تصغير هند، والهنيدة المائة من الإبل:
وهو حصن بناه سليمان، عليه السّلام.
هدم: الهَدْمُ: نَقِيضُ البناء، هَدَمَه يَهْدِمُه هَدْماً وهَدَّمه
فانْهَدَمَ
وتَهَدَّمَ وهَدَّمُوا بُيوتهم، شُدِّدَ للكثرة. ابن الأَعرابي:
الهَدْمُ قَلْعُ ا لمَدَرِ، يعني البيوت، وهو فِعْلٌ مُجاوزٌ، والفِعلُ
اللازم منه الانْهِدامُ. ويقال: هَدَمَه ودَهْدَمَه بمعنى واحد؛ قال
العجاج:
وما سُؤالُ طَلَلٍ وأَرْسُمِ،
والنُّؤْيِ بعدَ عَهْدِه المُدَهْدَمِ
يعني الحاجزَ حولَ البيت إِذا تَهَدَّم. والهَدَمُ، بالتحريك: ما
تَهدَّم من نواحي البئر فسقط في جَوْفِها؛ قال يصف امرأَة فاجرةً:
تَمْضي، إِذا زُجِرَتْ عن سَوْأَةٍ، قُدُماً،
كأَنها هَدَمٌ في الجَفْرِ مُنْقاضُ
والأَهْدَمانِ: أَن يَنْهارَ عليكَ بناءٌ أَو تقعَ في بئرٍ أَو
أُهْوِيَّة. وقوله في الحديث: اللهمّ إِني أَعوذُ بك منَ الأَهْدَمَينِ؛ قيل في
تفسيره: هو أَن يَنْهَدِمَ على الرجل بناءٌ أَو يقعَ في بئرٍ؛ حكاه
الهرويّ في الغريبين، قال ابن سيده: ولا أَدري ما حقيقتُه؛ قال ابن الأَثير: هو
أَن ينهارَ
عليه بناءٌ أو يقعَ في بئرٍ أَو أُهْوِيّة. والأَهْدَمُ. أَفْعَلُ
من الهَدَم: وهو ما تَهَدَّمَ من نواحي البئر فسقط فيها. وفي حديث
الشهداء: وصاحبُ الهَدَمِ
شهيدٌ؛ الهَدَمُ، بالتحريك: البناءُ المَهْدُومُ، فَعَلٌ بمعنى مفعول،
وبالسكون الفِعْلُ نفْسُه؛ ومنه الحديث: مَن هَدَمَ بُنْيانَ رَبِّه فهو
مَلْعونٌ أَي مَنْ قَتَلَ النفَّسَ المُحرَّمة لأَنها بُنيانُ اللهِ
وتَرْكِيبُه. وقالوا: دَمُنا دَمُكم وهَدَمُنا هَدَمُكم أَي نحن شيءٌ واحدٌ في
النُّصْرة تَغْضَبون لنا ونغْضَبُ لكم. وفي الحديث. أَن أَبا الهيثم بن
التَّيِّهان قال لرسولِ
الله، صلى الله عليه وسلم: إِن بيننا وبين القومِ حبالاً ونحن قاطِعوها
فنخشَى إِنِ اللهُ أَعَزَّك وأَظْهَرَكَ أَن ترجعَ إِلى قومِك، فتبَّسم
النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بل الدَّمُ الرَّمُ والهَدَمُ
الهَدَمُ، أَنا منكم وأَنتم مني؛ يُروى بسكون الدال وفتحها، فالهدَم،
بالتحريك: القَبْرُ يعني أُقْبَرُ
حيث تُقْبَرون، وقيل: هو المنزلُ أَي منزِلُكم مَنزِلي، كحديثه الآخر:
المَحْيا مَحْياكم والمماتُ مماتُكم أَي لا أُفارِقُكم. والهَدْم، بالسكون
وبالفتح أَيضاً: هو إِهدارُ
دَمِ القتيلِ؛ يقال: دِماؤهم بينهم هَدْمٌ أَي مُهْدَرةٌ، والمعنى إِن
طُلِب دَمُكم فقد طُلِبَ دَمي، وإِن أُهْدِرَ دَمُكم فقد أُهْدِرَ دَمي
لاستِحكام الأُلْفة بيننا، وهو قولٌ معروف، والعرب تقول: دَمي دَمُك
وهَدَمي هَدَمُك، وذلك عند المُعاهَدةِ والنُّصْرة. وروى الأَزهري عن ابن
الأَعرابي قال: العربُ
تقول دَمي دمُك وهَدَمي هدَمُك؛ هكذا رواه بالفتح، قال: وهذا في
النُّصْرة، والظُّلْم تقول: إِن ظُلِمْتَ فقد ظُلِمْتُ؛ قال وأَنشدني
العُقَيلي:دَماً طَيِّباً يا حَبَّذا أَنت من دَمِ
وكان أَبو عبيدة يقول: هو الهَدَمُ الهَدَمُ واللَّدَمُ اللَّدَمُ أَي
حُرْمتي مع حُرْمتِكم وبَيتي مع بَيْتِكم؛ وأَنشد:
ثم الْحَقي بِهَدَمي ولَدَمي
أَي بأَصلي ومَوْضِعي. وأَصل الهَدَم ما انْهَدَم. يقال: هَدَمْت
هَدْماً، والمَهْدومُ هَدَمٌ، وسمي منزلُ الرجل هَدَماً لانْهِدامِه، وقال
غيره: يجوز أَن يُسمَّى القبرُ
هَدَماً لأَنه يُحْفَر تُرابُه ثم يُرَدُّ،تُرابه فيه، فهو هَدَمٌ،
فكأَنه قال: مَقْبَرِي مَقْبَرُكم أَي لا أَزالُ معكم حتى أَموتَ عندكم. وروى
الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال في الحِلْف: دَمي دمُك إِن قَتَلني
إِنسانٌ طَلَبْتَ بدَمي كما تَطْلُبُ بدَمِ
ولِىِّك أَي ابن عَمِّك وأَخِيك، وهَدَمي هَدَمُك أَي مَنْ هَدَمَ لي
عِزّاً وشَرَفاً فقد هَدَمه منك. وكلُّ من قَتل ولِيِّي، فقد قَتل ولِيَّك،
ومَنْ أَراد هَدْمَك فقد قصَدني بذلك. قال الأَزهري: ومن رواه الدَّمُ
الدَّمُ
والهَدْمُ الهَدْمُ، فهو على قول الحَلِيف تَطْلُب بدَمي وأَنا أَطلبُ
بدَمِك. وما هَدَمْتَ من الدِّماء هَدَمْتُ أَي ما عَفَوْتَ عنه
وأَهْدَرْتَه فقد عفوتُ عنه وتركتُه. ويقال: إِنهم إِذا احْتَلَفوا قالوا هَدَمي
هَدَمُك ودَمي دَمُك وتَرِثُني وأَرِثُك، ثم نسَخ الله بآيات المَواريثِ
ما كانوا يَشْترِطونه من المِيراث في الحِلْف
والهِدْمُ، بالكسر: الثوبُ
الخلَقُ المُرَقَّعُ، وقيل: هو الكِساءُ الذي ضُوعِفت رِقاعُه، وخصَّ
ابنُ الأَعرابي به الكِساءَ الباليَ من الصوفِ
دون الثوبِ، والجمع أَهْدامٌ وهِدَمٌ؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة، وهي
نادرة؛ وقال أَوس بن حجر:
وذات هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها،
تُصْمِتُ بالماءِ تَوْلَباً جَدِعا
قال ابن بري: صوابه وذاتُ، بالرفع، لأَنه معطوف على فاعل قبله؛ وهو:
لِيُبْكِكَ الشَّرْبُ والمُدامةُ والـ
ـفِتْيانُ، طُرّاً، وطامِعٌ طَمِعا
وأَنشد ابن بري لأَبي دُواد:
هَرَقْتُ في صُفْنِه ماءً لِيَشْرَبَه
في داثِرٍ خَلَق الأَعْضادِ أَهْدامِ
وفي حديث عُمر: وقَفَتْ عليه عجوزٌ عَشَمةٌ بأَهْدامٍ؛ الأَِهْدامُ:
الأَخْلاقُ من الثياب. وهَدَمْتُ الثوب إِذا رَقَعته. وفي حديث عليّ:
لبِسْنا أَهْدام البِلى، وروي عن الصَّمُوتيِّ الكلابي وذكرَ حِبَّةَ الأَرض
فقال: تَنْحَلُّ فيأُخُذُ بعضُها رِقابَ بعضٍ فتنطلق هِدَماً كالبُسُطِ.
وشيخٌ هِدْمٌ: على التشبيه بالثوب. أَبو عبيد: الهِدْمُ الشيخ الذي قد
انْحَطَم مثل الهِمِّ. والعجوزُ المُتَهدِّمة: الفانيةُ الهَرِمة. وتَهَدَّم
عليه من الغضب إِذا اشتدَّ غضبُه. وخُفٌّ هِدْمٌ ومُهَدَّمٌ: مثل الثوب؛
قال:
عَليَّ خُفّانِ مُهَدَّمانِ،
مُشْتَبِها الأَنْفِ مُقَعَّمانِ
أَبو سعيد: هَدَّمَ فلانٌ ثوبَه ورَدَّمَه إِذا رَقَّعه؛ رواه ابنُ
الفَرج عنه.
وعجوز مُتَهدِّمةٌ: هَرِمةٌ فانيةٌ، ونابٌ مُتهدِّمة كذلك.
والهَدَمُ: ما بقي من نباتِ عامِ
أَوّلَ، وذلك لِقِدَمِه. وهَدِمَت الناقةُ تَهْدَمُ
هَدَماً وهَدَمةً، فهي هَدِمةٌ من إِبلٍ
هَدامى وهَدِمةٍ ، وتَهَدَّمَت وأَهْدَمت وهي مُهْدِم، كلاهما، إذا
اشتدَّت ضبَعَتُها فياسَرت الفحلَ ولم تُعاسِرْه. وقال بعضهم: الهَدِمةُ
الناقة التي تقع من شدة الضَّبَعةِ؛ قال زيد بن تُرْكِيٍّ الدُّبَيري:
يُوشِكُ أَن يُوجسَ في الأَوْجاسِ
فيها هَديمُ ضَبَعٍ هَوَّاسِ،
إِذا دَعا العُنَّدَ بالأَجْراسِ
قال ابن جني: فيه ثلاث روايات، إِحداها:
فيها هديمُ ضَبَعٍ هَوَّاسُ
ويكون الهَديم هُنا فحلاً وأَضافه إِلى الضَّبَع لأَنه يَهْدَمُ إِذا
ضَبِعَتْ، وهَوَّاس: من نعت هديم؛ الوراية الثانية: هَوَّاسِ، بالخفض على
الجِوار؛ الرواية الثالثة:
فيها هَديمُ ضَبَعٍ هِوَاسِ
وهو الصحيح لأَن الهَوَسَ يكون في النُّوق، وعليه يصحُّ استِشْهادُ
الجوهريّ لأَنه جعل الهَديمَ الناقةَ الضَّبِعَةَ، ويكون هِواسِ بدلاً من
ضبَع، والضَّبَعُ والهِواسُ واحدٌ. وهَديمُ في هذه الأَوجه فاعلٌ ليُوجِسَ
في البيت الذي قبله أَي يُسْرِع أَن يَسمع صوتَ هذا الفحلِ ناقةٌ ضَبِعةٌ
فتَشْتَدَّ ضَبَعَتُها؛ وأَول الأُرجوزة:
مِزْيدُ، يا ابنَ النَّفَر الأَشْواسِ
الشُّمْسِ، بل زادُوا على الشِّماسِ
وفلانٌ يَتَهَدَّمُ عليكَ غَضَباً: مَثَلٌ بذلك. وتهدَّم عليه:
تَوَعَّدَه. ودِماؤهم هَدْمٌ بينهم، بالتسكين، وهَدَمٌ، بالتحريك، أَي هدَرٌ،
وذلك إِذا لم يودوا قاتلَه
(* قوله «إذا لم يودوا قاتله» كذا بالأصل، ولعله
يؤذوا أو نحو ذلك). عليّ بن حمزة: هَدْمٌ، بسكون الدال.
