Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: دقيقة

قعو

قعو


قَعَا(n. ac. قَعْو
قُعُوّ)
a. ['Ala], Covered (stallion).
(قعو) : قَعا فُلانٌ نَعَمَه: إذا سِيقتْ وجُمِعَتْ، يقْعَى قعْواً.
قعو: قعا الطائر: سفد، وكذلك قعي أيضا. (عباد 1: 318). قعو. قعو الاليتين. انظر الكامل (ص516).
ق ع و
نهي المصلّي أن يقعى إقعاء الكلب وهو أن يقعد على عقبيه وينصب ساقيه.
(ق ع و) : (الْإِقْعَاءُ) أَنْ يُلْصِقَ أَلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِبُ سَاقَيْهِ وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ وَتَفْسِيرُ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ عَقِبُ الشَّيْطَانِ.
قعو القَعْوُ: البَكْرَةُ، وقيل: الخَشَبتان عليهما المِحْوَرُ. ورَجُلٌ قَعْوُ الألْيَتَيْنِ: غَليظُهما، وقيل: إذا كانَ أرْسَحَ. وأقْعى فَرَسَه: رَدَّه القَهْقَرى. والأقْعى من الأُنُوف: الذي دَقَّ وطالَ في السَّماء غير أن أوَّلَه أشَدُّ ارْتِفاعاً ثمَّ ما يَليه إلى آخرِهِ. والاسْمُ: القَعَا. والقُعُوُّ والقَعْوُ: سِفَادُ البَعيرِ والظَّلِيمِ.
قعو
أقعى في يُقعي، أقْعِ، إقعاءً، فهو مُقْعٍ، والمفعول مُقْعًى فيه
• أقعى الرَّجلُ في جلوسه: جلس على أليتيه ونصب ساقيه وفخذيه.
• أقعى الكلبُ في جلوسه: جلس على استه وبسط ذراعيه مفترشًا رجليه وناصبًا يديه. 

إقعاء [مفرد]: مصدر أقعى في. 
ق ع و : أَقْعَى إقْعَاءً أَلْصَقَ أَلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَنَصَبَ سَاقَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْإِقْعَاءُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَوْرَدَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ وَجَعَلَ مَكَانَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَتَسَانَدُ إلَى ظَهْرِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ أَقْعَى الْكَلْبُ جَلَسَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ
وَنَصَبَ فَخِذَيْهِ وَالرَّجُلُ جَلَسَ تِلْكَ الْجِلْسَةَ. 
(ق ع و)

القَعْوُ: البكرة. وَقيل: شبهها. وَقيل: البكرة من خشب خَاصَّة. وَقيل: هِيَ المحور من الْحَدِيد خَاصَّة، مَدَنِيَّة.

والقَعْوَانِ: خشبتان تكتنفان البكرة وَفِيهِمَا المحور، وَقيل: هما الحديدتان اللَّتَان تجْرِي بَينهمَا البكرة. وَجمع كل ذَلِك قُعِيٌّ لَا يكسر إِلَّا عَلَيْهِ.

وقَعا الْفَحْل على النَّاقة قَعْوا وقُعُوّا: وقعاها واقْتَعاها: أرسل نَفسه عَلَيْهَا ضرب أَو لم يضْرب.

وَقعا الظليم والطائر يقْعُو قُعُوّا: سفد.

وَرجل قَعُوُّ العجيزتن: أرْسَحُ، وَقَالَ يَعْقُوب: قَعُوُّ الأليتين ناتئهما غير منبطهما.

وَامْرَأَة قَعْوَاءُ: دقيقة الفخذين، وَقيل: هِيَ الــدقيقة عَامَّة.

وأقعى الرجل فِي جُلُوسه: تساند إِلَى مَا وَرَاءه.

وأقعى الْكَلْب والسبع: جلس على استه.

والقَعا - مَقْصُور - أَن تشرف الأرنبة ثمَّ تنبسط نَحْو القصبة وَقد قَعِىَ قَعَا فَهُوَ أقْعَى وَالْأُنْثَى قَعْوَاءُ، وَقد أقْعَى أَنفه.
قعو
: (و (} القَعْوُ: البَكَرَةُ) ، أَو جانِبُها أَو خَدُّها؛ وَبِه فُسِّر قولُ النابغَةُ:
لَهُ صَرِيفٌ ضَرِيفٌ القَعْوِ بالمَسَدِ (أَو) هُوَ (مِن خَشَبٍ) خاصَّةً، (أَوْ شبْهُها، أَو) هُوَ (المِحْوَرُ مِن الحَدِيدِ) خاصَّةً يَسْتَقِي عَلَيْهِ الطيَّانُونَ، مَدَنِيَّةٌ.
(! والقَعْوانِ: الخَشَبتانِ) تَكْتَنِفانِ البَكَرَةَ، و (فيهمَا المِحْوَرُ) ؛) زادَ الجَوْهرِي: فَإِن كانَ مِن حَديدٍ فَهُوَ خطّافٌ.
وقالَ الأعْلَمُ: {القَعْوُ مَا تَدُورُ فِيهِ البَكَرَةُ إِذا كانَ مِن خَشَبٍ، والمِحْورُ: العُودُ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ البَكَرَةُ.
(أَو) هُما (الحَدِيدَتانِ) اللَّتانِ (تَجْرِي بَينهمَا البَكْرَةُ) ؛) وكلُّ ذلكَ أَقْوَال مُتقارِبَةٌ. (جَمْعُ الكُلِّ:} قُعِيٌّ، كدُلِيَ) ، لَا يكسَّر إلاَّ عَلَيْهِ.
وقالَ الأصْمعي: الخُطافُ الَّذِي تَدُورُ فِيهِ البَكرَةُ إِذا كانَ مِن حَديدٍ، فإنْ كانَ مِن خَشَبٍ فَهو {القَعْوُ؛ وأَنْشَدَ غيرُهُ:
إنْ تَمْنَعِي} قَعْوَكِ أَمْنَعْ مِحْوَرِي
{لقَعْوِ أُخْرَى حَسَنٍ مُدَوّرِ (} وقَعَا الفَحْلُ النَّاقَةَ) {يَقْعُوهَا، (و) قَعَا (عَلَيْهَا) أَيْضاً (} قَعْوًا) ، بالفَتْح، ( {وقُعُوًّا) ، كسُمُوَ: (أَرْسَلَ نَفْسَه عَلَيْهَا ضَرَب أَمْ لَا) .
(وقالَ أَبو زيْدٍ:} قَعَا الفَحْلُ على الناقَةِ مِثْلُ قاعَ، وَهُوَ {القُعُوُّ والقَوْعُ. ومِثْلُه للأصْمعي أيْضاً وَقد يكونُ} القُعُوُّ للظَّلِيمِ أَيضاً.
( {كاقْتَعَاها.
(و) } قَعّاَ (الطَّائِرُ) {قَعْواً: إِذا (سَفَدَ.
(ورجلٌ} قَعْوُ العَجِيزتَيْنِ) ، كَعَدْوٍ: أَي (أَرْسَحُ؛ أَو) قَعُوُّ الأَلْيَتَيْن: (غَلِيظُهُما، أَو نَاتِئُهُما غَيْرُ مُنْبَسِطِهِما) ؛) وَهَذَا عَن يَعْقوب.
وَفِي التكْمِلَة: قَعُوُّ الألْيَتَيْن إِذا كانَ مُنْبَسِطَهُمَا.
( {والقَعْواءُ: الــدَّقِيقَةُ) من النِّساءِ عامَّةً؛ (أَو الــدَّقِيقَةُ الفَخِذَيْنِ) ؛) وَفِي الصِّحاح: السَّاقَيْنِ.
(} وأَقْعَى) الرَّجلُ (فِي جُلوسِه) :) أَلْصَقَ أَلْيَتَيْه بالأرضِ ونَصَبَ ساقَيْه و (تَسانَدَ إِلَى مَا وَراءَهُ) ؛) هَذَا قولُ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ وَقد جاءَ النَّهْيُ عَن! الإِقْعاء فِي الصَّلاةِ، وفَسَّره الفُقهاءُ بأَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْه على عقبيهِ بينَ السَّجْدَتَيْن.
قالَ الأزْهرِي: ورُوِي هَذَا عَن العَبادِلَةِ، يَعْنِي عبدَ اللَّهِ ابنَ عبَّاس، وابنَ عُمَر، وابنَ الزُّبَيْر، وابنَ مَسْعود، قالَ: وَمَا ذَكَره أَهْلُ اللغَةِ أَشْبَه بكَلامِ العَرَبِ؛ قالَ المُخَبَّل يَهْجُو الزِّبْرقان:
{فأَقَعِ كَمَا} أَقْعَى أَبُوكَ على اسْتِه
رَأَى أَنَّ رَيْماً فَوْقَه لَا يُعادِلُهْ (و) {أَقعى (الكَلْبُ) والسَّبُعُ: (جَلَسَ على اسْتِهِ) .
(وَفِي الحديثِ: (أَنَّه أَكَلَ} مُقْعِياً) ، قالَ ابنُ شُمَيْل: هُوَ أَنْ يجلسَ على وَرِكَيْه مُسْتَوْفزاً غَيْر مُتَمَكِّن.
(و) {أَقْعَى (فرسَه: رَدَّهُ القَهْقَرَى.
(} والقَعا) ، مَقْصُورٌ: رَدَّه فِي رأْسِ الأَنفِ، وَهُوَ (أَن تُشْرِفَ الأَرْنَبَةَ، ثمَّ {تَقْعَى نحوَ القَصَبة، والفِعْلُ) } قَعِيَ (كرَضِيَ) {قَعاً، (وَهُوَ} أَقْعَى وَهِي {قَعْواءُ؛ وَقد} أَقْعَى أَنْفُهُ) وَأَقْعَتْ أَرْنَبَتُه؛ كَذَا فِي كتابِ أبي عليَ القالِي.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
{القَعْوَةُ: أَصْلُ الفَخِذِ، والجَمْعُ} القُعَى؛ عَن ابنِ الأعْرابي.
وَبَنُو {القَعْوِ: بُطَيْنٌ بمِصْر.

عزر

عزر: العَزْر: اللَّوْم.

وعَزَرَهُ يَعْزِره عَزْراً وعَزَّرَه: ردَّه. والعَزْرُ والتَّعْزِيرُ:

ضرب دون الحدّ لِمَنْعِه الجانِيَ من المُعاودَة ورَدْعِه عن المعصية؛

قال:

وليس بتعزيرِ الأَميرِ خَزايةٌ عليَّ، إِذا ما كنتُ غَيرَ مُرِيبِ

وقيل: هو أَشدُّ الضرب. وعَزَرَه: ضَربَه ذلك الضَّرْب. والعَزْرُ:

المنع. والعَزْرُ: التوقيف على باب الدِّين.

قال الأَزهري: وحديث سعد يدل على أَن التَّعْزِيرَ هو التوقيف على الدين

لأَنه قال: لقد رأَيْتُني مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وما لنا

طعامٌ إِلاَّ الحُبْلَةَ ووَرقَ السَّمُر، ثم أَصبَحتْ بنو سَعْدٍ

تُعَزِّرُني على الإِسلام، لقد ضَلَلْتُ إِذا وخابَ عَمَلي؛ تُعِزِّرُني على

الإِسلام أَي تُوَقِّفُني عليه، وقيل: تُوَبِّخُني على التقصير فيه.

والتَّعْزِيرُ: التوقيفُ على الفرائض والأَحكام. وأَصل التَّعْزير: التأْديب،

ولهذا يسمى الضربُ دون الحد تَعْزيراً إِنما هو أَدَبٌ. يقال: عَزَرْتُه

وعَزَّرْتُه، فهو من الأَضداد، وعَزَّرَه: فخَّمه وعظَّمه، فهو نحْوُ

الضد.والعَزْرُ: النَّصْرُ بالسيف. وعَزَرَه عَزْراً وعَزَّرَه: أَعانَه

وقوَّاه ونصره. قال الله تعالى: لِتُعَزِّرُوه وتُوَقِّرُوه، وقال الله

تعالى: وعَزَّرْتُموهم؛ جاء في التفسير أَي لِتَنْصُروه بالسيف، ومن نصر

النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، فقد نَصَرَ الله عزَّ وجل. وعَزَّرْتُموهم:

عَظَّمْتموهم، وقيل: نصَرْتُموهم؛ قال إِبراهيم بن السَّريّ: وهذا هو الحق،

والله تعالى أَعلم، وذلك أَن العَزْرَ في اللغة الرَّدُّ والمنع، وتأْويل

عَزَرْت فلاناً أَي أَدَّبْتُه إِنما تأْويله فعلت به ما يَرْدَعُه عن

القبيح، كما اين نَكَّلْت به تأْويله فعلت به ما يجب أَن يَنْكَل معه عن

المُعاودة؛ فتأْويل عَزَّرْتُموهم نصَرْتُموهم بأَن تردُّوا عنهم

أَعداءَهم، ولو كان التَّعْزيرُ هو التَّوْقِير لكان الأَجْوَدُ في اللغة

الاستغاءَ به، والنُّصْرةُ إِذا وجبت فالتعظيمُ داخلٌ فيها لأَن نصرة الأَنبياء

هي المدافعة عنهم والذب عن دِينِم وتعظيمُهم وتوقيرُهم؛ قال: ويجوز

تَعْزِرُوه، من عَزَرْتُه عَزْراً بمعنى عَزَّرْته تعزيراً. والتعزير في كلام

العرب: التوقيرُ، والتَّعْزِيرُ: النَّصْرُ باللسان والسيف. وفي حديث

المبعث: قال وَرَقَةُ بن نَوْفَلٍ: إِنْ بُعِثَ وأَنا حيٌّ فسَأُعَزِّرهُ

وأَنْصُرُه؛ التَّعْزيرُ ههنا: الإِعانةُ والتوقيرُ والنصرُ مرة بعد مرة،

وأَصل التعزير: المنعُ والردُّ، فكأَن مَن نصَرْتَه قد رَدَدْتَ عنه

أَعداءَه ومنعتهم من أَذاه، ولهذا قيل للتأْديب الذي هو دون الحدّ: تَعْزير،

لأَنه يمنع الجانيَ أَن يُعاوِدَ الذنب. وعَزَرَ المرأَةَ عَزْراً:

نكَحَها. وعَزَرَه عن الشيء: منَعَه. والعَزْرُ والعَزيرُ: ثمنُ الكلإِ إِذا

حُصِدَ وبِيعَتْ مَزارِعُه سَواديّة، والجمع العَزائرُ؛ يقولون: هل أَخذتَ

عَزيرَ هذا الحصيد؟ أَي هل أَخذت ثمن مراعيها، لأَنهم إِذا حصدوا باعوا

مراعِيَها.

والعَزائِرُ والعَيازِرُ: دُونَ العِضَاه وفوق الدِّق كالثُّمام

والصَّفْراء والسَّخْبر، وقيل: أُصول ما يَرْعَوْنَه من سِرّ الكلإِ كالعَرفَج

والثُّمام والضَّعَة والوَشِيج والسَّخْبَر والطريفة والسَّبَطِ، وهو

سِرُّ ما يَرْعَوْنَه.

والعَيزارُ: الصُّلْبُ الشديد من كل شيء؛ عن ابن الأَعرابي. ومَحالةٌ

عَيْزارَةٌ: شديدةُ الأَسْرِ، وقد عَيْزَرَها صاحِبُها؛ وأَنشد:

فابتغ ذاتَ عَجَلٍ عَيَازِرَا،

صَرَّافةَ الصوتِ دَمُوكاً عاقِرَا

والعَزَوَّرُ: السيء الخلُق. والعَيزار: الغلامُ الخفيف الروح النشيطُ،

وهو اللَّقِنُ الثَّقِفُ اللَّقِفُ، وهو الريشة

(* قوله: «وهو الريشة»

كذا بالأصل بهذا الضبط. وفي القاموس: والورش ككتف النشيط الخفيف، والأنثى

وريشة). والمُماحِل والمُماني. والعَيزارُ والعَيزارِيَّةُ: ضَرْبٌ من

أَقداح الزُّجاج. والعَيازِرُ: العِيدانُ؛ عن ابن الأَعرابي: والعَيزارُ:

ضَرْبٌ من الشجر، الواحدة عَيزارةٌ. والعَوْزَرُ: نَصِيُّ الجبل؛ عن أَبي

حنيفة.

وعازَِرٌ وعَزْرة وعَيزارٌ وعَيزارة وعَزْرانُ: أَسماء. والكُرْكيّ

يُكْنَى أَبا العَيزار؛ قال الجوهري: وأَبو العَيزار كنية طائر طويل العنق

تراه أَبداً في الماء الضَّحْضاح يسمى السَّبَيْطَر. وعَزَرْتُ الحِمارَ:

أَوْقَرْته. وعُزَيرٌ: اسم نبي. وعُزَيرٌ: اسم ينصرف لخفته وإِن كان

أَعجميّاً مثل نوح ولوط لأَنه تصغير عَزْر. ابن الأَعرابي: هي العَزْوَرةُ

والحَزْوَرةُ والسَّرْوَعةُ والقائِدةُ: للأَكَمة. وفي الحديث ذكر عَزْوَر،

بفتح العين وسكون الزاي وفتح الواو، ثَنِيَّةُ الجُحْفَة وعليها الطريق

من المدينة إِلى مكة، ويقال فيه عَزُورا.

(عزر) : العَزْوَرُ: الدَّيُّوثُ.
عزر: {عزرتموهم}: عظمتموهم، ويقال: نصرتموهم.
(عزر)
فِيهِ ذِكْرُ «عَزْوَر» هِيَ بِفَتْحِ العَين وَسُكُونِ الزَّايِ وَفَتْحِ الْوَاوِ: ثَنيَّةُ الجُحفة عَلَيْهَا الطَّريقُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ. وَيُقَالُ فِيهَا: عَزْوَرا.
(ع ز ر) : (التَّعْزِيرُ) تَأْدِيبٌ دُونَ الْحَدِّ وَأَصْلُهُ مِنْ الْعَزْرِ بِمَعْنَى الرَّدِّ وَالرَّدْعِ (وَالْعَيْزَارُ) فَيْعَالُ مِنْهُ (وَبِهِ كُنِّيَ) وَالِدُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي الْعَيْزَارِ فِي الْفَرَائِض (وَعَزْوَرَى) مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ.
ع ز ر : التَّعْزِيرُ التَّأْدِيبُ دُونَ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَتُعَزِّرُوهُ} [الفتح: 9] النُّصْرَةُ وَالتَّعْظِيمُ وَعُزَيْرٌ عَلَى صِيغَةِ الْمُصَغَّرِ نَبِيُّ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَرَأَ السَّبْعَةُ بِالصَّرْفِ وَتَرْكِهِ. 

عزر


عَزَرَ(n. ac. عَزْر)
a. Blamed, censured, reproached, reprimanded.
b. [acc. & 'An], Prevented, withheld from.
c. see II (b)d. (e).
عَزَّرَa. see I (a)b. Punished, chastised; flogged.
c. Honoured.
d. ['Ala], Constrained, coerced.
e. Aided.

عَزْرa. Rebuke; lecture, scolding.

N. Ac.
عَزَّرَa. see 1
لَا تَعْزِرْنِي
a. Do not reproach me: excuse me.

عَِزْرَائِيْل
H.
a. Azrail: the Angel of Death.
[عزر] التَعْزير: التعظيم والتوقير. والتعزير أيضاً: التأديب، ومنه سمِّي الضرب دون الحدّ تَعْزيراً. وعَزَّرْتُ الحمار: أو قرته. والعيزار: شجر وأبو العيزار: كُنية طائر طويلِ العنق: تراه أبداً في الماء الضحضاح، ويسمى السبيطر. وعزير: اسم ينصرف لخفته وإن كان أعجميا، مثل نوح ولوط، لانه تصغير عزر.
ع ز ر: (التَّعْزِيرُ) التَّوْقِيرُ وَالتَّعْظِيمُ. وَهُوَ أَيْضًا التَّأْدِيبُ وَمِنْهُ التَّعْزِيزُ الَّذِي هُوَ الضَّرْبُ دُونَ الْحَدِّ. وَ (عُزَيْرٌ) اسْمٌ يَنْصَرِفُ لِخِفَّتِهِ وَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا كَنُوحٍ وَلُوطٍ لِأَنَّهُ تَصْغِيرُ (عَزْرٍ) . 
عزر
العَزْرُ والعَزِيْرُ: ثَمَنُ الكَلأ، والجَميعُ: العَزَائر. والعَزْرُ والتَعْزِيْرُ: العِتَاب. والتعْزِيْرُ: النصْرَةُ. وضَرب دوْنَ الحَدَ. والعَيَازِرُ: أسُرٌ في المَحَالَة تُشد بها. وقيل: أجْوَدُ خَشَبِ المَحَال.
والعَيازِيْرُ: بقايا الشجَر، ولا واحد لها. وعَزَرَه على كَذا: أجْبَرَه، عَزْراً.
والكُرْكِي يُكَنى: أبا العنزَار. وضَرْبٌ من أقْدَاح الزجاج يُسمى: العَيْزارِية. وعَيْزَازةُ وعزْرَةُ وعُزَيْرٌ: من أسْماء الرجال. وعَزوَرُ: توضِع.
عزر
التَّعْزِيرُ: النّصرة مع التّعظيم. قال تعالى:
وَتُعَزِّرُوهُ
[الفتح/ 9] ، وقال عزّ وجلّ وَعَزَّرْتُمُوهُمْ
[المائدة/ 12] ، والتَّعْزِيرُ:
ضربٌ دون الحدّ، وذلك يرجع إلى الأوّل، فإنّ ذلك تأديب، والتّأديب نصرة ما لكن الأوّل نصرة بقمع ما يضرّه عنه، والثاني: نصرة بقمعه عمّا يضرّه. فمن قمعته عما يضرّه فقد نصرته. وعلى هذا الوجه قال صلّى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قال: أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ فقال: كفّه عن الظّلم» .
وعُزَيْرٌ في قوله: وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ [التوبة/ 30] ، اسمُ نبيٍّ.
عزر: عَزْرِى: عَزَب، من لا زوج له. (دومب ص267، هلو).
عَزْرِى: سائس، خادم الخيل (همبرت ص198) وفي معجم البربرية في مادة خادم: أعَزْرِى.
عزارة: تأنيب، تعنيف، عبارة مهينة (بوشر).
عزارة: إهانة، وإذلال وخزي يسببه التأنيب والتعنيف. (بوشر).
عازرى: سائس، خادم الإسطبل (شيرب) وفيه الجمع عازِرة.
عازري: معناها في الأصل خادم، ومنه قيل للبعير الذي يحمل الأثقال عازري، ضد فَحْل.
(مجلة الشرق والجزائر السلسة الجديدة 1: 181).
عازرية: امرأة غير متزوجة، وتطلق غالباً على المرأة الفاجرة والعاهرة (شيرب).
عيزران: في ابن البيطار (2: 226): هو الزعرور عند عامَّة ديار بكر وإربل (مخطوطة هـ) وفي مخطوطة أ: عيرران وكذلك في مخطوطة ب في نص الكتاب غير إنه على الهامش عيزران وهذه الكلمة مذكورة أيضاً في المخطوطة (رقم 13) وكذلك عند ابن جزلة، ولم تتضح كتابتها عند الأنطاكي، ولعلها عنده: عين ران كما هي عند سونثيمر.
تَعْزِيرّة: توبيخ، تأنيب، تعنيف. (بوشر).
[عزر] نه: فيه: إن بعث وأنا حي "فسأعزره"، أي أعينه وأوقره وأنصره مرة بعد مرة، وأصل التعزير المنع والرد، فكان نصرته قد رددت عنه أعداءه ومنعتهم من أذاه، ومنه التعزير لتأديب دون الحد لأنه يمنع عن معاودة الذنب، يقال: عزرته وعزرته، فهو من الأضداد. ومنه ح سعد: أصبحت بنو أسد "تعزرني" على الإسلام، أي توقفني عليه، وقيل: توبخني على التقصير فيه. ك: أي تؤدبني وتعلمني الصلاة والأحكام وتعيرني بأني لا أحسنها لقد خبت إذن من الخيبة، أي أن أحتاج إلى تعليمهم فقد خبت وضل عملي فيما مضى من صلاتي معه صلى الله عليه وسلم، وكانوا أي بنو أسد وشوا إلى عمر أي عابوه في صلاته، وقيل: أراد به عمر إذ هو من بني أسد. ن: أي تعزرني بنو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد. ط: على الإسلام أي الصلاة، خبت إذن أي مع سابقتي في الإسلام إذا لم أحسن الصلاة وأفتقر إلى تعليمهم كنت خاسرًا. مد: "وآمنتم برسلي و"عزرتموهم"" عظمتموهم أو نصرتموهم برد الأعداء عنهم.
عزر
عزَّرَ يعزِّر، تعزيرًا، فهو مُعَزِّر، والمفعول مُعَزَّر
• عزَّره:
1 - عظَّمه ووقَّره " {لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ} ".
2 - أيَّده، أعانه وقوَّاه ونصره "عزَّر الولدُ أباه- عزَّرتِ المرأةُ زوجَها- {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا} ".
• عزَّر القاضي المذنبَ: عاقبه بما دون الحدِّ الشَّرعيّ، لامَه، أدَّبه. 

تعزير [مفرد]:
1 - مصدر عزَّرَ.
2 - (قن) تأديب لا يبلغ الحدّ الشرعيّ، كتأديب من شتم بغير قذف. 

عُزَيْر [مفرد]: (انظر: ع ز ي ر - عُزَيْر). 
بَاب العزر

أخبرنَا أَبُو عمر عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ العزر التَّأْدِيب بالفقه وَالْعلم وَمِنْه قَول سعد صَحِبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ هَؤُلَاءِ أهل الْكُوفَة يعزرونني أَي يعلمونني الْفِقْه وَالْأَدب قَالَ وَقَالَ ابْن عَبَّاس العزر النَّصْر بِالسَّيْفِ والعزر التوقير والتبجيل والعزر الضَّرْب دون الْحَد والعزر النَّصْر بِاللِّسَانِ أَيْضا قَالَ الْفراء الشبر الْعَطِيَّة وَقد حَرَكَة العجاج فَقَالَ

الْحَمد لله الَّذِي أعْطى الشبر

والشبر الْقد تَقول الْعَرَب مَا أطول شبره وَمَا أقصر شبره أَي قده قَالَ ابْن خالويه الشبر كِرَاء الْفَحْل على ضرابه وعسب الْفَحْل مثله وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُمَا والشبر النِّكَاح وَمِنْه قَول يحيى بن يعمر لرجل خاصمته امْرَأَته أإن سَأَلتك ثمن شكرها وشبرك أنشأت تطلها وتضهلها تطلها تبطل حَقّهَا وتضهلها تنقصها وَأخْبرنَا أَبُو عمر عَن ثَعْلَب عَن أبي نصر عَن الْأَصْمَعِي قَالَ الأزر الْقُوَّة والأزر الظّهْر والأزر الضعْف

عزر

1 عَزَرَهُ, aor. ـِ inf. n. عَزْرٌ, He prevented, hindered, withheld, or forbade, him; (Mgh, * O, K, * TA;) and turned him away, or back; (Mgh, * O, TA;) عَنِ الشَّىْءِ from the thing: this is the primary signification, from which others, mentioned in the next paragraph, are derived. (TA.) See 2, in eight places. b2: And عَزَرْتُ البَعِيرَ. inf. n. عَزْرٌ, I tied a cord upon the خَيَاشِيم [app. meaning the upper parts of the nostrils] of the camel, and then put medicine into his mouth. (O, TA.) b3: And عَزَرَ المَرُأَةَ, (TA,) inf. n. as above, (K,) He compressed the woman. (K, * TA.) 2 عزّرهُ, (O, TA,) inf. n. تَعْزِيرٌ, (S, O, K, TA,) He disciplined, chastised, corrected, or punished, him; (S, O, TA;) meaning he did to him that which should turn him away, or back, from evil, or foul, conduct. (Ibráheem Es-Seree, O, * TA.) b2: And hence, (S,) He inflicted upon him a beating, or flogging, less than that prescribed by the law; (S, M, Mgh, * O, Msb, * K;) as also ↓ عَزَرَهُ, inf. n. عَزْرٌ: (TA: but only the inf. n. of the latter verb in this sense is there mentioned:) because it prevents the criminal from returning to disobedience: but whether this meaning belong only to the conventional language of the law or be implied in the proper signification, is disputed: (TA:) or he beat, or flogged, him with the utmost vehemence: (M, K:) or تَعْزِيرٌ signifies [simply] the act of beating. (A.) And one says, ضَرَبَهُ تَعْزِيرًا, meaning He beat him moderately; not exceeding the ordinary bounds. (TA in art. حل.) b3: Also He constrained him against his will, عَلَى

الأَمْرِ to do the thing, (O, K, *) and taught him by forbidding him to return to the doing of that which was at variance therewith; and so ↓ عَزَرَهُ: (IAar, O:) and he taught him the فَرَائِض and أَحْكَام [or obligatory statutes or ordinances of God]; (O;) or التَّعْزِيرُ, (Az, L,) or ↓ العَزْرُ, (K,) signifies the teaching [one] (Az, L, K) religion, (Az, L,) or بَاب الدِّين [i. e. the declaration of belief in the unity of God and in the mission of Mohammad] and the فَرَائِض and أَحْكَام. (L, K.) b4: And He blamed, censured, or reproved, him; as also ↓ عَزَرَهُ, aor. ـِ inf. n. عَزْرٌ. (K.) b5: And He aided, or assisted, him; as also ↓ عَزَرَهُ, inf. n. as above: (K, * TA:) and he strengthened him; (K, * TA;) and so ↓ عَزَرَهُ, inf. n. as above. (TA.) He aided him against his enemy, or enemies, by repelling the latter; (O, TA;) as also ↓ عَزَرَهُ, aor. ـِ and عَزُرَ, but the former is the more chaste, inf. n. as above: (O:) or he did so time after time: or with the sword. (O, TA.) b6: And He treated him with reverence, veneration, respect, or honour; (S, A, O, Msb, K;) and so ↓ عَزَرَهُ, aor. ـِ and عَزُرَ, inf. n. as above. (O.) b7: Also He abased him; rendered him abject, vile, despicable, or ignominious: thus it has two contr. significations. (B, TA.) b8: And He loaded him, namely, an ass. (S.) عِزْرَائِيلُ, as some write it, or, as others, عَزْرَائِيلُ, [The Angel of Death;] a certain angel, well known. (MF.) عَيْزَارٌ A species of trees. (S, O, L, K.) A2: أَبُو العَيْزَارِ the surname of A certain long-necked bird, which one always seees in shallow water, (S, O, K, *) called the سَبَيْطَر: (S, O:) or it is the كُرْكِىّ [or Numidian crane]. (K.)
 باب العين والزاي والراء معهما ع ز ر- ع ر ز- ز ع ر- ز ر ع مستعملات ر ع ز- ر ز ع مهملان

عزر: العَزِيرُ: ثمن الكلأ، ويجمع على عزائر. إذا حُصِدَتِ الحصائدُ بيعت مراعيها. وعزائرها والتّعزيرُ: ضربٌ دونَ الحّد. قال :

وليس بتَعْزيرِ الأميرِ خَزايَةٌ ... عليَّ إذا ما كُنْتُ غَيْرَ مُريب

والتعزير: النّصرة. عُزَيْرٌ: اسم. عَيْزارٌ اسم. عرز: العارز: العاتب. قال الشّماخ :

وكلّ خليلٍ غَيْرِ هاضِمِ نفسِه ... لِوصلِ خليلٍ صارمٌ أو مُعارِزُ

وتقول: استعرز عليّ، أي: استصعب. والعَرْزُ واحدتها بالهاء، من الشّجر من أصاغر الثُّمام وأدقِهِ، ذات ورق صغار متفرق، وما كان من شجر الثمام من ضروبه فهو ذو أماصيخ، أُمْصُوخة في أُمْصُوخة إذا امتُصِخَت انقلعتِ العُليا من جوف السُّفلى انقلاعَ العِفاص من رأسِ المُكْحُلة. والتَّعريز كالتعريض في الخصومة. ويقال: العَرْز: اللّوم. قال مزاحم: التعريز: التّوذير ، وإفساد وإفساد الشيء وتعييبه. أعرز الله منه، أي: أعوز منه وأفقده وعيّب شخصه. وعرّز منه بمعناه ويقال: التعريز: الخسف والإعواز، أعرز الله به، أي: خسف به.

زعر: الزَّعَرُ: قلة شعر الرأس، وقلّة ريش الطائر وتَفَرُّقُهُ، إذا ذهب أطوله وبقي أقصره وأردؤه، قال علقمة :

كأنها خاضب زُعْر قوادمُها

يقال: زَعِرَ يَزْعَرُ زَعَراً، وازعارّ ازعيراراً. والزَّعارَّةُ، الرّاء شديدة، شراسة في خلق الرجل، لا يكاد ينقاد، ولا يلين، ولا يعرف منه فعلٌ وليس لها نظائر إلاّ حَمارّة القيظ، وصَبارّة الشتاء، وعبالّة البقل، ولم أسمع منه فاعلا ولا مفعولا، ولا مصروفا في وجوه.والزُّعْرُورُ: شجرٌ، الواحدة بالهاء تكون حمراء ثمرتها، وربّما كانت صفراء نواتها كنواة النّبق في الصّلابة والاستدارة، إلاّ أنّها مطبقة تكون اثنتين في ثمرة واحدة، ونواة النبق واحدة أبداً.

