الجذر: ص ل ح
مثال: يعمل مُصَلِّح دراجات
الرأي: مرفوضة
السبب: لمجيء «فَعَّلَ» بمعنى «أَفْعَلَ».
الصواب والرتبة: -يعمل مُصْلِح دراجات [فصيحة]-يعمل مُصَلِّح دراجات [صحيحة]
التعليق: (انظر: تصليح).
يسر: اليَسْرُ
(* قوله« اليسر» بفتح فسكون وبفتحتين كما في القاموس) :
اللِّينُ والانقياد يكون ذلك للإِنسان والفرس، وقد يَسَرَ ييْسِرُ.
وياسَرَه: لايَنَهُ؛ أَنشد ثعلب:
قوم إِذا شُومِسُوا جَدَّ الشِّماسُ بهم
ذاتَ العِنادِ، وإِن ياسَرْتَهُمْ يَسَرُوا
وياسَرَه أَي ساهَلَه. وفي الحديث: إِن هذا الدّين يُسْرٌ؛ اليُسْرُ
ضِدُّ العسر، أَراد أَنه سَهْلٌ سَمْح قليل التشديد. وفي الحديث: يَسِّرُوا
ولا تُعَسِّرُوا. وفي الحديث الآخر: من أَطاع الإِمام وياسَرَ الشَّريكَ
أَي ساهله. وفي الحديث: كيف تركتَ البلاد؟ فقال: تَيَسَّرَتْ أَي أَخصبت،
وهو من اليُسْرِ. وفي الحديث: لن يغلب عُسْرٌ يُسْرَيْنِ، وقد ذكر في
فصل العين. وفي الحديث: تَياسَرُوا في الصَّداق أَي تساهلوا فيه ولا
تُغالُوا. وفي الحديث: اعْمَلُوا وسَدِّدوا وقاربوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ
له أَي مُهَيَّأٌ مصروفٌ مُسَهَّلٌ. ومنه الحديث وقد يُسِّرَ له طَهُورٌ
أَي هُيِّئَ ووُضِع. ومنه الحديث: قد تَيَسَّرا للقتال أَي تَهَيَّآ له
واسْتَعَدّا. الليث: يقال إِنه ليَسْرٌ خفيف ويَسَرٌ إِذا كان لَيِّنَ
الانقياد، يوصف به الإِنسان والفرس؛ وأَنشد:
إِني، على تَحَفُّظِي ونَزْرِي،
أَعْسَرُ، وإِن مارَسْتَنِي بعُسْرِ،
ويَسْرٌ لمن أَراد يُسْرِي
ويقال: إِن قوائم هذا الفرس ليَسَرَات خِفافٌ؛ يَسَرٌ إِذا كُنَّ
طَوْعَه، والواحدة يَسْرَةٌ ويَسَرَةٌ. واليَسَرُ: السهل؛ وفي قصيد كعب:
تَخْدِي على يَسَراتٍ وهي لاهِيةٌ اليَسَراتُ: قوائم الناقة. الجوهري:
اليَسَرات القوائم الخفاف. ودابةٌ حَسَنَةُ التَّيْسُورِ أَي حسنة نقل
القوائم. ويَسَّرَ الفَرَسَ: صَنَعه. وفرس حسنُ التَّيْسورِ أَي حَسَنُ
السِّمَنِ، اسم كالتَّعْضُوضِ. أَبو الدُّقَيْش: يَسَرَ فلانٌ فرسَه، فهو
مَيْسُورٌ، مصنوعٌ سَمِين؛ قال المَرَّارُ يصف فرساً:
قد بلَوْناه على عِلاَّتِه،
وعلى التَّيْسُورِ منه والضُّمُرْ
والطَّعْنُ اليَسْرُ: حِذاءَ وجهِك. وفي حديث علي، رضي الله عنه:
اطْعَنُوا اليَسْرَ؛ هو بفتح الياء وسكون السين الطعن حذاءَ الوجه. وولدت
المرأَة ولداً يَسَراً أَي في سهولة، كقولك سَرَحاً، وقد أَيْسَرَتْ؛ قال ابن
سيده: وزعم اللحياني أَن العرب تقول في الدعاء وأَذْكَرَتْ أَتَتْ بذكر،
ويَسَرَتِ الناقةُ: خرج ولدها سَرَحاً؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
فلو أَنها كانت لِقَاحِي كثيرةً،
لقد نَهِلَتْ من ماءِ حُدٍّ وعَلَّتِ
ولكنها كانت ثلاثاً مَياسِراً،
وحائلَ حُولٍ أَنْهَرَتْ فأَحَلَّتِ
ويَسَّرَ الرجلُ سَهُلَتْ وِلادَةُ إِبله وغنمه ولم يَعْطَبْ منها شيء؛
عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
بِتْنا إِليه يَتَعاوَى نَقَدُه،
مُيَسِّرَ الشاءِ كثيراً عَدَدُه
والعرب تقول: قد يَسَرَتِ الغَنَمُ إِذا ولدت وتهيأَت للولادة.
ويَسَّرَتِ الغنم: كثرت وكثر لبنها ونسلها، وهو من السهولة؛ قال أَبو أُسَيْدَةَ
الدُّبَيْرِيُّ:
إِنَّ لنا شَيْخَيْنِ لا يَنْفَعانِنَا
غَنِيَّيْن، لا يُجْدِي علينا غِناهُما
هما سَيِّدَانا يَزْعُمانِ، وإِنما
يَسُودَانِنا أَنْ يَسَّرْتْ غَنَماهما
أَي ليس فيهما من السيادة إِلا كونهما قد يَسَّرَتْ غنماهما،
والسُّودَدَ يوجب البذلَ والعطاء والحِراسَة والحماية وحسن التدبير والحلم، وليس
غندهما من ذلك شيء. قال الجوهري: ومنه قولهم رجل مُيَسِّرٌ، بكسر السين،
وهو خلاف المُجَنِّب. ابن سيده: ويَسَّرَتِ الإِبلُ كثر لبنها كما يقال ذلك
في الغنم.
واليُسْرُ واليَسارُ والمِيسَرَةُ والمَيْسُرَةُ، كله: السُّهولة
والغِنى؛ قال سيبويه: ليست المَيْسُرَةُ على الفعل ولكنها كالمَسْرُبة
والمَشْرُبَة في أَنهما ليستا على الفعل. وفي التنزيل العزيز: فَنَظِرَةٌ إِلى
مَيْسَرَةٍ؛ قال ابن جني: قراءة مجاهد: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسُرهِ، قال: هو
من باب مَعْوُنٍ ومَكْرُمٍ، وقيل: هو على حذف الهاء. والمَيْسَرَةُ
والمَيْسُرَةُ: السَّعَة والغنى. قال الجوهري: وقرأَ بعضهم فنظرة إِلى
مَيْسُرِهِ، بالإِضافة؛ قال الأَخفش: وهو غير جائز لأَنه ليس في الكلام
مَفْعُلٌ، بغير الهاء، وأَما مَكْرُمٌ ومَعْوُن فهما جمع مَكْرُمَةٍ
ومَعُونَةٍ.وأَيْسَرَ الرجلُ إِيساراً ويُسْراً؛ عن كراع واللحياني: صار ذا يَسارٍ،
قال: والصحيح أَن اليُسْرَ الاسم والإِيْسار المصدر. ورجلٌ مُوسِرٌ،
والجمع مَياسِيرُ؛ عن سيبويه؛ قال أَبو الحسن: وإِنما ذكرنا مثل هذا الجمع
لأَن حكم مثل هذا أَن يجمع بالواو والنون في المذكر وبالأَلف والتاء في
المؤنث.
واليُسْر: ضدّ العُسْرِ، وكذلك اليُسُرُ مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ. التهذيب:
واليَسَرُ والياسِرُ من الغنى والسَّعَة، ولا يقال يَسارٌ. الجوهري:
اليَسار واليَسارة الغِنى. غيره: وقد أَيْسَر الرجل أَي استغنى يُوسِرُ، صارت
الياء واواً لسكونها وضمة ما قبلها؛ وقال:
ليس تَخْفَى يَسارَتي قَدْرَ يومٍ،
ولقد يُخْفي شِيمَتي إِعْسارِي
ويقال: أَنْظِرْني حتى يَسارِ، وهو مبني على الكسر لأَنه معدول عن
المصدر، وهو المَيْسَرَةُ، قال الشاعر:
فقلتُ امْكُثي حتى يَسارِ لَعَلَّنا
نَحُجُّ معاً، قالتْ: أَعاماً وقابِلَه؟
وتَيَسَّر لفلان الخروجُ واسْتَيْسَرَ له بمعنى أَي تهيأَ. ابن سيده:
وتَيَسَّر الشيء واسْتَيْسَر تَسَهَّل. ويقال: أَخذ ما تَيَسَّر وما
اسْتَيْسَر، وهو ضدّ ما تَعَسَّر والْتَوَى. وفي حديث الزكاة: ويَجْعَلُ معها
شاتين إِن اسْتَيْسَرتا له أَو عشرين درهماً؛ استيسر استفعل من اليُسْرِ،
أَي ما تيسر وسَهُلَ، وهذا التخيير بين الشاتَيْنِ والدراهم أَصل في نفسه
وليس ببدل فجرى مجرى تعديل القيمة لاختلاف ذلك في الأَزمنة والأَمكنة،
وإِنما هو تعويض شرعي كالغُرَّةِ في الجنين والصَّاع في المُصَرَّاةِ،
والسِّرُّ فيه أَن الصدقة كانت تؤخذ في البراري وعلى المياه حيث لا يوجد
سُوقٌ ولا يُرى مُقَوِّمٌ يرجع إِليه، فَحَسُنَ في الشرع أَن يُقَدَّر شيء
يقطع النزاع والتشاجر. أَبو زيد: تَيَسَّر النهار تَيَسُّراً إِذا بَرَدَ.
ويقال: أَيْسِرْ أَخاك أَي نَفِّسْ عليه في الطلب ولا تُعْسِرْهُ أَي لا
تُشَدِّدْ عليه ولا تُضَيِّقْ. وقوله تعالى: فما اسْتَيْسَرَ من
الهَدْي؛ قيل: ما تَيَسَّر من الإِبل والبقر والشاء، وقيل: من بعير أَو بقرة أَو
شاة. ويَسَّرَه هو: سَهَّله، وحكى سيبويه: يَسَّرَه ووَسَّعَ عليه
وسَهَّلَ.
والتيسير يكون في الخير والشر؛ وفي التنزيل العزيز:فَسَنُيَسِّرُه
لليُسْرَى، فهذا في الخير، وفيه: فسنيسره للعُسْرَى، فهذا في الشر؛ وأَنشد
سيبويه:
أَقام وأَقْوَى ذاتَ يومٍ، وخَيْبَةٌ
لأَوَّلِ من يَلْقَى وشَرٌّ مُيَسَّرُ
والميسورُ: ضدّ المعسور. وقد يَسَّرَه الله لليُسرى أَي وفَّقَه لها.
الفرّاء في قوله عز وجل: فسيسره لليسرى، يقول: سَنُهَيِّئُه للعَوْد إِلى
العمل الصالح؛ قال: وقال فسنيسره للعسرى، قال: إِن قال قائل كيف كان نيسره
للعسرى وهل في العُسْرى تيسير؟ قال: هذا كقوله تعالى: وبَشِّرِ الذين
كفروا بعذاب أَليم، فالبشارَةُ في الأَصل الفَرَحُ فإِذا جمعت في كلامين
أَحدهما خير والآخر شر جاز التيسير فيهما. والميسورُ: ما يُسِّرَ. قال ابن
سيده: هذا قول أَهل اللغة، وأَما سيبويه فقال: هو من المصادر التي جاءت
على لفظ مفعول ونظيره المعسور؛ قال أَبو الحسن: هذا هو الصحيح لأَنه لا
فعل له إِلا مَزِيداً، لم يقولوا يَسَرْتُه في هذا المعنى، والمصادر التي
على مثال مفعول ليست على الفعل الملفوظ به، لأَن فَعَلَ وفَعِلَ وفَعُلَ
إِنما مصادرها المطردة بالزيادة مَفْعَل كالمضرب، وما زاد على هذا فعلى
لفظ المُفَعَّل كالمُسَرَّحِ من قوله:
أَلم تَعْلَمْ مُسَرَّحِيَ القَوافي
وإِنما يجيء المفعول في المصدر على توهم الفعل الثلاثي وإِن لم يلفظ به
كالمجلود من تَجَلَّد، ولذلك يخيل سيبويه المفعول في المصدر إِذا وجده
فعلاً ثلاثيّاً على غير لفظة، أَلا تراه قال في المعقول: كأَنه حبس له
عقله؟ ونظيره المعسورُ وله نظائر.
واليَسَرَةُ: ما بين أَسارير الوجه والراحة. التهذيب: واليَسَرَة تكون
في اليمنى واليسرى وهو خط يكون في الراحة يقطع الخطوط التي في الراحة
كأَنها الصليب. الليث: اليَسَرَة فُرْجَةُ ما بين الأَسِرَّةِ من أَسرارِ
الراحة يُتَيَمَّنُ بها، وهي من علامات السخاء. الجوهري: اليسرة، بالتحريك،
أَسرار الكف إِذا كانت غير ملتزقة، وهي تستحب، قال شمر: ويقال في فلان
يَسَرٌ؛ وأَنشد:
فَتَمَتَّى النَّزْعَ في يَسَرِه
قال: هكذا روي عن الأَصمعي، قال: وفسره حِيَال وجهه. واليَسْرُ من
الفَتْلِ: خلاف الشَّزْر. الأَصمعي: الشَّزْرُ ما طَعَنْتَ عن يمينك وشمالك،
واليَسْرُ ما كان حِذاء وجهك؛ وقيل: الشَّزْرُ الفَتْلُ إِلى فوق
واليَسْرُ إِلى أَسفل، وهو أَن تَمُدَّ يمينكَ نحوَ جَسَدِكَ؛ وروي ابن
الأَعرابي:فتمتى النزع في يُسَرِه
جمع يُسْرَى، ورواه أَبو عبيد: في يُسُرِه، جمع يَسارٍ.
واليَسارُ: اليَدُ اليُسْرى. والمَيْسَرَةُ: نقيضُ الميمنةِ. واليَسار
واليِسار: نقيضُ اليمين؛ الفتح عند ابن السكيت أَفصح وعند ابن دريد الكسر،
وليس في كلامهم اسم في أَوّله ياء مكسورة إِلا في اليَسار يِسار، وإِنما
رفض ذلك استثقالاً للكسرة في الياء، والجمع يُسْرٌ؛ عن اللحياني،
ويُسُرٌ؛ عن أَبي حنيفة. الجوهري: واليسار خلاف اليمين، ولا تقل
(*قوله« ولا
تقل إلخ» وهمه المجد في ذلك ويؤيده قول المؤلف، وعند ابن دريد الكسر)
اليِسار بالكسر. واليُسْرَى خلاف اليُمْنَى، والياسِرُ كاليامِن، والمَيْسَرَة
كالمَيْمَنة، والياسرُ نَقِيضُ اليامن، واليَسْرَة خلافُ اليَمْنَة.
وياسَرَ بالقوم: أَخَذَ بهم يَسْرَةً، ويَسَر يَيْسِرُ: أَخذ بهم ذات
اليَسار؛ عن سيبويه. الجوهري: تقول ياسِرْ بأَصحابك أَي خُذْ بهم يَساراً،
وتياسَرْ يا رجلُ لغة في ياسِرْ، وبعضهم ينكره. أَبو حنيفة: يَسَرَني
فلانٌ يَيْسِرُني يَسْراً جاء على يَسارِي.
ورجلٌ أَعْسَرُ يَسَرٌ: يعمل بيديه جميعاً، والأُنثى عَسْراءُ يَسْراءُ،
والأَيْسَرُ نقيض الأَيْمَنِ. وفي الحديث: كان عمر، رضي الله عنه،
أَعْسَرَ أَيْسَرَ؛ قال أَبو عبيد: هكذا روي في لحديث، وأَما كلام العرب
فالصواب أَنه أَعْسَرُ يَسَرٌ، وهو الذي يعمل بيديه جميعاً، وهو الأَضْبَطُ.
قال ابن السكيت: كان عمر، رضي الله عنه، أَعْسَرَ يَسَراً، ولا تقل
أَعْسَرَ أَيْسَرَ. وقعد فلانٌ يَسْرَةً أَي شَأْمَةً. ويقال: ذهب فلان
يَسْرَةً من هذا. وقال الأَصمعي: اليَسَرُ الذي يساره في القوة مثل يمينه، قال:
وإِذا كان أَعْسَرَ وليس بِيَسَرٍ كانت يمينه أَضعف من يساره. وقال أَبو
زيد: رجل أَعْسَرُ يَسَرٌ وأَعْسَرُ أَيْسَرُ، قال: أَحسبه مأْخوذاً من
اليَسَرَةِ في اليد، قال: وليس لهذا أَصل؛ الليث: رجل أَعْسَرُ يَسَرٌ
وامرأَة عَسْراءُ يَسَرَةٌ.
والمَيْسِرُ: اللَّعِبُ بالقِداح، يَسَرَ يَيْسَرُ يَسْراً. واليَسَرُ:
المُيَسَّرُ المُعَدُّ، وقيل: كل مُعَدٍّ يَسَرٌ. واليَسَرُ: المجتمعون
على المَيْسِرِ، والجمع أَيْسار؛ قال طرفة:
وهمُ أَيْسارُ لُقْمانَ، إِذا
أَغْلَتِ الشَّتْوَةُ أَبْداءَ الجُزُرْ
واليَسَرُ: الضَّرِيبُ. والياسِرُ: الذي يَلي قِسْمَةَ الجَزُورِ،
والجمع أَيْسارٌ، وقد تَياسَرُوا. قال أَبو عبيد: وقد سمعتهم يضعون الياسِرَ
موضع اليَسَرِ واليَسَرَ موضعَ الياسِرِ. التهذيب: وفي التنزيل العزيز:
يسأَلونك عن الخمر والمَيْسِرِ؛ قال مجاهد: كل شيء فيه قمارٌ فهو من الميسر
حتى لعبُ الصبيان بالجَوْزِ. وروي عن علي، كرم الله وجهه، أَنه قال:
الشِّطْرَنْج مَيْسِرُ العَجَمِ؛ شبه اللعب به بالميسر، وهو القداح ونحو
ذلك. قال عطاء في الميسر: إِنه القِمارُ بالقِداح في كل شيء. ابن الأَعرابي:
الياسِرُ له قِدْحٌ وهو اليَسَرُ واليَسُورُ؛ وأَنشد:
بما قَطَّعْنَ من قُرْبى قَرِيبٍ،
وما أَتْلَفْنَ من يَسَرٍ يَسُورِ
وقد يَسَرَ يَيْسِرُ إِذا جاء بِقِدْحِه للقِمار.
وقال ابن شميل: الياسِرُ الجَزَّار. وقد يَسَرُوا أَي نَحَرُوا.
ويَسَرْتُ الناقة: جَزَّأْتُ لحمها. ويَسَرَ القومُ الجَزُورَ أَي اجْتَزَرُوها
واقتسموا أَعضاءها؛ قال سُحَيْمُ بن وُثَيْلٍ اليربوعي:
أَقولُ لهم بالشَّعْبِ إِذ يَيْسِرونَني:
أَلم تَعْلَمُوا أَنِّي ابْنُ فارِسِ زَهْدَم؟
كان وقع عليه سِباءٌ فضَربَ عليه بالسهام، وقوله يَيْسِرونَني هو من
المَيْسر أَي يُجَزِّئُونني ويقتسمونني. وقال أَبو عُمَر الجَرْمِيُّ: يقال
أَيضاً اتَّسَرُوها يَتَّسرُونها اتِّساراً، على افْتَعَلُوا، قال: وناس
يقولون يأْتَسِرُونها ائْتِساراً، بالهمز، وهم مُؤْتَسِرون، كما قالوا في
اتَّعَدَ. والأَيْسارُ: واحدهم يَسَرٌ، وهم الذين يَتقامَرُون.
والياسِرونَ: الذين يَلُونَ قِسْمَةَ الجَزُور؛ وقال في قول الأَعشى:
والجاعِلُو القُوتِ على الياسِرِ
يعني الجازرَ. والمَيْسِرُ: الجَزُورُ نفسه، سمي مَيْسِراً لأَنه
يُجَزَّأُ أَجْزاء فكأَنه موضع التجزئة. وكل شيء جَزَّأْته، فقد يَسَرْتَه.
والياسِرُ: الجازرُ لأَنه يُجَزِّئ لحم الجَزُور، وهذا الأَصل في الياسر،
ثم يقال للضاربين بالقداح والمُتَقامِرِينَ على الجَزُور: ياسِرُون،
لأَنهم جازرون إِذا كانوا سبباً لذلك. الجوهري: الياسِرُ اللاَّعِبُ بالقداحِ،
وقد يَسَر يَيْسِرُ، فهو ياسِرٌ ويَسَرٌ، والجمع أَيْسارٌ؛ قال الشاعر:
فأَعِنْهُمُ و يْسِرْ ما يَسَرُوا به،
وإِذا هُمُ نَزَلوا بضَنْكٍ فانزِلِ
قال: هذه رواية أَبي سعيد ولن تحذف الياء فيه ولا في يَيْعِرُ ويَيْنِعُ
كما حذفت في يَعِد وأَخواته، لتَقَوِّي إِحدى الياءَين بالأُخرى، ولهذا
قالوا في لغة بني أَسد: يِيْجَلُ، وهم لا يقولون يِعْلَم لاستثقالهم
الكسرة على الياء، فإِن قال: فكيف لم يحذفوها مع التاء والأَلف والنونفقيل
له: هذه الثلاثة مبدلة من الياء، والياء هي الأَصل، يدل على ذلك أَن
فَعَلْتُ وفَعَلْتَ وفَعَلَتا مبنيات على فَعَلَ. واليَسَر والياسِرُ بمعنى؛
قال أَبو ذؤيب:
وكأَنهنَّ رِبابَةٌ، وكأَنه
يَسَرٌ يَفِيض على القِداحِ ويَصْدَعُ
قال ابن بري عند قول الجوهري ولم تحذف الياء في بَيْعِر ويَيْنع كما
حذفت في يعد لتقوّي إِحدى الياءَين بالأُخرى، قال: قد وهم في ذلك لأَن الياء
ليس فيها تقوية للياء، أَلا ترى أَن بعض العرب يقول في يَيْئِسُ يَئِسُ
مثل يَعِدُ؟ فيحذفون الياء كما يحذفون الواو لثقل الياءين ولا يفعلون ذلك
مع الهمزة والتاء والنون لأَنه لم يجتمع فيه ياءان، وإِنما حذفت الواو
من يَعِدُ لوقوعها بين ياء وكسرة فهي غريبة منهما، فأَما الياء فليست
غريبة من الياء ولا من الكسرة، ثم اعترض على نفسه فقال: فكيف لم يحذفوها مع
التاء والأَلف والنونفقيل له: هذه الثلاثة مبدلة من الياء، والياء هي
الأَصل؛ قال الشيخ: إِنما اعترض بهذا لأَنه زعم أَنما صحت الياء في يَيْعِرُ
لتقوّيها بالياء التي قبلها فاعترض على نفسه وقال: إِن الياء ثبتت وإِن
لم يكن قبلها ياء في مثل تَيْعِرُ ونَيْعِرُ وأَيْعِرُ، فأَجاب بأَن هذه
الثلاثة بدل من الياء، والياء هي الأَصل، قال: وهذا شيء لم يذهب إِليه
أَحد غيره، أَلا ترى أَنه لا يصح أَن يقال همزة المتكلم في نحو أَعِدُ بدل
من ياء الغيبة في يَعِدُف وكذلك لا يقال في تاء الخطاب أَنت تَعِدُ إِنها
بدل من ياء الغيبة في يَعِدُ، وكذلك التاء في قولهم هي تَعِدُ ليست بدلاً
من الياء التي هي للمذكر الغائب في يَعِدُ، وكذلك نون المتكلم ومن معه
في قولهم نحن نَعِدُ ليس بدلاً من الياء التي للواحد الغائب، ولو أَنه
قال: إِن الأَلف والتاء والنون محمولة على الياء في بنات الياء في يَيْعِر
كما كانت محمولة على الياء حين حذفت الواو من يَعِدُ لكان أَشبه من هذا
القول الظاهر الفساد.
