، وَمن الأوَّلِ قَوْلُ هُدْبَةَ بن خَشْرَمٍ:
(ووادٍ كجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُه ... تَرَى السَّقْطَ فِي أَعْلامِه كالكَراسِفِ)
والسَّقْطُ: من لَا يُعَدُّ فِي خِيارِ الفِتْيانِ، وَهُوَ الدَّنِيءُ الرَّذْلُ كالسّاقِطِ وقِيل: السّاقِطُ اللَّئيمُ فِي حَسَبِهِ ونَفْسِه. ويُقَالُ للرجُلِ الدَّنِيء: ساقِطٌ ماقِطٌ، كَمَا فِي اللِّسان، والَّذي فِي العُبَاب: وَتقول العَرَبُ: فُلانٌ ساقِطٌ ابْن ماقِطِ ابْن لاقِطٍ، تَتَسابُّ بهَا. فالسّاقِطُ: عَبْدُ الماقِطِ، والماقِطُ: عَبْدُ اللاَّقِط واللاَّقِطُ: عَبْدٌ مُعْتَقٌ. وَمن المَجَازِ: قَعَدَ فِي سِقْطِ الخِباءِ، وَهُوَ بالكَسْرِ: ناحِيَةُ الخِباءِ كَمَا فِي الصّحاح، ورَفْرَفُهُ، كَمَا فِي الأساس، قالَ: اسْتُعيرَ من سِقْطِ الرَّمْلِ، وللخِباء سِقْطانِ. وَمن المَجَازِ: السِّقْطُ: جَناحُ الطّائرِ، كسِقاطِهِ، بالكَسْرِ، ومَسْقَطِهِ، كمَقْعَدِه، ومِنْهُ قَوْلُهم: خَفَقَ الظَّليمُ بسِقْطَيْه. وقِيل: سِقْطا جَناحَيْه: مَا يَجُرُّ منهُما عَلَى الأرْضِ، يُقَالُ: رَفَعَ الظَّليمُ سِقْطَيْهِ ومَضَى.
وَمن المَجَازِ: السِّقْطُ: طَرَفُ السَّحابِ حَيْثُ يُرى كَأَنَّهُ ساقِطٌ عَلَى الأرْضِ فِي ناحِيَة الأُفُقِ، كَمَا فِي الصّحاح، ومِنْهُ أُخِذَ سِقْطُ الخِباءِ. والسَّقَطُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا أُسْقِطَ من الشَّيْء وتُهووِنَ بِهِ، وسَقَطُ الطَّعامِ: مَا لَا خَيْرَ فِيهِ مِنْهُ، ج: أَسْقاطٌ. وَهُوَ مَجازٌ. والسَّقَطُ: الفَضيحَةُ، وَهُوَ مَجازٌ أَيْضاً. وَفِي الصّحاح: السَّقَطُ: رَديءُ المَتاعِ، وقالَ ابْن سِيدَه: سَقَطُ البَيْتِ خُرْثِيُّه لأنَّه ساقِطٌ عَن رَفيعِ المَتاعِ، والجَمْع: أَسْقاطٌ، وَهُوَ مَجازٌ. وقالَ اللَّيْثُ: جمعُ سَقَطِ البَيْتِ: أَسْقاطٌ نَحْو الإبْرَةِ والفَأْسِ والقِدْرِ ونَحْوِها. وقِيل: السَّقَطُ: مَا تُنُووِلَ بَيْعُه من تابِلٍ ونَحْوِه، وَفِي الأَسَاسِ: نَحْو سُكَّرٍ وزَبيبٍ. وَمَا أَحْسَنَ قولَ الشَّاعِر:
(وَمَا لِلْمَرْءِ خَيْرٌ فِي حَياةٍ ... إِذا مَا عُدَّ من سَقَطِ المَتاعِ)
وبائعُه: السَّقَّاطُ، ككَتَّانٍ، والسَّقَطِيُّ، مُحَرَّكَةً، وأَنْكَرَ بَعْضُهم تَسْمِيَتَه سَقّاطاً، وقالَ: وَلَا يُقَالُ سَقّاط، وَلَكِن يُقال: صَاحِب سَقَطٍ. قُلْتُ: والصَّحيحُ ثُبوتُه، فَقَدْ جاءَ فِي حَديثِ ابْن عُمَر أنَّه كانَ لَا يَمُرُّ بسَقَّاطٍ وَلَا صاحِبِ بيعَةٍ إلاَّ سَلَّمَ عَلَيْهِ والبيعَةُ من البَيْع، كالجِلْسَةِ من الجُلوس، كَمَا فِي الصّحاح والعُبَاب. وَمن الْأَخير: سَرِيُّ بن المُغَلّس السَّقَطِيُّ يُكْنَى أَبَا الحَسَن، أَخَذَ عَن أَبي) مَحْفوظٍ مَعْروفِ بن فَيْروز الكَرْخِيِّ، وَعنهُ الجُنَيْدُ وغيرُه، تُوُفّي سنة وَمن الأوّل شيخُنا المُعَمَّر المُسِنُّ، عليُّ بن العَرَبيّ بن مُحَمّدٍ السَّقّاطُ الفاسيُّ، نزيلُ مصرَ، أَخَذَ عَن أَبيهِ وغَيره، تُوُفّي بِمصْر سنة. وَمن المَجَازِ: السَّقَطُ: الخَطَأُ فِي الحِسابِ والقوْلِ، وكَذلِكَ السَّقطُ فِي الكِتابِ. وَفِي الصّحاح: السَّقَطُ: الخَطَأُ فِي الكِتابَةِ والحِسابِ، يُقَالُ: أَسْقَطَ فِي كَلامِهِ، وتَكَلَّم بكلامٍ فَمَا سَقَطَ بحَرْفٍ، وَمَا أَسْقَطَ حَرْفاً، عَن يَعْقوبَ، قالَ: وَهُوَ كَمَا تَقول: دَخَلْتُ بِهِ وأَدْخَلْتُه، وخَرَجْتُ بِهِ، وأَخْرَجْتُه، وعَلَوْتُ بِهِ وأَعْلَيْتُه. انْتَهَى، وزادَ فِي اللِّسان: وسُؤْتُ بِهِ ظَنًّا وأَسَأْتُ بِهِ الظَّنَّ، يُثْبِتونَ الألفَ إِذا جاءَ بِالْألف واللاّم. كالسِّقاطِ، بالكَسْرِ، نَقَلَهُ صَاحِب اللّسَان.
والسُّقاطَةُ، والسُّقاطُ، بضَمِّهما: مَا سَقَطَ من الشَّيء وتُهُووِنَ بِهِ من رُذالَةِ الطَّعامِ والثِّيابِ وَنَحْوهَا، يُقَالُ أَعْطاني سُقاطَةَ المَتاعِ، وَهُوَ مَجازٌ. وقالَ ابْن دُرَيْدٍ: سُقاطَةُ كُلِّ شيءٍ: رُذالَتُه.
وقِيل: السُّقاطُ جَمْعُ سُقاطَةٍ. وَمن المَجَازِ: سُقِطَ فِي يَدِه وأَسْقِطَ فِي يَدِه، مَضْمومَتَيْن، أَي زَلَّ وأَخْطَأَ. وقِيل: نَدِمَ، كَمَا فِي الصّحاح، زَاد فِي العُبَاب: وتَحَيَّرَ، قالَ الزَّجّاجُ: يُقَالُ للنّادِم عَلَى مَا فَعَل، الحَسِرِ عَلَى مَا فَرَط مِنْهُ: قَدْ سُقِطَ فِي يَدِه، وأُسْقِطَ. وقالَ أَبُو عَمْرٍ و: لَا يُقَالُ: أُسْقِطَ، بِالْألف، عَلَى مَا لم يُسَمَّ فاعِلُه. وأَحْمَدُ بن يَحْيَى مثلُه، وجَوَّزَه الأخفَش، كَمَا فِي الصّحاح، وَفِي التَّنْزيل العَزيز: ولَمَّا سُقِطَ فِي أَيْديهِم. قالَ الفارِسِيُّ: ضَرَبوا أَكُفَّهُم عَلَى أَكُفِّهِم من النَّدَمِ، فإِنَّ صَحَّ ذلِكَ فَهُوَ إذَن من السُّقوط، وقالَ الفَرَّاء: يُقَالُ: سُقِطَ فِي يَدِه، وأُسْقِطَ، من النَّدامَة، وسُقِطَ أَكثَرُ وأَجْوَدُ. وَفِي العُبَاب: هَذَا نَظْمٌ لم يُسْمَعْ قبلَ القُرآنِ وَلَا عَرَفَتْهُ العَرَبُ، والأَصْلُ فِيهِ نُزولُ الشَّيء من أَعْلَى إِلَى أسْفلَ ووُقوعُه عَلَى الأرْضِ، ثمَّ اتُّسِعَ فِيهِ، فقيلَ للخَطَإ من الكَلام: سَقَطٌ لأنَّهم شَبَّهوه بِمَا لَا يُحْتاجُ إِلَيْهِ فيُسْقَطُ، وذَكَرَ اليَدَ لأنَّ النَّدَمَ يَحْدُثُ فِي القَلْبِ وأَثَرُه يَظْهَرُ فِي اليَدِ، كقولِه تَعَالَى: فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا ولأنَّ اليَدَ هيَ الجارِحَةُ العُظْمَى فرُبَّما يُسْنَدُ إِلَيْهَا مَا لم تُباشِرْه، كَقَوْلِه تَعَالَى: ذلِكَ قَدَّمَتْ يَداكَ. والسَّقيطُ: الناقِصُ العَقْلِ، عَن الزَّجاجيِّ، كالسَقيطَةِ، هَكَذا فِي سائِرِ أُصولِ القاموسِ، وَهُوَ غَلَطٌ، والصَّوابُ كالسّاقِطَة، كَمَا فِي اللّسَان وأمَّا السَّقيطَةُ فأُنْثَى السَّقيطِ، كَمَا هُوَ نَصُّ الزَّجّاجيِّ فِي أَماليه. وسَقيطُ السَّحابِ: البَرَدُ.
والسَّقيطُ: الجَليدُ، طائِيَةٌ، وكلاهُما من السُّقوط. والسَّقيطُ: مَا سَقَطَ من النَّدَى عَلَى الأرْضِ، قالَ الرَّاجِزُ: ولَيْلَةٍ يَا مَيَّ ذاتِ طَلِّ)
ذاتِ سَقيطٍ ونَدًى مُخْضَلِّ طَعْمُ السُّرَى فِيهَا كطَعْمِ الخَلِّ كَمَا فِي الصّحاح. ولكنَّه اسْتَشْهَدَ بِهِ عَلَى لجَليدِ والثَّلْجِ، وقالَ أَبُو بَكْرِ بن اللَّبانَة:
(بَكَتْ عِنْد تَوْديعي فَمَا عَلِمَ الرَّكْبُ ... أَذاكَ سَقيطُ الظِّلِّ أمْ لُؤْلُؤٌ رَطْبُ)
وقالَ آخر:
(واسْقُطْ عَلَيْنا كسُقوطِ النَّدَى ... لَيْلَةَ لَا ناهٍ وَلَا زاجِرُ)
ويُقَالُ: مَا أَسْقَطَ حَرْفاً، وَمَا أَسْقَطَ فِيهَا، أَي فِي الكَلِمةِ، أَي مَا أَخْطَأَ فِيهَا، وكَذلِكَ مَا سَقَط بِهِ، وَهُوَ مَجازٌ، وَقَدْ تَقَدَّم هَذَا قَرِيبا. وأَسْقَطَه، هَكَذا فِي أُصولِ الْقَامُوس، وَهُوَ غَلَطٌ، والصَّوابُ: اسْتَسْقَطَهُ، وذلِكَ إِذا طَلَب سَقَطَه وعالَجَه عَلَى أَن يَسْقُطَ فيُخْطِئَ أَو يَكْذِبَ أَو يَبوحَ بِمَا عِنْدَه، وَهُوَ مَجازٌ، كتَسَقَّطَهُ، وسَيَأْتِي ذلِكَ للمُصَنِّف فِي آخر المادّة. والسَّواقِطُ: الَّذين يَرِدون اليَمامَةَ لامْتِيارِ التَّمْرِ، وَهُوَ مَجازٌ، من سَقَطَ إِلَيْهِ، إِذا أَقْبَلَ عَلَيْهِ. والسِّقاطُ ككِتابٍ: مَا يَحْمِلونَه من التَّمْرِ، وَهُوَ مَجازٌ أَيْضاً، كَأَنَّهُ سُمِّيَ بِهِ لكَوْنِه يَسْقُطُ إِلَيْهِ من الأقْطارِ. والسَّاقِطُ: المُتَأَخِّر عَن الرِّجالِ، وَهُوَ مَجازٌ. وساقَطَ الشَّيءَ مُساقَطَةً وسِقاطاً: أَسْقَطَهُ، كَمَا فِي الصّحاح، أَو تابَعَ إسْقاطَه، كَمَا فِي اللّسَان، وَهَذَا بعَيْنِه قَدْ تَقَدَّم فِي كَلَام المُصَنِّف، وتَفْسيرُ الجَوْهَرِيّ وصَاحِب اللّسَان واحِدٌ، وإنَّما التَّعْبيرُ مختلِفٌ، بَلْ صَاحِب اللّسَان جَمَعَ بَيْنَ المَعْنَيَيْنِ فَقَالَ: أسْقَطَه، وتَابَع إسْقاطَه، فَهُوَ تَكْرارٌ محضٌ فِي كَلَام المُصَنِّف، فتأَمَّل. وَمن المَجَازِ: ساقَطَ الفَرَسُ العَدْوَ سِقاطاً: جاءَ مُسْتَرْخِياً فِيهِ، وَفِي المَشْيِ، وقِيل: السِّقاطُ فِي الفَرَس أَن لَا يزالَ مَنْكوباً. ويُقَالُ للفَرَسِ: إِنَّهُ لساقِطُ الشَّدِّ، إِذا جَاءَ مِنْهُ شيءٌ بعدَ شيءٍ كَمَا فِي الأَسَاسِ. وقالَ الشَّاعِر:
(بِذي مَيْعَةٍ كأَنَّ أَدْنَى سِقاطِه ... وتَقْريبِهِ الأعْلَى ذَآليلُ ثَعْلَبُ)
وَمن المَجَازِ: ساقَطَ فُلانٌ فُلاناً الحديثَ، إِذا سَقَطَ من كُلٍّ عَلَى الآخرِ. وسِقاطُ الحَديثِ بأَنْ يَتَحَدَّثَ الواحِدُ ويُنْصِتَ لَهُ الآخرُ، فَإِذا سَكَتَ تَحَدَّثَ الساكِتُ، قالَ الفَرزدقُ:
(إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَديثَ كَأَنَّهُ ... جَنَى النَّحْلِ أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّفُ)
قُلْتُ: وأَصْلُ ذلِكَ قَوْلُ ذِي الرُّمَّة:
(ونِلْنا سِقاطاً من حَديثٍ كَأَنَّهُ ... جَنَى النَّحْلِ مَمْزوجاً بماءِ الوَقائعِ)
ومِنْهُ أَخَذ الفرزدقُ وكَذلِكَ البُحْتُري حَيثُ يَقُولُ:)
(ولَمَّا الْتَقَيْنا والنَّقا مَوْعِدٌ لَنا ... تَعَجَّبَ رائي الدُّرِّ مِنَّا ولاقِطُهْ)

(فمِن لُؤْلُؤٍ تَجْلوه عِنْدَ ابْتِسامِها ... وَمن لُؤْلُؤٍ عِنْد الحَديثِ تُساقِطُهْ)
وقِيل: سِقاطُ الحديثِ هُوَ: أنْ يُحَدِّثَهُم شَيْئاً بعد شَيْءٍ، كَمَا فِي الأَسَاسِ. وَمن أَحْسَنِ مَا رَأَيْتُ فِي المُساقَطَةِ قَوْلُ شَيخنا عَبْدِ اللهِ بن سَلام المُؤذِّن يُخاطِبُ بِهِ المَوْلَى عليَّ بن تَاج الدِّين القلعيّ، رَحِمَــهُما الله تَعَالَى وَهُوَ:
(أَساقِطُ دُرًّا إذْ تَمَسُّ أَنامِلي ... يَراعي وعِقْياناً يَروقُ ومرْجانا)

(أَحَلِّي بهَا تاجَ ابنَ تاجٍ عَلِيَّنا ... فَلَا زالَ مَوْلانا الأَجَلَّ ومَرْجانا)

(ورَوْضا النَّدَى والجودِ قَالَا لنا اطُلُبوا ... جَميعَ الَّذي يُرْجَى فكَفّاهُ مَرْجانا)
والسَّقاطُ، كشَدَّادٍ وسَحابٍ، وعَلى الأوّلِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ والصَّاغَانِيّ وصَاحِب اللّسَان: السَّيْفُ يَسْقُطُ من وَراءِ الضَّريبَةِ ويَقْطَعُها حتَّى يَجوزَ إِلَى الأرْضِ، وَفِي الصّحاح: يَقْطَعها، وأَنْشَدَ للمُتَنَخِّلِ: يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُراطي أَو يَقْطَعَ الضَّريبَةَ، ويَصِلَ إِلَى مَا بَعْدَها، وقالَ ابْن الأَعْرَابِيّ: سَيْفٌ سَقّاطٌ هُوَ الَّذي يَقُدُّ حتَّى يَصِلَ إِلَى الأرْضِ بعدَ أَن يَقْطَع، وَفِي شَرح الدِّيوان: أَي يَجوزُ الضَّريبَةَ فيَسْقُطُ، وَهُوَ مَجاز.
والسِّقاطُ، ككِتابٍ: مَا سَقَطَ من النَّخْلِ وَمن البُسْرِ، يَجوزُ أنْ يَكُونَ مُفْرَداً، كَمَا هُوَ ظاهرُ صَنيعِه، أَو جَمعاً لساقِطٍ. وَمن المَجَازِ: السِّقاطُ: العَثْرَةُ والزَّلَّةُ، كالسَّقْطَةِ، بالفَتْحِ، قالَ سُوَيْدُ بن أَبي كاهِلٍ اليَشْكُريُّ: (كَيْفَ يَرْجونَ سِقاطي بَعْدَما ... جَلَّلَ الرَّأْسَ مَشيبٌ وصَلَعْ)
وَفِي العُبَاب: لاحَ فِي الرَّأْسِ. أَو هِيَ جَمْعُ سَقْطَةٍ، يُقَالُ: فُلانٌ قليلُ السِّقاط، كَمَا يُقَالُ: قَلِيل العِثار، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ ليَزيدَ بن الجَهْمِ الهِلاليِّ:
(رَجَوْتِ سِقاطي واعْتِلالي ونَبْوَتي ... وَراءكِ عَنِّي طالِقاً وارْحَلي غَدا)
أَو هُما بِمَعْنًى واحِد، فإنْ كانَ مُفْرَداً فَهُوَ مَصْدَرُ ساقَطَ الرَّجُلُ سِقاطاً، إِذا لم يَلْحَقْ مَلْحَقَ الكِرامِ. ومَسْقَط، كمَقْعَدٍ: د، عَلَى ساحِلِ بَحْرِ عُمان، ممّا يَلي بَرَّ اليَمَنِ. يُقَالُ: هُوَ مُعَرَّبُ مَشْكَت. ومَسْقَط: رُسْتاقٌ بساحِلِ بحرِ الخَرَزِ، كَمَا فِي العُبَاب. قُلْتُ: هِيَ مَدينةٌ بالقُرْبِ من بَاب الأبْوابِ، بَناها أَبُو شَرْوانَ بن قُباذَ بن فَيْروز المَلكُ. ومسْقَطُ الرَّمْلِ: وادٍ بَيْنَ البَصْرَةِ والنِّباجِ،)
وَهُوَ فِي طَريق البَصْرَة. وَمن المَجَازِ: تَسَقَّطَ الخَبَرَ وتَبَقَّطَه: أَخَذَهُ قَليلاً قَليلاً شَيْئاً بعْدَ شيءٍ، رَواه أَبُو تُرابٍ عَن أَبي المِقدام السُلَميِّ. وَمن المَجَازِ: تَسَقَّطَ فُلاناً: طَلَبَ سَقَطَه، كَمَا فِي الصّحاح، زَاد فِي اللّسَان وعالَجَهُ عَلَى أنْ يَسْقُطَ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيّ لجَريرٍ:
(وَلَقَد تَسَقَّطَني الوُشاةُ فصادَفوا ... حَصِراً بِسِرِّك يَا أُمَيْمَ ضَنينا)
وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه: السَّقْطَةُ بالفَتْحِ: الوَقْعَةُ الشَّديدَةُ. وسَقَطَ عَلَى ضالَّتِه: عَثرَ عَلَى مَوْضِعها، ووَقَع عَلَيْهَا، كَمَا يَقَعُ الطّائِرُ عَلَى وَكْره، وَهُوَ مَجازٌ. وَمن أَقْوَاله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلّم للحارِثِ بن حسّان حينَ سَألَه عَن شَيءٍ: عَلَى الخَبيرِ سَقَطْتَ أَي عَلَى العارِفِ وَقَعْتَ، وَهُوَ مَثَلٌ سائرٌ للعَرَب. وتَساقَطَ عَلَى الشَّيْءِ: أَلْقَى نَفْسَه عَلَيْهِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. وأَسْقَطَه هُوَ، ويُقَالُ: تَسَاقَطَ عَلَى الرَّجُلِ يَقيه نَفْسَه. وَهَذَا مَسْقِطُ السَّوْطِ: حيثُ يَقَع، ومَساقِطُ الغَيْثِ: مَواقِعُه. ويُقَالُ: أَنا فِي مَسْقِطِ النَّجْمِ، أَي حَيْثُ سَقَط. نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. ومَسْقِطُ كُلِّ شيءٍ: مُنْقَطِعُه، وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيّ: ومَنْهَلٍ من الفَلا فِي أَوْسَطِهْ من ذَا وهذاكَ وَذَا فِي مَسْقِطِهْ وسَقَطَ الرَّجُلُ: إِذا وَقَعَ اسْمُه من الدِّيوان. وَقَدْ أَسْقَطَ الفارضُ اسْمَه، وَهُوَ مَجاز. والسَّقيطُ: الثَّلْجُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ، ويُقَالُ: أَصْبَحت الأرضُ مُبْيَضَّةً من السَّقيطِ، وقِيل: هُوَ الجَليدُ الَّذي ذَكَرَه المُصَنِّف. وَمن أَمْثالِهِمْ: سَقَط العَشاءُ بِهِ عَلَى سِرْحانِ يُضْرَب للرَّجلِ يَبْغي البُغْيَة فيَقَع فِي أَمْرٍ يُهْلِكُه، وَهُوَ مَجاز. وأَسْقاطُ الناسِ أَوْباشُهم، عَن اللِّحْيانِيّ، وَهُوَ مجَاز. ويُقَالُ: فِي الدَّارِ أَسْقاطٌ وأَلْقاطٌ. وقالَ النّابغة الجَعْديّ:
(إِذا الوَحْشُ ضَمَّ الوَحْشَ فِي ظُلُلاتِها ... سَواقِطُ من حَرٍّ، وَقَدْ كانَ أَظْهَرا)
من سَقَطَ، إِذا نَزَل ولَزِمَ مَوْضِعَه، ويُقَالُ: سَقَطَ فلانٌ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. وأَسْقَطوا لَهُ بالْكلَام، إِذا سَبُّوه بسَقَطِ الكَلام ورَديئه، وَهُوَ مَجاز، والسَّقْطَةُ: العَثْرَةُ والزَّلَّةُ، يُقَالُ: لَا يَخْلو أحَدٌ من سَقْطَةٍ، وفلانٌ يتَتَبَّع السَّقَطاتِ ويَعُدُّ الفَرَطات، والكامِلُ من عُدَّت سَقَطاتُه، وَهُوَ مَجازٌ، وكَذلِكَ السَّقَط بغَيْرِ هاءٍ، ومِنْهُ قَوْلُ بعضِ الغُزاةِ فِي أَبْياتٍ كَتَبَها لسيِّدنا عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْه:
(يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدَةُ من سُلَيْمٍ ... مُعيداً يَبْتَغي سَقَطَ العَذاري)
أَي: عَثراتِها وزَلاّتِها. والعَذاري: جمع عَذْراء. وَقَدْ تَقَدَّم ذِكرٌ لبَقيَّة هَذِه الأبْيات. وساقَطَ الرَّجُلُ سِقاطاً، إِذا لم يَلْحَقْ مَلْحَقَ الكِرام، وَهُوَ مَجازٌ. وسَقَطَ فِي يَدِه، مَبْنِيًّا للفاعلِ، مِثْلُ سُقِطَ بالضَّمِّ،) نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ عَن الْأَخْفَش، قالَ: وَبِه قَرَأَ بعضَهَم ولَمّا سَقَطَ فِي أَيْديهم كَمَا تَقول لمَنْ يَحْصُلُ عَلَى شيءٍ، وَإِن كانَ ممّا لَا يَكُونُ فِي اليَدِ: قَدْ حَصَلَ فِي يَدِه من هَذَا مَكْروهٌ، فشُبِّه مَا يَحْصُلُ فِي اليَدِ، ويُرى فِي العَيْن، وَهُوَ مجازٌ أَيْضاً. وَقَول الشّاعر أنشَدَه ابْن الأَعْرَابِيّ:
(ويَوْمٌ تَساقَطُ لَذَّاتُه ... كنَجْمِ الثُرَيَّا وأَمْطارِها)
أَي تَأتي لَذّاتُه شَيْئاً بعدَ شَيءٍ، أَرادَ أَنَّهُ كَثيرُ اللَّذاتِ. والسّاقِطَةُ: اللَّئيمُ فِي حَسَبِه ونَفْسِه، وقَوْمٌ سَقْطَى، بالفَتْحِ، وسُقّاطٌ، كرُمّانٍ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. ومِنْهُ قَوْلُ صَريعِ الدِّلاءِ:
(قَدْ دُفِعْنا إِلَى زَمانٍ خَسيسٍ ... بَيْنَ قَوْمٍ أَراذِلٍ سُقَّاطِ)
وَفِي التَّهْذيب: وجمعُه السَّواقِطُ، وأَنْشَدَ: نَحْنُ الصَّميمُ وهُمُ السَّواقِطُ ويُقَالُ: للمَرْأَة الدَّنِيَّةِ الحَمْقَى: سَقيطَةٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. وسَقَطُ النّاسِ: أَراذِلُهُم وأَدْوانُهم، ومِنْهُ حَديثُ النْارِ: مَالِي لَا يَدْخُلُني إلاَّ ضُعَفاءُ النّاسِ وسَقَطُهم. ويُقَال للفَرس إِذا سابَقَ الخَيْلَ: قَدْ ساقَطَها. وَهُوَ مَجازٌ، ومِنْهُ قَوْلُ الرّاجِزِ: ساقَطَها بنَفَسٍ مُريحِ عَطْفَ المُعَلَّى صُكَّ بالمَنيحِ وهَذَّ تَقْريباً مَعَ التَّجْليحِ وقالَ العَجّاجُ يَصِفُ الثَّوْرَ: كَأَنَّهُ سِبْطٌ من الأسْباطِ بَيْنَ حَوامي هَيْدَبٍ سُقّاطِ أَي نَواحي شَجَرٍ مُلْتَفِّ الهَدَبِ، والسُّقّاطُ: جمع السّاقِطِ، وَهُوَ المُتَدَلِّي. وسِقاطا اللَّيْلِ، بالكَسْرِ: ناحِيَتا ظَلامِه، وَهُوَ مَجازٌ. وكَذلِكَ سِقْطاه، وَبِه فُسِّرَ قَوْلُ الرّاعي، أنْشَدَه الجَوْهَرِيّ:
(حتَّى إِذا مَا أَضاءَ الصُّبْحُ وانْبَعَثَتْ ... عَنْهُ نَعامَةُ ذِي سِقْطَيْنِ مُعْتَكِرِ)
قالَ: فإِنَّه عَنى بالنَّعامَةِ سَوادَ اللَّيْل، وسِقْطاه: أَوَّلُه وآخِرُه، وَهُوَ عَلَى الاسْتِعارَةِ، يَقُولُ: إنَّ اللَّيْلَ ذَا السِّقْطَيْن مَضَى، وصَدَقَ نَعامَة لَيْلٍ ذِي سِقْطَيْنِ. وفَرَسٌ رَيِّثُ السِّقاطِ، إِذا كانَ بَطيءَ العَدْوِ، قالَ العَجّاجُ يَصِفُ فرسا: جافي الأياديمِ بِلَا اخْتِلاطِ)
وبالدِّهاسِ رَيِّث السِّقاطِ والسَّواقِط: صِغارُ الجِبال المُنْخَفِضَةِ الّلاطِئَةِ بالأرْضِ. وَفِي حَدِيث: كانَ يُساقِطُ فِي ذلِكَ عَن رَسُولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلّم، أَي يَرْويه عَنهُ فِي خِلالِ كَلامِه، كَأَنَّهُ يَمْزُجُ حَديثَه بالحَديث عَن رَسُولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلّم. والسَّقيطُ: الفَخَّارُ، كَذَا ذَكَرَه بعضُهم، أَو الصَّوابُ بالشِّين المُعْجَمَة، كَمَا سَيَأْتِي. ويُقَالُ: رَدَّ الخَيّاطُ السُّقاطاتِ. وَفِي الْمثل: لكُلِّ ساقِطَةٍ لاقِطَةٍ، أَي لكُلِّ كَلِمةٍ سَقَطَت من فَمِ النّاطِقِ نَفْسٌ تَسْمَعُها فتَلْقُطُها فتُذيعُها، يُضْرَب فِي حِفْظِ اللّسَان. ويُقَالُ: سَقَطَ فلانٌ من مَنْزِلَتِه، وأَسْقَطَه السُلْطانُ. وَهُوَ مَسْقوطٌ فِي يَدِه، وساقِطٌ فِي يَدِه: نادِمٌ ذَليل.
وسَقَط النَّجْمُ والقَمَرُ: غابا. والسَّواقِطُ والسُّقَّاطُ: اللُّؤَماءُ. وسَقَط فلانٌ من عَيْني. وأتى وَهُوَ من سُقَّاط الجُنْدِ: مِمّن لَا يُعْتَدّ بِهِ. وتَسَقَطَ إليَّ خَبَرُ فلانٍ وكُلّ ذلِكَ مَجازٌ. وقَوْمٌ سِقاطٌ، بالكَسْرِ: جَمْعُ ساقِطٍ كنائمٍ ونِيامٍ، وسَقيط وسِقاط كطَويلٍ وطِوالٍ، وَبِه يُرْوى قَوْلُ المتنخّل:
(إِذا مَا الحَرْجَفُ النَّكْباءُ تَرْمي ... بُيوتَ الحَيِّ بالوَرَقِ السِّقاطِ)
ويُرْوَى: السُّقاط، بالضَّمِّ: جمع سُقاطَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّم. وساقِطَةُ: مَوْضِعٌ. ويُقَالُ: هُوَ ساقِطَةُ النَّعْلِ. وَفِي الحَديثِ: مَرٌّ بتَمْرَةٍ مَسْقوطَةٍ قِيل: أَراد ساقِطَة، وقِيل: عَلَى النَّسَب، أَي ذاتِ سُقوطٍ، وَيُمكن أَن يَكُونَ من الإسْقاطِ مِثْلُ: أَحَمَّه الله فَهُوَ مَحْمومٌ. والسَّقَطُ، مُحَرَّكَةً: مَا تُهُووِنَ بِهِ من الدّابَّة بعد ذَبْحِها، كالقَوائمِ، والكَرِش، والكَبِد، وَمَا أَشْبَهَها، والجَمْعُ أَسْقاطٌ. وبائعُه: أَسْقاطِيٌّ، كأَنْصارِيٍّ وأَنْماطيٍّ. وَقَدْ نُسِبَ هَكَذا شيخُ مَشَايِخنَا العَلاّمةُ المُحَدِّثُ المُقْرئ الشِّهاب أَحمد الأسْقاطيّ الحَنَفي. وسُقَّيْط، كقُبَّيْط: حَبُّ العَزيز. وسُقَيْط، كزُبَيْرٍ: لَقَبُ الإِمَام شِهاب الدّين أَحْمد بن المَشْتُولِيّ، وَفِيه أُلّفَ غُرَرُ الأسْفاط فِي عُرَرِ الأسْقاط، وَهِي رِسَالَة صَغِيرَة متضمنة عَلَى نَوادرَ وفرائد، وَهِي عِنْدِي. وسُقَيْطٌ أَيْضاً: لَقَبُ الحُطَيْئَةِ الشّاعر، وَفِيه يَقُولُ مُنْتَصِراً لَهُ بعضُ الشُّعراء، ومُجاوِباً من سَمّاه سُقَيْطا فإِنَّه كانَ قَصيراً جِدًّا:
(وَمَا سُقَيْطٌ وإنْ يَمْسَسْكَ واصِبُه ... إلاَّ سُقَيْطٌ عَلَى الأزْبابِ والفُرُجِ)
وَهُوَ أَيْضاً: لَقَبُ أحمدَ بن عَمْرو، مَمْدوحِ أَبي عَبْدِ اللهِ بن حَجّاجٍ الشّاعر، وَكَانَ لَا بُدَّ فِي كُلِّ قَصيدَةٍ أنْ يَذْكُرَ لَقَبَه فَمن ذلِكَ أَبْياتٌ:
(فاسْتَمِعْ يَا سُقَيْطُ أَشْهَى وأَحْلَى ... من سَماعِ الأرْمالِ والأهْزاجِ)
وَقَوله:)
(مَدَحْتُ سُقَيْطاً بمِثْلِ العَروسِ ... مُوَشَّحَةً بالمَعاني المِلاحِ) والسَّقيط، كأَميرٍ: الجَرْوُ. وَمن أَقْوالهم: من ضارَعَ أَطْوَلَ رَوْقٍ مِنْهُ سَقَطَ الشَّغْزَبيَّة. وسَقَطَ الرَّجُلُ: ماتَ، وَهُوَ مجازٌ. وَمن أَقْوالهم: إِذا صَحَّت المَوَدَّةُ سَقَطَ شَرْطُ الأدَبِ والتَّكْليف.
والسَّقيطُ: الدُّرُّ المُتَناثِرُ، ومِنْهُ قَوْلُ الشّاعر:
(كَلَّمَتْني فقُلْتُ دُرًّا سَقيطاً ... فتأَمَّلْتُ عِقْدَها هَل تَناثَرْ)

(فازْدَهاها تَبَسُّمٌ فأَرَتْني ... عِقْدَ دُرٍّ من التَّبَسُّمِ آخَرْ)
والسُّقّاطَةُ، كرُمّانَةٍ: مَا يوضع عَلَى أَعْلَى البابِ تَسْقُط عَلَيْهِ فيَنْقَفِل. وَأَبُو عمرٍ وعُثمانُ بن محمَّد بن بِشر بن سَنَقَةَ السَّقَطِيّ، عَن إِبْرَاهِيم الحَرْبِيّ وغيرِهِ، مَاتَ سنة.
(سقط)
سقوطا وسقطا وَقع يُقَال سقط من كَذَا فِي كَذَا أَو عَلَيْهِ أَو إِلَيْهِ وَفِي الْمثل (سقط الْعشَاء بِهِ على سرحان) يضْرب لمن يَبْغِي البغية فَيَقَع فِي مهلكة والجنين من بطن أمه نزل قبل تَمَامه والكوكب غَابَ وَالْحر أَو الْبرد أقبل وعنى زَالَ وأقلع وَفِي كَلَامه وَبِه أَخطَأ وَزَل وَمن عَيْني أَو من مَنْزِلَته ضَاعَ وَلم تعد لَهُ مكانة فَهُوَ سَاقِط وَسُقُوط وَهِي سَاقِطَة وَسُقُوط

(سقط) فِي يَده نَدم وتحير وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَلما سقط فِي أَيْديهم}

جزئيا حَقِيقِيًّا

جزئيا حَقِيقِيًّا: لِأَن جزئيته بِالنّظرِ إِلَى حَقِيقَته الْمَانِعَة من الشّركَة وبإزائه الْكُلِّي الْحَقِيقِيّ. وعَلى الْأَخَص من شَيْء كالإنسان بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَيَوَان وَيُسمى جزئيا إضافيا لِأَن جزئيته بِالْإِضَافَة إِلَى شَيْء آخر وبإزائه الْكُلِّي الإضافي والجزئي بِهَذَا الْمَعْنى أَعم مِنْهُ بِالْمَعْنَى الأول يَعْنِي كل جُزْء حَقِيقِيّ جزئي إضافي بِدُونِ الْعَكْس فَإِن زيدا جزئي حَقِيقِيّ كَمَا هُوَ الظَّاهِر وجزئي إضافي لِأَنَّهُ أخص من الْإِنْسَان وَالْإِنْسَان جزئي إضافي لِأَنَّهُ أخص من الْحَيَوَان وَلَيْسَ بجزئي حَقِيقِيّ كَمَا لَا يخفى فَإِن قيل مَا وَجه التَّسْمِيَة بالكلي والجزئي قلت إِن الْكُلِّي يكون جُزْءا للجزئي غَالِبا فَإِن الْإِنْسَان جُزْء لزيد لِأَنَّهُ إِنْسَان مَعَ هَذَا التشخص وَالْحَيَوَان جُزْء للْإنْسَان الَّذِي وَهُوَ حَيَوَان نَاطِق والجسم جُزْء للحيوان الَّذِي هُوَ جَوْهَر جسم نَام حساس متحرك بالإرادة فَيكون الجزئي كلا والكلي جُزْءا وَلما كَانَ كُلية الشَّيْء بِالنِّسْبَةِ إِلَى الجزئي الَّذِي هُوَ الْكل نسب ذَلِك الشَّيْء إِلَى الْكل فَصَارَ كليا وَكَذَلِكَ لما كَانَ جزئية الشَّيْء بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكُلِّي الَّذِي هُوَ الْجُزْء نسب ذَلِك الشَّيْء إِلَى الْجُزْء فَصَارَ جزئيا هَكَذَا فِي القطبي شرح الشمسية.
وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد قدس سره وَلَا يخفى أَن هَذَا الْمَعْنى أَي كُلية الشَّيْء بِالنِّسْبَةِ إِلَى الجزئي إِنَّمَا يظْهر فِي الْكُلِّي بِالْقِيَاسِ إِلَى الجزئي الإضافي فَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا مضائف للْآخر إِذْ معنى الجزئي الإضافي هُوَ المندرج تَحت شَيْء وَذَلِكَ الشَّيْء يكون متناولا لذَلِك الجزئي وَلغيره. فالكلية والجزئية الإضافية مفهومان متضائفان لَا يعقل أَحدهمَا إِلَّا مَعَ تعقل الآخر كالأبوة والبنوة. وَأما الْجُزْئِيَّة الْحَقِيقِيَّة فَهِيَ تقَابل الْكُلية تقَابل الْعَدَم والملكة فَإِن الْجُزْئِيَّة منع فرض الِاشْتِرَاك بِالصّدقِ على كثيرين والكلية عدم الْمَنْع فَالْأولى أَن يذكر وَجه التَّسْمِيَة فِي الْكُلِّي وَفِي الجزئي الإضافي. ثمَّ يُقَال وَإِنَّمَا سمي الْحَقِيقِيّ أَيْضا جزئيا لِأَنَّهُ أخص من الجزئي الإضافي فَأطلق اسْم الْعَام على الْخَاص وَقَيَّدنَا بالحقيقي لما سَنذكرُهُ انْتهى.
الجزئي الْحَقِيقِيّ لَا يكون مَحْمُولا. أَي حملا إيجابيا أصلا بِحَسب الْحَقِيقَة وَأَن يحمل بِحَسب الظَّاهِر كَمَا يُقَال هَذَا زيد اعْلَم أَن فِي هَذِه الْمَسْأَلَة اخْتِلَافا ذهب السَّيِّد السَّنَد قدس سره إِلَى أَن الجزئي الْحَقِيقِيّ لَا يحمل على شَيْء أصلا إِيجَابا بِحَسب الْحَقِيقَة بل يحمل عَلَيْهِ المفهومات الْكُلية. وَأما قَوْلك هَذَا زيد فَلَا بُد فِيهِ من التَّأْوِيل لِأَن هَذَا إِشَارَة إِلَى الشَّخْص الْمعِين فَلَا يُرَاد بزيد ذَلِك الشَّخْص الْمعِين وَإِلَّا فَلَا حمل من حَيْثُ الْمَعْنى بل المُرَاد بِهِ مَفْهُوم مُسَمّى بزيد أَو صَاحب اسْم زيد وَهَذَا الْمَفْهُوم كلي وَإِن فرض انحصاره فِي شخص وَاحِد. فَإِن قيل حمل الشَّيْء على نَفسه ضَرُورِيّ فَكيف يَصح نفي الْحمل الْمَذْكُور مُطلقًا قُلْنَا مُرَاده قدس سره أَن الجزئي الْحَقِيقِيّ من حَيْثُ إِنَّه جزئي حَقِيقِيّ وَله هوية شخصية لَا يحمل على نَفسه بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّة لِأَنَّهُ وَاحِد مَحْض وَلَا على غَيره لِأَنَّهُ مبائن لَهُ. وتفصيل هَذَا الْمُجْمل مَا ذكره أفضل الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ عبد الْحَكِيم رَحمَــه الله من أَن منَاط الْحمل الِاتِّحَاد فِي الْوُجُود وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَن وجودا وَاحِدًا قَائِم بهما لِامْتِنَاع قيام الْعرض الْوَاحِد بمحلين بل مَعْنَاهُ أَن الْوُجُود لأَحَدهمَا بالإصالة وَللْآخر بالتبع بِأَن يكون منتزعا عَنهُ. وَلَا شكّ أَن الجزئي هُوَ الْمَوْجُود اصالة وَأما الْأُمُور الْكُلية سَوَاء كَانَت ذاتية أَو عرضية منتزعة عَنهُ على مَا هُوَ تَحْقِيق الْمُتَأَخِّرين فَالْحكم باتحاد الْأُمُور الْكُلية مَعَ الجزئي صَحِيح دون الْعَكْس فَإِن وَقع مَحْمُولا كَمَا فِي بعض الْإِنْسَان زيد فَهُوَ مَحْمُول على الْعَكْس أَو على التَّأْوِيل. فَانْدفع مَا قيل إِنَّه يجوز أَن يُقَال زيد إِنْسَان فليجز الْإِنْسَان زيد لِأَن الِاتِّحَاد من الْجَانِبَيْنِ فَظهر أَنه لَا يُمكن حمله على الْكُلِّي. وَأما على الجزئي فَلِأَنَّهُ أما نَفسه بِحَيْثُ لَا تغاير بَينهمَا أصلا بِوَجْه من الْوُجُوه حَتَّى بالملاحظة والالتفات على مَا قَالَ بعض الْمُحَقِّقين أَنه إِذا لوحظ شخص مرَّتَيْنِ وَقيل زيد زيد كَانَ مغائرا بِحَسب الملاحظة وَالِاعْتِبَار قطعا وَيَكْفِي هَذَا الْقدر من التغاير فِي الْحمل فَلَا يُمكن تصور الْحمل بَينهمَا فضلا عَن إِمْكَانه وَأما جزئي آخر مغائر لَهُ وَلَو بالملاحظة والالتفات فالحمل وَإِن كَانَ يتَحَقَّق ظَاهرا لكنه فِي الْحَقِيقَة حكم بتصادق الاعتبارين على ذَات وَاحِدَة فَإِن معنى الْمِثَال الْمَذْكُور أَن زيدا الْمدْرك أَولا هُوَ زيد الْمدْرك ثَانِيًا. وَالْمَقْصُود مِنْهُ تصادق الاعتبارين عَلَيْهِ وَكَذَا فِي قَوْلك هَذَا الضاحك هَذَا الْكَاتِب الْمَقْصُود اجْتِمَاع الوصفين فِيهِ فَفِي الْحَقِيقَة الجزئي مقول عَلَيْهِ للاعتبارين لَا للجزئي فالاعتباران محمولان عَلَيْهِ نعم على القَوْل بِوُجُود الْكُلِّي الطبيعي فِي الْخَارِج حَقِيقَة كَمَا هُوَ رَأْي الأقدمين والوجود الْوَاحِد إِنَّمَا قَامَ بالأمور المتعددة من حَيْثُ الْوحدَة لَا من حَيْثُ التَّعَدُّد يَصح حمله على الْكُلِّي لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْوُجُود والاتحاد من الْجَانِبَيْنِ وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيّ على مَا نقل عَن الفارابي وَالشَّيْخ من صِحَة حمل الجزئي وَهَذَا مَا عِنْدِي فِي هَذَا الْبَحْث الغامض انْتهى. وَذهب أَبُو نصر الفارابي وَالشَّيْخ أَبُو عَليّ بن سيناء إِلَى جَوَاز الْحمل الْمَذْكُور حَيْثُ جعل الفارابي فِي مدْخل الْأَوْسَط الْحمل على أَرْبَعَة أَقسَام. حمل الجزئي على الجزئي كَهَذا الْكَاتِب على هَذَا الْإِنْسَان. وَحمل الجزئي على الْكُلِّي الَّذِي هُوَ من أَفْرَاده، وَحمل الْكُلِّي على الْكُلِّي، وَحمل الْكُلِّي على الجزئي الَّذِي هُوَ من أَفْرَاده.
وَقَالَ جلال الْعلمَاء رَحمَــه الله وَمَا يُقَال من أَن الجزئي الْحَقِيقِيّ لَا يحمل وَلَا يُقَال على شَيْء حَقِيقَة أصلا لِأَن حمله على نَفسه لَا يتَصَوَّر قطعا إِذْ لَا بُد فِي الْحمل الَّذِي هُوَ النِّسْبَة من أَمريْن متغائرين وَحمله على غَيره إِيجَابا مُمْتَنع فَأَقُول فِيهِ نظر إِذْ يجوز حمله على جزئي مغائر لَهُ بِحَسب الِاعْتِبَار مُتحد مَعَه بِحَسب الذَّات كَمَا فِي هَذَا الضاحك هَذَا الْكَاتِب فَإِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِحَسب الْمَفْهُوم ومتحدان بِحَسب الذَّات فَإِن ذاتهما زيد بِعَيْنِه مثلا. وَكَذَا يجوز حمله على كلي آخر فِي جزئية أَي قَضِيَّة جزئية كَمَا فِي قَوْلك بعض الْإِنْسَان زيد انْتهى.
وَقَالَ الزَّاهِد رَحمَــه الله قَوْله إِذْ يجوز حمله على جزئي مغائر الخ حَاصله أَن الهوية الْوَاحِدَة فِي الْخَارِج كزيد يُمكن أَن يُؤْخَذ مَعَ وصف أَو مَعَ وصفين كالضاحك وَالْكَاتِب فَيحصل بِسَبَب ذَلِك مفهومان متغائران فِي الذِّهْن ويتحقق منَاط الْحمل أَي الِاتِّحَاد فِي ظرف والتغاير فِي ظرف آخر فَهَذَا النّظر يصلح أَن يكون جَوَابا بِاخْتِيَار كل من شقي الترديد الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ النَّافِي يَعْنِي السَّيِّد السَّنَد قدس سره حَيْثُ قَالَ فِي حَاشِيَة الْمطَالع كَون الشَّخْص مَحْمُولا على شَيْء حملا إيجابيا إِنَّمَا هُوَ بِحَسب الظَّاهِر لِأَن الجزئي الْحَقِيقِيّ من حَيْثُ هُوَ جزئي حَقِيقِيّ لَا يحمل على نَفسه لعدم التغاير وَلَا على غَيره لِأَنَّهُ الهوية المتأصلة فَلَا يصدق على غَيره. وَاعْلَم أَن مَا قَالَه أفضل الْمُتَأَخِّرين رَحمَــه الله محاكمة بِأَن مَا قَالَه السَّيِّد السَّنَد رَحمَــه الله مَبْنِيّ على تَحْقِيق الْمُتَأَخِّرين من أَن لَا وجود للكلي الطبيعي اصالة وَمَا ذهب إِلَيْهِ بعض الْمُحَقِّقين يَعْنِي جلال الْعلمَاء رَحمَــه الله على القَوْل بِوُجُودِهِ كَمَا هُوَ رَأْي الأقدمين لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْوُجُود.

لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا

{لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}
وسأل ابن الأزرق عن معنى قوله - عز وجل -: {لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}
فقال ابن عباس: لا يخافون لله عظمة. واستشهد بقول أبي ذؤيب:
إذا لسعتْه النحلٌ لم يرْجُ لَسعهَا. . . وحالفها في بيت نُوبٍ عوامل
(ظ في الروايتين) وفي (تق، ك، ط)
قال: لا تخاشون لله عظمة.
والكلمة من آية نوح 13، خطاباً لقومه:
{مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}
الرجاء في (الأضداد: للأصمعي، وأبي حاتم السجستاني،) وابن الأنباري، وابن السكيت) بمعنى الطمع وبمعنى الخوف.
وأورده ابن قتيبة في باب المقلوب من تأويل المشكل: رجوت بمعنى خفت، قال الله سبحانه {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}
وقيل هي لغة حجازية، وفي لغة كنانة وخزاعة ونصر وهذيل، بمعنى المبالاة (السجستاني وابن الأنباري) وحكاه الأزهري والزمخشري والقرطبي: عن أهل اللغة.
والجمهرة من أهل التأويل على أن معناها في آية نوح: لا تخافون لله عظمة، أو: لا تخشون، ولا تبالون. سوى الزمخشري فإنه ذهب إلى أنها بمعنى الأمل. وعلق الوقار بالمخاطبين، والمعنى: ما لكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله إياكم في دار الثواب. ووجه هذا التأويل عنده تقدُّم لفظ الجلالة {لِلَّهِ وَقَارًا} فهو بيان له، ولو تأخر - أي: وقارا لله - لكان صلة للوقار (الكشاف) وفيه بُعد من تكلف الصنعة.
والفعل من الرجاء يأتي في القرآن الكريم على الوجهين، قال الراغب: {لَا تَرْجُونَ} : لا تخافون - وأنشد بيت أبي ذؤيب - وبالضد قال تعالى: {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} - المفردات.
قال الفراء في الآية: وقد قال بعض المفسرين أن معناه: تخافون، ولم نجد معنى الخوف يكون رجاء إلا ومعه جحد، والعرب لا تذهب بالرجاء مذهب الخوف إلا مع الجحد. وحكاه عنه الأزهري في تهذيب اللغة.
وقال السجستاني: والرجاء يكون طمعاً ويكون خوفاً، وفي القرآن في معنى الطمع {وَيَرْجُونَ رَحْمَــتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ} {ابْتِغَاءَ رَحْمَــةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} قال كعب (بن زهير) :
أرجو وآمُل أن تدنو مودتها. . . وما إخال لدينا منك تنويلُ
والرجاء في القرآن بمعنى الخوف كثير: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ} {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} {ارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} وقال أبو ذؤيب:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها. . . وخالفها في بيت نُوبٍ عواملِ
(الأضداد، ف 8 / 110) .
فهل من ضابط لهذه الضدية، في البيان القرآني؟
قد يشهد لقول الفراء إنها لا تجئ في معنى الخوف إلا جحداً، الاستقراء للكلمة في القرآن الكريم وتدبر سياقها:
جاءت وفي مثل سياق آية نوح مع الجحد، في قوله تعالى:
{لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} يونس 7، 11، 15، والفرقان 21.
{لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} الجاثية 14.
{لَا يَرْجُونَ نُشُورًا} الفرقان 40. {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا} النبأ 27 ومعها آية النور 60 {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا}
وأما في غير الجحد، فأكثر ما تجئ بمعنى الطمع والأمل:
القصص 86: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَــةً مِنْ رَبِّكَ}
الإسراء 28: {ابْتِغَاءَ رَحْمَــةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا}
البقرة 218: {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَــتَ اللَّهِ}
الإسراء 57: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَــتَهُ. . .}
فاطر 29: {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}
الزمر 9: {يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَــةَ رَبِّهِ}
هود 62: {قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا} لكنها أقرب إلى معنى الخوف، في آيات.
العنكبوت 5: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ}
الأحزاب 21: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} ومعها الممتحنة 6.
الكهف 110: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا. . .}
العنكبوت 36: {فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ}
فلعل الوجه في تأويل الرجاء بالخوف أن الراجي غير مستيقن من تحقق رجائه، فالراجي يخاف فوت المرجو وإخلافه "فالرجاء والخوف متلازمان لأن من يرجو الشيء يخاف ألا يكون" كما قال الراغب. والله أعلم.