وتهادَمَ القومُ: تهادَرُوا.
والهُدامُ: الدُّوارُ يُصِيبُ الإِنسان في البحر؛ وهُدِم الرجلُ: أَصابه
ذلك. والهَدْمُ: أَن تَضْرِبَه فتكسِرَ ظهرَه؛ عن ابن الأَعرابي. وفي
الحديث: من كانت الدنيا هَدَمَه وسَدَمَه أَي بُغْيَتَه وشَهْوَتَه. قال
ابن الأَثير: هكذا رواه بعضهم، والمحفوظ هَمَّه وسَدَمَه، والله أَعلم.
ورجلٌ هَدِمٌ: أَحمقُ مُخنَّث.
وذو مَهْدَمٍ ومِهْدَمٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْير.
والمَهْدومُ من اللبَن: الرَّثِيئةُ. وفي التهذيب: المَهْدومةُ
الرَّثيئة من اللبن؛ قال الشاعر:
شَفَيْتُ أَبا المُخْتارِ من داءِ بَطْنِه
بمَهْدومةٍ، تُنْبي ضُلوعَ الشَّراسِف
قال: المَهْدومةُ هي الرثيئةُ. قال شهاب: إِذا حُلِب الحَليبُ
على الحَقِين جاءت رثيئةٌ مُذَكَّرة طيِّبة، لا فَلَقٌ ولا مُمْذَقِرّة
سَمْهَجَةٌ ليّنة.
والهَدْمةُ: الدُّفْعةُ من المال. ويقال: هذا شيءٌ مُــهَنْدَــمٌ أَي
مُصْلَح على مقدار، وهو معرَّب، وأَصله بالفارسية أَنْدام، مثل مُــهَنْدِــس
وأَصله انْدازه.
وفي الحديث: كلْ مما يَليك وإِياك والهَذْمَ؛ قال ابن الأَثير: هكذا
رواه بعضهم بالذال المعجمة، وهو سُرْعةُ الأَكل، والهَيْدامُ: الأَكولُ؛ قال
أَبو موسى: أَظنّ الصحيحَ بالدال المهملة يُريد به الأَكلَ من جوانب
القَصْعةِ دون وَسَطِها، وهو من الهَدَم ما تَهدَّمَ من نواحي البئر.
والهَدْمةُ: المَطرةُ الخفيفة. وأَرض مَهْدومةٌ أَي مَمْطورةٌ.
كتف: الكَتِفُ والكِتْفُ مثل كَذِبٍ وكِذْبٍ: عظم عريض خلف المَنْكِب،
أُنثى وهي تكون للناس وغيرهم. وفي الحديث: ائتُوني بكَتِف ودَواة أَكْتُب
لكم كتاباً، قال: الكتف عظم عريض يكون في أَصل كتف الحيوان من الناس
والدوابّ كانوا يكتُبون فيه لقِلة القَراطِيس عندهم. وفي حديث أَبي هريرة،
رضي اللّه عنه: ما لي أَراكم عنها مُعْرِضين؟ واللّه لأَرْمِيَنَّها بين
أَكتافكم يروى بالتاء والنون، فمعنى التاء أَنها كانت على ظهورهم وبين
أَكتافهم لا يقدِرون أَن يُعْرِضوا عنها لأَنهم حاملوها فهي معهم لا
تُفارِقهم، ومعنى النون أَنه يرميها في أَفْنِيتهم ونواحِيهم فكلما مروا فيها
رأَوها فلا يَقْدِرون أَن يَنْسَوْها. والكَتِفُ من الإبل والخيل والبغال
والحمير وغيرها: ما فوق العَضُد، وقيل: الكتفان أَعلى اليدين، والجمع
أَكتاف؛ سيبويه: لم يجاوزوا به هذا البناء، وحكى اللحياني في جمعه كِتَفةً.
والأَكْتف من الرجال: الذي يشتكي كتفه. ورجل أَكتف بيّنُ الكَتَفِ أَي
عريض الكَتِف، وفي المحكم: عظيم الكتف. ورجل أَكتف: عظيم الكتف كما يقال
أَرْأَسُ وأَعْنَقُ، وما كان أَكْتَفَ ولقد كَتِف كَتَفاً: عظُمت كَتِفُه.
وإني لأَعلم من أَين تؤكل الكَتِفُ؛ تضربه كل شيء علمته. والكُتاف: وجع في
الكتِف. وقال اللحياني: بالدابة كُتافٌ شديد أَي داء في ذلك الموضع.
والكَتَفُ: عَيْب يكون في الكَتِف. والكتَف: انْفِراجٌ في أَعالي كتف
الإنسان وغيره مما يلي الكاهِل، وقيل: الكَتَفُ في الخيل انفراج أَعالي
الكَتِفَين من غَراضِيفها مما يلي الكاهل، وهو من العيوب التي تكون خِلْقة.
أَبو عبيدة: فرس أَكتف وهو الذي في فُروع كَتِفيه انفراج في غراضيفها مما
يلي الكاهل. الجوهري: الأَكْتَفُ من الخيل الذي في أَعالي غَراضِيف
كتفيه انفراج. والكَتَفُ، بالتحريك: نقصان في الكتف، وقيل: هو ظَلَع يأْخذ من
وجع الكَتِفِ، كَتِفَ كَتَفاً وهو أَكْتَف. وكَتِفَ البعير كتَفاً وهو
أَكتفُ إذا اشتكى كَتِفه وظَلع منها. اللحياني: بالبعير كتَفٌ شديد إذا
اشتكى كَتِفه. يقال جمل أَكتَف وناقة كَتْفاء. وكَتفه يَكْتِفه كتْفاً:
أَصاب كَتِفه أَو ضربه عليها. والكَتَف: مصدر الأَكْتف وهو الذي انضمت
كَتِفاه على وسط كاهله خِلْقة قبيحة. وكتَفَت الخيلُ تَكْتِف كتْفاً وكَتَّفَت
وتكَتَّفَت: ارتفعت فُروع أَكتافها في المشي، وعُرِضَت على ابن
أُقَيْصِرٍ أَحد بني أَسد بن خزيمة خيل فأَوْمأَ إلى بعضها وقال: تجيء هذه سابقة،
فسأَلوه: ما الذي رأَيت فيها؟ فقال: رأَيتها مشت فكتَفتْ، وخبَّت
فوجَفَت، وعدَت فنَسَفَت فجاءت سابقة. والكَتِفان: اسم فرس من ذلك؛ قالت بنت
مالك ابن زيد ترثيه:
إذا سَجَعَتْ، بالرَّقْمَتَيْنِ، حَمامةٌ،
أَو الرَّسِّ تَبْكي فارِسَ الكَتِفانِ
وكتَفتِ المرأَة تَكتِف: مشت فحرَّكت كتفيها. قال الأَزهري: وقولهم مشت
فكتَفَت أَي حركت كتِفيْها يعني الفرس.
والكِتافُ: مصدرُ المِكْتاف من الدوابّ، والمِكْتاف من الدوابّ: الذي
يَعقِر السرجُ كتفَه، والاسم الكِتاف، والكَتَّافُ: الذي ينظر في الأَكتاف
فيُكَهِّنُ فيها.
والكَتْف: المشي الرُّوَيْد؛ قال الأَعشى:
فأَفْحَمْته حتى اسْتَكان كأَنَّه
قريحُ سِلاح، يَكتِف المشي، فاترُ
أَنشده ابن بري. ابن سيده: كتَف يَكْتِف كَتْفاً وكَتِيفاً مشى مَشْياً
رُوَيْداً؛ قال لبيد:
وسُقْت رَبيعاً بالقَناة كأَنه
قريح سلاح، يكتف المشي، فاتر
والكُتْفان والكِتْفان: الجراد بعد الغَوْغاء، وقيل: هو كُتْفان
وكِتْفان إذا بدا حَجْم أَجنحته ورأَيت موضعَه شاخِصاً، وإن مسَسْتَه وجدت
حَجْمه، واحدته كتفانة، وقيل: واحده كاتِف والأُنثى كاتفة. أَبو عبيدة: يكون
الجراد بعد الغوفاء كتفاناً؛ قال أَبو منصور: سماعي من العرب في الكتفان
من الجراد التي ظهرت أَجنحتها ولمّا تَطِرْ بعد، فهي تَنْقُزُ في الأَرض
نَقَزاناً مثل المَكْتُوف الذي لا يَستعين بيديه إذا مشى. ويقال للشيء إذا
كثر: مثلُ الدَّبى والكُِتفان. والغَوْغاء من الجراد: ما قد طار ونبتت
أَجنحته. الأَصمعي: إذا استبان حجم أَجنحة الجراد فهو كتفان، وإذا احمرّ
الجراد فانسلخ من الأَلوان كلها فهي الغَوْغاء. الجوهري: الكُتفان الجراد
أَوّل ما يطير منه، ويقال: هي الجراد بعد الغوغاء أَولها السِّرْو ثم
الدَّبى ثم الغوغاء ثم الكتفان؛ قال ابن بري: وقد يثقل في الشعر؛ قال صخر
أَخو الخَنْساء:
وحَيّ حريد قد صَبَحْتُ بِغارةٍ،
كرِجْل الجَرادِ أَو دَبًى كُتُفانِ
والكَتْفُ والكَتَفانُ: ضرب من الطيَران كأَنه يردّ جناحيه ويضمهما إلى
ما وراءه.
والكَتْفُ: شدّك اليدين من خلف. وكتَف الرجلَ يَكْتِفه كتْفاً وكتّفه:
شدَّ يديه من خلفه بالكِتاف. والكِتافُ: ما شُدَّ به؛ قالت بعض نساء
الأَعراب تصف سحاباً:
أَناخَ بذي بَقَرٍ بَرْكَه،
كأَنَّ على عضُدَيْه كِتافا
وجاء به في كِتاف أَي في وِثاق. والكِتافُ: الحَبل الذي يُكتف به
الإنسان. وفي الحديث: الذي يصلّي وقد عقَص شعره كالذي يصلّي وهو مكْتوف؛ هو
الذي شدّت يداه من خلفه يشبه به الذي يَعْقِد شعره من خلفه. والكِتافُ: وثاق
في الرحْل والقَتَب وهو إسارُ عُودين أَو حِنْوين يُشدّ أَحدهما إلى
الآخر. والكتْف: أَن يشدَّ حِنْوا الرَّحل أَحدهما على الآخر.