أَبو عمرو: اليَسَرَةُ وسْمٌ في الفخذين، وجمعها أَيْسارٌ؛ ومنه قول ابن
مُقْبِلٍ:
فَظِعْتَ إِذا لم يَسْتَطِعْ قَسْوَةَ السُّرى،
ولا السَّيْرَ راعي الثَّلَّةِ المُتَصَبِّحُ
على ذاتِ أَيْسارٍ، كأَنَّ ضُلُوعَها
وأَحْناءَها العُلْيا السَّقِيفُ المُشَبَّحُ
يعني الوَسْمَ في الفخذين، ويقال: أَراد قوائم لَيِّنَةً، وقال ابن بري
في شرح البيت: الثلة الضأْن والمشبح المعرّض؛ يقال: شَبَّحْتُه إِذا
عَرَّضْتَه، وقيل: يَسَراتُ البعير قوائمه؛ وقال ابن فَسْوَةَ:
لها يَسَراتٌ للنَّجاءِ، كأَنها
مَواقِعُ قَيْنٍ ذي عَلاةٍ ومِبْرَدِ
قال: شبه قوائمها بمطارق الحدَّاد؛ وجعل لبيد الجزور مَيْسِراً فقال:
واعْفُفْ عن الجاراتِ، وامْـ
ـنَحْهُنَّ مَيْسِرَكَ السَّمِينا
الجوهري: المَيْسِرُ قِمارُ العرب بالأَزلام. وفي الحديث: إِن المسلم ما
لم يَغْشَ دَناءَةً يَخْشَعُ لها إِذا ذُكِرَتْ ويَفْري به لِئامُ الناس
كالياسِرِ الفالِجِ؛ الياسِرُ من المَيْسِر وهو القِمارُ.
واليُسْرُ في حديث الشعبي: لا بأْس أَن يُعَلَّقَ اليُسْرُ على الدابة،
قال: اليُسْرُ، بالضم، عُودٌ يُطْلِق البولَ. قال الأَزهري: هو عُودُ
أُسْرٍ لا يُسْرٍ، والأُسْرُ احتباس البول.
واليَسِيرُ: القليل. ويء يسير أَي هَيِّنٌ. ويُسُرٌ: دَحْلٌ لبني يربوع؛
قال طرفة:
أَرَّقَ العينَ خَيالٌ لم يَقِرْ
طاف، والركْبُ بِصَحْراءِ يُسُرْ
وذكر الجوهري اليُسُرَ وقال: إِنه بالدهناء، وأَنشد بيت طرفة. يقول:
أَسهر عيني خيال طاف في النوم ولم يَقِرْ، هو من الوَقارِ، يقال: وَقَرَ في
مجلسه، أَي خَيالُها لا يزال يطوف ويَسْري ولا يَتَّدعُ.
ويَسارٌ وأَيْسَرُ وياسِرٌ: أَسماء. وياسِرُ مُنْعَمٍ: مَلِكٌ من ملوك
حمير. ومَياسِرُ ويَسارٌ: اسم موضع؛ قال السُّلَيْكُ:
دِماء ثلاثةٍ أَرْدَتْ قَناتي،
وخادِف طَعْنَةٍ بقَفا يَسارِ
أَراد بخاذِفِ طعنةٍ أَنه ضارِطٌ من أَجل الطعنة؛ وقال كثير:
إِلى ظُعُنٍ بالنَّعْفِ نَعْفِ مياسِرٍ،
حَدَتْها تَوالِيها ومارَتْ صُدورُها
وأَما قول لبيد أَنشده ابن الأَعرابي:
دَرى باليَسارى جِنَّةً عبْقَرِيَّةً
مُسَطَّعَةَ الأَعْناقِ بُلْقَ القَوادِم
قال ابن سيده: فإِنه لم يفسر اليسارى، قال: وأُراه موضعاً. والمَيْسَرُ:
نَبْتٌ رِيفيّ يُغْرَسُ غرساً وفيه قَصَفٌ؛ الجوهري وقول الفرزدق يخاطب
جريراً:
وإِني لأَخْشَى، إِن خَطَبْتَ إِليهمُ،
عليك الذي لاقى يَسارُ الكَواعِبِ
هو اسم عبد كان يتعرّض لبنات مولاه فَجَبَبْنَ مذاكيره.
قردم: القُرْدُمانيُّ والقُرْدُمانِيّة: سِلاح مُعدّ كانت الفُرس
والأَكاسرة تدّخره في خزائنها، أَصله بالفارسية كَرْدَمانِدْ، معناه عُمِلَ
وبَقِي؛ قال الأَزهري: هكذا حكاه أَبو عبيد عن الأَصمعي؛ وقال ابن
الأَعرابي: أَراه فارسيّاً؛ وأَنشد للبيد:
فَخْمةً ذَفْراءَ تُرْتى بالعُرى
قُرْدُمانِيّاً وتَرْكاً كالبَصَلْ
قال: القُرْدُمانِيّة الدُّروع الغليظة مثل الثوب الكُرْدُواني. ويقال:
القُرْدُمانيُّ ضرب من الدروع. الجوهري: القُرْدُماني، مقصور، دواء وهو
كَرَوْياء رومي. قال ابن بري: كَرَوْيا مثل زكريا؛ وقال ابن منصور
الجَواليقي: هو ممدود كروياء، بفتح الراء وسكون الواو وتخفيف الياء. قال أَبو
عبيدة: القُرْْدُمانيّ قباء محشوّ يتخذ للحرب، فارسي معرب يقال له كَبْر
بالرومية أَو بالنبطية، وأَنشد بيت لبيد. ويقال: القُردمانيّ ضرب من
الدروع، ويقال: هو المِغْفَر، وقال بعضهم: إِذا كان للبيضة مِغفر فهي
قُرْدمانية؛ قال: وهذا هو الصحيح لأَنه قال بعد البيت:
أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ مِن عَوْراتِها
كُلَّ حِرْباءٍ، إِذا أُكْرِه صَلّْ
قال: فدل على أَنها الدرع، وقيل: القُرْدُمان أَصل للحديد وما يعمل منه
بالفارسية، وقيل: بل هو بلد يعمل فيه الحديد؛ عن السيرافي.
قسم: القَسْمُ: مصدر قَسَمَ الشيءَ يَقْسِمُه قَسْماً فانْقَسَم،
والموضع مَقْسِم مثال مجلس. وقَسَّمَه: جزَّأَه، وهي القِسمةُ. والقِسْم،
بالكسر: النصيب والحَظُّ، والجمع أَقْسام، وهو القَسِيم، والجمع أَقْسِماء
وأَقاسِيمُ، الأَخيرة جمع الجمع. يقال: هذا قِسْمُك وهذا قِسْمِي.
والأَقاسِيمُ: الحُظُوظ المقسومة بين العباد، والواحدة أُقْسُومة مثل أُظفُور
(*
قوله «مقل أظفور» في التكملة: مثل أُظفورة، بزيادة هاء التأنيث).
وأَظافِير، وقيل: الأَقاسِيمُ جمع الأَقسام، والأَقسام جمع القِسْم. الجوهري:
القِسم، بالكسر، الحظ والنصيب من الخير مثل طَحَنْت طِحْناً، والطِّحْنُ
الدَّقيق. وقوله عز وجل: فالمُقَسِّماتِ أَمراً؛ هي الملائكة تُقَسِّم ما
وُكِّلت به. والمِقْسَمُ والمَقْسَم: كالقِسْم؛ التهذيب: كتب عن أَبي
الهيثم أَنه أَنشد:
فَما لكَ إِلاَّ مِقْسَمٌ ليس فائِتاً
به أَحدٌ، فاسْتَأْخِرَنْ أَو تقَدَّما
(* قوله «فاستأخرن أو تقدما» في الاساس بدله: فاعجل به أو تأخرا)
قال: القِسْم والمِقْسَم والقَسِيم نصيب الإِنسان من الشيء. يقال:
قَسَمْت الشيء بين الشركاء وأَعطيت كل شريك مِقْسَمه وقِسْمه وقَسِيمه، وسمي
مِقْسم بهذا وهو اسم رجل. وحصاة القَسْم: حصاة تلقى في إِناء ثم يصب فيها
من الماء قدر ما يَغمر الحصاة ثم يتعاطونها، وذلك إِذا كانوا في سفَر ولا
ماء معهم إِلا شيء يسير فيقسمونه هكذا. الليث: كانوا إِذا قَلَّ عليهم
الماء في الفلَوات عَمدوا إِلى قَعْب فأَلقوا حصاة في أَسفله، ثم صَبُّوا
عليه من الماء قدر ما يغمرها وقُسِمَ الماء بينهم على ذلك، وتسمى تلك
الحصاةُ المَقْلَةَ. وتَقَسَّموا الشيء واقْتَسَموه وتَقاسَموه: قَسَمُوه
بينهم. واسْتَقسَمُوا بالقِداح: قَسَمُوا الجَزُور على مِقدار حُظوظهم
منها. الزجاج في قوله تعالى: وأَن تَسْتَقْسِمُوا بالأَزلام، قال: موضع أَن
رفع، المعنى: وحُرّم عليكم الاسْتِقْسام بالأَزلام؛ والأَزْلام: سِهام
كانت لأَهل الجاهلية مكتوب على بعضها: أَمَرَني ربِّي، وعلى بعضها: نَهاني
ربي، فإِذا أَراد الرجل سفَراً أَو أَمراً ضرب تلك القِداح، فإِن خَرج
السهم الذي عليه أَمرني ربي مضى لحاجته، وإِن خرج الذي عليه نهاني ربي لم
يمض في أَمره، فأَعلم الله عز وجل أَن ذلك حَرام؛ قال الأَزهري: ومعنى قوله
عز وجل وأَن تستقسموا بالأَزلام أَي تطلبوا من جهة الأَزلام ما قُسِم
لكم من أَحد الأَمرين، ومما يبين ذلك أَنَّ الأَزلام التي كانوا يستقسمون
بها غير قداح الميسر، ما روي عن عبد الرحمن بن مالك المُدْلجِي، وهو ابن
أَخي سُراقة بن جُعْشُم، أَن أَباه أَخبره أَنه سمع سراقة يقول: جاءتنا
رُسُل كفار قريش يجعلون لنا في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأَبي بكرٍ
دية كل واحد منهما لمن قتلهما أَو أَسَرَهما، قال: فبينا أَنا جالس في
مجلس قومي بني مُدْلج أَقبل منهم رجل فقام على رؤوسنا فقال: يا سراقة، إِني
رأَيت آنفاً أَسْوِدةً بالساحل لا أُراها إِلا محمداً وأَصحابه، قال:
فعرفت أَنهم هم، فقلت: إِنهم ليسوا بهم ولكنك رأَيت فلاناً وفلاناً
انطلقوا بُغاة، قال: ثم لَبِثْت في المجلس ساعة ثم قمتُ فدخلت بيتي وأَمرت
جاريتي أَن تخرج لي فرسي وتحبِسها من وراء أَكَمَة، قال: ثم أَخذت رمحي
فخرجت به من ظهر البيت، فخفَضْت عالِيةَ الرُّمح وخَطَطْت برمحي في الأَرض
حتى أَتيت فرسي فركبتها ورفَعْتها تُقَرِّب بي حتى رأَيت أَسودتهما، فلما
دنوت منهم حيث أُسْمِعُهم الصوت عَثَرَت بي فرسي فخَرَرت عنها، أَهويت
بيدي إِلى كِنانتي فأَخرجت منها الأَزْلامَ فاستقسمت بها أَضِيرُهم أَم
لا، فخرج الذي أَكره أَن لا أَضِيرَهم، فعَصَيْت الأَزلام وركبت فرسي
فرَفَعتها تُقَرِّب بي، حتى إِذا دنوت منهم عَثَرت بي فرسي وخَرَرْت عنها،
قال: ففعلت ذلك ثلاث مرات إِلى أَن ساخت يدا فرسي في الأَرض، فلما بلغتا
الركبتين خَرَرت عنها ثم زجرتها، فنهضت فلم تَكد تَخْرج يداها، فلما استوت
قائمة إِذا لأَثرِ يَدَيها عُثان ساطع في السماء مثل الدُّخان؛ قال
معمر، أَحد رواة الحديث: قلت لأَبي عمرو بن العلاء ما العُثان؟ فسكت ساعة ثم
قال لي: هو الدخان من غيرنا، وقال: ثم ركبت فرسي حتى أَتيتهم ووقع في
نفسي حين لَقِيت ما لقيت من الحبس عنهم أَن سيظهر أَمرُ رسولِ الله، صلى
الله عليه وسلم، قال: فقلت له إِن قومك جعلوا لي الدية وأَخبرتهم بأَخبار
سفرهم وما يريد الناس منهم، وعَرَضت عليهم الزاد والمتاع فلم يَرْزَؤُوني
شيئاً ولم يسأَلوني إِلا قالوا أَخْفِ عنا، قال: فسأَلت أَن يكتب كتاب
مُوادَعة آمَنُ به، قال: فأَمرَ عامرَ بن فُهَيْرَةَ مولى أَبي بكر فكتبه
لي في رُقعة من أَديم ثم مضى؛ قال الأَزهري: فهذا الحديث يبين لك أَن
الأَزرم قِداحُ الأَمر والنهي لا قِداح المَيْسر، قال: وقد قال المؤَرّج
وجماعة من أَهل اللغة إِن الأَزلام قداح الميسر، قال: وهو وهَم. واسْتَقْسم
أَي طلب القَسْم بالأَزلام. وفي حديث الفتح: دخل البيت فرأَى إِبراهيم
وإِسمعيلَ بأَيديهما الأَزلام فقال: قاتَلَهم الله والله لقد علِموا
أَنهما لم يَسْتَقْسما بها قطُّ؛ الاسْتِقْسام: طلب القِسم الذي قُسِم له
وقُدِّر مما لم يُقَسم ولم يُقَدَّر، وهو استِفعال منه، وكانوا إِذا أَراد
أَحدهم سفَراً أَو تزويجاً أَو نحو ذلك من المَهامِّ ضرب بالأَزلام، وهي
القداح، وكان على بعضها مكتوب أَمَرَني ربِّي، وعلى الآخر نهاني ربي،
وعلى الآخر غُفْل، فإِن خرج أَمرني مَضى لشأْنه، وإِن خرج نهاني أَمسك، وإِن
خرج الغُفْل عادَ فأَجالَها وضرب بها أُخرى إِلى أَن يخرج الأَمر أَو
النهي، وقد تكرّر في الحديث. وقاسَمْتُه المال: أَخذت منه قِسْمَك وأَخذ
قِسْمه. وقَسِيمُك: الذي يُقاسِمك أَرضاً أَو داراً أَو مالاً بينك وبينه،
والجمع أَقسِماء وقُسَماء. وهذا قَسِيم هذا أَي شَطْرُه. ويقال: هذه
الأَرض قَسيمة هذه الأرض أَي عُزِلت عنها. وفي حديث علي، عليه السلام: أَنا
قَسِيم النار؛ قال القتيبي: أَراد أَن الناس فريقان: فريق معي وهم على
هُدى، وفريق عليّ وهم على ضَلال كالخوارج، فأنا قسيم النار نصف في الجنة
معي ونصف عليّ في النار. وقَسِيم: فعيل في معنى مُقاسِم مُفاعِل،
كالسَّمير والجليس والزَّميل؛ قيل: أَراد بهم الخوارج، وقيل: كل من قاتله.
وتَقاسَما المال واقتَسَماه، والاسم القِسْمة مؤَنثة. وإِنما قال تعالى:
فارزقوهم منه، بعد قوله تعالى: وإِذا حضَر القِسْمة، لأَنها في معنى الميراث
والمال فذكَّر على ذلك.
والقَسَّام: الذي يَقْسِم الدور والأَرض بين الشركاء فيها، وفي المحكم:
الذي يَقسِم الأَشياء بين الناس؛ قال لبيد:
فارْضَوْا بما قَسَمَ المَلِيكُ، فإِنما
قَسَمَ المَعِيشةَ بيننا قَسَّامُها
(* رواية المعلقة:
فاقنع بما قسم المليكُ، فإنما
قسم الخلائقَ بيننا عَلامُها)
عنى بالمليك الله عز وجل. الليث: يقال قَسَمْت الشيء بينهم قَسْماً
وقِسْمة. والقِسْمة: مصدر الاقْتِسام. وفي حديث قراءة الفاتحة: قَسَمْت
الصلاة بيني وبين عبدي نصفين؛ أَراد بالصلاة ههنا القراءة تسمية للشيء ببعضه،
وقد جاءت مفسرة في الحديث، وهذه القِسْمة في المعنى لا اللفظ لأَن نصف
الفاتحة ثناء ونصفها مَسْأَلة ودُعاء، وانتهاء الثناء عند قوله: إِياك
نعبد، وكذلك قال في إِياك نستعين: هذه الآية بيني وبين عبدي.
والقُسامة: ما يَعْزِله القاسم لنفسه من رأْس المال ليكون أَجْراً له.
وفي الحديث: إِياكم والقُسامة، بالضم؛ هي ما يأْخذه القَسَّام من رأْس
المال عن أُجرته لنفسه كما يأْخذ السماسرة رَسماً مرسُوماً لا أَجراً
معلوماً، كتواضُعهم أَن يأْخذوا من كل أَلف شيئاً معيناً، وذلك حرام؛ قال
الخطابي: ليس في هذا تحريم إِذا أَخذ القَسّام أُجرته بإِذن المقسوم لهم،
وإِنما هو فيمن وَلِيَ أَمر قوم فإِذا قسم بين أَصحابه شيئاً
أَمسك منه لنفسه نصيباً
يستأْثر به عليهم، وقد جاء في رواية أُخرى: الرجل يكون على الفِئام من
الناس فيأْخذ من حَظّ هذا وحظ هذا. وأَما القِسامةُ، بالكسر، فهي صنعة
القَسَّام كالجُزارة والجِزارة والبُشارة والبِشارة. والقُسامةُ: الصَّدقة
لأَنها تُقسم على الضعفاء. وفي الحديث عن وابِصة: مثَلُ الذي يأْكل
القُسامة كمثل جَدْيٍ بَطنُه مملوء رَضْفاً؛ قال ابن الأَثير: جاء تفسيرها في
الحديث أَنها الصدقة، قال: والأَصل الأَوَّل.
ابن سيده: وعنده قَسْمٌ يَقْسِمه أَي عَطاء، ولا يجمع، وهو من
القِسْمة. وقسَمَهم الدَّهر يَقْسِمهم فتَقَسَّموا أَي فَرَّقهم فتَفَرَّقوا،
وقَسَّمَهم فرَّقهم قِسْماً هنا وقِسماً هنا. ونَوىً قَسُومٌ: مُفَرِّقة
مُبَعَّدة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
نَأَتْ عن بَناتِ العَمِّ وانقَلَبَتْ بها
نَوىً، يَوْم سُلاَّنِ البَتِيلِ، قَسوم
(* قوله «وانقلبت» كذا في الأصل، والذي في المحكم: وانفلتت).
أَي مُقَسِّمة للشَّمْل مُفَرِّقة له.
والتقْسِيم: التفريق؛ وقول الشاعر يذكر قِدْراً:
تُقَسِّم ما فيها، فإِنْ هِي قَسَّمَتْ
فَذاكَ، وإِن أَكْرَتْ فعن أَهلِها تُكْري
قال أَبو عمرو: قَسَّمت عَمَّت في القَسْم، وأَكْرَتْ نَقَصَتْ. ابن
الأََعرابي: القَسامةُ الهُِدنة بين العدو والمسلِمين، وجمعها قَسامات،
والقَسم الرَّأْي، وقيل: الشكُّ، وقيل: القَدَرُ؛ وأَنشد ابن بري في القَسْم
الشَّكِّ لعدي بن زيد:
ظِنّة شُبِّهتْ فأَمْكَنَها القَسْـ
ـمُ فأَعدَتْه، والخَبِيرُ خبِيرُ
وقَسَم أَمرَه قَسْماً: قَدَّره ونَظَر فيه كيف يفعل، وقيل: قَسَمَ
أَمرَه لم يدر كيف يَصنع فيه. يقال: هو يَقْسِم أَمره قَسْماً أَي يُقَدِّره
ويُدَبِّره ينظر كيف يعمل فيه؛ قال لبيد:
فَقُولا له إِن كان يَقْسِمُ أَمْرَه:
أَلَمَّا يَعِظْكَ الدَّهْرُ؟ أُمُّكَ هابِلُ
ويقال: قَسَمَ فلان أَمره إِذا مَيَّل فيه أَن يفعله أَو لا يفعله. أَبو
سعيد: يقال تركت فلاناً يَقْتَسِم أَي يفكر ويُرَوِّي بين أَمرين، وفي
موضع آخر: تركت فلاناً يَسْتَقْسِم بمعناه. ويقال: فلان جَيِّد القَسْمِ
أَي جيِّد الرأْي. ورجل مُقَسَّمٌ: مُشتَرك الخواطِر بالهُموم.