الْفَتْوَى

(الْفَتْوَى) الْجَواب عَمَّا يشكل من الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة أَو القانونية (ج) فتاو وفتاوى وَدَار الْفَتْوَى مَكَان الْمُفْتِي 
الْفَتْوَى: فِي السخاء وَالْكَرم. وَعند أَرْبَاب الْحَقَائِق أَن تُؤثر الْحق على نَفسك بالدنيا وَالْآخِرَة. ثمَّ اعْلَم أَن فتيا على وزن دنيا اسْم مَأْخُوذ من فتا بِالْفَتْح مصدر فَتى على وزن علم كَمَا أَن تقيا اسْم مَأْخُوذ من تقى وَالْفَتْوَى بِالْفَتْح لُغَة فِي فتيا كَمَا أَن تقوى لُغَة فِي تقيا وأصل فَتْوَى فتيا الْيَاء مَقْلُوبَة عَن الْوَاو للخفة. وَقَالَ بَعضهم إِن أفتى فرع فَتْوَى وفتوى فرع فتيا وفتيا فرع فتا مصدرا فافتا فرع الْمصدر بوسائط وَهَذَا الْفِعْل فِي الْمَزِيد من الْأَفْعَال المتصرفة يُقَال أفتى يُفْتِي إِفْتَاء واستفتى يستفتي استفتاء وَفِي الْمغرب أَن فَتْوَى مَأْخُوذ من فَتى وَمعنى فتيا حَادِثَة مُبْهمَة والافتاء تَبْيِين ذَلِك الْمُبْهم والاستفتاء السُّؤَال من الافتاء واشتقاقه اشتقاق صَغِير وَرُبمَا يمال فَتْوَى كَمَا يمال تقوى وَدَعوى وَيجْعَل حَرَكَة الْفَاء تَابِعَة لحركة الْوَاو فِي الْفَتْوَى لَا فِي التَّقْوَى وَالدَّعْوَى وَيكْتب الْألف فِي كلهَا على صُورَة الْيَاء لِأَن الْحَرْف الرَّابِع مَقْصُور إِلَّا وَقت الْإِضَافَة إِلَى الْمُضمر فَيُقَال فتواه ودعواه وتقواه بِخِلَاف فَتْوَى الْعلمَاء وَدَعوى الخصماء وتقوى الأتقياء وَجمع الْفَتْوَى فَتَاوَى بِفَتْح الْوَاو والمفتي من يبين الْحَوَادِث المبهمة. وَفِي الشَّرْع هُوَ الْمُجيب فِي الْأُمُور الشَّرْعِيَّة. والنوازل الفرعية. أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة. وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد قدس سره فِي الشريفية شرح السِّرَاجِيَّة فِي بَاب مقاسمة الْجد وَمن رسم الْمُفْتِي أَنه إِذا كَانَ أَبُو حنيفَة رَحمَــه الله تَعَالَى فِي جَانب وصاحباه فِي جَانب كَانَ هُوَ مُخَيّرا فِي أَي الْقَوْلَيْنِ شَاءَ انْتهى.
ثمَّ اعْلَم أَن هَا هُنَا إشارات ولطائف: الأولى: إِن أفتا بِاعْتِبَار الثلاثي الْمُجَرّد من الْأَفْعَال الْغَيْر المتصرفة وَبِاعْتِبَار الْمَزِيد فِيهِ من الْأَفْعَال المتصرفة فَيَنْبَغِي للمفتي أَن لَا يتَصَرَّف فِي الْأُصُول والنصوص بِوَجْه من الْوُجُوه بل لَهُ جَوَاز التَّصَرُّف وَالِاخْتِيَار فِي الفرعيات والمستنبطات والمجتهدات. الثَّانِيَة: إِن أفتا مُتَعَدٍّ فَيَنْبَغِي أَن يكون علمه مُتَعَدِّيا إِلَى الْغَيْر. وَالثَّالِثَة: إِن أفتا من بَاب الْأَفْعَال وَهُوَ أول أَبْوَاب الْمَزِيد فَمن وصل إِلَى دَرَجَة الْإِفْتَاء لَهُ رَجَاء فتح أَبْوَاب الْمَزِيد. وَالرَّابِعَة: إِن الْمُفْتِي يَنْبَغِي أَن يكون ذَا فتوة فَإِن بَين الافتا والفتوة أخوة فَلَا يطْمع من المستفتي شَيْئا وَلَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ الملال من كَثْرَة السُّؤَال. وَالْخَامِسَة: إِن أول أفتا وَآخره. ألف يُشِير أَن الْمُفْتِي يَنْبَغِي أَن يكون فِي الِابْتِدَاء والانتهاء متصفا بِوَصْف الاسْتقَامَة والصدق وَالْقِيَام بِأُمُور الدّين وَالْألف الْقطعِي الَّذِي فِي أَوله يُشِير أَن أول مَا وَجب على الْمُفْتِي هُوَ قطع الطمع. وَالسَّادِسَة: إِن عدد حُرُوف افتا وَهُوَ بِحِسَاب الْجمل أَربع مائَة وَاثْنَانِ وَثَمَانُونَ يُشِير أَن عدد كتب الْمُفْتِي فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع لَا يَنْفِي أَن يكون نَاقِصا عَنهُ. وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ بعد تفحص كتب ظَاهر الرِّوَايَة أَن عدد كتب الافتاء يصل إِلَى ذَلِك الْعدَد وَتلك الْكتب خَمْسَة صنفها الإِمَام مُحَمَّد رَحمَــه الله تَعَالَى وأساميها فِي هَذَا الْبَيْت.
(مَبْسُوط وجامعين وزيادات باسير ... در ظَاهر الرِّوَايَة ايْنَ بنج رانكر)
وَالْمرَاد بالجامعين: الْجَامِع الصَّغِير وَالْجَامِع الْكَبِير. وَالسَّابِعَة: إِن حُرُوف افتا خَمْسَة تُشِير أَن للمفتي أَن يُلَاحظ أَحْكَام الْكتب الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة ويحفظ الْأَركان الْخَمْسَة الإسلامية. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن بَاب الْأَفْعَال أول أَبْوَاب الْمَزِيد لِأَن الْمَزِيد نَوْعَانِ مَا فِيهِ همزَة الْوَصْل وَمَا لَيست فِيهِ وَالْأَصْل هُوَ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يسْقط فِيهِ حرف زَائِد من ماضيه لَا فِي الِابْتِدَاء وَلَا فِي الدرج. ثمَّ الأَصْل فِي ذَلِك الأَصْل بَاب الْأَفْعَال لِأَن الزَّائِد فِي أَوله حرف من مبدأ المخارج وَهِي الْهمزَة.
ثمَّ اعلموا أَيهَا الناظرون أَن هَا هُنَا فَوَائِد غَرِيبَة نافعة بالعبارة الفارسية فِي كتاب مُخْتَار الِاخْتِيَار كتبتها فِي هَذَا الْمقَام. لينْتَفع بهَا الْخَواص والعوام.
الْفَتْوَى: اعْلَم أَن الافتاء فرض كِفَايَة. أما فرض الْكِفَايَة قد يصبح فرض عين فِي وَقت يصبح من المتوجب والمتعين اعطاء على من كَانَ الافتاء عَلَيْهِ فرض كِفَايَة. وَفِي (الْكَشَّاف) أَن لُقْمَان الْحَكِيم كَانَ يُفْتِي قبل بعثة دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام، فَلَمَّا بعث دَاوُد ترك لُقْمَان الافتاء.
وَفِي الْكِفَايَة قَالَ إِن الْإِفْتَاء فرض كِفَايَة مثل الْقَضَاء، وَأدنى دَرَجَات فرض الْكِفَايَة هُوَ (الندبة) ، إِذا فالمندوب فِي أَمر الافتاء هُوَ من كَانَ أَهلا لذَلِك، لِأَن فِيهِ خطر عَظِيم لأجل ذَلِك هُوَ بَحر لَا يصل إِلَى شواطئه كل سابح. حَتَّى إِذا كَانَ هُوَ بِذَاتِهِ يُوصل النَّاس إِلَى بر السَّلامَة (ظهر الْمُفْتِي جسر جَهَنَّم) وَهِي إِشَارَة إِلَى أَن أَحْيَانًا هبوب رِيحه يكون شَدِيدا: {مِنْهُ آيَات محكمات هن أم الْكتاب وَأخر متشابهات وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله} فتعصف الرّيح وتتلاطم أمواج الِاشْتِبَاه والأشكال وتتراكم وَلَا ترسو وَلَا تَسْتَقِر عِنْدهَا سفية الراسخين على شاطئ التَّوْفِيق الإلهي وَلَا تتحرك فلك الْمُجْتَهدين من دون انسياب نسيم الْفَيْض اللامتناهي. أما شَرط الافتاء فَهُوَ الْإِسْلَام وَالْعقل. وَالْبَعْض قَالَ. إِن شَرط الْإِفْتَاء هُوَ نَفسه شَرط الْقَضَاء أَي الْإِسْلَام وَالْعقل وَالْبُلُوغ وَالْعَدَالَة. وَهَذَا مَا يكون من أهل الِاجْتِهَاد. وَأما الصَّحِيح فَهُوَ أَن هَذَا شَرط الْكَمَال، وَأول الشَّرْط الصِّحَّة، وأهلية الِاجْتِهَاد شَرط الأولية، وَفِي صَحِيح الْمذَاهب فِي (الْفُصُول) جَاءَ إِجْمَاع الْعلمَاء، أَن من الْوَاجِب أَن يكون الْمُفْتِي من أهل الِاجْتِهَاد من أجل أَنه هُوَ الَّذِي يبين أَحْكَام الشَّرْع هَذَا يكون مُمكنا عِنْدَمَا يكون عَالما بالدلائل الشَّرْعِيَّة.
قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَــه الله تَعَالَى، لَا يحل لأحد أَن يُفْتِي بقولنَا حَتَّى يعلم من أَيْن قُلْنَاهُ. وَفِي (الغياث) جَاءَ أَن معنى هَذَا الْكَلَام هُوَ أَن لَا يُقَاس على الْمَسْأَلَة من عِنْده مَا دَامَ هُوَ لَا يعلم من أَي وَجه أعْطى الإِمَام جَوَابه على الْمَسْأَلَة الأولى. وَجَاء فِي (الْمُلْتَقط) وَغَيره، وَلِأَن جَوَابه غَالب على خطائه، فَمن الْجَائِز لنا الْأَخْذ إِذا مَا أعْطى هُوَ الْفَتْوَى حَتَّى وَلَو لم يكن الْآخِذ من أهل الإجتهاد، وَلَكِن لَا يحل لَهُ أَن يُفْتِي إِلَّا عَن طَرِيق الرِّوَايَة عَن قَول الْفُقَهَاء.
قَالَ فِي (المفاتيح) وَيَنْبَغِي أَن يكون الْمُفْتِي عَاقِلا بَالغا عَالما باللغة والنحو وَالْأَحَادِيث الْمُتَعَلّقَة بِالْأَحْكَامِ والناسخ والمنسوخ وَالصَّحِيح والسقيم وَأَن يكون فَقِيه النَّفس عَالما بالتواريخ وسير الصَّحَابَة ومذاهب الْأَئِمَّة وأصول الْفِقْه. وَجَاء فِي شرح (الْقَدُورِيّ) أَن الإِمَام أَبُو يُوسُف رَحمَــه الله فِي هَذَا الْمَعْنى قد أَخذ الْأَمر بِشدَّة وَقَالَ، لَا يصل أحد إِلَى إِعْطَاء الْفَتْوَى إِذا لم يكن من أهل الْعقل والرأي وَإِذا لَا يعرف أَحْكَام الْكتاب وَالسّنة والناسخ والمنسوخ وأقوال الصَّحَابَة وسيرهم ووجوه الْكَلَام، وَيظْهر من هَذِه الْأَقْوَال جَوَاز الْإِفْتَاء مَعَ الِاجْتِهَاد والتقليد مَعَ أَوْلَوِيَّة الأول.
أما الْآدَاب والمستحبات فِي ذَلِك هِيَ أَنه إِذا لم يكن الْمُفْتِي من أهل الِاجْتِهَاد فليجب على الْفُرُوع فَذَلِك أسلم وأحوط، وَكَذَلِكَ أَن لَا يتجرأ على الافتاء استنادا إِلَى علمه وَيَقُول لقد أجازني علمي، لَكِن عَلَيْهِ أَن يلازم الْمُفْتِينَ وَيَأْخُذ الْإِجَازَة عَلَيْهِم حَتَّى يصبح على بَصِيرَة من أمره، قَالُوا وَإِن حفظ جَمِيع كتب أَصْحَابنَا فَلَا بُد أَن يتلمذ للْفَتْوَى حَتَّى يهتدى إِلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَا تقدم على الْجَواب قبل الْقِرَاءَة والمطالعة الجديدة والتأمل الطَّوِيل واجتنب الْمُبَادرَة والتعجيل فِي إِعْطَاء الْجَواب، حَتَّى إِذا وَقع الْخَطَأ عذرت وَمَسْأَلَة التَّحَرِّي فِي هَذَا الْمقَام هِيَ الدَّلِيل التَّام، ويروى عَن الإِمَام الْأَعْظَم رَحْمَــة الله عَلَيْهِ أَنه لم يجب على كثير من الْمسَائِل الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا. وَلَا يجب الِالْتِفَات إِلَى إلحاح المستفتي، ويروى عَن أَبُو نصر رَحْمَــة الله عَلَيْهِ أَنه كَانَ يَقُول للَّذي يستفتيه ويلح عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ وَيَقُول لَهُ أرد جَوَاب فقد أتيت من طَرِيق بعيد:
(فَلَا نَحن ناديناك من حَيْثُ جئتنا ... وَلَا نَحن عمينا عَنْك الذهبا)
وَكَذَلِكَ أَن تصبح ملولا من كَثْرَة السُّؤَال وَالْجَوَاب وَأَن لَا تُعْطِي جَوَابا وَأَنت مشتت الذِّهْن، فَإِذا أجبْت فَلَا تَدعِي الْجَواب لنَفسك وَتقول أَنا أَقُول إِن الحكم كَذَا وَأَنا أُفْتِي بِكَذَا وَغير ذَلِك بل قل بالرواية عَن الْعلمَاء هَكَذَا وَفِي الْكتاب الْفُلَانِيّ هَكَذَا.
وَكَذَلِكَ إِذا سُئِلَ عَن الْعِبَادَات صِحَّتهَا وفسادها وَوجه فَسَادهَا وصحتها، فاختر وَجه الْفساد، وَإِذا كَانَ السُّؤَال فِي الْمُعَامَلَات فاختر وَجه الصِّحَّة، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي (الْمُحِيط) وَفِي (الذَّخِيرَة) أَنه فِي هَذَا النَّوْع من الْمسَائِل فِي المعتقدات عَلَيْهِ أَن يخْتَار الْإِيمَان وَمهما أمكن أَلا يحكم بالْكفْر. وَأَيْضًا أَن لَا يَأْخُذ أجرا على الْإِفْتَاء نَفسه لِأَنَّهُ (طَاعَة) وَهَذِه الْمَسْأَلَة قد فصلناها فِي بَاب (الْأجر) ، وعَلى كل حَال فَإِن عدم أَخذ الْأجر فِي الْعِبَادَات أولى وَأَحْرَى لقَوْله تَعَالَى: {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا} ، وَأَيْضًا إِذا سَأَلَهُ أحدهم عَن جَوَاب مَسْأَلَة فَلْيقل إِنَّه على قَول الإِمَام الْأَعْظَم جوابها هَكَذَا.
وَفِي بَاب السيوم من كتاب النِّكَاح لشيخ الْإِسْلَام خُوَاهَر زَاده جَاءَ إِذا زوجت امْرَأَة بكر بَالِغَة شافعية الْمَذْهَب من رجل شَافِعِيّ أَو حَنَفِيّ ووالدها كَانَ غَائِبا، فَإِن هَذَا النِّكَاح يكون صَحِيحا، على الرغم من أَنه عِنْد الشَّافِعِي غير صَحِيح، لِأَن عِنْده يجب أَن يكون الزَّوْج وَالزَّوْجَة على الْمَذْهَب الشَّافِعِي، وعَلى الرغم من اعتقادنا أَن الشَّافِعِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة كَانَ على خطأ، إِلَّا أَن الْوَاجِب علينا أَن نعطي الْجَواب بغض النّظر عَمَّا هُوَ اعتقادنا فِي الْمَسْأَلَة. وَإِذا كَانَ السُّؤَال مَا هُوَ جَوَاب الشَّافِعِي على هَذِه الْمَسْأَلَة، فَالْوَاجِب أَن نقُول إِنَّهَا صَحِيحَة وَعند أبي حنيفَة كَذَا رَحمَــه الله تَعَالَى، وَالله أعلم. وَإِذا كَانَ السُّؤَال عَن مسَائِل مؤيده (مصدقه) فَإِن على الْمُفْتِي فِيهَا (ديانَة لَا قَضَاء) مَا هُوَ حكم الدّيانَة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة. فَإِذا كَانَ الْجَواب مَكْتُوبًا فَيكْتب (لَيْسَ مُصدقا، بل قَضَاء) وَإِذا كَانَ الْجَواب شفويا فَيَقُول (مُصدق، وديانة لَيْسَ سليما) .
أَن لَا يُبَادر إِلَى الْجَواب فِي حُضُور شخص أعلم مِنْهُ، لَا تقريرا وَلَا تحريرا وَإِذا ورد عَلَيْهِ جَوَاب مفت آخر على مَسْأَلَة مَا وَيظْهر ان ذَلِك الْمُفْتِي قد أَخطَأ فَإِن ذَلِك الْمُفْتِي مَعْذُور فِي ترك الْجَواب ورد الْفَتْوَى إِذا مَا كَانَ مُجْتَهدا. أما إِذا كَانَ مَنْصُوص عَلَيْهِ فَهُوَ لَيْسَ مَعْذُورًا فِي الرَّد بل يحْتَفظ بِهِ أَو أَن يمزقه حَتَّى لَا يعْمل بِهِ.
وَقد أورد (كَمَال البياعي) أَنه فِي الْفَتَاوَى لَيْسَ مَعْذُورًا مُطلقًا فِي ردهَا إِذا علم بخطئه وَأدْركَ أَنه سيعمل بهَا.
وَإِذا وَردت عَلَيْهِ رقْعَة فِيهَا استفتاء لم يسْتَوْف الْقُيُود الأساسية لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَن لَا يُجيب عَلَيْهِ بل يُعِيدهُ للمستفتي حَتَّى يكمله، وَإِذا قَيده مَعَ التمَاس المستفتي فَإِنَّهُ غير سليم. وَعَلِيهِ أَن يُرَاعِي فِي الْقُيُود شُرُوط الإيجاز ويبتعد عَن الْأَطْنَاب وَكَذَلِكَ الحشو والتطويل، مِثَال الإيجاز: قَالَ زيد لِزَيْنَب كَذَا، وَمِثَال الْأَطْنَاب زيد الْحر والمكلف قَالَ لِزَيْنَب الْحرَّة والمكلفة كَذَا وَكَذَا. وَمِثَال الحشو زيد رجل ابْن عمر قَالَ لِزَيْنَب الْمَرْأَة وَابْنَة خَالِد كَذَا. وَمِثَال التَّطْوِيل زيد الْكَبِير فِي دَار الْإِسْلَام قَالَ على زَيْنَب الْكَبِيرَة فِي دَار الْإِسْلَام كلَاما نابيا وسبها. وَلَا يجب على الْكَلَام النابي حد الْقَذْف الَّذِي هُوَ عبارَة عَن ثَمَانِينَ جلدَة.
وَيجب أَن يحْتَرز من أَن يضر الْقَيْد بالمستفتي، وَأَن لَا يُعْطِيهِ الرقعة من دون اسْتِحْقَاق الْإِجَابَة أَو أَن يكون مشعرا بالحيلة والالتباس. وَإِذا كَانَت الْمَسْأَلَة من الخلافات الَّتِي لَهَا أَكثر من قَول فيعطي الْفَتْوَى على إِحْدَى الْأَقْوَال والطريقة فِي ذَلِك أَن يعلم أَنه فِي هَذِه الْحَادِثَة لَا تُوجد رِوَايَة أُخْرَى تنقض الْفَتْوَى، حَتَّى لَا يطعن بِهِ ويتهم لَدَى الْعَامَّة. وَأَن يجْتَنب مُطلقًا تَعْلِيم الْحِيَل والتلبيس حَتَّى لَا يسْتَحق الْحجر وَالْمَنْع، وَقَالَ الإِمَام الْأَعْظَم رَحمَــه الله أَن الْحجر لَا يجوز إِلَّا على ثَلَاثَة وعد الْمُفْتِي الماجن من ضمنهم. وَجَاء فِي (الذَّخِيرَة) وَقد أَمر أَن تستر عَورَة الْمُرْتَد عَن الْإِسْلَام لِأَن زَوجته قد حرمت عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أصبح كَافِرًا، نَعُوذ بِاللَّه مِنْهَا.
وَجَاء فِي (جَوَاهِر الْفَتَاوَى) وكل مفتي حَنَفِيّ يَأْمر مُطلقَة بِالثَّلَاثَةِ أَن تنقل مذهبها إِلَى الْمَذْهَب الشَّافِعِي وتقر أَن نِكَاحهَا كَانَ بَاطِلا بِسَبَب كَونهَا من دون ولي من الْوَاجِب على سُلْطَان الزَّمَان أَن يزجره ويمنعه. وَقد قَالَ صَاحب (الْجَوَاهِر) لقد أستفتي أَئِمَّة بخارا عَن هَذِه الْمَسْأَلَة فَكَانَت إجاباتهم على هَذَا النَّحْو. أجَاب الإِمَام ظهير الدّين المرغيناني بعد قَول المستفتي كَانَ من الْوَاجِب على سُلْطَان الزَّمَان زَجره وَمنع هَذَا الْمُفْتِي وتعزيزه وَالله أعلم، وَعَن أَئِمَّة السّلف، سُئِلَ عَن مثل هَذِه الْمَسْأَلَة فَأجَاب، أعتقد هَذَا رجل خرج من دنيا الْإِيمَان وَالله العاصم. وَالْقَاضِي الإِمَام فَخر الدّين حُسَيْن بن مَنْصُور الأوزجندي أجَاب بِمثل ذَلِك وَالله أعلم. أما الإِمَام قوام الدّين الصفار فَأجَاب لَا يجب أَن يفعل وَإِن فعل فَذَلِك لَيْسَ حَلَالا. وعَلى سُلْطَان الْوَقْت أَن يزجره وَأَن يحْجر على هَذَا الْمُفْتِي وَألا يفعل مثل ذَلِك. وَلَيْسَ سليما من الْمُفْتِي أَن يقبل الْهَدِيَّة وَلَكِن إِذا قبل الْهَدِيَّة بعد الاستفتاء وَالْجَوَاب عَلَيْهِ هُوَ أقرب للْحلّ وَأبْعد عَن الرِّشْوَة.
يَقُول شيخ الْإِسْلَام خُوَاهَر زَاده إِذا جَاءَ المستفتي بهدية إِلَى الْمُفْتِي بعد الاستفتاء وَالْجَوَاب عَلَيْهِ فَلَا عيب فِي قبُولهَا.
وَيجب عَلَيْهِ أَن يحْتَاط كثيرا فِي أُمُور الْفرج بِقدر الِاسْتِطَاعَة كَمَا جَاءَ فِي (الْمُحِيط) ، وَأَن يذيل الرِّوَايَة بِلَفْظ (هُوَ الْأَصَح) أَو (هُوَ الأولى) أَو (هُوَ الْأَيْسَر) أَو (افتى بِهِ فلَان) أَو (بِهِ أَخذ فلَان) أَو (عَلَيْهِ فَتْوَى فلَان) أَو (مَا فِي هَذَا الْمَعْنى) وَيجوز للمفتي أَن يُفْتِي اعْتِمَادًا على الرِّوَايَات بِمَا خَالف ذَلِك. أما إِذا كَانَت الرِّوَايَة مذيلة بِلَفْظ (عَلَيْهِ الْفَتْوَى) أَو (هُوَ الصَّحِيح) أَو (هُوَ الْمَأْخُوذ للْفَتْوَى) أَو (بِهِ يُفْتِي) وَمَا شابه ذَلِك، فَلَا يجوز عِنْدهَا للمفتي أَن يُفْتِي بِخِلَاف ذَلِك. وَقد جَاءَ فِي (الْمُضْمرَات) بعض عَلَامَات الْفَتْوَى هِيَ: (عَلَيْهِ الْفَتْوَى) _ بِهِ نَأْخُذ _ بِهِ يعْتَمد _ عَلَيْهِ الِاعْتِمَاد _ عَلَيْهِ عمل النَّاس الْيَوْم _ عَلَيْهِ عمل الِاعْتِمَاد _ هُوَ الصَّحِيح _ هُوَ الظَّاهِر _ هُوَ الْأَظْهر _ هُوَ الْمُخْتَار _ عَلَيْهِ فَتْوَى مَشَايِخنَا _ هُوَ الْأَشْبَه _ هُوَ الْأَوْجه. وَفِي حَاشِيَة (بزدوي) أَن لفظ (الْأَصَح) يَقْتَضِي أَن يكون غير صَحِيحا، أما لفظ (صَحِيح) فَلَا يَقْتَضِي أَن يكون غير صَحِيحا:
(انْظُر أَيهَا الْقلب كم هِيَ شُرُوط الافتاء عِنْد الْمُجْتَهدين ... )
(وَلَكِن فِي عصرنا فَإِن للمفتي حكم العنقاء والكيمياء ... )
وَمن الحرمان والخسران أنني قضيت مُدَّة من عمري الْعَزِيز فِي طلب هَذِه الطَّائِفَة فَلم أجد إِلَّا الْقَلِيل مِنْهُم الَّذين يتحلون بِهَذِهِ الصِّفَات، ولأنني حرمت من تَحْقِيق مقصودي فقد رَأَيْت كثيرا من الَّذين لَا علم لَهُم وَلَا عمل ويتصدون لهَذَا الْأَمر الْجَلِيل عَن جهل وَعدم الدّين فأنشدت قصيدة من ثَلَاثِينَ بَيْتا:
(قيل الْآن كَانَ مفتي كل مَدِينَة ... على اطلَاع على الْعُلُوم الدِّينِيَّة)
(وَكَانُوا من سالكي طَرِيق الله ... وَمن وارثي علم الْمُصْطَفى)
(وَكَانَ علمهمْ دستورا قبل حلمهم ... عُلَمَاء فِي الْعلم وحلمهم عَامر ومعمور) (تنير الدُّنْيَا من نور علمهمْ ويتضوع ... الْعَالم من عطر زهورهم)
(طويتهم نور تحرق الظلمَة وَلَكِن ... علمهمْ بِنَاء وَدينهمْ ثَابت)
(أقلامهم تسطر علم الْغَيْب ... ورسم توقيعهم بَرِيء من الْعَيْب)
(كل وَاحِد مِنْهُم فِي صفائه كَأَنَّهُ صوفي ... وَالثَّانِي أَبُو حنيفَة الْكُوفِي)
(سعيت سنوات عدَّة من أجل اكْتِسَاب ... الْكَمَال جادا وجاهدا)
(فدرست علم النَّحْو وَالصرْف ورأينا ... الْمنطق وَالْحكمَة وَالْبَيَان)
(وَبعد أَن أنفقت السنوات فِي هَذِه الْعُلُوم ... اتجهت إِلَى علم الْأُصُول)
(فَأَصْبَحت مَشْهُورا بَين الْخَاصَّة والعامة ... فِي علم الْأُصُول والْحَدِيث وَالْفِقْه وَالْكَلَام)
(بعد ذَلِك اتجهت لعلم الْفِقْه ... وقضيت السنوات فِي ممارسته)
(وَمُدَّة أُخْرَى سرا وجهرا كنت ... تركض وَرَاء الأساتذة)
(وَلما أَصبَحت فِي الدُّنْيَا صَاحب علم الْعلم ... فَجعلت من الْعلم أفضل من الْعَمَل)
(وَإِذا لم يبْق من الْمَرْء عَلامَة وَاسم ... فَلَا أثر لَهُ فِي هَذِه الدُّنْيَا)
(من هُوَ الْمُفْتِي فِي هَذِه الْأَيَّام ... أشخص جَاهِل بعيد عَن النّسَب وحسبه عاطل)
(لَك كل مَا أردْت من الفضول وَعدم الْمَعْنى ... فَهُوَ لَا يعرف من الْجَهْل الْمَوْجُود من عَدمه)
(يَقُولُونَ إِن الْحق وبال ... وَالدَّم الْحَرَام حَلَال)
وَهَكَذَا حَتَّى الآخر.

أَيْن

(أَيْن) ظرف مَكَان تكون استفهاما نَحْو من أَيْن لَك هَذَا وَتَكون شرطا نَحْو
(أَيْن تصرف بِنَا العداة تجدنا نصرف العيس نَحْوهَا للتلاقي)
وتزاد بعْدهَا مَا نَحْو {أَيْنَمَا تَكُونُوا يدرككم الْمَوْت}
أَيْن
الجذر: أ ي ن

مثال: منزلك أَيْن؟
الرأي: مرفوضة
السبب: لتأخير أداة الاستفهام.

الصواب والرتبة: -أَيْن منزلك؟ [فصيحة]-منزلك أَيْن؟ [صحيحة]
التعليق: يشيع الأسلوب المرفوض بين المعاصرين وهو ما ظاهره خروج أداة الاستفهام عن صدارتها. وقد أجاز مجمع اللغة المصري -في دورته الحادية والخمسين- هذا الاستعمال على أن اسم الاستفهام وقع صدرًا في جملته التي حذف ركنها أو حذفت برمتها، وقد ورد لهذا الاستعمال نظائر منها قوله تعالى: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً} التوبة/8، وقول الشاعر:
ومن أنتمُ إنا نسينا مَنَ انْتُمُ
وقول الأعرابي للمؤذن -حين قال: أشهد أنَّ محمدًا رسولَ الله- ويحك! يفعل ماذا؟
أَيْن
: ( {الأَيْنُ: الإِعْياءُ) والتَّعَبُ؛ قالَ كعْبٌ، رضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ:
فِيهَا على الأَيْنِ إِرْقالٌ وتَبْغيلُ قالَ أَبو زيْدٍ: لَا يُبْنى مِنْهُ فِعْلٌ، وَقد خُولِفَ فِيهِ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وقالَ أَبو عُبَيْدَةَ: لَا فِعْل لَهُ.
وقالَ الليْثُ: لَا يشتَقُّ مِنْهُ فِعْل إِلاَّ فِي الشِّعْر.
وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ:} آنَ {يَئِينُ} أَيْناً مِن الإِعْياءِ؛ وأَنْشَدَ:
{إِنَّا ورَبِّ القُلُص الضَّوامِرِ قالَ: إِنَّا أَي أَعْيَينا.
قُلْتُ: ووَجَدْتُ فِي هامِشِ الصِّحاحِ مَا نَصّه: قالَ الأَصْمعيُّ: يصرَّفُ الأَيْنِ، وأَبو زيْدٍ لَا يصرِّفُه قالَ أَبو محمدٍ: لم يصرَّفِ الأَيْن إلاَّ فِي بيتٍ واحِدٍ وَهُوَ:
قد قلت للصَّباحِ والهَواجِرِإنَّا ورَبِّ القُلُص الضِّوامِرِ الصّباحُ: الَّتِي يقالُ لَهَا ارْتَحل فقد أَصْبَحْنا، والهَواجِرُ الَّتِي يقالُ لَهُ سِرْ فقدِ اشْتَدَّتِ الهاجِرَةُ} وإنَّا مِنَ الأَيْنِ.
(و) الأَيْنُ: (الحيَّةُ) ، مثْلُ الأَيْمِ، نونُه بَدَلٌ من اللامِ.
وقالَ ابنُ السِّكِّيت: الأَيْنُ والأَيْمُ الذَّكرُ مِن الحيَّاتِ.
وقالَ أَبو خَيْرَةَ:! الأُيونُ والأُيومُ: جماعَةٌ.
(و) الأَيْنُ: (الرَّجلُ والحِمْلُ) ؛) عَن اللحْيانيِّ.
(و) الأَيْنُ: (الحِينُ.
(و) الأَيْنُ: (مَصْدَرُ {آنَ} يَئِينُ، أَي حانَ) .) يقالُ: آنَ لكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا يَئِينُ {أَيْناً؛ عَن أَبي زيْدٍ؛ أَي حانَ، مثْلُ أَنَّى لكَ وَهُوَ مَقْلوبٌ مِنْهُ؛ وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيت:
أَلَمَّا} يَئِنْ لي أَنْ تُجَلَّى عِمايَتيوأُقْصِرَ عَن لَيْلى؟ بَلَى قد أَنى لِيافجمَعَ بينَ اللُّغَتَيْن؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ.
(و) {آنَ (} أَيْنُكَ، ويُكْسَرُ) ، وعَلى الفتْحِ اقْتَصَرَ الجوْهرِيُّ؛ ونَقَلَه ابنُ سِيْدَه.
(و) آنَ ( {آنُكَ) ، أَي (حانَ حِينُكَ) .
(وَفِي المُحْكَم: أَنَّ آنَ أَيْناً لُغَةٌ فِي أَنى، وليسَ بمقْلُوب عَنهُ لوُجودِ المَصْدرِ.
قُلْتُ: وَقد عَقَدَ لَهُ ابنُ جنِّي، رحِمَــه اللَّهُ تعالَى، بَابا فِي الخَصائِصِ قالَ: بابٌ فِي الأَصْلَيْن يَتَقارَبَانِ فِي التَّرْكيبِ بالتَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ، وَإِن قصرَ أَحَدُهما عَن تصرّف صاحِبِه كانَ أَوْسَعهما تصرُّفاً أَصْلاً لصاحِبِه، وذلِكَ كقوْلِهم: أَنى الشيءُ يأْنَى،} وآنَ {يَئِينُ،} فآنَ مَقْلوبٌ عَن أَنى لوُجودِ مَصْدَر أَتَى يأَنَى وَهُوَ الإِناءُ، وَلَا تَجِد لآنَ مَصْدراً، كَذَا قالَهُ الأَصْمعيُّ فأمَّا {الأَيْنُ فليسَ مِن هَذَا فِي شيءٍ إنَّما الأَيْنُ الإِعْياءُ والتَّعَبُ، فلمَّا تقدَّمَ آنَ المَصْدَر الَّذِي هُوَ أَصْلٌ للفِعْل عُلِمَ أَنَّه مَقْلوبٌ عَن أَنى يأْنَى إِنَاء؛ غَيْر أنَّ أَبا زيْدٍ، رحِمَــه اللَّهُ حَكَى} لآنَ مَصْدراً وَهُوَ! الأَيْنُ، فَإِن كانَ الأَمْرُ كذلِكَ فهُما إِذا مُتَساوِيان وليسَ أَحَدهما أَصْلاً لصاحِبِه، اه.
وجَزَمَ السّهيليّ فِي الرَّوْض بأَنَّ آنَ مَقْلوبٌ مِن أَنَى مُسْتدلاًّ بقَوْلِهم: آنَاء اللّيْلِ واحِدُه أَنى وأنى وانى. فالنُّون قيل فِي كلِّ هَذَا وفيمَا صرف مِنْهُ.
وقالَ البَكْرِيُّ، رحِمَــه اللَّهُ تعالَى فِي شرْحِ أَمالِي القالِي: آنَ أَنى: حانَ، وآنَ أَصْلُه الواوُ، ولكنَّه مِن بابِ يَفْعل كوَلِيَ يَلِي، وجاءَ المَصْدرُ بالياءِ ليطردَ على فِعْلِه.
قالَ شيْخُنا، رحِمَــه اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُه كوَلِيَ يَلِي ودَعْوى كَوْنه واويًّا فِيهِ نَظَرٌ ظاهِرٌ ومُخالفَةٌ للقِياسِ.
( {وأَيْنَ: سؤالٌ عَن مكانٍ) إِذا قلْتَ:} أَيْنَ زَيْدٌ فإنَّما تَسْأَلُ عَن مكانِهِ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ. وَهِي مُغْنيةٌ عَن الكَلامِ الكَثيرِ والتَّطْويلِ، وذلِكَ أَنَّك إِذا قلْتَ أَيْنَ بَيْتُك؟ أَغْناكَ ذلِكَ عَن ذِكْرِ الأَماكِنِ كلِّها، وَهُوَ اسمٌ لأنَّك تقولُ مِن أَيْنَ.
قالَ اللّحْيانيُّ: هِيَ مُؤَنَّثَة وإنْ شِئْتَ ذكَّرْتَ.
وقالَ اللّيْثُ: {الأيْنُ: وَقْتٌ مِن الأمْكِنَةِ، تقولُ: أَيْنَ فلانٌ فيكونُ مُنْتَصباً فِي الحالاتِ كلِّها مَا لم تَدْخُلْه الألِفُ واللامُ.
وقالَ الزجَّاجُ: أَيْنَ وكيفَ حَرْفانِ يُسْتَفْهَمُ بهما، وكانَ حقُّهما أَنْ يكونَا مَوْقوفَيْن، فحُرِّكا لاجْتِماعِ السَّاكِنَيْن، ونُصِبا وَلم يُخْفَضا من أَجْلِ الياءِ، لأنَّ الكسْرَةَ على الياءِ تَثْقُل والفتْحةُ أَخَفُّ.
وقالَ الأَخْفَش فِي قوْلِه تَعَالَى: {وَلَا يُفْلِحُ الساحِرُ حَيْثُ أَتَى} ، فِي حَرْف ابنِ مَسْعودٍ أَينَ أَتَى.
(} وأَيَّانَ، ويُكْسَرُ، مَعْناهُ: أَيُّ حِينٍ) ، وَهُوَ سُؤالٌ عَن زَمانٍ مِثْل مَتى. قالَ اللَّهُ تَعَالَى: { {أَيَّانَ مُرْسَاها} .
والكَسْرُ: لُغَةٌ لبَني سُلَيْم، حَكَاها الفرَّاءُ، وَبِه قَرَأَ السُّلَميُّ: {} إيَّانَ يُبْعَثونَ} ؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ؛ وَقد حَكَاها الزجَّاجُ أَيْضاً.
وَفِي المحتسبِ لابنِ جنِّي: يَنْبَغي أنْ يكونَ أَيَّانَ من لَفْظِ أَيّ لَا مِن لَفْظِ أَي، لأَمْرَيْن: أَحَدُهما: أنَّ أَيْنَ مَكانٌ، {وأَيَّانَ زَمانٌ، وَالْآخر قلَّة فعال فِي الأَسْماءِ مَعَ كثر فعلان، فَلَو سمّيت رَجُلاً} بأَيَّان لم تَصْرفْه لأَنَّه كحمدان، ولسْنَا نَدَّعِي أَنَّ أَيا يحسنُ اشْتِقاقها، أَو الاشْتِقاقُ مِنْهَا، لأنَّها مَبْنيَّةٌ كالحَرْفِ، أَو أنَّها مَعَ هَذَا اسمِ، وَهِي اخْتُ أَيَّان وَقد جازَتْ فِيهَا الإِمالَةُ الَّتِي لَا حَظّ للحُرُوفِ فِيهَا، وإنَّما الإمالَةُ للأَفْعالِ وَفِي الأسْماءِ إِذا كانتْ ضَرْباً من التَّصَرّفِ، فالحَرْف لَا تصرف فِيهِ أَصْلاً، ومَعْنى أَي أنَّها بعضٌ من كلَ، فَهِيَ تَصْلُحُ للأَزْمِنَةِ صَلاحها لغيرِها إِذا كانَ التَّبْعِيضُ شامِلاً لذلِكَ كُلّه؛ قالَ أُميَّةُ:
والناسُ راثَ عَلَيْهِم أمرُ يَوَمَهُمفكُلّهُمْ قائلٌ للدّينِ {أَيّانا فَإِن سميت} بأَيَّانَ سَقَطَ الكَلامُ فِي حسن تَصْرِيفِها للحاقِها بالتّسْمِيةِ ببَقِيَّة الأَسْماءِ المُتَصرِّفَة.
(وأَبو بكْرٍ أَحمدُ بنُ محمدِ بنِ) أَبي القاسِمِ بنِ (أَيَّانَ الدُّشْتِيُّ: مُحَدِّثٌ مُتَأَخِّرٌ) ، حدَّثَ عَن أَبي القاسِمِ بنِ رَواحَةَ، وسَمِعَ الكثيرَ بإفادَةٍ خالِهِ محْمود الدُّشْتِي، قالَهُ الحافِظُ.
( {والآنُ) :) اسمُ (الوَقْتِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ) ، فهُما عنْدَه مُتَرادِفان.
وقالَ الأَنْدَلسِيُّ فِي شرْحِ المُفصَّل: الزَّمانُ مَا لَهُ مقْدارٌ، ويَقْبَل التَّجْزِئةَ.
والآنَ: لَا مقْدَار لَهُ، وَهُوَ اسمُ الوَقْتِ الحاضِرِ المُتَوَسّط بينَ الماضِي والمُسْتَقْبلِ؛ قالَهُ الجوْهرِيُّ؛ وَهُوَ (ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ وَقَعَ مَعْرِفَةً وَلم تدْخُلْ عَلَيْهِ أَلْ للتَّعْرِيفِ، لأنَّه ليسَ لَهُ مَا يَشْرَكُهُ) .
(قالَ ابنُ جنِّي فِي قوْلِه تعالَى: {قَالُوا} الآنَ جئْتَ بالحقِّ} ؛ الَّذِي يدلُّ على أنَّ اللامَ فِي الآنَ زائِدَةٌ أَنَّها لَا تَخْلو إِمَّا أَنْ تكونَ للتَّعْرِيفِ كَمَا يظنُّ مُخالفُنا، أَو أَنْ تكونَ لغَيْرِ التّعْريفِ كَمَا نقولُ، فَالَّذِي يدلُّ على أنَّها لغَيْرِ التَّعْريفِ أَنَّا اعْتَبَرْنا جَمِيعَ مَا لامُه للتَّعْريفِ، فَإِذا إسقاطُ لامِه جَائِز فِيهِ، وَذَلِكَ نَحْو رَجُل والرَّجُل وغُلاَم والغُلام، وَلم يقُولُوا افْعَلْه آنَ كَمَا قَالُوا افْعَلْه الآنَ، فدلَّ هَذَا على أنَّ اللامَ ليْسَتْ فِيهِ للتَّعْريفِ بل هِيَ زائِدَة كَمَا يُزادُ غيْرُها مِنَ الحُرُوفِ.
وَقد أَطالَ الاحْتِجاج على زِيادَةِ اللَّام وأَنَّها ليْسَتْ للتَّعْريفِ بِمَا هُوَ مَذكُورٌ فِي الخَصائِصِ والمُحتسبِ.
وقالَ فِي آخِرِه: وَهَذَا رأَيُ أَبي عليَ، رحِمَــه اللَّهُ تَعَالَى، وَعنهُ أَخَذْتَه، وَهُوَ الصَّوابُ.
قالَ الجَوْهرِيُّ: (ورُبَّما فَتَحُوا اللاَّمَ وحَذَفُوا الهَمْزَتَيْنِ) .
(قالَ ابنُ بَرِّي: يعْنِي الهَمْزَة الَّتِي بَعْدَ اللامِ لنقْلِ حَرَكَتِها على اللامِ وحَذْفِها، ولمَّا تَحرَّكَتِ اللامُ سَقَطَتْ هَمْزَةُ الوَصْلِ الدَّاخِلَة على اللامِ (كقوْلِهِ) أَنْشَدَه الأَخْفَش:
وَقد كُنْتَ تُحْفِي حُبَّ سَمْراءَ حِقْبَةً (فَبُحْ! لاَنَ منْها بالذِي أَنْتَ بائِحُ) قالَ ابنُ بَرِّي: ومثْلُه قَوْل الآخر:
أَلاَ يَا هِنْدُ هِنْدَ بَني عُمَيْرٍ أَرَثَّ لاَنَ وَصْلُكِ أَم جَديدُ؟ وقالَ أَبو المِنْهالِ:
حَدَبْدَبَى بَدَبْدَبَى منْكُمْ لانْإِنَّ بَنِي فَزارَةَ بنِ ذُبْيانْقد طرقَتْ ناقَتُهُمْ بإِنْسانْمُشَنَّإِ سُبْحان رَبِّي الــرحمــانْأَنَا أَبو المِنْهالِ بَعْضَ الأَحْيانْليس عليَّ حَسَبي بضُؤْلانْوفي التَّهذِيبِ: قالَ الفرَّاءُ: الْآن حرفٌ بُنِيَ على الألِفِ واللامِ وَلم يُخْلَعا مِنْهُ، وتُرِك على مَذْهَب الصفةِ لأنَّه صفَةٌ فِي المعْنَى واللَّفْظِ، قالَ: وأَصْلُ الآنَ أَوَان حُذِفَ مِنْهَا الأَلِفُ وغُيِّرتْ واوُها إِلَى الألفِ كَمَا قَالُوا فِي الرَّاحِ الرّياح؛ فجعلَ الرَّاحَ والآنَ مَرَّةً على جهَةِ فَعَلٍ، ومَرَّةً على جهَةِ فَعالٍ، كَمَا قَالُوا زَمَن وزَمَان، قَالُوا: وَإِن شِئْتَ جَعَلْتَ الآنَ أَصْلها مِن قوْلِكَ آنَ لكَ أَنْ تَفْعَل، أَدْخَلْتَ عَلَيْهَا الألفَ واللامَ ثمَّ تركْتَها على مَذْهَب فَعَلَ، فأَتاها النَّصبُ مِنْ نَصْبِ فَعَل؛ قالَ: وَهُوَ وَجْهٌ جَيِّد.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
قالَ أَبو عَمْرو: أَتَيْتُه {آنِئةً بعْدَ آنِئةٍ بمعْنَى آوِنةٍ، ذكَرَه المصنِّفُ فِي أَوَنَ.
وقالَ ابنُ شُمَيْل: وَهَذَا أَوانُ الآنَ تَعْلم، وَمَا جئتا إلاَّ أَوانَ الآنَ، بنَصْبِ الآنَ فيهمَا.
وَفِي حدِيثِ ابنِ عُمَرَ، رضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (ثمَّ قَالَ: اذْهَبْ بِهَذِهِ} تَلآنَ مَعَك) .
قالَ أَبو عُبَيْدٍ: قالَ الأُمويُّ: يريدُ الآنَ وَهِي لُغَةٌ مَعْروفةٌ تُزادُ التاءُ فِي الآنَ وَفِي حِينٍ ويحذِفُونَ الهَمْزَةَ الأُولى، يقالُ: {تَلانَ وتَحينَ، وسَيَأْتي للمصنِّفِ، رحِمَــه اللَّهُ فِي ت ل ن؛ وأَمَّا قوْلُ حُمَيْد بن ثَوْر:
وأَسْماء مَا أَسْماءُ لَيْلَة أَدْلَجَتْ إلَيَّ وأَصْحابي} بأَيْنَ {وأَيْنَما فإنَّه جَعَلَ أَيْنَ علما للبُقْعة مجرَّداً عَن معْنَى الاسْتِفامِ، فمَنَعها الصَّرْف للتّأْنِيثِ والتَّعْريفِ.
} والأَيْنُ: شَجَرٌ حِجازِيٌّ؛ قالتِ الخَنْساءُ:
تَذَكَّرْتُ صَخْراً أَنْ تَغَنَّتْ حَمامةٌ هَتُوفٌ على غُصنٍ من {الأيْنِ تسْجَعُ} وأَيُّونٌ، كتَنُّورٍ: قَرْيةٌ بالرَّيِّ، مِنْهَا: سهلُ بنُ الحَسَنِ بنِ محمدٍ الأَيونيُّ.
! والأَيْنُ: ناحِيَةٌ مِن نواحِي المَدينَةِ متنزهة؛ عَن نَصْر.
(فصل الْبَاء) مَعَ النُّون

قين

قين



قَيْنٌ The part, of a camel, that is the place of the shackle, or hobble. (Ham, p. 558.) See a verse of Dhu-r-Rummeh, voce دَانَى.
قين: اقين: غنى (باين سميث 1136).
قينة: وتجمع على قيان أيضا. (فليشر في تعليقه على المقري 2: 222، بريشت ص287).
اصل القينناء: جذر صيني، شبشين، جذر طبي هندي. (بوشر).
قينا قينا) قنقينة، قشر شجرة الكينا. (بوشر).
ق ي ن: (الْقَيْنُ) الْحَدَّادُ وَجَمْعُهُ (قُيُونٌ) . وَ (الْقَيْنُ) أَيْضًا الْعَبْدُ وَ (الْقَيْنَةُ) الْأَمَةُ مُغَنِّيَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مُغَنِّيَةٍ وَالْجَمْعُ (الْقِيَانُ) .
ق ي ن

" أكذب من القين "، وله قي وقينة: عبد وأمة، وهو يهب القيان. وافرقي بين ضرب القيون وضرب القيان. وزيّن جاريته وقيّنها، وتزيّنت المرأة وتقيّنت، ويقا للماشطة: المزيّنة والمقيّنة. 
قينِين.
{وقَنَّ فِي الجَبَلِ: صارَ فِي أَعْلاهُ عَن ابنِ دُرَيْدٍ.
} وقِنٌّ، بالكسْرِ: قرْيَةٌ فِي دِيارِ فَزَارَةَ.
وبالضمِّ: وادٍ فِي دِيارِ الأزْدِ.
وَذَات {القنِّ: أكَمَةٌ فِي جَبَلِ أَجأَ.
قين
قَيْنة [مفرد]: ج قَيْنات وقَيَنات وقِيان:
1 - أَمَة.
2 - مُغَنِّيَة.
3 - ماشِطة، امرأة تُحسن المشط وتتخذ ذلك حرفة لها، وهي التي تزين العروس. 

قين


قَانَ (ي)(n. ac. قَيْن)
a. Beat, forged (iron).
b. Arranged, put in order; mended.
c. [acc. & 'Ala], Created, endowed with.
قَيَّنَa. Adorned, embellished.

تَقَيَّنَa. Was adorned &c.

إِقْتَيَنَa. Bloomed, blossomed.

قَيْن (pl.
قُيُوْن
أَقْيَاْن)
a. Smith, blacksmith; artisan.
b. (pl.
قِيَاْن), Slave.
قَان [ ]
a. A certain tree.

قَيْنَة []
a. Maid-servant; chambermaid; handmaid.
b. Female singer (slave).
مُقَيِّنَة
a. see 1t (a)
قَايِيْن
H.
a. Cain.

قَيْنَاب
a. see قَنَبَ
قَاْيِن
(b).
قَيْهَل
a. see under
قَهَلَ
(قين) - في الحديث : "فما كانت امرأةٌ تُقَيّنُ بالمدينة"
: أي تُزَيَّن لِزِفافِها.
والتَّقْيِن: التَّزْيِين. وقال أبو عَمرو: أصلُه من اقتان النَّبتُ اقتِياناً: إذا حَسُن.
- في حَديثِ الزّبَير - رضي الله عنه -: وإنَّ في جَسَدِه أَمثالَ القُيونِ"
فإن حُفِظَ لَفظُه، فقيل: إنَّ القَينَة من الفَرَس الهَزْمَةُ بين غُرابِ الوَرِك والعَجْبِ؛ وهي أيضًا فقارةٌ من فَقار الظَّهْرِ.
- في حديثَ خَبَّاب: "كُنتُ قَينًا في الجاهلية"
: أي حَدَادًا.
- وفي حديث الإذخرِ، في رواية: "فإنّه لِقُيونِنا " - في حديث سَلْمان - رضي الله عنه -: "لو بات رجلٌ يُعْطي القِيانَ البِيضَ ،
يعني الإماءَ والعَبيدَ.
ق ي ن : الْقَيْنُ الْحَدَّادُ وَيُطْلَقُ عَلَى كُلِّ صَانِعٍ وَالْجَمْعُ قُيُونٌ مِثْلُ عَيْنٍ وَعُيُونٍ وَالْقَيْنُ الْعَبْدُ وَالْقَيْنَةُ الْأَمَةُ الْبَيْضَاءُ هَكَذَا قَيَّدَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ مُغَنِّيَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مُغَنِّيَةٍ وَقِيلَ تَخْتَصُّ بِالْمُغَنِّيَةِ وَقَيْنَتَانِ وَقَيْنَاتٌ مِثْلُ بَيْضَةٌ وَبَيْضَتَانِ وَبَيْضَاتٌ وَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَلٍ قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ
بِهِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْمُ إحْدَاهُمَا قُرَيْبَةٌ تَصْغِيرُ قِرْبَةٍ أَوْ قُرْبَةٍ بِقَافٍ وَرَاءٍ وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَاسْمُ الْأُخْرَى فَرْتَنَى بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ ثُمَّ نُونٍ وَأَلِفِ التَّأْنِيثِ. 
قين
القَيْنٌ: الحَدّادٌ، والجميعُ القُيُوْنُ. وكُلّ صانِع عندهم قَيْنٌ.
وفي المَثَل: إذا سَمِعْتَ بِسُرى القَيْن فإِنَّه مُصَبَّحٌ ".
ويُقال: ما كانَ قَيْناً، ولقد قانَ يقِيْنُ قيانَةً.
وقنْ إنَاء فلانٍ: أي اشْعَبْهُ.
وكانت العَرَبُ إذا قَتَلَتْ حِّيَةً تَقُول: قَتَلَكَ القَيْنُ فلا ناصِرَ لك، وهي رُقْيَةٌ يَزْعُمونَ أنَّه إذا قالها قاتِلُها سَلِمَ.
والقَيْنُ والقَيْنَةُ: العَبْدُ والأمَةُ. وهي عند العامَّةِ: المُغَنيَةُ.
والرجُل المُتَزَّينُ المُعْجِبُ بالزيْنَةِ واللِّبَاس: قَيْنَةٌ.
واقْتَانَتِ الروْضَة: إذا ازْدانَتْ بألْوَانِ زَهْرَتِها.
والمُقينَةُ: المَشّاطَةُ.
والقَيْنَانِ: الوَظِيْفَانِ لكُل ذي أرْبَع.
والقَيْنَةُ من الفَرس: الهَزْمَةُ بَيْنَ غُرَاب الوَرِكَيْن والعَجْب. وهي - أيضاً -: فَقَارَةٌ من فَقَارِ الظَّهْر.
ويُقال: قانَني اللَهُ على حبِّهِ يَقِيْنُني: أي خَلَقَني.
واقْتَانَهُ: أي، اخْتَارَه.
[قين] فيه: وعند عائشة "فينتان" تغنيان، القينة: الأمة غنت أولًا، والماشطة، ويطلق كثيرًا على المغنية من الإماء، وجمعها قينات. ك: هو بفتح قاف. ن: ومنه: "قينة"- بفتح قاف. نه: نهى عن بيع "القينات"، أي المغنيات، وتجمع على قيان أيضًا. ومنه ح: لو بات رجل يعطي البيض "القيان" وبات آخر يقرأ القرآن، لرأيت ذكر الله أفضل، أراد الإماء أو العبيد. وفي ح عائشة: كان لها درع ما كانت امرأة "تُقَّين" بالمدينة إلا أن أرسلت تستعيره، تقين أي تزين لزفافها. ومنه: أنا "قينت" عائشة. ط: قوله: ثمن خمسة دراهم، أي ثمنه خمسة فقلب وجعل الثمن مثمنًا، وضمير منها لجنس الثياب. نه: وفيه: إلا الإذخر فإنه "لقيوننا"، جمع قين: الحداد والصائغ. ك: أي يحتاج إليه القين في وقود النار. نه: ومنه: كنت "قينًا". ن: ومنه: أم سيف امرأة "قين"- بفتح قاف. ك: أبي سيف "القين"- بفتح سين وقاف، صفة له. نه: وفي ح الزبير: في جسده أمثال "القيون"، جمع قينة وهي الفقارة من فقار الظهر والهزمة التي بين ورك الفرس وعجب ذنبه، يريد آثار الطعنات وضربات السيوف، يصفه بالشجاعة.
قين وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث سلمَان [رَحمَــه الله -] لَو بَات رجل يعْطى القِيان البيضَ وَبَات آخر يقْرَأ الْقُرْآن وَيذكر الله تَعَالَى لرأيت أَن ذَاكر الله أفضل. قَالَ أَبُو عَمْرو وَغَيره: قَوْله: القِيان وَاحِدهَا قَيْنةٌ وَهِي الْأمة وَبَعض النَّاس يظنّ الْقَيْنَة المغنّية خَاصَّة وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِك وَلَو كَانَت المغنّية خَاصَّة مَا ذكرهَا سلمَان فِي مَوضِع الْفضل وَالثَّوَاب وَلَكِن كلّ أمة عِنْد الْعَرَب قينة [يبين ذَلِك قَول زُهَيْر: (الْبَسِيط)

ردَّ الِقيانُ جِمال الحيِّ فاحتملوا ... إِلَى الظهيرة أَمر بَينهم لَبِكُ

أَرَادَ الْإِمَاء. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وَكَذَلِكَ كل عبد هُوَ عِنْد الْعَرَب قين وَقد يُقَال: إِنَّمَا سميت الماشطة مُقَنِّية لِأَنَّهَا تزين النِّسَاء شبهت بالأمة لِأَنَّهَا تصلح الْبَيْت وتزينه] .
[قين] القَيْنُ: الحدَّاد، والجمع القيونُ. ابن السكيت: يقال للحداد ما كان قينا، ولقد قان يقين قينا. يقال: قن إناءك هذا عن القين. وقنت الشئ أقينه قينا: لممته وأصلحته. وأنشد  (*) ولى كبد مجروحه قد بَدا بها * صُدوعُ الهوَى لو كان قين يقينها وفى المثل: " إذا سمعت بسرى القين فإنه مصبح ". وهو سعد القين، صار مثلا في الكذب والباطل. يقال: " دهدرين وسعد القين ". وبنات قين: اسم موضع كانت به وقعة في زمان عبد الملك بن مروان. قال عويف القوافى: صبحناهم غداة بنات قين * ململمة لها لجب طحونا ويقال لبنى القين من بنى أسد: بلقين، كما قالوا بلحارث وبلهجيم، وهو من شواذ التخفيف. وإذا نسبت إليهم قلت قينى، ولا تقل بلقينى. والقينان: موضع القيد من وَظيفَيْ يدَي البعير. قال ذو الرمة: دانى له القيد في ديمومة * قينيه وانحسرت عنه الاناعيم يربد جمع الانعام، وهى الابل. واقتان النبت اقتيانا، إذا حَسُنَ. واقتانَتِ الروضة: أخذت زُخرفُها. ومنه قيل للماشطة مُقَيَّنَةٌ. وقد قَيَّنت العروسَ تَقْييناً زَيَّنَتْها. وإنَّما سمِّيت بذلك لأنَّها تزيِّن النساء، شبِّهت بالأَمَةِ، لأنَّها تُصلح البيت وتزيِّنه. وتقينت هي، أي تزينت. والقَيْنَةُ: الأَمَةُ مغنّيةً كانت أو غير مغنّيةٍ، والجمع القِيانُ. قال زهير: رد القِيانُ جِمالَ الحَيِّ فاحْتَمَلوا * إلى الظهيرة أمر بينهم لبك قال أبو عمرو: كلُّ عبدٍ هو عند العرب قَيْنٌ، والأَمَةُ قَيْنَةٌ. وبعض الناس يظنُّ القَيْنَةَ المغنِّية خاصة، وليس هو كذلك. وقول زهير:

على كل قينى قشيب ومفأم * يعنى رحلا قينه النجار وعمله، ويقال نسبه إلى بنى القين.
(ق ي ن)

الْقَيْن: الْحداد.

وَقيل: كل صانع: قين. وَالْجمع: أقيان، وقيون.

وقان يَقِين قيانة: صَار قينا.

وقان الحديدة قينا: عَملهَا.

وقان الْإِنَاء يقينه قينا: أصلحه، قَالَ:

ولي كبد مجروحة قد بَدَت بهَا ... صدوع الْهوى لَو أَن قينا يقينها والتقين: التزين بالوان الزِّينَة.

وتقين الرجل، واقتان: تزين.

وقانت المرأةُ المرأةَ تقينها قينا، وقينتها: زينتها.

وتقين النبت، واقتان: حسن.

والقينة: الْأمة الْمُغنيَة، تكون من التزيين، لِأَنَّهَا كَانَت تزين.

وَرُبمَا قَالُوا للمتزين من الرِّجَال: قينة.

وَقيل: الْقَيْنَة: الْأمة، مغنية كَانَت أَو غير مغنية.

والقين: العَبْد. وَالْجمع: قيان.

والقينة: الدبر.

وَقيل: أدنى فقرة من فقر الظّهْر إِلَيْهِ.

وَقيل: هِيَ الْقطن: وَهُوَ مَا بَين الْوَرِكَيْنِ.

وَقيل: هِيَ الهزمة الَّتِي هُنَالك.

والقينة من الْفرس: نقرة بَين الْغُرَاب وَالْعجز فِيهَا هزمة.

والقيان: مَوضِع الْقَيْد من كل ذِي أَربع، يكون فِي الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ، وَخص بَعضهم بِهِ مَوضِع الْقَيْد من قَوَائِم الْبَعِير والناقة، قَالَ ذُو الرمة:

دانى لَهُ الْقَيْد فِي ديمومة قذف ... قينيه وانحسرت عَنهُ الأناعيم

والقين من الْإِنْسَان: كَذَلِك.

وقانني الله على الشَّيْء يقينني: خلقني.

والقان: شجر من شجر الْجبَال ينْبت فِي جبال تهَامَة تتَّخذ مِنْهُ القسي.

اسْتدلَّ على أَنَّهَا يَاء لوُجُود: " ق ي ن ". وَعدم: " ق ون "، قَالَ سَاعِدَة بن جؤية:

يأوى إِلَى مشمخرات مصعدة ... شم بِهن فروع القان والنشم

واحدته: قانة، عَن ابْن الْأَعرَابِي وَأبي حنيفَة. 

قين: القَيْنُ: الحَدَّادُ، وقيل: كل صانع قَيْنٌ، والجمع أَقْيانٌ

وقُيُونٌ. وفي حديث العباس: إِلا الإِذْخِرَ فإِنه لقُيُونِنا؛ القُيُونُ:

جمع قَيْنٍ وهو الحَدَّاد والصَّانِعُ. التهذيب: كلُّ عامل الحديد عند

العرب قَيْنٌ. ويقال للحَدَّاد: ما كان قَيْناً ولقد قانَ. وفي حديث

خَبَّابٍ: كنتُ قَيْناً في الجاهلية. وقانَ يَقِينُ قِيانَةً وقَيْناً: صار

قَيْناً. وقانَ الحديدة قَيْناً: عَمِلَها وسَوَّاها. وقانَ الإِناءَ يَقِينُه

قَيْناً: أَصلحه؛ وأَنشد الكلابيُّ أَبو الغَمْرِ لرجل من أَهل الحجاز:

أَلا لَيْتَ شِعْري هل تَغَيَّرَ بعدَنا

ظِبَاءٌ، بذي الحَصْحاصِ، نُجْلٌ عُيُونُها؟

ولي كَبِدٌ مَجْرُوحَةٌ قَدْ بَدَتْ بها

صُدُوعُ الهَوَى، لو أَنَّ قَيْناً يَقِينُها

وكيف يَقِينُ القَيْنُ صَدْعاً فَتَشْتَفِي

به كَبِدٌ أَبْتُ الجُرُوحِ أَنِينُها؟

ويقال: قِنْ إِناءَك هذا عند القَيْنِ. وقِنْتُ الشيءَ أَقِينُه

قَيْناً: لَمَمْتُه؛ وقول زهير:

خَرَجْنَ من السُّوبانِ ثم جَزَعْنَهُ

على كل قَيْنِيٍّ قَشِيبٍ ومُفْأَمِ

يعني رَحْلاً قَيَّنَه النَّجَّارُ وعَمِلَه، ويقال: نسبه إلى بني

القَيْنِ. قال ابن السكيت: قلت لعُمارَةَ إِن بعض الرواة زعم أَن كل عامل

بالحديد قَيْنٌ، فقال: كذب، إِنما القَيْنُ الذي يعمل بالحديد ويعمل بالكِير،

ولا يقال للصائغ قَيْنٌ ولا للنجار قَيْنٌ، وبنو أَسد يقال لهم القُيون

لأَن أَوَّل من عَمِلَ عَمَلَ الحديد بالبادية الهالكُ بنُ أَسد بن

خُزَيمة. ومن أَمثالهم: إِذا سمعت بسُرى القَيْنِ فإِنه مُصْبِحٌ وهو سَعدُ

القَين؛ قال أَبو عبيد: يضرب للرجل يعرف بالكذب حتى يُرَدُّ صِدْقُه؛ قال

الأَصمعي: وأَصله أَن القَيْنَ بالبادية ينتقل في مياههم فيقيم بالموضع

أَياماً فيَكْسُدُ عليه عمَله، فيقول لأَهل الماء إِني راحل عنكم الليلة،

وإِن لم يُرِدْ ذلك، ولكنه يُشِيعُه ليَسْتعمِله من يريد استعماله، فكَثُر

ذلك من قوله حتى صار لا يُصَدَّق؛ وقال أَوْسٌ:

بَكَرَتْ أُميَّةُ غُدْوةً برَهِينِ

خانَتْك، إِن القَينَ غَير أَمِينِ

قال الجوهري: هو مثَل في الكذب. يقال: دُهْ دُرَّين سَعْدُ القَيْن.

والتَّقَيُّنُ: التزَيُّن بأَلوان الزينة. وتقَيَّنَ الرجلُ واقْتانَ:

تَزَيَّن. وقانَتِ المرأَةُ المرأَةَ تَقِينُها قَيْناً وقَيَّنَتْها:

زَيَّنَتْها. وتقَيَّن النبتُ واقتانَ اقتِياناً: حَسُن، ومنه قيل للمرأَة

مُقَيِّنةٌ أَي أَنها تُزَيِّن؛ قال الجوهري: سميت بذلك لأَنها تزيِّن النساء،

شُبِّهتْ بالأَمة لأَنها تصلح البيت وتزينه. وتقَيَّنتْ هي: تزَيَّنتْ.

وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كان لها دِرْعٌ ما كانت امرأَةٌ

تُقَيَّنُ بالمدينة إِلاَّ أَرسلت تستعيره؛ تُقَيَّن أَي تُزَيَّن لزفافها.

والتَّقْيينُ: التزْيينُ. وفي الحديث: أَنا قَيَّنْتُ عَائشةَ. واقتانَت

الروضةُ إِذا ازْدانتْ بأَلوان زهرتها وأَخذَتْ زُخرُفها؛ وأَنشد لكثير:

فهُنَّ مُناخاتٌ عليهنَّ زينةٌ،

كما اقْتانَ بالنَّبْت العِهادُ المُحوَّف

والقَيْنةُ: الأَمة المُغنّية، تكون من التزَيُّن لأَنها كانت

تَزَيَّنُ، وربما قالوا للمُتَزَيِّن باللباس من الرجال قَيْنة؛ قال: وهي كلمة

هُذليّة، وقيل: القَيْنة الأَمة، مُغَنّية كانت أَو غير مغنية. قال الليث:

عَوامُّ الناس يقولون القَيْنة المغنّية. قال أَبو منصور: إِنما قيل

للمُغنّية قَيْنةٌ إِذا كان الغناءُ صناعة لها، وذلك من عمل الإِماء دون

الحرائر. والقَيْنةُ: الجارية تخدُمُ حَسْبُ. والقَيْنُ: العبد، والجمع

قِيانٌ؛ وقول زهير:

رَدَّ القِيانُ جِمالَ الحيِّ فاحْتَمَلوا

إِلى الظَّهِيرة أَمرٌ بينهم لَبِكُ

أَراد بالقِيان الإِماءَ أَنهنَّ ردَدْنَ الجِمالَ إِلى الحيِّ لشَدِّ

أَقتابها عليها، وقيل: رَدَّ القِيانُ جمالَ الحيِّ العبيدُ والإِماءُ.

وبنات قَيْنٍ: اسم موضع كانت به وقعة في زمان عبد الملك بن مروان؛ قال

عُوَيْف القَوافي:

صَبَحْناهم غَداةَ بناتِ قَيْنٍ

مُلَمْلَمةً، لها لَجَبٌ، طَحونا

ويقال لبني القَيْن من بني أَسد: بَلْقَيْنِ، كما قالوا بَلْحرث

وبَلْهُجَيم، وهو من شواذ التخفيف، وإِذا نسبت إِليهم قلت قَيْنيٌّ ولا تقل

بَلْقَيْنِيٌّ. ابن الأَعرابي: القَيْنةُ الفَقْرة من اللحم، والقَيْنة

الماشطة، والقَيْنة المغَنّية. قال الأَزهري: يقال للماشطة مُقَيِّنة لأَنها

تزَين العرائس والنساء. قال أَبو بكر: قولهم فلانة قَيْنةٌ معناه في كلام

العرب الصانعة. والقَيْنُ: الصانع. قال خَبَّابُ بن الأَرَتِّ: كنتُ

قَيْناً في الجاهلية أَي صانعاً. والقَيْنةُ: هي الأَمة، صانعة كانت أَو غير

صانعة. قال أَبو عمرو: كل عبد عند العرب قَيْنٌ، والأَمة قَيْنة، قال:

وبعض الناس يظن القَيْنة المغنّية خاصة، قال: وليس هو كذلك. وفي الحديث:

دخل أَبو بكر وعند عائشة، رضي الله عنهما، قَيْنَتان تُغَنّيان في أَيام

مِنىً؛ القَينة: الأَمة غَنَّتْ أَو لم تُغَنِّ والماشطةُ، وكثيراً ما يطلق

على المغنّية في الإِماء، وجمعها قَيْناتٌ. وفي الحديث: نهى عن بيع

القَيْنات أَي الإِماء المغَنّيات، وتجمع على قِيانٍ أَيضاً. وفي حديث سلمان:

لو بات رجلٌ يُعْطي البِيضَ القِيانَ، وفي رواية: يُعْطي القِيان

البيضَ، وبات آخر يقرأُ القرآن لرأَيتُ أَن ذكر الله أَفضلُ؛ أَراد بالقِيان

الإِماء أَو العبيد. والقَيْنة: الدُّبر، وقيل: هي أَدنى فَقْرة من فِقَر

الظهر إِليه، وقيل: هي القَطَنُ، وهو ما بين الوركين، وقيل: هي الهَزْمة

التي هُنالك. وفي حديث الزبير: وإِن في جسده أَمثال القُيون؛ جمع قَيْنة

وهي الفَقارة من فَقار الظهر، والهَزْمة التي بين غُراب الفرس وعَجْب

ذنَبه، يريد آثار الطَّعَنات وضربات السيوف، يصفه بالشجاعة. ابن سيده:

والقَيْنة من الفرس نُقْرة بين الغُراب والعَجُز فيها هَزْمة. والقَيْنانِ:

موضع القيد من الفرس ومن كل ذي أَربع يكون في اليدين والرجلين، وخَصَّ بعضهم

به موضع القَيْد من قوائم البعير والناقة. وفي الصحاح: القَيْنان موضع

القيد من وظيفي يَد البعير؛ قال ذو الرمة:

دانى له القَيْدُ في دَيمومةٍ قُذُفٍ

قَيْنَيْه، وانحسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ

يريد جمع الأَنعام وهي الإِبل. الليث: القَيْنان الوَظيفان لكل ذي

أَربع، والقَين من الإِنسان كذلك. وقانَني اللهُ على الشيءِ يَقِينُني:

خَلَقني.

والقانُ: شجر من شجر الجبال، زاد الأَزهري ينبت في جبال تهامة، تُتخذ

منه القِسِيُّ، استدل على أَنها ياء لوجود ق ي ن وعدم ق و ن؛ قال ساعدة بن

جؤية:

يأْوى إِلى مُشْمَخِرّاتٍ مُصَعِّدةٍ

شُمٍّ، بهنَّ فُروعُ القانِ والنَّشَمِ

واحدته: قانةٌ؛ عن ابن الأَعرابي وأَبي حنيفة.

