لعبد الرحمن بن محمد بن علي بن أحمد.
وهو: التاريخ المرموز.
الذي كتبه: سنة 839، تسع وثلاثين وثمانمائة.
هجــر: الــهَجْــرُ: ضد الوصل. هَجَــره يَــهْجُــرُه هَجْــراً وهِجْــراناً:
صَرَمَه، وهما يَهْتَجِرانِ ويَتَهاجَرانِ، والاسم الــهِجْــرَةُ. وفي الحديث: لا
هِجْــرَةَ بعد ثلاثٍ؛ يريد به الــهَجْــر َ ضدَّ الوصلِ، يعني فيما يكون بين
المسلمين من عَتْبٍ ومَوْجِدَةٍ أَو تقصير يقع في حقوق العِشْرَة
والصُّحْبَةِ دون ما كان من ذلك في جانب الدِّين، فإِن هِجْــرَة أَهل الأَهواء
والبدع دائمة على مَرِّ الأَوقات ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إِلى الحق،
فإِنه، عليه الصلاة والسلام، لما خاف على كعب ابن مالك وأَصحابه النفاق
حين تخلفوا عن غزوة تَبُوكَ أَمر بِــهِجْــرانهم خمسين يوماً، وقد هَجَــر
نساءه شهراً، وهجــرت عائشة ابنَ الزُّبَيْرِ مُدَّةً، وهَجَــر جماعة من
الصحابة جماعة منهم وماتوا متهاجرين؛ قال ابن الأَثير: ولعل أَحد الأَمرين
منسوخ بالآخر، ومن ذلك ما جاء في الحديث: ومن الناس من لا يذكر الله إِلا
مُهاجِراً؛ يريد هِجْــرانَ القلب وتَرْكَ الإِخلاص في الذكر فكأَنَّ قلبه
مهاجر للسانه غير مُواصِلٍ له؛ ومنه حديث أَبي الدرداء، رضي الله عنه: ولا
يسمعون القرآن إِلا هَجْــراً؛ يريد الترك له والإِعراض عنه. يقال: هَجَــرْتُ
الشيء هَجْــراً إِذا تركته وأَغفلته؛ قال ابن الأَثير: رواه ابن قتيبة في
كتابه: ولا يسمعون القول إِلا هُجْــراً، بالضم، وقال: هو الخنا والقبيح
من القول، قال الخطابي: هذا غلط في الرواية والمعنى، فإِن الصحيح من
الرواية ولا يسمعون القرآن، ومن رواه القول فإِنما أَراد به القرآن، فتوهم
أَنه أَراد به قول الناس، والقرآنُ العزيز مُبَرَّأٌ عن الخنا والقبيح من
القول. وهَجَــر فلان الشِّرْك هَجْــراً وهِجْــراناً وهِجْــرَةً حَسَنَةً؛ حكاه
عن اللحياني.
والــهِجْــرَةُ والــهُجْــرَةُ: الخروج من أَرض إِلى أَرض. والمُهاجِرُونَ:
الذين ذهبوا مع النبي، صلي الله عليه وسلم، مشتق منه. وتَــهَجَّــرَ فلان أَي
تشبه بالمهاجرين. وقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: هاجِرُوا ولا
تَــهَجَّــروا؛ قال أَبو عبيد: يقول أَخْلِصُوا الــهِجْــرَةَ لله ولا تَشَبَّهُوا
بالمهاجِرِينَ على غير صحة منكم، فهذا هو التَّــهَجُّــر، وهو كقولك فلان
يَتَحَلَّم وليس بحليم ويَتَشَجَّع أَي أَنه يظهر ذلك وليس فيه. قال
الأَزهري: وأَصل المُهاجَرَةِ عند العرب خروجُ البَدَوِيّ من باديته إِلى
المُدنِ؛ يقال: هاجَرَ الرجلُ إِذا فعل ذلك؛ وكذلك كل مُخْلٍ بِمَسْكَنِه
مُنْتَقِلٍ إِلى قوم آخرين بِسُكناهُ، فقد هاجَرَ قومَه. وسمي المهاجرون
مهاجرين لأَنهم تركوا ديارهم ومساكنهم التي نَشَؤُوا بها لله، ولَحِقُوا بدار
ليس لهم بها أَهل ولا مال حين هاجروا إِلى المدينة؛ فكل من فارق بلده من
بَدَوِيٍّ أَو حَضَرِيٍّ أَو سكن بلداً آخر، فهو مُهاجِرٌ، والاسم منه
الــهِجْــرة. قال الله عز وجل: ومن يُهاجِرْ في سبيل الله يَجِدْ في الأَرض
مُراغَماً كثيراً وسَعَةً. وكل من أَقام من البوادي بِمَنادِيهم ومَحاضِرِهم
في القَيْظِ ولم يَلْحَقُوا بالنبي، صلي الله عليه وسلم، ولم يتحوّلوا
إِلى أَمصار المسلمين التي أُحدثت في الإِسلام وإِن كانوا مسلمين، فهم غير
مهاجرين، وليس لهم في الفَيْءِ نصيب ويُسَمَّوْنَ الأَعراب. الجوهري:
الــهِجْــرَتانِ هِجْــرَةٌ إِلى الحبشة وهجــرة إِلى المدينة. والمُهاجَرَةُ من
أَرض إِلى أَرض: تَرْكُ الأُولى للثانية. قال ابن الأَثير: الــهجــرة هجــرتان:
إِحداهما التي وعد الله عليها الجنةَ في قوله تعالى: إِن الله اشترى من
المؤمنين أَنْفُسَهم وأَموالَهم بأَن لهم الجنَّة، فكان الرجل يأْتي
النبي، صلي الله عليه وسلم، ويَدَعُ أَهله وماله ولا يرجع في شيء منه وينقطع
بنفسه إِلى مُهاجَرِه، وكان النبي، صلي الله عليه وسلم، يكره أَن يموت
الرجل بالأَرض التي هاجر منها، فمن ثم قال: لكن البائِسُ سَعْدُ بن
خَوْلَةَ، يَرْثي له أَن ماتَ بمكة، وقال حين قدم مكة: اللهم لا يَجْعَلْ
