(الرب) عصارة التَّمْر المطبوخة وَمَا يطْبخ من التَّمْر وَالْعِنَب وَرب السّمن وَالزَّيْت ثفله الْأسود (ج) ربوب ورباب
(الرب) عصارة التَّمْر المطبوخة وَمَا يطْبخ من التَّمْر وَالْعِنَب وَرب السّمن وَالزَّيْت ثفله الْأسود (ج) ربوب ورباب
نفس: النَّفْس: الرُّوحُ، قال ابن سيده: وبينهما فرق ليس من غرض هذا
الكتاب، قال أَبو إِسحق: النَّفْس في كلام العرب يجري على ضربين: أَحدهما
قولك خَرَجَتْ نَفْس فلان أَي رُوحُه، وفي نفس فلان أَن يفعل كذا وكذا أَي
في رُوعِه، والضَّرْب الآخر مَعْنى النَّفْس فيه مَعْنى جُمْلَةِ الشيء
وحقيقته، تقول: قتَل فلانٌ نَفْسَه وأَهلك نفسه أَي أَوْقَتَ الإِهْلاك
بذاته كلِّها وحقيقتِه، والجمع من كل ذلك أَنْفُس ونُفُوس؛ قال أَبو خراش
في معنى النَّفْس الروح:
نَجَا سالِمٌ والنَّفْس مِنْه بِشِدقِهِ،
ولم يَنْجُ إِلا جَفْنَ سَيفٍ ومِئْزَرَا
قال ابن بري: الشعر لحذيفة بن أَنس الهذلي وليس لأَبي خراش كما زعم
الجوهري، وقوله نَجَا سَالِمٌ ولم يَنْجُ كقولهم أَفْلَتَ فلانٌ ولم يُفْلِتْ
إِذا لم تعدّ سلامتُه سلامةً، والمعنى فيه لم يَنْجُ سالِمٌ إِلا بجفن
سيفِه ومئزرِه وانتصاب الجفن على الاستثناء المنقطع أَي لم ينج سالم إِلا
جَفْنَ سيف، وجفن السيف منقطع منه، والنفس ههنا الروح كما ذكر؛ ومنه
قولهم: فَاظَتْ نَفْسُه؛ وقال الشاعر:
كادَت النَّفْس أَنْ تَفِيظَ عَلَيْهِ،
إِذْ ثَوَى حَشْوَ رَيْطَةٍ وبُرُودِ
قال ابن خالويه: النَّفْس الرُّوحُ، والنَّفْس ما يكون به التمييز،
والنَّفْس الدم، والنَّفْس الأَخ، والنَّفْس بمعنى عِنْد، والنَّفْس قَدْرُ
دَبْغة. قال ابن بري: أَما النَّفْس الرُّوحُ والنَّفْسُ ما يكون به
التمييز فَشاهِدُهُما قوله سبحانه: اللَّه يَتَوفَّى الأَنفُس حين مَوتِها،
فالنَّفْس الأُولى هي التي تزول بزوال الحياة، والنَّفْس الثانية التي تزول
بزوال العقل؛ وأَما النَّفْس الدم فشاهده قول السموأَل:
تَسِيلُ على حَدِّ الظُّبَّاتِ نُفُوسُنَا،
ولَيْسَتْ عَلى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ
وإِنما سمي الدم نَفْساً لأَن النَّفْس تخرج بخروجه، وأَما النَّفْس
بمعنى الأَخ فشاهده قوله سبحانه: فإِذا دخلتم بُيُوتاً فسلموا على
أَنْفُسِكم، وأَما التي بمعنى عِنْد فشاهده قوله تعالى حكاية عن عيسى، على نبينا
محمد وعليه الصلاة والسلام: تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك؛ أَي
تعلم ما عندي ولا أَعلم ما عندك، والأَجود في ذلك قول ابن الأَنباري: إِن
النَّفْس هنا الغَيْبُ، أَي تعلم غيبي لأَن النَّفْس لما كانت غائبة
أُوقِعَتْ على الغَيْبِ، ويشهد بصحة قوله في آخر الآية قوله: إِنك أَنت
عَلاَّمُ الغُيُوب، كأَنه قال: تعلم غَّيْبي يا عَلاَّم الغُيُوبِ. والعرب قد
تجعل النَّفْس التي يكون بها التمييز نَفْسَيْن، وذلك أَن النَّفْس قد
تأْمره بالشيء وتنهى عنه، وذلك عند الإِقدام على أَمر مكروه، فجعلوا التي
تأْمره نَفْساً وجعلوا التي تنهاه كأَنها نفس أُخرى؛ وعلى ذلك قول
الشاعر:يؤَامِرُ نَفْسَيْهِ، وفي العَيْشِ فُسْحَةٌ،
أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبَانَ أَمْ لا يَطُورُها؟
وأَنشد الطوسي:
لمْ تَدْرِ ما لا؛ ولَسْتَ قائِلَها،
عُمْرَك ما عِشْتَ آخِرَ الأَبَدِ
وَلمْ تُؤَامِرْ نَفْسَيْكَ مُمْتَرياً
فِيهَا وفي أُخْتِها، ولم تَكَدِ
وقال آخر:
فَنَفْسَايَ نَفسٌ قالت: ائْتِ ابنَ بَحْدَلٍ،
تَجِدْ فَرَجاً مِنْ كلِّ غُمَّى تَهابُها
ونَفْسٌ تقول: اجْهَدْ نجاءك، لا تَكُنْ
كَخَاضِبَةٍ لم يُغْنِ عَنْها خِضَابُهَا
والنَّفْسُ يعبَّر بها عن الإِنسان جميعه كقولهم: عندي ثلاثة أَنْفُسٍ.
وكقوله تعالى: أَن تقول نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جنب
اللَّه؛ قال ابن سيده: وقوله تعالى: تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك؛
أَي تعلم ما أَضْمِرُ ولا أَعلم ما في نفسك أَي لا أَعلم ما حقِيقَتُك ولا
ما عِنْدَكَ عِلمُه، فالتأَويل تعلَمُ ما أَعلَمُ ولا أَعلَمُ ما
تعلَمُ. وقوله تعالى: ويحذِّرُكم اللَّه نَفْسَه؛ أَي يحذركم إِياه، وقوله
تعالى: اللَّه يتوفى الأَنفس حين موتها؛ روي عن ابن عباس أَنه قال: لكل
إسنسان نَفْسان: إِحداهما نفس العَقْل الذي يكون به التمييز، والأُخرى نَفْس
الرُّوح الذي به الحياة. وقال أَبو بكر بن الأَنباري: من اللغويين من
سَوَّى النَّفْس والرُّوح وقال هما شيء واحد إِلا أَن النَّفْس مؤنثة
والرُّوح مذكر، قال: وقال غيره الروح هو الذي به الحياة، والنفس هي التي بها
العقل، فإِذا نام النائم قبض اللَّه نَفْسه ولم يقبض رُوحه، ولا يقبض الروح
إِلا عند الموت، قال: وسميت النَّفْسُ نَفْساً لتولّد النَّفَسِ منها
واتصاله بها، كما سَّموا الرُّوح رُوحاً لأَن الرَّوْحَ موجود به، وقال
الزجاج: لكل إِنسان نَفْسان: إِحداهما نَفْس التمييز وهي التي تفارقه إِذا
نام فلا يعقل بها يتوفاها اللَّه كما قال اللَّه تعالى، والأُخرى نفس
الحياة وإِذا زالت زال معها النَّفَسُ، والنائم يَتَنَفَّسُ، قال: وهذا الفرق
بين تَوَفِّي نَفْس النائم في النوم وتَوفِّي نَفْس الحيّ؛ قال: ونفس
الحياة هي الرُّوح وحركة الإِنسان ونُمُوُّه يكون به، والنَّفْس الدمُ؛ وفي
الحديث: ما لَيْسَ له نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا مات
فيه، وروي عن النخعي أَنه قال: كلُّ شيء له نَفْس سائلة فمات في الإِناء
فإِنه يُنَجِّسه، أَراد كل شيء له دم سائل، وفي النهاية عنه: كل شيء ليست له
نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا سقط فيه أَي دم سائل.
والنَّفْس: الجَسَد؛ قال أَوس بن حجر يُحَرِّض عمرو بن هند على بني حنيفة وهم
قتَلَة أَبيه المنذر بن ماء السماء يوم عَيْنِ أَباغٍ ويزعم أَن عَمْرو ابن
شمر
(* قوله «عمرو بن شمر» كذا بالأصل وانظره مع البيت الثاني فإنه يقتضي
العكس.) الحنفي قتله:
نُبِّئْتُ أَن بني سُحَيْمٍ أَدْخَلوا
أَبْياتَهُمْ تامُورَ نَفْس المُنْذِر
فَلَبئسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمرو رَهطَهُ
شمرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ
والتامُورُ: الدم، أَي حملوا دمه إِلى أَبياتهم ويروى بدل رهطه قومه
ونفسه. اللحياني: العرب تقول رأَيت نَفْساً واحدةً فتؤنث وكذلك رأَيت
نَفْسَين فإِذا قالوا رأَيت ثلاثة أَنفُس وأَربعة أَنْفُس ذَكَّرُوا، وكذلك
جميع العدد، قال: وقد يجوز التذكير في الواحد والاثنين والتأْنيث في الجمع،
قال: حكي جميع ذلك عن الكسائي، وقال سيبويه: وقالوا ثلاثة أَنْفُس
يُذكِّرونه لأَن النَّفْس عندهم إنسان فهم يريدون به الإِمنسان، أَلا ترى أَنهم
يقولون نَفْس واحد فلا يدخلون الهاء؟ قال: وزعم يونس عن رؤبة أَنه قال
ثلاث أَنْفُس على تأْنيث النَّفْس كما تقول ثلاث أَعْيُنٍ للعين من الناس،
وكما قالوا ثلاث أَشْخُصٍ في النساء؛ وقال الحطيئة:
ثلاثَةُ أَنْفُسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ،
لقد جار الزَّمانُ على عِيالي
وقوله تعالى: الذي خلقكم من نَفْس واحدة؛ يعي آدم، عليه السلام، وزوجَها
يعني حواء. ويقال: ما رأَيت ثمَّ نَفْساً أَي ما رأَيت أَحداً. وقوله في
الحديث: بُعِثْتُ في نَفَس الساعة أَي بُعِثْتُ وقد حان قيامُها وقَرُبَ
إِلا أَن اللَّه أَخرها قليلاً فبعثني في ذلك النَّفَس، وأَطلق النَّفَس
على القرب، وقيل: معناه أَنه جعل للساعة نَفَساً كَنَفَس الإِنسان،
أَراد: إِني بعثت في وقت قريب منها، أَحُس فيه بنَفَسِها كما يَحُس بنَفَس
الإِنسان إِذا قرب منه، يعني بعثت في وقتٍ بانَتْ أَشراطُها فيه وظهرت
علاماتها؛ ويروى: في نَسَمِ الساعة، وسيأْتي ذكره والمُتَنَفِّس: ذو
النَّفَس. ونَفْس الشيء: ذاته؛ ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم نزلت بنَفْس الجيل،
ونَفْسُ الجبل مُقابِلي، ونَفْس الشيء عَيْنه يؤكد به. يقال: رأَيت
فلاناً نَفْسه، وجائني بَنَفْسِه، ورجل ذو نَفس أَي خُلُق وجَلَدٍ، وثوب ذو
نَفس أَي أَكْلٍ وقوَّة. والنَّفْس: العَيْن. والنَّافِس: العائن.
والمَنْفوس: المَعْيون. والنَّفُوس: العَيُون الحَسُود المتعين لأَموال الناس
ليُصيبَها، وما أَنْفَسه أَي ما أَشدَّ عينه؛ هذه عن اللحياني.ويقال: أَصابت
فلاناً نَفْس، ونَفَسْتُك بنَفْس إِذا أَصَبْتَه بعين. وفي الحديث: نهى
عن الرُّقْيَة إِلا في النَّمْلة والحُمَة والنَّفْس؛ النَّفْس: العين،
هو حديث مرفوع إِلى النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، عن أَنس. ومنه الحديث:
أَنه مسح بطنَ رافع فأَلقى شحمة خَضْراء فقال: إِنه كان فيها أَنْفُس
سَبْعَة، يريد عيونهم؛ ومنه حديث ابن عباس: الكِلابُ من الجِنِّ فإِن
غَشِيَتْكُم عند طعامكم فأَلقوا لهن فإِن لهن أَنْفُساً أَي أَعْيناً. ويقالُ:
نَفِس عليك فلانٌ يَنْفُسُ نَفَساً ونَفاسَةً أَي حَسَدك. ابن الأَعرابي:
النَّفْس العَظَمَةُ والكِبر والنَّفْس العِزَّة والنَّفْس الهِمَّة
والنَّفْس عين الشيء وكُنْهُه وجَوْهَره، والنَّفْس الأَنَفَة والنَّفْس
العين التي تصيب المَعِين.
والنَّفَس: الفَرَج من الكرب. وفي الحديث: لا تسبُّوا الريح فإِنها من
نَفَس الرحمن، يريد أَنه بها يُفرِّج الكربَ ويُنشِئ السحابَ ويَنشر
الغيث ويُذْهب الجدبَ، وقيل: معناه أَي مما يوسع بها على الناس، وفي الحديث:
أَنه، صلى اللَّه عليه وسلم، قال: أَجد نَفَس ربكم من قِبَلِ اليمن، وفي
رواية: أَجد نَفَس الرحمن؛ يقال إِنه عنى بذلك الأَنصار لأَن اللَّه عز
وجل نَفَّس الكربَ عن المؤمنين بهم، وهم يَمانُونَ لأَنهم من الأَزد،
ونَصَرهم بهم وأَيدهم برجالهم، وهو مستعار من نَفَس الهواء الذي يَرُده
التَّنَفُّس إِلى الجوف فيبرد من حرارته ويُعَدِّلُها، أَو من نَفَس الريح
الذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِح إِليه، أَو من نفَس الروضة وهو طِيب روائحها
فينفرج به عنه، وقيل: النَّفَس في هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر
الحقيقي من نَفّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيساً ونَفَساً،كما يقال فَرَّجَ
يُفَرِّجُ تَفْريجاً وفَرَجاً، كأَنه قال: اَجد تَنْفِيسَ ربِّكم من قِبَلِ
اليمن، وإِن الريح من تَنْفيس الرحمن بها عن المكروبين، والتَّفْريج مصدر
حقيقي، والفَرَج اسم يوضع موضع المصدر؛ وكذلك قوله: الريح من نَفَس الرحمن
أَي من تنفيس اللَّه بها عن المكروبين وتفريجه عن الملهوفين. قال العتبي:
هجمت على واد خصيب وأَهله مُصْفرَّة أَلوانهم فسأَلتهم عن ذلك فقال شيخ
منهم: ليس لنا ريح. والنَّفَس: خروج الريح من الأَنف والفم، والجمع
أَنْفاس. وكل تَرَوُّح بين شربتين نَفَس.
والتَنَفُّس: استمداد النَفَس، وقد تَنَفَّس الرجلُ وتَنَفَّس
الصُّعَداء، وكلّ ذي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ، ودواب الماء لا رِئاتَ لها. والنَّفَس
أَيضاً: الجُرْعَة؛ يقال: أَكْرَع في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسَين أَي
جُرْعة أَو جُرْعَتين ولا تزد عليه، والجمع أَنفاس مثل سبب وأَسباب؛ قال
جرجر:
تُعَلِّلُ، وَهْيَ ساغِبَةٌ، بَنِيها
بأَنْفاسٍ من الشَّبِمِ القَراحِ
وفي الحديث: نهى عن التَّنَفُّسِ في الإِناء. وفي حديث آخر: أَنه كان
يَتَنفّسُ في الإِناء ثلاثاً يعني في الشرب؛ قال الأَزهري: قال بعضهم
الحديثان صحيحان. والتَنَفُّس له معنيان: أَحدهما أَن يشرب وهو يَتَنَفَّسُ في
الإِناء من غير أَن يُبِينَه عن فيه وهو مكروه، والنَّفَس الآخر أَن
يشرب الماء وغيره من الإِناء بثلاثة أَنْفاسٍ يُبينُ فاه عن الإِناء في كل
نَفَسٍ. ويقال: شراب غير ذي نَفَسٍ إِذا كان كَرِيه الطعم آجِناً إِذا
ذاقه ذائق لم يَتَنَفَّس فيه، وإِنما هي الشربة الأُولى قدر ما يمسك رَمَقَه
ثم لا يعود له؛ وقال أَبو وجزة السعدي:
وشَرْبَة من شَرابٍ غَيْرِ ذي نََفَسٍ،
في صَرَّةٍ من نُجُوم القَيْظِ وهَّاجِ
ابن الأَعرابي: شراب ذو نَفَسٍ أَي فيه سَعَةٌ وريٌّ؛ قال محمد بن
المكرم: قوله النَّفَس الجُرْعة، وأَكْرَعْ في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسين
أَي جُرْعة أَو جُرْعتين ولا تزد عليه، فيه نظر، وذلك أَن النّفَس الواحد
يَجْرع الإِنسانُ فيه عِدَّة جُرَع، يزيد وينقص على مقدار طول نَفَس
الشارب وقصره حتى إِنا نرى الإِنسان يشرب الإِناء الكبير في نَفَس واحد علة
عدة جُرَع. ويقال: فلان شرب الإِناء كله على نَفَس واحد، واللَّه أَعلم.
ويقال: اللهم نَفِّس عني أَي فَرِّج عني ووسِّع عليَّ، ونَفَّسْتُ عنه
تَنْفِيساً أَي رَفَّهْتُ. يقال: نَفَّس اللَّه عنه كُرْبته أَي فرَّجها.
وفي الحديث: من نَفَّسَ عن مؤمن كُرْبة نَفَّسَ اللَّه عنه كرْبة من
كُرَب الآخرة، معناه من فَرَّجَ عن مؤمن كُربة في الدنيا فرج اللَّه عنه
كُرْبة من كُرَب يوم القيامة. ويقال: أَنت في نَفَس من أَمرك أَي سَعَة،
واعمل وأَنت في نَفَس من أَمرك أَي فُسحة وسَعة قبل الهَرَم والأَمراض
والحوادث والآفات. والنَّفَس: مثل النَّسيم، والجمع أَنْفاس.
