بالفتح ثم السكون، وفتح الميم، منقول من الفعل كيزيد ويشكر: موضع ذكره لبيد.
بالفتح ثم السكون، وفتح الميم، منقول من الفعل كيزيد ويشكر: موضع ذكره لبيد.
عمر: العَمْر والعُمُر والعُمْر: الحياة. يقال قد طال عَمْرُه وعُمْرُه،
لغتان فصيحتان، فإِذا أَقسموا فقالوا: لَعَمْرُك فتحوا لا غير، والجمع
أَعْمار. وسُمِّي الرجل عَمْراً تفاؤلاً أَن يبقى. والعرب تقول في
القسَم: لَعَمْرِي ولَعَمْرُك، يرفعونه بالابتداء ويضمرون الخبر كأَنه قال:
لَعَمْرُك قَسَمِي أَو يميني أَو ما أَحْلِفُ به؛ قال ابن جني: ومما يجيزه
القياس غير أَن لم يرد به الاستعمال خبر العَمْر من قولهم: لَعَمْرُك
لأَقومنّ، فهذا مبتدأٌ محذوف الخبر، وأَصله لو أُظهر خبره: لَعَمْرُك ما
أُقْسِمُ به، فصار طولُ الكلام بجواب القسم عِوَضاً من الخبر؛ وقيل: العَمْرُ
ههنا الدِّينُ؛ وأَيّاً كان فإِنه لا يستعمل في القسَم إِلا مفتوحاً.
وفي التنزيل العزيز: لَعَمْرُك إِنّهم لفي سَكْرتِهم يَعْمَهُون؛ لم يقرأْ
إِلا بالفتح؛ واستعمله أَبو خراش في الطير فقال:
لَعَمْرُ أَبي الطَّيْرِ المُرِنّة عُذْرةً
على خالدٍ، لقد وَقَعْتَ على لَحْمِ
(* قوله: «عذرة» هكذا في الأصل).
أَي لحم شريف كريم. وروي عن ابن عباس في قوله تعالى: لَعَمْرُك أَي
لحياتك. قال: وما حَلَفَ الله بحياة أَحد إِلا بحياة النبي، صلى الله عليه
وسلم. وقال أَبو الهيثم: النحويون ينكرون هذا ويقولون معنى لعَمْرُك
لَدِينُك الذي تَعْمُر وأَنشد لعمربن أَبي ربيعة:
أَيُّها المُنْكِحُ الثُّرَيّا سُهَيْلاً،
عَمْرَكَ اللهَ كيف يَجْتَمِعان؟
قال: عَمْرَك اللهَ عبادتك اللهَ، فنصب؛ وأَنشد:
عَمْرَكِ اللهَ ساعةً، حَدِّثِينا،
وذَرِينا مِن قَوْلِ مَن يُؤْذِينا
فأَوْقَع الفعلَ على الله عز وجل في قوله عَمْرَك الله. وقال الأَخفش في
قوله: لَعَمْرُك إِنهم وعَيْشِك وإِنما يريد العُمْرَ. وقال أَهل
البصرة: أَضْمَر له ما رَفَعَه لَعَمْرُك المحلوفُ به. قال: وقال الفراء
الأَيْمان يَرْفعها جواباتها. قال الجوهري: معنى لَعَمْرُ الله وعَمْر الله
أَحْلِفُ ببقاء الله ودوامِه؛ قال: وإِذا قلت عَمْرَك اللهَ فكأَنك قلت
بِتَعْمِيرِك الله أَي بإِقرارك له بالبقاء؛ وقول عمر بن أَبي ربيعة:
عَمْرَك اللهَ كيف يجتمعان
يريد: سأَلتُ الله أَن يُطيل عُمْرَك لأَنه لم يُرِد القسم بذلك. قال
الأَزهري: وتدخل اللام في لَعَمْرُك فإِذا أَدخلتها رَفَعْت بها بالابتداء
فقلت: لَعَمْرك ولَعَمْرُ أَبيك، فإِذا قلت لَعَمْرُ أَبيك الخَيْرَ،
نَصَبْتَ الخير وخفضت، فمن نصب أَراد أَن أَباك عَمَرَ الخيرَ يَعْمُرُــه
عَمْراً وعِمارةً، فنصب الخير بوقوع العَمْر عليه؛ ومَن خفض الخير جعله
نعتاً لأَبيك، وعَمْرَك اللهَ مثل نَشَدْتُك اللهَ. قال أَبو عبيد: سأَلت
الفراء لمَ ارتفع لَعَمْرُك؟ فقال: على إِضمار قسم ثان كأَنه قال وعَمْرِك
فلَعَمْرُك عظيم، وكذلك لَحياتُك مثله، قال: وصِدْقُه الأَمرُ، وقال:
الدليل على ذلك قول الله عز وجل: اللهُ لا إِله إِلا هو لَيَجْمَعَنّكم،
كأَنه أَراد: والله ليجمعنكم، فأَضمر القسم. وقال المبرد في قوله عَمْرَك
اللهَ: إِن شئت جعلت نصْبَه بفعلٍ أَضمرتَه، وإِن شئت نصبته بواو حذفته
وعَمْرِك
(* قوله: بواو حذفته وعمرك إِلخ» هكذا في الأَصل). الله، وإِن شئت
كان على قولك عَمَّرْتُك اللهَ تَعْمِيراً ونَشَدْتُك الله نَشِيداً ثم
وضعتَ عَمْرَك في موضع التَّعْمِير؛ وأَنشد فيه:
عَمَّرْتُكِ اللهَ أَلا ما ذَكَرْتِ لنا،
هل كُنْتِ جارتَنا، أَيام ذِي سَلَمِ؟
يريد: ذَكَّرْتُكِ اللهَ؛ قال: وفي لغة لهم رَعَمْلُك، يريدون
لَعَمْرُك. قال: وتقول إِنّك عَمْرِي لَظَرِيفٌ. ابن السكيت: يقال لَعَمْرُك
ولَعَمْرُ أَبيك ولَعَمْرُ الله، مرفوعة. وفي الحديث: أَنه اشترى من أَعرابي
حِمْلَ خَبَطٍ فلما وجب البيع قال له: اخْتَرْ، فقال له الأَعرابيّ:
عَمْرَكَ اللهَ بَيْعاً أَي أَسأَلُ الله تَعْمِيرَك وأَن يُطيل عُمْرك،
وبَيِّعاً منصوب على التمييز أَي عَمَّرَك اللهُ مِن بَيِّعٍ. وفي حديث
لَقِيط: لَعَمْرُ إِلَهِك؛ هو قسَم ببقاء الله ودوامِه. وقالوا: عَمْرَك اللهَ
افْعَلْ كذا وأَلا فعلت كذا وأَلا ما فَعَلْتَ على الزيادة، بالنصب، وهو
من الأَسماء الموضوعة موضع المصادر المنصوبة على إِضمار الفعل المتروكِ
إِظهارُه؛ وأَصله مِنْ عَمَّرْتُك اللهَ تَعْمِيراً فحذفت زيادته فجاء على
الفعل. وأُعَمِّرُك اللهَ أَن تفعل كذا: كأَنك تُحَلِّفه بالله وتسأَله
بطول عُمْرِه؛ قال:
عَمَّرْتُكَ اللهَ الجَلِيلَ، فإِنّني
أَلْوِي عليك، لَوَانّ لُبَّكَ يَهْتَدِي
الكسائي: عَمْرَك اللهَ لا أَفعل ذلك، نصب على معنى عَمَرْتُك اللهَ أَي
سأَلت الله أَن يُعَمِّرَــك، كأَنه قال: عَمَّرْتُ الله إِيَّاك. قال:
ويقال إِنه يمين بغير واو وقد يكون عَمْرَ اللهِ، وهو قبيح.
وعَمِرَ الرجلُ يَعْمَرُ عَمَراً وعَمارةً وعَمْراً وعَمَر يَعْمُرُ
ويَعْمِر؛ الأَخيرة عن سيبويه، كلاهما: عاشَ وبقي زماناً طويلاً؛ قال
لبيد:وعَمَرْتُ حَرْساً قبل مَجْرَى داحِسٍ،
لو كان للنفس اللَّجُوجِ خُلُودُ
وأَنشد محمد بن سلام كلمة جرير:
لئن عَمِرَتْ تَيْمٌ زَماناً بِغِرّةٍ،
لقد حُدِيَتْ تَيْمٌ حُداءً عَصَبْصَبا
ومنه قولهم: أَطال الله عَمْرَك وعُمْرَك، وإِن كانا مصدرين بمعنًى إِلا
أَنه استعمل في القسم أَحدُهما وهو المفتوح.
وعَمَّرَه اللهُ وعَمَرَه: أَبقاه. وعَمَّرَ نَفْسَه: قدَّر لها قدْراً
محدوداً. وقوله عز وجل: وما يُعَمَّرُ مِن مُعَمَّرٍ ولا يُنْقَص من
عُمُرِه إِلا في كتاب؛ فسر على وجهين، قال الفراء: ما يُطَوَّلُ مِن عُمُرِ
مُعَمَّر ولا يُنْقَص من عُمُرِه، يريد الآخر غير الأَول ثم كنى بالهاء
كأَنه الأَول؛ ومثله في الكلام: عندي درهم ونصفُه؛ المعنى ونصف آخر، فجاز
أَن تقول نصفه لأَن لفظ الثاني قد يظهر كلفظ الأَول فكُنِيَ عنه ككناية
الأَول؛ قال: وفيها قول آخر: ما يُعَمَّر مِن مُعَمَّرٍ ولا يُنْقَص مِن
عُمُرِه، يقول: إِذا أَتى عليه الليلُ، والنهار نقصا من عُمُرِه، والهاء في
هذا المعنى للأَول لا لغيره لأَن المعنى ما يُطَوَّل ولا يُذْهَب منه
شيء إِلا وهو مُحْصًى في كتاب، وكلٌّ حسن، وكأَن الأَول أَشبه بالصواب، وهو
قول ابن عباس والثاني قول سعيد بن جبير.
والعُمْرَى: ما تجعله للرجل طولَ عُمُرِك أَو عُمُرِه. وقال ثعلب:
العُمْرَى أَن يدفع الرجل إِلى أَخيه داراً فيقول: هذه لك عُمُرَك أَو
عُمُرِي، أَيُّنا مات دُفِعَت الدار أَلى أَهله، وكذلك كان فعلُهم في الجاهلية.
وقد عَمَرْتُه أَياه وأَعْمَرْته: جعلتُه له عُمُرَه أَو عُمُرِي؛
والعُمْرَى المصدرُ من كل ذلك كالرُّجْعَى. وفي الحديث: لا تُعْمِرُوا ولا
تُرْقِبُوا، فمن أُعْمِرَ داراً أَو أُرْقِبَها فهي له ولورثته من بعده، وهي
العُمْرَى والرُّقْبَى. يقال: أَعْمَرْتُه الدار عمْرَى أَي جعلتها له
يسكنها مدة عُمره فإِذا مات عادت إِليَّ، وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية
فأَبطل ذلك، وأَعلمهم أَن من أُعْمِرَ شيئاً أَو أُرْقِبَه في حياته فهو
لورثته مِن بعده. قال ابن الأَثير: وقد تعاضدت الروايات على ذلك والفقهاءُ
فيها مختلفون: فمنهم من يعمل بظاهر الحديث ويجعلها تمليكاً، ومنهم من
يجعلها كالعارية ويتأَول الحديث. قال الأَزهري: والرُّقْبى أَن يقول الذي
أُرْقِبَها: إِن مُتَّ قبلي رجعَتْ إِليَّ، وإِن مُتُّ قبلك فهي لك. وأَصل
العُمْرَى مأَخوذ من العُمْر وأَصل الرُّقْبَى من المُراقبة، فأَبطل
النبي، صلى الله عليه وسلم، هذه الشروط وأَمْضَى الهبة؛ قال: وهذا الحديث
أَصل لكل من وهب هِبَة فشرط فيها شرطاً بعدما قبضها الموهوب له أَن الهبة
جائزة والشرط باطل؛ وفي الصحاح: أَعْمَرْتُه داراً أَو أَرضاً أَو
إِبِلاً؛ قال لبيد:
وما البِرّ إِلاَّ مُضْمَراتٌ من التُقَى،
وما المالُ إِلا مُعْمَراتٌ وَدائِعُ
وما المالُ والأَهْلُون إِلا وَدائِعٌ،
ولا بد يوماً أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ
أَي ما البِرُّ إِلا ما تُضْمره وتخفيه في صدرك. ويقال: لك في هذه الدار
عُمْرَى حتى تموت.
وعُمْرِيُّ الشجرِ: قديمُه، نسب إِلى العُمْر، وقيل: هو العُبْرِيّ من
السدر، والميم بدل. الأَصمعي: العُمْرِيّ والعُبْرِيّ من السِّدْر القديم،
على نهر كان أَو غيره، قال: والضّالُ الحديثُ منه؛ وأَنشد قول ذي الرمة:
قطعت، إِذا تَجَوَّفت العَواطِي،
ضُروبَ السِّدْر عُبْرِيّاً وضالا
(* قوله: «إِذا تجوفت» كذا بالأصل هنا بالجيم، وتقدم لنا في مادة عبر
بالخاء وهو بالخاء في هامش النهاية وشارح القاموس).
وقال: الظباء لا تَكْنِس بالسدر النابت على الأَنهار. وفي حديث محمد بن
مَسْلمة ومُحارَبتِه مَرْحَباً قال الراوي
(* قوله: «قال الراوي» بهامش
الأصل ما نصه قلت راوي هذا الحديث جابر بن عبدالله الأنصاري كما قاله
الصاغاني كتبه محمد مرتضى) لحديثهما. ما رأَيت حَرْباً بين رجلين قطّ قبلهما
مثلَهما، قام كلُّ واحد منهما إِلى صاحبه عند شجرة عُمْرِيَّة، فجعل كل
واحد منهما يلوذ بها من صاحبه، فإِذا استتر منها بشيء خَذَم صاحبُه ما
يَلِيه حتى يَخْلَصَ إِليه، فما زالا يَتَخَذَّمانها بالسَّيْف حتى لم يبق
فيها غُصْن وأَفضى كل واحد منهما إِلى صاحبه. قال ابن الأَثير: الشجرة
العُمْريَّة هي العظيمة القديمة التي أَتى عليها عُمْرٌ طويل. يقال للسدر
العظيم النابت على الأَنهار: عُمْرِيّ وعُبْرِيّ على التعاقب. ويقال: عَمَر
اللهُ بك منزِلَك يَعْمُره عِمارة وأَعْمَره جعلَه آهِلاً. ومكان
عامِرٌ: ذو عِمَارةٍ. ومكان عَمِيرٌ: عامِرٌ. قال الأَزهري: ولا يقال أَعْمَر
الرجلُ منزلَه بالأَلف. وأَعْمَرْتُ الأَرضَ: وجدتها عامرةً. وثوبٌ
عَمِيرٌ أَي صَفِيق. وعَمَرْت الخَرابَ أَعْمُره عِمارةً، فهو عامِرٌ أَي
مَعْمورٌ، مثل دافقٍ أَي مدفوق، وعيشة راضية أَي مَرْضِيّة. وعَمَر الرجلُ
مالَه وبيتَه يَعْمُره عِمارةً وعُموراً وعُمْراناً: لَزِمَه؛ وأَنشد أَبو
حنيفة لأَبي نخيلة في صفة نخل:
أَدامَ لها العَصْرَيْنِ رَيّاً، ولم يَكُنْ
كما ضَنَّ عن عُمْرانِها بالدراهم
ويقال: عَمِرَ فلان يَعْمَر إِذا كَبِرَ. ويقال لساكن الدار: عامِرٌ،
والجمع عُمّار.
وقوله تعالى: والبَيْت المَعْمور؛ جاء في التفسير أَنه بيت في السماء
بإزاء الكعبة يدخله كل يوم سبعون أَلف ملك يخرجون منه ولا يعودون إِليه.
والمَعْمورُ: المخدومُ. وعَمَرْت رَبِّي وحَجَجْته أَي خدمته. وعَمَر
المالُ نَفْسُه يَعْمُرُ وعَمُر عَمارةً؛ الأَخيرة عن سيبويه، وأَعْمَره
المكانَ واسْتَعْمَره فيه: جعله يَعْمُره. وفي التنزيل العزيز: هو أَنشأَكم من
الأَرض واسْتَعْمَرَكم فيها؛ أَي أَذِن لكم في عِمارتها واستخراجِ
قومِكم منها وجعَلَكم عُمَّارَها.