والقَسَمُ، بالتحريك: اليمين، وكذلك المُقْسَمُ، وهو المصدر مثل
المُخْرَج، والجمع أَقْسام. وقد أَقْسَم بالله واسْتَقْسَمه به وقاسَمَه: حلَف
له. وتَقاسمَ القومُ: تحالفوا. وفي التنزيل: قالوا تَقاسَمُوا بالله.
وأَقْسَمْت: حلفت، وأَصله من القَسامة. ابن عرفة في قوله تعالى: كما أَنزلنا
على المُقْتَسِمين؛ هم الذين تَقاسَمُوا وتَحالَفُوا على كَيْدِ الرسول،
صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن عباس: هم اليهود والنصارى الذين جعلوا
القرآن عِضِينَ آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. وقاسَمَهما أَي حلَفَ لهما.
والقَسامة: الذين يحلفون على حَقِّهم ويأْخذون. وفي الحديث: نحن نازِلُون
بخَيْفِ بني كِنانة حيث تَقاسَمُوا على الكفر؛ تقاسموا: من القَسَم اليمين
أَي تحالفوا، يريد لمَّا تعاهدت قريش على مُقاطعة بني هاشم وترك مُخالطتهم.
ابن سيده: والقَسامة الجماعة يُقْسِمُون على الشيء أَو يُشهدون،
ويَمِينُ القَسامةِ منسوبة إِليهم. وفي حديثٍ: الأَيْمانُ تُقْسَمُ على أَوْلياء
الدمِ. أَبو زيد: جاءت قَسامةُ الرجلِ، سمي بالمصدر. وقَتل فلان فلاناً
بالقَسامة أَي باليمين. وجاءت قَسامة من بني فلان، وأَصله اليمين ثم
جُعِل قَوْماً. والمُقْسَمُ: القَسَمُ. والمُقْسَمُ: المَوْضِع الذي حلف
فيه. والمُقْسِم: الرجل الحالف، أَقْسَم يُقْسِمُ إِقْساماً. قال الأَزهري:
وتفسير القَسامة في الدم أَن يُقْتل رجل فلا تشهد على قتل القاتل إِياه
بينة عادلة كاملة، فيجيء أَولياء المقتول فيدّعون قِبَل رجل أَنه قتله
ويُدْلُون بِلَوْث من البينة غير كاملة، وذلك أَن يُوجد المُدَّعى عليه
مُتلَطِّخاً بدم القتيل في الحال التي وُجد فيها ولم يشهد رجل عدل أَو امرأَة
ثقة أَن فلاناً قتله، أَو يوجد القتيل في دار القاتل وقد كان بينهما
عداوة ظاهرة قبل ذلك، فإِذا قامت دلالة من هذه الدلالات سَبَق إِلى قلب من
سمعه أَن دعوى الأَولياء صحيحة فَيُستَحْلَفُ أَولياءُ
القتيل خمسين يميناً أَن فلاناً الذي ادعوا قتله انفرد بقتل صاحبهم ما
شَرَكه في دمه أَحد، فإِذا حلفوا خمسين يميناً استحقوا دية قتيلهم، فإِن
أَبَوْا أَن يحلفوا مع اللوث الذي أَدلوا به حلف المُدَّعى عليه وبَرِئ،
وإِن نكل المدّعى عليه عن اليمين خير ورثة القتيل بين قتله أَو أَخذ
الدية من مال المدّعى عليه، وهذا جميعه قول الشافعي. والقَسامةُ: اسم من
الإِقْسام، وُضِع مَوْضِع المصدر، ثم يقال للذين يُقْسِمونَ قَسَامة، وإِن
لم يكن لوث من بينة حلف المدَّعى عليه خمسين يميناً وبرئ، وقيل: يحلف
يميناً واحدة. وفي الحديث: أَنه اسْتَحْلَف خمسةَ نفَر في قسامة معهم رجل من
غيرهم فقال: رُدُّوا الأَيمان على أَجالدِهم؛ قال ابن الأَثير:
القَسامة، بالفتح، اليمين كالقسَم، وحقيقتها أَن يُقْسِم من أَولياء الدم خمسون
نفراً على استحقاقِهم دمَ صاحبِهم إِذا وجدوه قتيلاً بين قوم ولم يُعرف
قاتله، فإِن لم يكونوا خمسين أَقسم الموجودون خمسين يميناً، ولا يكون فيهم
صبي ولا امرأَة ولا مجنون ولا عبد، أَو يُقسم بها المتهمون على نفي
القتل عنهم، فإِن حلف المدعون استحقوا الدية، وإِن حلف المتهَمون لم تلزمهم
الدية، وقد أَقْسَم يُقْسِم قَسَماً وقَسامة، وقد جاءت على بِناء الغَرامة
والحَمالة لأَنها تلزم أَهل الموضع الذي يوجد فيه القتيل؛ ومنه حديث
عمر، رضي الله عنه: القَسامة توجب العَقْل أَي تُوجب الدّية لا القَوَد. وفي
حديث الحسن: القَسامةُ جاهِلِيّة أَي كان أَهل الجاهلية يَديِنُون بها
وقد قرّرها الإِسلام، وفي رواية: القَتْلُ بالقسامة جاهِليةٌ أَي أَن أَهل
الجاهلية كانوا يقتُلُون بها أَو أَن القتل بها من أَعمال الجاهلية،
كأَنه إِنكار لذلك واسْتِعْظام.
والقَسامُ: الجَمال والحُسن؛ قال بشر بن أَبي خازم:
يُسَنُّ على مَراغِمِها القَسامُ
وفلان قَسِيمُ الوَجْهِ ومُقَسَّمُ الوجهِ؛ وقال باعث ابن صُرَيْم
اليَشْكُري، ويقال هو كعب بن أَرْقَمَ اليشكري قاله في امرأَته وهو
الصحيح:ويَوْمًا تُوافِينا بَوجْهً مُقسَّمٍ،
كأَنْ ظَبْية تَعْطُو إِلى وارِق السَّلَمْ
ويَوْماً تُرِيدُ مالَنا مع مالها،
فإِنْ لم نُنِلْها لم تُنِمْنا ولم تَنَمْ
نَظَلُّ كأَنَّا في خُصومِ غَرامةٍ،
تُسَمِّعُ جِيراني التَّأَلِّيَ والقَسَمْ
فَقُلْتُ لها: إِنْ لا تَناهَي، فإِنَّني
أَخو النُّكْر حتى تَقْرَعي السِّنَّ من نَدَمْ
وهذا البيت في التهذيب أَنشده أَبو زيد:
كأَنْ ظبية تعطو إِلى ناضِرِ السَّلم
وقال: قال أَبو زيد: سمعت بعض العرب ينشده: كأَنْ ظبيةٌ؛ يريد كأَنها
ظبية فأَضمر الكناية؛ وقول الربيع بن أَبي الحُقَيْق:
بأَحْسَنَ منها، وقامَتْ تريـ
ـك وجَهاً كأَنَّ عَلَيْه قَساما
أَي حُسْناً. وفي حديث أُم معبد: قَسِيمٌ وَسِيم؛ القَسامةُ: الحسن.
ورجل مُقَسَّم الوجهِ أَي جميل كله كأَن كل موضع منه أَخذ قِسْماً من
الجمال. ويقال لحُرِّ الوجه: قَسِمة، بكسر السين، وجمعها قَسِماتٌ. ورجل
مُقَسَّمٌ وقَسِيم، والأُنثى قَسِيمة، وقد قَسُم. أَبو عبيد: القَسام والقَسامة
الحُسْن. وقال الليث: القَسِيمة المرأَة الجميلة؛ وأَما قول الشاعر
(*
قوله «الشاعر» هو عنترة):
وكأَنَّ فارةَ تاجِرٍ بِقَسِمةٍ
سَبَقَتْ عَوارِضَها إِليكَ مِن الفَمِ
فقيل: هي طلوع الفجر، وقيل: هو وقت تَغَير الأَفواه، وذلك في وقت السحر،
قال: وسمي السحر قَسِمة لأَنه يَقْسِم بين الليل والنهار، وقد قيل في
هذا البيت إِنه اليمين، وقيل: امرأَة حسَنة الوجه، وقيل: موضع، وقيل: هو
جُؤْنة العَطَّار؛ قال ابن سيده: والمعروف عن ابن الأَعرابي في جُؤْنة
العطار قَسِمة، فإِن كان ذلك فإِن الشاعر إِنما أَُشبع للضرورة، قال:
والقَسِيمة السُّوقُ؛ عن ابن الأَعرابي، ولم يُفسِّر به قول عنترة؛ قال ابن
سيده: وهو عندي مما يجوز أَن يُفسَّر به؛ وقول العجاج:
الحمدُ للهِ العَلِيّ الأَعْظَمِ،
باري السَّمواتِ بِغَيْرِ سُلَّمِ
ورَبِّ هذا الأَثَرِ المُقَسَّمِ،
مِن عَهْد إِبراهيمَ لَمَّا يُطْسَمِ
أَراد المُحَسَّن، يعني مَقام إِبراهيم، عليه السلام، كأَنه قُسِّم أَي
حُسِّن؛ وقال أَبو ميمون يصف فرساً:
كلِّ طَوِيلِ السّاقِ حُرِّ الخدّيْن،
مُقَسَّمِ الوجهِ هَرِيتِ الشِّدْقَيْن
ووَشْيٌ مُقَسَّمٌ أَي مُحَسَّنٌ. وشيء قَسامِيٌّ: منسوب إِلى القَسام،
وخفف القطامي ياء النسبة منه فأَخرجه مُخرج تِهامٍ وشآمٍ، فقال:
إِنَّ الأُبُوَّةَ والدَيْنِ تَراهُما
مُتَقابلينِ قَسامِياً وهِجانا
أَراد أُبوّة والدين. والقَسِمةُ: الحُسن. والقَسِمةُ: الوجهُ، وقيل: ما
أَقبل عليك منه، وقيل: قَسِمةُ الوجه ما خَرج من الشعر. وقيل: الأَنفُ
وناحِيتاه، وقيل: وسَطه، وقيل: أَعلى الوَجْنة، وقيل: ما بين الوَجْنتين
والأَنف، تكسر سينها وتفتح، وقيل: القَسِمة أَعالي الوجه، وقيل: القَسِمات
مَجارِي الدموع، والوجوه، واحدتها قَسِمةٌ. ويقال من هذا: رجل قَسِيم
ومُقَسَّم إِذا كان جميلاً. ابن سيده: والمُقْسَم موضع القَسَم؛ قال
زهير:فتُجْمَعُ أَيْمُنٌ مِنَّا ومِنْكُم
بمُقْسَمةٍ تَمُورُ بها الدِّماء
وقيل: القَسِماتُ مجاري الدموع؛ قال مُحْرِز بن مُكَعْبَرٍ الضبي:
وإِنِّي أُراخيكم على مَطِّ سَعْيِكم،
كما في بُطونِ الحامِلاتِ رِخاءُ
فَهلاَّ سَعَيْتُمْ سَعْيَ عُصْبةِ مازِنٍ،
وما لعَلائي في الخُطوب سَواءُ
كأَنَّ دَنانِيراً على قَسِماتِهِمِ،
وإِنْ كان قَدْ شَفَّ الوُجُوهَ لِقاءُ
لَهُمْ أَذْرُعٌ بادٍ نواشِزُ لَحْمِها،
وبَعضُ الرِّجالِ في الحُروب غُثاءُ
وقيل: القَسِمةُ ما بين العينين؛ روي ذلك عن ابن الأَعرابي، وبه فسر
قوله دنانيراً على قَسِماتهم؛ وقال أَيضاً: القَسِمةُ والقَسَمةُ ما فوق
الحاجب، وفتح السين لغة في ذلك كله.
أَبو الهيثم: القَسامِيُّ الذي يكون بين شيئين. والقَسامِيّ: الحَسَن،
من القسامة. والقَسامِيُّ: الذي يَطوي الثياب أَول طَيّها حتى تتكسر على
طيه؛ قال رؤبة:
طاوِينَ مَجْدُولَ الخُروقِ الأَحداب،
طَيَّ القَسامِيِّ بُرودَ العَصّاب
ورأَيت في حاشية: القَسَّامُ المِيزان، وقيل: الخَيّاطُ. وفرس قَسامِيٌّ
أَي إِذا قَرَحَ من جانب واحد وهو، من آخرَ، رَباعٍ؛ وأَنشد الجَعْدي
يصف فرساً:
أَشَقَّ قَسامِيّاً رَباعِيَ جانِبٍ،
وقارِحَ جَنْبٍ سُلَّ أَقْرَحَ أَشْقَرا
وفرس قَسامِيٌّ: منسوب إِلى قَسام فرس لبني جَعْدة؛ وفيه يقول الجعدي:
أَغَرّ قَسامِيّ كُمَيْت مُحَجَّل،
خَلا يده اليُمْنى فتَحْجِيلُه خَسا
أَي فَرْدٌ. وقال ابن خالويه: اسم الفرس قَسامة، بالهاء؛ وأَما قول
النابغة يصف ظبية:
تَسَفُّ برِيرَه، وتَرُودُ فيه
إِلي دُبُر النهارِ من القَسامِ
قيل: القَسامة شدّة الحرّ، وقيل: إِن القسام أَول وقت الهاجرة، قال
الأَزهري: ولا أَدري ما صحته، وقيل: القسام وقت ذُرور الشمس، وهي تكون حينئذ
أَحسن ما تكون وأَتمّ ما تكون مَرْآةً، وأَصل القَسام الحُسن؛ قال
الأَزهري: وهذا هو الصواب عندي؛ وقول ذي الرمة:
لا أَحْسَبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدّةً أَبداً،
ولا تُقَسَّم شَعْباً واحِداً شُعَبُ
يقول: إِني ظننت أَن لا تنقسم حالاتٌ كثيرة، يعني حالاتِ شبابه، حالاً
واحداً وأَمراً واحداً، يعني الكِبَر والشيب؛ قال ابن بري: يقول كنت
لغِرّتي أَحسب أَن الإِنسان لا يَهرم، وأَن الثوبَ الجديد لا يَخْلُق، وأَن
الشَّعْب الواحد الممتنع لا يَتفرَّق الشُّعَبَ المتفرِّقةَ فيتفرق بعد
اجتماع ويحصل متفرقاً في تلك الشُّعَبِ
(* قوله: وأن الشعب إلخ؛ هكذا في
الأصل).
والقَسُومِيَّات: مواضع؛ قال زهير:
ضَحَّوْا قَليلاً قَفا كُثْبانِ أَسْنِمةٍ،
ومِنْهُمُ بالقَسُومِيّاتِ مُعْتَرَكُ
(* قوله «ضحوا قليلاً إلخ» أنشده في التكملة ومعجم ياقوت:
وعرسوا ساعة في كثب اسنمة).
وقاسِمٌ وقَسِيمٌ وقُسَيْمٌ وقَسّام ومِقْسَم ومُقَسِّم: أَسماء.
والقَسْم: موضع معروف. والمُقْسِم: أَرض؛ قال الأَخطل:
مُنْقَضِبِين انْقِضابَ الخيل، سَعْيُهُم
بَين الشقيق وعَيْن المُقْسِمِ البَصِر
وأَما قول القُلاخ بن حَزْن السعدي:
القُلاخُ في بُغائي مِقْسَما،
أَقْسَمْتُ لا أَسْأَمُ حتَّى تَسْأَما
فهو اسم غلام له كان قد فرّ منه.
قول: القَوْل: الكلام على الترتيب، وهو عند المحقِّق كل لفظ قال به
اللسان، تامّاً كان أَو ناقصاً، تقول: قال يقول قولاً، والفاعل قائل،
والمفعول مَقُول؛ قال سيبويه: واعلم أَن قلت في كلام العرب إِنما وقعت على أَن
تحكي بها ما كان كلاماً لا قَوْلاً، يعني بالكلام الجُمَل كقولك زيد منطلق
وقام زيد، ويعني بالقَوْل الأَلفاظ المفردة التي يبنى الكلام منها كزيد
من قولك زيد منطلق، وعمرو من قولك قام عمرو، فأَما تَجوُّزهم في تسميتهم
الاعتقادات والآراء قَوْلاً فلأَن الاعتقاد يخفَى فلا يعرف إِلاَّ
بالقول، أَو بما يقوم مقام القَوْل من شاهد الحال، فلما كانت لا تظهر إِلا
بالقَوْل سميت قولاً إِذ كانت سبباً له، وكان القَوْل دليلاً عليها، كما
يسمَّى الشيء باسم غيره إِذا كان ملابساً له وكان القول دليلاً عليه، فإِن
قيل: فكيف عبَّروا عن الاعتقادات والآراء بالقَوْل ولم يعبروا عنها
بالكلام، ولو سَوَّوْا بينهما أَو قلبوا الاستعمال فيهما كان ماذا؟ فالجواب:
أَنهم إِنما فعلوا ذلك من حيث كان القَوْل بالاعتقاد أَشبه من الكلام، وذلك
أن الاعتقاد لا يُفْهَم إِلاَّ بغيره وهو العبارة عنه كما أَن القَوْل قد
لا يتمُّ معناه إِلاَّ بغيره، أَلا ترى أَنك إِذا قلت قام وأَخليته من
ضمير فإِنه لا يتم معناه الذي وضع في الكلام عليه وله؟ لأَنه إِنما وُضِع
على أَن يُفاد معناه مقترِناً بما يسند إِليه من الفاعل، وقام هذه نفسها
قَوْل، وهي ناقصة محتاجة إِلى الفاعل كاحتياج الاعتقاد إِلى العبارة عنه،
فلما اشتبها من هنا عبِّر عن أَحدهما بصاحبه، وليس كذلك الكلام لأَنه
وضع على الاستقلال والاستغناء عما سواه، والقَوْل قد يكون من المفتقِر إِلى
غيره على ما قدَّمْناه، فكان بالاعتقاد المحتاج إِلى البيان أَقرب
وبأَنْ يعبَّر عنه أَليق، فاعلمه. وقد يستعمل القَوْل في غير الإِنسان؛ قال
أَبو النجم:
قالت له الطيرُ: تقدَّم راشدا،
إِنك لا ترجِعُ إِلا جامِدا
وقال آخر:
قالت له العينانِ: سمعاً وطاعةً،
وحدَّرتا كالدُّرِّ لمَّا يُثَقَّب
وقال آخر:
امتلأَ الحوض وقال: قَطْني
وقال الآخر:
بينما نحن مُرْتعُون بفَلْج،
قالت الدُّلَّح الرِّواءُ: إِنِيهِ
إِنِيهِ: صَوْت رَزَمة السحاب وحَنِين الرَّعْد؛ ومثله أَيضاً:
قد قالتِ الأَنْساعُ للبَطْن الحَقِي
وإِذا جاز أَن يسمَّى الرأْي والاعتقاد قَوْلاً، وإِن لم يكن صوتاً، كان
تسميتهم ما هو أَصوات قولاً أَجْدَر بالجواز، أَلا ترى أَن الطير لها
هَدِير، والحوض له غَطِيط، والأَنْساع لها أَطِيط، والسحاب له دَوِيّ؟
فأَما قوله:
قالت له العَيْنان: سَمْعاً وطاعة
فإِنه وإِن لم يكن منهما صوت، فإِن الحال آذَنَتْ بأَن لو كان لهما
جارحة نطق لقالتا سمعاً وطاعة؛ قال ابن جني: وقد حرَّر هذا الموضع وأَوضحه
عنترة بقوله:
لو كان يَدْرِي ما المْحَاورة اشْتَكى،
أَو كان يَدْرِي ما جوابُ تَكَلُّمي
(* وفي رواية أخرى:
ولكان لو علم الكلامَ مُكَلمي)
والجمع أَقْوال، وأَقاوِيل جمع الجمع؛ قال يقول قَوْلاً وقِيلاً
وقَوْلةً ومَقالاً ومَقالةً؛ وأَنشد ابن بري للحطيئة يخاطب عمر، رضي الله
عنه:تحنّنْ علَيَّ، هَداكَ المَلِيك
فإِنَّ لكلِّ مَقام مَقالا
وقيل: القَوْل في الخير والشر، والقال والقِيل في الشرِّ خاصة، ورجل
قائل من قوم قُوَّل وقُيَّل وقالةٍ. حكى ثعلب: إِنهم لَقالةٌ بالحق، وكذلك
قَؤول وقَوُول، والجمع قُوُل وقُوْل؛ الأَخيرة عن سيبويه، وكذلك قَوّال
وقَوّالةٌ من قوم قَوَّالين وقَوَلةٍ وتِقْوَلةٌ وتِقْوالةٌ؛ وحكى سيبويه
مِقْوَل، وكذلك الأُنثى بغير هاء، قال: ولا يجمع بالواو والنون لأَن
مؤَنثه لا تدخله الهاء. ومِقْوال: كمِقْول؛ قال سيبويه: هو على النسَب، كل ذلك
حسَن القَوْل لسِن، وفي الصحاح: كثير القَوْل. الجوهري: رجل قَؤُول وقوم
قُوُل مثل صَبور وصُبُر، وإِن شئت سكنت الواو. قال ابن بري: المعروف عند
أَهل العربية قَؤُول وقُوْل، بإِسكان الواو، تقول: عَوان وعُوْن الأَصل
عُوُن؛ ولا يحرك إِلا في الشعر كقول الشاعر:
تَمْنَحُه سُوُكَ الإِسْحِل
(* قوله «تمنحه إلخ» صدره كما في مادة سوك:
أغر الثنايا أحم اللثاــــــت تمنحه سوك الإِسحل).
قال: وشاهد قوله رجل قَؤُول قول كعب بن سعد الغَنَوي:
وعَوراء قد قِيلَتْ فلم أَلْتَفِتْ لها،
وما الكَلِمُ العُورانُ لي بِقَبيل
وأُعرِضُ عن مولاي، لو شئت سَبَّني،
وما كلّ حين حلمه بأَصِيل
وما أَنا، للشيء الذي ليس نافِعِي
ويَغْضَب منه صاحبي، بِقَؤُول
ولستُ بِلاقي المَرْء أَزْعُم أَنه
خليلٌ، وما قَلْبي له بخَلِيل
وامرأَة قَوَّالة: كثيرة القَوْل، والاسم القالةُ والقالُ والقِيل. ابن
شميل: يقال للرجل إِنه لَمِقْوَل إِذا كان بَيِّناً ظَرِيفَ اللسان.