ودارُك أَنْفَسُ من داري أَي أَوسع. وهذا الثوب أَنْفَسُ من هذا أَي
أَعرض وأَطول وأَمثل. وهذا المكان أَنْفَسُ من هذا أَي أَبعد وأَوسع. وفي
الحديث: ثم يمشي أَنْفَسَ منه أَي أَفسح وأَبعد قليلاً. ويقال: هذا المنزل
أَنْفَس المنزلين أَي أَبعدهما، وهذا الثوب أَنْفَس الثوبين أَي أَطولهما
أَو أَعرضهما أَو أَمثلهما.
ونَفَّس اللَّه عنك أَي فرَّج ووسع. وفي الحديث: من نَفَّس عن غريمه أَي
أَخَّر مطالبته. وفي حديث عمار: لقد أَبْلَغْتَ وأَوجَزْتَ فلو كنت
تَنَفَّسْتَ أَي أَطلتَ؛ وأَصله أَن المتكلم إِذا تَنَفَّسَ استأْنف القول
وسهلت عليه الإِطالة. وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ إِذا زاد ماؤها. وقال
اللحياني: إِن في الماء نَفَساً لي ولك أَي مُتَّسَعاً وفضلاً، وقال ابن
الأَعرابي: أَي رِيّاً؛ وأَنشد:
وشَربة من شَرابٍ غيرِ ذِي نَفَسٍ،
في كَوْكَبٍ من نجوم القَيْظِ وضَّاحِ
أَي في وقت كوكب. وزدني نَفَساً في أَجلي أَي طولَ الأَجل؛ عن اللحياني.
ويقال: بين الفريقين نَفَس أَي مُتَّسع. ويقال: لك في هذا الأَمر
نُفْسَةٌ أَي مُهْلَةٌ. وتَنَفَّسَ الصبحُ أَي تَبَلَّج وامتدَّ حتى يصير
نهاراً بيّناً. وتَنَفَّس النهار وغيره: امتدَّ وطال. ويقال للنهار إِذا زاد:
تَنَفَّسَ، وكذلك الموج إِذا نَضحَ الماءَ. وقال اللحياني: تَنَفَّس
النهار انتصف، وتنَفَّس الماء. وقال اللحياني: تَنَفَّس النهار انتصف،
وتنَفَّس أَيضاً بَعُدَ، وتنَفَّس العُمْرُ منه إِما تراخى وتباعد وإِما اتسع؛
أَنشد ثعلب:
ومُحْسِبة قد أَخْطأَ الحَقُّ غيرَها،
تَنَفَّسَ عنها جَنْبُها فهي كالشِّوا
وقال الفراء في قوله تعالى: والصبح إِذا تَنَفَّسَ، قال: إِذا ارتفع
النهار حتى يصير نهاراً بيّناً فهو تَنَفُّسُ الصبح. وقال مجاهد: إِذا
تَنَفَّس إِذا طلع، وقال الأَخفش: إِذا أَضاء، وقال غيره: إِذا تنَفَّس إِذا
انْشَقَّ الفجر وانْفَلق حتى يتبين منه. ويقال: كتبت كتاباً نَفَساً أَي
طويلاً؛ وقول الشاعر:
عَيْنَيَّ جُودا عَبْرَةً أَنْفاسا
أَي ساعة بعد ساعة. ونَفَسُ الساعة: آخر الزمان؛ عن كراع.
وشيء نَفِيسٌ أَي يُتَنافَس فيه ويُرْغب. ونَفْسَ الشيء، بالضم،
نَفاسَةً، فهو نَفِيسٌ ونافِسٌ: رَفُعَ وصار مرغوباً فيه، وكذلك رجل نافِسٌ
ونَفِيسٌ، والجمع نِفاسٌ. وأَنْفَسَ الشيءُ: صار نَفيساً. وهذا أَنْفَسُ مالي
أَي أَحَبُّه وأَكرمه عندي. وقال اللحياني: النَّفِيسُ والمُنْفِسُ
المال الذي له قدر وخَطَر، ثم عَمَّ فقال: كل شيء له خَطَرٌ وقدر فهو نَفِيسٌ
ومُنْفِس؛ قال النمر بن تولب:
لا تَجْزَعي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُه،
فإِذا هَلَكْتُ، فعند ذلك فاجْزَعي
وقد أَنْفَسَ المالُ إِنْفاساً ونَفُس نُفُوساً ونَفاسَةً. ويقال: إِن
الذي ذكَرْتَ لمَنْفُوس فيه أَي مرغوب فيه. وأَنْفَسَني فيه ونَفَّسَني:
رغَّبني فيه؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
بأَحْسَنَ منه يومَ أَصْبَحَ غادِياً،
ونفَّسَني فيه الحِمامُ المُعَجَّلُ
أَي رغَّبني فيه. وأَمر مَنْفُوس فيه: مرغوب. ونَفِسْتُ عليه الشيءَ
أَنْفَسُه نَفاسَةً إِذا ضَنِنْتَ به ولم تحب أَن يصل إِليه. ونَفِسَ عليه
بالشيء نَفَساً، بتحريك الفاء، ونَفاسَةً ونَفاسِيَةً، الأَخيرة نادرة:
ضَنَّ. ومال نَفِيس: مَضْمون به. ونَفِسَ عليه بالشيء، بالكسر: ضَنَّ به
ولم يره يَسْتأْهله؛ وكذلك نَفِسَه عليه ونافَسَه فيه؛ وأَما قول
الشاعر:وإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلكٌ مَنْ أَطاعَها،
تُنافِسُ دُنْيا قد أَحَمَّ انْصِرامُها
فإِما أَن يكون أَراد تُنافِسُ في دُنْيا، وإِما أَن يريد تُنافِسُ
أَهلَ دُنْيا. ونَفِسْتَ عليَّ بخيرٍ قليل أَي حسدت.
وتَنافَسْنا ذلك الأَمر وتَنافَسْنا فيه: تحاسدنا وتسابقنا. وفي التنزيل
العزيز: وفي ذلك فَلْيَتَنافَس المُتَنافِسون أَي وفي ذلك فَلْيَتَراغَب
المتَراغبون. وفي حديث المغيرة: سَقِيم النِّفاسِ أَي أَسْقَمَتْه
المُنافَسة والمغالبة على الشيء. وفي حديث إِسمعيل، عليه السلام: أَنه
تَعَلَّم العربيةَ وأَنْفَسَهُمْ أَي أَعجبهم وصار عندهم نَفِيساً. ونافَسْتُ في
الشيء مُنافَسَة ونِفاساً إِذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم.
وتَنافَسُوا فيه أَي رغبوا. وفي الحديث: أَخشى أَن تُبْسط الدنيا عليكم كما
بُسِطَتْ على من كان قبلكم فتَنافَسوها كما تَنافَسُوها؛ هو من
المُنافَسَة الرغبة في الشيء والانفرادية، وهو من الشيء النَّفِيسِ الجيد في
نوعه.ونَفِسْتُ بالشيء، بالكسر، أَي بخلت. وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه:
لقد نِلْتَ صِهْرَ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، فما نَفِسْناه عليك.
وحديث السقيفة: لم نَنْفَسْ عليك أَي لم نبخل.
والنِّفاسُ: ولادة المرأَة إِذا وضَعَتْ، فهي نُفَساءٌ. والنَّفْسُ:
الدم. ونُفِسَت المرأَة ونَفِسَتْ، بالكسر، نَفَساً ونَفاسَةً ونِفاساً وهي
نُفَساءُ ونَفْساءُ ونَفَساءُ: ولدت. وقال ثعلب: النُّفَساءُ الوالدة
والحامل والحائض، والجمع من كل ذلك نُفَساوات ونِفاس ونُفاس ونُفَّس؛ عن
اللحياني، ونُفُس ونُفَّاس؛ قال الجوهري: وليس في الكلام فُعَلاءُ يجمع على
فعالٍ غير نُفَسَاء وعُشَراءَ، ويجمع أَيضاً على نُفَساوات وعُشَراوات؛
وامرأَتان نُفساوان، أَبدلوا من همزة التأْنيث واواً. وفي الحديث: أَن
أَسماء بنت عُمَيْسٍ نُفِسَتْ بمحمد بن أَبي بكر أَي وضَعَت؛ ومنه الحديث:
فلما تَعَلَّتْ من نِفاسها أَي خرجت من أَيام ولادتها. وحكى ثعلب:
نُفِسَتْ ولداً على فعل المفعول. وورِثَ فلان هذا المالَ في بطن أُمه قبل أَن
يُنْفَس أَي يولد. الجوهري: وقولهم ورث فلان هذا المال قبل أَن يُنْفَسَ
فلان أَي قبل أَن يولد؛ قال أَوس بن حجر يصف محاربة قومه لبني عامر بن
صعصعة:
وإِنَّا وإِخْواننا عامِراً
على مِثلِ ما بَيْنَنا نَأْتَمِرْ
لَنا صَرْخَةٌ ثم إِسْكاتَةٌ،
كما طَرَّقَتْ بِنِفاسٍ بِكِرْ
أَي بولد. وقوله لنا صرخة أَي اهتياجة يتبعها سكون كما يكون للنُّفَساء
إِذا طَرَّقَتْ بولدها، والتَطْريقُ أَن يعسر خروج الولد فَتَصْرُخ لذلك،
ثم تسكن حركة المولود فتسكن هي أَيضاً، وخص تطريق البِكر لأَن ولادة
البكر أَشد من ولادة الثيب. وقوله على مثل ما بيننا نأْتمر أَي نمتثل ما
تأْمرنا به أَنْفسنا من الإِيقاع بهم والفتك فيهم على ما بيننا وبينهم من
قرابة؛ وقولُ امرئ القيس:
ويَعْدُو على المَرْء ما يَأْتَمِرْ
أَي قد يعدو عليه امتثاله ما أَمرته به نفسه وربما كان داعَية للهلاك.
والمَنْفُوس: المولود. وفي الحديث: ما من نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلا وقد
كُتِبَ مكانها من الجنة والنار، وفي رواية: إِلا :كُتِبَ رزقُها وأَجلها؛
مَنْفُوسَةٍ أَي مولودة. قال: يقال نَفِسَتْ ونُفِسَتْ، فأَما الحيض فلا
يقال فيه إِلا نَفِسَتْ، بالفتح. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه
أَجْبَرَ بني عَمٍّ على مَنْفُوسٍ أَي أَلزمهم إِرضاعَه وتربيتَه. وفي حديث
أَبي هريرة: أَنه صَلَّى على مَنْفُوسٍ أَي طِفْلٍ حين ولد، والمراد أَنه
صلى عليه ولم يَعمل ذنباً. وفي حديث ابن المسيب: لا يرثُ المَنْفُوس حتى
يَسْتَهِلَّ صارخاً أَي حتى يسمَع له صوت.
وقالت أُم سلمة: كنت مع النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، في الفراش
فَحِضْتُ فخَرَجْتُ وشددت عليَّ ثيابي ثم رجعت، فقال: أَنَفِسْتِ؟ أَراد:
أَحضتِ؟ يقال: نَفِسَت المرأَة تَنْفَسُ، بالفتح، إِذا حاضت.
ويقال: لفلان مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ أَي مال كثير. يقال: ما سرَّني بهذا
الأَمر مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ.
وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: كنا عنده فَتَنَفَّسَ رجلٌ أَي خرج من
تحته ريح؛ شَبَّهَ خروج الريح من الدبر بخروج النَّفَسِ من الفم.
وتَنَفَّسَت القوس: تصدَّعت، ونَفَّسَها هو: صدَّعها؛ عن كراع، وإِنما يَتَنَفَّس
منها العِيدانُ التي لم تفلق وهو خير القِسِيِّ، وأَما الفِلْقَة فلا
تَنَفَّسُ. ابن شميل: يقال نَفَّسَ فلان قوسه إِذا حَطَّ وترها، وتَنَفَّس
القِدْح والقوس كذلك. قال ابن سيده: وأَرى اللحياني قال: إِن النَّفْس
الشق في القوس والقِدح وما أَشْبهها، قال: ولست منه على ثقة. والنَّفْسُ من
الدباغ: قدرُ دَبْغَةٍ أَو دَبْغتين مما يدبغ به الأَديم من القرظ وغيره.
يقال: هب لي نَفْساً من دباغ؛ قال الشاعر:
أَتَجْعَلُ النَّفْسَ التي تُدِيرُ
في جِلْدِ شاةٍ ثم لا تَسِيرُ؟
قال الأَصمعي: بعثت امرأَة من العرب بُنَيَّةً لها إِلى جارتها فقالت:
تقول لكِ أُمي أَعطيني نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بها مَنِيئَتي
فإِني أَفِدَةٌ أَي مستعجلة لا أَتفرغ لاتخاذ الدباغ من السرعة، أَرادت قدر
دبغة أَو دبغتين من القَرَظ الذي يدبغ به. المَنِيئَةُ: المَدْبَغة وهي
الجلود التي تجعل في الدِّباغ، وقيل: النَّفْس من الدباغ مِلءُ الكفِّ،
والجمع أَنْفُسٌ؛ أَنشد ثعلب:
وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ به،
على الماء، إِحْدَى اليَعْمُلاتِ العَرَامِس
يعني الوَطْبَ من اللبن الذي دُبِغَ بهذا القَدْر من الدّباغ.
والنَّافِسُ: الخامس من قِداح المَيْسِر؛ قال اللحياني: وفيه خمسة فروض
وله غُنْمُ خمسة أَنْصباءَ إِن فاز، وعليه غُرْمُ خمسة أَنْصِباءَ إِن لم
يفز، ويقال هو الرابع.
نجا: النَّجاءُ: الخَلاص من الشيء، نَجا يَنْجُو نَجْواً ونَجاءً،
ممدود، ونَجاةً، مقصور، ونَجَّى واسْتنجى كنَجا؛ قال الراعي:
فإِلاَّ تَنَلْني منْ يَزيدَ كَرامةٌ،
أُنَجِّ وأُصْبحْ من قُرى الشام خالِيا
وقال أَبو زُبيد الطائي:
أَمِ اللَّيْثُ فاسْتَنْجُوا، وأَينَ نَجاؤُكُمْ؟فَهذا، ورَبِّ
الرَّاقِصاتِ، المُزَعْفَرُ
ونَجَوْت من كذا. والصِّدْقُ مَنْجاةٌ. وأَنْجَيْتُ غيري ونجَّيْته،
وقرئَ بهما قوله تعالى: فاليوم نُنَجِّيك ببَدَنِكَ؛ المعنى نُنَجِّيك لا
بفِعْل بل نُهْلِكُكَ، فأَضْمَر قوله لا بفِعْل؛ قال ابن بري: قوله لا
بفعل يريد أَنه إِذا نجا الإِنسان ببدنه على الماء بلا فعل فإِنه هالك،
لأَنه لم يَفعل طَفْوَه على الماء، وإِنما يطفُو على الماءِ حيّاً بفعله
إِذا كان حاذقاً بالعَوْم، ونَجَّاهُ الله وأَنْجاه. وفي التنزيل العزيز:
وكذلك نُنْجِي المؤمنين، وأَما قراءَة من قرأَ: وكذلك نُجِّي المؤْمِنين،
فليس على إِقامة المصدر موضع الفاعل ونصب المفعول الصريح، لأَنه على حذف
أَحد نوني تُنْجِي، كما حذف ما بعد حرف المضارعة في قول الله عز وجل:
تذَكَّرُون، أَي تَتَذَكَّرون، ويشهد بذلك أَيضاً سكون لام نُجِّي، ولو كان
ماضياً لانفتحت اللام إِلا في الضرورة؛ وعليه قول المُثَقَّب:
لِمَنْ ظُعُنٌ تَطالَعُ مِن صُنَيْبٍ؟
فما خَرَجتْ مِن الوادي لِحِينِ
(* قوله«صنيب» هو هكذا في الأصل والمحكم مضبوطاً)
أَي تتَطالَع، فحذف الثانية على ما مضى، ونجَوْت به ونَجَوْتُه؛ وقول
الهذلي:
نَجا عامِرٌ والنَّفْسُ مِنه بشِدْقِه،
ولم يَنْجُ إِلاَّ جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرا
أَراد: إِلاَّ بجَفْنِ سَيفٍ، فحذف وأَوْصل. أَبو العباس في قوله تعالى:
إِنّا مُنَجُّوكَ وأَهْلَك؛ أَي نُخَلِّصُك من العذاب وأَهْلَك.
واستَنْجى منه حاجته: تخَلَّصها؛ عن ابن الأَعرابي. وانتَجى مَتاعَه: تَخلَّصه
وسَلبَه؛ عن ثعلب. ومعنى نجَوْت الشيء في اللغة: خَلَّصته وأَلْقَيْته.
والنَّجْوةُ والنَّجاةُ: ما ارتفَع من الأَرض فلم يَعْلُه السَّيلُ
فظننته نَجاءَك، والجمع نِجاءٌ. وقوله تعالى: فاليوم نُنَجِّيك ببَدَنِك؛ أَي
نجعلك فوق نَجْوةٍ من الأَرض فنُظْهِرك أَو نُلْقِيك عليها لتُعْرَفَ،
لأَنه قال ببدنك ولم يقل برُوحِك؛ قال الزجاج: معناه نُلْقِيكَ عُرياناً
لتكون لمن خَلْفَك عِبْرَةً. أَبو زيد: والنَّجْوةُ المَكان المُرْتَفِع
الذي تَظُنُّ أَنه نجاؤك. ابن شميل: يقال للوادِي نَجْوة وللجبل نَجْوةٌ،
فأَما نَجْوة الوادي فسَنداه جميعاً مُستَقِيماً ومُسْتَلْقِياً، كلُّ
سَنَدٍ نَجْوةٌ، وكذلك هو من الأَكَمةِ، وكلُّ سَنَدٍ مُشْرِفٍ لا يعلوه
السيل فهو نَجْوة لأَنه لا يكون فيه سَيْل أَبداً، ونَجْوةُ الجبَل
مَنْبِتُ البَقْل. والنَّجاةُ: هي النَّجْوة من الأَرض لا يَعلوها السيل؛ قال
الشاعر:
فأَصُونُ عِرْضِي أَنْ يُنالَ بنَجْوةٍ،
إِنَّ البَرِيَّ مِن الهَناةِ سَعِيدُ
وقال زُهَير بن أَبي سُلْمى:
أَلم تَرَيا النُّعمانَ كان بنَجْوةٍ،
مِنَ الشَّرِّ، لو أَنَّ امْرَأً كان ناجِيا؟
ويقال: نَجَّى فلان أَرضَه تَنْجِيةً إِذا كبَسها مخافة الغَرَقِ. ابن
الأَعرابي: أَنْجى عَرِقَ، وأَنْجى إِذا شَلَّح، يقال للِّصِّ مُشَلِّح
لأَنه يُعَرِّي الإِنسانَ من ثيابه. وأَنْجى: كشَفَ الجُلَّ عن ظهر فرسه.