وكتّف اللحم تَكْتِيفاً: قطَّعه صغاراً، وكذلك الثوب، وكتَّفه بالسيف
كذلك.
الجوهري: والكَتِيفةُ ضبَّة الباب وهي حديدة عريضة. ابن سيده:
والكَتِيفُ والكَتيفة حديدة عريضة طويلة وربما كانت كأَنها صحيفة، وقيل: الكتيف
الضبة؛ قال الأَعشى:
بيْنما المَرْء كالرُّديْني ذي الجُبْـ
ـبَةِ سَوَّاه مُصْلِحُ التَّثْقِيفِ
أَو كَقِدْحِ النُّضار لاَّمَه القَيـ
ـن، ودانى صُدوعه بالكتيفِ
رَدَّه دَهْرُه المُضَلَّل، حتى
عادَ من بعدِ مَشْيِه للدَّلِيفِ
قوله بالكتِيف يعني كتائفَ رِقاقاً من الشَبه؛ وقيل: الكتِيفة الضبَّة،
وقيل: الضبة من الحديد، وجمعها كتِيف وكُتُفٌ. وكَتف الإناء يكْتِفُه
كتْفاً وكتَّفه: لأَمَه بالكتِيف؛ قال جرير:
ويُنْكِرُ كفَّيْه الحُسامُ وحَدُّه،
ويَعْرِفُ كفَّيْه الإناءُ المُكَتَّفُ
شمر: ويقال للسيف الصفيح كَتِيف؛ قال أَبو دُواد:
فَوَدِدْتُ لو أَني لَقِيتُك خالِياً،
أَمْشِي، بكَفِّي صَعْدَةٌ وكَتِيفُ
أَراد سيفاً صَفِيحاً فسماه كَتِيفاً. قال خالد بن جَنْبَة: كَتِيفةُ
الرحْل واحدة الكتائف، وهي حديدة يُكْتَفُ بها الرحْل. وقال ابن الأَعرابي:
أُخذ المَكْتوف من هذا لأَنه جَمع يديه. والكتيفة: كلْبَة الحدَّاد.
والكَتِيفةُ: السَّخِيمةُ والحِقْد والعداوة وتجمع على الكتائف؛ قال
القطامي:أَخُوك الذي لا يَمْلِكُ الحِسَّ نفسُه،
وتَرْفضُّ عند المُخْطِفاتِ الكتائفُ
ويروى المُحْفِظات. وكِتافُ القَوْس: ما بين الطائف والسِّيةِ، والجمع
أَكْتِفةٌ وكُتُفٌ.
ذهب: الذَّهابُ: السَّيرُ والـمُرُورُ؛ ذَهَبَ يَذْهَبُ ذَهاباً
وذُهوباً فهو ذاهِبٌ وذَهُوبٌ.
والـمَذْهَبُ: مصدر، كالذَّهابِ.
وذَهَبَ به وأَذهَبَه غيره: أَزالَه. ويقال: أَذْهَبَ
به، قال أَبو إِسحق: وهو قليل. فأَمـَّا قراءة بعضهم: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار، فنادِرٌ. وقالوا: ذَهَبْتُ الشَّامَ، فعَدَّوْهُ بغيرِ حرفٍ، وإِن كان الشامُ ظَرْفاً مَخْصُوصاً شَبَّهوه بالمكان الـمُبْهَم، إِذ كان يَقَعُ عليه المكانُ والـمَذْهَبُ. وحكى اللحياني: إِنَّ الليلَ طوِيلٌ، ولا يَذْهَبُ بنَفْسِ أَحدٍ منَّا، أَي لا ذَهَب.
والـمَذْهَب: الـمُتَوَضَّـأُ، لأَنـَّهُ يُذْهَبُ إِليه. وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى اللّه عليه وسلّم، كان إِذا أَراد الغائطَ أَبْعَدَ في الـمَذْهَبِ، وهو مَفْعَلٌ من الذَّهابِ.
الكسائي: يقالُ لـمَوضع الغائطِ: الخَلاءُ، والـمَذْهَب، والـمِرْفَقُ،
والـمِرْحاضُ.
والـمَذْهَبُ: الـمُعْتَقَد الذي يُذْهَبُ إِليه؛ وذَهَب فلانٌ لِذَهَبِه أَي لـمَذْهَبِه الذي يَذْهَبُ فيه. وحَكى اللحياني عن الكسائي: ما
يُدْرَى له أَينَ مَذْهَبٌ، ولا يُدْرَى لَهُ ما مَذْهَبٌ أَي لا يُدْرَى
أَين أَصلُه. ويقال: ذَهَبَ فُلانٌ مَذْهَباً حَسَناً. وقولهم به: مُذْهَب،
يَعْنون الوَسْوَسَة في الماءِ، وكثرة استعمالِه في الوُضوءِ. قال
الأَزْهَرِيُّ: وأَهلُ بَغدادَ يقولون للـمُوَسْوِسِ من الناس: به
الـمُذْهِبُ، وعَوَامُّهم يقولون: به الـمُذْهَب، بفَتح الهاء، والصواب
الـمُذْهِبُ.والذَّهَبُ: معروفٌ، وربما أُنِّثَ. غيره: الذَّهَبُ التِّبْرُ،
القِطْعَةُ منه ذَهَبَة، وعلى هذا يُذَكَّر ويُؤَنَّث، على ما ذُكر في الجمعِ الذي لا يُفارِقُه واحدُه إِلاَّ بالهاءِ. وفي حديث عليٍّ، كرّم اللّه وجهه: فبَعَثَ من اليَمَنِ بذُهَيْبَة. قال ابن الأَثير: وهي تصغير ذَهَبٍ، وأَدْخَلَ الهاءَ فيها لأَنَّ الذَّهَب يُؤَنَّث، والـمُؤَنَّث الثُّلاثيّ إِذا صُغِّرَ أُلْـحِقَ في تصغيرِه الهاءُ، نحو قُوَيْسَةٍ وشُمَيْسَةٍ؛ وقيل: هو تصغيرُ ذَهَبَةٍ، على نِـيَّةِ القِطْعَةِ منها، فصَغَّرَها على لفظِها؛ والجمع الأَذْهابُ والذُّهُوبُ. وفي حديث عليّ، كرّم اللّه تعالى وجهه: لو أَرادَ اللّه أَن يَفْتَحَ لهم كنوزَ الذِّهْبانِ، لفَعَل؛ هو جمعُ ذَهَبٍ، كبَرَقٍ وبِرْقانٍ، وقد يجمع بالضمِّ، نحو حَمَلٍ وحُمْلانٍ.
وأَذْهَبَ الشيءَ: طلاه بالذَّهَبِ.
والـمُذْهَبُ: الشيءُ الـمَطْليُّ بالذَّهَب؛ قال لبيد:
أَوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ، على أَلْواحِهِ * أَلنَّاطِقُ الـمَبْرُوزُ والـمَخْتُومُ
ويروى: على أَلواحِهِنَّ النَّاطِقُ، وإِنما عَدَل عن ذلك بعض الرُّواةِ اسْتِـيحاشاً من قَطْعِ أَلِفِ الوَصْل، وهذا جائِزٌ عند سيبويه في الشِّعْرِ، ولاسِـيَّـما في الأَنْصافِ، لأَنها مواضِعُ فُصُولٍ.
وأَهلُ الـحِجازِ يقولون: هي الذَّهَبُ، ويقال نَزَلَت بلُغَتِهِم:
والذين يَكنِزُونَ الذَّهَبَ والفضة، ولا يُنْفِقونها في سبيل اللّه؛ ولولا ذلك، لَغَلَبَ الـمُذَكَّرُ الـمُؤَنَّثَ. قال: وسائِرُ العَرب يقولون: هو الذَّهَب؛ قال الأَزهري: الذَّهب مُذَكَّر عندَ العَرَب، ولا يجوزُ
تأْنِـيثُه إِلا أَنْ تَجْعَلَهُ جَمْعاً لذَهَبَةٍ؛ وأَما قوله عزَّ وجلَّ: ولا يُنْفِقُونَها، ولم يَقُلْ ولا يُنْفِقُونَه، ففيه أَقاويل: أَحَدُها أَنَّ المعنى يَكْنزُون الذَّهَبَ والفِضَّة، ولا يُنْفِقُونَ الكُنُوزَ في سَبِـيلِ اللّه؛ وقيل: جائِزٌ أَن يكونَ مَحْمولاً على الأَمْوالِ فيكون: ولا يُنْفِقُونَ الأَموال ؛ ويجوز أن يَكونَ: ولا يُنْفِقُونَ الفِضَّة، وحذف الذَّهب كأَنه قال: والذين يَكْنِزُونَ الذَّهَب ولا يُنْفِقُونَه، والفِضَّة ولا يُنْفِقُونَها، فاخْتُصِرَ الكَلام، كما قال:
واللّه ورسولُه أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه، ولم يَقُلْ يُرْضُوهُما.
وكُلُّ ما مُوِّهَ بالذَّهَبِ فقَدْ أُذْهِبَ، وهو مُذْهَبٌ، والفاعل مُذْهِبٌ.
والإِذْهابُ والتَّذْهِـيبُ واحدٌ، وهو التَّمويهُ بالذَّهَب.
ويقال: ذَهَّبْتُ الشيءَ فهو مُذَهَّب إِذا طَلَيْتَه بالذَّهَبِ. وفي حديث جرير وذِكْرِ الصَّدَقَةِ: حتى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، يَتَهَلَّل كأَنـَّه مُذْهَبَةٌ؛ كذا جاءَ في سنن النسائي وبعضِ طُرُقِ مُسْلم، قال: والرواية بالدال المهملة والنون،
وسيأْتي ذكره؛ فَعَلى قوله مُذْهَبَةٌ، هو من الشيءِ الـمُذْهَب، وهو
الـمُمَوَّه بالذَّهَبِ، أَو هو من قولهم: فَرَس مُذْهَبٌ إِذا عَلَتْ
حُمْرَتَه صُفْرَةٌ، والأُنْثَى مُذْهَبَة، وإِنما خَصَّ الأُنْثَى بالذِّكْرِ
لأَنـَّها أَصْفَى لَوْناً وأَرَقُّ بَشَرَةً.
ويقال: كُمَيْتٌ مُذْهَب للَّذي تَعْلُو حُمْرَتَه صُفْرَة، فإِذا اشتَدَّتْ حُمْرَتُه، ولم تَعْلُه صُفْرَةٌ، فهو الـمُدَمَّى، والأُنْثى مُذْهَبَة. وشيءٌ ذَهِـيبٌ مُذْهَبٌ؛ قال: أُراه على تَوَهُّم حَذْفِ الزِّيادَةِ؛ قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:
مُوَشَّحَة الأَقْرابِ، أَمـَّا سَرَاتُها * فَمُلْسٌ، وأَمـَّا جِلْدُها فَذَهِـيبُ
والـمَذَاهِبُ: سُيُورٌ تُـمَوَّه بالذَّهَبِ؛ قال ابن السّكيت، في قول
قيس بن الخَطِـيم:
أَتَعْرفُ رَسْماً كاطِّرَادِ الـمَذَاهِبِ
الـمَذاهِبُ: جُلُودٌ كانت تُذْهَب، واحِدُها مُذْهَبٌ، تُجْعَلُ فيه
خُطوطٌ مُذَهَّبة، فيرى بَعْضُها في أَثرِ بَعْضٍ، فكأَنها مُتَتابِعَةٌ؛
ومنه قول الهذلي:
يَنْزِعْنَ جِلْدَ الـمَرْءِ نَزْ * عَ القَينِ أَخْلاقَ الـمَذَاهِبْ
يقول: الضِّباع يَنزِعْنَ جِلْدَ القَتِـيل، كما يَنزِعُ القَين خِلَل
السُّيُوف. قال، ويقالُ: الـمَذاهِبُ البُرود الـمُوَشَّاةُ، يقال: بُرْدٌ
مُذْهَبٌ، وهو أَرْفَعُ الأَتحَمِـيِّ.