والتِّقْولةُ، الكثيرُ الكلام البليغ في حاجته. وامرأَة ورجل تِقْوالةٌ:
مِنْطِيقٌ. ويقال: كثُر القالُ والقِيلُ. الجوهري: القُوَّل جمع قائل مثل
راكِع ورُكَّع؛ قال رؤبة:
فاليوم قد نَهْنَهَني تنَهْنُهِي،
أَوَّل حلم ليس بالمُسَفَّهِ،
وقُوَّل إِلاَّ دَهٍ فَلا دَهِ
وهو ابنُ أَقوالٍ وابنُ قَوَّالٍ أَي جيدُ الكلام فصيح. التهذيب: العرب
تقول للرجل إِذا كان ذا لسانٍ طَلِق إِنه لابنُ قَوْلٍ وابن أَقْوالٍ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه نهى عن قِيل وقال وإِضاعةِ المال؛
قال أَبو عبيد في قوله قيل وقال نحوٌ وعربيَّة، وذلك أَنه جعل القال
مصدراً، أَلا تراه يقول عن قِيلٍ وقالٍ كأَنه قال عن قيلٍ وقَوْلٍ؟ يقال على
هذا: قلتُ قَوْلاً وقِيلاً وقالاً، قال: وسمعت الكسائي يقول في قراءة
عبد الله: ذلك عيسى بنُ مريم قالَ الحقِّ الذي فيه يَمْتَرُونَ؛ فهذ من هذا
كأَنه قال: قالَ قَوْلَ الحق؛ وقال الفراء: القالُ في معنى القَوْل مثل
العَيْب والعابِ، قال: والحق في هذا الموضع يراد به الله تعالى ذِكرُه
كأَنه قال قَوْلَ اللهِ. الجوهري: وكذلك القالةُ. يقال: كثرتْ قالةُ الناس،
قال: وأَصْل قُلْتُ قَوَلْتُ، بالفتح، ولا يجوز أَن يكون بالضم لأَنه
يتعدّى. الفراء في قوله، صلى الله عليه وسلم: ونهيِه عن قِيل وقال وكثرة
السؤَال، قال: فكانتا كالاسمين، وهما منصوبتان ولو خُفِضتا على أَنهما
أُخرجتا من نية الفعل إِلى نية الأَسماء كان صواباً كقولهم: أَعْيَيْتني من
شُبٍّ إِلى دُبٍّ؛ قال ابن الأَثير: معنى الحديث أَنه نهَى عن فُضُول ما
يتحدَّث به المُتجالِسون من قولهم قِيلَ كذا وقال كذا، قال: وبناؤهما على
كونهما فعلين ماضيين محكيَّيْن متضمِّنين للضمير، والإِعراب على
إِجرائهما مجرى الأَسماء خِلْوَيْن من الضمير وإِدخال حرف التعريف عليهما لذلك في
قولهم القِيل والقال، وقيل: القالُ الابتداء، والقِيلُ الجواب، قال:
وهذا إِنما يصح إِذا كانت الرواية قِيل وقال على أَنهما فِعْلان، فيكون
النهي عن القَوْل بما لا يصح ولا تُعلم حقيقتُه، وهو كحديثه الآخر: بئس
مَطِيَّةُ الرجل زعموا وأَما مَنْ حكَى ما يصح وتُعْرَف حقيقتُه وأَسنده إِلى
ثِقةٍ صادق فلا وجه للنهي عنه ولا ذَمَّ، وقال أَبو عبيد: إِنه جعل
القال مصدراً كأَنه قال: نهى عن قيلٍ وقوْلٍ، وهذا التأْويل على أَنهما
اسمان، وقيل: أَراد النهي عن كثرة الكلام مُبتدئاً ومُجيباً، وقيل: أَراد به
حكاية أَقوال الناس والبحث عما لا يجدي عليه خيراً ولا يَعْنيه أَمرُه؛
ومنه الحديث: أَلا أُنَبِّئُكم ما العَضْهُ؟ هي النميمةُ القالةُ بين الناس
أَي كثرة القَوْلِ وإِيقاع الخصومة بين الناس بما يحكي البعضُ عن البعض؛
ومنه الحديث: فَفَشَتِ القالةُ بين الناس، قال: ويجوز أَن يريد به
القَوْل والحديثَ. الليث: تقول العرب كثر فيه القالُ والقِيلُ، ويقال إِن
اشتِقاقَهما من كثرة ما يقولون قال وقيل له، ويقال: بل هما اسمان مشتقان من
القَوْل، ويقال: قِيلَ على بناء فِعْل، وقُيِل على بناء فُعِل، كلاهما من
الواو ولكن الكسرة غلبت فقلبت الواو ياء، وكذلك قوله تعالى: وسِيقَ الذين
اتّقَوْا ربَّهم. الفراء: بنو أَسد يقولون قُولَ وقِيلَ بمعنى واحد؛
وأَنشد:
وابتدأَتْ غَضْبى وأُمَّ الرِّحالْ،
وقُولَ لا أَهلَ له ولا مالْ
بمعنى وقِيلَ:
وأَقْوَلَهُ ما لم يَقُلْ وقَوَّلَه ما لم يَقُل، كِلاهما: ادّعى عليه،
وكذلك أَقاله ما لم يقُل؛ عن اللحياني. قَوْل مَقُولٌ ومَقْؤول؛ عن
اللحياني أَيضاً، قال: والإتمام لغة أَبي الجراح. وآكَلْتَني وأَكَّلْتَني ما
لم آكُل أَي ادّعَيْته عَليَّ. قال شمر: تقول قوَّلَني فُلان حتى قلتُ
أَي علمني وأَمرني أَن أَقول، قال: قَوَّلْتَني وأَقْوَلْتَني أَي علَّمتني
ما أَقول وأَنطقتني وحَمَلْتني على القَوْل. وفي حديث سعيد بن المسيب
حين قيل له: ما تقول في عثمان وعلي، رضي الله عنهما؟ فقال: أَقول فيهما ما
قَوَّلَني الله تعالى؛ ثم قرأَ: والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر
لنا ولإِخواننا الذين سبقونا بالإِيمان (الآية). وفي حديث علي، عليه
السلام: سمع امرأَة تندُب عمَر فقال: أَما والله ما قالتْه ولكن قُوِّلتْه
أَي لُقِّنته وعُلِّمته وأُلْقي على لسانها يعني من جانب الإِلْهام أَي
أَنه حقيق بما قالت فيه. وتَقَوَّل قَوْلاً: ابتدَعه كذِباً. وتقوَّل فلان
عليَّ باطلاً أَي قال عَليَّ ما لم أَكن قلتُ وكذب عليَّ؛ ومنه قوله
تعالى: ولو تقوَّل علينا بعضَ الأَقاويل. وكلمة مُقَوَّلة: قِيلتْ مرَّة بعد
مرَّة.
والمِقْوَل: اللسان، ويقال: إِنَّ لي مِقْوَلاً، وما يسُرُّني به
مِقْوَل، وهو لسانه. التهذيب: أَبو الهيثم في قوله تعالى: زعم الذين كفروا أَن
لن يُبْعَثوا، قال: اعلم أَنُ العرب تقول: قال إِنه وزعم أَنه، فكسروا
الأَلف في قال على الابتداء وفتحوها في زعم، لأَن زعم فِعْل واقع بها
متعدٍّ إِليها، تقول زعمت عبدَ الله قائماً، ولا تقول قلت زيداً خارجاً إِلاَّ
أَن تدخل حرفاً من حروف الاستفهام في أَوله فتقول: هل تَقُوله خارجاً،
ومتى تَقُوله فعَل كذا، وكيف تقوله صنع، وعَلامَ تَقُوله فاعلاً، فيصير
عند دخول حروف الاستفهام عليه بمنزلة الظن، وكذلك تقول: متى تَقُولني
خارجاً، وكيف تَقُولك صانعاً؟ وأَنشد:
فمتى تَقُول الدارَ تَجْمَعُنا
قال الكميت:
عَلامَ تَقُول هَمْدانَ احْتَذَتْنا
وكِنْدَة، بالقوارِصِ، مُجْلِبينا؟
والعرب تُجْري تقول وحدها في الاستفهام مجرى تظنُّ في العمل؛ قال هدبة
بن خَشْرم:
متى تَقُول القُلُصَ الرَّواسِما
يُدْنِين أُمَّ قاسِمٍ وقاسِما؟
فنصب القُلُص كما ينصب بالظنِّ ؛ وقال عمرو بن معديكرب:
عَلامَ تَقُول الرُّمْحَ يُثْقِلُ عاتِقي،
إِذا أَنا لم أَطْعُنْ، إِذا الخيلُ كَرَّتِ؟
وقال عمر بن أَبي ربيعة:
أَمَّا الرَّحِيل فدُون بعدَ غدٍ،
فمتى تَقُولُ الدارَ تَجْمَعُنا؟
قال: وبنو سليم يُجْرون متصرِّف قلت في غير الاستفهام أَيضاً مُجْرى
الظنِّ فيُعدُّونه إِلى مفعولين، فعلى مذهبهم يجوز فتح انَّ بعد القَول. وفي
الحديث: أَنه سَمِعَ صوْت رجل يقرأُ بالليل فقال أَتَقُوله مُرائياً أَي
أَتظنُّه؟ وهو مختصٌّ بالاستفهام؛ ومنه الحديث: لمَّا أَراد أَن يعتَكِف
ورأَى الأَخْبية في المسجد فقال: البِرَّ تَقُولون بهنَّ أَي تظنُّون
وتَرَوْن أَنهنَّ أَردْنَ البِرَّ، قال: وفِعْلُ القَوْلِ إِذا كان بمعنى
الكلام لا يعمَل فيما بعده، تقول: قلْت زيد قائم، وأَقول عمرو منطلق، وبعض
العرب يُعملــه فيقول قلْت زيداً قائماً، فإِن جعلتَ القَوْلَ بمعنى الظنّ
أَعملته مع الاستفهام كقولك: متى تَقُول عمراً ذاهباً، وأَتَقُول زيداً
منطلقاً؟
أَبو زيد: يقال ما أَحسن قِيلَك وقَوْلك ومَقالَتك ومَقالَك وقالَك،
خمسة أَوجُه. الليث: يقال انتشَرَت لفلان في الناس قالةٌ حسنة أَو قالةٌ
سيئة، والقالةُ تكون بمعنى قائلةٍ، والقالُ في موضع قائل؛ قال بعضهم لقصيدة:
أَنا قالُها أَي قائلُها. قال: والقالةُ القَوْلُ الفاشي في الناس.
والمِقْوَل: القَيْل بلغة أَهل اليمن؛ قال ابن سيده: المِقْوَل والقَيْل
الملك من مُلوك حِمْير يَقُول ما شاء، وأَصله قَيِّل؛ وقِيلَ: هو دون
الملك الأَعلى، والجمع أَقْوال. قال سيبويه: كسَّروه على أَفْعال تشبيهاً
بفاعل، وهو المِقْوَل والجمع مَقاوِل ومَقاوِلة، دخلت الهاء فيه على حدِّ
دخولها في القَشاعِمة؛ قال لبيد:
لها غَلَلٌ من رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ
بأَيمان عُجْمٍ، يَنْصُفُون المَقاوِلا
والمرأَة قَيْلةٌ. قال الجوهري: أَصل قَيْل قَيِّل، بالتشديد، مثل
سَيِّد من ساد يَسُود كأَنه الذي له قَوْل أَي ينفُذ قولُه، والجمع أَقْوال
وأَقْيال أَيضاً، ومن جمَعه على أَقْيال لم يجعل الواحد منه مشدَّداً؛
التهذيب: وهم الأَقْوال والأَقْيال، الواحد قَيْل، فمن قال أَقْيال بناه على
لفظ قَيْل، ومن قال أَقْوال بناه على الأَصل، وأَصله من ذوات الواو؛ وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه كتب لوائل بن حُجْر ولقومه: من
محمدٍ رسول الله إِلى الأَقْوالِ العَباهِلة، وفي رواية: إِلى الأَقْيال
العَباهِلة؛ قال أَبو عبيدة: الأَقْيال ملوك باليمن دون الملك الأَعظم،
واحدُهم قَيْل يكون ملكاً على قومه ومِخْلافِه ومَحْجَره، وقال غيره: سمي
الملك قَيْلاً لأَنه إِذا قال قولاً نفَذ قولُه؛ وقال الأَعشى فجعلهم
أَقْوالاً:
ثم دانَتْ، بَعْدُ، الرِّبابُ، وكانت
كعَذابٍ عقوبةُ الأَقْوالِ
ابن الأَثير في تفسير الحديث قال: الأَقْوال جمع قَيْل، وهو الملك
النافذ القَوْل والأَمرِ، وأَصله قَيْوِل فَيْعِل من القَوْل، حذفت عينه، قال:
ومثله أَموات في جمع ميْت مخفف ميّت، قال: وأَما أَقْيال فمحمول على لفظ
قَيْل كما قيل أَرْياح في جمع ريح، والشائع المَقِيس أَرْواح. وفي
الحديث: سبحان مَنْ تَعَطَّف العِزَّ وقال بِه: تعطَّف العِزَّ أَي اشتمل
بالعِزِّ فغلب بالعز كلَّ عزيز، وأَصله من القَيْل ينفُذ قولُه فيما يريد؛
قال ابن الأَثير: معنى وقال به أَي أَحبَّه واختصَّه لنفسه، كما يُقال:
فلان يَقُول بفلان أَي بمحبَّته واختصاصِه، وقيل: معناه حَكَم به، فإِن
القَوْل يستعمل في معنى الحُكْم. وفي الحديث: قولوا بقَوْلكم أَو بعض
قَوْلِكم ولا يَسْتَجْرِيَنَّكم الشيطان أَي قُولوا بقَوْل أَهل دِينكم
ومِلَّتكم، يعني ادعوني رسولاً ونبيّاً كما سمَّاني الله، ولا تسموني سيِّداً كما
تسمُّون رؤساءكم، لأَنهم كانوا يحسَبون أَن السيادة بالنبوة كالسيادة
بأَسباب الدنيا، وقوله بعض قولِكم يعني الاقتصادَ في المقال وتركَ الإِسراف
فيه، قال: وذلك أَنهم كانوا مدحوه فكره لهم المبالغة في المدح فنهاهم
عنه، يريد تكلَّموا بما يحضُركم من القَوْلِ ولا تتكلَّفوه كأَنكم وُكلاءُ
الشيطان ورُسُلُه تنطِقون عن لسانه. واقْتال قَوْلاً: اجْتَرَّه إِلى
نفسِه من خير أَو شر. واقْتالَ عليهم: احْتَكَم؛ وأَنشد ابن بري للغَطَمَّش
من بني شَقِرة:
فبالخَيْر لا بالشرِّ فارْجُ مَوَدَّتي،
وإِنِّي امرُؤٌ يَقْتالُ مني التَّرَهُّبُ
قال أَبو عبيد: سمعت الهيثم بن عدي يقول: سمعت عبد العزيز بن عمر بن عبد
العزيز يقول في رُقْية النَّمْلة: العَرُوس تَحْتَفِل، وتَقْتالُ
وتَكْتَحِل، وكلَّ شيء تَفْتَعِلْ، غير أَن لا تَعْصِي الرجل؛ قال: تَقْتال
تَحْتَكِم على زوجها. الجوهري: اقْتال عليه أَي تحكَّم؛ وقال كعب بن سعد
الغَنَويّ:
ومنزلَةٍ في دار صِدْق وغِبْطةٍ،
وما اقْتال من حُكْمٍ عَليَّ طَبيبُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده بالرفع ومنزلةٌ لأَن قبله:
وخَبَّرْ تُماني أَنَّما الموتُ في القُرَى،
فكيف وهاتا هَضْبَةٌ وكَثِيبُ
وماءُ سماء كان غير مَحَمَّة
بِبَرِّيَّةٍ، تَجْري عليه جَنُوبُ
وأَنشد ابن بري للأَعشى:
ولمِثْلِ الذي جَمَعْتَ لِرَيْبِ الد
هر تَأْبى حكومة المُقْتالِ
وقاوَلْته في أَمره وتَقاوَلْنا أَي تَفاوَضْنا؛ وقول لبيد:
وإِنَّ الله نافِلةٌ تقاه،
ولا يَقْتالُها إِلا السَّعِيدُ
أَي ولا يقولها؛ قال ابن بري: صوابه فإِنَّ الله، بالفاء؛ وقبله:
حَمِدْتُ اللهَ واللهُ الحميدُ
والقالُ: القُلَةُ، مقلوب مغيَّر، وهو العُود الصغير، وجمعه قِيلان؛
قال:وأَنا في ضُرَّاب قِيلانِ القُلَهْ
الجوهري: القالُ الخشبة التي يضرَب بها القُلَة؛ وأَنشد:
كأَنَّ نَزْوَ فِراخِ الهامِ، بينَهُم،
نَزْوُ القُلاة، قلاها قالُ قالِينا
قال ابن بري: هذا البيت يروى لابن مقبل، قال: ولم أَجده في شعره.
ابن بري: يقال اقْتالَ بالبعير بعيراً وبالثوب ثوباً أَي استبدله به،
ويقال: اقْتال باللَّوْن لَوْناً آخر إِذا تغير من سفرٍ أَو كِبَر؛ قال
الراجز:
فاقْتَلْتُ بالجِدّة لَوْناً أَطْحَلا،
وكان هُدَّابُ الشَّباب أَجْملا
ابن الأَعرابي: العرب تقول قالوا بزيدٍ أَي قَتَلُوه، وقُلْنا به أَي
قَتَلْناه؛ وأَنشد:
نحن ضربناه على نِطَابه،
قُلْنا به قُلْنا به قُلْنا به
أَي قَتَلْناه، والنَّطابُ: حَبْل العاتِقِ. وقوله في الحديث: فقال
بالماء على يَده؛ وفي الحديث الآخر: فقال بِثَوبه هكذا، قال ابن الأَثير:
العرب تجعل القول عبارةً عن جميع الأَفعال وتطلِقه على غير الكلام واللسان
فتقول قال بِيَده أَي أَخذ، وقال برِجْله أَي مشى؛ وقد تقدَّم قول
الشاعر:وقالت له العَيْنانِ: سمعاً وطاعة
أَي أَوْمَأَتْ، وقال بالماء على يدِه أَي قَلب، وقال بثوب أَي رفَعَه،
وكل ذلك على المجاز والاتساع كما روي في حديث السَّهْوِ قال: ما يَقُولُ
ذو اليدين؟ قالوا: صدَق، روي أَنهم أَوْمَؤُوا برؤوسِهم أَي نعم ولم
يتكلَّموا؛ قال: ويقال قال بمعنى أَقْبَلَ، وبمعنى مال واستراحَ وضرَب وغلَب
وغير ذلك.
وفي حديث جريج: فأَسْرَعَت القَوْلِيَّةُ إِلى صَوْمَعَتِه؛ همُ
الغَوْغاءُ وقَتَلَةُ الأَنبياء واليهودُ، وتُسمَّى الغَوْغاءُ
قَوْلِيَّةً.
خزن: خَزَنَ الشَّيءَ يَخْزُنه خَزْناً واخْتَزَنه: أَحْرَزه وجعله في
خِزانة واختزنه لنفسه. والخِزانةُ: اسم الموضع الذي يُخْزَن فيه الشيء.
وفي التنزيل العزيز: وإنْ من شيء إلا عندنا خَزائنُه. والخِزانةُ: عَملُ
الخازِن. والمَخْزَن، بفتح الزاي: ما يُخْزَن فيه الشيء. والخِزانةُ: واحدة
الخَزائن. وفي التنزيل العزيز: ولا أَقول لكم عندي خَزائن الله؛ قال ابن
الأَنباري: معناه غُيوب علم الله التي لا يعلمها إلا الله، وقيل للغُيوب
خَزائنُ لغموضها على الناس واستتارها عنهم. وخَزَن المالَ إذا غيَّبه.
وقال سفيان بن عيينة: إنما آياتُ القرآن خزائن، فإِذا دخلتَ خزانةً فاجتهد
أَن لا تخرج منها حتى تعرف ما فيها، قال: شبَّه الآية من القرآن بالوعاء
الذي يجمع فيه المال المخزون، وسمي الوعاء خزانة لأَنه من سبب المخزون
فيه. وخِزانة الإنسان: قلبه. وخازِنه وخَزّانه: لسانه، كلاهما على المثل.
وقال لقمان لابنه: إذا كان خازِنك حفيظاً وخِزانتك أَمينةً رَشدْتَ في
أَمرَيْكَ دنياك وآخرتك، يعني اللسان والقلب؛ وقال:
إذا المَرْءُ لم يَخْزُنْ عليه لسانُه،
فليس على شيءٍ سِواه بخازِنِ.
وخَزَنتُ السِّرَّ واختزَنْتُه: كتَمْتُه. وخَزِنَ اللحمُ، بالكسر،
يَخْزَنُ وخَزَنَ يَخْزُن خَزْناً وخُزوناً وخَزُنَ، فهو خَزينٌ: تغير وأَنتن
مثل خَنِزَ مقلوب منه؛ قالَ طرفة:
ثُمَّ لا يَحْزَنُ فينا لَحْمُها،
إنما يَخْزَنُ لحمُ المُدَّخِر.
وعمَّ بعضهم به تغير الطعام كله. وقال أَبو حنيفة: الخَزَّانُ الرُّطَب
تسْوَدُّ أَجوافه من آفة تصيبه، اسم كالجَبّان والقَذّاف، واحدته
خَزّانة. واختَزَنتُ الطريقَ واخْتَصرْتُه، وأَخذنا مخازِنَ الطريق ومَخاصِرَها
أَي أَخذنا أَقرَبها.
سلط: السَّلاطةُ: القَهْرُ، وقد سَلَّطَه اللّهُ فتَسَلَّطَ عليهم،
والاسم سُلْطة، بالضم.
والسَّلْطُ والسَّلِيطُ: الطويلُ اللسانِ، والأُنثى سَلِيطةٌ وسَلَطانةٌ
وِسِلِطانةٌ، وقد سَلُطَ سَلاطةً وسُلوطةً، ولسان سَلْطٌ وسَلِيطٌ كذلك.
ورجل سَلِيطٌ أَي فصيح حَدِيدُ اللسان بَيّنُ السَّلاطةِ والسُّلوطةِ.
يقال: هو أَسْلَطُهم لِساناً، وامرأَة سَليطة أَي صَخّابة. التهذيب: وإِذا
قالوا امرأَة سَلِيطةُ اللسانِ فله معنيان: أَحدهما أَنها حديدة اللسان،
والثاني أَنها طويلة اللسان. الليث: السَّلاطةُ مصدر السَّلِيط من
الرجال والسلِيطةِ من النساء، والفعل سَلُطَتْ، وذلك إِذا طال لسانُها واشتدَّ
صَخَبُها.
