بَنْــزين/ بِنْــزين [مفرد]: (كم) سائل طيّار سريع الاشتعال ينتج عن تقطير البترول ويستعمل وقودًا لتشغيل المحرِّكات وهو مذيب جيّد للزِّيوت والدِّهون، أقلّ كثافة من
الكيروسين "يعدّ الــبنــزين عصب الصناعات في العصر الحديث".
بنــي: بَنَــا في الشرف يَــبْنُــو؛ وعلى هذا تُؤُوِّلَ قول الحطيئة:
أُولَئِكَ قومٌ إنْ بَنَــوا أَحْسنُوا الــبُنــا
قال ابن سيده: قالوا إنه جمعُ بُنــوَة أَو بِنْــوَة؛ قال الأَصمعي: أَنشدت
أَعرابيّاً هذا البيت أَحسنوا الــبِنــا، فقال: أَي بُنــا أَحسنوا الــبُنَــا،
أَراد بالأَول أَي بُنَــيّ. والابنُ: الولد، ولامه في الأَصل منقلبة عن
واو عند بعضهم كأَنه من هذا. وقال في معتل الياء: الابنُ الولد، فَعَلٌ
محذوفة اللام مجتلب لها أَلف الوصل، قال: وإنما قضى أَنه من الياء لأَن
بَنَــى يَــبْنِــي أَكثر في كلامهم من يَــبْنُــو، والجمع أَــبنــاء. وحكى اللحياني:
أَــبنــاءُ أَــبنــائهم. قال ابن سيده: والأُنثى ابنــة وبنــتٌ؛ الأَخيرة على غير
بنــاء مذكرها، ولامِ بِنْــت واو، والتاء بدل منها؛ قال أَبو حنيفة؛ أَصله
بِنْــوَة ووزنها فعلٌ، فأُلحقتها التاءُ المبدلة من لامها بوزن حِلْسٍ فقالوا
بِنْــتٌ، وليست التاء فيها بعلامة تأَنيث كما ظن من لا خِبْرَة له بهذا
اللسان، وذلك لسكون ما قبلها، هذا مذهب سيبويه وهو الصحيح، وقد نص عليه في
باب ما لا ينصرف فقال: لو سميت بها رجلاً لصرفتها معرفة، ولو كانت
للتأْنيث لما انصرف الاسم، على أَن سيبويه قد تسمَّح في بعض أَلفاظه في الكتاب
فقال في بِنْــت: هي علامة تأْنيث، وإنما ذلك تجوّز منه في اللفظ لأَنه
أَرسله غُفْلاً، وقد قيده وعلله في باب ما لا ينصرف، والأَخذ بقوله
المُعَلَّل أَقوى من القول بقوله المُغْفَل المُرْسَل، ووَجهُ تجوُّزه أَنه لما
كانت التاء لا تبدل من الواو فيها إلا مع المؤنث صارت كأَنها علامة
تأْنيث، قال: وأَعني بالصيغة فيها بنــاءها على فِعْل وأَصلها فَعَلٌ بدلالة
تكسيرهم إياها على أَفعال، وإبدالُ الواو فيها لازمٌ لأَنه عمل اختص به
المؤنث، ويدل أَيضاً على ذلك إقامتهم إياه مقام العلامة الصريحة وتعاقُبُها
فيها على الكلمة الواحدة، وذلك نحو ابنــةٍ وبنــتٍ، فالصيغة في بنــت قائمة
مقام الهاء في ابنــةٍ، فكما أَن الهاء علامة تأْنيث فكذلك صيغة بنــتٍ علامة
تأْنيثها، وليست بنــتٌٌ من ابنــةٍ كصَعب من صَعْبة، إنما نظيرُ صعبة من صعب
ابنَــةٌ من ابن، ولا دلالة لك في الــبُنُــوَّة على أَن الذاهب من بنــت واو،
لكن إبدال التاء من حرف العلة يدل على أَنه من الواو، لأَن إبدال التاء من
الواو أَضعف من إبدالها من الياء. وقال ابن سيده في موضع آخر: قال سيبويه
وأَلحقوا ابْنــاً الهاء فقالوا ابْنــة، قال: وأَما بِنــتٌ فليس على ابْنٍ،
وإنما هي صيغة على حدة، أَلحقوها الياء للإلحاق ثم أَبدلوا التاء منها،
وقيل: إنها مُبدلة من واو، قال سيبويه: وإنما بِنْــتٌ كعِدْل، والنسب إلى
بِنْــت بَنَــوِيٌّ، وقال يونس: بِنْــتِيٌّ وأُخْتِيٌّ؛ قال ابن سيده: وهو
مردود عند سيبويه. وقال ثعلب: العرب تقول هذه بنــت فلان وهذه ابنــةُ فلان،
بتاء ثابتة في الوقف والوصل، وهما لغتان جيدتان، قال: ومن قال إبنــةٌ فهو
خطأٌ ولحن. قال الجوهري: لا تقل ابِنــة لأَن الأَلف إنما اجتلبت لسكون الباء،
فإذا حركتها سقطت، والجمعُ بَنــاتٌ لا غير. قال الزجاج: ابنٌ كان في
الأَصل بِنْــوٌ أَو بِنَــوٌ، والأَلف أَلف وصل في الابن، يقال ابنٌ بيِّنُ
الــبُنُــوَّة، قال: ويحتمل أَن يكون أَصله بَنَــياً، قال: والذين قالوا بَنُــونَ
كأَنهم جمعوا بَنَــياً بَنُــونَ، وأَــبْنَــاء جمْعَ فِعْل أَو فَعَل، قال:
وبنــت تدل على أَنه يستقيم أَن يكون فِعْلاً، ويجوز أَن يكون فَعَلاً، نقلت
إلى فعْلٍ كما نقلت أُخْت من فَعَل إلى فُعْلٍ، فأَما بنــاتٌ فليس بجمع
بنــت على لفظها، إنما ردّت إلى أَصلها فجمعت بَنــاتٍ، على أَن أَصل بِنْــت
فَعَلة مما حذفت لامه. قال: والأَخفش يختار أَن يكون المحذوف من ابن الواو،
قال: لأَنه أَكثر ما يحذف لثقله والياء تحذف أَيضاً لأَنها تثقل، قال:
والدليل على ذلك أَن يداً قد أَجمعوا على أَن المحذوف منه الياء، ولهم دليل
قاطع مع الإجماع يقال يَدَيْتُ إليه يَداً، ودمٌ محذوف منه الياء،
والــبُنُــوَّة ليس بشاهد قاطع للواو لأَنهم يقولون الفُتُوَّة والتثنية فتيان،
فابن يجوز أَن يكون المحذوف منه الواو أَو الياء، وهما عندنا متساويان.