قين
: (} قانَ {القَيْنُ الحدِيدَ} يَقِينُه {قَيْناً: عَمِلَهُ وسَوَّاهُ.
(وقانَ (الشَّيءَ قَيْناً: (لَمَّهُ.
(وقانَ (الإِناءَ قَيْناً: (أَصْلَحَهُ؛ وأَنْشَدَ أَبو الغَمْرِ الكِلابيُّ لرَجُلٍ مِن أَهْلِ الحجازِ:
ولي كَبِدٌ مَجْرُوحَةٌ قَدْ بَدَتْ بهاصُدُوعُ الهَوَى لَو أَنَّ قَيْناً} يَقِينُها ويقالُ: {قِنْ إناءَك هَذَا عنْدَ} القَيْنِ.
((و) {قانَ (اللهُ فُلاناً على كَذَا} يَقِينُه {قَيْناً: (خَلَقَهُ.
(} والقَيْنُ: العَبْدُ.
قالَ أَبو عبيدٍ: كلُّ عَبْدٍ عنْدَ العَرَبِ قَيْنٌ، (ج {قِيانٌ، بالكسْرِ.
((و) } القَيْنُ: (الحَدَّادُ، يَذْهَبُ بِهِ إِلَى معْنَى العَبْدِ لأنَّه فِي العَمَلِ والصّنْعةِ بمعْنَى العَبْد.
قالَ الأزْهرِيُّ، رحِمَــه اللهُ تَعَالَى: كلُّ عامِلٍ بالحَديدِ قَيْنٌ عنْدَ العَرَبِ.
وَفِي حدِيثِ خَبَّابٍ، رضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنهُ: (كنتُ {قَيْناً فِي الجاهِلِيَّةِ) .
وقالَ ابنُ السِّكّيت: قلْتُ لعُمارَةَ إنَّ بعضَ الرُّواةِ زَعَمَ أنَّ كلَّ عامِلٍ بالحَديدِ} قَيْنٌ، فقالَ: كذبَ إنَّما القَيْنُ يَعْملُ بالحَديدِ ويَعْملُ بالكِيرِ، وَلَا يقالُ للصائِغِ قَيْنٌ وَلَا للنجَّارِ قَيْنٌ.
وقالَ السُّكَّريُّ، رحِمَــه اللهُ تَعَالَى: كلُّ صانِع يُعالِجُ صَنْعةً بِنَفْسِه فَهُوَ قَيْنٌ إلاَّ الكاتِبُ؛ (ج {أَقْيانٌ} وقُيونٌ. وَمِنْه حدِيثُ العبَّاس، رضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنهُ: (إلاَّ الإِذْخِرَ فإنَّه {لقُيُونِنا) .
وبَنُو أَسَدٍ يقالُ لَهُم} القُيُونُ، لأنَّ أَوَّلَ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ الحَديدِ بالبادِيَةِ الهالِكُ بنُ أَسدِ بنِ خُزَيمةً.
((و) {قَيْنٌ: (ة باليَمَنِ من قُرَى عَثَّرَ.
(وبناتُ قَيْنٍ: اسمُ مَوْضِعٍ فِيهِ (ماءٌ كانتْ بِهِ وَقْعةٌ فِي زَمَنِ عبْدِ الملِكِ بنِ مَرْوان؛ قالَ عُوَيْفُ القوافي:
صَبَحْناهم غَداةَ بناتِ قَيْنٍ مُلَمْلَمَةً لَهَا لَجَبٌ طَحُونا (} وبَلْقَيْنِ، بفتْحٍ فسكونٍ: حَيٌّ من بَني أَسَدٍ، كَمَا قَالُوا بَالْحارث وبَلْهُجَيم، و (أَصْلُه بنُو! القَيْنِ، وبنُو الحارِثِ وبنُو الهُجَيْم، وَهُوَ مِن شَوَاذ التَّخْفيفِ.
قالَ ابنُ الجواني: العَرَبُ تَعْتَمِدُ ذلكَ فيمَا ظَهَر فِي واحِدِه النُّطْق باللامِ مِثْل الحارِثِ والخَزْرجِ والعجلان، وَلَا يقُولونَ فيمَا لم تَظْهر لامُه ذلكَ لَا يقُولونَ بَلْنجار فِي بَني النَّجَّار، لأنَّ اللامَ لَا تَظْهرُ فِي النُّطْقِ بالنَّجَّارِ، فَلَا تَجوِّزه العَربيَّة، وَلم يُقَل فِي الأَنْسابِ. (والنِّسْبَةُ {قَيْنِيٌّ لَا بَلْقَيْنِيٌّ، مِنْهُم: أَبو عبْدِ الــرَّحمــانِ القَيْنِيُّ ذَكَرَه الطَّبرانيّ فِي الصَّحابَةِ، وإسْحاقُ بنُ سلَمَةَ بن إسْحاق} القَيْنِيُّ الأَدِيبُ الإِخْبارِيُّ لَهُ تارِيخُ مَدينَةِ ريَّةَ وأَعْمالِها، ذَكَرَه ابنُ حَزْمٍ، رحِمَــه اللهُ تَعَالَى.
ويقالُ: القَيْنُ هَذَا الَّذِي نُسِبُوا إِلَيْهِ اسْمُه النُّعمانُ بنُ جسرِ بنِ شيعِ اللهِ بنِ أَسَدِ بنِ وبْرَةَ بنِ ثَعْلب بنِ حلوان بنِ عِمْران بنِ الحافي بنِ قُضاعَةَ.
وقالَ ابنُ الكَلْبي: النُّعْمانُ حَضَنَه عَبْدٌ يقالُ لَهُ القَيْنُ فغَلَبَ عَلَيْهِ.
ووَهَمَ ابنُ التّيْن فقالَ: بنُو القَيْنِ قَبيلَةٌ مِن تمِيم.
( {وبُلْقِينَةُ، (بضمِّ الباءِ وكسْرِ القافِ وزِيادَةِ هاءٍ آخِرَهُ: ة بمِصْرَ مِن الغَرْبيَّةِ، وَقد تقدَّمَ ذِكْرُها للمصنِّفِ، رحِمَــه اللهُ تَعَالَى، وذِكْرُه إيَّاها هُنَا وَهمٌ لأنَّ باءَها مِن أَصْلِ الكَلِمَةِ، وَلذَا سَقَطَتْ من غالِبِ النسخِ، وتقدَّمَ الاخْتِلافُ فِي كسْرِ القافِ وفتْحِها، وأنَّ المَشْهور فَتْحُها.
(} والتَّقَيُّنُ: التَّزَيُّنُ بأَلْوانِ الزِّينَةِ.
( {والقَيْنَةُ: الأَمَةُ المُغَنِّيَةُ، أَو أَعَمُّ، وَهُوَ مِن} التَّقَيُّنِ التَّزَيُّنِ، لأنَّها كانتْ تُزَيّنُ.
وقالَ اللّيْثُ: عوامُ الناسِ يقُولُونَ! القَيْنَةَ المُغَنِّيَةُ.
وقالَ الأزْهرِيُّ: إنَّما قيلَ للمُغَنِّيةِ إِذا كانَ الغِناءُ صناعَة لَهَا، وذلكَ من عَمَلِ الإِماءِ دُونَ الحَرائرِ.
وقَيَّد ابنُ السِّكِّيت {القَيْنَة بالبَيْضاء.
وقيلَ: القَيْنَةُ الجارِيَةُ تخدُمُ وحَسْبُ، والجَمْعُ،} قِيانٌ {وقَيّناتٌ؛ وَمِنْه قوْلُ زهيرٍ:
رَدَّ} القِيانُ جِمالَ الحيِّ فاحْتَمَلَواإلى الظَّهِيرة أَمْرٌ بَينهم لَبِكُأَرادَ بهِنَّ الإِماءَ وقيلَ العَبيدُ والإِماءُ.
وَفِي الحدِيثِ: نَهَى عَن بَيْعِ {القَيْنات.
(والقَيْنَةُ: (الدُّبُرُ، أَو أَدْنَى فِقَرِ الظَّهرِ مِنْهُ.
ونَصّ المُحْكَم: أَو أَدْنى فَقْرةٍ من فِقَر الظهْرِ إليهَ.
(أَو هِيَ القَطَنُ، وَهُوَ (مَا بينَ الوَرِكَيْنِ.
(أَو هِيَ (هَزْمَةٌ هُنالِكَ.
(والقَيْنَةُ (من الفَرَسِ: نُقْرَةٌ بينَ الغُرابِ والعَجُزِ فِيهَا هَزْمَةٌ.؛ نَقَلَهُ ابنُ سِيدَه.
وقالَ ابنُ الأثيرِ، رحِمَــه اللهُ تَعَالَى: بينَ الغُرابِ وعَجْبِ ذَنَبِه؛ وَمِنْه حدِيثُ ابنِ الزُّبَيْر: (وإنَّ فِي جَسَدِه أَمْثالُ} القُيونِ) ، يُريدُ آثارَ الطَّعَناتِ وضَرَباتِ السُّيوفِ يَصِفُه بالشَّجاعَةِ.
(والقَيْنَةُ: (الماشِطَةُ لأنَّها تُزَيِّنُ النِّساءَ؛ فشُبِّهتْ بالأَمَةِ.
( {والقَيْنانُ: مَوْضِعُ القَيْدِ من ذواتِ الأَرْبَعِ يكونُ فِي اليَدَيْنِ والرِّجْلَيْن؛ (أَو يَخُصُّ البَعيرَ والناقَةَ.
وَفِي الصِّحاحِ: والقَيْنانُ مَوْضِعُ القَيْدِ من وَظِيفي يَدِ البَعيرِ؛ قالَ ذُو الرُّمَّة:
دانى لَهُ القَيْدُ فِي دَيمومةٍ قُذُفٍ} قَيْنَيْه وانْحَسَرتْ عَنهُ الأَناعِيمُوقالَ اللَّيْثُ: {القَيْنان الوَظِيفَان لكلِّ ذِي أَرْبَعٍ،} والقَيْنُ مِن الإِنْسانِ كذلكَ. (وبِلا لامٍ، {قَيْنانُ (بنُ أَنُوشَ بنِ شِيثِ بنِ آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلام، وَهُوَ الجَدُّ السابِعُ والأَرْبَعُون لسيِّدِنا رَسُولِ اللهِ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَعْناهُ المُسَوِّي، كَذَا فَسَّرَه التّوَزِيُّ والسّهيليّ والنّوويّ.
وقالَ الشيَّخُ شمسُ الدِّيْن الْبرمَاوِيّ، رحِمَــه اللهُ تَعَالَى: واسْمُه فِي التَّورَاة والإِنْجيل ماقيان، وتَفْسِيرُه بالعَرَبيّ غنِيّ.
وقالَ محمدُ بنُ أَحمدَ التّوَزِيُّ: ويقالُ قَيْنَن بإِسْقاطِ الألِفِ.
(وقَينانٌ: (ة بسَرَخْسَ خرِبَتْ، مِنْهَا: عليُّ بنُ سعيدٍ عَن ابنِ المُبارَك.
(} وقايِنُ: د قُرْبَ طيس بينَ نَيْسابُورَ وأَصْبَهان، مِنْهُ أَبو الحَسَنِ إسحاقُ بنُ أَحمدَ بنِ إبراهيمَ عَن أَبي قُرَيْشٍ محمدِ بنِ جمَعَةَ بنِ خَلَف الحَافِظ؛ وأَبو مَنْصورٍ محمدُ بنُ عليَ {القايِنُي الدّبَّاغ عَن أَبي بكْرٍ البَيْهقيّ وأَبي القاسِمِ الْقشيرِي، وَعنهُ أَبو بكْرٍ السَّمعانيُّ وأَبو طاهِرٍ السنجيُّ.
((و) } القايِنُ (ابنٌ لآدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَام، انْقَرَضَ.
( {والقانُ: شجرٌ للقِسِيِّ يَنْبُتُ فِي جِبالِ تهامَةَ اسْتَدَلَّ على أنَّها ياءٌ لوُجودِ قين، وعَدَم قون، ويُرْوَى بالهَمْزِ أَيْضاً كَمَا تقدَّمَ؛ قالَ ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّة:
يأْوِي إِلَى مُشْمَخِرَّاتٍ مُصَعَّدةٍ شُمَ بهنَّ فُروعُ} القانِ والنَّشَمِ واحِدَتُه {قانَةٌ؛ عَن ابنِ الأَعْرابيِّ وأَبي حنيفَةَ.
((و) } قانٌ: (د باليَمَنِ فِي دِيارِ نهدِ بنِ زَيْدٍ والحارِثِ بنِ كَعْبٍ، قالَهُ نَصْرِ.
( {وقَيْنيَّةُ، ظاهِرُه أنَّه بالفتْحِ وضَبَطَه الحافِظُ بالكسْرِ، (ة بدِمَشْقَ تُجاهَ بابِ الصَّغيرِ صارَتِ اليومَ بَساتِينَ.
وقالَ الحافِظُ: قَرْيةٌ بظاهِرِ بابِ الجابِيَةِ، وَمِنْهَا: أَبو عليَ محمدُ بنُ مَعْروفٍ الأَنْصارِيُّ الدِّمَشْقيُّ المحدِّثُ.
(} واقْتَأَنَّ النَّبْتُ اقْتِئْناناً، كاقْشَعَرَّ اقْشِعْراراً، هَكَذَا هُوَ مَضْبوطٌ فِي النُّسخِ والصَّوابُ {اقْتأنَ النّبْتُ} اقْتِياناً: (حَسُنَ.
((و) {اقْتَانَتِ (الرَّوْضةُ) : ازْدَانَتْ بأَلْوانِ زهرتها، و (أَخَذَتْ زُخْرُفَها؛ قالَ كثيِّرٌ:
فهُنَّ مُناخاتٌ عليهنَّ زينةٌ كَمَا} اقْتانَ بالنَّبْتِ العِهادُ المُحوَّف ( {والتَّقْيينُ: التَّزْيِينُ. وَمِنْه الحدِيثُ: (أَنا} قَيَّنْتُ عائِشَةَ، أَي زَيّنْتُها) . وَفِي حدِيثِها أَيْضاً: كانَ لَهَا دِرْعٌ مَا كانتِ امْرأَةٌ بالمَدينَةِ {تُقَيَّنُ إلاَّ أَرْسَلَت تَسْتَعيرُه؛ تُقَيَّن أَي تُزَيَّنُ لزَفافِها.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
} قانَ {يَقِينُ} قِيانَةً {وقَيْناً: صارَ} قَيْناً.
{والقَيْنُ: الرَّحْلُ عَمِلَه النّجَّارُ؛ وَمِنْه قوْلُ زهيرٍ:
خَرَجْنَ من السُّوبانِ ثمَّ جَزَعْنَهُ على كل} قَيْنِيَ قَشِيبٍ ومُفْأَمِويقالُ: نَسَبَه إِلَى بَني! القَيْنِ.
وَفِي أَمْثالِهم فِي الكَذِبِ: دُهْ دُرَّين سَعْدُ القَيْنِ؛ ذَكَرَه الجوْهرِيُّ هُنَا؛ والمصنِّفُ فِي الرَّاءِ.
ومِن أَمْثالِهم: إِذا سَمِعْتَ بسُرى القَيْنِ فإنَّه مُصْبِحٌ وَهُوَ سَعْدُ القَيْنِ.
قالَ أَبو عبيدٍ: يُضْرَبُ للرَّجُلِ يُعْرَفُ بالكذِبِ حَتَّى يُرَدُّ صِدْقُه.
قالَ الأصْمعيُّ: وأَصْلُه أنَّ القَيْنَ بالبادِيَةِ يَنْتقِلُ فِي مياهِهم فيُقيمُ بالمَوْضِع أَيّاماً فيَكْسُدُ عَلَيْهِ عَمَله، فيَقولُ لأهْلِ الماءِ: إنِّي راحِلٌ عنْكُم اللَّيْلة، وَإِن لم يُرِدْ ذلكَ وَلَكِن يُشِيعُه ليَسْتَعْمِلَه مَنْ يُريدُ اسْتِعْمالَه.
{واقْتانَ الرَّجُلُ: تَزَيَّنَ.
} وقانَتِ المرْأَةُ المرْأَةَ {تَقِينُها} قَيْناً: زَيَّنَتها.
{وتَقَيَّنَ النَّبْتُ: حَسُنَ.
ويقالُ للمرْأَةِ} مُقَيِّنةٌ لأنَّها تُزَيِّنُ؛ ورُبَّما قَالُوا للمُتَزِيِّن باللّباسِ مِن الرِّجالِ {قَيْنةً، فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ.
} والقَيْنَةُ: الفَقْرَةُ من اللَّحْمِ؛ عَن ابنِ الأَعْرابيِّ.
وبنُو {قِيانَةَ، بالكسْرِ وبالفتْحِ: بَطْنٌ من غافِقٍ، هَكَذَا ذَكَرَه أَئمَّةُ النَّسَبِ، والصَّوابُ فِيهِ بالفاءِ بَدَل النُّونِ، نبَّه عَلَيْهِ الحافِظُ.
} والأُقيونُ، بالضمِّ: بَطْنٌ مِن حِمْيَرَ، وهم رَهْطُ حَنْظَلَة بن صَفْوان النبيِّ، عَلَيْهِ السَّلَام.
وأَبو الحَسَنِ عليُّ بنُ مَحْفوظٍ البقَّال يُعْرَفُ بابنِ القِينَة، بالكسْرِ، رَوَى عَن سعْدِ بنِ عبدِ اللهِ الدجاجيّ.
وقانٌ: جَبَلٌ لمحارِبِ بنِ حفصَةَ.
وأَيْضاً: مَوْضِعٌ بثُغورِ أرْمِينِيَة، عَن نَصْر.
{والقانُ: اسمُ عَلَمٍ لملِكِ التُّرْكِ، قيلَ: هُوَ مُخْتصر خاقَان

وَقد كَانَ لِلْحسنِ الْبَصْرِيّ خليفتان هما

وَقد كَانَ لِلْحسنِ الْبَصْرِيّ خليفتان هما: الأول حبيب العجمي وَالثَّانِي عبد الْوَاحِد ابْن زيد، وَقد تفرع من حبيب العجمي تِسْعَة فرق أَو عوائل هِيَ:
1 - الحبيبية. 2 _ الطيفورية. 3 _ الكرخية. 4 _ السقطية. 5 _ الجنيدية. 6 _ الكازرونية. 7 _ الطوسيه. 8 _ السهرورية. 9 _ الفردوسية.
وَأما من تفرع من عبد الْوَاحِد بن زيد فخمسة وهم: 1 _ الزيدية. 2 _ العياطية. 3 _ الأدهمية. 4 _ الهبيرية. 5 _ الجشتية. إِذا أَرْبَعَة كبار اثْنَان مِنْهُمَا أصبحا أَصْحَاب فرق أَو عوائل وهما: حبيب العجمي وَعبد الْوَاحِد بن زيد رَحْمَــة الله عَلَيْهِمَا.
يَقُول المقرب من الْأَسْرَار والقدس الإلهي الشَّيْخ فريد الدّين الْعَطَّار قدس سره وأنور مرقده فِي كِتَابه: (تذكرة الْأَوْلِيَاء) أَن لربيب النُّبُوَّة ونجيب الشهامة وكعبة الْعلم وَالْعَمَل وخلاصة الْوَرع والحلم والمرقب لصَاحب الصَّلَاة صدر السّنة الْحسن الْبَصْرِيّ رَحْمَــة الله عَلَيْهِ مَنَاقِب كَثِيرَة. ومجهداته لَا تعد وَكَانَ صَاحب علم ومعاملة دَائِم الْخَوْف والحزن، وَكَانَت والدته (أمة) مولاة لأم الْمُؤمنِينَ أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَمرَّة كَانَت أمه تقوم بِعَمَل مَا فَبَدَأَ حسن الْبَصْرِيّ بالبكاء، فَجَاءَتْهُ أم سَلمَة وأعطته صدرها الْمُبَارك حَتَّى يرضع مِنْهُ، فَحدث أَن در صدر أم سَلمَة من الــرَّحْمَــة والشفقة، فرضع حَتَّى شبع. وَنقل أَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَقد كَانَ طفْلا، شرب المَاء من إِنَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ لَهُ الرَّسُول، هَل شربت من هَذَا المَاء، وَقَالَ من شرب من هَذَا المَاء فقد سرى علمي فِيهِ. (انْتهى) ، لذَلِك وَلِهَذَا السَّبَب فقد دعى الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحسن الْبَصْرِيّ (ابْني) وَكَذَلِكَ فَإِن كميل بن زِيَاد رَحْمَــة الله عَلَيْهِ قد قضى مُدَّة فِي جوَار رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَحَازَ نعْمَة نبوته. وَفِي تَفْصِيل خبر هَذِه العائلة أَن أَبنَاء عبد الــرَّحْمَــن بن عَوْف كَانُوا اثْنَيْنِ وَقد التحقوا بالعالم والمتقي واصلح النَّاس حبيب العجمي، معتزلين النَّاس مؤثرين الْخلْوَة قد تسموا (بالحبيبية) وَهُوَ اسْم:
العائلة أَو الْفرْقَة الأولى: قاطعين بذلك انتسابهم إِلَى آبَائِهِم وأجدادهم كَمَا فعل بَاقِي أَفْرَاد (الْفرق) أَو العوائل الْأُخْرَى حِين اسقطوا عائلاتهم من نسبهم.
(أَصبَحت عبدا للعشق فاترك نسبك يَا (جامي))
(لِأَن فِي هَذَا الطَّرِيق فلَان ابْن فلَان لَا تَسَاوِي شَيْئا ... )
العائلة الثَّانِيَة: (الطيفورية) الَّتِي تتصل بسُلْطَان العارفين (بايزيد البسطامي) عَلَيْهِ الــرَّحْمَــة، وطيفور اسْم مَدِينَة، وَكَانَ عَلَيْهِ الــرَّحْمَــة خَليفَة حبيب العجمي وَعمر مائَة وَخمسين سنة.
العائلة الثَّالِثَة: (الكرخية) الَّتِي تتصل ب (مَعْرُوف الْكَرْخِي) خَليفَة دَاوُد الطَّائِي الَّذِي يرقى إِلَى حبيب العجمي، والكرخ محلّة فِي بَغْدَاد.
العائلة الرَّابِعَة: (السقطية) الَّتِي تتصل (بالسري السَّقطِي) الَّذِي كَانَ خَليفَة مَعْرُوف الْكَرْخِي.
العائلة الْخَامِسَة: (الجنيدية) الَّتِي تتصل (بالجنيد الْبَغْدَادِيّ) رَحْمَــة الله عَلَيْهِ وَكَانُوا اثْنَيْنِ، الأول هُوَ الشَّيْخ عُثْمَان الدقاق، وَالثَّانِي هُوَ فَخر الدّين الْمَنْصُور وَكَانَ كِلَاهُمَا من تلامذة الإِمَام أَبُو حنيفَة الْكُوفِي، لَا مثيل لَهما فِي الْعلم وَالتَّقوى، يصومان أسبوعا وقضيا سبعين سنة فِي المجاهدة الرياضة وأصبحا من مريدي الْجُنَيْد الْبَغْدَادِيّ.
العائلة السَّادِسَة: (الكازرونية) يتبعُون بِالنعْمَةِ والبيعة للسُّلْطَان إِسْحَاق الْأَمِير الكازروني، وَقد ترك السُّلْطَان رَحْمَــة الله عَلَيْهِ أَمر الْملك وَأصْبح مرِيدا لعبد الله الْخَفِيف، وكازرون اسْم مَدِينَة.
العائلة السَّابِعَة: (الطوسية) الَّتِي تتصل بالشيخ عَلَاء الدّين الطوسي.
العائلة الثَّامِنَة: (الفردوسية) وتتصل بالجنيد الْبَغْدَادِيّ وَكَانَ شيخهم هُوَ الشَّيْخ نجم الدّين الْكُبْرَى الَّذِي قَالَه الشَّيْخ ضِيَاء الدّين الجنيدي لقد صنعت مِنْك شَيخا من أكَابِر مَشَايِخ الْجنَّة.
العائلة التَّاسِعَة: (السهروردية) وَالَّتِي تتصل كَذَلِك بالجنيد الْبَغْدَادِيّ عَن طَرِيق الشَّيْخ شهَاب الدّين السهروردي وضياء الدّين أَبُو النجيب السهروردي، وَالشَّيْخ ممشاد الدينَوَرِي الَّذِي أصبح خَليفَة الْجُنَيْد الْبَغْدَادِيّ.
أما تَفْصِيل العوائل الْخَمْسَة لعبد الْوَاحِد بن زيد هُوَ: العائلة الأولى: (الزيدية) فقد كَانَ لعبد الْوَاحِد بن زيد خليفتين الأول هُوَ عبد الرَّزَّاق، الَّذِي يُقَال لَهُ (الزيدي) .
العائلة الثَّانِيَة: (العياطية) لقد كَانَ ل (فُضَيْل بن عِيَاض الزيدي) خليفتان هما الشَّيْخ عبد الله وَالسُّلْطَان إِبْرَاهِيم أدهم الْبَلْخِي، وَعبد الله هُوَ العياطي.
العائلة الثَّالِثَة: (الأدهمية) الَّتِي تتصل بالسلطان إِبْرَاهِيم أدهم الْبَلْخِي وبهذه الطَّرِيقَة كَانَ لإِبْرَاهِيم أدهم خليفتين الأول حميد الدّين وَالثَّانِي حُذَيْفَة المرعشي، والأدهمية نِسْبَة إِلَى (عبد الحميد) .
العائلة الرَّابِعَة: (الهبيرية) لقد كَانَ ل (هُبَيْرَة الْبَصْرِيّ) خليفتان الأول الشَّيْخ (بايزيد) وَالثَّانِي الشَّيْخ ممشاد علو الدينَوَرِي والهبيرية نِسْبَة إِلَى الشَّيْخ (بايزيد) .
العائلة الْخَامِسَة: (الجشتية) الَّتِي تتصل بِأبي إِسْحَاق الجشتي والجشتي كَانَ من مريدي الشَّيْخ ممشاد علو الدينَوَرِي رَحْمَــة الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ، و (جشت) اسْم ولَايَة.

الْإِيمَان والاسلام وَاحِد

الْإِيمَان والاسلام وَاحِد: قَالَ بعض المشائخ أَن بَينهمَا اتحادا فِي الْمَفْهُوم فهما مُتَرَادِفَانِ. وَقَالَ بَعضهم أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِحَسب الْمَفْهُوم ومتحدان فِي الصدْق وَلَا يَنْفَكّ أَحدهمَا عَن الآخر فَلَيْسَ بَينهمَا غيرية اصطلاحية. قَالَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ رَحمَــه الله فِي شرح الْمَقَاصِد الْجُمْهُور على أَن الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَاحِد إِذْ معنى آمَنت بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صدقته وَمعنى أسلمت لَهُ سلمته وَلَا يظْهر بَينهمَا كثير فرق لرجوعهما إِلَى معنى الِاعْتِرَاف والانقياد والإذعان وَالْقَبُول. وَبِالْجُمْلَةِ لَا يعقل بِحَسب الشَّرْع مُؤمن لَيْسَ بِمُسلم أَو مُسلم لَيْسَ بِمُؤْمِن. وَهَذَا مُرَاد الْقَوْم بترادف الاسمين واتحاد الْمَعْنى وَعدم التغاير. وَقَالَ فِي شرح العقائد النسفية لِأَن الْإِسْلَام هُوَ الخضوع والانقياد بِمَعْنى قبُول الْأَحْكَام والاذعان وَذَلِكَ حَقِيقَة التَّصْدِيق على مَا مر وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى: {فأخرجنا من كَانَ فِيهَا من الْمُؤمنِينَ فَمَا وجدنَا فِيهَا غير بَيت من الْمُسلمين} انْتهى.
وَقَالَ صَاحب الخيالات اللطيفة أَي لم نجد فِي قَرْيَة لوط إِلَى قَوْله وليلائم كلمة من انْتهى. وَحَاصِله على مَا حررناه فِي التعليقات أَن كلمة غير فِي هَذَا الْآيَة الْكَرِيمَة إِن كَانَت صفة فَيكون الْمَعْنى فَمَا وجدنَا فِيهَا بَيْتا أَو أحدا غير بَيت من الْمُسلمين فَيلْزم الْكَذِب من ثَلَاثَة وُجُوه. الأول: أَنه كَانَت الْكفَّار فِي تِلْكَ الْقرْيَة أَيْضا. وَالثَّانِي: أَنه كَانَت فِيهَا بيُوت لَا بَيت وَاحِد. وَالثَّالِث: أَن كلمة من للْبَيَان لِأَن الظَّاهِر أَنَّهَا بَيَانِيَّة ليلائم السَّابِق. وَأَن يحْتَمل الزِّيَادَة. وَيجوز أَيْضا أَن تكون صلَة لمقدر أَي كَائِنا من الْمُسلمين فتدل على أَن الْمُبين بِالْكَسْرِ من جنس الْمُبين بِالْفَتْح وَالْبَيْت لَيْسَ من جنس الْمُسلمين فَلَا بُد أَن يحمل الْغَيْر على الِاسْتِثْنَاء وَحِينَئِذٍ إِن كَانَ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ عَاما فالمحذور على حَاله لِأَن الْمَعْنى حِينَئِذٍ فَمَا وجدنَا شَيْئا إِلَّا بَيْتا من الْمُسلمين فَالْوَاجِب أَن يقدر الْمُسْتَثْنى مِنْهُ خَاصّا أَي أحدا من الْمُؤمنِينَ وَحِينَئِذٍ عدم صِحَة الِاسْتِثْنَاء ظَاهر لِأَن الْمَعْنى فَمَا وجدنَا أحدا من الْمُؤمنِينَ إِلَّا بَيْتا من الْمُسلمين لِأَن الْمُسْتَثْنى حِينَئِذٍ غير دَاخل فِي الْمُسْتَثْنى مِنْهُ. إِن قلت أَن الْمُسْتَثْنى مُنْقَطع فَأَقُول إِن الِاسْتِثْنَاء فِي الْمُتَّصِل أصل وَحَقِيقَة دون الْمُنْقَطع وَلَا بُد لَهُ أَن يكون الْمُسْتَثْنى من جنس الْمُسْتَثْنى مِنْهُ مَعَ أَنه لَا يَصح أَن يكون قَوْله تَعَالَى: {من الْمُسلمين} بَيَانا للبيت لما مر فَلَا بُد من تَقْدِير الْمُضَاف أَي أهل بَيت من الْمُسلمين لِئَلَّا يلْزم الْمَحْذُور الْمَذْكُور وليلائم كلمة من فِي قَوْله تَعَالَى: {من الْمُؤمنِينَ} فَقَوله لِكَثْرَة بيُوت الْبيُوت وَالْكفَّار تَعْلِيل لحمل كلمة غير على الِاسْتِثْنَاء وَتَقْدِير الْمُسْتَثْنى مِنْهُ خَاصّا وَقَوله ليلائم تَعْلِيل لكَون المُرَاد بِالْبَيْتِ أهل الْبَيْت وَإِن كَانَ لحذف الْمُضَاف وَجه آخر يَقْتَضِي عدم صِحَة الْمُسْتَثْنى الْمُتَّصِل فالمجموع تَعْلِيل لقَوْله وَإِنَّمَا قُلْنَا كَذَلِك وَإِن كَانَ تكْرَار لَام التَّعْلِيل مشعرا بِكَوْن كل مِنْهُمَا وَجها مُسْتقِلّا لِأَن قَوْله لِكَثْرَة الْبيُوت وَالْكفَّار لَا يدل على أَن المُرَاد بِالْبَيْتِ أهل الْبَيْت وَقَوله ليلائم لَا يدل على كَون كلمة غير للاستثناء وَكَون الْمُسْتَثْنى مِنْهُ خَاصّا فَلَا يكون كل مِنْهُمَا وَجها مُسْتقِلّا لاثبات التَّقْدِير الْمَذْكُور هَكَذَا فِي الْحَوَاشِي الحكيمية. وَقَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ: فَإِن قيل قَوْله تَعَالَى: (وَقَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا} إِلَى آخِره مُعَارضَة فِي الْمَطْلُوب أَعنِي الِاتِّحَاد الْمَفْهُوم من قَول النَّسَفِيّ الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَاحِد وَقَوله فَإِن قيل قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْإِسْلَام أَن تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَى آخِره مُعَارضَة فِي مُقَدّمَة الدَّلِيل على الْمَطْلُوب الْمَذْكُور أَعنِي لِأَن الْإِسْلَام هُوَ الخضوع والانقياد. وَقَالَ صَاحب الخيالات اللطيفة فَلَا يرد السُّؤَال على المشائخ إِلَى آخِره أَي فَلَا يرد السُّؤَال على المشائخ الْقَائِلين باتحاد الْإِيمَان وَالْإِسْلَام بِهَذَا الدَّلِيل يَعْنِي لِأَن الْإِسْلَام هُوَ الخضوع إِلَى آخِره فَإِن مُرَادهم باتحادهما بِحَسب الْمَفْهُوم كَمَا يدل عَلَيْهِ قَول الشَّارِح رَحمَــه الله تَعَالَى وَذَلِكَ حَقِيقَة التَّصْدِيق لِأَنَّهُ يدل على أَن الْإِسْلَام يرادف التَّصْدِيق لَا أَنه يستلزمه فهما مُتَرَادِفَانِ وَلَيْسَ المُرَاد بالمشائخ هَا هُنَا المشائخ الْقَائِلين باتحادهما فِي الصدْق وتغايرهما فِي الْمَفْهُوم حَيْثُ قَالَ وَظَاهر كَلَام المشائخ أَنهم أَرَادوا إِلَى آخِره وعَلى هَذَا مدَار قَوْله على أَن فِيهِ أَي فِي هَذَا الْجَواب غفولا عَن تَوْجِيه الْكَلَام وَهُوَ أَن الْإِسْلَام هُوَ الخضوع والانقياد وَذَلِكَ حَقِيقَة التَّصْدِيق وَهَذَا الْكَلَام صَرِيح فِي الترادف والموجه أَي الْمُجيب قد تحقق عَن مرام هَذَا الْكَلَام. وَوجه بالاستلزام. وَعدم انفكاك أَحدهمَا عَن الآخر فِي الصدْق دون الترادف.

وَعَلَيْك: أَن تعلم أَن مُرَاد النَّسَفِيّ رَحمَــه الله تَعَالَى بقوله الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَاحِد الترادف كَمَا هُوَ الظَّاهِر وَلِهَذَا علله بقوله لِأَن الْإِسْلَام إِلَى آخِره وَلما لم يكن هَذَا الدَّلِيل سالما من النَّقْض أعرض عَنهُ وحرر مدعي المُصَنّف رَحمَــه الله تَعَالَى بِأَن مُرَاده بوحدتهما اتحادهما فِي الصدْق وَعدم انفكاك أَحدهمَا عَن الآخر سَوَاء كَانَا مترادفين أَو متساويين. وَفِي الْحَوَاشِي الحكيمية أَقُول للموجه أَن يَقُول معنى قَوْله وَذَلِكَ حَقِيقَة التَّصْدِيق أَن ذَلِك يسْتَلْزم حَقِيقَة التَّصْدِيق وَتَعْبِيره عَن الاستلزام للْمُبَالَغَة فِيهِ شَائِع فِي كَلَامهم على مَا مر من قَول الشَّارِح رَحمَــه الله تَعَالَى فِي بَيَان قَوْله لَا هُوَ وَلَا غَيره عدمهَا عَدمه ووجودها وجوده فَلَا يكون غفولا وعدلا عَن الْكَلَام السَّابِق.

التَّعْزِير

(التَّعْزِير) (شرعا) تَأْدِيب لَا يبلغ الْحَد الشَّرْعِيّ كتأديب من شتم بِغَيْر قذف
التَّعْزِير: عُقُوبَة غير مقدرَة حَقًا لله تَعَالَى أَو العَبْد وَسَببه مَا لَيْسَ فِيهِ حد من الْمعاصِي الفعلية أَو القولية فَهُوَ تَأْدِيب دون الْحَد. وَأَصله من العزر وَهُوَ الْمَنْع والردع. وَأكْثر التَّعْزِير تِسْعَة وَثَلَاثُونَ سَوْطًا عِنْد أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَأما عِنْد أبي يُوسُف رَحمَــه الله فخمسة وَسَبْعُونَ وَفِي رِوَايَة تِسْعَة وَسَبْعُونَ وَهِي أصح عِنْده رَحمَــه الله. وَصَحَّ حبس المعزر إِن كَانَ فِيهِ مصلحَة. وَعَن أبي يُوسُف رَحمَــه الله أَن التَّعْزِير على قدر عظم الجرم كَمَا فِي الْمُحِيط والذخيرة وَغَيرهمَا. وَأقله ثَلَاث من الضربات كَمَا فِي الْكَافِي أَو وَاحِدَة كَمَا فِي الخزانة أَو مَا يرَاهُ الإِمَام كملامة وضربة على مَا ذكره مَشَايِخنَا كَمَا فِي الْهِدَايَة. وَالْأَصْل أَنه إِن كَانَ مِمَّا يجب بِهِ الْحَد فالأكثر وَإِلَّا فمفوض إِلَى القَاضِي كَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَان. وَللْإِمَام وَالْقَاضِي الْخِيَار فِي التَّعْزِير بِغَيْر الضَّرْب كاللطم والتعريك وَالْكَلَام العنيف والشتم غير الْقَذْف أَي الشتم الْمَشْرُوع كالشقي وَالنَّظَر بِوَجْه عبوس والأعراض. وَعَن أبي يُوسُف رَحمَــه الله أَنه يجوز بِأخذ المَال إِلَّا أَنه يرد إِلَى الصاحب إِن تَابَ وَإِلَّا يصرف إِلَى مَا يرى الإِمَام وَالْقَاضِي. وَفِي مُشكل الْآثَار إِن أَخذ المَال صَار مَنْسُوخا. وَقيل إِن تَعْزِير مثل الْعلمَاء والعلوية بالإعلام بِأَن يَقُول بَلغنِي أَنَّك تفعل كَذَا وتعزير الْأُمَرَاء والدهاقين بِهِ وبالجر إِلَى بَاب القَاضِي وتعزير السوقية وَنَحْوهم بهما وبالحبس وتعزير الأخسة بِهن وبالضرب كَمَا فِي الزَّاهدِيّ وَغَيره.
نعم مَا قَالَ مرزا عبد الْقَادِر بيدل بادل رَحْمَــة الله عَلَيْهِ.
(تاديبي اكرضرورت افتد بهوس ... يكدست خطاست كوشمال همه كس)

(أَي مطرب قانون بِسَاط انصاف ... دف رابه طبانجه كوب ونى را بِنَفس)

وَأَشد الضَّرْب التَّعْزِير لِأَنَّهُ جرى فِيهِ التَّخْفِيف من حَيْثُ الْعدَد فَلَا يُخَفف من حَيْثُ الْوَصْف فَيضْرب ضربا شَدِيدا لِئَلَّا يُؤَدِّي إِلَى فَوَات الْمَقْصُود وَهُوَ الانزجار وتتقي الْمَوَاضِع الَّتِي تتقي فِي الْحُدُود. وَعَن أبي يُوسُف رَحمَــه الله أَنه يضْرب فِيهِ الظّهْر والآلية فَقَط. وَقيل إِن التَّعْزِير أَشد ضربا حَيْثُ يجمع فِيهِ الأسواط فِي عُضْو وَاحِد دون الْحُدُود فَإِنَّهُ يفرق فِيهَا على الْأَعْضَاء. ثمَّ حد الزِّنَا لِأَنَّهُ جِنَايَة أعظم حَيْثُ شرع فِيهِ الرَّجْم وَلِأَنَّهُ ثَبت بِالْكتاب بِخِلَاف حد الشّرْب فَإِنَّهُ ثَبت بقول الصَّحَابَة. ثمَّ حد الشّرْب لِأَن جِنَايَة الشّرْب مَقْطُوع بهَا لشهادة الشّرْب والإحضار إِلَى الْحَاكِم بالرائحة. ثمَّ حد الْقَذْف لِأَن سَببه يحْتَمل جَوَاز صدق الْقَاذِف وَقد جرى فِيهِ التَّغْلِيظ من حَيْثُ رد الشَّهَادَة الَّتِي تنزلت منزلَة قطع لِسَانه فيخفف من حَيْثُ الْوَصْف.
ثمَّ اعْلَم أَن الْحُدُود تندرئ بِالشُّبُهَاتِ والتقادم وَالتَّعْزِير لَا يتقادم وَجَاز عَفوه من جَانب الْمَجْنِي عَلَيْهِ عِنْد الطَّحَاوِيّ وَمن جَانب الإِمَام عِنْد غَيره ووفق بِأَن الأول فِي حق العَبْد وَالثَّانِي فِي حق الله تَعَالَى.

ورس

(ورس) الثَّوْب صبغه بالورس
(ورس)
النبت (يرس) وروسا اخضر
ورس:
تورّس: أصفّر، أصبح بلون الورس (معجم مسلم).
ورس: أنظر (ابن البيطار 191:4)؛ (كركم) وزعفران هندي. (بقطر).
ورس = حجر مرار البقر (المستعيني في مادة حجر البقر، ابن البيطار، المجلد الثاني، ص 831).

ورس


وَرِسَ(n. ac. وَرَس)
a. Was moss-grown, slimy.

وَرَّسَa. Dyed yellow.

أَوْرَسَa. Put forth leaves.
b. Was yellow.

وَرْسa. A plant.

وَرْسِيّa. Reddishyellow.

وَرِسa. Red.

وَاْرِسa. see 5
وَرِيْس
وَرِيْسَةa. Dyed yellow.
و ر س : الْوَرْسُ نَبْتٌ أَصْفَرُ يُزْرَعُ بِالْيَمَنِ وَيُصْبَغُ بِهِ وَقِيلَ صِنْفٌ مِنْ الْكُرْكُمِ وَقِيلَ يُشْبِهُهُ وَمِلْحَفَةٌ وَرْسِيَّةٌ مَصْبُوغَةٌ بِالْوَرْسِ وَقَدْ يُقَال مُوَرَّسَةٌ. 
[ورس] نه: فيه: وعليه ملحفة "ورسية"، الورس نبت أصفر يصبغ به، وأورس المكان فهو وارس، وقياسه مورس، الورسية: المصبوغة به. وفيه: فأخرج إليه قدح "ورسى" مفضض، هو المعمول من الخشب النضار الأصفر، فشبه به لصفرته - ومر في ن.
(و ر س) : (مِلْحَفَةٌ مُوَرَّسَةٌ) مَصْبُوغَةٌ بِالْوَرْسِ وَهُوَ صِبْغٌ أَصْفَرُ وَقِيلَ نَبْتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ وَفِي الْقَانُونِ (الْوَرْسُ) شَيْءٌ أَحْمَرُ قَانٍ يُشْبِهُ سَحِيقَ الزَّعْفَرَانِ وَهُوَ مَجْلُوبٌ مِنْ الْيَمَنِ وَيُقَالُ إنَّهُ يَنْحَتُّ مِنْ أَشْجَارِهِ.
و ر س

أورس الرمث: اصفرّ ثمره فهو وارس ومورس. ورداء مورّس، وملاءة مورّسة: مصبوغة بالورس. وقدح ورسيّ: من الأثل. وحمامٌ ورسيّ: أصفر. وزعفران وارس. وصخرة وارسة بالطحلب. قال امرؤ القيس:

وتخطو على صمّ صلابٍ كأنها ... حجارة غيل وارسات بطحلب
و ر س: (الْوَرْسُ) بِوَزْنِ الْفَلْسِ نَبْتٌ أَصْفَرُ يَكُونُ بِالْيَمَنِ تُتَّخَذُ مِنْهُ الْغُمْرَةُ لِلْوَجْهِ، تَقُولُ مِنْهُ: (أَوْرَسَ) الْمَكَانَ فَهُوَ (وَارِسٌ) ، وَلَا يُقَالُ: (مُورِسٌ) ، وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ. وَ (وَرَّسَ) الثَّوْبَ (تَوْرِيسًا) صَبَغَهُ بِالْوَرْسِ. 
[ورس] الوَرْسُ: نبتٌ أصفر يكون باليمن يُتَّخذ منه الغُمْرَةُ للوجه. تقول منه: أوْرَسَ المكانُ. وأوْرَسَ الرِمْثُ، أي اصفرَّ ورقُه بعد الادراك، فصار عليه مثل الملا الصُفْرِ، فهو وارِسٌ ولا يقال مُورِسٌ. وهو من النوادر. ووَرَّسْتُ الثوبَ تَوريساً: صبغته بالوَرْسِ. ومِلْحَفَةٌ وريسة: صبغت بالورس.
ورس
الوَرْسُ: صبْغَ أحْمَرُ وأصْفَرُ. والتَّوْرِيْسُ: فِعْلُه.
والوارِسُ: شَيْء أصْفَرُ لَطْخٌ يَخْرُجُ على الرِّمْثِ، وقد أوْرَسَ الرِّمْثُ فهو مُوْرِسٌ ووارِسٌ. والوَرْسِي من الأقْدَاح: النُّضَارُ الخالِصُ، ومن الحَمَام: ضَرْبٌ يَضْرِبُ لَوْنُه إلى حُمْرَةٍ في صُفرَةٍ.
وجَمَل وارِسُ الخمْرَةِ: أي شَدِيْدُها. ووَرَفَ الصَّخْرَةُ في الماء: رَكِبَها الطحْلُبُ حَتّى تَمْلَاسَّ. وحِجَارَةٌ وارِسَةٌ.
(ورس) - في الحديث: "وعليه مِلْحَفَةٌ وِرْسِيَّة"
الوَرْسُ: صِبغٌ أصْفَر يخرجُ على الرِّمْثِ بين الشِّتاءِ والصَّيفَ؛ وقد أورَسَ الرّمْثُ والمكانُ فهو وارِسٌ. والقياسُ مُوْرِسٌ وقد ورَّسْتُ الثَّوبَ.
قال الجبَّانُ: مِلحفَةٌ وَرْسِيَّةٌ: صُبِغَتْ بالوَرْسِ، قال: ولعَلها اسمٌ غير وَصْفٍ.
- في حديث الحُسَين - رضي الله عنه -: "أنّه اسْتَسْقَى فَأُخرج إليه قَدَحٌ ورْسىٌ مُفَضَّضٌ".
الوَرسىٌ مِن الأقدَاح: النُّضَارُ الخالِصُ الأَصْفَر.
ورس
وَرْس [جمع]: (نت) نبت من الفصيلة القرنيَّة (الفراشيَّة) ينبت في بلاد العرب والحبشة والهند، وثمرتُه قَرْن مُغطًّى عند
 نُضْجه بغُدَدٍ حمراء، كما يوجد عليه زَغَب قليل، يُستعمل لتلوين الملابس الحريريّة؛ لاحتوائه على مادَّة حمراء، وعلى راتينج. 

وَرْسيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى وَرْس.
2 - نَوْعٌ من أجود أقداح الخشب النُّضار الأصفر. 
ور س

الوَرْسُ شيءٌ أصفر مثل المِلاء يخرج على الرِّمْث بين آخر الصيفَ وأول الشتاء قال أبو حَنِيفة الوَرْسُ ليس ببَرِّيٍّ يُزْرعُ سَنَة فيجلسُ عشر سنين أي يقيم في الأرض لا يَتَعَطَّل قال ونباته مثل نبات السّمْسم فإذا جَفَّ عند إدْراكه تفتت خرائطه فينفض فينتفض منه الوَرْس قال وزَعَم بَعْضُ الرُّوَاة الثقَات أنه يقال أورث الرمثُ ووَرَّسَ فهو وارثٌ وقد أَوْرَسَ وهو وارسٌ ولا يقال مورِثٌ وقد جاء في شعر ابن هَرْمَة

(فَكأنَّما خُضِبَتْ بحَمْضٍ مُورِس ... آباطُها من ذِي قُرونٍ أيايَلِ)

وحكى أبو حَنِيفة عن أبِي عمرٍ ووَرَسَ النبتُ ورُوُساً اخْضَرَّ وأنشد

(في وارِسٍ من النَّخِيل قد ذَفِرْ ... )

ذَفِرَ كَثُر لم أَسْمَعْه إلا هاهنا ولا فَسّره غير أبي حَنِيفة وثَوْبٌ وَرِسٌ ووارِسٌ ومُوَرَّسٌ ووَرِيسٌ مَصْبُوغ بالوَرْسِ وأصْفَر وارِسٌ أي شَدِيد الصُّفْرَة بَالَغُوا به كما قالوا أَصْفَر فاقعٌ والوَرْسِيُّ من القِدَاحِ النُّضَار ومن الحمام ما كان أَحْمَر إلى الصُّفْرة ووَرِسَت الصَّخْرةُ إذا رَكبها الطُّحلبُ حتى تَخْضَرّ وتَمْلاسّ قال

(حجارةُ غِيلٍ وارِساتٌ بطُحْلُب ... )

ورس: الوَرْس: شيء أَصفر مثل اللطخ يخرج على الرِّمْثِ بين آخر الصيف

وأَوَّل الشتاء إِذا أَصاب الثوبَ لَوَّنَه. التهذيب: الوَرْس صِبْغ،

والتَّوْرِيس مثله. وقد أَوْرَس الرِّمْثُ، فهو مُورِسٌ، وأَوْرَس المكانُ،

فهو وارِسٌ، والقياس مُورِسٌ. وقال شمر: يقال أَحْنَطَ الرِّمْثُ، فهو

حانِطٌ ومُحْنِطٌ: ابْيَضَّ. الصحاح: الوَرْس نبت أَصفر يكون باليمن تتخذ منه

الغُمْرة للوجه، تقول منه: أَورَس المكان وأَوْرَس الرِّمْث أَي اصفَرَّ

ورقه بعد الإِدراك فصار عليه مثل المُلاء الصفر، فهو وارِس، ولا يقال

مُورِس، وهو من النوادر، ووَرَّست الثوب تَوْريساً: صبغته بالوَرْس،

ومِلْحفة وَرْسِيَّة: صبغت بالوَرْس. وفي الحديث: وعليه ملحفة وَرْسِيَّة؛

والوَرْسِية المصبوغة. وفي حديث الحسين، رضي اللَّه عنه: أَنه اسْتَسْقى

فأُخرج إِليه قَدَح وَرْسِيّ مُفَضَّض؛ هو المعمول من الخشب النُّضار الأَصفر

فشبه به لصفرته. قال أَبو حنيفة: الوَرْس ليس بِبَرِّي يزرع سنة فيجلس

عشر سنين أَي يقيم في الأَرض ولا يتعطل، قال: ونباته مثل نبات السمسم

فإِذا جف عند إِدراكه تفتقت خرائطه فيُنْفض، فيَنْتفض منه الوَرْس، قال: وزعم

بعض الرواة الثقات أَنه يقال مُورِس؛ وقد جاء في شعر ابن هَرْمَة قال:

وكأَنَّما خُضِبَتْ بحَمْضٍ مُورِس،

آباطُها من ذي قُرُونِ أَبايِلِ

وحكى أَبو حنيفة عن أَبي عمرو: وَرَسَ النبت وُرُوساً اخْضَرَّ؛ وأَنشد:

في وارِسٍ من النَّخِيل قد ذَفِر

ذَفِرَ، كَثر. قال ابن سيده: لم أَسمعه إِلا ههنا، قال: ولا فسره غير

أَبي حنيفة.

وثوب وَرِسٌ ووارِس ومُوَرِّسٌ ووَرِيس: مصبوغ بالوَرْس، وأَصْفَر

وارِسٌ أَي شديد الصفرة، بالغوا فيه كما قالوا أَصْفَر فاقِع، والوَرْسِيُّ من

الأَقداح النُّضار: من أَجودها، ومن الحمام ما كان أَحمر إِلى الصفرة.

ووَرِسَت الصخرةٌ إِذا ركبها الطُّحْلب حتى تخضَرَّ وتَمْلاسَّ؛ قال

امرؤ القيس:

ويَخْطُو على صُمٍّ صِلابٍ، كأَنها

حجارة غِيلٍ وارِساتٌ بطُحْلُب

ورس

1 وَرَسَ, inf. n. وُرُوسٌ, It (a plant) became green. (AA, A, Hn, M.) b2: See also 4. b3: وَرِسَ, (M, K,) aor. ـْ (K,) It (a rock, M, K, in water, K) became overspread with [the green substance called] طُحْلُب, so that it became green and smooth. (IDrd, M, K.) b4: See also 4.2 ورّسهُ, inf. n. تَوْرِيسٌ, He dyed it (a garment, or piece of cloth,) with وَرْس, q. v. (S, K.) 4 اورس المَكَانُ The place produced the plant called وَرْس. (S.) b2: اورس الرِّمْثُ The [trees called] رمث produced وَرْس, a thing yellow like the [garments termed] مُلَآء; as also ↓ وَرَسَ: so it is asserted, on trustworthy authority: (M:) or became yellow in their leaves, (S, K,) after attaining to maturity, (S,) and had upon them what was like yellow مُلَآء; (S, K;) and in like manner one says of a place, اورس المَكَانُ: (TA:) or became yellow in its fruit: (A:) b3: اورس الشَّجَرُ The trees put forth leaves; (K;) as also ↓ وَرِسَ. (IKtt.) وَرْسٌ A certain plant, (S, A, Msb, K,) of a yellow colour, (S, Msb,) resembling sesame, (A, K,) with which one dyes, (A, Msb,) and of which is made the [liniment called] غُمْرَة for the face, (S,) existing in El-Yemen, (S, K,) and nowhere else, (K,) being there sown; (Msb;) it is not wild, but is sown one year, and remains ten years, (AHn, M,) or twenty years, (K,) without ceasing to be profitable, resembling sesame in its manner of growth; and when it dries, on its attaining to maturity, its pericarps (خَرَائِط) burst, and it is shaken, and the وَرْس shakes out from it: (AHn, M,) it is useful for the [discolouration of the face termed] كَلَف, used as a liniment; and for the [leprous-like discolouration of the skin termed بَهَق, [prepared] as a drink; and the wearing of a garment dyed with it strengthens the venereal faculty: (K:) or a certain yellow dye: or, as some say, a certain plant, of sweet odour: or, as is said in the قَانُون [of Ibn-Seenà, or Avicenna,] a certain thing of an intensely red colour, resembling powdered saffron, brought from El-Yemen, and said to be scraped or rubbed off, or to fall off, from its trees: (Mgh:) or, as some say, a species of كُرْكُم, q. v.: or, as some say, resembling كُرْكُم: (Msb:) or a certain thing, yellow, like the [garments of the kind called مُلَآء, that comes forth upon the [trees called] رِمْث, between the last part of summer and the first part of winter, (M, TA,) which, when it touches a garment, soils it: (TA:) or it also, sometimes, [accord. to certain persons who seems to misapply the word, is a substance which] pertains to the [trees called] عَرْعَر and رِمْث, and to other trees, above all in Abyssinia; but this is inferior to that first mentioned (K, TA) in virtue and properties: as to that of the عرعر, it is found between its rind and the main substance, when it dries up; and when it is rubbed, it rubs off; and there is no good in it; but ورس [properly so called] is adulterated with it: and as to that of the رمث, when it is the end of summer, and it has attained its utmost state, it becomes intensely yellow, so that what envelops it becomes yellow, and with this also one adulterates: so says AHn: (TA:) ورس is called in Persian اسپرك [إِسْپَرِكْ]; and in Turkish, آلاجهره. (TK.) [Freytag adds to what he has given on this word from the K, S, TK. as follows: “ Memecylon tinctorium. Sprengel. hist. med., t. ii., p. 444, ed. tert. (ubi ورز scriptum est). Spreng. hist. rei herb., t. i., p. 258.

Avicenn. p. 165 ”]

وَرِسٌ: see وَرِيسٌ.

وَرْسِىٌّ A yellow bowl: (A:) or a bowl made of نُضَار, (M,) which is a yellow wood: (TA:) or of the best kind of those made of نُضَار. (Lth, K.) b2: A pigeon that is red inclining to yellowness: (M:) or a pigeon inclining to redness and yellowness. (K.) b3: See also وَرِيسٌ.

وَرِيسٌ A garment dyed with وَرْس; as also ↓ وَرِسٌ and ↓ وَارِسٌ (M) and ↓ مُوَرَّسٌ. (M, A.) You say, مَلْحَفَةٌ وِرِيسَةٌ, (so in some copies of the S and K) or ↓ وَرْسِيَّةٌ, (as in other copies of the S and K, and thus in a copy of the Msb,) [An outer wrapping garment] dyed with وس; (S, Msb, K;) i. q. ↓ مُوَرَّسَةٌ; (K;) which latter epithet is sometimes used. (Msb.) b2: See also وَارِسٌ.

وَارِسٌ applied to a place [Producing the plant called وَرْس]. (TA.) b2: Applied to a tree of the kind called رِمْث, Producing وَرْس, a thing yellow like the [garments termed] مُلَآء: (M:) or becoming yellow in the leaves, (S, K,) after attaining to maturity, (S,) and having upon it what is like yellow مُلَآءُ: (S, K:) or becoming yellow in its fruit: (A:) or, app., having وَرْس, like as تَامِرٌ signifies “ possessing dates; ” (AHn;) and ↓ وَرِيسٌ likewise has the last of these significations: (TA:) ↓ مُورِسٌ also signifies the same as وَارِسٌ, applied to a tree of the kind abovementioned; (A, K;) but is very rare, though agreeable with analogy: (K:) it is said (M) one should not say مُوْرِسٌ; (S, M;) but it occurs in a poem of Ibn-Harmeh. (M.) b3: Applied to a tree [of any other kind], Putting forth leaves. (TA.) b4: Applied to a plant, Becoming green. (M.) You say also, صَخْرَةٌ وَارِسَةٌ بِالطُّحْلُبِ, A rock overspread with the green substance called طحلب, so that it is green and smooth: see 1]. (A.) b5: It also denotes intenseness of colour, in the phrase أَصْفَرُ وَارِسٌ Yellow intensely bright. (M.) And [in like manner] you say, جَمَلٌ وَارِسُ الحُمْرَةِ A camel intensely red. (Sgh.) and زَعْفَرَانٌ وَارِسٌ [app., Bright-coloured saffron]. (A.) See also وَرِيسٌ.

مُورِسٌ: see وَارِسٌ.

مُوَرَّسٌ: see وَرِيسٌ, in two places.
ورس
.} الوَرْسُ: نَبَاتٌ، كالسِّمْسِمِ،وَقَالَ اللَّيْث: {- الوَرْسِيُّ: من أَجْوَدِ أَقْدَاحِ النُّضَارِ، وَمِنْه حديثُ الحُسَيْنِ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنهُ، أَنّه اسْتَسْقَى فأُخْرِجَ إِلَيْهِ قَدَحٌ وَرْسِيُّ مُفَضَّضٌ،)
وَهُوَ المَعْمُول من خَشَبِ النُّضَارِ الأَصْفَر، فشُبِّه بِهِ لصُفْرَتِه. وَقَالَ ابنُ دُرَيْد:} وَرِسَت الصَّخْرَةُ فِي الماءِ، كوَجِلَ: رَكِبهَا الطُّحْلُبُ حَتَّى تَخْضَارَّ وتَمْلاسَّ، وأَنْشد لامْرِئ القَيْسِ:
(ويَخْطُو على صُمٍّ صِلاَبٍ كأَنَّهَا ... حِجَارَةُ غَيْلٍ {وَارِسَاتٌ بطُحْلُبِ)
وَ} أَوْرَسَ الرِّمْثُ، وَهُوَ {وَارِسٌ،} ومُورِسٌ قليلٌ جِدّاً، وَقد جاءَ فِي شِعْرِ ابْن هَرْمَةَ:
(وكأَنَّمَا خُضِبَتْ بحَمْضٍ {مُورِسٍ ... آبَاطُهَا مِنْ ذِي قُرُونِ أَيَايِلِ)
كَذَا زَعَمَهُ بعضُ الرُّواةِ الثِّقَاتِ، وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفِ، وَإِن كانَ القِيَاسَ، ووَهِمَ الجَوْهَرِيُّ، ونَصُّه: فهُوَ وَارِسٌ، وَلَا تَقُل مُورِس، وهُوَ من النّوادرِ، وَفِي بعضِ نُسَخِه: وَلَا يُقَال مُورِسٌ، فكأَنّ الوَهَمَ إِنكارُه} مُوْرِساً، والقِيَاسُ يَقْتَضِيه، وأَنّه لَا يُقَالُ مثْل هَذَا فِي شَيْءٍ، وَهُوَ مُخَالِفٌ للقِياس: اصْفَرَّ وَرَقُه بَعْدَ الإِدْرَاكِ فصارَ عَلَيْهِ مِثْلُ المُلاَءِ الصُّفْرِ. وكَذا {أَوْرَسَ المَكَانُ، فَهُوَ} وَارِسٌ وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَال: أَحْنَطَ الرِّمْثُ، فَهُوَ حانِطٌ ومُحْنِطٌ: ابْيَضَّ، قَالَ الدِّينَوَرِيّ: كأَنَّ المُرَادَ {بوَارِسٍ أَنّه ذُو} وَرْسٍ، كتَامِرٍ فِي ذِي التَّمْرِ. وَقَالَهُ الأَصْمَعِيّ: أَبْقَلَ المَوْضِعُ، فَهُوَ باقِلٌ، {وأَوْرَسَ الشّجَرُ فَهُوَ} وَارِسٌ، إِذا أَوْرَقَ ولَمْ يُعْرَفِ غيرُهما، ورُوى ذلِكَ عَن الثِّقَةِ. وقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: بَلَدٌ عاشِبٌ لَا يَقُولُونَ إلاّ أَعْشَبَ، فيقولونَ فِي النعْتِ على فَاعِلٍ، وَفِي الفِعْلِ علَى أَفْعَلَ، هكَذَا تَكَلَّمَت بِهِ العربُ، كَمَا فِي العُباب. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ. {وَرَسَ النَّبْتُ} وُرُوساً: اخْضَرَّ، حَكَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ، رَحِمَــهُ اللهُ تعالَى، عَن أَبي عَمْرٍ و، وأَنشد: فِي وَارِسٍ من النَّجِيلِ قد ذَفِرْ. ذَفِرَ أَي كَثُر، قَالَ ابنُ سِيدَه: لمْ أَسْمَعْه إلاّ هَا هُنَا، قَالَ: وَلَا فَسَّره غيرُ أَبي حَنِيفَة، رَحمَــه الله. {ووَرِسَ الشَّجَرُ: أَوْرَقَ، لغةٌ فِي} أَوْرَسَ، نَقله ابنُ القَطّاع. وثَوْبٌ {وَرِسٌ، ككَتِفٍ،} ووَارِسٌ، {ومُورِسٌ،} ووَرِيسٌ: مَصْبُوغ {بالوَرْسِ. وأَصْفَرُ} وَارِسٌ، أَيّ شَدِيدُ الصُّفْرَة، بالَغُوا فِيهِ، كَمَا قَالُوا: أَصْفَرُ فاقعٌ. وجَمَلٌ وَارِسُ الحُمْرَةِ، أَي شَدِيدُهَا، وهذِهِ عَن الصّاغانِيّ. ورِمْثٌ {وَرِيسٌ: ذُو وَرْسٍ، قَالَ عبدُ اللهِ بنُ سُلَيْم:
(فِي مُرْتعَاتٍ رَوَّحَتْ صَفَريَّةٍ ... بنَوَاضِحٍ يَفْطُرْنَ غَيْرَ} وَرِيسِ)
ورس
الوَرْسُ: يُزْرَع باليَمَنْ زَرْعاً، ولا يَمون بِغَيْر اليَمَن، ولا يكون منه شَيْءٌ بَرِّيّاً، ونَباتُه مثل نبات السِّمْسِم، فإذا جَفَّ عِنْدَ إدراكِهِ تَفَتَّقَتْ سَنِفَتُه وهي خَرائِطُه وأكِمَّتُه، فَتُنْفَضُ فَيَنْتَفِضُ منها الوَرْسُ، ويُزْرَعُ سَنَةً فَيَجْلِسُ عَشْرَ سِنين؛ أي يُقيم في الأرضِ يُنْبِت ويُثمِر. ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلّم - أنَّه قال: لا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القَمِيْصَ ولا العِمَامَةَ ولا البُرْنُسَ ولا السَّرَاوِيْلَ ولا ثَوْباً مَسَّهُ وَرْسٌ ولا زَعْفَرَان؛ ولا الخُفَّيْنِ إلاّ ألاّ يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُما حتى يَكونا أسْفَلَ من الكَعْبَيْنِ. وقال العجّاج يصف جَمَلاً:
يَصْفَرُّ لليُبْسِ اصْفِرارَ الوَرْسِ ... من عَرَقِ النَّضْحِ عَصِيْمُ الدَّرْسِ
وقال الدِّيْنَوَريّ: للعَرْعَرِ وَرْسٌ، ولا يكون إلاّ في عَرْعَرَةٍ جَفَّتْ من ذاتِها، فَيوجدُ بَيْنَ لِحائها والصَّمِيْمِ وَرْسٌ، إذا فُرِكَ انْفَرَكَ، ولا خَيْرَ فيه، ولكن يُغَشُّ به الوَرْسُ.
قال: وللرِّمْثِ وَرْسٌ، وذلك أنَّه إذا كان في آخِرِ الصَّيْفِ وانْتهى مُنَتَهاه اصْفَرَّ صُفْرَةً شَديدَةً حتى يَصْفَرُّ منه ما لابَسَهُ. ورِمْثٌ وَرِيْسٌ: أي ذو وَرَسٍ، قال عبد الله بن سَلَمَة - وقيل: سُلَيْمَة، وقيل: سُلَيْم - وهذا أصَح: في مُرْبِلاتٍ رَوَّحَت صَفَرِيَّة ... بِنَواضِحٍ يقطرنَ غَيْرَ وَرِيْسِ
ووَرْسُ: اسم عَنْزٍ كانت غَزيرَة.
وجَمَلٌ وارِسٌ: شديد الحُمْرَة.
وقال الليث: الوَرْسِيُّ من أقداح النُّضَارِ: من أجْوَدِها. وفي الحديث: أنَّ الحُسَيْنَ - رضي الله عنه - مرَّ بِدارٍ فاسْتَسْقى فَخَرَجَ إليهِ رَجُلٌ بِقَدَحٍ وَرْسِيٍّ مُفَضَّضْ فَشَرِبَ فيه.
والوَرْسِيُّ مِنَ الحَمام: ضَرْبٌ يَضْرِبُ لَونُه إلى حُمْرَةٍ وصُفْرَةٍ.
وقال ابن دريد: وَرِسَت الصَّخْرَةُ - بالكسر - في الماءِ: إذا رَكِبَها الطُّحْلُب حتى تَخْضَارَّ وتَمْلاسَّ، وأنشد لامْرئ القيس:
وتَخْطو على صُمٍّ صِلاَبٍ كأنّها ... حِجَارَةُ غِيْلٍ وارِساتٌ بِطُحْلُبِ
وإسْحاق بن إبراهيم بن أبي الوَرْسِ الغَزِّيُّ: من أصحاب الحديث.
وأوْرَسَ الرِّمْثُ: إذا اصْفَرَّ وَرَقُه بعدَ الإدْراك؛ فَصَارَ عليه مثل المُلاءِ الصُّفْرِ، فهوَ وارِس، ولا يُقال مورِس، وهو من النَّوادِر. وقال الدِّيْنَوَري: لم يَقولوا وَرَسَ كما لم يَقولوا مُوْرِسٌ، وكأنَّ المُرَادَ بِوارِسٍ أنَّه ذو وَرْسٍ، كما قالوا تامِر في ذي التَّمْرِ، وإنَّما يُوْرِسُ إذا بَلَغَ نِهايَتَه قال: وقال الأصمعيّ: أبْقَلَ المَوْضِعُ فَهوَ باقِل، وأوْرَسَ الشَّجَرُ فَهوَ وارِس: إذا أوْرَقَ، ولم يُعْرَف غَيْرُهما، روى ذلك عنه الثِّقَة. وزَعَمَ بعضُ الرُّواةِ أنَّه يقال أوْرَسَ فهو مُوْرِسٌ، وهذا غيرُ مَعروف وإنَّما هو قِيَاسٌ. قال: وقال بعض الرُّواةِ الثِّقَلتِ: وَرَسَ فهوَ وارِس. قال أبو عَبَيْدَة: بَلَدٌ عاشِب؛ ولا يقولونَ إلاّ أعْشَبَ، فَيَقولونَ في النَّعْتِ على فَعَلَ وفي الفِعْلِ على أفْعَلَ، هكذا تَكَلَّمَتْ بِهِ العَرَبُ.
وَوَرَّسْتُ الثَّوْبَ تَوْرِيْساً: صَبَغْته بالوَرْسِ.