زرع: زُرْعة من أسماء الرّجال، وكذلك زُرَيعْ. والزَّرْع: نبات البُرّ والشعير. الناس يحرثونه والله يَزْرَعُه، أي: ينميه حتى يبلغ غايته وتمامه. ويقال للصبيّ: زَرَعَه الله أي: بلّغه تمام شبابه. والمُزْدَرِعُ: الذي يزرع، أو يأمر بحرث زرع لنفسه خصوصا. دخلته الدّال بدل تاء مفتعل، كما يقال: اجدمعوا واجتمعوا. قال شجاع: المُزْدَرَعْ: الأرض التي يُزْرَعُ فيها. قال :

فاطلب لنا منهم نخلا ومُزْدَرَعاً ... كما لجيراننا نخل ومُزْدَرَعُ

والمزارع: الزارع. والمزارع الذي يزرع أرضه.
ع ز ر
. العَزْرُ: اللَّوْمُ، يُقَال: عَزَرَه يَعْزِرُه، بالكَسْر، عَزْراً، بالفَتح، وعَزَّرَهُ تَعْزِيراً: لامَهُ ورَدَّهُ.
والعَزْرُ، والتَّعْزِيرُ: ضَرْبٌ دُونَ الحَدِّ، لمَنْعِهِ الجَانِيَ عَن المُعاوَدَةِ، ورَدْعِهِ عَن المَعْصِيَة. قَالَ:
(ولَيْسَ بَتْعِزيرِ الأَمِيرِ خَزَايَةٌ ... عَلىَّ إِذَا مَا كُنْتُ غَيْرَ مُرِيبِ) أَو هُوَ أَشَدُّ الضَّرْبِ. وعَزَّرَهُ: ضَرَبَه ذَلِك الضَّرْبَ، هَكَذَا فِي المُحْكَم لابْن سِيدَه. وَقَالَ الشَّيْخُ ابنُ حَجَر المَكّيُّ فِي التُّحْفَة على المِنْهَاج: التَّعْزِيرُ لُغَةً من أَسْمَاءِ الأَضْداد، لأَنَّه يُطْلَقُ على التَّفْخِيمِ والتَّعْظِيمِ، وعَلى أَشدِّ الضَّرْبِ، وعَلى ضرْبٍ دُونَ الحَدِّ، كَذَا فِي الْقَامُوس. والظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الأَخيرَ غَلطٌ، لأَنَّ هَذَا وَضْعٌ شَرْعِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ، لأَنّه لم يُعْرَفْ إِلاّ من جِهَة الشَّرْع، فكَيْفَ يُنْسَبُ لأَهْلِ اللُّغَةِ الجاهِلينَ بذلِكَ من أَصْلِه: وَالَّذِي فِي الصّحاح بَعْدَ تَفْسِيره بالضَّرْب: ومنهُ سُمِّىَ ضَرْبُ مادُونَ الحَدِّ تَعْزِيراً. فأَشَارَ إِلى أَنَّ هَذِه الحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ منقولَةٌ عَن الحَقِيقَةِ اللُّغَوِيّة بزِيادةِ قَيْدٍ، وَهُوَ كَوْنُ ذَلِك الضَّرْبِ دُونَ الحَدِّ الشَّرْعِيّ، فَهُوَ كلَفْظِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ ونَحْوِهما المَنْقُولَة لوُجُودِ المَعْنَى اللُّغَوِيّ فِيهَا بزِيَادَةِ. وَهَذِه دَقِيقةٌ مُهِمَّة تَفَظَّن لَهَا صاحبُ الصّحاح، وغَفَل عَنْهَا صاحِبُ الْقَامُوس. وَقد وَقعَ لَهُ نَظِيُر ذَلِك كَثِيراً. وكُلّه غَلَطٌ يَتَعَيَّن التَّفطُّنُ لَهُ. انْتهى. وَقَالَ أَيضاً فِي التُّحْفَة فِي الفِطْرَة: مُولَّدةٌ، وأَمّا مَا وَقَعَ فِي القَاموسِ من أَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ فغَيْرُ صَحيح، ثمّ سَاق عِبارَةً: وَقَالَ: فأَهْلُ اللُّغَة يَجْهَلونَه، فَكيف يُنْسَبُ إِليهم. ونظيرُ هَذَا مِنْ خَلْطِه الحَقَائقَ الشَّرْعِيّةَ بالحَقَائقِ اللُّغَوِيّةِ مَا وَقَع لَهُ فِي تَفْسِير التَّعْزِيرِ بأَنَّه ضَرْبٌ دُونَ الحَدِّ.
وَقد وَقَع لَهُ مِنْ هَذَا الخَلْطِ شئٌ كثيرٌ، وكُلُّه غَلَطٌ يجب التَّنْبِيه عَلَيْهِ. وَكَذَا وَقَعَ لَهُ فِي الرُّكُوعِ والسُّجُودِ فإِنَّه خَلَط الحَقِيقةَ الشّرْعيّةَ باللُّغَوِيّةِ انْتهى. قلتُ: وَقد نَقَلَ الشِّهَابُ فِي شَرْح الشِّفاءِ العِبَارَة الأُولَى الَّتِي فِي التَّعْزير بِرُمَّتِهَا، ونَقَلَه عنهُ شَيْخُنَا بنَصّ الْحُرُوف، وزادَ الشِّهَابُ عِنْد قَوْله: فَكيف يُنْسَب، الخ: قَالَ شيخُنَا ابْن قَاسم: لَا يُقَالُ: هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ الواضِعَ هُوَ الله تَعَالَى، لأَنَّا نَقولُ: هُوَ تَعَالَى إِنّمَا وَضَعَ اللُّغَةَ باعْتِبَارِ تَعَارُفِ الناسِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَن الشَّرْعِ.
انْتهى. قَالَ شيخُنَا: ثُمَّ رَأَيتُ ابنَ نُجَيْم نَقلَ كَلَام ابنِ حجَرٍ فِي شَرْحِهِ على الكَنْزِ المُسَمَّى بالنَّهْر الفَائق برُمَّتِه، ثمَّ قَالَ: وأَقُولُ: ذَكَرَ كثيرٌ من العُلماءِ أَنّ صاحبَ الْقَامُوس كثيرا مَا يَذْكُرُ المَعْنى الاصْطِلاحيّ مَعَ اللغِويّ، فلِذلك لَا يُعْقد عَلَيْهِ فِي بَيَان اللُّغَة الصِّرْفة. ثمَّ مَا ذكرهُ فِي الصّحاح أَيضاً لَا يكون مَعنىً لُغَوِياً على مَا أَفادَ صاحِبُ الكَشَّاف فإِنّه قَالَ: العَزْرُ: المَنعُ، وَمِنْه التَّعْزِير،)
لأَنه مَنْعٌ عَنْ مُعَاوَدَة القبِيح. فعَلى هَذَا يكون ضَرْباً دُونَ حَدٍّ، مِنْ إِفرادِ المَعنَى الحَقِيقيّ، فَلَا وُرُودَ على صاحِب القامُوس فِي هَذِه المادَّة. انْتهى. قَالَ شيخُنَا: قُلْتُ: وَهَذَا من ضِيق العَطَنِ وعَدَم التمْيِيز بَين المُطْلَقِ والمُقيَّدِ. فتأَمّل. قلتُ: والعَجَبُ مِنْهُم كيْفَ سَكَتُوا على قَوْلِ الشَّيْخ ابنِ حَجَر، وَهُوَ: فكَيْفَ يُنْسَبُ لأَهْلِ اللُّغةِ الجاهلِينَ بذلك مِنْ أَصْله: فإِنّه إِنْ أَرادَ بأَهْلِ اللُّغَة الأَئمةَ الكِبَارَ كالخَلِيلِ والكِسَائيّ وثَعْلَب وأَبِي زَيْدٍ والشِّيْبَانِيّ وأَضْرابهم، فلَمْ يَثْبُت ذَلِك عَنْهُم خَلْطُ الحَقَائق أَصْلاً، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْد من طالَع كتاب العَيْن والنوادِر والفَصِيح وشُرُوحَه وغَيْرَها.
وإِنْ أَرادَ بهم مَنْ بَعْدَهُم كالجَوْهرِيّ والفارَابِيّ والأَزْهَريّ وَابْن سِيدَه والصّاغانِيّ، فإِنّهُم ذَكَرُوا الحَقَائِقَ الشَّرْعيَّة المُحْتَاجَ إِلَيْهَا، ومَيَّزُوها من الحَقَائقِ اللُّغَوِيّة إِمّا بإِيضاح، كالجوهَرِيّ فِي الصِّحَاح، أَو بإِشارَة، كبيَانِ العِلَّة الَّتِي تُمَيِّز بَينهمَا، وتارَةً بِبَيَان المَأْخَذِ والقَيْدِ، كابنِ سِيدَه فِي المُحْكَم والمُخَصّص، وابنِ جِنِّى فِي سِرِّ الصناعَةِ، وابنِ رَشِيق فِي العُمْدَةِ، والزَّمَخْشَرِيِّ فِي الكَشَّاف. وكَفاكَ بواحدٍ مِنْهُم حُجَّةً للمُصَنّف فِيما رَوَى ونَقَل. والمَجْدُ لمَّا سَمَّى كِتَابه البَحْر المُحِيط تَرَك فِيهِ بَيَانَ المآخِذِ وذِكْر العِلَلِ والقُيُودات الَّتي بهَا يَحْصُل التَّمْيِيزُ بَين الحَقِيقَتَيْن، وَكَذَا بَيْنَ الحَقِيقَةِ والمَجَازِ، لِيَتِمَّ لَهُ إِحاطَةُ البَحْرِ فَهُوَ يُورِدُ كَلامَهم مُخْتَصَراً مُلْغزاً مَجْمُوعاً مُوجَزاً، اعْتِمَاداً على حُسْنِ فَهْمِ المُتَبَصِّرِ الحاذِقِ المُمَيِّزِ بَين الْحَقِيقَة والمَجَازِ وبَيْنَ الحقائقِ، ومُرَاعَاةً لسُلُوك سبِيلِ الاخْتِصَار الَّذِي راعاه، واسْتِغراقِ الأَفْرَاد الّذِي ادَّعَاه. وَقَوله: وَهِي دَقِيقَة مهمّة تَفْطَّنَ لَهَا صاحِبُ الصِّحَاح وغَفَلَ عَنْهَا صاحبُ القاموسِ قلتُ: لم يَغْفَلْ صاحِبُ القامُوسِ عَن هَذِه الــدَّقِيقَة، فإِنّه ذَكَرَ فِي كِتَابه بَصائر ذَوِي التَّمْيِيز فِي لَطَائِف كتابِ الله العَزِيز مُشِيراً إِلى ذَلِك بقَوْلِه مَا نَصُّه: التَّعْزِيرُ: من الأَضداد، يكونُ بمَعنَى التَّعْظِيم وبمَعْنَى الإِذْلال، يُقَال: زمانُنا العَبْدُ فِيهِ مُعزَّرٌ مُوَقَّر، والحُرّ فِيهِ مُعزَّرٌ مُوَقَّر، الأَوّلُ بمعنَى المنْصُورِ المُعَظَّم، والثانِي بمَعْنَى المضْرُوبِ المُهَزَّم. والتَّعْزِيرُ دُونَ الحَدّ، وَذَلِكَ يَرْجِع إِلى الأَوَّلِ لأَنّ ذَلِك تَأْدِيبٌ، والتَأْدِيب نُصْرَةٌ بقهْر مَا. انْتهى. فالظَّاهِرُ أَنّ الذِي ذَكَرَهُ الشيخُ ابنُ حَجَر إِنَّمَا هُوَ تَحامُلٌ مَحْضٌ على أَئمةِ اللُّغَة عُمُوماً، وعَلى المَجْدِ خُصوصاً، لتَكْرارِه فِي نِسْبتهم للجَهْل فِي مَواضِعَ كَثِيرَة من كِتَابه: التُّحْفَة، على مَا مَرَّ ذِكْرُ بَعْضِها. وشَيْخُنا رَحمَه الله تَعَالَى لمَّا رَأَى سَبِيلا للإِنكار على المَجْدِ كَمَا هُوَ شِنْشِنَتُه المَأْلُوفَةُ سَكَتَ عَنهُ، وَلم يُبْدِ لَهُ الانْتِصَارَ، وَلَا أَدْلَى دَلْوَه فِي الخَوْضِ، كأَنَّه مُرَاعَاةً للاختصار. واللهُ يَعْفُو عَن الجَمِيع، ويَتَغَمَّدُهم برَحْمتِه، إِنّه حَلِيمٌ سَتّار.)
والتَّعْزيرُ أَيْضاً: التَّفْخِيم والتَّعْظِيمُ فَهُوَ، ضِدّ، صَرَّحَ بِهِ الإِمامُ أَبو الطَّيِّب فِي كتاب الأَضداد وغَيْرُه من الأَئمة. وَقيل: بَين التَأْدِيب والتَفْخِيم شِبْهُ ضِدّ. والتَّعْزِيرُ: الإِعَانَة، كالعَزْرِ، يُقَال: عَزَرَه عَزْراً وعَزَّرَه تَعْزِيراً، أَي أَعانَه. والتَّعْزِيرُ: التَّقْوِيَةُ، كالعَزْرِ أَيضاً. يُقَال: عَزَرَه وعَزَّرَه، إِذا قَوّاهُ. والتَّعْزِير: النَّصْرُ بِالسَّيْفِ، كالعَزْرِ أَيضاً، يُقَال: عزَرَهُ وعَزَّرَه، إِذَا نَصَرَهُ، قَالَ الله تَعَالَى: وتُعَزِّرُوهُ جاءَ فِي التَّفْسِير: أَي لِتَنْصُرُوه بالسَيْف: وعَزَّرُْتُموهُم عَظَّمْتُموهُم. قَالَ إِبراهيمُ بن السَّرىّ: وَهَذَا هُوَ الحقُّ، وَالله أَعلم، وَذَلِكَ لأَنْ العَزْر فِي اللُّغَة الرَّدُّ والمَنْعُ، وتأْويل: عَزَرْتُ فُلاناً، أَي أَدَّبْتُه، إِنّما تأْويلُه فَعلْتُ بِهِ مَا يَرْدعُهُ عَن القَبيح، كَمَا أَنّ نَكَّلْتُ بِهِ تَأْويلُه فَعلْتُ بِهِ مَا يجبُ أَن يَنْكُلَ مَعَهُ عَن المُعَاوَدَة، فتَأْويلُ عَزَّرْتُمُوهُم: نَصرْتُموهم بأَنْ تَرُدُّوا عَنْهُم أَعْداءَهم، وَلَو كانَ التَّعْزيرُ هُوَ التَّوْقيرَ لَكَانَ الأَجْوَدُ فِي اللّغة الاستغناءَ بِهِ. والنُّصْرَة إِذا وَجَبَتْ فالتَّعْظِيمُ داخلٌ فِيهَا، لأَن نُصْرَةَ الأَنبياءِ هِيَ المُدَافَعَةُ عَنْهُم، والذَّبُّ عَن دِينهم، وتَعْظيمُهم وتَوْقيرُهم. والتَّعزيرُ فِي كلامِ العرَب: التَّوقير، والنَّصْرُ باللّسان والسَّيْف، وَفِي حَدِيث المبْعَث قَالَ وَرَقَةُ بنُ نَوْفَل: إِنْ بُعِث وأَنا حَيٌّ فسَأُعَزِّرُه وأَنْصُرُه، التَّعزير هُنَا: الإِعانَةُ والتَّوْقِير والنَّصْر مَرَّةً بعد مَرَّة. والعَزْر عَن الشيءِ كالضَّرْبِ: المنْعُ والرَّدُّ، وَهَذَا أَصْل مَعْناه. وَمِنْه أُخِذ مَعْنَى النَّصْرِ، لأَنّ مَنْ نَصَرْتَه فقد رَدَدْت عَنهُ أَعْدَاءَه ومَنَعْتهم من أَذاه وَلِهَذَا قيل للتَأْدِيب الّذِي دُونَ الحدّ: تعْزِيرٌ، لأَنّه يَمْنَعُ الجَانِيَ أَنْ يُعَاوِدَ الذَّنْبَ. وَفِي الأَبْنِيَةِ لابْنِ القطّاع: عَزَرْتُ الرَّجُلَ عَزْراً: مَنَعْتَه من الشيْءِ. والعَزْرُ: النِّكَاحُ، يُقَال: عَزَرَ المَرْأَةَ عَزْراً، إِذا نَكَحَها.
والعَزْرُ: الإِجْبَارُ على الأَمْرِ. يُقال: عَزَرَهُ على كَذَا، إِذَا أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ، أَوْرَدَه الصاغانيّ.
والعَزْرُ: التَّوْقيفُ على بابِ الدِّين، قَالَ الأزهريّ: وحديثُ سَعْدٍ يَدُلّ على ذَلِك، لأَنّه قَالَ: قدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ الله صلَّى الله عَلَيْهِ وسلّم وَمَا لنا طَعَامٌ إِلا الحُبْلَةَ ووَرَقَ السَّمُرِ، ثمَّ أَصْبحَتْ بَنو أَسَدٍ تُعَزِّرُني على الإسلامِ، لقد ضَلَلْتُ إِذاً وخابَ عَملِي، أَيَ تُوَقِّفني عَليْه. وَقيل: تُوَبِّخُني على التَقْصِير فِيهِ. والتَّعْزيرُ: هُوَ التَّوْقِيفُ على الفرائضِ والأَحْكَام، وأَصْلُه التَّأْدِيبُ وَلِهَذَا يُسَمَّى الضَّرْب دونَ الحَدّ تعزيراً، إِنما هُوَ أَدبٌ، يُقَال: عَزَرْتُه وعَزَّرْتُه. والعَزْر: ثَمَنُ الكَلإِ إِذا حصِدَ وبِيعَتْ مَزارِعُه، كالعَزِيرِ، على فَعِيلٍ، بلُغة أَهلِ السَّوَادِ، الأَخيرُ عَن اللَّيْث، والجَمْعُ العَزَائرُ، يَقُولُونَ: هَلْ أَخذْتَ عَزِيرَ هَذَا الحَصِيدِ أَي هَل أَخذْتَ ثَمن مَرَاعِيها، لأَنهم إِذا حَصَدُوا باعُوا مَرَاعيَهَا. والعَزائرُ والعَيَازِرُ: دُونَ العِضَاهِ وفَوْقَ الدِّقِّ، كالثُّمَام والصَّفْراءِ)
والسَّخْبَرِ. وَقيل أُصولُ مَا يَرْعَوْنَه من شَرِّ الكلإِ، كالعَرْفجِ والثُّمَامِ والضَّعَةِ والوَشِيجِ والسَّخْبَرِ والطَّرِيفَة والسَّبَطِ، وَهُوَ شَرّ مَا يَرْعَوْنه. والعَيَازِرُ: العِيدَانُ، عَن ابنِ الأَعْرابيّ. والعَيَازِيرُ: بَقايَا الشَّجَرِ، لَا وَاحِدَ لَهَا، هَكَذَا أَورده الصاغانيّ. والعَيْزارُ: الصُّلْبُ الشَّدِيدُ من كلِّ شئٍ، عَن ابْن الأَعرابيّ. وَمِنْه يُقال: مَحَالَةٌ عَيْزَارَة، إِذا كانتْ شدِيدَةَ الأَسْرِ، قد عَيْزَرَهَا صاحِبُها. وأَنشد أَبو عَمْروٍ:
(فابْتَغِ ذاتَ عَجَلٍ عَيازِرَاً ... صَرَّافَةَ الصَّوْتِ دَمُوكاً عاقِرَا)
والعَيْزار أَيضاً: الغُلامُ الخَفِيف الرَّوحِ النَّشِيطُ، وَهُوَ اللَّقِنُ الثَّقِفْ اللَّقْفِ، هَكَذَا فِي التَكْمِلَة، وَزَاد فِي اللِّسَان: وَهُوَ الرِّيشَةُ والمُمَاحِلُ والمُمَانِي. والعَيْزَارُ: ضرْبٌ من أَقْدَاحِ الزُّجاجِ، كالعَيْزَارِيَّة الأَخِيرَةُ فِي التكملة، وهُمَا جَميعاً فِي اللّسَان. والعَيْزارُ شَجَرٌ، فِي اللّسَان: وَهُوَ ضَرْبٌ من الشَّجَرِ، الواحِدَة عَيْزَارَةٌ. وَفِي الصّحَاح: أَبو العَيْزار كُنْيَة طَائِر طَوِيل العُنُقِ ترَاهُ فِي الماءِ الضَّحْضاح أَبَداً، يُسَمَّى السَّبَيْطَرَ، أَو هُوَ الكُرْكِيّ. وَقَالَ أَبو حَنيفة: العَوْزَرُ: نَصِىُّ الجَبَلِ، قَالَ: كَذَا نُسَمِّيه، وأَهلُ نَجْدٍ يُسَمُّونَه النَّصِىَّ، هَكَذَا أَوْرَدَه الصاغانِيُّ. وعَيْزَارٌ وعَيْزَارَةُ، بفتحهما، وعَزْرَةُ، كطَلْحَةَ، وعَزْرارٌ، كسَلْسالٍ، هَكَذَا بالراءِ فِي آخِره، وَفِي بعض الأُمهات: عَزْرَان، كسَحْبَانَ، ولعَلَّه الصّوابُ وَكَذَا عازِرٌ كقاسِمٍ وهاجَرَ: أَسماءٌ. والعَزْوَرُ، كجَعْفَر: السَّيِّئُ الخُلُقِ، كالعَزَوَّر، كعمَلَّس والحَزَوَّر. وَقد تقدّم. والعَزْوَر: الدَّيُّوثُ، وَهُوَ القَوَّاد. والعَزْوَرَةُ بهاءٍ: الأَكمةُ، قَالَ ابْن الأَعْرَابِيّ: هِيَ العَزْوَرَةُ والحَزْوَرَة والسَّرْوَعَةُ والقائِدَةُ: للأَكمَةِ. وعَزْوَرَةُ، بِلَا لامٍ: ع، قُرْبَ مَكَّةَ زِيدَتْ شرَفاً. وَقيل: هُوَ جَبَلٌ عَن يَمْنَةِ طَرِيق الحاجِّ إِلى مَعْدِن بني سُلَيم، بَينهمَا عَشَرَةُ أَمْيَال، أَو عَزْوَرة: ثَنِيَّةٌ المَدَنِيِّينَ إِلى بَطْحَاءِ مَكَّةَ، زِيدَتْ شرَفاً. وَفِي الحَدِيث ذِكْر عَزْوَر كجَعْفَر، وَهُوَ ثَنَّيةُ الجُحْفَة، وَعَلَيْهَا الطَّرِيقُ من المَدِينَة إِلى مَكَّة، وَيُقَال فِيهِ عَزُورَا.
وعازَرُ، كهاجَرَ: اسمُ رَجُل أَحْياه سيّدنا عِيسَى عَلَيْه السَّلام وعُزَيرٌ، تَصْغِير عَزْر: اسْم نَبِيّ مُخْتَلَف فِي نُبوَّته، يَنصرِفُ لِخِفَّته وإِنْ كَانَ أَعْجَمِيّاً، مثل لُوط ونُوح، لأَنَّه تصْغِير عَزر. وقيْس بنُ العَيْزَارَةِ، وَهِي أَي العَيْزَارَةُ اسْم أُمّه: شاعِرٌ من شُعَرَاءِ هُذَيْل، وَهُوَ قيْسُ بنُ خُوَيْلِد. وممّا يُسْتَدرك عَلَيْهِ: عَزَرْتُ البَعِيرَ عَزْراً: شَدَدْتُ على خَياشِيمهِ خَيْطاً ثمَّ أَوْجَرْتُه. وعَزَّرْتُ الحِمَارَ: أَوْقرْتُه. ومُحَمّدُ بنُ عَزّارِ بن أَوْسِ بن ثعْلبة، ككتّان، قَتله مَنْصُورُ بنُ جُمْهُورٍ بالسِّند. ويَحْيَى بن عُقْبَة بن أَبي العَيْزَارِ، عَن محَمّد بن جحادة، ضَعَّفه يحيى بن مُعين. ومُحَمّد بن أَبي الْقَاسِم)
بن عَزْرة الأَزْدِيّ، راويةٌ مَشْهُور. وعُزَيرُ بنُ سُلَيْم العامِرِيّ النَّسَفي، وعُزَيرُ بن الفَضْل وعُزَيْرُ بنُ عبدِ الصَّمَد. وحِمَارُ العُزَيْر هُوَ أَحْمَدُ بن عُبَيْد الله الأَخْبَاريّ. وعَبْدُ الله بنُ عُزَيْر السَّمَرقَنْدِيّ. وعَبّاسُ بن عُزَيْرٍ، وعُزَيْرُ بنُ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانيّ، وحَفيده عُزَيْرُ بن الرَّبِيع بنِ عُزَيْر، ونافِلَتُه مَحْفُوظُ بنُ حامِدِ بنِ عبدِ المُنْعِم بن عُزَيْر: مُحَدِّثون. واسْتَدْرَك شَيْخُنَا عِزْرائِيلَ، ضَبَطُوه بالكَسْر والفَتْح: مَلَكٌ مشهورٌ، عَلَيْهِ السَّلَام. قلتُ: والعَيَازِرَةُ: قَرْيَةٌ باليَمَنِ، وَمِنْهَا القاضِي العَلاّمةُ أُستاذُ الشُّيُوخِ الحَسَنُ بنُ سَعِيد العَيْزَريِنِيّ، من قُضَاة الحَضْرَة الشَّرِيفَة أَبي طالِب أَحْمَدَ بنِ القَاسمِ مَلِكِ اليَمَنِ، تُوُفِّى بالعَيازِرَة سنة.
ع ز ر

زمانك العبد فيه معزز موقر، والحرّ معز موقر؛ الأول بمعنى المنصور العظم والثاني بمعنى المضروب المهزم، من قوله:

فويلمّ بزّجرّ شعلٌ على الحصى ... فوقر بزّ ما هنالك ضائع
الْعين وَالزَّاي وَالرَّاء

العَزْرُ: اللوم.

وعَزَرَهُ يَعْزِرُهُ عَزْراً، وعَزَّرَهُ: رده.

والتَّعْزِيرُ: ضرب دون الْحَد، لمَنعه من المعاودة، وردعه عَن الْمعْصِيَة. قَالَ:

ولَيْس بتَعْزِيرِ الأمِيرِ خَزَايَةٌ ... عَليَّ إِذا مَا كُنْتُ غَيرَ مُرِيبِ

وَقيل: هُوَ أَشد الضَّرْب. وعَزَّرَه: ضربه ذَلِك الضَّرْب. وعَزَّرَهُ: فخمه وعظمه، فَهُوَ نَحْو الضِّدّ.

وعَزَرَه عَزْراً، وعَزَّرَهُ: أَعَانَهُ وَقواهُ وَنَصره. وَقيل: نَصره بِالسَّيْفِ. وعَزَرَ الْمَرْأَة عَزْراً: نَكَحَهَا. وعَزَرَهُ عَن الشَّيْء: مَنَعَه.

والعَزْرُ والعَزِير: ثمن الْكلأ إِذا حصد وبيعت مزارعه، سوادية.

والعَزائر والعَيازِر: دون العضاه، وَفَوق الدق، كالثمام والصفراء والسخبر. وَقيل: أصُول مَا يرعونه من شَرّ الْكلأ، كالعرفج، والثمام، والضعة، والوشيج، والسخبر، والطريفة، والسبط، وَهُوَ شَرّ مَا يرعونه. والعَيزار: الصلب الشَّديد من كل شَيْء، عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَأنْشد:

فابْتَغِ ذاتَ عَجَلٍ عَيازِرَا

والعَيزارُ والعيزارِيَّة: ضرب من أقداح الزّجاج. والعَيازِر: العيدان، عَن ابْن الْأَعرَابِي. والعَيزار: ضرب من الشّجر. الْوَاحِدَة عَيزارَة.

والعَوْزَرُ: نصي الْجَبَل، عَن أبي حنيفَة.

وعَيزارة، وعَيزارُ، وعَزْرَةُ، وعازَر، وعَزْران: أَسمَاء. والكركي يكنى: " أَبَا العَيزَار ".

أبر

أبر أَمر قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يُقَال: لُقِحت للواحدة خَفِيفَة ولقِّحت للْجَمِيع بالتثقيل إِذْ كَانَ جمَاعَة شدد وخفف وَإِذا كَانَ وَاحِدًا لم يكن إِلَّا بِالتَّخْفِيفِ وأبرت بِالتَّشْدِيدِ ويُقَال: أَبَرْتُ النّخل فَأَنا أبرِها [أْبرا -] وَهِي نخل مأبورة. وَمِنْه الحَدِيث الْمَرْفُوع: من بَاعَ نخلا قد أُبِّرت فثمرتها للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع. وَيُقَال أَيْضا: ائتبرت عيري إِذا سَأَلْتُهُ أَن يأبُر لَك نخلك وَكَذَلِكَ الزَّرْع قَالَ طرفَة: [الرمل]

وَلِيَ الأصلُ الَّذِي فِي مثله ... يُصلِحُ الآبِرَ زَرْع المؤتبر

41 - / ب فالآبر: / الْعَامِل والمؤتبر: رب الزَّرْع والمأبور: الزَّرْع وَالنَّخْل الَّذِي قد لقح. فَأَما الْفرس أَو المُهرة الْمَأْمُورَة فَإِنَّهَا الْكَثِيرَة النِّتَاج وفيهَا لُغَتَانِ: أمرهَا الله فَهِيَ مأمورة وآمرها فَهِيَ مؤمرة وَقد قَرَأَ بَعضهم: {وَإِذَاَ أَرَدْنَا أَنْ نُّهْلِكَ قَرْيَةً اَمَرْنَا مُتْرَفِيْهَا} غير مَمْدُود فقد يكون هَذَا من الْأَمر يرْوى عَن الْحَسَن أَنه فَسرهَا: أمرناهم بِالطَّاعَةِ فعصوا. وَقد يكون أمَرْنا [بِمَعْنى -] أكثرنا على قَوْله: فرس مأمورة وَمن قَرَأَهَا: آمَرْنا فَمدَّهَا فَلَيْسَ مَعْنَاهَا إِلَّا أكثرنا عَليّ قَوْله: فرس مأمورة وَمن قَرَأَهَا َامّرنا مُشَدّدَة فَهُوَ من التسليط يَقُول: سَلّطنا وَيُقَال فِي الْكَلَام قد آمُر الْقَوْم يأمرون إِذا كَثُرُوا وَهُوَ من قَوْله: فرس مأمورة. وَأهل الْحجاز يؤنثون النّخل وَأهل الحَدِيث يُذَكِّرون وَكَذَلِكَ الشّعير فَإِذا قَالُوا: نخيل لم يَخْتَلِفُوا فِي التَّأْنِيث وَالتَّمْر والسِّدر وَكلما كَانَ جمعه على لفظ الْوَاحِد بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
(أبر) النّخل أَو الزَّرْع أبره
(أبر) الزَّرْع أبرا صلح فَهُوَ أبر
أبر:
[في الانكليزية] Cloud ،Veil
[ في الفرنسية] Nuage ،Voile

ومعناها بالفارسية: السحاب، وعند السالكين يقال للحجاب الذي يمنع الوصول.
(أبر)
النّخل أبرا وإبارا وإبارة لقحه وَالزَّرْع أصلحه وَالْعَقْرَب والنحلة فلَانا لسعته وَالْحَيَوَان أطْعمهُ الإبرة فِي الْعلف ليَقْتُلهُ وَفُلَانًا آذاه واغتابه وَبَين النَّاس نم
(أبر) سَافر فِي الْبر وَيُقَال أبر وأبحر كَانَ كثير الْأَسْفَار وَالرجل كثر وَلَده وَالْقَوْم كَثُرُوا وعَلى الْقَوْم غلبهم وَالْعَمَل طلب بِهِ الْبر والتقرب إِلَى الله وَيَمِينه أمضاها على الصدْق وَالله قسمه أَجَابَهُ إِلَى مَا أقسم عَلَيْهِ وَفِي الحَدِيث (رب أَشْعَث أغبر ذِي طمرين لَا يؤبه لَهُ لَو أقسم على الله لَأَبَره) وَالله حجه قبله
أ ب ر: (أَبَرَ) الْكَلْبَ أَطْعَمَهُ (الْإِبْرَةَ) فِي الْخُبْزِ. وَفِي الْحَدِيثِ «الْمُؤْمِنُ كَالْكَلْبِ الْمَأْبُورِ» وَأَبَرَ نَخْلَهُ لَقَّحَهُ وَأَصْلَحَهُ، وَمِنْهُ سِكَّةٌ (مَأْبُورَةٌ) ، وَبَابُهُمَا ضَرَبَ، وَ (تَأْبِيرُ) النَّخْلِ تَلْقِيحُهُ، يُقَالُ: نَخْلَةٌ (مُؤَبَّرَةٌ) بِالتَّشْدِيدِ كَمَا يُقَالُ مَأْبُورَةٌ، وَالِاسْمُ: (الْإِبَارُ) بِوَزْنِ الْإِزَارِ، وَ (تَأَبَّرَ) الْفَسِيلُ قَبِلَ الْإِبَارَ. 
أبر: الأَبْرُ: ضَرْبُ العَقْرَبِ بإبْرَتِها، وهو المِئْبَرُ.
والمِئْبَرَةُ: مِسَلَّةُ الحَدِيْدِ. وهو أيضاً: المُسْتَطِيْلُ من الرَّمْلِ.
والأبّارُ: البُرْغُوْثُ؛ لأنَّه يَأْبِرُ بِإبْرَتِه.
وطَرَفُ الرَّوْقِ: إبْرَةٌ.
والأَبْرُ: لِقَاحُ النَّخْلِ، أبَرَها أبْراً وأبَّرَها تَأْبِيْراً، وهو الإِبَارُ. وهو عِلاَجُ الزَّرْع أيضاً بما يُصْلِحُه، والآبِرُ: المُصْلِحُ للشَّيْءِ. ونَخْلَةٌ لا تَأْتَبِرُ: أي لا تَقْبَلُ الإِبَارَ. وفي الحَدِيْثِ: " سِكَّةٌ مَأْبُوْرَة " يُرِيْدٌ: طَرِيْقَةً مُسْتَقِيْمَةً.
والمَآبِرُ: النَّمَائِمُ؛ الواحِدُ مِئْبَرٌ، وهو ذُو مِئْبَرٍ. والمِئْبَرُ: الخُبْثُ والشَّرُّ. وأبَرَ الرَّجُلُ: اغْتَابَ وآذى.
والإِبْرَةُ التي يُخَاطُ بها: مَعْرُوْفَةٌ، والجَمِيْعُ الإِبَارُ والإِبَرُ. وشاةٌ مَأْبُوْرَةٌ: أكَلَتْ في العَلَفِ إبْرَةً.
[أبر] نه- فيه: مهرة مأمورة أو سكة "مأبورة"- السكة الطريقة المصطفة من النخل، والمأبورة: الملقحة، أبرت النخلة إبارا وتأبيرا- مشدداً ومخففاً؛ وقيل: السكة: الحرث، والمأبورة: المصلحة- أراد خير المال نتاج أو زرع. ومنه ح: من باع نخلاً قد "أبرت" فثمرها للبائع إلا أن يشترط. ك- وفيه: أيما نخلة بيعت قد "أبرت" لم يذكر الثمار- أي والحال أنهم لم يتعرضوا للثمر إذ لو اشترطوه للمشتري كان له؛ قوله "أو بإجارة" عطف على باع بتقدير أو أخذ بإجارة؛ قوله "وكذا العبد" يجيء في العين. نووى: "يأبرون"- بكسر باء وضمها بمعنى إدخال شيء من طلع الذكر في طلع الأنثى فتعلق بإذن الله. ومنه: دعا عليٌّ على الخوارج: ولي منكم "أبر"- أي رجل يقوم بتأبير النخل وإصلاحها، ويروى بمثلثة- أي مميز يروي الحديث. وأبرته العقرب: لسعته بإبرتها. ومنه: لست "بمأبور" في ديني- أي لست غير الصحيح في الدين ولا المتهم في الإسلام، وروي بمثلثة - أي لست ممن يؤثر عنه شر وتهمة في دينه. ومنه ح: مثل المؤمن مثل الشاة "المأبورة"- أي التي أكلت الإبرة في علفها فنشبت في جوفها فهي لا تأكل شيئا وإن أكلت لم ينجع فيها. ومنه حديث علي: لتخضبن هذه من هذه- وأشار إلى لحيته ورأسه! فقال الناس: لو عرفناه "أبرنا" عترته- أي أهلكناه، من أبرت الكلب- إذا أطعمته الإبرة في الخبز، وقيل: هو من البوار: الهلاك.
[أب ر] أَبَرَ النَّخْلَ والزَّرْعَ يَأْبُرُه ويَأْبِرُه أَبْرًا وإِبارًا وإِبارَةً وأَبَّرَه أَصْلَحه وائْتَبَرَه سَأَلَه أَنْ يَأْبُرَ نَخْلَه وزَرْعَه قالَ طَرَفَةُ

(ولِيَ الأَصْلُ الَّذِي فِي مِثْلِه ... يُصْلِحُ الآبِرُ زَرْعَ المُؤْتَبِرْ)

وقوله

(إنْ يَأْبُرُوا زَرْعًا لغَيْرِهِم ... والأَمْرُ تَحْقِرُه وقَدْ يَنْمَى)

قالَ ثَعْلَبٌ المَعْنَى أَنَّهُم قد خالَفُوا أَعْداءَهُم ليَسْتَعِينُوا بِهم على قَوْمٍ آخَرِينَ وزَمَنُ الإبار زَمَنُ تَلْقِيحِ النَّخْلِ وإصْلاحِه وقالَ أبو حَنِيفَةَ كُلُّ إِصْلاحٍ إِبارَةٌ وأنْشَدَ قولَ حُمَيْد بن ثور الهِلالِيّ

(إِنّ الحِبالَةَ أَلْهَتْنِي إِبارَتُها ... حَتَّى أَصِيدَ كما في بَعْضِها قَنَصَا)

فجَعَلَ إِصْلاحَ الحِبالَةِ إِبارَةً والإبْرَةُ عُظَيْمٌ مُسْتَوٍ مَعَ طَرَفِ الزَّنْدِ من الذٍّ راعِ إلى طَرَفِ الإصْبَع وقِيلَ الإبْرَةُ من الإنسان طَرَفُ الذِّراعِ الَّذِي يَذْرَعُ منه الذّارِعُ وإِبْرَةُ الفَرَسِ شَظِيَّةٌ لاصِقَةٌ بالذِّراعِ ليسَتْ منها والإبْرَةُ عَظْمُ وَتَرَةِ العُرْقُوبِ وهو عُظَيْمٌ لاصِقٌ بالكَعْبِ وإبْرَةُ الفَرَسِ ما انْحَدَّ من عُرْقُوبَيْهِ والإبْرَةُ مِسَلَّةُ الحَدِيدِ والجمعُ إِبَرٌ وإِبارٌ قال القُطامِيُّ

(وقَوْلُ المَرْءِ يَنْفُذُ بعدَ حِينٍ ... أماكِنَ لا تُجاوِزُها الإبارُ)

وصانِعُها أَبّارٌ وإِبْرَةُ العَقْرَبِ طَرَفِ ذَنَبِها وأَبَرَتْه تأْبُرُه وتأْبِرُه أَبْرًا لسَعَتْه بإِبْرَتِها والإبْرَةُ والمِئْبَرُ والمِئْبَرَةُ الأَخِيرةُ عن اللِّحْيانِي النَّمِيمَةُ قالَ النّابِغَةُ

(وذلِكَ من قَوْلٍ أَتاكَ أَقُولُه ... ومن دَسِّ أَعْدائِي إِليكَ المَآبِرَا)

والإبْرَةُ فَسِيلُ المُقْلِ يَعْنِي صِغارَها وجَمْعُها إِبَرٌ وإِبَرَاتٌ الأَخيرةُ عن كُراعٍ وعندي أَنَّهُ جَمْعُ جَمْعٍ كجَمَراتٍ وطُرُقاتٍ والمِئْبَرُ ما رَقَّ من الرَّمْلِ قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ

(إِلى المِئْبَرِ الدّانِي من الرَّمْلِ ذِي الغَضَا ... تَراَها وقَدْ أَقْوَتْ حِدِيثًا قَدِيمُها)

وأَبَّرَ الأَثَرَ عَفَّى عَلَيْه عن الرِّياشيّ وفي حَدِيث الشُّورَى ولا تُؤَبِّرُوا آثارَكُم قالَ ولَيْسَ شَيْءٌ من الدَّوابِّ يُؤَثِّرُ أَثَرَه حَتَّى لا يُعْرَفَ طَرِيقُه إِلاّ التُّفَةُ وهِيَ عِناقُ الأَرْضِ حَكَى ذلكَ الهَرَوِيُّ في الغَرِيبَيْنِ
أبر
أبَرَ يأبُر ويأبِر، أَبْرًا، فهو آبِر، والمفعول مَأْبور
• أبَرتِ العقربُ فلانًا: لدغته بإبرتها.
• أبَر النَّخلَ: لقَّحه. 

أبَّرَ يؤبِّر، تَأْبيرًا، فهو مُؤبِّر، والمفعول مُؤبَّر
• أبَّر النَّخلةَ: أبَرها، لقَّحها أو أصلحها "أبَّر الزرعَ". 

أبَّار [مفرد]:
1 - مَنْ يُلَقِّح النَّخلَ.
2 - صانع الإبر وبائعها. 

أَبْر [مفرد]: مصدر أبَرَ. 