قال الجوهري: والابن أَصله بَنَــوٌ، والذاهب منه واو كما ذهب من أَبٍ وأَخ
لأَنك تقول في مؤنثه بنــتٌ وأُخت، ولم نر هذه الهاء تلحق مؤنثاً إلا ومذكره
محذوف الواو، يدلك على ذلك أَخَوات وهنوات فيمن ردّ، وتقديره من الفعل
فَعَلٌ، بالتحريك، لأَن جمعه أَــبنــاء مثل جَمَلٍ وأَجمال، ولا يجوز أَن
يكون فعلاً أَو فُعْلاً اللذين جمعهما أَيضاً أَفعال مثل جِذْع وقُفْل،
لأَنك تقول في جمعه بَنُــون، بفتح الباء، ولا يجوز أَيضاً أَن يكون فعلاً،
ساكنة العين، لأَن الباب في جمعه إنما هو أَفْعُل مثل كَلْب وأَكْلُب أَو
فعول مثل فَلْس وفُلوس. وحكى الفراء عن العرب: هذا من ابْنــاوَاتِ
الشِّعْبِ، وهم حيّ من كَلْب. وفي التنزيل العزيز: هؤلاء بنــاتي هنَّ أَطْهَرُ لكم؛
كنى بــبنــاتِه عن نسائهم، ونساء أُمةِ كل نبيّ بمنزلة بنــاته وأَزواجُه
بمنزلة أُمهاتهم؛ قال ابن سيده: هذا قول الزجاج. قال سيبويه: وقالوا
ابْنُــمٌ، فزادوا الميم كما زيدت في فُسْحُمٍ ودِلْقِمٍ، وكأَنها في ابنــم أَمثَلُ
قليلاً لأَن الاسم محذوف اللام، فكأَنها عوض منها، وليس في فسحم ونحوه
حذف؛ فأَما قول رؤبة:
بُكاءَ ثَكْلى فَقَدَتْ حَميما،
فهي تَرَنَّى بأَبا وابنــاما
فإنما أَراد: وابْنِــيما، لكن حكى نُدْبَتها، واحتُمِل الجمع بين الياء
والأَلف ههنا لأَنه أَراد الحكاية، كأَنَّ النادبة آثرت وا ابْنــا على وا
ابْنــي، لأَن الأَلف ههنا أَمْتَع ندباً وأَمَدُّ للصوت، إذ في الأَلف من
ذلك ما ليس في الياء، ولذلك قال بأَبا ولم يقل بأَبي، والحكاية قد
يُحْتَمل فيها ما لا يحتمل في غيرها، أَلا ترى أَنهم قد قالوا مَن زيداً في جواب
من قال رأَيت زيداً، ومَنْ زيدٍ في جواب من قال مررت بزيد؟ ويروى:
فهي تُنادي بأَبي وابنِــيما
فإذا كان ذلك فهو على وجه وما في كل ذلك زائدة، وجمع الــبِنْــتِ بَنــاتٌ،
وجمع الابن أَــبنــاء، وقالوا في تصغيره أُبَيْنُون؛ قال ابن شميل: أَنشدني
ابن الأَعرابي لرجل من بنــي يربوع، قال ابن بري: هو السفاح بن بُكير
اليربوعي:
مَنْ يَكُ لا ساءَ، فقد ساءَني
تَرْكُ أُبَيْنِيك إلى غير راع
إلى أَبي طَلحةَ، أَو واقدٍ
عمري فاعلمي للضياع
(* قوله «عمري فاعلمي إلخ» كذا بالأصل بهذه الصورة، ولم نجده في كتب
اللغة التي بأيدينا).
قال: أُبَيْني تصغير بَنِــينَ، كأَنَّ واحده إبن مقطوع الأَلف، فصغره
فقال أُبين، ثم جمعه فقال أُبَيْنُون؛ قال ابن بري عند قول الجوهري كأَنَّ
واحده إبن، قال: صوابه كأَنَّ واحده أَــبْنــى مثل أَعْمَى ليصح فيه أَنه
معتل اللام، وأَن واوه لام لا نون بدليل الــبُنُــوَّة، أَو أَــبْنٍ بفتح الهمزة
على ميل الفراء أَنه مثل أَجْرٍ، وأَصله أَــبْنِــوٌ، قال: وقوله فصغره
فقال أُبَيْنٌ إنما يجيء تصغيره عند سيبويه أُبَيْنٍ مثل أُعَيْمٍ. وقال ابن
عباس: قال النبي، صلى الله عليه وسلم، أُبَيْنى لا ترموا جَمْرة
العَقَبة حتى تَطْلُعَ الشمس. قال ابن الأَثير: الهمزة زائدة وقد اختلف في
صيغتها ومعناها، فقيل إنه تصغير أَــبْنــى كأَعْمَى وأُعَيْمٍ، وهو اسم مفرد يدل
على الجمع، وقيل: إن ابْنــاً يجمع على أَــبْنَــا مقصوراً وممدوداً، وقيل: هو
تصغير ابن، وفيه نظر. وقال أَبو عبيد: هو تصغير بَنِــيَّ جمع ابْنٍ
مضافاً إلى النفس، قال: وهذا يوجب أَن يكون صيغة اللفظة في الحديث أُبَيْنِيَّ
بوزن سُرَيْجيّ، وهذه التقديرات على اختلاف الروايات
(* قوله: وهذه
التقديرات على اختلاف الروايات، يشعر ان في الكلام سقطاً). والاسم
الــبُنُــوَّةُ. قال الليث: الــبُنُــوَّةُ مصدر الابن. يقال: ابنٌ بَيّنُ الــبُنُــوَّة.