ابن الأَعرابي: السُّلُطُ القَوائمُ الطِّوالُ، والسَّلِيطُ عند عامّة
العرب الزيْتُ، وعند أَهل اليمن دُهْنُ السِّمْسِم؛ قال امرؤ القيس:
أَمالَ السَّلِيطَ بالذُّبال المُفَتَّلِ
وقيل: هو كلُّ دُهْنٍ عُصِر من حَبٍّ؛ قال ابن بري: دُهن السمسم هو
الشَّيْرَجُ والحَلُّ؛ ويُقَوّي أَنَّ السَّلِيط الزيتُ قولُ الجعدِيّ:
يُضِيءُ كَمِثْلِ سِراجِ السَّلِيـ
ـطِ، لم يَجْعَلِ اللّهُ فيه نُحاسا
قوله لم يجعل اللّه فيه نُحاساً أَي دُخاناً دليل على أَنه الزيت لأَن
السليط له دُخان صالِحٌ، ولهذا لا يُوقد في المساجد والكنائِس إِلا
الزيتُ؛ وقال الفرزدق:
ولكِنْ دِيافِيُّ أَبُوه وأُمُّه،
بِحَوْرانَ يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ أَقارِبُهْ
وحَوْرانُ: من الشام والشأْم لا يُعْصَرُ فيها إِلا الزيتُ. وفي حديث
ابن عباس: رأَيت عليّاً وكأَنَّ عَيَنَيْه سِراجا سَلِيطٍ؛ هو دُهْن
الزيتِ.والسُّلْطانُ: الحُجَّةُ والبُرْهان، ولا يجمع لأَن مجراه مَجْرى
المصدرِ، قال محمد بن يزيد: هو من السلِيط. وقال الزجّاج في قوله تعالى: ولقد
أَرْسَلْنا موسى بآياتِنا وسُلطانٍ مُبين، أَي وحُجَّةٍ بَيِّنةٍ.
والسُّلطان إِنما سمي سُلْطاناً لأَنه حجةُ اللّهِ في أَرضه، قال: واشتاق
السلطان من السَّليط، قال: والسليطُ ما يُضاء به، ومن هذا قيل للزيت: سليط،
قال: وقوله جلّ وعزّ: فانْفُذوا إِلا بسلطان، أَي حيثما كنتم شاهَدْتم
حُجَّةً للّه تعالى وسُلطاناً يدل على أَنه واحد. وقال ابن عباس في قوله
تعالى: قَوارِيرَ قواريرَ من فضّة، قال: في بياض الفضة وصَفاء القوارير، قال:
وكل سلطان في القرآن حجة. وقوله تعالى: هلَك عنِّي سُلْطانِيَهْ، معناه
ذهب عني حجتُه. والسلطانُ: الحجة ولذلك قيل للأُمراء سَلاطين لأَنهم الذين
تقام بهم الحجة والحُقوق. وقوله تعالى: وما كان له عليهم من سُلْطان،
أَي ما كان له عليهم من حجة كما قال: إِنَّ عبادي ليس لك عليهم سُلْطانٌ؛
قال الفراء: وما كان له عليهم من سلطان أَي ما كان له عليهم من حجة
يُضِلُّهم بها إِلاَّ أَنَّا سَلَّطْناه عليهم لنعلم مَن يُؤمن بالآخرة.
والسُّلْطانُ: الوالي، وهو فُعْلان، يذكر ويؤنث، والجمع السَّلاطِينُ.
والسُّلْطان والسُّلُطانُ: قُدْرةُ الملِك، يذكر ويؤنث. وقال ابن السكيت: السلطان
مؤنثة، يقال: قَضَتْ به عليه السُّلْطانُ، وقد آمَنَتْه السُّلْطان. قال
الأَزهري: وربما ذُكِّر السلطان لأَن لفظه مذكر، قال اللّه تعالى:
بسُلْطان مُبين. وقال الليث: السُّلْطانُ قُدْرةُ المَلِك وقُدرةُ مَن جُعل
ذلك له وإِن لم يكن مَلِكاً، كقولك قد جعلت له سُلطاناً على أَخذ حقِّي من
فلان، والنون في السلطان زائدة لأَن أَصل بنائه السلِيطُ. وقال أَبو بكر:
في السلطان قولان: أَحدهما أَن يكون سمي سلطاناً لتَسْلِيطِه، والآخر
أَن يكون سمي سلطاناً لأَنه حجة من حُجَج اللّه. قال الفراء: السلطان عند
العرب الحجة، ويذكر ويؤنث، فمن ذكر السلطان ذهب به إِلى معنى الرجل، ومن
أَنثه ذهب به إِلى معنى الحجة. وقال محمد بن يزيد: من ذكر السلطان ذهب به
إِلى معنى الواحد، ومن أَنثه ذهب به إِلى معنى الجمع، قال: وهو جمع واحده
سَلِيطٌ، فسَلِيطٌ وسُلْطان مثل قَفِيزٍ وقُفْزانٍ وبَعير وبُعران، قال:
ولم يقل هذا غيره. والتسْلِيطُ: إِطلاق السُّلْطانِ وقد سلَّطه اللّه
وعليه. وفي التنزيل العزيز: ولو شاء اللّهُ لسلَّطَهم عليكم. وسُلْطانُ
الدَّم: تبيُّغُه. وسُلْطانُ كل شيء: شِدَّتُه وحِدَّتُه وسَطْوَتُه، قيل من
اللسانِ السَّليطِ الحدِيدِ.
قال الأَزهري: السَّلاطة بمعنى الحِدَّةِ، قد جاء؛ قال الشاعر يصف
نُصُلاً محدَّدة:
سِلاطٌ حِدادٌ أَرْهَفَتْها المَواقِعُ
وحافر سَلْطٌ وسَلِيطٌ: شديد. وإِذا كان الدابةُ وَقاحَ الحافر،
والبعيرُ وَقاحَ الخُفِّ، قيل: إنه لَسلْط الحافر،وقد سَلِطَ يَسْلَطُ سَلاطةً
كما يقال لسان سَلِيطٌ وسَلْطٌ، وبعير سَلْطُ الخفّ كما يقال دابة سَلْطةُ
الحافر، والفعلُ من كل ذلك سَلُطَ سَلاطةً؛ قال أُميَّة بن أَبي الصلْت:
إِنَّ الأَنامَ رَعايا اللّهِ كلُّهُمُ،
هو السَّلِيطَطُ فوقَ الأَرضِ مُسْتَطِرُ
قال ابن جني: هو القاهر من السَّلاطة، قال: ويروى السَّلِيطَطُ وكلاهما
شاذٌّ. التهذيب: سَلِيطَطٌ جاء في شعر أُمية بمعنى المُسَلَّطِ، قال: ولا
أَدري ما حقيقته.
والسِّلْطةُ: السهْمُ الطويلُ، والجمع سِلاطٌ؛ قال المتنخل الهذلي:
كأَوْبِ الدَّبْرِ غامِضةً، وليْسَتْ
بمُرْهَفةِ النِّصالِ، ولا سِلاطِ
قوله كأَوْب الدبر يعني النصالَ، ومعنى غامضة أَي أُلْطِفَ حَدُّها حتى
غمَضَ أَي ليست بمرْهَفات الخِلقة بل هي مُرهفات الحدِّ.
والمَسالِيطُ: أَسنان المفاتيح، الواحدة مِسْلاطٌ.
وسَنابِكُ سَلِطاتٌ أَي حِدادٌ؛ قال الأَعشى:
هو الواهِبُ المائةِ المُصْطَفا
ةِ، كالنَّخل طافَ بها المُجْتَزِمْ
وكلِّ كُمَيْتٍ، كجِذْعِ الطَّرِيـ
ـقِ، يَجْرِي على سَلِطاتٍ لُثُمْ
المُجْتَزِمُ: الخارِصُ، ورواه أَبو عمرو المُجْترِم، بالراء، أَي
الصارِمُ.
فرك: الفَرْك: دَلْكُ الشيء حتى ينقلع قِشْرُه عن لبِّه كالجَوْز،
فَرَكه يَفْرُكه فَرْكاً فانْفَرَك. والفَرِكُ: المُتَفَرِّك قشره.
واسْتَفْرَك الحبُّ في السُّنْبُلة: سَمِنَ واشتدّ. وبُرٌّ فرِيكٌ: وهو الذي فُرِكَ
ونُقِّي. وأَفْرَك الحبُّ: حان له أَن يُفْرك. والفَرِيك: طعام يُفْرك
ثم يُلَتّ بسمن أَو غيره، وفَرَكْتُ الثوب والسنبل بيدي فَرْكاً.
وأَفْرَكَ السنبلُ أَي صار فَرِيكاً، وهو حين يَصْلُح أَن يُفْرَك فيؤكل، ويقال
للنبت أَوَّلَ ما يَطْلُع: نجَمَ ثم فَرَّخَ وقَصَّبَ ثم أَعْصَفَ ثم
أَسْبَلَ ثم سَنْبَل ثم أَحَبَّ وأَلَبَّ ثم أسْفى ثم أَفْرَكَ ثم أَحْصَدَ.
وفي الحديث: نهى عن بيع الحَب حتى يُفْرِكَ أَي يَشْتَدَّ وينتهي. يقال:
أَفْرَكَ الزرعُ إذا بلغ أَن يُفْرَك باليد، وفَرَكْته وهو مفروك
وفَرِيك، ومن رواه بفتح الراء فمعناه حتى يخرج من قشره. وثوب مَفْرُوك بالزعفران
وغيره: صبغ به صبغاً شديداً. والفَرَكُ، بالتحريك: استرخاء أَصل الأُذن.
يقال: أُذن فَرْكاء وفَرِكَةٌ، وقيل: الفَرْكاء التي فيها رَخاوة وهي
أَشدّ أَصلاً من الخَذْواء، وقد فَرِكَتْ فيهما فَرَكاً. والإنْفِراكُ:
استرخاء المَنْكِب. وانْفَرَك المَنْكِبُ: زالت وابِلَتُه من العَضدُ عن
صَدَفة الكتف، فإن كان ذلك في وابلة الفخذ والورك قيل حُرق. الليث: إذا زالت
الوابلة من العضد عن صدفة الكتف فاسترخى المنكب قيل: قد انْفرك منكبه
وانْفَركت وابلتُه، وإن كان ذلك في وابلة الفخذ والورك لا يقال انْفرك،
ولكن يقال حُرِقَ فهو مَحْرُوق. النضر: بعير مَفْرُوك وهو الأَفَكُّ الذي
ينخرم منكبه، وتَنْفَكُّ العصبةُ التي في جوف الأخْرَم. وتَفَرَّك المخنثُ
في كلامه ومِشْيَته: تَكَسَّرَ. والفِرْكُ، بالكسر: البغْضَةُ عامّة،
وقيل: الفِرْك بغْضَةُ الرجل لامرأَته أَو بغْضة امرأة له، وهو أَشهر؛ وقد
فَرِكَتْه تَفْرَكُه فِرْكاً وفَرْكاً وفُروكاً: أَبغضته. وحكى اللحياني:
فَرَكَتْه تَفْرُكه فُروكاً وليس بمعروف، ويقال للرجل أَيضاً: فَرِكَها
فَرْكاً وفِرْكاً أَي أَبغضها؛ قال رؤبة:
فَعفَّ عن اسْرارِها بعد الغَسَقْ،
ولم يُضِعْها بين فِرْكٍ وعَشَقْ
وامرأة فاركٌ وفَرُوكٌ؛ قال القطامِيّ:
لها رَوْضَةٌ في القَلْبِ لم يَرْعَ مِثْلَها
فَرُوكٌ، ولا المُسْتَعْبِرات الصَّلائِفُ
وجمعها فَوارِكُ. ورجل مُفَرَّك: لا يَحْظى عند النساء، وفي التهذيب:
تُبْغِضهُ النساء، وكان امرؤ القيس مُفَرَّكاً. وامرأَة مُفَرَّكة: لا تحظى
عند الرجال؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
مُفَرَّكَة أَزْرى بها عند زَوْجِها،
ولو لَوَّطَتْه هَيَّبانٌ مُخالِفُ
أَي مخالف عن الجَوْدة، يقول: لو لَطَّخته بالطيب ما كانت إلا مُفَرَّكة
لسُوءِ مَخْبُرَتِها، كأَنه يقول: أَزرى بها عند زوجها مَنْظَرٌ
هَيَّبانٌ يَهابُ ويَفْزَع من دنا منه أَي أَن مَنْظَر هذه المرأة شيءٌ يُتحامى
فهو يُفْزِع، ويروى عند أَهلها، وقيل: إنما الهَيَّبانُ المخالفُ هنا
ابنُه منها إذا نظر إلى ولده منها أَبغضها ولو لطخته بالطيب. وفي حديث ابن
مسعود: أَن رجلاً أَتاه فقاله له: إني تزوَّجت امرأة شابة أَخاف أَن
تَفْرُكَني فقال عبد الله: إن الحُب من الله والفَرْك من الشيطان، فإذا دخلت
عليك فصلّ ركعتين ثم ادْعُ بكذا وكذا؛ قال أَبو عبيد: الفَرْك والفِرْك
أَن تُبْغضَ المرأَة زوجها، قال: وهذا حرف مخصوص به المرأَة والزوجُ، قال:
ولم أَسمع هذا الحرف في غير الزوجين. وفي الحديث: لا يَفْرُك مؤمنٌ
مؤمنةً أَي لا يُبْغِضها كأَنه حث على حسن العشرة والصحبة؛ وقال ذو الرمة يصف
إبلاً:
إذا الليلُ عن نَشْزٍ تَجَلَّى، رَمَيْنَهُ
بأَمْثالِ أَبْصارِ النِّساء الفَوارِكِ
يصف إبلاً شبهها بالنساء الفوارك، لأَنهن يَطْمَحْن إلى الرجال ولسن
بقاصرات الطرف على الأزواج، يقول: فهذه الإبل تُصْبِح وقد سَرَتْ ليلها كله
فكلما أَشرف لهن نَشَزٌ رمينه بأَبصارهن من النَّشاط والقوَّة على السير.
ابن الأَعرابي: أَولادُ الفِرْك فيهم نجابة لأنهم أَشبه بآبائهم، وذلك
إذا واقع امرأَته وهي فاركٌ لم يشبهها ولده منها، وإذا أَبغض الزوج
المرأَة قيل: أَصْلَفَها، وصَلِفَتْ عنده. قال أَبو عبيدة: خرج أَعرابي وكانت
امرأَته تَفْرُكُه وكان يُصْلِفُها، فأَتْبَعَتْه نواةً وقالت: شَطَّتْ
نواك، ثم أَتبعته رَوْثَةً وقالت: رَثَيْتُك وراثَ خَبَرُك، ثم أَتبعتَه
حَصاةً وقالت: حاصَ رِزْقُك وحُصَّ أَثَرُك؛ وأَنشد:
وقد أُخْبِرْتُ أَنكِ تَفْرُكيني،
وأُصْلِفُكِ الغَداةَ فلا أُبالي
وفارَك الرجلُ صاحِبَهُ مفاركة وتارَكة مُتاركَةً بمعنى واحد. الفراء:
المُفَرَّكُ المتروك المُبْغَضُ. يقال: فارَك فلانٌ فلاناً تاركه. وفَرَك
بلدَه ووطَنَه؛ قال أَبو الرُّبَيْسِ التغلبي:
مُراجِع نَجْدٍ بعد فِرْكٍوبِغْضَةٍ
مُطَلِّق بُصْرى أَصْمَع القَلْبِ جافِله
والفِرِكَّانُ: البِغْضَةُ؛ عن السيرافي. وفُرُكَّان: أَرض، زعموا. ابن
بري: وفِرِكَّان اسم أَرض، وكذلك فِرِكٌ؛ قال:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَدْنى ذي فِرِكْ
نعم: النَّعِيمُ والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة، كله: الخَفْض
والدَّعةُ والمالُ، وهو ضد البَأْساء والبُؤْسى. وقوله عز وجل: ومَنْ
يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما جاءته؛ يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله
الدالَّةَ على أَمر النبي، صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: ثم
لَتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم؛ أي تُسْأَلون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في
الدنيا، وجمعُ النِّعْمةِ نِعَمٌ وأََنْعُمٌ كشِدَّةٍ وأَشُدٍّ؛ حكاه
سيبويه؛ وقال النابغة:
فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إلا بصالحٍ،
فإنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما
والنُّعْم، بالضم: خلافُ البُؤْس. يقال: يومٌ نُعْمٌ ويومٌ بؤُْْسٌ،
والجمع أَنْعُمٌ وأَبْؤُسٌ. ونَعُم الشيءُ نُعومةً أي صار ناعِما لَيِّناً،
وكذلك نَعِمَ يَنْعَم مثل حَذِرَ يَحْذَر، وفيه لغة ثالثة مركبة بينهما:
نَعِمَ يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ، ولغة رابعة: نَعِمَ يَنْعِم،
بالكسر فيهما، وهو شاذ. والتنَعُّم: الترفُّه، والاسم النِّعْمة. ونَعِمَ
الرجل يَنْعَم نَعْمةً، فهو نَعِمٌ بيّن المَنْعَم، ويجوز تَنَعَّم، فهو
ناعِمٌ، ونَعِمَ يَنْعُم؛ قال ابن جني: نَعِمَ في الأصل ماضي يَنْعَمُ،
ويَنْعُم في الأصل مضارعُ نَعُم، ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من يقول نَعِمَ
لغة من يقول يَنْعُم، فحدث هنالك لغةٌ ثالثة، فإن قلت: فكان يجب، على هذا،
أَن يستضيف من يقول نَعُم مضارعَ من يقول نَعِم فيتركب من هذا لغةٌ ثالثة
وهي نَعُم يَنْعَم، قيل: منع من هذا أَن فَعُل لا يختلف مضارعُه أَبداً،
وليس كذلك نَعِمَ، فإن نَعِمَ قد يأَْتي فيه يَنْعِمُ ويَنعَم، فاحتمل
خِلاف مضارعِه، وفَعُل لا يحتمل مضارعُه الخلافَ، فإن قلت: فما بالهُم
كسروا عينَ يَنْعِم وليس في ماضيه إلا نَعِمَ ونَعُم وكلُّ واحدٍ مِنْ فَعِل
وفَعُل ليس له حَظٌّ في باب يَفْعِل؟ قيل: هذا طريقُه غير طريق ما قبله،
فإما أن يكون يَنْعِم، بكسر العين، جاء على ماضٍ وزنه فعَل غير أَنهم لم
يَنْطِقوا به استغناءٍ عنه بنَعِم ونَعُم، كما اسْتَغْنَوْا بتَرَك عن
وَذَرَ ووَدَعَ، وكما استغنَوْا بمَلامِحَ عن تكسير لَمْحةٍ، أَو يكون
فَعِل في هذا داخلاً على فَعُل، أَعني أَن تُكسَر عينُ مضارع نَعُم كما
ضُمَّت عينُ مضارع فَعِل، وكذلك تَنَعَّم وتَناعَم وناعَم ونَعَّمه وناعَمَه.
ونَعَّمَ أَولادَه: رَفَّهَهم. والنَّعْمةُ، بالفتح: التَّنْعِيمُ.
يقال: نَعَّمَه الله وناعَمه فتَنَعَّم. وفي الحديث: كيف أَنْعَمُ وصاحبُ
القَرْنِ قد الْتَقَمه؟ أي كيف أَتَنَعَّم، من النَّعْمة، بالفتح، وهي
المسرّة والفرح والترفُّه. وفي حديث أَبي مريم: دخلتُ على معاوية فقال: ما
أَنْعَمَنا بك؟ أَي ما الذي أَعْمَلَكَ إلينا وأَقْدَمَك علينا، وإنما يقال
ذلك لمن يُفرَح بلقائه، كأنه قال: ما الذي أَسرّنا وأَفرَحَنا وأَقَرَّ
أَعيُنَنا بلقائك ورؤيتك.
والناعِمةُ والمُناعِمةُ والمُنَعَّمةُ: الحَسنةُ العيشِ والغِذاءِ
المُتْرَفةُ؛ ومنه الحديث: إنها لَطَيْرٌ ناعِمةٌ أي سِمانٌ مُتْرَفةٌ؛ قال
وقوله:
ما أَنْعَمَ العَيْشَ، لو أَنَّ الفَتى حَجَرٌ،
تنْبُو الحوادِثُ عنه، وهو مَلْمومُ
إنما هو على النسب لأَنا لم نسمعهم قالوا نَعِم العيشُ، ونظيره ما حكاه
سيبويه من قولهم: هو أَحْنكُ الشاتين وأَحْنَكُ البَعيرين في أَنه استعمل
منه فعل التعجب، وإن لم يك منه فِعْلٌ، فتَفهَّمْ.
ورجل مِنْعامٌ أي مِفْضالٌ. ونَبْتٌ ناعِمٌ ومُناعِمٌ ومُتناعِمٌ سواء؛
قال الأَعشى:
وتَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا، كأَنه
ذرى أُقْحُوانٍ، نَبْتُه مُتناعِمُ
والتَّنْعيمةُ: شجرةٌ ناعمةُ الورَق ورقُها كوَرَق السِّلْق، ولا تنبت
إلى على ماء، ولا ثمرَ لها وهي خضراء غليظةُ الساقِ. وثوبٌ ناعِمٌ:
ليِّنٌ؛ ومنه قول بعض الوُصَّاف: وعليهم الثيابُ الناعمةُ؛ وقال:
ونَحْمي بها حَوْماً رُكاماً ونِسْوَةً،
عليهنَّ قَزٌّ ناعِمٌ وحَريرُ
وكلامٌ مُنَعَّمٌ كذلك.