إبْرة [مفرد]: ج إبْرات وإِبَر:
1 - أداة دقيقة يُخاط بها، أحد طرفيها محدَّد والآخر مثقوب "خاط الثوبَ بالإبْرة- إبْرة التطريز" ° شُغْل الإبْرة: ما يكون بالخياطة أو التطريز وغيره- وَخْز الإبَر: الإيذاء المتتابع في خفية.
2 - شوكة في مؤخّرة جسم بعض الحشرات كالعقرب والنحلة تلسع بها "إبْرة العقرب سامَّة- لابدَّ دون الشهد من إبَر النحل [مثل]: لا راحة بدون تعب ولا سعادة بدون شقاء".
• إبْرة المِحقَن: (طب) إبْرة أنبوبيّة تستعمل عادة في العلاج الطبيّ، يُغرز طرفها في الجسم لينفذ منها الدَّواء

إليه، حقنة.
• إبْرة مِغناطيسيَّة: (فز) قطعة صغيرة من الصلب رقيقة محدَّدة الطرفين وممغنطة، تدور حول محور أفقيّ وتتّجه دائمًا إلى القطب الشماليّ، تستخدم للتعرّف على الجهات، وتسمَّى كذلك إبْرة البوصلة ° بَيْتُ الإبْرة: البوصلة.
• إبْرة الحاكي (الفونغراف): الأداة الــدقيقة التي تمرّ على أثر الصوت المسجَّل على أسطوانة لتعيده.
• علم الوَخْز بالإبر: (طب) طريقة صينيّة تعتمد على غرز الإبر الــدّقيقة في نقاط محدَّدة في الجسم للعلاج من بعض الأمراض.
• إبْرة آدم: (نت) نبات تزيينيّ مُعَمَّر من فصيلة الزنبقيَّات. 

تأبير [مفرد]:
1 - مصدر أبَّرَ.
2 - (طب) معالجة بوخز الإبر في مواضع معيّنة من الأنسجة والأعضاء حيث تبقى الإبر فيها لبعض الوقت "تأبير على الطريقة الصينيّة".
• تأبير التِّين: تلقيحه صناعيًّا. 

مِئْبار [مفرد]: أداة يُلقَّح بها النخلُ. 

مِئْبَر [مفرد]: ج مآبِرُ:
1 - مئبار، أداة يُلَقّح بها النخلُ.
2 - عضو التذكير في النّباتات الزَّهريَّة.
3 - وعاء الإبر، موضع الإبرة "أحضر الخيَّاطُ المئبر".
4 - إبرة كبيرة. 
(أ ب ر) : (أَبَرَ) النَّخْلَ أَلْقَحَهُ وَأَصْلَحَهُ إبَارًا وَتَأَبَّرَ قِيلَ الْأَبَّارُ.
[أبر] الإبْرَةُ: واحدة الإبَرِ. وإبْرَةُ الذراعِ: مُسْتَدَقُّها. وَأَبَرْتُ الكلبَ: أطعمتْهُ الإبرةَ في الخُبز. وفي الحديث: " المؤمن كالكلب المأبرو ". وأبر فلان نَخْلَه، أي لقَّحه وأصلحه. ومنه سِكَّةٌ مَأْبورَةٌ. وأَبَرَتْهُ العقربُ: لدغَتْه، أي ضربتْه بإبرتها. وفي عرقوبَيِ الفرسِ إبْرَتان وهما حَدُّ كلِّ عَرْقوبٍ من ظاهرٍ. وتَأْبيرُ النخلِ: تلقيحه. يقال: نخلةُ مُؤبَّرَةٌ مثل مأبورة. والاسم منه الابار، على وزن الازار. يقال: تأبر الفسيل، إذا قبل الادبار. قال الراجز: تأبري ياخيرة الفسيل * إذا ضن أهل النخل بالفحول - يقول: تلحقي من غير تأبير. ويقال ائْتَبَرْتُ، إذا سألْتَ غيرك أن يأبر لك نخلك أوزرعك. قال طرفة: ولى الاصل الذي في مثله * يُصْلِحُ الآبِرُ زرع المؤتبرة والمآبر واحدتها مئبرة ، وهي النميمةُ وإفسادُ ذاتِ البين.
أب ر

شاة مأبورة: أكلت الإبرة في علفها. وعن مالك بن دينار مثل المؤمن كمثل الشاة المأبورة. ويقال: أشد من وخز الإبر. وأبر النخل وأبره. وتأبر النخل: قبل الإبار. وتقول: إذا رفق الأبار، سحق الجبار.

ومن المجاز: إبرة القرن لطرفه. قال ابن الرقاع:

تزجي أغن كأن إبرة روقه ... قلم أصاب من الدواة مدادها

وإبرة المرفق لطرفه، وإبرة العقرب والنحلة لشوكتها. وتقول: لا بدّ مع الرطب من سلاء النخل، ومع العسل من إبر النحل. وقد أبرته العقرب بمئبرها والجمع مآبر. ومنه: إنه لذو مآبر في الناس كما قالوا: دبت بينهم العقارب إذا مشت بينهم النمائم. وقال النابغة:

وذلك من قول أتاك أقوله ... ومن دس أعداء إليك المآبرا

وأبرني فلان إذا اغتابك وآذاك. وتقول: خبئت منهم المخابر، فمشت بينهم المآبر.
(أبر) - في حديث أسماءَ بنتِ عُمَيْس، رضي الله عنها، قيل لعَلِىًّ، رضي الله عنه،: "ألا تَتَزَوَّجُ ابنةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: مَا لِى صَفْراءُ ولا بَيْضاءُ، ولَستُ بمأْبُورٍ في دِينِى، فيُورِّىَ بها رسَولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بها عَنِّى".
كذا هو في الفَضائِل، عن ابن مَرْدَوَيْه، وذكر بعضُهم أَنَّ الصواب مَأْثور، ولم نلقَ أحدًا تَنْحَفِظ منه نحو هذه الأَلفاظ. وكنت إذا عرضتُ مثلَ هذا على أُستاذِى الِإمام: أبِى القَاسِم إسماعيل بن محمد الحَافظ، رَحِمَه الله، قال: اجْمَعْ طُرُقَه. أَخذَ هذا عن يَحْيى بنِ مَعِين كما ذكرناه.
وقال أبو نصر السِّجْزِى الحافظ: مَنْ أراد معرفةَ الحديث، فَلْيَجْمَع الأبوابَ والتَّراجِمَ، فاحتجنا أن نَعرِف معنَى هذه اللّفظة، فوجدنا في طريق آخر، عن ابنِ عَبَّاس، رضي الله عنهما، لِهذا الحديث، قال: "لَستُ بأحَد الرَّجُلَين، لَستُ بصاحِب دُنْيا فيُزَوِّجَنِيها، ولا بالكَافر فيترفَّق بها عن دِيِنى، إني لأوَّل مَنْ أَسلَم، إنّى لَستُ مِمَّن يتألَّفُنى على الِإسلام بتَزْويجِها إيّاى".
فعرفنا بذَلِك معنَى الحَدِيث. فإن صحَّ حفظُ لفظِ "المَأْبور" فيه، يكون من أَبَرتْه العَقرَبُ، فهو مَأْبور: أي مَلْسوع، والمَلْسوع ضِدّ الصحيح، فيكون معناه: لَستُ بغير الصَّحِيح الدّين، ولا المُتَّهم في الإِسلام.
وإن حُفِظ لَفظة "مَأْثور" يكون معناه: لستُ مِمَّن يُؤْثَر عَنِّى شَرٌّ في دينى وتُهَمَة فيه، ويكون قد وَضَع المَأْثور موضِعَ المَأْثُور عنه.
ولو رَوَاه أَحدٌ عن ثِقَة: "ولَستُ بِمَأْبونٍ في دِينِى": أي مُتَّهم، لم أُخَطِّه، واللهُ تَعالَى أَعلمُ.
- في حديث مَالِك بنِ دينار: "مَثَل المُؤْمِن مَثَل الشَّاة المَأْبُورة".
: أي التي أَكلَت الِإبرةَ في عَلَفِها، فنَشِبَتْ بجَوْفِها ، فهى لا تَأْكل شَيئًا، وإن أَكلَت لم يَنْجَع فيها.
- ومنه حَدِيث على : "والذى فَلَق الحَبَّةَ، وبرأَ النَّسَمة لَتُخْضَبَنَّ هذه من هذه، وأَشار إلى لِحْيَتِه ورأَسِه.
فقال الناس: لو عَرفْناه أَبرنَا عِتْرتَه: أَى أهْلَكْناه. وهو من أَبرتُ الكَلبَ، إذا أطعمتَه الِإبرةَ في الخُبْز. (أبس) - في حديثِ إبراهيم قال: "جاء رجلٌ إلى قُرَيْش فقال: - يعنى كَذِباً منه - إنّ أَهْلَ خَيْبَر أَسَرُوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، يُرِيدون أن يرسلوا به إلى قَومِه ليَقتُلوه، فجعل المشركون يُؤبِّسون به العَبَّاسَ رضي الله عنه".
قال عمرو بن سَلَمة عن أبيه: يُؤبِّسون: أي يُعيِّرون ويُرغِمون، وقيل معناه: يُوبِّخون به العبّاسَ، يقال: أبَستُه أبْساً، وأبَّسته تأبِيساً: وبَّختُه.
قال الأصمعى: أبَس به وأبَّس به، إذا صغَّره وحقَّره: أي كانوا يُلحِقون الصَّغارَ بالعَبَّاس لأَجلِ ذلك، وقيل: الأَبْسُ والتّأبيسُ: التَّخْويف: أي كانوا يُخوِّفونَه بقَتْل النبى - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل: الأَبسُ والتَّأبِيسُ: التَعْيِير، وتأبَّس: قَبِلَ القَهْرَ والتَعْييرَ: أي كانوا يُعيِّرون العَبّاس بذلك، لِيأْنَفَ ويَرجِعَ عن دِينِه.
ويقال: مكان أَبسٌ: غَلِيظ، قال الرَّاجز:
... مَكاناً أَبْسا فإن كان من هذا، فمعناه يُغضِبونه ويَحمِلونه على إغلاظ القول لهم، ويقال: أبسْت الرجلَ: أي حَبَسْتُه، فإن كان من هذا فَمَعناه، كانوا يَحبِسُونَه عن اللُّحوقِ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى يَبعثَ إليهم به. وقيل: تأَبَّس: أي تَغيَّر، فإن كان منه، فمعناه أنهم أَرادُوا تَغيِيرَ قَلْبِ العَبَّاس ونَصْره النَّبىَّ - صلى الله عليه وسلم -.
وروى: يُربِسُون به العَبَّاسَ، رضي الله عنه، ويُذكَر ذلك في بابه إن شاء الله عز وجل.

أبر: أَبَرَ النخلَ والزرعَ يَأْبُره، ويأْبِرُه أَبْراً وإِباراً

وإِبارَة وأَبّره: أَصلحه. وأْتَبَرتَ فلاناً: سأَلتَه أَن يأْبُر نخلك؛ وكذلك

في الزرع إِذا سأَلته أَن يصلحه لك؛ قال طرفة:

وَلِيَ الأَصلُ الذي، في مثلِه،

يُصلِحُ الآبِرُ زَرْعَ المؤتَبِرْ

والآبر: العامل. والمُؤْتَبرُ: ربّ الزرع. والمأْبور: الزرع والنخل

المُصْلَح. وفي حديث عليّ بن أَبي طالب في دعائه على الخوارج: أَصابَكم

حاصِبٌ ولا بقِيَ منكم آبرِ أَي رجل يقوم بتأْبير النخل وإصلاحها، فهو اسم

فاعل من أَبَر المخففة، ويروى بالثاء المثلثة، وسنذكره في موضعه؛ وقوله:

أَنْ يأْبُروا زَرعاً لغيرِهِم،

والأَمرُ تَحقِرُهُ وقد يَنْمي

قال ثعلب: المعنى أَنهم قد حالفوا أَعداءَهم ليستعينوا بهم على قوم

آخرين، وزمن الإِبار زَمَن تلقيح النخل وإِصلاحِه، وقال أَبو حنيفة: كل

إِصلاحٍ إِبارة؛ وأَنشد قول حميد:

إِنَّ الحِبالَةَ أَلْهَتْني إِبارَتُها،

حتى أَصيدَكُما في بعضِها قَنَصا

فجعل إِصلاحَ الحِبالة إِبارَة. وفي الخبر: خَيْر المال مُهْرة

مَأْمُورة وسِكّة مَأْبُورة؛ السِّكَّة الطريقة المُصْطَفَّة من النخل،

والمأْبُورة: المُلَقَّحة؛ يقال: أَبَرْتُ النخلة وأَبّرْتها، فهي مأْبُورة

ومُؤَبَّرة، وقيل: السكة سكة الحرث، والمأْبُورة المُصْلَحَة له؛ أَرادَ خَيرُ

المال نتاج أَو زرع. وفي الحديث: من باع نخلاً قد أُبِّرت فَثَمَرتُها

للبائع إِلاَّ أَن يشترط المُبْتاع. قال أَبو منصور: وذلك أَنها لا تؤبر

إِلا بعد ظهور ثمرتها وانشقاق طلعها وكَوافِرِها من غَضِيضِها، وشبه

الشافعي ذلك بالولادة في الإِماء إِذا أُبِيعَت حاملاً تَبِعها ولدها، وإِن

ولدته قبل ذلك كان الولد للبائع إِلا أَن يشترطه المبتاع مع الأُم؛ وكذلك

النخل إِذا أُبر أَو أُبيع

(* قوله: «أباع» لغة في باع كما قال ابن

القطاع). على التأْبير في المعنيين. وتأْبير النخل: تلقيحه؛ يقال: نخلة

مُؤَبَّرة مثل مأْبُورة، والاسم منه الإِبار على وزن الإِزار. ويقال: تأَبَّر

الفَسِيلُ إذا قَبِل الإِبار؛ وقال الراجز:

تَأَبّري يا خَيْرَةَ الفَسِيلِ،

إِذْ ضَنَّ أَهلُ النَّخْلِ بالفُحول

يقول: تَلَقَّحي من غير تأْبير؛ وفي قول مالك بن أَنس: يَشترِطُ صاحب

الأَرض على المساقي كذا وكذا، وإِبارَ النخل. وروى أَبو عمرو بن العلاء

قال: يقال نخل قد أُبِّرَت، ووُبِرَتْ وأُبِرَتْ ثلاث لغات، فمن قال

أُبِّرت، فهي مُؤَبَّرة، ومن قال وُبِرَت، فهي مَوْبُورَة، ومن قال أُبِرَت، فهي

مَأْبُورة أَي مُلقّحة، وقال أَبو عبد الرحمن: يقال لكل مصلح صنعة: هو

آبِرُها، وإِنما قيل للملقِّح آبر لأَنه مصلح له؛ وأَنشد:

فَإِنْ أَنْتِ لَم تَرْضَيْ بِسَعْييَ فَاتْرُكي

لي البيتَ آبرْهُ، وكُوني مَكانِيا

أَي أُصلحه، ابن الأَعرابي: أَبَرَِ إِذا آذى وأَبَرَ إِذا اغتاب

وأَبَرَ إِذا لَقَّحَ النخل وأَبَرَ أَصْلَح، وقال: المَأْبَر والمِئْبر الحشُّ

(* قوله: «الحش إلخ» كذا بالأصل ولعله المحش). تُلقّح به النخلة.

وإِبرة الذراع: مُسْتَدَقُّها. ابن سيده: والإِبْرة عُظَيْم مستوٍ مع

طَرَف الزند من الذراع إِلى طرف الإِصبع؛ وقيل: الإِبرة من الإِنسان طرف

الذراع الذي يَذْرَعُ منه الذراع؛ وفي التهذيب: إِبرَةُ الذارع طرف العظم

الذي منه يَذْرَع الذارع، وطرف عظم العضد الذي يلي المرفق يقال له القبيح،

وزُجّ المِرْفق بين القَبِيح وبين إِبرة الذراع، وأَنشد:

حتى تُلاقي الإِبرةُ القبيحا

وإِبرة الفرس: شظِيّة لاصقة بالذراع ليست منها. والإِبرة: عظم وَتَرة

العُرْقوب، وهو عُظَيْم لاصق بالكعب. وإِبرة الفرس: ما انْحَدّ من عرقوبيه،

وفي عرقوبي الفرس إبرتان وهما حَدّ كل عرقوب من ظاهر. والإِبْرة:

مِسَلّة الحديد، والجمع إِبَرٌ وإِبارٌ، قال القطامي:

وقوْلُ المرء يَنْفُذُ بعد حين

أَماكِنَ، لا تُجاوِزُها الإِبارُ

وصانعها أَبّار. والإِبْرة: واحدة الإِبَر. التهذيب: ويقال للمِخْيط

إبرة، وجمعها إِبَر، والذي يُسوّي الإِبر يقال له الأَبّار، وأَنشد شمر في

صفة الرياح لابن أَحمر:

أَرَبَّتْ عليها كُلُّ هَوْجاء سَهْوَةٍ،

زَفُوفِ التوالي، رَحْبَةِ المُتَنَسِّم

(* قوله: «هوجاء» وقع في البيتين في جميع النسخ التي بأيدينا بلفظ واحد

هنا وفي مادة هرع وبينهما على هذا الجناس التام).

إِبارِيّةٍ هَوْجَاء مَوْعِدُهَا الضُّحَى،

إِذا أَرْزَمَتْ بِورْدٍ غَشَمْشَمِ

رَفُوفِ نِيافٍ هَيْرَعٍ عَجْرَفيّةٍ،

تَرى البِيدَ، من إِعْصافِها الجَرْي، ترتمي

تَحِنُّ ولم تَرْأَمْ فَصِيلاً، وإِن تَجِدْ

فَيَافِيَ غِيطان تَهَدَّجْ وتَرْأَمِ

إِذا عَصَّبَتْ رَسْماً، فليْسَ بدائم

به وَتِدٌ، إِلاَّ تَحِلَّةَ مُقْسِمِ

وفي الحديث: المؤمِنُ كالكلبِ المأْبور، وفي حديث مالك بن دينار: ومثَلُ

المؤمن مثَلُ الشاة المأْبورة أَي التي أَكلت الإِبرة في عَلَفها

فَنَشِبَت في جوفها، فهي لا تأْكل شيئاً، وإِن أَكلت لم يَنْجَعْ فيها. وفي

حديث علي، عليه السلام: والذي فَلَقَ الحية وبَرَأَ النَّسمَة لَتُخْضَبَنَّ

هذه من هذه، وأَشار إِلى لحيته ورأْسه، فقال الناس: لو عرفناه أَبَرْنا

عِتْرته أَي أَهلكناهم؛ وهو من أَبَرْت الكلب إِذا أَطعمته الإِبرة في

الخبز. قال ابن الأَثير: هكذا أَخرجه الحافظ أَبو موسى الأَصفهاني في حرف

الهمزة وعاد فأَخرجه في حرف الباء وجعله من البَوار الهلاك، والهمزة في

الأَوّل أَصلية، وفي الثاني زائدة، وسنذكره هناك أَيضاً. ويقال للسان:

مِئْبر ومِذْرَبٌ ومِفْصَل ومِقْول. وإِبرة العقرب: التي تلدَغُ بها، وفي

المحكم: طرف ذنبها. وأَبَرتْه تَأْبُرُه وتَأْبِرُه أَبْراً: لسعته أَي

ضربته بإِبرتها. وفي حديث أَسماء بنت عُمَيْس: قيل لعلي: أَلا تتزوّج ابنة

رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: مالي صَفْراء ولا بيضاءُ، ولست

بِمأْبُور في ديني فيُوَرِّي بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، عني، إني

لأَوّلُ من أَسلم،؛ المأْبور: من أَبرته العقربُ أَي لَسَعَتْه بإِبرتها،

يعني لست غير الصحيح الدين ولا المُتّهَمَ في الإِسلام فَيَتَأَلّفني عليه

بتزويجها إياي، ويروى بالثاء المثلثة وسنذكره. قال ابن الأَثير: ولو روي:

لست بمأْبون، بالنون، لكان وجهاً.

والإِبْرَة والمِئْبَرَة، الأَخيرة عن اللحياني: النميمة. والمآبِرُ:

النمائم وإفساد ذاتِ البين؛ قال النابغة:

وذلك مِنْ قَوْلٍ أَتاكَ أَقُولُه،

ومِنْ دَسِّ أَعدائي إِليك المآبرا

والإِبْرَةُ: فَسِيلُ المُقْل يعني صغارها، وجمعها إِبَرٌ وإِبَرات؛

الأَخيرة عن كراع. قال ابن سيده: وعندي أَنه جَمْع جَمْعٍ كحُمُرات

وطُرُقات.والمِئْبَر: ما رَقّ من الرمل؛ قال كثير عزة:

إِلى المِئْبَر الرّابي من الرّملِ ذي الغَضا

تَراها؛ وقد أَقْوَتْ، حديثاً قديمُها

وأَبَّرَ الأَثَر: عَفّى عليه من التراب. وفي حديث الشُّورى: أَنَّ

الستة لما اجتمعوا تكلموا فقال قائل منهم في خطبته: لا تُؤبِّروا آثارَكم

فَتُولِتُوا دينكم؛ قال الأَزهري: هكذا رواه الرياشي بإسناد له في حديث

طويل، وقال الرياشي: التّأْبِيرُ التعْفية ومَحْو الأَثر، قال: وليس شيء من

الدواب يُؤَبِّر أَثره حتى لا يُعْرف طريقه إِلا التُّفَّة، وهي عَناق

الأَرض؛ حكاه الهروي في الغريبين.

وفي ترجمة بأَر وابْتَأَرَ الحَرُّ قدميه قال أَبو عبيد: في الابتئار

لغتان يقال ابتأَرْتُ وأْتَبَرْت ابتئاراً وأْتِباراً؛ قال القطامي:

فإِن لم تأْتَبِرْ رَشَداً قريشٌ،

فليس لسائِرِ الناسِ ائتِبَارُ

يعني اصطناع الخير والمعروف وتقديمه.

نَصِيبِين

نَصِيبِين:
بالفتح ثم الكسر ثم ياء علامة الجمع الصحيح، ومن العرب من يجعلها بمنزلة الجمع فيعربها في الرفع بالواو وفي الجر والنصب بالياء، والأكثر يقولون نصيبين ويجعلونها بمنزلة ما لا ينصرف من الأسماء، والنسبة إليها نصيبيّ ونصيبينيّ، فمن قال نصيبينيّ أجراه مجرى ما لا ينصرف وألزمه الطريقة الواحدة مما ذكرنا، ومن قال نصيبيّ جعله بمنزلة الجمع ثم ردّه إلى واحده ونسب إليه: وهي مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادّة القوافل من الموصل إلى الشام وفيها وفي قراها على ما يذكر أهلها أربعون ألف بستان، بينها وبين سنجار تسعة فراسخ، وبينها وبين الموصل ستة أيام، وبين دنيسر يومان عشرة فراسخ، وعليها سور كانت الروم بنته وأتمه أنوشروان الملك عند فتحه إياها، وقالوا: كان سبب فتحه إياها أنه حاصرها وما قدر على فتحها فأمر أن تجمع إليه العقارب فحملوا العقارب من قرية تعرف بطيرانشاه من عمل شهرزور بينها وبين سمرداذ مدينة شهرزور فرسخ، فرماهم بها في العرّادات والقوارير وكان يملأ القارورة من العقارب ويضعها في العرّادة وهي على هيئة المنجنيق فتقع القارورة وتنكسر وتخرج تلك العقارب، ولا زال يرميهم بالعقارب حتى ضجّ أهلها وفتحوا له البلد وأخذها عنوة، وذلك أصل عقارب نصيبين، وأكثر العقارب جبل صغير داخل السور في ناحية من المدينة ومنه تنتشر العقارب في المدينة كلها، ذكر ذلك كله أحمد بن الطيب السرخسي في بعض كتبه، وطول مدينة نصيبين خمس وسبعون درجة وعشرون دقيقة، وعرضها ست وثلاثون درجة واثنتا عشرة دقيقة، في الإقليم الرابع، طالعها سعد الأخبية، بيت حياتها إحدى عشرة درجة من الثور تحت اثنتي عشرة درجة وثمان وأربعين دقيقة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، وقال صاحب الزيج: طول نصيبين سبع وعشرون درجة ونصف، ونصيبين مدينة وبئة لكثرة بساتينها ومياهها، وقد روي في بعض الآثار
أن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، قال: رفعت ليلة أسري بي فرأيت مدينة فأعجبتني فقلت: يا جبرائيل ما هذه المدينة؟ قال: هذه نصيبين، فقلت: اللهم عجّل فتحها واجعل فيها بركة للمسلمين! وسار عياض بن غنم إلى نصيبين فامتنعت عليه فنازلها حتى فتحها على مثل صلح أهل الرّها، قال: كتب عامل نصيبين إلى معاوية وهو عامل عثمان على الشام والجزيرة يشكو إليه أن جماعة من المسلمين الذين معه أصيبوا بالعقارب، فكتب إليه يأمره أن يوظف على كل حيز من أهل المدينة عدّة من العقارب مسمّاة في كل ليلة، ففعل فكانوا يأتون بها فيأمر بقتلها حتى قلّت، وقال سيف:
بعث سعد بن أبي وقّاص سنة 17 من الكوفة عياض ابن غنم لفتح الجزيرة، وغير سيف يقول: إنما بعث أبو عبيدة من الشام فقدم عبد الله بن عبد الله بن عتبان فسلك على دجلة حتى إذا انتهى إلى الموصل عبر إلى بلد وهي بلط حتى إذا انتهى إلى نصيبين أتوه بالصلح فكتب بذلك إلى عياض فقبله فعقد لهم عبد الله بن عبد الله بن عتبان وأخذوا ما أخذوا عنوة ثم أجروا مجرى أهل الذمة، قال عند ذلك ابن عتبان:
ألا من مبلغ عني بجيرا: ... فما بيني وبينك من تعادي
فإن تقبل تلاق العدل فينا ... فأنسى ما لقيت من الجهاد
وإن تدبر فما لك من نصيب ... نصيبين فتلحق بالعباد
وقد ألقت نصيبين إلينا ... سواد البطن بالخرج الشداد
لقد لقيت نصيبين الدواهي ... بدهم الخيل والجرد الوراد
وقال بعضهم يذكر نصيبين: وظاهرها مليح المنظر وباطنها قبيح المخبر، وقال آخر يذم نصيبين فقال:
نصيب نصيبين من ربها ... ولاية كل ظلوم غشوم
فباطنها منهم، في لظى، ... وظاهرها من جنان النعيم
وينسب إلى نصيبين جماعة من العلماء والأعيان، منهم: الحسن بن علي بن الوثاق بن الصلب بن أبان بن زريق بن إبراهيم بن عبد الله أبو القاسم النصيبي الحافظ، قدم دمشق وحدث بها في سنة 344 عن عبد الله بن محمد بن ناجية البغدادي وأبي يحيى عبّاد بن علي بن مرزوق البصري وإسحاق بن إبراهيم الصوّاف ومحمد ابن خالد الراسبي البصري وعبدان الجواليقي وأبي يعلى الموصلي وأبي خليفة الجمحي وغيرهم، روى عنه تمام بن محمد وأبو العباس بن السمسار وأبو عبد الله بن مندة وأبو علي سعيد بن عثمان بن السكن الحافظ ولم يذكر وفاته، ونصيبين أيضا: قرية من قرى حلب، وتلّ نصيبين أيضا: من نواحي حلب. ونصيبين أيضا: مدينة على شاطئ الفرات كبيرة تعرف بنصيبين الروم، بينها وبين آمد أربعة أيام أو ثلاثة ومثلها بينها وبين حرّان، ومن قصد بلاد الروم من حرّان مرّ بها.

قُورُسُ

قُورُسُ:
الضم ثم السكون، وراء مضمومة، وسين مهملة: مدينة أزليّة بها آثار قديمة وكورة من نواحي حلب وهي الآن خراب وبها آثار باقية، وبها قبر أوريّا بن حنّان، طولها أربع وستون درجة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة، داخلة في الإقليم الرابع بخمس وأربعين دقيقة، بيت حياتها أربع درج من العقرب ومن العوّاء عشرون دقيقة تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان، طالعها الصّرفة، بيت ملكها الجبهة، يقابلها اثنتا عشرة درجة، وسط سمائها اثنتا عشرة درجة من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، ينسب إليها أبو العباس أحمد بن محمد بن إسحاق القورسي، روى عن الفضل بن عباس البغدادي، روى عنه أبو الحسين بن جميع الصيداوي سمع منه بحلب حدث بدمشق سنة 313.

قِنَّسْرين

قِنَّسْرين:
بكسر أوله، وفتح ثانيه وتشديده وقد كسره قوم ثم سين مهملة، قال بطليموس: مدينة قنسرين طولها تسع وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، في الإقليم الرابع، ارتفاعه ثمان وسبعون درجة، وأفقها إحدى وتسعون درجة وخمس عشرة دقيقة، طالعها العذراء، بيت حياتها الذراع تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، وقال صاحب الزيج: طول قنسرين ثلاث وثلاثون درجة، وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلث، وفي جبلها مشهد يقال إنه قبر صالح النبي، عليه السّلام، وفيه آثار أقدام الناقة، والصحيح أن قبره باليمن بشبوة، وقيل بمكة، والله أعلم، وكان فتح قنسرين على يد أبي عبيدة بن الجراح، رضي الله عنه، في سنة 17، وكانت حمص وقنسرين شيئا واحدا، قال أحمد بن يحيى: سار أبو عبيدة بن الجراح بعد فراغه من اليرموك إلى حمص فاستقراها ثم أتى قنسرين وعلى مقدمته خالد بن الوليد فقاتله أهل مدينة قنسرين ثم لجؤوا إلى حصنهم وطلبوا الصلح فصالحهم وغلب المسلمون على أرضها وقراها، وقال أبو بكر بن الأنباري: أخذت من قول العرب قنسريّ أي مسنّ، وأنشد للعجاج:
أطربا وأنت قنسريّ، ... والدهر بالإنسان دوّاريّ؟
وأنشد غيره:
وقنسرته أمور فاقسأنّ لها، ... وقد حنى ظهره دهر وقد كبرا
وقال أبو المنذر: سميت قنسرين لأن ميسرة بن مسروق العبسي مرّ عليها فلما نظر إليها قال: ما هذه؟ فسميت له بالرومية، فقال: والله لكأنّها قنّ نسر، فسميت قنسرين، وقال الزمخشري: نقل من القنّسر بمعنى القنسري وهو الشيخ المسن وجمع هو، وأمثاله كثيرة، قال أبو بكر بن الأنباري: وفي إعرابها وجهان، يجوز أن تجريها مجرى قولك الزيدون فتجعلها في الرفع بالواو فتقول هذه قنّسرون، وفي النصب والخفض بالياء فتقول مررت بقنسرين ورأيت قنسرين، والوجه الآخر أن تجعلها بالياء على كل حال وتجعل الإعراب في النون ولا تصرفها، قال أبو القاسم:
هذا الذي ذكره من طريق اللغة ولم يسمّ البلد بذلك لما ذكره، ولكن روي أنها سميت برجل من عبس يقال له ميسرة وذلك أنه نزلها فمر به رجل فقال له:
ما أشبه هذا الموضع بقنّ سيرين! فبني منه اسم للمكان، وقال آخرون: دعا أبو عبيدة بن الجراح ميسرة بن مسروق العبسي فوجهه في ألف فارس في أثر العدوّ فمر على قنسرين فجعل ينظر إليها فقال: ما هذه؟
فسميت له بالرومية، فقال: والله لكأنها قنّسرون، فسميت قنسرين، ثم مضى حتى بلغ الدرب فكان أول من جاوز الدرب من المسلمين، فهذا الخبر يدل على أن قنسرين اسم مكان آخر عرفه ميسرة العبسي فشبهه به، وقد روي في خبر مشهور عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أوحى الله تعالى إليّ أيّ هؤلاء الثلاث نزلت فهي دار هجرتك، المدينة أو البحرين أو قنسرين، وهي كورة بالشام منها حلب، وكانت قنسرين مدينة بينها وبين حلب مرحلة من جهة حمص بقرب العواصم، وبعض يدخل قنسرين في العواصم، وما زالت عامرة آهلة إلى أن كانت سنة 351، وغلبت الروم على مدينة حلب وقتلت جميع ما كان بربضها فخاف أهل قنسرين وتفرقوا في البلاد، فطائفة عبرت الفرات وطائفة نقلها سيف الدولة بن حمدان إلى حلب كثّر بهم من بقي من أهلها فليس بها اليوم إلا خان ينزله القوافل وعشار السلطان وفريضة صغيرة، وقال بعضهم: كان خراب قنسرين في سنة 355 قبل موت سيف الدولة بأشهر، كان قد خرج إليها ملك الروم وعجز سيف الدولة عن لقائه فأمال عنه فجاء إلى قنسرين وخرّبها وأحرق مساجدها ولم تعمر بعد ذلك، وحاضر قنسرين بلدة باقية إلى الآن، ذكرت في موضعها، وقال المدائني: خرج أعرابي من طيّء إلى الشام إلى بني عمّ له يطلب صلتهم فلم يعطوه طائلا وعرضوا عليه الفرض فأبى ثم قدم قنسرين فأعطوه شيئا قليلا وقالوا تفترض، فقال:
أقمنا بقنسرين ستة أشهر ... ونصفا من الشهر الذي هو سابع
فقال ابن هيفاء: دع البدو وافترض، ... فقلت له: إني إلى الله راجع
يؤمّون بي موقان أو يفرضون بي ... إلى الرّيّ لا يسمع بذلك سامع
ألا حبّذا مبدى هشام إذا بدا ... لارفاق زيد أو دعته البرادع
وحلّت جنوب الأبرقين إلى اللوى ... إلى حيث سارت بالهبير الدوافع
ثم خرج من الشام إلى العراق فركب الفرات فخاف أهوالها فقال:
وما زال صرف الدهر حتى رأيتني ... على سفن وسط الفرات بنا تجري
يصير بنا صار ويجذف جاذف، ... وما منهما إلّا مخوف على غدري
ثم أتى الكوفة وطلب من قومه فلم يصل إلى ما يريد فرجع إلى البادية فقالوا: أطلت الغيبة فما أفدت؟
فقال:
رجعنا سالمين كما بدأنا، ... وما خابت غنيمة سالمينا
وينسب إلى قنسرين جماعة، أثبتهم في الحديث الحافظ أبو بكر محمد بن بركة بن الحكم بن إبراهيم بن الفرداج الحميري اليحصبي القنسريني المعروف ببرداعس، سكن حلب ثم قدم دمشق وحدث بها عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن أبي رجاء المصيصي ويوسف بن سعيد ابن مسلم وهلال بن أبي العلاء الرّقّي وأبي زرعة الدمشقي وخلق كثير سواهم، روى عنه عثمان بن خرزاذ، وهو من شيوخه، وعبد الله بن عمر بن أيوب بن الحبّال وعبد الوهاب الكلابي وأبو الخير أحمد بن علي الحافظ وأبو بكر بن المقري وغيرهم، سئل عنه الدارقطني فقال ضعيف، وقال ابن زيد:
مات سنة 328.

الإقليم الثاني

الإقليم الثاني:
حيث يكون ظلّ الاستواء في أوله نصف النهار، إذا استوى الليل والنهار، قدمين وثلاثة أخماس قدم، وآخره حيث يكون ظلّ الاستواء فيه نصف النهار ثلاثة أقدام ونصفا وعشر سدس قدم، ويبتدئ في المشرق، فيمرّ على بلاد الصين وبلاد الهند وعلى شماليها جبال قامرون وكنوج والسّند ويمرّ بملتقى البحر الأخضر، وبحر البصرة، ويقطع جزيرة العرب في أرض نجد وتهامة والبحرين، ثم يقطع بحر القلزم ونيل مصر إلى أرض المغرب، وفيه من المدن: مدن بلاد الصين، والهند، ومن السند المنصورة، وبلاد التتر، والدّيبل ويقطع البحر إلى أرض العرب، إلى عمان، فيقع في وسطه مدينة الرسول، صلى الله عليه وسلم، يثرب، ووقع في أقصاه الذي يلي الجنوب وراء مكّة قليلا، ووقع في طرفه الأدنى الذي يلي الشمال بقرب الثّعلبية، وكل واحد من مكة والثعلبية من إقليمين، وكذلك كل ما كان في سمتهما، ووقع في هذا الإقليم من مشهور المدن: مكة، والمدينة، وفيد، والثعلبية، واليمامة، وهجر، وتبالة، والطائف، وجدّة، ومملكة الحبشة، وأرض البجة، ومن أرض النيل: قوص، وأخميم، وأنصنا، وأسوان، ومن المغرب: إفريقية، وجبال من البربر إلى أرض المغرب، ويكون أطول نهار هؤلاء في أول الإقليم، ثلاث عشرة ساعة وربعا، وآخره ثلاث عشرة ساعة وثلاثة أرباع الساعة، وأوسطه ثلاث عشرة ساعة ونصف، وطوله من المشرق إلى المغرب تسعة آلاف وثلاثمائة واثنا عشر ميلا واثنتان وأربعون دقيقة، وعرضه أربعمائة ميل وميلان وإحدى وخمسون دقيقة، ومساحته مكسرا ثلاثة آلاف ألف وستمائة ألف وتسعون ألف ميل وثلاثمائة وأربعون ميلا وأربع وخمسون دقيقة، وهو للمشتري في قول الفرس، وللشمس في قول الروم، واسمه بالفارسية «هرمز» وله من البروج: القوس، والحوت، وكل ما كان على خطّه شرقا وغربا، فهو داخل فيه.