ويقال: تَــبَنــيْتُه أَي ادَّعيت بُنُــوَّتَه. وتَــبَنَّــاه: اتخذه ابنــاً. وقال
الزجاج: تَــبَنَّــى به يريد تَــبَنَّــاه. وفي حديث أَبي حذيفة: أَنه تَــبَنَّــى
سالماً أَي اتخذه ابنــاً، وهو تَفَعُّلٌ من الابْن، والنسبة إلى الأَــبنــاء
بَنَــوِيٌّ وأَــبنــاوِيٌّ نحو الأَعرابيِّ، ينسب إلى الأَعراب، والتصغير
بُنَــيٌّ. قال الفراء: يا بُنــيِّ ويا بُنَــيَّ لغتان مثل يا أَبتِ ويا أبَتَ،
وتصغير أَــبْنــاء أُبَيْناء، وإن شئت أُبَيْنونَ على غير مكبره. قال
الجوهري: والنسبة إلى ابْنٍ بَنَــوِيّ، وبعضهم يقول ابْنِــيّ، قال: وكذلك إذا
نسبت إلى أَــبْنــاء فارس قلت بَنَــوِيّ، قال: وأَما قولهم أَــبْنــاوِيّ فإنما هو
منسوب إلى أَــبنــاء سعد لأَنه جعل اسماً للحي أَو للقبيلة، كما قالوا
مَدايِنِيٌّ جعلوه اسماً للبلد، قال: وكذلك إذا نسبت إلى بِنْــت أَو إلى
بُنَــيّاتِ الطَّريق قلت بَنَــوِيّ لأَن أَلف الوصل عوض من الواو، فإذا حذفتها
فلا بد من رد الواو. ويقال: رأَيت بَنــاتَك، بالفتح، ويُجرونه مُجْرَى
التاء الأَصلية. وبُنَــيَّاتُ الطريق: هي الطُّرُق الصغار تتشعب من الجادَّة،
وهي التُّرَّهاتُ.
والأَــبنــاء: قوم من أَــبنــاء فارس. وقال في موضع آخر: وأَــبنــاء فارس قوم من
أَولادهم ارتهنتهم العرب، وفي موضع آخر: ارْتُهِنُوا باليمن وغلب عليهم
اسم الأَــبنــاء كغلبة الأَنصار، والنسب إليهم على ذلك أَــبْنــاوِيٌّ في لغة
بنــي سعد، كذلك حكاه سيبويه عنهم، قال: وحدثني أَبو الخطاب أَن ناساً من
العرب يقولون في الإضافة إليه بَنَــوِيٌّ، يَرُدّونه إلى الواحد، فهذا على
أَن لا يكون اسماً للحي، والاسم من كل ذلك الــبُنُــوَّةُ. وفي الحديث: وكان
من الأَــبْنــاء، قال: الأَــبْنــاء في الأَصل جمع ابْنٍ. ويقال لأَولاد فارس
الأَــبْنــاء، وهم الذين أَرسلهم كِسرى مع سَيْفِ بنِ ذيِ يَزَنَ، لما جاء
يستنجدهم على الحَبَشة، فنصروه وملكوا اليمن وتَدَيَّرُوها وتزوّجوا في
العرب فقيل لأَولادهم الأَــبنــاء، وغلب عليهم هذا الاسم لأَن أُمهاتهم من غير
جنس آبائهم.
وللأَب والابن والــبنــت أَسماء كثيرة تضاف إليها، وعَدَّدَ الأَزهري منها
أَشياء كثيرة فقال ما يعرف بالابن: قال ابن الأَعرابي ابْنُ الطِّينِ
آدمُ، عليه السلام، وابن مِلاطٍ العَضُدُ، وابْنُ مُخدِّشٍ رأْسُ الكَتِفِ،
ويقال إنه النُّغْضُ أَيضاً، وابن النَّعامة عظم الساقِ، وابن النَّعامة
عِرْق في الرِّجْل، وابنُ النَّعامة مَحَجَّة الطريق، وابن النَّعامة
الفرَس الفاره، وابن النَّعامة الساقي الذي يكون على رأْس البئر، ويقال
للرجل العالم: هو ابنُ بَجْدَتِها وابن بُعْثُطِها وابن سُرْسُورها وابنُ
ثَراها وابن مَدينتها وابن زَوْمَلَتِها أَي العالم بها، وابن زَوْمَلَة
أَيضاً ابن أَمة، وابن نُفَيْلَة ابن أَمة، وابن تامُورها العالم بها، وابنُ
الفأْرة الدَّرْصُ، وابن السِّنَّورِ الدِّرْصُ أَيضاً، وابن الناقةِ
البابُوس، قال: ذكره ابن أحمر في شعره، وابن الخَلَّة ابن مَخاضٍ، وابن
عِرْسٍ السُّرْعُوبُ، وابنُ الجَرادةِ السِّرْو، وابن اللَّيلِ اللِّصُّ،
وابن الطريق اللِّصُّ أيضاً، وابن غَبْراء اللص أَيضاً؛ وقيل في قول
طرفة:رأَيْتُ بنــي غَبْراءَ لا يُنْكرُونَني
إن بنــي غَبْراء اسم للصَّعاليك الذين لا مال لهم سُمُّوا بنــي غَبْراء
للزُوقهم بغَبْراء الأَرض، وهو ترابها، أَراد أَنه مشهور عند الفقراء
والأَغنياء، وقيل: بنــو غبراء هم الرُّفْقَةُ يَتَناهَدُون في السفر، وابن
إلاهَةَ وأَلاهَةَ ضَوْءُ الشمس، وهو الضِّحُّ، وابن المُزْنةِ الهلالُ؛ ومنه
قوله:
رأَيتُ ابنَ مُزْنَتِها جانِحَا
وابن الكَرَوانِ الليلُ، وابن الحُبارَى النهارُ، وابن تُمَّرةَ طائر،
ويقال التُّمَّرةِ، وابنُ الأَرضِ الغَديرُ، وابن طامِرٍ البُرْغُوث،
وابنُ طامِرٍ الخَسِيسُ من الناس، وابن هَيَّانَ وابن بَيَّانَ وابن هَيٍّ
وابن بَيٍّ كُلُّه الخَسِيسُ من الناس، وابن النخلة الدَّنيء
(* قوله «وابن
النخلة الدنيء» وقوله فيما بعد «وابن الحرام السلا» كذا بالأصل). وابن
البَحْنَة السَّوْط، والبَحْنة النخلة الطويلة، وابنُ الأَسد الشَّيْعُ
والحَفْصُ، وابنُ القِرْد الحَوْدَلُ والرُّبَّاحُ، وابن البَراء أَوَّلُ
يوم من الشهر، وابنُ المازِنِ النَّمْل، وابن الغراب البُجُّ، وابن
الفَوالي الجانُّ، يعني الحيةَ، وابن القاوِيَّةِ فَرْخُ الحمام، وابنُ
الفاسِياء القَرَنْبَى، وابن الحرام السلا، وابن الكَرْمِ القِطْفُ، وابن
المَسَرَّة غُصْنُ الريحان، وابن جَلا السَّيِّدُ، وابن دأْيةَ الغُراب، وابن
أَوْبَرَ الكَمْأةُ، وابن قِتْرةَ الحَيَّة، وابن ذُكاءَ الصُّبْح، وابن
فَرْتَنَى وابن تُرْنَى ابنُ البَغِيَّةِ، وابن أَحْذارٍ الرجلُ الحَذِرُ،
وابن أَقْوالٍ الرجُل الكثير الكلام، وابن الفَلاةِ الحِرباءُ، وابن
الطَّودِ الحَجَر، وابنُ جَمِير الليلةُ التي لا يُرى فيها الهِلالُ، وابنُ
آوَى سَبُغٌ، وابن مخاضٍ وابن لَبُونٍ من أَولادِ الإبل. ويقال للسِّقاء:
ابنُ الأَدِيم، فإذا كان أَكبر فهو ابن أَدِيمَين وابنُ ثلاثةِ آدِمَةٍ.