والنِّعْمةُ: اليدُ البَيْضاء الصاحلة والصَّنيعةُ والمِنَّة وما
أُنْعِم به عليك. ونِعْمةُ الله، بكسر النون: مَنُّه وما أَعطاه الله العبدَ
مما لا يُمْكن غيره أَن يُعْطيَه إياه كالسَّمْع والبصَر، والجمعُ منهما
نِعَمٌ وأَنْعُمٌ؛ قال ابن جني: جاء ذلك على حذف التاء فصار كقولهم ذِئْبٌ
وأَذْؤب ونِطْع وأَنْطُع، ومثله كثير، ونِعِماتٌ ونِعَماتٌ، الإتباعُ
لأَهل الحجاز، وحكاه اللحياني قال: وقرأَ بعضهم: أَن الفُلْكَ تجرِي في
البَحْرِ بنِعَمات الله، بفتح العين وكسرِها، قال: ويجوز بِنِعْمات الله،
بإسكان العين، فأَما الكسرُ
(* قوله «فأما الكسر إلخ» عبارة التهذيب: فأما
الكسر فعلى من جمع كسرة كسرات، ومن أسكن فهو أجود الأوجه على من جمع
الكسرة كسات ومن قرأ إلخ) فعلى مَنْ جمعَ كِسْرَةً كِسِرات، ومَنْ قرأَ
بِنِعَمات فإن الفتح أخفُّ الحركات، وهو أَكثر في الكلام من نِعِمات الله،
بالكسر. وقوله عز وجل: وأَسْبَغَ عليكم نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً
(* قوله وقوله
عز وجل وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة إلى قوله وقرأ بعضهم» هكذا في
الأصل بتوسيط عبارة الجوهري بينهما). قال الجوهري: والنُّعْمى كالنِّعْمة،
فإن فتحتَ النون مددتَ فقلت النَّعْماء، والنَّعيمُ مثلُه. وفلانٌ واسعُ
النِّعْمةِ أي واسعُ المالِ. وقرأَ بعضهم: وأَسْبَغَ عليكم نِعْمَةً، فمن
قرأَ نِعَمَه أَراد جميعَ ما أَنعم به عليهم؛ قال الفراء: قرأَها ابن
عباس
(* قوله «قرأها ابن عباس إلخ» كذا بالأصل) نِعَمَه، وهو وَجْهٌ جيِّد
لأَنه قد قال شاكراً لأَنعُمِه، فهذا جمع النِّعْم وهو دليل على أَن
نِعَمَه جائز، ومَنْ قرأَ نِعْمةً أَراد ما أُعطوه من توحيده؛ هذا قول الزجاج،
وأَنْعَمها اللهُ عليه وأَنْعَم بها عليه؛ قال ابن عباس: النِّعمةُ
الظاهرةُ الإسلامُ، والباطنةُ سَتْرُ الذنوب. وقوله تعالى: وإذْ تقولُ للذي
أَنْعَم اللهُ عليه وأَنْعَمْت عليه أَمْسِكْ عليكَ زوْجَك؛ قال الزجاج:
معنى إنْعامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإسلام، ومعنى إنْعام النبي، صلى
الله عليه وسلم، عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ. وقوله تعالى: وأَمّا
بِنِعْمةِ ربِّك فحدِّثْ؛ فسره ثعلب فقال: اذْكُر الإسلامَ واذكر ما أَبْلاكَ
به ربُّك. وقوله تعالى: ما أَنتَ بِنِعْمةِ ربِّك بمَجْنونٍ؛ يقول: ما
أَنت بإنْعامِ الله عليك وحَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون. وقوله
تعالى: يَعْرِفون نِعمةَ الله ثم يُنْكِرونها؛ قال الزجاج: معناه يعرفون أَن
أمرَ النبي، صلى الله عليه وسلم، حقٌّ ثم يُنْكِرون ذلك. والنِّعمةُ،
بالكسر: اسمٌ من أَنْعَم اللهُ عليه يُنْعِمُ إنعاماً ونِعْمةً، أُقيم الاسمُ
مُقامَ الإنْعام، كقولك: أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً ونَفَقَةً بمعنى
واحد. وأَنْعَم: أَفْضل وزاد. وفي الحديث: إن أَهلَ الجنة ليَتراءوْنَ أَهلَ
عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء، وإنَّ
أبا بكر وعُمَر منهم وأَنْعَما أي زادا وفَضَلا، رضي الله عنهما. ويقال: قد
أَحْسَنْتَ إليَّ وأَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإحسانَ، وقيل: معناه صارا
إلى النعيم ودخَلا فيه كما يقال أَشْمَلَ إذا ذخل في الشِّمالِ، ومعنى
قولهم: أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ إليه نِعْمةً. وتقول: أَنْعَم
اللهُ عليك، من النِّعْمة. وأَنْعَمَ اللهُ صَباحَك، من النُّعُومةِ.
وقولهُم: عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ، كأَنه محذوف من نَعِم يَنْعِم، بالكسر، كما
تقول: كُلْ من أَكلَ يأْكلُ، فحذف منه الألف والنونَ استخفافاً. ونَعِمَ
اللهُ بك عَيْناً، ونَعَم، ونَعِمَك اللهُ عَيْناً، وأَنْعَم اللهُ بك
عَيْناً: أَقرَّ بك عينَ من تحبّه، وفي الصحاح: أي أَقرَّ اللهُ عينَك بمن
تحبُّه؛ أَنشد ثعلب:
أَنْعَم اللهُ بالرسولِ وبالمُرْ
سِلِ، والحاملِ الرسالَة عَيْنا
الرسولُ هنا: الرسالةُ، ولا يكون الرسولَ لأَنه قد قال والحامل الرسالة،
وحاملُ الرسالةِ هو الرسولُ، فإن لم يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ،
وهو عيب. قال الجوهري: ونَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً نُعْمةً مثل نَزِهَ
نُزْهةً. وفي حديث مطرّف: لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً فإن الله لا
يَنْعَم بأَحدٍ عَيْناً، ولكن قال أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً؛ قال الزمخشري:
الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم، وعَيْناً نصبٌ على
التمييز من الكاف، والباء للتعدية، والمعنى نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً أي نَعَّم
عينَك وأَقَرَّها، وقد يحذفون الجارّ ويُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك
اللهُ عَيْناً، وأَمَّا أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن
الهمزة كافية في التعدية، تقول: نَعِمَ زيدٌ عيناً وأَنْعَمه اللهُ عيناً،
ويجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم فيُعدَّى بالباء، قال:
ولعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن
الفاعل فاستعظمه، تعالى اللهُ أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً، كما يقولون
نَعِمْتُ بهذا الأمرِ عَيْناً، والباء للتعدية، فحَسِبَ أن الأَمر في
نَعِمَ اللهُ بك عيناً كذلك، ونزلوا منزلاً يَنْعِمُهم ويَنْعَمُهم بمعنى
واحد؛ عن ثعلب، أي يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدونه، وزاد اللحياني:
ويَنْعُمُهم عيناً، وزاد الأَزهري: ويُنْعمُهم، وقال أَربع لغات. ونُعْمةُ العين:
قُرَّتُها، والعرب تقول: نَعْمَ ونُعْمَ عينٍ ونُعْمةَ عينٍ ونَعْمةَ
عينٍ ونِعْمةَ عينٍ ونُعْمى عينٍ ونَعامَ عينٍ ونُعامَ عينٍ ونَعامةَ عينٍ
ونَعِيمَ عينٍ ونُعامى عينٍ أي أفعلُ ذلك كرامةً لك وإنْعاماً بعَينِك وما
أَشبهه؛ قال سيبويه: نصبوا كلَّ ذلك على إضمار الفعل المتروك إظهارهُ.
وفي الحديث: إذا سَمِعتَ قولاً حسَناً فَرُوَيْداً بصاحبه، فإن وافقَ قولٌ
عَملاً فنَعْمَ ونُعْمةَ عينٍ آخِه وأَوْدِدْه أي إذا سمعت رجُلاً
يتكلّم في العلم بما تستحسنه فهو كالداعي لك إلى مودّتِه وإخائه، فلا تَعْجَلْ
حتى تختبر فعلَه، فإن رأَيته حسنَ العمل فأَجِبْه إلى إخائه ومودّتهِ،
وقل له نَعْمَ ونُعْمة عين أَي قُرَّةَ عينٍ، يعني أُقِرُّ عينَك بطاعتك
واتّباع أمرك. ونَعِمَ العُودُ: اخضرَّ ونَضَرَ؛ أنشد سيبويه:
واعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ ومن قِدَمٍ،
لا يَنْعَمُ العُودُ حتى يَنْعَم الورَقُ
(* قوله «من لحو» في المحكم: من لحق، واللحق الضمر).
وقال الفرزدق:
وكُوم تَنْعَمُ الأَضيْاف عَيْناً،
وتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا
يُرْوَى الأَضيافُ والأَضيافَ، فمن قال الأَضيافُ، بالرفع، أراد تَنْعَم
الأَضيافُ عيناً بهن لأَنهم يشربون من أَلبانِها، ومن قال تَنْعَم
الأَضيافَ، فمعناه تَنْعَم هذه الكُومُ بالأَضيافِ عيناً، فحذفَ وأَوصل فنَصب
الأَضيافَ أي أن هذه الكومَ تُسَرُّ بالأَضيافِ كسُرورِ الأَضيافِ بها،
لأنها قد جرت منهم على عادة مأَلوفة معروفة فهي تأْنَسُ بالعادة، وقيل:
إنما تأْنس بهم لكثرة الأَلبان، فهي لذلك لا تخاف أن تُعْقَر ولا تُنْحَر،
ولو كانت قليلة الأَلبان لما نَعِمَت بهم عيناً لأنها كانت تخاف العَقْرَ
والنحر. وحكى اللحياني: يا نُعْمَ عَيْني أَي يا قُرَّة عيني؛ وأَنشد عن
الكسائي:
صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ،
بنُعْمِ عينٍ وشَبابٍ فاخِرِ
قال: ونَعْمةُ العيش حُسْنُه وغَضارَتُه، والمذكر منه نَعْمٌ، ويجمع
أَنْعُماً.
والنَّعامةُ: معروفةٌ، هذا الطائرُ، تكون للذكر والأُنثى، والجمع
نَعاماتٌ ونَعائمُ ونَعامٌ، وقد يقع النَّعامُ على الواحد؛ قال أبو
كَثْوة:ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ زَوْزَأَةً،
لَمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبَا
والنَّعامُ أَيضاً، بغير هاء، الذكرُ منها الظليمُ، والنعامةُ الأُنثى.
قال الأَزهري: وجائز أَن يقال للذكر نَعامة بالهاء، وقيل النَّعام اسمُ
جنس مثل حَمامٍ وحَمامةٍ وجرادٍ وجرادةٍ، والعرب تقول: أَصَمُّ مِن
نَعامةٍ، وذلك أنها لا تَلْوي على شيء إذا جفَلت، ويقولون: أَشمُّ مِن هَيْق
لأَنه يَشُمّ الريح؛ قال الراجز:
أَشمُّ من هَيْقٍ وأَهْدَى من جَمَلْ
ويقولون: أَمْوَقُ من نعامةٍ وأَشْرَدُ من نَعامةٍ؛ ومُوقها: تركُها
بيضَها وحَضْنُها بيضَ غيرها، ويقولون: أَجبن من نَعامةٍ وأَعْدى من
نَعامةٍ. ويقال: ركب فلانٌ جَناحَيْ نَعامةٍ إذا جدَّ في أَمره. ويقال
للمُنْهزِمين: أَضْحَوْا نَعاماً؛ ومنه قول بشر:
فأَما بنو عامرٍ بالنِّسار
فكانوا، غَداةَ لَقُونا، نَعامَا
وتقول العرب للقوم إذا ظَعَنوا مسرعين: خَفَّتْ نَعامَتُهم وشالَتْ
نَعامَتُهم، وخَفَّتْ نَعامَتُهم أَي استَمر بهم السيرُ. ويقال للعَذارَى:
كأنهن بَيْضُ نَعامٍ. ويقال للفَرَس: له ساقا نَعامةٍ لِقِصَرِ ساقَيْه،
وله جُؤجُؤُ نَعامةٍ لارتفاع جُؤْجُؤها. ومن أَمثالهم: مَن يَجْمع بين
الأَرْوَى والنَّعام؟ وذلك أن مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الجبال ومساكن النعام
السُّهولةُ، فهما لا يجتمعان أَبداً. ويقال لمن يُكْثِرُ عِلَلَه عليك:
ما أَنت إلا نَعامةٌ؛ يَعْنون قوله:
ومِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بعيراً،
تُعاظِمُه إذا ما قيل: طِيري
وإنْ قيل: احْمِلي، قالت: فإنِّي
من الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور
ويقولون للذي يَرْجِع خائباً: جاء كالنَّعامة، لأَن الأَعراب يقولون إن
النعامة ذهَبَتْ تَطْلُبُ قَرْنَينِ فقطعوا أُذُنيها فجاءت بلا أُذُنين؛
وفي ذلك يقول بعضهم:
أو كالنَّعامةِ، إذ غَدَتْ من بَيْتِها
لتُصاغَ أُذْناها بغير أَذِينِ
فاجْتُثَّتِ الأُذُنان منها، فانْتَهَتْ
هَيْماءَ لَيْسَتْ من ذوات قُرونِ
ومن أَمثالهم: أنْتَ كصاحبة النَّعامة، وكان من قصتها أَنها وجَدتْ
نَعامةً قد غَصَّتْ بصُعْرورٍ فأَخذتْها وربَطتْها بخِمارِها إلى شجرة، ثم
دنَتْ من الحيّ فهتَفَتْ: من كان يحُفُّنا ويَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ
وقَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل على النَّعامةِ، فانتَهتْ إليها وقد أَساغَتْ
غُصَّتَها وأَفْلَتَتْ، وبَقِيَت المرأَةُ لا صَيْدَها أَحْرَزَتْ ولا
نصيبَها من الحيّ حَفِظتْ؛ يقال ذلك عند المَزْريَةِ على من يَثق بغير
الثِّقةِ. والنَّعامة: الخشبة المعترضة على الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق منهما
القامة، وهي البَكَرة، فإن كان الزَّرانيق من خَشَبٍ فهي دِعَمٌ؛ وقال أَبو
الوليد الكِلابي: إذا كانتا من خَشَب فهما النَّعامتان، قال: والمعترضة
عليهما هي العَجَلة والغَرْب مُعَلَّقٌ بها، قال الأزهري: وتكون
النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما الأَعْليان ويُرْكَز طرفاهما الأَسفلان في
الأرض، أحدهما من هذا الجانب، والآخر من ذاك الجنب، يُصْقَعان بحَبْل
يُمدّ طرفا الحبل إلى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ في الأرض أو حجرين ضخمين،
وتُعَلَّقُ القامة بين شُعْبتي النَّعامتين، والنَّعامتانِ: المَنارتانِ
اللتان عليهما الخشبة المعترِضة؛ وقال اللحياني: النَّعامتان الخشبتان اللتان
على زُرْنوقَي البئر، الواحدة نَعامة، وقيل: النَّعامة خشبة تجعل على فم
البئر تَقوم عليها السَّواقي. والنَّعامة: صخرة ناشزة في البئر.
والنَّعامة: كلُّ بناء كالظُّلَّة، أو عَلَم يُهْتَدَى به من أَعلام المفاوز،
وقيل: كل بناء على الجبل كالظُّلَّة والعَلَم، والجمع نَعامٌ؛ قال أَبو ذؤيب
يصف طرق المفازة:
بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرجا
لُ، تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا
(* قوله «بناها» هكذا بتأنيث الضمير في الأصل ومثله في المحكم هنا،
والذي في مادة نفض تذكيره، ومثله في الصحاح في هذه المادة وتلك).
وروى الجوهري عجزه:
تُلْقِي النَّقائِضُ فيه السَّريحا
قال: والنَّفائضُ من الإبل؛ وقال آخر:
لا شيءَ في رَيْدِها إلا نَعامَتُها،
منها هَزِيمٌ ومنها قائمٌ باقِي
والمشهور من شعره:
لا ظِلَّ في رَيْدِها
وشرحه ابن بري فقال: النَّعامة ما نُصب من خشب يَسْتَظِلُّ به الربيئة،
والهَزيم: المتكسر؛ وبعد هذا البيت:
بادَرْتُ قُلَّتَها صَحْبي، وما كَسِلوا
حتى نَمَيْتُ إليها قَبْلَ إشْراق
والنَّعامة: الجِلْدة التي تغطي الدماغ، والنَّعامة من الفرس: دماغُه.
والنَّعامة: باطن القدم. والنَّعامة: الطريق. والنَّعامة: جماعة القوم.
وشالَتْ نَعامَتُهم: تفرقت كَلِمَتُهم وذهب عزُّهم ودَرَسَتْ طريقتُهم
وولَّوْا، وقيل: تَحَوَّلوا عن دارهم، وقيل: قَلَّ خَيْرُهم وولَّتْ
أُمورُهم؛ قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ:
أَزْرَى بنا أَننا شالَتْ نَعامتُنا،
فخالني دونه بل خِلْتُه دوني
ويقال للقوم إذا ارْتَحَلوا عن منزلهم أو تَفَرَّقوا: قد شالت نعامتهم.
وفي حديث ابن ذي يَزَنَ: أتى هِرَقْلاً وقد شالَتْ نَعامَتُهم: النعامة
الجماعة أَي تفرقوا؛ وأَنشد ابن بري لأبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ:
اشْرَبْ هنِيئاً فقد شالَتْ نَعامتُهم،
وأَسْبِلِ اليَوْمَ في بُرْدَيْكَ إسْبالا
وأَنشد لآخر:
إني قَضَيْتُ قضاءً غيرَ ذي جَنَفٍ،
لَمَّا سَمِعْتُ ولمّا جاءَني الخَبَرُ
أَنَّ الفَرَزْدَق قد شالَتْ نعامَتُه،
وعَضَّه حَيَّةٌ من قَومِهَِ ذَكَرُ
والنَّعامة: الظُّلْمة. والنَّعامة: الجهل، يقال: سكَنَتْ نَعامتُه؛ قال
المَرّار الفَقْعَسِيّ:
ولو أَنيّ حَدَوْتُ به ارْفَأَنَّتْ
نَعامتُه، وأَبْغَضَ ما أَقولُ
اللحياني: يقال للإنسان إنه لخَفيفُ النعامة إذا كان ضعيف العقل.
وأَراكةٌ نَعامةٌ: طويلة. وابن النعامة: الطريق، وقيل: عِرْقٌ في الرِّجْل؛ قال
الأَزهري: قال الفراء سمعته من العرب، وقيل: ابن النَّعامة عَظْم الساق،
وقيل: صدر القدم، وقيل: ما تحت القدم؛ قال عنترة:
فيكونُ مَرْكبَكِ القَعودُ ورَحْلُه،
وابنُ النَّعامةِ، عند ذلك، مَرْكَبِي
فُسِّر بكل ذلك، وقيل: ابن النَّعامة فَرَسُه، وقيل: رِجْلاه؛ قال
الأزهري: زعموا أَن ابن النعامة من الطرق كأَنه مركب النَّعامة من قوله:
وابن النعامة، يوم ذلك، مَرْكَبي
وابن النَعامة: الساقي الذي يكون على البئر. والنعامة: الرجْل.
والنعامة: الساق. والنَّعامة: الفَيْجُ المستعجِل. والنَّعامة: الفَرَح.
والنَّعامة: الإكرام. والنَّعامة: المحَجَّة الواضحة. قال أَبو عبيدة في
قوله:وابن النعامة، عند ذلك، مركبي
قال: هو اسم لشدة الحَرْب وليس ثَمَّ امرأَة، وإنما ذلك كقولهم: به داء
الظَّبْي، وجاؤوا على بَكْرة أَبيهم، وليس ثم داء ولا بَكرة. قال ابن
بري: وهذا البيت، أَعني فيكون مركبكِ، لِخُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسيّ؛
وقبله:
كذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٍ،
إنْ كنتِ شائلَتي غَبُوقاً فاذْهَبي
لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أَطعَمْتُه،
فيكونَ لَوْنُكِ مِثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ
إني لأَخْشَى أن تقولَ حَليلَتي:
هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ
إن الرجالَ لَهمْ إلَيْكِ وسيلَةٌ،
إنْ يأْخذوكِ تَكَحِّلي وتَخَضِّبي
ويكون مَرْكَبَكِ القَلوصُ ورَحلهُ،
وابنُ النَّعامة، يوم ذلك، مَرْكَبِي
وقال: هكذا ذكره ابن خالويه وأَبو محمد الأَسود، وقال: ابنُ النَّعامة
فرس خُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسي، والنعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد،
قال: وتروى الأبيات أَيضا لعنترة، قال: والنَّعامة خَطٌّ في باطن
الرِّجْل، ورأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا البيت في كتابه
(* قوله «في
كتابه» هو الأغاني كما بهامش الأصل)، وإن لم يكن الغرض في هذا الكتاب
النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأنه قال: إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا
أَخذوك الكُحْل والخِضابُ للتمتع بك، ومتى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل
والقَعود وأَسَروني أَنا، فيكون القَعود مَرْكَبك ويكون ابن النعامة مَرْكَبي
أَنا، وقال: ابنُ النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه، وهذا أَقرب
إلى التفسير من كونه يصف المرأَة برُكوب القَعود ويصف نفسه بركوب الفرس،
اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس منهزماً مولياً هارباً، وليس في ذلك من
الفخر ما يقوله عن نفسه، فأَيُّ حالة أَسوأُ من إسلام حليلته وهرَبه عنها
راكباً أو راجلاً؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها وحملَها وأَسْرَه هو
ومشيَه هو الأمر الذي يَحْذَرُه ويَسْتهوِله.
والنَّعَم: واحد الأَنعْام وهي المال الراعية؛ قال ابن سيده: النَّعَم
الإبل والشاء، يذكر ويؤنث، والنَّعْم لغة فيه؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
وأَشْطانُ النَّعامِ مُرَكَّزاتٌ،
وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلول
والجمع أَنعامٌ، وأَناعيمُ جمع الجمع؛ قال ذو الرمة:
دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ
قَيْنَيْهِ، وانْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ
وقال ابن الأَعرابي: النعم الإبل خاصة، والأَنعام الإبل والبقر والغنم.
وقوله تعالى: فجَزاءٌ مثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَم يحكم به ذَوَا عَدْلٍ
منكم؛ قال: ينظر إلى الذي قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دارهم فيُتصدق بها؛ قال
الأَزهري: دخل في النعم ههنا الإبلُ والبقرُ والغنم. وقوله عز وجل:
والذين كفروا يتمتعون ويأْكلون كما تأْكل الأَنْعامُ؛ قال ثعلب: لا يذكرون
الله تعالى على طعامهم ولا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل ذلك، وأما
قول الله عز وجَل: وإنَّ لكم في الأَنعام لَعِبْرةً نُسْقِيكم مما في
بطونه؛ فإن الفراء قال: الأَنْعام ههنا بمعنى النَّعَم، والنَّعَم تذكر
وتؤنث، ولذلك قال الله عز وجل: مما في بطونه، وقال في موضع آخر: مما في
بطونها، وقال الفراء: النَّعَم ذكر لا يؤَنث، ويجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل
وحُمْلانٍ، والعرب إذا أَفردت النَّعَم لم يريدوا بها إلا الإبل، فإذا قالوا
الأنعام أَرادوا بها الإبل والبقر والغنم، قال الله عز وجل: ومن
الأَنْعام حَمولةً وفَرْشاً كلوا مما رزقكم الله (الآية) ثم قال: ثمانية أَزواج؛
أي خلق منها ثمانية أَزواج، وكان الكسائي يقول في قوله تعالى: نسقيكم
مما في بطونه؛ قال: أَراد في بطون ما ذكرنا؛ ومثله قوله:
مِثْل الفراخ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ
أي حواصل ما ذكرنا؛ وقال آخر في تذكير النَّعَم:
في كلّ عامٍ نَعَمٌ يَحْوونَهُ،
يُلْقِحُه قَوْمٌ ويَنْتِجونَهُ
ومن العرب من يقول للإبل إذا ذُكِرت
(* قوله «إذا ذكرت» الذي في
التهذيب: كثرت) الأَنعام والأَناعيم.