حَلَبُ

حَلَبُ:
بالتحريك: مدينة عظيمة واسعة كثيرة الخيرات طيبة الهواء صحيحة الأديم والماء، وهي قصبة جند قنّسرين في أيامنا هذه، والحلب في اللغة: مصدر قولك حلبت أحلب حلبا وهربت هربا وطربت طربا، والحلب أيضا: اللبن الحليب، يقال: حلبنا وشربنا لبنا حليبا وحلبا، والحلب من الجباية مثل الصدقة ونحوها، قال الزّجّاجي: سمّيت حلب لأن إبراهيم، عليه السلام، كان يحلب فيها غنمه في الجمعات ويتصدّق به فيقول الفقراء حلب حلب، فسمي به، قلت أنا: وهذا فيه نظر لأن إبراهيم، عليه السلام، وأهل الشام في أيامه لم يكونوا عربا إنما العربية في ولد ابنه إسماعيل، عليه السلام، وقحطان، على أن إبراهيم في قلعة حلب مقامين يزاران إلى الآن، فإن كان لهذه اللفظة، أعني حلب، أصل في العبرانية أو السريانية لجاز ذلك لأن كثيرا من كلامهم يشبه كلام العرب لا يفارقه إلا بعجمة يسيرة كقولهم كهنّم في جهنم، وقال قوم: إن حلب وحمص وبرذعة كانوا إخوة من بني عمليق فبنى كلّ واحد منهم مدينة فسمّيت به، وهم بنو مهر بن حيص بن جان بن مكنّف، وقال الشرقي: عمليق بن يلمع بن عائذ ابن اسليخ بن لوذ بن سام، وقال غيره: عمليق بن لوذ بن سام، وكانت العرب تسميه غريبا وتقول في مثل: من يطع غريبا يمس غريبا، يعنون عمليق ابن لوذ، ويقال: إن لهم بقية في العرب لأنهم كانوا قد اختلطوا بهم، ومنهم الزّبّاء، فعلى هذا يصحّ أن يكون أهل هذه المدينة كانوا يتكلمون بالعربية فيقولون حلب إذا حلب إبراهيم، عليه السلام.
قال بطليموس: طول مدينة حلب تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وخمس وعشرون دقيقة، داخلة في الإقليم الرابع، طالعها العقرب، وبيت حياتها إحدى وعشرون درجة من القوس، لها شركة في النسر الطائر تحت إحدى عشرة درجة من السرطان، وخمس وثلاثون دقيقة، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، قال أبو عون في زيجه: طول حلب ثلاث وستون درجة، وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلث، وهي في الإقليم الرابع، وذكر أبو نصر يحيى بن جرير الطبيب التكريتي النصراني في كتاب ألّفه أن سلوقوس الموصلي ملك خمسا وأربعين سنة، وأول ملكه كان في سنة ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسع وخمسين لآدم، عليه السلام، قال:
وفي سنة تسع وخمسين من مملكته، وهي سنة أربعة آلاف وثماني عشرة لآدم، ملك طوسا المسمّاة سميرم مع أبيها وهو الذي بنى حلب بعد دولة الإسكندر وموته باثنتي عشرة سنة، وقال في موضع آخر:
كان الملك على سوريا وبابل والبلاد العليا سلوقوس نيقطور، وهو سريانيّ، وملك في السنة الثالثة عشرة لبطليموس بن لاغوس بعد ممات الإسكندر، وفي السنة الثالثة عشرة من مملكته بنى سلوقوس اللاذقية وسلوقية وأفامية وباروّا وهي حلب واداسا وهي الرّها وكمل بناء أنطاكية، وكان بناها قبله، يعني أنطاكية، انطيقوس في السنة السادسة من موت الإسكندر، وذكر آخرون في سبب عمارة حلب أن العماليق لما استولوا على البلاد الشامية وتقاسموها بينهم استوطن ملوكهم مدينة عمّان ومدينة أريحا الغور ودعاهم الناس الجبارين، وكانت قنّسرين مدينة عامرة ولم يكن يومئذ اسمها قنّسرين وإنما كان اسمها صوبا، وكان هذا الجبل المعروف الآن بسمعان
يعرف بجبل بني صنم، وبنو صنم كانوا يعبدونه في موضع يعرف اليوم بكفرنبو، والعمائر الموجودة في هذا الجبل إلى اليوم هي آثار المقيمين في جوار هذا الصنم، وقيل: إن بلعام بن باعور البالسي إنما بعثه الله إلى عبّاد هذا الصنم لينهاهم عن عبادته، وقد جاء ذكر هذا الصنم في بعض كتب بني إسرائيل، وأمر الله بعض أنبيائهم بكسره، ولما ملك بلقورس الأثوري الموصل وقصبتها يومئذ نينوى كان المستولي على خطّة قنسرين حلب بن المهر أحد بني الجان بن مكنّف من العماليق، فاختط مدينة سمّيت به، وكان ذلك على مضي ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعين سنة لآدم، وكانت مدة ملك بلقورس هذا ثلاثين عاما، وكان بناها بعد ورود إبراهيم، عليه السلام، إلى الديار الشامية بخمسمائة وتسع وأربعين سنة لأن إبراهيم ابتلي بما ابتلي به من نمرود زمانه، واسمه راميس، وهو الرابع من ملوك أثورا، ومدة ملكه تسع وثلاثون سنة، ومدة ما بينه وبين آدم، عليه السلام، ثلاثة آلاف وأربعمائة وثلاث عشرة سنة، وفي السنة الرابعة والعشرين من ملكه ابتلي به إبراهيم فهرب منه مع عشيرته إلى ناحية حرّان ثم انتقل إلى جبل البيت المقدس، وكانت عمارتها بعد خروج موسى، عليه السلام، من مصر ببني إسرائيل إلى التيه وغرق فرعون بمائة وعشرة أعوام، وكان أكبر الأسباب في عمارتها ما حل بالعماليق في البلاد الشامية من خلفاء موسى، وذلك أن يوشع بن نون، عليه السلام، لما خلف موسى قاتل أريحا الغور وافتتحها وسبى وأحرق وأخرب ثم افتتح بعد ذلك مدينة عمّان، وارتفع العماليق عن تلك الديار إلى أرض صوبا، وهي قنّسرين، وبنوا حلب وجعلوها حصنا لأنفسهم وأموالهم ثم اختطوا بعد ذلك العواصم، ولم يزل الجبارون مستولين عليها متحصّنين بعواصمها إلى أن بعث الله داود، عليه السلام، فانتزعهم عنها.
وقرأت في رسالة كتبها ابن بطلان المتطبّب إلى هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي في نحو سنة 440 في دولة بني مرداس فقال: دخلنا من الرّصافة إلى حلب في أربع مراحل، وحلب بلد مسوّر بحجر أبيض وفيه ستة أبواب وفي جانب السور قلعة في أعلاها مسجد وكنيستان وفي إحداهما كان المذبح الذي قرّب عليه إبراهيم، عليه السلام، وفي أسفل القلعة مغارة كان يخبئ بها غنمه، وكان إذا حلبها أضاف الناس بلبنها، فكانوا يقولون حلب أم لا؟
ويسأل بعضهم بعضا عن ذلك، فسميت لذلك حلبا، وفي البلد جامع وست بيع وبيمارستان صغير، والفقهاء يفتون على مذهب الإمامية، وشرب أهل البلد من صهاريج فيه مملوءة بماء المطر، وعلى بابه نهر يعرف بقويق يمد في الشتاء وينضب في الصيف، وفي وسط البلد دار علوة صاحبة البحتري، وهو بلد قليل الفواكه والبقول والنبيذ إلا ما يأتيه من بلاد الروم، وفيها من الشعراء جماعة، منهم: شاعر يعرف بأبي الفتح بن أبي حصينة، ومن جملة شعره قوله:
ولما التقينا للوداع، ودمعها ... ودمعي يفيضان الصبابة والوجدا
بكت لؤلؤا رطبا، ففاضت مدامعي ... عقيقا، فصار الكل في نحرها عقدا
وفيها كاتب نصراني له في قطعة في الخمر أظنه صاعد بن شمّامة:
خافت صوارم أيدي المازجين لها، ... فألبست جسمها درعا من الحبب
وفيها حدث يعرف بأبي محمد بن سنان قد ناهز العشرين وعلا في الشعر طبقة المحنّكين، فمن قوله:
إذا هجوتكم لم أخش صولتكم، ... وإن مدحت فكيف الريّ باللهب
فحين لم ألق لا خوفا ولا طمعا ... رغبت في الهجو، إشفاقا من الكذب
وفيها شاعر يعرف بأبي العباس يكنى بأبي المشكور، مليح الشعر سريع الجواب حلو الشمائل، له في المجون بضاعة قوية وفي الخلاعة يد باسطة، وله أبيات إلى والده:
يا أبا العباس والفضل! ... أبا العباس تكنى
أنت مع أمّي، بلا شكّ، ... تحاكي الكركدنّا
أنبتت، في كل مجرى ... شعرة في الرأس، قرنا
فأجابه أبوه:
أنت أولى بأبي المذمو ... م بين الناس تكنى
ليت لي بنتا، ولا أنت، ... ولو بنت يحنّا
بنت يحنّا: مغنية بأنطاكية تحنّ إلى القرباء وتضيف الغرباء مشهورة بالعهر، قال: ومن عجائب حلب أن في قيسارية البزّ عشرين. دكانا للوكلاء يبيعون فيها كل يوم متاعا قدره عشرون ألف دينار مستمرّ ذلك منذ عشرين سنة وإلى الآن، وما في حلب موضع خراب أصلا، وخرجنا من حلب طالبين أنطاكية، وبينها وبين حلب يوم وليلة، آخر ما ذكر ابن بطلان.
وقلعة حلب مقام إبراهيم الخليل، وفيه صندوق به قطعة من رأس يحيى بن زكرياء، عليه السلام، ظهرت سنة 435، وعند باب الجنان مشهد علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، رؤي فيه في النوم، وداخل باب العراق مسجد غوث فيه حجر عليه كتابة زعموا أنه خطّ علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وفي غربي البلد في سفح جبل جوشن قبر المحسن بن الحسين يزعمون أنه سقط لما جيء بالسّبي من العراق ليحمل إلى دمشق أو طفل كان معهم بحلب فدفن هنالك، وبالقرب منه مشهد مليح العمارة تعصّب الحلبيّون وبنوه أحكم بناء وأنفقوا عليه أموالا، يزعمون أنهم رأوا عليّا، رضي الله عنه، في المنام في ذلك المكان، وفي قبلي الجبل جبّانة واحدة يسمونها المقام، بها مقام لإبراهيم، عليه السلام، وبظاهر باب اليهود حجر على الطريق ينذر له ويصبّ عليه ماء الورد والطيب ويشترك المسلمون واليهود والنصارى في زيارته، يقال إن تحته قبر بعض الأنبياء.
وأما المسافات فمنها إلى قنّسرين يوم وإلى المعرّة يومان وإلى أنطاكية ثلاثة أيام وإلى الرّقّة أربعة أيام وإلى الأثارب يوم وإلى توزين يوم وإلى منبج يومان وإلى بالس يومان وإلى خناصرة يومان وإلى حماة ثلاثة أيام وإلى حمص أربعة أيام وإلى حرّان خمسة أيام وإلى اللاذقية ثلاثة أيام وإلى جبلة ثلاثة أيام وإلى طرابلس أربعة أيام وإلى دمشق تسعة أيام، قال المؤلف، رحمة الله عليه: وشاهدت من حلب وأعمالها ما استدللت به على أن الله تعالى خصّها بالبركة وفضّلها على جميع البلاد، فمن ذلك أنه يزرع في أراضيها القطن والسمسم والبطيخ والخيار والدخن والكروم والذرة والمشمش والتين والتفاح عذيا لا يسقى إلا بماء المطر ويجيء مع ذلك رخصا
غضّا رويّا يفوق ما يسقى بالمياه والسيح في جميع البلاد، وهذا لم أره فيما طوّفت من البلاد في غير أرضها، ومن ذلك أن مسافة ما بيد مالكها في أيامنا هذه، وهو الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر يوسف بن أيوب ومدبّر دولته والقائم بجميع أموره شهاب الدين طغرل، وهو خادم روميّ زاهد متعبّد، حسن العدل والرأفة برعيته، لا نظير له في أيامه في جميع أقطار الأرض، حاشا الإمام المستنصر بالله أبي جعفر المنصور بن الظاهر ابن الناصر لدين الله، فإن كرمه وعدله ورأفته قد تجاوزت الحدّ فالله بكرمه يرحم رعيتهما بطول بقائمها، من المشرق إلى المغرب مسيرة خمسة أيام، ومن الجنوب إلى الشمال مثل ذلك، وفيها ثمانمائة ونيف وعشرون قرية ملك لأهلها ليس للسلطان فيها إلا مقاطعات يسيرة، ونحو مائتين ونيف قرية مشتركة بين الرعية والسلطان، وقفني الوزير الصاحب القاضي الأكرم جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القفطي، أدام الله تعالى أيامه وختم بالصالحات أعماله، وهو يومئذ وزير صاحبها ومدبر دواوينها، على الجريدة بذلك وأسماء القرى وأسماء ملّاكها، وهي بعد ذلك تقوم برزق خمسة آلاف فارس مراخي الغلة موسع عليهم، قال لي الوزير الأكرم، أدام الله تعالى علوّه: لو لم يقع إسراف في خواصّ الأمراء وجماعة من أعيان المفاريد لقامت بأرزاق سبعة آلاف فارس لأن فيها من الطواشية المفاريد ما يزيد على ألف فارس يحصل للواحد منهم في العام من عشرة آلاف درهم إلى خمسة عشر ألف درهم، ويمكن أن يستخدم من فضلات خواصّ الأمراء ألف فارس، وفي أعمالها إحدى وعشرون قلعة، يقام بذخائرها وأرزاق مستحفظيها خارجا عن جميع ما ذكرناه، وهو جملة أخرى كثيرة، ثم يرتفع بعد ذلك كله من فضلات الإقطاعات الخاصة بالسلطان من سائر الجبايات إلى قلعتها عنبا وحبوبا ما يقارب في كل يوم عشرة آلاف درهم، وقد ارتفع إليها في العام الماضي، وهو سنة 625، من جهة واحدة، وهي دار الزكاة التي يجبى فيها العشور من الأفرنج والزكاة من المسلمين وحق البيع، سبعمائة ألف درهم، وهذا مع العدل الكامل والرفق الشامل بحيث لا يرى فيها متظلّم ولا متهضّم ولا مهتضم، وهذا من بركة العدل وحسن النية.
وأما فتحها فذكر البلاذري أن أبا عبيدة رحل إلى حلب وعلى مقدمته عياض بن غنم الفهري، وكان أبوه يسمّى عبد غنم، فلما أسلم عياض كره أن يقال له ابن عبد غنم فقال: أنا عياض بن غنم، فوجد أهلها قد تحصنوا، فنزل عليها فلم يلبثوا أن طلبوا الصلح والأمان على أنفسهم وأولادهم وسور مدينتهم وكنائسهم ومنازلهم والحصن الذي بها، فأعطوا ذلك واستثنى عليهم موضع المسجد، وكان الذي صالحهم عياض، فأنفذ أبو عبيدة صلحه، وقيل: بل صالحوا على حقن دمائهم وأن يقاسموا أنصاف منازلهم وكنائسهم، وقيل: إن أبا عبيدة لم يصادف بحلب أحدا لأن أهلها انتقلوا إلى أنطاكية وأنهم إنما صالحوا على مدينتهم بها ثم رجعوا إليها.
وأما قلعتها فبها يضرب المثل في الحسن والحصانة لأن مدينة حلب في وطاء من الأرض وفي وسط ذلك الوطإ جبل عال مدوّر صحيح التدوير مهندم بتراب صح به تدويره، والقلعة مبنيّة في رأسه، ولها خندق عظيم وصل بحفره إلى الماء، وفي وسط هذه القلعة مصانع تصل إلى الماء المعين، وفيها جامع وميدان وبساتين ودور كثيرة، وكان الملك الظاهر غازي بن
صلاح الدين يوسف بن أيوب قد اعتنى بها بهمّته العالية فعمّرها بعمارة عادية وحفر خندقها وبنى رصيفها بالحجارة المهندمة فجاءت عجبا للناظرين إليها، لكن المنية حالت بينه وبين تتمّتها، ولها في أيامنا هذه سبعة أبواب: باب الأربعين، وباب اليهود، وكان الملك الظاهر قد جدّد عمارته وسمّاه باب النصر، وباب الجنان، وباب أنطاكية، وباب قنّسرين، وباب العراق، وباب السرّ، وما زال فيها على قديم الزمان وحديثه أدباء وشعراء، ولأهلها عناية بإصلاح أنفسهم وتثمير الأموال، فقلّ ما ترى من نشئها من لم يتقيل أخلاق آبائه في مثل ذلك، فلذلك فيها بيوتات قديمة معروفة بالثّروة ويتوارثونها ويحافظون على حفظ قديمهم بخلاف سائر البلدان، وقد أكثر الشعراء من ذكرها ووصفها والحنين إليها، وأنا أقتنع من ذلك بقصيدة لأبي بكر محمد بن الحسن بن مرّار الصّنوبري وقد أجاد فيها ووصف متنزهاتها وقراها القريبة منها فقال:
احبسا العيس احبساها، ... وسلا الدار سلاها
واسألا أين ظباء ال ... دّار أم أين مهاها
أين قطّان محاهم ... ريب دهر ومحاها
صمّت الدار عن السا ... ئل، لا صمّ صداها
بليت بعدهم الدا ... ر، وأبلاني بلاها
آية شطّت نوى الإظ ... عان، لا شطّت نواها
من بدور من دجاها، ... وشموس من ضحاها
ليس ينهى النفس ناه ... ما أطاعت من عصاها
بأبي من عرسها وسخ ... طي، ومن عرسي رضاها
دمية إن جلّيت كا ... نت حلى الحسن حلاها
دمية ألقت إليها ... راية الحسن دماها
دمية تسقيك عينا ... ها، كما تسقي مداها
أعطيت لونا من الور ... د، وزيدت وجنتاها
حبّذا الباءات باءت، ... وقويق ورباها
بانقوساها بها با ... هي المباهي، حين باهى
وبباصفرا وبابل ... لا ربا مثلي وتاها
لا قلى صحراء نافر ... قلّ شوقي، لا قلاها [1]
لا سلا أجبال باسل ... لين قلبي، لا سلاها
وبباسلّين فليب ... غ ركابي من بغاها
وإلى باشقلّيشا ... ذو التناهي يتناهى [1] قوله: نافر، بسكون الراء، هكذا في الأصل.
وبعاذين، فواها ... لبعاذين، وواها
بين نهر وقناة ... قد تلته وتلاها
ومجاري برك، يجلو ... همومي مجتلاها
ورياض تلتقي آ ... مالنا في ملتقاها
زاد أعلاها علوّا ... جوشنا لمّا علاها
وازدهت برج أبي الحا ... رث حسنا وازدهاها
واطّبت مستشرف الحص ... ن، اشتياقا، واطّباها
وأرى المنية فازت ... كلّ نفس بمناها
إذ هواي العوجان السا ... لب النفس هواها
ومقيلي بركة التّل ... ل وسيبات رحاها
بركة تربتها الكا ... فوز، والدّرّ حصاها
كم غراني طربي حي ... تانها لما غراها
إذ تلى مطبّخ الحي ... تان منها مشتواها
بمروج اللهو ألقت ... عير لذّاتي عصاها
وبمغنى الكامليّ اس ... تكملت نفسي مناها
وغرت ذا الجوهريّ ال ... مزن غيثا، وغراها
كلأ الراموسة الحس ... ناء ربي، وكلاها
وجزى الجنّات بالسّع ... دى بنعمى، وجزاها
وفدى البستان من فا ... رس صبّ وفداها
وغرت ذا الجوهريّ ال ... مزن، محلولا عراها
واذكرا دار السّليما ... نيّة اليوم، اذكراها
حيث عجنا نحوها العي ... س تبارى في براها
وصفا العافية المو ... سومة الوصف صفاها
فهي في معنى اسمها حذ ... وبحذو، وكفاها
وصلا سطحي وأحوا ... ضي، خليليّ، صلاها
وردا ساحة صهري ... جي على سوق رداها
وامزجا الراح بماء ... منه، أو لا تمزجاها
حلب بدر دجّى، أن ... جمها الزّهر قراها
حبّذا جامعها الجا ... مع للنفس تقاها
موطن مرسي دور ألب ... رّ بمرساة حباها [1]
شهوات الطرف فيه، ... فوق ما كان اشتهاها
قبلة كرّمها الل ... هـ بنور، وحباها
ورآها ذهبا في ... لازورد من رآها
ومراقي منبر، أع ... ظم شيء مرتقاها
وذرى مئذنة، طا ... لت ذرى النجم ذراها
والنّواريّة ما لا ... ترياه لسواها
قصعة ما عدت الكع ... ب، ولا الكعب عداها
أبدا، يستقبل السّح ... ب بسحب من حشاها
فهي تسقي الغيث إن لم ... يسقها، أو إن سقاها
كنفتها قبّة يض ... حك عنها كنفاها
قبّة أبدع بانى ... ها بناء، إذ بناها
ضاهت الوشي نقوشا، ... فحكته وحكاها
لو رآها مبتني قب ... بة كسرى ما ابتناها
فبذا الجامع سرو ... يتباهى من تباهي
جنّبا السارية الخض ... راء منه، جنّباها
قبلة المستشرف الأع ... لى، إذا قابلتماها
حيث يأتي خلفه الآ ... داب منها من أتاها
من رجالات حبّى لم ... يحلل الجهل حباها
من رآهم من سفيه ... باع بالعلم السفاها
وعلى ذاك سرور ال ... نفس منّي وأساها
شجو نفسي باب قنّس ... رين، وهنا، وشجاها
حدث أبكي التي في ... هـ، ومثلي من بكاها
أنا أحمي حلبا دا ... را، وأحمي من حماها
أيّ حسن ما حوته ... حلب، أو ما حواها
سروها الداني، كما تد ... نو فتاة من فتاها
آسها الثاني القدود ال ... هيف، لمّا أن ثناها [1] هذا البيت مختل الوزن ولعل فيه تصحيفا.
نخلها زيتونها، أو ... لا فأرطاها عصاها
قبجها درّاجها، أو ... فحباراها قطاها
ضحكت دبسيّتاها، ... وبكت قمريّتاها
بين أفنان، تناجي ... طائريها طائراها
تدرجاها حبرجاها ... صلصلاها بلبلاها
ربّ ملقي الرّحل منها، ... حيث تلقى بيعتاها
طيّرت عنه الكرى طا ... ئرة، طار كراها
ودّ، إذ فاه بشجو، ... أنه قبّل فاها
صبّة تندب صبّا، ... قد شجته وشجاها
زيّنت، حتى انتهت ... في زينة في منتهاها
فهي مرجان شواها، ... لازورد دفّتاها
وهي تبر منتهاها، ... فضّة قرطمتاها
قلّدت بالجزع، لمّا ... قلّدت، سالفتاها
حلب أكرم مأوى، ... وكريم من أواها
بسط الغيث عليها ... بسط نور، ما طواها
وكساها حللا، أب ... دع فيها إذ كساها
حللا لحمتها السّو ... سن، والورد سداها
إجن خيرياتها بال ... لحظ، لا تحرم جناها
وعيون النرجس المن ... هلّ، كالدمع نداها
وخدودا من شقيق، ... كاللظى الحمر لظاها
وثنايا أقحوانا ... ت، سنا الدّرّ سناها
ضاع آذريونها، إذ ... ضاء، من تبر، ثراها
وطلى الطّلّ خزاما ... ها بمسك، إذ طلاها
وانتشى النّيلوفر الشّو ... ق قلوبا، واقتضاها
بحواش قد حشاها ... كلّ طيب، إذ حشاها
وبأوساط على حذ ... والزنابير حذاها
فاخري، يا حلب، المد ... ن يزد جاهك جاها
إنه إن لم تك المد ... ن رخاخا، كنت شاها
وقال كشاجم:
أرتك ندى الغيث آثارها، ... وأخرجت الأرض أزهارها
وما أمتعت جارها بلدة ... كما أمتعت حلب جارها
هي الخلد يجمع ما تشتهي، ... فزرها، فطوبى لمن زارها!
وكفر حلب: من قرى حلب. وحلب الساجور:
في نواحي حلب، ذكرها في نواحي الفتوح، قال:
وأتى أبو عبيدة بن الجرّاح، رضي الله عنه، حلب الساجور بعد فتح حلب وقدم عياض بن غنم إلى منبج.
وحلب أيضا: محلّة كبيرة في شارع القاهرة بينها وبين الفسطاط، رأيتها غير مرّة.

الإقليم السابع

الإقليم السابع:
أوله حيث يكون النهار في الاستواء سبعة أقدام ونصفا وعشرا وسدس عشر قدم، كما هو في الإقليم السادس، لأن آخره أول هذا، وآخره حيث يكون الظلّ نصف النهار في الاستواء ثمانية أقدام ونصفا ونصف عشر قدم، وليس فيه كثير عمران، إنما هو في المشرق غياض وجبال يأوي إليها فرق من الترك كالمستوحشين، ويمرّ على جبال باشغرد، وحدود البجناكية، وبلدي سرار، وبلغار، والروس، والصقالبة، والبلغرية، وينتهي إلى البحر المحيط، وقليل من وراء هذا الإقليم من الأمم مثل أيسو، وورانك، ويورة، وأمثالهم، ووقع في طرفه الأدنى الذي يلي الجنوب، حيث وقع الطرف الأقصى الشمالي من الإقليم الخامس، وطرفه الأقصى في الإقليم السادس الذي يليه، وذلك سمت خوارزم، وطرابزندة شرقا وغربا، ووقع في طرفه الأقصى الذي يلي الشمال، في أقاصي أراضي الصقالبة شرقا وأطراف الترك الذين يلون خوارزم في الشمال، ووقع في وسطه في اللان، ولم يقع فيه مدن معروفة فتذكر، وأطول نهار هؤلاء في أول الإقليم خمس عشرة ساعة ونصف وربع ساعة، وأوسطه ست عشرة ساعة وآخره ست عشرة ساعة وربع، وطول وسطه من المشرق إلى المغرب ستة آلاف ميل وسبعمائة وثمانون ميلا وأربع وخمسون دقيقة، وعرضه مائة وخمسة وثمانون ميلا وعشرون دقيقة، وتكسيره ألف ألف ميل ومائتا ألف ميل وأربعة وعشرون ألف ميل وثمانمائة وأربعة وعشرون ميلا وتسع وأربعون دقيقة، وهو على رأي الفرس للقمر، وعلى رأي الروم للمريخ، واسمه بالفارسية ماه، وله من البروج السرطان، وآخر هذا الإقليم هو آخر العمارة، ليس وراءه إلا قوم لا يعبأ بهم، وهم في ضيق العيش وقلّة الرياضة بالوحش أشبه، والله الموفق للصواب.

الإقليم السادس

الإقليم السادس:
أوله حيث يكون الظل نصف النهار في الاستواء سبعة أقدام وستّة أعشار وسدس عشر قدم، يفضل آخره على أوله بقدم واحد فقط، يبتدئ من مساكن ترك المشرق، من قاني وقون وخرخيز وكيماك والتغزغز وأرض التركمانية وفاراب وبلاد الخزر، وشمال بحرهم واللان والسرير بين هذا البحر وبحر طرابزندة، ويمرّ على القسطنطينية وأرض الفرنجة وشمال الأندلس، حتى ينتهي إلى بحر
المغرب، وعرض هذا الإقليم، في بعض الروايات: نحو من مائتي ميل ونيف، طرفه الأدنى الذي يلي الجنوب، حيث وقع طرفه الأقصى الذي يلي الشمال، فوقع بالقرب من أرض خوارزم ووراءها من طرابزندة الشاش، مما يلي الترك، ووقع وسطه بالقرب من القسطنطينية، ومن آمل: خراسان، وفرغانة، وقد وقع في هذا الإقليم، في رواية بعضهم، كثير من المدن المذكورة في الإقليم الخامس وغيرها، منها:
سمرقند، وباب الخزر، والجيل، وأطراف بلاد الأندلس التي تلي الشمال، وأطراف بلاد الصقالبة التي تلي الجنوب، وهرقلة، وأطول نهار هؤلاء في أول الإقليم خمس عشرة ساعة ونصف، وآخره خمس عشرة ساعة ونصف وربع، وطول وسطه من المشرق إلى المغرب سبعة آلاف ميل ومائة وخمسة وسبعون ميلا وثلاث وستون دقيقة، وعرضه مائتا ميل وخمسة عشر ميلا وتسع وثلاثون دقيقة، وتكسيره ألف ألف ميل وستة وأربعون ألف ميل وسبعمائة وواحد وعشرون ميلا وكذا دقيقة، وهو على رأي الفرس العطارد، وعلى رأي الروم للقمر، واسمه بالفارسية «تير» وله من البروج الجوزاء والسّنبلة.

الإقليم الخامس

الإقليم الخامس:
أوله حيث يكون الظلّ نصف النهار، إذا استوى الليل والنهار، خمسة أقدام وثلاثة أخماس قدم وسدس خمس قدم، وأوسطه حيث يكون الظلّ نصف النهار، إذا استوى الليل والنهار، ستة أقدام، وآخره حيث يكون الظلّ نصف النهار شرقا أو غربا ستة أقدام ونصف عشر وسدس عشر قدم، والذي بين طرفيه عرضا نحوا من مائة وثلاثين ميلا في رواية. ويبتدئ من أرض الترك المشرقين ويأجوج المسدودين، ويمرّ على أجناس الترك المعروفين بقبائلهم إلى كاشغر، والإصيفون، وزاشت، وفرغانة، وأسبيجاب، وشاش، وأشروسنة، وسمرقند، وبخارا، وخوارزم، وبحر الخزر، إلى باب الأبواب، وبرذعة، وميافارقين، وأرمينية، ودروب الروم، وبلادهم، وعلى رومية الكبرى، وأرض الجلالقة، وبلاد الأندلس، وينتهي إلى البحر المحيط، ووقع في وسطه بالقرب من أرض تفليس من بلاد أرمينية، ومن جرجان، وكل ما كان في هذا السمت من البلدان شرقا وغربا، ووقع طرفه الذي يلي الجنوب، بالقرب من خلاط، ودبيل، وسميساط، وملطية، وعمورية، وما كان في سمت هذا من البلدان شرقا وغربا، ووقع طرفه الأقصى الذي يلي الشمال، بالقرب من دبيل، وفي سمته بلدان يأجوج ومأجوج، وأطول نهار هؤلاء في أول الإقليم أربع عشرة ساعة ونصف وربع، وفي أوسطه خمس عشرة ساعة، وفي آخره خمس عشرة ساعة وربع، وطول وسطه من المشرق إلى المغرب سبعة آلاف ميل وستمائة وسبعون ميلا وبضع عشرة دقيقة، وعرضه مائتان وأربعة وخمسون ميلا وثلاثون دقيقة، ومساحته مكسّرا ألف ألف وثمانية وأربعون ألفا وخمسمائة وأربعة وثمانون ميلا واثنتا عشرة دقيقة، وهو للزهرة باتفاق من الفرس والروم، واسمه بالفارسية أناهيد، وله من البروج الثور والميزان.

عرض الْبَلَد

عرض الْبَلَد: قَوس من دَائِرَة نصف النَّهَار فِيمَا بَين سمت الرَّأْس ودائرة الْمعدل أَو فِيمَا بَين أحد قطبي الْعَالم والأفق وَطول أَحْمد نكر (قطّ) دَرَجَة (مَه) دقيقة وَعرضه (يح) دَرَجَة (م) دقيقة وسمت قبلته (يَا) دَرَجَة (ى) دقيقة من الْمغرب إِلَى جَانب الشمَال.

الاقليم الأول

الاقليم الأول:
أوله حيث يكون الظلّ نصف النهار، إذا استوى الليل والنهار قدما واحدة ونصفا وعشرا وسدس عشر قدم، وآخره حيث يكون ظلّ الاستواء فيه نصف النهار قدمين وثلاثة أخماس قدم، فهو من المشرق يبتدئ من أقصى بلاد الصين ويمرّ على ما يلي الجنوب من الصين، وفيه جزيرة سرنديب، وعلى سواحل البحر في جنوب بلاد السند، ثم يقطع البحر إلى جزيرة العرب وأرض اليمن، ويقطع بحر القلزم إلى بلاد الحبشة، ويقطع نيل مصر وينتهي إلى بحر المغرب فوقع
وسطه قريبا من أرض صنعاء وحضرموت، ووقع طرفه الذي يلي الجنوب قريبا من أرض عدن، ووقع طرفه الذي يلي الشمال بتهامة قريبا من مكّة، ووقع فيه من المدن المعمورة مدينة ملك الصين، وجنوب السند، وجزيرة الكرك، وجنوب الهند، ومن اليمن: صنعاء وعدن وحضرموت ونجران وجرش وجيشان وصعدة وسبا وظفار ومهرة وعمان، ومن بلاد المغرب:
تبالة، ومدينة صاحب الحبشة جرمى، ومدينة النوبة دمقلة، وجنوب البرابر، وغانة من بلاد سودان المغرب إلى البحر الأخضر، ويكون أطول نهار لهؤلاء الذين ذكرناهم، اثنتي عشرة ساعة ونصفا في ابتدائه، وفي وسطه ثلاث عشرة ساعة، وفي آخره ثلاث عشرة ساعة وربع، وطوله من المشرق إلى المغرب تسعة آلاف ميل وسبعمائة واثنان وسبعون ميلا وإحدى وأربعون دقيقة، وعرضه أربعمائة ميل واثنان وأربعون ميلا واثنتان وعشرون دقيقة وأربعون ثانية ومساحته بها مكسّرا أربعة آلاف ألف وثلاثمائة وعشرون ألف ميل وثمانمائة وسبعة وسبعون ميلا وإحدى وعشرون دقيقة، وهو إقليم زحل، باتّفاق من الفرس والروم، ويقال له بالفارسية «كيوان» وله من البروج، الجدي والدّلو.

الإقليم الثالث

الإقليم الثالث:
أوله حيث يكون الظلّ نصف النهار إذا استوى الليل والنهار ثلاثة أقدام ونصفا وعشرا
وسدس عشر قدم، وآخره حيث يكون ظل الاستواء فيه نصف النهار أربعة أقدام ونصفا وثلث عشر قدم، فيبلغ النهار في وسطه أربع عشرة ساعة، وهو يبتدئ من المشرق، فيمرّ على شمال بلاد الصين، ثم الهند، ثم السند، ثم كابل، وكرمان، وسجستان، وفارس، والأهواز، والعراقين، والشام، ومصر، والاسكندرية، وفيه من المدن بعد بلاد الصين في وسطه بالقرب من مدين في شقّ الشام، واقصة في شقّ العراق، وصارت الثعلبية وما كان في سمتها، شرقا وغربا، في طرفه الأقصى الذي يلي الجنوب، وصارت مدينة السلام وفارس وقندهار والهند، ومن أرض السند الملتان، ونهاية، وكرور، وجبال الأفغانية، وصور الشام، وطبرية، وبيروت، في حدّه الأدنى الذي يلي الشمال، وكذلك كل ما كان في سمت ذلك شرقا وغربا بين إقليمين، ووقع في هذا الإقليم من المدن المعروفة: غزنة، وكابل، والرّخّج، وجبال زبلستان، وسجستان، وأصفهان، وبست، وزرنج، وكرمان، ومن فارس: إصطخر، وجور، وفسا، وسابور، وشيراز، وسيراف، وجنّابة، وسينيز، ومهروبان، وكور الأهواز كلها، ومن العراق: البصرة، وواسط، والكوفة، وبغداد، والأنبار، وهيت، والجزيرة، ومن الشام: حمص في بعض الروايات، ودمشق، وصور، وعكا، وطبرية، وقيسارية، وأرسوف، والرملة، والبيت المقدس، وعسقلان، وغزّة، ومدين، والقلزم، ومن أرض مصر: فرما، وتنّيس، ودمياط، والفسطاط، والاسكندرية، والفيوم، ومن المغرب: برقة، وإفريقية، والقيروان، وقبائل البربر في أرض الغرب، وتاهرت، والسوس، وبلاد طنجة، وينتهي إلى البحر المحيط. وأطول نهار هؤلاء، في أول الإقليم، ثلاث عشرة ساعة ونصف وربع، وفي أوسطه أربع عشرة ساعة، وفي آخره أربع عشرة ساعة وربع، وطوله من المشرق إلى المغرب ثمانمائة ألف وسبعمائة وأربعة وسبعون ميلا وثلاث وعشرون دقيقة، وعرضه ثلاثمائة وثمانية وأربعون ميلا وخمس وأربعون دقيقة، وتكسيره مساحة ثلاثمائة ألف ألف وستة آلاف وأربعمائة وثمانية وخمسون ميلا وتسع وعشرون دقيقة. وهو في قول الفرس، للمريخ، وفي قول الروم، لعطارد، واسمه بالفارسية «بهرام» . وله من البروج:
الحمل، والعقرب، وكل ما كان في سمت ذلك، فهو داخل فيه. والله الموفق للصواب.