وذَهِبَ الرجلُ، بالكسر، يَذْهَبُ ذَهَباً فهو ذَهِبٌ: هَجَمَ في الـمَعْدِن على ذَهبٍ كثير، فرآه فَزَالَ عقلُه، وبَرِقَ بَصَره من كثرة
عِظَمِه في عَيْنِه، فلم يَطْرِفْ؛ مُشْتَقٌّ من الذهب؛ قال الرَّاجز:
ذَهِبَ لـمَّا أَن رآها تَزْمُرَهْ
وفي رواية(1) :
(1 قوله «وفي رواية إلخ» قال الصاغاني في التكملة الرواية:
«ذهب لما أن رآها تزمرة» وهذا صريح في أنه ليس فيه رواية أخرى.)
ذَهِبَ لـمَّا أَن رآها ثُرْمُلَهْ،
وقال: يا قَوْمِ، رأَيتُ مُنْكرَهْ:
شَذْرَةَ وادٍ، ورأَيتُ الزُّهَرَهْ
وثُرْمُلَة: اسمُ رجل. وحكى ابن الأَعرابي: ذِهِبَ، قال: وهذا عندنا مُطَّرِدٌ إِذا كان ثانيهِ حَرْفاً من حُروفِ الـحَلْقِ، وكان الفعْل مكسور الثاني، وذلك في لغة بني تميمٍ؛ وسمعه ابن الأَعرابي فظَنَّه غيرَ مُطَّرِدٍ في لغتِهِم، فلذلك حكاه. والذِّهْبةُ، بالكسر، الـمَطْرَة، وقيل: الـمَطْرةُ الضَّعيفة، وقيل: الجَوْدُ، والجمع ذِهابٌ؛ قال
ذو الرُّمة يصف روضة:
حَوَّاءُ، قَرْحاءُ، أَشْراطِـيَّة، وكَفَتْ * فيها الذِّهابُ، وحفَّتْها البراعيمُ
وأَنشد الجوهري للبعيث:
وذي أُشُرٍ، كالأُقْحُوانِ، تَشُوفُه * ذِهابُ الصَّبَا، والـمُعْصِراتُ الدَّوالِـحُ
وقيل: ذِهْبةٌ للـمَطْرة، واحدَةُ الذِّهاب. أَبو عبيد عن أَصحابه:
الذِّهابُ الأَمْطارُ الضَّعيفة؛ ومنه قول الشاعر:
تَوَضَّحْنَ في قَرْنِ الغَزَالَةِ، بَعْدَمَا * تَرَشَّفْنَ دِرَّاتِ الذِّهابِ الرَّكائِكِ
وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه، في الاستسقاء: لا قَزَعٌ رَبابُها، ولا شِفّانٌ ذِهابُها؛ الذِّهابُ: الأَمْطارُ اللَّـيِّـنة؛ وفي الكلام مُضافٌ محذوف تقديرُه: ولا ذَاتُ شِفّانٍ ذِهابُها.
والذَّهَب، بفتح الهاءِ: مِكيالٌ معروفٌ لأَهْلِ اليَمَن، والجمع ذِهابٌ
وأَذهابٌ وأَذاهِـيبُ، وأَذاهِبُ جمع الجمع. وفي حديث عِكرمة أَنه قال: في أَذاهِبَ من بُرٍّ وأَذاهِبَ من شَعِـيرٍ، قال: يُضَمُّ بعضُها إِلى بعضٍ فتُزَكَّى. الذَّهَبُ: مِكيالٌ معروفٌ لأَهلِ اليمنِ، وجمعُه
أَذهابٌ، وأَذاهِبُ جمعُ الجمع.
والذِّهابُ والذُّهابُ: موضعٌ، وقيل: هو جبلٌ بعَيْنه؛ قال أَبو دواد:
لِـمَنْ طَلَلٌ، كعُنْوانِ الكتابِ، * ببَطْنِ لُواقَ، أَو بَطْنِ الذُّهابِ
ويروى: الذِّهابِ.
وذَهْبانُ: ابو بَطْنٍ.
وذَهُوبُ: اسم امرأَةٍ.
والـمُذْهِبُ: اسمُ شيطانٍ؛ يقالُ هو من وَلد ابليسَ، يَتَصَوَّر
للقُرَّاءِ، فيَفْتِنهُم عند الوضوءِ وغيرِه؛ قال ابن دُرَيْد: لا أَحسبُه
عَرَبِـيّاً.
مرح: المَرَحُ: شدَّة الفَرَحِ والنشاط حتى يجاوزَ قَدْرَه؛ وقد
أَمْرَحَه غيره، والاسم المِراحُ، بكسر الميم؛ وقيل: المَرَحُ التبختر
والاختيالُ. وفي التنزيل: ولا تَمْشِ في الأَرض مَرَحاً أَي متبختراً مختالاً؛
وقيل: المَرَحُ الأَشَرُ والبَطَرُ؛ ومنه قوله تعالى: بما كنتم تَفْرَحونَ
في الأَرض بغير الحق وبما كنتم تَمْرَحُونَ. وقد مَرِحَ مَرَحاً ومِراحاً،
ورجل مَرِحٌ من قوم مَرْحى ومَراحى؛ ومِرِّيحٌ، بالتشديد، مثل سِكِّيرٍ،
من قوم مِرِّيحينَ، ولا يُكَسَّرُ؛ ومَرِحَ، بالكسر، مَرَحاً: نَشِطَ.
وفي حديث عليّ: زَعَمَ ابن النابغة أَني تِلْعابَةُ تِمْراحة؛ قال ابن
الأَثير: هو من المَرَح، وهو النَّشاطُ والخِفَّة، والتاءُ زائدة، وهو من
أَبنية المبالغة، وأَتى به في حرف التاءِ حملاً على ظاهر لفظه. وفَرَسٌ
مَرُوحٌ ومِمْرَحٌ ومِمْراحٌ: نَشِيطٌ، وقد أَمْرَحه الكَلأُ. وناقة
مِمْراحٌ ومَرُوحٌ: كذلك؛ قال:
تَطْوي الفَلا بمَروحٍ لَحْمُها زِيَم
وقال الأَعشى يصف ناقة:
مَرِحَتْ حُرَّةٌ كقَنْطَرَةِ الرُّو
مِيِّ، تَفْرِي الهَجيرَ بالإِرْقالِ
ابن سيده: المَرُوحُ الخَمْرُ، سميت بذلك لأَنها تَمْرَحُ في الإِناءِ؛
قال عُمارة:
من عُقارٍ عنْدَ المِزاج مَرُوح
وقول أَبي ذؤيب:
مُصَفَّقَةٌ مُصَفَّاةٌ عُقارٌ
شَآمِيَةٌ، إِذا جُلِيتْ، مَرُوحُ
أَي لها مِراحٌ في الرأْس وسَوْرَةٌ يَمْرَحُ مَن يشربها. وقَوْسٌ
مَرُوحٌ: يَمْرَحُ راؤُوها عَجَباً إِذا قَلَّبُوها؛ وقيل: هي التي تَمْرَح في
إِرسالها السهم؛ تقول العرب: طَرُوحٌ مَروحٌ تُعْجلُ الظَّبْيَ أَن
يَرُوَح؛ الجوهري: قوس مَروحٌ كأَنَّ بها مَرَحاً من حُسْنِ إِرسالها
السهمَ.ومَرْحَى: كلمة تقال للرامي إِذا أَصاب؛ قال ابن مقبل:
أَقولُ، والحَبْلُ مَعْقُودٌ بمِسْحَلِه:
مَرْحَى له إلإِن يَفُتْنا مَسْحُه يَطِرِ
أَبو عمرو بنُ العَلاءِ: إِذا رمى الرجل فأَصاب قيل: مَرْحَى له وهو
تعجب من جَوْدة رميه؛ وقال أُمَيَّة بن أَبي عائذ:
يُصِيبُ القَنِيصَ، وصِدْقاً يقو
لُ: مَرْحى وأَيحَى إِذا ما يُوالي
مَرْحى وأَيْحى: كلمةُ التعجب شِبْهُ الزَّجْرِ، وإِذا أَخطأَ قيل له:
بَرْحى
ومَرِحَتِ الأَرضُ بالنبات مَرَحاً: أَخرجته.
وأَرض مِمْراح إِذا كانت سريعة النبات حين يصيبها المطر؛ الأَصمعي:
المِمْراح من الأَرض التي حالت سنة فلم تَمْرَحْ بنباتها.
ومَرِحَ الزرع يَمْرَحُ: خرج سُنْبُله. ومَرِحَتِ العينُ مَرَحاناً:
اشتدّ سَيَلانُها؛ قال:
كأَنَّ قَذًى في العين قد مَرِحتْ به،
وما حاجةُ الأُخْرَى إِلى المَرَحانِ
وقيل: مَرِحتْ مَرَحاناً ضَعُفَت؛ قال ابن بري: هذا البيت ينسب إِلى
النابغة الجَعْدي، وقبله:
تَواهَسَ أَصحابي حديثاً فَقِهْتُه
خَفِيًّا، وأَعْضادُ المَطِيِّ عَواني
التواهُسُ: التسارُرُ؛ أَراد أَن أَصحابه تَسارُّوا بحديث حَرْبه.
والغواني هنا: العوامل. وقد قيل في مَرِحَت العين إِنها بمعنى أَسْبلت
الدَّمْعَ، وكذلك السحابُ إِذا أَسْبَلَ المَطَرَ، والمعنى: أَنه لما بكى
أَلمَتْ عينُه، فصارت كأَنها قَذِيَّة، ولما أَدام البكاء قَذِيَتِ الأُخْرَى؛
وهذا كقول الآخر:
بَكَتْ عَيْنيَ اليُمْنى؛ فلما زَجَرْتُها
عن الجَهْلِ بعد الحِلْمِ، أَسْبَلَتَا مَعَا
وقال شمر: المَرَحُ خروجُ الدمع إِذا كثر؛ وقال عَدِيّ بن زيد:
مَرِحٌ وَبْلُه يَسُحُّ سُيُوبَ الـ
ـماءِ سَحًّا، كأَنَّه مَنْحُورُ
وعين مِمْراح: سريعة البكاء. ومَرِحَتْ عينه مَرَحاناً: فَسَدَتْ
وهاجتْ. وعين مِمْراحٌ: غريزة الدمع.
ومَرَّحَ الطعامَ: نَقَّاه من الغَبا
(* قوله «تقاه من الغبا» عبارة
القاموس وشرحه: والتمريح تنقية الطعام من العفا. هكذا في سائر النسخ. وفي
بعض الأمهات من الغبا اهـ. ولم نجد للعفا بالعين المهملة والفاء ولا للغبا
بالغين المعجمة والباء الموحدة معنى يناسب هنا، ولعله الغفا بالغين
المعجمة والفاء، شيء كالزؤان أو التبن كما نص عليه المجد وغيره.) بالمَحاوِق
أي المكانس.