أَبو حنيفة: المَنْجى المَوْضع الذي لا يَبْلُغه السيلُ. والنَّجاء:
السُّرْعةُ في السير، وقد نَجا نَجاء، ممدود، وهو يَنْجُو في السُّرْعة نَجاء،
وهو ناجٍ: سَريعٌ. ونَجَوْتُ نَجاء أَي أَسرَعْتُ وسَبَقْتُ. وقالوا:
النَّجاء النَّجاء والنَّجا النَّجا، فمدّوا وقَضَرُوا؛ قال الشاعر:
إِذا أَخَذْتَ النَّهْبَ فالنَّجا النَّجا
وقالوا: النَّجاكَ فأَدخلوا الكاف للتخصيص بالخطاب، ولا موضع لها من
الإِعراب لأَن الأَلف واللام مُعاقِبة للإِضافة، فثبت أَنها ككاف ذلك
وأَرَيْتُك زيداً أَبو من هو. وفي الحديث: وأَنا النَّذِيرُ العُرْيان
فالنَّجاء النَّجاء أَي انْجُوا بأَنفسكم، وهو مصدر منصوب بفعل مضمر أَي انْجُوا
النَّجاء. والنَّجاءُ: السُّرعة. وفي الحديث: إِنما يأْخذ الذِّئْبُ
القاصِيةَ والشاذَّة الناجِيةَ أَي السريعة؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي عن
الحربي بالجيم. وفي الحديث: أَتَوْكَ على قُلُصٍ نَواجٍ أَي مُسْرِعاتٍ.
وناقة ناجِيةٌ ونَجاة: سريعة، وقيل: تَقطع الأَرض بسيرها، ولا يُوصف بذلك
البعير. الجوهري: الناجِيةُ والنَّجاة الناقة السريعة تنجو بمن ركبها؛
قال: والبَعير ناجٍ؛ وقال:
أَيّ قَلُوصِ راكِبٍ تَراها
ناجِيةً وناجِياً أَباها
وقول الأَعشى:
تَقْطَعُ الأَمْعَزَ المُكَوْكِبَ وخْداً
بِنَواجٍ سَرِيعةِ الإِيغالِ
أَي بقوائمَ سِراعٍ. واسْتَنْجَى أَي أَسْرَعَ. وفي الحديث: إِذا
سافَرْتُمْ في الجَدْب فاسْتَنْجُوا؛ معناه أَسْرِعُوا السيرَ وانْجُوا. ويقال
للقوم إِذا انهزموا: قد اسْتَنْجَوْا؛ ومنه قول لقمان بن عاد: أَوَّلُنا
إِذا نَجَوْنا وآخِرُنا إِذا اسْتَنْجَيْنا أَي هو حامِيَتُنا إِذا
انْهَزَمْنا يَدفع عنَّا.
والنَّجْوُ: السَّحاب الذي قد هَراقَ ماءه ثم مَضَى، وقيل: هو السحاب
أَوَّل ما يَنشأُ، والجمع نِجاء ونُجُوٌّ؛ قال جميل:
أَليسَ مِنَ الشَّقاءِ وَجِيبُ قَلْبي،
وإِيضاعي الهُمُومَ مع النُّجُوِّ
فأَحْزَنُ أَنْ تَكُونَ على صَدِيقٍ،
وأَفْرَحُ أَن تكون على عَدُوِّ
يقول: نحن نَنْتَجِعُ الغَيْثَ، فإِذا كانت على صدِيقٍ حَزِنْت لأَني لا
أُصيب ثَمَّ بُثَيْنَة، دعا لها بالسُّقْيا. وأَنْجَتِ السحابةُ:
وَلَّتْ. وحكي عن أَبي عبيد: أَين أَنْجَتْكَ السماء أَي أَينَ أَمطَرَتْكَ.
وأُنْجِيناها بمكان كذا وكذا أَي أُمْطِرْناها. ونَجْوُ السبُع: جَعْره.
والنَّجُوُ: ما يخرج من البطن من ريح وغائط، وقد نَجا الإِنسانُ والكلبُ
نَجْواً. والاسْتِنْجاء: الاغتسال بالماء من النَّجْوِ والتَّمَسُّحُ
بالحجارة منه؛ وقال كراع: هو قطع الأَذَى بأَيِّهما كان. واسْتَنْجَيْتُ
بالماءِ والحجارة أَي تَطَهَّرْت بها. الكسائي: جلَست على الغائط فما
أَنْجَيْتُ. الزجاج: يقال ما أَنْجَى فلان شيئاً، وما نَجا منذ أَيام أَي لم
يأْتِ الغائطَ. والاسْتِنجاء: التَّنَظُّف بمدَر أَو ماء. واسْتَنجَى أَي مسح
موضع النَّجْو أَو غَسَله. ويقال: أَنْجَى أَي أَحدَث. وشرب دَواء فما
أَنْجاه أَي ما أَقامه. الأَصمعي: أَنْجَى فلان إِذا جلس على الغائط
يَتَغَوَّط. ويقال: أَنْجَى الغائطُ نَفْسُه يَنجُو، وفي الصحاح: نَجا الغائطُ
نَفْسُه. وقال بعض العرب: أَقلُّ الطعامِ نَجْواً اللَّحم. والنَّجْوُ:
العَذِرة نَفْسُه. واسْتَنْجَيتُ النخلةَ إِذا أَلقَطْتَها؛ وفي الصحاح:
إِذا لقطتَ رُطبَها. وفي حديث ابن سلام: وإِني لَفِي عَذْقٍ أُنْجِي منه
رُطَباً أَي أَلتَقِطُ، وفي رواية: أَسْتَنجِي منه بمعناه. وأَنْجَيْت
قَضِيباً من الشجرة فَقَطَعْتُه، واسْتَنْجَيْت الشجرةَ: قَطَعْتُها من
أَصلها. ونَجا غُصونَ الشجرة نَجْواً واسْتَنجاها: قَطَعها. قال شمر: وأُرى
الاسْتِنْجاءَ في الوُضوء من هذا لِقَطْعِه العَذِرةَ بالماءِ؛ وأَنْجَيت
غيري. واسْتَنجَيت الشجر: قطعته من أُصوله. وأَنْجَيْتُ قضيباً من الشجر
أَي قطعت.
وشجرة جَيِّدة النَّجا أَي العود. والنَّجا: العصا، وكله من القطع. وقال
أَبو حنيفة: النَّجا الغُصونُ، واحدته نَجاةٌ. وفُلان في أَرضِ نَجاةٍ:
يَسْتَنجِي من شجرها العِصِيَّ والقِسِيَّ. وأَنْجِني غُصناً من هذه
الشجرة أَي اقْطَعْ لي منها غُصْناً. والنَّجا: عِيدانُ الهَوْدَج. ونَجَوْتُ
الوَتَر واسْتَنجَيتُه إِذا خَلَّصته. واسْتَنجَى الجازِرُ وتَرَ
المَتْنِ: قَطَعه؛ قال عبد الرحمن بن حسان:
فَتَبازَتْ فَتَبازَخْتُ لهَا،
جِلْسةَ الجازِرِ يَسْتَنْجِي الوَتَرْ
ويروى: جِلْسةَ الأَعْسَرِ. الجوهري: اسْتَنجَى الوَتَر أَي مدّ القوس،
وأَنشد بيت عبد الرحمن بن حسان، قال: وأَصله الذي يَتَّخذ أَوْتارَ
القِسِيّ لأَنه يُخرج ما في المَصارِين من النَّجْو. وفي حديث بئر بُضاعةَ:
تُلقَى فيها المَحايِضُ وما يُنْجِي الناسُ أَي يُلقُونه من العذرة؛ قال
ابن الأَثير: يقال منه أَنْجَى يُنْجِي إِذا أَلقَى نَجْوه، ونَجا وأَنْجَى
إِذا قَضَى حاجته منه. والاسْتِنجاءُ: اسْتِخْراج النَّجْو من البطن،
وقيل: هو إِزالته عن بدنه بالغَسْل والمَسْح، وقيل: هو من نَجَوْت الشجرة
وأَنْجَيتها إِذا قطعتها، كأَنه قَطَعَ الأَذَى عن نفسه، وقيل: هو من
النَّجوة، وهو ما ارْتَفع من الأَرض كأَنه يَطلُبها ليجلس تحتها. ومنه حديث
عمرو بن العاص: قيل له في مرضه كيفَ تجِدُك؟ قال: أَجِدُ نَجْوِي أَكثرَ
مِن رُزْئى أَي ما يخرج مني أَكثَرَ مما يدخل. والنَّجا، مقصور: من قولك
نَجَوْتُ جِلدَ البعير عنه وأَنْجَيتُه إِذا سَلَخْتَه. ونَجا جِلدَ
البعير والناقةِ نَجْواً ونَجاً وأَنْجاه: كشَطَه عنه. والنَّجْوُ والنَّجا:
اسم المَنْجُوّ؛ قال يخاطب ضَيْفَينِ طَرَقاه:
فقُلْتُ: انْجُوَا عنها نَجا الجِلدِ، إِنَّه
سَيُرْضِيكما مِنها سَنامٌ وغارِبُهْ
قال الفراء: أَضافَ النَّجا إِلى الجِلد لأَن العرب تُضيف الشيء إِلى
نفسه إِذا اختلف اللفظان، كقوله تعالى: حَقُّ اليَقِينِ ولدارُ الآخرةِ.
والجِلدُ نَجاً، مقصور أَيضاً؛ قال ابن بري: ومثله ليزيد بن الحكم:
تُفاوضُ مَنْ أَطْوِي طَوَى الكَشْحِ دُونه،
ومِنْ دُونِ مَنْ صافَيْتُه أَنتَ مُنْطَوِي
قال: ويُقَوِّي قول الفراء بعد البيت قولهم عِرْقُ النَّسا وحَبْل
الوَرِيد وثابت قُطْنةَ وسعِيد كُرْزٍ. وقال علي بن حمزة: يقال نَجَوْت جِلدَ
البعير، ولا يقال سَلَخته، وكذلك قال أَبو زيد؛ قال: ولا يقال سَلَخته
إِلا في عُنُقه خاصة دون سائر جسده، وقال ابن السكيت في آخر كتابه إِصلاح
المنطق: جَلَّدَ جَزُوره ولا يقال سَلَخه. الزجاجي: النَّجا ما سُلخ عن
الشاة أَو البعير، والنَّجا أَيضاً ما أُلقي عن الرَّجل من اللباس.
التهذيب: يقال نَجَوْت الجِلد إِذا أَلقَيْته عن البعير وغيره، وقيل: أَصل هذا
كله من النَّجْوة، وهو ما ارْتَفع من الأَرض، وقيل: إِن الاستِنْجاء من
الحَدث مأْخوذ من هذا لأَنه إِذا أَراد قضاء الحاجة استتر بنَجْوةٍ من
الأَرض؛ قال عبيد:
فَمَنْ بِنَجْوَتِه كمَنْ بِعَقْوته،
والمُستَكِنُّ كمَنْ يَمْشِي بقِرواحِ
ابن الأَعرابي: بَيْني وبين فلان نَجاوةٌ من الأَرض أَي سَعة. الفراء:
نَجَوْتُ الدَّواءَ شَربته، وقال: إِنما كنت أَسمع من الدواء ما
أَنْجَيْته، ونَجَوْتُ الجِلد وأَنْجَيْتُه. ابن الأَعرابي: أَنْجاني الدَّواءُ
أَقْعدَني.
ونَجا فلان يَنْجُو إِذا أَحْدَث ذَنْباً أَو غير ذلك. ونَجاهُ نَجْواً
ونَجْوى: سارَّه. والنَّجْوى والنَّجِيُّ: السِّرُّ. والنَّجْوُ:
السِّرُّ بين اثنين، يقال: نَجَوْتُه نَجْواً أَي سارَرْته، وكذلك ناجَيْتُه،
والاسم النَّجْوى؛ وقال:
فبِتُّ أَنْجُو بها نَفْساً تُكَلِّفُني
ما لا يَهُمُّ به الجَثَّامةُ الوَرَعُ
وفي التنزيل العزيز: وإِذ هُم نَجْوَى؛ فجعلهم هم النَّجْوى، وإِنما
النَّجْوى فِعلهم، كما تقول قوم رِضاً، وإِنما رِضاً فِعْلهم. والنَّجِيُّ،
على فَعِيل: الذي تُسارُّه، والجمع الأَنْجِيَة. قال الأَخفش: وقد يكون
النَّجِيُّ جَماعة مثل الصدِيق، قال الله تعالى: خَلَصُوا نَجِيّاً. قال
الفراء: وقد يكون النَّجِيُّ والنَّجْوى اسماً ومصدراً. وفي حديث
الدُّعاء: اللهم بمُحمد نبيِّك وبمُوسى نَجِيَّك؛ هو المُناجِي المُخاطِب
للإِنسان والمحدِّث له، وقد تنَاجَيا مُناجاة وانْتِجاء. وفي الحديث: لا يَتناجى
اثنان دون الثالث، وفي رواية: لا يَنْتَجِي اثنان دون صاحبهما أَي لا
يَتَسارَران مُنْفَردَيْن عنه لأَن ذلك يَسوءُه. وفي حديث علي، كرم الله
وجهه: دعاهُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يومَ الطائف فانْتَجاه فقال
الناسُ: لقد طالَ نَجْواهُ فقال: ما انْتَجَيْتُه ولكنَّ اللهَ انْتَجاه
أَي أَمَرَني أَن أُناجِيه. وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: قيل له
ما سمعت من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في النَّجْوى؟ يُريد مناجاةَ
الله تعالى للعبد يوم القيامة. وفي حديث الشعبي: إِذا عَظُمت الحَلْقة فهي
بِذاء ونِجاء أَي مُناجاة، يعني يكثر فيها ذلك. والنَّجْوى والنَّجِيُّ:
المُتسارُّون. وفي التنزيل العزيز: وإِذ هم نَجْوى؛ قال: هذا في معنى
المصدر، وإِذْ هم ذوو نَجْوى، والنَّجْوى اسم للمصدر. وقوله تعالى: ما
يكون من نَجْوى ثلاثة؛ يكون على الصفة والإِضافة. وناجى الرجلَ مُناجاةً
ونِجاءً: سارَّه. وانْتَجى القومُ وتَناجَوْا: تَسارُّوا؛ وأَنشد ابن
بري:قالت جَواري الحَيِّ لَمَّا جِينا،
وهنَّ يَلْعَبْنَ ويَنْتَجِينا:
ما لِمَطايا القَوْمِ قد وَجِينا؟والنَّجِيُّ: المُتناجون. وفلان نجِيُّ
فلان أَي يناجيه دون من سواه. وفي التزيل العزيز: فلما استَيْأَسُوا منه
خَلَصُوا نَجِيّاً؛ أَي اعتزلوا مُتَناجين، والجمع أَنْجِيةٌ؛ قال:
وما نَطَقُوا بأَنْجِيةِ الخُصومِ
وقال سُحَيْم بن وَثِيل اليَرْبُوعِي:
إِني إِذا ما القَوْمُ كانوا أَنْجِيَهْ،
واضْطرب القَوْمُ اضْطرابَ الأَرْشِيَهْ،
هُناكِ أَوْصِيني ولا تُوصي بِيَهْ
قال ابن بري: حكى القاضي الجرجاني عن الأَصمعي وغيره أَنه يصف قوماً
أَتعبهم السير والسفر، فرقدوا على رِكابهم واضطربوا عليها وشُدَّ بعضهم على
ناقته حِذارَ سقوطه من عليها، وقيل: إِنما ضربه مثلاً لنزول الأَمر
المهمّ، وبخط علي بن حمزة: هُناكِ، بكسر الكاف، وبخطه أَيضاً: أَوْصِيني ولا
تُوصِي، بإِثبات الياء، لأَنه يخاطب مؤنثاً؛ وروي عن أَبي العباس أَنه
يرويه:
واخْتَلَفَ القومُ اخْتلافَ الأَرْشِيَهْ
قال: وهو الأَشهر في الرواية؛ وروي أَيضاً:
والتَبَسَ القومُ التِباسَ الأرشيه
ورواه الزجاج: واختلف القول؛ وأَنشد ابن بري لسحيم أَيضاً:
قالتْ نِساؤُهم، والقومُ أَنْجيةٌ
يُعْدَى عليها، كما يُعْدى على النّعَمِ
قال أَبو إِسحق: نجِيُّ لفظ واحد في معنى جميع، وكذلك قوله تعالى: وإِذ
هم نَجْوَى؛ ويجوز: قومٌ نَجِيٌّ وقومٌ أَنْجِيةٌ وقومٌ نَجْوى.
وانْتَجاه إِذا اختصَّه بمُناجاته. ونَجَوْتُ الرجل أَنْجُوه إِذا ناجَيْتَه. وفي
التنزيل العزيز: لا خَيْرَ في كثير من نَجْواهم؛ قال أَبو إِسحق: معنى
النَّجْوى في الكلام ما يَنْفَرِد به الجماعة والاثنان، سِرّاً كان أَو
ظاهراً؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يَخْرُجْــنَ منْ نَجِيِّه للشاطي
فسره فقال: نجِيُّه هنا صوته، وإِنما يصف حادياً سَوَّاقاً مُصَوِّتاً.
ونَجاه: نكَهه. ونجوْت فلاناً إِذا استَنْكَهْته؛ قال:
نَجَوْتُ مُجالِداً، فوَجَدْتُ منه
كريح الكلب ماتَ حَديثَ عَهْدِ
فقُلْتُ له: مَتى استَحْدَثْتَ هذا؟
فقال: أَصابَني في جَوْفِ مَهْدي
وروى الفراء أَن الكسائي أَنشده:
أَقولُ لِصاحِبَيَّ وقد بَدا لي
مَعالمُ مِنْهُما، وهُما نَجِيَّا
أَراد نَجِيَّانِ فحذف النون؛ قال الفراء: أَي هما بموضع نَجْوَى، فنصب
نَجِيّاً على مذهب الصفة. وأَنْجَت النخلة فأَجْنَتْ؛ حكاه أَبو حنيفة.