مَنايانا بها؛ فلما فتحت مكة صارت دار إِسلام كالمدينة وانقطعت الــهجــرة؛ والــهجــرة
الثانية من هاجر من الأَعراب وغزا مع المسلمين ولم يفعل كما فعل أَصحاب
الــهجــرة الأُولى، فهو مهاجر، وليس بداخل في فضل من هاجر تلك الــهجــرة، وهو
المراد بقوله: لا تنقطع الــهجــرة حتى تنقطع التوبة، فهذا وجه الجمع بين
الحديثين، وإِذا أَطلق ذكر الــهجــرتين فإِنما يراد بهما هجــرة الحبشة وهجــرة
المدينة. وفي الحديث: سيكون هِجْــرَةٌ بعد هِجْــرَة، فخيار أَهل الأَرض
أَلْزَمُهُمْ مُهاجَرَ إِبراهيمَ؛ المُهاجَرُ، بفتح الجيم: موضع المُهاجَرَةِ،
ويريد به الشام لأَن إِبراهيم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، لما خرج
من أَرض العراق مضى إِلى الشام وأَقام به. وفي الحديث: لا هِجْــرَةَ بعد
الفتح ولكن جهادٌ ونِيَّةٌ. وفي حديث آخر: لا تنقطع الــهجــرة حتى تنقطع
التوبة. قال ابن الأَثير: الــهِجْــرة في الأَصل الاسم من الــهَجْــرِ ضدِّ الوصلِ،
وقد هاجَرَ مُهاجَرَةً، والتَّهاجُرُ التَّقاطُعُ، والــهِجِــرُّ
المُهاجَرَةُ إِلى القُرَى؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
شَمْطاءُ جاءتْ من بِلادِ الحَرِّ،
قد تَرَكَتْ حَيَّهْ وقالت: حَرِّ
ثم أَمالتْ جانِبَ الخِمِرِّ،
عَمْداً على جانِبِها الأَيْسَرِّ،
تَحْسَبُ أَنَّا قُرُبَ الــهِجِــرِّ
وهَجَــرَ الشيءَ وأَــهْجَــرَه. تركه؛ الأَخيرة هذلية؛ قال أُسامة:
كأَني أُصادِيها على غُبْرِ مانِعٍ
مُقَلَّصَةً، قد أَــهْجَــرَتْها فُحُولُها
وهَجَــر الرجلُ هَجْــراً إِذا تباعد ونَأَى. الليث: الــهَجْــرُ من
الــهِجْــرانِ، وهو ترك ما يلزمك تعاهده. وهَجَــر في الصوم يَــهْجُــرُ هِجْــراناً: اعتزل
فيه النكاح. ولقيته عن هَجْــرٍ أَي بعد الحول ونحوه؛ وقيل: الــهَجْــر
السَّنَةُ فصاعداً، وقيل: بعد ستة أَيام فصاعداً، وقيل: الــهَجْــرُ المَغِيب
أَيّاً كان؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لمَّا أَتاهمْ، بعد طُولِ هَجْــرِه،
يَسْعَى غُلامُ أَهْلِه بِبِشْرِه
يبشره أَي يبشرهم به. أَبو زيد: لقيت فلاناً عن عُفْرٍ: بعد شهر ونحوه،
وعن هَجْــرٍ: بعد الحول ونحوه. ويقال للنخلة الطويلة: ذهبت الشجرة هَجْــراً
أَي طولاً وعِظماً. وهذا أَــهْجَــرُ من هذا أَي أَطول منه وأَعظم. ونخلة
مُــهْجِــرٌ ومُــهْجِــرَةٌ: طويلة عظيمة، وقال أَبو حنيفة: هي المُفْرِطَةُ
الطول والعِظَم. وناقة مُــهْجِــرَةٌ: فائقة في الشحم والسَّيْرِ، وفي التهذيب:
فائقة في الشحم والسِّمَنِ. وبعير مُــهْجِــرٌ: وهو الذي يَتَناعَتُه الناس
ويَــهْجُــرون بذكره أَي يَنْتَعِتُونه؛ قال الشاعر:
عَرَكْرَكٌ مُــهْجِــرُ الضُّوبانِ أَوَّمَه
رَوْضُ القِذافِ رَبيعاً أَيَّ تَأْوِيمِ
قال أَبو زيد: يقال لكل شيء أَفْرَطَ في طول أَو تمام وحُسْنٍ: إِنه
لمُــهْجِــرٌ. ونخلة مُــهْجِــرَةٌ إِذا أَفْرَطَتْ في الطول؛ وأَنشد:
يُعْلى بأَعلى السَّحْق منها
غشاش الهُدْهُدِ القُراقر*قوله «يعلى إلخ» هكذا بالأصل.
قال: وسمعت العرب تقول في نعت كل شيء جاوز حَدَّه في التمام: مُــهْجِــرٌ.
وناقة مُــهْجِــرَةٌ إِذا وصفت بِنَجابَةٍ أَو حُسْنٍ. الأَزهري: وناقة
هاجِرَة فائقة؛ قال أَبو وَجْزَةَ:
تُبارِي بأَجْيادِ العَقِيقِ، غُدَيَّةً،
على هاجِراتٍ حانَ منها نُزولُها
والمُــهْجِــرُ: النجيب الحَسَنُ الجميل يَتَناعَتُه الناسُ ويَــهْجُــرون
بكره أَي يتناعَتُونه. وجارية مُــهْجِــرَةٌ إِذا وُصِفَتْ بالفَراهَةِ
والحُسْنِ، وإِنما قيل ذلك لأَن واصفها يخرج من حد المقارب الشكل للموصوف إِلى
صفة كأَنه يَــهْجُــر فيها أَي يَهْذِي. الأَزهري: والــهُجَــيرة تصغير
الــهَجْــرة، وهي السمينة التامة.
وأَــهْجَــرَتِ الجاريةُ: شَبَّتْ شباباً حسناً. والمُــهْجِــر: الجيد الجميل
من كل شيء، وقيل: الفائق الفاضل على غيره؛ قال:
لما دَنا من ذاتِ حُسْنٍ مُــهْجِــر
والــهَجِــيرُ: كالمُــهْجِــرِ؛ ومنه قول الأَعرابية لمعاوية حين قال لها: هل
من غَدَاء؟ فقالت: نعم، خُبْزٌ خَمِير ولَبَنٌ هَجِــير وماءٌ نَمِير أَي
فائق فاضل.