وروي عن أَبي الهَيْثَم أنه قال: يقال هذا ابْنُــكَ، ويزاد فيه الميم
فيقال هذا ابْنُــمك، فإذا زيدت الميم فيه أُعرب من مكانين فقيل هذا
ابْنُــمُكَ، فضمت النون والميم، وأُعرب بضم النون وضم الميم، ومررت بابْنِــمِك
ورأَيت ابنْــمَك، تتبع النون الميم في الإعراب، والأَلف مكسورة على كل حال،
ومنهم من يعربه من مكان واحد فيعرب الميم لأَنها صارت آخر الاسم، ويدع النون
مفتوحة على كل حال فيقول هذا ابْنَــمُكَ، ومررت بابْنَــمِك، ورأَيت
ابْنَــمَكَ، وهذا ابْنَــمُ زيدٍ، ومررت بابْنَــمِ زيدٍ، ورأَيت ابْنَــمَ زيدٍ؛
وأَنشد لحسان:
وَلَدْنا بَنــي العَنقاءِ وابْنَــيْ مُحَرِّقٍ،
فأَكْرِم بنــا خالاً، وأَكْرِم بنــا ابْنَــما
وزيادة الميم فيه كما زادوها في شَدْقَمٍ وزُرْقُمٍ وشَجْعَمٍ لنوع من
الحيات؛ وأَما قول الشاعر:
ولم يَحْمِ أَنْفاً عند عِرْسٍ ولا ابْنِــمِ
فإنه يريد الابن، والميم زائدة.
ويقال فيما يعرف بــبنــات: بنــاتُ الدَّمِ بنــات أَحْمَرَ، وبنــاتُ المُسْنَدِ
صُروفُ الدَّهْر، وبنــاتُ معًى البَعَرُ، وبنــاتُ اللَّــبَن ما صَغرَ منها،
وبنــاتُ النَّقا هي الحُلْكة تُشبَّهُ بِهنَّ بَنــانُ العَذارَى؛ قال ذو
الرمة:
بنــاتُ النَّقا تَخْفَى مِراراً وتَظْهَرُ
وبنــات مَخْرٍ وبنــاتُ بَخْرٍ سحائبُ يأْتين قُبُلَ الصَّيْفِ
مُنْتَصباتٍ، وبنــاتُ غَيرٍ الكَذِبُ، وبنــاتُ بِئْسَ الدواهي، وكذلك بنــاتُ طَبَقٍ
وبنــاتُ بَرْحٍ وبنــاتُ أَوْدَكَ وابْنــةُ الجَبَل الصَّدَى، وبنــاتُ أَعْنَقَ
النساءُ، ويقال: خيل نسبت إلى فَحل يقال له أَعنَقُ، وبنــاتُ صَهَّالٍ
الخَيلُ، وبنــات شَحَّاجٍ البِغالُ، وبنــاتُ الأَخْدَرِيّ الأُتُنُ، وبنــاتُ
نَعْش من الكواكب الشَّمالِيَّة، وبنــاتُ الأَرض الأَنهارُ الصِّغارُ، وبنــاتُ
المُنى اللَّيْلُ، وبنــاتُ الصَّدْر الهُموم، وبنــاتُ المِثالِ النِّساء،
والمِثالُ الفِراش، وبنــاتُ طارِقٍ بنــاتُ المُلوك، وبنــات الدَّوِّ حمير
الوَحْشِ، وهي بنــاتُ صَعْدَة أَيضاً، وبنــاتُ عُرْجُونٍ الشَّماريخُ، وبنــاتُ
عُرْهُونٍ الفُطُرُ، وبنــتُ الأَرضِ وابنُ الأَرضِ ضَرْبٌ من البَقْلِ،
والــبنــاتُ التَّماثيلُ التي تلعب بها الجَواري. وفي حديث عائشة، رضي الله
عنها: كنت أَلعب مع الجواري بالــبَنــاتِ أَي التماثيل التي تَلْعَبُ بها
الصبايا. وذُكِرَ لرؤبة رجلٌ فقال: كان إحدَى بَنــاتِ مَساجد الله، كأَنه
جعله حَصاةً من حَصَى المسجد. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنه سأَل رجلاً
قَدِمَ من الثَّغْر فقال: هل شَرِبَ الجيشُ في الــبُنَــيَّاتِ الصِّغار؟
قال: لا، إن القوم لَيُؤْتَوْنَ بالإناء فيَتَداولوه حتى يشربوه كلُّهم؛
الــبُنَــيَّاتُ ههنا: الأَقْداح الصِّغار، وبنــاتُ الليلِ الهُمومُ؛ أَنشد
ثعلب:
تَظَلُّ بَنــاتُ الليلِ حَوْليَ عُكَّفاً
عُكُوفَ البَواكي، بينَهُنَّ قَتِيلُ
وقول أُمَيَّة بن أَبي عائذ الهُذَليّ:
فسَبَتْ بَنــاتِ القَلْبِ، فهي رَهائِنٌ
بِخِبائِها كالطَّيْر في الأَقْفاصِ
إنما عنى بــبنــاته طوائفه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
يا سَعْدُ يا ابنَ عمَلي يا سَعْدُ
أَراد: من يَعْملُ عَمَلي أَو مِثْلَ عمَلي، قال: والعرب تقول الرِّفْقُ
بُنَــيُّ الحِلْمِ أَي مثله.