واستَنْجى الناسُ في كل وجه: أَصابُوا الرُّطب، وقيل: أَكلوا الرطب. قال:
وقال غير الأَصمعي كل اجْتِناءٍ استِنْجاءٌ، يقال: نَجوْتُك إِياه؛
وأَنشد:
ولقَدْ نَجَوْتُك أَكْمُؤاً وعَساقِلاً،
ولقد نَهَيْتُك عن بَناتِ الأَوْبَرِ
والرواية المعروفة جَنيْتُك، وهو مذكور في موضعه. والنُّجَواءُ:
التَّمَطِّي مثل المُطَواء؛ وقال شبيب بن البرْصاء:
وهَمٌّ تأْخُذُ النجَواء مِنه،
يُعَلُّ بصالِبٍ أَو بالمُلالِ
قال ابن بري: صوابه النُّحَواء، بحاء غير معجمة، وهي الرِّعْدة، قال:
وكذلك ذكره ابن السكيت عن أَبي عمرو بن العلاء وابن ولاَّد وأَبو عمرو
الشيباني وغيره، والمُلالُ: حرارة الحمَّى التي ليست بصالبٍ، وقال
المُهَلَّبي: يروى يُعَكُّ بصالِبٍ.
وناجِيةُ: اسم. وبنو ناجيةَ: قبيلة؛ حكاها سيبويه. الجوهري: بنو ناجيةَ
قوم من العرب، والنسبة إِليهم ناجِيٌّ، حذف منه الهاء والياء، والله
أَعلم.
ذمم: الذَّمُّ: نقيض المدح. ذَمَّهُ يَذُمُّهُ ذَمّاً ومَذَمَّةً، فهو
مَذْمُومٌ وذَمٌّ. وأَذَمَّهُ: وجده ذَمِيماً مَذْمُوماً. وأَذَمَّ بهم:
تركهم مَذْمُومينَ في الناس؛ عن ابن الأعرابي. وأَذَمَّ به: تهاون. والعرب
تقول ذَمَّ يَذُمُّ ذَمّاً، وهو اللوم في الإساءة، والذَّمُّ والمَذموم
واحد. والمَذَمَّة: الملامة، قال: ومنه التَّذَمُّمُ. ويقال: أتيت موضع
كذا فأَذْمَمْتُهُ أي وجدته مذموماً. وأَذَمَّ الرجلُ: أتى بما يُذَمُّ
عليه. وتذامَّ القومُ: ذَمَّ بعضُهم بعضاً، ويقال من التَّذَمُّمِ. وقضى
مَذَمَّةَ صاحبه أي أَحسن إليه لئلا يُذَمَّ. واسْتَذَمَّ إليه: فعل ما
يَذُمُّهُ عليه. ويقال: افعل كذا وكذا وخَلاكَ ذَمٌّ أي خلاكَ لوم؛ قال
ابن السكيت: ولا يقال وخَلاكَ ذنب، والمعنى خلا منك ذَمٌّ أي لا تُذَمُّ.
قال أبو عمرو بن العلاء: سمعت أعرابيّاً يقول: لم أَر كاليوم قَطُّ يدخل
عليهم مثلُ هذا الرُّطَبِ لا يُذِمُّونَ أي لا يَتَذَمَّمُونَ ولا تأْخذهم
ذمامةٌ حتى يُهْدُوا لِجِيرانهم.
والذَّامُّ، مشدد، والذامُ مخفف جميعاً: العيب. واسْتَذَمَّ الرجلُ إلى
الناس أي أتى بما يُذَمُّ عليه. وتَذَمَّمَ أي استنكف؛ يقال: لو لم أترك
الكذب تأَثُّماً لتركته تَذَمُّماً. ورجل مُذَمَّمٌ أي مذْمُومٌ جدّاً.
ورجل مُذِمٌّ: لا حَراك به. وشيء مُذِمٌّ أي مَعيب. والذُّموم: العُيوب؛
أَنشد سيبويه لأُمَيَّةَ بن أبي الصَّلْتِ:
سلامك، رَبَّنا، في كل فَجْرٍ
بَريئاً ما تَعَنَّتْكَ الذُّمُومُ
وبئر ذَمَّةٌ وذَميمٌ وذَميمةٌ: قليلة الماء لأنها تُذَمُّ، وقيل: هي
الغَزيرة، فهي من الأضداد، والجمع ذِمامٌ؛ قال ذو الرُّمَّة يصف إبلاً
غارتْ عيونها من الكَلالِ:
على حِمْيَرِيّاتٍ، كأَنَّ عُيونَها
ذِمامُ الرَّكايا أَنْكَزَتْها المَواتِحُ
أنْكَزَتها: أقَلَّتْ ماءَها؛ يقول: غارت أعينها من التعب فكأَنَّها
آبار قليلة الماء. التهذيب: الذَّمَّةُ البئر القليلة الماء، والجمع ذَمٌّ.
وفي الحديث: أَنه، عليه الصلاة والسلام، مَرَّ ببئر ذمَّة فنزلنا فيها،
سميت بذلك لأنها مَذْمومة؛ فأما قول الشاعر:
نُرَجِّي نائلاً من سَيْبِ رَبٍّ،
له نُعْمَى، وذَمَّتُهُ سِجالُ
قال ابن سيده: قد يجوز أن يعني به الغزيرة والقليلة الماء أي قليله
كثير.وبه ذَمِيمةٌ أي علة من زَمانَةٍ أو آفة تمنعه الخروج.
وأَذَمَّتْ ركاب القوم إذْماماً: أَعيت وتخلفت وتأَخرت عن جماعة الإبل
ولم تلحق بها، فهي مُذِمَّةٌ، وأَذَمَّ به بَعيرهُ؛ قال ابن سيده: أنشد
أبو العلاء:
قوم أَذَمَّتْ بهم رَكائِبُهُمْ،
فاسْتَبْدَلوا مُخْلِقَ النِّعالِ بها
وفي حديث حَليمة السَّعْدِيَّةِ: فخرجْتُ على أَتاني تلك فلقد أَذَمَّتْ
بالرَّكْبِ أَي حبستهم لضعفها وانقطاع سيرها؛ ومنه حديث المِقْدادِ حين
أَحْرَزَ لِقاحَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم: وإِذا فيها فرس أَذَمُّ
أَي كالٌّ قد أَعيْا فوقف. وفي حديث أَبي بكر، رضيَ الله عنه: قد طَلَعَ
في طريق مُعْوَرَّةٍ حَزْنَةٍ وإِنَّ راحلته أَذَمَّتْ أَي انقطع سيرها
كأَنها حَمَلَت الناس على ذَمِّها.
ورجل ذو مُذَمَّةٍ ومَذِمَّةٍ أَي كلٌّ على الناس، وإنه لطويل
المَذَمَّةِ، التهذيب: فأَما الذَّمُّ فالاسم منه المَذَمَّةُ، وقال في موضع آخر:
المَذِمَّةُ، بالكسر، من الذِّمامِ والمَذَمَّةُ، بالفتح، من الذَّمِّ.
ويقال: أَذهِبْ
عنك مَذِمَّتَهُمْ بشيء أَي أَعطهم شيئاً فإِن لهم ذِماماً. قال:
ومَذَمَّتهم لغةٌ. والبُخل مَذَمَّةٌ، بالفتح لا غير، أَي مما يُذَمُّ عليه،
وهو خلاف المَحْمَدَةِ. والذِّمامُ والمَذَمَّةُ: الحق والحُرْمة، والجمع
أَذِمَّةٌ. والذِّمَّة: العهد والكَفالةُ، وجمعها ذِمامٌ. وفلان له ذِمَّة
أَي حق. وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: ذِمَّتي رَهِينُه وأَنا به زعيم
أَي ضماني وعهدي رَهْنٌ في الوفاء به. والذِّمامُ والذِّمامةُ:
الحُرْمَةُ؛ قال الأَخطل:
فلا تَنْشُدُونا من أَخيكم ذِمامةً،
ويُسْلِم أَصْداءَ العَوِير كَفِيلُها
والذِّمامُ: كل حرمة تَلْزمك إِذا ضَيَّعْتَها المَذَمَّةُ، ومن ذلك
يسمى أَهلُ
العهد أَهلَ الذِّمَّةِ، وهم الذين يؤدون الجزية من المشركين كلهم. ورجل
ذِمِّيٌّ: معناه رجل له عهد. والذِّمَّةُ: العهد منسوب إِلى
الذِّمَّةِ: قال الجوهري: الذِّمَّةُ أَهل العقد. قال: وقال أَبو عبيدة الذِّمّةُ
الأَمان في قوله، عليه السلام: ويسعمى بذِمَّتِهِمْ أَدناهم. وقوم
ذِمَّةٌ: مُعاهدون أَي ذوو ذِمَّةٍ، وهو الذِّمُّ؛ قال أُسامة الهذليّ:
يُغَرِّدُ بالأَسْحار في كلِّ سُدْفَةٍ،
تَغَرُّدَ مَيَّاحِ النَّدَى المُتَطَرِّب
(* هكذا ورد هذا البيت في الأصل، وليس فيه أيّ شاهد على شيء مما تقدم من
الكلام).
وأَذَمَّ له عليه: أَخَذَ له الذِّمَّة. والذَّمامَةُ والذَّمامة: الحق
كالذِّمّة؛ قال ذو الرمة:
تكُنْ عَوْجةً يَجزِيكما الله عندها
بها الأجْرَ، أَو تُقضى ذِمامةُ صاحب
ذِمامة: حُرْمَةٌ وحق. وفي الحديث ذكر الذِّمَّة والذِّمامِ، وهما بمعنى
العَهْد والأَمانِ والضَّمانِ والحُرْمَةِ
والحق، وسُمِّيَ أَهل الذِّمَّةِ ذِمَّةً لدخولهم في عهد المسلمين
وأَمانهم. وفي الحديث في دعاء المسافر: اقْلِبْنا بذِمَّةٍ أَي ارْدُدْنا إِلى
أَهلنا آمنين؛ ومنه الحديث: فقد بَرِئَتْ منه الذِّمَّة أَي أَن لكل
أَحد من الله عهداً بالحفظ والكِلايَةِ، فإِذا أَلْقى بيده إِلى
التَّهْلُكَةِ أَو فعل ما حُرِّمَ عليه أَو خالف ما أُمِرَ به
خَذَلَتْهُذِمَّةُ الله تعالى. أَبو عبيدة: الذِّمَّةُ التَّذَمُّمُ ممن لا عهد
له. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، المسلمون تَتَكافأُ دماؤهم ويسعى
بذِمَّتهم أَدناهم؛ قال أَبو عبيدة: الذِّمَّةُ الأَمان ههنا، يقول إِذا
أَعْطى الرجلُ من الجيش العدوّ أَماناً جاز ذلك على جميع المسلمين، ولي
لهم أَن يُخْفِروه ولا أَن يَنْقُضوا عليه عهده كما أَجاز عمر، رضي الله
عنه، أَمان عبدٍ على أَهل العسكر جميعهم؛ قال: ومنه قول سَلْمان ذِمَّةُ
المسلمين واحدة؛ فالذِّمَّةُ هي الأَمان، ولهذا سمي المُعاهَدُ
ذِمِّيّاً، لأَنه أُعْطيَ الأَمان على ذِمَّةِ الجِزْيَة التي تؤخذ منه.
وفي التنزيل العزيز: لا يَرْقبُون في مؤْمن إِلاًّ ولا ذِمَّةً؛ قال:
الذِّمَّةُ العهد، والإِلّ الحِلْف؛ عن قتادة. وأَخذتني منه ذِمامٌ
ومَذَمَّةٌ، وللرفيق على الرفيق ذِمامٌ أَي حق. وأَذَمَّهُ أَي أَجاره. وفي
حديث سلمان: قيل له ما يَحِلُّ من ذِمَّتِنا؟ أَراد من أَهل ذِمَّتِنا فحذف
المضاف. وفي الحديث: لا تشتروا رَقيق أَهل الذمَّة وأَرَضِيهِمْ؛ قال ابن
الأَثير: المعنى أَنهم إِذا كان لهم مَماليكُ وأَرَضُونَ وحالٌ حسنة
ظاهرة كان أَكثر لجِزْيتهم، وهذا على مذهب من يَرَى أَن الجِزْية على قدر
الحال، وقيل في شراء أَرَضِيهْم إِنه كرهه لأَجل الخَراج الذي يلزم الأَرض،
لئلا يكون على المسلم إِذا اشتراها فيكون ذلاًّ وصَغاراً.
التهذيب: والمُذِمُّ
المَذْموم الذَّمِيمُ. وفي حديث يونس: أَن الحوت قاءَهُ رَذِيّاً
رَذِيّاً أَي مَذْموماً شِبْهَ الهالك. ابن الأَعرابي: ذَمْذَمَ الرجل إِذا
قَلَّلَ
عطيته. وذُمَّ الرجلُ: هُجِيَ، وذُمَّ: نُقِص. وفي الحديث: أُرِيَ عبدُ
المُطَّلب في منامه احْفِرْ زمزم لا يُنْزَفُ ولا يُذمُّ؛ قال أَبو بكر:
فيه ثلاثة أَقوال: أَحدها لا يعاب من قولك ذَمَمْتُهُ إِذا عِبْتَه،
والثاني لا تُلْفَى مَذْمومة؛ يقال أَذْمَمْتُه إِذا وجدته مَذْموماً،
والثالث لا يوجد ماؤها قليلاً ناقصاً من قولك بئر ذَمَّة إِذا كانت قليلة
الماء.
وفي الحديث: سأَل النبيَّ
(* قوله «سأل النبي إلخ» السائل للنبي هو
الحجاج كما في التهذيب)، صلى الله عليه وسلم، عما يُذهبُ عنه مَذَمَّةَ
الرضاع فقال: غُرَّة عبد أَو أَمَة؛ أَراد بمَذَمَّةِ الرضاع ذِمامَ
المرضعة برضاعها. وقال ابن السكيت: قال يونس يقولون أَخذَتني منه
مَذِمَّةٌ ومَذَمَّةٌ. ويقال: أَذهِبْ
عنك مَذَمَّةَ الرضاع بشيء تعطيه للظِّئْر، وهي الذِّمامُ
الذي لزمك بإِرضاعها ولدك، وقال ابن الأَثير في تفسير الحديث:
المَذَمَّةُ، بالفتح، مَفْعَلة من الذَّمِّ، وبالكسر من الذِّمَّةِ والذِّمامِ،
وقيل: هي بالكسر والفتح الحقُّ والحرمة التي يُذَمُّ مُضَيِّعُها، والمراد
بمَذَمَّة الرضاع الحق اللازم بسبب الرضاع، فكأَنه سأَل: ما يُسْقِطُ عني
حق المُرضعة حتى أَكون قد أَديته كاملاً؟ وكانوا يستحبون أَن يَهَبُوا
للمرضِعة عند فصال الصبي شيئاً سوى أُجرتها. وفي الحديث: خِلال المَكارم
كذا وكذا والتَّذَمُّمُ للصاحب؛ هو أَن يحفظ ذِمامَهُ ويَطرح عن نفسه
ذَمَّ الناس له إِن لم يحفظه. وفي حديث موسى والخَضِر، عليهما السلام:
أَخَذَتْهُ من صاحبه ذَمامَةٌ أَي حياء وإِشفاق من الذَّمِّ واللوم. وفي حديث
ابن صَيّادٍ: فأَصابتني منه ذَمامَةٌ. وأَخذتني منه مَذَمَّة ومَذِمَّة
أَي رِقَّةٌ وعار من تلك الحُرْمة.
والذَّمِيمُ: شيء كالبَثْرِ
الأَسود أَو الأَحمر شُبِّهَ ببيض النمل، يعلو الوجوه والأُنوف من حَرٍّ
أَو جَرَب؛ قال:
وترى الذَّمِيم على مَراسِنِهم،
غِبَّ الهِياجِ، كمازِنِ النملِ
والواحدة ذَمِيمةٌ. والذَّمِيم: ما يسيل على أَفخاذ الإِبل والغنم
وضُرُوعها من أَلبانها. والذَّمِيمُ: النَّدى، وقيل: هو نَدىً يسقط بالليل على
الشجر فيصيبه التراب فيصير كقِطَعِ الطين. وفي حديث الشُّؤْم
والطِّيَرَةِ: ذَرُوها ذَمِيمةً أَي مَذْمومةً، فَعِيلةٌ بمعنى مفعولةٍ، وإِنما
أَمرهم بالتحول عنها إِبطالاً
لما وقع في نفوسهم من أَن المكروه إِنما أَصابهم بسبب سُكْنى الدار،
فإِذا تحولوا عنها انقطعت مادة ذلك الوهم وزال ما خامرهم من الشبهة.
والذَّمِيمُ: البياض الذي يكون على أَنف الجدْي؛ عن كراع؛ قال ابن سيده: فأَما
قوله أَنشدَناه أَبو العلاء لأَبي زُبَيْدٍ:
تَرى لأَخْفافِها من خَلْفِها نَسَلاً،
مثل الذَّمِيمِ على قُزْمِ اليَعامِيرِ
فقد يكون البياضَ الذي على أَنف الجَدْي، فأَما أَحمد بن يحيى فذهب إِلى
أَن الذَّمِيمَ ما يَنْتَضحُ على الضروع من الأَلبان، واليَعاميرُ عنده
الجِداء، واحدها يَعْمور، وقُزْمُها صِغارُها، والذَّمِيمُ: ما يسيل على
أُنوفها من اللبن؛ وأَما ابن دُرَيْدٍ فذهب إِلى أَن الذَّمِيم ههنا
النَّدى، واليعامير ضرب من الشجر. ابن الأَعرابي: الذَّمِيمُ والذَّنينُ ما
يسيل من الأَنف. والذَّمِيمُ: المُخاط والبول الذي يَذِمُّ ويَذِنُّ من
قَضيب التَّيْسِ، وكذلك اللبن من أَخلاف الشاة، وأَنشد بيت أَبي زبيد.