وجَمَلٌ هَجْــر وكبشٌ هَجْــر: حسن كريم. وهذا المكان أَــهْجَــر من هذا أَي
أَحسن؛ حكاه ثعلب؛ وأَنشد:
تَبَدَّلْتُ داراً من دِيارِكِ أَــهْجَــرَا
قال ابن سيده: ولم نسمع له بفعل فعسى أَن يكون من باب أَحنك الشاتين
وأَحنك البعيرين. وهذا أَــهْجَــرُ من هذا أَي أَكرم، يقال في كل شيء؛
وينشد:وماء يَمانٍ دونه طَلَقٌ هَجْــرُ
يقول: طَلَقٌ لا طَلَقَ مثله. والهَاجِرُ: الجَيِّدُ الحَسَنُ من كل
شيء.والــهُجْــرُ: القبيح من الكلام، وقد أَــهْجَــرَ في منطقه إِــهْجــاراً
وهُجْــراً؛ عن كراع واللحياني، والصحيح أَن الــهُجْــر، بالضم، الاسم من الإِــهْجــار
وأَن الإِــهْجــارَ المصدر. وأَــهْجَــرَ به إِــهْجــاراً: استهزأَ به وقال فيه
قولاً قبيحاً. وقال: هَجْــراً وبَجْراً وهُجْــراً وبُجْراً، إِذا فتح فهو مصدر،
وإِذا ضم فهو اسم. وتكلم بالمَهاجِر أَي بالــهُجْــر، ورماه بِهاجِرات
ومُــهْجِــرات، وفي التهذيب: بِمُــهَجِّــرات أَي فضائح. والــهُجْــرُ: الهَذيان.
والــهُجْــر، بالضم: الاسم من الإِــهْجــار، وهو الإِفحاش، وكذلك إِذا أَكثر الكلام
فيما لا ينبغي. وهَجَــرَ في نومه ومرضه يَــهْجُــرُ هَجْــراً وهِجِّــيرَى
وإِــهْجِــيرَى: هَذَى. وقال سيبويه: الــهِجِّــيرَى كثرة الكلام والقول السيّء.
الليث: الــهِجِّــيرَى اسم من هَجَــر إِذا هَذَى. وهَجَــر المريضُ يَــهْجُــر
هَجْــراً، فهو هاجِرٌ، وهَجَــرَ به في النوم يَــهْجُــر هَجْــراً: حَلَمَ وهَذَى.
وفي التنزيل العزيز: مستكبرين به سامِراً تَــهْجُــرُونَ وتُــهْجِــرُون؛
فَتُــهْجِــرُون تقولون القبيح، وتَــهْجُــرُونَ تَهْذُون. الأَزهري قال: الهاء في
قوله عز وجل للبيت العتيق تقولون نحن أَهله، وإِذا كان الليلُ سَمَرْتم
وهَجَــرْتُمُ النبيَّ، صلي الله عليه وسلم، والقرآنَ، فهذا من الــهَجْــر
والرَّفْضِ، قال: وقرأَ ابن عباس، رضي الله عنهما: تُــهْجِــرُون، من أَــهْجَــرْتُ،
وهذا من الــهُجْــر وهو الفُحْش، وكانوا يسبُّون النبي، صلي الله عليه وسلم،
إِذا خَلَوْا حولَ البيت ليلاً؛ قال الفراء: وإِن قُرئَ تَــهْجُــرون، جعل
من وقولك هَجَــرَ الرجلُ في منامه إِذا هَذَى، أَي أَنكم تقولون فيه ما
ليس فيه وما لا يضره فهو كالهَذيان. وروي عن أَبي سعيد الخدري، رضي الله
عنه، أَنه كان يقول لبنيه: إِذا طفتم بالبيت فلا تَلْغُوا ولا تــهْجُــروا،
يروى بالضم والفتح، من الــهُجْــر الفُحْش والتخليط؛ قال أَبو عبيد: معناه ولا
تَهْذُوا، وهو مثل كلام المحموم والمُبَرْسَمِ. يقال: هَجَــر يَــهْجُــر
هَجْــراً، والكلام مَــهْجُــور، وقد هَجَــر المريضُ. وروي عن إِبراهيم أَنه قال
في قوله عز وجل: إِنَّ قومي اتَّخَذُوا هذا القرآنَ مَــهْجُــوراً، قال:
قالوا فيه غير الحق، أَلم ترَ إِلى المريض إِذا هجــر قال غير الحق؟ وعن مجاهد
نحوه. وأَما قول النبي، صلي الله عليه وسلم: إِني كنت نَهَيْتُكم عن
زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هُجْــراً، فإِنَّ أَبا عبيد ذكر عن الكسائي
والأَصمعي أَنهما قالا: الــهُجْــرُ الإِفحاش في المنطق والخنا، وهو بالضم،
من الإِــهْجــار، يقال منه: يُــهْجِــرُ؛ كما قال الشماخ:
كماجِدَةِ الأَعْراقِ قال ابنُ ضَرَّةٍ
عليها كلاماً، جارَ فيه وأَــهْجَــرا
وكذلك إِذا أَكثر الكلام فيما لا ينبغي. ومعنى الحديث: لا تقولوا
فُحْشاً. هَجَــر يَــهْجُــر هَجْــراً، بالفتح، إِذا خلط في كلامه وإِذا هَذَى. قال
ابن بري: المشهور في رواية البيت عند أَكثر الرواة: مُبَرَّأَة الأَخلاق
عوضاً من قوله: كماجدة الأَعراق، وهو صفة لمخفوض قبله، وهو:
كأَنَّ ذراعيها ذِراعَا مُدِلَّةٍ،
بُعَيْدَ السِّبابِ، حاوَلَتْ أَن تَعَذَّرا
يقول: كأَنّ ذراعي هذه الناقة في حسنهما وحسن حركتهما ذراعا امرأَة
مُدِلَّة بحسن ذراعيها أَظهرتهما بعد السباب لمن قال فيها من العيب ما ليس
فيها، وهو قول ابن ضرتها، ومعنى تعَذَّر أَي تَعتذر من سوءِ ما رميت به؛
قال: ورأَيت في الحاشية بيتاً جُمِعَ فيه هُجْــر على هواجِر، وهو من الجموع
الشاذة عن القياس كأَنه جمع هاجِرَةٍ، وهو:
وإِنَّكَ يا عامِ بنَ فارِس قُرْزُلٍ
مُعِيدٌ على قِيل الخنا والهَواجِرِ
قال ابن بري: هذا البيت لسلمة بن الخُرْشُبِ الأَنماري يخاطب عامر بن
طفيل. وقُرْزُلُ: اسم فرس للطفيل. والمعيد: الذي يعاود الشيءَ مرة بعد مرة.