والمَعْمَرُ: المَنْزِلُ الواسع من جهة الماء والكلإِ الذي يُقامُ فيه؛
قال طرفة
بن العبد:
يا لَكِ مِن قُبَّرةٍ بمَعْمَرِ
ومنه قول الساجع: أَرْسِل العُراضاتِ أَثَرا، يَبْغِينَك في الأَرض
مَعْمَرا أَي يبغين لك منزلاً، كقوله تعالى: يَبْغُونها عِوَجاً؛ وقال أَبو
كبير:
فرأَيتُ ما فيه فثُمَّ رُزِئْتِه،
فبَقِيت بَعْدَك غيرَ راضي المَعْمَرِ
والفاء هناك في قوله: فثُمَّ رُزِئته، زائدة وقد زيدت في غير موضع؛ منها
بيت الكتاب:
لا تَجْزَعِي، إِن مُنْفِساً أَهْلَكْتُه،
فإِذا هَلكتُ فعِنْدَ ذلك فاجْزَعِي
فالفاء الثانية هي الزائدة لا تكون الأُولى هي الزائدة، وذلك لأَن الظرف
معمول اجْزَع فلو كانت الفاء الثانية هي جواب الشرط لما جاز تعلق الظرف
بقوله اجزع، لأَن ما بعد هذا الفاء لا يعمل فيما قبلها، فإِذا كان ذلك
كذلك فالفاء الأُولى هي جواب الشرط والثانية هي الزائدة. ويقال: أَتَيْتُ
أَرضَ بني فلان فأَعْمَرْتُها أَي وجدتها عامِرةً. والعِمَارةُ: ما
يُعْمَر به المكان. والعُمَارةُ: أَجْرُ العِمَارة. وأَعْمَرَ عليه:
أَغناه.والعُمْرة: طاعة الله عز وجل. والعُمْرة في الحج: معروفة، وقد اعْتَمر،
وأَصله من الزيارة، والجمع العُمَر. وقوله تعالى: وأَتِمُّوا الحجَّ
والعُمْرة لله؛ قال الزجاج: معنى العُمْرة في العمل الطوافُ بالبيت والسعيُ
بين الصفا والمروة فقط، والفرق بين الحج والعُمْرةِ أَن العُمْرة تكون
للإِنسان في السَّنَة كلها والحج وقت واحد في السنة كلها والحج وقت واحد في
السنة؛ قال: ولا يجوز أَن يحرم به إِلا في أَشهر الحج شوّال وذي القعدة
وعشر من ذي الحجة، وتمامُ العُمْرة أَن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا
والمروة، والحج لا يكون إِلاَّ مع الوقوف بعرفة يومَ عرفة. والعُمْرة: مأَخوذة
من الاعْتِمار، وهو الزيارة، ومعنى اعْتَمر في قصد البيت أَنه إِنما
خُصَّ بهذا لأَنه قصد بعمل في موضع عامر، ولذلك قيل للمُحْرِم بالعُمْرةِ:
مُعْتَمِرٌ، وقال كراع: الاعْتِمار العُمْرة، سَماها بالمصدر. وفي الحديث
ذكرُ العُمْرة والاعْتِمار في غير موضع، وهو الزيارة والقصد، وهو في
الشرع زيارة البيت الحرام بالشروط المخصوصة المعروفة. وفي حديث الأَسود قال:
خرجنا عُمّاراً فلما انصرفنا مَرَرْنا بأَبي ذَرٍّ؛ فقال: أَحَلَقْتم
الشَّعَث وقضيتم التَّفَثَ عُمّاراً؟ أَي مُعْتَمِرين؛ قال الزمخشري: ولم
يجئ فيما أَعلم عَمَر بمعنى اعْتَمَر، ولكن عَمَر اللهَ إِذا عبده، وعَمَر
فلانٌ ركعتين إِذا صلاهما، وهو يَعْمُر ربَّه أَي يصلي ويصوم. والعَمَار
والعَمَارة: كل شيء على الرأْس من عمامة أَو قَلَنْسُوَةٍ أَو تاجٍ أَو
غير ذلك. وقد اعْتَمَر أَي تعمّم بالعمامة، ويقال للمُعْتَمِّ:
مُعْتَمِرٌ؛ ومنه قول الأَعشى:
فَلَمَّا أَتانا بُعَيْدَ الكَرى،
سَجَدْنا لَهُ ورَفَعْنا العَمارا
أَي وضعناه من رؤوسنا إِعْظاماً له.
واعْتَمرة أَي زارَه؛ يقال: أَتانا فلان مُعْتَمِراً أَي زائراً؛ ومنه
قول أَعشى باهلة:
وجاشَت النَّفْسُ لَمَّا جاءَ فَلُهمُ،
وراكِبٌ، جاء من تَثْلِيثَ، مُعْتَمِرُ
قال الأَصمعي: مُعْتَمِر زائر، وقال أَبو عبيدة: هو متعمم بالعمامة؛
وقول ابن أَحمر:
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبانُها،
كما يُهِلُّ الراكبُ المُعْتَمِرْ
فيه قولان: قال الأَصمعي: إِذا انْجلى لهم السحابُ عن الفَرْقَدِ
أَهَلّوا أَي رفعوا أَصواتهم بالتكبير كما يُهِلّ الراكب الذي يريد عمرة الحج
لأَنهم كانوا يهتدون بالفَرْقَد، وقال غيره: يريد أَنهم في مفازة بعيدة من
المياه فإِذا رأَوْا فرقداً، وهو ولد البقرة الوحشية، أَهلّوا أَي
كبّروا لأَنهم قد علموا أَنهم قد قربوا من الماء. ويقال للاعْتِمار: القصد.
واعْتَمَر الأَمْرَ: أَمَّه وقصد له: قال العجاج:
لقد غَزَا ابنُ مَعْمَرٍ، حين اعْتَمَرْ،
مَغْزًى بَعِيداً من بَعيد وضَبَرْ
المعنى: حين قصد مَغْزًى بعيداً. وضبَرَ: جَمعَ قوائمه ليَثِبَ.
والعُمْرةُ: أَن يَبْنِيَ الرجلُ بامرأَته في أَهلها، فإِن نقلها إِلى
أَهله فذلك العُرْس؛ قاله ابن الأَعرابي.
والعَمَارُ: الآسُ، وقيل: كل رَيْحانٍ عَمَارٌ. والعَمّارُ: الطَّيِّب
الثناء الطَّيِّب الروائح، مأْخوذ من العَمَار، وهو الآس.
والعِمَارة والعَمارة: التحيّة، وقيل في قول الأَعشى «ورفعنا العمارا»
أَي رفعنا له أَصواتنا بالدعاء وقلنا عمَّرك الله وقيل: العَمَارُ ههنا
الريحان يزين به مجلس الشراب، وتسميه الفُرْس ميُوران، فإِذا دخل عليهم
داخل رفعوا شيئاً منه بأَيديهم وحيَّوْه به؛ قال ابن بري: وصواب إِنشاده
«ووَضَعْنا العَمارا» فالذي يرويه ورفعنا العَمَارا، هو الريحان أَو الدعاء
أَي استقبلناه بالريحان أَو الدعاء له، والذي يرويه «ووضعنا العمارا» هو
العِمَامة؛ وقيل: معناه عَمّرَك اللهُ وحيّاك، وليس بقوي؛ وقيل:
العَمارُ هنا أَكاليل الرَّيْحان يجعلونها على رؤوسهم كما تفعل العجم؛ قال ابن
سيده: ولا أَدري كيف هذا.
ورجل عَمّارٌ: مُوَقًّى مستور مأْخوذ من العَمَر، وهو المنديل أَو غيره،
تغطّي به الحرّة رأْسها. حكى ثعلب عن ابن الأَعرابي قال: إِن العَمَرَ
أَن لا يكون للحُرّة خِمار ولا صَوْقَعة تُغطّي به رأْسها فتدخل رأْسها في
كمها؛ وأَنشد:
قامَتْ تُصَلّي والخِمارُ مِن عَمَرْ
وحكى ابن الأَعرابي: عَمَر ربَّه عبَدَه، وإِنه لعَامِرٌ لربّه أَي
عابدٌ. وحكى اللحياني عن الكسائي: تركته يَعمرُ ربَّه أَي يعبده يصلي ويصوم.
ابن الأَعرابي: يقال رجل عَمّار إِذا كان كثيرَ الصلاة كثير الصيام. ورجل
عَمّار، وهو الرجل القوي الإِيمان الثابت في أَمره الثَّخينُ الوَرَعِ:
مأْخوذ من العَمِير، وهو الثوب الصفيق النسجِ القويُّ الغزلِ الصبور على
العمل، قال: وعَمّارٌ المجتمعُ الأَمر اللازمُ للجماعة الحَدِبُ على
السلطان، مأْخوذ من العَمارةِ، وهي العمامة، وعَمّارٌ مأْخوذ من العَمْر، وهو
البقاء، فيكون باقياً في إِيمانه وطاعته وقائماً بالأَمر والنهي إِلى
أَن يموت. قال: وعَمّارٌ الرجل يجمع أَهل بيته وأَصحابه على أَدَبِ رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، والقيامِ بسُنّته، مأْخوذ من العَمَرات، وهي
اللحمات التي تكون تحت اللَّحْي، وهي النَّغانِغُ واللَّغادِيدُ؛ هذا كله
محكى عن ابن الأَعرابي. اللحياني: سمعت العامِريّة تقول في كلامها: تركتهم
سامِراً بمكان كذا وكذا وعامِراً؛ قال أَبو تراب: فسأَلت مصعباً عن ذلك
فقال: مقيمين مجتمعين.
والعِمَارة والعَمارةُ: أَصغر من القبيلة، وقيل: هو الحيُّ العظيم الذي
يقوم بنفسه، ينفرد بِظَعْنِها وإِقامتها ونُجْعَتِها، وهي من الإِنسان
الصدر، سُمِّي الحيُّ العظيم عِمَارة بعِمارة الصدر، وجمعها عمائر؛ ومنه
قول جرير:
يَجُوسُ عِمارة، ويَكُفّ أُخرى
لنا، حتى يُجاوزَها دَليل
قال الجوهري: والعَمَارة القبيلة والعشيرة؛ قال التغلبي:
لكل أُناسٍ من مَعَدٍّ عَمارةٍ
عَرُوِّضٌ، إِليها يَلْجأُون، وجانِبُ
وعَمارة خفض على أَنه بدل من أُناس. وفي الحديث: أَنه كتب لِعَمَائر
كَلْب وأَحْلافها كتاباً؛ العَمَائرُ: جمع عمارة، بالكسر والفتح، فمن فتح
فَلالْتفاف بعضهم على بعض كالعَمارة العِمامةِ، ومن كسر فلأَن بهم عِمارةَ
الأَرض، وهي فوق البَطْن من القبائل، أَولها الشَّعْب ثم القبيلة ثم
العَِمارة ثم البَطْن ثم الفَخْذ. والعَمْرة: الشَّذْرة من الخرز يفصّل بها
النظم، وبها سميت المرأَة عَمْرة؛ قال:
وعَمْرة مِن سَرَوات النسا
ءِ، يَنْفَحُ بالمِسْك أَرْدانُها
وقيل: العَمْرة خرزة الحُبّ. والعَمْر: الشَّنْف، وقيل: العَمْر حلقة
القرط العليا والخَوْقُ حلقة أَسفل القرط. والعَمَّار: الزَّيْن في
المجالس، مأْخوذ من العَمْر، وهو القرط.
والعَمْر: لحم من اللِّثَة سائل بين كل سِنَّيْن. وفي الحديث: أَوْصاني
جِبْرِيل بالسواك حتى خَشِيتُ على عُمورِي؛ العُمُور: منابت الأَسنان
واللحم الذي بين مَغارِسها، الواحد عَمْر، بالفتح، قال ابن الأَثير: وقد
يضم؛ وقال ابن أَحمر:
بانَ الشَّبابُ وأَخْلَفَ العَمْرُ،
وتَبَدَّلَ الإِخْوانُ والدَّهْرُ
والجمع عُمور، وقيل: كل مستطيل بين سِنَّيْنِ عَمْر. وقد قيل: إِنه
أَراد العُمْر. وجاء فلان عَمْراً أَي بطيئاً؛ كذا ثبت في بعض نسخ المصنف،
وتبع أَبا عبيد كراع، وفي بعضها: عَصْراً.
اللحياني: دارٌ مَعْمورة يسكنها الجن، وعُمَّارُ البيوت: سُكّانُها من
الجن. وفي حديث قتل الحيّات: إِنّ لهذه البيوت عَوامِرَ فإِذا رأَيتم منها
شيئاً فحَرِّجُوا عليها ثلاثاً؛ العَوامِرُ: الحيّات التي تكون في
البيوت، واحدها عامِرٌ وعامرة، قيل: سميت عَوامِرَ لطول أَعمارها.
والعَوْمَرةُ: الاختلاطُ؛ يقال: تركت القوم في عَوْمَرةٍ أَي صياحٍ
وجَلبة.والعُمَيْرانِ والعُمَيْمِرانِ والعَمَّرتان
(* قوله: «العمرتان» هو
بتشديد الميم في الأصل الذي بيدنا، وفي القاموس بفتح العين وسكون الميم وصوب
شارحه تشديد الميم نقلاً عن الصاغاني). والعُمَيْمِرتان: عظمان صغيران
في أَصل اللسان.
واليَعْمورُ: الجَدْيُ؛ عن كراع. ابن الأَعرابي: اليَعامِيرُ الجِداءُ
وصغارُ الضأْن، واحدها يَعْمور؛ قال أَبو زيد الطائي:
ترى لأَخْلافِها مِن خَلْفِها نَسَلاً،
مثل الذَّمِيم على قَرْم اليَعامِير
أَي يَنْسُل اللبن منها كأَنه الذميم الذي يَذِمّ من الأَنف. قال
الأَزهري: وجعل قطرب اليَعامِيرَ شجراً، وهو خطأٌ. قال ابن سيده: واليَعْمورة
شجرة، والعَمِيرة كُوَّارة النَّحْل.
والعُمْرُ: ضربٌ من النخل، وقيل: من التمر.
والعُمور: نخلُ السُّكَّر
(* قوله: «السكر» هو ضرب من التمر جيد).
خاصة، وقيل: هو العُمُر، بضم العين والميم؛ عن كراع، وقال مرة: هي العَمْر،
بالفتح، واحدتها عَمْرة، وهي طِوال سُحُقٌ. وقال أَبو حنيفة: العَمْرُ نخل
السُّكّر، والضم أَعلى اللغتين. والعَمْرِيّ: ضرب من التمر؛ عنه أَيضاً.
وحكى الأَزهري عن الليث أَنه قال: العَمْر ضرب من النخيل، وهو السَّحُوق
الطويل، ثم قال: غلظ الليث في تفسير العَمْر، والعَمْرُ نخل السُّكَّر،
يقال له العُمُر، وهو معروف عند أَهل البحرين؛ وأَنشد الرياشي في صفة
حائط نخل:
أَسْوَد كالليل تَدَجَّى أَخْضَرُهْ،
مُخالِط تَعْضوضُه وعُمُرُه،
بَرْنيّ عَيْدانٍ قَلِيل قَشَرُهْ
والتَّعْضوض: ضرب من التمر سِرِّيّ، وهو من خير تُمْران هجَر، أَسود عذب
الحلاوة. والعُمُر: نخل السُّكّر، سحوقاً أَو غير سحوق. قال: وكان
الخليل ابن أَحمد من أَعلم الناس بالنخيل وأَلوانِه ولو كان الكتابُ مِن
تأْليفه ما فسر العُمُرَ هذا التفسير، قال: وقد أَكلت أَنا رُطَبَ العُمُرِ
ورُطَبَ التَّعْضوضِ وخَرَفْتُهما من صغار النخل وعَيدانِها وجَبّارها،
ولولا المشاهدةُ لكنت أَحد المغترّين بالليث وخليلِه وهو لسانه.
ابن الأَعرابي: يقال كَثِير بَثِير بَجِير عَمِير إِتباع؛ قال الأَزهري:
هكذا قال بالعين.
والعَمَرانِ: طرفا الكُمّين؛ وفي الحديث: لا بأْس أَن يُصَلِّيَ الرجلُ
على عَمَرَيْهِ، بفتح العين والميم، التفسير لابن عرفة حكاه الهروي في
الغريبين وغيره. وعَمِيرة: أَبو بطن وزعمها سيبويه في كلْب، النسبُ إِليه
عَمِيرِيّ شاذ، وعَمْرو: اسم رجل يكتب بالواو للفرق بينه وبين عُمَر
وتُسْقِطها في النصب لأَن الأَلف تخلفها، والجمع أَعْمُرٌ وعُمور؛ قال الفرزدق
يفتخر بأَبيه وأَجداده:
وشَيَّدَ لي زُرارةُ باذِخاتٍ،
وعَمرو الخير إِن ذُكِرَ العُمورُ
الباذِخاتُ: المراتب العاليات في الشرف والمجد. وعامِرٌ: اسم، وقد يسمى
به الحيّ؛ أَنشد سيبويه في الحي:
فلما لَحِقنا والجياد عشِيّة،
دَعَوْا: يا لَكَلْبٍ، واعْتَزَيْنا لِعامِر
وأَما قول الشاعر:
وممن ولَدُوا عامِـ
ـرُ ذو الطُّول وذو العَرْض
فإِن أَبا إِسحق قال: عامر هنا اسم للقبيلة، ولذلك لم يصرفه، وقال ذو
ولم يقل ذات لأَنه حمله على اللفظ، كقول الآخر:
قامَتْ تُبَكِّيه على قَبْرِه:
مَنْ ليَ مِن بَعدِك يا عامِرُ؟
تَرَكْتَني في الدار ذا غُرْبةٍ،
قد ذَلَّ مَن ليس له ناصِرُ
أَي ذات غُرْبة فذكّر على معنى الشخص، وإِنما أَنشدنا البيت الأَول
لتعلم أَن قائل هذا امرأَة وعُمَر وهو معدول عنه في حال التسمية لأَنه لو عدل
عنه في حال الصفة لقيل العُمَر يُراد العامِر. وعامِرٌ: أَبو قبيلة، وهو
عامرُ بن صَعْصَعَة بن معاوية بن بكر بن هوازن. وعُمَير وعُوَيْمِر
وعَمَّار ومَعْمَر وعُمارة وعِمْران ويَعْمَر، كلها: أَسماء؛ وقول
عنترة:أَحَوْليَ تَنْفُضُ آسْتُك مِذْرَوَيْها
لِتَقْتُلَني؟ فها أَنا ذا عُمارا
هو ترخيم عُمارة لأَنه يهجو به عُمارةَ بن زياد العبسي. وعُمارةُ بن
عقيل بن بلال بن جرير: أَدِيبٌ جدّاً. والعَمْرانِ: عَمْرو بن جابر بن هلال
بن عُقَيْل بن سُمَيّ بن مازن بن فَزارة، وبَدْر بن عمرو بن جُؤيّة بن
لَوْذان بن ثعلبة بن عديّ بن فَزارة، وهما رَوْقا فزراة؛ وأَنشد ابن السكيت
لقُراد بن حبش الصارديّ يذكرهما:
إِذا اجتمع العَمْران: عَمْرو بنُ جابر
وبَدْرُ بن عَمْرٍو، خِلْتَ ذُبْيانَ تُبَّعا
وأَلْقَوْا مَقاليدَ الأُمورِ إِليهما،
جَمِيعاً قِماءً كارهين وطُوَّعا
والعامِرانِ: عامِرُ بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة
وهو أَبو براء مُلاعِب الأَسِنَّة، وعامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن
كلاب وهو أَبو علي. والعُمَران: أَبو بكر وعُمَر، رضي الله تعالى عنهما،
وقيل: عمر يبن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، رضي الله عنهما؛ قال مُعاذٌ
الهَرَّاء: لقد قيل سِيرةُ العُمَرَيْنِ قبل خلافة عُمَر بن عبد العزيز
لأَنهم قالوا لعثمان يوم الدار: تَسْلُك سِيرةَ العُمَرَيْن. قال الأَزهري:
العُمَران أَبو بكر وعمر، غُلِّبَ عُمَر لأَنه أَخَفّ الاسمين، قال: فان
قيل كيف بُدِئ بِعُمَر قبل أَبي بكر وهو قبله وهو أَفضل منه، فإِن العرب
تفعل هذا يبدأُون بالأَخسّ، يقولون: رَبيعة ومُضَر وسُلَيم وعامر ولم
يترك قليلاً ولا كثيراً؛ قال محمد بن المكرم: هذا الكلام من الأَزهري فيه
افْتِئات على عمر، رضي الله عنه، وهو قوله: إِن العرب يبدأُون بالأَخس
ولقد كان له غُنية عن إِطلاق هذا اللفظ الذي لا يليق بجلالة هذا الموضع
المتشرْف بهذين الاسمين الكريمين في مثالٍ مضروبٍ لعُمَر، رضي الله عنه، وكان
قوله غُلِّب عُمر لأَنه أَخفّ الاسمين يكفيه ولا يتعرض إِلى هُجْنة هذه
العبارة، وحيث اضطر إِلى مثل ذلك وأَحْوَجَ نفسَه إِلى حجة أُخرى فلقد
كان قِيادُ الأَلفاظ بيده وكان يمكنه أَن يقول إِن العرب يقدمون المفضول
أَو يؤخرون الأَفضل أَو الأَشرف أَو يبدأُون بالمشروف، وأَما أَفعل على هذه
الصيغة فإِن إِتيانه بها دل على قلة مبالاته بما يُطْلِقه من الأَلفاظ
في حق الصحابة، رضي الله عنهم، وإِن كان أَبو بكر، رضي الله عنه، أَفضل
فلا يقال عن عمر، رضي الله عنه، أَخسّ، عفا الله عنا وعنه. وروي عن قتادة:
أَنه سئل عن عِتْق أُمهات الأَولاد فقال: قضى العُمَران فما بينهما من
الخُلَفاء بعتق أُمّهات الأَولاد؛ ففي قول قتادة العُمَران فما بينهما أَنه
عُمر بن الخطاب وعُمَر ابن عبد العزيز لأَنه لم يكن بين أَبي بكر وعُمَر
خليفةٌ. وعَمْرَوَيْهِ: اسم أَعجمي مبني على الكسر؛ قال سيبويه: أَما
عَمْرَوَيْه فإِنه زعم أَنه أَعجمي وأَنه ضَرْبٌ من الأَسماء الأَعجمية
وأَلزموا آخره شيئاً لم يلزم الأَعْجميّة، فكما تركوا صرف الأَعجمية جعلوا
ذلك بمنزلة الصوت، لأَنهم رَأَوْه قد جمع أَمرين فخطُّوه درجة عن إِسمعيل
وأَشباهه وجعلوه بمنزلة غاقٍ منونة مكسورة في كل موضع؛ قال الجوهري: إِن
نَكَّرْتَه نوّنت فقلت مررت بعَمْرَوَيْهِ وعَمْرَوَيْهٍ آخر، وقال:
عَمْرَوَيْه شيئان جعلا واحداً، وكذلك سيبويه ونَفْطَوَيْه، وذكر المبرد في
تثنيته وجمعه العَمْرَوَيْهانِ والعَمْرَوَيْهُون، وذكر غيره أَن من قال
هذا عَمْرَوَيْهُ وسِيبَوَيْهُ ورأَيت سِيبَوَيْهَ فأَعربه ثناه وجمعه،
ولم يشرطه المبرد. ويحيى بن يَعْمَر العَدْوانيّ: لا ينصرف يَعْمَر لأَنه
مثل يَذْهَب. ويَعْمَر الشُِّدّاخ: أَحد حُكّام العرب. وأَبو عَمْرة:
رسولُ المختار
(* قوله: «المختار» أَي ابن أبي عبيد كما في شرح القاموس).