الله

الله
صور القرآن الله المثل الأعلى في جميع صفات الكمال، فهو السميع الخبير، على كل شىء قدير، غفور رحيم، عزيز حكيم، حى قيوم، واسع عليم، بصير بالعباد، يحب المحسنين والصابرين، ولا يحب الظالمين، ويمحق الكافرين، غنى حميد، واحد قهار، نور السموات والأرض، قوى، شديد العقاب، خالق كل شىء، لا إله إلا هو، على كلّ شىء شهيد، عالم الغيب والشهادة، هو الــرحمــن الرحيم، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، الخالق البارئ المصور، له الأسماء الحسنى، يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، الأول والآخر، والظاهر والباطن، الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، سريع الحساب، غنى عن العالمين، عليم بذات الصدور، بكل شىء محيط، علىّ كبير، عفو غفور، شاكر حليم، ليس بظلام للعبيد، يجزى المتصدقين، ولا يهدى كيد الخائنين، لا يخلف الميعاد، عزيز ذو انتقام، خير الرازقين، لطيف خبير، ذو القوة المتين. أوليس من يتصف بهذه الصفات المثالية جديرا بالعبادة والتقديس، وألا يتخذ له شريك، ولا من دونه إله.
ومن بين ما عنى القرآن به أكبر عناية إبراز صفة الإنعام التى يتصف بها الله سبحانه؛ فيوجه أنظارهم إلى النعمة الكبرى التى أودعها قلوبهم وهى نعمة الهدوء والسكينة يحسون بها، عند ما يعودون إلى بيوتهم، مكدودين منهوكى القوى، وإلى هدايتهم إلى بناء بيوت من جلود الأنعام، يجدونها خفيفة المحمل في الظعن
والإقامة، وإلى اتخاذ أثاثهم وأمتعتهم من أصوافها وأوبارها، وإلى نعمة الظل يجدون عنده الأمن والاستقرار، وإن للشمس وحرارتها لوقعا مؤلما في النفوس وعلى الأجسام، ومن أجمل وسائل الاستتار هذه الثياب تقى صاحبها الحر، وبها تتم نعمة الله، فيقول: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (النحل 79 - 81).
ويوجه أنظارهم إلى ما في خلق الزوج من نعمة تسكن إليها النفس، وتجد في ظلها الــرحمــة والمودة، فيقول: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَــرَحْمَــةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم 21). وهو الذى يرزقهم، ويرزق ما على الأرض من دواب، لا تستطيع أن تتكفل برزق نفسها، وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (العنكبوت 60). وينبههم إلى ما في اختلاف الليل والنهار من تجديد النشاط للجسم، وبعث القوة في الأحياء وما في الفلك المسخرة تنقل المتاجر فوق سطح البحر، فتنفع الناس، وفي الماء ينزل من السماء فيحيى الأرض بعد موتها، وفي الرياح تحمل السحاب المسخر بين السماء والأرض، ينبههم إلى نفع ذلك كله فيقول: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (البقرة 164). ويسأل عمن يلجئون إليه، حين يملأ قلبهم الرعب من ظلمة البر البحر، أليس الله هو الذى ينجيهم منه ومن كل كرب، فيقول:
قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (الأنعام 63 - 64).
ويحدثهم عن نعمة تبادل الليل والنهار، وعما خلق له الليل من نعمة الهدوء والسكون، وعن الشمس والقمر يجريان في دقة ونظام، فيحسب الناس بهما حياتهم، وينظمون أعمالهم، وعن النجوم في السماء تزينها كمصابيح، ويهتدى بها السائر في ظلمات البر والبحر، وعن المطر ينزل من السماء، فتحيا به الأرض وتنبت به الجنات اليانعة، ذات الثمار المشتبهة وغير المشتبهة، وكان للمطر في الحياة العربية قدره وأثره، فعليه حياتهم، فلا جرم أكثر القرآن من الحديث عنه نعمة من أجلّ نعمه عليهم، فيقول: فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الأنعام 96 - 99)، وتحدث عن هذه النعم نفسها مرارا أخرى كقوله:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (إبراهيم 32 - 34). وتحدث إليهم عما أنعم به عليهم من أنعام، فيها دفء ومنافع، وجمال، وعاد فذكرهم بنعمة المطر وإنباته الزرع، وخص البحر بالحديث عن تسخيره، وما نستخرجه منه من اللحم والحلى، وما يجرى فوقه من فلك تمخر عبابه، فقال: وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام 5 - 18)، وللأنعام في حياة العرب بالبادية ما يستحق أن يذكروا به، وأن يسجل فضله عليهم بها. ويوجه القرآن نظرهم إلى خلقهم وما منحهم الله من نعمة السمع والبصر والعقل، فيقول: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ (الملك 23). وكثيرا ما امتنّ عليهم بنعمة الرزق، فيقرّرها مرة، ويقررهم بها أخرى، فيقول حينا: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (غافر 64). ويقول حينا: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (يونس 31). ويسترعى انتباههم إلى طعامهم الذى هو من فيض فضله، فيقول: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وَأَبًّا مَتاعاً
لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ
(عبس 24 - 32).
وإن في إكثار القرآن من الحديث عن هذه النعم، وتوجيه أنظارهم إليها، وتقريرهم بها، ما يدفعهم إلى التفكير في مصدرها، وأنه جدير بالعبادة، وما يثير في أنفسهم شكرها وتقديس بارئها، ولا سيما أن تلك النعم ليست في طاقة بشر، وأنها باعترافهم أنفسهم من خلق العلىّ القدير. وهكذا يتكئ القرآن على عاطفة إنسانية يثيرها، لتدفع صاحبها عن طريق الإعجاب حينا، والاعتراف بالجميل حينا، إلى الإيمان بالله وإجلاله وتقديسه. كما أن ذلك الوصف يبعث في النفس حب الله المنعم، فتكون عبادته منبعثة عن حبه وشكر أياديه.
ومما عنى القرآن بإبرازه من صفات الله وحدانيته، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، وقد أبرز القرآن في صورة قاطعة أنه لا يقبل الشرك ولا يغفره: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (النساء 48)؛ ويعد الإشراك رجسا فيقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا (التوبة 28).
أوليس في هذا التصوير ما يبعث في النفس النفور منه والاشمئزاز؟!
والقرآن يعرض لجميع ألوان الإشراك، فيدحضها ويهدمها من أساسها، فعرض لفكرة اتخاذ ولد، فحدثنا في صراحة عن أنه ليس في حاجة إلى هذا الولد، يعينه أو يساعده، فكل من في الوجود خاضع لأمره، لا يلبث أن ينقاد إذا دعى، وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (البقرة 116، 117). وحينا يدفع ذلك دفعا طبيعيا بأن الولد لا يكون إلا إذا كان ثمة له زوجة تلد، أما وقد خلق كل شىء، فليس ما يزعمونه ولدا سوى خلق ممن خلق:
بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (الأنعام 101، 102).
ويعرض مرة أخرى لهذه الدعوى، فيقرر غناه عن هذا الولد، ولم يحتاج إليه، وله ما في السموات وما في الأرض، فيقول: قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (يونس 68 - 70). ويعجب القرآن كيف يخيل للمشركين عقولهم أن يخصوا أنفسهم بالبنين ويجعلوا البنات لله، فيقول:
أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً (الإسراء 40).
ويصور القرآن- فى أقوى صور التعبير- موقف الطبيعة الساخطة المستعظمة نسبة الولد إلى الله، فتكاد- لشدة غضبها- أن تنفجر غيظا، وتنشق ثورة، وتخر الراسيات لهول هذا الافتراء، وضخامة هذا الكذب، وأصغ إلى تصوير هذا الغضب فى قوله: وَقالُوا اتَّخَذَ الــرَّحْمــنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلــرَّحْمــنِ وَلَداً (مريم 88 - 91). أما هؤلاء الذين دعوهم أبناء الله، فليسوا سوى عباد مكرمين، خاضعين لأمره، ولن يجرؤ واحد منهم على ادعاء الألوهية، أما من تجرأ منهم على تلك الدعوى فجزاؤه جهنم، لأنه ظالم مبين، وهل هناك أقوى في هدم الدعوى من اعترف هؤلاء العباد أنفسهم الذين يدعونهم أبناء، بأنهم ليسوا سوى عبيد خاضعين، ومن جرؤ منهم على دعوى الألوهية كان جزاؤه عذاب جهنم خالدا فيها، قال تعالى: وَقالُوا اتَّخَذَ الــرَّحْمــنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (الأنبياء 26 - 29).
وعلى هذا النسق نفسه جرى في الرد على من زعم ألوهية المسيح، فقد جعل المسيح نفسه يتبرأ من ذلك وينفيه، إذ قال: وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (المائدة 116، 117).
وتعرض القرآن مرارا لدعوى ألوهية عيسى، وقوض هذه الدعوى من أساسها بأن هذا المسيح الذى يزعمونه إلها، ليس لديه قدرة يدفع بها عن نفسه إن أراد الله أن يهلكه، وأنه لا امتياز له على سائر المخلوقات، بل هو خاضع لأمره، مقر بأنه ليس سوى عبد الله، وليس المسيح وأمه سوى بشرين يتبوّلان ويتبرّزان، أو تقبل الفطرة الإنسانية السليمة أن تتخذ لها إلها هذا شأنه، لا يتميز عن الناس في شىء، ولا يملك لهم شيئا من الضر ولا النفع، ولننصت إلى القرآن مهاجما دعوى ألوهية عيسى قائلا: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (المائدة 17). لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(المائدة 72 - 76).
وإن الغريزة لتنأى عن عبادة من لا يملك الضرر ولا النفع. وتأمل جمال الكناية في قوله: يَأْكُلانِ الطَّعامَ. والمسيح مقر- كما رأيت- بعبوديته ولا يستنكف أن يكون لله عبدا، لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (النساء 172).
وهاجم القرآن بكل قوة الإشراك بالله، وهو يهاجم ببلاغته العقل والوجدان معا فيأخذ في نقاش المشركين، ليصلوا إلى الحق بأنفسهم، ويلزمهم الحجة، ويقودهم إلى الصواب، فيسألهم عمن يرزقهم، ومن يملك سمعهم وأبصارهم، ومن يخرج الحى من الميت، ويخرج الميت من الحى، ومن يدبر أمر العالم، ومن يبدأ الخلق ثمّ يعيده، ومن يهدى إلى الحق، وإذا كان المشركون أنفسهم يعترفون بأن ذلك إنما هو من أفعال الله، فما قيمة هؤلاء الشركاء إذا، وما معنى إشراكهم لله في العبادة، أو ليس من يهدى إلى الحق جديرا بأن يعبد ويتّبع، أما من لا يهتدى إلا إذا اقتيد فمن الظلم عبادته، ومن الجهل اتباعه، وليست عبادة هؤلاء الشركاء سوى جرى وراءه وهم لا يغنى من الحق شيئا، وتأمل جمال هذا النقاش الذى يثير التفكير والوجدان معا: يثير التفكير بقضاياه، ويثير الوجدان بهذا التساؤل عن الجدير بالاتباع، وتصويره المشرك، مصروفا عن الحق، مأفوكا، ظالما، يتبع الظن الذى لا يغنى عن الحق شيئا، وذلك حين يقول: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (يونس 31 - 36). وفي التحدث إليهم عن الرزق، وهدايتهم إلى الحق، ما يثير في أنفسهم عبادة هذا الذى يمدهم بالرزق، ويهديهم إلى الحق، واستمع إلى هذا النقاش الذى يحدثهم فيه عن نعمه عليهم، متسائلا:
أله شريك في هذه النعم التى أسداها، وإذا لم يكن له شريك فيما أسدى، فكيف يشرك به غيره في العبادة؟ فقال مرة: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَــتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (النمل 59 - 71). أو ليس في إنبات الحدائق ذات البهجة، وتسيير الأنهار خلال الأرض، وإجابة المضطر إذا دعا، وكشف السوء، وجعلهم خلفاء الأرض، ما يبعث الابتهاج في النفس، والحب لله، ويدفع إلى عبادته وتوحيده ما دام هو الملجأ في الشدائد، والهادى في ظلمات البر والبحر، ومرسل الرياح بشرا بين يدى رحمــته؟ ومرة يسائلهم قائلا: وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَــتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (القصص 70 - 73). أوليس في الليل السرمد والنهار السرمد ما يبعث الخوف في النفس، والحب لمن جعل الليل والنهار خلفة؟!
وكثيرا ما تعجب القرآن من عبادتهم ما لا يضر ولا ينفع. والقرآن يبعث الخوف من سوء مصير هؤلاء المشركين يوم القيامة، فمرة يصورهم محاولين ستر جريمتهم بإنكارهم، حين لا يجدون لها سندا من الحق والواقع، فيقول:
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (يونس 22 - 24).
وحينا يصورهم، وقد تبرأ شركاؤهم من عبادتهم، فحبطت أعمالهم، وضل سعيهم، وذلك حين يقول: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (يونس 28 - 30).
وحينا يصورهم هلكى في أشد صور الهلاك وأفتكها، إذ يقول: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (الحج 31). أما المصير المنتظر لمن يشرك بالله فأن يلقى في جهنم ملوما مدحورا.
ومن أبرز صفات الله في القرآن قدرته، يوجّه النظر إلى مظاهرها، ويأخذ بيدهم ليدركوا آثار هذه القدرة، مبثوثة في أرجاء الكون وفي أنفسهم، فهذه الأرض هو الذى بسطها فراشا، وتلك السماء رفعها بناء، وهذه الجبال بثها في الأرض أوتادا، وهذه الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ووجه النظر إلى هذه الحبوب فلقها بقدرته، كما فلق النوى ليخرج منه النخل باسقات، ويوجه أنظارهم إلى ألوان المخلوقات وأنواعها وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (النور 45). وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَــرَحْمَــةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (الروم 20 - 25). خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (لقمان 10). ويوجّه النظر إلى توالى الليل والنهار، وتسخير الشمس والقمر، فيقول: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (لقمان 29، 30)؛ وكرر ذلك مرارا عدة، كقوله: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ (ق 6 - 11).
ويوجّه أنظارهم إلى قدرته في خلقهم، إذ يقول: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (آل عمران 6). ويقول: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (الزمر 6).
صوّر القرآن قدرة الله الباهرة التى لا يعجزها شىء، والتى يستجيب لأمرها كل شىء، بهذا التّصوير البارع إذ قال: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (يس 82).
ولما وجّه النظر إلى مظاهر قدرته، اتخذ ذلك ذريعة إلى إقناعهم بأمر البعث، فحينا يتساءل أمن خلق السموات والأرض، ولم يجد مشقة في خلقها يعجز عن إحياء الموتى، فيقول: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الأحقاف 33). ويقرر أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (غافر 57). ولذا صح هذا التساؤل ليقروا: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها وَالْجِبالَ أَرْساها مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (النازعات 27 - 33). وسوف نكمل الحديث عن ذلك في فصل اليوم الآخر.
ومن أظهر صفات الله في القرآن علمه، وإحاطة علمه بكل شىء في الأرض وفي السماء وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (يونس 61). ويقول على لسان لقمان لابنه: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (لقمان 16). أرأيت هذا التصوير المؤثر لإحاطة علم الله بكل شىء، فلا يغيب عنه موضع ذرّة بين طيات صخرة أو في طبقات السموات، أو في أعماق الأرض، ويعلم الله الغيب، ومن ذلك ما يرونه بأعينهم في كل يوم من أمور غيبيّة، يدركون أنها مستورة عليهم، مع قرب بعضها منهم، إذ يقول: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (لقمان 34). وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (طه 7). واقرأ هذا التصوير الشامل لعلمه في قوله: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (الأنعام 59). وهكذا يصور القرآن شمول علم الله تصويرا ملموسا محسا.
ومن أظهر صفاته كذلك شدة قربه إلى الناس، ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (المجادلة 7). وأمر الرسول بأن يخبر الناس بقربه، يسمعهم ويصغى إليهم إذا دعوا، فقال: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (البقرة 186). ولا يستطيع فرد أن يعيش بعيدا عن عينه، يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (الحديد 4). بل هو أقرب شىء إلى الإنسان، يعلم خلجات نفسه، ويدرك أسراره وخواطره لا يغيب عنه منها شىء، وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (ق 16).
والعدل، وقد أطال القرآن في تأكيد هذه الصفة، وأكثر من تكريرها، فكل إنسان مجزى بعمله وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (غافر 31). مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (فصلت 146). ويقرر في صراحة إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (يونس 44). وإِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ (النساء 40).
وإن في تقرير هذه الصفات وتأكيدها لدفعا للمرء إلى التفكير قبل العمل، كى لا يغضب الله العالم بكل صغيرة وكبيرة تصدر منه، والقريب إليه قربا لا قرب أشد منه، وفي تأكيد صفتى العلم والقرب ما يبعث الخجل في الإنسان من أن يعمل ما يغضب الله وما حرمه، وفي تأكيد صفة العدل ما يبعث على محاسبة النفس لأن الخير سيعود إليها ثوابه، والشر سيرجع عليها عقابه.
وكان وصف القرآن لله بالــرحمــة والرأفة والحلم والغفران والشكر، أكثر من وصفه بالانتقام وشدّة العذاب، بل هو عند ما يوصف بهما، تذكر إلى جانبهما أحيانا صفات الــرحمــة؛ فكثيرا ما يكرر القرآن معنى قوله: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (البقرة 143). وقوله: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (النساء 110). وأكّد هذا الوصف حتى قال: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الــرَّحْمَــةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام 54). وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (المؤمنون 118). أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْــنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (الأعراف 155). ويفتح باب رحمــته وغفرانه، حتى لمن أسرف ولج في العصيان، إذ يقول: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَــةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر 53). وبذلك كانت الصورة التى رسمها القرآن مليئة بالأمل والرجاء، تحيى في النفس التفاؤل، كما أن كثرة وصفه بالــرحمــة وأخواتها، تجعل عبادة الله منبعثة عن الحب، أكثر منها منبعثة عن الرهبة والخوف، ولكن لما كان كثير من النفوس يخضع بالرهبة دون الرغبة وصف القرآن الله بالعزة والانتقام وشدة العذاب، يقرن ذلك بوصفه بالــرحمــة حينا، ولا يقرنها بها حينا آخر، فيقول مرة: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (المائدة 98). غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ (غافر 3). إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (فصلت 43). ويقول أخرى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (الحشر 7). عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (المائدة 95). إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (آل عمران 4). وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (الزمر 37). وبرغم وصفه بالعزّة والانتقام والجبروت كانت الصفة الغالبة في القرآن هى الإنعام والــرحمــة والتّفضّل وأنه الملجأ والوزر، يجيب المضطرّ إذا دعاه، ويكشف السوء، وينجّى في ظلمات البرّ والبحر، فهى صورة محبّبة إلى النفوس، تدفع إلى العبادة، عبادة من هو جدير بها، لكثرة فضله وخيره وإنعامه.
وأفحم القرآن من ادّعى الألوهية من البشر إفحاما لا مخلص له منه، وذلك في الحديث الذى دار بين إبراهيم وهذا الملك الذى ادعى أنه إله، إذ يقول: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (البقرة 258).
وأرشد القرآن إلى أن العقل السليم والفطرة المستقيمة يرشدان إلى وجود الله ويدلّان على وحدانيته، فهذا إبراهيم قد وجد قومه يتخذون أصناما آلهة، فلم ترقه عبادتهم، فمضى إلى الكون يلتمس إلهه، فلما رأى نورا يشع ليلا من كوكب في الأفق ظنه إلها، ولكنه لم يلبث أن رآه قد أفل، فأنكر على نفسه اتخاذ كوكب يأفل إلها، إذ الإله يجب أن يكون ذا عين لا تغفل ولا تنام، وهكذا أعجب بالقمر، واستعظم الشمس، ولكنهما قد مضيا آفلين، فأدرك إبراهيم أن ليس في كل هؤلاء من يستحق عبادة ولا تقديسا، وأنّ الله الحق هو الذى فطر السموات والأرض، واستمع إلى القرآن يصوّر تأمل إبراهيم في قوله: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام 74 - 79).
كان الإيمان بالله ووحدانيته، أساس الدين الإسلامى، وقد رأينا كيف عنى القرآن بإبراز صفاته التى تتصل بالإنسان خالقا له، ومنعما عليه، وعالما بكل صغيرة وكبيرة تصدر منه، وقريبا منه أقرب إليه من حبل الوريد، ورحيما به، عادلا لا يظلمه، ولا يغبنه، يهبه الرزق، ويمنحه الخير، ويجيبه إذا دعاه. أو ليس من له هذه الصفات الكاملة جديرا من الناس بالعبادة والتقديس والتنزيه عن النقص والإشراك؟
الله: علم دَال على الْإِلَه الْحق دلَالَة جَامِعَة لمعاني الْأَسْمَاء الْحسنى كلهَا وَقد مر تَحْقِيقه فِي أول الْكتاب تبركا وتيمنا.
الله: وَإِنَّمَا افتتحت بِهَذِهِ الْكَلِمَة المكرمة المعظمة مَعَ أَن لَهَا مقَاما آخر بِحَسب رِعَايَة الْحَرْف الثَّانِي تيمنا وتبركا وَهَذَا هُوَ الْوَجْه للإتيان بعد هَذَا بِلَفْظ الأحمد وَالْأَصْحَاب وَاعْلَم أَنه لَا اخْتِلَاف فِي أَن لفظ الله لَا يُطلق إِلَّا عَلَيْهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي أَنه إِمَّا علم لذات الْوَاجِب تَعَالَى الْمَخْصُوص الْمُتَعَيّن أَو وصف من أَوْصَافه تَعَالَى فَمن ذهب إِلَى الأول قَالَ إِنَّه علم للذات الْوَاجِب الْوُجُود المستجمع للصفات الْكَامِلَة. وَاسْتدلَّ بِأَنَّهُ يُوصف وَلَا يُوصف بِهِ وَبِأَنَّهُ لَا بُد لَهُ تَعَالَى من اسْم يجْرِي عَلَيْهِ صِفَاته وَلَا يصلح مِمَّا يُطلق عَلَيْهِ سواهُ. وَبِأَنَّهُ لَو لم يكن علما لم يفد قَول لَا إِلَه إِلَّا الله التَّوْحِيد أصلا لِأَنَّهُ عبارَة عَن حصر الألوهية فِي ذَاته المشخص الْمُقَدّس. وَاعْترض عَلَيْهِ الْفَاضِل المدقق عِصَام الدّين رَحمَــه الله بِأَنَّهُ كَيفَ جعل الله علما شخصيا لَهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يتَحَقَّق إِلَّا بعد حُصُول الشَّيْء وحضوره فِي أذهاننا أَو القوى المثالية والوهمية لنا أَلا ترى أَنا إِذا جعلنَا العنقاء علما لطائر مَخْصُوص تصورناه بِصُورَة مشخصة بِحَيْثُ لَا يتَصَوَّر الشّركَة فِيهَا وَلَو بالمثال وَالْفَرْض وَهَذَا لَا يجوز فِي ذَاته تَعَالَى الله علوا كَبِيرا. فَإِن قلت وَاضع اللُّغَة هُوَ الله تَعَالَى فَهُوَ يعلم ذَاته بِذَاتِهِ وَوضع لفظ الله لذاته الْمُقَدّس، قلت هَذَا لَا يُفِيد فِيمَا نَحن فِيهِ لِأَن التَّوْحِيد أَن يحصل من قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله حصر الألوهية فِي عقولنا فِي ذَاته المشخص فِي أذهاننا وَلَا يَسْتَقِيم هَذَا إِلَّا بعد أَن يتَصَوَّر ذَاته تَعَالَى بِالْوَجْهِ الجزئي. هَذَا غَايَة حَاصِل كَلَامه وَقد أجَاب عَنهُ أفضل الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ عبد الْحَكِيم رَحمَــه الله بِأَنَّهُ آلَة الْإِحْضَار وَهُوَ وَإِن كَانَ كليا لَكِن الْمحْضر جزئي وَلَا يخفى على المتدرب مَا فِيهِ لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ أَن الْمحْضر جزئي فِي الْوَاقِع فَهُوَ لَا يُفِيد حصر الألوهية فِي أذهاننا كَمَا هُوَ المُرَاد. وَإِن أَرَادَ أَن الْمحْضر جزئي فِي عقولنا فَمَمْنُوع، فَإِن وَسِيلَة الْإِحْضَار والموصل إِلَيْهِ إِذا كَانَ كليا كَيفَ يحصل بهَا فِي أذهاننا محْضر جزئي وَمَا الْفرق بَين قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَبَين قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الْوَاجِب لذاته. فَإِن مَا يصدق عَلَيْهِ هَذَا الْمَفْهُوم أَيْضا جزئي فِي الْوَاقِع. فَإِن قلت التَّوْحِيد حصر الألوهية فِي ذَات مشخصة فِي نفس الْأَمر لَا فِي أذهاننا فَقَط. قلت فَهَذَا الْحصْر لَا يتَوَقَّف على جعل اسْم الله علما بل إِن كَانَ بِمَعْنى المعبود بِالْحَقِّ يحصل أَيْضا ذَلِك، وَلذَلِك يحصل بقولنَا لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَّا الْوَاجِب لذاته كَمَا سبق وَمن ذهب إِلَى الثَّانِي قَالَ إِنَّه وصف فِي أَصله لكنه لما غلب عَلَيْهِ تَعَالَى بِحَيْثُ لَا يسْتَعْمل فِي غَيره تَعَالَى وَصَارَ كَالْعلمِ أجري مجْرى الْعلم فِي الْوَصْف عَلَيْهِ وَامْتِنَاع الْوَصْف بِهِ وَعدم تطرق الشّركَة إِلَيْهِ. وَاسْتدلَّ، بِأَن ذَاته من حَيْثُ هُوَ بِلَا اعْتِبَار أَمر آخر حَقِيقِيّ كالصفات الإيجابية الثبوتية أَو غير حَقِيقِيّ كالصفات السلبية غير مَعْقُول للبشر فَلَا يُمكن أَن يدل عَلَيْهِ بِلَفْظ. ثمَّ على الْمَذْهَب الثَّانِي قد اخْتلف فِي أَصله فَقَالَ بَعضهم إِن لفظ الله أَصله إِلَه من إِلَه الآهة وإلها بِمَعْنى عبد عبَادَة والإله بِمَعْنى المعبود الْمُطلق حَقًا أَو بَاطِلا فحذفت الْهمزَة وَعوض عَنْهَا الْألف وَاللَّام لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال أَو للْإِشَارَة إِلَى المعبود الْحق وَعند الْبَعْض من إِلَه إِذا فزع وَالْعَابِد يفزع إِلَيْهِ تَعَالَى وَعند الْبَعْض من وَله إِذا تحير وتخبط عقله، وَعند الْبَعْض من لاه مصدر لاه يَلِيهِ ليها ولاها إِذا احتجب وارتفع وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِكَمَال ظُهُوره وجلائه مَحْجُوب عَن دَرك الْأَبْصَار ومرتفع على كل شَيْء وَعَما لَا يَلِيق بِهِ. وَالله أَصله الْإِلَه حذفت الْهمزَة إِمَّا بِنَقْل الْحَرَكَة أَو بحذفها وعوضت مِنْهَا حرف التَّعْرِيف ثمَّ جعل علما إِمَّا بطرِيق الْوَضع ابْتِدَاء وَإِمَّا بطرِيق الْغَلَبَة التقديرية فِي الْأَسْمَاء وَهِي تَجِيء فِي موضعهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
ثمَّ اعْلَم أَن حذف الْهمزَة بِنَقْل الْحَرَكَة قِيَاس وَبِغَيْرِهِ خلاف قِيَاس وَهُوَ هَا هُنَا يحْتَمل احْتِمَالَيْنِ لَكِن على الثَّانِي الْتِزَام الْإِدْغَام ووجوبه قياسي لِأَن السَّاقِط الْغَيْر القياسي بِمَنْزِلَة الْعَدَم فَاجْتمع حرفان من جنس وَاحِد أَولهمَا سَاكن وعَلى الثَّانِي الْتِزَامه على خلاف الْقيَاس لِأَن الْمَحْذُوف القياسي كالثالث فَلَا يكون المتحركان المتجانسان فِي كلمة وَاحِدَة من كل وَجه وعَلى أَي حَال فَفِي اسْم الله المتعال خلاف الْقيَاس فَفِيهِ توفيق بَين الِاسْم والمسمى لِأَنَّهُ تَعَالَى شَأْنه خَارج عَن دَائِرَة الْقيَاس وطرق الْعقل وَعند أهل الْحق وَالْيَقِين رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ. حرف الْهَاء فِي لفظ الله إِشَارَة إِلَى غيب هويته تَعَالَى وَالْألف وَاللَّام للتعريف وَتَشْديد اللَّام للْمُبَالَغَة فِي التَّعْرِيف وَلَفظ الله اسْم أعظم من أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَقد يُرَاد بِهِ وَاجِب الْوُجُود بِالذَّاتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل هُوَ الله أحد} وَفِي قَوْلهم والمحدث للْعَالم هُوَ الله الْوَاحِد فَلَا يلْزم اسْتِدْرَاك الْأَحَد وَالْوَاحد فيهمَا وتفصيله فِي الْأَحَد إِن شَاءَ الله الصَّمد.
الله: علم دال على الإله الحق دلالة جامعة لجميع الأسماء الحسنى.
(الله) علم على إلاله المعبود بِحَق أَصله إِلَه دخلت عَلَيْهِ ال ثمَّ حذفت همزته وأدغم اللامان
الله: تَبَارَكَ وتَعالى وجَلَّ جَلاَلُهُ- هو عَلَم دالٌّ على الإله الحقِّ دلالة جامعة لمعاني الأسماء الحسنى كلها قاله السيد في "التعريفات".

علم الكلام

علم الكلام:
[في الانكليزية] Kalam (islamic rational or dogmatic theology)
[ في الفرنسية]
Le Kalam( theologie dogmatique ou rationnelle musulmane )
ويسمّى بعلم أصول الدين أيضا، هو اسم علم من العلوم الشرعية المدونة وقد سبق في المقدمة.
علم الكلام
قال أبو الخير في الموضوعات: هو علم يقتدر به على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج عليها ودفع الشبه عنها وموضوعه ذات الله سبحانه وتعالى وصفاته عند المتقدمين. وقيل: موضوعه الموجود من حيث هو موجود.
وعند المتأخرين موضوعه المعلوم من حيث ما يتعلق به من إثبات العقائد الدينية متعلقا قريبا أو بعيدا أو أرادوا بالدينية المنسوبة إلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم انتهى ملخصاً.
والكتب المؤلفة فيه كثيرة ذكرها صاحب كشف الظنون.
وللسيد الإمام العلامة محمد بن الوزير كتاب ترجيح أساليب القرآن لأهل الإيمان على أساليب اليونان وبيان ذلك بإجماع الأعيان بأوضح التبيان وكتاب البرهان القاطع في إثبات الصانع وجميع ما جاءت به الشرائع رد في هذين الكتابين على المتكلمين والكلام وأثبت أن جميع مسائل هذا العلم تثبت بالسنة والقرآن ولا يحتاج معهما إلى قوانين المتكلمين وقواعد الكلام وهما نفيسان جدا وما أحسن ما قال الغزالي في الإحياء.
وحاصل ما يشتمل عليه علم الكلام من الأدلة التي ينتفع بها فالقرآن والأخبار مشتملة عليه وما خرج عنهما فهو إما مجادلة مذمومة وهي من البدع وإما مشاغبة بالتعلق بمناقضات الفرق وتطويل بنقل المقالات التي أكثرها ترهات وهذيانات تزدريها الطباع وتمجها الأسماع وبعضها خوض فيما لا يتعلق بالدين ولم يكن شيئا منها مألوفا في العصر الأول وكان الخوض فيه بالكلية من البدع انتهى.
قال ابن خلدون: علم الكلام هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة وسر هذه العقائد الإيمانية هو التوحيد فلنقدم هنا لطيفة في برهان عقلي يكشف لنا عن التوحيد على أقرب الطرق والمآخذ ثم نرجع إلى تحقيق علمه وفيما ينظر ويشير إلى حدوثه في الملة وما دعا إلى وضعه.
فنقول إن الحوادث في عالم الكائنات سواء كانت من الذوات أو من الأفعال البشرية أو الحيوانية فلا بد لها من أسباب متقدمة عليها بها تقع في مستقر العادة وعنها يتم كونه وكل واحد من هذه الأسباب حادث أيضا فلا بد له من أسباب أخر ولا تزال تلك الأسباب مرتقية حتى تنتهي إلى مسبب الأسباب وموجدها وخالقها سبحانه لا إله إلا هو وتلك الأسباب في ارتقائها تتفسح وتتضاعف طولا وعرضا ويحار العقل في إدراكها وتعديدها فإذا لا يحصرها إلا العلم المحيط سيما الأفعال البشرية والحيوانية فإن من جملة أسبابها في الشاهد المقصود والإرادات إذ لا يتم كون الفعل إلا بإرادته والقصد إليه والقصود والإرادات أمور نفسانية ناشئة في الغالب عن تصورات سابقة يتلو بعضها بعضا وتلك التصورات هي أسباب قصد الفعل وقد تكون أسباب تلك التصورات تصورات أخرى وكل ما يقع في النفس من التصورات مجهول سببه إذ لا يطلع أحد على مبادئ الأمور النفسانية ولا على ترتيبها إنما هي أشياء يلقيها الله في الفكر يتبع بعضها بعضا والإنسان عاجز عن معرفة مباديها وغاياتها وإنما يحيط علما في الغالب بالأسباب التي هي طبيعية ظاهرة يوقع في مداركها على نظام وترتيب لأن لا طبيعة محصورة للنفس وتحت طورها.
وأما التصورات فنطاقها أوسع من النفس لأنها للعقل الذي هو فوق طور النفس فلا تدرك الكثير منها فضلا عن الإحاطة بها وتأمل من ذلك حكمة الشارع في نهيه عن النظر إلى الأسباب والوقوف معها فإنه واد يهيم فيه الفكر ولا يحلو منه بطائل ولا يظفر بحقيقة {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} وربما انقطع في وقوفه عن الارتقاء إلى ما فوقه فزلت قدمه وأصبح من الضالين الهالكين نعوذ بالله من الحرمان والخسران المبين ولا تحسبن أن هذا الوقوف أو الرجوع عنه في قدرتك واختيارك بل هو لون يحصل للنفس وصبغة تستحكم من الخوض في الأسباب على نسبة لا نعلمها إذ لو عملناها لتحرزنا منها فلنتحرز من ذلك بقطع النظر عنها جملة وأيضا فوجه تأثير هذه الأسباب في الكثير من مسبباتها مجهول لأنها إنما يوقف عليها بالعادة لاقتران الشاهد بالاستناد إلى الظاهر. وحقيقة التأثير وكيفية مجهولة {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} فلذلك أمرنا بقطع النظر عنها وإلغائها جملة والتوجه إلى مسبب الأسباب كلها وفاعلها وموجدها لترسخ صفة التوحيد في النفس على ماعلمنا الشارع الذي هو أعرف بمصالح ديننا وطرق سعادتنا لاطلاعه على ما وراء الحس قال صلى الله عليه وآله وسلم:
"من مات يشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة" فإن وقف عند تلك الأسباب فقد انقطع وحقت عليه كلمة الكفر وإن سبح في بحر النظر والبحث عنها وعن أسبابها وتأثيراتها واحدا بعد واحد فأنا الضامن له أن لا يعود إلا بالخيبة فلذلك نهانا الشارع عن النظر في الأسباب وأمرنا بالتوحيد المطلق {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} ولا تثقن بما يزعم لك الفكر من أنه مقتدر على الإحاطة بالكائنات وأسبابها والوقوف على تفصيل الوجود كله وسفه رأيه في ذلك.
واعلم أن الوجود عند كل مدرك في بادئ رأيه منحصر في مداركه لا يعدوها والأمر في نفسه بخلاف ذلك والحق من ورائه ألا ترى الأصم كيف ينحصر الوجود عنده في المحسوسات الأربع والمعقولات ويسقط من الوجود عنده صنف المسموعات وكذلك الأعمى أيضا يسقط عنده صنف المرئيات
ولولا ما يردهم إلى ذلك تقليد الآباء هذه الأصناف لا بمقتضى فطرتهم وطبيعة إدراكهم ولو سئل الحيوان الأعجم ونطق لوجدناه منكرا للمعقولات وساقطة لديه بالكلية فإذا علمت هذا فلعل هناك ضربا من الإدراك غير مدركاتنا لأن إدراكاتنا مخلوقة محدثة وخلق الله أكبر من خلق الناس والحصر مجهول الوجود أوسع نطاقا من ذلك {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} فاتهم إدراكك ومدركاتك في الحصر واتبع ما أمرك الشارع به من اعتقادك وعملك فهو أحرص على سعادتك واعلم بما ينفعك لأنه من طور فوق إدراكك ومن نطاق أوسع من نطاق عقلك وليس ذلك بقادح في العقل ومداركه بل العقل ميزان صحيح فأحكامه يقينية لا كذب فيها غير أنك لا تطمع أن تزن به أمور التوحيد والآخرة وحقيقة النبوة وحقائق الصفات الإلهية وكل ما وراء طوره فإن ذلك طمع في محال ومثال ذلك: مثال رجل رأى الميزان الذي يوزن به الذهب فطمع أن يزن به الجبال وهذا لا يدرك على أن الميزان في أحكامه غير صادق لكن العقل قد يقف عنده ولا يتعدى طوره حتى يكون له أن يحيط بالله وبصفاته فإنه ذرة من ذرات الوجود الحاصل منه وتفطن في هذا الغلط من يقدم العقل على السمع في أمثال هذه القضايا وقصور فهمه واضمحلال رأيه فقد تبين لك الحق من ذلك إذا تبين ذلك فلعل الأسباب إذا تجاوزت في الارتقاء نطاق إدراكنا ووجودنا خرجت عن أن تكون مدركة فيضل العقل في بيداء الأوهام ويحار وينقطع فإذا التوحيد هو العجز عن إدراك الأسباب وكيفيات تأثيرها وتفويض ذلك إلى خالقها المحيط بها إذ لا فاعل غيره وكلها ترتقي إليه وترجع إلى قدرته وعلمنا به إنما هو من حيث صدورنا عنه وهذا هو معنى ما نقل عن بعض الصديقين العجز عن الإدراك إدراك.
ثم إن المعتبر في هذا التوحيد ليس هو الإيمان فقط الذي هو تصديق حكمي فإن ذلك من حديث النفس وإنما الكمال فيه حصول صفة منه تتكيف بها النفس كما أن المطلوب من الأعمال والعبادات أيضا حصول ملكة الطاعات والانقياد وتفريغ القلب عن شواغل ما سوى المعبود حتى ينقلب المريد السالك ربانياً.
والفرق بين الحال والعلم في العقائد فرق ما بين القول والاتصاف.
وشرحه أن كثيرا من الناس يعلم أن رحمــة اليتيم والمسكين قربة إلى الله تعالى مندوب إليها ويقول بذلك ويعترف به ويذكر مأخذه من الشريعة وهو لو رأى يتيما أو مسكينا من أبناء المستضعفين لفر عنه واستنكف أن يباشره فضلا عن التمسح عليه للــرحمــة وما بعد ذلك من مقامات العطف والحنو والصدقة
فهذا إنما حصل له من رحمــة اليتيم مقام العلم ولم يحصل له مقام الحال والاتصاف ومن الناس من يحصل له مع مقام العلم والاعتراف بأن رحمــة المسكين قربة إلى الله تعالى مقام آخر أعلى من الأول وهو الاتصاف بالــرحمــة وحصول ملكتها فمتى رأى يتيما أو مسكينا بادر إليه ومسح عليه والتمس الثواب في الشفقة عليه لا يكاد يصبر عن ذلك ولو دفع عنه ثم يتصدق عليه بما حضره من ذات يده وكذا علمك بالتوحيد مع اتصافك وليس الاتصاف ضرورة هو أوثق مبني من العلم الحاصل قبل الاتصاف وليس الاتصاف بحاصل عن مجرد العلم حتى يقع العمل ويتكرر مرارا غير منحصرة فترسخ الملكة ويحصل الاتصاف بحاصل عن مجرد العلم حتى يقع العمل ويتكرر مرارا غير منحصرة فترسخ الملكة ويحصل الاتصاف والتحقيق ويجيء العلم الثاني النافع في الآخرة فان العلم الأول المجرد عن الاتصاف قليل الجدوى والنفع وهذا علم أكثر النظار والمطلوب إنما هو العلم الحالي الناشئ عن العادة.
واعلم أن الكمال عند الشارع في كل ما كلف به إنما هو في هذا فما طلب اعتقاده فالكمال في العلم الثاني الحاصل عن الاتصاف وما طلب عمله من العبادات فالكمال فيها في حصول الاتصاف والتحقق بها ثم إن الإقبال على العبادات والمواظبة عليها هو المحصل لهذه الثمرة الشريفة قال صلى الله عليه وسلم في رأس العبادات: "جعلت قرة عيني في الصلاة" فإن الصلاة صارت له صفة وحالا يجد فيها منتهى لذته وقرة عينه وأين هذا من صلاة الناس ومن لهم بها {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} اللهم وفقنا واهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
فقد تبين لك من جميع ما قررنا أن المطلوب في التكاليف كلها حصول ملكة راسخة في النفس يحصل عنها علم اضطراري للنفس هو التوحيد وهو: العقيدة الإيمانية وهو: الذي تحصل به السعادة وإن ذلك سواء في التكاليف القلبية والبدنية ويتفهم منه أن الإيمان الذي هو أصل التكاليف وينبوعها هو بهذه المثابة ذو مراتب: أولها: التصديق القلبي الموافق اللسان.
وأعلاها: حصول كيفية من ذلك الاعتقاد القلبي وما يتبعه من العمل مستولية على القلب فيستتبع الخوارج وتندرج في طاعتها جميع التصرفات حتى تنخرط الأفعال كلها في طاعة ذلك التصديق الإيماني.
وهذا ارفع مراتب الإيمان وهو الإيمان الكامل الذي لا يقارف المؤمن معه صغير ولا كبيرة إذ حصول الملكة ورسوخها مانع من الانحراف عن مناهجه طرفة عين قال صلى الله عليه وسلم:
"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" وفي حديث هرقل لما سأل أبا سفيان بن حرب عن النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله فقال في أصحابه: هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه؟ قال: لا قال: وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
ومعناه: أن ملكة الإيمان إذا استقرت عسر على النفس مخالفتها شأن الملكات إذا استقرت فإنها تحصل بمثابة الجبلة والفطرة وهذه هي المرتبة العالية من الإيمان وهي في المرتبة الثانية من العصمة لأن العصمة واجبة للأنبياء وجوبا سابقا وهذه حاصلة للمؤمنين حصولا تابعا لأعمالهم وتصديقهم وبهذه الملكة ورسوخها يقع التفاوت في الإيمان كالذي يتلى عليك من أقاويل السلف وفي تراجم البخاري رضي الله عنه في باب الإيمان كثير منه مثل: أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص وأن الصلاة والصيام من الإيمان وإن تطوع1 رمضان من الإيمان والحياء من الإيمان والمراد بهذا كله الإيمان الكامل الذي أشرنا إليه وإلى ملكته وهو فعلي.
وأما التصديق الذي هو أول مراتبه ومن اعتبروا آخر الأسماء وحمله على هذه الملكة التي هي الإيمان الكامل ظهر له التفاوت وليس ذلك بقادح في اتحاد حقيقته الأولى التي هي التصديق إذ التصديق موجود في جميع رتبه لأنه أقل ما يطلق عليه اسم الإيمان وهو المخلص من عهدة الكفر والفيصل بين الكافر والمسلم فلا يجزى أقل منه وهو في نفسه حقيقة واحدة لا تتفاوت وإنما التفاوت في الحال الحاصلة عن الأعمال كما قلناه فافهم.
واعلم أن الشارع وصف لنا هذه الإيمان الذي في المرتبة الأولى الذي هو تصديق وعين أمورا مخصوصة كلفنا التصديق بها بقلوبنا واعتقادها في أنفسنا مع الإقرار بألسنتنا وهي العقائد التي تقررت في الدين قال صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الإيمان فقال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" وهذه هي العقائد الإيماينة المقررة في علم الكلام.
ولنشر إليها بجملة لتتبين لك حقيقة هذا الفن وكيفية حدوثه فنقول.
اعلم أن الشارع لما أمرنا بالإيمان بهذا الخالق الذي رد الأفعال كلها إليه وأفرده به كما قدمناه وعرفنا أن في هذا الإيمان نجاتنا عند الموت إذا حضرنا لم يعرفنا بكنه حقيقة هذا الخالق المعبود إذ ذاك متعذر على إدراكنا ومن فوق طورنا فكلفنا أولا اعتقاد تنزيهه في ذاته عن مشابهة المخلوقين وإلا لما صح أنه خالق لهم لعدم الفارق على هذا التقديم ثم تنزيهه عن صفات النقص وإلا لشابه المخلوقين ثم توحيده بالاتحاد وإلا لم يتم الخلق للتمانع ثم اعتقاد أنه عالم قادر فبذلك تتم الأفعال شاهد قضيته لكمال الاتحاد والخلق.
ومريد وإلا لم يخصص شيء من المخلوقات.
ومقدر لكل كائن وإلا فالإرادة حادثة.
وأنه يعيدنا بعد الموت
ثم اعتقاد بعثة الرسل لنجاة من شقاء هذا المعاد لاختلاف أحواله بالشقاء والسعادة وعدم معرفتنا بذلك وتمام لطفه بنا في الإيتاء بذلك وبيان الطريقين وأن الجنة للنعيم وجهنم للعذاب.
هذه أمهات العقائد الإيمانية معللة بأدلتها العقلية وأدلتها من الكتاب والسنة كثيرة وعن تلك الأدلة أخذها السلف وأرشد إليها العلماء وحققتها الأئمة إلا أنه عرض بعد ذلك خلاف في تفاصيل هذه العقائد أكثر مثارها من الآي المتشابهة فدعا ذلك إلى الخصام والتناظر. والاستدلال بالعقل زيادة إلى النقل فحدث بذلك علم الكلام ولنبين لك تفصيل هذا المجمل وذلك.
أن القرآن ورد فيه وصف المعبود بالتنزيه المطلق الظاهر الدلالة من غير تأويل في آي كثيرة وهي سلوب كلها وصريحة في بابها فوجب الإيمان بها ووقع في كلام الشارع صلوات الله عليه وكلام الصحابة والتابعين تفسيرها على ظاهرها.
ثم وردت في القرآن آي أخر قليلة توهم التشبيه مرة في الذات وأخرى في الصفات.
فأما السلف فغلبوا أدلة التنزيه لكثرتها ووضح دلالتها وعلموا استحالة التشبيه وقضوا بأن الآيات من كلام الله فآمنوا بها ولم يتعرضوا لمعناها ببحث ولا تأويل وهذا معنى قول الكثير منهم اقرؤوها كما جاءت أي: آمنوا بأنها من عند الله ولا تتعرضوا لتأويلها ولا تفسيرها لجواز أن تكون ابتلاء فيجب الوقف والإذعان له.
وشذ لعصرهم مبتدعة اتبعوا ما تشابه من الآيات وتوغلوا في التشبيه.
ففريق أشبهوا في الذات باعتقاد اليد والقدم والوجه عملا بظاهر وردت بذلك فوقعوا في التجسيم الصريح ومخالفة آي التنزيه المطلق التي هي أكثر موارد وأوضح دلالة لأن معقولية الجسم تقتضي النقص والافتقار وتغليب آيات السلوب في التنزيه المطلق الذي هي أكثر موارد وأوضح دلالة أولى من التعلق بظواهر هذه التي لنا عنها غنية وجمع بين الدليلين بتأويلهم ثم يفرون من شناعة ذلك بقولهم جسم لا كالأجسام وليس ذلك بدافع لأنه قول متناقض وجمع بين نفي وإثبات إن كان بالمعقولية واحدا من الجسم وإن خالفوا بينهما ونفوا المعقولية المتعارفة فقد وافقونا في التنزيه ولم يبق إلا جعلهم لفظ الجسم اسما من أسمائه ويتوقف مثله على الأذن.
وفريق منهم ذهبوا إلى التشبيه في الصفات كثبات الجبهة والاستواء والنزول والصوت والحرف وأمثال ذلك وآل قولهم إلى التجسيم فنزعوا مثل الأولين إلى قولهم وصوت لا كالأصوات جهة لا كالجهات، ونزول لا كالنزول يعنون من الأجسام واندفع ذلك بما اندفع به الأول ولم يبق في هذه الظواهر إلا اعتقادات السلف ومذاهبهم والإيمان بها كما هي لئلا يكر النفي على معانيها بنفيها مع أنها صحيحة ثابتة من القرآن ولهذا تنظر ما تراه في عقيدة الرسالة لابن أبي زيد وكتاب المختصر له وفي كتاب الحافظ ابن عبد البر وغيرهم فإنهم يحومون على هذا المعنى ولا تغمض عينك عن القرائن الدالة على ذلك في غصون كلامهم.
ثم لما كثرت العلوم والصنائع وولع الناس بالتدوين والبحث في سائر الأنحاء وألف المتكلمون في التنزيه حدثت بدعة المعتزلة في تعميم هذا التنزيه في آي السلوب.
فقضوا بنفي صفات المعاني من العلم والقدرة والإرادة والحياة زائدة على أحكامها لما يلزم على ذلك من تعدد القديم بزعمهم وهو مردود بأن الصفات ليست عين الذات ولا غيرها.
وقضوا بنفي السمع والبصر لكونهما من عوارض الأجسام وهو مردود لعدم اشتراط البينة في مدلول هذا اللفظ وإنما هو إدراك المسموع أو المبصر.
وقضوا بنفي الكلام لشبه ما في السمع والبصر ولم يعقلوا صفة الكلام التي تقوم بالنفس فقضوا بأن القرآن مخلوق بدعة صرح السلف بخلافها وعظم ضرر هذه البدعة ولقنها بعض الخلفاء عن أئمتهم فحمل الناس عليها وخالفهم أئمة السلف فاستحل لخلافهم أيسار كثير منهم ودماءهم كان ذلك سببا لإنتهاض أهل السنة بالأدلة العقلية على هذه العقائد دفعا في صدور هذه البدع وقام بذلك الشيخ أبو الحسن الأشعري ما المتكلمين فوسط بين الطرق ونفي التشبيه وأثبت الصفات المعنوية وقصر التنزيه على ما قصره عليه السلف وشهدت له الأدلة المخصصة لعمومه فأثبت الصفات الأربع المعنوية والسمع والبصر والكلام القائم بالنفس بطريق النقل والعقل ورد على المبتدعة في ذلك كله وتكلم معهم فيما مهدوه لهذه البدع من القول بالصلاح والأصلح والتحسين والتقبيح وكمل العقائد في البعثة وأحوال الجنة والنار والثواب والعقاب وألحق بذلك الكلام في الإمامة لما ظهر حينئذ من بدعة الإمامية من قولهم: أنها من عقائد الإيمان وأنه يجب على النبي تعيينها والخروج عن العهدة في ذلك لمن هي له وكذلك على الأمة وقصارى أمر الإمامة أنها قضية مصلحية إجماعية لا تلحق بالعقائد فلذلك ألحقوها بمسائل هذا الفن وسموا مجموعة علم الكلام.
أما لما فيه من المناظرة على البدع وهي كلام صرف وليست براجعة إلى عمل.
وأما لأن سبب وضعه والخوض فيه هو تنازعهم في إثبات الكلام النفسي.
وكثر اتباع الشيخ أبي الحسن الأشعري واقتفى طريقته من بعده تلميذه كابن مجاهد وغيره وأخذ عنهم القاضي أبو بكر الباقلاني فتصدر للأمة في طريقتهم وهذبها ووضع المقدمات العقلية التي تتوقف عليها الأدلة والأنظار وذلك مثل إثبات الجوهر الفرد والخلاء وإن العرض لا يقوم بالعرض وأنه لا يبقى زمانين وأمثال ذلك مما تتوقف عليه أدلتهم وجعل هذه القواعد تبعا للعقائد الإيمانية في وجوب اعتقادها لتوقف تلك الأدلة عليها
وإن بطلان الدليل يؤذن ببطلان المدلول وجملت هذه الطريقة وجاءت من أحسن الفنون النظرية والعلوم الدينية إلا أن صور الأدلة تعتبر بها الأقيسة ولم تكن حينئذ ظاهرة في الملة، ولو ظهر منها بعض الشيء فلم يأخذ به المتكلمون لملابستها للعلوم الفلسفية المباينة للعقائد الشرعية بالجملة فكانت مهجورة عندهم لذلك.
ثم جاء بعد القاضي أبي بكر الباقلاني إمام الحرمين أبو المعالي فأملى في الطريقة كتاب الشامل وأوسع القول فيه ثم لخصه في كتاب الإرشاد واتخذه الناس إماما لعقائدهم ثم انتشرت من بعد ذلك علوم المنطق في الملة وقرأه الناس وفرقوا بينه وبين العلوم الفلسفية بأنه قانون ومعيار للأدلة فقط يسير به الأدلة منها كما يسير من سواها.
ثم نظروا في تلك القواعد والمقدمات في فن الكلام للأقدمين فخالفوا الكثير منها بالبراهين التي أدلت إلى ذلك وربما أن كثيرا منها مقتبس من كلام الفلاسفة في الطبيعيات والإلهيات فلما سيروها لمعيار المنطق ردهم إلى ذلك فيها ولم يعتقدوا بطلان المدلول من بطلان دليله كما صار إليه القاضي فصارت هذه الطريقة من مصطلحهم مباينة للطريقة الأولى وتسمى طريقة المتأخرين وربما أدخلوا فيها الرد على الفلاسفة فيما خالفوا فيه من العقائد الإيمانية وجعلوهم من خصوم العقائد لتناسب الكثير من مذاهب المبتدعة ومذاهبهم.
وأول من كتب في طريقة الكلام على هذا المنحى الغزالي رحمــه الله وتبعه الإمام ابن الخطيب وجماعة قفوا أثرهم واعتمدوا تقليدهم ثم توغل المتأخرون من بعدهم في مخالطة كتب الفلسفة والتبس عليهم شأن الموضوع في العلمين فحسبوه فيها واحدا من اشتباه المسائل فيهما.
واعلم أن المتكلمين لما كانوا يستدلون في أكثر أحوالهم بالكائنات وأحوالها على وجود الباري وصفاته وهو نوع استدلالهم غالبا والجسم الطبيعي ينظر فيه الفيلسوفي في الطبيعيات وهو بعض من هذه الكائنات إلا أن نظره فيها مخالف لنظر المتكلم وهو ينظر في الجسم من حيث يتحرك ويسكن.
والمتكلم ينظر فيه من حيث يدل على الفاعل.
وكذا نظر الفيلسوفي في الإلهيات إنما هو نظر في الوجود المطلق وما يقتضيه لذاته.
ونظر المتكلم في الوجود من حيث أنه يدل على الموجد وبالجملة فموضوع علم الكلام عند أهله إنما هو العقائد الإيمانية بعد فرضها صحيحة من الشرع من حيث يمكن أن يستدل عليها بالأدلة العقلية فترفع البدع وتزول الشكوك والشبه عن تلك العقائد.
وإذا تأملت حال الفن في حدوثه وكيف تدرج كلام الناس فيه صدرا بعد صدر وكلهم يفرض العقائد صحيحة ويستنهض الحجج والأدلة علمت حينئذ ما قررناه لك في موضوع الفن وأنه لا يعدوه.
ولقد اختلطت الطريقتان عند هؤلاء المتأخرين والتبست مسائل الكلام بمسائل الفلسفة بحيث لا يتميز أحد الفنين من الآخر ولا يحصل عليه طالبه من كتبهم كما فعله البيضاوي في الطوالع ومن جاء بعده من علماء العجم في جميع تآليفهم إلا أن هذه الطريقة قد يعني بها بعض طلبة العلم للاطلاع على المذاهب والإغراق في معرفة الحجاج لوفور ذلك فيها.
وأما محاذاة طريقة السلف بعقائد علم الكلام فإنما هو الطريقة القديمة للمتكلمين وأصلها كتاب الإرشاد وما حذا حذوه. ومن أراد إدخال الرد على الفلاسفة في عقائده فعليه بكتب الغزالي والإمام ابن الخطيب فإنها وإن وقع فيها مخالفة للاصطلاح القديم فليس فيها من الاختلاط في المسائل والالتباس في الموضوع ما في طريقة هؤلاء المتأخرين من بعدهما.
وعلى الجملة فينبغي أن يعلم أن هذا العلم الذي هو علم الكلام غير ضروري لهذا العهد على طالب العلم إذ الملحدة والمبتدعة قد انقرضوا والأئمة من أهل السنة كفونا شأنهم فيما كتبوا ودونوا والأدلة العقلية إنما احتاجوا إليها حين دافعوا ونصروا وأما الآن فلم يبق منها إلا كلام تنزه الباري عن كثير إيهاماته وإطلاقه.
ولقد سئل الجنيد رحمــه الله عن قوم مر بهم من المتكلمين يفيضون فيه فقال: ما هؤلاء؟ فقيل: قوم ينزهون الله بالأدلة عن صفات الحدوث وسمات النقص فقال: نفي العيب حيث يستحيل العيب عيب.
لكن فائدته في آحاد الناس وطلبة العلم فائدة معتبرة إذ لا يحسن بحامل السنة الجهل بالحجج النظرية على عقائدها والله تعالى ولي المؤمنين.

جون

(جون) - في حَدِيثِ عُمَر: "عليه جِلدُ كَبْشٍ جُونِيّ".
الجُونُ: الأَسودُ، وقد يُقالُ: للأَحْمَر أَيضًا جَونٌ، كما يقال: له أَسوَد، واليَاءُ للمُبالَغَة. كالأَحمَرِيِّ للأَحْمَر، وجَمعُه : جُونٌ، كَوَرْد، وَوُرْد.
وقيل: إنَّه يَقَع على كُلّ لَونٍ؛ لأنه مُعَرَّب كون: أي لون.
جون
إحدى الصيغ الإنجليزية للاسم جوناثان المأخوذ عن العبرية بمعنى هبة الله. يستخدم للذكور.

جون


جَان (و)(n. ac. جَوْن)
a. Was black.
جَوْن
(pl.
جُوْن)
a. Blackish.
b. Red.
c. White.

جَوْنَةa. Disc of sun ( when setting ).
جُوْنa. Bay, gulf, creek.

جُوْنَةa. see 1t
جَوْنَآءُa. Sun.

جَان
a. Necklace.
b. Bracelet.
ج و ن : الْجَوْنُ يُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى الْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الضَّوْءِ وَالظُّلْمَةِ بِطَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ وَجُوَيْنٌ بِلَفْظِ التَّصْغِيرِ نَاحِيَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ نَوَاحِي نَيْسَابُورَ وَإِلَيْهَا يُنْسَبُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَجَوْن بَطْنٌ مِنْ طَيِّئٍ. 
ج و ن

شيء جون: أسود فيه حمرة، وأشياء جون. قال العجاج:

واجتبن جوناً كعصار الزفت

يريد العرق. وقال:

في جونة كقفدان العطار

شبه الجونة وهي الشقشقة بالجنة وهي السفط.

ويقال: القطا ضربان: جوني وكدري، والواحدة جونية وكدرية. قال زهير:

جونية كحصاة القسم مرتعها ... بالسّيّ ما تنبت القفعاء والحسك
[جون] فيه: بردة "جونية" منسوبة إلى الجون، هو من الألوان يقع على الأسود والأبيض، وقيل: الياء للمبالغة، وقيل: منسوبة إلى بني الجون قبيلة ومنه: وعليه جلد كبش "جوني" أي أسود، الخطابي: هو بالضم بالنسبة، وفيه نظر إلا أن يروى كذلك. وفي ح الحجاج: وعرضت عليه درع تكاد لا ترى لصفائها فقيل: إن الشمس "جونة" أي بيضاء قد غلبت صفاء الدرع. وفي صفته صلى الله عليه وسلم: فوجدت ليده برداً وريحاً كأنما أخرجها من "جونة" عطار، هي بالضم التي يعد فيها الطيب ويخزن. ن: هي بهمزة وقد تقلب واواً.
جون: الجَوْنُ: الأسْوَدُ من الإِبِلِ، والأُنْثَى جَوْنَةٌ، والجميع الجُوْنُ. وكُلُّ لَوْنٍ سَوَادٍ مُشَرَّبٍ حُمْرَةً: جَوْنٌ، أو سَوَادٍ مُخَالِطُه حُمْرَةٌ كَلَوْنِ القَطا. والقَطا ضَرْبَانِ: جُوْنيٌّ وكُدْرِيٌّ. وعَيْنُ الشَمْسِ تَسَمّى: جَوْنَةً. والجَوْنَاءُ أيضاً: الشَّمْسُ. والقِدْرُ أيضاً. والجَوْنُ: النَّهَارُ؛ في قَوْلِه: طُوْلُ اللَّيَالي واخْتِلافُ الجَوْنِ. وهو من الأضْدَاد. والجُوْنَةُ: سُلَيْلَةٌ مُسْتَدِيْرَةٌ مُغَشّاةٌ أدَماً مَعَ العَطّارِيْنَ، والجَميعُ الجُوْنُ. والجَوّانَةُ: الاسْتُ، كَذَبَتْ جَوّانَتُه. والجُوْنُ: جِبَالٌ صِغَارٌ من الحَرَّةِ، واحِدَتُها جُوْنَةٌ. والمُجَوْجِنُ: المُنْتِنُ من المِيَاه. وجانَ وَجْهُه: اسْوَدَّ، وناقَةٌ جَوْنَاءُ.
[جون] الجَوْنُ: الأبيض. وأنشد أبو عبيدة: غَيَّرَ يا بِنْتَ الحُلَيْسِ لَوْني مُرُّ الليالي واختلافُ الجَوْنِ وسفر كان قليل الاون قال: يريد النهار: والجَوْنُ: الأسود، وهو من الأضداد، والجمع جونٌ بالضم، مثل قولك رجل صتم وقوم صتم. والجَوْنُ من الخيل ومن الإبل: الأدهمُ الشديد السواد. والجَوْنَةُ: عين الشمس، وإنَّما سميتْ جَوْنَة عند مغيبها، لأنها تسودُّ حين تغيب. قال:

يُبادِرٌ الجَوْنَةَ أَنْ تَغيبا * والجونة: الخابية المطلية بالقار. قال الاعشى: فقمنا ولما يصح ديكنا إلى جونة عند حدادها والجونة بالضم: مصدر الجَوْنِ من الخيل، مثل الغبسة والوردة. والجونة أيضا جونة العطار، وربما همز. والجمع جون بفتح الواو. ويقال: لا أفعله حتَّى تبيضّ جونَةُ القار. هذا إذا أردتَ سواده. وجَوْنَةُ القار، إذا أردت الخابية. ويقال: الشمس جَوْنَةٌ بيّنة الجُونَةِ. والجُونيُّ: ضربٌ من القطا سود البطون والأجنحة، وهو أكبر من الكُدْريِّ تعدل جونية بكدريتين. والجون: اسم فرس في شعر لبيد: تكاثر قرزل والجون فيها وتحجل والنعامة والخبال
(ج ون)

الجَوْن: الْأسود المشرب حمرَة.

وَقيل: هُوَ النَّبَات الَّذِي يَضْرب إِلَى السوَاد من شدَّة خضرته، قَالَ جبيهاء الْأَشْجَعِيّ:

فَجَاءَت كأنَّ القَسْور الجَوْن بجَّها ... عَسَاليجهُ والثّامِرُ المتلوِحُ

القسور: نبت، وبجها عساليجه أَي أَنَّهَا تكَاد تنفتق من السّمن.

والجَوْن أَيْضا: الْأَحْمَر الْخَالِص.

والجَوْن: الْأَبْيَض.

وَالْجمع من كل ذَلِك: جُون، وَنَظِيره وَرْد ووُرْد.

والجَوْنة: الشَّمْس لاسودادها إِذا غَابَتْ، وَقد يكون لبياضها وصفائها.

وَهِي جَونة بَيِّنَة الجُونة فيهمَا، وَعرضت على الْحجَّاج درع فَجعل لَا يرى صفاءها، فَقَالَ لَهُ أنيس الْجرْمِي وَكَانَ فصيحا: إِن الشَّمْس لَجْونة، يَعْنِي: أَنَّهَا شَدِيدَة البريق والصفاء، فقد غلب صفاؤه بَيَاض الدرْع.

والجَوْنة: عين الشَّمْس.

الجُونِيُّ: ضرب من القطا، وَهِي أضخمها. تعدل جُونِيَّة بكُدْرِيَّتين، وَهن سود الْبُطُون، سود بطُون الاجنحة والقوادم، قصار الاذناب، وأرجلها أطول من ارجل الكدري، ولبان الجُونيَّة أَبيض، بلبانها طوقان أصفر وأسود، وظهرها أرقط أغبر، وَهُوَ كلون ظهر الكدرية إِلَّا أَنه احسن ترقيشا، تعلوه صفرَة، والجونية غتماء، لَا تفصح بصوتها إِذا صاحت؛ إِنَّمَا تغرغر بِصَوْت فِي حلقها. قَالَ أَبُو حَاتِم: وَوجدت بِخَط الْأَصْمَعِي عَن الْعَرَب: قطاً جؤنى، مَهْمُوز، وَهُوَ عِنْدِي على توهم حَرَكَة الْجِيم ملقاة على الْوَاو، فَكَأَن الْوَاو متحركة بِالضَّمِّ، وَإِذا كَانَت الْوَاو مَضْمُومَة كَانَ لَك فِيهَا الْهَمْز وَتَركه، وَهِي لُغَة لَيست بِتِلْكَ الفاشية، وَقد قَرَأَ أَبُو عَمْرو: (عاداً لؤلى) وَقَرَأَ ابْن كثير: (فاستغلظ فَاسْتَوَى على سؤقه) وَهَذَا النّسَب إِنَّمَا هُوَ إِلَى الْجمع وَهُوَ نَادِر، وَإِذا وصفوا قَالُوا: قطاة جَوْنَة.

والجُونة: سليلة مغشاة أدما تكون مَعَ العطارين، وَالْجمع: جُوَن، وَقد تقدّمت فِي الْهَمْز، وَكَانَ الْفَارِسِي يستحسن ترك الْهَمْز، على مَا ابنت لَك فِي الْهَمْز. وَكَانَ يَقُول فِي قَول الْأَعْشَى:

إِذا هُنَّ نازلن أقرانَهُنَّ ... وَكَانَ المِصاعُ بِمَا فِي الجُوَن

مَا قَالَه إِلَّا بطالع سعد. وَلذَلِك ذكرته هُنَا.