قال: وكان عثمان بن جني يذهب إِلى أَن الهواجر جمع هُجْــر كما ذكر غيره،
ويرى «أَنه من الجموع الشاذة كأَنَّ واحدها هاجرة، كما قالوا في جمع حاجة
حوائج، كأَنَّ واحدها حائجة، قال: والصحيح في هواجر أَنها جمع هاجرة
بمعنى الــهُجْــر، ويكون من المصادر التي جاءَت على فاعلة مثل العاقبة والكاذبة
والعافية؛ قال: وشاهد هاجرة بمعنى الــهُجْــر قول الشاعر أَنشده المفضل:
إِذا ما شئتَ نالَكَ هاجِراتِي،
ولم أُعْمِلْ بِهِنَّ إِليك ساقِي
فكما جُمِعَ هاجِرَةٌ على هاجِرات جمعاً مُسَلَّماً كذلك تُجْمَعُ هاجرة
على هواجر جمعاً مكسراً. وفي الحديث: قالوا ما شَأْنُه أَــهَجَــرَ؟ أَي
اختلف كلامه بسبب المرض على سبيل الاستفهام، أَي هل تغير كلامه واختلط
لأَجل ما به من المرض. قال ابن الأَثير: هذا أَحسن ما يقال فيه ولا يجعل
إِخباراً فيكون إِما من الفُحْشِ أَو الهَذَيانِ، قال: والقائلُ كان عُمَر
ولا يظن به ذلك.
وما زال ذلك هِجِّــيراه وإِجْرِيَّاه وإِــهْجِــيراهُ وإِــهْجِــيراءَه، بالمد
والقصر، وهِجِّــيره وأُــهْجُــورَتَهُ ودَأْبَه ودَيْدَنَهُ أَي دأْبه وشأْنه
وعادته. وما عنده غَناءُ ذلك ولا هَجْــراؤُه بمعنى. التهذيب: هِجِّــيرَى
الرجل كلامه ودأْبه وشأْنه؛ قال ذو الرمة:
رَمَى فأَخْطَأَ، والأَقدارُ غالِبةٌ
فانْصَعْنَ، والويلُ هِجِّــيراه والحَرَبُ
الجوهري: الــهِجِّــير، مثال الفِسِّيق، الدَّأْبُ والعادة، وكذلك
الــهِجِّــيرى والإِــهْجِــيرَى. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: ما له هِجِّــيرى غيرها؛ هي
الدَّأْبُ والعادةُ والدِّيْدَنُ.
والــهَجِــير والــهَجِــيرة والــهَجْــر والهاجِرَةُ: نصف النهار عند زوال الشمس
إِلى العصر، وقيل في كل ذلك: إِنه شدة الحر؛ الجهري: هو نصف النهار عند
اشتداد الحر؛ قال ذو الرمة:
وبَيْداءَ مِقْفارٍ، يكَادُ ارتِكاضُها
بآلِ الضُّحى، والــهَجْــرُ بالطَّرْفِ يَمْصَحُ
والتَّــهْجِــير والتَّــهَجُّــر والإِــهْجــارُ: السير في الهاجرة. وفي الحديث:
أَنه كان، صلي الله عليه وسلم، يصلي الــهَجِــيرَ حين تَدْحَضُ الشمسُ؛
أَراد صلاة الــهَجِــير يعني الظهر فحذف المضاف. وقد هَجَّــرَ النهارُ وهَجَّــرَ
الراكبُ، فهو مُــهَجِّــرٌ. وفي حديث زيد بن عمرو: وهل مُــهَجِّــر كمن قالَ أَي
هل من سار في الهاجرة كمن أَقام في القائلة. وهَجَّــرَ القومُ
وأَــهْجَــرُوا وتَــهَجَّــرُوا: ساروا في الهاجرة؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:بأَطْلاحِ مَيْسٍ قد أَضَرَّ بِطِرْقِها
تَــهَجُّــرُ رَكْبٍ، واعْتِسافُ خُرُوقِ
وتقول منه: هَجَّــرَ النهارُ؛ قال امرؤ القيس:
فَدَعْ ذا، وسَلِّ الهَمَّ عنك بِجَسْرَةٍ
ذَمُولٍ، وإِذا صامَ النهارُ وهَجَّــرا
وتقول: أَتَيْنا أَهْلَنا مُــهْجِــرين كما يقالُ مُوصِلين. أَي في وقت
الهاجرة والأَصِيل. الأَزهري عن أَبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول
الله، صلي الله عليه وسلم: لو يعلم الناسُ ما في التــهجــير لاسْتَبَقُوا
إِليه. وفي حديث آخر مرفوع: المُــهَجِّــرُ إِلى الجمعة كالمُهْدي بَدَنَةً. قال
الأَزهري: يذهب كثير من الناس إِلى أَن التَّــهْجِــيرَ في هذه الأَحاديث
من المُهاجَرَة وقت الزوال، قال: وهو غلط والصواب فيه ما روى أَبو داود
المَصاحِفي عن النضر بن شميل أَنه قال: التَّــهجــير إِلى الجمعة وغيرها
التبكير والمبادرة إِلى كل شيء، قال: وسمعت الخليل يقول ذلك، قاله في تفسير
هذا الحديث. يقال: هَجَّــرَ يُــهَجِّــرُ تَــهْجِــيراً، فهو مُــهَجِّــر، قال
الأَزهري: وهذا صحيح وهي لغة أَهل الحجاز ومن جاورهم من قيس؛ قال لبيد:
رَاحَ القَطِينُ بــهَجْــرٍ بَعْدَما ابْتَكَرُوا
فقرن الــهَجْــرَ بالابتكار. والرواحُ عندهم: الذهابُ والمُضيُّ. يقال: راح
القوم أَي خَفُّوا ومَرُّوا أَيَّ وقت كان. وقوله، صلي الله عليه وسلم:
لو يعلم الناس ما في التَّــهْجِــير لاسْتَبَقُوا إِليه، أَراد التَّبْكِيرَ
إِلى جميع الصلوات، وهو المضيّ إِليها في أَوَّل أَوقاتها. قال
الأَزهري: وسائر العرب يقولون: هَجَّــر الرجل إِذا خرج بالهاجرة، وهي نصف النهار.