وكان إِذا نزل بقوم حلّ بهم البلاء من القتل والحرب وكان يُتَشاءم به. وأَبو
عَمْرة: الإِقْلالُ؛ قال:
إِن أَبا عَمْرة شرُّ جار
وقال:
حلّ أَبو عَمْرة وَسْطَ حُجْرَتي
وأَبو عَمْرة: كنية الجوع. والعُمُور: حيٌّ من عبد القيس؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
جعلنا النِّساءَ المُرْضِعاتِكَ حَبْوةً
لِرُكْبانِ شَنٍّ والعُمُورِ وأَضْجَما
شَنٌّ: من قيس أَيضاً. والأَضْجَم: ضُبَيْعة بن قيس ابن ثعلبة. وبنو
عمرو بن الحرث: حيّ؛ وقول حذيفة بن أَنس الهذلي:
لعلكمُ لَمَّا قُتِلْتُم ذَكَرْتم،
ولن تَتْركُوا أَن تَقْتُلوا مَن تَعَمَّرا
قيل: معنى مَن تَعَمَّر انتسب إِلى بني عمرو بن الحرث، وقيل: معناه من
جاء العُمْرة. والــيَعْمَريّة: ماء لبني قعلبة بوادٍ من بطن نخل من
الشَّرَبّة. واليَعامِيرُ: اسم موضع؛ قال طفيل الغنوي:
يقولون لمّا جَمّعوا لغدٍ شَمْلَكم:
لك الأُمُّ مما باليَعامِير والأَبُ
(* هذا الشطر مختل الوزن ويصح إِذا وضع «فيه» مكان «لغدٍ» هذا إِذا كان
اليعامير مذكراً، وهو مذكور في شعر سابق ليعود إِليه ضمير فيه).
وأَبو عُمَيْر: كنية الفَرْج. وأُمُّ عَمْرو وأُم عامر، الأُولى نادرة:
الضُبُع معروفة لأَنه اسم سمي به النوع؛ قال الراجز:
يا أُمَّ عَمْرٍو، أَبْشِري بالبُشْرَى،
مَوْتٌ ذَرِيعٌ وجَرادٌ عَظْلى
وقال الشنفرى:
لا تَقْبِرُوني، إِنّ قَبْرِي مُحَرَّم
عليكم، ولكن أَبْشِري، أُمَّ عامر
يقال للضبع أُمّ عامر كأَن ولدها عامر؛ ومنه قول الهذلي:
وكَمْ مِن وِجارٍ كجَيْبِ القَمِيص،
به عامِرٌ وبه فُرْعُلُ
ومن أَمثالهم: خامِرِي أُمَّ عامر، أَبْشِري بجرادٍ عَظْلى وكَمَرِ
رجالٍ قَتْلى، فتَذِلّ له حتى يكْعَمها ثم يجرّها ويستخرجها. قال: والعرب
تضرب بها المثل في الحمق، ويجيء الرجل إِلى وجارِها فيسُدُّ فمه بعدما تدخله
لئلا ترى الضوء فتحمل الضبعُ عليه فيقول لها هذا القول؛ يضرب مثلاً لمن
يُخْدع بلين الكلام.
شدخ: الشَّدْخُ: الكسرُ في كل شيء رَطْب؛ وقيل: هو التَّهْشِيم يعني به
كَسْرَ اليابس وكلِّ أَجوفَ؛ شَدَخَه بَشْدَخُه شَدْخاً فانْشَدَخ
وتَشَدَّخ. الليث: الشَّدْخ كسرك الشيءَ الأَجْوَفَ كالرأْس ونحوه؛ شَدَخَ
رأْسَه فانْشَدَخَ وشُدِّختِ الرُؤُوس، شُدِّدَ للكثرة. وفي الحديث:
فَشَدَخُوه بالحجارة؛ الشَّدْخُ: كسر الشيء الأَجْوَفِ وكذلك كل شيء رَخْصٍ
كالعَرْفَجِ وما أَشبهه.
والمُشَدَّخُ: بُسْرٌ يُغْمَز حتى يَنْشَدِخ.
ابن سيده: وعَجَلَةٌ شَدْخَةٌ رَطْبَة رَخْصَةٌ، أَعني بالعَجَلَة ضرباً
من النبات. وطِفْلٌ شَدَخٌ: رَخْصٌ. وغلام شادِخٌ: شابٌّ.
الجوهري: المُشَدَّخُ البُسْر يُغْمَز حتى يَنْشَدخ ثم يُيَبَّسُ في
الشتاء؛ قال أَبو منصور: المُشَدَّخ من البُسْرِ ما افْتُضِخ، والفَضْخ
والشَّدْخ واحد؛ وقول جرير:
ورَكِبَ الشادِخَةَ المُحَجَّله
يعني ركب فِعْلَة مشهورة قبيحة من قِبَلِ أَبيه؛ وقال ابن بري: الشعر
للعَيِّفِ العَبْدِيِّ يهجو به الحرث بن أَبي شمر الغساني. ابن الأَعرابي:
يقال للغلام جَفْر ثم يافِعٌ ثم شَدَخ ثم مُطَبَّخ ثم كَوْكَبٌ. وروي في
حديث ابن عمر أَنه قال في السِّقْطِ: إِذا كان شَدَخاً أَو مُضْغَةً
فادْفِنْه في بيتك؛ الشَّدَخ، بالتحريك: الذي يسقط من جوف أُمه رَطْباً
رَخصاً لم يَشْتَدَّ.
وشَدَخَتِ الغُرّة تَشْدَخُ شَدْخاً وشُدُوخاً: انتشرت وسالت سُفْلاً
فملأَت الجبهة ولم تبلغ العينين؛ وقيل: غَشِيَتِ الوجهَ من أَصل الناصية
إِلى الأَنف؛ قال:
غُرَّتُنا بالمَجْدِ شادِخَةٌ
للناظرين، كأَنها البَدْرُ
وفرس أَشْدَخُ، والأُنثى شَدْخاء: ذو شادِخَةٍ. قال أَبو عبيدة يقال
لغُرَّة الفرس إِذا كانت مستديرة: وَتِيرة، فإِذا سالت وطالت، فهي شادِخَة،
وقد شَدَخَتْ شُدُوخاً: اتسعت في الوجه؛ وأَنشد أَبو عبيد:
سَقْياً لكم يا نُعْمُ سَقْيَيْنِ اثْنَيْن،
شادِخَة الغُرَّة نَجْلاء العَيْن
وقال الراجز:
شَدَخَتْ غُرَّة السَّوابقِ فيهم،
في وُجوهٍ إِلى الكِمامِ الجِعَادِ
والشُِّدَّاخُ: أَحد حُكَّام كنانة، وهو لقب له واسمه يَعْمَرُ
بنُ عَوْف؛ قال الأَزهري: كان يَعْمَرُ الشُِّدَّاخُ أَحد حكام العرب في
الجاهلية، سمي شُدَّاخاً لأَنه حكم بين خُزاعة وقُصَيّ حين حَكَّموه
فيما تنازعوا فيه من أَمر الكعبة، وكثر القتلُ فَشَدَخَ دِماء خزاعة تحت
قدمه وأَبطلها وقضى بالبيت لِقُصَيّ؛ وخُرِّجَ شُِدَّاخٌ نعتاً مخرج رجل
طُوَّال وماء طِيَّاب. ومن العرب من يقول: يَعْمَرُ الشَّدَّاخُ.
وأَمْرٌ شادِخٌ أَي مائل عن القصد؛ وقد شَدَخَ يَشْدَخُ شَدْخاً، فهو
شادخ؛ قال أَبو منصور: لا أَعرف هذا الحرف ولا أَحقه؛ ثم قال: صححه قول
أَبي النجم:
مُقْتَدِرُ النَّفْسِ على تَسْخِيرِها،
بأَمْرِه الشادِخِ عن أُمُورِها
أَي يَعْدِلُ عن سَنَنها ويَمِيل؛ وقال الراجز:
شادِخَة تَشْدَخُ عن أَذْلالِها
قال أَبو عبيدة: أَي تَعْدِلُ عن طريقها. وبنو الشَّدَّاخِ: بطنٌ.
والأَشْداخُ: وادٍ من أَودية تِهامَةَ؛ قال حسان بن ثابت:
أَلم تَسْأَلِ الرَّبْعَ الجَديدَ التَّكَلُّما،
بِمَدْفَعِ أَشْداخٍ فَبُرْقَةِ أَظْلَما
طلل: الطَّلُّ: المَطَرُ الصِّغارُ القَطر الدائمُ، وهو أَرْسخُ المطر
نَدًى. ابن سيده: الطَّلُّ أَخَفُّ المطر وأَضعفه ثم الرَّذاذُ ثم
البَغْش، وقيل: هو النَّدى، وقيل: فوق النَّدى ودون المطر، وجمعه طِلالٌ؛ فأَما
قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
مثل النَّقا لبَّدَه ضَرْبُ الطَّلَل
فإِنه أَراد ضرْب الطَّلِّ ففَكَّ المُدْغَم ثم حرَّكه، ورواه غيره ضربُ
الطِّلل، أَراد ضرب الطِّلال فحذف أَلف الجمع. ويومٌ طَلٌّ: ذو طَلٍّ.
وطُلَّت الأَرضُ طَلاًّ: أَصابها الطَّلُّ، وطلَّت فهي طَلّةٌ: ندِيَتْ،
وطلَّها النَّدى، فهي مطلولةٌ. وقالوا في الدعاء: طُلَّتْ بلادُك
وطَلَّتْ، فطُلَّت: أُمْطِرت، وطَلَّت: نديَتْ. وقال أَبو إِسحق: طُلَّتْ، بالضم
لا غير. يقال: رحُبَتْ بلادُك وطُلَّتْ، بالضم، ولا يقال طَلَّتْ لأَن
الطَّلَّ لا يكون منها إِنما هي مفعولة، وكل ندٍ طَلٌّ. وقال الأَصمعي:
أَرضٌ طلَّة نديَةٌ وأَرضٌ مطلولة من الطَّلِّ. وطلَّت السماءُ: اشْتَدَّ
وقعُها. والمُطَلِّل: الضَّباب، ويقال للنَّدى الذي تخرجه عروق الشجر إِلى
غصونها طَلٌّ. وفي حديث أَشراط الساعة: ثم يُرْسِل الله مطراً كأَنه
الطَّلُّ؛ الطَّلُّ: الذي ينزل من السماء في الصَّحْو، والطَّلُّ أَيضاً:
أَضعف المطر. والطَّلُّ: قِلَّة لَبن الناقة، وقيل: هو اللبن قَلَّ أَو
كَثُر. والمطلول: اللَّبَن المَحْضُ فوقه رغْوة مصبوبٌ عليه ماءٌ فتَحْسبُه
طَيِّباً وهو لا خير فيه؛ قال الراعي:
وبحَسْب قَوْمِك، إِن شَتَوْا، مطلولةٌ،
شَرَع النَّهار، ومَذْقةٌ أَحياناً
وقيل: المَطْلولة هنا جِلدة موْدُونة بلبن مَحْضٍ يأْكلونها. وقالوا: ما
بها طَلٌّ ولا ناطِلٌ، فالطَّلُّ اللبن، والنَّاطِلُ الخمر. وما بها
طَلٌّ أَي طِرْقٌ. ويقال: ما بالناقة طَلٌّ أَي ما بها لبن. والطُّلَّى:
الشَّرْبة من الماء. والطَّلُّ: هَدْرُ الدَّم وقيل: هو أَن لا يُثْأَر به
أَو تُقْبَل ديَتُه، وقد ظلَّ الدمُ نفسُه طلاًّ وطَلَلْتُه أَنا؛ قال
أَبو حيَّة النُّميري:
ولكنْ، وبَيْتِ اللهِ، ما طلَّ مُسْلِماً
كغُرِّ الثَّنايا واضحاتِ المَلاغِم
وقد طُلَّ طَلاًّ وطُلولاً، فهو مطلولٌ وطَليلٌ، وأُطِلَّ وأَطَلَّه
اللهُ. الجوهري: طَلَّه اللهُ وأَطَلَّه أَي أَهدره. أَبو زيد: طُلَّ دَمُه،
فهو مطلولٌ؛ قال الشاعر:
دِماؤُهُم ليس لها طالِبٌ،
مطلولةٌ مثل دَمِ العُذْرَه
أَبو زيد: طُلَّ دَمُه وأَطَلَّه اللهُ، ولا يقال طَلَّ دَمُه، بالفتح،
وأَبو عبيدة والكسائي يقولانه. ويقال: أُطِلَّ دَمُه؛ أَبو عبيدة: فيه
ثلاث لغات: طَلَّ دَمُه وطُلَّ دَمُه وأُطِلَّ دَمُه. والطُّلاَّءُ:
الدَّمُ المطلول؛ قال الفارسي: همزته منقلبة عن ياء مُبْدَلةٍ من لام وهو عنده
من مُحَوّل التضعيف، كما قالوا لا أَمْلاه يريدون لا أَمَلُّه. وفي
الحديث: أَن رجلاً عَضَّ يَدَ رجل فانتزع يَدَه من فيه فسَقَطَتْ ثَناياه
فطَلَّها رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، أَي أَهْدَرَها وأَبطلها؛ قال ابن
الأَثير: هكذا يروى طَلَّها، بالفتح، وإِنما يقال طُلَّ دَمُه وأُطِلَّ
وأَطَلَّه اللهُ، وأَجاز الأَوَّلَ الكسائي؛ قال: ومنه الحديث مَنْ لا
أَكَل ولا شَربَ ولا اسْتَهَلَّ ومثل ذلك يُطَلُّ. وطَلَّه حقَّه يَطُلُّه:
نقَصَه إِيَّاه وأَبْطَله. خالد بن جَنْبة: طَلَّ بنو فلان فلاناً حقَّه
يَطْلُّونه إِذا منعوه إِياه وحبسوه منه، وقال غيره: طَلَّه أَي مَطَله؛
ومنه حديث يحيى بن يَعْمَر لزوج المرأَة التي حاكَمَتْه إِليه طالبةً
مَهْرَها: أَنْشَأْتَ تَطُلُّها وتَضَهَلُها؛ تَطُلُّها أَي تَمْطُلها،
طَلَّ فلان غَرِيمَه يَطُلُّه إِذا مَطَله، وقيل يَطُلُّها يَسْعَى في بطلان
حقِّها كأَنه من الدَّم المَطلول. ورَجُلٌ طَلٌّ: كبير السِّنِّ؛ عن
كراع.والطَّلَّةُ: الخَمْر اللَّذيذة. وخَمْرةٌ طَلَّة أَي لَذيذةٌ؛ قال
حُمَيْد بن ثَوْر:
أَظَلُّ كأَنِّي شارِبٌ لِمُدامةٍ،
لها في عِظامِ الشَّارِبِينَ دَبيبُ
رَكُودِ الحُمَيَّا طَلَّةٍ شابَ ماءَها
بها، من عَقاراءِ الكُرُومِ، زَبِيبُ
أَراد من كُرُومِ العَقاراء فَقَلب. ورائحةٌ طَلَّة: لذيذة؛ أَنشد ثعلب:
تَجِيءُ بِرَيّا من عُثَيْلَة طَلَّةٍ،
يَهَشُّ لها القَلْبُ الدَّوِي فيُثِيبُ
وأَنشد أَبو حنيفة:
بِرِيحِ خُزامَى طَلَّةٍ من ثيابها،
ومن أَرَجٍ من جَيِّدِ المِسْك ثاقِب
وحديثٌ طَلٌّ أَي حَسَنٌ. الفراء: الطُّلَّة الشَّرْبة من اللَّبَن،
والطَّلَّة النَّعْمة، والطَّلَّة الخمْرة السَّلِسة، والطِّلَّة الحُصْر.