والذَّمِيمُ أَيضاً: شيء يخرج من مَسامِّ المارِنِ كبيض النمل؛ وقال
الحادِرَةُ:
وترى الذَّمِيمَ على مَراسِنِهم،
يوم الهياج، كمازِنِ النَّمل
ورواه ابن دريد: كمازن الجَثْلِ، قال: والجَثْلُ ضرب من النمل كبار؛
وروي:
وترى الذَّميم على مَناخرهم
قال: والذَّميم الذي يخرج على الأَنف من القَشَفِ، وقد ذَمَّ أَنفُه
وذَنَّ. وماء ذَميم أَي مكروه؛ وأَنشد ابن الأعرابي للمَرَّارِ:
مُواشِكة تَسْتَعْجِلُ الرُّكْضَ تَبْتَغي
نَضائِضَ طَرْقٍ، ماؤُهُنَّ ذَمِيمُ
قوله مواشِكة مسرعة، يعني القَطا، ورَكْضُها: ضربها بجناحها،
والنَّضائض: بقية الماء، الواحدة نَضِيضة. والطَّرْقُ: المَطْروق.
عنن: عَنَّ الشيءُ يَعِنُّ ويَعُنُّ عَنَناً وعُنُوناً: ظَهَرَ أَمامك؛
وعَنَّ يَعِنُّ ويُعُنُّ عَنّاً وعُنوناً واعْتَنَّ: اعتَرَضَ وعَرَض؛
ومنه قول امرئ القيس:
فعَنَّ لنا سِرْبٌ كأَنَّ نِعاجه.
والاسم العَنَن والعِنانُ؛ قال ابن حِلزة:
عَنَناً باطِلاً وظُلْماً، كما تُعْــ
ـتَرُ عن حَجْرةِ الرَّبيضِ الظِّباءُ
(* قوله «عنناً باطلاً» تقدم إنشاده في مادة حجر وربض وعتر: عنتا بنون
فمثناة فوقية وكذلك في نسخ من الصحاح لكن في تلك المواد من المحكم
والتهذيب عنناً بنونين كما أنشداه هنا). وأَنشد ثعلب:
وما بَدَلٌ من أُمِّ عُثمانَ سَلْفَعٌ،
من السُّود، وَرْهاءُ العِنان عَرُوبُ.
معنى قوله وَرْهاءِ العِنان أَنها تَعْتنُّ في كل كلام أَي تعْترض. ولا
أَفعله ما عَنَّ في السماء نجمٌ أَي عَرَض من ذلك. والعِنَّة والعُنَّة:
الاعتراض بالفُضول. والاعْتِنانُ: الاعتراض. والعُنُنُ: المعترضون
بالفُضول، الواحد عانٌّ وعَنونٌ، قال: والعُنُن جمع العَنين وجمع المَعْنون.
يقال: عُنَّ الرجلُ وعُنِّنَ وعُنِنَ وأُعْنِنَ
(* قوله «وأعنن» كذا في
التهذيب، والذي في التكملة والقاموس: وأعنّ بالإدغام).، فهو عَنِينَ
مَعْنونٌ مُعَنٌّ مُعَنَّنٌ، وأَعْنَنْتُ بعُنَّةٍ ما أَدري ما هي أَي تعَرَّضتُ
لشيء لا أَعرفه. وفي المثل: مُعْرِضٌ
لعَنَنٍ لم يَعْنِه. والعَنَنُ: اعتراضُ الموت؛ وفي حديث سطيح:
أَم فازَ فازْلَمَّ به شَأْوُ العَننْ.
ورجل مِعَنٌّ: يعْرِض في شيء ويدخل فيما لا يعنيه، والأُنثى بالهاء.
ويقال: امرأَة مِعَنَّة إذا كانت مجدولة جَدْلَ العِنان غير مسترخية البطن.
ورجل مِعَنٌّ إذا كان عِرِّيضاً مِتْيَحاً. وامرأَة مِعَنَّة: تَعْتنُّ
وتعْترض في كل شيء؛ قال الراجز:
إنَّ لنا لَكَنَّه
مِعَنَّةً مِفَنَّه،
كالريح حول القُنَّه.
مِفَنَّة: تَفْتَنُّ عن الشيء، وقيل: تَعْتَنُّ وتَفْتنُّ في كل شيءٍ.
والمِعَنُّ: الخطيب. وفي حديث طهفة: بَرِئنا إليك من الوَثَن والعَنن؛
الوَثَنُ: الصنم، والعَنن: الاعتراض، من عَنَّ الشيء أَي اعترض كأَنه قال:
برئنا إليك من الشرك والظلم، وقيل: أَراد به الخلافَ والباطل؛ ومنه حديث
سطيح:
أَم فازَ فازْلَمَّ به شَأْوُ العَننْ.
يريد اعتراض الموت وسَبْقَه. وفي حديث علي، رضوان الله عليه: دَهَمتْه
المنيَّةُ في عَنَن جِماحه؛ هو ما ليس بقصد؛ ومنه حديثه أَيضاً يذُمُّ
الدنيا: أَلا وهي المُتَصدِّيةُ العَنُونُ أَي التي تتعرض للناس، وفَعول
للمبالغة. ويقال: عَنَّ الرجل يَعِنُّ عَنّاً وعَنَناً إذا اعترض لك من أَحد
جانبيك من عن يمينك أَو من عن شمالك بمكروه. والعَنُّ: المصدر،
والعَنَنُ: الاسم، وهو الموضع الذي يَعُنُّ فيه العانُّ؛ ومنه سمي العِنانُ من
اللجام عِناناً لأَنه يعترضه من ناحيتيه لا يدخل فمه منه شيء. ولقيه عَيْنَ
عُنَّة
(* قوله «عين عنة» بصرف عنة وعدمه كما في القاموس). أَي اعتراضاً
في الساعة من غير أَن يطلبه. وأَعطاه ذلك عَيْنَ عُنَّة أَي خاصةً من
بين أَصحابه، وهو من ذلك. والعِنان: المُعانَّة. والمُعانَّة: المعارضة.
وعُناناك أَن تفعل ذاك، على وزن قُصاراك أَي جهدك وغايتك كأَنه من
المُعانَّة، وذلك أَن تريد أَمراً فيَعْرِضَ دونه عارِضٌ يمنعك منه ويحبسك عنه؛
قال ابن بري: قال الأَخفش هو غُناماك، وأَنكر على أَبي عبيد عُناناك. وقال
النَّجِيرَميُّ: الصواب قول أَبي عبيد. وقال علي ابن حمزة: الصواب قول
الأَخفش؛ والشاهد عليه بيت ربيعة بن مقروم الضبي:
وخَصْمٍ يَرْكَبُ العَوصاءِ طاطٍ
عن المُثْلى، غُناماهُ القِذاعُ.
وهو بمعنى الغنيمة. والقِذاعُ: المُقاذَعة. ويقال: هو لك بين الأَوْبِ
والعَنَن إمّا أَن يَؤُوبَ إليك، وإِما أَن يعْرِضَ عليك؛ قال ابن مقبل:
تُبْدي صُدوداً، وتُخْفي بيننا لَطَفاً
يأْتي محارِمَ بينَ الأَوْبِ والعَنَن.
وقيل: معناه بين الطاعة والعصيان. والعانُّ من السحاب: الذي يَعْتَرِضُ
في الأُفُقِ؛ قال الأَزهري: وأَما قوله:
جَرَى في عِنان الشِّعْرَيَيْنِ الأَماعِزُ.
فمعناه جرى في عِراضِهما سَرابُ الأَماعِز حين يشتدُّ الحرُّ بالسَّراب؛
وقال الهذلي:
كأَنَّ مُلاءَتَيَّ على هِزَفٍّ،
يعُنُّ مع العَشِيَّةِ لِلرِّئالِ.
يَعُنُّ: يَعْرِض، وهما لغتان: يَعِنُّ ويَعُنُّ. والتَّعْنِين: الحبْس،
وقيل: الحبس في المُطْبَق الطويل. ويقال للمجنون: مَعْنون ومَهْرُوع
ومخفوع ومعتُوه وممتوه ومُمْتَهٌ إذا كان مجنوناً. وفلان عَنَّانٌ
عن الخير وخَنَّاسٌ
وكَزَّامٌ أَي بطيء عنه. والعِنِّينُ: الذي لا يأْتي النساء ولا يريدهن
بَيِّنُ العَنَانة والعِنِّينة والعِنِّينيَّة. وعُنِّنَ عن امرأَته إذا
حكم القاضي عليه بذلك أَو مُنعَ عنها بالسحر، والاسم منه العُنَّة، وهو
مما تقدم كأَنه اعترضه ما يَحْبِسُه عن النساء، وامرأَة عِنِّينة كذلك، لا
تريد الرجال ولا تشتهيهم، وهو فِعِّيلٌ بمعنى مفعول مثل خِرِّيج؛ قال:
وسُمِّيَ عِنِّيناً لأَنه يَعِنُّ ذكَرُه لقُبُل المرأَة من عن يمينه
وشماله فلا يقصده. ويقال: تَعَنَّنَ الرجل إذا ترك النساء من غير أَن يكون
عِنِّيناً لثأْر يطلبه؛ ومنه قول ورقاء بن زهير بن جذيمة قاله في خالد ابن
جعفر بن كلاب:
تعَنَّنْتُ للموت الذي هو واقِعٌ،
وأَدركتُ ثأْري في نُمَيْرٍ وعامِرِ.
ويقال للرجل الشريف العظيم السُّودَد: إنه لطويل العِنان. ويقال: إنه
ليأْخذ في كل فَنٍّ وعَنٍّ وسَنٍّ بمعنى واحد. وعِنانُ اللجام: السير الذي
تُمسَك به الدابة، والجمع أَعِنَّة، وعُنُنٌ نادر، فأَما سيبويه فقال: لم
يُكسَّر على غير أَعِنَّة، لأَنهم إن كسَّرُوه على بناء الأَكثر لزمهم
التضعيف وكانوا في هذا أَحرى؛ يريد إذ كانوا قد يقتصرون على أَبنية أَدنى
العدد في غير المعتل، يعني بالمعتل المدغم، ولو كسروه على فُعُل فلزمهم
التضعيف لأَدغموا، كما حكى هو أَن من العرب من يقول في جمع ذُباب ذُبٌّ.
وفرس قصير العِنان إذا ذُمَّ بِقصَر عُنُقِه، فإذا قالوا قصير العِذار فهو
مدح، لأَنه وصف حينئذ بسعة جَحْفلته. وأَعَنَّ اللجامَ: جعل له عِناناً،
والتَّعْنينُ مثله. وعَنَّن الفرسَ وأَعَنَّه: حبسه بعنانه. وفي
التهذيب: أَعَنَّ الفارسُ إذا مَدَّ عِنانَ دابته ليَثْنِيَه عن السير، فهو
مُعِنٌّ. وعَنَّ دابته عَنّاً: جعل له عِناناً، وسُمِي عِنانُ اللجام عِناناً
لاعتراض سَيْرَيه على صَفْحَتيْ عُنق الدابة من عن يمينه وشماله. ويقال:
مَلأَ فلانٌ
عِنانَ دابته إذا أَعْداه وحَمَلَهُ على الحُضْر الشديد؛ وأَنشد ابن
السكيت:
حَرْفٌ بعيدٌ من الحادي، إذا مَلأَتْ
شَمْسُ النهارِ عِنانَ الأَبْرَقِ الصَّخِبِ.
قال: أَراد بالأَبْرَقِ الصَّخِبِ الجُنْدُبَ، وعِنانُه جَهْدُه. يقول:
يَرْمَضُ فيستغيث بالطيران فتقع رجلاه في جناحيه فتسمع لهما صوتاً وليس
صوته من فيه، ولذلك يقال صَرَّ الجُنْدُب. وللعرب في العِنانِ أَمثال
سائرة: يقال ذَلَّ عِنانُ فلان إذا انقاد؛ وفُلانٌ أَبّيُّ العِنانِ إذا كان
مُمتنعاً؛ ويقال: أَرْخِ من عنانِه أَي رَفِّه عنه؛ وهما يَجْريان في
عِنانٍ إذا استويا في فَضْلٍ أو غيره؛ وقال الطِّرِمَّاحُ:
سَيَعْلَمُ كُلُّهم أَني مُسِنٌّ،
إذا رَفَعُوا عِناناً عن عِنانِ.
المعنى: سيعلم الشعراء أَني قارح. وجَرى الفرسُ عِناناً إذا جرى شوطاً؛
وقول الطرماح:
إذا رفعوا عناناً عن عنان.
أَي شوطاً بعد شوط. ويقال: اثْنِ عَليَّ عِنانَهُ أَي رُدَّه عليَّ.
وثَنَيْتُ على الفرسِ عِنانه إِذا أَلجمته؛ قال ابن مقبل يذكر فرساً:
وحاوَطَني حتى ثَنَيْتُ عِنانَهُ،
على مُدْبِرِ العِلْباءِ رَيّانَ كاهِلُهْ
حاوَطَني أَي داوَرَني وعالَجَني، ومُدْبِرِ عِلّْيائه: عُنُقُه أَراد
أَنه طويل العنق في عِلْيائِه إدبار. ابن الأَعرابي: رُبَّ جَوادٍ قد
عَثَرَ في اسْتِنانِه وكبا في عِنانه وقَصَّرَ في مَيْدانه. وقال: الفرس
يَجْري بعِتْقِه وعِرْقِه، فإِذا وُضِعَ في المِقْوَس جَرى بجَدِّ صاحبه؛ كبا
أَي عَثَر، وهي الكَبْوَةُ. يقال: لكل جواد كَبْوَة، ولكل عالم هَفْوة،
ولكل صارم نَبْوَة؛ كبا في عِنانِه أَي عثر في شَوْطه. والعِنان: الحبل؛
قال رؤبة:
إلى عِنانَيْ ضامِرٍ لَطيفِ. عنى بالعِنانين هنا المَتْنَين، والضامر
هنا المَتْنُ. وعِنانا المتن: حَبْلاه. والعِنانُ والعانُّ: من صفة الحبال
التي تَعْتَنُّ من صَوْبك وتقطع عليك طريقك. يقال: بموضع كذا وكذا عانٌّ
يَسْتَنُّ السَّابلَة. ويقال للرجل: إنه طَرِفُ العِنان إذا كان خفيفاً.
وعَنَّنَتِ المرأَةُ شعرَها: شَكَّلَتْ بعضه ببعض. وشِرْكَةُ عِنانٍ
وشِرْكُ عِنانٍ: شَرِكَةٌ
في شيء خاص دون سائر أَموالها كأَنه عَنَّ لهما شيء أَي عَرَضَ فاشترياه
واشتركا فيه؛ قال النابغة الجعدي:
وشارَكْنا قُرَيْشاً في تُقاها،
وفي أَحْسابها شِرْكَ العِنانِ
بما وَلَدَتْ نساءُ بني هِلالٍ،
وما وَلَدَتْ نساءُ بني أَبانِ.
وقيل: هو إذا اشتركا في مال مخصوص، وبانَ كلُّ واحد منهما بسائر ماله
دون صاحبه. قال أَبو منصور: الشِّرْكَة شِرْكَتانِ: شِرْكَةُ العِنان،
وشَرِكَةُ المفاوضة، فأَما شَرِكَةُ العِنان فهو أَن يخرج كل واحد من
الشريكين دنانير أَو دراهم مثل ما يُخْرج صاحبه ويَخْلِطاها، ويأْذَنَ كل واحد
منهما لصاحبه بأَن يتجر فيه، ولم تختلف الفقهاء في جوازه وأَنهما إن
رَبِحا في المالين فبينهما، وإنْ وُضِعا فعلى رأْس مال كل واحد منهما، وأَما
شركة المُفاوضة فأَن يَشْتَرِكا في كل شيء في أَيديهما أَو يَسْتَفيداه من
بَعْدُ، وهذه الشركة عند الشافعي باطلة، وعند النعمان وصاحبيه جائزة،
وقيل: هو أَن يعارض الرجل الرجل عند الشراء فيقول له: أَشْرِكني معك، وذلك
قبل أَن يَستوجب العَلَقَ، وقيل: شَرِكة العِنانِ أَن يكونا سواء في
الغَلَق وأَن يتساوى الشريكان فيما أَخرجاه من عين أَو ورق، مأْخوذ من عِنانِ
الدابة لأَن عِنانَ الدابة طاقتان متساويتان؛ قال الجعدي يمدح قومه
ويفتخر:
وشاركنا قريشاً
في تُقاها... (البيتان). أَي ساويناهم، ولو كان من الاعتراض لكان هجاء،
وسميت هذه الشركةُ شَرِكَةَ عِنانٍ لمعارضة كل واحد منهما صاحبه بمال مثل
ماله، وعمله فيه مثل عمله بيعاً وشراء. يقال: عانَّهُ عِناناً
ومُعانَّةً، كما يقال: عارَضَه يُعارضه مُعارَضةً وعِراضاً. وفلان قَصِيرُ
العِنانِ: قليل الخير، على المثل. والعُنَّة: الحَظِيرة من الخَشَبِ أَو الشجر
تجعل للإِبل والغنم تُحْبَسُ فيها، وقيد في الصحاح فقال: لتَتَدَرَّأَ بها
من بَرْدِ الشَّمال. قال ثعلب: العُنَّة الحَظِيرَةُ تكون على باب الرجل
فيكون فيها إِبله وغنمه. ومن كلامهم: لا يجتمع اثنان في عُنَّةٍ، وجمعها
عُنَنٌ؛ قال الأَعشى:
تَرَى اللَّحْمَ من ذابِلٍ قد ذَوَى،
ورَطْبٍ يُرَفَّعُ فَوْقَ العُنَنْ.
وعِنانٌ أَيضاً: مثل قُبَّةٍ وقِبابٍ. وقال البُشْتِيُّ: العُنَنُ في
بيت الأَعشى حِبال تُشَدُّ ويُلْقَى عليها القَدِيدُ. قال أَبو منصور:
الصواب في العُنَّة والعُنَنِ ما قاله الخليل وهو الحظيرة، وقال: ورأَيت
حُظُراتِ الإِبل في البادية يسمونها عُنَناً لاعْتِنانِها في مَهَبِّ
الشَّمالِ مُعْتَرِضة لتقيها بَرْدَ الشَّمالِ، قال: ورأَيتهم يَشُرُّون اللحم
المُقَدَّدَ فوقها إذا أَرادوا تجفيفه؛ قال: ولست أَدري عمن أَخذ
البُشْتِيُّ ما قال في العُنَّة إنه الحبل الذي يُمَدُّ، ومَدُّ الحبل من فِعَْلِ
الحاضرة، قال: وأُرى قائلَه رأَى فقراءَ الحرم يَمُدُّون الحبال بمِنًى
فيُلْقُون عليها لُحومَ الأَضاحي والَدْي التي يُعْطَوْنَها، ففسر قول
الأَعشى بما رأَى، ولو شاهد العرب في باديتها لعلم أَن العُنَّة هي
الحِظَارُ من الشجر. وفي المثل: كالمُهَدِّرِ في العُنَّةِ؛ يُضْرَبُ مثلاً لمن
يَتَهَدَّدُ ولا يُنَفِّذُ. قال ابن بري: والعُنَّةُ، بالضم أَيضاً،
خَيْمة تجعل من ثُمامٍ أَو أَغصان شجر يُسْتَظَلُّ بها. والعُنَّة: ما يجمعه
الرجل من قَصَبٍ ونبت ليَعْلِفَه غَنَمه. يقال: جاء بعُنَّةٍ عظيمة.