ويقال: أَتيته بالــهَجِــير وبالــهَجْــرِ؛ وأَنشد الأَزهري عن ابن الأَعرابي
في نوادره قال: قال جِعْثِنَةُ بن جَوَّاسٍ الرَّبَعِيّ في ناقته:
هلَْ تَذْكُرين قَسَمِي ونَذْري،
أَزْمانَ أَنتِ بِعَرُوضِ الجَفْرِ،
إِذ أَنتِ مِضْرارٌ جَوادُ الحُضْرِ،
عَلَيَّ، إِن لم تَنْهَضي بِوِقْري،
بأَربعين قُدِّرَتْ بِقَدْرِ،
بالخالديّ لا بصاعِ حَجْرِ،
وتُصْبِحي أَيانِقاً في سَفْرِ،
يُــهَجِّــرُونَ بَــهَجِــيرِ الفَجْرِ،
ثُمَّتَ تَمْشي لَيْلَهُمْ فَتَسْري،
يَطْوُونَ أَعْراضَ الفِجاج الغُبْرِ،
طَيَّ أَخي التَّجْرِ بُرُودَ التَّجْرِ
قال: المِضْرارُ التي تَنِدُّ وتَرْكَبُ شِقَّها من النشاط. قال
الأَزهري: قوله يُــهَجِّــرُون بــهجــير الفجر أَي يبكرون بوقت الفجر. وحكى ابن السكيت
عن النضر أَنه قال: الهاجِرَة إِنما تكون في القيظ، وهي قبل الظهر بقليل
وبعدها بقليل؛قال: الظهيرة نصف النهار في القيظ حين تكون الشمس بِحِيال
رأْسك كأَنها لا تريد أَن تبرح. وقال الليث: أَــهْجَــرَ القومُ إِذا صاروا
في ذلك الوقت، وهَجَّــرَ القومُ إِذا ساروا في وقته. قال أَبو سيعد:
الهاجرة من حين نزول الشمس، والهُوَيْجِرَةُ بعدها بقليل. قال الأَزهري: وسمعت
غير واحد من العرب يقول: الطعام الذي يؤْكل نصف النهار الــهَجُــورِيُّ.
والــهَجــير: الحوض العظيم؛ وأَنشد القَناني:
يَفْري الفَريَّ بالــهَجِــير الواسِع
وجمعه هُجُــرٌ، وعَمَّ به ابن الأَعرابي فقال: الــهَجِــير الحوض، وفي
التهذيب: الحوض المَبْنِيّ؛ قالت خَنْساء تصف فرساً:
فمال في الشَّدِّ حثِيثاً، كما
مال هَجِــيرُ الرجُل الأَعْسَرِ
تعني بالأَعسر الذي أَساء بناء حوضه فمال فانهدم؛ شبهت الفرس حين مال في
عدوه وجَدَّ في حُضْرِه بحوض مُلِئَ فانْثَلَم فسال ماؤه. والــهَجِــيرُ:
ما يَبِس من الحَمْضِ. والــهَجِــيرُ: المتروك. وقال الجوهري: والــهَجِــيرُ
يَبِيسُ الحَمْضِ الذي كَسَرَتْهُ الماشية وهُجِــر أَي تُرِكَ؛ قال ذو
الرمة:ولم يَبْقَ بالخَلْصاءِ، مما عَنَتْ به
من الرُّطْبِ، إِلاَّ يَبْسُها وهَجِــيرُها
والــهِجــارُ: حَبْل يُعْقَدُ في يد البعير ورجله في أَحد الشِّقَّيْنِ،
وربما عُقِدَ في وَظِيفِ اليَدِ ثم حُقِبَ بالطَّرَفِ الآخر؛ وقيل:
الــهِجــارُ حبل يُشد في رُسْغ رجله ثم يُشَدُّ إِلى حَقْوِه إِن كان عُرْياناً،
وإِن كان مَرْحُولاً شُدَّ إِلى الحَقَبِ. وهَجَــرَ بعيرَه يَــهْجُــرُه
هَجْــراً وهُجُــوراً: شَدَّه بالــهِجــارِ.
الجوهري: المَــهْجُــورُ الفحل يُشَدُّ رأْسه إِلى رجله. وقال الليث:
تُشَدُّ يد الفحل إِلى إِحدى رجليه، يقال فحل مَــهْجُــورٌ؛ وأَنشد:
كأَنَّما شُدَّ هِجــاراً شاكِلا
الليث: والــهِجــارُ مخالف الشِّكالِ تُشَدُّ به يد الفحل إِلى إِحدى
رجليه؛ واستشهد بقوله:
كأَنما شُدّ هجــاراً شاكلا
قال الأَزهري: وهذا الذي حكاه الليث في الــهِجــار مقارب لما حكيته عن
العرب سماعاً وهو صحيح، إِلا أَنه يُــهْجَــرُ بالــهِجــار الفَحْلُ وغيره. وقال
أَبو الهيثم: قال نُصَيْرٌ هَجَــرْتُ البَكْرَ إِذا ربطت في ذراعه حبلاً
إِلى حقوه وقصَّرته لئلا يقدر على العَدْوِ؛ قال الأَزهري: والذي سمعت من
العرب في الــهِجــار أَن يؤْخذ فحل ويسوّى له عُرْوتانِ في طرفيه وزِرَّانِ ثم
تُشَدَّ إِحدى العروتين في رُسْغ رجل الفرس وتُزَرَّ، وكذلك العُرْوَة
الأُخرى في اليد وتُزَرَّ، قال: وسمعتهم يقولون: هَجِّــرُوا خيلكم. وقد
هَجَّــرَ فلان فرسه. والمــهجــور: الفحل يُشدّ رأْسه إِلى رجله. وعَدَدٌ
مُــهْجِــر: كثير؛ قال أَبو نُخَيْلَةَ:
هذاك إِسحق، وَقِبْصٌ مُــهْجِــرُ
الأَزهري في الرباعي: ابن السكيت التَّمَــهْجُــرُ التَّكَبُّر مع الغنى؛
وأَنشد:
تَمَــهْجَــرُوا، وأَيُّما تَمَــهْجُــرِ
وهم بَنُو العَبْدِ اللَّئِيمِ العُنْصُرِ
والهاجِرِيُّ: البَنَّاءُ؛ قال لبيد:
كعَقْرِ الهاجِرِيِّ، إِذا بَناه
بأَشْباهٍ حُذِينَ على مِثالِ
وهِجــارُ القوس: وَتَرُها. والــهِجــارُ: الوَتَرُ؛ قال:
على كل (كذا بياض بالأصل.) من ركوض لها
هِجــاراً تُقاسِي طائِفاً مُتَعادِيا
والــهجــار: خاتم كانت تتخذه الفُرْسُ غَرَضاً؛ قال الأَغلب:
ما إِنْ رَأَيْنا مَلِكاً أَغارَا،
أَكْثَرَ منه قِرَةً وقارَا،
وفارِساً يَسْتَلِبُ الــهِجَــارَا
يصفه بالحِذْق. ابن الأَعرابي: يقال للخاتم الــهِجــار والزينة؛ وقول
العجاج:
وغِلْمَتي منهم سَحِيرٌ وبَحِرْ،
وآبِقٌ من جَذْبِ دَلْوَيْها هَجِــرْ
فسره ابن الأَعرابي فقال: الــهَجِــر الذي يمشي مُثْقَلاً ضعيفاً متقارِبَ
الخَطْوِ كأَنه قد شدّ بــهِجــار لا ينبسط مما به من الشر والبلاء، وفي
المحكم: وذلك من شدة السقي. وهَجَــرٌ: اسم بد مذكر مصروف، وفي المحكم: هَجَــرُ
مدينة تصرف ولا تصرف؛ قال سيبويه: سمعنا من العرب من يقول: كجالب التمر
إِلى هَجَــرٍ يا فَتى، فقوله يا فتى من كلام العربي، وإِنما قال يا فتى
لئلا يقف على التنوين وذلك لأَنه لو لم يقل له يا فتى للزمه أَن يقول كجالب
التمر إِلى هجــر، فلم يكن سيبويه يعرف من هذا أَنه مصروف أَو غير مصروف.