قال يعقوب، وحكي عن أَبي عمرو: ما بالناقة طُلٌّ، بالضم، أَي بها لَبَنٌ.
وطَلَّةُ الرجُل: امرأَتُه، وكذلك حَنَّتُه؛ قال عمرو بن حَسَّان:
أَفي نابَيْنِ نالَهُما إِسافٌ
تأَوَّهُ طَلَّتي، ما إِنْ تَنامُ؟
والنَّابُ: الشَّارِف من النُّوق، وإِسافٌ: اسم رَجُل؛ وأَنشد ابن بري
لشاعر:
وإِنِّي لَمُحْتاجٌ إِلى مَوْتِ طَلَّتي،
ولكنْ قَرِينُ السُّوءِ باقٍ مُعَمَّرُ
وقول أَبي صَخْر الهُذَلي:
كمور السُّقَى في حائِرٍ غَدِقِ الثَّرَى،
عِذاب اللَّمَى بحنين طَلَّ المَناسِب
(* قوله «كمور السقى» كذا ضبط في الأصل ولم ينقط فيه لفظ بحنين).
قال السُّكَّري: معناه أَحْسَن المَناسِب؛ قال أَبو الحسن: وهو يعود
إِلى معنى اللَّذَّة؛ وكذلك قول أَبي صخر أَيضاً:
قَطَعْت بهنَّ العَيشَ والدَّهْرَ كُلَّه،
فَحَبِّرْ ولو طَلَّتْ إِليك المَناسِبُ
أَي حَسُنَتْ وأَعْجَبَتْ.
والطَّلل: ما شَخَص من آثار الديار، والرَّسْمُ ما كان لاصِقاً بالأرض،
وقيل: طَلَلُ كل شيء شَخْصُه، وجمع كل ذلك أَطْلالٌ وطُلول. والطَّلالةُ:
كالطَّلَل؛ التهذيب: وطَلَلُ الدار يقال إِنه موضع من صَحْنِها
يُهَيَّأُ لمجلس أَهلها، وطَلَلُ الدار كالدُّكَّانةِ يُجْلَس عليها؛ أَبو
الدُّقَيْش: كان يكون بفِناءِ كل بَيْتٍ دُكَّانٌ عليه المَشْرَبُ والمَأْكَلُ،
فذلك الطَّلَلُ. ويقال: حيَّا الله طُلَلَك وأَطْلالَك أَي ما شَخَصَ من
جَسدَك، وحيَّا اللهُ طَلَلك وطَلالَتك أَي شَخْصَك. ويقال: فرس حَسَنُ
الطَّلالة، وهو ما ارتفع من خَلْقه.
والإِطْلال: الإِشْرافُ على الشيء. ويقال: رأَيت نساءً يَتَطالَلْنَ من
السُّطُوح أَي يَتَشَوَّفْنَ. وتَطالَلْت: تَطاوَلْت فنَظَرْت. أَبو
العَمَيْثَل: تَطالَلْت للشيء وتَطاوَلْت بمعنى واحد، وتَطالَّ أَي مدّ
عُنُقَه ينظر إِلى الشيء يَبْعُد عنه؛ وقال طَهْمانُ بن عمرو:
كَفَى حَزَناً أَنِّي تَطالَلْتُ كَيْ أَرى
ذُرَى قُلَّتَيْ دَمْخٍ، فما تُرَيانِ
أَلا حَبَّذا، واللهِ، لو تَعْلَمانِه
ظِلالُكُما، يا أَيُّها العَلَمانِ
وماؤكُما العَذْب الذي لو شَرِبْتُه،
وبي نافِضُ الحُمَّى، إِذاً لشَفائي
أَبو عمرو: التَّطالُّ الاطِّلاع من فَوْق المكان أَو من السِّتْر.
وأَطَلَّ عليه أَي أَشْرَف؛ قال جرير:
أَنا البازِي المُطِلُّ على نُمَيْرٍ،
أُتِيحَ من السماء لها انْصبابا
وتقول: هذا أَمرٌ مُطِلٌّ أَي ليس بمُسْفِرٍ. وفي حديث صَفِيَّة بنت عبد
المُطَّلب: فأَطَلَّ علينا يهوديٌّ أَي أَشرف، قال وحقيقته: أَوْفَى
علينا بطَلَله أَي شخصه. وتَطاوَلَ على الشيء واسْتَطَلَّ: أَشْرَف؛ قال
ساعدة بن جُؤَيَّة:
ومنْه يَمانٍ مُسْتَطِلٌّ، وجالسٌ
لعَرْضِ السَّراة، مُكْفَهِرًّا صَبِيرُها
وطَلَلُ السفينة: جِلالُها، والجمع الأَطلال.
والطَّلِيلُ: الحَصير؛ المحكم: الطَّلِيل حَصيرٌ منسوجٌ من دَوْمٍ،
وقيل: هو الذي يُعْمَل من السَّعَف أَو من قُشور السَّعَف، وجمعه أَطِلَّةٌ
وطُلُلٌ. التهذيب: أَبو عمرو الطَّلِيلة البُورِياءُ، وقال الأَصمعي:
الباريُّ لا غير.
أَبو عمرو: الطِّلُّ الحيَّة؛ وقال ابن الأَعرابي: هو الطِّلُّ، بالفتح،
للحَيَّة.
ويقال أَطَلَّ فلان على فلان بالأَذى إِذا دام على إِيذائه؛ وقولهم:
ليست لفلان طَلالةٌ؛ قال ابن الأَعرابي: ليست له حالٌ حَسَنة وهيئة حسنة،
وهو من النبات المَطلولِ، وقال أَبو عمرو: ليست له طَلالة، قال: الطَّلالة
الفرح والسرور؛ وأَنشد:
فلمّا أَنْ وَبِهْتُ ولم أُصادِفْ
سِوى رَحْلي، بَقِيتُ بلا طَلاله
معناه بغير فرح ولا سُرور. وقال الأَصمعي: الطَّلالة الحُسْنُ والماء.
وخَطَبَ فلان خُطْبةً طَلِيلة أَي حسنة. وعلى مَنْطِقه طَلالةُ الحُسْن
أَي بَهْجتُه؛ وقال:
فقلتُ: أَلم تَعْلَمِي أَنَّه
جَمِيل الطَّلالة حُسَّانُها؟
وفي حديث أَبي بكر: أَنه كان يُصَلي على أَطلال السفينة؛ هي جمع طَلَلٍ
ويريد بها شراعها. وأَطلال: اسم ناقةٍ، وقيل: اسم فرَس يزْعم الناس أَنها
تكلمت لما هَرَبَت فارسُ يوم القادِسيَّة، وذلك أَن المسلمين تَبِعوهم
فانتهوا إِلى نَهَرٍ قد قُطِع جِسْرُه فقال فارسها: ثبِي أَطْلالُ فقالت:
وَثَبْتُ وسُورةِ البقَرة؛ وإِياها عنى الشَّمّاخ بقوله:
لقد غابَ عن خَيْلٍ، بمُوقانَ أُحْجِرَتْ،
بُكَيرُ بَني الشَّدَّاخِ فارِسُ أَطلال
وبُكَيرٌ: هو اسم فارسها. وذو طِلالٍ: اسم فرس؛ قال غُوَيَّة بن سُلْمى
بن رَبيعة، ومنهم من يقول عُوَيَّة بعين مهملة:
أَلا نادَتْ أُمامَةُ باحْتِمالِ
لتَحْزُنَني، فَلا بِكِ لا أُبالي
فَسِيري، ما بَدا لكِ، أَو أَقيمي،
فأَيًّا مَّا أَتَيْتِ، فعن يقال
وكيفَ تَروعُني امرأَةٌ بِبَيْنٍ،
حَياتيَ، بَعْدَ فارس ذي طِلال
قال ابن بري: ويقال هو موضع ببلاد بني مُرَّة، وقيل: هناك قبرُ المُرِّي
(* قوله «قبر المري» عبارة ياقوت: وفيه قبر تميم بن مر بن اد بن طابخة)
والأَشهر أَن ذا طِلال اسم فرس لبعض المقتولين من أَصحاب غُوَيَّة، أَلا
تراه يقول بعد هذا:
وبَعْدَ أَبي ربيعةَ عَبدِ عَمْرٍو
ومَسْعُودٍ، وبعدَ أَبي هِلالِ
والطُّلَطِلةُ والطُّلاطِلة، كلتاهما: الداهية، وقيل: الطُّلاطِلة
والطُّلاطِل داء يأْخُذ الحُمُر في أَصلابها فيَقْطَع ظُهورهَا. والطُّلاطِلةُ
والطُّلاطِل: الموت، وقيل: هو الداء العُضال. وقالوا: رماه الله
بالطُّلاطِلة والحُمَّى المماطِلة، وهو وَجَعٌ في الظَّهْر، وقيل: رماه الله
بالطُّلاطِلة، هو الداء العُضال الذي لا يُقدَر له على حيلة ولا دواء ولا
يَعرِف المُعالِج موضعه. وقال أَبو حاتم: الطُّلاطِلة الذِّبْحةُ التي
تُعْجِله؛ والحُمّى المماطِلة: الرِّبْعُ تماطِل صاحبَها أَي تُطاوِله؛ قال:
والطُّلاطِلة سُقوط اللَّهاة حتى لا يُسِيغ طعاماً ولا شراباً، وزاد ابن
بري في ذلك قال: رماه اللهُ بالطُّلاطِلة والحُمّى المماطلة، فإِنه
إِسْبٌ من الرجال، والإِسْبُ اللئيم. والطُّلاطِلة: لحمة في الحَلْق؛ قال
الأَصمعي: الطُّلاطِلة هي اللَّحْمة السائلة على طَرَف المُسْترَط. ويقال:
وَقعَتْ طُلاطِلتُه يعني لهَاتَه إِذا سقَطتْ. والطُّلْطُل: المرض
الدائم.وذو طَلالٍ: ماءٌ قريب من الرَّبَذة، وقيل: هو واد بالشَّرَبَّة
لغَطَفان؛ قال عُرْوة بن الوَرْد:
وأَيَّ الناس آمَنُ بَعْدَ بَلْجٍ،
وقُرَّة صاحِبَيَّ بذي طَلال؟
حكم: الله سبحانه وتعالى أَحْكَمُ الحاكمِينَ، وهو الحَكِيمُ له
الحُكْمُ، سبحانه وتعالى. قال الليث: الحَكَمُ الله تعالى. الأَزهري: من صفات
الله الحَكَمُ والحَكِيمُ والحاكِمُ، ومعاني هذه الأَسماء متقارِبة، والله
أعلم بما أَراد بها، وعلينا الإيمانُ بأَنها من أَسمائه. ابن الأَثير: في
أَسماء الله تعالى الحَكَمُ والحَكِيمُ وهما بمعنى الحاكِم، وهو القاضي،
فَهو فعِيلٌ بمعنى فاعَلٍ، أو هو الذي يُحْكِمُ الأَشياءَ ويتقنها، فهو
فَعِيلٌ بمعنى مُفْعِلٍ، وقيل: الحَكِيمُ ذو الحِكمة، والحَكْمَةُ عبارة
عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم. ويقال لمَنْ يُحْسِنُ دقائق
الصِّناعات ويُتقنها: حَكِيمٌ، والحَكِيمُ يجوز أن يكون بمعنى الحاكِمِ مثل
قَدِير بمعنى قادر وعَلِيمٍ بمعنى عالِمٍ. الجوهري: الحُكْم الحِكْمَةُ من
العلم، والحَكِيمُ العالِم وصاحب الحِكْمَة. وقد حَكُمَ أي صار حَكِيماً؛
قال النَّمِرُ بن تَوْلَب:
وأَبْغِض بَغِيضَكَ بُغْضاً رُوَيْداً،
إذا أنتَ حاوَلْتَ أن تَحْكُما
أي إذا حاوَلتَ أن تكون حَكيِماً. والحُكْمُ: العِلْمُ والفقه؛ قال الله
تعالى: وآتيناه الحُكْمَ صَبِيّاً، أي علماف وفقهاً، هذا لِيَحْيَى بن
زَكَرِيَّا؛ وكذلك قوله:
الصَّمْتُ حُكْمٌ وقليلٌ فاعِلُهْ
وفي الحديث: إنَّ من الشعر لحُكْماً أي إِن في الشعر كلاماً نافعاً يمنع
من الجهل والسَّفَهِ ويَنهى عنهما، قيل: أراد بها المواعظ والأمثال التي
ينتفع الناس بها. والحُكْمُ: العِلْمُ والفقه والقضاء بالعدل، وهو مصدر
حَكَمَ يَحْكُمُ، ويروى: إن من الشعر لحِكْمَةً، وهو بمعنى الحُكم؛ ومنه
الحديث: الخِلافةُ في قُرَيش والحُكْمُ في الأنصار؛ خَصَّهُم بالحُكْمِ
لأن أكثر فقهاء الصحابة فيهم، منهم مُعاذُ ابن جَبَلٍ وأُبَيّ بن كَعْبٍ
وزيد بن ثابت وغيرهم. قال الليث: بلغني أنه نهى أن يُسَمَّى الرجلُ
حكِيماً
(* قوله «أن يسمى الرجل حكيماً» كذا بالأصل، والذي في عبارة الليث التي
في التهذيب: حكماً بالتحريك)، قال الأزهري: وقد سَمَّى الناسُ حَكيماً
وحَكَماً، قال: وما علمتُ النَّهي عن التسمية بهما صَحيحاً. ابن الأثير:
وفي حديث أبي شُرَيْحٍ أنه كان يكنى أبا الحَكَمِ فقال
له النبي، صلى الله عليه وسلم: إن الله هو الحَكَمُ، وكناه بأَبي
شُرَيْحٍ، وإنما كَرِه له ذلك لئلا يُشارِكَ الله في صفته؛ وقد سَمّى الأَعشى
القصيدة المُحْكمَةَ حَكِيمَةً فقال:
وغَريبَةٍ، تأْتي المُلوكَ، حَكِيمَةٍ،
قد قُلْتُها ليُقالَ: من ذا قالَها؟
وفي الحديث في صفة القرآن: وهو الذِّكْرُ الحَكِيمُ أي الحاكِمُ لكم
وعليكم، أو هو المُحْكَمُ الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب، فَعِيلٌ بمعنى
مُفْعَلٍ، أُحْكِمَ فهو مُحْكَمٌ. وفي حديث ابن عباس:
قرأْت المُحْكَمَ على عَهْدِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يريد
المُفَصَّلَ من القرآن لأنه لم يُنْسَخْ منه شيء، وقيل: هو ما لم يكن متشابهاً
لأنه أُحْكِمَ بيانُه بنفسه ولم يفتقر إلى غيره، والعرب تقول: حَكَمْتُ
وأَحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بمعنى مَنَعْتُ ورددت، ومن هذا قيل للحاكم بين
الناس حاكِمٌ، لأنه يَمْنَعُ الظالم من الظلم. وروى المنذري عن أَبي طالب
أنه قال في قولهم: حَكَمَ الله بيننا؛ قال الأصمعي: أصل الحكومة رد الرجل
عن الظلم، قال: ومنه سميت حَكَمَةُ اللجام لأَنها تَرُدُّ الدابة؟ ومنه
قول لبيد:
أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ من عَوْراتِها
كلَّ حِرْباءٍ، إذا أُكْرِهَ صَلّ
والجِنْثِيُّ: السيف؛ المعنى: رَدَّ السيفُ عن عَوْراتِ الدِّرْعِ وهي
فُرَجُها كلَّ حِرْباءٍ، وقيل: المعنى أَحْرَزَ الجِنثيُّ وهو الزَّرَّادُ
مساميرها، ومعنى الإحْكامِ حينئذ الإحْرازُ. قال ابن سيده: الحُكْمُ
القَضاء، وجمعه أَحْكامٌ، لا يكَسَّر على غير ذلك، وقد حَكَمَ عليه بالأمر
يَحْكُمُ حُكْماً وحُكومةً وحكم بينهم كذلك. والحُكْمُ: مصدر قولك حَكَمَ
بينهم يَحْكُمُ أي قضى، وحَكَمَ له وحكم عليه. الأزهري: الحُكْمُ القضاء
بالعدل؛ قال النابغة:
واحْكمْ كحكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ، إذ نَظَرَتْ
إلى حَمامٍ سِراعٍ وارد الثَّمَدِ
(* قوله «حمام سراع» كذا هو في التهذيب بالسين المهملة وكذلك في نسخة
قديمة من الصحاح، وقال شارح الديوان: ويروى أيضاً شراع بالشين المعجمة أي
مجتمعة).
وحكى يعقوب عن الرُّواةِ أن معنى هذا البيت:
كُنْ حَكِيماً كفتاة الحي أي إذا قلت فأَصِبْ كما أصابت هذه المرأَة، إذ
نظَرَتْ إلى الحمامِ فأَحْصَتْها ولم تُخْطِئ عددها؛ قال: ويَدُلُّكَ
على أن معنى احْكُمْ كُنْ حَكِيماً قولُ النَّمر بن تَوْلَب:
إذا أنتَ حاوَلْتَ أن تَحْكُما
يريد إذا أَردت أن تكون حَكِيماً فكن كذا، وليس من الحُكْمِ في القضاء
في شيء. والحاكِم: مُنَفّذُ الحُكْمِ، والجمع حُكّامٌ، وهو الحَكَمُ.
وحاكَمَهُ إلى الحَكَمِ: دعاه. وفي الحديث: وبكَ حاكَمْتُ أي رَفَعْتُ
الحُكمَ إليك ولا حُكْمَ إلا لك، وقيل: بكَ خاصمْتُ في طلب الحُكْمِ وإبطالِ من
نازَعَني في الدِّين، وهي مفاعلة من الحُكْمِ.