وَابْنَة الجَوْن: نائحة من كِنْدَة، قَالَ المثقب الْعَبْدي:

نوح ابْنة الجون على هَالك ... تندِبه رافعةَ المِجْلَدِ

والأَجْوُن: أَرض مَعْرُوفَة، قَالَ رؤبة:

بَين نقا المُلقَى وَبَين الأجْرُن

جون

1 جَانَ, (K, TA, [in the CK, erroneously, جانَّ,]) inf. n. جَوْنٌ, (TA,) It (the face) became black. (K.) جَوْنٌ White: and black: (S, Msb, K:) thus bearing two contr. significations: (S:) and ↓ جُونِىٌّ, also, has the latter signification: (IAth, TA in art. حوت:) or جَوْنٌ signifies black tinged over with red: (T, M, TA:) and black intermixed with red; the colour of the قَطَا: (T, TA:) and also red: (K:) or of a pure red colour: (TA:) and, applied to a horse and a camel, of the colour termed أَدْهَم, (S, K,) intensely black: (S:) every camel, and every wild ass, seen from a distance, is of this colour: fem. with ة: (T, TA:) and, applied to a plant, or herbage, green, (K,) or intensely green, (TA,) inclining to blackness: (K, TA:) pl. جُونٌ; (S, TA;) like as صُتْمٌ is of صَتْمٌ, (S,) and وُرْدٌ of وَرْدٌ. (M, TA.) You say also, الشَّمْسُ جَوْنَةٌ The sun is characterized by what is termed جُونَةٌ: (S:) or is intensely glistening and clear. (Az, TA.) [See also جَوْنَةٌ below.] See also جُونِىٌّ. Accord. to ISk, أَبُو الجَوْنِ meansThe white man: opposed to أَبُوالبَيْضَآءِ meaning the negro. (TA in art. بيض.) b2: Also (assumed tropical:) Day: (AO, S, K:) pl. as above. (K.) So in the saying, غَيَّرَ يَا بِنْتَ الحُلَيْسِ لَوْنِى

مَرُّ اللَّيَالِى وَاخْتِلَافُ الجُوْنِ [The passing of the nights, and the alternating of the day, have changed, O daughter of El-Holeys, my colour]. (AO, S.) b3: And, accord. to certain of the lawyers, metaphorically, (tropical:) The light: and the darkness. (Msb.) b4: And accord. to IAar, (assumed tropical:) The فرق [app. فَرَق, meaning day-break]. (TA.) A2: الجَوْنَانِ The two extremities of the bow. (Fr, Az, K.) جَوْنَةٌ The sun; (K;) [i. e.] the sun's disc; because it becomes black [or of a blackish colour tinged with red] at setting; (S;) or it may be because of its whiteness and clearness; but it is said to be only applied to the sun when it is setting; opposed to غَزَالَةٌ; as observed by MF: (TA:) [see also جَوْنٌ:] the sun is also called ↓ جَوْنَآءُ, (K,) because of its becoming black [or of a blackish colour tinged with red] at setting. (TA.) b2: A [jar such as is called] خَابِيَة: (IAar, TA:) or a خابية smeared with tar, or pitch. (S.) [See an ex. in a verse of Lebeed cited in art. دكن.] See also جُونَةٌ. b3: And A bucket (دَلْو) that has become black. (IAar, TA.) b4: And i. q. فَحْمَةٌ [which may here mean either A piece of charcoal, or the blackness of night or the like]. (IAar, K.) b5: And i. q. أَحْمَرُ [perhaps as a subst., meaning A red thing]. (K.) b6: See also جَونِىٌّ.

جُونَةٌ The quality [i. e. colour], in horses, denoted by [the epithet] جَوْنٌ; like غُبْسةٌ and دُهْمَةٌ; (S;) in horses, i. q. جَوْنَةٌ: (K:) and in the sun, also, the quality denoted by جَوْنَةٌ [as fem. of جَوْنٌ, q. v.]: and blackness; as in the saying, لَا أَفْعَلُهُ حَتَّى تَبْيَضَّ جُونَةُ القَارِ [I will not do it until the blackness of pitch, or tar, become white]: but if you say القَارِ ↓ جَوْنَةُ, the meaning is the خَابِية [smeared with tar, or pitch]. (S.) A2: A small basket (سُلَيْلَة), (K,) or سَفَط, (K in art. جأن,) of a round form, (TA,) that is with the sellers of perfumes, (S, K,) used for containing their perfumes: (K in art. جأن:) called in Persian شِيشَهْ دَانٌ [a receptacle for bottles or the like]: (KL:) originally with ء: (K:) or sometimes pronounced with ء: (S:) El-Fárisee approved the suppression of the ء: (M, TA:) pl. جُوَنٌ. (S, M, K.) [See also رَبْعَةٌ.]

A3: A small mountain. (K.) جَوْنَآءُ: see جَوْنَةٌ. b2: Also A cooking-pot; (K;) because it is black. (TA.) b3: And A she-camel such as is termed دَهْمَآءُ [of an intense, or a dark, gray colour, without any admixture of white]; from جَانَ said of the face. (K.) جُونِىٌّ: see جَوْنٌ. b2: Also A species of the kind of bird called قَطًا, (S, K,) black in the belly and wings, larger than the [species called] كُدْرِىّ, one of the former species being equal to two of the latter: (S, TA:) or, accord. to ISk, the قطا compose two species; one called جُونِىٌّ and كُدْرِىٌّ; and the other, غَطَاطٌ; and the former is dusky, or dingy, or of a hue inclining to black and dust-colour, (أَكْدَر,) in the back, black in the inner side of the wing, yellow in the throat, short in the legs, having in the tail two feathers longer than the rest of the tail: (T, TA:) or, as some say, the كُدْرِيَّة and جُونِيَّة are one of the two species of the قطا, and the other is the غطاط; and the former are short in the legs, yellow in the necks, black in the primary feathers of the wings, of a white hue tinged with red (صُهْب) in the tertials: (TA voce غطاط, q. v.:) [but see كُدْرِىٌّ: the جونىّ is described by De Sacy, on the authority of the book entitled درّة المنتقاة من عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات, thus: “ le djouni a les barbes internes des ailes et les pennes primaires noires; il a la gorge blanche, ornée de deux colliers, l'un jaune et l'autre noir; son dos est d'un gris cendré, moucheté, mêlé d'un peu de jaune: on appelle cette espèce djouni, parce que sa voix ne rend pas un son clair et sonore, mais qu'elle fait entendre seulement une sorte de gargouillement dans le gosier: ” (Chrest. Arabe, 2nd ed., ii. 369:)] it is stated in the handwriting of As, on the authority of the Arabs, that جونىّ, applied to the قطا, is with ء; app. meaning that it was pronounced جُؤُنِىٌّ: (M, TA:) a single bird of this species is termed جُونِيَّةٌ: (S:) and you say also ↓ قَطَاةٌ جَوْنَةٌ, with fet-h: (TA:) [but جُونِىٌّ seems to be also used as a n. un., like رُومِىٌّ: for it is said that] جُونٌ is pl. [or rather coll. gen. n.] of جُونىٌّ, like as تَمْرٌ is of تَمْرَةٌ. (Ham p. 605.)

جون: الجَوْنُ: الأَسْوَدُ اليَحْمُوميُّ، والأُنثى جَوْنة. ابن سيده:

الجَوْنُ الأَسْوَدُ المُشْرَبُ حُمْرَةً، وقيل: هو النباتُ الذي يَضْرِب

إلى السواد من شدّة خُضْرتِه؛ قال جُهَيْناءُ الأَشجعيّ:

فجاءت كأَنَّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بَجَّها

عَسالِيجُه، والثامِرُ المُتناوِحُ.

القَسْوَرُ: نبتٌ، وبَجَّها عساليجُه أَي أَنها تكاد تَنْفَتِق من

السِّمَن. والجونُ أَيضاً: الأَحمَرُ الخالصُ. والجَوْنُ: الأَبيض، والجمع من

كل ذلك جُون، بالضم، ونظيرُه ورْدٌ ووُرْدٌ. ويقال: كلُّ بعيرٍ جَوْنٌ

من بعيدٍ، وكلُّ لَوْن سواد مُشْرَبٍ حُمْرةً جَوْنٌ، أَو سوادٍ يُخالِط

حمرة كلون القطا؛ قال الفرزدق:

وجَوْن عليه الجِصُّ فيه مَريضةٌ،

تَطَلَّعُ منها النَّفْسُ والموتُ حاضِرُه.

يعني الأَبيضَ ههنا، يَصِفُ قَصْرَه الأَبيض؛ قال ابن بري: قوله فيه

مريضة يعني امرأَة مُنَعَّمةً قد أَضَرَّ بها النَّعيم وثقَّل جِسْمَها

وكسَّلَها، وقوله: تَطَلَّعُ منها النفس أَي من أَجلِها تخرجُ النفسُ،

والموتُ حاضرُه أَي حاضرُ الجَوْن؛ قال: وأَنشد ابن بري شاهداً على الجَوْن

الأَبيض قولَ لبيد:

جَوْن بِصارةَ أَقْفَرَتْ لِمَزاده،

وخَلا له السُّوبانُ فالبُرْعوم.

قال: الجَوْنُ هنا حمارُ الوَحش، وهو يوصَفُ بالبياض؛ قال: وأَنشد أَبو

علي شاهداً على الجَوْن الأَبيض قول الشاعر:

فبِتْنا نُعِيدُ المَشْرَفِيَّةَ فيهمُ،

ونُبْدِئ حتى أَصبحَ الجَوْنُ أَسْوَدا

قال: وشاهدُ الجَوْنِ الأَسْود قولُ الشاعر:

تقولُ خَليلَتي، لمَّا رأَتني

شَرِيحاً، بين مُبْيَضٍّ، وجَوْنِ.

وقال لبيد:

جَوْن دجُوجِيّ وخَرْق مُعَسِّف

وذهب ابن دريد وحْدَه إلى أَن الجَوْن يكون الأَحْمَرَ أَيضاً، وأَنشد:

في جَوْنةٍ كقَفَدانِ العطَّارْ.

ابن سيده: والجَوْنةُ الشمسُ لاسْوِدادِها إذا غابت، قال: وقد يكون

لبَياضِها وصَفائِها، وهي جَوْنة بيّنة الجُونةِ فيهما. وعُرِضَت على

الحجَّاج دِرْعٌ، وكانت صافيةً، فجعل لا يَرى صَفاءها، فقال له أُنَيْسٌ

الجَرْمِيّ، وكان فَصِيحاً: إن الشمسَ لَجَوْنةٌ، يعني أَنها شديدةُ البريقِ

والصَّفاءِ فقد غلبَ صفاؤُها بياضَ الدِّرع؛ وأَنشد الأَصمعي:

غيَّرَ، يا بِنْتَ الحُلَيْسِ، لَوْني

طُولُ اللَّيالي واخْتِلافُ الجَوْنِ،

وسَفَرٌ كانَ قلِيلَ الأَوْنِ

يريد النهار؛ وقال آخر:

يُبادِرُ الجَوْنَة أَن تَغِيبا.

وهو من الأَضدادِ. والجُونةُ في الخَيْل: مثل الغُبْسة والوُرْدة، وربما

هُمز. والجَوْنةُ: عين الشمس، وإنما سُمّيَت جَوْنةً عند مغيبها لأَنها

تَسْوَدُّ حين تغيب؛ قال الشاعر:

يُبادر الجونة أَن تغيبا.

قال ابن بري: الشعر للخَطيم الضَّبابيّ

(* قوله «للخطيم الضبابي» في

الصاغاني للأجلح بن قاسط الضبابي). وصواب إنشاده بكماله كما قال:

لا تَسْقِه حَزْراً ولا حَليباً،

إن لم تَجِدْه سابحاً يَعْبوبا،

ذا مَيْعةٍ يَلْتَهِمُ الجَبُوبا،

يترك صَوَّان الصُّوَى رَكوبا

(* قوله «الصوى» رواية التكملة: الحصى)

بِزَلِقاتٍ قُعِّبَتْ تَقْعِيبا،

يَتْرك في آثارِهِ لهُوبا

يُبادِرُ الأَثْآرَ أَن تَؤُوبا،

وحاجبَ الجَوْنة أَن يَغِيبا،

كالذِّئْب يَتْلُو طَمَعاً قريبا

(* قوله «كالذئب إلخ» بعده كما في التكملة:

على هراميت ترى العجيبا أن تدعو الشيخ فلا يجيبا.)

يَصِفُ فرساً يقول: لا تَسْقِه شيئاً من اللَّبن إن لم تَجِدْ فيه هذه

الخصالَ، والحَزْرُ: الحازِرُ من اللبن وهو الذي أَخذ شيئاً من الحُموضة،

والسابحُ: الشديدُ العَدْوِ، واليَعْبوبُ: الكثيرُ الجَرْي، والمَيْعةُ:

النَّشاطُ والحدَّة، ويَلْتَهم: يَبْتلع، والجَبوبُ: وجهُ الأَرض، ويقال

ظاهرُ الأَرض، والصَّوَّانُ: الصُّمُّ من الحجارة، الواحدة صَوَّانة،

والصُّوَى: الأََعْلامُ، والرَّكوبُ: المذلَّلُ، وعنى بالزالِقات

حَوافِرَه، واللُّهوبُ: جمعُ لِهْبٍ؛ وقوله:

يبادر الأثْآرَ أن تؤوبا.

الأَوْبُ: الرجوع، يقول: يبادر أَثْآرَ الذين يطلبُهم ليُدْرِكَهم قبل

أَن يرجعوا إلى قومِهم، ويبادر ذلك قبْل مغيب الشمس، وشبَّه الفرسَ في

عَدْوِه بذئبٍ طامِعٍ في شيء يَصِيده عن قُرْبٍ فقد تناهى طمَعُه، ويقال

للشمس جَوْنة بيّنة الجُونةِ. وفي حديث أَنس: جئت إلى النبي، صلى الله عليه

وسلم، وعليه بُردةٌ جوْنِيَّة؛ منسوبة إلى الجَوْن، وهو من الأَلوان،

ويقع على الأَسْود والأَبيض، وقيل: الياء للمبالغة كما يقال في الأحْمر

أَحْمَرِيٌّ، وقيل: هي منسوبة إلى بني الجَوْنِ، قبيلة من الأَزْد. وفي حديث

عمر، رضي الله عنه: لما قَدِم الشأْم أَقْبَل على جَمَلٍ عليه جِلْدُ

كَبْشٍ جُونيٍّ أَي أَسْود؛ قال الخطابي: الكَبْشُ الجُونِيّ هو الأَسود

الذي أُشْرِب حُمْرةً، فإذا نسبوا قالوا جُونِيّ، بالضم، كما قالوا في

الدَّهْري دُهْرِيّ، قال ابن الأَثير: وفي هذا نظر إلا أَن تكون الروايةُ

كذلك. والجُونِيّ: ضربٌ من القَطا، وهي أَضْخَمُها تُعْدَلُ جُونيَّةٌ

بكُدْرِيَّتَيْن، وهنَّ سُودُ البطونِ، سُودُ بُطون الأَجْنِحة والقوادمِ،

قصارُ الأَذناب، وأَرْجُلُها أَطْوَلُ من أَرْجُلِ الكُدْرِيّ، وفي الصحاح:

سُودُ البُطونِ والأَجْنِحة، وهو أَكبرُ من الكُدْرِيّ، ولَبانُ

الجُونِيَّة أَبيضُ، بلَبانِها طَوْقانِ أَصْفَرُ وأَسْودُ، وظهْرُها أَرْقَطُ

أَغْبَرُ، وهو كلَون ظَهْرِ الكُدْرِيَّة، إلا أَنه أَحْسَنُ تَرْقِيشاً

تَعْلوه صُفْرةٌ. والجُونِيَّة: غَتْماء لا تُفْصِح بصَوْتِها إذا صاحت إنما

تُغَرْغِرُ بصوْت في حَلْقِها. قال أَبو حاتم: ووجدت بخط الأَصمعي عن

العرب: قَطاً جُؤنيٌّ، مهموز؛ قال ابن سيده: وهو عندي على توهم حركة الجيم

مُلْقاة على الواو، فكأَن الواوَ متحركةٌ بالضمة، وإذا كانت الواوُ

مضمومة كان لك فيها الهمزُ وتركُه في لغة ليست بتلك الفاشِية، وقد قرأَ أَبو

عمرو: عاداً

لُّولَى، وقرأَ ابن كثير: فاسْتَغْلَظَ فاستوى على سُؤْقِه، وهذا

النَّسَبَ إنما هو إلى الجمع، وهو نادِرٌ، وإذا وصَفوا قالوا قطاةٌ جَوْنةٌ،

وقد مَرَّ تفسير الجُونيِّ من القَطا في ترجمة كدر. والجُونةُ: جُونةُ

العطَّارِ، وربما هُمِزَ، والجمع جُوَنٌ، بفتح الواو؛ وقال ابن بري: الهمز في

جؤْنة وجُؤَنٍ هو الأَصل، والواوُ فيها منقلبةٌ عن الهمزة في لغة من

خفَّفها، قال: والجُوَن أَيضاً جمعُ جُونةٍ للآكام؛ قال القُلاخ:

على مَصاميدٍ كأَمثالِ الجُونَ.

قال: والمصاميدُ مثل المَقاحيد وهي الباقياتُ اللبن. يقال: ناقة

مِصْمادٌ ومِقْحادٌ. والجُونةُ: سُلَيْلَةٌ مُسْتديرةٌ مُغَشَّاة أَدَماً تكون

مع العطَّارين، والجمع جُوَن، وهي مذكورة في الهمزة، وكان الفارسيُّ

يَسْتَحسن تَرْكَ الهمزة؛ وكان يقول في قول الأَعشى يَصِف نساءً تَصَدَّين

للرجال حالِياتٍ:

إذا هُنَّ نازَلْنَ أقْرانَهُنَّ،

وكان المِصاعُ بما في الجُوَنْ.

ما قاله إلاّ بطالع سعد، قال: ولذلك ذكرته هنا. وفي حديثه، صلى الله

عليه وسلم: فوجدتُ لِيَدِه بَرْداً وريحاً كأَنما أَخْرَجَها من جُونة

عطَّارٍ؛ الجُونة، بالضم: التي يُعدُّ فيها الطيبُ ويُحْرز. ابن الأَعرابي:

الجَوْنةُ الفَحْمةُ. غيره: الجَوْنةُ الخابيةُ مطليَّة بالقار: قال

الأَعشى:

فقُمْنا، ولمَّا يَصِحْ دِيكُنا،

إلى جَوْنةٍ عند حَدَّادِها.

ويقال: لا أَفعله حتى تَبْيضَّ جُونةُ القار؛ هذا إذا أَردت سوادَه،

وجَوْنةُ القار إذا أَردت الخابية، ويقال للخابية جَوْنة، وللدَّلْو إذا

اسودَّت جَوْنة، وللعرَق جَوْنٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لماتحٍ قال لماتِحٍ

في البئر:

إن كانتِ امّاً امَّصَرت فصُرَّها،

إن امِّصارَ الدَّلْو لا يضُرُّها

أَهْيَ جُوَيْنٌ لاقِها فبِرَّها،

أَنتَ بخَيْرٍ إن وُقِيتَ شرَّها

فأَجابه:

وُدِّي أُوَقَّى خيرَها وشرّها.

قال: معناه على ودّي فأَضمر الصِّفَة وأَعْمَلَها

(* قوله «فأَضمر الصفة

وأعلمها» هكذا في الأصل والتهذيب، ولعل المراد بالصفة حرف الجر إن لم

يكن في العبارة تحريف). وقوله: أَهي جوين، أراد أخي وكان اسمه جُوَيناً،

وكل أَخ يقال له جُوَيْن وجَوْن. سلمة عن الفراء: الجَوْنان طرَفا القَوْس.

والجَوْنُ: اسمُ فرس في شعر لبيد:

تَكاثَرَ قُرْزُلٌ، والجَوْنُ فيها،

وعَجْلى والنَّعامةُ والخَيالُ.

وأَبو الجَوْن: كُنْية النَّمِرِ؛ قال القَتَّال الكلابيّ:

ولي صاحِبٌ في الغار هَدَّكَ صاحِباً،

أَبو الجَوْن، إلا أَنه لا يُعَلَّل.

وابنة الجَوْن: نائحة من كِنْدةَ كانت في الجاهلية؛ قال المُثَقَّب

العَبْدي:

نَوْح ابْنَةِ الجَوْنِ على هالِكٍ،

تَنْدُبُه رافعة المِجْلَدِ.

قال ابن بري: وقد ذكرها المعرّي في قصيدته التي رَثى فيها الشريف الظاهر

المُوسَوِيّ فقال:

من شاعر للبَيْن قال قصيدةً،

يَرْثي الشَّرِيفَ على رَوِيّ القافِ.

جَوْنٌ كبِنْتِ الجَوْن يَصْدَحُ دائباً،

ويَميسُ في بُرْدِ الجُوَيْن الضَّافي

عقرتْ رَكائبك ابنُ دَأْيةَ عادياً،

أَيّ امْرِئٍ نَطِقٍ وأَيّ قَوافِ

بُنِيَت على الإيطاءِ، سالمةً من الـ

إقْواءِ والإكْفاءِ والإصْرافِ.

والجَوْنانِ: مُعاوية وحسَّان بن الجَوْن الكِنْدِيّان؛ وإيَّاهما عنى

جريرٌ بقوله:

أَلم تَشْهَد الجَوْنَين والشِّعْبَ والغَضى،

وشَدَّاتِ قَيْسٍ، يومَ دَيْر الجَماجِم؟

ابن الأَعرابي: التَّجَوُّن تَبْييضُ بابِ العَرُوس. والتَّجوُّنُ:

تَسْويدُ باب الميت. والأَجْؤُن: أَرض معروفة؛ قال رؤبة:

بَيْنَ نَقَى المُلْقَى وَبَيْنَ الأَجْؤُنِ

(* قوله «بين إلخ» صدره كما في التكملة: دار كرقم الكاتب المرقن.

وضبط فيها دار بالرفع وقال فيها فتهمز الواو لأن الضمة عليها تستثقل).

جون
: ( {الجَوْنُ: النَّباتُ يَضْرِبُ إِلَى السَّوادِ من خُضْرَةٍ) شَديدَةٍ؛ قالَ جُبَيْهاءُ الأَشْجَعيّ:
فجاءتْ كأَنَّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بَجَّها عَسالِيجُه والثامِرُ المُتناوِحُالقَسْوَرُ: نَبْتٌ.
(و) الجَوْنُ أَيْضاً: (الأَحْمَرُ) الخالِصُ.
(و) أَيْضاً: (الأَبْيَضُ) ؛) وأَنْشَدَ أَبو عبيدَةَ:
غيَّرَ يَا بِنْتَ الحُلَيْسِ لَوْن يمرُّ اللَّيالي واخْتِلافُ الجَوْنِقالَ: يُريدُ النَّهارَ؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ.
(و) أَيْضاً: (الأسْوَدُ) ، وَهُوَ مِن الأَضْدادِ، كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وَفِي المُحْكَم: هُوَ الأَسْوَدُ المُشْرَبُ حُمْرَةً.
وَفِي التَّهْذِيبِ: الأسْوَدُ اليَحْمُومِيُّ.
قالَ: وكُلُّ لَوْن سَواد مُشْرَبٍ حُمْرةً} جَوْنٌ، أَو سَوادٍ يُخالِطُ حُمْرة كلَوْنِ القَطا.
(و) الجَوْنُ: (النَّهارُ) ، وَبِه فُسِّرَ مَا أَنْشَدَه أَبو عُبَيدَةَ.
(ج! جُونٌ، بالضَّمِّ) ، كوَرْدٍ ووُرْدٍ كَمَا فِي المُحْكَمِ.
وَفِي الصِّحاحِ: مِثْل قوْلِكَ: رَجُلٌ صُتْمٌ وقَوْمٌ صُتْمٌ.
(و) الجَوْنُ (من الإِبِلِ والخَيْلِ: الأدْهَمُ) .
(وَفِي التَّهْذيبِ: ويقالُ كُلُّ بَعيرٍ جَوْنٌ من بَعيدٍ، وكُلُّ حِمارٍ وَحْشِيَ جَوْنٌ من بَعيدٍ، وَهِي {جَوْنةٌ، الجَمْعُ كالجَمْعِ.
وَفِي الصِّحاحِ:} الجُونَةُ، بالضمِّ، مَصْدَرُ الجَوْنِ مِن الخَيْلِ مِثْل الغُبْشَةِ والوُرْدَةِ.
(و) الجَوْنُ: (أَفْراسٌ) مِنْهَا (لمَرْوانَ بنِ زنْباعٍ العَبْسِيِّ.
(و) أَيْضاً: فَرَسُ (الحَارِثِ بنِ أَبي شِمْرٍ الغَسَّانِيِّ) ، وَله يقولُ علْقَمَةُ بنُ عبدَةَ:
فأُقْسِم لَوْلَا فارِسُ الجَوْنِ منهمُلآبُوا خَزَايا والإِيابُ حَبِيبُيُقَدِّمُهُ حتّى تَغِيبَ حُجُولُهُوأَنْتَ لمبيضِ الذِّرَاع ضروبُكذا ذَكَرَه ابنُ الكَلْبي.
(و) أَيْضاً: فَرَسُ (حَسيلٍ الضَّبِّيِّ.
(و) أَيْضاً فَرَسُ (قَتْبِ بنِ سُلَيْطٍ النَّهْدِيِّ.
(و) أَيْضاً فَرَسُ (مالِكِ بنِ نُوَيْرَةَ اليَرْبوعِيِّ) ؛) وَالَّذِي فِي كتابِ الخيْلِ لابنِ الكَلْبيّ أَنَّه لمتممِ بنِ نُوَيْرَةَ، قالَ: وَلها يقولُ مالِكٌ أَخُوه يومَ الكِلابِ:
وَلَوْلَا ذواتِ الجَوْنِ ظلَّ مُتَمِّمٌ بأَرْض الخزَامَى وَهُوَ للذّلِّ عارِفُ (و) أَيْضاً فَرَسُ (امْرِىءِ القَيْسِ بنِ حُجْرٍ) ، وَلها يقولُ:
ظَللْتُ وظَلَّ الجَوْنُ عنْدِي مسرجاً كأَنِّي أُعَدِّي عَن جناحٍ مهيضِ (و) أَيْضاً فَرَسُ (عَلْقَمَة بنِ عَدِيَ.
(و) أَيْضاً فَرَسُ (مُعاوِيَةَ بنِ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ) .
(وَفِي الصِّحاحِ: الجَوْنُ فَرَسٌ فِي شعْرِ لَبيدٍ، رضِيَ اللَّهُ تعالَى عَنهُ: تَكاثَر قُرْزُلٌ {والجَوْنُ فيهاوتَحْجَلُ والنَّعامَةُ والخَيالُ (} وجَوْنُ بنُ قَتادَةَ) بنِ الأَعْورِ التَّمِيمِيُّ البَصْريُّ: (صَحابيٌّ) ، رضِيَ اللَّهُ تعالَى عَنهُ، رَوَى عَن الحَسَنِ فِي دباغِ الميتةِ؛ وقالَ أَحْمدُ: {جَوْنٌ مَجْهولٌ؛ وقالَ ابنُ المَدينيّ: هُوَ مَعْروفٌ، كَذَا فِي شرْحِ المهذبِ للنَّواوِي، رَحِمَــه اللَّهُ تعالَى، (أَو تابِعِيٌّ) عَن الزُّبَيْرِ. وَفِي الثِّقات عَن ابنِ حبَّان: يَرْوِي عَن سلمةَ بنِ المحبّقِ، وَعنهُ الحَسَنُ؛ قالَ الذهبيُّ وَهُوَ أَصَحّ.
(} والجَوْنانِ: طَرَفا القَوْسِ) ؛) نَقَلَهُ الأَزْهرِيُّ عَن الفرَّاء.
(وأَبو عِمرانَ عبدُ المَلِكِ بنُ حَبيبٍ) الكِنْديُّ ( {الجُونيُّ، بالضَّمِّ) ، مِن أَهْلِ البَصْرَةِ، يَرْوِي عَن أَنَسٍ، رَوَى عَنهُ ابنُ عَوْن وشُعْبَةُ والبَصْريونَ، ماتَ سَنَة 123، وقيلَ: سَنَة ثَمَان وعشْرِيْن ومِائَةٍ، كَذَا فِي الثِّقاتِ لابنِ حَبَّان، رَحِمَــهُ اللَّهُ تعالَى. وَفِي الكاشِفِ للذهبيِّ: عَن جندبٍ وأَنَسٍ، وَعنهُ شعْبَةُ والحمادان، ثِقَةٌ وخالَفَهم عَمْرُو بنُ عليَ الفلاس فقالَ: اسْمُه عبدُ الــرَّحْمــن، والأَصحّ الأَوَّل؛ (وابْنُه عُوَيْدٌ، مُحَدِّثانِ) ، فأَبُوه تابعِيٌّ وابْنُه هَذَا رَوَى عَن نَصْر بنِ عليَ الجهْضَمِيّ.
(} والجَوْنَةُ: الشَّمْسُ) لاسْوِدادِها إِذا غابَتْ، وَقد يكونُ لبَياضِها وصَفائِها، وَهِي {جَوْنَة بيِّنَةُ} الجُوْنةِ فيهمَا؛ كَمَا فِي المُحْكَم.
وقيلَ: إِنَّما يقالُ لَهَا جَوْنَةً عنْدَ الغُروبِ خاصَّةً، فَلَا يقالُ: طَلَعَتِ! الجَوْنةُ عَكْس مَا قالُوه فِي الغَزالَةِ؛ كَمَا قالَهُ شيْخُنا.
قُلْت: ويدلُّ لَهُ قَوْل الشاعِرِ: تُبَادِر الجَوْنَةُ أَنْ تَغِيبا وعُرِضَتْ على الحجَّاجِ دِرْعٌ فجَعَل لَا يَرْى صَفاءَها، فقالَ لَهُ أُنَيْسٌ الجَرْمِيُّ، وَكَانَ فَصِيحاً: إنَّ الشمْسَ {لجَوْنَةٌ، أَي أنّها شَديدَةُ البَريقِ والصَّفاءِ؛ زادَ الأَزْهرِيُّ: فقد قَهَرَتْ لَوْن الدِّرْع.
(و) الجَوْنَةُ: (الأَحْمَرُ.
(و) قالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: الجَوْنَةُ (الفَحْمَةُ.
(و) الجَوْنَةُ: (ة بينَ مَكَّةَ والطَّائِفِ.
(و) الجُونَةُ، (بالضَّمِّ: الدُّهْمَةُ فِي الخَيْلِ) مِثْل الغُبْشَةِ والوُرْدَةِ، وَهُوَ مَصْدَرُ الجَوْن، كَمَا فِي الصِّحاحِ.
(و) الجُونةُ: (سُلَيْلَةٌ) مُسْتديرَةٌ (مُغَشَّاةٌ أَدَماً تكونُ مَعَ العَطَّارِينَ، والأَصْلُ الهَمْزُ) ، كَمَا تقدَّمَ عَن ابنِ قرقول؛ (ج) } جُوَنٌ (كصُرَدٍ) .
(وَفِي الصِّحاحِ: ورُبَّما هَمَزوا.
وَفِي المُحْكَم: وَكَانَ الفارِسِيُّ يَسْتَحْسنُ تَرْكَ الهَمْزَةِ؛ وَكَانَ يقولُ فِي قَوْلِ الأَعْشَى:
إِذا هُنَّ نازَلْنَ أَقْرانَهُنَّ وَكَانَ المِصاعُ بِمَا فِي الجُوْنْ.
مَا قالَهُ إلاَّ بطالِعِ سَعْد، ولذلِكَ ذَكَرْته هُنَا.
(و) الجَوْنَةُ: (الجَبَلُ الصَّغيرُ.
( {والجُونِيُّ، بالضَّمِّ: ضَرْبٌ من القَطا) سُودُ البُطونِ والأَجْنِحةِ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِن الكُدْرِيِّ، تُعْدَلُ} جُونِيَّةٌ بكُدْرِيَّتَيْنِ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وَفِي المُحْكَم، بخطِّ الأَصْمَعيّ عَن العَرَبِ: قَطاً! جُؤْنيٌّ بهَمْز، وَهُوَ عنْدِي على توهّمِ حَرَكَةِ الجيمِ مُلْقاة على الواوِ، فكأَنَّ الواوَ مُتحَركةٌ بالضمِّ، وَإِذا كَانَت الواوُ مَضْمومَةً كَانَ لَكَ فِيهَا الهَمْزُ وتركُه، وَهِي لُغَةٌ ليْسَتْ بفاشِيَةٍ، وقَرَأَ ابنُ كثيرٍ: على سُؤْقِه، وَهِي نادِرَةٌ.
وَفِي التَّهْذِيبِ: قالَ ابنُ السِّكِّيت: القَطا ضَرْبان: ضَرْبٌ {جُونِيٌّ وكُدْرِيُّ أَخْرجُوه على فُعْليَ،} فالجُونيُّ والكُدْرِيُّ واحِدٌ، والضَّرْبُ الثَّانِي: الغَطاطُ والكُدْرِيُّ، {والجُونيُّ مَا كانَ أَكْدَرَ الظهْرِ أَسْوَد باطِنِ الجَناحِ مُصْفَرَّ الْحلق قَصِيْر الرِّجْلَيْن، فِي ذَنَبِه رِيْشات أَطْول مِن سائِرِ الذَّنَبِ، والغَطاطُ مِنْهُ: أَسْوَدَ باطِنِ الجناحِ، واغْبَرَّتْ ظُهورُه غبْرَةً ليْسَتْ بالشَّديدَةِ وعَظُمَتْ عُيونُه.
(} والتَّجَوُّنُ: تَبْيِيضُ بابِ العَرُوسِ وتَسْويدُ بابِ المَيِّتِ) ؛) نَقَلَهُ الأَزْهرِيُّ، رَحِمَــهُ اللَّهُ تعالَى.
(و) {جُوَيْنٌ، (كزُبَيْرٍ: كُورَةٌ بخُراسانَ) تَشْتَمِلُ على قُرًى كَثيرَةٍ مُجْتَمعةٍ يقالُ لَهَا كُوَيْن فعُرِّبَتْ، مِنْهَا أَبو عِمرانَ موسَى بنُ العبَّاسِ} الجُوَيْنيُّ شيخُ أَبي بكْرِ بنِ خزيمَةَ صنَّفَ على مُسْلم؛ وَمِنْهَا أَيْضاً الإِمامُ أَبو المَعالِي عبدُ المَلِكِ بنُ عبْدِ اللَّهِ بنِ يوسُفَ الجُوَيْنيُّ، إمامُ الحَرَمَيْن، وشُهْرتُه تُغْني عَن ذِكْرِه.
(و) جُوَيْنُ أَيْضاً: (ة بسَرَخْسَ) مِنْهَا أَبو المَعالِي محمدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عبْدِ اللَّهِ بنِ الحَسَنِ الجُوَيْنيُّ السَّرخسيُّ تَفَقَّه على أَبي الحسَنِ الشرنقانيِّ (، ورَوَى عَنهُ.
( {والجَوْناءُ: الشَّمْسُ) لاسْوِدَادِها عنْدَ المَغِيبِ.
(و) أَيْضاً: (القِدْرُ) لكَوْنِه أَسْوَد.
(و) أَيْضاً: (النَّاقَةُ الدَّهْماءُ، مِن قوْلِهم:} جانَ وجْهُه) {جوناً (أَي اسْوَدَّ.
(و) يقالُ: (ماءٌ} مُجَوْجِنٌ) ، أَي (مُنْتِنٌ) .
(قُلْت: إيرادُه فِي هَذَا الترْكِيبِ محلُّ نَظَرٍ، فإنَّه إِن كانَ وَزْنَه مُفَوْعَل فحقّه أنْ يُذْكَرَ فِي ججن، فتأَمَّلْ.
(وسَمَّوْا {جُواناً، كغُرابٍ وزُبَيْرٍ) ؛) ومِن الأَخيرِ: جُوَيْنُ بنُ سِنْبِسٍ، بَطْنٌ من طيِّىءٍ؛} وجُوَيْنُ بنُ عبْدِ رِضا بِن قمران جَدُّ الأَسْوَد بنِ عامِرِ بنِ جُوَيْنٍ الشاعِر الطَّائِيّ.
( {والجَوْنينُ: ة بالبَحْرَيْنِ.
(} والجَوَّانَةُ) ، بالتَّشْديدِ: (الاِسْتُ) ، وَهَذَا كَمَا يقُولونَ أُمُّ سويدٍ.
( {وجاوانُ: قَبيلَةٌ مِن الأَكْرادِ سَكَنوا الحِلَّةَ المَزْيَدِيَّةَ) بالعِرَاقِ، (مِنْهُم الفَقيهُ محمدُ بنُ عليَ} الجاوانِيُّ) الكِرْدِيُّ الحلِّيُّ الشافِعِيُّ، رَحِمَــه اللَّهُ تَعَالَى.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
الجَوْنُ، بالفتْحِ: مُعاوِيَةُ بنِ حجرِ بنِ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ بنِ مُعاوِيَةَ بنِ ثَوْرِ بنِ عَمْرِو بنِ مُرَقع بنِ مُعاوِيَةَ بنِ ثورِ بنِ كنْدَةَ، وَهُوَ أَبو بطْنٍ، مِنْهُم أَسْماءُ بنْتُ النُّعْمان بنِ عَمْرِو بنِ جَوْن! الجونِيَّةُ الكِنْدِيَّةَ، دَخَلَ عَلَيْهَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتَعَوَّذَتْ مِنْهُ فطَلَّقَها، فذَكَروا أنَّها ماتَتْ كَمَداً.
وَفِي الأَزْدِ: الجَوْنُ بنُ عَوْفِ بنِ مالِكِ بنِ فهْمِ بنِ غنمِ بنِ دَوْسٍ.
قالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مِنْهُم أَبو عِمْرانَ {الجونيُّ المتقدِّمُ ذِكْرَه.
قُلْت: وَالَّذِي ذَكَرَه ابنُ حَبَّان أنَّه مِن جَوْنِ كنْدَةَ.
والجَوْنُ: لَقَبُ موسَى بنِ عبْدِ اللَّهِ بنِ الحَسَنِ بنِ عليِّ بنِ أَبي طالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم أَجْمَعِيْن، كَانَ أَسْودَ اللَّوْنِ فلَقَّبَتْه أُمُّه بذلِكَ وَكَانَت تُرَقِّصُه وَهُوَ طفْلٌ وتقولُ:
إنَّك أَن تكون} جَوْناً أقرعاً يُوشِكُ أنْ تَسُودَهُم وتَبْرَعا {وجُونِيَةُ، بالضمِّ: مِن قُرَى الشامِ، وَمِنْهَا أَحْمدُ بنُ محمدِ بنِ عبيدِ السّلميُّ} الجونيُّ مِن شيوخِ الطَّبْرانيّ؛ نَقَلَهُ ابنُ السّمعانيِّ.
وخَلَفُ بنُ حُصَيْنِ ابنِ جُوانٍ، كغُرابٍ، {الجُوانيُّ الوَاسِطيُّ عَن محمدِ بنِ حَسَّان، وَعنهُ ابنُ صاعِدٍ، ذَكَرَه ابنُ السَّمعانيّ، رَحِمَــه اللَّهُ تعالَى.
وكسَحابٍ: محمدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ} جَوانٍ {الجَوَانيُّ؛ قالَ مَنْصور: قَدِمَ الإِسْكَنْدَريَّة وحَدَّثَ بهَا عَن أَبي الفتوحِ بنِ المُقْري، وَكَانَ فاضِلاً.
والإِمامُ النسَّابَةُ أَبو عليِّ محمدُ بنُ أَسْعد بنِ عليَ الحُسَيْنيُّ} الجَوَّانيُّ، بفتحٍ وتشْديدٍ، إِلَى {الجَوَّانيَّةُ مِن قُرَى المَدينَةِ، وُلِدَ سَنَة 525 وتُوفي سَنَة 588، وَلِيَ نَقابَةَ الأَشْرافِ، وَله عدَّةُ مُؤَلَّفات.
وَقَالُوا: قَطاةٌ} جَوْنَةٌ، بالفتْحِ، إِذا وَصَفوا.
وابْنةُ الجَوْنِ نائِحَةٌ مِن كنْدَةَ؛ قالَ المُثَقَّبُ العَبْديُّ:
نَوْح ابْنَةِ الجَوْنِ على هالِكٍ تَنْدُبُه رافعةَ المِجْلَد {ِوالأَجْؤنُ: أَرْضٌ مَعْروفَةٌ؛ قالَ رُؤْبَة:
بَيْنَ نَقَا المُلْقَى وبَيْنَ} الأَجْؤنِ وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ: يقالُ للخَابِيةِ جَوْنةٌ، وللدَّلْو إِذا اسْوَدَّتْ جَوْنةٌ، وللفرق جَوْنٌ.
وَفِي الصِّحاحِ: يقالُ: لَا أَفْعَلَه حَتَّى تَبْيضَّ {جُونَةُ القارِ، هَذَا إِذا أَرَدْتَ سَوادَه،} وجَوْنَةُ القارِ إِذا أَرَدْتَ الخابِيَةَ، اه.
وكُلُّ أَخٍ يقالُ لَهُ {جُوَيْنٌ} وجَوْنٌ؛ عَن ابنِ الأَعْرابيِّ.
والجونُ: حصْنٌ عادِيٌّ باليَمامَةِ.
ج و ن: (الْجَوْنُ) الْأَبْيَضُ وَالْجَوْنُ أَيْضًا الْأَسْوَدُ وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ وَجَمْعُهُ (جُونٌ) . وَ (الْجُونَةُ) بِالضَّمِّ جُونَةُ الْعَطَّارِ وَرُبَّمَا هُمِزَ. قُلْتُ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْجُونَةُ سُلَيْلَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ مُغَشَّاةٌ أَدَمًا تَكُونُ مَعَ الْعَطَّارِينَ. 
جون: جوَّن بالتشديد: دوَّر (فوك) وعسّق، قعَّر، جوّف (بوشر وذهب هدرا، خسر، رداهن، تملق، وغر، غشَّ، ختل، خدع (بوشر).
تجوَّن: جاءت في معجم فوك في مادة دوَّر.
تجُّون: تَعمّق (بوشر) وتغلغل إلى قعر الشيء، ونهايته. يقول فليشر في طبعته ألف ليلة ج12 المقدمة ص93 أن معناها توغل في الغار (ألف ليلة برسل 4: 107).
وتجوَّن البحر: توغل في الأرض وكون جونا أي خليجا (معجم الادريسي).
ويقال في الكلام عن أرض قلعة: وقد تجونت نواحيها وأقطارها (عباد1: 5 وأنظر 3: 13) أي امتدت واتسعت (أنظر: 3: 23آ).
وتستعمل تجوّن مجازا بمعنى توغل في الفجور (دي ساسي لطائف 1: 151) وقد أساء الناشر تفسيرها في ص471).
وتجوَّن: تبحّر وتعمق في المعرفة؛ وعرض نفسه للخطر؛ وضل وأخطأ (بوشر). جان: برنز، نحاس أحمر (همبرت ص170).
جَوْن ويجمع على أجْوان: خور خليج (فوك، بوشر، محيط المحيط وهو فيه جُون بالضم، معجم الادريسي).
وجوناً: سائرا في محاذاة الجون (معجم الادريسي).
والجون بالتعريف: النجم وهو من نجوم الدب الأكبر (القزويني 1: 30، 43).
جَوْنَة: وهدة بين جبلين، ومجازا: نقرة العين. ففي المنصوري: جَوْنَة هي الوهدة بين جبلين استعارها لنقرة العين.
وجونة: شُرَيْم، خُليج، فرضة، ملجأ للسفن (بوشر).
جَوَان (فارسية): غلام (ألف ليلة برسل 7: 291) أنظر المادة التي تليها.
جوين: عميق (بوشر) - وتعني هذه الكلمة التي جاءت في ألف ليلة (برسل 7: 283) فيما يقوله هابشت (رجلا قد خدع) لأنه وجد في معجم بوشر أن الفعل جَوَّن يعني خدع ولكن فليشر يرى، في مجلة درسدورف (1839 ص433) وهو محق، إنه لا يمكن اشتقاق صيغة جوين من جوَّن، وهو يرى أن لمة جوين هي الصيغة العربية لكلمة جوان الفارسية أو تصغيرها ومعناها غلام، فتى التي وردت في ألف ليلة (7: 291).
وأخيرا فإني أي أن كلمة حزين التي وردت في ألف ليلة (7: 284) إنما صوابها (جوين) أيضاً.
جوينة: تمّ، إوز عراقي (همبرت ص66).
جاون: ذكر هذه الكلمة ابن خلكان (1: 279) في ترجمته للزمخشري، قال: وهو يمشي في جاون خشب لأن إحدى رجليه كانت سقطت من الثلج. كما وردت في عبارة أخرى (8: 80 وستنفيلد).
إن استعماله حرف الجر (في) يحملني على الظن أن المقصود (رجل من خشب) وليس (عكازا) ولو أن المصنف أراد عكازا لاستعمل الكلمة المألوفة.
تَجْوِين: تجويف (بوشر).

حسس

حسس: {حسيسها}: صوتها. {أحس}: علم ووجد. {تحسونهم}: تستأصلونهم قتلا. 
(ح س س) : (الْحِسُّ) وَالْحَسِيسُ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ.
(حسس) - في حَدِيثِ قَتادَة: "أن المُؤمِن لَيَحِسُّ للمُنافِقِ" .
: أي يَأوِي ويَتوجَّع له.
قاله صاحِبُ التَّتِمَّة: وحَسْحَس: تَوجَّع.
ح س س

أحسست منه مكراً، وأحسست منه بمكر. وما أحسسنا منه خبراً، وهل تحس من فلان بخبر. وتعالى الله أن يدرك بحاسّة من الحواس. ومن أين حسست هذا الخبر. واخرج فتحسس لنا. وضرب فما قال حس. وجيء به من حسك وبسك. وأنشد يصف امرأة ويشكوها:

تركت بيتي من الأشيا ... ء قفراً مثل أمسِ

كلّ شيء كنت قد جم ... عت من حسي وبسي

وصبحوهم فحسوهم: قتلوهم قتلاً ذريعاً " إذ تحسونهم بإذنه ". والنفساء تشتكي حساً في رحمــها أي وجعاً.

ومن المجاز: حس البرد الزرع، والبرد محسة للنبات، وأصابتهم حاسة من البرد. وانحس شعره: تساقط، وانحست أسنانه: تحاتت. وحس الدابة بالمحسة: أزال عنها الغبار.
ح س س: (الْحِسُّ) وَ (الْحَسِيسُ) الصَّوْتُ الْخَفِيُّ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: 102] وَحَسُّوهُمُ اسْتَأْصَلُوهُمْ قَتْلًا وَبَابُهُ رَدَّ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152] وَ (حَسَّ) الدَّابَّةَ فَرْجَنَهَا وَبَابُهُ أَيْضًا رَدَّ، وَ (الْمِحَسَّةُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ الْفِرْجَوْنُ. وَ (الْحَوَاسُّ) الْمَشَاعِرُ الْخَمْسُ وَهِيَ: السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَاللَّمْسُ. وَ (أَحَسَّ) الشَّيْءَ وَجَدَ حِسَّهُ. قَالَ الْأَخْفَشُ: أَحَسَّ مَعْنَاهُ ظَنَّ وَوَجَدَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} [آل عمران: 52] وَ (حَسَّانُ) اسْمُ رَجُلٍ: إِنْ جَعَلْتَهُ فَعْلَانَ مِنَ الْحِسِّ لَمْ
تُجْرِهِ، وَإِنْ جَعَلْتَهُ فَعَّالًا مِنَ الْحُسْنِ أَجْرَيْتَهُ لِأَنَّ النُّونَ حِينَئِذٍ أَصْلِيَّةٌ. 
ح س س : الْحِسُّ وَالْحَسِيسُ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ وَحَسَّهُ حَسًّا فَهُوَ حَسِيسٌ مِثْلُ: قَتَلَهُ قَتْلًا فَهُوَ قَتِيلٌ وَزْنًا وَمَعْنًى وَأَحَسَّ الرَّجُلُ الشَّيْءَ إحْسَاسًا عَلِمَ بِهِ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ مَعَ الْأَلِفِ قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} [آل عمران: 52] وَرُبَّمَا زِيدَتْ الْبَاءُ فَقِيلَ أَحَسَّ بِهِ عَلَى مَعْنَى شَعَرَ بِهِ وَحَسَسْتُ بِهِ مِنْ بَابِ قَتَلَ لُغَةٌ فِيهِ وَالْمَصْدَرُ الْحِسُّ بِالْكَسْرِ تَتَعَدَّى بِالْبَاءِ عَلَى مَعْنَى شَعَرْتُ أَيْضًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَفِّفُ الْفِعْلَيْنِ بِالْحَذْفِ فَيَقُولُ أَحَسْتُهُ وَحَسْتُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَفِّفُ فِيهِمَا بِإِبْدَالِ السِّينِ يَاءً فَيَقُولُ حَسَيْتُ وَأَحْسَيْتُ وَحَسِسْتُ بِالْخَبَرِ
مِنْ بَابِ تَعِبَ وَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ فَيُقَالُ حَسَسْتُ الْخَبَرَ مِنْ بَابِ قَتَلَ فَهُوَ مَحْسُوسٌ وَتَحَسَّسْتُهُ تَطَلَّبْتُهُ وَرَجُلٌ حَسَّاسٌ لِلْأَخْبَارِ كَثِيرُ الْعِلْمِ بِهَا وَأَصْلُ الْإِحْسَاسِ الْإِبْصَارُ.
وَمِنْهُ {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: 98] أَيْ هَلْ تَرَى ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْوِجْدَانِ وَالْعِلْمِ بِأَيِّ حَاسَّةٍ كَانَتْ وَحَوَاسُّ الْإِنْسَانِ مَشَاعِرُهُ الْخَمْسُ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَاللَّمْسُ الْوَاحِدَةُ حَاسَّةٌ مِثْلُ: دَابَّةٍ وَدَوَابَّ وَحَسَّانُ اسْمُ رَجُلٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنْ الْحِسِّ فَتَكُونُ النُّونُ زَائِدَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْحُسْنِ فَتَكُونَ أَصْلِيَّةً وَعَلَى الْمَعْنَيَيْنِ يُبْنَى الصَّرْفُ وَعَدَمُهُ. 
[حسس] فيه: متى "أحسست" أم ملدم، أي متى وجدت مس الحمى، والإحساس العلم بالحواس، وهي مشاعر الإنسان الخمس الظاهرة. ومنه. فسمع "حس" حية، أي حركتها وصوت مشيها. مد: "لا يسمعون حسيسها" أي صوتها. نه ومنه: إن الشيطان "حساس" لحاس، أي شديد الحس والإدراك. وفيه لا "تحسسوا" ولا تجسسوا، تقدم في جيم، وفيه فهل "حستما" من شيء؟ قالا: لا، حسست وأحسست بمعنى فحذف إحدى السينين، وسيبين في آخر الباب. وفي ح السويق: اشربي فإنه يقطع "الحس"، وهو وجع يأخذ المرأة عند الولادة وبعدها. وفيه: "حسوهم" بالسيف "حسا" أي استأصلوهم قتلاً، لقوله تعالى: {إذ تحسونهم بإذنه} وحس البرد الكلأ إذا أهلكه. ومنه ح على: لقد شفى وحاوح صدري "حسبكم" إياهم بالنصال. وح: كما أزالوكم "حسا" بالنصال. ومنه ح الجراد: إذا "حسه" البرد فقتله. وجراد "محسوس" أي قتله البرد، وقيل: مسته النار. وفيه: ادفنوني في ثيابي و"لا تحسوا" عني تراباً، أي لا تنفضوه. ومنه: "حس" الدابة وهو نفض التراب عنها. ومنه ح: "يحس" عن ظهور دواب الغزاة الكلال، أي يذهب عنها التعب بحسها وإسقاط التراب عنها. وفيه: وضع يده في البرمة ليأكل فاحترقت أصابعه فقال "حس" بكسر سين وتشديد، كلمة يقولها الإنسان إذا أصابه ما مضه وأحرقه غفلة كالجمرة والضربة ونحوهما. ومنه: أصاب قدمه قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "حس". وح: قطعت أصابع طلحة يوم أحد فقال: "حس"، فقال: لو قلت: بسم الله، لرفعتك الملائكة، وفيه طلبت نفس ابنة عم لي فقالت: أو تعطيني مائة دينار، فطلبتها من "حسي" وبسي، أي من كل جهة، يقال: جيء به منوبسك، أي من حيث شئت. وفيه: إن المؤمن "ليحس" للمنافق، أي يأوى له ويتوجع، يقال: حسست له، بالفتح والكسر أي رققت. ن: فلما "حس" النبي صلى الله عليه وسلم أنا خلفه، وروى: أحس، وهو الفصيح. وأسقى فرسه و"أحسه" أي أحكه. ج: من "أحس" الفتى الدوسي؟ أي من عرفه وعلم معرفة حس أي أبصره. غ: سنة "حسوس" تأكل كل شيء. و"أحس" أي أبصر ثم وضع موضع العلم. و"المحسة" الفرجون. و"حس" أي أوه.
[حسس] الحِسُّ والحَسيسُ: الصوت الخفي. وقال الله تعالى: {لا يَسْمَعونَ حسيسها} والحس أيضا: وجع يأخذ النَفساء بعد الولادة. ويقال أيضاً: أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ. معناه ألْحِقِ الشئ بالشئ، أي إذا جاءك شئ من ناحية فافعل مثله. والحِسُّ أيضاً: مصدر قولك حَسَّ له، أي رَقَّ له. قال القَطامي: أَخوكَ الذي لا تَملِكُ الحِسَّ نَفْسُهُ * وتَرْفَضُّ عند المُحْفظاتِ الكتائف * والحس أيضا: برد يحرق الكلأ. والحَسُّ بالفتح: مصدر قولك حَسَّ البردُ الكلأ يَحُسُّهُ، بالضم. وحَسَسْناهُمْ، أي استأصلناهم قتلاً. وقال تعالى: {إذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} . وحَسَّ البردُ الجرادَ: قتله. والحَسيسُ: القتيل. قال الأفوه: نَفْسي لهُمْ عند انْكِسارِ القَنا * وقد تَرَدَّى كُلُّ قِرْنٍ حَسيسْ * وحَسَسْتُ الدابَّة أَحُسُّها حَسَّاً، إذا فَرْجَنْتَها. ومنه قول زيد بن صوحانَ حين ارْتُثَّ يومَ الجملِ: " ادْفِنوني في ثيابي ولا تَحُسُّوا عني تُراباً "، أي لا تنفصوه. ويقال: البرد محسة للكلا، أي أنه يحرقه. والمحسة أيضاً: لغة في المَحَشَّةِ، وهي الدبر. والمحسة، بكسر الميم: الفرجون. والحواس: المشاعر الخمس: السمع، والبصر، والشمّ، والذوق، واللمس. ويقال أيضاً: أصابتهم حاسَّةٌ، وذلك إذا أضرَّ البردُ أو غيره بالكلأ. وحَواسُّ الأرض خمسٌ: البَرْدُ، والبَرَدُ، والريح، والجراد، والمواشي. وسنةٌ حَسوسٌ، أي شديدةُ المَحْلِ. وحَسَسْتُ له أَحِسُّ بالكسر، أي رَقَقْتُ له. قال الكميت: هَلْ مَنْ بَكى الدار راج أن تحس له * أو يُبْكيَ الدارَ ماءُ العَبْرَةَ الخَضِلُ * قال أبو الجرّاح العُقَيْليُّ: ما رأيت عُقَيليَّاً إلاَّ حَسَسْتُ له. وحَسِسْتُ له أيضاً بالكسر لغة فيه، حكاها يعقوب. ويقال أيضا: حسست بالخبر وأَحْسَسْتُ به، أي أَيْقَنْتُ به. وربما قالوا حسيت بالخبر وأحسيت به، يبدلون من السين ياء. قال أبو زبيد : خلا أن العتاق من المطايا * حَسينَ به فَهُنَّ إليه شوس * وربما قالوا: أحست منهم أحدا، فألقوا إحدى السينين استثقالا، وهو من شواذ التخفيف. وأبو عبيدة يروى قول أبى زبيد:

أحسن به فهن إليه شوس * وأصله أحسسن. وأحسست الشئ: وجدت حسه. قال الأخفش: أَحْسَسْتُ، معناه ظننت ووجدت، ومنه قوله تعالى: {فلما أحس عيسى منهم الكفر} . والانحساس: الانقلاعُ والتحاتُّ. يقال انْحَسَّتْ أسنانُه. قال الراجز : في معدن الملك الكريم الكرس * ليس بمقلوع ولا منحس * وتحسست من الشئ، أي تخبرت خبره. وحَسَسْتُ اللحم وحَسْحَسْتُهُ بمعنىً، إذا جعلتَه على الجمر. ومنه جراد محسوس، إذا مسته النار أو قتلتْه. وحَسَسْتُ النارَ، إذا رددْتها بالعصا على خُبْزِ المَلَّةِ أو الشِواءِ من نواحيه لينضَج. ومن كلامهم: قالت الخبزة: " لولا الحس ما باليت بالدس ". وربما سموا الرجل الجواد حسحاسا. قال الراجز:

محبة الابرام للحسحاس * وبنوا الحسحاس: قوم من العرب. والحساس: بالضم: الهف، وهو سمك صغار يجفف. وأما قول الراجز: رب شريب لك ذى حساس * شرابه كالحز بالمواسى * فيقال: هو سوء الخلق. وقال الفراء: هو الشؤم. حكاه عنه سلمة. وقولهم ضربه فما قال حَسِّ يا هذا، بفتح أوله وكسر آخره: كلمة يقولها الانسان إذا أصابه غَفْلَةً ما مَضَّهُ وأحرقه، كالجمرة. وقولهم: ائت به من حَسِّكَ وبَسِّكَ، أي من حيث شئت. ويقال: بات فلان بحَسِّهِ سوء، أي بحال سوء. وحسان: اسم رجل، إن جعلته فعلان من الحس لم تجره، وإن جعلته فعالا من الحسن أجريته، لان النون حينئذ أصلية.
حسس
ابن الأعرابي: الحَسُّ: الحِيلة، يقال: لآخُذَنَّ الشيء بِحَسّ أو بِبَسٍّ: أي بِرِفقٍ أو مُشادَة.
وقولهم: ائتِ به من حَسِّك وبَسِّك: أي من حيث شئت. هذا قول الأصمعي، ومنهم من يُنَوِّن.
وكان بعض الصالحين يمدُّ يدهُ إلى شعلة نار؛ فإذا لذعتها قال: حَسِّ حَسِّ؛ كيف صبرُكِ على نار جهنم وتجزَعين من هذه. قال الأصمعي: حَسِّ: مثل أوَّه.
وضُرِبَ فلان فم قال حَسِّ ولا بَسِّ. ولما كان يوم أُحُد أُصيبَت إصبع طلحة - رضي الله عنه - فقال: حَسِّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلّم -: مَهْ؛ لو قُلْتَ: بسم الله لرأيت بنيانك في الجنة، وأنت في الجنة. وقال ابن دريد: هي كلمة تقال عند الألم، قال العجّاج:
وما أراهم جَزَعا بِحَسِّ ... عَطْفُ البلايا المَسَّ بَعْدَ المَسِّ
والحَسُّ: القتل. ومنه قوله تعالى:) إذْ تَحُسُّوْنَهم بإذْنِه (أي تقتلونهم وتستأصلونهم.
ويقال: البَرْدُ مَحَسَّة للنَبْتِ: أي مُحرِقَةٌ له ذاهِبةٌ به.
وسَنَةٌ حَسُوس: تأكل كل شيء، من قولهم: حَسَّ البَرْدُ الكلأ يَحُسُّه. وحَسَّ البَرْدُ الجَرَادَ: قَتلَه.
والحَسيس: القتيل، فعيل بمعنى مفعول، قال الأفْوَه الأوْديُّ:
نفسِي لهُم عندَ انْكسار القَنا ... وقد تردّى كلُّ قِرْنٍ حَسيسْ
ويروى: حَبيس.
والحَسيس: الكريم.
وقوله تعالى:) لا يَسْمَعُونَ حَسِيْسَها (أي حِسَّها وحركة تَلَهُّبِها.
وقال إبراهيم الحَرْبي - رحمــه الله -:الحِسُّ والحَسيسْ: أن يمُرَّ بك قريباً فتسمعه ولا تراه، ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلّم -: أنَّه كان في مسجد الخَيف فَسَمِع حِسَّ حية فقال: اقتلوها.
وحَسَسْتُ الدابة أحُسُّها حَسّا: إذا فَرْجَنْتَها. ومنه حديث زيد بن صوحان العبدي - رضي الله عنه - حين ارْتُثَّ يوم الجمل أنَّه قال: ادفنوني في ثيابي ولا تَحُسُّوا عني تُرابا، أي لا تَنفضوه. ومنه حَسُّ الدابة، إنَّما هو نفضُكَ التراب عنها. والمِحَسَّة: الفِرجَون. ومنه حديث يَحيى بن عبّاد: ما من ليلة إلا وفيها مَلَكٌ يَحُسُّ عن ظُهُور دواب الغزاة الكلال. وجَرَاد مَحْسوس: مَسَّتْهُ النار حتى قتَلتَه، من الحَسِّ وهو القتل. ومنه حديث عمر - رضي الله عنه -: أنَّه أُتِيَ بِجَرادٍ محسوس فأكله. وقال حسَّان بن أنس: كنتُ عند ابنِ أختٍ لعائشة - رضي الله عنها - فَبَعَثَت إليه بِجَرادٍ محسوس.
والحاسوس: الذي يَتَحَسّس الأخبارَ؛ مثل الجاسوس، وقيل: الحاسوس في الخير والجاسوس في الشر.
وقال ابن الأعرابي: الحاسوس: المشؤمُ من الرجال.
ويقال: سَنَةٌ حاسوس وحَسوسٌ: إذا كانت شديدة قليلة الخير، قاله أبو عُبَيدَة وأنشَدَ لرُؤبَةَ:
فَتىً يُجَلّي المَحْلَ والبَئيسا ... بِمُسْفِراتٍ يَكشِفُ النُّحوسا
إذا شَكَونا سَنَةً حَسُوسا ... تأكُلُ بعد الأخضَرِ اليَبيسا
ويروى: تَشَكَّوْا.
والمَحَسَّة والمَحَشَّة: الدُّبُرُ.
والحَوَاسُّ: المشاعِرُ الخَمْسُ؛ وهي السَّمع والبصر والشَّم والذَّوق واللَّمس، الواحدة: حاسَّة.
ويقال - أيضاً -: أصابَتْهم حاسَّة؛ وذلك إذا أضَرَّ البّرْد أو غيره بالكلأ.
وحواسُّ الأرض خَمسٌ: البَرْدُ والبَرَدُ والرِّيح والجَرَاد والمَوَاشي.
وحَسَسْتُ له أحِسُّ - بالكسر -: أي رَقَقْتُ له، قال الكُمَيت:
هل مَنْ بكى الدارَ راجٍ أن تَحِسَّ له ... أو يَبكي الدار ماءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ
وقال أبو الجرّاح العُقَيْلي: ما رأيتُ عُقَيلياً إلاّ حَسَسْتُ له، وحَسِسْتُ له - بالكسر - أيضاً، لُغةٌ حكاها يعقوب. ومنه قولهم: إنَّ العامريَّ لَيَحِسُّ للسَّعديِّ؛ لِما يقال بينهما من الــرَّحمِ، والمصدر الحِسُّ - بالكسر -، قال القطاميُّ:
أخوكَ الذي لا تَمْلِكُ الحِسَّ نفسُهُ ... وتَرْفَضُّ عند المُحفِظاتِ الكَتاَئفٌ
وقال إبراهيم الحربيّ - رحمــه الله - في غريب الحديث من تأليفه: المصدر الحَسُّ، والاسم الحِسُّ.
وحَسَسْتُ الشيء: أي أحسَسْتُه. ومنه الحديث: أنَّ أعرابياً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلّم - فأعجَبَهُ جَلَدَهُ؛ فقال: متى حَسَسْتَ أُمَّ مِلْدَمِ؟ قال: وأيُّ شيءٍ أُمَّ مِلْدَمِ؟ قال: الحُمّى سَخْنَةٌ تكون بين الجِلْدِ واللَّحمِ، قال: ما لي بها عهد، فقال: من سَرَّهُ أن ينظُرَ إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه. وقال عُبَيد بن أيّوب العنبري:
وفِتيَةٌ كالذئابِ الطُّلْسِ قلتُ لهم ... إني أرى شبحاً قد لاح أو حالا
فاهزَوزَعوا ثمَّ حَسُّوه بأعينهم ... ثم اختَتَوهُ وقرنُ الشمسِ قد مالا
اهزَوزَعوا: تحرَّكوا وتنبَّهوا حتى رأوه. واخْتَتَوه: أخذوه، ورواه ابن دريد بالجيم، وهو تَصحيف.
ويقال - أيضاً -: حَسِسْتُ بالخبَرِ - بكسر السين -: أي أيقَنْتُ به. وربما قالوا: حَسِيْتُ به، يُبْدِلونَ من الَّينِ ياءً، قال أبو زُبَيد حرملة بن المنذر الطائيّ يصف الأسد:
خلا أنَّ العِتاقَ من المطايا ... حَسينٌ به فَهُنَّ إليه شُوْسُ
وحَسَسْتُ اللَّحْمَ: إذا جعلته على الجَمْرِ.
وحَسَسْتُ النار: ردَدْتُها بالعصا على خبز المَلَّة أو الشواءِ من نواحيه ليَنْضَج، ومن كلامهم: قالت الخبزةُ: لولا الحَسُّ ما بالَيْتُ بالدَّسِّ.
ويقال: بات فلان بِحَسَّةِ سَوْءٍ: أي بحالة سوء.
وحَسّان: من الأعلام، إن جَعَلْتَه فعلان من الحَسِّ لم تُجْرِه؛ وصَغَّرْتَه حُسَيْسَان، وإن جعلتَهُ فَعّالاً من الحُسْن أجْرَيْتَه؛ وصغَّرْتَه حُسَيْسِيْناً؛ لأن النون حينئذ تكون أصلية.
وحَسّان: قرية بين واسط ودَيْر العاقول، وتُعرَف بقَريَة حَسّان وقريَة أُمُّ حَسّان.
والحَسّانيّات: مياه بالبادية.
والحِسُّ - بالكسر -: الصوت.
والحِسُّ - أيضاً -: وَجَعٌ يأخذ النُّفَساء بعد الولادة. وقال جراد بن طارق: أقبَلْتُ مع عمر - رضي الله عنه - على امرأةٍ قد ولدت، فَدَعا لها بِسَويق فقال: اشربي؛ هذا يقطع الحِسَّ ويُدِرُّ العُرُوقَ.
ويقال: ألْحِق الحِسَّ بالإسِّ: أي الشيءَ بالشيءِ؛ أي إذا جاءك شيء من ناحية فافعل مثله.
والحَسْحاس: السيف المُبِيْرُ.
والحَسْحاس: الرجل الجَواد، قال:
محبَّةُ الأبرامِ للحَسْحاس.
وقال ابن فارس: يقال للذي يَطرد الجوع بسخائه: حَسْحاس، قال:
واذكر حُسَيناً في النَّفيرِ وقبلَه ... حَسَناً وعُتْبَةَ ذا الندى الحَسْحاسا
والحَسْحاس: من الأعلام. وبنو الحَسْحاس: قوم من العرب.
والحُساسُ - بالضم -: الهِفُّ؛ وهو سمك صغار يجفف.
وأمّا قوله:
رُبَّ شريبٍ لك في حُساسِ ... ليس بِريّان ولا مُواس
عطشان يمشي مِشيَةَ النِفاس ... شِرابُهُ كالحَزِّ بالمواسي
ويروى: " أقعَسَ يمشي ": فيقال: هو سوء الخُلُق.
وفَعَلَ ذلك مثل حُساس الأيسار: وهو أن يجعلوا اللحم على الجمرِ.
والحُساس: مثل الجُذاذ من الشيءِ. وكُسارُ الحجر الصِغار: حُساس، قال يصف حجر المنجنيق:
شظيَّةٌ من رَفْضِهِ الحُساسِ ... تَعْصِفُ بالمُسْتَلْئمِ التَّرّاسِ
وقال ابن عبّاد: إذا طلبتَ شيئاً فلم تجده قُلْتَ: حَسَاسِ - مِثال قَطَامِ -.
وأحسَسْتُ به أي أيقنتُ به، وربَّما قالوا: أحَسْتُ به؛ فألقوا إحدى السِّينَيْنِ استثقالاً، وهو من شواذ التخفيف. وكان أبو عبيدة يروي قول أبي زُبَيد الذي أنشدتُه آنفاً: " أحَسْنَ به "؛ وأصلُه أحْسَسْنَ.
وأحسَسْتُ الشيء: وجدْتُ حِسَّه. وقال الأخفش: أحْسَسْتُ: معناه: ظننتُ ووجدتُ، ومنه قوله تعالى:) فَلَمّا أحَسَّ عيسى منهم الكُفْرَ (، وقيل: معناه عَلِمَه، وهو في اللغة أبصَرَه، ثم وُضِعَ موضع العلم والوجود. وقوله تعالى:) هل تُحِسُّ منهم من أحَدٍ (أي هل ترى. ويروى في الحديث الذي قد رَوَينا: متى أحْسَسْتَ أُمُّ مِلْدَمِ: أي متى وجدتَها ومتى أحسَسْتَ مسَّها.
وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلّم -: لا تَحَسَّسُوا ولا تَجَسَّسُوا. قال إبراهيم الحربي - رحمــه الله - في غريب الحديث من تأليفه: التحسُّسُ: الاستماع لحديث القوم، والتَّجسُّس: البحث عن عوراتهم، وهذا من البحث عن الشيء وطلب معرِفَتِه، كما قال الله عزَّ وجل:) يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا من يُوسُفَ وأخِيه (أي اطلبوا عِلْمَ خَبَرِه بِمِصْرَ. وقال غيره: التَحَسُّس: في الخير، والتَجَسُّس: في الشر. وقال ابن الأنباري: إنَّما نَسَقَ أحدَهُما على الآخر لاختلاف اللفظين، كما قالوا: بُعْداً وسُحْقاً.
والانْحِسَاسُ: الانقلاع والتَّحَاتُّ، يقال: انْحَسَّت أسنانُه، قال العجّاج:
في مَعْدِن المَلْكِ الكريمِ الكِرْسِ ... فُرُوعِهِ وأصْلِهِ المُرَسِّ
ليس بمقلوعٍ ولا مُنْحَسِّ
وحَسْحَسْتُ اللحمَ: إذا جَعَلْتَهُ على الجَمْر؛ مثل حَسَسْتَه.
وحَسْحَسَ: إذا توجَّعَ.
وتحَسْحَسَت أوبار الإبل: سقطت.
وتحَسْحَسَ للقِيام: تحرَّكَ.
والتركيب يدل على غَلَبَةِ الشيء بِقتلٍ أو غيرِه؛ وعلى حكاية صوت عند توجُّع وشِبْهِه.
حسس
حسَّ1 حَسَسْتُ، يَحُسّ ويَحِسّ، احْسُسْ/ حُسَّ واحسِسْ/ حِسّ، حَسًّا، فهو حاسّ، والمفعول مَحْسوس
• حسَّ فلانًا: قتله قتلاً ذريعًا مستأصِلاً رأسَه "حَسَسْتُ اليهوديَّ لما أظهر عداوتَه لله ودينه- {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} ". 