الجوهري: وفي المثل: كَمُبْضِع تمر إِلى هَجَــرَ. وفي حديث عمر: عَجِبْتُ
لتاجِر هَجَــرَ وراكب البحر؛ قال ابن الأَثير: هَجَــرٌ بلد معروف بالبحرين
وإِنما خصها لكثرة وبائها، أَي تاجرها وراكب البحر سواء في الخَطَرِ،
فأَما هَجَــرُ التي ينسب إِليها القلال الــهَجَــرِيَّة فهي قرية من قرى المدينة،
والنسب إِلى هَجَــرَ هَجَــرِيٌّ على القياس، وهاجِرِيٌّ على غير قياس؛
قال:ورُبَّتَ غارَةٍ أَوْضَعْتُ فيها،
كَسَحِّ الهاجِرِيِّ جَرِيمَ تمْرِ
ومنه قيل للبَنَّاءِ: هاجِرِيٌّ. والــهَجْــرُ والــهَجِــيرُ: موضعان.
وهاجَرُ: قبيلة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا تَرَكَتْ شُرْبَ الرَّثِيئَةِ هاجَرٌ
وهَكَّ الخَلايا، لم تَرِقَّ عُيُونُها
وبنو هاجَرَ: بطن من ضَبَّة. غيره: هاجَرُ أَوَّلُ امرأَة جَرَّتْ ذيلها
وأَوّل من ثَقَبَتْ أُذنيها وأَوّل من خُفِضَ؛ قال: وذلك أَن سارة غضبت
عليها فحلفت أَن تقطع ثلاثة أَعضاء من أَعضائها، فأَمرها إِبراهيم، عليه
السلام، أَن تَبَرَّ قَسَمَها بِثَقْبِ أُذنَيْها وخَفْضِها، فصارت
سُنَّةً في النساء.
هجــج: الليث: هجَّــجَ البعيرُ يُــهَجِّــجُ إِذا غارَتْ عَيْنُه في رأْسِه من
جُوعٍ أَو عَطشٍ أَو إِعْياءٍ غير خِلْقةٍ؛ قال:
إِذا حِجَاجا مُقْلَتَيْها هَجَّــجا
الأَصمعي: هَجَّــجَتْ عَينُه: غارَتْ؛ وقال الكميت:
كأَنَّ عُيُونَهُنَّ مُــهَجِّــجات،
إِذا راحَتْ من الأُصُلِ الحَرُور
وعَينٌ هاجَّةٌ أَي غائرةٌ.
قال ابن سيده: وأَما قولُ ابْنةِ الخُسِّ حين قيلَ لها: بِمَ
تَعْرِفِينَ لِقاحَ ناقتِك؟ فقالت: أَرى العينَ هاجّ، والسنامَ راجّ، وتَمْشي
فَتَفاجَّ؛ فإِما أَن يكونَ على هَجَّــتْ وإِن لم يُستعمَلْ، وإِما أَنها قالت
هاجّاً، اتباعاً لقولهم راجّاً، قال: وهم ممن يَجْعلون للإِتْباع حُكْماً
لم يكن قبل ذلك، وقالت: هاجّاً، فذكَّرتْ على إِرادة العُضْوِ أَو
الطَّرْفِ، وإِلاَّ فقد كان حُكْمُها أَن تقول هاجَةً؛ ومِثلُه قولُ
الآخرِ:والعَينُ بالإِثْمِدِ الحارِيِّ مَكْحُولُ
على أَن سيبويه إِنما يَحْملُ هذا على الضرورة؛ قال ابن سيده: ولَعَمْري
إِنَّ في الإِتْباع أَيضاً لَضرورةً تُشْبهُ ضرورةَ الشِّعر.