والــبَنْــيُ: نَقيضُ الهَدْم، بَنــى الــبَنَّــاءُ الــبِنــاءَ بَنْــياً وبِنَــاءً
وبِنًــى، مقصور، وبُنــياناً وبِنْــيَةً وبِنــايةً وابتَناه وبَنَّــاه؛ قال:
وأَصْغَر من قَعْبِ الوَليدِ، تَرَى به
بُيوتاً مُــبَنَّــاةً وأَودِيةً خُضْرا
يعني العين، وقول الأَعْوَرِ الشَّنِّيِّ في صفة بعير أَكراه:
لما رَأَيْتُ مَحْمِلَيْهِ أَنَّا
مُخَدَّرَيْنِ، كِدْتُ أَن أُجَنَّا
قَرَّبْتُ مِثْلَ العَلَمِ المُــبَنَّــى
شبه البعير بالعَلَمِ لعِظَمِه وضِخَمِه؛ وعَنى بالعَلَمِ القَصْرَ،
يعني أَنه شبهه بالقصر المَــبْنــيّ المُشيَّدِ كما قال الراجز:
كَرأْسِ الفَدَنِ المُؤْيَدِ
والــبِنــاءُ: المَــبْنــيُّ، والجمع أَــبْنِــيةٌ، وأَــبْنِــياتٌ جمعُ الجمع،
واستعمل أَبو حنيفة الــبِنَــاءَ في السُّفُنِ فقال يصف لوحاً يجعله أَصحاب
المراكب في بنــاء السُّفُن: وإنه أَصلُ الــبِنــاء فيما لا ينمي كالحجر والطين
ونحوه. والــبَنَّــاءُ: مُدَبِّرُ الــبُنْــيان وصانعه، فأَما قولهم في المثل:
أَــبنــاؤُها أَجْناؤُها، فزعم أَبو عبيد أَن أَــبْنــاءً جمع بانٍ كشاهدٍ
وأَشهاد، وكذلك أَجْناؤُها جمع جانٍ. والــبِنْــيَةُ والــبُنْــيَةُ: ما بَنَــيْتَهُ،
وهو الــبِنَــى والــبُنَــى؛ وأَنشد الفارسي عن أَبي الحسن:
أُولئك قومٌ، إن بَنَــوْا أَحْسَنُوا الــبُنــى،
وإن عاهَدُوا أَوْفَوْا، وإن عَقَدُوا شَدُّوا
ويروى: أَحْسَنُوا الــبِنَــى؛ قال أَبو إسحق: إنما أَراد بالــبِنــى جمع
بِنْــيَةٍ، وإن أَراد الــبِنــاءَ الذي هو ممدود جاز قصره في الشعر، وقد تكون
الــبِنــايةُ في الشَّرَف، والفعل كالفعل؛ قال يَزيدُ بن الحَكَم:
والناسُ مُبْتَنيانِ: مَحْـ
مودُ الــبِنــايَةِ، أَو ذَمِيمُ
وقال لبيد:
فــبَنــى لنا بَيْتاً رفيعاً سَمْكُه،
فَسَما إليه كَهْلُها وغُلامُها
ابن الأَعرابي: الــبِنــى الأَــبْنِــيةُ من المَدَر أَو الصوف، وكذلك الــبِنــى
من الكَرَم؛ وأَنشد بيت الحطيئة:
أُولئك قوم إن بنــوا أَحسنوا الــبِنــى
وقال غيره: يقال بِنْــيَةٌ، وهي مثل رِشْوَةٍ ورِشاً كأَنَّ الــبِنْــيةَ
الهيئة التي بُنِــيَ عليها مثل المِشْيَة والرِّكْبةِ. وبَنــى فلانٌ بيتاً
بنــاءً وبَنَّــى، مقصوراً، شدّد للكثرة. وابْتَنى داراً وبَنــى بمعنىً.
والــبُنْــيانُ: الحائطُ. الجوهري: والــبُنَــى، بالضم مقصور، مثل الــبِنَــى. يقال:
بُنْــيَةٌ وبُنًــى وبِنْــيَةٌ وبِنًــى، بكسر الباء مقصور، مثل جِزْيةٍ وجِزًى،
وفلان صحيح الــبِنْــيةِ أَي الفِطْرة. وأَــبنَــيْتُ الرجلَ: أَعطيتُه بِنــاءً
أَو ما يَبْتَني به داره؛ وقولُ البَوْلانيِّ:
يَسْتَوقِدُ النَّبْلَ بالحَضِيضِ، ويَصْـ
ـطادُ نُفوساً بُنَــتْ على الكرَمِ
أَي بُنِــيَتْ، يعني إذا أَخطأَ يُورِي النارَ. التهذيب: أَــبنَــيْتُ
فلاناً بَيْتاً إذا أَعطيته بيتاً يَــبْنِــيه أَو جعلته يَــبْنــي بيتاً؛ ومنه قول
الشاعر:
لو وصَلَ الغيثُ أَــبنَــيْنَ امْرَأً،
كانت له قُبَّةٌ سَحْقَ بِجادْ
قال ابن السكيت: قوله لو وصل الغيث أَي لو اتصل الغيث لأَــبنَــيْنَ امرأً
سَحْقَ بجادٍ بعد أَن كانت له قبة، يقول: يُغِرْنَ عليه فيُخَرِّــبْنَــه
فيتخذ بنــاء من سَحْقِ بِجادٍ بعد أَن كانت له قبة. وقال غيره يصف الخيل
فيقول: لو سَمَّنَها الغيثُ بما ينبت لها لأَغَرْتُ بها على ذوي القِبابِ
فأَخذت قِبابَهم حتى تكون البُجُدُ لهم أَــبْنــيةً بعدها. والــبِنــاءُ: يكون من
الخِباء، والجمع أَــبْنــيةٌ.