سُوسَةُ

سُوسَةُ:
بضم أوّله، بلفظ واحد السوس الذي في الصوف، قال بطليموس: مدينة سوسة طولها أربع وثلاثون درجة وثماني عشرة دقيقة، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة تحت عشر درج من السرطان، يقابلها عشر درجات من الجدي، بيت ملكها عشر درجات من الحمل، بيت عاقبتها عشر درجات من الميزان، لها اثنتا عشرة دقيقة في الشولة وأربع درج في سعد الذابح، ولها شركة مع النسر الطائر، قال أبو سعد: سوسة بلد بالمغرب، وهي مدينة عظيمة بها قوم لونهم لون الحنطة يضرب إلى الصفرة، ومن السوسة يخرج إلى السوس الأقصى على ساحل البحر المحيط بالدنيا، فمن السوس الأقصى إلى القيروان ثلاثة آلاف فرسخ يقطعها السالك في ثلاث سنين، ومن القيروان إلى أطرابلس مائة فرسخ، ومن أطرابلس إلى مصر ألف فرسخ، ومن مصر إلى مكّة خمسمائة فرسخ، يخرج الحاجّ من السوس
الأقصى إلى مكّة في ثلاث سنين ونصف ويرجع في مثلها، هذا كلّه عن السمعاني، وفيه تخليط، والصحيح أن سوسة مدينة صغيرة بنواحي إفريقية، بينها وبين سفاقس يومان، أكثر أهلها حاكة ينسجون الثياب السوسية الرفيعة، وما صنع في غيرها فمشبّه بها، يكون ثمن الثوب منها في بلدها عشرة دنانير، وبين سوسة والمهدية ثلاثة أيّام، قال ابن طاهر: سوسة بلدة بالمغرب، خرج منها محدثون وفقهاء وأدباء منهم: يحيى بن خالد السوسي مغربي، يحدث عن عبد الله بن وهب، كذا ذكره ابن يونس، وصديقنا الأديب أبو الحسن علي بن عبد الجبار بن الزيات المنشئ مليح الكلام في النظم والنثر، قدم الشرق وأقام بدمشق مدة ثمّ قدم الموصل وأقام بها بالمدرسة ينسخ، وهو كيّس لطيف حافظ للأخبار والأشعار سلس اللسان، أنشدني لنفسه وكتب لي بخطه:
لا تعتبن شيئا ألمّ بلمّتي، ... إنّ المشيب غبار معترك الصّبا
وغير ذلك، وقيل: من القيروان إلى سوسة ستة وثلاثون ميلا، وهي مدينة قد أحاط بها البحر من ثلاث نواح: من الشمال والجنوب والشرق، سورها صخر حصين منيع يضرب فيه البحر، وبها منار يعرف بمنار خلف الفتى، ولها ثمانية أبواب، وبها الملعب، وهو بنيان عظيم بناه الأول له أقباء مرتفعة واسعة معقودة بحجر النشفة الخفيف الذي يطفو على رأس الماء المجلوب من ناحية صقلية وحوله أقباء كثيرة يفضي بعضها إلى بعض، وهي مدينة مرخصة كثيرة الخير، وكان معاوية بن حديج قد بعث إليها بعبد الله بن الزبير في جمع كثيف، وكان بلغه أن ملك الروم أنفذ إليها بطريقا يقال له نقفور في ثلاثين ألف مقاتل فنزل بذلك الساحل، فنزل عبد الله شرفا عاليا ينظر منه إلى البحر بينه وبين سوسة اثنا عشر ميلا، فلمّا بلغ ذلك نقفور رجع في مراكبه وأخلى ذلك الساحل فنزل عبد الله بن الزبير في جيشه حتى بلغ البحر ونزل على باب مدينة سوسة ونزل عن فرسه وصلّى بالناس صلاة العصر والروم يتعجّبون من قلة اكتراثه بهم فزحفوا إليه وهو مقبل على صلاته حتى فرغ منها، فركب وشد عليهم فهزمهم حتى حجزهم في مدينتهم وعاد عنهم، وما زالت مدينة سوسة ممتنعة بأهلها، وحاصرها أبو يزيد مخلد بن كيداد الخارجي شهورا ثمّ انهزم عنها وكان عليها في ثمانين ألفا، وفي ذلك يقول سهم بن إبراهيم الورّاق:
إن الخوارج صدّها عن سوسة ... منّا طعان السّمر والإقدام
وجلاد أسياف تطاير دونها ... في النّقع دون المحصنات الهام
وقال أحمد بن صالح السوسي:
ألمّ بسوسة وبغى عليها، ... ولكن الإله لها نصير
مدينة سوسة للغرب ثغر، ... تدين لها المدائن والقصور
لقد لعن الذين بغوا عليها ... كما لعنت قريظة والنّضير
أعزّ الله خالق كلّ شيء ... بسوسة بعد ما التوت الأمور
ولولا سوسة لدهت دواهي ... يشيب لهولها الطّفل الصغير
سيبلغ ذكر سوسة كلّ أرض، ... ويغشى أهلها العدد الكثير
والخروج إلى القيروان من سوسة على الباب القبلي
المعروف بباب القيروان، ومقبرة سوسة عن يمين هذا الطريق، وكان زيادة الله بن الأغلب قد بنى سورها، وكان يقول: لا أبالي ما قدمت عليه يوم القيامة وفي صحيفتي أربع حسنات: بنيان مسجد الجامع والقيروان وبنيان قنطرة الربيع وبنيان حصن مدينة سوسة وتوليتي أحمد بن أبي محرز قضاء إفريقية، وخارج سوسة محارس ومرابط ومجامع للصالحين، وداخلها محرس عظيم كالمدينة مسور بسور متقن يعرف بمحرس الرباط يأوي إليه الصالحون والعبّاد، وقيل: داخلها محرس آخر عظيم يسمى محرس القصب وهو متصل بدار الصناعة، وسوسة في سند عال ترى دورها من البحر ووراء سورها هيكل عظيم سمّاه البحريون الفنطاس وهو أوّل ما يرى من البحر، ولهذا الهيكل أربع درج يصعد من كلّ واحدة منها إلى أعلاه، والحياكة بسوسة كثيرة، ويغزل بها غزل تباع زنة مثقال منه بمثقالين من ذهب، ومن محارس سوسة المذكورة المنستير، وقد ذكر في موضعه.

رفغ

رفغ: رَفْغ وجمعه رُفُوغ: اللئيم السافل (معجم الطرائف).
(ر ف غ) : (عَشْرٌ) مِنْ السُّنَّةِ مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وَنَتْفُ (الرُّفْغَيْنِ) قَالُوا يَعْنِي الْإِبِطَيْنِ (وَرَفْغُ) أَحَدِكُمْ فِي (وهـ) .
(رفغ)
رفغا اتَّسع رفغه واشتكى بَاطِن لَحْمه فَهُوَ أرفغ وَهِي رفغاء

(رفغ) الْعَيْش رفاغة رغد فَهُوَ رافغ ورفيغ

رفغ


رَفَغَ(n. ac. رَفَاْغَة)
a. Was prosperous, comfortable, enjoyable (
life ).
رَفْغa. Ampleness, abundance; comfort.
b. Groin.
c. (pl.
أَرْفَاْغ), Side; region.
d. Rabble.

رُفْغa. see 1 (b) (d).
رَاْفِغَة
(pl.
رَوَاْفِغُ)
a. Benefit, favour.

رَفَاْغَةa. see 1 (a)
رَفِيْغa. Prosperous; comfortable; ample, abundant.

رَفَاغِيَة رُفَغْنِيَة
a. see 1 (a)
[رفغ] الرَفْغُ: السعةُ والخصبُ. يقال رَفُغَ عيشُه بالضم رَفاغَةً: اتّسع، فهو عيش رافع ورفيع، أي واسعٌ طيِّبٌ. وتَرَفَّغَ الرجل: توسَّع، فهو في رَفاغِيةٍ من العيش، مثال ثمانية. والأَرْفاغُ: ألمَغابِنُ من الآباطِ وأصول الفخذين، الواحد رفغ ورفغ. قال الراجز: قد زوجوني جيالا فيها حدب دقيقة الارفاغ ضخماء الركب
ر ف غ

امرأة رفغاء: واسعة الرفغ. " ولا يزال رفغ أحدكم بين ظفره وأنملته ". والأرفاغ مجامع الأوساخ فتعهدوها وهي المغابن. وفلان في العيش الرافغ والرفيغ والأرفغ. قال:

تحت دجنات النعيم الأرفغ

وإنه لفي رفاغة من عيشة ورفاغية وهي السعة والخصب.

ومن المجاز: نزلوا في أرفاغ الوادي وفي رفغ الوادي وهو ألأم موضع منه وشره تراباً. وهو من أرفاغ قومه: سفلتهم وأراذلهم.
ر ف غ : الرَّفْغُ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ هُوَ أَصْلُ الْفَخِذِ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ أَصْلُ الْفَخِذِ وَسَائِرِ الْمَغَابِنِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ اجْتَمَعَ فِيهِ الْوَسَخُ فَهُوَ رَفْغٌ وَالرُّفْغُ بِضَمِّ الرَّاءِ فِي لُغَةِ أَهْلِ الْعَالِيَةِ وَالْحِجَازِ وَالْجَمْعُ أَرْفَاغٌ مِثْلُ: قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ وَتُفْتَحُ الرَّاءُ فِي لُغَةِ تَمِيمٍ وَالْجَمْعُ رُفُوغٌ وَأَرْفُغٌ مِثْلُ: فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَأَفْلُسٍ. 
رفغ
الرَّفْغ والرُّفْغُ - لُغَتانِ -: باطِن الفَخِذِ عند الأرْبِيَّةِ. وناقَةٌ رَفْغَاءُ: واسِعَةُ الرفغ. والمَرْفُوغَةُ من النِّساء: الصَّغِيرةُ الهَنَةِ لا يَصِلُ إليه الرجل. والرَّفْغَاءُ: الــدَّقِيقةُ الفَخِذَيْنِ المَعِيْقَةُ الرّفْغَيْنِ الصَغيرةُ المَتَاع. والرَّفْغُ: وسخُ الظُّفر في الحَديثِ وعَيْش رَفِيْغ: خَصِيْبٌ، وإنَّه لَفي رَفَاغَةٍ ورَفاغِية. وأرْفاغُ الوادي: جَوانِبُه.
والرَّفْغ: القِطْعَةُ من الأرض اللَّيِّنَةُ. والأرْفاغُ من الناس: سَفِلَتُهم، الواحِدُ رُفْغٌ.
وجاءَنا بمالٍ كرَفْغ التّرَابِ: أي ككَثْرَتِه.
[رفغ] فيه: وإن كان أجلى متأخرى "فارفغني" بغين معجمة أي وسع لي عيشي. نه: من السنة نتف "الرفغين" أي الإبطين، الرفغ بالضم والفتح واحد الأرفاغ وهو أصول المغابن كالأباط والحوالب وغيرها من مطاوى الأعضاء وما يجتمع فيه الوسخ والعرق. ومنه: كيف لا أوهم و"رفغ" أحدكم بين ظفره وأنملته. أراد بالرفغ هنا وسخ الظفر يريد أنكم لا تقلمون أظفاركم ثم تحكون بها أرفاغكم فيعلق بها ما فيها من الوسخ. وفيه: إذا التقى "الرفغان" وجب الغسل، يريد التقاء الختانين فكنى عنه بالتقاء أصول الفخذين. وفيه: "أرفغ" لكم المعاش، أي أوسع، وعيش "رافغ" أي واسع. ومنه: النعم "الروافغ" جمع رافغة.
(ر ف غ)

الرَّفْغ، والرُّفع: أصُول الفخذين من بَاطِن، وهما مَا اكتنفا أعالي جَانِبي الْعَانَة، عِنْد ملتقى أعالي بواطن الفخذين وَأَعْلَى الْبَطن.

وهما، أَيْضا: أصُول الإبطين.

وَالْجمع: أرفُغٌ، وارفاغ، ورِفاغ.

وناقة رَفِغة: قَرِحة الرُّفغين.

ورَفغاء: وَاسِعَة الرّفغين.

والرفْغاء، من النِّسَاء: الــدقيقة الفخذين العتيقة الرفغين الصَّغِيرَة الْمَتَاع.

وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المرافغ: اصول الْيَدَيْنِ والفخذين، لَا وَاحِد لَا من لَفظهَا.

والمرفوغة، الَّتِي التزق ختانها صَغِيرَة فَلَا يصل إِلَيْهَا الرِّجَال.

والرُّفغ: الوَسخ الَّذِي بَين الْأُنْمُلَة والظُّفر.

وَقيل: الرُّفغ: كل مَوضِع فِيهِ الوَسخ، كالإبط والعكنة وَنَحْوهمَا.

والرَّفغ: تِبن الذّرة.

والرَّفْغ: اسفل الفلاة.

والرّفغ، أَيْضا: الْمَكَان الجدب الرَّقِيق المُقارب.

والرَّفغ: الأَرْض الْكَثِيرَة التُّرَاب.

وَجَاء بِمَال كَرفْغ التُّرَاب، فِي كثرته.

وتراب رَفْغ، وَطَعَام رَفْغ: لين.

قَالَ بَعضهم: اصل الرّفغ: الِّلين والسهولة.

والرفْغ: النَّاحِيَة، عَن الاخفش، وَقَول أبي ذُؤيب: أَتَى قَرْيَة كَانَت كثيرا طعامُها كَرفْغ التُّرَاب كل شَيْء يَميرُها

يُفسر بِجَمِيعِ ذَلِك، أَو بعامته.

والرِّفْغ: السقاء الرَّقِيق المقارِب.

والرَّفغ: ألأم مَوضِع فِي الْوَادي.

وأرفاغ النَّاس: ألائمهم وسُفالهم.

وَقَالَ أَبُو حنيفَة: أرفاغ الْوَادي: جوانبه.

والرَّفْغ، الأَرْض السهلة، وَجَمعهَا: رفاغ.

والرَّفْغ، والرَّفاغة، والرَّفاغية: سَعَة الْعَيْش.

وعيش ارفغ، ورَافغ: خَصِيب.

والأرفغ: مَوضِع.
رفغ
أبو مالك: الرَّفْغُ: الأم الوادي وشرّه تراباً.
وجاء فلان بمال كَرَفغ التراب: أي في كثرته، قال أبو ذُؤيب الهُذلي يصف جملاً بُختياً:
أتى قَرْيَةً كانتْ كَثِيراً طَعَامُها ... كَرَفْغِ التُّرَابِ كُلُّ شَيءٍ يَمْيُرها
وقال الأخفش: الرَّفْغُ: الناحية. ويقال: تُراب رَفْغ وطعام رَفْغٌ وكِلْس رَفَغٌ: أي لين. وأصل الرَّفْغِ: اللين والسهولة.
وقال ابن الأعرابي: هو في رَفْغٍ من قومه وفي رَفْغٍ من القرية: أي من ناحية منهم ومنها؛ وليس في وسط القوم ووسط القرية، والجمْع: أرْفُع؟ مثال فَلْسٍ وأفْلُسٍ -، قال رؤبة:
لاجْتَبْتُ مَسْحُولاً جَدِيْبَ الأرْفُغِ
أراد بالمسحول الطريق، شُبِّه بالسَّحْل وهو ثوب أبيض.
وقال أبو زيد: الرَّفْغ: الأرض السهلة، وجَمْعه: رِفاغ؟ مثال حبْل وحبال -.
والرَّفْغُ: السعة والخِصْب، يقال: رَفُغَ عَيْشُه؟ بالضم - رَفاغَة ورَفاغِيَةً - مثال رَفاهة وزرَفاهِيَة -: أي اتسع، فهو عيش رافِغ ورَفِيْغٌ: أي واسع طيب، وهو في رُفَغْنِيَة من العيش ورُفَهْنِيَة.
والأرْفاغُ: المغابن من الآباط وأصول الفَخِذين، الواحد رَفْغٌ ورُفْغ، قال أبو خيرة: الضم لأحل الحجاز.
وقال ابن دريد: الرَّفْغُ والرُّفْغُ أصل الفَخِذ، والجمْع: ارْفاغُ ورُفُوغ. قال: وكل موضع من الجسد يجتمع فيه الوسخ؛ فهو رُفْغ وفي حديث النبي؟ صلى الله عليه وسلم -: أنه صلّى فأوهم في صلاته؛ فقيل: يا رسول الله كأنَّك أوهْمت في صلاتك؛ فقال: وكيف لا أوهم ورُفْغ أحدكم بين ظُفُره وأنْمَلِته. كأنه أراد: ووسَخ ظُفُره، فاختصر الكلام. ومما يُبين ذلك حديثه الآخر: واستبطأ الناس الوحي فقال: وكيف لا يحتبس الوحي وأنتم لا تُقَلِّمون أظفاركم ولا تُنَقَّون بَرَاجِمَكم. أراد أنكم لا تُقلِّمون أظفاركم ثم تحكُّون بها أرفاغَكُم فيعلق بها ما في الأرْفاغ.
وفي حديث " عُمر "؟ رضي الله عنه -: إذا التقى الرُّفْغَانِ فقد وجب الغُسْل. يريد: إذا التقى ذلك من الرجل والمرأة؛ ولا يكون ذلك إلا بعد التقاء الخِتانَيْن.
وإنما أنكر في الحديث الأول طول الأظفار وترك قصَّها حتى تطول. وقال الفرّاء في قوله؟ صلى الله عليه وسلم -: عَشر من السُّنة وذكر منها تقليم الأظفار ونَتْفَ الرُّفغين: أي نتف الإبط.
وقال النَّضر: الرُّفْغ من المَرأة: ما حول فَرْجِها، قال:
قد زَوَّجُوْني جَيْئلاً فيها خَدَبْ ... دَقِيْقَةَ الأرْفاغِ ضَخْماءَ الرَّكَبْ
وقال ابن عبّاد: المَرْفُوْغَة من النساء: الصغيرة الهَنَةِ لا يصل إليها الرجل.
والرَّفْغَاء: الــدقيقة الفَخِذَيْن المَعِيْقَةُ الرُّفْغَيْنِ الصغير المتاع.
والأرْقاغُ من الناس: سَفِلَتُهم.
وقال ابن دريد: الأرْفَغُ: مَوْضِع.
وقال غيره: تَرَفَّغَ الرجل المرأة: إذا قعد بين فَخِذَيْها ليَطأها.
ويقال: تَرَفَّغ فلان فوق البعير: إذا خَشي أن يرمي به خلف رجليه عند ثِيْل البعير.
والتركيب يدل على ضَعة ودناءة.

رفغ: الرَّفْغُ والرُّفْغُ: أُصُولُ الفَخِذيْنِ من باطن وهما ما

اكْتَنَفَا أَعالي جانِبَي العانةِ عند مُلْتَقَى أَعالي بَواطِنِ الفخذين

وأَعلى البطن، وهما أَيْضاً أُصول الإبْطَيْنِ، وقيل: الرُّفْغ من باطن

الفَخذِ عند الأُرْبِيَّةِ، والجمع أَرْفُغٌ وأَرْفاغٌ ورِفاغٌ؛ قال

الشاعر:قد زَوَّجُوني جَيْأَلاً، فيها حَدَبْ،

دَقِيقةَ الأَرْفاغِ ضَخْماءَ الرُّكَبْ

وناقةٌ رَفْغاءُ: واسِعةُ الرُّفْغِ. وناقة رفِغةٌ: قَرِحةُ

الرفْغَيْنِ. والرَّفْغاءُ من النساء: الــدَّقِيقةُ الفَخِذيْن المُعِيقةُ

(* قوله «

المعيقة» كذا ضبط بالأَصل، وهو في القاموس بلا ضبط، وبهامش شارحه ما نصه:

قوله المعيقة يظهر أن الميم من زيادة الناسخ في المتن وحقه العيقة كضيقة

بتشديد الياء على فيعلة من عوق، وفي اللسان عيق اتباع لضيق أي بشد الياء

فيهما، في ضيقة تعويق للرجل عن حاجته، قاله نصر). الرّفْغَيْنِ الصغيرة

المَتاعِ. وقال ابن الأَعرابي: المَرافِغُ أُصول اليدين والفخذين لا واحد

لها من لفظها. والأَرْفاغُ: المَغابنُ من الآباط وأُصولِ الفخذين

والحوالِبِ وغيرها من مَطاوِي الأَعْضاء وما يجتمع فيه الوَسَخُ والعَرَقُ.

والمَرْفُوغةُ: التي التَزَقَ خِتانُها صغيرة فلا يصل إِليها الرِّجال.

والرُّفْغُ: وسَخُ الظفُر، وقيل: الوسخ الذي بين الأُنْملة والظُّفْرِ، وقيل:

الرُّفْغ كل موضع يجتمع فيه الوسخ كالإبْط والعُكْنةِ ونحوهما. وفي

الحديث: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، صلَّى فأَوْهَم في صلاتِه فقيل له:

يا رسولَ الله كأَنك قد أَوْهَمْتَ، قال: وكيف لا أُوهِمُ ورُفْغُ

أَحدِكم بين ظُفُرِه وأُنْمُلَتِه؟ قال الأَصمعي: جمْع الرُّفْغ أَرْفاغٌ وهي

الآباطُ والمَغابِنُ من الجسد يكون ذلك في الإبلِ والناسِ؛ قال أَبو

عبيد: ومعناه في هذا الحديث ما بين الأُنثيين وأُصول الفخذين وهي المَغابِنُ،

ومما يُبَيِّنُ ذلك حديث عمر: إِذا التقى الرُّفْغانِ فقد وجَبَ

الغُسْلُ، يريد إذا التقى ذلك من الرجلِ والمرأَةِ ولا يكون هذا إلاَّ بعد

التقاء الخِتانَيْنِ، قال: ومعنى الحديث الأَوَّل أَنَّ أَحدهم يحك ذلك

المَوْضِعَ من جسده فيَعْلَقُ دَرَنه ووسَخُه بأَصابعه فيبقى بين الظفر

والأُنملة، وإِنما أَنْكَرَ من هذا طُولَ الأَظفار وتركَ قَصِّها حتى تطولَ،

وأَراد بالرُّفْغ ههنا وسَخَ الظفر كأَنه قال ووسَخُ رُفْغ أَحدِكم، والمعنى

أَنكم لا تُقَلِّمُونَ أَظْفاركم ثم تحكون أَرْفاغَكم فيَعْلَقُ بها ما

فيها من الوَسخ، والله أَعلم؛ قلت: وقوله في تفسير الحديث لا يكون التقاء

الرُّفْغَيْنِ من الرجل والمرأَة إلاَّ بعد التقاء الخِتانَيْن فيه نظر

لأَنه قد يمكن أَن يلتقي الرفغان ولا يلتقي الخِتانان، ولكنه أَراد

الغالب من هذه الحالة، والله أَعلم. والرُّفْغان:أَصْلا الفخذين. وفي الحديث:

عشر من السنة كذا وكذا ونَتْفُ الرُّفْغَيْن أَي الإِبْطين، وجعل الفراء

الرفغين الإِبطين في قوله في الحديث: عشر من السنة منها تقليم الأَظْفار

ونَتْفُ الرُّفْغَيْنِ؛ وهو في حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: ونَتْفُ

الإِبْطِ، وهو مروي عن أَبي هريرة أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:

خمس من الفِطْرةِ: الاسْتِحْدادُ والخِتانُ وقَصُّ الشارِب ونتفُ

الإِبْطِ وتَقْلِيمُ الأَظفارِ. ابن شميل: والرُّفْغُ من المرأَة ما حولَ

فرجها.وقال أَعرابي: تَرَفَّغَ الرجلُ المرأَةَ إذا قعد بين فخذيها لِيَطأَها،

وفي موضع آخر: رَفَغَ الرجلُ المرأَةَ إِذا قعد بين فخذيها. ويقال:

تَرَفَّغَ فلان فوق البعير إِذا خشي أَن يَرْمِيَ به فلَفَّ رجْلَيه عند

ثِيلِ البعير. والرَّفْغُ: تِبْنُ الذُّرةِ؛ قال الشاعر:

دُونكِ بوغاءَ تُرابَ الرَّفْغِ

والرَّفْغُ: أَسفلُ الفلاةِ وأَسفلُ الوادِي. والرَّفْغُ أَيضاً: المكان

الجَدْبُ الرَّقِيقُ المُقارِبُ. والرَّفْغُ: الأَرضُ الكثيرةُ

التُّراب. وجاءَ فلان بمال كرَفْغِ التراب في كثرته. وتراب رَفْغٌ وطعامٌ رَفْغٌ:

لَيِّن. قال بعضهم: أَصل الرَّفْغِ اللِّينُ والسُّهولةُ. والرَّفْغُ:

الناحيةُ؛ عن الأَخفش؛ وقول أَبي ذؤَيب:

أَتى قَرْيةً كانَتْ كثيراً طَعامُها،

كرَفْغِ التُّرابِ ، كلُّ شيءٍ يَميرُها

يُفَسَّر بجميع ذلك أَو بعامَّتِه. ابن الأَعرابي: يقال هو في رَفْغٍ من

قومه وفي رَفْغٍ من القريةِ إذا كان في ناحيةٍ منها وليس في وسَط قومه.

والرَّفْغُ: السِّقاءُ الرَّقِيقُ المُقارِبُ. والرَّفْغُ أَلأَيامُ

موْضِعٍ في الوادِي وشَرُّه تُراباً. وأَرْفاغُ الناسِ: أَلائمهُم

وسُفَّالُهم، الواحد رَفْغٌ. وقال أَبو حنيفة: أَرْفاغ الوادِي جَوانِبُه.

والرَّفْغ: الأَرضُ السَّهْلة، وجمعها رِفاغٌ. والرَّفْغُ والرَّفاغةُ

والرَّفاغِيةُ: سَعةُ العَيْشِ والخِصْبُ والسَّعةُ. وعيشٌ أَرْفَغ ورافِغٌ

ورفِيغٌ: خصيبٌ واسِعٌ طيِّب. ورَفُغَ عيشُه، بالضم، رَفاغةً: اتَّسَعَ.

وتَرَفَّغَ الرجلُ: تَوَسَّعَ. لفي وإنه رَفاغةٍ ورَفاغِيةٍ من العيش مثل

ثمانية؛ وأَنشد:

تحتَ دُجُنَّاتِ الأَرْفَغِ

والرُّفَغْنِيةُ والرُّفَهْنِيةُ: سعة العيش. وفي حديث عليّ: أَرْفَغَ

لكم المَعاشَ أَي أَوْسَعَ، وفي حديثه: النَّعَم الرَّوافِغُ، جمع

رافِغةٍ. والأَرْفَغُ: موضِعٌ.

رفغ

1 رَفْغَ عَيْشُهُ, [aor. ـُ inf. n. رَفَاغَةٌ, His means of subsistence became ample, or abundant. (S.) [See also رَفْغٌ, below.]

A2: [رَفَغَ, aor. ـَ He made the means of subsistence ample, or abundant. Yousay,] أَرْفَغُ لَكُمُ المَعَاشَ I will make ample, or abundant, to you the means of subsistence. (TA.) A3: رَفَغَ المَرْأَةَ i. q. ترفّغها, q. v. (TA.) 5 ترفّغ He (a man) became, or made himself, ample, or abundant, in his means of subsistence; syn. تَوَسَّعَ: (S:) or he exhibited ampleness, or abundance, in his means of subsistence. (PS.) A2: ترفّغ فَوْقَ البَعِيرِ He (a man), feared that the camel [upon which he was riding] would throw him, and therefore wound his legs next the sheath of his [the camel's] penis: [i. e., pressed his heels against the camel's أَرْفَاغ (or groins):] in the K, as also in the O and Tekmileh, خَلْفَ رِجْلَيْهِ is erroneously put for فَلَفَّ رِجْلَيْهِ, the reading in the L. (TA.) b2: ترفّغها, He sat between her thighs, for the purpose of compressing her; (K;) from the Nawádir el-Aaráb; as also ↓ رَفَغَهَا, i.e. رَفَغَ المَرْأَةَ. (TA.) رَفْغٌ Softness, tenderness, or smoothness: (O, L, K: *) this is the primary signification, accord. to the O and L: accord. to MF, softness, tenderness, or smoothness, and uncleanness, or dirtiness; but this addition is wrong; and he has wrongly ascribed this explanation to Er-Rághib, who mentions in his book only the words of the Kurn. (TA.) b2: Ampleness, or abundance, of the means of subsistence; and abundance of herbage, or of the goods, conveniences, or comforts, of life: (S, K, * TA:) and so ↓ رَفَاغَةٌ, (JK, * S, * TA,) an inf. n., (S,) and ↓ رَفَاغِيَةٌ, [also, app., an inf. n., like رَفَاهِيَةٌ;] (JK, * S, * TA;) and ↓ رُفَغْنِيَةٌ, like بُلَهْنِيَةٌ (K, TA) and رُفَهْنِيَةٌ, (TA,) [in which the last three letters, following the غ, are all augmentative,] signifies [the same, or] ampleness, or abundance, of the means of subsistence. (K, TA.) A2: Also, (S, Msb, K, &c.,) and ↓ رُفْغٌ, (S, Msb, TA,) the former of the dial. of Temeem, and the latter of the dial. of the people of El-'Áliyeh and of El-Hijáz, (Aboo-Kheyreh, Msb, TA,) [The groin;] the root of the thigh; (ISk, JM, Msb, K; and Mgh in art. وهم;) and any of the other مَغَابِن [or places of flexure or creasing]; (ISk, Msb;) and any place of the body in which dirt collects, (ISk, JM, L, Msb, K,) such as the armpit and the crease of the belly and the like: (L:) or the inner side of the thigh, at the root: (JK:) or the inner side of the root of each thigh, next the upper parts of the sides of the pubes, where the upper parts of the inner sides of the thighs and the upper part of the belly [app. a mistake for the lower part of the belly] meet: (TA:) [or each of the two inguinal creases; for] the رُفْغَانِ are between the pubes and the thigh, [one on each side,] and are also called the مَغَابِن: (Zj in his “ Khalk el-Insán: ”) the latter (رُفْغٌ) also particularly signifies the armpit: (Fr, Mgh, K:) or, as some say, the root [or innermost part] of the armpit: (TA:) and the same, (ISh, K,) or each, (Msb,) the parts around the فَرْج [or vulva, or external portion of the organs of generation,] (ISh, Msb, K) of a woman: (ISh, K:) and sometimes the فَرْج itself: (Msb:) the pl. is أَرْفَاغٌ (S, Mgh, Msb, K) and رُفُوغٌ (Msb, K) and رِفَاغٌ and [of pauc.] أَرْفُغٌ, the first of which four is pl. of رُفْغٌ, [and is properly a pl. of pauc.,] the rest being pls. of رَفْغٌ: (Msb:) [accord. to J,] أَرْفَاغٌ signifies the مَغَابِن [or places of flexure, or creasing,] of the armpits, and of the roots of the thighs: (S:) accord. to As, the armpits, and the [other] مَغَابِن of the body: (Mgh in art. وهم:) IAar says that ↓ مَرَافِغُ signifies the roots of the arms and of the thighs, and has no proper sing.: and الارفاغ is the sing. of الرُّفَغُ (واحد الرُّفَغِ [but this is app. a mistranscription for وُاحِدُهُ الرُّفْغُ meaning that أَرْفَاغٌ has for its sing: رُفْغٌ]): and ↓ رُفَغٌ signifies the مَغَابِن and مَحَالِب [by which latter are app. meant the places that sweat] of the body: accord. to As, what is thus termed is in camels and in human beings. (TA. [But the sing. verb in this last clause suggests that there is another mistranscription here, and a looseness of explanation; and that we should read thus: “ and رُفْغٌ (not رُفَغٌ) signifies any of the مَغَابِن and of the مَحَالِب of the body. ”]) b2: Also, both words, The dirt of the nail: (K:) or the dirt that is between the end of the finger and the nail, when the nail is not pared, after scratching the أَرْفَاغ [or groins and armpits and the like]: (TA:) or the former [or each] signifies the dirt of the مَغَابِن [or places of flexure, or creasing, of the body]; (K;) or the dirt and sweat that collect in the مغابن of the armpits, and of the roots of the thighs, and other places of folding of the limbs. (TA.) b3: Also the former word, (رَفْغٌ,) (assumed tropical:) A soft, or plain, tract, or piece, of land: (JK, K: *) pl. رِفَاغٌ. (K.) b4: (assumed tropical:) Land having much soil or dust. (L, K.) [Hence,] one says, جَآءَ فُلَانٌ بِمَالٍ كَرَفْغِ التُّرَابِ (assumed tropical:) Such a one came with, or brought, wealth, or cattle, abundant as the soil, or dust, thus termed. (L.) b5: (assumed tropical:) A place affected with drought, or barrenness, (L, K,) thin, or shallow, [in its soil,] of middling quality. (L.) b6: (tropical:) The vilest place in a valley, and the worst in re spect of soil: (Aboo-Málik, K, * TA:) the lowest part of a valley and of a desert: (TA:) or أَرْفَاغُ الوَادِى signifies the sides of the valley. (AHn, JK, TA.) b7: (tropical:) A side, or lateral part or region: (Akh, IAar, K:) pl. أَرْفُغٌ. (K.) Yousay, هُوَ فِى رَفْغٍ مِنْ قَوْمِهِ, and مِنَ القَرْيَةِ, (tropical:) He is in a side, or lateral part, not in the middle, of his people, or party, and of the town, or village. (IAar, TA.) b8: Also sing. of أَرْفَاغٌ meaning (tropical:) The lower, or lowest, baser or basest, meaner or mean est, sort, or the rabble, or refuse, of mankind; (JK, K, TA;) likened to the أَرْفَاغ of a valley: or the sing. of ارفاغ in this sense is ↓ رُفْغٌ. (TA.) b9: (assumed tropical:) A skin for water, or for milk, that is thin, or rendered thin, (accord. to different copies of the K,) and of little worth. (K, TA.) b10: (assumed tropical:) The straw of [the species of millet called] ذُرَة: so accord. to the author of the L; but accord. to others, it is دَفْغٌ, with دال, if this be not a mis transcription. (TA.) A3: As an epithet, رَفْغٌ sig nifies Soft; applied to dust, or earth, and to food, or wheat, (طَعَام,) and to كِلْس [or quicklime, &c.]. (K, * TA.) رُفْغٌ: see the next preceding paragraph, in two places.

رُفَغٌ: see رَفْغٌ in the middle of the paragraph.

رَفِغَةٌ A she-camel having purulent pustules, ulcers, or sores, in the رُفْغَانِ [meaning groins or armpits]. (A, TA.) رَفْغَآءُ [fem. of أَرْفَغُ], applied to a woman, (JK, Ibn-'Abbád, L, K,) Small in the مَتَاع [or vulva]: (L:) or thin in the thighs, small in the هَن [or vulva], deep in the رُفْغَانِ [or groins]: (JK, Ibn 'Abbád, K:) or a woman narrow in the أَرْفَاغ [or groins, or inguinal creases, or the like]: (TA in art. ربل, from the 'Eyn:) or, applied to a woman, (A,) or to a she-camel, (JK, L,) wide in the رُفْغ [app. meaning the vulva or the parts around the vulva]. (JK, A, L.) عَيْشٌ رَفِيغٌ (JK, S, TA) and ↓ رَافِغٌ (S, TA) and ↓ أَرْفَغُ (TA) Ample, or abundant, (JK, S, TA,) and pleasant, or good, (S, TA,) means of subsist ence. (JK, S, TA.) رَفَاغَةٌ: see رَفْغٌ, second sentence.

رَفَاغِيَةٌ: see رَفْغٌ, second sentence.

رُفَغْنِيَةٌ: see رَفْغٌ, second sentence.

رَافِغٌ: see رَفِيغٌ.

رَافِغَةٌ, i. q. نِعْمَةٌ [app. as meaning A benefit, benefaction, favour, boon, or blessing]: pl. رَوَافِغُ. (TA.) أَرْفَغُ: see رَفِيغٌ. b2: Its fem., رَفْغَآءُ, is mentioned above, by itself.