ورَجلٌ هَجــاجَةٌ: أَحْمَقُ؛ قال الشاعر:
هَجَــاجةٌ مُنْتَخَبُ الفُؤَادِ،
كأَنَّه نَعامةٌ في وادِي
شمر: هَجَــاجَةٌ أَي أَحَمَقُ، وهو الذي يَسْتَــهِجُّ على الرأْي، ثم
يَرْكَبُه، غَوِيَ أَم رَِشِدَ، واستهاجُه: أَن لا يُؤَامِرَ أَحداً
ويَرْكَبَ رأْيه؛ وأَنشد:
ما كان يَرْوِي في الأُمورِ صنيعةً،
أَزمانَ يَرْكَبُ فيكَ أُمَّ هَجَــاجِ
والــهَجــاجةُ: الهَبْوَةُ التي تَدْفِنُ كلَّ شيءٍ بالترابِ، والعَجاجةُ:
مِثلُها. وركِبَ فلانٌ هَجــاجَ، غيرَ مُجْرًى، وهَجــاجِ، مَبنيّاً على
الكسر مثل قَطامِ: ركِبَ رأْسَه؛ قال المُتَمَرِّس بنُ عبد الرحمن
الصُّحاريُّ:
وأَشْوَس ظالم أَوْجَيْتُ عنِّي،
فأَبْصَرَ قَصْدَه بعد اعْوِجاجِ
تَرَكْتُ به نُدُوباً باقِياتٍ،
وبايَعَني على سِلْمٍ دُماجِ
فلا يَدَعُ اللِّئامُ سبيلَ غَيٍّ،
وقد رَكِبُوا، على لَوْمي، هَجــاجِ
قوله: أَوْجَيْت أَي مَنَعْت وكَفَفْت. والنُّدُوب: الآثارُ، واحدُها
نَدْبٌ. والدُّماجُ، بضم الدال: الصُّلْحُ الذي يُرادُ به قطْعُ
الشَّرِّ.وهَجَــاجَيْك ههنا وههنا أَي كُفّ. اللحياني: يقال للأَسدِ والذِّئب
وغيرهما، في التسكين: هَجَــاجَيْكَ وهَذَاذَيْكَ، على تقدير الاثنين؛
الأَصمعي: تقول للناس إِذا أَرَدْتَ أَن يَكُفُّوا عن الشيء: هَجَــاجَيْكَ
وهَذَاذَيْكَ. شمر: الناس هَجــاجَيْكَ ودَوَالَيْكَ أَي حَوَالَيْكَ؛ قال أَبو
الهيثم: قولُ شمر الناس هُجَــاجيك في معنى دَوَالَيْكَ باطلٌ، وقوله معنى
دَوَالَيْكَ أَي حواليك كذلك باطلٌ؛ بل دواليك في معنى التَّداوُل،
وحَوَالَيْكَ تثنيةُ حَوْلك. تقول: الناس حولك وحوليك وحواليك؛ قال: فأَما
رَكِبُوا في أَمرهم هَجــاجَهم أَي رأْيهم الذي لم يُرَوُّوا فيه. وهَجــاجَيْهم
تثنية. قال الأَزهري: أُرى أَن أَبا الهيثم نظر في خط بعض من كتب عن
شَمِرٍ ما لم يَضبِطْه، والذي يشبه أَن شمراً قال: هَجــاجَيْك مثل دَوَالَيْك
وحَوالَيْك، أَراد أَنه مثله في التثنية لا في المعنى.
وهَجِــيجُ النار: أَجِيجُها، مثل هَراقَ وأَراقَ.
وهَجَّــتِ النارُ تَــهُجُّ هَجّــاً وهَجِــيجاً إِذا اتَّقَدَتْ وسمعتَ صوتَ
استعارها.
وهَجَّــجَها هو، وهَجَّ البيتَ يَــهُجُّــه هَجّــاً: هَدَمه؛ قال:
أَلا مَنْ لِقَبْرٍ لا تَزَالُ تَــهُجُّــه
شَمالٌ، ومِسْيافُ العَشِيِّ جَنُوبُ؟
ابن الأَعرابي: الــهُجُــجُ الغُدْران. والــهَجِــيجُ: الخَطُّ في الأَرض؛ قال
كُراع: هو الخط الذي يخط في الأَرض للكهانة، وجمعه هُجَّــانٌ؛ قال بعضهم:
أَصابنا مطر سالت منه الــهُجَّــان؛ وقيل: الــهَجِــيجُ الشَّقُّ الصغير في
الجبل، والجمع كالجمع. ووادٍ هَجِــيجٌ وإِــهْجِــيجٌ: عميق، يمانية، فهو على
هذا صفة. وقال ابن دريد: الــهَجِــيجُ والإِــهْجِــيجُ وادٍ عميق، فكأَنه على هذا
اسم. وهَجْهَجَ الرجلَ: رَدَّه عن كل شيء. والبعير يُهاجُّ في هديره.
يردّده. وفحل هَجْــهاجٌ، في حكاية شدَّة هديره، وهَجْهَجَ الفحلُ في هديره.
وهَجْهَجَ السبُعَ، وهَجْهَجَ به: صاح به وزجره ليَكُفَّ؛ قال لبيد:
أَو ذُو زَوائِدَ لا يُطافُ بأَرضِه،
يَغْشَى المُــهَجْهِجَ كالذَّنُوبِ المُرْسَلِ
يعني الأَسد يغشى مُــهَجْهِجــاً به فَيَنْصَبُّ عليه مُسرعاً فيفترسه.
الليث: الــهَجْهَجــةُ حكاية صوت الرجل إِذا صاح بالأَسد. الأَصمعي:
هَجْهَجْــتُ بالسبع وهَرَّجْتُ به، كلاهما إِذا صحت به؛ ويقال لزاجر الأَسد:
مُــهَجْهِجٌ ومُــهَجْهِجــةٌ. وهَجْهَجَ بالناقة والجمل: زجرهما، فقال لهما:
هِيجْ قال ذو الرمة:
أَمْرَقْتُ من جَوْزِه أَعْناقَ ناجِيَةٍ
تَنْجُو، إِذا قال حادِيها لها: هِيجِ
قال: إِذا حَكَوْا ضاعَفوا هَجْهجَ كما يضاعفونَ الوَلْوَلَةَ من
الوَيل، فيقولون وَلْوَلَتِ المرأَةُ إِذا أَكثرت من قول الوَيْل. غيره: هَجْ
في زجر الناقة؛ قال جَنْدل:
فَرَّجَ عنها حَلَقَ الرَّتائِجِ
تَكَفُّحُ السَّمائِم الأَواجِجِ،
وقِيلُ: عاجٍ؛ وأَيا أَياهِجِ
فكسر القافية. وإِذا حكيت قلت: هَجْهَجْــتُ بالناقة. الجوهري: هَجْهَجَ
زجرٌ للغنم، مبني على الفتح
(* قوله «مبني على الفتح إلخ» قال المجد مبني
على السكون، وغلط الجوهري في بنائه على الفتح، وإِنما حركه الشاعر
للضرورة اهـ.)؛ قال الراعي واسمه عُبيد بن الحُصَين يــهجــو عاصم بن قيس
النُّمَيريّ ولَقَبُه الحَلالُ:
وعَيَّرَني، تِلكَ، الحَلالُ، ولم يكن
ليَجعَلَها لابن الخَبيثةِ خالِقُهْ
ولكنما أَجْدَى وأَمتَعَ جَدُّه
بِفِرْقٍ يُخَشِّيهِ، بِــهَجْهَجَ، ناعِقُه
وكان الحَلالُ قد مَرَّ بإِبل للراعي فعَيَّره بها، فقال فيه هذا الشعر.