والنُّعامى، بالضم على فُعالى: من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ
الرياح وأَرْطَبُها؛ قال أَبو ذؤيب:
مَرَتْه النُّعامى فلم يَعْتَرِفْ،
خِلافَ النُّعامى من الشَّأْمِ، ريحا
وروى اللحياني عن أَبي صَفْوان قال: هي ريح تجيء بين الجنوب والصَّبا.
والنَّعامُ والنَّعائمُ: من منازل القمر ثمانيةُ كواكبَ: أَربعة صادرٌ،
وأَربعة واردٌ؛ قال الجوهري: كأنها سرير مُعْوجّ؛ قال ابن سيده: أَربعةٌ
في المجرّة وتسمى الواردةَ وأَربعة خارجة تسمَّى الصادرةَ. قال الأَزهري:
النعائمُ منزلةٌ من منازل القمر، والعرب تسمّيها النَّعامَ الصادرَ، وهي
أَربعة كواكب مُربَّعة في طرف المَجَرَّة وهي شاميّة، ويقال لها
النَّعام؛ أَنشد ثعلب:
باضَ النَّعامُ به فنَفَّر أَهلَه،
إلا المُقِيمَ على الدّوَى المُتَأَفِّنِ
النَّعامُ ههنا: النَّعائمُ من النجوم، وقد ذكر مستوفى في ترجمة بيض.
ونُعاماكَ: بمعنى قُصاراكَ. وأَنْعَم أن يُحْسِنَ أَو يُسِيءَ: زاد.
وأَنْعَم فيه: بالَغ؛ قال:
سَمِين الضَّواحي لم تَُؤَرِّقْه، لَيْلةً،
وأَنْعَمَ، أبكارُ الهُمومِ وعُونُها
الضَّواحي: ما بدا من جَسدِه، لم تُؤرّقْه ليلةً أَبكارُ الهموم
وعُونُها، وأَنْعَمَ أي وزاد على هذه الصفة، وأَبكار الهموم: ما فجَأَك،
وعُونُها: ما كان هَمّاً بعدَ هَمّ، وحَرْبٌ عَوانٌ إذا كانت بعد حَرْب كانت
قبلها. وفَعَل كذا وأَنْعَمَ أي زاد. وفي حديث صلاة الظهر: فأَبردَ
بالظُّهْرِ وأَنْعَمَ أي أَطال الإبْرادَ وأَخَّر الصلاة؛ ومنه قولهم: أَنْعَمَ
النظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ الفِكْرةَ فيه؛ وقوله:
فوَرَدَتْ والشمسُ لمَّا تُنْعِمِ
من ذلك أَيضاً أَي لم تُبالِغْ في الطلوع.
ونِعْمَ: ضدُّ بِئْسَ ولا تَعْمَل من الأَسماء إلا فيما فيه الألفُ
واللام أو ما أُضيف إلى ما فيه الأَلف واللام، وهو مع ذلك دالٌّ على معنى
الجنس. قال أَبو إسحق: إذا قلت نِعْمَ الرجلُ زيدٌ أو نِعْمَ رجلاً زيدٌ،
فقد قلتَ: استحقّ زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه، فلم يجُزْ إذا كانت
تَسْتَوْفي مَدْحَ الأَجْناسِ أن تعمل في غير لفظ جنسٍ. وحكى سيبويه:
أَن من العرب من يقول نَعْمَ الرجلُ في نِعْمَ، كان أصله نَعِم ثم خفَّف
بإسكان الكسرة على لغة بكر من وائل، ولا تدخل عند سيبويه إلا على ما فيه
الأَلف واللام مُظَهَراً أو مضمراً، كقولك نِعْم الرجل زيد فهذا هو
المُظهَر، ونِعْمَ رجلاً زيدٌ فهذا هو المضمر. وقال ثعلب حكايةً عن العرب: نِعْم
بزيدٍ رجلاً ونِعْمَ زيدٌ رجلاً، وحكى أَيضاً: مررْت بقومٍ نِعْم قوماً،
ونِعْمَ بهم قوماً، ونَعِمُوا قوماً، ولا يتصل بها الضمير عند سيبويه
أَعني أَنَّك لا تقول الزيدان نِعْما رجلين، ولا الزيدون نِعْموا رجالاً؛
قال الأزهري: إذا كان مع نِعْم وبِئْسَ اسمُ جنس بغير أَلف ولام فهو نصبٌ
أَبداً، وإن كانت فيه الأَلفُ واللامُ فهو رفعٌ أَبداً، وذلك قولك نِعْم
رجلاً زيدٌ ونِعْم الرجلُ زيدٌ، ونَصَبتَ رجلاً على التمييز، ولا تَعْملُ
نِعْم وبئْس في اسمٍ علمٍ، إنما تَعْمَلانِ في اسم منكورٍ دالٍّ على
جنس، أو اسم فيه أَلف ولامٌ تدلّ على جنس. الجوهري: نِعْم وبئس فِعْلان
ماضيان لا يتصرَّفان تصرُّفَ سائر الأَفعال لأَنهما استُعملا للحال بمعنى
الماضي، فنِعْم مدحٌ وبئسَ ذمٌّ، وفيهما أَربع لغات: نَعِمَ بفتح أَوله وكسر
ثانيه، ثم تقول: نِعِمَ فتُتْبع الكسرة الكسرةَ، ثم تطرح الكسرة الثانية
فتقول: نِعْمَ بكسر النون وسكون العين، ولك أَن تطرح الكسرة من الثاني
وتترك الأَوَّل مفتوحاً فتقول: نَعْم الرجلُ بفتح النون وسكون العين،
وتقول: نِعْمَ الرجلُ زيدٌ ونِعم المرأَةُ هندٌ، وإن شئت قلت: نِعْمتِ
المرأَةُ هند، فالرجل فاعلُ نِعْمَ، وزيدٌ يرتفع من وجهين: أَحدهما أَن يكون
مبتدأ قدِّم عليه خبرُه، والثاني أن يكون خبر مبتدإِ محذوفٍ، وذلك أَنَّك
لمّا قلت نِعْم الرجل، قيل لك: مَنْ هو؟ أو قدَّرت أَنه قيل لك ذلك فقلت:
هو زيد وحذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدإ، والخبر إذا عرف المحذوف
هو زيد، وإذا قلت نِعْم رجلاً فقد أَضمرت في نِعْمَ الرجلَ بالأَلف
واللام مرفوعاً وفسّرته بقولك رجلاً، لأن فاعِلَ نِعْم وبِئْسَ لا يكون إلا
معرفة بالأَلف واللام أو ما يضاف إلى ما فيه الأَلف واللام، ويراد به تعريف
الجنس لا تعريفُ العهد، أو نكرةً منصوبة ولا يليها علَمٌ ولا غيره ولا
يتصل بهما الضميرُ، لا تقول نِعْمَ زيدٌ ولا الزيدون نِعْموا، وإن أَدخلت
على نِعْم ما قلت: نِعْمَّا يَعِظكم به، تجمع بين الساكنين، وإن شئت حركت
العين بالكسر، وإن شئت فتحت النون مع كسر العين، وتقول غَسَلْت غَسْلاً
نِعِمّا، تكتفي بما مع نِعْم عن صلته أي نِعْم ما غَسَلْته، وقالوا: إن
فعلتَ ذلك فَبِها ونِعْمَتْ بتاءٍ ساكنة في الوقف والوصل لأَنها تاء
تأْنيث، كأَنَّهم أَرادوا نِعْمَت الفَعْلةُ أو الخَصْلة. وفي الحديث: مَن
توضَّأَ يومَ الجمعة فبها ونِعْمَت، ومَن اغْتَسل فالغُسْل أَفضل؛ قال ابن
الأثير: أَي ونِعْمَت الفَعْلةُ والخَصْلةُ هي، فحذف المخصوص بالمدح،
والباء في فبها متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخَصْلةِ أو الفَعْلة، يعني
الوضوءَ، يُنالُ الفضلُ، وقيل: هو راجع إلى السُّنَّة أي فبالسَّنَّة أَخَذ
فأَضمر ذلك. قال الجوهري: تاءُ نِعْمَت ثابتةٌ في الوقف؛ قال ذو الرمة:
أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة
دَعائمَ الزَّوْرِ، نِعْمَت زَوْرَقُ البَلدِ
وقالوا: نَعِم القومُ، كقولك نِعْم القومُ؛ قال طرفة:
ما أَقَلَّتْ قَدَمايَ إنَّهُمُ
نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرّْ
هكذا أَنشدوه نَعِمَ، بفتم النون وكسر العين، جاؤوا به على الأَصل ولم
يكثر استعماله عليه، وقد روي نِعِمَ، بكسرتين على الإتباع. ودقَقْتُه
دَقّاً نِعِمّا أي نِعْمَ الدقُّ. قال الأَزهري: ودقَقْت دواءً فأَنْعَمْت
دَقَّه أي بالَغْت وزِدت. ويقال: ناعِمْ حَبْلَك وغيرهَ أَي أَحكمِه.
ويقال: إنه رجل نِعِمّا الرجلُ وإنه لَنَعِيمٌ.
وتَنَعَّمَه بالمكان: طلَبه. ويقال: أَتيتُ أَرضاً فتَنَعَّمَتْني أي
وافقتني وأَقمتُ بها. وتَنَعَّمَ: مَشَى حافياً، قيل: هو مشتق من النَّعامة
التي هي الطريق وليس بقويّ. وقال اللحياني: تَنَعَّمَ الرجلُ قدميه أي
ابتذَلَهما. وأَنْعَمَ القومَ ونَعَّمهم: أتاهم مُتَنَعِّماً على قدميه
حافياً على غير دابّة؛ قال:
تَنَعَّمها من بَعْدِ يومٍ وليلةٍ،
فأَصْبَحَ بَعْدَ الأُنْسِ وهو بَطِينُ
وأَنْعَمَ الرجلُ إذا شيَّع صَديقَه حافياً خطوات. وقوله تعالى: إن
تُبْدوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هي، ومثلُه: إنَّ الله نِعِمّا يَعِظكم به؛
قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو فنِعْمّا، بكسر النون وجزم
العين وتشديد الميم، وقرأَ حمزة والكسائي فنَعِمّا، بفتح النون وكسر العين،
وذكر أَبو عبيدة
(* قوله «وذكر أَبو عبيدة» هكذا في الأصل بالتاء، وفي
التهذيب وزاده على البيضاوي أبو عبيد بدونها) حديث النبي، صلى عليه وسلم،
حين قال لعمرو بن العاص: نِعْمّا بالمالِ الصالح للرجل الصالِح، وأَنه
يختار هذه القراءة لأَجل هذه الرواية؛ قال ابن الأَثير: أَصله نِعْمَ ما
فأَدْغم وشدَّد، وما غيرُ موصوفةٍ ولا موصولةٍ كأَنه قال نِعْمَ شيئاً
المالُ، والباء زائدة مثل زيادتها في: كَفَى بالله حسِبياً حسِيباً ومنه
الحديث: نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالِح؛ قال ابن الأثير: وفي نِعْمَ
لغاتٌ، أَشهرُها كسرُ النون وسكون العين، ثم فتح النون وكسر العين، ثم
كسرُهما؛ وقال الزجاج: النحويون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكينَ العين
ويقولون إن هذه الرواية في نِعْمّا ليست بمضبوطة، وروي عن عاصم أَنه قرأَ
فنِعِمَّا، بكسر النون والعين، وأَما أَبو عمرو فكأَنَّ مذهَبه في هذا كسرةٌ
خفيفةٌ مُخْتَلَسة، والأصل في نِعْمَ نَعِمَ نِعِمَ ثلاث لغات، وما في
تأْويل الشيء في نِعِمّا، المعنى نِعْمَ الشيءُ؛ قال الأزهري: إذا قلت
نِعْمَ ما فَعل أو بئس ما فَعل، فالمعنى نِعْمَ شيئاً وبئس شيئاً فعَل،
وكذلك قوله: إنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكم به؛ معناه نِعْمَ شيئاً يَعِظكم
به.والنُّعْمان: الدم، ولذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان. وشقائقُ
النُّعْمانِ: نباتٌ أَحمرُ يُشبَّه بالدم. ونُعْمانُ بنُ المنذر: مَلكُ العرب
نُسب إِليه الشَّقيق لأَنه حَماه؛ قال أَبو عبيدة: إن العرب كانت
تُسَمِّي مُلوكَ الحيرة النُّعْمانَ لأَنه كان آخِرَهم. أَبو عمرو: من أَسماء
الروضةِ الناعِمةُ والواضِعةُ والناصِفةُ والغَلْباء واللَّفّاءُ.
الفراء: قالت الدُّبَيْرِيّة حُقْتُ المَشْرَبةَ ونَعَمْتُها
(* قوله
«ونعمتها» كذا بالأصل بالتخفيف، وفي الصاغاني بالتشديد) ومَصَلْتها
(* قوله
«ومصلتها» كذا بالأصل والتهذيب، ولعلها وصلتها كما يدل عليه قوله بعد
والمصول) أي كَنسْتها، وهي المِحْوَقةُ. والمِنْعَمُ والمِصْوَلُ:
المِكْنَسة.
وأُنَيْعِمُ والأُنَيْعِمُ وناعِمةُ ونَعْمانُ، كلها: مواضع؛ قال ابن
بري: وقول الراعي:
صبا صَبْوةً مَن لَجَّ وهو لَجُوجُ،
وزايَلَه بالأَنْعَمينِ حُدوجُ
الأَنْعَمين: اسم موضع. قال ابن سيده: والأَنْعمان موضعٌ؛ قال أَبو
ذؤيب، وأَنشد ما نسبه ابن بري إلى الراعي:
صبا صبوةً بَلْ لجَّ، وهو لجوجُ،
وزالت له بالأَنعمين حدوجُ
وهما نَعْمانانِ: نَعْمانُ الأَراكِ بمكة وهو نَعْمانُ الأَكبرُ وهو
وادي عرفة، ونَعْمانُ الغَرْقَد بالمدينة وهو نَعْمانُ الأَصغرُ. ونَعْمانُ:
اسم جبل بين مكة والطائف. وفي حديث ابن جبير: خلقَ اللهُ آدمَ مِن
دَحْنا ومَسحَ ظهرَ آدمَ، عليه السلام، بِنَعْمان السَّحابِ؛ نَعْمانُ: جبل
بقرب عرفة وأَضافه إلى السحاب لأَنه رَكَد فوقه لعُلُوِّه. ونَعْمانُ،
بالفتح: وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات؛ قال عبد الله ابن نُمَير
الثَّقَفِيّ:
تضَوَّعَ مِسْكاً بَطْنُ نَعْمانَ، أنْ مَشَتْ
به زَيْنَبٌ في نِسْوةٍ عَطرات
ويقال له نَعْمانُ الأَراكِ؛ وقال خُلَيْد:
أَمَا والرَّاقِصاتِ بذاتِ عِرْقٍ،
ومَن صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ
والتَّنْعيمُ: مكانٌ بين مكة والمدينة، وفي التهذيب: بقرب من مكة.
ومُسافِر بن نِعْمة بن كُرَير: من شُعرائهم؛ حكاه ابن الأَعرابي. وناعِمٌ
ونُعَيْمٌ ومُنَعَّم وأَنْعُمُ ونُعْمِيّ
(* قوله «ومنعم» هكذا ضبط في الأصل
والمحكم، وقال القاموس كمحدّث، وضبط في الصاغاني كمكرم. وقوله «وأنعم»
قال في القاموس بضم العين، وضبط في المحكم بفتحها. وقوله «ونعمى» قال في
القاموس كحبلى وضبط في الأصل والمحكم ككرسي) ونُعْمانُ ونُعَيمانُ
وتَنْعُمُ، كلهن: أَسماءٌ. والتَّناعِمُ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إلى تَنْعُم بن
عَتِيك. وبَنو نَعامٍ: بطنٌ. ونَعامٌ: موضع. يقال: فلانٌ من أَهل بِرْكٍ
ونَعامٍ، وهما موضعان من أطراف اليَمن. والنَّعامةُ: فرسٌ مشهورة فارسُها
الحرث بن عبّاد؛ وفيها يقول:
قَرِّبا مَرْبَِطِ النَّعامةِ مِنّي،
لَقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حِيالِ
أي بَعْدَ حِيالٍ. والنَّعامةُ أَيضاً: فرسُ مُسافِع ابن عبد العُزّى.
وناعِمةُ: اسمُ امرأَةٍ طَبَخَت عُشْباً يقال له العُقّارُ رَجاءَ أَن
يذهب الطبخ بِغائلتِه فأَكلته فقَتلَها، فسمي العُقّارُ لذلك عُقّار
ناعِمةَ؛ رواه ابن سيده عن أبي حنيفة. ويَنْعَمُ: حَيٌّ من اليمن. ونَعَمْ
ونَعِمْ: كقولك بَلى، إلا أن نَعَمْ في جواب الواجب، وهي موقوفة الآخِر لأنها
حرف جاء لمعنى، وفي التنزيل: هلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ ربُّكم حَقّاً قالوا
نَعَمْ؛ قال الأزهري: إنما يُجاب به الاستفهامُ الذي لا جَحْدَ فيه،
قال: وقد يكون نَعَمْ تَصْديقاً ويكون عِدَةً، وربما ناقَضَ بَلى إذا قال:
ليس لك عندي ودِيعةٌ، فتقول: نَعَمْ تَصْديقٌ له وبَلى تكذيبٌ. وفي حديث
قتادة عن رجل من خثْعَم قال: دَفَعتُ إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو
بِمِنىً فقلت: أنتَ الذي تزعُم أنك نَبيٌّ؟ فقال: نَعِمْ، وكسر العين؛ هي
لغة في نَعَمْ، وكسر العين؛ وهي لغة في نَغَمْ بالفتح التي للجواب، وقد
قرئَ بهما. وقال أَبو عثمان النَّهْديّ: أمرَنا أميرُ المؤمنين عمرُ،
رضي الله عنه، بأمر فقلنا: نَعَمْ، فقال: لا تقولوا نَعَمْ وقولوا نَعِمْ،
بكسر العين. وقال بعضُ ولد الزبير: ما كنت أَسمع أشياخَ قرَيش يقولون
إلاَّ نَعِمْ، بكسر العين. وفي حديث أبي سُفيان حين أَراد الخروج إلى أُحد:
كتبَ على سَهمٍ نَعَمْ، وعلى آخر لا، وأَجالهما عند هُبَل، فخرج سهمُ
نَعَمْ فخرج إلى أُحُد، فلما قال لِعُمر: أُعْلُ هُبَلُ، وقال عمر: اللهُ
أَعلى وأَجلُّ، قال أَبو سفيان: أنعَمتْ فَعالِ عنها أي اترك ذِكرَها فقد
صدقت في فَتْواها، وأَنعَمَتْ أَي أَجابت بنَعَمُْ؛ وقول الطائي:
تقول إنْ قلتُمُ لا: لا مُسَلِّمةً
لأَمرِكُمْ، ونَعَمْ إن قلتُمُ نَعَما
قال ابن جني: لا عيب فيه كما يَظنُّ قومٌ لأَنه لم يُقِرَّ نَعَمْ على
مكانها من الحرفية، لكنه نقَلها فجعلها اسماً فنصَبها، فيكون على حد قولك
قلتُ خَيراً أو قلت ضَيراً، ويجوز أن يكون قلتم نَعَما على موضعه من
الحرفية، فيفتح للإطلاق، كما حرَّك بعضُهم لالتقاء الساكنين بالفتح، فقال:
قُمَ الليلَ وبِعَ الثوبَ؛ واشتقَّ ابنُ جني نَعَمْ من النِّعْمة، وذلك أن
نعَمْ أَشرفُ الجوابين وأَسرُّهما للنفْس وأَجلَبُهما للحَمْد، ولا
بضِدِّها؛ ألا ترى إلى قوله:
وإذا قلتَ نَعَمْ، فاصْبِرْ لها
بنَجاحِ الوَعْد، إنَّ الخُلْف ذَمّْ
وقول الآخر أَنشده الفارسي:
أبى جُودُه لا البُخْلِ واسْتَعْجَلتْ به
نَعَمْ من فَتىً لا يَمْنَع الجُوع قاتِله
(* قوله «لا يمنع الجوع قاتله» هكذا في الأصل والصحاح، وفي المحكم:
الجوس قاتله، والجوس الجوع. والذي في مغني اللبيب: لا يمنع الجود قاتله، وكتب
عليه الدسوقي ما نصه: قوله لا يمنع الجود، فاعل يمنع عائد على الممدوح؛
والجود مفعول ثان؛ وقاتله مفعول أول، ويحتمل أن الجود فاعل يمنع أي جوده
لا يحرم قاتله أي فإذا أراد إنسان قتله فجوده لا يحرم ذلك الشخص بل يصله
اهـ. تقرير دردير).
يروى بنصب البخل وجرِّه، فمن نصبه فعلى ضربين: أحدهما أن يكون بدلاً من
لا لأن لا موضوعُها للبخل فكأَنه قال أَبى جودُه البخلَ، والآخر أن تكون
لا زائدة، والوجه الأَول أعني البدلَ أَحْسَن، لأنه قد ذكر بعدها نَعَمْ،
ونَعمْ لا تزاد، فكذلك ينبغي أَن تكون لا ههنا غير زائدة، والوجه الآخر
على الزيادة صحيح، ومَن جرَّه فقال لا البُخْلِ فبإضافة لا إليه، لأَنَّ
لا كما تكون للبُخْل فقد تكون للجُود أَيضاً، ألا ترى أَنه لو قال لك
الإنسان: لا تُطْعِمْ ولا تأْتِ المَكارمَ ولا تَقْرِ الضَّيْفَ، فقلتَ
أَنت: لا لكانت هذه اللفظة هنا للجُود، فلما كانت لا قد تصلح للأَمرين جميعاً
أُضيفَت إلى البُخْل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين الضدّين. ونَعَّم
الرجلَ: قال له نعَمْ فنَعِمَ بذلك بالاً، كما قالوا بَجَّلْتُه أي قلت
له بَجَلْ أي حَسْبُك؛ حكاه ابن جني. وأَنعَم له أي قال له نعَمْ.