حسَّ2/ حسَّ بـ حَسَسْتُ، يَحُسّ ويَحِسّ، احْسُسُ/ حُسَّ واحسِسْ/ حِسّ، حَسًّا وحَسِيسًا، فهو حاسّ، والمفعول مَحْسوس
• حسَّ الشَّيءَ/ حسَّ بالشَّيءِ: أدركه بإحدى حواسِّه، علمه وشعر به "حسَّ بالقلق- قدّم للقاضي دلائلَ محسوسة على براءته- {هَلْ تَحُسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [ق]: وقرئت كذلك بالكسر (تَحِسُّ) " ° تقدُّم محسوس: ملموس واضح- حسَّ في قلبه بالأمر: حدَّثته به نفسه- نتائج محسوسة: ظاهرة. 

حسَّ لـ حَسَسْتُ، يَحِسّ، احْسِسْ/ حِسَّ، حِسًّا وحَسًّا، فهو حاسّ، والمفعول مَحْسوس له
• حسَّ لصديقه: تألَّم لألمه وعطف عليه "حَسَسْتُ لأطفال فلسطين وما يلاقونه". 

أحسَّ/ أحسَّ بـ يُحِسّ، أحْسِسْ/ أحِسَّ، إحْساسًا، فهو مُحِسّ، والمفعول مُحَسّ
• أحسَّ الخبرَ/ أحسَّ بالخبر:
1 - عَلِمَ به، وعرَف منه طرَفًا، شعَر "أحسَّ بما يُدبَّر له- قدّم دلائلَ مُحسَّة على براءته- {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ} ".
2 - أدركه يإحْدى الحواسّ وشعر به "أحسَّ بالجوع والبَرْد- أذُن تُحِسُّ الخطر- {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} ". 

تحسَّسَ/ تحسَّسَ لـ/ تحسَّسَ من يتحسَّس، تحسُّسًا، فهو مُتحسِّس، والمفعول مُتحسَّس
• تحسَّس الخبرَ: تتبّعه، تطلَّب معرفتَه وسعى في إدراكه.
• تحسَّس الشَّيءَ: تفحَّصَه أو لمسه للتعرُّف عليه "تحسَّس القماشَ ليعرف نوعَه ودرجةَ جودته- تحسَّس جيَبه بحثًا عن المفتاح- تحسَّس قوَّةَ فلان".
• تحسَّس للقوم: سعى لهم بجمع الأخبار "يتحسّس الجاسوس لقومه بأخبار العدُوّ".
• تحسَّس من فلان: تعرف منه وتتبّع أخبارَه "تحسَّس من القوم- {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} ". 

حسَّسَ/ حسَّسَ على يحسِّس، تحسيسًا، فهو مُحَسِّس، والمفعول مُحَسَّس
• حسَّس فلانًا بأهمِّيَّة الوقت: حمله على تقديرها والشعُّور الكامل بها "حسَّستِ الصّحافةُ الجماهيرَ بخطورة الموقف- حسَّس ولدَه بالتركيز في مذاكرته".
• حسَّس على جسده: جسَّه، مسَّه، تلمَّسه. 

إحساس [مفرد]: ج إحساسات (لغير المصدر) وأحاسيسُ (لغير المصدر):
1 - مصدر أحسَّ/ أحسَّ بـ ° إحساس داخليّ: نابع من الدّاخل كالجوع والعطش وآلام الرأس وغيرها- إحساس مشترك/ إحساس متبادل: شعور بالانسجام والاتِّفاق والتفاهم- عديم الإحساس/ مجرّد من الإحساس: متبلِّد، ثقيل لا يقدِّر- قلَّة الإحساس: بلادة.
2 - ظاهرة فسيولوجيّة سيكولوجيّة متولَّدة من تأثّر إحدى الحواسّ بمؤثِّرٍ ما "الأدب يعبِّر عن أحاسيس المجتمع واتِّجاهاته- إنّه رقيق الإحساس".
• قياس الإحساس: (نف) فرع من علم النفس البدنيّ يقيس متغيِّرات الإحساس بالنِّسبة إلى متغيِّرات المنبِّهات. 

إحْساسِيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى إحساس.
• الطَّائفة الإحساسيَّة: (فن) رسَّامون أو كتَّاب يقولون بالانطباعيَّة، أي يبرزون ما يشعرون به من انطباعات، ويطرحون التَّفاصيل جانبًا. 

تحسُّس [مفرد]: مصدر تحسَّسَ/ تحسَّسَ لـ/ تحسَّسَ من.
• التَّحسُّس الضَّوئيّ: (طب) حساسية البشرة للضوء
 وللإشعاع فوق البنفسجيّ الناتج عن اختلالات أو موادّ كيميائيَّة معيَّنة. 

تحسيس [مفرد]:
1 - مصدر حسَّسَ/ حسَّسَ على.
2 - تنبيه الحِسّ في عضو ما، أو إيجاد الحساسيّة. 

حاسَّة [مفرد]: ج حَواسُّ:
1 - صيغة المؤنَّث لفاعل حسَّ لـ وحسَّ1 وحسَّ2/ حسَّ بـ.
2 - قوّة طبيعيّة لها اتِّصال بأجهزة جسميّة بها يدرك الإنسان والحيوان ما يطرأ على جسمه من التَّغيُّرات، ملكة الإحساس "استعاد نشاط حواسّه- ذو حاسّة مرهفة/ حادّة: حسّاس- يفتقر إلى حاسَّة التّمييز السّياسيّ" ° الحاسَّة السَّادسة: الحَدْس- الحواسُّ الخمس: البصر والسَّمع والتذوّق والشَّمّ واللَّمس- حاسّة الشَّمّ: التي تُدرك من خلالها الروائحُ- حواسّ مرهفة: حادّة يمكنها التقاط أدقّ الأشياء وأضعفها- عديم الحاسَّة: جافٍ قاسي القلب- ملك عليه حَواسَّه: شغله وأثَّر فيه. 

حُساس [جمع]: مف حُسَاسة: (حن) سمكٌ صغير يصل طوله إلى عشرة سنتيمترات، يوجد بالبَحْرين يجفَّف حتى لا يبقى فيه شيء من مائه. 

حَسَاسِيَة [مفرد]: (انظر: ح س س - حَسَّاسيَّة). 

حَسَاسِيَّة [مفرد]: (انظر: ح س س - حَسَّاسيَّة). 

حَسّ [مفرد]: مصدر حسَّ لـ وحسَّ1 وحسَّ2/ حسَّ بـ.
• عُضو الحَسّ: عُضو أو بناء مُتَخَصِّص كالعين أو الأذن أو اللِّسان أو الأنف أو البشرة تعمل كعضو استقبال حِسِّيّ. 

حِسّ [مفرد]: ج حُسوس (لغير المصدر):
1 - مصدر حسَّ لـ ° حِسّ مرهف- قليل الحِسّ: عديم التّبصُّر.
2 - إدراك بإحدى الحواسّ "حِسٌّ بالبرد- حِسّ صائب" ° تشّوُّش الحِسّ: إحساس بالحَذَر من غير سبب ظاهر- حِسٌّ باطن: شعور باطن- حِسٌّ باطنيّ: شعور حدسيّ قويّ بأنّ شيئًا سيحدُث- حِسٌّ خُلُقيّ: ضمير يميِّز بين الخير والشَّرِّ- حِسٌّ داخليّ: شعور يجعل المرءَ يتوقَّع ما لا بدّ من حصوله- حِسٌّ علميّ: قدرة على فهم الوقائع- حِسٌّ فَنّيّ: ذوق مرهف، مَلَكة فنيّة- حِسّ متزامن: تداعٍ تلقائيّ يبيِّن إحساساتٍ ذاتَ طبيعة مختلفة- حِسٌّ سياسيّ- صدق الحِسّ: صدق الإدراك- لُطْف الحِسّ: دقَّة الإدراك- ملك عليه حِسَّه: انشغل به.
3 - صوت خفيّ "تلفَّت الرجلُ حوله فلم يبصر شيئًا ولم يسمع حِسًّا" ° لا أسكت الله لك حِسًّا: دعاء له بالحياة، أطال الله بقاءَك.
4 - حديث القلب وشعور داخليّ.
5 - دويّ الصَّوت "حِسّ قصف".
• عُضو الحِسّ: العين أو الأذن أو اللِّسان أو الأنف أو البشرة. 

حَسّاس [مفرد]:
1 - صيغة مبالغة من حسَّ2/ حسَّ بـ: كثير التَّأثّر بالعوارض الخارجيّة "هو حسّاس للبرد" ° أذن حَسّاسة: مرهفة الحِسّ تُحِسّ بالخطر- جهاز حسّاس: شديد التّأثّر بالتّغيّرات- لقطة حسّاسة- مكان حسّاس: أحد أماكن الجسم التي لا يَحسُن التّصريح بها- مَوْضوع حسّاس: لا يمكن مناقشتُه بصراحة أمام الجمهور- ميزان حسّاس: يزن أدقّ الأوزان- ورق حسّاس: ورق للتصوير سريع التَّأثُّر- يَضرب على الوتر الحسّاس: يتكلَّم بما هو أكثر أهميّة وتأثيرًا.
2 - سريع الانفعال "أصبح حسّاسًا غير قادر على تحمُّل المزاح".
3 - مُرْهف الحِسّ "شاعرٌ/ فنّانٌ حسّاس".
• حسَّاس للضَّوء: (فز) وصف للمادّة التي يحدث فيها تغيُّر كيميائيّ أو ينبعث منها الضَّوء نتيجة امتصاصها له. 

حَسّاسَة [جمع]: (نت) جنس نبات مُعَمَّر برّيّ وتزيينيّ، من فصيلة القَرْنيَّات، ساقه وفروعه دقيقة، أوراقه ريشيّة مركَّبة، أزهاره ورديّة أو حمراء اللَّون، يُزرع لغرابته وفرط حساسيّته، تنطبق وريقاتُه بعضُها على بعض من اللَّمس. 

حَسَّاسيَّة [مفرد]:
1 - مصدر صناعيّ من حَسّاس: وتخفّف سينها، قوّة الشّعور بالأحوال الانفعاليّة كاللَّذات والآلام "حساسيَّة شعور".
2 - سرعة التَّهيّج "راعى حساسيَّة صديقه".
3 - شعور متعاطف مع الغير "يمتلك الشَّاعر حساسيّة مرهفة".
4 - دقَّة الإحساس "حساسية لوحة تصوير- يستخدم تُجَّار الذَّهب ميزانًا شديد الحساسيّة".
5 - استعداد للتأثُّر بالعوارض الخارجيّة "حساسيَّته للبرد شديدة" ° حَساسيَّة ضوئيّة: استجابة للضوء.
6 - (طب) شدة تأثر جسم الإنسان بموادّ مُعيَّنة مثل غُبار الطَّلع، أو بعض الأطعمة، وعادة ما تسبِّب العطس والحكَّة والطَّفح الجلدي.

7 - (فز) درجة استجابة لوح أو فيلم للضوء وخاصةً لضوء ذي طول موجيّ معيّن.
• اختبار الحساسيَّة: (طب) اختبار لبيان مدى التَّأثُّر بدواء مُعيّن أو بمرض مُعْدٍ بوضع لزقات على الجلد أو بإحداث خدوش جلديّة وتعريضِها لجرعاتٍ تُسَبِّبُ المرض أو العدوى.
• مقياس الحساسيَّة: جهاز لقياس حساسية الضَّوء كالفيلم الفوتوغرافي. 

حِسِّيّ [مفرد]: ج حِسِّيّات:
1 - اسم منسوب إلى حِسّ.
2 - محسوس، ما يُدرك بالحواسّ ويقابله المعنويّ "دليل/ شيءٌ حِسِّيّ" ° بُرهان حِسِّيّ: ساطع كأنّك تُحِسّ به.
3 - مُنْغَمِس في الملذَّات الحسّيّة أو الشّهوانيّة.
4 - ما يحرِّك الحواس "حبّ حسيّ".
• المذهب الحسِّيّ: (سف) مذهب القائلين بأنّ المعرفة لا تنشأ إلاّ عن الإحساس.
• عصبيّ حِسِّيّ: متعلِّق أو متضمِّن الأعصاب الحسِّيَّة وخاصَّة التي تؤثِّر على السَّمع.
• الأعضاء الحسِّيَّة: أعضاء الحِسِّ. 

حِسِّيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى حِسّ.
2 - مصدر صناعيّ من حِسّ: شهوانيَّة. 

حسيس [مفرد]:
1 - مصدر حسَّ2/ حسَّ بـ.
2 - حِسّ، صوت خفيّ تسمعه يتحرّك قريبًا منك ولا تراه "سمع حسيسًا- {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا}: صوت تلهُّب النّار" ° لا حِسَّ ولا حَسيس: هدوء شديد.
3 - قويّ الإحساس. 

مِحَسَّة [مفرد]: ج مَحاسّ: اسم آلة من حسَّ1: آلة مؤلَّفة من صفائح معدنيّة متوازية صغيرة محزَّزة مركَّبة على لوح وفيها مقبض تُستخدم لتنظيف جلد الحيوان. 
حسس
{الحَسُّ: الجَلَبة، هَكَذَا فِي النُّسَخ، وصوابُه الحِيلَة، وَهُوَ عَن ابْن الأَعْرابِيّ، كَمَا نَقَلَه الصَّاغانِيّ وصاحبُ اللِّسان. الحَسُّ: القَتلُ الذَّريعُ والاسْتِئصالُ،} حَسَّهُم {يَحُسُّهم} حَسَّاً: قَتَلَهم قَتْلاً ذَريعاً مُستَأْصِلاً، وقولُه تَعَالَى: إذْ {تَحُسُّونَهم بإذْنِه أَي تَقْتُلونَهم قَتلاً شَدِيدا، والاسمُ} الحُسَاس، عَن ابْن الأَعْرابِيّ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ: تَسْتَأصِلونَهم قَتلاً، وَقَالَ الفَرّاء:! الحَسُّ: القتلُ والإْناءُ هَا هُنَا. منَ المَجاز: الحَسُّ نَفْض ُ التُّرابِ عَن الدابَّةِ {بالمِحَسَّةِ، بالكَسْر، اسمٌ للفِرْجَوْن، وَقد} حَسَّ الدابَّةَ {يَحُسُّها، إِذا نَفَضَ عَنْهَا التُّرَاب، وَذَلِكَ إِذا فَرْجَنَها} بالمِحَسَّة، وَمِنْه قولُ زَيْدِ بنِ صُوحانَ يومَ الجمَل: ادْفِنوني فِي ثِيابي وَلَا {تَحُسُّوا عنِّي تُراباً، أَي لَا تَنْفُضوه.} الحِسُّ، بالكَسْر: الحرَكةُ، وَمِنْه الحَدِيث: أنّه كَانَ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ فسَمِعَ {حِسَّ حَيَّةٍ، أَي حَرَكَتها، وصَوْتَ مَشْيِها، وَيَقُولُونَ: مَا سَمِعَ لَهُ} حِسَّاً وَلَا جَرْسَاً، أَي حَرَكَةً وَلَا صَوْتَاً، وَهُوَ يَصْلُحُ للإنسانِ وغَيرِه، قَالَ عبدُ مَنافِ بنِ رِبْعٍ الهُذَلِيُّ:
(وللقِسِيِّ أزامِيلٌ وغَمْغَمةٌ ... {حِسَّ الجَنوبِ تَسوقُ الماءَ والبَرَدا)
الحِسُّ: أنْ يَمُرَّ بكَ قَرِيبا فَتَسْمَعَه وَلَا ترَاهُ، وَهُوَ عامٌّ فِي الأشياءِ كلِّها،} كالحَسيس، كأميرٍ، عَن إبراهيمَ الحَرْبيِّ، وَمِنْه قَوْله تَعالى: لَا يَسْمَعونَ {حَسيسَها أَي حِسَّها وَحَرَكةَ تَلَهُّبِها، وَقَالَ يصفُ بازاً:
(تَرَى الطَّيْرَ العِتاقَ يَظَلْنَ منهُ ... جُنوحاً إنْ سَمِعْنَ لَهُ} حَسيسا)
{الحِسُّ} والحَسيسُ: الصوتُ الخَفِيُّ. {الحِسُّ: وَجَعٌ يَأْخُذُ النُّفَساءِ بعدَ الوِلادةِ، وَقيل: وَجَعُ الوِلادةِ عِنْدَمَا} تُحِسُّها، ويَشهد للأوّلِ حديثُ سيِّدِنا عمرَ رَضِي الله عَنهُ: أنّه مَرَّ بامرأةٍ قد وَلَدَتْ فَدَعَا لَهَا بشَرْبَةٍ من سَوِيقٍ، وَقَالَ: اشْرَبي هَذَا فإنّه يَقْطَعُ {الحِسَّ. منَ المَجاز: الحِسُّ: بَرْدٌ يُحرِقُ الكَلأَ، وَهُوَ اسمٌ، وَقد} حَسَّه {يَحُسُّه} حَسَّاً، والصادُ لغةٌ فِيهِ، عَن أبي حنيفَة أَي أَحْرَقَه، يُقَال: إنّ البردَ {مَحَسَّةٌ للنباتِ والكَلإِ، أَي} يَحُسُّه ويُحرقُه. يَقُولُونَ: أَلْحِق {الحِسَّ بالإِسّ، أَي الشيءَ بالشيءِ، أَي إِذا جاءكَ شيءٌ من ناحيةٍ فافعلْْ مِثلَه، هَكَذَا فِي الصِّحَاح، وَقد تقدّم فِي أسّ نقلا عَن ابْن الأَعْرابِيّ أنّه رَوَاهُ أَلْحِقوا الحَسَّ بالأَسِّ وَرَوَاهُ بالفَتْح وَقَالَ:} الحَسُّ هُوَ الشرُّ، والأَسُّ: الأصلُ، يَقُول: أَلْصِق الشرَّ بأصولِ من عادَيْت أَو عاداك، ومِثلُه لابنِ دُرَيْدٍ. وَبَات فلانٌ {بحِسَّةِ سَوْءٍ وحِسَّةٍ سيِّئَةٍ، ويُفتَح، والكسرُ أَقْيَس: أَي بحالةِ سَوْءٍ وشِدّةٍ، قَالَه اللَّيْث، وَقَالَ الأَزْهَرِيّ:)
وَالَّذِي حَفِظْناه من الْعَرَب وأهلِ اللُّغَة: باتَ فلانٌ بجِيئَةِ سَوْءٍ، وتِلَّةِ سَوْءٍ، وبِيئَةِ سَوْءٍ، وَلم أسمعْ بحِسَّةِ سَوْءٍ لغيرِ اللَّيْث.} والحاسوس: الَّذِي يَتَحَسَّسُ الأخبارَ، مثلُ الجاسوس، بِالْجِيم، أَو هُوَ فِي الْخَيْر، وبالجيم فِي الشرِّ وَقد تقدّم فِي جسّ. قَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: {الحاسوسُ المَشْؤوم من الرِّجال. الحاسوس: السَّنَةُ الشديدةُ المحلِ، القليلةُ الخَير،} كالحَسُوس، كصَبُورٍ، يُقَال: سَنَةٌ {حَسُوسٌ: تأكلُ كلَّ شيءٍ، قَالَ:
(إِذا شَكَوْنا سنة} حَسُوسا ... تَأْكُلُ بعدَ الخُضرَةِ اليَبِيسا)
{والمَحَسَّة: الدُّبُر، قيل: إنّها لغةٌ فِي المَحَشَّة.} والحَوَاسُّ هِيَ مَشاعرُ الإنسانِ الْخمس: السمعُ والبصَرُ والشمُّ والذَّوْقُ واللمس، جمعُ {حاسَّةٍ، وَهِي الظاهرةُ، وَأما الباطِنةُ فخُمسٌ أَيْضا، كَمَا نَقَلَه الحُكَماء، وَاخْتلفُوا فِي محَلِّها، وَلذَلِك قَالَ الشِّهابُ فِي شَرْحِ الشِّفاء: على أنّهم فِي إثْباتِها فِي مواضِعها فِي حَيْصَ بَيْصَ.} وحَواسُّ الأرضِ خمسٌ: البَرْدُ بالفَتْح، والبَرَدُ، مُحرّكةً، والرِّيحُ، والجَرادُ، والمَواشي، هَكَذَا ذَكرُوهُ. {وحَسَسْتُ لَهُ أَحِسُّ، بالكَسْر، أَي فِي المُضارع: رَقَقْتُ لَهُ، بالقافَيْن، قَالَ ابنُ سِيدَه: ووجدْتُه فِي كتابِ كُراع بالفاءِ وَالْقَاف، والصحيحُ الأوّلُ،} كحَسِسْتُ، بالكَسْر، لُغَة حَكَاهَا يعقوبُ، والفتحُ أَفْصَح، {حَسَّاً، بالفَتْح،} وحِسَّاً، بالكَسْر، وَيُقَال: {الحَسُّ، بالفَتْح، مصدرُ البابَيْن، وبالكَسْر الاسمُ، تقولُ العربُ: إنّ العامرِيَّ} ليَحِسُّ للسَّعدِيِّ، أَي يَرِقُّ لَهُ، وَذَلِكَ لِما بينهُما من الــرَّحِم. قَالَ يَعْقُوب: قَالَ أَبُو الجَرّاحِ العُقَيْليُّ: مَا رأيتُ عُقَيْليّاً إلاّ {حَسَسْتُ لَهُ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ:} حَسِسْتُ لَهُ، وَذَلِكَ أَن يكونَ بَينهمَا رَحِمٌ فيَرِقَّ لَهُ، وَقَالَ أَبُو مالكٍ: هُوَ أَن يَشْتَكي لَهُ وَيَتَوجَّع، وَقَالَ: أَطَّتْ لَهُ مِنِّي {حاسَّةُ رَحِمٍ.} وحَسَسْتُ الشيءَ أَحُسُّه حَسَّاً {وحِسَّاً} وحَسيساً بِمَعْنى {أَحْسَسْتُه بِمَعْنى: عَلِمْتُه وعَرَفْتُه وشَعَرْتُ بِهِ. حَسَسْتُ اللحمَ أَحُسُّه حَسَّاً: جعلتُه على الجَمرِ، والاسمُ} الحُسَاس بالضَّمّ، وَمِنْه قولُهم: فَعَلَ ذَلِك قبلَ {حُساسِ الأَيْسار، وَيُقَال:} حَسَّ الرأسَ {يحُسُّه} حَسَّاً، إِذا جَعَلَه فِي النَّار، فكلُّ مَا تَشَيَّطَ أَخَذَه بشَفرَةٍ، وَقيل الحُسَاس: أَن يُنضِجَ أَعْلاه ويَتْرُكَ داخِلَه، وَقيل: هُوَ أَن يَقْشِرَ عَنهُ الرَّمادَ بعد أَن يَخْرُجَ من الجَمرِ. {كَحَسْحَسْتُه.
وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: يُقَال:} حَسَسْتُ النَّار وحَشَشْتُ، بِمَعْنى. {حَسَسْتُ النارَ: رَدَدْتُها بالعصا على خُبزِ المَلَّةِ أَو الشِّواءِ ليَنضَج، ومِن كلامِهم: قالتِ الخُبزَةُ: لَوْلَا} الحَسُّ مَا بالَيْتُ بالدَّسِّ.
{وحَسِسْتُ بِهِ، بالكَسْر،} وحَسِيتُ بِهِ! وأَحْسَيتُ، تُبدَلُ السينُ يَاء، قَالَ ابنُ سِيدَه: وَهَذَا كلُّه من مُحوَّلِ التَّضعيف، والاسمُ من كلِّ ذَلِك الحِسُّ أَي أَيْقَنتُ بِهِ، قَالَ أَبُو زُبَيْدٍ:)
(خَلا أنَّ العِتاقَ من المَطايا ... {حَسِينَ بِهِ فهُنَّ إليهِ شُوسُ)
قَالَ الجَوْهَرِيّ: وَأَبُو عُبَيْدةَ يروي بيتَ أبي زُبَيْدٍ:} أَحْسَنَ بِهِ فهُنَّ إِلَيْهِ شُوسُ وأصلُه {أَحْسَسْنَ.} وحَسّانُ. ككَتّانِ: علَمٌ مُشتَقٌ من أحدِ هَذِه الأشياءِ، قَالَ الجَوْهَرِيّ: إنْ جَعَلْتَه فَعْلان من الحِسِّ لم تُجْرِه، وإنْ جَعَلْتَه فَعّالاً من الحُسْنِ أَجْرَيْتُه لأنّ النونَ حينئذٍ أَصْلِيّةٌ. حَسّان: ة، بَين واسِط ودَيْرِ العاقُول، على شاطئِ دجلَة، وتُعرَفُ بقريةِ حَسّان، وقريةِ أمِّ حَسّان، كَذَا فِي التكملة. حَسّان: ة قربَ مكَّةَ، وتُعرَفُ بأرضِ حَسّانَ. قَالَ الصَّاغانِيّ: {الحَسْحاس: السيفُ المُبير. قَالَ الجَوْهَرِيّ: وربّما سمَّوا الرجلَ الجَوادَ} حَسْحَاساً. وَقَالَ ابنُ فارسٍ: هُوَ الَّذِي يَطْرُدُ الجوعَ بسَخائِه. الحَسْحاس: عَلَمٌ، قَالَ ابنُ سِيدَه: رجلٌ {حَسْحَاسٌ: خفيفُ الحركةِ، وَبِه سُمِّي الرجل. وبَنو الحَسْحاس: قومٌ من الْعَرَب. وعبدُ بَني الحَسْحاس: شاعرٌ معروفٌ اسمُه سُحَيْمٌ.} والحُسَاس، بالضَّمّ: الهِفُّ، وَهُوَ سَمَكٌ صِغارٌ، قَالَه الجَوْهَرِيّ، وزادَ غيرُه يُعرَفُ بالجِرِّيث، يُجَفَّفُ حَتَّى لَا يبْقى فِيهِ شيءٌ من ماءٍ، الواحدةُ حُسَاسَةٌ. الحُسَاس أَيْضا: كُسَارُ الحجرِ الصِّغار، قَالَ يصفُ حَجَرَ المَنْجَنيقِ:
(شظِيَّةٌ مِن رَفْضِه! الحُساسِ ... تَعْصِفُ بالمُسْتَلْئِمِ التَّرّاسِ) {والحُسَاس، كالجُذاذ من الشيءِ، نَقله الأَزْهَرِيّ. وَإِذا طَلَبْتَ شَيْئا فَلم تَجِدْه قلتَ:} حَسَاس، كَقَطَام، عَن ابْن الأَعْرابِيّ. يَقُولُونَ: {أَحْسَسْتُ بالشيءِ} إحْساساً {وأَحْسَيْتُ بِهِ، يُبدِلونَ من السينِ يَاء، أمّا قولُهم:} أَحَسْتُ بالشيءِ، بسينٍ واحدةٍ، فعلى الْحَذف كَراهيةَ التِقاءِ المِثْلَيْن، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَكَذَلِكَ يُفعَلُ فِي كلِّ بناءٍ يُبنى اللامُ من الفِعلِ مِنْهُ على السّكُون، وَلَا تصِلُ إِلَيْهِ الحركةُ، شبَّهوها بأَقمْتُ، وَهُوَ من شَواذِّ التَّخْفِيف، أَي ظَنَنْتُ ووَجَدْتُ وأَبْصَرتُ وعَلِمْتُ، وَيُقَال: أَحَسْتُ بالشيءِ، إِذا عَلِمْتَه وعَرَفْتَه، وَيُقَال: {أَحْسَسْتُ الخَبرَ} وأَحَسْتُه {وحَسَيْتُ} وحَسْتُ، إِذا عَرَفْت مِنْهُ طَرَفَاً، وَتقول: مَا {أَحْسَستُ بالْخبر، وَمَا} أَحْسَسْت، وَمَا {حَسِيتُ، وَمَا} حِسْتُ، أَي لم أَعْرِفْ مِنْهُ شَيْئا.
وقَوْله تَعالى: فلمّا {أحَسَّ عِيسَى منهمُ الكُفرَ أَي رأى، قَالَه اللِّحْيانيُّ، وقَوْله تَعالى: هَل} تُحِسُّ مِنْهُم من أحدٍ مَعْنَاهُ هَل تُبصِر، هَل ترى، وَقَالَ الفرّاء: {الإحْساسُ: الْوُجُود، تَقول فِي الْكَلَام: هَل} أَحْسَسْتَ مِنْهُم من أحدٍ، وَقَالَ الزَّجَّاج: معنى {أحَسَّ: عَلِمَ ووَجَدَ، فِي اللُّغَة، وَيُقَال: هَل} أَحْسَسْت صاحِبَك أَي هَل رَأَيْته، وَهل {أَحْسَسْت الخَبَر أَي هَل عَرَفْتَه وعَلِمْتَه، وَقَالَ ابنُ)
الْأَثِير:} الإحْساس: العِلمُ {بالحَواسِّ.} أَحْسَسْتُ الشيءَ: وَجَدْتُ حِسَّهُ، أَي حَرَكَته، أَو صَوْتَه.
{والتَّحَسُّس: الاسْتِماعُ لحَديثِ القومِ، عَن الحَربيِّ، وَقيل: هُوَ شِبهُ التَّسَمُّع والتَّبَصُّر، قَالَه أَبُو مُعاذٍ. قيل: هُوَ طلبُ خبَرِهم فِي الخَير، وبالجيم فِي الشَّرِّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ:} تحَسَّسْتُ الخبَرَ، {وَتَحَسَّيْتُه، وَقَالَ شَمِرٌ: تنَدَّسْتُه مثلُه، وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: تبَجَّسْتُ الخبَرَ،} وَتَحَسَّسْتُه بِمَعْنى واحدٍ. {وَتَحَسَّسْتُ من الشيءِ، أَي تخَبَّرْتُ خَبَرَه، وبكلِّ مَا ذُكِرَ فُسِّرَ قَوْله تَعالى: يَا بَنِيَّ اذهَبوا} فَتَحَسَّسوا من يوسُفَ وأخيه. {والانْحِساس: الانْقِلاعُ والتساقُطُ والتَّحاتُّ والتَّكَسُّر، وَهُوَ مَجاز، يُقَال:} انْحَسَّتْ أَسْنَانُه، إِذا انْقَلَعتْ وَتَكَسَّرَت، السينُ لغةٌ فِي التَّاء، كَمَا صرَّحَ بِهِ الأَزْهَرِيّ، قَالَ العَجّاج:
(إنَّ أَبَا العَبّاسِ أَوْلَى نَفْسِ ... بمَعدِنِ المُلكِ الكريمِ الكِرْسِ)

(فُروعِه وأَصلِه المُرَسِّ ... لَيْسَ بمَقْلوعٍ وَلَا مُنْحَسِّ)
أَي لَيْسَ بمُحَوَّلٍ عَنهُ وَلَا مُنقَطِع. {وحَسْحَسَ لَهُ: توَجَّع وَتَشَكَّى.} وتَحْسَحسَ للقِيامِ، إِذا تحرَّكَ.
{وتَحَسْحسَتْ أَوْبَارُ الإبلِ} وَتَحَسَّسَتْ: تَحاتَّتْ وتطايَرَتْ وَتَفَرَّقَت. ولأُخَلِّفَنَّه {بحَسْحَسِه، أَي ذهابِ مالِه حَتَّى لَا يبْقى مِنْهُ شيءٌ، وَهُوَ مثلٌ. يُقَال: ائْتِ بِهِ من} حَسِّك وبَسِّكَ، بفَتحِهما وبكَسرِهما، أَي من حيثُ شِئتَ، وَكَذَا من {حَسِّكِ وعَسِّكَ، كَذَا فِي التَّهْذِيب، وَقيل: مَعْنَاهُ من حيثُ كَانَ وَلم يكن، وَقَالَ الزّجّاج: تَأْوِيلُه: من حيثُ تُدركُه} حاسَّةٌ من {حَواسِّكَ، أَو يُدركُه تصَرُّفٌ من تصَرُّفِك، وَقيل: من كل جِهةٍ.} والحَسَّانِيّات: مياهٌ بالبادية نَقله الصَّاغانِيّ. أمُّ الخَيرِ فاطمةُ بنتُ أحمدَ بنِ عَبْد الله بنِ {حُسَّةَ، بالضَّمّ، الأَصْفَهانيّة: مُحدِّثةٌ، حدَّثَتْ عَن الحسَنِ بنِ عليٍّ البغداديِّ، وعنها سعيدُ بنُ أبي الرَّجاءِ وأبوها حدَّثَ عَن ابنِ مَنْدَه، وَمَات سنة قَالَه الْحَافِظ. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:} حِسُّ الحُمَّى! وحِساسُها: رَسُّها، وأَوَّلُها عِنْدَمَا تُحَسُّ، الأَخيرة عَن اللِّحيانيِّ، وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: الحِسُّ: مَسُّ الحُمَّى أَوَّل مَا تبدأُ. وَقَالَ القرَّاءُ: تقولُ: من أَينَ حَسَيْتَ هَذَا الخبرَ يُرِيدُونَ من أَيْنَ تخَبَّرْتَه. {وحَسَّ مِنْهُ خَبرا} وأَحَسَّ كِلَاهُمَا: رَأَى. وَقَالَ ابْن الأَعرابيِّ: سمعتُ أَبا الحَسَن يَقُول: {حَسْتُ} وحِسسْتَ، ووَدْتُ ووَدِدْتُ وهَمْتُ وهَمَمْتُ، وَفِي الحَدِيث: هَل {حَسْتُما من شيءٍ.} والحسَاسُ، بِالْفَتْح: الْوُجُود، وَمِنْه المَثَلُ: لَا {حَسَاسَ من ابْنَي مُوقِدِ النّارِ. وَقَالُوا: ذَهَبَ فلانٌ فَلَا حَسَاسَ بِهِ، أَي لَا يُحَسُّ مكانُه. والشَّيطانُ} حسَّاسٌ لَحَّاسٌ، أَي شَدِيد الحِسِّ والإدراكِ.
{والحِسُّ: الرَّنَّة.} وحَسِّ، بِفَتْح الحاءِ وكسْرِ السِّين وتَركِ التَّنوينِ: كلمةٌ تُقالُ عندَ الأَلَمِ. وَقَالَ)
الجَوْهَرِيُّ: قولُهم: ضربَه فَمَا قَالَ حَسِّ يَا هَذَا، بِفَتْح أَوَّله وكَسر آخِره: كلمةٌ يقولُها الْإِنْسَان إِذا أَصابه غَفْلَة مَا مَضَّه وأَحرَقَه، كالجَمْرَة والضَّربة. ويُقالُ: لآخُذَنَّ الشيءَ منكَ {بِحَسٍّ أَو ببَسٍّ: أَي بمُشادَّةٍ أَو رِفْقٍ، ومثلُه: لآخُذَنَّه هَوْناً أَو عَتْرَسَةً. وضُرِبَ فَمَا قَالَ} حَسٍّ وَلَا بَسٍّ. بالجَرِّ والتَّنوين، وَمِنْهُم مَن يَجُرُّ وَلَا يُنَوِّنُ، وَمِنْهُم من يَكسِرُ الحاءَ والباءَ، وَمِنْهُم من يَقُول: {حسّاً وَلَا بسّاً، يَعْنِي لتَّوجُّعَ. ويُقال اقْتُصَّ من فلانٍ فَمَا} تحَسَّسَ، أَي مَا تحَرَّكَ وَمَا تضَرَّرَ. وَقَالَ اللِّحيانيُّ: مَرَّتْ بالقومِ! حَواسُّ، أَي سِنونَ شِدادٌ. {والحَسيسُ، كأَميرٍ: القَتيلُ، قَالَ الأَفْوَهُ الأَوْدِيُّ:
(نَفْسي لَهُم عندَ انكِسارِ القَنا ... وَقد تَرَدَّى كُلُّ قِرْنٍ} حَسِيسْ)
وحسَّه بالنَّصْلِ، لغَةُ فِي حَشِّهُ. {وحَسَّهُم} يَحُسُّهم: وَطِئَهُم وأَهانَهم، قيل: وَمِنْه اشتِقاقُ {حَسَّان.
ويُقال: أَصابَتْهُم} حاسَّةٌ من البَرْدِ: أَي إضْرارٌ، وأَصابت الأَرْضَ {حاسَّةٌ: أَي بَرْدٌ، عَن اللِّحيانيِّ، أَنَّثَه على مَعنى المُبالَغَةِ. وأَرْضٌ} مَحسوسَةٌ: أَصابَها الجَرادُ والبَرْدُ. {وحَسَّ البَرْدُ الجَرادَ: قَتله.
وجَرادٌ} مَحسوسٌ: مسَّتْه النّارُ، أَو قتلَتْه. {والحاسَّةُ: الجَرادُ} يَحُسُّ الأَرضَ: أَي يأْكُلُ نباتَها. وَقَالَ أَبو حنيفَةَ: {الحاسَّةُ: الرِّيحُ} تحس التُّرابَ فِي الغُدُرِ فتمْلَؤُها فيَيْبسُ الثَّرَى. {والحَسُّ} والاحتِساس فِي كلِّ شيءٍ: أَنْ لَا يُترَكَ فِي المَكانِ شيءٌ. {والحُساسُ، بالضَّمِّ: الشُّؤْمُ والتَّكَدر، وَقَالَ الفرَّاءُ: سوءُ الخُلُقِ، حَكَاهُ عَنهُ سَلَمَة، ونقلَه الجَوْهَرِيُّ، وَبِه فُسِّرَ قولُ الرَّاجِز:
(رُبَّ شَرِيبٍ لكَ ذِي حُساسِ ... شِرابُه كالحَزِّ بالمَواسي)
} والمَحسوس: المَشؤُوم، عَن اللِّحيانِيِّ. ورجُلٌ ذُو {حُساسٍ: رديءُ الخُلُقِ.} والحُساس: القَتلُ، عَن ابْن الأَعرابيِّ. {والحَسُّ، بِالْفَتْح: الشَّرُّ.} والحَسيسُ، كأَميرٍِ: الكريمُ. {والحَسْحاسُ: الخَفيفُ الحركَة.} والحَسْحاس: جَدُّ عامِرِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ زيدٍ، الصَّحابِيُّ. وكَريمةُ بنتُ {الحَسْحاسِ، عَن أَبي هُريرة.} والحَسحاسُ بنُ بَكْرِ بنِ عَوفِ بنِ عَمرو بنِ عَدِيّ، لَهُ صحبةٌ، ذكرَه ابنُ ماكُولا.
والمُسَمَّى {بحسَّانَ من الصَّحابة سِتَّةٌ. ومَنزِلَةُ بَني} حَسُّونَ: قَريَةٌ من أَعمال المُرْتاحِيَّة بمِصْرَ.

حسس: الحِسُّ والحَسِيسُ: الصوتُ الخَفِيُّ؛ قال اللَّه تعالى: لا

يَسْمَعُون حَسِيسَها. والحِسُّ، بكسر الحاء: من أَحْسَسْتُ بالشيء. حسَّ

بالشيء يَحُسُّ حَسّاً وحِسّاً وحَسِيساً وأَحَسَّ به وأَحَسَّه: شعر به؛

وأَما قولهم أَحَسْتُ بالشيء فعلى الحَذْفِ كراهية التقاء المثلين؛ قال

سيبويه: وكذلك يفعل في كل بناء يُبْنى اللام من الفعل منه على السكون ولا تصل

إِليه الحركة شبهوها بأَقَمْتُ. الأَزهري: ويقال هل أَحَسْتَ بمعنى

أَحْسَسْتَ، ويقال: حَسْتُ بالشيء إِذا علمته وعرفته، قال: ويقال أَحْسَسْتُ

الخبَرَ وأَحَسْتُه وحَسَيتُ وحَسْتُ إِذا عرفت منه طَرَفاً. وتقول: ما

أَحْسَسْتُ بالخبر وما أَحَسْت وما حَسِيتُ ما حِسْتُ أَي لم أَعرف منه

شيئا ً

(* عبارة المصباح: وأحس الرجل الشيء إحساساً علم به، وربما زيدت

الباء فقيل: أحسّ به على معنى شعر به. وحسست به من باب قتل لغة فيه،

والمصدر الحس، بالكسر، ومنهم من يخفف الفعلين بالحذف يقول: أحسته وحست به،

ومنهم من يخفف فيهما بإبدال السين ياء فيقول: حسيت وأَحسيت وحست بالخبر من

باب تعب ويتعدى بنفسه فيقال: حست الخبر، من باب قتل. اهـ. باختصار.). قال

ابن سيده: وقالوا حَسِسْتُ به وحَسَيْتُه وحَسِيت به وأَحْسَيْتُ، وهذا

كله من محوَّل التضعيف، والاسم من كل ذلك الحِسُّ. قال الفراء: تقول من

أَين حَسَيْتَ هذا الخبر؛ يريدون من أَين تَخَبَرْته. وحَسِسْتُ بالخبر

وأَحْسَسْتُ به أَي أَيقنت به. قال: وربما قالوا حَسِيتُ بالخبر وأَحْسَيْتُ

به، يبدلون من السين ياء؛ قال أَبو زُبَيْدٍ:

خَلا أَنَّ العِتاقَ من المَطايا

حَسِينَ به، فهنّ إِليه شُوسُ

قال الجوهري: وأَبو عبيدة يروي بيت أَبي زبيد:

أَحَسْنَ به فهن إليه شُوسُ

وأَصله أَحْسَسْنَ، وقيل أَحْسَسْتُ؛ معناه ظننت ووجدت.

وحِسُّ الحمَّى وحِساسُها: رَسُّها وأَولها عندما تُحَسُّ؛ الأَخيرة عن

اللحياني. الأَزهري: الحِسُّ مس الحُمَّى أَوّلَ ما تَبْدأُ، وقال

الأَصمعي: أَول ما يجد الإِنسان مَسَّ الحمى قبل أَن تأْخذه وتظهر، فذلك

الرَّسُّ، قال: ويقال وَجَدَ حِسّاً من الحمى. وفي الحديث: أَنه قال لرجل متى

أَحْسَسْتَ أُمَّْ مِلْدَمٍ؟ أَي متى وجدت مَسَّ الحمى.

وقال ابن الأَثير: الإِحْساسُ العلم بالحواسِّ، وهي مَشاعِرُ الإِنسان

كالعين والأُذن والأَنف واللسان واليد، وحَواسُّ الإِنسان: المشاعر الخمس

وهي الطعم والشم والبصر والسمع واللمس. وحَواسُّ الأَرض خمس: البَرْدُ

والبَرَدُ والريح والجراد والمواشي.

والحِسُّ: وجع يصيب المرأَة بعد الولادة، وقيل: وجع الولادة عندما

تُحِسُّها، وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه مَرَّ بامرأَة قد ولدت فدعا

لها بشربة من سَوِيقٍ وقال: اشربي هذا فإِنه يقطع الحِسَّ. وتَحَسَّسَ

الخبر: تطلَّبه وتبحَّثه. وفي التنزيل: يا بَنيَّ اذهبوا فَتحَسَّسوا من يوسف

وأَخيه. وقال اللحياني: تَحَسَّسْ فلاناً ومن فلان أَي تَبَحَّثْ،

والجيم لغيره. قال أَبو عبيد: تَحَسَّسْت الخبر وتَحَسَّيته، وقال شمر:

تَنَدَّسْتُه مثله. وقال أَبو معاذ: التَحَسُّسُ شبه التسمع والتبصر؛ قال:

والتَجَسُّسُ، بالجيم، البحث عن العورة، قاله في تفسير قوله تعالى: ولا

تَجَسَّسوا ولا تَحَسَّسُوا. ابن الأَعرابي: تَجَسَّسْتُ الخبر وتَحَسَّسْتُه

بمعنى واحد. وتَحَسَّسْتُ من الشيء أَي تَخَبَّرت خبره. وحَسَّ منه خبراً

وأَحَسَّ، كلاهما: رأَى. وعلى هذا فسر قوله تعالى: فلما أَحسَّ عيسى

منهم الكُفْرَ. وحكى اللحياني: ما أَحسَّ منهم أَحداً أَي ما رأَى. وفي

التنزيل العزيز: هل تُحِسُّ منهم من أَحد، وقيل في قوله تعالى: هل تحس منهم

من أَحد، وقيل في قوله تعالى: هل تحس منهم من أَحد، معناه هل تُبْصِرُ هل

تَرى؟ قال الأَزهري: وسمعت العرب يقول ناشِدُهم لِضَوالِّ الإِبل إِذا

وقف على

(* كذا بياض بالأَصل.) ... أَحوالاً وأَحِسُّوا ناقةً صفتها كذا

وكذا؛ ومعناه هل أَحْسَستُم ناقة، فجاؤوا على لفظ الأَمر؛ وقال الفراء في

قوله تعالى: فلما أَحسَّ عيسى منهم الكفر، وفي قوله: هل تُحِسُّ منهم من

أَحد، معناه: فلما وَجَد عيسى، قال: والإِحْساسُ الوجود، تقول في الكلام:

هل أَحْسَسْتَ منهم من أَحد؟ وقال الزجاج: معنى أَحَسَّ علم ووجد في

اللغة. ويقال: هل أَحسَست صاحبك أَي هل رأَيته؟ وهل أَحْسَسْت الخبر أَي هل

عرفته وعلمته. وقال الليث في قوله تعالى: فلما أَحس عيسى منهم الكفر؛ أَي

رأَى. يقال: أَحْسَسْتُ من فلان ما ساءني أَي رأَيت. قال: وتقول العرب ما

أَحَسْتُ منهم أَحداً، فيحذفون السين الأُولى، وكذلك في قوله تعالى:

وانظر إِلى إِلهك الذي ظَلْتَ عليه عاكفاً، وقال: فَظَلْتُم تَفَكَّهون،

وقرئ: فَظِلْتُم، أُلقيت اللام المتحركة وكانت فَظَلِلْتُم. وقال ابن

الأَعرابي: سمعت أَبا الحسن يقول: حَسْتُ وحَسِسْتُ ووَدْتُ ووَدِدْتُ وهَمْتُ

وهَمَمْتُ. وفي حديث عوف بن مالك: فهجمت على رجلين فلقت هل حَسْتُما من

شيء؟ قالا: لا. وفي خبر أَبي العارِم: فنظرت هل أُحِسُّ سهمي فلم أَرَ

شيئاً أَي نظرت فلم أَجده.

وقال: لا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار؛ زعموا أَن رجلين كانا يوقدان

بالطريق ناراً فإِذا مرَّ بهما قوم أَضافاهم، فمرَّ بهما قوم وقد ذهبا،

فقال رجل: لا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار، وقيل: لا حَسَاسَ من ابني

موقد النار، لا وجود، وهو أَحسن. وقالوا: ذهب فلان فلا حَساسَ به أَي لا

يُحَسُّ به أَو لا يُحَسُّ مكانه. والحِسُّ والحَسِيسُ: الذي نسمعه مما

يمرّ قريباً منك ولا تراه، وهو عامٌّ في الأَشياء كلها؛ وأَنشد في صفة

بازٍ:

تَرَى الطَّيْرَ العِتاقَ يَظَلْنَ منه

جُنُوحاً، إِن سَمِعْنَ له حَسِيسا

وقوله تعالى: لا يَسْمَعُون حَسِيسَها أَي لا يسمعون حِسَّها وحركة

تَلَهُّبِها. والحَسيسُ والحِسُّ: الحركة. وفي الحديث: أَنه كان في مسجد

الخَيْفِ فسمع حِسَّ حَيَّةٍ؛ أَي حركتها وصوت مشيها؛ ومنه الحديث: إِن

الشيطان حَسَّاس لَحَّاسٌ؛ أَي شديد الحسَّ والإَدراك. وما سمع له حِسّاً ولا

جِرْساً؛ الحِسُّ من الحركة والجِرْس من الصوت، وهو يصلح للإِنسان وغيره؛

قال عَبْدُ مَناف بن رِبْعٍ الهُذَليّ:

وللقِسِيِّ أَزامِيلٌ وغَمْغَمَةٌ،

حِسَّ الجَنُوبِ تَسُوقُ الماءَ والبَرَدا

والحِسُّ: الرَّنَّةُ. وجاءَ بالمال من حِسَّه وبِسِّه وحَسِّه وبَسِّه،

وفي التهذيب: من حَسِّه وعَسِّه أَي من حيث شاءَ. وجئني من حَسِّك

وبَسِّك؛ معنى هذا كله من حيث كان ولم يكن. وقال الزجاج: تأْويله جئ به من

حيث تُدركه حاسَّةٌ من حواسك أَو يُدركه تَصَرُّفٌ من تَصَرٍّفِك. وفي

الحديث أَن رجلاً قال: كانت لي ابنة عم فطلبتُ نَفْسَها، فقالت: أَو تُعْطيني

مائة دينار؟ فطلبتها من حَِسِّي وبَِسِّي؛ أَي من كل جهة. وحَسَّ، بفتح

الحاء وكسر السين وترك التنوين: كلمة تقال عند الأَلم. ويقال: إِني لأَجد

حِسّاً من وَجَعٍ؛ قال العَجَّاجُ:

فما أَراهم جَزَعاً بِحِسِّ،

عَطْفَ البَلايا المَسَّ بعد المَسِّ

وحَرَكاتِ البَأْسِ بعد البَأْسِ،

أَن يَسْمَهِرُّوا لضِراسِ الضَّرْسِ

يسمهرّوا: يشتدوا. والضِّراس: المُعاضَّة. والضَّرْسُ: العَضُّ. ويقال:

لآخُذَنَّ منك الشيء بِحَسٍّ أَو بِبَسٍّ أَي بمُشادَّة أَو رفق، ومثله:

لآخذنه هَوْناً أَو عَتْرَسَةً. والعرب تقول عند لَذْعة النار والوجع

الحادِّ: حَسِّ بَسِّ، وضُرِبَ فما قال حَسٍّ ولا بَسٍّ، بالجر والتنوين،

ومنهم من يجر ولا ينوَّن، ومنهم من يكسر الحاء والباء فيقول: حِسٍّ ولا

بِسٍّ، ومنهم من يقول حَسّاً ولا بَسّاً، يعني التوجع. ويقال: اقْتُصَّ من

فلان فما تَحَسَّسَ أَي ما تَحَرَّك وما تَضَوَّر. الأَزهري: وبلغنا أَن

بعض الصالحين كان يَمُدُّ إِصْبعه إِلى شُعْلَة نار فإِذا لذعته قال:

حَسِّ حَسِّ كيف صَبْرُكَ على نار جهنم وأَنت تَجْزَعُ من هذا؟ قال

الأَصمعي: ضربه فما قال حَسِّ، قال: وهذه كلمة كانت تكره في الجاهلية، وحَسِّ

مثل أَوَّهْ، قال الأَزهري: وهذا صحيح. وفي الحديث: أَنه وضع يده في

البُرْمَة ليأْكل فاحترقت أَصابعه فقال: حَسِّ؛ هي بكسر السين والتشديد، كلمة

يقولها الإِنسان إِذا أَصابه ما مَضَّه وأَحرقه غفلةً كالجَمْرة

والضَّرْبة ونحوها. وفي حديث طلحة، رضي اللَّه عنه: حين قطعت أَصابعه يوم أُحُدٍ

قال: حَسَّ، فقال رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم: لو قلت بسم اللَّه

لرفعتك الملائكة والناس ينظرون. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه

وسلم، كان ليلة يَسْري في مَسِيره إِلى تَبُوك فسار بجنبه رجل من أَصحابه

ونَعَسا فأَصاب قَدَمُه قَدَمَ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، فقال:

حَسِّ؛ ومنه قول العجاج، وقد تقدم.

وبات فلانٌ بِحَسَّةٍ سَيِّئة وحَسَّةِ سَوْءٍ أَي بحالة سَوْءٍ وشدّة،

والكسر أَقيس لأَن الأَحوال تأْتي كثيراً على فِعْلَة كالجِيْئَةِ

والتَّلَّةِ والبِيْئَةِ. قال الأَزهري: والذي حفظناه من العرب وأَهل اللغة:

بات فلان بجيئة سوء وتلة سوء وبيئة سوء، قال: ولم أَسمع بحسة سوء لغير

الليث.

وقال اللحياني: مَرَّتْ بالقوم حَواسُّ أَي سِنُونَ شِدادٌ.

والحَسُّ: القتل الذريع. وحَسَسْناهم أَي استَأْصلناهم قَتْلاً.

وحَسَّهم يَحُسُّهم حَسّاً: قتلهم قتلاً ذريعاً مستأْصلاً. وفي التنزيل العزيز:

إِذ تَحُسُّونهم بإِذنه؛ أَي تقتلونهم قتلاً شديداً، والاسم الحُساسُ؛ عن

ابن الأَعرابي؛ وقال أَبو إِسحق: معناه تستأْصلونهم قتلاً. يقال:

حَسَّهم القائد يَحُسُّهم حَسّاً إِذا قتلهم. وقال الفراء: الحَسُّ القتل

والإِفناء ههنا. والحَسِيسُ؛ القتيل؛ قال صَلاءَةُ بن عمرو الأَفْوَهُ:

إِنَّ بَني أَوْدٍ هُمُ ما هُمُ،

للحَرْبِ أَو للجَدْبِ، عامَ الشُّمُوسْ

يَقُونَ في الجَحْرَةِ جِيرانَهُمْ،

بالمالِ والأَنْفُس من كل بُوسْ

نَفْسِي لهم عند انْكسار القَنا،

وقد تَرَدَّى كلُّ قِرْنٍ حَسِيسْ

الجَحْرَة: السنة الشديدة. وقوله: نفْسي لهم أَي نفسي فداء لهم فحذف

الخبر. وفي الحديث: حُسُّوهم بالسيف حَسّاً؛ أَي استأْصلوهم قتلاً. وفي حديث

علي: لقد شَفى وحاوِح صَدْري حَسُّكم إِياهم بالنِّصال. والحديث الآخر:

كما أَزالوكم حَسّاً بالنصال، ويروى بالشين المعجمة. وجراد محسوسٌ: قتلته

النار. وفي الحديث: أَنه أُتِيَ بجراد مَحْسوس. وحَسَّهم يَحُسُّهم:

وَطِئَهم وأَهانهم.

وحَسَّان: اسم مشتق من أَحد هذه الأَشياءِ؛ قال الجوهري: إِن جعلته

فَعْلانَ من الحَسِّ لم تُجْره، وإِن جعلته فَعَّالاً من الحُسْنِ أَجريته

لأَن النون حينئذ أَصلية.

والحَسُّ: الجَلَبَةُ. والحَسُّ: إِضْرار البرد بالأَشياء. ويقال:

أَصابتهم حاسَّة من البرد. والحِسُّ: برد يُحْرِق الكلأَ، وهو اسم، وحَسَّ

البَرْدُ. والكلأَ يَحُسُّه حَسّاً، وقد ذكر أَن الصاد لغة؛ عن أَبي حنيفة.

ويقال: إِن البرد مَحَسَّة للنبات والكلإِ، بفتح الجيم، أَي يَحُسُّه

ويحرقه. وأَصابت الأَرضَ حاسَّةٌ أَي بَرْدٌ؛ عن اللحياني، أَنَّته على معنى

المبالغة أَو الجائحة. وأَصابتهم حاسَّةٌ: وذلك إِذا أَضرَّ البردُ أَو

غيره بالكلإِ؛ وقال أَوْسٌ:

فما جَبُنُوا أَنَّا نَشُدُّ عليهمُ،

ولكن لَقُوا ناراً تَحُسُّ وتَسْفَعُ

قال الأَزهري: هكذا رواه شمر عن ابن الأَعرابي وقال: تَحُسُّ أَي

تُحْرِقُ وتُفْني، من الحاسَّة، وهي الآفة التي تصيب الزرع والكلأَ فتحرقه.

وأَرض مَحْسوسة: أَصابها الجراد والبرد. وحَسَّ البردُ الجرادَ: قتله. وجراد

مَحْسُوس إِذا مسته النار أَو قتلته. وفي الحديث في الجراد: إِذا حَسَّه

البرد فقتله. وفي حديث عائشة: فبعثت إِليه بجراد مَحْسُوس أَي قتله

البرد، وقيل: هو الذي مسته النار. والحاسَّة: الجراد يَحُسُّ الأَرض أَي

يأْكل نباتها. وقال أَبو حنيفة: الحاسَّة الريح تَحْتِي التراب في الغُدُرِ

فتملؤها فيَيْبَسُ الثَّرَى. وسَنَة حَسُوس إِذا كانت شديدة المَحْل قليلة

الخير. وسنة حَسُوس: تأْكل كل شيء؛ قال:

إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسا،

تأْكلُ بَعْدَ الخُضْرَةِ اليَبِيسا

أَراد تأْكل بعد الأَخضر اليابس إِذ الخُضرة واليُبْسُ لا يؤكلان

لأَنهما عَرَضانِ. وحَسَّ الرأْسَ يَحُسُّه حَسّاً إِذا جعله في النار فكلما

شِيطَ أَخذه بشَفْرَةٍ. وتَحَسَّسَتْ أَوبارُ الإِبل: تَطَايَرَتْ وتفرّقت.

وانْحَسَّت أَسنانُه: تساقطت وتَحاتَّتْ وتكسرت؛ وأَنشد للعجاج:

في مَعْدِنِ المُلْك الكَريمِ الكِرْسِ،

ليس بمَقْلوع ولا مُنْحَسِّ

قال ابن بري: وصواب إِنشاد هذا الرجز بمعدن الملك؛ وقبله:

إِن أَبا العباس أَولَى نَفْسِ

وأَبو العباس هو الوليد بن عبد الملك، أَي هو أَولى الناس بالخلافة

وأَولى نفس بها، وقوله:

ليس بمقلوع ولا منحس

أَي ليس بمحوّل عنه ولا مُنْقَطِع.

الأَزهري: والحُساسُ مثل الجُذاذ من الشيء، وكُسارَةُ الحجارة الصغار

حُساسٌ؛ قال الراجز يذكر حجارة المنجنيق:

شَظِيَّة من رَفْضَّةِ الحُساسِ،

تَعْصِفُ بالمُسْتَلْئِم التَّرَّاسِ

والحَسُّ والاحْتِساسُ في كل شيء: أَن لا يترك في المكان شيء. والحُساس:

سمك صِغار بالبحرين يجفف حتى لا يبقى فيه شيء من مائه، الواحدة حُساسَة.

قال الجوهري: والحُساس، بالضم، الهِفُّ، وهو سمك صغار يجفف. والحُساسُ:

الشُّؤْمُ والنَّكَدُ. والمَحْسوس: المشؤوم؛ عن اللحياني. ابن الأَعرابي:

الحاسُوس المشؤوم من الرجال. ورجل ذو حُساسٍ: ردِيء الخُلُقِ؛ قال:

رُبَّ شَريبٍ لك ذي حُساسِ،

شَرابُه كالحَزِّ بالمَواسِي

فالحُساسُ هنا يكون الشُّؤْمَ ويكون رَداءة الخُلُق. وقال ابن الأَعرابي

وحده: الحُساسُ هنا القتل، والشريب هنا الذي يُوارِدُك على الحوض؛ يقول:

انتظارك إِياه قتل لك ولإِبلك.

والحِسُّ: الشر؛ تقول العرب: أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ؛ الإِسُّ هنا

الأَصل، تقول: أَلحق الشر بأَهله؛ وقال ابن دريد: إِنما هو أَلصِقوا

الحِسَّ بالإِسِّ أَي أَلصقوا الشر بأُصول من عاديتم. قال الجوهري: يقال

أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ، معناه أَلحق الشيء بالشيء أَي إِذا جاءَك شيء من

ناحية فافعل مثله. والحِسُّ: الجَلْدُ.

وحَسَّ الدابة يَحُسُّها حَسّاً: نفض عنها التراب، وذلك إِذا فَرْجَنها

بالمِحَسَّة أَي حَسَّها. والمِحَسَّة، بكسر الميم: الفِرْجَوْنُ؛ ومنه

قول زيد بن صُوحانَ حين ارْتُثَّ يوم الجمل: ادفنوني في ثيابي ولا

تَحُسُّوا عني تراباً أَي لا تَنْفُضوه، من حَسَّ الدابة، وهو نَفْضُكَ التراب

عنها. وفي حديث يحيى بن عَبَّاد: ما من ليلة أَو قرية إِلا وفيها مَلَكٌ

يَحُسُّ عن ظهور دواب الغزاة الكَلالَ أَي يُذْهب عنها التَّعَب بَحسِّها

وإِسقاط التراب عنها. قال ابن سيده: والمِحَسَّة، مكسورة، ما يُحَسُّ به

لأَنه مما يعتمل به.

وحَسَسْتُ له أَحِسُّ، بالكسر، وحَسِسْتُ حَِسّاً فيهما: رَقَقْتُ له.