وحَكَّمُوهُ بينهم: أمروه أن يَحكمَ. ويقال: حَكَّمْنا فلاناً فيما
بيننا أي أَجَزْنا حُكْمَهُ بيننا. وحَكَّمَهُ في الأمر فاحْتَكَمَ: جاز فيه
حُكْمُه، جاء فيه المطاوع على غير بابه والقياس فَتَحَكَّمَ، والاسم
الأُحْكُومَةُ والحُكُومَةُ؛ قال:
ولَمِثْلُ الذي جَمَعْتَ لرَيْبِ الـ
ـدَّهْرِ يَأْبى حُكومةَ المُقْتالِ
يعني لا يَنْفُذُ حُكومةُ من يَحْتَكِمُ عليك من الأَعداء، ومعناه يأْبى
حُكومةَ المُحْتَكِم عليك، وهو المُقْتال، فجعل المُحْتَكِمَ
المُقْتالَ، وهو المُفْتَعِلُ من القول حاجة منه إلى القافية، ويقال: هو كلام
مستعمَلٌ، يقال: اقْتَلْ عليَّ أي احْتَكِمْ، ويقال: حَكَّمْتُه في مالي إذا
جعلتَ إليه الحُكْمَ فيه فاحْتَكَمَ عليّ في ذلك. واحْتَكَمَ فلانٌ في مال
فلان إذا جاز فيه حُكْمُهُ. والمُحاكَمَةُ: المخاصمة إلى الحاكِمِ.
واحْتَكَمُوا إلى الحاكِمِ وتَحاكَمُوا بمعنى. وقولهم في المثل: في بيته
يُؤْتَى الحَكَمُ؛ الحَكَمُ، بالتحريك: الحاكم؛ وأَنشد ابن بري:
أَقادَتْ بَنُو مَرْوانَ قَيْساً دِماءَنا،
وفي الله، إن لم يَحْكُمُوا، حَكَمٌ عَدْلُ
والحَكَمَةُ: القضاة. والحَكَمَةُ: المستهزئون. ويقال: حَكَّمْتُ فلاناً
أي أطلقت يده فيما شاء. وحاكَمْنا فلاناً إلى الله أي دعوناه إلى حُكْمِ
الله. والمُحَكَّمُ: الشاري. والمُحَكَّمُ: الذي يُحَكَّمُ في نفسه. قال
الجوهري: والخَوارِج يُسَمَّوْنَ المُحَكِّمَةَ لإنكارهم أمر
الحَكَمَيْن وقولِهِمْ: لا حُكْم إلا لله. قال ابن سيده: وتحْكِيمُ الحَرُوريَّةِ
قولهم لا حُكْمَ إلا الله ولا حَكَمَ إلا اللهُ، وكأَن هذا على السَّلْبِ
لأَنهم ينفون الحُكْمَ؛ قال:
فكأَني، وما أُزَيِّنُ منها،
قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما
(* قوله «وما أزين» كذا في الأصل، والذي في المحكم: مما أزين).
وقيل: إنما بدءُ ذلك في أمر عليّ، عليه السلام، ومعاوِيةَ. والحَكَمان:
أَبو موسى الأَشعريُّ وعمرو ابن العاص. وفي الحديث: إن الجنة
للمُحَكّمين، ويروى بفتح الكاف وكسرها، فالفتح هم الذين يَقَعُون في يد العدو
فيُنَحيَّرُونَ بين الشِّرْك والقتل فيختارون القتل؛ قال الجوهري: هم قوم من
أَصحاب الأُخْدودِ فُعِل بهم ذلك، حُكِّمُوا وخُيِّروا بين القتل والكفر،
فاختاروا الثَّبات على الإسلام مع القتل، قال: وأما الكسر فهو المُنْصِفُ
من نفسه؛ قال ابن الأَثير: والأَول الوجه؛ ومنه حديث كعب:
إن في الجنة داراً، ووصفها ثم قال: لا يَنْزِلُها إلا نبي أو صِدِّيق أو
شَهيد أو مُحَكَّمٌّ في نفسه. ومُحَكَّم اليَمامَةِ رجل قتله خالد بن
الوليد يوم مُسَيْلِمَةَ. والمْحَكَّمُ، بفتح الكاف
(* قوله «والمحكم بفتح
الكاف إلخ» كذا في صحاح الجوهري، وغلطه صاحب القاموس وصوب أنه بكسر
الكاف كمحدث، قال ابن الطيب محشيه: وجوز جماعة الوجهين وقالوا هو كالمجرب
فانه بالكسر الذي جرب الأمور، وبالفتح الذي جربته الحوادث، وكذلك المحكم
بالكسر حكم الحوادث وجربها وبالفتح حكمته وجربته، فلا غلط)، الذي في شعر
طَرَفَةَ إذ يقول:
ليت المُحَكَّمَ والمَوْعُوظَ صوتَكُما
تحتَ التُّرابِ، إذا ما الباطِلُ انْكشفا
(* قوله «ليت المحكم إلخ» في التكملة ما نصه: يقول ليت أني والذي يأمرني
بالحكمة يوم يكشف عني الباطل وأدع الصبا تحت التراب، ونصب صوتكما لأنه
أراد عاذليّ كفّا صوتكما).
هو الشيخ المُجَرّبُ المنسوب إلى الحِكْمة. والحِكْمَةُ: العدل. ورجل
حَكِيمٌ: عدل حكيم. وأَحْكَمَ الأَمر: أتقنه، وأَحْكَمَتْه التجاربُ على
المَثَل، وهو من ذلك. ويقال للرجل إذا كان حكيماً: قد أَحْكَمَتْه
التجارِبُ. والحكيم: المتقن للأُمور، واستعمل ثعلب هذا في فرج المرأَة فقال:
المكَثَّفَة من النساء المحكمة الفرج، وهذا طريف جدّاً.
الأزهري: وحَكَمَ الرجلُ يَحْكُمُ حُكْماً إذا بلغ النهاية في معناه
مدحاً لازماً؛ وقال مرقش:
يأْتي الشَّبابُ الأَقْوَرينَ، ولا
تَغْبِطْ أَخاك أن يُقالَ حَكَمْ
أي بلغ النهاية في معناه.
أبو عدنان: اسْتَحْكَمَ الرجلُ إذا تناهى عما يضره في دِينه أو دُنْياه؛
قال ذو الرمة:
لمُسْتَحْكِمٌ جَزْل المُرُوءَةِ مؤمِنٌ
من القوم، لا يَهْوى الكلام اللَّواغِيا
وأَحْكَمْتُ الشيء فاسْتَحْكَمَ: صار مُحْكَماً. واحْتَكَمَ الأمرُ
واسْتَحْكَمَ: وثُقَ. الأَزهري: وقوله تعالى: كتاب أُحْكِمَتْ آياته
فُصِّلَتْ من لَدُنْ حَكيم خبير؛ فإن التفسير جاء: أُحْكِمَتْ آياته بالأمر
والنهي والحلالِ والحرامِ ثم فُصِّلَتْ بالوعد والوعيد، قال: والمعنى، والله
أعلم، أن آياته أُحْكِمَتْ وفُصِّلَتْ بجميع ما يحتاج إليه من الدلالة على
توحيد الله وتثبيت نبوة الأنبياء وشرائع الإسلام، والدليل على ذلك قول
الله عز وجل: ما فرَّطنا في الكتاب من شيء؛ وقال بعضهم في قول الله تعالى:
الر تلك آيات الكتاب الحَكِيم؛ إنه فَعِيل بمعنى مُفْعَلٍ، واستدل بقوله
عز وجل: الر كتاب أُحْكِمَتْ آياته؛ قال الأزهري: وهذا إن شاء الله كما
قِيل، والقرآنُ يوضح بعضُه بعضاً، قال: وإنما جوزنا ذلك وصوبناه لأَن
حَكَمْت يكون بمعنى أَحْكَمْتُ فَرُدَّ إلى الأصل، والله أعلم. وحَكَمَ
الشيء وأَحْكَمَهُ، كلاهما: منعه من الفساد. قال الأزهري: وروينا عن إبراهيم
النخعي أنه قال: حَكِّم اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك أي امنعه من الفساد
وأصلحه كما تصلح ولدك وكما تمنعه من الفساد، قال: وكل من منعته من شيء فقد
حَكَّمْتَه وأحْكَمْتَهُ، قال: ونرى أن حَكَمَة الدابة سميت بهذا المعنى
لأنها تمنع الدابة من كثير من الجَهْل. وروى شمرٌ عن أبي سعيد الضّرير
أنه قال في قول النخعي: حَكِّمِ اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك؛ معناه
حَكِّمْهُ في ماله ومِلْكِه إذا صلح كما تُحكِّمُ ولدك في مِلْكِه، ولا يكون
حَكَّمَ بمعنى أَحْكَمَ لأنهما ضدان؛ قال الأَزهري: وقول أبي سعيد الضرير ليس
بالمرضي. ابن الأَعرابي: حَكَمَ فلانٌ عن الأمر والشيء أي رجع،
وأَحْكَمْتُه أنا أي رَجَعْتُه، وأَحْكَمه هو عنه رَجَعَهُ؛ قال جرير:
أَبَني حنيفةَ، أَحْكِمُوا سُفَهاءَكم،
إني أَخافُ عليكمُ أَن أَغْضَبا
أي رُدُّوهم وكُفُّوهُمْ وامنعوهم من التعرّض لي. قال الأَزهري: جعل ابن
الأعرابي حَكَمَ لازماً كما ترى، كما يقال رَجَعْتُه فرَجَع ونَقَصْتُه
فنَقَص، قال: وما سمعت حَكَمَ بمعنى رَجَعَ لغير ابن الأَعرابي، قال: وهو
الثقة المأْمون. وحَكَمَ الرجلَ وحَكَّمَه وأَحْكَمَهُ: منعه مما يريد.
وفي حديث ابن عباس: كان الرجل يَرِثُ امرأَةً ذاتَ قاربة فيَعْضُلُها حتى
تموتَ أو تَرُدَّ إليه صداقها، فأَحْكَمَ الله عن ذلك ونهى عنه أي
مَنَعَ منه. يقال: أَحْكَمْتُ فلاناً أي منعته، وبه سُمِّيَ الحاكمُ لأنه يمنع
الظالم، وقيل: هو من حَكَمْتُ الفَرسَ وأَحْكَمْتُه وحَكَّمْتُه إذا
قَدَعْتَهُ وكَفَفْتَه. وحَكَمْتُ السَّفِيه وأَحْكَمْتُه إذا أَخذت على
يده؛ ومنه قول جرير:
أَبَني حنيفة، أحْكِمُوا سُفهاءكم
وحَكَمَةُ اللجام: ما أَحاط بحَنَكَي الدابة، وفي الصحاح: بالحَنَك،
وفيها العِذاران، سميت بذلك لأنها تمنعه من الجري الشديد، مشتق من ذلك،
وجمعه حَكَمٌ. وفي الحديث: وأَنا آخذ بحَكَمَة فرسه أي بلجامه. وفي الحديث:
ما من آدميّ إلا وفي رأْسه حَكَمَةٌ، وفي رواية: في رأْس كل عبد حَكَمَةٌ
إذا هَمَّ بسيئةٍ، فإن شاء الله تعالى أن يَقْدَعَه بها قَدَعَه؛
والحَكَمَةُ: حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحَنَكِهِ تمنعه عن مخالفة
راكبه، ولما كانت الحَكَمَة تأْخذ بفم الدابة وكان الحَنَكُ متَّصلاً بارأْس
جعلها تمنع من هي في رأْسه كما تمنع الحَكَمَةُ الدابة. وحَكَمَ الفرسَ
حَكْماً وأَحْكَمَهُ بالحَكَمَةِ: جعل للجامه حَكَمَةً، وكانت العرب
تتخذها من القِدِّ والأَبَقِ لأن قصدهم الشجاعةُ لا الزينة؛ قال زهير:
القائد الخَيْلَ مَنْكوباً دوائرُها،
قد أُحْكِمَتْ حَكَمات القِدِّ والأَبَقا
يريد: قد أُحْكِمَتْ بحَكَماتِ القِدِّ وبحَكَماتِ الأَبَقِ، فحذف
الحَكَمات وأَقامَ الأَبَقَ مكانها؛ ويروى:
مَحْكومَةً حَكَماتِ القِدِّ والأبَقا
على اللغتين جميعاً؛ قال أبو الحسن: عَدَّى قد أُحْكِمَتْ لأن فيه معنى
قُلِّدَتْ وقُلِّدَتْ متعدّية إلى مفعولين. الأزهري: وفرس مَحْكومةٌ في
رأْسها حَكَمَةٌ؛ وأنشد:
مَحْكومة حَكَمات القِدِّ والأبقا
وقد رواه غيره: قد أُحْكِمَتْ، قال: وهذا يدل على جواز حَكَمْتُ الفرس
وأَحْكَمْتُه بمعنى واحد. ابن شميل: الحَكَمَةُ حَلْقَةٌ تكون في فم
الفرس. وحَكََمَةُ الإنسان: مقدم وجهه. ورفع الله حَكَمَتَةُ أي رأْسه وشأْنه.
وفي حديث عمر: إن العبد إذا تواضع رفع اللهُ حَكَمَتَهُ أي قدره
ومنزلته. يقال: له عندنا حَكَمَةٌ أي قدر، وفلان عالي الحَكَمَةِ، وقيل:
الحَكَمَةُ من الإنسان أسفل وجهه، مستعار من موضع حَكَمَةِ اللجام، ورَفْعُها
كناية عن الإعزاز لأَن من صفة الذَّليل تنكيسَ رأْسه. وحَكَمة الضائنة:
ذَقَنُها.
الأزهري: وفي الحديث: في أَرْش الجِراحات الحُكومَةُ؛ ومعنى الحُكومة في
أَرش الجراحات التي ليس فيها دِيَةٌ معلومة: أن يُجْرَحَ الإنسانُ في
موضع في بَدَنه يُبْقِي شَيْنَهُ ولا يُبْطِلُ العُضْوَ، فيَقْتاس الحاكم
أَرْشَهُ بأن يقول: هذا المَجْروح لو كان عبداً غير مَشينٍ هذا الشَّيْنَ
بهذه الجِراحة كانت قيمتُه ألفَ دِرْهمٍ، وهو مع هذا الشين قيمتُه
تِسْعُمائة درهم فقد نقصه الشَّيْنُ عُشْرَ قيمته، فيجب على الجارح عُشْرُ
دِيَتِه في الحُرِّ لأن المجروح حُرٌّ، وهذا وما أَشبهه بمعنى الحكومة التي
يستعملها الفقهاء في أَرش الجراحات، فاعْلَمْه.
وقد سَمَّوْا حَكَماً وحُكَيْماً وحَكِيماً وحَكّاماً وحُكْمان.
وحَكَمٌ: أبو حَيٍّ من اليمن. وفي الحديث: شَفاعَتي لأهل الكبائر من أُمتي حتى
حَكَم وحاءَ؛ وهما قبيلتان جافِيتان من وراء رمل يَبرين.
عبر: عَبَرَ الرُؤيا يَعْبُرُها عَبْر وعِبارةً وعبَّرها: فسَّرها
وأَخبر بما يؤول إِليه أَمرُها. وفي التنزيل العزيز: إِن كنتم للرؤُيا
تَعْبُرون؛ أَي إِن كنتم تعْبُرون الرؤيا فعدّاها باللام، كما قال: قُلْ عسى أَن
يكون رَدِفَ لكم؛ أَي رَدِفَكم؛ قال الزجاج: هذه اللام أُدْخِلت على
المفعول للتَّبْيين، والمعنى إِن كنتم تَعْبُرون وعابرين، ثم بَيَّنَ باللام
فقال: للرؤيا، قال: وتسمى هذه اللام لامَ التعقيب لأَنها عَقَّبَت
الإِضافةَ، قال الجوهري: أَوصَل الفعل باللام، كما يقال إِن كنت للمال جامعاً.
واسْتعْبَرَه إِياها: سأَله تَعْبِيرَها. والعابر: الذي ينظر في الكتاب
فيَعْبُره أَي يَعْتَبِرُ بعضه ببعض حتى يقع فهمُه عليه، ولذلك قيل: عبَر
الرؤْيا واعتَبَر فلان كذا، وقيل: أُخذ هذا كله من العِبْرِ، وهو جانبُ
النهر، وعِبْرُ الوادي وعَبْرُه؛ الأَخيرة عن كراع: شاطئه وناحيته؛ قال
النابغة الذبياني يمدح النعمان:
وما الفُراتُ إِذا جاشَت غَوارِبهُ،
ترْمي أَواذِيُّه العِبْرَينِ بالزَّبَدِ
قال ابن بري: وخبر ما النافية في بيت بعده، وهو:
يوماً، بأَطيبَ منه سَيْبَ نافلةٍ،
ولا يَحُول عطاءُ اليوم دُون غد
والسَّيْب: العطاءُ. والنافلة: الزيادة، كما قال سبحانه وتعالى: ووهبنا
له إِسحق ويعقوب نافلةً. وقوله: ولا يَحُول عطاءُ اليوم دون غد إِذا
أَعْطى اليوم لم يمنعه ذلك من أَن يُعْطِي في غدٍ. وغواربُه: ما علا منه.
والأَوَاذيُّ: الأَمواج، واحدُها آذيّ. ويقال: فلان في ذلك العِبر أَي في
ذلك الجانب. وعَبَرْت النهرَ والطريق أَعْبُره عَبْراً وعُبوراً إِذا قطعته
من هذا العِبْر إِلى ذلك العِبر، فقيل لعابر الرؤيا: عابر لأَنه يتأَمل
ناحيَتي الرؤيا فيتفكر في أَطرافها،ويتدبَّر كل شيء منها ويمضي بفكره
فيها من أَول ما رأَى النائم إِلى آخر ما رأَى. وروي عن أَبي رَزِين
العقيلي: أَنه سمع النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: الرُّؤْيا على رِجْل طائر،
فإِذا عُبِّرت وقَعَت فلا تَقُصَّها إِلا على وادٍّ أَو ذي رَأْيٍ، لأَن
الوادَّ لا يُحبّ أَن يستقبلك في تفسيرها إِلا بما تُحِبّ، وإِن لم يكن
عالماً بالعبارة لم يَعْجَل لك بما يَغُمُّك لا أَن تَعْبِيرَه يُزِيلُها
عما جعلها الله عليه، وأَما ذُو الرأْي فمعناه ذو العلم بعبارتها، فهو
يُخْبِرُك بحقيقة تفسيرها أَو بأَقْرَب ما يعلمه منها، ولعله أَن يكون في
تفسيرها موعظةٌ تَرْدَعُك عن قبيح أَنت عليه أَو يكون فيها بُشْرَى
فَتَحْمَد الله على النعمة فيها. وفي الحديث: الرأيا لأَول عابر؛ العابر:
الناظر في الشيء، والمُعْتَبرُ: المستدلّ بالشيء على الشيء. وفي الحَديث:
للرؤيا كُنًى وأَسماءٌ فكنُّوها بكُناها واعتَبروها بأَسمائها. وفي حديث ابن
سيرين: كان يقول إِني أَعْتَبرُ الحديث؛ المعنى فيه أَنه يُعَبِّر
الرؤيا على الحديث ويَعْتَبِرُ به كما يَعْتبرها بالقرآن في تأْويلها، مثل أَن
يُعَبِّر الغُرابَ بالرجل الفاسق، والضِّلَعَ بالمرأَة، لأَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، سمى الغُرابَ فاسقاً وجعل المرأَة كالضِّلَع، ونحو ذلك
من الكنى والأَسماء. ويقال: عَبَرْت الطير أَعْبُرها إِذا زجَرْتها.