مَرْفُوغَةٌ [syn. with مَرْصُوفَةٌ] A woman small in the هَن [or vulva], (JK, Ibn-'Abbád, K,) or whose place of circumcision has cohered [after the operation] when she was young, and, conse quently, (L,) impervia viro. (JK, Ibn-' Abbád, L, K.) مَرَافِغُ: see رَفْغٌ, in the middle of the paragraph.
رفغ
الرَّفْعُ: ألأمُ مَوْضِعٍ فِي الوادِي، وشَرُّه تُراباً، قالَهُ أَبُو مالِكٍ، وهوَ مجازٌ.
وَمن المَجَازِ أيْضاً: الرَّفْغُ: النّاحِيَةُ عَن الأخْفَشِ، وقالَ ابنُ الأعْرَابِيّ يُقَالُ: هُوَ فِي رَفْغِ منْ قَوْمِه، وَفِي رَفْغٍ منَ القَرْيَةِ، أَي فِي ناحِيَةٍ منْهُم ومنْهَا، ولَيْسَ فِي وَسَطِ القَرْيَةِ. ج: أرْفُغٌ كأفْلُسٍ، قالَ رُؤْبَةُ: لاجْتَبْتُ مَسْحُولاً جَديبَ الأرْفُغِ أرادَ بالمَسْحُولِ: الطَّرِيقَ.
وقالَ أَبُو زَيْدٍ: الرَّفْغُ الأرْضُ السَّهْلَةُ وَج: رِفَاغٌ كجِبَالٍ. والرَّفْغُ: السِّقَاءُ الرَّقِيقُ المُقَارِبُ.
وَفِي اللِّسَانِ: الرَّفْغُ: الأرْضُ الكَثِيرَةُ التُّرَابِ يُقَالُ: جاءَ فُلانٌ بمالٍ كرَفْغِ التُّرَابِ، أَي: فِي كَثْرَتِه، قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ جَمَلاً بُخْتِيّاً:
(أَتَى قَرْيَةً كانَتْ كَثِيراً طَعَامُهَا ... كرَفْغِ التُّرَابِ كُلُّ شَيءٍ يَمِيرُها)
والرَّفْغُ: المَكَانُ الجَدْبُ الرَّقِيقُ المُقَارِبُ، كَمَا فِي اللِّسانِ.
والرَّفْعُ: وَسَخُ الظُّفْرِ، ويُضَمُّ وقيلَ: هُوَ الوَسَخُ الّذِي بَيْنَ الأُنْمُلَةِ والظُّفْرِ، ومنْهُ الحديثُ: وكَيْفَ لَا أُوهِمُ ورُفْغُ أحَدِكُمْ بَينَ ظُفُرِه وأُنْمُلَتِهِ وقالَ الصّاغَانِيُّ: وكأنَّهُ أرادَ وَسَخَ ظُفُرهِ، فاخْتَصَرَ الكلامَ، وممّا يُبَيِّنُ ذلكَ حَدِيثُه الآخَر: واسْتَبْطَأَ النّاسُ الوَحْيَ، فقالَ: وكَيْفَ لَا يَحْتَبِسُ الوَحْيُ، وأنْتُم لَا تُقَلِّمُونَ أظْفَارِكُمْ، وَلَا تُنَقُّون بَراجِمَكُمْ، أرادَ أنَّكُمْ لَا تُقَلِّمُونَ أظْفَارَكُمْ، ثُمَّ تَحُكُّونَ بهَا أرْفاغَكُم، فيَعْلَقُ بهَا مَا فِي الأرْفَاغِ.
أَو الرَّفْغُ: وَسَخٌ وعَرَقٌ يَجْتَمِعُ فِي المَغَابِنِ منَ الآباطِ وأُصُولِ الفَخِذَيْنِ والحَوَالِبِ وغَيْرِهَا من مَطَاوِي الأعْضَاءِ.
والرُّفْغُ: السَّعَةُ منَ العَيْشِ والخِصْبُ، وَقد رَفُغَ عَيْشُهُ، ككَرُمَ.)
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: الرَّفْغُ: أصلُ الفَخِذِ، ويُضَمُّ، قالَ غَيْرُه: الرَّفْغُ والرُّفْغُ: أُصُولُ الفَخِذَينِ منْ باطِنٍ، وهُمَا مَا اكْتَنَفَا أعالِي جانِبَيِ العانَة عِنْدَ مُلْتَقَى أعالِي بَوَاطِنِ الفَخِذَيْنِ وأعْلى البَطْنِ، وقيلَ: الرُّفْغُ: منْ باطِنِ الفَخِذِ عِنْدَ الأُرْبِيَّةِ.
قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: وقيلَ: كُلُّ مُجْتَمَعِ وَسَخٍ منَ الجَسَدِ: رَفْغٌ، ونَصُّ الجَمْهَرَةِ: كُلُّ مَوْضِعٍ منَ الجَسَدِ يَجْتَمِعُ فيهِ الوَسَخُ فهُوَ رَفْغٌ، زادَ فِي اللِّسانِ: كالإبْطِ والعُكْنَةِ، ونَحْوِهِما وقولُه: ويُضَمُّ، هَذَا راجِعٌ لقَوْلِه أصْلُ الفَخِذِ، فإنَّه الّذِي ذُكِرَ فيهِ الوَجْهَانِ، وكَلامُ المُصَنِّف لَا يَخْلُو عنْ نَظَرٍ، قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: ج: أرْفاغٌ، ورُفُوغٌ زادَ غَيْرُه: وأرْفُغٌ، كأفْلُسٍ.
وَفِي المِصْبَاحِ: الرُّفْغُ بالضَّمِّ: لُغَةُ أهْلِ العالِيَةِ والحِجَازِ، والفَتْحُ لُغَةُ تَمِيمٍ. قلتُ: وهُوَ قَوْلُ أبي خَيْرَةَ.
وتُرَابٌ رَفْغٌ، وطَعَامٌ رَفْغٌ، وكِلْسٌ رَفْغٌ، أَي: لَيِّنٌ، وأصْلُ الرَّفْغِ: اللِّينُ والسُّهُولَةُ، كَمَا فِي اللِّسَانِ والعُبابِ، وقالَ شَيْخُنا: أصْلُ الرَّفْغِ: اللِّينُ والقَذَرُ، كَمَا قالَهُ الرّاغِبُ وغَيْرُه.
قلتُ: القَذَرُ لَيْسَ منْ أُصُولِ مَعَانِي الرَّفْغِ، وَمَا نَسَبَهُ إِلَى الرّاغِبِ فغَيْرُ وَجِيهٍ، فإنَّه لَا يَذْكُرُ فِي كِتَابِه إِلَّا لُغَات القُرْآنِ، وليسَ الرَّفْغُ فيهِ، وشَيخُنا رَحمَه الله تَعَالَى أحْيَاناً يَنْسبُ إليْهِ نَظَرَاً إِلَى أنَّهُ من أئِمَّةِ الاشْتِقَاقِ بَعْضَ التَّحْقِيقَاتِ من بابِ الحَدْسِ والتَّخْمِينِ، فتأمَّلْ.
والرُّفْغُ بالضَّمِّ الإبْطُ عَن الفَرّاءِ، وروَى الحديثَ: عَشْرٌ منَ السُّنَةِ: فذكَرَهُنَّ، وقالَ: نَتْفُ الرُّفْغَيْنِ هَكَذَا رَواهُ، وفسَّرَهُ بالإبْطَيْنِ، والمَرْوِيُّ عَن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ: خَمْسٌ من الفِطْرَةِ، وفيهِ: ونَتْفُ الإبْطِ، وتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وقيلَ: الرُّفْغُ: أصْلُ الإبْطِ.
وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: الرُّفْغُ: مَا حَوْلَ فَرْجِ المَرْأَةِ وَفِي المِصْبَاحِ: ويُطْلَقُ على الفَرْجِ أيْضاً وَفِي حديثِ عُمَرَ رَضِي الله عَنهُ: إِذا الْتَقَى الرُّفْغَانِ فقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ يُرِيدُ: إِذا الْتَقَى ذلكَ من الرَّجُلِ والمَرْأَةِ وَلَا يَكُونُ ذلكَ إِلَّا بالْتِقَاءِ الخِتَانَيْنِ، قالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، واعْتَرَضَ صاحِبُ اللِّسَانِ، فقالَ: وَهَذَا فيهِ نَظَرٌ، لأنَّهُ قدْ يُمْكِنُ الْتِقَاءُ الرُّفْغَيْنِ وَلَا يَلْتَقِي الخِتَانانِ، ولكنَّه أرادَ الغَالِبَ منْ هذهِ الحالَةِ، واللهُ أعْلَمُ.
وجَمْعُ الرُّفْغِ: أرْفَاغٌ، قالَ الشّاعِرُ: قدْ زَوَّجُونِي جَيْئلاً فِيهَا حَدَبْ دَقِيقَةَ الأرْفاغِ ضَخْمَاءَ الرَّكَبْ وقالَ ابنُ عَبّادٍ: المَرْفُوغَةُ: المَرْأَةُ الصَّغِيرَةُ الهَنَة لَا يَصِلُ إليْهَا الرَّجُلُ وَفِي اللِّسَانِ: هِيَ الّتِي) خِتَانُهَا صَغِيرَةً، فَلَا يَصِلُ إليْهَا الرَّجُلُ.
قالَ ابنُ عَبّادٍ: والرَّفْغَاءُ: الــدَّقِيقَةُ الفَخِذَيْنِ، الصَّغِيرَةُ الهَنَةِ، المَعِيقَةُ الرُّفْغَيْنِ، وَفِي اللِّسَانِ: الصَّغِيرَةُ المَتَاعِ.
وَمن المَجَازِ: الأرْفَاغُ: السَّفِلَةُ منَ النّاسِ وأرَاذِلُهُم تَشْبِيهاً بأرْفاغ الوَادي، الوَاحِدُ رَفْغٌ بالفَتْح أَو بالضَّمِّ كقُفْلٍ وأقْفَالٍ.
والأرْفَغُ: ع عَن ابنِ دُرَيدٍ، نَقَلَه ياقُوت والصّاغَانِيُّ.
وَفِي نَوَادِرِ الأعْرَابِ: تَرَفَّغَها إِذا قَعَدَ بَيْنَ فَخِذَيْهَا ليَطَأَهَا.
ويُقَالُ: تَرَفَّغَ فُلانٌ فَوْقَ البَعِير: إِذا خَشِيَ أنْ يَرْمِيَ بهِ خَلْفَ رِجْلَيْه هَكَذَا فِي سائِرِ النُّسَخِ، ووَقَعَ هَكَذَا فِي نُسَخِ العُبَابِ والتَّكْمِلَةِ، وَهُوَ غَلَطٌ وتَصْحِيفٌ وصَوَابُه: فَلَفَّ رِجْلَيْهِ عِنْدَ ثِيلِه، وقدْ أوْرَدَهُ صاحِبُ اللِّسَانِ على الصَّوابِ.
والرُّفَغْنِيَةُ، كبُلَهْنِيَةٍ: سَعَةُ العَيْشِ وكذلكَ الرُّفَهْنِيَةُ.
وممّا يستدْرَكُ عليهِ: ناقَةٌ رَفْغاءُ: واسِعَةُ الرُّفْغِ، كَمَا فِي اللِّسَانِ، وَفِي الأساسِ: امْرَأَةٌ رَفْغَاءُ: واسِعَةُ الرُّفْغِ.
وناقَةٌ رَفِغَةٌ، كفَرِحَة: فَرِجَةُ الرُّفْغَيْنِ.
قَالَ ابنُ الأعْرَابِيّ: المَرَافِغُ: أُصُولُ اليَدَيْنِ والفَخِذَيْنِ، لَا وَاحِدَ لَهَا منْ لَفْظِها.
والأرْفَاغُ واحِدُهَا الرُّفْغُ والرَّفْغُ: المَغَابِنُ والمَحَالِبُ منَ الجَسَدِ، قالَ الأصْمَعِيُّ: يَكُونُ فِي الإبِلِ والنّاسِ.
ورَفَغَ المَرْأَةَ، كتَرَفَّغَ.
والرَّفْغُ، بالفَتْحِ: تِبْنُ الذُّرَةِ، هُنَا ذكَرَهُ صاحِبُ اللِّسَانِ، وأنْشَدَ قَولَ الشّاعِرِ: دُونَكَ بَوْغاءَ تُرَابِ الرَّفْغِ وَقد ذكَرَهُ الصّاغَانِيُّ وغَيْرُه فِي دفغ بالدّالِ، وإنْ لمْ يَكُنْ تَصْحِيفاً فإنَّ التَّرْكِيبَ لَا يَدْفَعُه إِذا تَؤُمِّلَ فيهِ.
والرَّفْغُ: أسْفَلُ الفَلاةِ وأسْفَلُ الوَادِي، وقالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أرْفَاغُ الوادِي: جوانِبُه.
والرَّفْغُ، والرَّفَاغَةُ، والرَّفاغِيَةُ، بالفَتْحِ فِي الكُلِّ: سَعَةُ العَيْشِ والخِصْبِ، وعَيْشٌ أرْفَغُ، ورافِغٌ، ورَفِيغٌ: خَصِيبٌ واسِعٌ طَيِّبٌ، وقدْ رَفُغَ، ككَرُمَ: اتَّسَعَ.)
وتَرَفَّغَ الرَّجُلُ: تَوَسَّعَ، وَقَالَ الشّاعِرُ: تحْتَ دُجُنّاتِ النَّعِيمِ الأرْفَغِ والرَّافِغَةُ: النِّعْمَةُ، والجَمْعُ: الرَّوافِغُ.
وأرْفَغَ لَكُمُ المَعَاشَ: أيْ أوْسَعَهُ.

التشبيه في القرآن

التشبيه في القرآن
- 1 - أرى واجبا علىّ قبل الحديث عن التشبيه في القرآن الكريم، أن أتحدث قليلا عن بعض نظرات للأقدمين في هذا الباب، لا أوافقهم عليها، ولا أرى لها قيمة في التقدير الفنى السليم.
فمما اعتمد عليه القدماء في عقد التشبيه العقل، يجعلونه رابطا بين أمرين أو مفرّقا بينهما، وأغفلوا في كثير من الأحيان وقع الشيء على النفس، وشعورها به سرورا أو ألما، وليس التشبيه في واقع الأمر سوى إدراك ما بين أمرين من صلة في وقعهما على النفس، أما تبطن الأمور، وإدراك الصلة التى يربطها العقل وحده فليس ذلك من التشبيه الفنى البليغ، وعلى الأساس الذى أقاموه استجادوا قول ابن الرومى:
بذل الوعد للأخلاء سمحا ... وأبى بعد ذاك بذل العطاء
فغدا كالخلاف، يورق للعين، ويأبى الإثمار كل الإباء
وجعلوا الجامع بين الأمرين جمال المنظر وتفاهة المخبر، وهو جامع عقلى، كما نرى، لا يقوم عليه تشبيه فنى صحيح، ذلك أن من يقف أمام شجرة الخلاف أو غيرها من
الأشجار، لا ينطبع في نفسه عند رؤيتها سوى جمالها ونضرة ورقها وحسن أزهارها، ولا يخطر بباله أن يكون لتلك الشجرة الوارفة الظلال ثمر يجنيه أو لا يكون، ولا يقلل من قيمتها لدى رائيها، ولا يحط من جمالها وجلالها، ألا يكون لها بعد ذلك ثمر شهى، فإذا كانت تفاهة المخبر تقلل من شأن الرجل ذى المنظر الأنيق، وتعكس صورته منتقصة في نفس رائيه، فإن الشجرة لا يقلل من جمالها لدى النفس عدم إثمارها، وبهذا اختلف الوقع لدى النفس بين المشبّه والمشبه به، ولذلك لا يعد من التشبيه الفنى المقبول.
وقبل الأقدمون من التشبيه ما عقدت الحواس الصلة بينهما، وإن لم تعقدها النفس، فاستجادوا مثل قول الشاعر يصف بنفسجا:
ولازورديّة تزهو بزرقتها ... بين الرياض على حمر اليواقيت
كأنها فوق قامات ضعفن بها ... أوائل النار في أطراف كبريت فليس ثمة ما يجمع بين البنفسج وعود الكبريت، وقد بدأت النار تشتعل فيه، سوى لون الزرقة التى لا تكاد تبدأ حتى تختفى في حمرة اللهب، وفضلا عن التفاوت بين اللونين، فهو في البنفسج شديد الزرقة، وفي أوائل النار ضعيفها، فضلا عن هذا التفاوت نجد الوقع النفسى للطرفين شديد التباين، فزهرة البنفسج توحى إلى النفس بالهدوء والاستسلام وفقدان المقاومة، وربما اتخذت لذلك رمزا للحب، بينما أوائل النار في أطراف الكبريت تحمل إلى النفس معنى القوة واليقظة والمهاجمة، ولا تكاد النفس تجد بينهما رابطا. كما استجادوا كذلك قول ابن المعتز:
كأنا وضوء الصبح يستعجل الدجى ... نطير غرابا ذا قوادم جون
قال صاحب الإيضاح: «شبه ظلام الليل حين يظهر فيه ضوء الصبح بأشخاص الغربان، ثم شرط قوادم ريشها بيضاء؛ لأن تلك الفرق من الظلمة تقع في حواشيها، من حيث يلى معظم الصبح وعموده، لمع نور، يتخيل منها في العين كشكل قوادم بيض». وهكذا لم ير ابن المعتز من الدجى وضوء الصباح سوى لونيها، أما هذا الجلال الذى يشعر به في الدجى، وتلك الحياة التى يوحى بها ضوء الصبح، والتى عبّر القرآن عنها بقوله: وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (التكوير 18).- فمما لم يحس به شاعرنا، ولم يقدره نقادنا، وأين من جلال هذا الكون الكبير، ذرة تطير؟!
وقبلوا من التشبيه ما كان فيه المشبه به خياليّا، توجد أجزاؤه في الخارج دون صورته المركبة، ولا أتردد في وضع هذا التشبيه بعيدا عن دائرة الفن؛ لأنه لا يحقق الهدف الفنى للتشبيه، فكيف تلمح النفس صلة بين صورة ترى، وصورة يجمع العقل أجزاءها من هنا وهنا، وكيف يتخذ المتخيل مثالا لمحسوس مرئى، وقبل الأقدمون لذلك قول الشاعر:
وكأن محمرّ الشقيق ... إذا تصوّب أو تصعّد
أعلام ياقوت نشر ... ن على رماح من زبرجد
ألا ترى أن هذه الأعلام من الياقوت المنشورة على رماح الزّبرجد، لم تزدك عمق شعور بمحمر الشقيق، بل لم ترسم لك صورته إذا كنت جاهله، فما قيمة التشبيه إذا وما هدفه؟! وسوف أتحدث عن الآية الكريمة التى فيها هذا اللون من التشبيه لندرك سره وقيمته.
هذا، ولن نقدّر التشبيه بنفاسة عناصره، بل بقدرته على التصوير والتأثير، فليس تشبيه ابن المعتز للهلال حين يقول:
انظر إليه كزورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر وتلمس شبه له بهذا الزّورق الفضى المثقل بحمولة العنبر، مما يرفع من شأنه، أو ينهض بهذا التّشبيه الذى لم يزدنا شعورا بجمال الهلال، ولا أنسا برؤيته، ولم يزد على أن وضع لنا إلى جانب الهلال الجميل صورة شوهاء متخيلة، وأين الزورق الضخم من الهلال النحيل، وإن شئت فوازن بين هذه الصورة التى رسمها ابن المعتز للهلال، وتلك الصورة التى تعبر عن الإحساس البصرى والشعور النفسى معا، حينما تحدّث القرآن عن هذا الهلال، فقال: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (يس 39). فهذا العرجون القديم أقدر على تصوير القمر كما تراه العين وكما تحسّ به النفس أكثر من تصوير الزورق الفضى له، كما سنرى.
- 2 - التشبيه لمح صلة بين أمرين من حيث وقعهما النفسى، وبه يوضح الفنان شعوره نحو شىء ما، حتى يصبح واضحا وضوحا وجدانيّا، وحتى يحس السامع بما أحس المتكلم به، فهو ليس دلالة مجردة، ولكنه دلالة فنية، ذلك أنك تقول: ذاك رجل لا ينتفع بعلمه، وليس فيما تقول سوى خبر مجرد عن شعورك نحو قبح هذا الرجل، فإذا قلت إنه كالحمار يحمل أسفارا، فقد وصفت لنا شعورك نحوه، ودللت على احتقارك له وسخريتك منه.
والغرض من التشبيه هو الوضوح والتأثير، ذلك أن المتفنن يدرك ما بين الأشياء من صلات يمكن أن يستعين بها في توضيح شعوره، فهو يلمح وضاءة ونورا في شىء ما، فيضعه بجانب آخر يلقى عليه ضوءا منه، فهو مصباح يوضح هذا الإحساس الوجدانى، ويستطيع أن ينقله إلى السامع.
ليس من أغراض التشبيه إذا ما ذكره الأقدمون من «بيان أن وجود المشبه ممكن وذلك في كل أمر غريب يمكن أن يخالف فيه ويدعى امتناعه» . وقد استشهدوا على هذا الغرض بقول المتنبى:
فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإن المسك بعض دم الغزال
وليس في هذا البيت تشبيه فنّى مقبول، فليس الأثر الذى يحدثه المسك في النفس سوى الارتياح لرائحته الذكية، ولا يمر بالخاطر أنه بعض دم الغزال، بل إن هذا الخاطر إذا مرّ بالنفس قلّل من قيمة المسك ومن التّلذذ به، وهذه الصورة التى جاء بها المتنبى ليوضح إحساسه نحو سموّ فرد على الأنام، ليست قوية مضيئة، تلقى أشعتها على شعوره، فتضيئه لنا، فإن تحول بعض دم الغزال إلى مسك ليس بظاهرة قريبة مألوفة، حتى تقرب إلى النفس ظاهرة تفوق الممدوح على الأنام، كما أن ظاهرة تحول الممدوح غير واضحة، ومن ذلك كله يبدو أن الرابط هنا عقلى لا نفسى وجدانى.
وليس من أغراضه ما ذكره الأقدمون أيضا من الاستطراف، فليس تشبيه فحم فيه جمر موقد ببحر من المسك موجه الذهب- تشبيها فنيّا على هذا المقياس الذى وضعناه، فإن بحر المسك ذا الموج الذهبى، ليس بهذا المصباح الوهاج الذى ينير الصورة ويهبها نورا ووضوحا.
ولما كان هدف التشبيه الإيضاح والتأثير أرى الأقدمين قد أخطئوا حينما عدّوا البليغ من التشبيه ما كان بعيدا غريبا نادرا، ولذلك عدّوا قوله:
وكأنّ أجرام النجوم لوامعا ... درر نثرن على بساط أزرق
أفضل من قول ذى الرمة:
كحلاء في برج، صفراء في نعج  ... كأنها فضة قد مسها ذهب
«لأن الأول مما يندر وجوده دون الثانى، فإن الناس أبدا يرون في الصياغات فضة قد موهت بذهب ولا يكاد يتفق أن يوجد درر قد نثرن على بساط أزرق» .
وذلك قلب للأوضاع، وبعد عن مجال التشبيه الفنى الذى توضع فيه صورة قوية تبعث الحياة والقوة في صورة أخرى بجوارها، وبرغم أن التشبيهين السالفين حسّيان أرى التشبيه الثانى أقوى وأرفع، ولست أرمى إلى أن يكون التشبيه مبتذلا، فإن الابتذال لا يثير النفس، فيفقد التشبيه هدفه، ولكن أن يكون في قرب التشبيه ما يجعل الصورة واضحة مؤثرة كما سنرى.
- 3 - ليس الحس وحده هو الذى يجمع بين المشبه والمشبه به في القرآن، ولكنه الحس والنفس معا، بل إن للنفس النصيب الأكبر والحظ الأوفى.
والقرآن حين يشبه محسوسا بمحسوس يرمى أحيانا إلى رسم الصورة كما تحس بها النفس، تجد ذلك في قوله سبحانه يصف سفينة نوح: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ (هود 42). ألا ترى الجبال تصور للعين هذه الأمواج الضخمة، وتصور في الوقت نفسه، ما كان يحس به ركاب هذه السفينة وهم يشاهدون هذه الأمواج، من رهبة وجلال معا، كما يحس بهما من يقف أمام شامخ الجبال. وقوله تعالى يصف الجبال يوم القيامة: وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (القارعة 5). فالعهن المنفوش يصور أمامك منظر هذه الجبال، وقد صارت هشة لا تتماسك أجزاؤها، ويحمل إلى نفسك معنى خفتها ولينها. وقوله تعالى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (يس 39). فهذا القمر بهجة السماء وملك الليل، لا يزال يتنقل في منازله حتى يصبح بعد هذه الاستدارة المبهجة، وهذا الضوء الساطع الغامر، يبدد ظلمة الليل، ويحيل وحشته أنسا- يصبح بعد هذا كله دقيقا نحيلا محدودبا لا تكاد العين تنتبه إليه، وكأنما هو في السماء كوكب تائه، لا أهمية له، ولا عناية بأمره، أو لا ترى في كلمة العرجون ووصفهما بالقديم ما يصور لك هيئة الهلال في آخر الشهر، ويحمل إلى نفسك ضآلة أمره معا. وقوله تعالى يصف نيران يوم القيامة: إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (المرسلات 32، 33)، فالقصر وهو الشجر الضخم، والجمال الصفر توحى إلى النفس بالضخامة والرهبة معا، وصور لنفسك شررا في مثل هذا الحجم من الضخامة يطير.
ويرمى أحيانا إلى اشتراك الطرفين في صفة محسوسة، ولكن للنفس كذلك نصيبها فى اختيار المشبه به الذى له تلك الصفة، وحسبى أن أورد هنا آيات ثلاث تتبين فيها هذا الذى أشرنا إليه. فالقرآن قد شبه نساء الجنة، فقال: فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (الرحمن 56 - 58). وقال: وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (الصافات 48). وقال: وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (الواقعة 22، 23).
فليس في الياقوت والمرجان واللؤلؤ المكنون لون فحسب، وإنما هو لون صاف حىّ فيه نقاء وهدوء، وهى أحجار كريمة تصان ويحرص عليها، وللنساء نصيبهن من الصيانة والحرص، وهن يتخذن من تلك الحجارة زينتهن، فقربت بذلك الصلة واشتد الارتباط، أما الصلة التى تربطهن بالبيض المكنون، فضلا عن نقاء اللون، فهى هذا الرفق والحذر الذى يجب أن يعامل به كلاهما، أو لا ترى في هذا الكون أيضا صلة تجمع بينهما، وهكذا لا تجد الحس وحده هو الرابط والجامع، ولكن للنفس نصيب أى نصيب.
وحينا يجمع بين الطرفين المحسوسين معنى من المعانى لا يدرك بإحدى الحواس، وقلّ ذلك في القرآن الكريم الذى يعتمد في التأثير أكثر اعتماد على حاسة البصر، ومن القليل قوله سبحانه: أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ (الأعراف 179).
وصفة ضلال الأنعام من أبرز الصفات وأوضحها لدى النفس. وكثر في القرآن إيضاح الأمور المعنوية بالصور المرئية المحسوسة، تلقى عليها أشعة الضوء تغمرها فتصبح شديدة الأثر، وها هو ذا يمثل وهن ما اعتمد عليه المشركون من عبادتهم غير الله وهنا لن يفيدهم فائدة ما، فهم يعبدون ويبذلون جهدا يظنونه مثمرا وهو لا يجدى، فوجد في العنكبوت ذلك الحيوان الذى يتعب نفسه في البناء، ويبذل جهده في التنظيم، وهو لا يبنى سوى أوهن البيوت وأضعفها، فقرن تلك الصورة المحسوسة إلى الأمر المعنوى، فزادته وضوحا وتأثيرا قال تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت 41).
وها هو ذا يريد أن يحدثنا عن أعمال الكفرة، وأنها لا غناء فيها، ولا ثمرة ترجى منها، فهى كعدمها فوجد في الرماد الدقيق، لا تبقى عليه الريح العاصفة، صورة تبين ذلك المعنى أتم بيان وأوفاه، فقال سبحانه: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (إبراهيم 18).
وليس في القرآن سوى هذين اللونين من التشبيه: تشبيه المحسوس بالمحسوس، وتشبيه المعقول بالمحسوس، أما قوله سبحانه: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (الصافات 64، 65). فالذى سمح بأن يكون المشبه به خياليّا، هو ما تراكم على الخيال بمرور الزمن من أوهام رسمت في النفس صورة رءوس الشياطين في هيئة بشعة مرعبة، وأخذت هذه الصورة يشتد رسوخها بمرور الزمن، ويقوى فعلها في النفس، حتى كأنها محسوسة ترى بالعين وتلمس باليد، فلما كانت هذه الصورة من القوة إلى هذا الحد ساغ وضعها في موضع التصوير والإيضاح، ولا نستطيع أن ننكر ما لهذه الصورة من تأثير بالغ في النفس، ومما جرى على نسق هذه الآية قوله تعالى: فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ (النمل 10). ففي الخيال صورة قوية للجان، تمثله شديد الحركة لا يكاد يهدأ ولا يستقر.
والتشبيه في القرآن تعود فائدته إلى المشبه تصويرا له وتوضيحا، ولهذا كان المشبه به دائما أقوى من المشبه وأشد وضوحا، وهنا نقف عند قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (النور 35). فقد يبدو للنظرة العجلى أن المشبه وهو نور الله أقوى من مصباح هذه المشكاة، ولكن نظرة إلى الآية الكريمة ترى أن النور المراد هنا هو النور الذى يغمر القلب، ويشرق على الضمير، فيهدى إلى سواء السبيل، أو لا ترى أن القلب ليس في حاجة إلى أكثر من هذا المصباح، يلقى عليه ضوءه، فيهتدى إلى الحق، وأقوم السبل، ثم ألا ترى في اختيار هذا التشبيه إيحاء بحالة القلب وقد لفه ظلام الشك، فهو متردد قلق خائف، ثم لا يلبث نور اليقين أن يشرق عليه، فيجد الراحة والأمن والاستقرار، فهو كسارى الليل يخبط فى الظلام على غير هدى، حتى إذا أوى إلى بيته فوجد هذا المصباح في المشكاة، وجد الأمن سبيله إلى قلبه، واستقرت الطمأنينة في نفسه، وشعر بالسرور يغمر فؤاده.
وإذا تأملت الآية الكريمة رأيتها قد مضت تصف ضوء هذا المصباح وتتأنق في وصفه، بما يصور لك قوته وصفاءه، فهذا المصباح له زجاجة تكسب ضوءه قوة، تجعله يتلألأ كأنه كوكب له بريق الدر ولمعانه، أما زيت هذا المصباح فمن شجرة مباركة قد أخذت من الشمس بأوفى نصيب، فصفا لذلك زيتها حتى ليكاد يضيء ولو لم تمسسه نار. ألا ترى أن هذا المصباح جدير أن يبدد ظلمة الليل، ومثله جدير أن يبدد ظلام الشك، ويمزق دجى الكفر والنفاق. وقد ظهر بما ذكرناه جمال هذا التشبيه ودقته وبراعته.
- 4 - أول ما يسترعى النظر من خصائص التشبيه في القرآن أنه يستمد عناصره من الطبيعة، وذلك هو سر خلوده، فهو باق ما بقيت هذه الطبيعة، وسر عمومه للناس جميعا، يؤثر فيهم لأنهم يدركون عناصره، ويرونها قريبة منهم، وبين أيديهم، فلا تجد في القرآن تشبيها مصنوعا يدرك جماله فرد دون آخر، ويتأثر به إنسان دون إنسان، فليس فيه هذه التشبيهات المحلية الضيقة مثل تشبيه ابن المعتز:
كأن آذريونها ... والشمس فيه كالية
مداهن من ذهب ... فيها بقايا غالية
مما لا يستطيع أن يفهمه على وجهه، ويعرف سر حسنه، إلا من كان يعيش في مثل حياة ابن المعتز، وله من أدوات الترف مثل أدواته.
تشبيهات القرآن تستمد عناصرها من الطبيعة، انظر إليه يجد في السراب وهو ظاهرة طبيعية يراها الناس جميعا، فيغرهم مرآها، ويمضون إلى السراب يظنونه ماء، فيسعون إليه، يريدون أن يطفئوا حرارة ظمئهم، ولكنهم لا يلبثون أن تملأ الخيبة قلوبهم، حينما يصلون إليه بعد جهد جهيد، فلا يجدون شيئا مما كانوا يؤمّلون، إنه يجد في هذا السراب صورة قوية توضح أعمال الكفرة، تظن مجدية نافعة، وما هى بشيء، فيقول: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً (النور 39).
ويجد في الحجارة تنبو على الجسو ولا تلين، ويشعر عندها المرء بالنبو والجسوة، يجد فيها المثال الملموس لقسوة القلوب، وبعدها عن أن تلين لجلال الحق، وقوة منطق الصدق، فيقول: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً (البقرة 74). أو لا ترى أن القسوة عند ما تخطر بالذهن، يخطر إلى جوارها الحجارة الجاسية القاسية.
ويجد في هذا الذى يعالج سكرات الموت، فتدور عينه حول عواده في نظرات شاردة تائهة، صورة تخطر بالذهن لدى رؤية هؤلاء الخائفين الفزعين من المضى إلى القتال وأخذهم بنصيب من أعباء الجهاد، فيقول: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ (الأحزاب 18، 19).
ويجد في الزرع وقد نبت ضئيلا ضعيفا ثمّ لا يلبث ساقه أن يقوى، بما ينبت حوله من البراعم، فيشتد بها ساعده، ويغلظ، حتى يصبح بهجة الزارع وموضع إعجابه، يجد في ذلك صورة شديدة المجاورة لصورة أصحاب محمد، فقد بدءوا قلة ضعافا ثمّ أخذوا في الكثرة والنماء، حتى اشتد ساعدهم، وقوى عضدهم، وصاروا قوة تملأ قلب محمد بهجة، وقلب الكفار حقدا وغيظا فقال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ (الفتح 29).
ويجد في أعجاز النخل المنقعر المقتلع عن مغرسه، وفي الهشيم الضعيف الذاوى صورة قريبة من صورة هؤلاء الصرعى، قد أرسلت عليهم ريح صرصر تنزعهم عن أماكنهم، فألقوا على الأرض مصرّعين هنا وهناك، فيقول: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (القمر 19، 20). ويقول: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (القمر 31).
فأنت في هذا تراه يتخذ الطبيعة ميدانا يقتبس منها صور تشبيهاته، من نباتها وحيوانها وجمادها، فمما اتخذ مشبها به من نبات الأرض العرجون، وأعجاز النخل والعصف المأكول، والشجرة الطيبة، والشجرة الخبيثة، والحبة تنبت سبع سنابل، وهشيم المحتظر، والزرع الذى أخرج شطأه. ومما اتخذ مشبها به من حيوانها الإنسان في أحوال مختلفة والعنكبوت والحمار، والكلب، والفراش، والجراد، والجمال، والأنعام، ومما اتخذ مشبها به من جمادها العهن المنفوش، والصيب، والجبال، والحجارة، والرماد، والياقوت، والمرجان، والخشب، ومن ذلك ترى أن القرآن لا يعنى بنفاسة المشبه به، وإنما يعنى العناية كلها باقتراب الصورتين في النفس، وشدة وضوحها وتأثيرها.
هذا ولا يعكر على ما ذكرناه من استمداد القرآن عناصر التشبيه من الطبيعة، ما جاء فيه من تشبيه نور الله بمصباح وصفه بأنه في زجاجة كأنها كوكب درىّ؛ لأن هذا المصباح قد تغير وتحول، فإن المراد تشبيه نور الله بالمصباح القوى، والمصباح باق ما بقى الإنسان في حاجة إلى نور يبدد به ظلام الليل.
ومن خصائص التشبيه القرآنى، أنه ليس عنصرا إضافيّا في الجملة، ولكنه جزء أساسى لا يتم المعنى بدونه، وإذا سقط من الجملة انهار المعنى من أساسه، فعمله في الجملة أنه يعطى الفكرة في صورة واضحة مؤثرة، فهو لا يمضى إلى التشبيه كأنما هو عمل مقصود لذاته، ولكن التشبيه يأتى ضرورة في الجملة، يتطلبه المعنى ليصبح واضحا قويّا، وتأمل قوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (البقرة 18). تجد فكرة عدم سماعهم الحق وأنهم لا ينطقون به، ولا ينظرون إلى الأدلة التى تهدى إليه، إنما نقلها إليك التشبيه في صورة قوية مؤثرة، كما تدرك شدة الفزع والرهبة التى ألمت بهؤلاء الذين دعوا إلى الجهاد، فلم يدفعهم إيمانهم إليه في رضاء وتسليم، بل ملأ الخوف نفوسهم من أن يكون الموت مصيرهم، وتدرك ذلك من قوله سبحانه: يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (الأنفال 6). وتفهم اضطراب المرأة وقلقها، وعدم استقرارها على حال، حتى لتصبح حياتها مليئة بالتعب والعناء- من قوله سبحانه: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ (النساء 129).
وتفهم مدى حب المشركين لآلهتهم من قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ (البقرة 165). وهكذا تجد للتشبيه مكانه في نقل الفكرة وتصويرها، وقل أن يأتى التشبيه في القرآن بعد أن تتضح الفكرة نوع وضوح كما فى قوله تعالى: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ (الأعراف 171). وإذا أنت تأملت أسلوب الآية الكريمة وجدت هذا التعبير أقوى من أن يقال: وإذ صار الجبل كأنه ظلة، لما فى كلمة «نتق» من تصوير انتزاع الجبل من الأرض تصويرا يوحى إلى النفس بالرهبة والفزع، ولما في كلمة «فوقهم» من زيادة هذا التصوير المفزع وتأكيده فى النفس، وذلك كله يمهد للتشبيه خير تمهيد، حتى إذا جاء مكن للصورة في النفس، ووطد من أركانها. ومع ذلك ليس التشبيه في الآية عملا إضافيا، بل فيه إتمام المعنى وإكماله، فهو يوحى بالإحاطة بهم، وشمولهم، والقرب منهم قرب الظلة من المستظل بها، وفي ذلك ما يوحى بخوف سقوطه عليهم.
ومن خصائص التشبيه القرآنى دقته، فهو يصف ويقيد حتى تصبح الصورة دقيقة واضحة أخاذة، وخذ مثلا لذلك قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (الجمعة 5).
فقد يتراءى أنه يكفى في التشبيه أن يقال: مثلهم كمثل الحمار الذى لا يعقل، ولكن الصورة تزداد قوة والتصاقا والتحاما، حين يقرن بين هؤلاء وقد حملوا التوراة، فلم ينتفعوا بما فيها، وبين الحمار يحمل أسفار العلم ولا يدرى مما ضمته شيئا، فتمام الصورتين يأتى من هذا القيد الذى جعل الصلة بينهما قوية وثيقة.
وقوله تعالى: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (المدثر 49 - 51). فربما بدا أنه يكفى في تصوير إعراضهم وصفهم بأنهم كالحمير، ولكنه في دقته لا يكتفى بذلك، فهو يريد أن يصور نفرتهم من الدعوة، وإسراعهم في إبعاد أنفسهم عنها، إسراعا يمضون فيه على غير هدى، فوصف الحمر بأنها مستنفرة تحمل نفسها على الهرب، وتحثها عليه، يزيد في هربها وفرارها أسد هصور يجرى خلفها، فهى تتفرق في كل مكان، وتجرى غير مهتدية فى جريها، أو لا ترى في صورة هذه الحمر وهى تجد في هربها لا تلوى على شىء، تبغى الفرار من أسد يجرى وراءها، ما ينقل إليك صورة هؤلاء القوم معرضين عن التذكرة، فارين أمام الدعوة لا يلوون على شىء، سائرين على غير هدى، ثم ألا تبعث فيك هذه الصورة الهزء بهم والسخرية.
ومن ذلك وصفه الخشب بأنها مُسَنَّدَةٌ فى قوله تعالى: وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ (المنافقون 4). فهى ليست خشبا قائمة في أشجارها لما قد يكون لها من جمال في ذلك الوضع، وليست موضوعة فى جدار؛ لأنها حينئذ تؤدى عملا، وتشعر بمدى فائدتها، وليست متخذا منها أبواب ونوافذ، لما فيها من الحسن والزخرف والجمال، ولكنها خشب مسندة قد خلت من الجمال، وتوحى بالغفلة والاستسلام والبلاهة.
ولم يكتف في تشبيه الجبال يوم القيامة بالعهن، بل وصفها بالمنفوش، إذ قال: وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (القارعة 5). للدقة في تصوير هشاشة الجبال، كما لم يكتف في تشبيه الناس يخرجون يوم القيامة بأنهم كالجراد بل وصفه بالمنتشر، فقال: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (القمر 7). حتى يكون دقيقا فى تصوير هذه الجموع الحاشدة، خارجة من أجداثها منتشرة في كل مكان تملأ الأفق، ولا يتم هذا التصوير إلا بهذا الوصف الكاشف.
ومن خصائص التشبيه القرآنى المقدرة الفائقة في اختيار ألفاظه الــدقيقة المصورة الموحية، تجد ذلك في تشبيه قرآنى، وحسبى أن أشير هنا إلى بعض أمثلة لهذا الاختيار.
نجد القرآن قد شبه بالجبال في موضعين، فقال: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ (هود 42). وقال: وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (الشورى 32). ولكنك تراه قد آثر كلمة الجبال عند الموج، لما أنها توحى بالضخامة والجلال معا، أما عند وصف السفن فقد آثر كلمة الأعلام، جمع علم بمعنى جبل، وسر إيثارها هو أن الكلمة المشتركة بين عدة معان تتداعى هذه المعانى عند ذكر هذه الكلمة، ولما كان من معانى العلم الراية التى تستخدم للزينة والتجميل، كان ذكر الأعلام محضرا إلى النفس هذا المعنى، إلى جانب إحضارها صورة الجبال، وكان إثارة هذا الخاطر ملحوظا عند ذكر السفن الجارية فوق البحر، تزين سطحه، فكأنما أريد الإشارة إلى جلالها وجمالها معا، وفي كلمة الأعلام وفاء بتأدية هذا المعنى أدق وفاء.
وشبه القرآن الموج في موضعين، فقال: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ (هود 42). وقال: وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (لقمان 32). وسر هذا التنويع أن الهدف في الآية الأولى يرمى إلى تصوير الموج عاليا ضخما، مما تستطيع كلمة الجبال أن توحى به إلى النفس، أما الآية الثانية فتصف قوما يذكرون الله عند الشدة، وينسونه لدى الرخاء، ويصف موقفا من مواقفهم كانوا فيه خائفين مرتاعين، يركبون سفينة تتقاذفها الأمواج، ألا ترى أن الموج يكون أشد إرهابا وأقوى تخويفا إذا هو ارتفع حتى ظلل الرءوس، هنالك يملأ الخوف القلوب، وتذهل الرهبة النفوس، وتبلغ القلوب الحناجر، وفي تلك اللحظة يدعون الله مخلصين له الدين، فلما كان المقام مقام رهبة وخوف، كان وصف الموج بأنه كالظلل أدق في تصوير هذا المقام وأصدق.
وعلى طريقة إيثار كلمة الأعلام على الجبال التى تحدثنا عنها، آثر كلمة القصر على الشجر الضخم؛ لأن الاشتراك في هذه الكلمة بين هذا المعنى، ومعنى البيت الضخم يثير المعنيين في النفس معا فتزيد الفكرة عن ضخامة الشرر رسوخا في النفس.
وآثر القرآن كلمة بُنْيانٌ فى قوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (الصف 4). لما تثيره في النفس من معنى الالتحام والاتصال والاجتماع القوى، وغير ذلك من معان ترتبط بما ذكرناه، مما لا يثار فى النفس عند كلمة حائط أو جدار مثلا.
واختار القرآن كلمة «لباس»، فى قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ (البقرة 187). لما توحى به تلك الكلمة من شدة الاحتياج، كاحتياج المرء للباس، يكون مصدر راحة، وعنوان زينة معا.
ومن مميزات التشبيه القرآنى أيضا أن المشبه قد يكون واحدا ويشبه بأمرين أو أكثر، لمحا لصلة تربط بين هذا الأمر وما يشبهه، تثبيتا للفكرة في النفس.
أو لمحا لها من عدة زوايا، ومن ذلك مثلا تصوير حيرة المنافقين واضطراب أمرهم، فإن هذه الحيرة يشتد تصورها لدى النفس، إذا هى استحضرت صورة هذا السارى قد أوقد نارا تضيء طريقه، فعرف أين يمشى ثمّ لم يلبث أن ذهب الضوء، وشمل المكان ظلام دامس، لا يدرى السائر فيه أين يضع قدمه، ولا كيف يأخذ سبيله، فهو يتخبط ولا يمشى خطوة حتى يرتد خطوات. أو إذا استحضرت صورة هذا السائر تحت صيّب من المطر قد صحبه ظلمات ورعد وبرق، أما الرعد فمتناه فى الشدة إلى درجة أنه يود اتقاءه بوضع أصابعه إذا استطاع في أذنه، وأما البرق فيكاد يخطف البصر، وأما الظلمات المتراكمة فتحول بين السائر وبين الاهتداء إلى سواء السبيل. وتجد تعدّد هذا التشبيه في قوله سبحانه: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ... أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ .... (البقرة 17 - 19).
ومن النظر إلى الفكرة من عدّة زوايا، أنه حينا ينظر إلى أعمال الكافرين من ناحية أنها لا أثر لها ولا نتيجة، فيرد إلى الذهن حينئذ هذا الرماد الدقيق لا يقوى على البقاء أمام ريح شديدة لا تهدأ حتى تبدأ؛ لأنها في يوم عاصف، ألا ترى هذه الريح كفيلة بتبديد ذرّات هذا الغبار شذر مذر، وأنها لا تبقى عليه ولا تذر، وكذلك أعمال الكافرين، لا تلبث أن تهب عليها ريح الكفر، حتى تبددها ولا تبقى عليها، وللتعبير عن ذلك جاء قوله سبحانه: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي
يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ
(إبراهيم 18).
وحينا ينظر إليها من ناحية أنها تغر أصحابها فيظنونها نافعة لهم، مجدية عليهم، حتى إذا جاءوا يوم القيامة لم يجدوا شيئا، ألا ترى في السراب هذا الأمل المطمع، ذا النهاية المؤيسة، ولأداء هذا المعنى قال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً (النور 39). وحينا ينظر إليها من ناحية ما يلم بصاحبها من اضطراب وفزع، عند ما يجد آماله في أعماله قد انهارت، ألا تظلم الدنيا أمام عينيه ويتزلزل كيانه كهذا الذى اكتنفه الظلام في بحر قد تلاطمت أمواجه، وأطبقت ظلمة السحاب على ظلمة الأمواج، ألا يشعر هذا الرجل بمصيره اليائس، وهلاكه المحتوم، ألا يصور لك ذلك صورة هؤلاء الكفار عند ما يجيئون إلى أعمالهم، فلا يجدون لها ثوابا ولا نفعا، ولتصوير ذلك جاء قوله سبحانه: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (النور 40).
- 5 - ويهدف التشبيه في القرآن إلى ما يهدف إليه كلّ فنّ بلاغىّ فيه، من التأثير في العاطفة، فترغب أو ترهب، ومن أجل هذا كان للمنافقين والكافرين والمشركين نصيب وافر من التشبيه الذى يزيد نفسيتهم وضوحا، ويصور وقع الدعوة على قلوبهم، وما كانوا يقابلون به تلك الدعوة من النفور والإعراض.
يصور لنا حالهم وقد استمعوا إلى دعوة الداعى، فلم تثر فيهم تلك الدعوة رغبة فى التفكير فيها، لمعرفة ما قد تنطوى عليه من صدق، وما قد يكون فيها من صواب، بل يحول بينهم وبين ذلك الكبر والأنفة، وما أشبههم حينئذ بالرجل لم يسمع عن الدعوة شيئا، ولم يطرق أذنه عنها نبأ، بل ما أشبههم بمن في أذنه صمم، فهو لا يسمع شيئا مما يدور حوله، وبمن أصيب بالبكم، فهو لا ينطق بصواب اهتدى إليه، وبمن أصيب بالعمى، فهو لا يرى الحق الواضح، وبذلك شبههم القرآن، فقال: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (الجاثية 7، 8)، وقال: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (البقرة 171).
أما ما يشعرون به عند ما يسمعون دعوة الحق فضيق يملأ صدورهم، ويئودهم حمله، كهذا الضيق الذى يشعر به المصعد في جبل، فهو يجر نفسه ويلهث من التعب والعناء، وهكذا صور الله ضيق صدورهم بقوله: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (الأنعام 125).
وما دام هؤلاء القوم لا يستخدمون عقولهم فيما خلقت له، ولم تصغ آذانهم إصغاء من يسمع ليتدبر، فقد وجد القرآن في الأنعام شبيها لهم يقرنهم بها، ويعقد بينهم وبينها وثيق الصلات، فقال: وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (الأعراف 179). وأنت ترى في هذا التشبيه كيف مهد له التمهيد الصالح، فجعل لهم قلوبا لا يفقهون بها، وأعينا لا يبصرون بها، وآذانا لا يسمعون بها، ألا ترى نفسك بعدئذ مسوقا إلى إنزالهم منزلة البهائم، فإذا ورد هذا التشبيه عليك، وجد في قلبك مكانا، ولم تجد فيه بعدا ولا غرابة، بل ينزل بهم حينا عن درجة الأنعام، فيراهم خشبا مسندة.
وحينا يريد أن يصورهم، وقد جدوا في الهرب والنفرة من تلك الدعوة الجديدة، فيقول: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (المدثر 49 - 51). وقد تحدثنا عن هذا التشبيه فيما مضى.
أما هذا الذى آمن ثمّ كفر، وانسلخ عن الإيمان واتبع هواه، فقد عاش مثال الذلة والهوان، وقد وجد القرآن في الكلب شبها يبين عن خسته وحقارته، ومما يزيد في الصلة بين الاثنين أن هذا المنسلخ يظل غير مطمئن القلب، مزعزع العقيدة، مضطرب الفؤاد، سواء أدعوته إلى الإيمان، أم أهملت أمره، كالكلب يظل لاهثا، طردته وزجرته، أم تركته وأهملته، قال: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (الأعراف 175، 176).
ولم ينس القرآن تصوير حيرتهم، واضطراب نفسيتهم، ولمح في اضطرابهم صلة بينهم وبين من استوقد نارا، ثم ذهب الله بنوره وبين السائر تحت صيّب منهمر، فيه ظلمات ورعد وبرق.
وصوّر وهن ما يعتمد عليه من يتخذ من دون الله أولياء بوهن بيت العنكبوت، وحين أراد أن يتحدث عن أن هؤلاء الأولياء لن يستفيد منهم عابدوهم بشيء، رأى في هذا الذى يبسط كفه إلى الماء، يريد وهو على تلك الحال أن ينقل الماء إلى فيه، وما هو ببالغه، شبيها لهم فقال: لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ (الرعد 14).
وتعرض لأعمال الكفرة كما سبق أن ذكرنا، ولصدقاتهم التى كان جديرا بها أن تثمر وتزهر، ويفيدوا منها لولا أن هبت عليها ريح الشرك فأبادتها، كما تهب الريح الشديدة البرد بزرع كان ينتظر إثماره فأهلكته: مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (آل عمران 117).
وهناك طائفة من التشبيهات ترتبط بيوم القيامة، لجأ إليها القرآن للتصوير والتأثير معا، فإذا أراد القرآن أن يبين قدرة الله على أن يأتى بذلك اليوم، بأسرع مما يتصور المتصورون لجأ إلى أسرع ما يراه الرائى، فاتخذه مثلا يؤدى إلى الهدف المراد، فيقول: وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (النحل 77).
ويقرب أمر البعث إلى الأذهان بتوجيه النظر إلى بدء الإنسان، وأن هذا البعث صورة من هذا البدء، فيقول: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (الأعراف 29). وبتوجيه النظر إلى هذا السحاب الثّقال يسوقه الله لبلد ميت، حتى إذا نزل ماؤه دبت الحياة في أوصال الأرض، فخرج الثمر منها يانعا، وهكذا يخلق الله الحياة في الموتى، قال سبحانه:
وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (الأعراف 57).
وإذا جاء يوم القيامة استيقظ الناس لا يشعرون بأنه قد مضى عليهم حين من الدهر طويل منذ فارقوا حياتهم، ويورد القرآن من التشبيه ما يصور هذه الحالة النفسية، فيقول: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (يونس 45). وإذا نظرت إلى قوة التشبيه مقترنة بقوله: يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ أدركت مدى ما يستطيع أن يحدثه في النفس من أثر. وقد كرر هذا المعنى في موضع آخر يريد أن يثبته في النفس ويؤكده فقال: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (النازعات 42 - 46).
ها هم أولاء قد بعثوا، خارجين من أجداثهم في كثرة لا تدرك العين مداها، وماذا يستطيع أن يرسم لك تلك الصورة، تدل على الغزارة والحركة والانبعاث، أفضل من هذا التشبيه الذى أورده القرآن حين قال: خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (القمر 7، 8).
وحينا يصوّرهم ضعافا يتهافتون مسرعين إلى الداعى كى يحاسبهم، فيجد في الفراش صورتهم، فيقول: الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (القارعة 1 - 4). ولا أخال أحدا لم ير الفراش يسرع إلى الضوء، ويتهافت عليه في ضعف وإلحاف معا، ولقد تناول القرآن إسراعهم مرة أخرى، فشبههم بهؤلاء الذين كانوا يسرعون في خطوهم، ليعبدوا أنصابا مقامة، وتماثيل منحوتة، كانوا متحمسين في عبادتها، يقبلون عليها في رغبة واشتياق، فيقول: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (المعارج 43).
ويتناول المجرمين، فيصوّر ما سوف يجدونه يومئذ من ذلة وخزى، ويرسم وجوههم، وقد علتها الكآبة: كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (يونس 27). أما طعامهم فمن شجرة الزقوم، يتناولونها فيحسون بنيران تحرق أمعاءهم فكأنما طعموا نحاسا ذائبا أو زيتا ملتهبا، وإذا ما اشتد بهم الظمأ واستغاثوا قدمت إليهم مياه كهذا النحاس والزيت تشوى وجوههم، قال تعالى: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (الدخان 43 - 46). وقال سبحانه: وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ (الكهف 29). ألا ترى التشبيه يثير في النفس خوفا وانزعاجا.
ويصور آكل الربا يوم القيامة صورة منفرة منه، مزرية به، فهل رأيت ذلك الذى أصابه مس من الشيطان، فهو لا ينهض واقفا حتى يسقط، ولا يقوم إلّا ليقع، ذلك مثل آكل الربا: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا (البقرة 275).
ولعب التشبيه دورا في تصوير يوم القيامة، وما فيه من الجنة والنار، ففي ذلك الحين، تفقد الجبال تماسكها، وتكون كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (القارعة 5). وتفقد السماء نظام جاذبيتها، فتنشق، ويصبح الجوّ ذا لون أحمر كالورد: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (الرحمن 37). وأما جهنم فضخامتها وقوة لهبها مما لا يستطيع العقل تصوره، ومما لا يمكن أن تقاس إليها تلك النيران التى نشاهدها في حياتنا، وحسبك أن تعلم أن شررها ليس كهذا الشرر الذى يشبه الهباءة اليسيرة، وإنما هو شرر ضخم ضخامة غير معهودة، وهنا يسعف التشبيه، فيمد الخيال بالصورة، حين يجعل لك هذا الشرر كأنه أشجار ضخمة تتهاوى، أو جمال صفر تتساقط: إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (المرسلات 32، 33). وأما الجنة ففي سعة لا يدرك العقل مداها، ولا يستطيع التعبير أن يحدها، أو يعرف منتهاها، ويأتى التشبيه ممدا في الخيال، كى يسبح ما يشاء أن يسبح، فيقول: وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ (الحديد 21).
وهكذا ترى التشبيه يعمل على تمثيل الغائب حتى يصبح حاضرا، وتقريب البعيد النائى حتى يصير قريبا دانيا. ولجأ القرآن إلى التشبيه يصور به فناء هذا العالم الذى نراه مزدهرا أمامنا، عامرا بألوان الجمال، فيخيل إلينا استمراره وخلوده، فيجد القرآن في الزرع يرتوى من الماء فيصبح بهيجا نضرا، يعجب رائيه، ولكنه لا يلبث أن يذبل ويصفر، ويصبح هشيما تذروه الرياح- يجد القرآن في ذلك شبها لهذه الحياة الدنيا، ولقد أوجز القرآن مرة في هذا التشبيه وأطنب، ليستقر معناه في النفس، ويحدث أثره في القلب، فقال مرة: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (الكهف 45). وقال مرة أخرى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ
كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً
(الحديد 20). وقال مرة ثالثة: إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (يونس 24).
ولما كان للمال أثره في الحياة الاجتماعية، لعب التشبيه دوره في التأثير في النفس، كى تسمح ببذله في سبيل تخفيف أعباء المجتمع، فقرر مضاعفة الثواب على ما يبذل في هذه الناحية، فقال في موضع: وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (البقرة 265). فلهذا التشبيه أثره في دفع النفس إلى بذل المال راضية مغتبطة، كما يغتبط من له جنة قد استقرت على مرتفع من الأرض، ترتوى بما هى فى حاجة إليه من ماء المطر، وتترك ما زاد عن حاجتها، فلا يظل بها حتى يتلفها، كما يستقر في المنخفضات، فجاءت الجنة بثمرها مضاعفا، وفي مرة أخرى رأى مضاعفة جزاء الحسنة كمضاعفة الثمرة، لهذا الذى يبذر حبة قمح، فتخرج عودا يحمل سبع سنابل، فى كل سنبلة مائة حبة: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (البقرة 261).
وحاط القرآن هذه المضاعفة بشرط ألا يكون الإنفاق عن رياء، وهنا نقف أمام هذا التشبيه القرآنى الذى سيق تصويرا لمن يتصدق لا عن باعث نفسى، نتبين إيحاءاته، ونتلمس وجه اختياره، إذ يقول سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (البقرة 264). أرأيت هذا الحجر الصلد قد غطته قشرة رقيقة من التراب فخاله الرائى صالحا للزرع والإنبات، ولكن وابل المطر لم يلبث أن أزال هذه القشرة فبدا الحجر على حقيقته، صلدا لا يستطيع أحد أن يجد فيه موضع خصب، ولا تربة صالحة للزراعة، ألا ترى في اختيار كلمة الصفوان هنا ما يمثل لك هذا القلب الخالى من الشعور الإنسانى النبيل، والعطف على أبناء جنسه عطفا ينبع من شعور حى صادق، ولكن الصدقة تغطيه بثوب رقيق حتى يخاله الرائى، قلبا ينبض بحب الإنسانية، ويبنى عليه كبار الآمال فيما سوف يقدمه للمجتمع من خير، ولكن الرياء والمن والأذى لا تلبث أن تزيل هذا الغشاء الرقيق، فيظهر القلب على حقيقته قاسيا صلبا لا يلين.
- 6 - وتأتى الكاف في القرآن أحيانا لا لهذا التشبيه الفنى الخالص، بل لإيقاع التساوى بين أمرين، ومن أمثلة هذا الباب قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالًا وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (التوبة 68، 69). وقوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا (المزمل 15، 16). فهو يعقد موازنة بينهم وبين من سبقهم، ويبين لهم الوجوه التى يتفقون فيها معهم، ولا ينسى أن يذكر ما أصاب سابقيهم، وإلى هنا يقف، تاركا لهم أن يصلوا بأنفسهم إلى ما ينتظرهم من العواقب، وإنها لطريقة مؤثرة في النفس حقّا، أن تضع لها شبيها، وتتركها تصل بنفسها إلى النتيجة في سكينة وهدوء، لا أن تقذف بها في وجهها، فربما تتمرد وتثور.
ومن كاف التساوى أيضا قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ (النساء 163). وقد يلمح في ذلك الرغبة في إزالة الغرابة عن نفوس السامعين، واستبعادهم نزول الوحى على الرسول، فالقرآن يقرنه بمن لا يشكّون فى رسالته، ليأنسوا بدعوة النبى، وقد يكون في هذا التساوى مثار للتهكم، كما فى قوله تعالى: لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ (الأنعام 94). أو مثار للاستنكار، كما في قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ (العنكبوت 10). فسر الاستنكار كما ترى هو تسوية عذاب الناس بعذاب الله. وقد تأتى الكاف وسيلة للإيضاح، وتقوم هى وما بعدها مقام المثال للقاعدة، وغير خاف ما للمثل يضرب من التأثير والإقناع، ومن ذلك قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (آل عمران 10، 11)، فجاء بآل فرعون مثالا لأولئك الذين لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا، ومن كاف الإيضاح قوله سبحانه: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ، وقوله: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي.