ومَرَّحَ جِلْدَه: دَهَنَه؛ قال:
سَرَتْ في رَعِيلٍ ذي أَداوَى، مَنُوطةٍ
بِلَبَّاتِها، مَدْبوغةٍ لم تُمَرَّحِ
قوله: سرت يعني قطاة. في رَعيل أَي في جماعة قَطاً. ذي أَداوَى يعني
حواصلها. منوطة: معلقة. بلَبَّاتها يعني مواضع المَنْحَر؛ وقيل: التمريح أَن
تُؤْخَذَ المَزادة أَولَ ما تَخْرَزُ فَتُمْلأَ ماء حتى تمتلئ خروزها
وتنتفخ، والاسم المَرَحُ، وقد مَرِحَتْ مَرَحاناً. قال أَبو حنيفة:
ومَزادةٌ مرِحة لا تُمْسك الماءَ. ويقال: قد ذهب مَرَحُ المَزادة إِذا انسدت
عيونها ولم يسل منها شيء؛ ابن الأَعرابي: التمريح تطييب القربة الجديدة
بأَذْخِرٍ أَو شيح، فإِذا طُيِّبَتْ بطين فهو التشريب، وبعضهم جعل تمريح
المزادة أَن تملأَها ماء حتى تَبْتَلَّ خُرُوزها ويكثر سيلانها قبل
انتفاخها، فذلك مَرَحُها. ومَرَّحْتُ القِرْبةَ: شَرَّبْتُها، وهو أَن تملأَها
ماء لتَنْسَدَّ عيونُ الخُرَز.
والمِراحُ: موضع؛ قال:
تَرَكنا، بالمِراحِ وذي سُحَيْمٍ،
أَبا حَيَّانَ في نَفَرٍ مَنافى
ومَرَحَيَّا: زَجْرٌ عن السيرافي. ومَرْحَى ناقة بعينها عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
ما بالُ مَرْحَى قد أَمْسَتْ، وهي ساكنةٌ،
باتتْ تَشَكَّى إليَّ الأَيْنَ والنَّجَدا
ملح: المِلْح: ما يطيب به الطعام، يؤنث ويذكر، والتأْنيث فيه أَكثر.
وقد مَلَحَ القِدْرَ
(* قوله «وقد ملح القدر إلخ» بابه منع وضرب وأَما
ملح الماء فبابه كرم ومنع ونصر كما في القاموس.) يَمْلِحُها ويَمْلَحُها
مَلْحاً وأَملَحَها: جعل فيها مِلْحاً بقَدَرٍ. ومَلَّحها تَمْليحاً:
أَكثر مِلْحها فأَفسدها، والتمليح مثله. وفي الحديث: إِن الله تعالى ضرب
مَطْعَم ابن آدم للدنيا مثلاً وإِن مَلَحه أَي أَلقى فيه المِلْح بقَدْر
الإِصلاح. ابن سيده عن سيبويه: مَلَحْتُه ومَلَّحْته وأَمْلَحْته بمعنىً؛
ومَلَح اللحمَ والجلدَ يَمْلَحُه مَلْحاً، كذلك؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
تُشْلي الرَّمُوحَ، وهِيَ الرَّمُوحُ،
حَرْفٌ كأَنَّ غُبْرَها مَمْلُوحُ
وقال أَبو ذؤيب:
يَسْتَنُّ في عُرُضِ الصحراء فائِرُه،
كأَنه سَبِطُ الأَهْدابِ مَمْلُوحُ
يعني البحر شبّه السَّرابَ به. وتقول: مَلَحْتُ الشيءَ ومَلَّحْته، فهو
مملوح مُمَلَّحٌ مَلِيحٌ.
والمِلْحُ والمَلِيح خلاف العَذْب من الماء، والجمع مِلْحَةٌ ومِلاح
وأَمْلاح ومِلَح؛ وقد يقال: أَمواهٌ مِلْح ورَكيَّة مِلْحة وماء مِلْح، ولا
يقال مالح إِلاَّ في لغة رديئة. وقد مَلُحَ مُلُوحة ومَلاحة ومَلَح
يَمْلَح مُلوحاً، بفتح اللام فيهما؛ عن ابن الأَعرابي، فإِن كان الماء عذباً
ثم مَلُحَ قال: أَمْلَحَ؛ وبقلة مالِحة. وحكى ابن الأَعرابي: ماء مالحٌ
كمِلْحٍ، وإِذا وصفت الشيءَ بما فيه من المُلوحة قلت: سمك مالح وبقلة
مالحة. قال ابن سيده: وفي حديث عثمان، رضي الله عنه، وأَنا أَشرب ماءَ المِلْح
أَي الشديدَ المُلوحة. الأَزهري عن أَبي العباس: أَنه سمع ابن الأَعرابي
قال: ماء أُجاجٌ وقُعاع وزُعاق وحُراق، وماءٌ يَفْقَأُ عينَ الطائر، وهو
الماء المالح؛ قال وأَنشدنا:
بَحْرُكَ عَذْبُ الماءِ، ما أَعَقَّهُ
رَبُّك، والمَحْرُومُ من لم يُسْقَهُ
أَراد: ما أَقَعَّه من القُعاع، وهو الماء المِلْحُ فقلَب. ابن شميل:
قال يونس: لم أَسمع أَحداً من العرب يقول ماء مالح، ويقال سَمك مالح،
وأَحسن منهما: سَمك مَلِيح ومَمْلوح؛ قال الجوهري: ولا يقال مالح، قال: وقال
أَبو الدُّقَيْش: يقال ماء مالِح ومِلْحٌ؛ قال أَبو منصور: هذا وإِن وُجد
في كلام العرب قليلاً لغة لا تنكر؛ قال ابن بري: قد جاء المالِح في
أَشعار الفصحاء كقول الأَغْلَبِ العِجْلِيِّ يصف أُتُناً وحماراً:
تخالُه من كَرْبِهِنَّ كالِحا،
وافْتَرَّ صاباً ونَشُوقاً مالِحا
وقال غَسَّان السَّلِيطيّ:
وبِيضٍ غِذاهُنَّ الحَليبُ، ولم يكنْ
غِذاهُنَّ نِينانٌ من البحر مالِحُ
أَحَبُّ إِلينا من أُناسٍ بقَرْيةٍ،
يَموجُونَ مَوْجَ البحرِ، والبحرُ جامحُ
وقال عمر بن أَبي ربيعة:
ولو تَفلتْ في البحرِ، والبحرُ مالحٌ،
لأَصْبَحَ ماءُ البحرِ من رِيقها عَذْبا
قال ابن بري: وجدت هذا البيت المنسوب إِلى عمر ابن أَبي ربيعة في شعر
أَبي عُيَيْنَةَ محمد بن أَبي صُفْرة في قصيدة أَوّلها:
تَجَنَّى علينا أَهلُ مَكتومةَ الذَّنْبا،
وكانوا لنا سِلْماً، فصاروا لنا حَرْبا
وقال أَبو زِياد الكلابي:
صَبَّحْنَ قَوًّا، والحِمامُ واقِعُ،
وماءُ قَوٍّ مالِحٌ وناقِعُ
وقال جرير:
إِلى المُهَلَّبِ جَدَّ اللهُ دابِرَهُمْ
أَمْسَوا رَماداً، فلا أَصلٌ ولا طَرَفُ
كانوا إِذا جَعَلوا في صِيرِهِمْ بِصَلاً،
ثم اشْتَوَوا كَنْعَداً من مالحٍ جَدَفوا
قال وقال ابن الأَعرابي: يقال شيء مالح كما يقال حامض؛ قال ابن بري:
وقال أَبو الجَرَّاحِ: الحَمْضُ المالح من الشجر. قال ابن بري: ووجه جواز
هذا من جهة العربية أَن يكون على النسب، مثل قولهم ماء دافق أَي ذو دَفْق،
وكذلك ماء مالح أَي ذو مِلْح، وكما يقال رجل تارِسٌ أَي ذو تُرْس، ودارِع
أَي ذو دِرْع؛ قال: ولا يكون هذا جارياً على الفعل؛ ابن سيده: وسَمك
مالح ومَليح ومَمْلوح ومُمَلَّح وكره بعضهم مَليحاً ومالحاً، ولم يَرَ بيتَ
عُذافِرٍ حُجَّةً؛ وهو قوله:
لو شاءَ رَبي لم أَكُنْ كَرِيَّا،
ولم أَسُقْ لِشَعْفَرَ المَطِيَّا
بِصْرِيَّةٍ تزوَّجت بِصْرِيَّا،
يُطْعِمُها المالحَ والطَّرِيَّا
وقد عارض هذا الشاعرَ رجلٌ من حنيفة فقال:
أَكْرَيْتُ خَرْقاً ماجداً سَرِيَّا،
ذا زوجةٍ كان بها حَفِيَّا،
يُطْعِمُها المالِحَ والطَّرِيَّا
وأَمْلَح القومُ: وَرَدُوا ماء مِلْحاً. وأَملَحَ الإِبلَ: سقاها ماء
مِلْحاً. وأَمْلَحَتْ هي: وردت ماء مِلْحاً. وتَمَلَّحَ الرجلُ: تَزَوَّدَ
المِلْحَ أَو تَجَرَ به؛ قال ابن مقبل يصف سحاباً:
تَرَى كلَّ وادٍ سال فيه، كأَنما
أَناخَ عليه راكبٌ مُتَمَلِّحُ
والمَلاَّحَةُ: مَنْبِتُ المِلْح كالبَقَّالة لمنبت البَقْل.
والمَمْلَحةُ: ما يجعل فيه الملح.
والمَلاَّح: صاحب المِلْح؛ حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد:
حتى تَرَى الحُجُراتِ كلَّ عَشِيَّةٍ
ما حَوْلَها، كمُعَرَّسِ المَلاَّحِ
ويروى الحَجَرات. والمَلاَّحُ: النُّوتيّ؛ وفي التهذيب: صاحب السفينة
لملازمته الماءَ المِلْح، وهو أَيضاً الذي يتعهد فُوهَةَ النهر ليُصْلحه
وأَصله من ذلك، وحِرْفَتُه المِلاحَةُ والمُلاَّحِيَّةُ؛ وأَنشد الأَزهري
للأَعشى:
تَكافَأَ مَلاَّحُها وَسْطَها،
من الخَوْفِ، كَوْثَلَها يَلتَزِمْ
ابن الأَعرابي: المِلاحُ الريح التي تجري بها السفينة وبه سمي
المَلاَّحُ مَلاَّحاً، وقال غيره: سمي السَّفَّانُ مَلاَّحاً لمعالجته الماءَ
المِلْحَ بإِجراء السفن فيه؛ ويقال للرجل الحديد: مِلْحُه على رُكْبتيه؛ قال
مِسكينٌ الدَّارِميّ:
لا تَلُمْها، إِنها من نِسْوَةٍ
مِلحُها مَوْضوعةٌ فوق الرُّكَبْ
قال ابن سيده: أَنث فإِما أَن يكون جمعَ مِلْحة، وإِما أَن يكون
التأْنيث في المِلْح لغة؛ وقال الأَزهري: اختلف الناس في هذا البيت فقال
الأَصمعي: هذه زِنجِيَّة والمِلْح شحمها ههنا وسِمَنُ الزِّنْج في أَفخاذها؛
وقال شمر: الشحم يسمى مِلْحاً؛ وقال ابن الأَعرابي في قوله:
ملحُها موضوعة فوق الرُّكَبْ
قال: هذه قليلة الوفاء، والمِلْحُ ههنا يعني المِلْحَ. يقال: فلان
مِلْحُه على ركبتيه إِذا كان قليل الوفاء. قال: والعرب تحلف بالمِلْح والماء
تعظيماً لهما. ومَلَحَ الماشيةَ مَلْحاً ومَلَّحها: أَطعمها سَبِخَةَ
المِلْح، وهو مِلْح وتُراب، والملح أَكثر، وذلك إِذا لم يقدر على الحَمْضِ
فأَطعمها هذا مكانه.