وعَبَّر عمَّا في نفسه: أَعْرَبَ وبيّن. وعَبّر عنه غيرُه: عيِيَ فأَعْرَب
عنه، والاسم العِبْرةُ
(* قوله: «والاسم العبرة» هكذا ضبط في الأصل وعبارة
القاموس وشرحه: والاسم العبرة، بالفتح كما هو مضبوط في بعض النسخ وفي
بعضها بالكسر). والعِبارة والعَبارة. وعَبّر عن فلان: تكلَّم عنه؛ واللسان
يُعَبّر عما في الضمير. وعَبَرَ بفلان الماءَ وعَبَّرَهُ به؛ عن
اللحياني.والمِعْبَرُ: ما عُبِرَ به النهر من فُلْكٍ أَو قَنْطَرة أَو غيره.
والمَعْبَرُ: الشطُّ المُهَيّأُ للعُبور. قال الأَزهري: والمِعْبَرَةُ سفينة
يُعْبَرُ عليها النهر. وقال ابن شميل: عَبَرْت مَتاعي أَي باعَدْته.
والوادي يَعْبرُ السيلَ عَنّا أَي يُباعِدُه. والعُبْرِيّ من السِّدْر: ما
نبت على عِبْر النهر وعَظُم، منسوب إِليه نادر، وقيل: هو ما لا ساقَ له
منه، وإِنما يكون ذلك فيما قارَب العِبْرَ. وقال يعقوب: العُبْرِيّ
والعُمْرِيُّ منه ما شرب الماء؛ وأَنشد:
لاث به الأَشاءُ والعُبْرِيُّ
قال: والذي لا يشرب يكون بَرِّيّاً وهو الضالُ. وإن كان عِذْياً فهو
الضال. أَبو زيد: يقال للسدْر وما عظُم من العوسج العُبْريّ. والعُمْرِيُّ:
القديمُ من السدر؛ وأَنشد قول ذي الرمة:
قَطَعْت، إِذا تخوّفت العَواطِي،
ضُروبَ السدْرِ عُبْرِيّاً وضالا
ورجل عابرُ سبيلٍ أَي مارّ الطريق. وعَبرَ السبيلَ يَعْبُرُها عُبوراً:
شَقَّها؛ وهم عابرُو سبيلٍ وعُبّارُ سبيل، وقوله تعالى: ولا جُنُباً إِلا
عابري سبيل؛ فسّره فقال: معناه أَن تكون له حاجة في المسجد وبيتُه
بالبُعد فيدخل المسجد ويخرج مُسْرِعاً. وقال الأَزهري: إِلا عابري سبيل، معناه
إِلا مسافرين، لأَن المسافر يُعْوِزُه الماء، وقيل: إِلا مارّين في
المسجد غَير مُرِيدين الصلاة. وعبر السَّفَر يعبُره عَبراً: شَقّة؛ عن
اللحياني.
والشَّعْرَى العَبور، وهما شِعْريانِ: أَحدُهما الغُمَيصاء، وهو أَحدُ
كوكَبَي الذراعين، وأَما العَبور فهي مع الجوْزاء تكونُ نيِّرةً، سُمّيت
عَبوراً لأَنها عَبَرت المَجَرَّةَ، وهي شامية، وتزعم العرب أَن الأُخرى
بكت على إِثْرِها حتى غَمِصَت فسُمّيت الغُمَيْصاءَ.
وجمل عُبْرُ أَسفارٍ وجمال عُبْرُ أَسفارٍ، يستوي فيه الواحد والجمع
والمؤنث مثل الفُلك الذي لا
يزال يُسافَر عليها، وكذلك عِبْر أَسفار، بالكسر. وناقة عُبْر أَسْفارٍ
وسفَرٍ وعَبْرٌ وعِبْرٌ: قويَّةٌ على السفر تشُقُّ ما مرّت به وتُقْطعُ
الأَسفارُ عليها، وكذلك الرجل الجريء على الأَسفَارِ الماضي فيها القوي
عليها. والعِبَارُ: الإِبل القوية على السير. والعَبَّار: الجمل القوي على
السير.
وعَبَر الكتابَ يعبُره عَبْراً: تدبَّره في نفسه ولم يرفع صوته بقراءته.
قال الأَصمعي: يقال في الكلام لقد أَسرعت اسْتِعبارَك للدراهم أَي
استخراجك إِياها.
وعَبَرَ المتاعَ والدراهم يعبرها: نَظر كَمْ وزْنُها وما هي، وعبَّرها:
وزنَها ديناراً ديناراً، وقيل عبّر الشيءَ إِذا لم يبالغ في وزنه أَو
كيله، وتعبير الدراهم وزنُها جملة بعد التفاريق.
والعِبْرة: العجب. واعْتَبَر منه: تعجّب. وفي التنزيل: فاعْتَبِرُوا يا
أُولي الأَبصار؛ أَي تدبّروا وانظُروا فيما نزل بقُرَيْظةَ والنضير،
فقايِسوا فِعالَهم واتّعِظُوا بالعذاب الذي نزل بهم. وفي حديث أَبي ذرّ: فما
كانت صُحُفُ موسى؟ قال: كانت عِبَراً كلُّها؛ العِبَرُ: جمعُ عِبْرة، وهي
كالمَوْعِظة مما يَتّعِظُ به الإِنسان ويَعمَلُ به ويَعتبِر ليستدل به
على غيره. والعِبْرة: الاعتبارُ بما مضى، وقيل: العِبْرة الاسم من
الاعتبار. الفراء: العَبَرُ الاعتبار، قال: والعرب تقول اللهم اجْعَلْنا ممن
يَعبَرُ الدنيا ولا يَعْبُرها أَي ممن يعتبر بها ولا يموت سريعاً حتى
يُرْضيَك بالطاعة.
والعَبورُ: الجذعة من الغنم أَو أَصغر؛ وعيَّنَ اللحياني ذلك الصِّغَرَ
فقال: العبور من الغنم فوق الفَطيم من إناث الغنم، وقيل: هي أَيضاً التي
لم تَجُز عامَها، والجمع عبائر. وحكي عن اللحياني: لي نعجتان وثلاث
عبائرَ.
والعَبِير: أَخْلاطٌ من الطيب تُجْمَع بالزعفران، وقيل: هو الزعفران
وحده، وقيل: هو الزعفران عند أَهل الجاهلية؛ قال الأَعشى:
وتَبْرُدُ بَرْدَ رِداءِ العَرو
س، في الصَّيْفِ، رَقْرَقْت فيه العَبيرا
وقال أَبو ذؤيب:
وسِرْب تَطَلَّى بالعَبير، كأَنه
دِماءُ ظباء بالنحور ذبيح
ابن الأَعرابي: العبيرُ الزعفرانة، وقيل: العبيرُ ضرْبٌ من الطيب. وفي
الحديث: أَتَعْجَزُ إِحْداكُنّ أَن تتخذ تُومَتينِ ثم تَلْطَخَهما
بِعَبِيرٍ أَو زعفران؟ وفي هذا الحديث بيان أَن العبير غيرُ الزعفران؛ قال ابن
الأَثير: العَبيرُ نوعٌ من الطيب ذو لَوْنٍ يُجْمع من أَخْلاطٍ.
والعَبْرة: الدَّمْعة، وقيل: هو أَن يَنْهَمِل الدمع ولا يسمع البكاء،
وقيل: هي الدمعة قبل أَن تَفيض، وقيل: هي تردُّد البكاء في الصدر، وقيل:
هي الحزن بغير بكاء، والصحيح الأَول؛ ومنه قوله:
وإِنّ شِفائي عَبْرةٌ لو سَفَحْتُها
الأَصمعي: ومن أَمثالهم في عناية الرجل بأَخيه وإِيثارِه إِياه على نفسه
قولهم: لك ما أَبْكِي ولا عَبْرَةَ بي؛ يُضْرَب مثلاً للرجل يشتد
اهتمامه بشأْن أَخيه، ويُرْوَى: ولا عَبْرَة لي، أَي أَبكي من أَجْلِك ولا
حُزْن لي في خاصّة نفسي، والجمع عَبَرات وعِبَر؛ الأَخيرة عن ابن جني.
وعَبْرةُ الدمعِ: جرْيُه. وعَبَرَتْ عينُه واسْتَعْبَرت: دمَعَتْ. وعَبَر
عَبْراً واسْتَعْبَر: جرَتْ عَبْرتُه وحزن. وحكى الأَزهري عن أَبي زيد: عَبِر
الرجلُ يعبَرُ عَبَراً إِذا حزن. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه
ذكَرَ النبي، صلى الله عليه وسلم، ثم اسْتَعْبَر فبكى؛ هو استفْعل من
العَبْرة، وهي تحلُّب الدمع. ومن دُعاء العرب على الإِنسان: ماله سَهِر
وعَبِر. وامرأَة عابرٌ وعَبْرى وعَبِرةٌ: حزينة، والجمع عَبارى؛ قال الحرث بن
وعْلةَ الجَرْمي، ويقال هو لابن عابس الجرمي:
يقول لِيَ النَّهْديُّ: هل أَنتَ مُرْدِفي؟
وكيف ردافُ الفَرِّ؟ أُمُّك عابرُ
أَي ثاكل
يُذَكّرُني بالرُّحْمِ بيني وبينه،
وقد كان في نَهْدٍ وجَرْمٍ تدارُ
أَي تقاطع
نجوْت نجاءً لم يَرَ الناسُ مثلَه،
كأَني عُقابٌ عند تَيْمَنَ كاسِرُ
والنَّهْديّ: رجل من بني نَهْد يقال له سَلِيط، سأَل الحرث أَن
يُرْدِفَه خَلْفه لينجُوَ به فأَبى أَن يُرْدِفَه، وأَدركت بنو سعد النَّهْدِيّ
فقتلوه. وعينٌ عَبْرى أَي باكية. ورجل عَبرانُ وعَبِرٌ: حزِينٌ.
والعُبْرُ: الثَّكْلى. والعُبْرُ: البكاء بالحُزْن؛ يقال: لأُمِّه العُبْرُ
والعَبَرُ. والعَبِرُ والعَبْرانُ: الباكي. والعُبْر والعَبَر: سُخْنةُ العين
من ذلك كأَنه يَبْكي لما به. والعَبَر، بالتحريك: سُخنة في العين تُبكيها.
ورأَى فلان عُبْرَ عينه في ذلك الأَمر وأَراه عُبْرَ عينه أَي ما يبكيها
أَو يُسْخِنها. وعَبَّر به: أَراه عُبْرَ عينه؛ قال ذو الرمة:
ومِنْ أَزْمَة حَصَّاءَ تَطْرَحُ أَهلَها
على مَلَقِيَّات يُعَبِّرْنَ بالغُفْر
وفي حديث أُمْ زرع: وعُبْر جارتِها أَي أَن ضَرَّتَها ترى من عِفَّتِها
ما تَعْتَبِرُ به، وقيل: إِنها ترى من جَمالِها ما يُعَبِّرُ عينها أَي
يُبكيها. وامرأَة مُسْتَعْبِرة ومُسْتَعْبَرَة: غير حظية؛ قال القُطامي:
لها روْضة في القلب لم تَرْعَ مِثْلَها
فَرُوكٌ، ولا المُسْتَعْبِرات الصَّلائف
والعُبْر، بالضم: الكثير من كل شيء، وقد غلب على الجماعة من الناس.
والعُبْر: جماعة القوم؛ هذلية عن كراع. ومجلس عِبْر وعَبْر: كثير الأَهل.
وقوم عِبِير: كثير. والعُبْر: السحائب التي تسير سيراً شديداً. يقال:
عَبَّرَ بفلان هذا الأَمرُ أَي اشتد عليه؛ ومنه قول الهذلي:
ما أَنا والسَّيْرَ في مَتْلَفٍ،
يُعَبِّرُ بالذَّكَر الضَّابِط
ويقال: عَبَرَ فلان إِذا مات، فهو عابر، كأَنه عَبَرَ سبيلَ الحياة.
وعبَرَ القومُ أَي ماتوا؛ قال الشاعر:
فإِنْ نَعْبُرْ فإِنْ لنا لُمَاتٍ،
وإِنْ نَعْبُرْ فنحن على نُذُور
يقول: إِن متنا قلنا أَقرانٌ، وابن بَقينا فنحن ننتظر ما لا بد منه كأَن
لنا في إِتيانه نذراً. وقولهم: لغة عابِرَة أَي جائزة. وجارية
مُعْبَرَة: لم تُخْفَض. وأَعبَر الشاة: وفرَّ صوفها. وجمل مُعْبَر: كثير الوبَر
كأَن وبره وُفِّر عليه وإِن لم يقولوا أَعْبَرْته؛ قال:
أَو مُعْبَرُ الظَّهْر يُنْبى عن وَلِيَّتِهِ،
ما حَجَّ رَبُّه في الدنيا ولا اعْتَمَرَا
وقال اللحياني: عَبَرَ الكَبشَ ترك صوفه عليه سنة. وأَكْبُشٌ عُبرٌ إِذا
ترك صوفها عليها، ولا أَدري كيف هذا الجمع. الكسائي: أَعْبَرْت الغنم
إِذا تركتها عاماً لا تُجزّها إِعْباراً. وقد أَعْبَرْت الشاة، فهي
مُعْبَرَة. والمُعْبَر: التيس الذي ترك عليه شعره سنوات فلم يُجَزَّ؛ قال بشر بن
أَبي خازم يصف كبشاً:
جَزيزُ القَفا شَبْعانُ يَرْبِضُ حَجْرة،
حديثُ الخِصَاء وارمُ العَفْل مُعْبَرُ
أَي غير مجزوز. وسهم مُعْبَرٌ وعَبِرٌ: مَوْفُور الريش كالمُعْبَر من
الشاء والإِبل. ابن الأَعرابي: العُبْرُ من الناس القُلْف، واحدهم
عَبُورٌ.وغلام مُعْبَرٌ: كادَ يَحْتلم ولم يُخْتَن بَعْدُ؛ قال:
فَهْوَ يُلَوِّي باللِّحاءِ الأَقْشَرِ،
تَلْويَةَ الخاتِن زُبِّ المُعْبَرِ
وقيل: هو الذي لم يُخْتَن، قارَب الاحتلام أَو لم يُقارِب. قال
الأَزهري: غلام مُعْبَرٌ إِذا كادَ يحتلم ولم يُخْتَن. وقالوا في الشتم: يا ابن
المُعْبَرَة أَي العَفْلاء، وأَصله من ذلك. والعُبْرُ: العُقاب، وقد قيل:
إِنه العُثْرُ، بالثاء، وسيذكر في موضعه.
وبنات عِبْرٍ: الباطل؛ قال:
إِذا ما جِئْتَ جاء بناتُ عِبْرٍ،
وإِن ولَّيْتَ أَسْرَعْنَ الذَّهابا
وأَبو بناتِ عِبْرٍ: الكَذَّاب.
والعُبَيْراءُ، ممدود: نبت؛ عن كراع حكاه مع الغُبَيْراء.
والعَوْبَرُ: جِرْوُ الفَهْد؛ عن كراع أَيضاً.
والعَبْرُ وبنو عَبْرَة، كلاهما: قبيلتان. والعُبْرُ: قبيلة. وعابَرُ
بنُ أَرْفَخْشَذ بن سام بن نوح، عليه السلام. والعِبْرانية: لغة اليهود.
والعِبْري، بالكسر: العِبْراني، لغة اليهود.
جبر: الجَبَّارُ: الله عز اسمه القاهر خلقه على ما أَراد من أَمر ونهي.
ابن الأَنباري: الجبار في صفة الله عز وجل الذي لا يُنالُ، ومنه جَبَّارُ
النخل. الفرّاء: لم أَسمع فَعَّالاً من أَفعل إِلا في حرفين وهو جَبَّار
من أَجْبَرْتُ، ودَرَّاك من أَدركْتُ، قال الأَزهري: جعل جَبَّاراً في
صفة الله تعالى أَو في صفة العباد من الإِجْبار وهو القهر والإِكراه لا من
جَبَرَ. ابن الأَثير: ويقال جَبَرَ الخلقَ وأَجْبَرَهُمْ، وأَجْبَرَ
أَكْثَرُ، وقيل: الجَبَّار العالي فوق خلقه، وفَعَّال من أَبنية المبالغة،
ومنه قولهم: نخلة جَبَّارة، وهي العظيمة التي تفوت يد المتناول. وفي حديث
أَبي هريرة: يا أَمَةَ الجَبَّار إِنما أَضافها إِلى الجبار دون باقي
أَسماء الله تعالى لاختصاص الحال التي كانت عليها من إِظهار العِطْرِ
والبَخُورِ والتباهي والتبختر في المشي. وفي الحديث في ذكر النار: حتى يضع
الجَبَّار فيها قَدَمَهُ؛ قال ابن الأَثير: المشهور في تأْويله أَن المراد
بالجبار الله تعالى، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: حتى يضع فيها رب
العزة قدمه؛ والمراد بالقدم أَهل النار الذين قدَّمهم الله لها من شرار خلقه
كما أَن المؤمنين قَدَمُه الذين قدَّمهم إِلى الجنة، وقيل: أَراد بالجبار
ههنا المتمرد العاتي، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: إِن النار قالت:
وُكّلْتُ بثلاثة: بمن جعل مع الله إِلهاً آخر، وبكل جَبَّار عنيد،
وبالمصوِّرين. والجَبَّارُ: المتكبر الذي لا يرى لأَحد عليه حقّاً. يقال:
جَبَّارٌ بَيِّنُ الجَبَرِيَّة والجِبِرِيَّة، بكسر الجيم والباء،
والجَبْرِيَّةِ والجَبْرُوَّةِ والجَبَرُوَّةِ والجُبُرُوتِ والجَبَرُوتِ
والجُبُّورَةِ والجَبُّورَة، مثل الفَرُّوجة، والجِبْرِياءُ والتَّجْبَارُ: هو بمعنى
الكِبْرِ؛ وأَنشد الأحمر لمُغَلِّسِ بن لَقِيطٍ الأَسَدِيّ يعاتب رجلاً
كان والياً على أُوضَاخ:
فإِنك إِنْ عادَيْتَني غَضِبِ الحصى
عَلَيْكَ، وذُو الجَبُّورَةِ المُتَغَطْرفُ
يقول: إِن عاديتني غضب عليك الخليقة وما هو في العدد كالحصى. والمتغطرف:
المتكبر. ويروى المتغترف، بالتاء، وهو بمعناه.