تقول العرب: إِن العامِرِيَّ ليَحِسَّ للسَّعْدِي، بالكسر، أَي يَرِقُّ

له، وذلك لما بينهما من الــرَّحِم. قال يعقوب: قال أَبو الجَرَّاحِ

العُقَيْلِيُّ ما رأَيت عُقيليّاً إِلا حَسَسْتُ له؛ وحَسِسْتُ أَيضاً، بالكسر:

لغة فيه؛ حكاها يعقوب، والاسم الحَِسُّ؛ قال القُطامِيُّ:

أَخُوكَ الذي تَملِكُ الحِسَّ نَفْسُه،

وتَرْفَضُّ، عند المُحْفِظاتِ، الكتائِفُ

ويروى: عند المخطفات. قال الأَزهري: هكذا روى أَبو عبيد بكسر الحاء،

ومعنى هذا البيت معنى المثل السائر: الحَفائِظُ تُحَلِّلُ الأَحْقادَ، يقول:

إِذا رأَيتُ قريبي يُضام وأَنا عليه واجدٌ أَخرجت ما في قلبي من

السَّخِيمة له ولم أَدَعْ نُضْرَته ومعونته، قال: والكتائف الأَحقاد، واحدتها

كَتِيفَة. وقال أَبو زيد: حَسَسْتُ له وذلك أَن يكون بينهما رَحِمٌ

فَيَرِقَّ له، وقال أَبو مالك: هو أَن يتشكى له ويتوجع، وقال: أَطَّتْ له مني

حاسَّةُ رَحِم. وحَسَِسْتُ له حَِسّاً: رَفَقْتُ؛ قال ابن سيده: هكذا وجدته

في كتاب كراع، والصحيح رَقَقْتُ، على ما تقدم. الأَزهري: الحَسُّ

العَطْفُ والرِّقَّة، بالفتح؛ وأَنشد للكُمَيْت:

هل مَنْ بكى الدَّارَ راجٍ أَن تَحِسَّ له،

أَو يُبْكِيَ الدَّارَ ماءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ؟

وفي حديث قتادة، رضي اللَّه عنه: إِن المؤمن ليَحِسُّ للمنافق أَي يأْوي

له ويتوجع. وحَسِسْتُ له، بالفتح والكسر، أُحِسُّ أَي رَقَقْتُ له.

ومَحَسَّةُ المرأَة: دُبُرُها، وقيل: هي لغة في المَحَشَّة.

والحُساسُ: أَن يضع اللحم على الجَمْرِ، وقيل: هو أَن يُنْضِجَ أَعلاه

ويَتْرُكَ داخِله، وقيل: هو أَن يَقْشِرَ عنه الرماد بعد أَن يخرج من

الجمر. وقد حَسَّه وحَسْحَسَه إِذا جعله على الجمر، وحَسْحَسَتُه صوتُ

نَشِيشِه، وقد حَسْحَسَتْه النار، ابن الأَعرابي: يقال حَسْحَسَتْه النارُ

وحَشْحَشَتْه بمعنى. وحَسَسْتُ النار إِذا رددتها بالعصا على خُبْزَة

المَلَّةِ أَو الشِّواءِ من نواحيه ليَنْضَجَ؛ ومن كلامهم: قالت الخُبْزَةُ لولا

الحَسُّ ما باليت بالدَّسِّ.

ابن سيده: ورجل حَسْحاسٌ خفيف الحركة، وبه سمي الرجل. قال الجوهري:

وربما سَمَّوا الرجلَ الجواد حَسْحاساً؛ قال الراجز:

مُحِبَّة الإِبْرام للحَسْحاسِ

وبنو الحَسْحَاسِ: قوم من العرب.

الحس المشترك: هو القوة التي ترتسم فيها صور الجزئيات المحسوسة، فالحواس الخمسة الظاهرة، كالجواسيس لها، فتطلع عليها النفس من ثمة فتدركها، ومحله مقدم التجويف الأول من الدماغ، كأنها عين تتشعب منها خمسة أنهار. 

حسس


حَسَّ(n. ac. حَسّ)
a. Felt; perceived; knew.
b. Destroyed, annihilated; killed.
c. Curried, rubbed down (animal).
d. Placed upon the embers.
e.(n. ac. حَسّ) [Bi], Was certain, sure of.
حَسَّسَa. Caused to feel.
b. Woke; awoke.

أَحْسَسَ
a. [acc.
or
Bi], Felt; perceived, saw; knew.
تَحَسَّسَa. Listened to; sought to ascertain.
b. [Min], Asked, enquired about.
إِنْحَسَسَa. Was pulled out, extracted (tooth).

حِسّa. Sensation; feeling; sense, perception.
b. Low sound.
حِسَّةa. State, condition.

حِسِّيّa. Sensible, perceptible by the senses; sensuous, relating
to the senses.

مِحْسَسَةa. Curry-comb.

حَاْسِسَة
(pl.
حَوَاسّ [] )
a. Sense; organ of sense.

حَسَاْسa. Perception.

حَسِيْسa. Low sound.

حَاْسُوْسa. Scout.

حَوَاْسِسُ
a. [art.], The senses.
N. P.
حَسڤسَa. see 2yi
حَاسِّيَّة
a. see 21t

حبن

حبن

1 حَبِنَ, aor. ـَ (S, K;) and حُبِنَ; inf. n. (of the former, TA) حَبَنٌ and (of the latter, TA) حَبْنٌ; (K;) He (a man) had the dropsy; as also ↓ احتبن: (KL:) he had a disease in the belly, whereby it became large and swollen. (K.) b2: [Hence,] حَبِنَ عَلَيْهِ, aor. ـَ (K,) inf. n. حَبَنٌ, (TA,) (tropical:) He became filled with anger against him. (K. TA.) 4 احبنهُ [It caused him, or his belly, to become large and swollen]: said of a disease [app. dropsy] that has befallen one; or of much eating. (TA.) 8 إِحْتَبَنَ see 1.

حَبْنٌ The tree called دِفْلَى [q. v.]; as also ↓ حَبِينٌ. (K.) حِبْنٌ and ↓ حِبْنَةٌ i. q. دُمَّلٌ [all which are applied in the present day to A boil]: (K:) and [small swellings or pustules, of the kind termed]

خُرَاج, (K,) like دُمَّل: (S K:) or a thing that comes upon the body, or person, generating pus, or thick purulent matter, and swelling: pl. [of the former] حُبُونٌ. (K.) A2: Also, the former, An ape, or a monkey; syn. قِرْدٌ. (Kr, K.) حَبَنٌ The dropsy; (S;) a disease in the belly, whereby it becomes large and swollen. (K.) b2: The yellow water [of the blood; i. e. the serum: a superabundant effusion of which, in the body, constitutes dropsy]. (TA.) حِبْنَةٌ: see حِبْنٌ.

حَبِينٌ: see أَحْبَنُ: A2: and see also حَبْنٌ.

أمُّ حُبَيْنٍ A certain small beast or reptile, (S, K,) well known; (K;) the عِظَايَة: (Mgh:) or a species of the [kind of lizards termed] عِظَآء; of stinking odour: (Msb:) so called because of the largeness of its belly; from أَحْبَنُ [q. v.]: also called ↓ حُبَيْنَةُ; (S, Msb, K;) and sometimes the article ال is prefixed to it, (S, Msb, K,) so that it is called أُمُّ الحُبَيْنِ, (S, Msb,) by poetic license: (TA:) it is of the form of the حِرْبَآء [or chameleon], broad in the breast, and large in the belly: (TA:) or, accord. to some, (TA,) it is the female of the حِرْبَآء: (S and Msb and K in art. حرب, and TA in the present art.:) accord. to Az, it is a small reptile resembling the [kind of lizard called] ضَبّ: (Msb:) or, as some say, a certain reptile of the size of a man's hand: or, accord. to Ibn-Ziyád, a dust-coloured reptile, with four legs, and of the size of a frog that is not large; and when the children hunt it, they say to it, انَّ الأَمِيرَ نَاظِرٌ إِلَيْكِ أُمَّ الحُبَيْنِ اُنْشُرِى بُرْدَيْكِ [Umm-el-Hobeyn, spread forth thy two wings: verily the commander is looking at thee]: they hunt it until fatigue overcomes it, when it stops, standing upright upon its two kind legs, and spreads forth two wings that it has, of the same dust-colour; and when they hunt it further, it spreads forth wings that were beneath those two wings, than which nothing more beautiful in colour has been seen, yellow and red and green and white, in streaks, one above another, very many; and when it has done this, they leave it: no offspring of it is found; nor any genital organ: (TA:) the appellation أُمُّ حُبَيْنٍ is determinate, like اِبْنُ عِرْسٍ and اِبْنُ آوَى; (S, Msb;) and [so is ↓ حُبَيْنَةُ,] like أُسَامَةُ; (S;) but determinate as a generic appellation: (S, Msb:) the suppression of the article does not render it indeterminate; which is contr. to rule: (S, K:) the pl. is أُمُّ حُبَيْنَاتٍ, [which is strange,] and أُمَّاتُ حُبَيْنٍ. (Msb.) b2: The Arabs say, in one of their imprecations, صَبَّ اللّٰهُ عَلَيْكَ أُمَّ حُبَيْنٍ مَاخِضًا meaning (assumed tropical:) [May God pour upon thee] the night. (Ibn-Buzurj, TA in art. مخص.) حُبَيْنَةُ: see the next preceding paragraph, in two places.

أَحْبَنُ Having the dropsy; (S, Mgh, Msb;) as also ↓ مَحْبُونٌ (KL) [and ↓ حَبِينٌ; so in the Lex. of Golius; and so in the present day]: having a disease in the belly, whereby it becomes large and swollen: (K:) fem. حَبْنَآءُ, (S, K,) applied to a woman: (S:) pl. حُبْنٌ. (TA.) b2: Hence, (TA,) the fem., (tropical:) Big-bellied; (K, TA;) applied to a woman. (TA.) And (assumed tropical:) A foot (قَدَمٌ) having much flesh in the بَخَصَةٌ [app. here meaning the pulpy portion of the sole]; (K;) as though it were swollen. (TA.) And (assumed tropical:) A pigeon (حَمَامٌ) that does not lay eggs: pl. حُبْنٌ. (K.) مَحْبُونٌ: see the next preceding paragraph.

مُحْبَئِنٌّ (assumed tropical:) Angry. (K.)
حبن: حَبْن: شجرة الدفلى في لغة أهل عمان. (ابن ابيطار 1: 281) في مخطوطة اب.

حبن


حَبِنَ(n. ac. حَبَن)
a. ['Ala], Was enraged, incensed against.
حِبْن
(pl.
حُبُوْن), Boil, tumour.
b. Ape, monkey.
(ح ب ن) : (الْأَحْبَنُ) الَّذِي بِهِ اسْتِسْقَاءٌ (وَمِنْهُ) كُنِّيَتْ الْعَظَايَةُ بِأُمِّ حُبَيْنٍ لِعِظَمِ بَطْنِهَا.
حبن
حَبَن [مفرد]: (طب) استسقاء، داء في البطن يَعظُم منه ويَرِم. 
(حبن)
حبناعظم بَطْنه خلقَة أَو من دَاء والقدم وَنَحْوهَا كثر لَحمهَا وَعَلِيهِ امْتَلَأَ غَضبا فَهُوَ أحبن وَهِي حبناء (ج) حبن
ح ب ن

رجل أحبن: منتفخ البطن خلقة أو من داء، وبه حبن، وقد أحبنه كثرة أكله أو داء اعتراه وخرجت به حبون وهي دماميل مقيحة، الواحد حبن. ولتهنيء أم حبين العافية، وهي دويبة يقال لها حبينة، " وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لبلال أم حبين " لخروج بطنه.
حبن
الحِبْنُ: ما يَعْتَري الإنسان فَيَقْيحُ ويَرِمُ، والجَميعُ: الحُبُوْنُ. والحَبَنُ: أن يَكْثَر السِّقْيُ في شَحْمِ البَطْنِ فَيَعْظُم البَطْنُ لذلك. واحْبَأَنَّتِ القَرْحَةُ في مُحْبَئَّنةٌ: إذا تَعَقَّدَتْ. وحَبِنَ فلانٌ: امْتَلأَ غَضباً، واشْتِقاقُه من الحَنْباءِ: العَظِيَمةِ الضَّخْمَةِ البَطْنِ. والدَّلْوُ الحَبْنَاءُ كذلك.
وأُمُّ حُبَيْنِ: على خِلْقَةِ الحِرْباءِ، ويقال لها: حُبَيْنَةٌ. والحِبّانِيَّةٌ: ضَرْبٌ من التَّمْرِ عَذبةُ الرُّطْبَةِ.
[حبن] الأَحْبَنُ: الذي به السِقْيُ. وقد حَبِنَ الرجل بالكسر يَحْبَنُ، وبه حَبَنٌ، والمرأة حَبْناءَ. والحِبْنُ والحِبْنَةُ بالكسر كالدمّل. وأُمٌ حُبَيْنٍ: دويبة، وهى معرفة مثل ابن عرس وأسامة وابن آوى وسام أبرص وابن قترة، إلا أنه تعريف جنس. وربما أدخل عليها الالف واللام، ثم لا تكون بحذف الالف واللام منها نكرة، وهو شاذ. قال الشاعر : يقول المجتلون عروس تيم شوى أم الحبين ورأس فيل ويقال لها حبينة أيضا. وأما ابن مخاض وابن لبون فنكرتان يتعرفان بالالف واللام تعريف جنس.
[حبن] غ فيه: أم "حبين" دويبة، والحبن عظم البطن، والأحبن من به السقى. نه: رأى بلالاً قد خرج بطنه فقال: أم حبين، شبهه بها ممازحة، ومنه ح: تجشأ رجل فقال له رجل دعوت على هذا الطعام أحداً؟ قال: لا، قال: فجعله الله "حبنا" وقداداً، القداد وجع البطن. ومنه ح: أهل النار يرجعون زباً "حبنا" هو جمع أحبن. وفيه: ولا تصلوا صلاة "أم حبين" هي دويبة كالحرباء عظيمة البطن إذا مشت تطاطئ رأسها كثيراً وترفعه لعظم بطنها فهي تقع على رأسها وتقوم، فنهى أن يتشبه بها في السجود كحديث نقرة الغراب. وفيه: أنه رخص في دم "الحبون" وهي الدماميل، جمع حبن وحبنة بالكسر، أي أن دمها معفو عنه إذا كان في الثوب حالة الصلاة.
ح ب ن : أُمُّ حُبَيْنٍ بِلَفْظِ التَّصْغِيرِ ضَرْبٌ مِنْ الْعَظَاءِ مُنْتِنَةُ الرِّيحِ وَيُقَالُ لَهَا حُبَيْنَةُ أَيْضًا مَعَ الْهَاءِ قِيلَ سُمِّيَتْ أُمَّ حُبَيْنٍ لِعِظَمِ بَطْنِهَا أَخْذًا مِنْ الْأَحْبَنِ وَهُوَ الَّذِي بِهِ اسْتِسْقَاءٌ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ أُمُّ حُبَيْنٍ مِنْ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ تُشْبِهُ الضَّبَّ وَجَمْعُهَا أُمُّ حُبَيْنَاتٍ وَأُمَّاتُ حُبَيْنٍ وَلَمْ تَرِدْ إلَّا مُصَغَّرَةً وَهِيَ مَعْرِفَةٌ مِثْلُ: ابْنِ عِرْسٍ وَابْنِ آوَى إلَّا أَنَّهُ تَعْرِيفُ جِنْسٍ وَرُبَّمَا أَدْخَلُوا عَلَيْهَا الْأَلِفَ وَاللَّامَ فَقَالُوا أُمُّ الْحُبَيْنِ. 
(ح ب ن)

الحَبَنُ: دَاء يَأْخُذ فِي الْبَطن فيعظم مِنْهُ ويرم. وَقد حَبُنِ حَبْنا وحَبِن حبَنا. وَرجل أحْبَنُ.

والحَبْناءُ من النِّسَاء: الضخمة الْبَطن، تَشْبِيها بذلك.

وحَبِنَ عَلَيْهِ، امْتَلَأَ جَوْفه غَضبا.

والحِبْنُ، مَا يعتري فِي الْجَسَد فيقيح ويرم. وَجمعه حُبونٌ.

والحِبْنُ: الدمل.

وقدمٌ حَبْناءُ: كَثِيرَة لحم البخصة حَتَّى كَأَنَّهَا ورمة. والحِبنُ: القرد، عَن كرَاع.

وحمامة حَبْناءُ: لَا تبيض.

وَابْن حَبْناءَ، شَاعِر مَعْرُوف، سمي بذلك.

وَأم حُبَيْنٍ: دُوَيْبَّة على خلقَة الحرباء، عريضة الصَّدْر عَظِيمَة الْبَطن. وَقيل: هِيَ أُنْثَى الحرباء. وَقَالَ أَبُو ليلى: أم حبين دُوَيْبَّة على قدر الخنفساء يلْعَب بهَا الصّبيان وَيَقُولُونَ لَهَا:

أم حُبَينٍ انشُرِي بُردَيْكِ

إنَّ الأميرَ والجٌ عليكِ

ومُوجِعٌ بِسَوْطه جَنْبَيكِ

فتنشر جناحيها. قَالَ رجل من الْجِنّ، فِيمَا رَوَاهُ ثَعْلَب:

وأُمّ حُبَينٍ قد رحَلْتِ لحاجةٍ ... برَحْلٍ علاِفّي وأعْقَبْتِ مِزْوَدا

وهما أُمَّا حُبَينٍ، وهنَّ أمهاتُ حُبَيْنٍ، بإفراد الْمُضَاف إِلَيْهِ، وَقد أَنْعَمت تَعْلِيل ذَلِك فِي " الْكتاب الْمُخَصّص " وَقَوله:

يقولُ المُجْتَلونَ عَروسَ تَيْمٍ ... شوَى أمُّ الحُبَينِ ورأسُ فِيلِ

إِنَّمَا أَرَادَ أمَّ حُبَينٍ، وَهِي معرفَة، فَزَاد اللَّام فِيهَا ضَرُورَة لإِقَامَة الْوَزْن، وَأَرَادَ، سَوَاء، فقصر ضَرُورَة أَيْضا. وَيُقَال لَهَا أَيْضا: حُبَيْنَةُ.

والحَبَنُ: الدفلى. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الحَبنُ شَجَرَة الدفلى، اخبرني بذلك بعض أَعْرَاب عمان.

والحُبَيْنُ وحَبَونَنٌ وحِبَوْنَنٌ: أَسمَاء.

وحَبَوْنَنٌ: اسْم وَاد، عَن السيرافي.
باب الحاء والنون والباء معهما ح ب ن، ح ن ب، ن ح ب، ن ب ح مستعملات

حبن: الحِبْنُ: ما يَعْتَري الجسد فيَقيحُ ويَرِمُ، وجمعه: حُبُون. والحَبَنُ: أن يكثر السِّقْيُ في شَحْم البطن فيَعْظُمَ البطنُ جداً. وأُمّ حُبَيْنٍ: دُوَيْبَّةٌ على خِلْقة الحِرْباء عَريضةُ البطنِ جداً، [قال:

أمَّ حُبَيْنٍ آبْسُطي بُرْدَيكَ ... إنَّ الأميرَ داخلٌ عليك

وضاربٌ بالسَّيفِ مَنكبَيْكِ

والحَبَنُ: عِظَمُ البطن، ولذلك قيل لمن سُقِيَ بطنهُ قد حَبِنَ. وأمُّ حُبَيْنٍ: هي الأُنثى من الحَرابيّ] .

حنب: الحَنَبُ: اعوجاجٌ في السَّاقَيْن، والتَّحنيب في الخَيْل مما يُوصَف صاحبُه بالشِّدّة، وليس ذلك من اعوجاج شديد. ورجلٌ مُحَنَّبٌ أي: شيخٌ مُنْحَنٍ، قال:

قَذْفَ المُحَنَّبِ بالعاهاتِ والسَّقَم

نحب: النَّحْبُ: النَّذْرُ، وقوله- جلَّ وعزَّ-: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ

أي قُتِلوا في سبيل الله فأدرَكوا ما تمنَّوا فذلك قَضاء نَحْبهم، كأن المعنى: ظَفِروا بحاجتهم. والانتحاب: صَوْتُ البُكاء، والنَّحيبُ: البُكاء. وناحبْتُه: حاكَمْتُه أو قاضَيْتُه إلى رجل. والنَّحْبُ: السير السريع.

نبح: النَّبْح: صَوْتُ الكلب، والتَّيِس عند السِّفاد يَنْبَحُ. والحَيَّة تَنْبَحُ في بعض أصواتها، قال:

يأخُذُ فيه الحَيَّة النَّبُوحا

والظَّبْيُ يَنْبَحُ في بعض الأصوات، قال:

.......... شنج الأنساء ... نَبّاحٍ من الشُّعْبِ

يُريدُ: جماعة الأَشعَب، وهو ذو القرنين المتباعدين. والنُّبُوح: جماعة النابح من الكلاب، قال طفيل:

وأَشْعَثَ يزهاه النبوح مدفع ... عن الزاد، ممن حرف الدهر مُحْثَلِ

والنَّبّاح: مناقِفُ صِغارٌ بيضٌ تُحْمَل من مَكَّةَ، تُجْعَلُ في القَلائد والوُشُح، الواحدة، نَبّاحه، وقول الأخطل:

إن العرارة والنبوح لدارم ... والمستَخِفُّ أخوهُمُ الأثقالا
(حبن) - في حديث عُروةَ: "أنَّ وَفْد أَهلِ النَّار يرجِعُون زُبًّا حُبْنًا"
الحُبْن جمع الأَحْبَن: وهو العَظِيم البَطْن، والحَبَن: عِظَم البَطْن وقد حَبِنَ: أي وَجِع بَطنُه مع وَرَم فيه. وقيل: هو أن يَكثُر السِّقْى في حَجْمِ البَطْن، فيعَظُم لذلك.
- وفي حَدِيثِ عُقْبَةَ: "أَتِمُّوا صَلاتَكم، ولا تُصَلُّوا صَلَاة أُمِّ حُبَيْن".
أُمُّ حُبَيْن: دُوَيْبَّة كالحِرباء ضَخْمَة البَطْن عَرِيضَتُه.
قال أبو زيد: الحِرْباءُ ذَكَرُها، وأُمُّ حُبَيْن: الأُنثَى تُطَأْطِيءُ رأسَها كَثِيراً، وتُسرِع رَفْعَه كأَنَّها من عِظَم بَطْنِها لا تُقِلُّه فهي تَسقُط على رأسِها وتَقُوم، وكَأنّه مِثْل الحَدِيثِ الآخَر في نُقرَةِ الغُراب.
- في حَدِيثِ ابنِ عَبَّاس، رضي الله عنهما: "أَنَّه رَخَّص في دَمِ الحُبُون".
وهي الدَّمَامِيلُ، وَاحِدُها حِبْن، وإنّما أَرخَص فيه أن يكون في الثَّوب أو البَدَن حالةَ الصَّلاة. لأَنَّه يَشُقُّ الاحترازُ منه فأُلحِق بالمَعْفُوِّ عنه.
(حبو) في الحديث: "لو يَعْلَمون ما فِي العِشاءِ والفَجْر، لأَتوْهُما ولو حَبْوًا على الرُّكَبِ".
الحَبْو: أن يَمشِي على يَدَيْه. يقال: حَبَا البَعِير يَحبُو: إذا مَشَى مَعْقولا. واشْتِقاقه: من حَبَت السَّفِينَة، إذا جَرَت، ومن الحَابِي؛ وهو السَّهم الذي يَزحَفُ إلى الهَدَف بَعْد ما يَقَع على الأرض.
ويقال: حَبَا الصَّبِيُّ: إذا زَحَفَ على إسْتِه، وحَبَا البَعِيرُ: إذا بَرَك، ثم زَحَفَ من الِإعياءِ، وأَصلُه الدُّنُوُّ.
- في الحَدِيثِ قال للعَبَّاس، رضي الله عنه، في صَلاة التسْبِيح: "ألَا أَحْبُوكَ" ؟
يقال: حَباه كَذَا وبِكَذَا. يَحْبُوه حَبْواً وحُبْوَةً: أَعطاه، والحِباءُ: العَطِيَّة الخَاصَّة.
- في الحَدِيث: "نَهَى عن الاحْتِباء في ثَوبٍ وَاحدٍ".
الاحْتِباء: جِلسةُ الأَعراب، وكذلك الحِبْوة والحِبْيَة، وهو ضَمُّ السَّاقَيْن إلى البَطْن بثَوْب يَلُفُّونه عليهما، يَعنِي إذا لم يَكُن عليه إلَّا ثَوبٌ واحِدٌ، رُبَّما تَحرَّك، أو زَالَ الثَّوبُ فتَبدُو عَورتُه.
- ومنه الحَدِيثُ: "الاحْتِباء حِيطانُ العَرَب".
: أي لَيْسَ في البَوادِي حِيطَان، فإذا أَرادُوا أن يَسْتَنِدُوا احْتَبَوْا، لأن الثوبَ يمنَعُهم من السُّقُوط . - في حدِيث عَمْرو: "نَبَطِيٌّ في حَبْوَته".
من ذلك، ويُروَى بالجِيم.
- وفي حَدِيثِ مُعاذِ بنِ أَنَس عن أَبِيه: "نُهِي عن الحَبْوة يَومَ الجُمُعَةِ والإمامُ يَخْطُب".
إنَّما نَهَى عَنْها في ذَلِك الوَقْتِ، لأنه يَجلِب النَّومَ، ويُعرِّض طَهارتَه للانْتِقاضِ.
وفيه دَلِيل على أَنَّ الاسْتِناد يَومَ الجُمُعَة في ذَلِك الوَقْتِ مَكْروهٌ، لأنه مِثلُ الاحْتِباء إذا كَثُر، وأَمر بالاستِيفَاز في القُعُود لاسْتِماع الخُطْبة والذِّكر. قِيلَ: الاحْتِباء في ثَوْبٍ وَاحدٍ، هو أن يَقعُد على أَلْيَتَيه وقد نصب ساقَيْه وهو غَيرُ مُتَّزِرٍ، ثم يحْتَبِي بثَوبٍ يَجَمَعُ بين طَرفَيه ويَشُدُّهُما على رُكبَتَيه، فإذا فَعَل ذَلِك بَقِيت فُرجَةٌ بينَه وَبيْنَ الهَواء تنكَشِف منها عَورتُه.

حبن: الحَبَنُ: داءٌ يأْخذ في البطن فيعظُم منه ويَرِمُ، وقد حَبِنَ،

بالكسر، يَحْبَنُ حَبَناً، وحُبِن حَبْناً وبه حَبَنٌ. ورجل أَحْبَنُ،

والأَحْبَنُ: الذي به السِّقْيُ. والحَبَنُ: أَن يكون السِّقْيُ في شَحْم

البطن فيعظم البطن لذلك، وامرأَةٌ حَبْناء. ويقال لمن سَقَى بطنُه: قد

حَبِنَ. وفي الحديث: أَن رجلاً أَحْبَنَ أَصاب امرأَةً فَجُلِدَ بأُثْكُولِ

النخل؛ الأَحْبَنُ: المُسْتَسْقي، من الحَبَن، بالتحريك، وهو عِظَمُ البطن؛

ومنه الحديث: تَجَشّأَ رجلٌ في مجلسٍ، فقال له رجلٌ: دَعَوْتَ على هذا

الطعامِ أَحداً؟ قال: لا، قال: فجعله الله حَبَناً وقُداداً؛ القُدادُ

وجعُ البَطْن. وفي حديث عروة: أَن وَفْدَ أَهل النار يرجعون زُبّاً حُبْناً؛

الحُبْنُ: جمعُ الأَحْبَنِ؛ وفي شعر جَنْدَل الطُّهَويّ: وعُرّ عَدْوَى

من شُغافٍ وجَبَنْ قال: الحَبَنُ الماءُ الأَصْفَرُ. والحَبْناءُ من

النِّساء: الضخمةُ البطنِ تشبيهاً بتلك. وحَبِنَ عليه: امتلأَ جوفُه غضباً.

الأَزهري: وفي نوادر الأَعراب قال: رأَيت فلاناً مُحْبَئِنّاً

ومُقْطَئِرّاً ومُصْمَعِدّاً أَي ممتلِئاً غضباً. والحِبْنُ: ما يَعْتَري في الجسد

فيقِيحُ ويَرِمُ، وجمعُه حُبونٌ. والحِبْنُ: الدُّمَّلُ، وسمِّي الحِبْنُ

دُمَّلاً على جهة التفاؤل، وكذلك سمّي السِّحْر طَبّاً. وفي حديث ابن

عباس: أَنه رخَّصَ في دمِ الحُبونِ، وهي الدَّمامِيل، واحدُها حِبْنٌ

وحِبْنةٌ، بالكسر، أَي أَن دَمَها معفُوٌّ عنه إذا كان في الثوب حالةَ الصلاة.

قال ابن بُزُرْج: يقال في أَدْعية من القوم يَتَداعَوْن بها صَبَّ الله

عليكَ أُمَّ حُبَيْنٍ ماخِضاً، يَعْنونَ الدماميلَ. والحِبْنُ والحِبْنةُ:

كالدُّمَّل. وقَدَمٌ حَبْناءُ: كثيرة لحمِ البَخَصةِ حتى كأَنها

وَرِمةٌ. والحِبْنُ: القِرْدُ؛ عن كراع. وحَمامةٌ حَبْناءُ: لا تَبيضُ. وابن

حَبْناءَ: شاعرٌ معروف، سمّي بذلك. وأُمُّ حُبَيْنٍ: دُوَيْبَّة على خِلْقةِ

الحِرْباء عريضةُ الصدر عظيمةُ البطن، وقيل: هي أُنثى الحِرْباء. وروي

عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه رأَى بلالاً وقد خرج بطنُه فقال:

أُمُّ حُبَيْنٍ، تَشْبيهاً له بها، وهذا من مَزْحِه، صلى الله عليه وسلم،

أَراد ضِخَمَ بطنِه؛ قال أَبو ليْلى: أُمُّ حُبَيْنٍ دُوَيْبَّة على قدر

الخُنْفُساء يلعب بها الصبيان ويقولون لها:

امَّ حُبَيْنٍ، انْشُرِي بُرْدَيْكِ،

إنَّ الأَميرَ والجٌ عليكِ،

ومُوجِع بسَوْطِه جَنْبَيْكِ

فتنْشُر جَناحَيْها؛ قال رجل من الجنّ فيما رواه ثعلب:

وأُمّ حُبَيْنٍ قد رَحَلْتِ لحاجةٍ

برَحْلٍ عِلافِيٍّ، وأَحْقَبْتِ مِزْوَداً.

وهُما أُمَّآ حُبَيْنٍ، وهنّ أُمَّهاتُ حُبَيْنٍ، بإفراد المضاف إليه؛

وقول جرير:

يقولُ المُجْتَلون عَروس تَيْم

سَوىً أُمُّ الحُبَيْنِ ورأْسُ فيل.

إنما أَراد أُمّ حُبَيْن، وهي معرفة، فزاد اللام فيها ضرورة لإقامة

الوزن، وأَراد سواء فقصر ضرورة أَيضاً. ويقال لها أَيضاً حُبَيْنة؛ وأَنْشد

ابن بري:

طَلَعْتُ على الحَرْ بِيّ يَكْوي حُبَيْنةً

بسَبْعةِ أَعْوادٍ من الشُّبُهانِ.

الجوهري: أُمُّ حُبَيْنٍ دُوَيْبةً، وهي مَعْرِفة مثل ابن عِرْس

وأُسامةَ وابن آوى وسامِّ أَبْرَصَ وابن قِتْرة إلا أَنه تعريفُ جنسٍ، وربما

أُدْخِل عليه الأَلفُ واللام، ثم لا تكون بحذف الأَلف واللام منها نكرةً،

وهو شاذٌّ؛ وأَورد بيت جرير أَيضاً:

شَوى أُمِّ الحُبَيْنِ ورأْسُ فِيل.

وقال ابن بري في تفسيره: يقول: شَواها شَوى أُمِّ الحُبَيْنِ ورأْسُها

رأْسُ فِيل، قال: وأُمُّ حُبَيْنٍ وأُمُّ الحُبَيْن مما تَعاقَب عليه

تعريفُ العلمية وتعريفُ اللام، ومثله غُدْوة والغُدْوة، وفَيْنة والفَيْنة،

وهي دابَّة على قدر كف الإنسان؛ وقال ابن السكيت: هي أَعْرَضُ من الغَطاء

وفي رأْسِها عِرَضٌ؛ وقال ابن زياد: هي دابَّة غَبْراء لها قوائمُ أَربعٌ

وهي بقدر الضِّفْدَعة التي ليست بضَخْمة، فإذا طَرَدها الصِّبْيان قالوا

لها:

أُمَّ الحُبَيْنِ، انْشُرِي بُرْدَيكِ،

إن الأَميرَ ناظرٌ إليكِ.

فيطردونها حتى يُدْرِكها الإعْياء، فحينئذ تقف على رِجْلَيْها منتصبةً

وتَنْشُر لها جَناحَيْن أَغْبَرَيْن على مِثْلِ لَوْنها، وإذا زادُوا في

طَرْدِها نشرت أَجنحة كُنَّ تحت ذَيْنِك الجناحين لم يُرَ أَحسَنُ لوناً

منهن، ما بين أَصْفَرَ وأَحْمَرَ وأَخْضَرَ وأَبْيَضَ وهنَّ طرائقُ بعضُهن

فوق بعض كثيرة جدّاً، وهي في الرِّقَّة على قدرِ أَجْنِحة الفَراشِ،

فإذا رآها الصبيان قد فعلت ذلك تركوها، ولا يوجد لها ولد ولا فَرْخ؛ قال ابن

حمزة: الصحيح عندي أَن هذه الصفة صفة أُمّ عُوَيْفٍ؛ قال ابن السكيت:

أُمُّ عُوَيْفٍ دابَّةٌ صغيرةٌ

ضخمةُ الرأْسِ مخضرَّة، لها ذنبٌ ولها أَربعةُ أَجْنِحةٍ، منها جناحان

أَخْضَران، إذا رأَت الإنسان قامت على ذنبها ونشَرت جَناحَيْها؛ قال

الآخر:

يا أُمَّ عَوْفٍ انْشُري بُرْدَيْكِ،

إنَّ الأَميرَ واقفٌ عليكِ،

وضاربٌ بالسَّوْطِ مَنْكِبَيْكِ

ويروى: أُمَّ عُوَيْفٍ، قال: وهذه الأَسماء

(* قوله «وهذه الأسماء إلخ»

هكذا في الأصل ولم نعثر عليها في المحكم ولا التهذيب والصحاح). التي

تُكْتبُ بها هذه المعارف وأُضيفت إليها غير معرِّفة لها؛ قال الطرماح:

كأُمّ حُبَيْنٍ لم ترَ الناسُ غيرَها،

وغابَتْ حُبَيْنٌ حينَ غابَتْ بنُو سَعْد.

ومثله لأَبي العلاء المعرِّي:

يَتَكَنَّى أبا الوَفاءِ رجالٌ

ما وجَدنا الوَفاءَ إلاَّ طَرِيحا

وأَبو جَعْدة ذُؤالةُ، مَن جَعْــ

ـدةُ؟ لا زال حاملاً تَتْرِيحَا

وابنَ عِرْس عَرَفْتُ، وابنَ بَريحٍ،

ثم عِرْساً جَهِلْته وبَريحا.

وأَما ابنُ مَخاضٍ وابنُ لَبُونٍ فنكرتان يتعرَّفان بالأَلف واللام

تعريف جنس. وفي حديث عقبة: أَتِمُّوا صلاتكم ولا تصلُّوا صلاة أُمِّ

حُبَيْنٍ؛ قال ابن الأَثير: هي دُوَيْبة كالحِرْباء عظيمةُ البطنِ، إذا مَشَتْ

تُطَأْطِئ رأْسَها كثيراً وترفعُه لعِظَم بطنها، فهي تقعُ على رأْسها

وتقومُ، فشبَّه بها صلاتَهم في السجود مثل الحديث الآخر: في نَقْرة الغراب.

والحَبْنُ: الدِّفْلى

(* قوله «والحبن الدفلى» في القاموس: والحبن بالفتح

شجر الدفلى، وضبط في التكملة والمحكم بالتحريك). وقال أَبو حنيفة:

الحَبَنُ شجرة الدِّفْلى، أَخْبر بذلك بعضُ أَعراب عُمانَ. والحُبَيْنُ

وحَبَوْنَنٌ وحِبَوْنَنٌ: أَسماء. وحَبَوْنَن: اسمُ واد؛ عن السيرافي، وقيل: هو

اسم موضع بالبحرين، وروى ثعلب: حَبَوْنَى، بأَلف غير منونة؛ وأَنشد:

خَلِيلَيَّ، لا تسْتَعْجِلا وتَبَيَّنا

بِوادِي حَبَوْنَى، هل لهنَّ زَوالُ؟

ولا تَيْأَسا من رحمــةِ الله، وادْعُوَا

بوادِي حَبَوْنَى أَن تَهُبَّ شَمالُ.

قال: والأَصل حَبَوْنَنٌ، وهو المعروف، وإنما أَبدل النون أَلفاً لضرورة

الشعر فأَعلَّه؛ قال وَعْلة الجرمي:

ولقد صَبَحتُكُم ببَطْنِ حَبَوْنَنٍ،

وعلَيَّ إن شاء الإلهُ ثَناءُ.

وقال أَبو الأَخْزَر الحُمَّاني:

بالثَّنْيِ من بِئْشةَ أَو حَبَوْنَن

وأَنشد ابن خالويه:

سَقى أَثْلَةٌ بالفِرْقِ فِرْقِ حَبَوْنَنٍ،

من الصَّيفِ، زَمْزامُ العشِيّ صَدُوق.

حبن
: (الحَبَنُ، محرَّكةً: داءٌ فِي البَطْنِ يَعظُمُ مِنْهُ ويَرِمُ: وَقد حُبِنَ) الرَّجُلُ، (كعُنِيَ وفَرِحَ) ؛) اقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ على الثانِيَةِ، (حَبْناً) ، بالفتْحِ (ويُحَرَّكُ) ؛) وَفِيه لَفٌّ ونَشْرٌ مرتَّبٌ؛ (وَهُوَ أَحْبَنُ، وَهِي حَبْناءُ) .
(وَفِي الصِّحاحِ: الأَحْبَنُ الَّذِي بِهِ السَّقْيُ.
وَفِي الحدِيْثِ: (أَنَّ رَجُلاً أَحْبَنَ أَصابَ امْرأَةً فَجُلِدَ بأُثْكُولِ النَّخْلِ) .
الأَحْبَنُ: المُسْتَسْقي، والجَمْعُ حُبْنٌ، بالضمِّ؛ وَمِنْه حدِيْثُ عرْوَةَ: (أَنَّ وَفْدَ أَهْلِ النارِ يَرْجِعونَ زُبًّا حُبْناً) .
(والحِبْنُ، بالكسْرِ: القِرْدُ) ، عَن كُراعٍ.
(و) أَيْضاً: (خُراجٌ كالدُّمَّلِ.
(و) أَيْضاً: (مَا يَعْتَرِي فِي الجَسَدِ فيَقيحُ ويَرِمُ.
(و) فِي الصِّحاحِ: الحِبْنُ: (الدُّمَّلُ، كالحِبْنَةِ فيهمَا) .
(وقيلَ: سُمِّي الدُّمَّل حِبْناً على التَّفاؤُلِ كَمَا سُمِّي السِّحْر طَبًّا؛ (ج حُبونٌ) ؛) وَمِنْه حدِيْثُ ابنِ عبَّاسٍ، رضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّه رَخَّصَ فِي دمِ الحُبونِ؛ أَي أنَّه معفُوٌّ عَنهُ، إِذا كانَ فِي الثَّوْبِ حالَ الصَّلاةِ.
(و) الحَبْنُ، (بالفتحِ: شجرُ الدِّفْلَى، كالحَبِينِ) ، كأَميرٍ.
(و) مِن المجازِ، (حَبِنَ عَلَيْهِ، كفَرِحَ) ، حَبَناً: (امْتَلَأَ) جَوْفُه (غَضَباً.
(والحَبْناءُ) ، مِن النِّساءِ: (الضَّخمةُ البطنِ) ، على التَّشْبيهِ.
(و) الحَبْناءُ: (أُمُّ المغيرةِ ويَزيدَ وصَخْرٍ الشُّعَراءِ وأَبوهُم عَمْرُو بنُ رَبيعَةَ) .
(قُلْت: الَّذِي فِي كتابِ الأَغاني فِي أَخْبارِ المُغيرَةِ: أَنَّه ابنُ حَبْناءَ بنُ عَمْرِو بنِ رَبيعَةَ بنِ حَنْظَلَةَ بنِ مالِكِ بنِ زيْدِ مَنَاةَ بنِ تَمِيمٍ، وحَبْناءُ لَقَبٌ غَلَبَ على أَبيهِ واسْمُه جبيرُ بنُ عَمْرٍ و، ولُقِّبَ بذلِكَ لحَبَنٍ كَانَ أَصابَه، وَهُوَ شاعِرٌ إسْلاميٌّ مِن شُعَراءِ الدَّوْلةِ الأُمويَّةِ، وأَبوهُ حَبْناءُ شاعِرٌ أَيْضاً، وأَخُوه صَخْرُ بنُ حَبْناء شاعِرٌ أَيْضاً، وَكَانَ يُهاجِيه وَلَهُمَا قَصائِدُ تَناقَضَا بهَا كَثيراً، وأَمَّا أُمُّهم فَهِيَ لَيْلى لقَوْلِه يعنِّفُ أَخَاهُ صَخْراً:
أَلا مَنْ مُبْلِغٌ صخْرَ بنَ لَيْلى بأَنِّي قد أَتانِي مِن ثناكافي أَبياتٍ.
فأَجابَهُ صَخْر بقوْلِه:
أَتاني عَن مُغِيرَة زَوْرُ قوْلٍ تَعمَّدَه فقُلْت لَهُ كَذاكَايعمُّ بِهِ بَني لَيْلى جَمِيعاً فولِّ هِجاءَهم رَجُلاً سِواكاوقالَ أَبو أسيل البَصْريُّ: كَانَ المُغِيرةُ أَبْرصَ وأَخُوه صَخْرٌ أَعْورَ والآخَرُ مَجْذوماً، وَكَانَ بأَبيهِ حِبْنٌ فلُقِّبَ حَبْناءُ واسْمُه جبيرُ بنُ عَمْرٍ و؛ وقالَ زيادٌ الأَعْجَمُ يَهْجوهم:
إنَّ حَبْناءَ كَانَ يُدْعى جُبيراً فدَعَوه من حبْنه حَبْناءَوَلَدَ العُورَ مِنْهُ والجَذم والبُرْصَ وَذُو الدَّاء يُنتَج الأَدواءَ فلمَّا بَلَغَ حَبْناء هَذَا قالَ: مَا ذنْبُنا فيمَا ذَكَرَه، هَذَا هُوَ داءٌ ابْتَلانا اللَّهُ، عزَّ وجلَّ، بِهِ، وإِنَّما يعيَّرُ المَرْءُ بِمَا كسِبَهُ، وإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَجْمعَ اللَّهُ هَذِه الأَدْواءَ كلَّها فِيهِ، فبَلَغَ ذَلِك زِياداً فَلم يهْجه بعْدَ ذلِكَ، وَلَا أَجابَهُ بشيءٍ.
وقالَ الأَصْمَعيُّ: لم يَقُل أَحدٌ فِي تَفْضيلِ أَخٍ على أَخِيهِ وهُما لأَبٍ وأُمِّ مثْلَ قَوْلِ المُغِيرَةِ بنِ حَبْناء لأَخِيهِ صَخْر:
أَبُوكَ أَبي وأَنتَ أَخِي ولكِنْتبايَنَتِ الصَّنائعُ والظُّروفُوأمُّكَ حينَ تُنْسَبُ أمُّ صدْقٍ ولكنَّ حلهَا طَبِع سَخِيفُقالَ: وكانَ عبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوانَ إِذا نَظَرَ إِلَى أَخيهِ مُعاوِيَةَ وكانَ ضَعِيفاً يتَمثَّلُ بهذيْن البَيْتينِ؛ فظَهَرَ لكَ بِمَا ذَكَرْنا أنَّ حَبْناءَ أَبُوهُ لَا أُمّهُ، وَقد غَلِطَ المصنِّفُ، رَحِمَــه اللَّهُ تعالَى.
(و) الحَبْناءُ (من الحَمامِ: الَّتِي لَا تَبِيضُ، ج حُبْنٌ، بالضَّمِّ.
(و) الحَبْناءُ: (القَدَمُ الكثيرَةُ لَحْمِ البَخْصةِ) حَتَّى كأَنَّها وَرِمةٌ.
(وحُبَيْنَةُ، كجُهَيْنَةَ؛ وأُمُّ حُبَيْنٍ، كزُبَيْرٍ) ، نَقَلَهُما الجَوْهرِيُّ: (دُوَيْبَّةٌ م) مَعْروفَةٌ.
وَفِي الصِّحاحِ: وَهِي مَعْرِفة مِثْل ابنِ عِرْسٍ وأُسامَة وابنِ آوَى وسامِّ أَبْرَصَ وَابْن قِتْرَةَ إلاّ أنَّه تَعْريفُ جنْسٍ، وَهِي على خِلْقةِ الحِرْباءِ عَرِيضةُ الصَّدْرِ عَظِيمَةُ البَطْنِ.
وقيلَ: هِيَ أُنْثى الحِرْباء.
وقيلَ: هِيَ دابَّةٌ على قدْرِ كَفِّ الإِنْسانِ.
وقالَ ابنُ زِيادٍ: هِيَ دابَّةٌ غَبْراءُ لَهَا قَوائِمُ أَرْبَعٌ، وَهِي بقدْرِ الضِّفْدَعَةِ الَّتِي ليْسَتْ بضَخْمةٍ، فَإِذا طَرَدَها الصِّبْيانُ قَالُوا لَهَا:
أُمَّ الحُبَيْنِ انْشُرِي بُرْدَيْكِإنَّ الأَميرَ ناظرٌ إليكِ فيطْرِدُونها حَتَّى يُدْرِكَها الإِعْياءُ، فحينَئِذٍ تَقِفُ على رِجْلِها مُنْتَصِبةً وتَنْشُر جَناحَيْن أَغْبَرَيْن على مثْلِ لَوْنِها، فَإِذا زادُوا فِي طَرْدِها نَشَرَتْ أَجْنِحة كُنَّ تحْتَ ذَيْنِك الجَناحَيْن لم يُرَ أَحْسَنُ لَوْناً منهنَّ، مَا بينَ أَصْفَرَ وأَحْمَرَ وأَخْضَرَ وأَبْيَضَ، وهُنَّ طَرائقُ بعضُهنَّ فَوق بعضٍ كَثِيرة جدًّا، فَإِذا فَعَلَتْ ذلِكَ تَركُوها، وَلَا يُوجدُ لَهَا وَلَد وَلَا فَرْخ.
(ورُبَّما دَخَلَها أَلْ) ، يَعْنِي فِي الجزءِ الثَّانِي فيُقالُ: أُمُّ الحُبَيْنِ؛ قالَ جَريرٌ:
يقولُ المُجْتَلونَ عَرُوس تَيْمسَوًى أُمُّ الحُبَيْنِ ورأْسُ فيلإنَّما أَرادَ أُمَّ حُبَيْنٍ، وَهِي مَعْرِفةٌ، فزَادَ اللامَ ضَرورَةً لأَجْلِ الوَزْنِ، وأَرادَ سَواء فقَصَرَ ضَرُورَةً أَيْضاً؛ (وبحَذْفِها) ، أَي اللَّام مِنْهَا، (لَا تَصِيرُ نَكِرةً) ، وَهُوَ (شاذٌّ) ؛) كَمَا فِي الصِّحاحِ.
قالَ شيْخُنا، رَحِمَــه اللَّهُ تعالَى: لأَنَّ أَل ليْسَتْ مَعْرِفةً بل زائِدَة فِي العلْمِ للمح الأَصْلِ، وَمَا كَانَ كَذلِكَ فأَنْتَ فِيهِ بالخيارِ، أَي الإِتْيان بأل أَو بحَذْفِها، كَمَا فِي شُروحِ الخلاصَةِ.
(والمُحْبَئِنُّ، كمُطْمَئٍِ نَ: الغَضْبانُ) ؛) كَذَا فِي نوادِرِ الأَعْرابِ.
(وحَبَوْنَنٌ) ، كسَفَرْجَلٍ: (عَلَمٌ.
(و) أَيْضاً: اسْمُ (وادٍ) ؛) وأَنْشَدَ ابنُ خَالَوَيْه:
سَقَى أثْلَةٌ فِي الفِرْقِ فِرْقِ حَبَوْنَنٍ من الصَّيْفِ زَمْزامُ العشِيِّ صَدُوقوقد تُبْدَلُ النّونُ أَلِفاً لضَرورَةِ الشِّعْرِ فيُقالُ حَبَوْنَا، كقَوْلِ الشاعِرِ:
وَلَا تَيْأَسا من رحمــةِ اللَّهِ وادْعُوَابوادِي حَبَوْنَا أَن تَهُبَّ شَمالُ (وحَبُّونَةُ، كسَمَّورةٍ: جَدُّ) الحافِظِ عَلَم الدِّيْن (القَاسِمِ (البِرْزالِيِّ) ، رَوَى بالعمومِ عَن المُؤَيِّد الطّوسِيّ، رَحِمَــه اللَّهُ تعالَى.
(وعبدُ الواحدِ بنُ الحَسَنِ) ، وَفِي التّبْصِيرِ: الحُسَيْن، (بنِ حُبَيْنٍ: كزُبَيْرٍ: مُحَدِّثٌ) عَن حَمْزَةَ بنِ محمدٍ الكَاتِبِ البَغويّ، كَذَا ضَبَطَه إسْماعيلُ بنُ السَّمَرْقَنْديّ وخُولِفَ، (أَو هُوَ بالنّونِ) .
(وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
الحَبَنُ، بالتَّحريكِ: الماءُ الأَصْفَرُ، كَذَا فُسِّر بِهِ شِعْرُ جَنْدَل الطُّهَويّ:
وعُرّ عَدْوَى من شُغافٍ وحَبَنْ وسَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلالاً، رضِيَ اللَّهُ تعالَى عَنهُ، أُمّ حُبَيْنٍ، أَرادَ بذلِكَ ضَخامَةَ بَطْنِه، وَهُوَ مِن مَزْحِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكانَ لَا يَمْزَحُ إلاَّ حقًّا.
وأَحْبَنَهُ كثْرَةُ الأَكْلِ أَو داءٌ اعْتَرَاهُ.
وحُبَيْنَةُ، كجُهَيْنَةَ: لَقَبُ رَجُلٍ يقالُ لَهُ عَمْرُو بنُ الأَشْلع، أَحَدُ الأَشْرافِ.
وحُبَيْنَةُ بنُ طريفٍ العكْلِيُّ: شاعِرٌ هاجَى لَيْلى الأَخْيَليَّة.
وكسَحابٍ: نَصْرُ اللَّهِ بنُ سلامَةَ بنِ سالِمٍ أَبو الفَتْحِ الهِيتيَّ، كَانَ يُعْرَفُ بابنِ حَبانٍ، كَتَبَ عَنهُ المنْذِريُّ فِي مُعْجَمِهِ، ماتَ سَنَة 637، رَحِمَــه اللَّهُ تعالَى.
وأَبو المَعالي نَصْرُ اللَّهِ بنِ سلامَةَ الهيتيُّ يُعْرَفُ بابنِ حُبَنٍ: كصُرَدٍ، عَن أَبي الكرمِ السّهْرورديّ، كَانَ ثِقَةً ماتَ سَنَة 598، رَحِمَــه اللَّهُ تعالَى، وأَخُوه مَنْصورٌ حدَّثَ بالموصل.
وبَنُو حبنون: قَبيلَةٌ بالمَغْربِ، وَمِنْهُم الشرفُ العلاَّمَةُ الشاعِرُ الأَبوصيريُّ صاحِبُ البرْدَةِ، قدَّسَ اللَّهُ تعالَى سِرَّه الكَرِيم.