والــبِنــاءُ: لزوم آخر الكلمة ضرباً واحداً من السكون أَو الحركة لا لشيء
أَحدث ذلك من العوامل، وكأَنهم إنما سموه بنــاء لأَنه لما لزم ضرباً
واحداً فلم يتغير تغير الإعراب، سمي بنــاء من حيث كان الــبنــاء لازماً موضعاً لا
يزول من مكان إلى غيره، وليس كذلك سائر الآلات المنقولة المبتذلة
كالخَيْمة والمِظَلَّة والفُسْطاطِ والسُّرادِقِ ونحو ذلك، وعلى أَنه مذ أَوقِع
على هذا الضرب من المستعملات المُزالة من مكان إلى مكان لفظُ الــبنــاء
تشبيهاً بذلك من حيث كان مسكوناً وحاجزاً ومظلاًّ بالــبنــاء من الآجر والطين
والجص.
والعرب تقول في المَثَل: إنَّ المِعْزى تُبْهي ولا تُــبْنــى أَي لا
تُعْطِي من الثَّلَّة ما يُــبْنــى منها بَيْتٌ، المعنى أَنها لا ثَلَّة لها حتى
تُتَّخذ منها الأَــبنــيةُ أَي لا تجعل منها الأَــبنــية لأَن أَبينة العرب
طِرافٌ وأَخْبيَةٌ، فالطِّرافُ من أَدَم، والخِباءُ من صوف أَو أَدَمٍ ولا
يكون من شَعَر، وقيل: المعنى أَنها تَخْرِق البيوت بوَثْبِها عليها ولا
تُعينُ على الأَــبنــيةِ، ومِعزَى الأَعراب جُرْدٌ لا يطُول شعرها فيُغْزَلَ،
وأَما مِعْزَى بلاد الصَّرْدِ وأَهل الريف فإنها تكون وافية الشُّعور
والأَكْرادُ يُسَوُّون بيوتَهم من شعرها. وفي حديث الاعتكاف: فأَمَر بــبنــائه
فقُوِّضَ؛ الــبنــاءُ واحد الأَــبنــية، وهي البيوت التي تسكنها العرب في
الصحراء، فمنها الطِّراف والخِباء والــبنــاءُ والقُبَّة المِضْرَبُ. وفي حديث
سليمان، عليه السلام: من هَدَمَ بِنــاءَ ربِّه تبارك وتعالى فهو ملعون، يعني
من قتل نفساً بغير حق لأَن الجسم بُنْــيانٌ خلقه الله وركَّبه.
والــبَنِــيَّةُ، على فَعِيلة: الكعْبة لشرفها إذ هي أَشرف مــبْنِــيٍّ. يقال:
لا وربِّ هذه الــبَنِــيَّة ما كان كذا وكذا. وفي حديث البراء بن مَعْرورٍ:
رأَيتُ أَن لا أَجْعَلَ هذه الــبَنِــيَّة مني بظَهْرٍ؛ يريد الكعبة، وكانت
تُدْعَى بَنــيَّةَ إبراهيم، عليه السلام، لأَنه بنــاها، وقد كثر قَسَمُهم
برب هذه الــبَنِــيَّة. وبَنَــى الرجلَ: اصْطَنَعَه؛ قال بعض المُوَلَّدين:
يَــبْنــي الرجالَ، وغيرهُ يَــبْنــي القُرَى،
شَتَّانَ بين قُرًى وبينَ رِجالِ
وكذلك ابْتناه. وبَنَــى الطعامُ لَحْمَه يَــبنِــيه بِنــاءً: أَنْبَتَه
وعَظُمَ من الأَكل؛ وأَنشد:
بَنَــى السَّوِيقُ لَحْمَها واللَّتُّ،
كما بَنَــى بُخْتَ العِراقِ القَتُّ
قال ابن سيده: وأَنشد ثعلب:
مُظاهِرة شَحْماً عَتِيقاً وعُوطَطاً،
فقد بَنَــيا لحماً لها مُتبانِيا
ورواه سيبويه: أَنْبَتا. وروى شَمِر: أَن مُخَنثاً قال لعبد الله بن
أَبي أَميَّةَ: إن فتح الله عليكم الطائفَ فلا تُفْلِتَنَّ منك باديةُ بنــتُ
غَيْلانَ، فإنها إذا جلستْ تَــبَنَّــتْ، وإذا تكلمت تَغَنَّتْ، وإذا اضطجعت
تَمنَّتْ، وبَيْنَ رجلَيها مثلُ الإناء المُكْفَإ، يعني ضِخَم رَكَبِها
ونُهُودَه كأَنه إناء مكبوب، فإذا قعدت فرّجت رجليها لضِخَم رَكَبها؛ قال
أَبو منصور: ويحتمل أَن يكون قول المخنث إذا قعدت تَــبَنَّــتْ أَي صارت
كالمَــبْنــاةِ من سمنها وعظمها، من قولهم: بَنَــى لَحْمَ فلان طعامُه إذا
سمَّنه وعَظَّمه؛ قال ابن الأَثير: كأَنه شبهها بالقُبَّة من الأدَم، وهي
المَــبْنــاة، لسمنها وكثرة لحمها، وقيل: شبهها بأَنها إذا ضُرِبَتْ وطُنِّبَت
انْفَرَجَتْ، وكذلك هذه إذا قعدت تربعت وفرشت رجليها. وتَــبَنَّــى
السَّنامُ: سَمِنَ؛ قال يزيد بن الأَعْوَر الشَّنِّيُّ:
مُسْتَجمِلاً أَعْرَفَ قد تَــبَنَّــى
وقول الأَخفش في كتاب القوافي: أَما غُلامي إذا أَردتَ الإضافة مع غلامٍ
في غير الإضافة فليس بإيطاء، لأَن هذه الياء أَلزمت الميم الكسرة وصيرته
إلى أَن يُــبْنَــى عليه، وقولُك لرجل ليس هذا الكسر الذي فيه بــبنــاء؛ قال
ابن جني؛ المعتبر الآن في باب غلامي مع غلام هو ثلاثة أَشياء: وهو أَن
غلام نكرة وغلامي معرفة، وأَيضاً فإن في لفظ غلامي ياء ثابتة وليس غلام بلا
ياء كذلك، والثالث أَن كسرة غلامي بنــاء عنده كما ذكر وكسرة ميم مررت
بغلام إعراب لا بنــاء، وإذا جاز رجل مع رجل وأَحدهما معرفة والآخر نكرة ليس
بينهما أَكثر من هذا، فما اجتمع فيه ثلاثة أَشياء من الخلاف أَجْدَرُ
بالجواز، قال: وعلى أَن أَبا الحسن الأَخفش قد يمكن أَن يكون أَراد بقوله إن
حركة ميم غلامي بنــاء أَنه قد اقْتُصِر بالميم على الكسرة، ومنعت اختلافَ
الحركات التي تكون مع غير الياء نحو غلامه وغلامك، ولا يريد الــبنــاء الذي
يُعاقب الإعرابَ نحو حيث وأَين وأمس.