وتَجَبَّرَ الرجل: تكبر. وفي الحديث: سبحان ذي الجَبَرُوت والمَلَكُوت؛
هو فَعَلُوتٌ من الجَبْر والقَهْرِ. وفي الحديث الآخر: ثم يكون مُلْكٌ
وجَبَرُوتٌ أَي عُتُوٌّ وقَهْرٌ. اللحياني: الجَبَّار المتكبر عن عبادة
الله تعالى؛ ومنه قوله تعالى: ولم يكن جَبَّاراً عَصِيّاً؛ وكذلك قول عيسى،
على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ولم يجعلني جباراً شقيّاً؛ أَي متكبراً
عن عبادة الله تعالى. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، حضرته
امرأَة فأَمرها بأَمر فَتَأَبَّتْ، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم:
دَعُوها فإِنها جَبَّارَة أَي عاتية متكبرة. والجِبِّيرُ، مثال الفِسِّيق:
الشديد التَّجَبُّرِ. والجَبَّارُ من الملوك: العاتي، وقيل: كُلُّ عاتٍ
جَبَّارٌ وجِبِّيرٌ. وقَلْبٌ جَبَّارٌ: لا تدخله الرحمة. وقَلْبٌ جَبَّارٌ:
ذو كبر لا يقبل موعظة. ورجل جَبَّار: مُسَلَّط قاهر. قال الله عز وجل:
وما أَنتَ عليهم بِجَبَّارٍ؛ أَي بِمُسَلَّطٍ فَتَقْهَرَهم على الإِسلام.
والجَبَّارُ: الذي يَقْتُلُ على الغَضَبِ. والجَبَّارُ: القَتَّال في غير
حق. وفي التنزيل العزيز: وإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ؛ وكذلك
قول الرجل لموسى في التنزيل العزيز: إِن تُرِيدُ إِلا أَن تكونَ
جَبَّاراً في الأَرض؛ أَي قتَّالاً في غير الحق، وكله راجع إِلى معنى التكبر.
والجَبَّارُ: العظيمُ القَوِيُّ الطويلُ؛ عن اللحياني: قال الله تعالى: إِن
فيها قوماً جَبَّارِينَ؛ قال اللحياني: أَراد الطُّولَ والقوّة
والعِظَمَ؛ قال الأَزهري: كأَنه ذهب به إِلى الجَبَّار من النخيل وهو الطويل الذي
فات يَدَ المُتَناول. ويقال: رجل جَبَّار إِذا كان طويلاً عظيماً
قويّاً، تشبيهاً بالجَبَّارِ من النخل. الجوهري: الجَبَّارُ من النخل ما طال
وفات اليد؛ قال الأَعشى:
طَرِيقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُه،
عليه أَبابِيلٌ من الطَّيْرِ تَنْعَبُ
ونخلة جَبَّارَة أَي عظيمة سمينة. وفي الحديث: كَثافَةُ جلد الكافر
أَربعون ذراعاً بذراع الجَبَّار؛ أَراد به ههنا الطويل، وقيل: الملك، كما
يقال بذراع الملك، قال القتيبي: وأَحسبه مَلِكاً من ملوك الأَعاجم كان تام
الذراع. ابن سيده: ونخلة جَبَّارة فَتِيَّة قد بلغت غاية الطول وحملت،
والجمع جَبَّار؛ قال:
فاخِراتٌ ضُلُوعها في ذُراها،
وأَنَاضَ العَيْدانُ والجَبَّارُ
وحكى السيرافي: نخلة جَبَّارٌ، بغير هاء. قال أَبو حنيفة: الجَبَّارُ
الذي قد ارتقي فيه ولم يسقط كَرْمُه، قال: وهو أَفْتَى النخل
وأَكْرَمُه.قال ابن سيده: والجَبْرُ المَلِكُ، قال: ولا أَعرف مم اشتق إِلا أَن ابن
جني قال: سمي بذلك لأَنه يَجْبُر بِجُوده، وليس بِقَوِيٍّ؛ قال ابن
أَحمر:
اسْلَمْ بِراوُوقٍ حُيِيتَ به،
وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ
قال: ولم يسمع بالجَبْرِ المَلِكِ إِلا في شعر ابن أَحمر؛ قال: حكى ذلك
ابن جني قال: وله في شعر ابن أَحمر نظائر كلها مذكور في مواضعه. التهذيب:
أَبو عمرو: يقال لِلْمَلِك جَبْرٌ. قال: والجَبْرُ الشُّجاعُ وإِن لم
يكن مَلِكاً. وقال أَبو عمرو: الجَبْرُ الرجل؛ وأَنشد قول ابن أَحمر:
وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ
أَي أَيها الرجل. والجَبْرُ: العَبْدُ؛ عن كراع. وروي عن ابن عباس في
جبريل وميكائيل: كقولك عبدالله وعبد الرحمن؛ الأَصمعي: معنى إِيل هو
الربوبية فأُضيف جبر وميكا إِليه؛ قال أَبو عبيد: فكأَنَّ معناه عبد إِيل، رجل
إِيل. ويقال: جبر عبد، وإِيل هو الله. الجوهري: جَبْرَئيل اسم، يقال هو
جبر أُضيف إِلى إِيل؛ وفيه لغات: جَبْرَئِيلُ مثال جَبْرَعِيل، يهمز ولا
يهمز؛ وأَنشد الأَخفش لكعب ابن مالك:
شَهِدْنا فما تَلْقى لنا من كَتِيبَةٍ،
يَدَ الدَّهرِ، إِلا جَبْرَئِيلٌ أَمامُها
قال ابن بري: ورفع أَمامها على الإِتباع بنقله من الظروف إِلى الأَسماء؛
وكذلك البيت الذي لحسان شاهداً على جبريل بالكسر وحذف الهمزة فإِنه قال:
ويقال جِبريل، بالكسر؛ قال حسان:
وجِبْرِيلٌ رسولُ اللهِ فِينا،
ورُوحُ القُدْسِ ليسَ له كِفاءٌ
وجَبْرَئِل، مقصور: مثال جَبْرَعِلٍ وجَبْرِين وجِبْرِين، بالنون.
والجَبْرُ: خلاف الكسر، جَبَر العظم والفقير واليتيم يَجْبُرُه جَبْراً
وجُبُوراً وجِبَارَةٍ؛ عن اللحياني. وجَبَّرَهُ فَجَبر يَجْبُرُ جَبْراً
وجُبُوراً وانْجَبَرَ واجْتَبَر وتَجَبَّرَ. ويقال: جَبَّرْتُ الكَسِير
أُجَبِّره تَجْبيراً وجَبَرْتُه جَبْراً؛ وأَنشد:
لها رِجْلٌ مجَبَّرَةٌ تَخُبُّ،
وأُخْرَى ما يُسَتِّرُها وجاحُ
ويقال: جَبَرْتُ العظم جَبْراً وجَبَرَ العظمُ بنفسه جُبُوراً أَي
انجَبَر؛ وقد جمع العجاج بين المتعدي واللازم فقال:
قد جَبَر الدِّينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
واجْتَبَر العظم: مثل انْجَبَر؛ يقال: جَبَرَ اللهُ فلاناً فاجْتَبَر
أَي سدّ مفاقره؛ قال عمرو بن كلثوم:
مَنْ عالَ مِنَّا بَعدَها فلا اجْتَبَرْ،
ولا سَقَى الماءَ، ولا راءَ الشَّجَرْ
معنى عال جار ومال؛ ومنه قوله تعالى: ذلك أدنى أَن لا تعولوا؛ أَي لا
تجوروا وتميلوا. وفي حديث الدعاء: واجْبُرْني واهدني أَي أَغنني؛ من جَبَرَ
الله مصيبته أَي رَدَّ عليه ما ذهب منه أَو عَوَّضَه عنه، وأَصله من
جَبْرِ الكسر.
وقِدْرٌ إِجْبارٌ: ضدّ قولهم قِدْرٌ إِكْسارٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منه
جابراً في نفسه، أَو أَرادوا جمع قِدْرٍ جَبْرٍ وإِن لم يصرحوا بذلك، كما
قالوا قِدْرٌ كَسْرٌ؛ حكاها اللحياني.
والجَبائر: العيدان التي تشدّها على العظم لتَجْبُرَه بها على استواء،
واحدتها جِبارَة وجَبِيرةٌ. والمُجَبِّرُ: الذي يَجْبُر العظام
المكسورة.والجِبارَةُ والجَبيرَة: اليارَقَةُ، وقال في حرف القاف: اليارَقُ
الجَبِيرَةُ والجِبارَةُ والجبيرة أَيضاً: العيدان التي تجبر بها العظام. وفي
حديث عليّ، كرّم الله تعالى وجهه: وجَبَّار القلوب على فِطِراتِها؛ هو من
جبر العظم المكسور كأَنه أَقام القلوب وأَثبتها على ما فطرها عليه من
معرفته والإِقرار به شقيها وسعيدها. قال القتيبي: لم أَجعله من أَجْبَرْتُ
لأَن أَفعل لا يقال فيه فَعَّال، قال: يكون من اللغة الأُخْرَى. يقال:
جَبَرْت وأَجْبَرَتُ بمعنى قهرت. وفي حديث خسف جيش البَيْدَاء: فيهم
المُسْتَبْصِرُ والمَجْبُور وابن السبيل؛ وهذا من جَبَرْتُ لا أَجْبَرْتُ. أَبو
عبيد: الجَبائر الأَسْوِرَة من الذهب والفضة، واحدتها جِبَارة
وجَبِيرَةٌ؛ وقال الأَعشى:
فَأَرَتْكَ كَفّاً في الخِضَا
بِ ومِعصماً، مِثْلَ الجِبَارَهْ
وجَبَرَ الله الدين جَبْراً فَجَبَر جُبُوراً؛ حكاها اللحياني، وأَنشد
قول العجاج:
قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجبَرْ
والجَبْرُ أَن تُغْنِيَ الرجلَ من الفقر أَو تَجْبُرَ عظمَه من الكسر.
أَبو الهيثم: جَبَرْتُ فاقةَ الرجل إِذا أَغنيته. ابن سيده: وجَبَرَ
الرجلَ أَحسن إِليه. قال الفارسي: جَبَرَه أَغناه بعد فقر، وهذه أَليق
العبارتين. وقد استَجْبَرَ واجْتَبَرَ وأَصابته مصيبة لا يَجْتَبِرُها أَي لا
مَجْبَرَ منها.
وتَجَبَّرَ النبتُ والشجر: اخْضَرَّ وأَوْرَقَ وظهرت فيه المَشْرَةُ وهو
يابس، وأَنشد اللحياني لامرئ القيس:
ويأْكُلْنَ من قوٍّ لَعَاعاً وَرِبَّةً،
تَجَبَّرَ بعدَ الأَكْلِ، فَهْوَ نَمِيصُ
قوّ: موضع. واللعاع: الرقيق من النبات في أَوّل ما ينبت. والرِّبَّةُ:
ضَرْبٌ من النبات. والنَّمِيصُ: النبات حين طلع ورقة؛ وقيل: معنى هذا
البيت أَنه عاد نابتاً مخضرّاً بعدما كان رعي، يعني الرَّوْضَ. وتَجَبَّرَ
النبت أَي نبت بعد الأَكل. وتَجَبَّر النبت والشجر إِذا نبت في يابسه
الرَّطْبُ. وتَجَبَّرَ الكَلأُ أُكل ثم صلح قليلاً بعد الأَكل. قال: ويقال
للمريض: يوماً تراه مُتَجَبِّراً ويوماً تَيْأَسُ منه؛ معنى قوله متجبراً
أَي صالح الحال. وتَجَبَّرَ الرجُل مالاً: أَصابه، وقيل: عاد إِليه ما ذهب
منه؛ وحكى اللحياني: تَجَبَّرَ الرجُل، في هذا المعنى، فلم يُعَدِّه.
التهذيب: تَجَبَّر فلان إِذا عاد إِليه من ماله بعضُ ما ذهب.
والعرب تسمي الخُبْزَ جابِراً، وكنيته أَيضاً أَبو جابر. ابن سيده:
وجابرُ بنُ حَبَّة اسم للخبز معرفة؛ وكل ذلك من الجَبْرِ الذي هو ضد
الكسر.وجابِرَةُ: اسم مدينة النبي، صلى الله عليه وسلم، كأَنها جَبَرَتِ
الإِيمانَ. وسمي النبي، صلى الله عليه وسلم، المدينة بعدة أَسماء: منها
الجابِرَةُ والمَجْبُورَةُ. وجَبَرَ الرجلَ على الأَمر يَجْبُرُه جَبْراً
وجُبُوراً وأَجْبَرَه: أَكرهه، والأَخيرة أَعلى. وقال اللحياني: جَبَرَه لغة
تميم وحدها؛ قال: وعامّة العرب يقولون: أَجْبَرَهُ. والجَبْرُ: تثبيت وقوع
القضاء والقدر. والإِجْبارُ في الحكم، يقال: أَجْبَرَ القاضي الرجلَ على
الحكم إِذا أَكرهه عليه.
أَبو الهيثم: والجَبْرِيَّةُ الذين يقولون أَجْبَرَ اللهُ العبادَ على
الذنوب أَي أَكرههم، ومعاذ الله أَن يُكره أَحداً على معصيته ولكنه علم
ما العبادُ. وأَجْبَرْتُهُ: نسبته إلى الجَبْرِ، كما يقال أَكفرته: نسبته
إِلى الكُفْرِ. اللحياني: أَجْبَرْتُ فلاناً على كذا فهو مُجْبَرٌ، وهو
كلام عامّة العرب، أَي أَكرهته عليه. وتميم تقول: جَبَرْتُه على الأَمر
أَجْبرُهُ جَبْراً وجُبُوراً؛ قال الأَزهري: وهي لغة معروفة. وكان الشافعي
يقول: جَبَرَ السلطانُ، وهو حجازي فصيح. وقيل للجَبْرِيَّةِ جَبْرِيَّةٌ
لأَنهم نسبوا إِلى القول بالجَبْرِ، فهما لغتان جيدتان: جَبَرْتُه
وأَجْبَرْته، غير أَن النحويين استحبوا أَن يجعلوا جَبَرْتُ لجَبْرِ العظم بعد
كسره وجَبْرِ الفقير بعد فاقته، وأَن يكون الإِجْبارُ مقصوراً على
الإِكْراه، ولذلك جعل الفراء الجَبَّارَ من أَجْبَرْتُ لا من جَبَرْتُ، قال:
وجائز أَن يكون الجَبَّارُ في صفة الله تعالى من جَبْرِه الفَقْرَ
بالغِنَى، وهو تبارك وتعالى جابر كل كسير وفقير، وهو جابِرُ دِينِه الذي ارتضاه،
كما قال العجاج:
قد جَبَرَ الدينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
والجَبْرُ: خلافُ القَدَرِ. والجبرية، بالتحريك: خلاف القَدَرِيَّة،
وهو كلام مولَّد.
وحربٌ جُبَارٌ: لا قَوَدَ فيها ولا دِيَةَ. والجُبَارُ من الدَّمِ:
الهَدَرُ. وفي الحديث: المَعْدِنُ جُبَارٌ والبِئْرُ جُبَارٌ والعَجْماءُ
جُبَارٌ؛ قال:
حَتَمَ الدَّهْرُ علينا أَنَّهُ
ظَلَفٌ، ما زال منَّا، وجُبَار
وقال تَأَبَّط شَرّاً:
بِهِ من نَجاءِ الصَّيْفِ بِيضٌ أَقَرَّها
جُبَارٌ، لِصُمِّ الصَّخْرِ فيه قَراقِرُ
جُبَارٌ يعني سيلاً. كُلُّ ما أَهْلَكَ وأَفْسَدَ: جُبَارٌ. التهذيب:
والجُبارُ الهَدَرُ. يقال: ذهب دَمُه جُبَاراً. ومعنى الأَحاديث: أَن تنفلت
البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إِنساناً أَو شيئاً فجرحها هدَر،
وكذلك البئر العادِيَّة يسقط فيها إِنسان فَيَهْلِكُ فَدَمُه هَدَرٌ،
والمَعْدِن إِذا انهارَ على حافره فقتله فدمه هدر. وفي الصحاح: إِذا انهار على
من يعمل فيه فهلك لم يؤخذ به مُستَأْجرُه. وفي الحديث: السائمةُ جُبَار؛
أَي الدابة المرسَلة في رعيها.
ونارُ إِجْبِيرَ، غير مصروف: نار الحُباحِبِ؛ حكاه أَبو علي عن أَبي
عمرو الشيباني. وجُبَارٌ: اسم يوم الثلاثاء في الجاهلية من أَسمائهم
القديمة؛ قال:
أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي
بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبَارِ
أَو التَّالي دُبارِ، فإِنْ يَفُتْني،
فمُؤنِس أَو عَرُوبةَ أَو شِيَارِ
الفراء عن المُفَضَّل: الجُبَارُ يوم الثلاثاء. والجَبَارُ: فِناءُ
الجَبَّان. والجِبَارُ: الملوك، وقد تقدّمَ بذراعِ الجَبَّار. قيل:
الجَبَّارُ المَلِكُ واحدهم جَبْرٌ. والجَبَابِرَةُ: الملوك، وهذا كما يقال هو كذا
وكذا ذراعاً بذراع الملك، وأَحسبه ملكاً من ملوك العجم ينسب إِليه
الذراع.
وجَبْرٌ وجابِرٌ وجُبَيْرٌ وجُبَيْرَةُ وجَبِيرَةُ: أَسماء، وحكى ابن
الأَعرابي: جِنْبَارٌ من الجَبْرِ؛ قال ابن سيده: هذا نص لفظه فلا أَدري من
أَيِّ جَبْرٍ عَنَى، أَمن الجَبْرِ الذي هو ضدّ الكسر وما في طريقه أَم
من الجَبْرِ الذي هو خلاف القَدَرِ؟ قال: وكذلك لا أَدري ما جِنْبَارٌ،
أَوَصْفٌ أَم عَلَم أَم نوع أَم شخص؟ ولولا أَنه قال جِنْبَارٌ، من
الجَبْرِ لأَلحقته بالرباعي ولقلت: إِنها لغة في الجِنبَّارِ الذي هو فرخ
الحُبَارَى أَو مخفف عنه، ولكن قوله من الجَبْرِ تصريحٌ بأَنه ثلاثي، والله
أَعلم.