والمُلاَّحَة: عُشبة من الحُمُوضِ ذات قُضُبٍ وورقٍ مَنْبِتُها
القِفافُ، وهي مالحة الطعم ناجعة في المال، والجمع مُلاَّحٌ. الأَزهري عن الليث:
المُلاَّحُ من الحَمْضِ؛ وأَنشد:
يَخْبِطْنَ مُلاَّحاً كذاوي القَرْمَلِ
قال أَبو منصور: المُلاَّحُ من بقول الرياض، الواحدة مُلاَّحة، وهي بقلة
غَضَّة فيها مُلُوحة مَنابِتُها القِيعانُ؛ وحكى ابن الأَعرابي عن أَبي
النَّجِيبِ الرَّبَعِيِّ في وصفه روضةً: رأَيتُها تَنْدى من بُهْمَى
وصُوفانَةٍ ويَنَمَةٍ ومُلاَّحةٍ ونَهْقَةٍ.
والمُلاَّحُ، بالضم والتشديد: من نبات الحَمْضِ؛ وفي حديث ظَبْيانَ:
يأْكلون مُلاَّحَها ويَرْعَوْنَ سِراحَها: المُلاَّح: ضرب من النبات،
والسِّراحُ: جمع سَرْح، وهو الشجرُ؛ وقال ابن سيده: قال أَبو حنيفة: المُلاَّحُ
حَمْضَة مثل القُلاَّم فيه حمرة يؤكل مع اللبن يُتَنَقَّلُ به، وله حب
يجمع كما يجمع الفَثُّ ويُخْبز فيؤكل، قال: وأَحْسِبُه سمي مُلاَّحاً
للَّوْن لا للطعم؛ وقال مَرَّةً: المُلاَّحُ عُنْقُود الكَباثِ من الأَراك
سمي به لطعمه، كأَن فيه من حرارته مِلْحاً، ويقال: نبتٌ مِلْح ومالح
للحَمْضِ. وقَلِيبٌ مَليح أَي ماؤه مِلْح؛ قال عنترة يصف جُعَلاً:
كأَنَّ مُؤَشّرَ العَضُدَينِ حَجْلاً،
هَدُوجاً بين أَقْلِبةٍ مِلاحِ
والمِلْحُ: الحُسْنُ من المَلاحة. وقد مَلُحَ يَمْلُحُ مُلُوحةً
ومَلاحةً ومِلْحاً أَي حَسُنَ، فهو مَليح ومُلاحٌ ومُلاَّح. والمُلاَّحُ
أَمْلَحُ من المَليح؛ قال:
تَمْشي بجَهْمٍ حَسَنٍ مُلاَّحِ،
أُجِمَّ حتى هَمَّ بالصِّياحِ
يعني فرجها، وهذا المثال لما أَرادوا المبالغة، قالوا: فُعَّال فزادوا
في لفظه لزيادة معناه؛ وجمع المَلِيحِ مِلاحٌ وجمع مُلاحٍ ومُلاَّحٍ
مُلاحُون ومُلاَّحُونَ، والأُنثى مَلِيحة. واستَمْلَحه: عَدَّه مَلِيحاً؛
وقيل: جمع المَلِيح مِلاحٌ وأَمْلاح؛ عن أَبي عمرو، مثل شَرِيف
وأَشْراف.وفي حديث جُوَيرية: وكانت امرأَة مُلاحةً أَي شديدة المَلاحة، وهو من
أَبنية المبالغة. وفي كتاب الزمخشري: وكانت امرأَة مُلاحة أَي ذات مَلاحة،
وفُعالٌ مبالغة في فعيل مثل كريم وكُرام وكبير وكُبارٍ، وفُعَّالٌ
مَشدّداً أَبلغ منه. التهذيب: والمُلاَّحُ أَمْلَحُ من المَليح. وقالوا: ما
أُمَيْلِحَه فَصَغَّروا الفعل وهم يريدون الصفة حتى كأَنهم قالوا مُلَيْحٌ،
ولم يصغروا من الفعل غيره وغير قولهم ما أُحَيْسِنَه؛ قال الشاعر:
يا ما أُمَيْلِحَ غِزْلاناً عَطَونَ لنا،
من هؤُلَيَّاءِ، بين الضَّالِ والسَّمُرِ
والمُلْحة والمُلَحةُ: الكلمة المَليحة.
وأَمْلَح: جاء بكلمة مَليحة. الليث: أَمْلَحْتَ يا فلانُ بمعنيين أَي
جئت بكلمة مَلِيحة وأَكثرت مِلْحَ القِدْرِ.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت لها امرأَة: أَزُمُّ جَمَلي هل
عليَّ جُناحٌ؟ قالت: لا، فلما خرجت قالوا لها: إِنها تعني زوجها، قالت:
رُدُّوها عليَّ، مُلْحةٌ في النار اغسلوا عني أَثرها بالماء والسِّدْرِ؛
المُلْحَة: الكلمة المليحة، وقيل: القبيحة. وقولها: اغسلوا عني أَثرها تعني
الكلمة التي أَذِنَتْ لها بها، ردُّوها لأُعلمها أَنه لا يجوز. قال أَبو
منصور: الكلام الجيد مَلَّحْتُ القِدْر إِذا أَكثرت مِلْحَها، بالتشديد،
ومَلَّحَ الشاعرُ إِذا أَتى بشيء مَلِيح. والمُلْحَةُ، بالضم: واحدة
المُلَحِ من الأَحاديث. قال الأَصمعي: بَلَغْتُ بالعلم ونِلْتُ بالمُلَح؛
والمَلْح: المُلَحُ من الأَخبار، بفتح الميم. والمِلْحُ: العلم. والمِلْحُ:
العلماء.
وأَمْلِحْني بنفسك: زَيِّنِّي؛ التهذيب: سأَل رجل آخر فقال: أُحِبُّ أَن
تُمْلِحَني عند فلان بنفسك أَي تُزَيِّنَني وتُطْريَني.
الأَصمعي: الأَمْلَحُ الأَبْلَقُ بسواد وبياض. والمُلْحة من الأَلوان:
بياض تشوبه شعرات سود. والصفة أَمْلَح والأُنثى مَلْحاء. وكل شعر وصوف
ونحوه كان فيه بياض وسواد: فهو أَمْلح، وكبش أَمْلَحُ: بَيِّنُ المُلْحةِ
والمَلَح. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أُتيَ بكبشين
أَمْلَحَينِ فذبحهما؛ وفي التهذيب: ضَحَّى بكبشين أَملحين؛ قال الكسائي
وأَبو زيد وغيرهما: الأَمْلَح الذي فيه بياض وسواد ويكون البياض أَكثر.
وقد امْلَحَّ الكبش امْلِحاحاً: صار أَمْلَح؛ وفي الحديث: يُؤْتى بالموت
في صورة كبش أَمْلَح؛ ويقال: كبش أَمْلَحُ إِذا كان شعره خَلِيساً. قال
أَبو دُبْيانَ ابنُ الرَّعْبَلِ: أَبْغَضُ الشيوخ إِليَّ الأَقْلَحُ
الأَملَحُ الحَسُوُّ الفَسُوُّ.
وفي حديث خَبَّاب: لكنْ حمزةُ لم يكن له إِلاَّ نَمِرةٌ مَلْحاءُ أَي
بُرْدَة فيها خطوط سود وبيض، ومنه حديث عبيد بن خالد
(* قوله «ومنه حديث
عبيد بن خالد إلخ» نصه كما بهامش النهاية: كنت رجلاً شاباً بالمدينة فخرجت
في بردين وأَنا مسبلهما فطعنني رجل من خلفي، اما باصبعه واما بقضيب كان
معه، فالتفت إلخ.): خرجت في بردين وأَنا مُسْبِلُهما فالتفتُّ فإِذا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، فقلت: إِنما هي مَلْحاء، قال: وإِن كانت
مَلْحاء أَما لك فيَّ أُسْوَةٌ؟ والمَلْحاء من النِّعاج: الشَّمطاءُ تكون
سوداء تُنْفِذها شعرةٌ بيضاء. والأَمْلَحُ من الشَّعَرِ نحو الأَصْبَح وجعل
بعضهم الأَمْلَح الأَبيضَ النقيَّ البياض وقيل: المُلْحة بياض إِلى الحمرة
ما هو كلون الظبي؛ أَبو عبيدة: هو الأَبيض الذي ليس بخالص فيه عُفْرة.
ورجل أَمْلَحُ اللحية إِذا كان يعلو شعرَ لحيته بياضٌ من خِلْقةٍ، ليس من
شيب، وقد يكون من شيب ولذلك وصف الشيب بالمُلحَة؛ أَنشد ثعلب:
لكلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثْوُبا،
حتى اكتَسَى الشيبُ قِناعاً أَشْهَبا،
أَمْلَح لا لَذًّا ولا مُحَبَّبا
وقيل: هو الذي بياضه غالب لسواده وبه فسر بعضهم هذا البيت. والمُلْحة
والمَلَحُ: في جميع شعر الجسد من الإِنسان وكلِّ شيء بياضٌ يعلو السواد.
والمُلْحة: أَشدُّ الزَّرَق حتى يَضْرِب إِلى البياض؛ وقد مَلِح مَلَحاً
وامْلَحَّ وأَمْلَح؛ الأَزهري: الزُّرْقَةُ إِذا اشتدّت حتى تضرب إِلى
البياض قيل: هو أَمْلَحُ العين، ومنه كتيبة مَلْحاءُ؛ وقال حَسانُ بن ربيعة
الطائي:
وإِنا نَضْرِبُ المَلْحَاءَ حتى
تُوَالِّي، والسُّيُوفُ لنا شُهودُ
قال ابن بري: المشهور من الرواية: وأَنا نضرب الملحاء، بفتح الهمزة؛
وقبله:
لقد عَلِمَ القبائلُ أَن قومي
ذَوو حَدٍّ، إِذا لُبِسَ الحَديدُ
قال: ومعنى قوله حتى تولي أَي حتى تفرّ مولية يعني كتيبة أَعدائه، وجعل
تفليل السيوف شاهداً على مقارعة الكتائب ويروى: لها شهود، فمن روى لنا
شهود فإِنه جعل فُلولَها شُهوداً لهم بالمقارعة، ومن روى لها أَراد أَن
السيوف شهود على مقارعتها، وذلك تفليلها. ومَِلْحانُ: جُمادَى الآخرة؛ سمي
بذلك لابيضاضه بالثلج؛ قال الكميت:
إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ جُمْراً جُنُوبُها،
لِشَيْبانَ أَو مَلْحانَ، واليومُ أَشْهَبُ
شَِيبْانُ: جُمادَى الأُولى وقيل: كانون الأَول. ومَِلْحانُ: كانون
الثاني، سمي بذلك لبياض الثلج. الأَزهري: عمرو بن أَبي عمرو: شِيبانُ، بكسر
الشين، ومَِلْحان من الأَيام إِذا ابيضت الأَرض من الجَلِيتِ والصَّقِيعِ.