البرج

(البرج) الْجَمِيل الْحسن الْوَجْه (ج) أبراج
البرج: بِالْفَتْح الْبيَاض أَو السوَاد الشَّديد وبالضم مَا هُوَ الْمَشْهُور. وَعند الْحُكَمَاء هُوَ الثَّانِي عشر من اثْنَي عشر قسما من أَقسَام منْطقَة الْفلك الثَّامِن أَعنِي فلك البروج الَّذِي فِيهِ الْكَوَاكِب الثابتات. وفوقه الْفلك التَّاسِع الْمُسَمّى بالفلك الأطلس لكَونه ساذجا عَن الْكَوَاكِب. ففلك البروج منقسمة بِتِلْكَ الْأَقْسَام من الْجنُوب إِلَى الشمَال. وآسامي البروج هَكَذَا: الْحمل - والثور - والجوزاء - والسرطان - والأسد - والسنبلة - وَالْمِيزَان - وَالْعَقْرَب - والقوس - والجدي - والدلو - والحوت. وآسامي البروج بالهندية هَكَذَا: ميش - ورشبه - متهن - كرك - سنهو - كنيا - تل - ورسجك - دهن - مكر - كنبه - مين. وَالتَّرْتِيب فِيهَا على تَرْتِيب الذّكر.
ثمَّ قسموا كل برج على ثَلَاثِينَ قسما وَسموا كل قسم مِنْهَا دَرَجَة ففلك البروج منقسم على ثَلَاث مائَة وَسِتِّينَ دَرَجَة. ثمَّ قسموا كل دَرَجَة على سِتِّينَ وَسموا كل قسم مِنْهَا دقيقة ثمَّ الــدقيقة على سِتِّينَ وَسموا كل قسم مِنْهَا ثَانِيَة. وَقس عَلَيْهَا الثَّالِثَة إِلَى الْعَاشِرَة.
وَاعْلَم أَنهم أخذُوا أَسمَاء البروج من صور يخيلونها من وصل الخطوط بَين الْكَوَاكِب الثوابت. وَلِهَذَا قسموا فلك البروج أَي الْفلك الثَّامِن الَّذِي فِيهِ الثوابت بِتِلْكَ الْأَقْسَام وفلك الأفلاك أَعنِي الْفلك الأطلس الَّذِي هُوَ الْفلك التَّاسِع أَيْضا منقسم بِتِلْكَ الْأَقْسَام. فالقطعة مِنْهُ الْمُوازِية لقطعة من الْفلك الثَّامِن الْمُسَمّى بفلك البروج تكون حملا إِن كَانَت تِلْكَ الْقطعَة حملا وَقِيَاس الْبَوَاقِي عَلَيْهِ.
ثمَّ اعْلَم أَن ثَلَاثَة بروج من تِلْكَ البروج ربيعية وَهِي الْحمل - والثور - والجوزاء - وَثَلَاثَة صيفية وَهِي السرطان - والأسد - والسنبلة. وَهَذِه البروج السِّتَّة شمالية. وَثَلَاثَة خريفية وَهِي الْمِيزَان - وَالْعَقْرَب - والقوس. وَثَلَاثَة شتوية وَهِي الجدي - والدلو - والحوت - وَهَذِه السِّتَّة جنوبية. يَعْنِي كَون الشَّمْس - فِي الجدي - والدلو - والحوت - سَبَب عادي لحُصُول الشتَاء فَهَذِهِ البروج الثَّلَاثَة شتوية. وَقس عَلَيْهِ الْبَوَاقِي.
البرج:
[في الانكليزية] Tower ،constallation ،zodiac
[ في الفرنسية] Tour ،constallation ،signes du zodiaque
بالضم وسكون الراء المهملة في اللغة القصر والحصن. وعند أهل الجفر اسم لسطر التكسير، ويسمّى أيضا بالزمام والاسم والحصة.
وعند أهل الهيئة قسم من فلك البروج محصور بين نصفي دائرتين من الدوائر السّتّ العظام المتوهّمة على فلك البروج المتقاطعة على قطبيه على ما يجيء في بيان دائرة البروج. وجميع البروج اثنا عشر، فالبرج نصف سدس فلك البروج. وأسماؤها هذه الحمل والثور والجوزاء، وتسمّى هذه بروجا ربيعية. والسرطان والأسد والسنبلة، وتسمّى هذه بروجا صيفية، وهذه الستة تسمّى بروجا شمالية وعالية.
والميزان والعقرب والقوس، وتسمّى هذه بروجا خريفية. والجدي والدلو والحوت وتسمّى هذه بروجا شتوية، وهذه الستة تسمّى بروجا جنوبية ومنخفضة، من أول الجدي إلى آخر الجوزاء صاعدة ومعوجّة الطلوع، ومن أول السرطان إلى آخر القوس مستقيمة الطلوع وهابطة ومطيعة وآمرة. وبعضهم نظمه بالفارسية:
مثل الحمل ومثل الثّور ومثل الجوزاء والسرطان والأسد السنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدّلو والحوت
ثمّ هذا الترتيب يسمّى التوالي وهو من المغرب إلى المشرق وعكس ذلك، أي من المشرق إلى المغرب يسمّى خلاف التوالي. ثم الأول من كلّ واحد من البروج الربيعية والصيفية والخريفية والشتوية يسمّى بالبرج المنقلب لأنه إذا حلّت الشمس فيه انقلب الفصل بالفصل الآخر. والثاني من كلّ واحد منها يسمّى برجا ثابتا. والثالث من كل منها يسمّى برجا ذا جسدين لكون الهواء ممتزجا من هواء فصلين إذا حلّت الشمس فيه، وعلى هذا القياس وجه تسمية الثابت بالثابت.
ثم اعلم أنّ كل قطعة من منطقة البروج واقعة بين نصفي دائرتين على شكل حزات البطيخ كما تسمّى برجا كما عرفت. كذلك القطع الواقعة من سطح الفلك الأعلى بين أنصاف تلك الدوائر تسمّى برجا. فطول كل برج فيما بين المغرب والمشرق ثلاثون درجة.
وعرضه ما بين القطبين ثمانون درجة. توضيحه أنه إذا فرضت هذه الدوائر السّت قاطعة لكرة العالم في السطوح الموهومة لها تنقسم الأفلاك الممثلة والفلك الأعظم أيضا باثني عشر برجا.
فالبروج معتبرة في هذه الأفلاك بأسرها.
والأولى اعتبارها على السطح الأعلى أو الأدنى من الفلك الأعظم لتسهل مقايسة حركات الثوابت أيضا إلى البروج وتصوّر انتقالها من برج إلى برج، ولذا قد يسمّى الفلك الأعظم بفلك البروج أيضا وكأنها إنما اعتبرت أولا في الثامن لتتمايز الأقسام بالكواكب التي فيها، إذ أسماء البروج مأخوذة من صور توهّمت من كواكب وقعت فيها. ثم اعتبرت أقسام الفلك الأعظم الواقعة بإزاء الثامن وسميت بصور الكواكب المحاذية لها، فإذا خرجت تلك الصورة عن المحاذاة جاز أن تتغير أسماؤها، وإن كان الأولى أن لا تتغير لئلّا يقع خبط في أحوال البروج بسبب التباس اسمائها. واعلم أيضا أن أصحاب العمل اعتبروا أيضا في الخارج المراكز والحوامل والتداوير. والبروج والدرجات والدقائق والثواني والثوالث وغير ذلك من الأجزاء، فإنهم قسّموا محيط كل دائرة بثلاثمائة وستين قسما متساوية، وسمّوا كلّ قسم واحد درجة، وكل ثلاثين منها برجا. هذا كله خلاصة ما حققه السيّد السّند في شرح المواقف وشرح الملخص والفاضل عبد العلي البرجندي في تصانيفه.

عفط

[عفط] نه: فيه: ولكانت دنياكم أهون من "عفطة" عنز، أي ضرطة. 

عفط


عَفَطَ(n. ac. عَفْط
عَفِيْط
عَفَطَاْن)
a. Broke wind, farted.
b. Sneezed.
c. Called by smacking the lips (goat-herd).

عَفْط
عَفِيْط
25a. Fart.
b. Sneeze, sneezing.

مَا لَهُ عَافِطَة وَلَا
نَافِطَة
a. He possesses nothing.
ع ف ط

لأنت أهون عليّ من عفطة عتود بالحرّة وهي ريح تخرج من أنفها لها صوت. " وماله عافطة ولا نافطة " أي شاة ولا ناقة، وقيل: أمةٌ ولا شاة. وفلان عفّاط أي ألكن، وقيل للأمة: العافطة: للكنتها.
عفط
العَفْطُ والعَفِيْطُ: نَثْرَةُ الضَّأْن بأُنُوفِها. وفي المَثَل: " أهْوَنُ من عَفْطَة عَتوْدٍ بالحَرة ".
وفي آخَرَ: " ما لَه عافِطَة ولا نافِطَة "، فالعافِطَة: قيل: النعْجَة، وقيل: الأمَةُ تَعْفِط في كلامِها أي لا تُقوَم؛ كالعِفَاطِيَ: وهو الألْكَن، يُقال: عَفَطَ في كلامِه عَفْطاً، وهو عَفاط.
وعَفَطَ عَفْطاً: ضَرَط.
[عفط] عَفَطَتِ العنز تَعْفِطُ عَفْطاً : حَبَقَتْ. والعَفْطُ والعَفيطُ: نثير الضأن تنثرُ بأنوفها كما ينثر الحمار، وهى العفطة أيضا. وقولهم: " ماله عافطة ولا نافطة " . قال أبو الدقيش: العافِطَةُ: النعجةُ. والنافِطَةُ: العنز، لانها تنفط بأنفها. قال: وهذا كقولهم: " ماله ثاغية ولا راغية "، أي لا شاة تثغو ولا ناقة ترغو. وعفط الراعي بغنمه، إذا زجرها بصوتٍ يشبه عَفْطَها. والعافِطةُ والعفَّاطَةُ: الأَمَةَ الراعية.
(ع ف ط)

عَفَطَ يَعْفِطُ عَفْطا، وعَفَطانا، فهوعافِطٌ وعَفِطٌ: ضرط. قَالَ:

يَا رُبَّ خالٍ لكَ فَعْفاعٍ عَفِط

والمِعْفَطَة: الاست. وعَفَطَتْ النعجة والماعزة تَعفِطُ عَفيطا: كَذَلِك.

وَمَاله عافِطَةٌ وَلَا نافطة. العافِطَة: النعجة، لِأَنَّهَا تعْفِط، أَي تضرط. والنافطة: إتباع. وَقيل النافطة: العنز أَو النَّاقة.

وعفَطت الضَّأْن بأنوفها، تَعْفِط عَفْطا وعَفِيطا. وَهُوَ صَوت لَيْسَ بعطاس. وَقيل: العَفْطُ والعَفيط: عطاس الْمعز. والعافِطةُ: الماعزة إِذا عطست.

وعَفَطَ فِي كَلَامه يَعْفِطُ عَفْطا: تكلم الْعَرَبيَّة. فَلم يفصح. وَقيل: تكلم بِكَلَام لَا يفهم.

وَرجل عَفَّاط وعِفْطِيّ: ألكن.

والعَافِطَةُ: الأمَةُ، لِأَنَّهَا تعفِطُ فِي كَلَامهَا. والعافِطُ الرَّاعِي. وَمن سبهم: يَابْنَ العافِطَة: أَي الراعية.
عفط
عّفطتِ العنزُ تعْفطُ عفطاً وعفْيطاً: حبقتْ.
وعفطَ بها: أي ضرّطَ.
والعفطّ والعفيطّ: نثيرُ الضأنِ؛ تَنثر بانوفها كمايَنْثرُ الحمارُ، وهي العَفطةُ.
وقولهمْ: مالهُ عافطة ولا نافطة. قال أبو الدّقيش: العافطةُ النعْجةُ والنّافطةُ العنزُ لأنها تنفطُ بأنفهاِ، قال: وهذا كقوْلهم: ماله ثاغيةَ ولا راغيةّ؛ أي لا شاةً تثغو ولا ناقةّ ترْغو. وقيل: العافطةُ ألأمةُ والنّافطةُ الشاةُ، لأن الأمةُ تعْفطُ في كلامها كما يعْفطُ الرّجلُ العفاطيُّ.
والعفاطيّ والعفطيّ - بالكسرْ فيهما - والعفاطُ - بالفتح والتشديد -: الألكنُ الذي لا يفصحُ، يقال: عفطّ في كلامهِ وعفتَ، وهو عفاطّ وعفاتُ.
وقال أبو. الهيثم: العفْطُ: الضرِطُ بالشفتيْنِ؛ والنقطُ بالأنوف.
والعافطةُ الكسائيًّ: الشاةُ تسْعلُ فَتسْمعُ صوتْاً من انفها فذلك النّفيطُ.
وقال ابن فارسٍ: عفطَ بغنمهِ: إذا دعاهاَ.
والترْكيبُ يدلُ على صويتٍ ثم يحملُ عليه.

عفط: عَفَطَ يَعْفِطُ عَفْطاً وعَفَطاناً، فهو عافِطٌ وعِفِطٌ: ضَرطَ؛

قال:

يا رُبَّ خالٍ لكَ قَعْقاعٍ عَفِطْ

ويقال: عَفَقَ بها وعَفَطَ بها إِذا ضَرطَ. وقال ابن الأَعرابي:

العَفْطُ الحُصاصُ للشاة والنَّفْطُ عُطاسُها. وفي حديث علي: ولكانت دُنياكم هذه

أَهوَنَ عليَّ من عَفْطةِ عنز أَي ضَرْطة عنز. والمِعْفَطةُ: الاسْت،

وعفَطَتِ النعجةُ والماعِزةُ تَعْفِطُ عَفِيطاً كذلك.

والعرب تقول: ما لفلان عافِطةٌ ولا نافِطةٌ؛ العافطة: النعجة وعلل بعضهم

فقال لأَنها تَعْفِطُ أَي تَضْرطُ، والنافِطةُ إِتباع. قال: وهذا كقولهم

ما له ثاغِيةٌ ولا راغِيةٌ أَي لا شاةٌ تَثْغُو ولا ناقةٌ تَرْغُو. قال

ابن بري: ويقال ما له سارحةٌ ولا رائحةٌ، وما له دقيقة ولا جَلِيلة،

فالــدقيقةُ الشاة، والجليلة الناقة؛ وما له حانَّةٌ ولا آنَّةٌ، فالحانَّة

الناقة تَحِنُّ لولدها، والآنَّة الأَمةُ تَئِنُّ من التَّعب؛ وما له هارِبٌ

ولا قارِب، فالهارِبُ الصادِرُ عن الماء، والقاربُ الطالب للماء، وما له

عاوٍ ولا نابِحٌ أَي ما له غنم يعوي بها الذئب وينْبَح بها الكلب؛ وما

له هِلَّعٌ ولا هِلَّعةٌ أَي جَدْي ولا عَناق. وقيل: النافطة العَنز أو

الناقة؛ قال الأَصمعي: العاطفةُ الضائنة، والنافطة الماعِزة، وقال غير

الأَصمعي من الأَعراب: العاطفة الماعِزة إِذا عطَست، وقيل: العافطة الأَمة

والنافطة الشاة لأَن الأَمة تعفِط في كلامها كما يعفِط الرجل العِفْطِيُّ،

وهو الأَلْكَن الذي لا يُفْصِح، وهو العَفّاطُ، ولا يقال على جهة النسبة

إِلا عِفْطِيٌّ.

والعَفْطُ والعَفِيطُ: نَثِيرُ الشاء بأُنوفِها كما يَنْثِرُ الحِمار،

وفي الصحاح: نثير الضأْن، وهي العَفْطةُ. وعَفَطتِ الضأْنُ بأُنوفها

تَعْفِط عَفْطاً وعَفِيطاً، وهو صوت ليس بعُطاس، وقيل: العَفْط والعَفِيط

عُطاس المَعز، والعافطةُ الماعزة إِذا عطست.

وعفَط في كلامه يَعْفِط عَفْطاً: تكلم بالعربية فلم يُفْصِح، وقيل: تكلم

بكلام لا يُفْهم. ورجل عَفَّاط وعِفْطِيّ: أَلكن، وقد عَفَت عَفْتاً،

وهو عَفّات. قال الأَزهري: الأَعْفَتُ والأَلفت الأَعْسَرُ الأَخْرَقُ.

وعَفَتَ الكلامَ إِذا لَواه عن وجهه، وكذلك لَفَتَه، والتاء تبدل طاء لقرب

مخرجها.