والمِــبْنــاة والمَــبْنــاةُ: كهيئة السِّتْرِ والنِّطْعِ. والمَــبْنــاة
والمِــبْنــاة أَيضاً: العَيْبةُ. وقال شريح بن هانئ: سأَلت عائشة، رضي الله
عنها، عن صلاة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت: لم يكن من
الصلاةِ شيءٌ أَحْرَى أَن يؤخرها من صلاة العشاء، قالت: وما رأَيته مُتَّقِياً
الأَرض بشيء قَطُّ إلا أَني أَذكرُ يومَ مطَرٍ فإنَّا بَسَطْنا له بنــاءً؛
قال شمر: قوله بنــاءً أَي نِطَعاً، وهو مُتَّصل بالحديث؛ قال ابن
الأَثير: هكذا جاء تفسيره في الحديث، ويقال له المَــبْنــاةُ والمِــبْنــاة أَيضاً.
وقال أَبو عَدْنان: يقال للبيتِ هذا بِنــاءُ آخرته؛ عن الهوازني، قال:
المَــبْنــاةُ من أَدَم كهيئة القبة تجعلها المرأَة في كِسْر بيتها فتسكن فيها،
وعسى أَن يكون لها غنم فتقتصر بها دون الغنم لنفسها وثيابها، ولها إزار في
وسط البيت من داخل يُكِنُّها من الحرِّ ومن واكِفِ المطر فلا تُبَلَّلُ
هي وثيابُها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للنابغة:
على ظَهْرِ مَــبْنــاةٍ جديدٍ سُيُورُها،
يَطُوفُ بها وَسْطَ اللَّطيمة بائعُ
قال: المَــبْنــاة قبة من أَدَم. وقال الأَصمعي: المَــبْنــاة حصير أَو نطع
يبسطه التاجر على بيعه، وكانوا يجعلون الحُصُرَ على الأَنْطاع يطوفون بها،
وإنما سميت مَــبنــاة لأَنها تتخذ من أَدم يُوصَلُ بعضُها ببعض؛ وقال جرير:
رَجَعَتْ وُفُودُهُمُ بتَيْمٍ بعدَما
خَرَزُوا المَبانيَ في بَنــي زَدْهامِ
وأَــبْنَــيْتُه بَيْتاً أَي أَعطيته ما يَــبْنــي بَيْتاً.
والبانِيَةُ من القُسِيّ: التي لَصِقَ وتَرُها بكَبدها حتى كاد ينقطع
وترها في بطنها من لصوقه بها، وهو عيب، وهي الباناةُ، طائِيَّةٌ. غيره:
وقوسٌ بانِيَةٌ بَنَــتْ على وترها إذا لَصِقَتْ به حتى يكاد ينقطع. وقوسٌ
باناةٌ: فَجَّاءُ، وهي التي يَنْتَحِي عنها الوتر. ورجل باناةٌ: مُنحنٍ على
وتره عند الرَّمْي؛ قال امرؤ القيس:
عارِضٍ زَوْراءَ من نَشَمٍ،
غَيْرَ باناةٍ على وَتَرِهْ
وأَما البائِنَةُ فهي التي بانَتْ عن وتَرها، وكلاهما عيب.
والبَواني: أَضْلاعُ الزَّوْرِ. والبَواني: قوائمُ الناقة. وأَلْقَى
بوانِيَه: أَقام بالمكان واطمأَنّ وثبت كأَلْقى عصاه وأَلْقى أَرْواقَه،
والأَرواق جمع رَوْقِ البيت، وهو رِواقُه. والبَواني: عِظامُ الصَّدْر؛ قال
العجاج بن رؤبة:
فإنْ يكنْ أَمْسَى شَبابي قد حَسَرْ،
وفَتَرَتْ مِنِّي البَواني وفَتَر
وفي حديث خالد: فلما أَلقى الشامُ بَوانِيَهُ عَزَلَني واستَعْمَلَ
غيري، أَي خَيرَه وما فيه من السَّعةِ والنَّعْمةِ. قال ابن الأَثير:
والبَواني في الأَصل أَضلاعُ الصَّدْر، وقيل: الأَكتافُ والقوائمُ، الواحدة
بانِيةٌ. وفي حديث عليّ، عليه السلام: أَلْقَت السماءُ بَرْكَ بَوانيها؛ يريد
ما فيها من المطر، وقيل في قوله أَلقى الشامُ بَوانِيَه، قال: فإن ابن
حبلة
(* قوله «ابن حبلة» هو هكذا في الأصل). رواه هكذا عن أَبي عبيد،
بالنون قبل الياء، ولو قيل بَوائنه، الياء قبل النون، كان جائزاً.
والبَوائِنُ جمع البُوانِ، وهو اسم كل عمود في البيت ما خَلا وَسَط
البيت الذي له ثلاث طَرائق. وبَنَــيتُ عن حالِ الرّكِيَّة: نَحَّيْتُ الرِّشاء
عنه لئلا يقع الترابُ على الحافر.