والعَنَّةُ، بفتح العين: العَطْفَة؛ قال الشاعر:
إذا انصَرَفَتْ من عَنَّةٍ بعد عَنَّةٍ،
وجَرْسٍ على آثارِها كالمُؤَلَّبِ
والعُنَّةُ: ما تُنْصَبُ عليه القِدْرُ. وعُنَّةُ القِدْر: الدِّقْدانُ؛
قال:
عَفَتْ غيرَ أَنْآءٍ ومَنْصَبِ عُنَّةٍ،
وأَوْرَقَ من تحتِ الخُصاصَةِ هامِدُ.
والعَنُونُ من الدواب: التي تُباري في سيرها الدوابَّ فتَقْدُمُها، وذلك
من حُمُر الوحش؛ قال النابغة:
كأَنَّ الرَّحْلَ شُدَّ به خَنُوفٌ،
من الجَوْناتِ، هادِيةٌ عَنُونُ.
ويروى: خَذُوفٌ، وهي السمينة من بقر الوحش. ويقال: فلان عَنَّانٌ
على آنُفِ القوم إذا كان سَبَّاقاً لهم.
وفي حديث طَهْفة: وذو العِنانِ الرَّكُوبُ؛ يريد الفرس الذَّلُولَ، نسبه
إلى العِنانِ والرَّكوب لأَنه يُلْجَم ويُرْكَب. والعِنانُ: سير
اللِّجام. وفي حديث عبد الله بن مسعود: كان رجلٌ في أَرض له إِذ مَرَّتْ به
عَنَانةٌ تَرَهْيَأُ؛ العانَّة والعَنَانةُ: السَّحابة، وجمعها عَنَانٌ. وفي
الحديث: لو بَلَغتْ خَطيئتُه عَنانَ السماء؛ العَنَان، بالفتح: السحاب،
ورواه بعضهم أَعْنان، بالأَلف، فإِن كان المحفوظ أَعْنان فهي النواحي؛
قاله أَبو عبيد؛ قال يونس بن حبيب: أَعْنانُ كل شيء نواحيه، فأَما الذي
نحكيه نحن فأَعْناءُ السماء نواحيها؛ قاله أَبو عمرو وغيره. وفي الحديث:
مَرَّتْ به سحابةٌ فقال: هل تدرون ما اسم هذه؟ قالوا: هذه السحابُ، قال:
والمُزْنُ، قالوا: والمزن، قال: والعَنان، قالوا: والعَنانُ؛ وقيل: العَنان
التي تُمْسِكُ الماءَ، وأَعْنانُ السماء نواحيها، واحدها عَنَنٌ وعَنٌّ.
وأَعْنان السماء: صَفائحُها وما اعترَضَ من أَقطارها كأَنه جمع عَنَنٍ.
قال يونس: ليس لمَنْقُوصِ البيان بَهاءٌ ولو حَكَّ بِيافُوخِه أَعْنان
السماء، والعامة تقول: عَنان السماء، وقيل: عَنانُ السماء ما عَنَّ لك منها
إذا نظرت إليها أَي ما بدا لك منها. وأَعْنانُ الشجر: أَطرافُه ونواحيه.
وعَنانُ الدار: جانبها الذي يَعُنُّ لك أَي يَعْرِضُ. وأَما ما جاء في
الحديث من أَنه، صلى الله عليه وسلم، سئل عن الإِبل فقال: أَعْنانُ
الشَّياطين لا تُقْبِلُ إلاَّ مُوَلِّية ولا تُدْبِرُ إلاَّ مُوَلِّية، فإِنه
أَراد أَنها على أَخلاق الشياطين، وحقيقةُ الأَعْنانِ النواحي؛ قال ابن
الأَثير: كأَنه قال كأَنها لكثرة آفاتها من نواحي الشياطين في أَخلاقها
وطبائعها. وفي حديث آخر: لا تصلوا في أَعْطانِ الإِبل لأَنها خلقت من
أَعْنانِ الشياطين. وعَنَنْتُ الكتابَ وأَعْنَنْتُه لكذا أَي عَرَّضْتُه له
وصرَفْته إليه. وعَنَّ الكِتابَ يَعُنُّه عَنّاً وعَنَّنه: كَعَنْوَنَه،
وعَنْوَنْتُه وعَلْوَنْتُه بمعنى واحد، مشتق من المَعْنى. وقال اللحياني:
عَنَّنْتُ الكتابَ تَعْنيناً وعَنَّيْتُه تَعْنِيَةً إذا عَنْوَنْتَه،
أَبدلوا من إِحدى النونات ياء، وسمي عُنْواناً لأَنه يَعُنُّ الكِتابَ من
ناحِيتيه، وأَصله عُنَّانٌ، فلما كثرت النونات قلبت إحداها واواً، ومن قال
عُلْوانُ الكتاب جعل النون لاماً لأَنه أَخف وأَظهر من النون. ويقال للرجل
الذي يُعَرِّض ولا يُصرِّحُ: قد جعل كذا وكذا عُِنْواناً لحاجته؛ وأَنشد:
وتَعْرِفُ في عُنْوانِها بعضَ لَحْنِها،
وفي جَوْفِها صَمْعاءُ تَحْكي الدَّواهِيا.
قال ابن بري: والعُنْوانُ الأَثر؛ قال سَوَّارُ بن المُضرِّب:
وحاجةٍ دُونَ أُخرى قد سنَحْتُ بها،
جعلتُها للتي أَخْفَيْتُ عُنْواناً
قال: وكلما استدللت بشيءٍ تُظهره على غيره فهو عُنوانٌ له كما قال حسان
بن ثابت يرثي عثمان، رضي الله تعالى عنه:
ضَحّوا بأَشْمطَ عُنوانُ السُّجودِ به،
يُقَطِّعُ الليلَ تَسْبِيحاً وقُرْآناً.
قال الليث: العُلْوانُ لغة في العُنْوان غير جيدة، والعُنوان، بالضم، هي
اللغة الفصيحة؛ وقال أَبو دواد الرُّوَاسِيّ:
لمن طَلَلٌ كعُنْوانِ الكِتابِ،
ببَطْنِ أُواقَ، أَو قَرَنِ الذُّهابِ؟
قال ابن بري: ومثله لأَبي الأَسود الدُّؤَليّ:
نظَرْتُ إلى عُنْوانِه فنبَذتُه،
كنَبْذِكَ نَعلاً أَخلقَتْ من نِعالكا.
وقد يُكْسَرُ فيقال عِنوانٌ وعِنيانٌ. واعْتَنَّ ما عند القوم أَي
أُعْلِمَ خَبَرَهم. وعَنْعَنةُ تميم: إبدالُهم العين من الهمزة كقولهم عَنْ
يريدون أَنْ؛ وأَنشد يعقوب:
فلا تُلْهِكَ الدنيا عَنِ الدِّينِ، واعْتَمِلْ
لآخرةٍ لا بُدّ عنْ سَتَصِيرُها.
وقال ذو الرمة:
أَعَنْ تَرَسَّمْتَ من خَرْقَاءَ منْزِلةً،
ماءُ الصَّبَابةِ من عَينيكَ مَسْجُومُ.
أَراد أَأَن ترَسَّمْتَ؛ وقال جِرانُ العَوْدِ:
فما أُبْنَ حتى قُلْنَ يا ليْتَ عَنَّنا
تُرابٌ، وعَنَّ الأَرضَ بالناسِ تُخْسَفُ.
قال الفراء: لغة قريش ومن جاورهم أَنَّ، وتميمٌ وقَيْس وأَسَدٌ ومن
جاورهم يجعلون أَلف أَن إذا كانت مفتوحة عيناً، يقولون: أَشهد عَنَّك رسول
الله، فإِذا كسروا رجعوا إلى الأَلف؛ وفي حديث قَيْلةَ: تَحْسَبُ عَنِّي
نائمة أَي تحسب أَني نائمة؛ ومنه حديث حُصَين بن مُشَمِّت: أَخبرنا فلان
عَنَّ فلاناً حَدَّثه أَي أَن فلاناً؛ قال ابن الأَثير: كأَنَّهم يفعلون
لبَحَحٍ في أَصواتهم، والعرب تقول: لأَنَّكَ ولعَنَّك، تقول ذاك بمعنى
لَعَلَّك. ابن الأَعرابي: لعنَّكَ لبني تميم، وبنو تَيْم الله بن ثَعْلبة
يقولون: رَعَنَّك، يريدون لعلك. ومن العرب من يقول: رَعَنَّكَ ولغَنَّك،
بالغين المعجمة، بمعنى لعَلَّكَ، والعرب تقول: كنا في عُنَّةٍ من الكَلأِ
وفُنَّةٍ وثُنَّةٍ وعانِكَةٍ من الكلأِ واحدٌ أَي كنا في كَلاءٍ كثير
وخِصْبٍ. وعن: معناها ما عدا الشيءَ، تقول: رميت عن القوسْ لأَنه بها قَذَفَ
سهمه عنها وعدَّاها، وأَطعمته عن جُوعٍ، جعل الجوع منصرفاً به تاركاً له
وقد جاوزه، وتقع من موقعها، وهي تكون حرفاً واسماً بدليل قولهم من عَنْه؛
قال القُطَامِيّ:
فقُلْتُ للرَّكْبِ، لما أَنْ عَلا بهمُ،
من عن يمينِ الحُبَيّا، نظرةٌ قَبَلُ.
قال: وإنِما بنيت لمضارعتها للحرف؛ وقد توضع عن موضع بعد كما قال الحرث
بن عُبَاد:
قَرِّبا مَرْبَطَ النَّعامةِ مِنِّي،
لقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حيالِ.
أَي بعد حيال؛ وقال امرؤ القيس:
وتُضْحي فَتيتُ المِسكِ فوقَ فِراشِها،
نَؤُوم الضُّحَى لم تَنْتَطِقْ عن تَفَضُّلِ.
وربما وضعت موضع على كما قال ذو الإِصبع العدواني:
لاه ابنُ عمِّكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ
عَني، ولا أَنتَ دَيّاني فتَخْزُوني.
قال النحويون: عن ساكنة النون حرف وضع لمَعْنى ما عَدَاكَ وتراخى عنك.
يقال: انصَرِفْ عنِّي وتنحَّ عني. وقال أَبو زيد: العرب تزيدُ عنك، يقال:
خذ ذا عنك، والمعنى: خذ ذا، وعنك زيادة؛ قال النابغة الجعدي يخاطب ليلى
الأَخيلية:
دَعي عنكِ تَشْتامَ الرجالِ، وأَقبِلي
على أَذْلَعِيٍّ يَملأُ اسْتَكِ فَيْشَلا.
أَراد يملأُ استك فَيْشلُه فخرج نصباً على التفسير، ويجوز حذف النون من
عن للشاعر كما يجوز له حذف نون من، وكأَنَّ حذْفَه إنما هو لالتقاء
الساكنين، إِلا أَن حذف نون من في الشعر أَكثر من حذف نون عن، لأَن دخول من في
الكلام أَكثر من دخول عن. وعَنِّي: بمعنى عَلِّي أَي لَعَلِّي؛ قال
القُلاخُ:
يا صاحِبَيَّ، عَرِّجا قَلِيلا،
عَنَّا نُحَيِّي الطَّلَلَ المُحِيلا.
وقال الأَزهري في ترجمة عنا، قال: قال المبرد من وإلى ورب وفي والكاف
الزائدة والباء الزائدة واللام الزائدة هي حروف الإِضافة التي يضاف بها
الأَسماء والأَفعال إلى ما بعدها، قال: فأَما ما وضعه النحويون نحو على وعن
وقبل وبَعْدُ وبَيْن وما كان مثلَ ذلك فإِنما هي أَسماء؛ يقال: جئت من
عِنْدِه، ومن عليه، ومن عن يساره، ومن عن يمينه؛ وأَنشد بيت القطامي:
من عَنْ يمين الحُبَيّا نظْرَةٌ قَبَلُ.
قال: ومما يقع الفرق فيه بين من وعن أَن من يضاف بها ما قَرُبَ من
الأَسماء، وعن يُوصَل بها ما تَراخى، كقولك: سمعت من فلان حديثاً، وحدثنا عن
فلان حديثاً. وقال أَبو عبيدة في قوله تعالى: وهو الذي يَقْبَل التوبةَ عن
عباده؛ أَي من عباده. الأَصمعي: حدَّثني فلان من فلان، يريد عنه.
ولَهِيتُ من فلان وعنه، وقال الكسائي: لَهِيتُ عنه لا غير، وقال: اله مِنْه
وعنه، وقال: عنك جاء هذا، يريد منك؛ وقال ساعدةُ بن جُؤَيّةَ:
أَفَعنْك لا بَرْقٌ، كأَنَّ ومِيضَهُ
غابٌ تَسَنَّمهُ ضِرامٌ مُوقَدُ؟
قال: يريد أَمِنْكَ بَرْقٌ، ولا صِلَةٌ؛ روى جميعَ ذلك أَبو عبيد عنهم،
قال: وقال ابن السكيت تكون عن بمعنى على؛ وأَنشد بيت ذي الإِصبع
العدواني:
لا أَفضلْتَ في حَسَبٍ عَنِّي.
قال: عَنِّي في معنى عَليَّ أَي لم تُفْضِلْ في حسب عَلَيَّ، قال: وقد
جاء عن بمعنى بعد؛ وأَنشد:
ولقد شُبَّتِ الحُرُوبُ، فما غَمْـ
ـمَرْتَ فيها، إذ قَلَّصَتْ عن حِيالِ
أي قلَّصَتْ بعد حِيالها؛ وقال في قول لبيد:
لوِرْدٍ تَقْلِصُ الغِيطانُ عنه،
يَبُكُّ مسافَةَ الخِمْسِ الكَمالِ
(* قوله «يبك مسافة إلخ» كذا أَنشده هنا كالتهذيب، وأَنشده في مادة قلص
كالمحكم:
يبذ مفازة الخمس الكلالا).
قال: قوله عنه أَي من أَجله. والعرب تقول: سِرْ عنك وانْفُذْ عنك أَي
امضِ وجُزْ، لا معنى لعَنْك. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه طاف بالبيت
مع يَعْلَى بن أُميَّة، فلما انتهى إلى الركن الغرْبيِّ الذي يلي
الأَسْودَ قال له: أَلا تسْتَلِمُ؟ فقال له: انْفُذْ عنك فإِن النبي، صلى الله
عليه وسلم، لم يسْتَلِمْه؛ وفي الحديث: تفسيره أَي دَعْه. ويقال: جاءنا
الخبر عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فتخفض النون. ويقال: جاءنا مِنَ الخير
ما أَوجب الشكر فتفتح النون، لأَن عن كانت في الأَصل عني ومن أَصلها
مِنَا، فدلت الفتحة على سقوط الأَلف كما دلت الكسرة في عن على سقوط الياء؛
وأَنشد بعضهم:
مِنَا أن ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ، حتى
أَغاثَ شَرِيدَهمْ مَلَثُ الظَّلامِ.
وقال الزجاج: في إِعراب من الوقفُ إِلا أَنها فتحت مع الأَسماء التي
تدخلها الأَلف واللام لالتقاء الساكنين كقولك من الناس، النون من من ساكنة
والنون من الناس ساكنة، وكان في الأَصل أَن تكسر لالتقاء الساكنين، ولكنها
فتحت لثقل اجتماع كسرتين لو كان من الناس لثَقُلَ ذلك، وأَما إِعراب عن
الناس فلا يجوز فيه إِلا الكسر لأَن أَول عن مفتوح، قال: والقول ما قال
الزجاج في الفرق بينهما.
كيل: الكَيْلُ: المِكْيال. غيره: الكَيْل كَيْل البُرِّ ونحوه، وهو مصدر
كالَ الطعامَ ونحوه يَكِيلُ كَيْلاً ومَكالاً ومَكِيلاً أَيضاً، وهو شاذ
لأَن المصدر من فَعَل يَفْعِل مَفْعِل، بكسر العين؛ يقال: ما في برك
مَكالٌ، وقد قيل مَكِيل عن الأَخفش؛ قال ابن بري: هكذا قال الجوهري، وصوابه
مَفْعَل بفتح العين. وكِيلُ الطعامُ، على ما لم يسم فاعله، وإِن شئت ضممت
الكاف، والطعامُ مَكِيلٌ ومَكْيُول مثل مَخِيط ومَخْيوط، ومنهم من يقول:
كُولَ الطعامُ وبُوعَ واصْطُودَ الصَّيْدُ واسْتُوقَ مالُه، بقلب الياء
واواً حين ضم ما قبلها لأَن الياء الساكنة لا تكون بعد حرف مضموم.
واكْتالَه وكالَه طعاماً وكالَه له؛ قال سيبويه: اكْتَل يكون على
الاتحاد وعلى المُطاوَعة. وقوله تعالى: الذين إِذا اكْتالوا على الناس
يَسْتَوْفُون؛ أَي اكْتالوا منهم لأَنفسهم؛ قال ثعلب: معناه من الناس، والاسم
الكِيلَةُ، بالكسر، مثل الجِلْسة والرِّكْبة. واكْتَلْت من فلان واكْتَلْت
عليه وكِلْت فُلاناً طعاماً أَي كِلْتُ له؛ قال الله تعالى: وإِذا
كالُوهمْ أَو وَزَنُوهم؛ أَي كالُوا لهم. وفي المثل: أَحَشَفاً وسُوء كِيلة؟ أَي
أَتَجْمَعُ عليَّ أَن يكون المَكِيل حَشَفاً وأَن يكون الكَيل
مُطَفَّفاً؛ وقال اللحياني: حَشَف وسوء كِيلةٍ وكَيْلٍ ومَكِيلةٍ. وبُرٌّ مَكِيلٌ،
ويجوز في القياس مَكْيول، ولغة بني أَسد مَكُول، ولغة رديئة مُكالٌ؛ قال
الأَزهري: أَما مُكالٌ فمن لغات الحَضَرِيِّين، قال: وما أَراها عربية
محضة، وأَما مَكُول فهي لغة رديئة، واللغة الفصيحة مَكِيل ثم يليها في
الجودة مَكْيول. الليث: المِكْيال ما يُكالُ به، حديداً كان أَو خشباً.