والعافط: الذي يصيح بالضأْن لتأْتيه؛ وقال بعض الرُّجَّازِ يَصِف غنماً:

يَحارُ فيها سالِئٌ وآفِطُ،

وحالِبانِ ومَحاحٌ عافِطٌ

وعفَط الراعي بغنمه إِذا زجرَها بصوت يُشبه عَفْطَها. والعافِطةُ

والعَفّاطةُ: الأَمة الراعِيةُ. والعافِطُ: الرَّاعي؛ ومن سَبَّهم: يا ابن

العافطة أَي الراعِية.

عفط
عَفَطَت العَنْزُ تَعْفِطُ عَفْطاً وعَفِيطاً وعَفَطَاناً، الأَخيرة محرَّكَةً: ضَرَطَتْ، وَفِي العُبَاب والصّحاح: حَبَقَتْ. والعَفْطَةُ: الضَّرْطَةُ، وَمِنْه قولُ عليٍّ رَضِي الله عَنهُ: ولَكانَتْ دُنْياكُمْ هَذِه أَهْوَنُ عَلَيَّ من عَفْطَةِ عَنْزٍ. ورَجُلٌ عافِطٌ وعَفِطٌ، ككَتِفٍ: ضَرُوطٌ، قالَ: يَا رُبَّ خالٍ لَك فَعْفَاعٍ عَفِطْ والعَفْطُ والعَفِيطُ: نَثِيرُ الضَّأْنِ تَنْثِرُ بأُنوفِها كَمَا يَنْثِرُ الحِمارُ. وعي العَفْطَةُ، كَمَا فِي الصّحاح.
وقالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: العافِطَةُ: النَّعْجَةُ. وعلَّلَهُ بعضُهم فقالَ: لأَنَّها تَعْفِطُ، أَي تَضْرِطُ، والنَّافِطَةُ: العَنْزُ، لأَنَّها تَنْفِطُ بأَنْفِها، قالَ: وَمِنْه قولُهم: مَا لهُ عافِطَةٌ وَلَا نافِطَةٌ، وَهَذَا كقولِهم: مَا لهُ ثاغِيَةٌ وَلَا راغِيَةٌ، أَي شاةٌ تَثْغُو وَلَا ناقَةٌ تَرْغُو، كَمَا فِي الصّحاح. وقِيلَ: النَّافِطَةُ إِتْباعٌ، وقِيلَ: النَّافِطَةُ: العَنْزُ أَو النَّاقَةُ. وقالَ الأَصْمَعِيّ: العافِطَةُ: الضَّائِنَةُ والنَّافِطَةُ: الماعِزَةُ، وقالَ غيرُ الأَصْمَعِيّ من الأَعرابِ: العافِطَةُ: الماعِزَةُ إِذا عَطَسَتْ. أَو العافِطَةُ: الأَمَةُ الرَّاعِيَةُ، كالعَفَّاطَةِ، كَمَا فِي الصّحاح، لأَنَّها تَعْفِطُ فِي كلامِها، والنَّافِطَةُ: الشَّاةُ. قالَ ابنُ بَرِّيّ: ويُقَالُ أَيْضاً: مَا لَهُ سارِحَةٌ وَلَا رائِحَةٌ، وَمَا لَهُ دَقيقَةٌ وَلَا جَليلَةٌ، وَمَا لَهُ حانَّةٌ وَلَا آنَّةٌ، وَمَا لَهُ هارِبٌ وَلَا قارِبٌ.
وَمَا لَهُ عَاوٍ وَلَا نابِحٌ. وَمَا لَهُ هِلَّعٌ وَلَا هِلَّعَةٌ. والعِفَاطِيُّ والعِفْطِيُّ، بكسرِهِما، وكذلِكَ العَفَّاطُ، كشَدَّادٍ: الأَلْكَنُ الَّذي لَا يُفْصِحُ فِي عَرَبِيَّتِه، وكذلِكَ العَفَّاتُ، بالتَّاءِ، وَلَا يُقَالُ على جِهَةِ النِّسْبَةِ إِلا عِفْطِيٌّ، وَقد عَفَطَ فِي كَلامِه يَعْفِطُ. عَفْطاً، وكذلِكَ: عَفَتَ كَلامَه عَفْتاً، إِذا تكَلَّمَ بالعَرَبِيَّةِ فَلم يُفْصِحْ، وقِيلَ: تكلَّمَ بكَلامٍ لَا يُفْهَم. وقالَ أَبُو الهَيْثَمِ: العَفْطُ: الضَّرْطُ بالشَّفَتَيْن، والنَّفْطُ: بالأَنْفِ.
وقالَ ابْن الأَعْرَابِيّ: العَفْطُ: الحُصاصُ للشَّاةِ، والنَّفْطُ: عُطاسُها. وقالَ الكِسائيُّ: الشَّاةُ تَسْعُل فتَسْمَعُ صَوْتاً من أَنْفِها، فَذَلِك النَّفِيطُ. وقالَ ابنُ فارسٍ: العَفْطُ: دُعاءُ الغَنَمِ، وَقد عَفَطَ بغَنَمِه، إِذا دَعاها. وقِيلَ: العافِطُ: الَّذي يَصيحُ بالضَّأْنِ لتَأْتِيَهُ. وقالَ بعضُ الرُّجَّازِ يصفُ غَنَماً:) يَحَارُ فِيهَا سالِئٌ وآقِطُ وحَالِبَانِ ومحَاحٌ عَافِطُ وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: عَفَطَ بهَا، وعَفَقَ بهَا: ضَرَطَ. والمِعْفَطَةُ: الاسْتُ. والأَعْفَطُ: الأَحْمَقُ. وعَفَطَ الرَّاعي بغَنَمِه، إِذا زَجَرَها بصَوْتٍ يُشْبِهُ عَفْطَهَا، كَمَا فِي الصّحاح. والعافِطُ: الرَّاعي. وَمن سَبِّهِم: يَا ابنَ العافِطَةِ، أَي الرَّاعِيَةِ.

عشش

(ع ش ش) : (عُشُّ) الطَّائِرِ الَّذِي يَجْمَعُهُ عَلَى الشَّجَرِ مِنْ حُطَامِ الْعِيدَانِ فَيَبِيضُ فِيهِ وَالْجَمْعُ عِشَاشٌ وَعِشَشَةٌ.
(عشش)
الطَّائِر اتخذ عشا وَالْأَرْض والكلأ يبسا وَالْخبْز فسد وعلته الخضرة وَفُلَان الْخبز تَركه يعشش
ع ش ش

" ليس هذا بعشك فادرجي " يقال لمن ينزل منزلاً لا يصلح له. واعتشّ الطائر وعشش. وعشش الخبز: تكرج، وعششه: تركه حتى تكرج.
[عشش] نه: فيه: ولا تملأ بيتنا "تعشيشًا"، أي لا تخوننا في طعامنا فتخبأ في هذه الزاوية وفي هذه الزاوية كالطيور إذا عششت في مواضع شتى، أو لا تملأ بيتنا بالمزابل كأنه عش طائر، ويروى بغين معجمة. وفيه: ليس هذا "بعشك" فادرجي، أراد عش الطائر- ومر في دال. غ: يضرب فيمن يدخل فيما يقصر عنه.

عشش


عَشَّ(n. ac. عَشّ)
a. Kept to its nest (bird).
b. Gathered, collected; gained, earned.
c. Mended, repaired.
d. Ousted, expelled.
e.(n. ac. عَشَش
عَشَاْشَة
عُشُوْشَة), Was thin, lean.
عَشَّشَa. Nested; made a nest.

أَعْشَشَa. see I (d)
إِنْعَشَشَa. Was mended, repaired.

إِعْتَشَشَa. see II
عَشّa. Trifling present.
b. see 3
عُشّ
(pl.
عِشَشَة
عِشَاْش أَعْشَاْش)
a. Nest.
ع ش ش : عُشُّ الطَّائِرِ مَا يَجْمَعُهُ عَلَى الشَّجَرِ مِنْ حُطَامِ الْعِيدَانِ فَإِنْ كَانَ فِي جَبَلٍ أَوْ عِمَارَةٍ فَهُوَ وَكْرٌ وَوَكْنٌ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ أُفْحُوصٌ وَالْجَمْعُ عِشَاشٌ بِالْكَسْرِ وَعِشَشَةٌ وِزَانُ عِنَبَةٍ وَرُبَّمَا قِيلَ أَعْشَاشٌ مِثْلُ قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ. 
(عشش) : العَشُّ، من الإِبل: الفَحْلُ الَّذِي يُبْصِرُ ضَبَعَةَ النّاقَةِ ولا يَظْلمُها، قال:
تَأْوي إلى أَجْراسِ قَرْمِ زَمْزامْ
جافِي المِلاطَيْنِ شَديدِ الإِرْزامْ
عَشٍّ بريحِ البوْلِ غير ظَلاّمْ
برِزِّ رَقْطاءَ كثيرِ التَّنآم
مُعْرِبَةِ التَّرْجيعِ بعدَ اسْتِعْجَامْ
ع ش ش: (عُشُّ) الطَّائِرِ مَوْضِعُهُ الَّذِي يَجْمَعُهُ مِنْ دِقَاقِ الْعِيدَانِ وَغَيْرِهَا وَجَمْعُهُ (عِشَشَةٌ) بِوَزْنِ عِنَبَةٍ وَ (عِشَاشٌ) بِالْكَسْرِ وَهُوَ فِي أَفْنَانِ الشَّجَرِ. فَإِذَا كَانَ فِي جَبَلٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَهُوَ وَكْرٌ وَوَكْنٌ. وَإِذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ أُفْحُوصٌ وَأُدْحِيٌّ. وَقَدْ (عَشَّشَ) الطَّائِرُ (تَعْشِيشًا) أَيِ اتَّخَذَ عُشًّا. وَمَوْضِعُ كَذَا (مُعَشَّشُ) الطُّيُورِ. قُلْتُ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: قَالَ اللَّيْثُ: (الْعُشُّ) لِلْغُرَابِ وَغَيْرِهِ عَلَى الشَّجَرِ إِذَا كَثُفَ وَضَخُمَ وَقَدْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ الْوَكْرَ فِي [وك ر] بِمَا يُخَالِفُ تَفْسِيرَهُ هُنَا. 
عشش
تعشَّش في يتعشَّش، تعشُّشًا، فهو مُتعشِّش، والمفعول مُتعشَّش فيه
• تعشَّش الطَّائرُ في المكان: استقرَّ فيه "تعشَّشت الفكرةُ في مخيلتي". 

عشَّشَ/ عشَّشَ في يعشِّش، تَعْشيشًا، فهو مُعَشِّش، والمفعول مُعَشَّشٌ فيه
• عشَّش الطَّائرُ في النَّافدة: اتَّخذ له فيها بيتًا من قشٍّ وغيره ليضع فيه بيضَه ° عشَّش الشَّيْطانُ في قلبه: طاش وغوَى. 

عُشّ [مفرد]: ج أعشاش وعِشاش: بيت الطَّائر، يصنعه من القَشِّ والعيدان الــدّقيقة ليضَع فيه بيضَه وصغارَه "ما أكثرَ أعشاشَ الطيور في الرِّيف! - قد يجعل الطَّيرُ عُشَّه على غصنُ شجرة" ° عُشّ الزَّوجيَّة: المَسْكنُ الذي يُعَدُّ للزّواج- عُشّ ذهبيّ: الحياة الزوجيّة. 
[عشش] أعْشَشْتُ القومَ، إذا نزلتَ منزلاً قد نزلوه قبلك فآذيتهم حتَّى يتحوَّلوا من أجلك. قال الفرزدق يصف القطاة: فلو تُركتْ نامتْ ولكن أعَشَّها * أذى من قِلاصٍ كالحنيِّ المُعطَّفِ * والعَشَّةُ: النخلةُ إذا قلَّ سَعَفُها ودقَّ أسفلها. وقد عَشَّشَتِ النخلةُ. وشجرةٌ عَشَّةٌ: دقيقة القضبان لئيمة المنبت. قال جرير: فما شَجَراتُ عِيصِكَ في قُرَيْشٍ * بِعَشَّاتِ الفروعِ ولا ضَواحي * والعَشَّة من النساء: القليلة اللحم. والرجل عش. قال الراجز:

تضحك منى أن رأتنى عشا * يقال عش بدنه، أي ضَمَرَ ونَحَلَ. وأعَشَّهُ الله سبحانه. وناقةٌ عَشَّةٌ، بيِّنة العَشَشِ والعشاشةِ والعُشوشةِ. وعَشَّ الرجلُ معروفهُ أي أقلَّهُ. ويقال: سقاه سَجْلاً عشا، أي قليلا. قال رؤبة:

حجاج ما سجلك بالمعشوش * وعش الطائر: موضعه الذي يجمعه من دقاق العيدان وغيرها، وجمعه عِشَشَةٌ وعِشاشٌ وأعْشاشٌ وهو في أفنان الشجر، فإذا كان في جبلٍ أو جدار أو نحوهما فهو وكر ووكن، وإذا كان في الارض فهو أفحوص وأدحى. وقد عشش الطائر تعشيشا، أي اتَّخذ عشًّا. وموضع كذا مُعَشَّشُ الطيور. وعَشَّشَ الخبزُ أيضاً: تكرج ويبس. وأعشاش: موضع. قال الفرزدق يخاطب نفسه: عَزَفْتَ بأعشاشٍ وما كِدْتَ تَعْزِفُ * وأنْكَرْتَ من حَدْراء ما كنت تعرف * وحكى ابن الاعرابي: الاعتشاش أن يمتار القوم ميرة ليست بالكثيرة. وحكى أيضا: العشعش : العش إذا تراكب بعضه على بعض.

عشش: عُشُّ الطائرِ: الذي يَجْمع من حُطامِ العيدان وغيرها فيَبيض فيه،

يكون في الجبَلِ وغيرِه، وقيل: هو في أَفْنان الشجر، فإِذا كان في جبَلٍ

أَو جِدار ونحوِهما فهو وَكْر ووَكْنٌ، وإِذا كان في الأَرض فهو

أُفْحُوصٌ وأُدْحِيٌّ؛ وموضعُ كذا مُعَشّشٌ الطيورِ، وجمعه أَعْشاشٌ وعِشاشٌ

وعُشوشٌ وعِشَشةٌ؛ قال رؤبة في العُشوش:

لولا حُباشاتُ من التَّحْبِيش

لِصِبيَةٍ كأَفْرُخِ العُشوش

والعَشْعَش: العُشُّ إِذا تراكب بعضُه على بعض. واعتَشَّ الطائرُ: اتّخذ

عُشًّا؛ قال يصف ناقة:

يتبعها ذو كِدْنةٍ جُرَائِضُ،

لِخَشَبِ الطَّلْحِ هَصُورٌ هائِضُ،

بحيث يعْتَشّ الغُرابُ البائضُ

قال: البائض وهو ذكَرٌ لأَن له شركةً في البَيْض، فهو في معنى الوالد.

وعشَّشَ الطائرُ تَعْشيشاً: كاعْتَشَّ. وفي التهذيب: العُشُّ للغراب وغيره

على الشجر إِذا كَثُف وضخُم. وفي المثل في خطبة الحجاج: ليس هذا

بعُشِّكِ فادْرُجِي؛ أَراد بعُشِّ الطائر، يُضرب مثلاً لمن يرفع نفسَه فوق

قدْرِه ولمن يَتعَرَّض إِلى شيء ليس منه، وللمُطْمَئِنّ في غير وقته فيؤمر

بالجِدِّ والحركةِ؛ ونحوٌ منه: تَلَمَّسْ أَعشَاشَكَ أَي تلَمَّسِ التجِّني

والعِلَلَ في ذَوِيك. وفي حديث أُمّ زرع: ولا تَمْلأُ بيْتَنا تعْشِيشاً

أَي أَنها لا تَخُونُنا في طعامنا فنخبأَ منه في هذه الزاوية وفي هذه

الزاوية كالطيور إِذا عَشَّشَتْ في مواضعَ شتّى، وقيل: أَرادت لا تملأ

بيتَنا بالمَزابِل كأَنه عُْشُّ طائر، ويروى بالغين المعجمة.

والعَشّةُ من الشجر: الــدقيقةُ القُضْبان، وقيل: هي المفْترِقةُ الأَغصان

التي لا تُواري ما وراءها. والعَشّةُ أَيضاً من النخل: الصغيرةُ الرأْسِ

القليلة السعف، والجمع عِشاشٌ. وقد عشَّشَت النخلةُ: قَلَ سعفُها ودقّ

أَسفلُها، ويقال لها العَشَّة، وقيل: شجرة عشَّةٌ دقيقة القضبان لَئِِيمةُ

المَنْبِت؛ قال جرير:

فما شَجراتُ عِيصِك في قريْش

بعَشّات الفُروعِ، ولا ضَواحِي

وقيل لرجل: ما فعل نخل بني فلان؟ فقال: عَشَّشَ أَعلاه وصنْبَرَ

أَسفلُه، والاسم العَشَشُ. والعَشّةُ: الأَرض القليلة الشجر، وقيل: الأَرض

الغليظة. وأَعْشَشْنا: وقعْنا في أَرض عَشَّة، وقيل: أَرض عَشَّةٌ قليلة الشجر

في جَلْدٍ عَزازٍ وليس بجبلٍ ولا رملٍ وهي ليّنة في ذلك.

ورجل عَشٌّ: دقيقُ عظام اليد والرِّجْلِ، وقيل: هو دقيقُ عظام الذراعين

والساقين، والأُنثى عَشَّةٌ؛ قال:

لَعَمْرُكَ ما لَيْلى بورْهاءَ عِنْفِصٍ،

ولا عَشَّة، خَلْخالُها يَتَقَعْقَعُ

وقيل: العَشَّةُ الطويلة القليلة اللحم، وكذلك الرجلُ. وأَطْلَق بعضهم

العَشَّةَ من النساء فقال: هي القليلةُ اللحم. وامرأَة عَشّةٌ: ضَئِيلةُ

الخَلْق، ورجل عَشٌّ: مهزول؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

تَضْحكُ منِّي أَن رأَتْني عَشّا،

لبِستُ عَصْرَى عُصُرٍ فامْتَشَّا

بَشَاشَتي وعَمَلاً ففَشَّا،

وقد أَراها وشَواها الحُمْشا

ومِشْفراً، إِن نطقَتْ أَرَشّا،

كمِشْفَر الناب تَلُوكُ الفَرْشا

الفَرْشُ: الغَمْضُ من الأَرض فيه العُرفُط والسَّلَم، وإِذا أَكلَتْه

الإِبلُ أَرْخت أَفواهَها؛ وناقة عَشَّةٌ بيِّنة العَشَشِ والعَشاشة

والعُشُوشةٍ، وفرس عَشُّ القوائم: دقيقٌ. وعَشَّ بدنُ الإِنسان إِذا ضَمَر

ونَحَل، وأَعَشّهُ اللَّه. والعَشُّ: الجمع والكسب. وعَشَّ المعروفَ يعُشّه

عَشًّا: قلَّله؛ قال رؤبة:

حَجّاجُ ما نَيْلُك بالمَعْشُوشِ

وسقى سَجْلاً عَشّاً أَي قليلاً نزراً؛ وأَنشد:

يسقينَ لا عَشّاً ولا مُصَرّدا

وعَشّشَ الخبرُ: يبِسَ وتكَرَّجَ، فهو مُعَشِّشٌ. وأَعَشَّه عن حاجته:

أَعْجَله. وأَعَشّ القومَ وأَعَشَّ بهم: أَعْجَلَهم عن أَمرهم، وكذلك إِذا

نزل بهم على كُرْه حتى يتحوّلوا من أَجله، وكذلك أَعْشَشْت؛ قال الفرزدق

يصف القطاة:

وصادقة ما خبّرَتْ قد بَعَثْتُها

طَرُوقاً، وباقي الليلِ في الأَرض مُسْدِف

ولو تُرِكَتْ نامتْ، ولكنْ أَعَشّها

أَذًى من قِلاصٍ كالحَنِيِّ المُعَطَّفِ

ويروى: كالحِنّي، بكسر الحاء. ويقال: أَعْشَشْت القومَ إِذا نزَلْت

منزلاً قد نزلوه قبلك فآذَيْتهم حتى تحوّلوا من أَجْلِك. وجاؤوا مُعاشِّين

الصُّبْحَ أَي مُبادِرين. وعشَشْت القميصَ إِذا رقَعْته فانعشّ. أَبو زيد:

جاء بالمال من عِشِّه وبِشِّه وعِسِّه وبِسِّه أَي من حيث شاء. وعَشّه

بالقضيب عشًّا إِذا ضربه ضربات. قال الخليل: المَعَشّ المَطْلب، وقال غيره

المَعَسّ، بالسين المهملة.

وحكى ابن الأَعرابي: الاعْتِشاشُ أَن يمتارَ القومُ ميرةً ليست

بالكثيرة. وأَعْشاش: موضع بالبادية، وقيل في ديار بني تميم؛ قال

الفرزدق:عَزَفْتَ بأَعْشاشٍ، وما كُنْتَ تَعْزِفُ،

وأَنْكَرْتَ من حَدْراءَ ما كنْتَ تَعْرِفُ

ويروى: وما كِدْتَ تعزف؛ أَراد عزفت عن أَعشاش، فأَبدل الباء مكان عن،

ويروى بإِعْشاش أَي بكُرْهٍ؛ يقول. عَزَفْتَ بكُرْهِك عمن كنْت تُحِبّ أَي

صرفت نفسَك. والإِعشاشُ: الكِبَرُ

(* قوله «الكبر» هو بهذا الضبط في

الأَصل.) .

عشش
. {العَشَّةُ، النَّخْلَةُ إِذا قَلَّ سَعَفُهَا، ودَقَّ أَسْفَلُهَا، وصَغُر رَأْسُهَا. وَقد} عَشَّتْ، {وعَشَّشَتْ، إِذا كانَتْ كَذلِكَ. وقِيلَ لِرَجُلٍ: مَا فَعَلَ نَخْلُ بَنِي فلانٍ فَقَال:} عَشَّشَ أَعْلاَهُ، وصَنْبَرَ أَسْفَلُه. والاسْمُ {العَشَشُ. و} العَشَّةُ: الشَّجَرَةُ اللَّئيمَةُ المَنْبِتِ، الــدَّقِيقَةُ القُضْبَانِ، قَالَ جَرِيرٌ:
(فَمَا شَجَرَاتُ عِيصِكَ فِي قُرَيْشٍ ... {بِعَشّاتِ الفُرُوعِ وَلَا ضَوَاحِي)
و} العَشَّةُ: المَرْأَةُ الطَّوِيلَةُ القَلِيلَةُ اللَّحْمِ، وكَذلِكَ الرَّجُل، وأَطْلَقَ بَعْضُهُم العَشَّةَ مِنَ النِّساءِ فَقَالَ هِيَ القَلِيلَةُ اللَّحْمِ، أُو الــدَّقِيقَةُ عِظَامِ اليَدِ والرَّجْلِ، وقِيلَ: عِظَامُ الذِّراعَيْنِ والسّاقَيْنِ، وكذلِكَ الرَّجُل، قَالَ:
(لَعَمْرُكَ مَا لَيْلَى بَوَرْهَاءَ عِنْفِصٍ ... وَلَا {عَشَّةٍ خَلْخَالُهَا يَتَقَعْقَعُ)
وهُوَ} عَشٌّ: مَهْزُولٌ ضَئِيلُ الخَلْقِ، أَنشد ابنُ الأَعْرَابِيّ:
(تَضْحَكُ مِنِّي أَنْ رَأَتْنِي {عَشَّا ... لَبِسْتُ عَصْرَيْ عُصُرِ فامْتَشَّا)
} وعَشَّ بَدَنُه، أَي الإِنْسَانِ، {عَشَاشَةً، بالفَتْحِ،} وعُشُوشَةً، بالضّمّ، {وعَشَشاً، بالتَّحْرِيك: نَحِلَ وضَمُرَ.
} والعَشُّ، بالفَتْحِ: الفَحْلُ يُبْصِرُ ضَبْعَةَ النّاقَةِ، وَلَا يَظْلِمُها، عَن أَبِي عَمْروٍ، وأَنْشد:)
( {عَشٍّ بِريحِ البَوْلِ غَيْرِ ظَلَّامْ ... برِزٍّ رَقْطَاءَ كَثِيرِ التَّنْآمْ)
و} العَشُّ: الطَّلَبُ، لُغَةٌ فِي السِّين. و {العَشُّ: الجَمْعُ والكَسْبُ. والعَشُّ: الضَّرْبُ، يُقَال: عَشَّهُ بالقَضِيبِ عَشّاً، إِذا ضَرَبَهُ بِهِ ضَرَباتٍ. والعَشُّ: تَرْقِيعُ القَمِيصِ، وقَدْ عَشَّهُ فانْعَشّ. والعَشُّ: إِقْلالُ العَطَاءِ، يُقَال:} عَشَّ المَعْرُوفَ {يَعُشُّهُ} عَشّاً، إِذا قَلَّلَه، قالَ رُؤْبَةُ: حَجّاجُ مَا سَجْلُكَ {بالمَعْشُوشِ. و} العَشُّ أَيْضاً: العَطَاءُ القَلِيلُ، يُقَال: سَقَى سَجْلاً {عَشّاً، أَي قَلِيلاً نَزْراً، وَقَالَ: يُسْقَيْنَ لَا} عَشّاً وَلَا مُصَرَّدَا. و {العَشُّ: لُزُومُ الطّائرِ عُشَّهُ. وهُوَ بالضَّمِّ: مَوْضِعُ الطّائِرِ، الَّذِي يَجْمَعُهُ من دُقاقِ الحَطَبِ وغَيْرِها، فِي أَفْنَانِ الشَّجَرِ فيَبيضُ فِيه، فإِذا كانَ فِي جَبَلٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، فَهُوَ وَكْرٌ، ووَكْنٌ، وإِذا كانَ فِي الأَرْضِ فهُوَ أُفْحُوصٌ وأُدْحِىُّ، كَذَا فِي الصّحاح، ويُفْتَحُ. وَفِي التَّهْذِيب: العُشُّ، لِلْغُرَابِ وغَيْرِه على الشَّجَرِ إِذا كَثُفَ وضَخُمَ. وَفِي المَثَلِ فِي خُطْبَةِ الحَجّاج: ليسَ هَذَا} بعُشِّكِ فادْرُجِى، أَرادَ! بعُشِّ الطّائِرِ، أَي لَيْسَ لَك ِ فيهِ حَقُّ فامْضِي، يُضْرَبُ لمَنْ يَرْفَعُ نَفْسَه فَوْقَ قَدْرِه، ولِمَنْ يَتَعَرَّضُ إِلَى شَئٍ لَيْسَ مِنْهُ، وللمُطْمَئنِّ فِي غَيْرِ وَقْتِه، فيُؤْمَرُ بالجِدِّ والحَرَكة، وَفِي الأَسَاس: يُضْرَبُ لِمَنْ يَنْزِلُ مَنْزِلاً لاَيصْلُحُ لَهُ. {وعُشُّ بنُ لَبِيدِ بنِ عَدّاء بنِ لبِيدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بن رِزَاح بنِ رَبِيعَةَ بنِ حَرَامِ بنِ ضِنَّةَ بنِ عَبْدِ بن كَبِيرِ بن عُذْرَةَ بن سَعْدِ هُذَيْمٍ شاعِرٌ. وسَعْدُ بنُ قُضَاعِيٍّ، مِنْ وَلَدِه أَبو العَبّاسِ العُشِّيّ الشاعِرُ. وذُو} العُشِّ: ع، ببلادِ بَنِي مُرَّةَ.
{وأَعْشَاشٌ، كَأَنَّهُ جَمْعُ عُشٍّ: ع، بِبلادِ بَنِي سَعْدٍ، هَكَذَا فِي النُّسَخِ، وقالَ ياقُوت: هُوَ مَوْضِعٌ فِي بِلادِ بَنِي تَمِيمٍ لبَنِي يَرْبُوع بنِ حَنْظَلَةَ، قالَ الفَرَزْدَق:
(عَزَفْتَ} بأَعْشاشٍ وَمَا كِدْتَ تَعْزِفُ ... وأَنْكَرَتَ مِنْ حَدْرَاءَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ)

(ولَجَّ بكَ الهِجْرَانُ حَتَّى كَأَنّمَا ... تَرَى المَوْتَ فِي البَيْتِ الَّذِي كُنْتَ تَأْلَفُ)
وقالَ ابنُ بَعْجَاءَ الضَّبِّيُّ:
(أَيا أَبْرَقَىْ {أَعْشَاشَ لَا زَالَ مُدْجِنٌ ... يَجُودُكُمَا حَتّى يُرَوَّى ثَرَاكُمَا)

(أَرانِيَ رَبِّيِّ حِينَ تَحْضُرُ مِيتَتِي ... وَفِي عِيشَةِ الدُّنْيَا كَمَا قَدْ أَرَاكُمَا)
وقيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ بالبَادِيَة قُرْبَ طَمِيَّةَ، مقابِلٌ لَهَا، بالقُرْبِ من مَكَّةَ، شَرَّفَها اللهُ تَعَالَى، قَالَ الصّاغَانِيّ: وقَدْ وَرَدْتُه. قُلْتُ: ورُوِىَ قَوْلُ الفَرَزْدَقِ} بإِعْشَاشٍ، بالكَسْرِ، أَي عَرَفْتَ بكُرْهٍ، يَقُول: عَزَفْتَ بكُرْهِكَ عمّن كُنتَ تُحِبُّ، وقِيلَ: {الإِعْشَاشُ: الكِبَرُ، أَي عَزَفْتَ بكِبَرِكَ عَمَّنُ تُحِبّ. وَهَذِه عَن الصّاغَانِيّ. وَمن أَمثالِهِمْ: تَلَمَّسْ} أَعْشَاشَكَ، أَيْ تَلَمَّس العِلَلَ والتَّجَنَّيَ فِي أَهْلِكَ وذَوِيكَ، وَهُوَ) قَرِيبٌ من قَوْلِهِمِ: لَيْسَ {بِعُشِّكِ فادْرُجِى.} والعَشْعَشُ، بالفَتْحِ، كَمَا ضَبَطَه الصّاغَانِيّ، ويُضَمُّ، كَمَا ضَبَطَهُ الجَوْهَرِيُّ، وحَكَاه عَن ابْن الأَعْرَابِيّ كالعَصْعَصِ والعُصْعُصِ، قالَ: هُوَ {العُشُّ المُتَرَاكِبُ بَعْضُه فِي بَعْضٍ أَيْ عَلَى بَعْضٍ.} والمَعَشُّ: المَطْلَبُ، قالَهُ الخَلِيلُ، وقَالَ ابنُ سِيدَه نَقْلاً عَن غَيْرِ الخَلِيلِ: هُوَ المَعَسُّ، بالسِّين، وَقد تَقَدَّم. وبِهَاءٍ: الأَرْضُ الغَلِيظَةُ، {كالعَشَّةِ، عَن الأَزْهَرِيّ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: جَاءَ بهِ أَيْ بالمالِ من} عِشِّهِ وبِشِّهِ، وعِسِّهِ وبِسِّهِ، أَيْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، لُغَةٌ فِي السِّينِ المُهْمَلَةِ، وقَدْ تَقَدَّم. {وأَعَشَّ الرَّجُلُ: وَقَعَ فِي أَرْضٍ} عَشَّةٍ، أَيْ غَلِيظَةٍ، قالَهُ أَبُو خَيْرَةَ. و {أَعَشَّ فُلاناً عَنْ حاجَتِه: صَدَّهُ ومَنَعَهُ، عَن ابنِ دُرَيْدٍ، وقِيلَ: أَعْجَلَه، كأَحَشَّه، وكَذَا أَعَشَّ بِهِ. و} أَعَّش الظَّبْيَ مِنْ كِنَاسِه: أَزْعَجَهُ، عَن ابنِ عَبّادٍ. وأَعَشَّ القَوْمَ: نَزَلَ مَنْزِلاً قَدْ نَزَلُوهُ مِنْ قَبْلِهِ على كُرْهٍ فآذاهُمْ حَتَّى تَحَوَّلُوا من أَجْلِهِ وأَذِيَّتِه، قالَ الفَرَزْدَقُ يَصِفُ قَطَاةً:
(وصادِقَة مَا خَبَّرَتْ قَدْ بَعَثْتُها ... طرُوقاً وباقِي اللَّيْلِ فِي الأَرْضِ مُسْدِفُ)

(وَلَوْ تثرِكَتْ نامَتْ ولكِنْ {أَعَشَّهَا ... أَذَىً مِن قِلاص كالحَنِيِّ المُعَطَّفِ)
كَذَا رواهُ اللَّيْثُ بالعَيْن، واسْتَدْرَكَ عَلَيْه تَوْبَةُ وأَبُو الهَيْثَمِ، وقالاَ: هُوَ بالغَيْنِ المُعْجَمَة. وأَعَشَّ اللهُ تَعَالَى بَدَنَه: أَنْحَلَهُ: دُعَاءٌ عَلَيْه.} وعَشَّشَ الطّائِرُ {تَعْشِيشاً: اتَّخَذَ} عُشّاً، {كاعْتَشَّ} اعْتِشَاشاً، قالَ أَبو مُحَمّدٍ الفَقْعَسِيّ يَصِفُ ناقَةً: بِحَيْث {يَعْتَشُّ الغُرَابُ البَائِضُ. و} عَشَّشَ الكَلأُ والأَرْضُ: يَبْسَا، ويُقَالُ: كَلَأُ عَشٌّ، وأَرْضٌ عَشَّةٌ. و {عَشَّشَ الخُبْزُ يَبِسَ وتَكَرَّجَ فهُوَ} مُعَشِّشٌّ، وَفِي الحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وغَيْرُه، فِي قِصَّةِ أُمِّ زَرْعٍ: وَلَا تَمْلأُ بَيْتَنَا {تَعْشِيشاً، أَيْ لَا تَخُونُ فِي طَعَامِنَا فتَخْبَأ مِنْهُ فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ شَيْئاً، فيَصْيرُ} كمُعَشَّشِ الطُّيورِ. إِذا {عَشَّشَتْ فِي مَوَاضِعَ شَتَّى، وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ:
(وَفِي الأَشَاءِ النّابِتِ الأَصَاغِرِ ... } مُعَشَّشُ الدُّخَّلِ والتَّمَامِرِ)
وقِيلَ: أَرادَتْ: لَا تَمْلأُ بَيْتَنَا بالمَزَابِلِ، كأَنَّهُ {عُشُّ طائِرٍ، وهذِهِ رَوَاهَا ابنُ الأَنْبَارِيّ عَن ابنِ أَرِيسٍ عَنْ أَبِيهِ، ويُرْوَى بالغَيْنِ المُعْجَمَة.} واعْتَشُّوا: امْتَارُوا مِيرَةً قَلِيلَةً لَيْسَتْ بالكَثِيرَةِ، روَاه الجَوْهَرِيُّ عَن ابنِ الأَعْرَابِيّ. {وانْعَشَّ القَمِيصُ: تَرَقّعَ، وهُوَ مُطَاوِعُ} عَشَشْتُه، كَمَا تَقَدَّم. قَالَ الصّاغَانِيّ: والتَّرْكِيبُ يَدُلُّ على قِلَّةِ ودِقَّةٍ ثمّ تَرْجِعُ إِلَيْهِ فُرُوعُه بقِيَاسٍ صَحِيحٍ، وقَدْ شَذَّ مِنْ هَذَا التَّرْكِيبِ: {أَعْشَشَتُ القَوْمَ. ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه: يُجْمَع} عُشُّ الطّائِرِ على {أَعْشَاشٍ،} وعِشَاشٍ، {وعُشُوشٍ،} وعِشَشَة، قَال رُؤْبَةُ فِي العُشُوش:)
(لَوْلا حُبَاشَاتٍ من التَّحْبِيشِ ... لِصِبْيَةٍ كأَفْرُخِ {العُشُوشِ)
} والعَشَّةُ من الأَشْجَارِ: المُفْتَرِقَة ُ من الأَغْصَانِ الَّتِي لَا تُوَارِى مَا وَرَاءهَا، والجَمْعُ {عِشَاشٌ.
وأَرْضٌ} عَشَّةٌ: قَلِيلَةُ الشَّجَرِ فِي جَلَدٍ عَزَازٍ، ولَيْسَتْ بجَبَلٍ وَلَا رَمْلٍ، وَهِي ليِّنَة فِي ذلِك. ونَاقَةٌ {عَشَّةٌ بَيِّنَةُ} العَشَشِ والعَشَاشَةِ {والعُشُوشَةِ، وفَرَسٌ عَشُّ القَوَائِمِ: دَقِيقٌ.} وأَعَشَّ بالقَوْمِ، {وعَشَّ بِهم، الأَخِيرَةُ عَن اللَّيْثِ: نَزَلَ بِهِمْ عَلَى كُرْهٍ.} والإِعْشَاشُ: الكِبَرُ. وجَاؤُا {مُعَاشِّينَ الصُّبْحَ، أَيْ مُبَادِرِينَ.} وأَعَشَّنِي الأَمْرُ: أَعْجَل فيهِ. وبَعِيرٌ {عَشُوشٌ: ضَعِيفٌ من الضِّرَابِ أَو السَّيْرِ.} وأَعْشَاشٌ وأَنْصَابٌ: ماءَان لبَنِي يَرْبُوعِ بنِ حَنْظَلَةَ، وذاتُ! العُشِّ: مَوْضِعٌ بَيْنَ صَنْعَاءَ ومَكَّةَ عَلَى النَّجْدِ دُونَ طَرِيقِ تِهَامَةَ بَيْنَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ، رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى، وبَيْنَ كُتْنَةَ.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.