الجوهري: يقال لبعض شهور الشتاء مَِلْحانُ لبياض ثلجه.
والمُلاَّحِيُّ، بالضم وتشديد اللام: ضرب من العنب أَبيض في حبه طول،
وهو من المُلْحة؛ وقال أَبو قيس ابنُ الأَسْلَت:
وقد لاحَ في الصبحِ الثرَيَّا كما ترى،
كعُنْقودِ مُلاَّحِيَّةٍ، حين نَوَّرا
ابن سيده: عنب مُلاحِيٌّ أَبيض؛ قال الشاعر:
ومن تَعاجيبِ خَلْقِ اللهِ غاطِيَةٌ،
يُعْصَرُ منها مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ
قال: وحكى أَبو حنيفة مُلاَّحِيّ، وهي قليلة. وقال مرة: إِنما نسبه إِلى
المُلاَّحِ، وإِنما المُلاَّحُ في الطَّعْم، والمُلاحِيُّ من الأَراك
الذي فيه بياض وشُهْبة وحُمْرة؛ وأَنشد لمُزاحِمٍ العُقيْلِيّ:
فما أُمُّ أَحْوَى الطُّرَّتَيْنِ خَلا لَها،
بقُرَّى، مُلاحِيٌّ من المَرْدِ ناطِفُ
والمُلاحِيُّ: تِينٌ صِغار أَمْلَحُ صادق الحلاوة ويُزَبَّبُ.
وامْلاحَّ النخلُ: تلوَّن بُسْرُه بحمرة وصفرة.
وشجرةٌ مَلْحاء: سقط ورقها وبقيت عيدانها خُضْراً. والمَلْحاء من
البعير: الفِقَرُ التي عليها السَّنامُ؛ ويقال: هي ما بين السَّنامِ إِلى
العَجُز؛ وقيل: المَلْحاء لَحْمُ مُسْتَبْطِنِ الصُّلْبِ من الكاهل إِلى
العجز؛ قال العجاج:
موصولة المَلْحاءِ في مُسْتَعْظمِ،
وكَفَلٍ من نَحْضِه مُلَكَّمِ
والمَلْحاءُ: ما انْحَدَرَ عن الكاهل إِلى الصلب؛ وقوله:
رَفَعُوا رايةَ الضِّرابِ ومَرُّوا،
لا يبالونَ فارسَ المَلْحاءِ
يعني بفارس المَلْحاءِ ما على السَّنام من الشحم. التهذيب: والمَلْحاءُ
وَسَط الظهر بين الكاهل والعجز، وهي من البعير ما تحت السَّنام، قال: وفي
المَلْحاءِ سِتّ مَحالاتٍ والجمع مَلْحاوات.
الفرّاء: المَلِيحُ الحليم والراسِبُ والمِرَبُّ الحليم.
ابن الأَعرابي: المِلاحُ المِخْلاة. وجاء في الحديث: أَن المختار لما
قتل عمر بن سعد جعل رأْسه في مِلاح وعَلَّقه؛ المِلاحُ: المِخْلاة بلغى
هذيل؛ وقيل: هو سِنانُ الرمح، قال: والمِلاحُ السُّترة. والمِلاحُ: الرمح.
والمِلاحُ: أَن تَهُبَّ الجَنُوبُ بعد الشَّمال.
ويقال: أَصبنا مُلْحةً من الربيع أَي شيئاً يسيراً منه. وأَصاب المالُ
مُلْحَةً من الربيع: لم يستمكن منه فنال منه شيئاً يسيراً.
والمِلْحُ: السِّمَنُ القليل. وأَمْلَحَ البعيرُ إِذا حمل الشحم،
ومُلِح، فهو مَمْلوحٌ إِذا سمن. ويقال: كان ربيعنا مَمْلوحاً، وكذلك إِذا
أَلْبَنَ القومُ وأَسْمَنُوا. ومُلِّحَت الناقة، فهي مُمَلَّحٌ: سمنَت قليلاً؛
ومنه قول عروة بن الورد:
أَقَمْنا بها حِيناً، وأَكثرُ زادِنا
بقيةُ لَحْمٍ من جَزُورٍ مُمَلَّحِ
وجَزُورٌ مُمَلَّحٌ: فيها بقية من سمن؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
ورَدَّ جازِرُهُم حَرْفاً مُصَهَّرَةً،
في الرأْسِ منها وفي الرِّجْلَيْنِ تَمْلِيحُ
أَي سِمَنٌ؛ يقول: لا شحم لها إِلا في عينها وسُلاماها؛ كما قال:
ما دام مُخٌّ في سُلامَى أَو عَيْن
قال: أَول ما يبدأُ السِّمَنُ في اللسان والكَرِش، وآخر ما يبقى في
السُّلامَى والعين.
وتَمَلَّحتِ الإِبلُ: كَمَلَّحَتْ، وقيل: هو مقلوب عن تَحَلَّمَتْ أَي
سمنت، وهو قول ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: ولا أُرى للقلب هنا وجهاً،
قال: وأُرى مَلَحتِ الناقةُ، بالتخفيف، لغة في مَلَّحتْ. وتَمَلَّحَت
الضِّبابُ: كَتَحَلَّمت أَي سمنت. ومَلَّحَ القِدْرَ: جعل فيها شيئاً من شحم.
التهذيب عن أَبي عمرو: أَمْلَحْتُ القِدْرَ، بالأَلف، إِذا جعلت فيها
شيئاً من شحم.
وروي عن ابن عباس أَنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: الصادقُ
يُعْطى ثلاثَ خصال: المُلْحَةَ والمَهابةَ والمحبةَ؛ الملحة، بالضم:
البركة. يقال: كان ربيعنا مَمْلُوحاً فيه أَي مُخْصِباً مباركاً، وهي من
مَلَّحَتِ الماشيةُ إِذا ظهر فيها السِّمَنُ من الربيع، والمِلْحُ: البركة؛
يقال: لا يُبارِك الله فيه ولا يُمَلِّحُ، قاله ابن الأَنباري. وقال ابن
بُزُزْجٍ: مَلَحَ الله فيه فهو مَمْلوحٌ فيه أَي مبارك له في عيشه وماله؛
قال أَبو منصور: أَراد بالمُلْحة البركة. وإِذا دُعِيَ عليه قيل: لا
مَلَّحَ الله فيه ولا بارك فيه وقال ابن سيده في قوله: الصادق يُعْطى
المُلْحةَ، قال: أُراه من قولهم تَمَلَّحَتِ الإِبلُ سمنت فكأَنه يريد الفضل
والزياجة. وفي حديث عمرو ابن حُرَيْثٍ
(* قوله «وفي حديث عمرو بن حريث
إلخ» صدره كما بهامش النهاية، قال عبد الملك لعمرو بن حريث: أي الطعام أَكلت
أحب اليك؟ قال: عناق قد أجيد إلخ.): عَناقٌ قد أُجيدَ تَمْلِيحُها
وأُحْكِمَ نُضْجُها؛ ابن الأَثير: التمليح ههنا السَّمْطُ، وهو أَخذ شعرها
وصوفها بالماء؛ وقيل: تمليحها تسمينها من الجزور المُمَلَّح وهو السمين؛
ومنه حديث الحسن: ذكرت له التوراة فقال: أَتريدون أَن يكون جلدي كجلد الشاة
المَمْلوحة؟ يقال: مَلَحْتُ الشاةَ ومَلَّحْتها إِذا سَمَطْتها.
والمِلْحُ: الرَّضاعُ؛ قال أَبو الطَّمَحانِ وكانت له إِبل يَسْقِي
قوماً من أَلبانها ثم أَغاروا عليها فأَخذوها:
وإِني لأَرْجُو مِلْحها في بُطُونِكم،
وما بَسَطَتْ من جِلْدِ أَشْعَثَ أَغْبَرا
وذلك أَنه كان نزل عليه قوم فأَخذوا إِبله فقال: أَرجو أَن تَرْعَوْا ما
شَرِبْتُم من أَلبنان هذه الإِبل وما بَسَطتْ من جلود قوم كأَنَّ جلودهم
قد يبست فسمنوا منها؛ قال ابن بري: صوابه أَغبر بالخفض والقصيدة مخفوضة
الروي وأَوَّلها:
أَلا حَنَّتِ المِرْقالُ واشْتاقَ رَبُّها؟
تَذَكَّرُ أَرْماماً، وأَذْكُرُ مَعْشَرِي
قال: يقول إِني لأَرجو أَن يأْخذكم الله بحرمة صاحبها وغَدْرِكم به،
وكانوا استاقوا له نَعماً كان يسقيهم لبنها؛ ورأَيت في بعض حواشي نسخ الصحاح
أَن ابن الأَعرابي أَنشد هذا البيت في نوادره:
وما بَسَطتْ من جِلدِ أَشعَثَ مُقْتِرِ
الجوهري: والمَلْح، بالفتح، مصدر قولك مَلَحْنا لفلان مَلْحاً
أَرْضعناه؛ وقول الشاعر:
لا يُبْعِد اللهُ رَبُّ العِبا
دِ والمِلْح ما وَلَدَت خالِدَهْ
يعني بالمِلْح الرَّضاع؛ قال أَبو سعيد: المِلْحُ في قول أَبي
الطَّمَحانِ الحرمة والذِّمامُ. ويقال: بين فلان وفلان مِلْحٌ ومِلْحَةٌ إِذا كان
بينهما حرمة، فقال: أَرجو أَن يأْخذكم الله بحرمة صاحبها وغَدْرِكم بها.
قال أَبو العباس: العرب تُعَظِّمُ أَمر المِلح والنار والرماد. الأَزهري:
وقولهم مِلْح فلان على رُكْبَتيه فيه قولان: أَحدهما أَنه مُضَيِّعٌ
لحقِّ الرضاع غير حافظ له فأَدنى شيء يُنْسيه ذِمامَه كما أَن الذي يضع
المِلْح على ركبتيه أَدنى شيء يُبَدِّدُه؛ والقول الآخر أَنه سَيء الخلق يغضب
من أَدنى شيء كما أَنَّ المِلح على الرُّكْبة يَتَبَدَّدُ من أَدنى
شيء.وروي قوله: والمِلح ما ولدت خالده، بكسر الحاء، عطفه على قوله لا يبعد
الله وجعل الواو واو القسم. ابن الأَعرابي: المِلْحُ اللبنُ. ابن سيده:
مَلَحَ رَضعَ. الأَزهري يقال: مَلَحَ يَمْلَحُ ويَمْلُحُ إِذا رضع، ومَلَح
الماءُ ومَلُحَ يَمْلُحُ مَلاحةً.