واكْتَلْتُ عليه: أَخذت منه. يقال: كال المعطي واكْتال الآخِذ. والكَيْلُ
والمِكْيَلُ والمِكْيال والمِكْيَلةُ: ما كِيلَ به؛ الأَخيرة نادرة. ورجل
كَيَّال: من الكَيْل؛ حكاه سيبويه في الإِمالة، فإِما أَن يكون على التكثير
لأَن فِعْله معروف، وإِما يُفَرّ إِلى النسَب إِذا عُدِم الفعل؛ وقوله
أَنشده ابن الأَعرابي:
حين تكالُ النِّيبُ في القَفِيزِ
فسره فقال: أَراد حين تَغْزُر فيُكال لَبَنُها كَيْلاً فهذه الناقة
أَغزرهنَّ. وكال الدراهمَ والدنانير: وزنها؛ عن ابن الأَعرابي خاصة؛ وأَنشد
لشاعر جعل الكَيْل وَزْناً:
قارُروة ذات مِسْك عند ذي لَطَفٍ،
من الدَّنانيرِ، كالُوها بمِثْقال
فإِما أَن يكون هذا وَضْعاً، وإِما أَن يكون على النسب لأَن الكَيْل
والوزن سواء في معرِفة المَقادير. ويقال: كِلْ هذه الدراهمَ، يريدون زِنْ.
وقال مُرَّة: كُلُّ ما وزن فقد كِيلَ.
وهما يتَكايَلان أَي يتَعارَضان بالشَّتْم أَو الوَتْرِ؛ قالت امرأَة من
طيِّءٍ:
فيَقْتل خيراً بامرِئٍ لم يكن له
نِواءٌ، ولكن لا تَكَايُلَ بالدَّمِ
قال أَبو رِياش: معناه لا يجوز لك أَن تقتل إِلاَّ ثأْرَك ولا تعتبر فيه
المُساواة في الفضل إِذا لم يكن غيره. وكايَل الرجلُ صاحبَه: قال له مثل
ما يقول أَو فَعَل كفعله. وكايَلْته وتكايَلْنا إِذا كالَ لَكَ وكِلْتَ
له فهو مُكائِل، بالهمز. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه نَهَى عن
المُكايَلة وهي المُقايَسة بالقَوْل والفعل، والمراد المُكافأَة بالسُّوءِ
وتركُ الإِغْضاء والاحتمالِ أَي تقول له وتفعَل معه مثل ما يقول لك ويفعل
معك، وهي مُفاعلة من الكَيْل، وقيل: أَراد بها المُقايَسة في الدِّين وترك
العمل بالأَثر. وكالَ الزَّنْدُ يَكِيلُ كَيْلاً: مثل كَبا ولم يخرِج
ناراً فشبه مؤخَّر الصفوف
(* قوله «فشبه مؤخر الصفوف إلى قوله من كان فيه»
هكذا في الأصل هنا، وقد ذكره ابن الاثير عقب حديث دجانة، ونقله المؤلف
عنه فيما يأتي عقب ذلك الحديث ولا مناسبة له هنا فالاقتصار على ما يأتي
احق) في الحرب به لأَنه لا يُقاتِل مَن كان فيه.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: المِكْيال مِكْيال أَهل
المدينة والمِيزانُ مِيزانُ أَهلِ مكة؛ قال أَبو عبيدة: يُقال إِن هذا
الحديث أَصل لكل شيء من الكَيْل والوَزْن، وإِنما يأْتَمُّ الناس فيهما
بأَهل مكة وأَهل المدينة، وإِن تغيَّر ذلك في سائر الأَمصار، أَلا ترى أَن
أَصل التمر بالمدينة كَيْلٌ وهو يُوزَن في كثير من الأَمصار، وأَنَّ
السَّمْن عندهم وَزْن وهو كَيْل في كثير من الأَمصار؟ والذي يعرف به أَصل
الكَيْل والوَزْن أَن كل ما لَزِمه اسم المَخْتوم والقَفِيزِ والمَكُّوكِ
والمُدِّ والصاعِ فهو كَيْل، وكلُّ ما لزمه اسم الأَرْطالِ والأَواقيِّ
والأَمْناءِ فهو وزن؛ قال أَبو منصور: والتمر أَصله الكَيْل فلا يجوز أَن يباع
منه رِطْل برطل ولا وزن بوزن، لأَنه إِذا رُدَّ بعد الوزن إِلى الكيل
تَفاضَل، إِنما يُباع كَيْلاً بكَيْل سواء بسواء، وكذلك ما كان أَصله
مَوْزُوناً فإِنه لا يجوز أَن يُباع منه كَيْل بكَيْل، لأَنه إِذا رُدَّ إِلى
الوزن لم يؤْمن فيه التَّفاضُل، قال: وإِنما احتيج إِلى هذا الحديث لهذا
المعنى، ولا يتَهافت الناس في الرِّبَا الذي نَهَى الله عز وجل عنه، وكل
ما كان في عَهْد النبي، صلى الله عليه وسلم، بمكة والمدينة مَكِيلاً فلا
يُباعُ إِلا بالكَيْل، وكل ما كان بها مَوْزُوناً فلا يُباع إِلا بالوزن
لئلا يدخله الرِّبا بالتَّفاضُل، وهذا في كل نوع تتعلق به أَحكام الشرع
من حقوق الله تعالى دون ما يَتعامل به الناسُ في بِياعاتِهم، فأَما
المِكْيال فهو الصاع الذي يتعلَّق به وُجوب الزكاة والكفارات والنفقات وغير
ذلك، وهو مقدر بكيل أَهل المدينة دون غيرها من البُلْدان لهذا الحديث، وهو
مِفْعال من الكَيْل، والميم فيه للآلة؛ وأَما الوَزْن فيريد به الذهب
والفضة خاصة لأَن حق الزكاة يتعلَّق بهما، ودِرْهمُ أَهلِ مكة ستة دَوانيق،
ودراهم الإِسلام المعدَّلة كل عشرة دراهم سبعة مَثاقيل، وكان أَهلُ
المدينة يتَعاملون بالدراهم عند مَقْدَمِ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، بالعَدَدِ فأَرْشَدَهم إِلى وزن مكة، وأَما الدنانير فكانت تحمل إِلى
العرب من الرُّوم إِلى أَن ضَرَبَ عبدُ الملك بن مَرْوان الدينار في
أَيامه، وأَما الأَرطالُ والأَمْناءُ فللناس فيها عادات مختلفة في البُلْدان
وهم مُعاملون بها ومُجْرَوْن عليها.
والكَيُّولُ: آخِرُ الصُّفوفِ في الحرب، وقيل: الكَيُّول مؤخر الصفوف؛
وفي الحديث: أَن رجلاً أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو يقاتِلُ
العدوَّ فسأَله سيفاً يقاتِل به فقال له: فلَعَلَّك إِن أَعطيتك أَن تقوم في
الكَيُّول، فقال: لا، فأَعطاه سيفاً فجعل يُقاتِل وهو يقول:
إِنِّي امْرُؤٌ عهَدَني خَلِيلي
أَن لا أَقومَ الدَّهْرَ في الكَيُّولِ
أَضْرِبْ بسيفِ الله والرسولِ،
ضَرْبَ غُلامٍ ماجدٍ بُهْلولِ
فلم يزل يقاتِل به حتى قُتِل. الأَزهري: أَبو عبيد الكَيُّولُ هو مؤخر
الصفوف، قال: ولم أَسمع هذا الحرف إِلا في هذا الحديث، وسكن الباءَ في
أَضْرِبْ لكثرة الحركات. وتَكَلَّى الرجلُ أَي قام في الكَيُّول، والأَصل
تَكَيَّل وهو مقلوب منه؛ قال ابن بري: الرجَز لأَبي دُجَانَةَ سِمَاك بن
خَرَشَةَ؛ قال ابن الأَثير: الكَيُّول، فَيْعُول، من كالَ الزندُ إِذا
كَبَا ولم يخرج ناراً، فشبَّه مؤخَّر الصفوف به لأَن مَنْ كان فيه لا
يُقاتِل، وقيل: الكَيُّول الجَبَان؛ والكَيُّول: ما أَشرف من الأَرض، يُريد
تقومُ فوقَه فتنظر ما يصنع غيرك. أَبو منصور: الكَيُّول في كلام العرب ما خرج
من حَرِّ الزَّنْد مُسْوَدّاً لا نار فيه.
الليث: الفرس يُكايِل الفرس في الجَرْي إِذا عارَضه وباراه كأَنه يَكِيل
له من جَرْيهِ مثل ما يَكِيل له الآخر. ابن الأَعرابي: المُكَايلة أَن
يتَشاتَم الرجلان فيُرْبِي أَحدهما على الآخر، والمُواكلة أَن يُهْدِيَ
المُدانُ للمَدِينِ ليُؤخِّر قضاءه. ويقال: كِلْتُ فلاناً بفلانٍ أَي
قِسْتُه به، وإِذا أَردْت عِلْمَ رجل فكِلْهُ بغيره، وكِلِ الفرسَ بغيره أَي
قِسْه به في الجَرْي؛ قال الأَخطل:
قد كِلْتُموني بالسَّوابِقِ كُلِّها،
فَبَرَّزْتُ منها ثانياً من عِنَانِيَا
أَي سبقتها وبعض عِناني مَكْفوف.
والكِيَالُ: المُجاراة؛ قال:
أُقْدُرْ لنَفْسِكَ أَمْرَها،
إِن كان من أَمْرٍ كِيَالَهْ
وذكر أَبو الحسن بن سيده في أَثناء خُطْبة كتابه المحكم مما قَصَدَ به
الوَضْعَ من ابن السكيت فقال: وأَيُّ مَوْقِفةٍ أَخْزَى لِواقِفِها من
مقامة أَبي يوسف يعق بن إِسحق السكيت مع أَبي عثمان المازني بين يدي
المتوكِّل جعفر؟ وذلك أَن المتوكل قال: يا مازني سل يعقوب عن مسأَلة من النحو،
فَتَلَكَّأَ المازني عِلْماً بتأَخر يعقوب في صناعة الإِعراب، فعَزَم
المتوكل عليه وقال: لا بدَّ لك من سؤاله، فأَقبل المازني يُجْهِد نفسه في
التلخيص وتَنكُّب السؤال الحُوشِيِّ العَوِيص، ثم قال: يا أَبا يوسف ما
وَزْن نَكْتَلْ من قوله عز وجل: فأَرْسِلْ معنا أَخانا نَكْتَلْ، فقال له:
نَفْعَل؛ قال: وكان هناك قوم قد علموا هذا المِقْدار، ولم يُؤْتَؤْا من
حَظِّ يعقوب في اللغة المِعْشار، ففاضوا ضَحِكاً، وأَداروا من اللَّهْو
فَلَكاً، وارتفع المتوكِّل وخرج السِّكِّيتي والمازني، فقال ابن السكيت: يا
أَبا عثمان أَسأْت عِشْرَتي وأَذْويْتَ بَشَرتي، فقال له المازني: والله
ما سأَلتُك عن هذا حتى بحثت فلم أَجد أَدْنى منه مُحاوَلاً، ولا أَقْرَب
منه مُتَناوَلاً.
حمق: الحُمْقُ: ضدّ العَقْل. الجوهري: الحُمْقُ والحُمُقُ قلة العقل،
حَمُقَ يَحْمُق حُمْقاً وحُمُقاً وحَماقةٌ
وحمِقَ وانْحَمَقَ واسْتَحَمَقَالرجل إِذا فَعَلَ فِعْلَ
الحَمْقَى. ورجل أَحمقُ وحَمِقٌ بمعنى واحد؛ قال رؤبة:
أَلَّفَ شَتَّى ليس بالراعي الحَمِقْ
الجوهري: حَمِقَ، بالكسر، يَحْمَقُ حُمْقاً مثل غَنِمَ يَغُنَمُ
غُنْماً، فهو حَميقٌ؛ قال يزيد بن الحكَم الثَّقَفي:
قد يُقْتِرُ الحُوَلُ التَّقِيُّ،
ويُكْثِرُ
الحَمِقُ الأَثِيمُ
(* قوله «الحول» في القاموس: رجل حول كصرد: كثير
الاحتيال).
وعَمرو بن الحَمِق الخُزاعِيّ، وقومٌ ونِسوة حُمق وحَمْقى وحَماقى. ابن
سيده: حَمْقَى بَنَوْه على فَعْلى لأَنه شيء أُصِيبوا به كما قالوا
هَلْكَى، وإِن كان هالِك لفظَ فاعل، وقالوا: ما أَحْمقَه، وقع التعجب فيها بما
أَفْعلَه وإِن كانت كالخُلُقِ، وحكى سيبويه حُمْقان، قال: فلا أَدري
أَهي صيغة بناها كخَبَط فرَقَدَ أَم لفظة عربية. وأَتاه فأَحْمَقَه: وجده
أَحمقَ. وأَحمقَ به: ذكره بحُمق. وحَمَّقْتُ
الرجل تَحْمِيقاً: نسبتُه إلى الحُمْقِ، وحامَقْتُه
إِذا ساعدْته على حُمْقِه، واستحمقْته أَي عددته أَحمَقَ؛ ومنه حديث ابن
عمر في طلاق امرأَته: أَرأَيتَ إِن عَجَز واستحمق؛ يقال: استحمق الرجل
إِذا فعَلِ فِعل الحَمْقَى. واستحمقْتُه: وجدته أَحمق، فهو لازم ومُتعدّ
مثل اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ؛ ويروى: اسْتُحْمِقَ، على ما لم يسمّ فاعله،
والأَوّل أَولى ليُزاوِجَ عَجَز: وتَحامقَ فلان إِذا تكلَّف الحَماقة؛
الأَزهري: وسئل أَبو العباس عن قول الشاعر:
إِنَّ للحُمْقِ نِعْمةً في رِقابِ النَّـ
ـاس تَخْفَى على ذَوي الأَلبْابِ
قال: وسئل بعض البُلغاء عن الحُمق فقال: أَجْوَدُه حَيْرةٌ؛ قال: ومعناه
أَنَّ الأَحْمق الذي فيه بُلْغةٌ
يُطاوِلُك بحُمْقه فلا تَعْثُر على حُمْقه إِلا بعد مِراسٍ طويل.
والأَحمقُ: الذي لا مَلاوِمَ فيه ينكشِف حُمْقُه سريعاً فتستريحُ منه ومن
صُحْبته، قال: ومعنى البيت مُقدَّم ومؤخَّر كأَنه قال إِن للحُمْقِ نعمة في
رقاب العُقلاء تَغِيب وتخفى على غيرهم من سائر الناس لأَنهم أَفْطَن
وأَذْكَى من غيرهم. وفي حديث ابن عباس: يَنطَلِقُ أَحدكم فيركب الحَمُوقةَ؛ هي
فَعولةٌ من الحُمْقِ، أَي خَصْلةً ذات حُمْقٍ. وحقيقة الحُمق: وضع الشيء
في غير موضعه مع العلم بقُبْحه. وفي الحديث الآخَر مع نَجْدة الحَرُوريّ:
لوْلا أَن يقعَ في أُحْموقةٍ ما كتبت إِليه، هو منه. وأَحمقَ
الرجل والمرأَة: ولَدا الحَمْقَى؛ وامرأَة مُحْمِقٌ ومُحْمِقة، الأَخيرة
على الفعْل؛ قال بعض نساء العرب:
لست أُبالي أَن أَكُونَ مُحْمِقَهْ،
إِذا رأَيتُ خُصْيةً مُعَلَّقهْ
تقول: لا أُبالي أَن أَلد أَحْمَقَ
بعد أَن يكون الوَلد ذكراً له خُصية مُعلَّقة، وقد قيل في هذا المعنى
حَمِقةٌ على النسب كطَعِمٍ وعَمِلٍ، والأَكثر ما تقدَّم، وإِن كان من عادة
المرأَة أَن تلد الحَمْقَى فهي مِحْماقٌ. والأُحْموقةُ: مأْخوذ من الحُمق.
والمُحْمِقاتُ من الليالي: التي يَطلعُ القمر فيها ليلة كلَّه فيكون في
السماء ومن دونه سَحاب، فترى ضَوءاً ولا ترى قمراً،فتظُنُّ أَنك قد
أَصبحت وعليك ليل، مشتقّ من الحُمْق. وفي المثل: غَرُّوني غُرُورَ
المُحْمِقات. ويقال: سِرْنا في ليال مُحمِقات إِذا استتر القمر فيها
بغيم أَبيض فيسير الراكب ويظن أَنه قد أَصبح حتى يَملَّ، قال: ومنه أُخذ اسم
الأَحْمق لأَنه يغُرك في أَول مجلسه بتَعاقُلِه، فإِذا انتهى إِلى آخر
كلامه تبيَّن حمقه فقد غرك بأَول كلامه.
والبَقْلة الحَمْقاء: هي الفَرْفَخةُ؛ ابن سيده؛ البَقْلةُ الحمقاء التي
تسميها العامة الرِّجْلة لأَنها مُلْعِبةٌ، فشُبِّهت بالأَحمق الذي
يَسيل لُعابُه، وقيل: لأَنها تَنْبُت في مَجْرَى السيُّول.
والحُمَيْقاء: الخمر لأَنها تُعْقب شاربها الحُمْق. قال ابن بري: حكى
ابن الأَنباري أَنه يقال: حَمَّقَ
الرجلُ إِذا شرِب الحُمْقَ، وهي الخمر؛ وأَنشد للنَّمِر بن تَوْلَب:
لُقَيْمُ بن لُقْمانَ مِن أُخْتِه،
وكان ابنَ أُخْتٍ له وابْنَما
عَشِيّةَ حَمَّقَ فاسْتَحْضَنَتْ
إِليه، فَجامَعها مُظْلِما
قال: وأَنكر أَبو القاسم الزجّاجي ذلك، قال: ولم يذكر أَحد أَن الحُمقِ
من أَسماء الخَمر، قال: والوراية في البيت حُمِّقَ على ما لم يسم فاعله.