والباني: العَرُوس الذي يَــبْنــي على أَهله؛ قال الشاعر:
يَلُوحُ كأَنه مِصْباحُ باني
وبَنَــى فلانٌ على أَهله بِنــاءً، ولا يقال بأَهله، هذا قول أَهل اللغة،
وحكى ابن جني: بَنــى فلان بأَهله وابْتَنَى بها، عَدَّاهما جميعاً بالباء.
وقد زَفَّها وازْدَفَّها، قال: والعامة تقول بَنَــى بأَهله، وهو خطأٌ،
وليس من كلام العرب، وكأَنَّ الأَصلَ فيه أَن الداخل بأَهله كان يضرب عليها
قبة ليلة دخوله ليدخل بها فيها فيقال: بَنَــى الرجلُ على أَهله، فقيل لكل
داخل بأَهله بانٍ، وقد ورد بَنَــى بأَهله في شعر جِرَانِ العَوْدِ قال:
بَنَــيْتُ بها قَبْلَ المِحَاقِ بليلةٍ،
فكانَ مِحَاقاً كُلُّه ذلك الشَّهْرُ
قال ابن الأَثير: وقد جاءَ بَنــى بأَهله في غير موضع من الحديث وغير
الحديث. وقال الجوهري: لا يقال بنــي بأَهله؛ وعادَ فاستعمله في كتابه. وفي
حديث أَنس: كان أَوَّلُ ما أُنْزِلَ من الحجاب في مُبْتَنى رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، بزينب؛ الابْتِناءُ والــبِنــاء: الدخولُ بالزَّوْجةِ،
والمُبْتَنَى ههنا يُراد به الابْتِناءُ فأَقامه مُقَام المصدر. وفي حديث
عليّ، عليه السلام، قال: يا نبيّ الله مَتَى تُــبْنِــيني أَي تُدْخِلُني على
زوجتي؛ قال ابن الأَثير: حقيقته متى تجعلني أَبْتَني بزوجتي. قال الشيخ
أَبو محمد بن بري: وجاريةٌ بَنــاةُ اللَّحْمِ أَي مَــبْنِــيَّةُ اللحم؛ قال
الشاعر:
سَبَتْه مُعْصِرٌ، من حَضْرَمَوْتٍ،
بَنَــاةُ اللحمِ جَمَّاءُ العِظامِ
ورأَيت حاشية هنا قال: بَنــاةُ اللحم في هذا البيت بمعنى طَيِّبةُ الريح
أَي طيبة رائحة اللحم؛ قال: وهذا من أَوهام الشيخ ابن بري، رحمه الله.
وقوله في الحديث: من بَنَــى في دِيارِ العَجَمِ يَعْمَلُ نَيْرُوزَهُمْ
ومَهْرَجانَهم حُشِرَ معهم؛ قال أَبو موسى: هكذا رواه بعضهم، والصواب تَنَأ
أَي أَقام، وسيأْتي ذكره.
بنــس: بَنَّــسَ عنه تَــبْنِــيساً: تأَخر؛ قال ابن أَحمر:
كأَنها من نَفا العَزَّافِ طاوِيَةٌ،
لَمَّا انْطَوى بطنُها واخْرَوَّطَ السَفَرُ
ماوِيَّةٌ لُؤْلُؤانُ اللَّوْنِ، اَوَّدَها
طَلٌّ، وبَنَّــسَ عنها فَرْقَدٌ خَصِرُ
قال ابن سيده: قال ابن جني قوله بَنَّــسَ عنها إِنما هو من النوم غير
أَنه إنما يقال للبقرة، قال: ولا أَعلم هذا القول عن غير ابن جني، قال: وقال
الأَصمعي هي أَحد الأَلفاظ التي انفرد بها بن أَحمر، قال: ولم يسند أَبو
زيد هذين البيتين إِلى ابن أَحمر ولا هما أَيضاً في ديوانه ولا أَنشدهما
الأَصمعي فيما أَنشده له من الأَبيات التي أَورد فيها كلماته، قال:
وينبغي أَن يكون ذلك شيء جاء به غير ابن أَحمر تابعاً له فيه ومُتَقَبِّلاً
أَثره، هذا أَوفق من قول الأَصمعي إِنه لم يأْتِ به غيره. وقال شمر: ولم
أَسمع بَنَّــسَ إِذا تأَخر إِلا لابن أَحمر. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه:
بَنِّــسوا عن البيوت لا تَطُمُّ امرأَة ولا صبي يسمع كلامكم؛ أَي تأَخروا
لئلا يسمعوا ما يَسْتَضِرُّون به من الرَّفَثِ الجاري بينكم. وبَنِّــسْ:
اقْعُدْ؛ عن كراع كذلك حكاها بالأَمر، والشين لغة، وسيأْتي ذكرها.
اللحياني: بَنَّــسَ وبَنَّــشَ إِذا قعد؛ وأَنشد:
إِن كنتَ غيرَ صائدٍ فَــبَنِّــسِ
ابن الأَعرابي: أَــبْنَــسَ الرجلُ إِذا هرب من سلطان، قال: والــبَنَــسُ
الفرار من الشر.
بنــدك: الــبَنَــادِكُ من القميص: وهي لِــبْنــةُ القميص؛ قال ابن الرِّقاعِ:
كأنّ زُرورَ القُبْطُرِيَّةِ عُلِّقَتْ
بنــادِكُها منه بِجِذْعٍ مقوَّمِ
هكذا عزاه أبو عبيد إلى ابن الرقاع، وهو في الحماسة منسوب إلى ملحة
الجرمي؛ وبعده:
كأنَّ قُرادَيْ صدره طبَعَتْهما،
بطينٍ من الجَوْلانِ، كُتَّاب أعْجُمِ
وواحدة الــبَنَــادك بُنْــدُكة. وقال اللحياني: الــبَنــادكُ عُرَى القميص. قال
ابن بري: هذه الترجمة ذكرها الجوهري في بدك، قال: والصواب ذكره في ترجمة
بنــدك لا بدك كما ذكر الجوهري، لأن نونه أصلية لا يقوم دليل على زيادتها،
فلهذا جاء بها بعد بنــك.