والمِلاحُ: المُراضَعة؛ الليث: المِلاحُ الرَّضاعُ، وفي حديث وَفْدِ
هَوازِنَ: أَنهم كلموا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سَبْيِ عَشائرهم
فقال خطيبُهم: إِنا لو كنا مَلَحْنا للحرث بن أَبي شَمِر أَو للنعمان بن
المنذِرِ ثم نزل مَنْزِلك هذا منا لحفظ ذلك لنا، وأَنت خير المكفولين
فاحفظ ذلك؛ قال الأَصمعي: في قوله مَلَحْنا أَي أَرْضَعْنا لهما، وإِنما قال
الهَوازِنيُّ ذلك لأَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان مُسْتَرضَعاً
فيهم أَرضعته حليمة السعدية.
والمُمَالَحة: المُراضعة والمُواكلة. قال ابن بري: قال أَبو القاسم
الزجاجي لا يصح أَن يقال تَمالَحَ الرجلان إِذا رضع كل واحد منهما صاحبه، هذا
مُحال لا يكون، وإِنما المِلْحُ رَضاع الصبي المرأَةَ وهذا ما لا تصح
فيه المفاعلة، فالمُمَالحة لفظة مولَّدة وليست من كلام العرب، قال: ولا يصح
أَن يكون بمعنى المواكلة ويكون مأْخوذاً من المِلْح لأَن الطعام لا يخلو
من الملح، ووجه فساد هذا القول أَن المفاعلة إِنما تكون مأْخوذة من مصدر
مثل المُضاربة والمقاتلة، ولا تكون مأْخوذة من الأَسماء غير المصادر،
أَلا ترى أَنه لا يحسن أَن يقال في الاثنين إِذا أَكلا خبزاً بينهما
مُخَابزَة، ولا إِذا أَكلا لحماً بينهما مُلاحَمة؟ وفي الحديث: لا تُحَرِّمُ
المَلْحةُ والمَلْحتان أَي الرَّضْعة والرَّضْعتان، فأَما بالجيم، فهو
المصَّة وقد تقدمت. والمَِلْح، بالفتح والكسر: الرَّضْعُ.
والمَلَحُ: داء وعيب في رجل الدابة؛ وقد مَلِحَ مَلَحاً، فهو أَمْلَحُ.
والمَلَحُ، بالتحريك. وَرَم في عُرْقوب الفرس دون الجَرَدِ، فإِذا
اشتدَّ، فهو الجَرَدُ.
والمَلْحُ: سرعة
(* قوله «والملح سرعة إلخ» يقال ملح الطائر كمنع كثرت
سرعة خفقانه كما في القاموس.) خَفَقانِ الطائر بجناحيه؛ قال:
مَلْح الصُّقُورِ تحتَ دَجْنٍ مُغْيِنِ
قال أَبو حاتم: قلت للأَصمعي أَتراه مقلوباً من اللَّمْح؟ قال: لا،
إِنما يقال لَمَحَ الكوكَبُ ولا يقال مَلَح، فلو كان مقلوباً لَجَاز أَن يقال
مَلَح.
والأَمْلاحُ: موضع؛ قال طَرَفَةُ بن العَبْد:
عَفا من آلِ لَيْلَى السَّهْـ
ـبُ، فالأَمْلاحُ، فالغَمْرُ
وهذه كلها أَسماء أَماكن. ابن سيده: ومُلَيْح والمُلَيْحُ ومُلَيْحَةُ
وأَمْلاحٌ ومَلَحٌ والأُمَيْلِحُ والأَمْلَحانِ وذاتُ مِلْحٍ: كلها مواضع؛
قال جرير:
كأَنَّ سَلِيطاً في جَواشِنِها الحَصى،
إِذا حَلَّ، بينَ الأَمْلَحَيْنِ، وَقِيرُها
قوله في جواشِنَها الحضى أَي كأَنَّ أَفْهاراً في صدورهم، وقيل: أَراد
أَنهم غلاظ كأَنَّ في قلوبهم عُجَراً؛ قال الأَخطل:
بمُرْتَجِزٍ داني الرِّبابِ كأَنه،
على ذاتِ مِلْحٍ، مُقْسِمٌ ما يَرِيمُها
وبنو مُلَيْحٍ: بطن، وبنو مِلْحانَ كذلك. والأُمَيْلِحُ: موضع في بلاد
هُذَيل كانت به وقعة؛ قال المتنخل:
لا يَنْسَأُ الله مِنَّا مَعْشَراً شَهِدُوا
يومَ الأُمَيْلِح، لا غابُوا ولا جَرَحوا
يقول: لم يغيبوا فنُكْفَى أَن يُؤْسَرُوا أَو يُقْتَلوا، ولا جَرَحوا
أَي ولا قاتلوا إِذ كانوا معنا.
ويقال للنَّدَى الذي يسقط بالليل على البَقْل: أَمْلَحُ، لبياضه؛ وقول
الراعي يصف إِبلاً:
أَقامتْ به حَدَّ الربيعِ، وَجارُها
أَخُو سَلْوَةٍ، مَسَّى به الليلُ، أَمْلَحُ
يعني الندى؛ يقول: أَقامت بذلك الموضع أَيام الربيع، فما دام الندى، فهو
في سلوة من العيش، وإِنما قال مَسَّى به لأَنه يسقط بالليل؛ أَراد
بجارها ندى الليل يجيرها من العطش.
والمَلْحاءُ والشَّهْباء: كتيبتان كانتا لأَهل جَفْنَة؛ قال الجوهري:
والمَلْحاء كتيبة كانت لآل المُنْذِر؛ قال عمرو بن شاسٍ الأَسَدِيّ:
يُفَلِّقْنَ رأْسَ الكوكَبِ الفَخْمِ، بعدَما
تَدُورُ رَحَى المَلْحاءِ في الأَمرِ ذي البَزْلِ
والكوكبُ: الرئيسُ المُقَدَّم. والبَزْل: الشدة. ومُلْحةُ: اسم رجل.
ومُلْحةُ الجَرْمِيّ: شاعر من شعرائهم. ومُلَيْحٌ، مصغراً: حَيّ من خُزاعة
والنسبة إِليهم مُلَحِيٌّ مثال هُذَليٍّ.
التهذيب: والمِلاحُ أَن تشتكي الناقة حَياءَها فتؤخذَ خِرْقةٌ ويُطْلى
عليها دواء ثم تُلْصَقَ على الحياء فيَبرَأَ. وقال أَبو الهيثم: تقول
العرب للذي يَخْلِطُ كذباً بصِدْقٍ: هو يَخْصف حِذاءَه وهو يَرْتَثِئُ إِذا
خَلَط كذباً بحق، ويَمْتَلِحُ مثله، فإِذا قالوا فلان يَمْتَلِح، فهو
الذي لا يُخْلِصُ الصدق، وإِذا قالوا عند فلان كذب قليل، فهو الصَّدُوق الذي
لا يكذب، وإِذا قالوا إِن فلاناً يَمْتَذِقُ، فهو الكذوب.
زيت: ابن سيده: الزَّيتُ معروف، عُصارة الزَّيْتون. والزَّيْتُون: شجر
معروف، والزَّيْتُ: دُهْنه، واحدته زَيْتُونة، هذا في قول من جعله
فَعْلوتاً؛ قال ابن جني: هو مثالٌ فائتٌ، ومن العَجب أَن يفوت الكتابَ، وهو في
القرآن العزيز، وعلى أَفواه الناس، قال الله، عز وجل: والتينِ والزيتونِ؛
قال ابن عباس: هو تِينُكم هذا، وزَيْتُونكم هذا. قال الفراء: يقال إِنهما
مسجدان بالشأْم؛ وقيل: الذي كلم الله تعالى عنده موسى، عليه السلام؛
وقيل: الزيتون جبال الشأْم. ويقال للشجرة نفسها: زيتونة، ولثَمرتها: زيتونة،
والجمع: الزَّيْتون، وللدهن الذي يستخرج منه: زيت.
ويقال للذي يبيع الزيت: زَيَّاتٌ، وللذي يَعْتَصِره: زَيَّات.
وقال أَبو حنيفة: الزيتون من العِضاءِ. قال الأَصمعي: حدثني عبد الملك
بن صالح بن علي، قال: تَبْقَى الزيتونةُ ثلاثةَ آلافِ سنة. قال: وكلُّ
زَيْتُونةٍ بفلَسْطِينَ من غَرْس أُمَم قبل الرُّوم، يقال لهم
اليُونانِيُّون.
وزِتُّ الثَّريدَ والطعامَ أَزِيتُه زَيْتاً، فهو مَزِيتٌ، على
النَّقْصِ، ومَزْيُوتٌ، على التَّمام: عَمِلْتُه بالزَّيت؛ قال الفرزدق في
النُّقصان يهجو ذا الأَهْدام:
ولم أَرَ سَوَّاقِينَ غُبْراً، كَساقةٍ
يَسُوقونَ أَعْدالاً، يُدِلُّ بَعِيرُها
جاؤُوا بِعِيرٍ، لم تَكُنْ يَمَنِيَّةً،
ولا حِنْطة الشأْمِ المَزِيتِ خَميرُها
هكذا أَنشده أَبو عليّ؛ والرواية:
أَتَتْهم بِعِيرٍ لم تكنْ هَجَرِيَّةً
لأَنه لما أَراد أَن يَنْفِي عن عِيرِ جعفرٍ أَن تَجْلِبَ إِليهم تمراً
أَو حِنْطة، إِنما ساقتْ إِليهم السلاحَ والرجالَ فقتلوهم؛ أَلا تراه
يقول قبل هذا:
ولم يأْتِ عِيرٌ قبلَها بالذي أَتتْ
به جَعْفَراً، يومَ الهُضَيْباتِ، عِيرُها
أَتَتْهم بعَمْرو، والدُّهَيْمِ، وتِسْعةٍ
وعِشْرينَ أَعْدالاً، تَمِيلُ أُيُورُها؟
أَي لم تكن هذه الأَعْدالُ التي حَمَلَتْها العِيرُ من ثيابِ اليَمن،
ولا من حنطة الشام. ومعنى يُدِلّ: يَذْهَبُ سَنامُه لثِقَلِ حِمْلِه.
اللحياني: زِتُّ الخُبْزَ والفَتُوتَ لتَتُّه بزَيْتٍ. وزِتُّ رأْسي
ورأْسَ فلانٍ: دَهَنْتُه بالزيت. وازَّتُّ به: ادَّهَنْتُ. وزِتُّ القَومَ:
حعلتُ أَديمهم الزَّيتَ. وزَيَّتُّهم إِذا زَوَّدْتَهم الزيتَ. وزاتَ
القومَ يَزيتُهم زَيْتاً: أَطعمهم الزيتَ؛ هذه رواية عن اللحياني.
وأَزاتُوا: كثُر عندهم الزيتُ، عنه أَيضاً، قال: وكذلك كل شيء من هذا إِذا أَردت
أَطعمتهم، أَو وهبت لهم، قُلْتَه: فَعَلْتهم، وإِذا أَردتَ أَنَّ ذلك قد
كثُر عندهم، قلتَ: قد أَفْعَلُوا.
وازْداتَ فلانٌ إِذا ادَّهَنَ بالزَّيْتِ، وهو مُزْداتٌ؛ وتصغيره
بتمامه: مُزَيْتِيتٌ.
وجاؤوا يَسْتَزِيتون أَي يَسْتَوْهِبُون الزيتَ.