وقال ابن خالويه: حَمَّقَتْه الهَجْعةُ أَي جَعلته كالأَحْمق؛ وأَنشد:
كُفِيتُ زَمِيلاً حَمَّقَتْه بهَجْعةٍ،
على عَجَلٍ، أَضْحَى بها، وهو ساجِدُ
والباء في بِهَجْعة زائدة وموضعها رفع. وفرس مُحْمِقٌ: نِتاجُها لا
يُسْبَق؛ قال الأَزهري: لا أَعرف المُحمِق بهذا المعنى، والأَحْمقُ
مأْخوذ من انْحِماق السُّوق إِذا كَسَدت فكأَنه فَسَدَ عقلُه حتى
كَسَدَ. ابن الأَعرابي: الحُمْقُ أَصله الكَسادُ. ويقال: الأَحمقُ
الكاسِدُ العقْلِ، قال: والحُمق أَيضاً الغرور. وانْحَمق الثوبُ:
أَخْلَق. ونامَ الثوبُ في الحُمْق: أَخْلَقَ. ونامَ الثوبُ في الحُمْق
وانْحَمق الرجل: ضعُف عن الأَمر؛ قال:
والشيْخُ يُضْرَبُ أَحيْاناً فيَنْحَمِقُ
قال ابن بري: وقال الكِناني:
يا كَعْبُ، إِنَّ أَخاكَ مُنْحمِقٌ،
فاشْدُدْ إِزارَ أَخِيكَ يا كَعْبُ
والحَمِقُ: الخَفيفُ اللِّحيةِ، وبه سمي عَمرو بن الحَمِق، قتله أَصحاب
مُعاوِيةَ ورأْسُه أَوَّلُ رأْس حُمِل في الإِسلام.
والحُماقُ
والحَماق والحُمَيْقاء: مثل الجُدَرِيِّ الذي يُصِيب الإنسان
يَتَفَرَّقُ في الجسد، وقال اللحياني: هو شيء يخرج بالصبيان وقد حُمِقَ. الجوهري:
الحُماقُ مثل السُّعال كالجُدَرِيّ يُصيب الإِنسان، ويقال منه رجل
مَحْمُوقٌ. والحُماقُ والحَمِيقُ والحَمَقِيقُ: نبت. الأَزهري: الحُماق نبت
ذكرتْه أُمّ الهيثم، قال: وذكر بعضهم أَن الحَمَقِيقَ نبت، وقال الخليل: هو
الهَمَقِيقُ. الأَزهري: انْحَمَقَ الطَّعام انْحِماقاً ومأَقَ مُؤُوقاً
إِذا رَخُص.
والحُمَيْمِيقُ: طائر يصيد العَظاء والجَنادِب ونحوهما.
فقا: الفَقْوُ: شيء أَبيض يخرج من النفساء أَو الناقة الماخض، وهو غلافٌ
فيه ماء كثير، والذي حكاه أَبو عبيد فَقْء، بالهمز، والفَقْوُ: موضع.
والفَقا: ماء لهم؛ عن ثعلب. وفقَوْتُ الأَثر: كقَفَوْته؛ حكاه يعقوب في
المقلوب. وفُقا النَّبْلِ، مقلوب: لغة في فُوقِها؛ قال الفِندُ
الزِّمّاني:ونَبْلي وفُقاها، كـ
ـعَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
ذكره ابن سيده في ترجمة فوق. الجوهري: فُقْوةُ السهم فُوقُه، والجمع
فُقاً؛ ابن بري: ذكر أَبو سعيد السيرافي في كتابه أَخبار النحويين أَن أَبا
عمرو بن العلاء قال: أَنشدني هذه الأَبيات الأَصمعي لرجل من اليمن ولم
يسمه، قال: وسماه غيره فقال هي لامرئ القيس بن عابس، وأَنشد:
أَيا تَمْلِكُ، يا تَمْلِ
ذَريني، وذَري عَذْلي
ذَرِيني وسِلاحي ثم
شُدِّي الكَفَّ بالعُزْلِ
ونَبلي وفُقاها، كـ
ـعراقيب قطاً طُحْلِ
وثَوبايَ جَدِيدان،
وأَرْخِي شُرُكَ النَّعْلِ
ومِنِّي نَظْرةٌ خَلْفِي،
ومِنِّي نَظْرةٌ قَبْلي
أَي أَفهم ما حضر وغاب.
فإِمَّا مُتُّ يا تَمْلِ،
فَمُوتي حُرَّةً مِثْلي
قال أَبو عمرو: وزادني فيها الجمحي:
وقد أَشْنَأُ للنُّدْما
نِ بالناقةِ والرَّحْلِ
وقد أَخْتَلِسُ الضَّرْبـ
ـةَ، لا يَدْمى لها نَصْلي
وقد أَخْتَلِسُ الطَّعْنَـ
ـةَ، تَنْفِي سَنَن الرَّحْلِ
(* قوله« الرحل» كذا في الأصل هنا بالحاء المهملة، وتقدمت في دفنس
بالجيم.)كجَيْب الدِّفْنِسِ الوَرْها
ء ريعَتْ، وهْيَ تَسْتَفْلي
وقوله: تنفي سَنَن الرحل أَي يخرج منها من الدم ما يمنع سَنَن الطريق؛
وقال يزيد بن مُفَرِّغ:
لقد نَزَعَ المُغِيرةُ نَزْعَ سَوْءٍ،
وغَرَّقَ في الفُقا سَهْماً قَصِيرا
وفي حديث المُلاعنة: فأَخذت بفَقْوَيه، قال: كذا جاء في بعض الروايات،
والصواب بفَقْمَيْه أَي حنكيه، وقد تقدم.
نعر: النُّعْرَةُ والنُّعَرَةُ: الخَيْشُوم، ومنها يَنْعِرُ النَّاعِرُ.
والنَّعْرَةُ: صوتٌ في الخَيْشُوم؛ قال الراجز:
إِني وربِّ الكَعْبَةِ المَسْتُورَه،
والنَّعَراتِ من أَبي مَحْذُورَه
يعني أَذانه. ونَعَرَ الرجلُ يَنْعَرُ ويَنْعِرُ نَعِيراً ونُعاراً:
صاحَ وصَوَّتَ بخيشومه، وهو من الصَّوْتِ. قال الأَزهري: أَما قول الليث في
النَّعِيرِ إِنه صوت في الخيشوم وقوله النُّعَرَةُ الخيشومُ، فما سمعته
لأَحد من الأَئمة، قال: وما أَرى الليث حفظه.
والنَّعِيرُ: الصِّياحُ. والنَّعِيرُ: الصُّراخُ في حَرْب أَو شَرّ.
وامرأَة نَعَّارَةٌ: صَخَّابَةٌ فاحشة، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر.
ويقال: غَيْرَى نَعْرَى للمرأَة؛ قال الأَزهري: نَعْرَى لا يجوز أَن يكون
تأْنيث نَعْرانَ، وهو الصَّخَّابُ، لأَن فَعْلانَ وفَعْلى يجيئان في باب
فَعِلَ يَفْعَلُ ولا يجيئان في باب فَعَلَ يَفْعِلُ.
قال شمر: النَّاعِرُ على وجهين: النَّاعِرُ المُصَوِّتُ والنَّاعِرُ
العِرْقُ الذي يسيل دماً. ونَعَرَ عِرْقُه يَنْعِرُ نُعوراً ونَعِيراً، فهو
نَعَّارٌ ونَعُورٌ: صَوَّتَ لخروج الدم؛ قال العجاج:
وبَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ،
قَضْبَ الطَّبِببِ نائِطَ المَصْفُورِ
وهذا الرجز نسبه الجوهري لرؤبة؛ قال ابن بري: وهو لأَبيه العجاج، ومعنى
بَجَّ شَقَّ، يعني أَن الثور طعن الكلبَ فشق جلده. والعَانِدُ: العرق
الذي لا يَرْقَأُ دَمُه. وقوله قَضْبَ الطبيب أَي قَطْعَ الطبيب النائطَ وهو
العرق. والمصفور: الذي به الصُّفَارُ، وهو الماء الأَصفر. والنَّاعُورُ:
عِرْقٌ لا يرقأُ دمه. ونَعَرَ الجُرْحُ بالدم يَنْعَرُ إِذا فار.
وجُرْحٌ نَعَّارٌ: لا يرفأُُ. وجُرْحٌ نَعُورٌ: يُصَوِّت من شدّة خروج دمه منه.
ونَعَرَ العرقُ يَنْعَرُ، بالفتح فيهما، نَعْراً أَي فار منه الدم؛ قال
الشاعر:
صَرَتْ نَظْرَةً لو صادَفَتْ جَوْزَ دَارِعٍ
غَدَا، والعَواصِي من دَمِ الجَوْفِ تَنْعَرُ
وقال جندل بن المثنى:
رأَيتُ نيرانَ الحُروبِ تُسْعَرُ
منهم إِذا ما لُبِسَ السَّنَوَّرُ،
ضَرْبٌ دِرَاكٌ وطِعانٌ يَنْعَرُ
ويروى يَنْعِرُ، أَي واسع الجراحات يفور منه الدم. وضربٌ دِراكٌ أَي
متتابع لا فُتُور فيه. والسَّنَوَّرُ: الدروع، ويقال: إِنه اسم لجميع
السلاح؛ وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أَعوذ بالله من شَرِّ عِرْقٍ نَعَّارٍ،
من ذلك. ونَعرَ الجُرْحُ يَنْعَرُ: ارتفع دمه. ونَعَر العِرْقُ بالدم،
وهو عِرْقٌ نَعَّارٌ بالدم: ارتفع دمه. قال الأَزهري: قرأَت في كتاب أَبي
عمر الزاهد منسوباً إِلى ابن الأَعرابي أَنه قال: جرح تَعَّارٌ، بالعين
والتاء، وتَغَّارٌ، بالغين والتاء، ونَعَّارٌ، بالعين والنون، بمعنى واحد،
وهو الذي لا يَرْقَأُ، فجعلها كلها لغات وصححها.
والنُّعَرَةُ: ذبابٌ أَزْرَقُ يدخل في أُنوف الحمير والخيل، والجمع
نُعَرٌ. قال سيبويه: نُعَرٌ من الجمع الذي لا يفارق واحده إِلاَّ بالهاء، قال
ابن سيده: وأُراه سمع العرب تقول هو النُّعَرُ، فحمله ذلك على أَن
تأَوَّل نُعَراً في الجمع الذي ذكرنا، وإِلاَّ فقد كان توجيهه على التكسير
أَوْسَعَ. ونَعِرَ الفرسُ والحمارُ يَنْعَرُ نَعَراً، فهو نَعِرٌ: دخلت
النُّعَرَةُ في أَنفه؛ قال امرؤُ القيس:
فَظَلَّ يُرَنِّحُ في غَيْطَلٍ،
كما يَسْتَدِيرُ الحِمارُ النَّعِرْ
أَي فظل الكلب لما طعنه الثور بقرنه يستدير لأَلم الطعنة كما يستدير
الحمار الذي دخلت النُّعَرَةُ في أَنفه. والغَيْطَلُ: الشجر، الواحدة
غَيْطَلَةٌ. قال الجوهري: النُّعَرَةُ، مثال الهُمَزَةِ، ذباب ضخم أَزرق العين
أَخضر له إِبرة في طرف ذنبه يلسع بها ذوات الحافر خاصة، وربما دخل في
أَنف الحمار فيركب رأْسه ولا يَرُدُّه شيء، تقول منه: نَعِرَ الحمار،
بالكسر، يَنْعَرُ نَعَراً، فهو حمار نَعِرٌ، وأَتانٌ نَعِرَةٌ، ورجل نَعِرٌ: لا
يستقر في مكان، وهو منه. وقال الأَحمر: النُّعَرَةُ ذبابة تسقط على
الدواب فتؤذيها؛ قال ابن مقبل:
تَرَى النُّعَراتِ الخُضْرَ حَوْلَ لَبَانِهِ،
أُحادَ ومَثْنَى، أَصْعَقَتْها صَواهِلُه
أَي قتلها صيهله. ونَعَرَ في البلاد أَي ذَهَب. وقولهم: إِن في رأْسه
نُعَرَةً أَي كِبْراً. وقال الأُمَوِيُّ: إِن في رأْسه نَعَرَةً، بالفتح،
أَي أَمْراً يَهُمُّ به. ويقال: لأُطِيرَنَّ نُعَرَتَكَ أَي كبرك وجهلك من
رأْسك، والأَصل فيه أَنَّ الحمار إِذا نَعِرَ رَكِب رأْسَه، فيقال لكل
من رَكِبَ رأْسَه: فيه نُعَرَةٌ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا أُقْلِعُ
عنه حتى أُطِيرَ نُعَرَتَهُ، وروي: حتى أَنْزِعَ النُّعَرَةَ التي في
أَنفه؛ قال ابن الأَثير: هو الذباب الأَزرق ووصفه وقال: ويَتَولََّعُ بالبعير
ويدخل في أَنفه فيركب رأْسَه، سميت بذلك لنَعِيرِها وهو صوتها، قال: ثم
استعيرت للنَّخْوَةِ والأَنَفَةِ والكِبْرِ أَي حتى أُزيل نَخْوَتَهُ
وأُخْرِجَ جهله من رأْسه، أَخرجه الهروي من حديث عمر، رضي الله عنه، وجعله
الزمخشري حديثاً مرفوعاً؛ ومنه حديث أَبي الدرداء، رضي الله عنه: إِذا رأَيت
نُعَرَةَ الناس ولا تستطيع أَن تُغَيِّرَها فدَعْها حتى يكون الله يغيرها
أَي كِبْرَهُمْ وجهلهم، والنُّعَرَةُ والنُّعَرُ: ما أَجَنَّتْ حُمُرُ
الوحش في أَرحامها قبل أَن يتم خلقه، شبه بالذباب، وقيل: إِذا استحالت المضغة
في الرحم فهي نُعَرَةٌ، وقيل: النُّعَرُ أَولاد الحوامل إِذا صَوَّتَتْ،
وما حملت الناقةُ نُعَرَةً قط أَي ما حملت ولداً؛ وجاءَ بها العَجَّاجُ
في غير الجَحْدِ فقال:
والشَّدنِيَّات يُسَاقِطْنَ النُّعَرْ
(* قوله« والشدنيات» الذي تقدم: كالشدنيات، ولعلهما روايتان.)
يريد الأَجنة؛ شبهها بذلك الذباب. وما حملت المرأَة نُعَرَةً قط أَي
ملقوحاً؛ هذا قول أَبي عبيد، والملقوح إِنما هو لغير الإِنسان. ويقال
للمرأَة ولكل أُنثى: ما حملت نُعَرَةً قط، بالفتح، أَي ما حملت ملقوحاً أَي
ولداً. والنُّعَرُ ريح تأْخذ في الأَنف فَتَهُزُّهُ.
والنَّعُورُ من الرياح: ما فاجَأَكَ بِبَرْدٍ وأَنت في حَرٍّ، أَو
بحَرٍّ وأَنت في بَرْدٍ؛ عن أَبي علي في التذكرة. ونَعَرَتِ الريحُ إِذا
هَبَّتْ مع صوت، ورياح نَواعِرُ وقد نَعَرَتْ نُعاراً. والنَّعْرَةُ من
النَّوْءِ إِذا اشتدَّ به هُبُوبُ الريح؛ ومنه قوله:
عَمِل الأَنامِل ساقِط أَرْواقُه
مُتَزَحِّر، نَعَرَتْ به الجَوْزاءُ
والنَّاعُورَةُ: الدُّولابُ. والنَّاعُورُ: جَنَاحُ الرَّحَى.
والنَّاعُورُ: دَلْوٌ يستقى بها. والنَّاعُورُ: واحد النَّواعِير التي يستقى بها
يديرها الماءُ ولها صوتٌ. والنُّعَرَةُ: الخُيَلاءُ. وفي رأْسه نُعرَةٌ
ونَعَرَةٌ أَي أَمْرٌ يَهُمُّ به. ونِيَّةٌ نَعُورٌ: بعيدة؛ قال:
ومنتُ إِذا لم يَصِرْنِي الهَوَى
ولا حُبُّها، كان هَمِّي نَعُورَا
وفلان نَعِيرُ الهَمّ أَي بَعِيدُه. وهِمَّةٌ نَعُورٌ: بعيدةٌ.
والنَّعُورُ من الحاجات: البعيدة. ويقال: سَفَرٌ نَعُورٌ إِذا كان بعيداً؛ ومنه
قول طرفة:
ومِثْلِي، فاعْلَمِي يا أُمَّ عَمرٍو،
إِذا ما اعْتادَهُ سَفَرٌ نَعُورُ
ورجل نَعَّارٌ في الفتن: خَرَّاجٌ فيها سَعَّاءٌ، لا يراد به الصوتُ
وإِنما تُعْنَى به الحركةُ. والنَّعَّارُ أَيضاً: العاصي؛ عن ابن الأَعرابي.
ونَعَرَ القومُ: هاجوا واجتمعوا في الحرب. وقال الأَصمعي في حديث ذكره:
ما كانت فتنةٌ إِلاَّ نَعَرَ فيها فلانٌ أَي نَهَضَ فيها. وفي حديث
الحَسَنِ: كلما نَعَرَ بهم ناعِرٌ اتَّبَعُوه أَي ناهِضٌ يدعوهم إِلى الفتنة
ويصيح بهم إِليها. ونَعَر الرجل: خالف وأَبى؛ وأَنشد ابن الأَعرابي
للمُخَبَّلِ السَّعْدِي:
إِذا ما هُمُ أَصْلَحُوا أَمرَهُمْ،
نَعَرْتَ كما يَنْعَرُ الأَخْدَعُ
يعني أَنه يفسد على قومه أَمرهم، ونَعْرَةُ النَّجْمِ: هُبُوبُ الريح
واشتداد الحر عند طلوعه فإِذا غرب سكن. ومن أَين نَعَرْتَ إِلينا أَي
أَتيتنا وأَقبلت إِلينا؛ عن ابن الأَعرابي. وقال مرة: نَعَرَ إِليهم طَرَأَ
عليهم.
والتَّنْعِيرُ: إِدارة السهم على الظفر ليعرف قَوامه من عِوَجه، وهكذا
يَفْعَلُ من أَراد اختبار النَّبْلِ، والذي حكاه صاحب العين في هذا إِنما
هو التَّنْفِيزُ.
والنُّعَرُ: أَوَّل ما يُثْمِرُ الأَراكُ، وقد أَنْعَرَ أَي أَثْمر،
وذلك إِذا صار ثمره بمقدار النُّعَرَةِ.
وبنو النَّعِير: بطن من العرب.