قَرَأَ

(قَرَأَ)
- قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكر «القِراءة، والاقْتراء، والقارِىء، والقُرآن» وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ اللفَّظة الجمعُ. وكلُّ شَيْءٍ جَمعْتَه فَقَدَ قَرَأْتَه. وسُمِّيَ القُرآن قُرْآناً لِأَنَّهُ جَمع القِصَص، والأمْر وَالنَّهْيَ، والوْعد وَالْوَعِيدَ، والآياتِ والسُّوَر بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، وَهُوَ مَصْدَرٌ كالغُفْران والكُفْران.
وَقَدْ يُطْلق عَلَى الصَّلَاةِ لأنَّ فِيهَا قِراءة، تَسْمِيةً لِلشَّيْءِ بِبَعْضِهِ، وَعَلَى القِراءة نفْسِها، يُقَالُ:
قَرَأَ يَقْرَأُ قِراءة وقُرْآناً. وَالِاقْتِرَاءُ: افْتِعال مِنَ القِراءة، وَقَدْ تُحْذَفُ الْهَمْزَةُ مِنْهُ تخفيفا، فيقال: قُران، وقَرَيْتُ، وقارٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ التّصْريف.
(س) وَفِيهِ «أكثرُ مُنَافِقِي أمَّتي قُرّاؤها» أَيْ أَنَّهُمْ يَحْفَظون القُرآن نَفْياً للتُّهمة عَنْ أنفُسهم، وَهُمْ معْتَقدون تَضْييعَه. وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ فِي عَصْر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.
وَفِي حَدِيثِ أُبَيٍّ فِي ذِكْر سُورَةِ الْأَحْزَابِ «إِنْ كَانَتْ لَتُقَارِي سُورَةَ الْبَقَرَةِ أَوْ هِيَ أطْول» أَيْ تُجَارِيهَا مَدَى طُولها فِي القِراءة، أَوْ أنَّ قَارئها لَيُساوِي قارىء سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي زَمَن قِراءتها، وَهِيَ مُفاعَلة مِنَ القِراءة.
قَالَ الخطَّابي: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ هِشَامٍ. وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ «إِنْ كَانَتْ لتُوَازِي» .
[هـ] وَفِيهِ «أَقرؤكم أُبيّ» قِيلَ أَرَادَ مِنْ جَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ، أَوْ فِي وقْت مِنَ الْأَوْقَاتِ، فَإِنَّ غيْره كَانَ أَقْرَأَ مِنْهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَكْثَرَهُمْ قِراءة.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عامَّاً وَأَنَّهُ أَقْرَأُ الصَّحَابَةِ: أَيْ أتْقَنُ للقُرآن وأحْفَظ .
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْرأ فِي الظُّهر والعَصْر» ثُمَّ قَالَ في آخره «وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا» مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْهَر بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا أَوْ لَا يُسْمع نفْسَه قِرَاءَتَهُ، كَأَنَّهُ رَأَى قَوماً يَقرأون فيُسمِعون أَنْفُسَهُمْ وَمَنْ قَرُب مِنْهُمْ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ «وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا» يُرِيدُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الَّتِي تَجْهَر بِهَا أَوْ تُسْمعُها نَفْسَكَ يكتُبها الْمَلَكَانِ، وَإِذَا قَرَأْتَهَا فِي نفِسك لَمْ يكْتُباها، وَاللَّهُ يحفظُها لَكَ وَلَا ينْساها لِيُجازِيَك عَلَيْهَا وَفِيهِ «إِنَّ الربَّ عزَّ وجلَّ يُقْرِئك السلام» يقال: أَقْرِىء فُلانا السَّلَامَ واقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلَامَ، كَأَنَّهُ حِينَ يُبَلِّغه سَلَامَهُ يَحْمِله عَلَى أَنْ يَقْرَأ السَّلَامَ ويَرُدّه، وَإِذَا قَرَأَ الرَّجُلُ القُرآن أَوِ الْحَدِيثَ عَلَى الشَّيْخِ يَقُولُ: أَقْرَأَنِي فُلَانٌ: أَيْ حَمَلني عَلَى أَنْ أَقْرأ عَلَيْهِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي إِسْلَامِ أَبِي ذَرّ «لَقَدْ وضَعْتُ قولَه عَلَى أَقْرَاء الشِعْر فَلَا يِلْتَئِم على لِسان أحد» أَيْ عَلَى طُرُق الشِعْر وَأَنْوَاعِهِ وبُحوره، واحِدها: قَرْءٌ، بِالْفَتْحِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ: أَقْرَاء الشِعر: قَوافيه الَّتِي يُخْتم بِهَا، كأَقْراء الطُّهْر الَّتِي يَنْقطع عِنْدَهَا، الْوَاحِدُ قَرْءٌ، وقُرْءٌ، وقَرِيّ ؛ لِأَنَّهَا مَقَاطِعُ الْأَبْيَاتِ وحُدُودُها.
[هـ] وَفِيهِ «دَعِي الصلاةَ أَيَامَ أَقْرَائك» قَدْ تَكَرَّرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْحَدِيثِ مُفْرَدةً وَمَجْمُوعَةً، والمُفْرَدة بِفَتْحِ الْقَافِ، وَتُجَمَعُ عَلَى أَقْراء وقُرُوء، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ يَقَعُ عَلَى الطُّهر، وَإِلَيْهِ ذَهب الشَّافِعِيُّ وَأَهْلُ الْحِجَازِ، وَعَلَى الحَيْض، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وأهلُ الْعِرَاقِ.
وَالْأَصْلُ فِي القَرْء الْوَقْتُ الْمَعْلُومُ، فَلِذَلِكَ وَقَعَ عَلَى الضِّدَّيْنِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وقْتاً، وأَقْرَأَتِ المرأةُ إِذَا طَهُرت وَإِذَا حَاضَتْ. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَرَادَ بالأَقْراء فِيهِ الحِيَضَ؛ لِأَنَّهُ أمَرها فِيهِ بتَرْك الصَّلَاةِ.
(قَرَأَ) الْمَرْأَة حَبسهَا للاستبراء لتنقضي عدتهَا فَهِيَ مقرأة
(قَرَأَ)
الْكتاب قِرَاءَة وقرآنا تتبع كَلِمَاته نظرا ونطق بهَا وتتبع كَلِمَاته وَلم ينْطق بهَا وَسميت (حَدِيثا) بِالْقِرَاءَةِ الصامتة وَالْآيَة من الْقُرْآن نطق بألفاظها عَن نظر أَو عَن حفظ فَهُوَ قَارِئ (ج) قراء وَعَلِيهِ السَّلَام قِرَاءَة أبلغه إِيَّاه وَالشَّيْء قرءا وقرآنا جمعهوضم بعضه إِلَى بعض
قَرَأَ
: (} القُرْآن) هُوَ (التنزيلُ) العزيزُ، أَي المَقروءُ الْمَكْتُوب فِي المَصاحف، وإِنما قُدِّم على مَا هُوَ أَبْسَطُ مِنْهُ لشرفه.
( {قَرَأَه و) } قَرأَ (بِهِ) بِزِيَادَة الباءِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {تَنبُتُ بِالدُّهْنِ} (الْمُؤْمِنُونَ: 20) وَقَوله تَعَالَى: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالاْبْصَارِ} (النُّور: 43) أَي تُنْبِتُ الدُّهْنَ ويُذْهبُ الأَبصارَ وَقَالَ الشَّاعِر:
هُنَّ الحَرَائِرُ لَا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ
سُودُ المَحَاجِرِ لَا يَقْرأْنَ بِالسُّوَرِ
(كَنَصَرَه) عَن الزجاجي، كَذَا فِي (لِسَان الْعَرَب) ، فَلَا يُقَال أَنكرها الجماهير وَلم يذكرهَا أَحدٌ فِي الْمَشَاهِير كَمَا زَعمه شيخُنا (وَمَنَعه، {قَرْءاً) عَن اللحياني (} وقِراءَةً) ككِتابةٍ ( {وقُرْآناً) كعُثْمَان (فَهُوَ} قارِىءٌ) اسْم فَاعل (مِن) قومٍ ( {قَرَأَةٍ) كَكَتبةٍ فِي كَاتب (} وقُرَّاءٍ) كعُذَّالٍ فِي عاذِلٍ وهما جَمْعَانِ مُكَسَّرَانِ ( {وقَارِئينَ) جمع مُذَكّر سَالم (: تَلاَهُ) ، تَفْسيرٌ} لِقَرأَ وَمَا بعده، ثمَّ إِن التِّلاوَةَ إِمَّا مُرادفٌ {للقراءَة، كَمَا يُفْهَم من صَنِيع المُؤَلّف فِي المعتلّ، وَقيل: إِن الأَصل فِي تَلا معنى تُبِعَ ثمَّ كَثُر (} كاقْتَرَأَه) افتَعَل مِن {القراءَة يُقَال اقْتَرَأْتُ، فِي الشّعْر (} وأَقْرَأْتُه أَنا) {وأَقْرَأَ غيرَه} يُقْرِئه {إِقراءً، وَمِنْه قيل: فُلانٌ} المُقْرِىءُ، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: قَرأَ {واقترأَ بِمعْنى بِمنزِلةِ عَلاَ قِرْنَه واستعْلاَهُ (وَصحيفةٌ} مَقْروءَةٌ) كمَفعولة، لَا يُجيز الكسائيُّ والفرَّاءُ غيرَ ذَلِك، وَهُوَ الْقيَاس ( {وَمَقْرُوَّةٌ) كمَدْعُوَّة، بقَلْبِ الهمزةِ واواً، (} ومَقْرِيَّةٌ) كمَرْمِيَّةٌ بإِبدال الْهمزَة يَاء، كَذَا هُوَ مضبوطٌ فِي النُّسخ، وَفِي بَعْضهَا {مَقْرِئَة كمَفْعِلَةٍ، وَهُوَ نادِرٌ إِلاَّ فِي لغةِ من قَالَ:} قَرِئْتُ.
وَقَرَأْتُ الكِتَابَة قِراءَةً وقُرْآناً، وَمِنْه سُمِّيَ القُرْرنُ، كَذَا فِي (الصِّحَاح) ، وسيأْتي مَا فِيهِ من الْكَلَام. وَفِي الحَدِيث: ( {أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ) قَالَ ابنُ كَثيرٍ: قيل: أَرادَ: مِنْ جَماعةٍ مَخصوصين، أَو فِي وَقْتٍ من الأَوْقَاتِ، فإِن غيرَه أَقرَأٌ مِنْهُ، قَالَ: وَيجوز أَن يكون عامًّا وأَنه أَقْرَأُ أَصحابهِ أَي أَتْقَنُ للقُرآن وأَحفَظُ.
(} وقَارَأَهُ {مُقَارَأَةً} وقِرَاءً) كَقِتالٍ (: دَارَسَه) .
! واسْتَقْرَأَه: طَلَب إِليه أَن يَقْرأَ.
وَفِي حَدِيث أُبَيَ فِي سُورَةِ الأَحزاب: إِنْ كَانَتْ {لَتُقَارِىءُ سُورَةَ البَقَرَةِ، أَوْ هِي أَطْوَلُ. أَي تُجَارِيها مَدَى طُولِها فِي القِرَاءَةِ، أَو أَنّ قَارِئَها لَيُساوِي قَارِيءَ البَقَرَة فِي زمنِ قِرَاءَتِها، وَهِي مُفاعلَةٌ مِن القِراءَة. قَالَ الخطَّابِيّ: هكَذَا رَوَاهُ ابنُ هَاشِمٍ، وأَكثرُ الرِّوايات: إِنْ كَانَتْ لَتُوَازِي.
(والقَرَّاءُ، كَكَتَّانٍ: الحَسَنُ القِرَاءَة ج} قَرَّاءُونَ، وَلَا يُكَسَّر) أَي لَا يُجْع جَمْعَ تكسيرٍ (و) {القُرَّاءُ (كَرُمَّانٍ: الناسِك المُتَعَبِّد) مثل حُسَّانٍ وجُمَّالِ، قَالَ شَيخنَا: قَالَ الجوهريُّ: قَالَ الفَرَّاءُ: وأَنْشدَني أَبو صَدَقَةَ الدُّبَيْرِيُّ:
بَيْضَاءُ تَصْطَادُ الغَوِيَّ وَتَسْتَبِي
بِالحُسْنِ قَلْبَ المُسْلِمِ القُرَّاءِ
انْتهى، قلت: الصحيحُ أَنه قَوْلُ زَيْدٍ بن تُرْكٍ الدُّبَيْرِيّ، وَيُقَال: إِن المُرَاد} بالقُرَّاء هُنَا من القِرَاءَةِ جَمعُ قارِيءٍ، وَلَا يكون من التّنَسُّكِ، وَهُوَ أَحسنُ، كَذَا فِي (لِسَان الْعَرَب) ، وَقَالَ ابنُ بَرِّيَ: صوابُ إِنشاده (بَيْضَاءَ) بِالْفَتْح، لأَن قَبْلَه:
ولَقَدْ عَجِبْتُ لِكَاعِبٍ مَوْدُونَةٍ
أَطْرَافُها بِالحَلْيِ وَالحِنَّاءِ
قَالَ الفَرّاءُ: يُقَال: رجلٌ قُرَّاءٌ، وامرأَةٌ {قُرَّاءَةٌ، وَيُقَال: قرأْتُ، أَي صِرْتُ قارِئاً نَاسِكاً. وَفِي حَدِيث ابنِ عبَّاسٍ أَنه كَانَ لَا يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ والعَصْرِ. ثمَّ قَالَ فِي آخِره {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} (مَرْيَم: 64) مَعْنَاهُ أَنه كَانَ لَا يَجْهَر} بالقِراءَة فيهمَا، أَو لَا يُسْمِعُ نَفْسَه قِراءَتَه، كأَنَّه رَأَى قَوْماً {يَقْرَءُونَ فَيُسمعونَ نُفوسَهم ومَن قَرُبَ مِنْهُم، وَمعنى قَوْله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} يُرِيد أَن نَفْسَكَ يَكْتُبُها المَلَكانِ، وإِذا قَرأْتَها فِي نَفْسِك لمْ يَكْتُبَاها واللَّهُ يَحْفَظَها لَكَ وَلَا يَنْسَاها، لِيُجَازِيَكَ عَلَيْها.
وَفِي الحَدِيث: (أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي} قُرَّاؤُهَا) أَي أَنهم يَحْفظون القُرآن نَفْياً لِلتُّهَمَةِ عَن أَنفسهم وهم يَعْتَقِدون تَضْيِيعَه. وَكَانَ المُنافقون فِي عصرِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وسلمكذلك ((كالقارِيء {والمُتَقَرِّىء) ج قُرَّاءُون) مُذَكّر سَالم (} وقَوَارِىءُ) كدَنَانِير وَفِي نسختنا {قَوَارِىء فَوَاعِل، وَجعله شَيْخُنا من التحْرِيف.
قلت: إِذا كَانَ جمعَ قارِيءٍ فَلَا مُخالفة للسَّماع وَلَا للقِياس، فإِن فَاعِلا يُمع على فَوَاعِلَ. وَفِي (لِسَان الْعَرَب) } قَرائِىء كحَمَائِل، فَلْيُنْظُر. قَالَ: جاءُوا بِالْهَمْزَةِ فِي الجَمْع لما كَانَت غَيْرَ مُنقلبة بل مَوْجُودَة فِي قَرَأْتُ.
( {وتَقَرَّأَ) إِذا (تَفَقَّهَ) وتَنَسَّك وتَقَرَّأْتُ تَقَرُّؤًا فِي هَذَا الْمَعْنى.
(وقَرَأَ عَلَيْهِ السَّلامَ) يَقْرَؤُه (: أَبْلَغَه،} كَأَقْرَأَه) إِيَّاه، وَفِي الحَدِيث: أَنّ الرَّبَّ عَزَّ وجَلَّ {يُقْرِئُكَ السَّلاَم. (أَوْ لَا يُقَال أَقْرَأَه) السَّلامَ رُبَاعِيًّا مُتعَدِّياً بنفْسِه، قَالَه شيخُنا.
قلت: وَكَذَا بحرْفِ الجرّ، كَذَا فِي (لِسَان الْعَرَب) (إِلاَّ إِذَا كَانَ السلامُ مَكْتوباً) فِي وَرَقٍ، يُقَال أَقرِيءْ فُلاناً السَّلاَمَ واقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلامَ، كأَنه حينَ يُبَلِّغُه سَلامه يَحْمِلُه على أَن يَقْرَأَ السَّلاَم ويَرُدَّه. قَالَ أَبو حَاتمٍ السِّجستانيّ: تَقول: اقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلاَمَ وَلَا تَقول أَقْرِئْه السَّلاَمَ إِلاَّ فِي لُغَةٍ، فإِذا كَانَ مَكتوباً قلتَ أَقْرِئْهُ السَّلامَ، أَي اجْعَلْه يَقْرَؤُهُ. فِي (لِسَان الْعَرَب) : وإِذا قَرأَ الرّجُلُ القُرآنَ والحديثَ على الشيْخِ يَقُول} - أَقْرَأنِي فُلانٌ، أَي حَمَلَني على أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْهِ.
( {والقَرْءُ ويُضَمُّ) يُطلَق على: (الحَيْض، والطُّهْر) وَهُوَ (ضِدو) ذَلِك لأَن القَرْءَ هُوَ (الوَقْتُ) . فقد يكون للحَيْض، وللطُّهْرِ، وَبِه صرَّح الزَّمَخْشَرِيّ وغيرُه، وجَزم البَيْضاوِيّ بأَنّه هُوَ الأَصل، وَنَقله أَبو عَمْرو، وأَنشد:
إِذَا مَا السَّمَاءُ لَمْ تَغِمْ ثُمَّ أَخْلَفَتْ
} قُرُوءَ الثُّرَيَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا قَطْرُ يُريد وَقْتَ نَوْئِها الَّذِي يُمْطَرُ فِيهِ النَّاسُ، وَقَالَ أَبو عُبيدٍ: {القَرْءُ يَصلحُح للحَيْضِ والطُّهر، قَالَ: وأَظنُّه من} أَقْرَأَتِ النُّجومُ إِذا غَابَتْ. (و) القُرْءُ (: القَافِيَةُ) قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ (ج {أَقْرَاءٌ) وسيأْتثي قَرِيبا (و) } القرْءُ أَيضاً الحُمَّى، وَالْغَائِب، والبَعِيد وانقضاءُ الحَيْض وَقَالَ بَعضهم: مَا بَين الحَيْضَتَيْنِ. {وقَرْءُ الفَرَسِ: أَيَّامُ وَدْقِهَا أَوْ سِفَادِهَا، الْجمع أَقْرَاءٌ و (قُرُوءٌ وأَقْرُؤُ) الأَخيرة عَن اللّحيانيّ فِي أَدنى الْعدَد، وَلم يَعرِف سِيبويه} أَقْراءً وَلَا أَقْرُوءًا، قَالَ: استغَنْوا، عَنهُ بِقُرُوءٍ. وَفِي التَّنْزِيل {ثَلَاثَةَ قُرُوء} (الْبَقَرَة: 228) أَراد ثَلاثةً من القروءِ كَمَا قَالُوا خَمْسَة كِلاَبٍ يُراد بهَا خَمْسَة من الكِلاَبِ وَكَقَوْلِه:
خَمْس بَنَانٍ قَانِيءِ الأَظْفَارِ
أَراد خَمْساً مِن البَنانِ، وَقَالَ الأَعشى:
مُوَرّثَةً مَالا وَفي الحَيِّ رِفْعَةً
لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا
وَقَالَ الأَصمعيُّ فِي قَوْله تَعَالَى {ثَلَاثَةَ قُرُوء} قَالَ: جاءَ هذَا على غير قِيَاس، والقِياس: ثلاثَة أَقْرُؤٍ، وَلَا يجوز أَن يُقَال ثلاثَة فُلُوسٍ، إِنما يُقَال ثَلَاثَة أَفْلُسٍ، فإِذا كَثُرت فَهِيَ الفُلُوسُ، وَلَا يُقَال ثَلاثَة رِجالٍ، إِنما هِيَ ثَلاَثة أَرْجِلَة، وَلَا يُقَال ثَلاثة كِلاَبٍ، إِنَما هِيَ ثَلَاثَة أَكْلُبٍ، قَالَ أَبو حَاتِم: والنَّحويون قَالُوا فِي قَول الله تَعَالَى {ثَلَاثَةَ قُرُوء} أَراد ثَلَاثَة من القُروءِ، كَذَا فِي (لِسَان الْعَرَب) ، (أَو جَمْعُ الطُّهْرِ قُرُوءٌ، وجمعُ الحَيْضِ أَقْرَاءٌ) قَالَ أَبو عُبيدٍ: الأَقراءُ: الحيضُ، والأَقراءُ: الأَطهار (و) قد (أَقْرَأَت) المرأَةُ، فِي الأَمريْنِ جَمِيعًا، فَهِيَ! مُقْرِىءٌ، أَي (حَاضَتْ، وطَهُرَتْ) وأَصله من دُنُوِّ وَقْتِ الشيءِ، وقَرَأَت إِذا رَأَت الدَّمَ، وَقَالَ الأَخْفَشُ: أَقَرأَت المرأَةُ إِذا صَارَت صاحِبَةَ حَيْضٍ، فإِذا حاضَتْ قُلْتَ: قَرَأَت، بِلَا أَلفٍ، يُقَال أَقْرأَت المرأَةُ حَيْضَةَ أَو حَيْضتَيْنِ، وَيُقَال: قَرَأَت المرأَةُ: طَهُرَت، وَقَرَأَتْ: حَاضَت قَالَ حُمَيدٌ: أَرَاهَا غُلاَمَانَا الخَلاَ فَتَشَذَّرَتْ
مِرَاحاً ولَمْ تَقْرَأْ جَنِيناً وَلاَ دَمَا
يَقُول: لم تَحْمِلْ عَلَقَةً، أَي دَماً وَلَا جَنِيناً. قَالَ الشافعيُّ رَضِي الله عَنهُ: {القَرْءُ: اسْمٌ للوقْتِ، فَلَمَّا كَانَ الحيضُ يَجيء لوَقْتٍ، والطُّهْرُ يَجيء لِوَقْتٍ، جازَ أَن تكون الأَقْرَاءُ حِيَضاً وأَطْهَاراً، ودَلَّتْ سُنَّةُ رَسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وسلمأَنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ أَراد بقوله {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوء} (الْبَقَرَة: 228) الأَطهارَ، وَذَلِكَ أَن ابْن عُمَرَ لما طَلَّقَ امرأَته وَهِي حَائضٌ واستفْتَى عُمَرُ رَضي الله عَنهُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وسلمفيما فَعَل قَالَ (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، فإِذا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمر اللَّهُ تَعَالَى أَن يُطَلَّق لَها النِّساءُ) ، وقرأْت فِي طَبقات الخَيْصرِيّ من تَرْجَمَة أَبي عُبيدٍ الْقَاسِم بن سَلاَّم أَنه تَناظَر مَعَ الشافِعيِّ فِي القَرْءِ هَل هُوَ حَيْضٌ أَو طُهْرٌ، إِلى أَن رَجَعَ إِلى كَلَام الشافعيّ، وَهُوَ مَعدُودٌ من أَقرانه، وَقَالَ أَبو إِسحاق: الَّذِي عِنْدِي فِي حَقِيقة هَذَا أَن القَرْءَ فِي اللغةِ الجَمْعُ وأَنّ قولَهم قَرَيْتُ الماءَ فِي الحَوْضِ وإِن كَانَ قد أُلْزِم الياءَ، فَهُوَ جَمَعْتُ، وقَرَأْتُ القُرآنَ: لَفَظْتُ بِهِ مَجموعاً فإِنما القَرْءُ اجْتِمَاعُ الدَّمِ فِي الــرَّحمِ، وَذَلِكَ إِنما يكون فِي الطُّهْرِ، وصحَّ عَن عائشةَ وابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا أَنهما قَالَا: الأَقراءُ والقُرُوءُ: الأَطهار، وَحقَّقَ هَذَا اللفظَ مِن كَلَام العَرب قَوْلُ الأَعشى:
لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا
} فَالقُروءُ هُنَا: الأَطهار لَا الحِيَضُ لأَن النساءَ يُؤَتَيْنَ فِي اءَطْهَارِهِنَّ لَا فِي حِيَضِهِنَّ، فإِنّما ضَاعَ بِغَيْبَتِه عَنهنَّ أَطْهارُهُن، قَالَ الأَزهريُّ: وأَهلُ الْعرَاق يَقولون: القَرْءُ: الحَيْضُ، وحُجَّتُهم قولُه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (دَعِي الصَّلاَةَ أَيَّامَ أَقْرائِكِ) أَي أَيَّام أَقْرائِكِ) أَي أَيَّام حِيَضِك، قَالَ الْكسَائي والفَرَّاءُ: أَقْرأَت المرأَةُ إِذا حاضَتْ (وَقَالَ الأَخفش:) . وَمَا قَرَأَتْ حَيْضَةً، أَي مَا ضَمَّتْ رَحِمُــها عَلَى حَيْضَةٍ، وَقَالَ ابنُ الأَثيرِ: قد تَكَرَّرَتْ هَذِه اللفظةُ فِي الحَدِيث مُفَرَدةً ومَجموعةً، فالمُفردَةُ بِفَتْح الْقَاف وتُجمع على أَقراءٍ وقُرُوءٍ، وَهُوَ من الأَضداد، يَقع على الطُّهْرِ، وإِليه ذَهب الشافعيُّ وأَهلُ الحِجازِ، ويَقَع على الحَيْضِ، وإِليه ذهب أَبو حَنيفة وأَهْلُ العِراقِ، والأَصلُ فِي القَرْءِ الوَقْتُ المَعلوم، وَلذَلِك وقَع على الضِّدَّينِ، لأَن لكُلَ مِنْهُمَا وَقْتاً، وأَقرأَت المرأَةُ إِذا طَهُرَت، وإِذا حَاضَت، وَهَذَا الحَدِيثُ أَراد {بالأَقْراءِ فِيهِ الحِيَضَ، لأَنه أَمرهَا فِيهِ بِتَرْك الصلاةِ.
(و) أَقرأَت (الناقَةُ) والشاةُ، كَمَا هُوَ نَصُّ المُحكم، فَلَيْسَ ذِكْرُ النَّاقةِ بِقَيْدٍ (: استَقَرَّ الماءُ) أَي مَنِيُّ الفَحْلِ (فِي رَحِمِــها) وَهِي فِي قِرْوَتِها، على غيرِ قياسٍ، والقِياس قِرْأَتِها (و) أَقرأَت (الرِّياحُ) أَي (هَبّتْ لِوَقْتِها) وَخَلَت فِي وَقْتِا، والقَاريءُ: الوَقْتُ، وَقَالَ مَالك بن الْحَارِث الهُذَلِيُّ:
كَرِهْتُ العَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ
إِذَا هَبَّتْ لِقَارِئها الرِّياحُ
أَي لوقت هُبُوبِها وشِدَّتِها وشِدَّةَ بَرْدِها، والعَقْرُ مَوْضِعٌ، وشَلِيلٌ: جَدُّ جَرِيرِ بن عبدِ الله البَجَلِيّ، وَيُقَال: هَذَا وَقْتُ قَارِيءٍ الرِّيحِ لِوَقْتِ هُبوبها، وَهُوَ من بَاب الكاهِل والغَارِب، وَقد يَكون على طَرْح الزَّائِد.
(و) أَقْرأَ مِن سَفَره (: رَجَع) إِلى وَطَنه (و) أَقْرَأَ أَمْرُكَ (: دَنَا) وَفِي (الصِّحَاح) : أَقْرَأَتْ حَاجَتُه: دَنَتْ (و) أَقرأَ حاجَتَه: (أَخَّرَ) وَيُقَال: أَعَتَّمْتَ قِرَاكَ أَو أَقْرَأْتَهُ، أَي أَخَّرْتَه وحَبَسْتَه (و) قيل (: اسْتَأْخَرَ) ، وَظن شيخُنا أَنه من أَقرَأَتِ النجومُ إِذا تَأَخَّرَ مَطَرُها فَورَّكَ على المُصَنِّف، وَلَيْسَ كَذَلِك (و) أَقْرأَ النَّجْمُ (غَابَ) أَو حَانَ مَغِيبُه، وَيُقَال أَقرَأَت النجومُ: تَأَخَّرَ مَطَرُها، (وأَقرأَ) الرجلُ من سَفَره (: انْصَرَفَ) مِنْهُ إِلى وَطَنِه (و) أَقرأَ (: تَنَسَّكَ،} كَتَقَرَّأَ) {تَقَرُّؤًا، وَكَذَلِكَ قَرَأَ ثُلاثِيًّا.
(وقَرَأَتِ الناقَةُ) والشاةُ (: حَمَلَتْ) وناقَةٌ} قارِىءٌ، بِغَيْر هَاء، وَمَا قرَأَتْ سَلاً قَطُّ: مَا حَمَلَتْ مَلْقُوحاً. وَقَالَ اللِّحيانِيُّ: مَعْنَاهُ. مَا طَرَحَتْ، وروى الأَزهريُّ عَن أَبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال: مَا قَرأَتِ الناقَةُ سَلاً قَطُّ، وَمَا قَرأَتْ مَلْقُوحاً، (قطّ) قَالَ بعضُهم: لم تَحْمِلْ فِي رَحمــها ولدا قَطُّ، وَقَالَ بعضُهم: مَا أَسقطَتْ وَلداً قَطُّ، أَي لم تَحْمِل، وَعَن ابنِ شُمَيْلٍ: ضَربَ الفَحْلُ الناقةَ على غَيْر قُرْءٍ، وقُرْءُ الناقةِ: ضَبَعَتُهَا، وَهَذِه ناقةٌ قارِيءٌ وَهَذِه نُوقٌ {قَوَارِىءٌ، وَهُوَ مِنْ أَقرأَت المَرْأَة، إِلا أَنه يُقَال فِي المرأَة بالأَلف، وَفِي النَّاقة بِغَيْر أَلف.
(و) قَرَأَ (الشيءَ: جَمَعَه وضَمَّه) أَي ضَمَّ بعْضَه إِلى بعضٍ، وقَرأْتُ الشيْءَ قُرْآناً: جَمعْتُه وضمَمْتُ بعْضَه إِلى بعضٍ، وَمِنْه قولُهم: مَا قَرأَتْ هَذِه الناقةُ سَلاً قَطُّ وَمَا قَرَأْتْ جَنِيناً قَطُّ، أَي لم تَضُّمَّ رَحِمُــها على وَلَدٍ، قَالَ عَمْرُو بن كُلْثُومٍ:
ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بِكْرٍ
هِجَانِ اللَّوْنِ لَنْ تَقْرَأْ جَنِينا
قَالَ أَكثر النَّاس: مَعْنَاهُ: لم تَجْمَعْ جَنِيناً، أَي لم يَضُمَّ رَحِمُــها على الجَنين، وَفِيه قَوْلٌ آخَرُ (لَمْ تَقْرَأْ جَنِينا) أَي لم تُلْقِه، وَمعنى {قَرَأْتَ الْقُرْءانَ} (النَّحْل: 98) لَفَظْتَ بِهِ مَجموعاً، أَي أَلْقَيْتَه، وَهُوَ أَحدُ قَوْلَي قُطْرُبٍ. وَقَالَ أَبو إِسحاق الزّجاج فِي تَفْسِيره: يُسَمَّى كَلامُ الله تَعَالَى الَّذِي اينزلَه على نَبِيّه صلى الله عَلَيْهِ وسلمكِتاباً وقُرآناً وفُرْقَاناً، لأَنه يَجْمَعُ السُّوَرَ فَيَضُمُّها، وَقَوله تَعَالَى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءانَهُ} (الْقِيَامَة: 17) أَي جَمْعَه} وقِراءَتَه {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءانَهُ} (الْقِيَامَة: 18) أَي قِرَاءَتَه. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فإِذا بَيَّنَّاهُ لَك! بِالقِراءَةِ فاعْمَلْ بِمَا بَيَّنَّاهُ لَكَ، ورُوِي عَن الشافعيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ القُرآن على إِسْمَاعِيلَ بنِ قُسْطَنْطِينَ، وَكَانَ يَقُول: القُرَآنُ اسْمٌ وَلَيْسَ بمهموزٍ وَلم يُؤْخَذ من قَرَأْتُ، وَلكنه اسمٌ لكتاب الله، مثل التَّوْرَاة والإِنجيل، ويَهْمِزُ قَرأْتُ وَلَا يَهْمِزُ القُرَانَ، وَقَالَ أَبو بكرِ بنُ مُجاهِدٍ المُقْرِيءُ: كَانَ أَبو عَمْرو بنُ العلاءِ لَا يَهْمِزِ القُرَانَ، وَكَانَ يَقْرَؤُه كَمَا رَوَى عَن ابنِ كَثِيرٍ، وَقَالَ ابنُ الأَثيرِ: تَكرَّر فِي الحَديث ذِكْرُ القِرَاءَةِ والاقْتِرَاءِ والقَارِيءِ والقُرآنِ، والأَصلُ فِي هَذِه اللفظةِ الجَمْعُ، وكُلُّ شيءٍ جَمعْتَه فقد قَرَأْتَه، وسُمِّيَ القُرآنَ لأَنه جَمَعَ القِصَصَ والأَمْرُ والنَّهْيَ والوَعْدَ والوَعِيدَ والآيَاتِ والسُّوَرَ بَعْضَهَا إِلى بعْضٍ، وَهُوَ مَصْدَرٌ كالغُفْرانِ، قَالَ وقَد يُطْلَق على الصَّلاةِ، لأَن فِيهَا قِراءَةً، من تَسْمِيَةِ الشَّيْء بِبَعْضِه، وعَلى القراءَة نَفْسِها، يُقَال قَرَأَ يَقْرَأُ (قِرَاءَة و) قُرْآناً (والاقتراءُ افتعال من القِراءَة) وَقد تُحْذَف الهمزةُ تَخفيفاً، فَيُقَال قُرَانٌ وقَرَبْتُ وقَارٍ، وَنَحْو ذَلِك من التصريف.
(و) قَرَأَت (الحامِلُ) وَفِي بعض النّسخ الناقَةُ، أَي (وَلَدَتْ) وَظَاهره شُمُولُه للآدَمِيِّينَ.
(! والمُقَرَّأَةُ، كَمُعَظَّمَةٍ) هِيَ (الَّتِي يُنْتَظَرُ بهَا انْقِضَاءُ أَقْرَائِهَا) قَالَ أَبو عَمرو: دَفَع فلانٌ جَارِيتَه إِلى فُلانةَ تُقَرِّئُها، أَي تُمسِكُها عِنْدَها حَتَّى تَحِيضَ للاسْتِبراءِ (وَقد قُرِّئَتْ) بِالتَّشْدِيدِ (: حُبْسَتْ لِذلِك) أَي حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُها.
(وأَقْرَاءُ الشِّعرِ: أَنْوَاعُه) مَقاصِدُه، قَالَ الْهَرَوِيّ: وَفِي إِسلام أَبي ذَرَ قَالَ أَنيس: لقد وَضَعْتُ قَوْلَه عَلَى أَقراءِ الشِّعْرِ فَلاَ يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحدٍ، أَي على طُرُقِ الشِّعْرِ وبُحورِه وَاحِدهَا قَرْءٌ بِالْفَتْح، وَقَالَ الزَّمخشَرِي وغيرُه: أَقراءُ الشِّعْرِ: قَوَافِيه الَّتِي يُخْتَمُ بهَا، كأَقْرَاءِ الطُّهْرِ الَّتِي تَنقطع عَنْهَا، الْوَاحِد قَرْؤٌ وقُرْؤٌ وَقيل بتِثليثه {- وقَرِيءٌ كبَديِعٍ، وَقيل هُوَ قَرْوٌ، بِالْوَاو، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: يُقَال للبيتينِ والقصيدتين: هما على قَرْوٍ واحدٍ وقَرِيَ واحدٍ. وَجمع القَرِيِّ أَقْرِيَةٌ، قَالَ الكُمَيْتُ:
وَعِنْدَهُ للنَّدَى وَالحَزْمِ أَقْرِيَةٌ
وَفِي الحُرُوب إِذَا مَا شَاكَتِ الأُهَبُ
وأَصْلُ القَرْوِ القَصْدُ، انْتهى (ومُقْرَأٌ، كَمُكْرَمٍ) هَكَذَا ضَبطه المُحدِّثون (د) وَفِي بعض النّسخ إِشارة لموْضِع (باليَمَنِ) قَريباً من صَنْعَاءَ على مَرْحلة مِنْهَا (بِهِ مَعْدِن العَقِيقِ) وَهُوَ أَجْوَدُ مِنْ عَقِيقِ غَيْرِها، وعِبارةُ (العُبابِ) : بهَا يُصْنَع العَقِيقُ وفيهَا مَعْدِنُه، قَالَ المَنَاوي: وَبِه عُرِف أَنَّ العَقِيقَ نَوْعَانِ مَعْدِنِيٌّ ومَصْنُوع، وكمَقْعَدٍ قَرْيَةٌ بالشامِ مِن نَواحِي دِمَشق، لكنّ أَهْلَ دِمَشقَ والمُحدِّثون يَضُمُّونَ المِيم، وَقد غَفَل عَنهُ المُصَنِّف، قَالَه شيخُنا، (مِنْهُ) أَي الْبَلَد أَو الْموضع (} المُقْرَئِيُّونَ) الْجَمَاعَة (مِن) العُلماء (المُحَدِّثِين وغَيْرِهم) مِنْهُم صُبَيح بن مُحْرِز، وشَدَّاد بن أَفْلَح، وَجَمِيع بن عَبْد، وَرَاشد بن سَعْد، وسُوَيد بن جَبَلة، وشُرَيْح بن عَبْد وغَيْلاَن بن مُبَشِّر، ويُونُس بن عُثْمَان، وأَبو اليَمان، وَلَا يعرف لَهُ اسمٌ، وَذُو قرنات جابِر بن أَزَذَ، وأُم بَكْرٍ بِنْتُ أَزَذَ والأَخيران أَورَدَهما المُصنِّف فِي الذَّال الْمُعْجَمَة، وَكَذَا الَّذِي قبلهمَا فِي النُّون، وأَما المنسوبونَ إِلى القَرْيَةِ الَّتِي تَحْت جَبَل قَاسِيُونَ، فَمنهمْ غَيْلاَن بن جَعْفَر المَقْرئِيّ عَن أَبي أُمَامَة (ويَفْتَحُ ابنُ الكَلْبِيِّ المِيمَ) مِنْهُ، فَهِيَ إِذاً والبَلْدَة الشَّامِيَّة سَواءٌ فِي الضَّبْطِ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ ابنُ ناصرٍ عَنهُ فِي (حَاشِيَة الإِكمال) ، ثمَّ قَالَ ابنُ نَاصِر من عِنده: المُحدّثونَ يَقُولُونَهُ بضَمِّ المِيم وَهُوَ خطأٌ، وإِنما أوْرَدْتُ هَذَا فَإِن بَعْضًا من العلماءِ ظَنَّ أَن قَوْلَه وَهُوَ خَطَأٌ من كَلَام ابنِ الكَلبِيّ فنَقلَ عَنهُ ذَلِك، فتأَمَّلْ.
( {والقِرْأَةُ بِالْكَسْرِ) مثل القِرْعة (: الوَبَاءُ) قَالَ الأَصمعي: إِذا قَدِمْتَ بِلاداً فَمَكَثْتَ بهَا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَة فقد ذَهَبتْ عَنْك قِرْأَةُ البِلاَدِ وقِرْءُ البِلاَدِ، فَأَمَّا قَوْلُ أَهلِ الحِجازِ قِرَةُ البلادِ فإِنما هُوَ على حذف الْهمزَة المُتَحرِّكة وإِلقائِها على الساكِن الَّذِي قَبْلَها، وَهُوَ نوعٌ من الْقيَاس، فأْمّا إِغْرابُ أَبي عُبيدٍ وظَنّه إِيَّاها لُغَةً فخطأٌ، كَذَا فِي (لِسَان الْعَرَب) وَفِي (الصِّحَاح) ايْنَ قَوْلَهم قِرَةٌ بِغَيْر همزٍ مَعْنَاهُ أَنه إِذا مَرِض بِهَا بعدَ ذَلِك فَلَيْسَ من وَبَاءِ البِلادِ قَالَ شَيخنَا: وَقد بَقِي فِي (الصِّحَاح) مِمَّا لم يتَعَرَّض لَهُ المُصَنّف الْكَلَام على قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءانَهُ} (الْقِيَامَة: 17) الْآيَة.
قلت: قد ذكر المُؤَلّف من جُملةِ المصادر القُرآن، وبَيَّن أَنه بمعنَى القِراءَة، فَفُهم مِنْهُ مَعْنى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءانَهُ} أَي قِرَاءَتَه، وكِتابُه هَذَا لم يَتَكَفَّلْ لِبيانِ نُقُولِ المُفَسِّرين حتَّى يُلْزِمَه التَّقصيرَ، كَمَا هُوَ ظاهِرٌ، فَلْيُفْهَم.
(} واسْتَقْرَأَ الجَمَلُ النَّاقَةَ) إِذا (تَارَكَها لِيَنْظُرَ أَلَقِحَتْ أَمْ لَا) .
عَن أَبي عُبيدَة: مَا دَامَتِ الوَدِيقُ فِي وِدَاقها فَهِيَ فِي قُرُوئها وأَقْرَائِها.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ! مُقْرَأَ بن سُبَيْع بن الْحَارِث بن مَالك بن زيد، كَمُكْرَم، بَطْنٌ من حِمْيَرٍ وَبِه عُرِف البَلَدُ الَّذِي باليَمن، لنُزوله وَوَلدِه هُنَاكَ، ونَقل الرشاطي عَن الهَمْدَاني مُقْرَي بن سُبَيْع بِوَزْن مَعْطِي قَالَ: فإِذا نَسبْتَ إِليه شَدَّدْتَ الياءَ، وَقد شُدِّدَ فِي الشِّعرِ، قَالَ الرشاطي، وَقد وَرَد فِي الشّعْر مَهموزاً، قَالَ الشَّاعِر يُخَاطب مَلِكاً:
ثُمَّ سَرَّحْتَ ذَا رُعَيْنٍ بِجَيْشٍ
حَاشَ مِنْ مُقْرَيءٍ وَمِنْ هَمْدَانِ
وَقَالَ عَبْد الغَنِيّ بنُ سَعِيد: المحدِّثون يَكْتبونه بأَلِفٍ، أَي بعد الْهمزَة، وَيجوز ايْنَ يكون بعضُهم سَهّلَ الهمزةَ لِيُوافِقَ، هَذَا مَا نَقله الهمدانيُّ، فإِنه عَلَيْهِ المُعَوَّلُ فِي أَنساب الحِمْيَرِيِّينَ. قَالَ الْحَافِظ: وأَما القَرْيَةُ الَّتِي بالشَّأْم فأَظُنُّ نَزَلَها بَنُو مُقْرَيءٍ هؤُلاءِ فَسُمِّيَتْ بِهم.

من رَآنِي فقد رأى الْحق

من رَآنِي فقد رأى الْحق: رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ حَيْثُ قَالَ حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد حَدثنَا ابْن أخي ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عَمه قَالَ قَالَ أَبُو سَلمَة قَالَ أَبُو قَتَادَة قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من رَآنِي يَعْنِي فِي النّوم فقد رأى الْحق ". وَمَعْنَاهُ عِنْد الصُّوفِيَّة مَا يفهم مَا قَالَ الْعَارِف النامي الشَّيْخ عبد الــرَّحْمَــن الجامي قدس سره السَّامِي.
شعر:
(خود كفت هر انكس كه مرا ديد خدا ديد ... )
(يَعْنِي بود آئينه حق روى مُحَمَّد ... )
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا من إِسْنَاد عبد الله بن عبد الــرَّحْمَــن أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي " - قَالَ قدوة المدققين مَوْلَانَا عِصَام الدّين رَحمَــه الله تَعَالَى: فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي يَعْنِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من رَآنِي فِي وَقت النّوم فقد رَآنِي ذاتي فَإِنَّهُ تمثل لَهُ ذاتي بِصُورَة مُنَاسبَة للْوَقْت لهدايته - فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي أَي بشبهي وَفِي صُورَة مُضَافَة إِلَيّ وَلَا يخدع الرابي بإلقاء أَنه رَسُول الله عز وَجل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فعلى هَذَا من رأى إنْسَانا فِي النّوم واعتقد أَنه رَسُول الله عز وَجل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقد رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَي صُورَة كَانَت. وَهَذَا مَذْهَب الْأَكْثَر وَهُوَ الْمَعْقُول المقبول عِنْد الْعُقُول أَيْضا لِأَن الله تَعَالَى جعله رَحْمَــة للْعَالمين وهاديا للضالين وحافظا من وساوس الشَّيْطَان.
وَإِذا تنور الْعَالم بِنور وجوده رجمت الشَّيَاطِين من الِاسْتِمَاع من الْمَلَائِكَة وهدمت بُنيان الكهنة فَكيف يتَصَوَّر أَن يضل الشَّيْطَان مُؤمنا فِي صورته وَلَو كَانَ يتَمَثَّل بصورته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لتمثل فِي الْخَارِج أَيْضا. فَكَمَا لَا يقدر أَن يظْهر على الْعُيُون بصورته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للمتيقظين لَيْسَ لَهُ ذَلِك فِي الْمَنَام. ويرشد بِهَذَا مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ بإسنادهما إِلَى أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم عَن رَسُول الله عز وَجل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من رَآنِي فِي الْمَنَام فسيراني فِي الْيَقَظَة أَو فَكَأَنَّمَا يراني فِي الْيَقَظَة وَلَا يتَمَثَّل الشَّيْطَان بِي ". فَإِنَّهُ يُنبئ عَن أَنه كَمَا لم يُمكن لَهُ التمثل فِي الْيَقَظَة لَا يُمكنهُ فِي الْمَنَام. وَذهب الْبَعْض إِلَى أَنه إِذا رَآهُ فِي صُورَة من الصُّور كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاته فقد رَآهُ - وَذهب الْبَعْض إِلَى أَنه من رَآهُ فِي صُورَة من الصُّور يرَاهُ بِعَيْنِه كَمَا يُمكن رَآهُ فِي حَيَاته.
وَاعْترض الْقُرْطُبِيّ رَحمَــه الله تَعَالَى بِأَنَّهُ يلْزم أَن يخرج من قَبره ويصل إِلَى مَكَان المرئي وَلَا يرَاهُ اثْنَان مَعًا فِي الْيَقَظَة فِي مكانين وَلَا يظْهر فِي غير صُورَة كَانَت لَهُ فِي أَيَّام حَيَاته. وَيَردهُ أَنه يرَاهُ بِعَين فَلَا يشْتَرط الْقرب والبعد فيراه فِي مَكَانَهُ - وَأما الرُّؤْيَة فِي مكانين وعَلى غير صورته فتخيل من الرَّأْي فَلَا بَأْس أَن لَا يكون لَهُ حَقِيقَة وَيكون تغييرا عَن أَمر آخر سوى كَونه فِي هَذَا الْمَكَان وَسوى هَذِه الصُّورَة.
ولنذكر لَك فصلا من رُؤْيَة الله تَعَالَى وَالْمَلَائِكَة وأئمة الدّين تتميما لباب الرُّؤْيَة - قَالَ الشَّيْخ الإِمَام محيي السّنة رَحمَــه الله تَعَالَى فِي شرح السّنة رُؤْيَته تَعَالَى فِي الْمَنَام جَائِزَة. قَالَ معَاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنِّي نَعَست فَرَأَيْت رَبِّي عز وَجل ". ورؤيته تَعَالَى ظُهُور الْعدْل والفرح وَالْخصب وَالْخَيْر لأهل ذَلِك الْموضع فَإِن رَآهُ فوعد لَهُ جنَّة أَو مغْفرَة أَو نجاة من النَّار فَهُوَ وعد حق وَكَلَام صدق. وَإِذا رَآهُ معرضًا عَنهُ فَهُوَ تحذير من الذُّنُوب لقَوْله تَعَالَى: {لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم} . وَإِن أعطَاهُ من اتبعهُ فِي الدّين فَهُوَ بلَاء ومحنة يُصِيبهُ توصلا إِلَى أجر عَظِيم. وَلَا يتَمَثَّل الشَّيْطَان بِنَبِي من الْأَنْبِيَاء وَلَا بِملك من الْمَلَائِكَة وَلَا بالشمس وَالْقَمَر والنجوم المضيئة والسحاب الَّذِي فِيهِ الْغَيْن. ورؤية الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان - ورؤية أهل الدّين بركَة وَخير على قدر مَنَازِلهمْ فِي الدّين - وَمن رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كثيرا فِي الْمَنَام لم يزل خَفِيف الْحَال مقلا فِي الدُّنْيَا من غير حَاجَة وَلَا خذلان من الله عز وَجل - ورؤية الإِمَام إِصَابَة خير وَشرف. سَمِعت الشَّيْخ الإِمَام الزَّاهِد مُحَمَّد بن حمويه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِإِسْنَادِهِ عَن عَليّ وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. أما عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ إِذا اشْتقت إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صليت هَذِه الصَّلَاة فَلَا أَبْرَح فِي مَكَاني حَتَّى أرَاهُ. وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ من صلاهَا وَلم يره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلست بعمر وَإِن من صلاهَا وَلَو فِي عمره مرّة وَاحِدَة يقْضِي الله تَعَالَى حَوَائِجه كلهَا وَيغْفر ذنُوبه وَلَو كَانَت ملْء الأَرْض وَهِي أَربع رَكْعَات بتشهدين وتسليمة وَاحِدَة تقْرَأ فِي كل رَكْعَة فَاتِحَة الْكتاب مرّة وَإِنَّا أنزلنَا عشر مَرَّات وتسبح خَمْسَة عشر مرّة سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر ثمَّ تركع وَتقول ثَلَاث مَرَّات سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم وتسبح فِي الرُّكُوع عشر مَرَّات ثمَّ ترفع رَأسك وتسبح ثَلَاث مَرَّات ثمَّ تسْجد وتسبح خمس مَرَّات ثمَّ ترفع رَأسك وَلَيْسَ فِيمَا بَين السَّجْدَتَيْنِ شَيْء. ثمَّ تسْجد ثَانِيًا على مَا وصف إِلَى أَن يتم أَربع رَكْعَات بِتَسْلِيمَة وَاحِدَة. فَإِذا فرغت من الصَّلَاة فَلَا تكلم حَتَّى تقْرَأ فَاتِحَة الْكتاب عشر مَرَّات وَإِنَّا أنزلنَا عشر مَرَّات ثمَّ تسبح ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ثمَّ تَقول جزى الله مُحَمَّدًا عَنَّا مَا هُوَ أَهله فَإِنَّهُ أهل التَّقْوَى وَأهل الْمَغْفِرَة - قَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من صلاهَا فِي عمره مرّة وَاحِدَة يَأْتِيهِ ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ رَيَّان وَيدخل الْقَبْر وَهُوَ رَيَّان ويفرش لَهُ من الْورْد والياسمين وينبت عبهر عِنْد رجلَيْهِ وعبهر عِنْد رَأسه وعبهر عَن يَمِينه وعبهر عَن يسَاره فَإِذا خرج من الْقَبْر خرج من وسط العبهر وَقد توج بتاج الْكَرَامَة.
نقلت هَذِه النِّعْمَة الْعُظْمَى من خطّ جمال الدّين بن عبد الْعَزِيز الأجيهتي رَحمَــه الله تَعَالَى فِي بَلْدَة أَحْمد نكر من (مضافاة خجسته بنياد اورنكك آباد) من بِلَاد دكن فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع شهر شعْبَان الْمُعظم سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَة وَألف وَكَانَ الْمَكْتُوب بِخَطِّهِ رَحمَــه الله تَعَالَى هَذِه الْعبارَة نقلنا هَذَا الدّرّ الْأَزْهَر والمسك الأذفر من خطّ السَّيِّد الْجَلِيل صَاحب وقته أَحْمد بن مُحَمَّد الْغَزالِيّ بِمَكَّة المشرفة فِي صَبِيحَة ثَالِث عشر من مولد هَذَا النَّبِي الْكَرِيم عَلَيْهِ أفضل التَّحِيَّة وَأجل التَّسْلِيم من سنة تِسْعَة وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ بذيله بِخَطِّهِ الشريف وَهَذَا خطّ أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْغَزالِيّ حامدا لله تَعَالَى على نعمه ومصليا على نبيه سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد وَآله الأكرمين فِي شهر الله الْأَصَم رَجَب سنة ثَلَاث وَخمْس مائَة نَقله الْفَقِير إِلَى كرم الله الْوَدُود صفي الدّين مُحَمَّد ابْن سُلْطَان مَحْمُود عفى الله عَنْهُمَا من شرِيف خطّ الْمولى الْأَعْظَم الأكرم الْمولى مصطفى الرُّومِي سلمه الله تَعَالَى فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة تسع وَخمسين وَتِسْعمِائَة ببلدة بخارا بجوار مدرسة غازيان وَكَانَ بذيله بِخَطِّهِ الشريف الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا وَهَذَا من جملَة نعمه علينا بِمَكَّة المشرفة نقلت من شرِيف خطّ الشَّيْخ الْكَامِل صفي الدّين مُحَمَّد سلمه الله الصَّمد حامدا لله على مَا أنعم. ومصليا على رَسُوله الأكرم. وَآله الأتقياء. وَصَحبه الأصفياء. وَأَنا الْفَقِير إِلَى الْغَنِيّ جمال الدّين عبد الْعَزِيز الأجيهتي عفى عَنْهُمَا سنة ثَلَاث وَسبعين وَتِسْعمِائَة.

الْحمل

(الْحمل) فلَان حمل على أَهله إِذا كَانَ ثقيل الْمَرَض وَمَا كَانَ فِي بطن أَو على شجر والهودج وَالْبَعِير عَلَيْهِ الهودج (ج) أحمال وحمول وحمال

(الْحمل) مَا يحمل على الظّهْر وَنَحْوه والهودج وَالْبَعِير عَلَيْهِ الهودج و (فِي الرياضيات) الثّقل أَو الْجِسْم الَّذِي يرفع أَو يجر بوساطة الْآلَات (مج)(ج) أحمال وحمول

(الْحمل) الصَّغِير من الضَّأْن (ج) حملان وأحمال وبرج فِي السَّمَاء من البروج الربيعية
الْحمل: بِالْكَسْرِ بار وبالفتح بار برداشتن وبارشكم وهرباري كه باشد. وَالْحمل مُخْتَصّ بالإنسان كالنتاج بِالْحَيَوَانِ وَلذَا قيل فِي كتب الْفِقْه الْحمل مَا فِي بطن الْإِنْسَان وَأَقل مُدَّة الْحمل سِتَّة أشهر بالِاتِّفَاقِ وَفِي أَكْثَرهَا اخْتِلَاف عِنْد أبي حنيفَة رَحمَــه الله وَأَصْحَابه سنتَانِ لما رُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت لَا يبْقى الْوَلَد فِي رحم أمه أَكثر من سنتَيْن وَلَو بِقدر ظلّ مغزل وَمثل هَذَا لَا يعرف قِيَاسا بل سَمَاعا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعند الشَّافِعِي رَحمَــه الله أَربع سِنِين لما رُوِيَ أَن الضَّحَّاك ولد لأَرْبَع سِنِين وَقد بَدَت ثناياه وَهُوَ يضْحك فَسُمي ضحاكا وَعند لَيْث بن سعد الفهمي رَحمَــه الله ثَلَاث سِنِين وَعند الزُّهْرِيّ رَحمَــه الله سبع سِنِين. وبرج من البروج الاثْنَي عشر من الْفلك الْأَعْظَم.وَالْحمل عِنْد أَرْبَاب الْمَعْقُول يُطلق بالاشتراك اللَّفْظِيّ على ثَلَاثَة معَان:

الأول: الْحمل اللّغَوِيّ، وَالثَّانِي: الْحلم الاشتقاقي، وَالثَّالِث: حمل المواطأة. (أما الْحمل اللّغَوِيّ) فَهُوَ الحكم بِثُبُوت شَيْء بِشَيْء أَو انتفائه عَنهُ وَحَقِيقَته الإذعان وَالْقَبُول. (وَأما الْحمل الاشتقاقي) فَهُوَ الْحمل بِوَاسِطَة (فِي) أَو (ذُو) أَو (لَهُ) وَحَقِيقَته الْحُلُول فَإنَّك إِذا قلت زيد ذُو مَال فقد حملت المَال على زيد بِوَاسِطَة (ذُو) . فَإِن قلت: إِن المَال مَحْمُول على زيد بِوَاسِطَة ذُو وَلَيْسَ حَالا فِيهِ فَكيف يَصح أَن حَقِيقَته الْحُلُول. قلت: الْمَحْمُول فِي الْحَقِيقَة هُوَ الْإِضَافَة الَّتِي بَين زيد وَالْمَال وَهُوَ التَّمَلُّك. وَلَا شكّ أَن التَّمَلُّك حَال فِي زيد والتملك مَحْمُول على زيد فِي ضمن التَّمَلُّك الْمُشْتَقّ مِنْهُ كَمَا أَن الْكِتَابَة مَحْمُول على زيد فِي ضمن الْكَاتِب وَالْكَاتِب مَحْمُول عَلَيْهِ بالاشتقاق وَلِهَذَا سمي هَذَا الْحمل بالاشتقاق وَقس عَلَيْهِ زيد فِي الدَّار وَزيد أَب لعَمْرو فَإِن الْمَحْمُول فِي الْحَقِيقَة هُوَ الْإِضَافَة الَّتِي بَين زيد وداره وَبَين زيد وَعَمْرو وَهِي الظَّرْفِيَّة والأبوة والنبوة.
وَأما حمل المواطأة فَهُوَ حمل شَيْء بقول على مثل الْإِنْسَان حَيَوَان يَعْنِي الْحَيَوَان مَحْمُول على الْإِنْسَان وَحَقِيقَته هُوَ هُوَ. وَبِعِبَارَة أُخْرَى نِسْبَة الْمَحْمُول إِلَى الْمَوْضُوع إِن كَانَت بِلَا وَاسِطَة وَهُوَ القَوْل على الشَّيْء فَهِيَ الْحمل بالمواطأة وَهَذَا الْحمل يرجع إِلَى اتِّحَاد المتغائرين فِي نَحْو من اتِّحَاد الْوُجُود بِحَسب نَحْو آخر من أنحائه فَإِن كَانَ الْمَحْمُول ذاتيا فَهُوَ حمل بِالذَّاتِ أَو عرضيا فَهُوَ حمل بِالْعرضِ. فَفِي حمل الذاتيات اتِّحَاد بِالذَّاتِ وَفِي حمل العرضيات اتِّحَاد بِالْعرضِ.
ثمَّ اعْلَم أَن الْحمل بالمواطأة يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ: الأول: حمل الشَّيْء على نَفسه، وَالثَّانِي: الْحمل الْمُتَعَارف وَيُسمى الْحمل الشَّائِع أَيْضا. ثمَّ من الْقسم الأول الْحمل الأولي وَهُوَ يُفِيد أَن الْمَحْمُول هُوَ بِعَيْنِه عنوان حَقِيقَة الْمَوْضُوع وَإِنَّمَا سمي حملا أوليا لكَونه أولي الصدْق أَو الْكَذِب. وَمِنْه حمل الشَّيْء على نَفسه مَعَ تغاير بَين الطَّرفَيْنِ بِأَن يُؤْخَذ. أَحدهمَا: مَعَ حيثية أَو بِدُونِ التغاير بَينهمَا بِأَن يتَكَرَّر الِالْتِفَات إِلَى شَيْء وَاحِد ذاتا واعتبارا فَيحمل ذَلِك الشَّيْء على نَفسه من غير أَن يَتَعَدَّد الملتفت إِلَيْهِ وَالْأول صَحِيح غير مُفِيد وَالثَّانِي غير صَحِيح وَغير مُفِيد ضَرُورَة أَنه لَا يعقل النِّسْبَة إِلَّا بَين اثْنَيْنِ وَلَا يُمكن أَن يتَعَلَّق بِشَيْء وَاحِد التفاتان من نفس وَاحِدَة فِي زمَان وَاحِد والتغاير من جِهَة الِالْتِفَات لَا يَكْفِي هَا هُنَا لِأَن الِالْتِفَات لَا يلْتَفت إِلَيْهِ حِين الِالْتِفَات والتعدد فِي الِالْتِفَات لَا يتَصَوَّر إِلَّا بالتعدد فِي أحد هَذِه الْأُمُور الثَّلَاثَة الملتفت والملتفت إِلَيْهِ وَالزَّمَان. وَالْحمل الْمُتَعَارف يُفِيد أَن يكون الْمَوْضُوع من أَفْرَاد الْمَحْمُول أَو مَا هُوَ فَرد لأَحَدهمَا فَرد للْآخر وَإِنَّمَا سمي متعارفا لتعارفه وشيوع اسْتِعْمَاله.
وَرُبمَا يُطلق الْحمل الْمُتَعَارف فِي الْمنطق على الْحمل المتحقق فِي المحصورات سَوَاء كَانَت حَقِيقَة كَمَا هُوَ الظَّاهِر أَو حكما كالمهملات. فالحمل فِي قَوْلنَا الْإِنْسَان كَاتب مُتَعَارَف على كلا الاصطلاحين وَفِي قَوْلنَا الْإِنْسَان نوع مُتَعَارَف على الِاصْطِلَاح الأول وَغير مُتَعَارَف على الِاصْطِلَاح الثَّانِي.
ثمَّ اعْلَم أَن الفارابي جعل الْحمل على أَرْبَعَة أَقسَام: حمل الْكَلْبِيّ على الجزئي مثل زيد إِنْسَان. وَحمل الْكَلْبِيّ على الْكُلِّي مثل الْإِنْسَان حَيَوَان وَالْإِنْسَان إِنْسَان وَحمل الجزئي على الجزئي مثل هَذَا زيد وَهَذَا الْإِنْسَان هَذَا الْكَاتِب. قَالَ الْفَاضِل الزَّاهِد فِي الْهَامِش على حَوَاشِيه على شرح المواقف أَن الأول وَالثَّالِث حمل مُتَعَارَف وَالْمرَاد بالفرد الْوَاقِع فِي تَعْرِيفه مَا صدق عَلَيْهِ مُطلقًا. وَالثَّانِي يحْتَمل أَن يكون متعارفا أَو غير مُتَعَارَف لِامْتِنَاع أَن يصدق جزئي على جزئي آخر إِلَّا بِأَن يكون الجزئي حِصَّة كحصة من الْإِنْسَان أَو الْكَاتِب فَحمل تِلْكَ الْحصَّة حملا متعارفا على حِصَّة أَو على جزئي آخر أَو عَكسه بِالنّظرِ إِلَى الْوُجُود بِالذَّاتِ أَو الْوُجُود بِالْعرضِ انْتهى.
وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره فِي حَوَاشِيه على شرح الشمسية كَون الجزئي الْحَقِيقِيّ مقولا على وَاحِد إِنَّمَا هُوَ بِحَسب الظَّاهِر وَإِمَّا بِحَسب الْحَقِيقَة فالجزئي الْحَقِيقِيّ لَا يكون مَحْمُولا مقولا على شَيْء أصلا بل يُقَال وَيحمل عَلَيْهِ المفهومات الْكُلية فَهُوَ مقول عَلَيْهِ لَا مقول بِهِ وَكَيف لَا وَحمله على نَفسه لَا يتَصَوَّر قطعا إِذْ لَا بُد فِي الْحمل الَّذِي هُوَ النِّسْبَة بَين الْمَوْضُوع والمحمول أَن تكون بَين أَمريْن متغائرين وَحمله على غَيره بِأَن يُقَال زيد عَمْرو إِيجَابا مُمْتَنع أَيْضا وَأما قَوْلك هَذَا زيد فَلَا بُد فِيهِ من التَّأْوِيل لِأَن هَذَا إِشَارَة إِلَى الشَّخْص الْمعِين فَلَا يُرَاد بزيد ذَلِك الشَّخْص الْمعِين وَإِلَّا فَلَا حمل من حَيْثُ الْمَعْنى كَمَا عرفت بل يُرَاد مَفْهُوم مُسَمّى بزيد أَو صَاحب اسْم زيد وَهَذَا الْمَفْهُوم كلي. وَإِن فرض انحصاره فِي شخص وَاحِد فالمحمول أَعنِي الْمَقُول على غَيره لَا يكون إِلَّا كليا انْتهى.
وَقَالَ أفضل الْمُتَأَخِّرين مَوْلَانَا عبد الْحَكِيم رَحمَــه الله قَوْله لَا يكون مقولا على شَيْء لِأَن منَاط الْحمل الِاتِّحَاد فِي الْوُجُود وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَن وجودا وَاحِدًا قَائِم بهما لِامْتِنَاع قيام الْعرض الْوَاحِد بمحلين بل مَعْنَاهُ أَن الْوُجُود لأَحَدهمَا بالإصالة وَللْآخر بالتبع بِأَن يكون منتزعا عَنهُ وَلَا شكّ أَن الجزئي هُوَ الْمَوْجُود إصالة والأمور الْكُلية سَوَاء كَانَت ذاتية أَو عرضية منتزعة عَنهُ على مَا هُوَ تَحْقِيق الْمُتَأَخِّرين. فَالْحكم باتحاد الْأُمُور الْكُلية مَعَ الجزئي صَحِيح دون الْعَكْس فَإِن وَقع مَحْمُولا كَمَا فِي بعض الْإِنْسَان زيد فَهُوَ مَحْمُول على الْعَكْس أَو على التَّأْوِيل فَانْدفع مَا قيل إِنَّه يجوز أَن يُقَال زيد إِنْسَان فليجز الْإِنْسَان زيد لِأَن الِاتِّحَاد من الْجَانِبَيْنِ فَظهر أَنه لَا يُمكن حمله على الْكُلِّي وَأما على الجزئي فَلِأَنَّهُ إِمَّا نَفسه بِحَيْثُ لَا تغاير بَينهمَا أصلا بِوَجْه من الْوُجُوه حَتَّى بالملاحظة والالتفات على مَا قَالَ بعض الْمُحَقِّقين لَهُ إِذا لوحظ شخص مرَّتَيْنِ وَقيل زيد زيد كَانَ مغائرا بِحَسب الملاحظة وَالِاعْتِبَار قطعا وَيَكْفِي هَذَا الْقدر من التغاير فِي الْحمل فَلَا يُمكن تصور الْحمل بَينهمَا فضلا عَن إِمْكَانه. وَإِمَّا جزئي آخر مغائر لَهُ وَلَو بالملاحظة والالتفات فالحمل وَإِن كَانَ يتَحَقَّق ظَاهرا لكنه فِي الْحَقِيقَة حكم بتصادق الاعتبارين على ذَات وَاحِدَة فَإِن معنى الْمِثَال الْمَذْكُور أَن زيدا الْمدْرك أَولا هُوَ زيد الْمدْرك ثَانِيًا. وَالْمَقْصُود مِنْهُ تصادق الاعتبارين عَلَيْهِ وَكَذَا فِي قَوْلك هَذَا الضاحك هَذَا الْكَاتِب الْمَقْصُود اجْتِمَاع الوصفين فِيهِ فَفِي الْحَقِيقَة الجزئي مقول عَلَيْهِ للاعتبارين. نعم على القَوْل بِوُجُود الْكُلِّي الطبيعي فِي الْخَارِج حَقِيقَة كَمَا هُوَ رَأْي الأقدمين والوجود الْوَاحِد إِنَّمَا قَامَ بالأمور المتعددة من حَيْثُ الْوحدَة لَا من حَيْثُ التَّعَدُّد يَصح حمله على الْكُلِّي لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْوُجُود والاتحاد من الْجَانِبَيْنِ وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيّ على مَا نقل عَن الفارابي وَالشَّيْخ من صِحَة حمل الجزئي انْتهى.
وَقَالَ الباقر فِي الْأُفق الْمُبين نِسْبَة الْمَحْمُول إِلَى الْمَوْضُوع إِمَّا بِوُجُود (فِي) أَو توَسط (ذُو) أَو (لَهُ) بَين هُوَ هُوَ وَيُقَال لَهَا الْحمل الاشتقاقي. وَإِمَّا بقول (على) وَيُقَال لَهَا حمل المواطأة أَي الِاتِّحَاد بَين الشَّيْئَيْنِ بهو هُوَ وَهُوَ يُفِيد إِعْطَاء الِاسْم وَالْحَد وَيُشبه أَن يكون قَول الْحمل عَلَيْهِمَا باشتراك الِاسْم أَي بالاشتراك اللَّفْظِيّ دون الْمَعْنى وَالْآخر وَهُوَ مفَاد الْهَيْئَة التركيبية الحملية حَقِيقَة اتِّحَاد المتغائرين فِي نَحْو من أنحاء لحاظ التعقل بِحَسب نَحْو آخر من أنحاء الْوُجُود اتحادا بِالذَّاتِ أَو بِالْعرضِ وَفَوق ذَلِك ذكر سيقرع سَمعك إِن شَاءَ الله تَعَالَى تَفْصِيله فِي تبصرة حمل شَيْء على شَيْء. إِمَّا أَن يَعْنِي بِهِ أَن الْمَوْضُوع هُوَ بِعَيْنِه أَخذ مَحْمُولا على أَن يتَكَرَّر إِدْرَاك شَيْء وَاحِد بِتَكَرُّر الِالْتِفَات إِلَيْهِ من دون تكَرر فِي الْمدْرك والملتفت إِلَيْهِ أصلا وَلَو بِالِاعْتِبَارِ وَهُوَ حمل الشَّيْء على نَفسه وتأبى الضَّرُورَة الفطرية إِلَّا أَن تشهد بِبُطْلَانِهِ وَإِن وَقع بعض الأذهان فِي مَخْمَصَة تجويزه فَإِن صَحَّ فَكيف يَصح أَن تلْتَفت نفس وَاحِدَة إِلَى مَفْهُوم وَاحِد ذاتا واعتبارا فِي زمَان بِعَيْنِه مرَّتَيْنِ. وَإِمَّا أَن يَعْنِي ذَلِك لَكِن على أَن يَجْعَل تكَرر الْإِدْرَاك حيثية تقيدية يتكثر بحسبها الْمدْرك فَيحكم بِأَن الْمدْرك بِأحد الإدراكين هُوَ نفس الْمدْرك بالإدراك الآخر وَلَا يلحظ تعددا إِلَّا من تِلْكَ الْجِهَة وَهُوَ الَّذِي يُقَال إِنَّه ضرب مَنْصُور من حمل الشَّيْء على نَفسه وَلكنه هدر غير مُفِيد. وَإِمَّا أَن يَعْنِي بِهِ أَن الْمَحْمُول هُوَ بِعَيْنِه نفس الْمَوْضُوع بعد أَن يلحظ التغاير الاعتباري أَي هُوَ بِعَيْنِه عنوان حَقِيقَته لَا أَن يقْتَصر على مُجَرّد الِاتِّحَاد فِي الْوُجُود وَيُسمى الْحمل الأولي الذاتي لكَونه أولى الصدْق أَو الْكَذِب غير معنى بِهِ إِلَّا أَن هَذَا الْمَفْهُوم هُوَ نفس ذَاته وعنوان حَقِيقَته. فَإِذا اعْتبر بَين المفهومات المتغائرة فِي جليل النّظر رُبمَا احْتِيجَ تعْيين الْإِيجَاب أَو السَّلب إِلَى تَدْقِيقه كَمَا يَقُول الْوُجُود هُوَ الْمَاهِيّة أَو لَيْسَ والوجود هُوَ الْوحدَة أَو لَيْسَ يحْتَاج فِي الأذهان إِلَى الْبُرْهَان. وَإِمَّا أَن يَعْنِي بِهِ مُجَرّد اتِّحَاد الْمَوْضُوع والمحمول ذاتا ووجودا وَيرجع إِلَى كَون الْمَوْضُوع من أَفْرَاد الْمَحْمُول أَو كَون مَا هُوَ فَرد أَحدهمَا هُوَ فَرد الآخر وَيُسمى الْحمل الْعرفِيّ الْمُتَعَارف لشيوعه بِحَسب التعارف الصناعي وينقسم بِحَسب كَون الْمَحْمُول ذاتيا للموضوع أَو عرضيا لَهُ إِلَى الْحمل بِالذَّاتِ وَالْحمل بِالْعرضِ.
ثمَّ إِن فِي الْحمل الْمُتَعَارف قد يكون الْمَوْضُوع فَردا حَقِيقِيًّا للمحمول وَهُوَ مَا يكون أخص بِحَسب الصدْق كالإنسان بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَيَوَان وَقد يكون فَردا اعتباريا وَهُوَ مَا يكون أخصيته بِحَسب نَحْو الِاعْتِبَار كمفهوم الْمَوْجُود الْمُطلق بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَعْيِينه وَكَذَلِكَ الْمُمكن الْعَام وَالْمَفْهُوم والكلي وَمَا ضاهاها فتلطف فِي سرك تنتصر انْتهى. وَإِنَّمَا قَالَ وَيُشبه الخ لِأَن معنى حمل المواطأة أَعنِي الِاتِّحَاد الْمَخْصُوص لَا يصلح مقسمًا لَهُ وللحمل الاشتقاقي كَمَا لَا يخفى.
وَفِي الْأَسْفَار اعْلَم أَن حمل الشَّيْء على الشَّيْء واتحاده مَعَه يتَصَوَّر على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: الشَّائِع الصناعي الْمُسَمّى بِالْحملِ الْمُتَعَارف وَهُوَ عبارَة عَن مُجَرّد اتِّحَاد الْمَوْضُوع والمحمل ووجودا وَيرجع إِلَى كَون الْمَوْضُوع من أَفْرَاد مَفْهُوم الْمَحْمُول سَوَاء كَانَ الحكم على نفس مَفْهُوم الْمَوْضُوع كَمَا فِي الْقَضِيَّة الطبيعية أَو على أَفْرَاده كَمَا فِي القضايا المتعارفة من المحصورات وَغَيرهَا سَوَاء كَانَ الْمَحْكُوم بِهِ ذاتيا للمحكوم عَلَيْهِ وَيُقَال لَهُ الْحمل بِالذَّاتِ أَو عرضيا لَهُ وَيُقَال لَهُ الْحمل بِالْعرضِ والجميع يُسمى حملا عرضيا. وَثَانِيهمَا: أَن يَعْنِي بِهِ أَن الْمَوْضُوع هُوَ بِعَيْنِه نفس مَاهِيَّة الْمَحْمُول وَمَفْهُومه بعد أَن يلحظ نَحْو من التغاير أَي هَذَا بِعَيْنِه عنوان مَاهِيَّة ذَلِك لَا أَن يقْتَصر على مُجَرّد الِاتِّحَاد فِي الذَّات والوجود وَيُسمى حملا ذاتيا أوليا. أما ذاتيا فلكونه لَا يجْرِي وَلَا يصدق إِلَّا فِي الذاتيات. وَأما أوليا فلكونه أولى الصدْق أَو الْكَذِب. فكثيرا مَا يصدق ويكذب مَحْمُول وَاحِد على مَوْضُوع وَاحِد بل مَفْهُوم وَاحِد على نَفسه بِخِلَاف اخْتِلَاف هذَيْن الحملين كالجزئي واللامفهوم واللاممكن بالإمكان الْعَام واللاموجود بالوجود الْمُطلق وَعدم الْعَدَم والحرف وَشريك الْبَارِي والنقيضين وَلذَلِك اعْتبرت فِي التَّنَاقُض وحدة أُخْرَى سوى المشروطات الثَّمَانِية الْمَشْهُورَة وَتلك هِيَ وحدة الْحمل والجزئي مثلا جزئي بِالْحملِ الذاتي لَيْسَ بجزئي بل كلي بِالْحملِ الْمُتَعَارف وَمَفْهُوم الْحَرْف حرف بِالْأولِ اسْم بِالثَّانِي انْتهى. وَإِنَّمَا أطنبت الْكَلَام. فِي هَذَا الْمقَام. لِأَنَّهُ زل فِيهِ اقدام الْإِعْلَام. ونقلت أَيْضا مَا ذكره الْعلمَاء الْكِرَام. عَسى أَن يَتَّضِح بِهِ المرام. حمل النقيض على النقيض: جَائِز عِنْد الْجُمْهُور. فَإِن قلت. حق النقيض أَن يكون مُخَالفا للنقيض لَا مُوَافقا لَهُ فَكيف يحمل أَحدهمَا على الآخر. قلت: النقيض لَهُ طرفان طرف للثبوت وطرف للنَّفْي فَيحمل أَحدهمَا على الآخر لاشْتِرَاكهمَا فِي كَونهمَا طرفين فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة حمل النظير لَا حمل النقيض على النقيض وَقد نبه على هَذَا الشَّيْخ عبد القاهر قدس سره فِي النظير.
(بَاب الْحمل)
يُقالُ للمرأةِ أَوَّلُ مَا تَحْمِلُ (280) : قد نُسِئَتْ تُنْسَأُ نَسْأً، وامرأةٌ نَسِئٌ ونِسْوَةٌ نَسْئٌ ونُسُوءٌ. ثُمَّ يُقالُ لَهَا: حامِلٌ وحُبْلَى. والحَبَلُ إنَّما هُوَ الامتلاءُ. ويُقالُ: حِبِلَ الرجلُ من الشرابِ: إِذا امتلأَ مِنْهُ، ورَجُلٌ حَبْلانُ، وامرأةٌ حَبْلَى. وكأَنَّ الحُبْلَى مُشْتَقٌ من ذَلِك. ورجلٌ حَبْلانُ: إِذا امْتَلَأَ غَضَباً. ويُقال لَهَا إِذا عَظُمَ بَطْنُها: امرأةٌ مُثْقِلٌ، وَقد أَثْقَلَتْ، وَمِنْه قولُ اللهِ عزَّ وجّلَّ: (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) (281) . ويُقالُ [أَيْضا] : امرأةٌ مُجِحٌ، للحامِلِ المُقْرِبِ. وأَصْلُ ذَلِك فِيويُقالُ لبَيْضِها: المَكْنُ، والواحدةُ مَكْنَةٌ. ويُقالُ فِي (308) مِثْلِ ذلكَ مِن ذِي الجَناحِ: جَمَّعَ الطائرُ تَجْمِيعاً. وأَمْكَنَتِ الجرادةُ إِذا جَمَعَتِ البَيْضَ [فِي جوفِها] . وسَرَأَتْ: إِذا باضَتْ، وسَرْؤُها: بَيْضُها مِثالُ سَوْعِها (309) . ويُقالُ: أَرْتَجَتِ الدَّجاجةُ، إِذا امتلأَ بَطْنُها بَيْضاً وأَمْكَنَتْ فَهِيَ مَكُونٌ. ويُقالُ: أَقْطَعَتْ وأَقْفَّتْ، إِذا انقَطَعَ بَيْضُها.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.