دأل: الدَّأْلُ: الخَتْل، وقد دَأَلَ يَدْأَلُ دأْلاً ودَأَلاناً. أَبو
زيد في الهمز: دأَلْت للشَّيءِ أَدْأَل دأْلاً ودَأَلاناً، وهي مِشْيَة
شبيهة بالخَتْل ومَشْيِ المُثْقَل، وذكر الأَصمعي في صفة مشي الخيل:
الدَّأَلان مشي يقارب فيه الخطو ويبغي فيه كأَنه مُثْقل من حمل. يقال: الذئب
يَدْأَل للغزال ليأْكله، يقول يَخْتِله. وقال أَبو عمرو: المُداءَلة بوزن
المداعلة الخَتْل. وقد دَأَلْتُ له ودَأَلْته وقد تكون في سرعة المشي.
ابن الأَعرابي: الدَّأَلانُ عَدْوٌ مُقارِب. ابن سيده: دَأَل يَدْأَلُ
دَأْلاً ودَأَلاً، وهي مِشْية فيها ضعف وعَجَلة، وقيل: هو عَدْوٌ مُقارِب؛
أَنشد سيبويه فيما تضعه العرب على أَلسنة البهائم لضَبٍّ يخاطب ابنه:
أَهَدَموا بَيْتَك، لا أَبا لَكا
وأَنا أَمشي الدَّأَلى حَوالَكا؟
وحكى ابن بري: الدَّأَلى مِشْية تُشبه مِشْية الذِّئب. والدَّأَلانُ،
بالدال: مَشْيُ الذي كأَنه يَبْغِي في مشيه من النَّشاط. ودَأَل له
يَدْأَلُ دَأْلاً ودَأَلاناً: خَتَله.
والدَّأَلان، بتحريك الهمزة أَيضاً: الذئب؛ عن كراع.
والدُّؤُولُ: دُوَيْبَّة صغيرة؛ عنه أَيضاً. قال: وليس ذلك بمعروف.
والدُّئِل: دُويبَّة كالثعلب، وفي الصحاح: دويبة شبيهة بابن عِرْس؛ قال كعب
ابن مالك:
جاؤُوا بجَيْشٍ، لو قِيسَ مُعْرَسُه
ما كان إِلاَّ كمُعْرَس الدُّئِل
قال ابن سيده: وهذا هو المعروف. قال أَحمد بن يحيى: لا نعلم اسماً جاءَ
على فُعِل غير هذا، يعني الدُّئِل، قال ابن بري: قد جاءَ رُئِم في اسم
الاست؛ قال الجوهري: قال الأَخفش وإِلى المسمى بهذا الاسم نسب أَبو الأَسود
الدُّؤَلي، إِلاَّ أَنهم فتحوا الهمزة على مذهبهم في النسبة استثقالاً
لتوالي الكسرتين مع ياءَي النسب كما ينسب إِلى نَمِر نَمَرِيّ، قال: وربما
قالوا أَبو الأَسود الدُّوَلي، قلبوا الهمزة واواً لأَن الهمزة إِذا
انفتحت وكانت قبلها ضمة فتخفيفها أَن تقلبها واواً محضة، كما قالوا في جُؤَن
جُوِن وفي مُؤَن مُوَن، وقال ابن الكلبي: هو أَبو الأَسود الدِّيلي،
فقلب الهمزة ياء حين انكسرت، فإِذا انقلبت ياء كسرت الدال لتسلم الياء كما
تقول قِيل وبِيع، قال: واسمه ظالم بن عمرو بن سليمان بن عمرو بن حِلْس بن
نُفاثة بن عَديّ بن الدُّئِل بن بكر بن كنانة. قال الأَصمعي: وأَخبرني
عيسى بن عمر قال الدِّيل بن بكر الكناني إِنما هو الدُّئِل، فترك أَهل
الحجاز هَمْزه. قال ابن بري: قال أَبو سعيد السيرافي في شرح الكتاب في باب
كان عند قول أَبي الأَسود الدُّؤَلي: دَعِ الخَمْر يَشْرَبْها الغُواة،
قال: أَهل البصرة يقولون الدُّؤَلي، وهو من الدُّئِل بن بكر بن كنانة، قال:
وكان ابن حبيب يقول الدُّئل بن كنانة، ويقول الدُّئِل على مثال فُعِل،
الدُّئل بن مُحَلِّم بن غالب بن مُلَيح بن الهُون بن خُزَيْمة بن مُدْرِكة،
وروى أَبو سعيد بسنده إِلى محمد بن سلام ابن عبيد الله قال يونس: هم
ثلاثة: الدُّول من حنيفة بسكون الواو، والدِّيل من قَيس ساكنة الياء،
والدُّئل في كنانة رهط أَبي الأَسود مهموز، قال: هذا قول عيسى بن عمر والبصريين
وجماعة من النحويين منهم الكسائي، يقولون أَبو الأَسود الدِّيلي، قال
ابن بري: وقال محمد بن حبيب الدُّئل في كنانة، بضم الدال وكسر الهمزة، قال:
وكذلك في الهُون بن خزيمة أَيضاً، والدِّيل في الأَزْد، بكسر الدال
وإِسكان الياء، الدِّيل بن هداد بن زيد مَنَاة، وفي إِيَاد بن نِزَار مثله
الدِّيل بن أُميَّة بن حُذَافة، وفي عبد القيس كذلك الدِّيل بن عمرو بن
وَدِيعة، وفي ثَغْلثب كذلك الدِّيل بن زيد ابن غَنْم بن تَغْلِب، وفي
رِبِيعة بن نِزَار الدُّول بن حَنِيفة، بضم الدال وإِسكان الواو، وفي عَنَزَة
الدُّول ابن سعد بن مَنَاة بن غامد مثله، وفي ثعلبة الدُّول بن ثعلبة بن
سعد بن ضَبَّة، وفي الرِّبَاب الدُّول بن جَلِّ ابن عَدِيِّ بن عبد مَنَاة
بن أُدٍّ مثله. ابن سيده: والدُّئِل حَيٌّ من كنانة، وقيل في بني عبد
القيس، والنسب إِليه دُؤَليٌّ ودُئِليٌّ؛ الأَخيرة نادرة إِذ ليس في الكلام
فُعِليٌّ؛ قال ابن السكيت: هو أَبو الأَسود الدُّؤَلي مفتوح الواو مهموز
منسوب إِلى الدُّئِل من كنانة، قال: والدُّول في حنيفة ينسب إِليهم
الدُّولي، والدِّيل في عبد القيس ينسب إِليهم الدِّيلي.
والدُّئل على وزن الوُعِل: دويبَّة شبيهة بابن عِرْس؛ وأَنشد الأَصمعي
بيت كعب بن مالك:
ما كان إِلا كمُعْرَس الدُّئِل
وابن دأْلانَ: رَجُل، النسبة إِليه دَأْلانِيٌّ؛ حكاه سيبويه.
والدُّؤْلول: الداهية، والجمع الدّآلِيل. ووقع القومُ في دُؤْلُول أَي
في اختلاط من أَمرهم. أَبو زيد: وقعوا من أَمرهم في دُولول أَي في شِدَّة
وأَمر عظيم، قال الأَزهري: جاء به غير مهموز. وفي حديث خزيمة: إِن
الجَنَّة محظور عليها بالدَّآلِيل أَي بالدواهي والشدائد، وهذا كقوله: حُفَّتْ
بالمَكاره.
وسع: في أَسْمائِه سبحانه وتعالى الواسِعُ: هو الذي وَسِعَ رِزْقُه جميعَ
خَلْقِه ووَسِعتْ رحمتُه كل شيء وغِناه كل فَقْرٍ. وقال ابن الأَنباري:
الواسع من أَسماءِ الله الكثيرُ العطاءِ الذي يَسَعُ لما يُسْأَلُ، قال:
وهذا قول أَبي عبيدة. ويقال: الواسِعُ المُحِيطُ بكل شيء من قوله وَسِعَ كل
شيءٍ عِلْماً؛ وقال:
أُعْطِيهِمُ الجَهْدَ مِني بَلْهَ ما أَسَعُ
معناه فَدَعْ ما أُحِيطُ به وأَقْدِر عليه، المعنى أُعطيهم ما لا أَجده
إِلاَّ بالجَهْدِ فَدَعْ ما أُحيطُ به. وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى:
فأَينما تُوَلُّوا فَثَمَّ وجهُ الله إِنّ الله واسِع عليم؛ يقول: أَينما
تولوا فاقصدوا وجه الله تَيَمُّمكم القِبْلة، إِن الله واسع عليم، يدل على
أَنه تَوْسِعةٌ على الناسِ في شيء رَخَّصَ لهم؛ قال الأَزهري: أَراد
التحري عند إِشْكالِ القبلة.
والسعة: نقبض الضِّيق، وقد وَسِعَه يَسَعُه ويَسِعُه سَعةً، وهي قليلة،
أَعني فَعِيلَ يَفْعِلُ وإِنما فتحها حرف الحلق، ولو كانت يَفْعَلُ ثبتت
الواو وصحت إِلاَّ بحسَب ياجَلُ. ووسُع، بالضم، وساعةً، فهو وَسِيعٌ.
وشيءٌ وَسِيعٌ وأَسِيعٌ: واسِعٌ. وقوله تعالى: للذين أَحسنوا في هذه الدنيا
حسَنةٌ وأَرْضُ اللهِ واسعةٌ؛ قال الزجاج: إِنما ذُكِرَتْ سَعةُ الأَرضِ
ههنا لمن كان مع من يعبد الأَصنام فأَمِرَ بالهجرة عن البلَد الذي يُكره
فيه على عِبادَتِها كما قال تعالى: أَلم تكن أَرضُ اللهِ واسِعةً
فتُهاجِرُوا فيها؛ وقد جرى ذِكْرُ الأَوْثانِ في قوله: وجعل لله أَنداداً ليُضِلَّ
عن سبيلِه. واتَّسَعَ: كَوَسِعَ. وسمع الكسائي: الطريق ياتَسِعُ،
أَرادوا يَوْتَسِعُ فأَبدلوا الواو أَلفاً طلباً للخفة كما قالوا ياجَلُ ونحوه،
ويَتَّسِعُ أَكثرُ وأَقْيَسُ. واسْتَوْسَعَ الشيءَ: وجده واسِعاً وطلبَه
واسِعاً، وأَوْسَعَه ووَسَّعَه: صيَّره واسعاً. وقوله تعالى: والسماءَ
بنيناها بأَيد وإِنا لَمُوسِعُون؛ أَراد جعلنا بينها وبين الأَرض سَعةً،
جعل أَوْسَعَ بمعنى وَسَّعَ، وقيل: أَوْسَعَ الرجلُ صار ذا سَعةٍ وغِنًى،
وقوله: وإنا لموسعون أَي أَغنِياءُ قادِرون. ويقال: أَوْسَعَ الله عليك
أَي أَغناكَ. ورجل مُوسِعٌ: وهو المَلِيءُ. وتَوَسَّعُوا في المجلس أَي
تَفَسَّحُوا. والسَّعةُ: الغِنى والرفاهِيةُ، على المثل. ووَسِعَ ع عليه
يَسَعُ سَعةً ووَسَّعَ، كلاهما: رَفَّهَه وأَغناه. وفي النوادر: اللهم سَعْ
عليه أَي وسِّعْ عليه. ورجل مُوَسَّعٌ عليه الدنيا: مُتَّسعُ له فيها.
وأَوْسَعَه الشيءَ: جعله يَسَعُه؛ قال امرؤ القيس:
فَتُوسِعُ أَهْلَها أَقِطاً وسَمْناً،
وحَسْبُك من غِنًى شِبَعٌ ورِيُّ
وقال ثعلب: قيل لامرأَة أَيُّ النساءِ أَبْغَضُ إِليْكِ؟ فقالت: التي
تأْكل لَمّاً،وتُوسِعُ الحيَّ ذمّاً. وفي الدعاء: اللهم أَوْسِعْنا
رَحْمَتَكَ أَي اجعلها تَسَعُنا. ويقال: ما أَسَعُ ذلك أَي ما أُطِيقُه، ولا
يَسَعُني هذا الأَمر مثله. ويقال: هل تَسَعُ ذلك أَي هل تُطِيقُه؟ والوُسْعُ
والوُسْعُ والسَّعةُ: الجِدةُ والطاقةُ، وقيل: هو قَدْرُ جِدةِ الرجل
وقَدْرُه ذاتُ اليد. وفي الحديث: إِنكم لن تَسَعُوا الناسَ بأَموالكم
فَسَعُوهم بأَخْلاقِكم، أَي لا تَتَّسِعُ أَمْوالُكم لعَطائِهم فوَسِّعُوا
أَخْلاقَكم لِصُحْبتهم. وفي حديث آخر قاله، صلى الله عليه وسلم: إِنكم لا
تَسَعُونَ الناسَ بأَموالِكم فلْيَسَعْهم منكم بَسْطُ الوجه. وقد أَوْسَعَ
الرجلُ: كثُرَ مالُه. وفي التنزيل: على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى المُقْتِرِ
قَدَرُه. وقال تعالى: ليُنفِقْ ذُو سَعةٍ من سَعَتِه؛ أَي على قدر سعته،
والهاء عوض من الواو. ويقال: إِنه لفي سَعةٍ من عَيْشِه. والسَّعةُ:
أَصلها وُسْعة فحذفت الواو ونقصت. ويقال: لِيَسَعْكَ بيتُك، معناه القَرارُ.
ويقال: هذا الكَيْلُ يَسَعُ ثلاثةَ أَمْناء، وهذا الوِعاءُ يَسَعُ عشرين
كيْلاً، وهذا الوعاء يسعه عشرون كيلاً، على مثال قولك: أَنا أَسعُ هذا
الأَمْرَ، وهذا الأَمْرُ يَسَعُني، والأَصل في هذا أَن تدخل في وعلى ولام
لأَنَّ قولك هذا الوعاء يَسَعُ عشرين كيلاً أَي يتسع لذلك، ومثله: هذا
الخُفُّ يَسَعُ رجلي أَي يَسَعُ لرجلي أَي يَتَّسِعُ لها وعليها. وتقول: هذا
الوِعاءُ يَسَعُه عشرون كيلاً، معناه يسع فيه عشرون كيلاً أَي يَتَّسِعُ
فيه عشرون كيلاً، والأَصل في هذه المسأَلة أَن يكون بِصفة، غير أَنهم
يَنْزِعُون الصفات من أَشياءَ كثيرة حتى يتصل الفعل إِلى ما يليه ويُفْضِيَ
إِليه كأَنه مَفْعول به، كقولك: كِلْتُكَ واسْتَجَبْتك ومَكَّنْتُكَ أَي
كِلْتُ لك واستجبت لك ومكنت لك. ويقال: وسِعَتْ رحْمتُهُ كلَّ شيء ولكلِّ شيء
وعلى كلِّ شيء؛ قال الله عز وجل: وَسِعَ كُرْسِيُّه السمواتِ والأَرضَ،
أَي اتَّسَعَ لها. ووَسِعَ الشيءَ الشيءَ: لم يَضِقْ عنه. ويقال: لا
يَسَعُني شيء ويَضِيقَ عنك أَي وأَن يَضِيقَ عنك؛ يقول: متى وَسِعَني شيءٌ
وَسِعَكَ. ويقال: إِنه لَيَسَعُني ما وَسِعَك. والتوْسِيعُ: خلاف
التضْيِيقِ. ووسَّعْتُ البيتَ وغيره فاتَّسَعَ واسْتَوْسَعَ.
ووَسُعَ الفرسُ، بالضم، سَعةً ووَساعةً، وهو وَساعٌ: اتَّسَعَ في السير.
وفرس وَساعٌ إِذا كان جَواداً ذا سَعةٍ في خَطْوِه وذَرْعِه. وناقةٌ
وَساعٌ: واسِعةُ الخَلْق؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
عَيْشُها العِلْهِزُ المُطَحَّنُ بالقَتْـ
ـتِ، وإِيضاعُها القَعُودَ الوَساعا
القَعُودُ من الإِبل: ما اقْتُعِد فَرُكِبَ. وفي حديث جابر: فضرب رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، عَجُزَ جَملي وكان فيه قِطافٌ فانطلق أَوْسَعَ
جملٍ رَكِبْتُه قَطُّ أَي أَعْجَلَ جمَلٍ سَيْراً. يقال: جمل وَساعٌ،
بالفتح، أَي واسع الخَطْو سَرِيعُ السيْر. وفي حديث هشام يصف ناقة: إِنها
لمِيساعٌ أَي واسعة الخَطْو، وهو مِفْعالٌ، بالكسر، منه. وسَيْرٌ وَسِيعٌ
ووَساعٌ: مُتَّسِعٌ. واتَّسَعَ النهارُ وغيره: امْتَدَّ وطالَ. والوَساعُ:
الندْبُ لِسَعةِ خلقه.
وما لي عن ذاك مُتَّسَعٌ أَي مَصْرِفٌ.
وسَعْ: زجْرٌ للإِبل كأَنهم قالوا: سَعْ يا جملُ في معنى اتَّسِعْ في
خَطْوكَ ومشيك.
واليَسَعُ: اسم نبيّ هذا إِن كان عربيّاً، قال الجوهري: يَسَعُ اسم من
أَسماءِ العجم وقد أُدخل عليه الأَلف واللام، وهما لا يدخلان على نظائره
نحو يَعْمَرَ ويَزيدَ ويَشْكُرَ إِلاَّ في ضرورة الشعر؛ وأَنشد الفرَّاءُ
لجرير:
وجَدْنا الوَلِيدَ بنَ اليَزِيدِ مُبارَكاً،
شدِيداً بأَعْباءِ الخِلافةِ كاهِلُهْ
وقرئَ: والْيَسَع واللَّيْسَع أَيضاً، بلامين. قال الأَزهري: ووَسِيعٌ
ماءٌ لبني سعْدٍ؛ وقال غيره: وَسِيعٌ ودُحْرُضٌ ماءَانِ بين سَعْدٍ وبني
قُشَيْرٍ، وهما الدُّحْرُضانِ اللذان في شعر عَنْتَرةَ إِذ يقول:
شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأَصْبَحَتْ
زَوْراءَ، تَنْفِرُ عن حِياضِ الدَّيْلَمِ