ونَعامة: لَقَبُ بَيْهَسٍ؛ والنعامةُ: اسم فرس في قول لبيد:
تَكاثرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها،
وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبالُ
(* قوله «وتحجل والخبال» هكذا في الأصل والصحاح، وفي القاموس في مادة
خبل بالموحدة، وأما اسم فرس لبيد المذكور في قوله:
تكاثر قرزل والجون فيها * وعجلى والنعامة والخيال
فبالمثناة التحتية، ووهم الجوهري كما وهم في عجلى وجعلها تحجل).
وأَبو نَعامة: كنية قَطَريّ بن الفُجاءةِ، ويكنى أَبا محمد أَيضاً؛ قال
ابن بري: أَبو نَعامة كُنْيَتُه في الحرب، وأَبو محمد كُنيته في السِّلم.
ونُعْم، بالضم: اسم امرأَة.
نبل: النُّبْل، بالضم: الذَّكاءُ والنَّجابة، وقد نَبُلَ نُبْلاً
ونَبالة وتَنَبَّل، وهو نَبِيلٌ ونَبْلٌ، والأُنثى نَبْلة، والجمع نِبالٌ،
بالكسر، ونَبَلٌ، بالتحريك، ونَبَلة. والنَّبِيلة: الفَضِيلة
(* قوله «ونبل
بالتحريك ونبلة والنبيلة الفضيلة» هكذا في الأصل المعول عليه مصلحاً بخط
السيد مرتضى لتقطيع في الورق، وفي بعض النسخ: ونبل بالتحريك مثل كريم
وكرم، الليث: النبل في الفضل والفضيلة إلى آخر ما هنا) ، وأَما النَّبالة فهي
أَعمّ تجري مَجْرَى النُّبْل، وتكون مصدراً للشيء النَّبيل الجسيم؛
وأَنشد:
كَعْثَبُها نَبِيلُ
قال: وهو يَعيبها بهذا، قال: والنَّبَلُ في معنى جماعة النَّبيل، كما
أَن الأَدَم جماعة الأَدِيم، والكَرَم قد يجيء جماعة الكريم. وفي بعض
القول: رجل نَبْل وامرأَة نَبْلة وقوم نِبالٌ، وفي المعنى الأَول قوم نُبَلاء.
الجوهري: النُّبْل والنَّبالة الفَضْل، وامرأَة نَبِيلة في الحسن
بَيِّنة النَّبالة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة امرأَة:
ولم تَنَطَّقْها على غِلالَهْ،
إِلاَّ لِحُسنِ الخَلْق والنَّبالَهْ
وكذلك الناقة في حسن الخَلْق. وفرسٌ نَبِيل المَحْزِم: حَسَنه مع غلظ؛
قال عنترة:
وَحَشيّتي سَرْجٌ على عَبْل الشَّوَى،
مهدٍ مراكِلُهُ، نَبِيلِ المَحْزِمِ
وكذلك الرجل؛ أَنشد ثعلب في صفة رجل:
فقامَ وَثَّابٌ نَبيلٌ مَحْزِمُهْ،
لم يَلْقَ بُؤْساً لحمه ولا دَمُهْ
ويقال: ما انتَبَلَ نَبْلَهُ إِلاَّ بأَخَرةٍ، ونُبْلَه ونَبَالَه كذلك
أَي لم يَنْتَبِه له وما بالي به؛ قال يعقوب: وفيها أَربع لغات: نُبْلَه
ونَبالَهُ ونَبالتَه ونُبالَتَه؛ قال ابن بري: اللغات الأَربع التي ذكرها
يعقوب إِنما هي نُبْلَه ونَبْلَه ونَبالَه ونَبالَتَه لا غير. وأَتاني
فلانٌ وأَتاني هذا الأَمر وما نَبَلْت نَبْلَه أَنْبُل أَي ما شعَرْت به
ولا أَردته؛ وقال اللحياني: أَتاني ذلك الأَمر وما انتَبَلْت نُبْلَه
ونُبْلَتَه؛ قال: وهي لغة القَناني، ونَبالَه ونَبالَته أَي ما علمت به، قال:
وقال بعضهم معناه ما شَعرْت به ولا تهيَّأْت له ولا أَخذت أُهْبَتَه،
يقال ذلك للرجل يغْفُل عن الأَمر في وقته ثم ينتبه له بعد إِدْباره. وفي
حديث النضر بن كَلْدة: والله يا معْشَر قريش لقد نزل بكم أَمر ما ابْتَلْتم
بَتْلَه؛ قال الخطابي: هذا خطأ والصواب ما انتَبَلْتم نُبْله أَي ما
انتبهتم له ولم تعلموا علمه، تقول العرب: أَنذرتك الأَمر فلم تَنْتَبِل
نَبْله أَي ما انتبهت له، والله أَعلم.
ابن الأَعرابي: النُّبْلة اللُّقْمة الصغيرة وهي المَدَرَة الصغيرة.
الجوهري: والنُّبْلة العطيَّة. والنَّبَل: الكِبارُ؛ قال بشر:
نَبِيلة موضع الحِجْلَيْنِ خَوْدٌ،
وفي الكَشْحَيْن والبطْن اضْطِمار
والنَّبَلُ أَيضاً: الصِّغار، وهو من الأَضداد. والنَّبَل: عِظام
الحجارة والمَدَر ونحوهما وصغارها ضدّ، واحدتها نَبَلة، وقيل: النَّبَل العِظام
والصِّغار من الحجارة والإِبل والناس وغيرهم. والنَّبَلُ: الحجارة التي
يُسْتنجى بها؛ ومنه الحديث: اتَّقُوا المَلاعِنَ وأَعِدُّوا النَّبَل؛
قال أَبو عبيد: وبعضهم يقول النُّبَل؛ قال ابن الأَثير: واحدتها نُبْلة
كغُرْفة وغُرَف، والمحدثون يفتحون النون والباء كأَنه جمع نبيل في التقدير؛
والنَّبَل، بالفتح، في غير هذا الكِبار من الإِبل والصغار، وهو من
الأَضداد. ونبَّلَه نُبَلاً: أَعطاه إِياها يستنجي بها، وتَنَبَّلَ بها:
اسْتَنْجى؛ قال الأَصمعي: أَراها هكذا بضم النون وفتح الباء. يقال: نَبِّلْني
أَحجاراً للاستنجاء أَي أَعطنيها، ونَبِّلني عَرْقاً أَي أَعطنيه. قال
أَبو عبيد: المحدثون يقولون النَّبَل، بفتح النون، قال: ونراها سميت نَبَلاً
لصغرها، وهذا من الأَضداد في كلام العرب أَن يقال للعِظام نَبَل وللصغار
نَبَل. وحكى ابن بري عن ابن خالويه: النَّبَل جمع نابِل وهي الحذَّاق
بعمَل السلاح. والنَّبَل: حجارة الاستنجاء، قال: ويقال النُّبَل، بضم
النون؛ قال محمد بن إِسحق بن عيسى: سمعت القاسم بن معن يقول: إِن رجلاً من
العرب توُفِّيَ فوَرِثه أَخوه فعيَّره رجل بأَنه فرِح بموت أَخيه لمَّا ورثه
فقال الرجل:
أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الكِرامَ، وأَنْ
أُورَثَ ذَوْداً شَصائصاً نَبَلا؟
إِن كنتَ أَزْنَنْتَني بها كَذِباً،
جَزْءُ، فَلاقَيْتَ مِثْلَها عَجِلا
يقول: أَأَفْرَح بصِغار الإِبل وقد رُزِئْت بكِبار الكِرام؟ قال: وبعضهم
يَرْويه نُبَلا، يريد جمع نُبْلة، وهي العظيمة؛ قال ابن بري: الشعر
لحضْرَميِّ بني عامر، والنَّبَل في الشِّعْر الصِّغارُ الأَجسام، قال: فنَرى
أَن حجارة الاستنجاء سُمِّيت نَبَلاً لصَغارتها. وقال أَبو سعيد: كلما
ناولْت شيئاً ورَميته فهو نَبَل، قال: وفي هذا طريق آخر: يقال ما كانت
نُبْلَتك من فلان فيما صنعْت أَي ما كان جَزاؤُك وثوابُك منه، قال: وأَما ما
روي شَصائصاً نَبَلا، بفتح النون، فهو خطأ والصحيح نُبَلا، بضم النون.
والنُّبَلُ ههنا: عِوَضٌ مما أُصِبْت به، وهو مردود إِلى قولنا ما كانت
نُبْلَتُك من فلان أَي ما كان ثوابُك. وقال أَبو حاتم فيما أَلَّفه من
الأَضداد: يقال ضَبٌّ نَبَلٌ وهو الضخم، وقالوا: النَّبَل الخسيسُ؛ قاله أَبو
عبيد وأَنشد:
أُورَثَ ذوْداً شَصائصاً نَبَلا
بفتح النون؛ قال أَبو منصور: أَما الذي في الحديث وأَعِدُّوا النُّبَل،
فهو بضم النون، جمع النُّبْلة وهو ما تَناولْته من مَدَرٍ أَو حجَر،
وأَما النَّبَل فقد جاء بمعنى النَّبيل الجسيم وجاء بمعنى الخسيس، ومن هذا
قيل للرجل القصير تِنْبَل وتِنْبال؛ وأَنشد أَبو الهيثم بيت طرفة:
وهو بِسَمْلِ المُعْضَلات نَبِيلُ
(* قوله «وهو بسمل المعضلات نبيل» هكذا في الأصل بالنون والباء والياء
التحتية في الشطر وتفسيره، والذي في شرح القاموس فيهما تنبل كدرهم
بالمثناة الفوقية والنون والباء ويشهد له ما يأْتي).
فقال: قال بعضهم نَبيل أَي عاقل، وقيل: حاذِق، وهو نبيلُ الرأْي أَي
جيِّده، وقيل: نبيل أَي رفيق بإِصلاح عِظام الأُمور. واسْتَنْبَل المالَ:
أَخذ خِيارَه. ونُبْلة كل شيء: خِيارُه، والجمع نُبُلات مثل حُجْرة
وحُجُرات؛ وقال الكميت:
لآلئ، من نُبُلاتِ الصِّوا
رِ، كحْلَ المَدامِع لا تَكْتَحِل
أَي خِيار الصِّوار، شبَّه البقر الوَحْشِيَّ باللآلئ؛ وقوله أَنشده
ابن الأَعرابي:
مُقَدِّماً سَطِيحةً أَو أَنْبَلا
قال ابن سيده: لم يفسره إِلا أَني أَظنه أَصْغَرَ من ذلك لما قدَّمته من
أَن النَّبَل الصغارُ، أَو أَكبرَ لما قدَّمت من أَن النَّبَل الكِبارُ،
وإِن كان ذلك ليس له فعل.
والتِّنْبالُ والتِّنْبالةُ؛ القصير بَيِّن التِّنْبالة، ذهب ثعلب إِلى
أَنه من النَّبَل، وجعله سيبويه رباعيّاً.
والنَّبْلُ: السهام، وقيل: السِّهامُ العربية، وهي مؤنثة لا واحد له من
لفظه، فلا يقال نَبْلة وإِنما يقال سهم ونشَّابة؛ قال أَبو حنيفة: وقال
بعضهم واحدتها نَبْلة، والصحيح أَنه لا واحد له إِلا السَّهْم؛ التهذيب:
إِذا رجعوا إِلى واحدة قيل سهم؛ وأَنشد:
لا تَجْفوَانِي وانْبُلاني بكسره
(* قوله «لا تجفواني» هكذا في الأصل وانظر الشاهد فيه).
وحكي نَبْل ونُبْلان وأَنْبال ونِبال؛ قال الشاعر:
وكنتُ إِذا رَمَيْتُ ذَوِي سَوادٍ
بأَنْبالٍ، مَرَقْنَ من السَّوادِ
وأَنشد ابن بري على نِبال قولَ أَبي النجم:
واحْبِسْنَ في الجَعْبةِ من نِبالها
وقول اللَّعِين:
ولكنْ حَقّها هُرْدَ النِّبال
(* قوله ولكن حقها هرد النبال» هكذا في الأصل مضبوطاً).
وقال الفراء: النَّبْل بمنزلة الذَّوْد. يقال: هذه النَّبْلُ، وتصغَّر
بطرح الهاء، وصاحبها نابلٌ. ورجل نابِلٌ:
ذو نَبْلٍ. والنابِلُ: الذي يعمَل النَّبْلَ، وكان حقه أَن يكون
بالتشديد، والفعل النِّبالةُ. ابن السكيت: رجل نابلٌ ونَبَّال إِذا كان معه
نَبْل، فإِذا كان يعملــها قلت نابِلٌ. ونابَلْتُه فَنَبَلْته إِذا كنت أَجودَ
نَبْلاً منه، قال: وقد يكون ذلك في النُّبْل أَيضاً، وتقول: هذا رجل
مُتَنَبِّل نَبْله إِذا كان معه نَبْل. وتَنَبَّل أَيضاً أَي تكلَّف
النُّبْل. وتَنَبَّل أَي أَخذ الأَنْبَل فالأَنْبَل؛ وأَنشد ابن بري
لأَوس:وأَمْلَقَ ما عندي خُطوبٌ تَنَبَّلُ
وفي المثل: ثارَ حابِلُهم على نابِلِهم أَي أَوْقَدوا بينهم الشرَّ.
ونَبَّال، بالتشديد: صانعٌ للنَّبْل، ويقال أَيضاً: صاحب النَّبْل؛ قال امرؤ
القيس:
وليس بذي رُمْحٍ فيَطْعُنني به،
وليس بذي سَيْف، وليس بنَبَّال
يعني ليس بذي نَبْل. وكان أَبو حَرَّار يقول: ليس بِنابِلٍ مثل لابِنٍ
وتامِر. قال ابن بري: النَّبَّال، بالتشديد، الذي يعمل النَّبْل،
والنابِلُ صاحب النَّبْل، هذا هو المستعمل؛ قال الراجز:
ما عِلَّتي وأَنا جَلْدٌ نابِلُ،
والقَوْسُ فيها وَتَرٌ عُنابِلُ
ونسب ابن الأَثير هذا القول لعاصم وقال: نابِل أَي ذو نَبْل، قال: وربما
جاء نَبَّال في موضع نابِل، ونابِلٌ في موضع نَبَّال. وليس القياس؛ قال
سيبويه: يقولون لِذِي التَّمْر واللَّبن والنَّبْل تامِر ولابِن ونابِل،
وإِن كان شيء من هذا صَنْعَتَه تَمَّار ولَبَّان ونَبَّال، ثم قال: وقد
تقول لِذِي السَّيْف سَيَّاف ولِذِي النَّبْل نَبَّال، على التشبيه
بالآخر، وحِرْفَته النِّبالة. ومُتَنَبِّل: حامل نَبْل.
وَنَبَله بالنَّبْل يَنْبُله نَبْلاً: رماه بالنَّبْل. وقوم نُبَّل:
رُماةٌ؛ عن أَبي حنيفة. ونَبَلَه يَنْبُله نَبْلاً وأَنْبَله، كلاهما:
أَعطاه النَّبْل. وأَنْبَلْته سهماً. أَعطيته. واسْتنْبَله: سأَله النَّبْل.
ونَبِّلْني أَي هَبْ لي نِبالاً. واسْتَنْبَلني فلان فأَنْبَلْتُه أَي
أَعطيته نَبْلاً، وفي الصحاح: اسْتَنْبَلَي فَنَبَلْته أَي ناولته نَبْلاً.
ونَبَل على القوم يَنْبُل: لقط لهم النَّبْل ثم دفعها إِليهم ليرموا بها.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: كنت أَيامَ الفِجار أَنْبُل على
عُمُومَتي، وروي: كنت أُنَبِّل على عُمومتي يومَ الفِجَار؛ نَبَّلْت الرجل،
بالتشديد، إِذا ناوَلْته النَّبْل ليرمي، وكذلك أَنْبَلْته. وفي الحديث:
إِنّ سعداً كان يرمي بين يدي النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم أُحُد
والنبيُّ يُنَبِّلُه، وفي رواية: وفتىً يُنَبِّلُه كلما نَفِدتْ نَبْلُه، وفي
رواية: يَنْبُلُه، بفتح الياء وتسكين النون وضم الباء؛ قال ابن الأَثير:
قال ابن قتيبة وهو غلط من نَقَلة الحديث لأَن معنى نَبَلْته أَنْبُلُه
إِذا رميته بالنَّبْل، وقال أَبو عمر الزاهد: بل هو صحيح، يعني يقال
نَبَلْته وأَنْبَلْته ونَبَّلْته؛ ومنه الحديث: الرامِي ومُنْبِله، ويجوز أَن
يريد بالمُنْبِل الذي يردُّ النَّبْل على الرامي من الهَدَف. ونَبَلَ
بِسَهْم واحد: رَمَى به، ورجل نابِلٌ: حاذِق بالنَّبْل. وقال أَبو زيد:
تَنابل فلان وفلان فَنَبَله فلان إِذا تَنافَرا أَيهما أَنْبَل، من النُّبْل،
وأَيهما أَحذق عملاً.
ونابَلَني فلان فنَبَلْته أَي كنت أَجود نَبْلاً منه؛ قال ابن سيده: روى
بعض أَهل العلم عن رؤبة قال سأَلناه عن قول امرئ القيس:
نَطْعُنُهم سُلْكَى ومَخْلوجةً،
لَفْتَكَ لأْمين على نابِلِ
(* قوله «لفتك إلخ» مع بعد كرك لأمين إلخ هكذا في الأصل).
فقال: حدّثني أَبي عن أَبيه قال: حدثتني عمتي وكانت في بني دارِمٍ
فقالت: سأَلت امرأَ القيس وهو يشرب طِلاءً مع علقمة بن عَبَدة ما معنى:
كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِلِ
فقال: مررت بنابِلٍ وصاحبُه يناوِلُه الريش لُؤاماً وظُهاراً فما رأَيت
أَسرع منه ولا أَحسن فشبَّهت به. التهذيب: النابِل الذي يرمي بالنَّبْل
في قول امرئ القيس:
كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِلِ
وقيل: هو الذي يُسَوِّي النِّبال. وهو من أَنْبَلِ الناس أَي أَعلمهم
بالنَّبْل؛ قال:
تَرَّصَ أَفْواقَها وقَوَّمَها
أَنْبَلُ عَدْوانَ كُلِّها صَنَعَا
وفلان نابِل أَي حاذِق بما يُمارِسُه من عمل؛ ومنه قول أَبي ذؤيب يصف
عسلاً أَو نبعة:
تَدَلَّى عليها، بالحِبال مُوَثَّقاً
شديدَ الوَصاةِ، نابِلٌ وابنُ نابِلِ
(* سيرد هذا البيت في الصفحة التالية وروايته مختلفة عما هو عليه هنا).
الجوهري: والنابِلُ الحاذِق بالأَمر. يقال: فلان نابِل وابنُ نابِل أَي
حاذِق وابن حاذِق؛ وأَنشد الأَصمعي لذي الإِصْبع:
قَوَّمَ أَفْواقَها وتَرَّصَها
أَنْبَلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعا
أَي أَعلَمُهم بالنَّبْل. قال ابن سيده: وكل حاذِق نابِلِ؛ قال أَبو
ذؤيب يصف عاسِلاً:
تَدَلَّى عليها، بين سِبٍّ وخَيْطَةٍ،
شديدُ الوَصاة نابِلٌ وابنُ نابِل
جعله ابنَ نابِل لأَنه أَحْذَق له.
وأَنْبَلَ قداحه: جاء بها غِلاظاً جافِية؛ حكاه أَبو حنيفة.
وأَصابتني خُطوب تَنَبَّلَت ما عندي أَي أَخذت؛ قال اوس بن حجر:
لمَّا رأَيتُ العُدْمَ قَيَّد نائِلي،
وأَمْلَقَ ما عندي خُطوبٌ تَنَبَّل
تَنَبَّلتْ ما عندي: ذهبت بما عندي. ونَبَلَتْ: حَمَلتْ. ونَبَلَ الرجلَ
بالطعام ينْبُله: علَّله به وناوله الشيء بعد الشيء. ونَبَل به يَنْبُل:
رَفَقَ. ولأَنْبُلَنَّك بنبالتك أَي لأَجزينك جزاءك. والنَّبْل: السير
الشديد السريع، وقيل: حسْن السوق للإِبل، نَبَلَها يَنْبُلها نَبْلاً
فيهما. ابن السكيت: نَبَلْت الإِبل أَنْبُلها نَبْلاً إِذا سقتها سوقاً
شديداً. ونَبَلْت الإِبل أَي قمت بمصلحتها؛ قال زفر بن الخِيار
المحاربي:لا تَأْوِيا للعِيسِ وانْبُلاها،
فإِنها ما سَلِمَتْ قُواها،
بَعِيدة المُصْبَحِ من مُمْساها،
إِذا الإِكامُ لَمَعَتْ صُواها،
لَبِئْسَما بُطْءٌ ولا تَرْعاها
(* قوله «لا تأويا إلخ» المشاطير الثلاث الاول اوردها الجوهري، وفي
الصاغاني وصواب انشاده:
لا تأويا للعيس وانبلاها * لبئسما بطء ولا نرعاها
فانها ان سلمت قواها * نائية المرفق عن رحاها
بعيدة المصبح من ممساها * إذا الاكام لمعت صواها)
أَبو زيد
(* قوله «ابو زيد إلخ» عبارة الصاغاني: أبو زيد يقال انبل
بقومك اي ارفق بهم، قال صخر الغيّ:
فانبل بقومك اما كنت حاشرهم * وكل جامع محشور له نبل
اي كل سيد جماعة يحشرهم اي يجمعهم اهـ. وضبط لفظ نبل بفتحتين وضمتين
وكتب عليه لفظ معاً، وبهذه العبارة يعلم ما في الأصل).
انبُل بقومك أَي ارْفُقْ بقومك، وكل جامِعِ مَحْشورٍ أَي سيدِ جماعةٍ
يحشُرهم أَي يجمَعُهم له نُبُلٌ أَي رِفْق. قال: والنَّبْلُ في الحِذْق،
والنَّبالةُ والنَّبْلُ في الرجال. ويقال: ثَمَرة نَبِيلة وقَدِح نَبِيل.
وتَنَبَّل الرجلُ والبعيرُ: مات؛ وأَنشد ابن بري قول الشاعر:
فقلت له: يَا با جُعادةَ إِنْ تَمُتْ،
أَدَعْك ولا أَدْفِنْك حتى تَنَبَّل
والنَّبِيلة: الجِيفةُ. والنَّبِيلةُ: المَيْتةُ. ابن الأَعرابي:
انْتَبَل إِذا مات أَو قَتَل ونحو ذلك. وأَنْبَله عُرْفاً: أَعطاه إِيَّاه.
والتِّنْبال: القصير.