والفِرْق: القطيع من الغنم. ويخشِّيه: ُيفزِعه. والناعق: الراعي؛ يريد
أَن الحَلالَ صاحب غنم لا صاحب إِبل، ومنها أَثْرَى، وأَمتَع جَدُّه
بالغنم وليس له سواها، يقول له: فلِمَ تُعَيِّرُني إِبلي، وأَنت لم تملك
إِلاَّ قطيعاً من غنم؟
اللحياني: ماء هُجَهِجٌ لا عَذْب ولا ملح. ويقال: ماءُ زمزم هُجَهِجٌ.
والــهَجْهَجَــةُ: صوتُ الكُرْدِ عند القتال.
وظَلِيمٌ هَجْــهاجٌ وهُجــاهِجٌ: كثير الصوت، والــهَجْــهاجُ: النَّفور، وهو
أَيضاً الجافي الأَحمق. والــهَجْــهاجُ أَيضاً: المُسِنُّ. والــهَجْــهاجُ
والــهَجْــهاجَةُ: الكثير الشر الخفيف العقل. أَبو زيد: رجل هَجْــهاجةٌ، وهو الذي
لا عقل له ولا رأْي. ورجل هَجْــهاج: طويل، وكذلك البعير: قال حُمَيد بن
ثور:
بَعِيدُ العَجْبِ، حينَ تَرى قَراهُ
من العِرْنِينِ، هَجْــهاجٌ جُلالُ
ويوم هَجْــهاج: كثير الريح شديد الصوت؛ يعني الصوت الذي يكون فيه عن
الريح. والــهَجْهَجُ: الأَرض الجَدْبَةُ التي لا نباتَ بها، والجمع هَجــاهج؛
قال:
فجِئتُ كالعَوْدِ النَّزِيعِ الهادِجِ،
قُيِّدَ في أَرامِل العَرافِجِ،
في أَرضِ سَوْءٍ جَدْبَةٍ هَجــاهِجِ
جمع على إِرادة المواضع.
وهَجْ هَجْ، وهَجٍ هَجٍ، وهَجَــا هَجَــا: زَجْرٌ للكلبِ، وأَورده الأَزهري
هذه الكلمات، قال: يقال للأَسد والذئب وغيرهما في التسكين. قال ابن
سيده: وقد يقال هَجَــا هَجَــا للإِبل؛ قال هِمْيان:
تَسْمَعُ للأَعْبُدِ زجْراً نافِجَا،
من قِيلِهم: أَيا هَجــا أَيا هَجــا
قال الأَزهري: وإِن شئت قلتهما مرة واحدة؛ وقال الشاعر:
سَفَرَتْ فقلتُ لها: هَجٍ فتَبَرْقَعَتْ،
فذَكَرْتُ، حين تَبَرْقَعَتْ ضَبَّارا
(* قوله «ضبارا» قال شارح القاموس كذا وجدته بخط أَبي زكريا. ومثله بخط
الأَزهري. وأَورده أَيضاً ابن دريد في الجمهرة، وكذلك هو في كتاب
المعاني، غير أن في نسخة الصحاح هبارا بالهاء اهـ. وقد استشهد الجوهري بالبيت في
هـ ب ر على أن الهبار القرد الكثير الشعر، لا على انه اسم كلب، وتبعه
صاحب اللسان هناك. قال الشارح قال الصاغاني: والرواية ضبارا، بالضاد
المعجمة، وهو اسم كلب، والبيت للحارث بن الخزرج الخفاجي وبعده:
وتزينت لتروعني بجمالها * فكأنما كسي الحمار خمارا
فخرجت أعثر في قوادم جبتي * لولا الحياء أطرتها احضارا)
وضَبَّار: اسم كلب، ورواه اللحياني: هَجِــي.
الأَزهري: ويقال في معنى هَجْ هَجْ: جَهْ جَهْ، على القلب.
ويقال: سير هَجَــاجٌ: شديد؛ قال مُزاحمٌ العُقَيْلِيُّ:
وتَحْتي من بَناتِ العِيدِ نِضْوٌ،
أَضَرَّ بنِيِّه سَيْرٌ هَجــاجُ
الجوهري: هَجْ، مخفف، زجر للكلب يسكَّن وينوّن كما يقال: بَخْ وبَخٍ،
ووجدت في حواشي بعض نسخ الصحاح: المُسْتَــهِجُّ الذي ينطق في كل حق
وباطل.
بــهج: البَــهْجَــةُ: الحُسْنُ؛ يقال: رجل ذو بَــهْجَــةٍ. البَــهْجَــةُ: حُسْنُ
لون الشيء ونَضَارَتُه؛ وقيل: هو في النبات النَّضارَةُ، وفي الإِنسان
ضَحِكُ أَسارير الوجه، أَو ظهورُ الفَرَحِ البتة.
بَــهِجَ بَــهَجــاً، فهو بَــهِجٌ، وبَــهُجَ، بالضم، بَــهْجَــةً وبَهاجَةً
وبَــهَجــاناً، فهو بَهِيجٌ؛ قال أَبو ذؤَيب:
فذَلك سُقْيا أُمِّ عَمْرٍو، وإِنَّني،
بما بَذَلَتْ من سَيْبها، لبَهِيجُ
أَشار بقوله ذلك إِلى السحاب الذي استسقى لأُم عمرو، وكانت صاحبته التي
يشبب بها في غالب الأَمر.
ورجلٌ بَــهِجٌ أَي مُسْتَبْــهِجٌ بأمرٍ يَسُّرُّه؛ وأَنشد:
وقد أَراها، وَسْطَ أَتْرابِها،
في الحَيِّ ذي البَــهْجَــةِ والسَّامِرِ
وامرأَةٌ بَــهِجَــةٌ: مبتــهجــةٌ؛ وقد بَــهُجَــتْ بَــهْجَــةً، وهي مِبْهاجٌ، وقد
غَلَبَتْ عليها البــهجــةُ. وبَــهُجَ النباتُ، فهو بَهيجٌ: حَسُنَ. قال الله
تعالى: من كُلِّ زَوْجٍ بهيج.
وتباهَجَ الرَّوْضُ إِذا كَثُرَ نَوْرُه؛ وقال:
نُوَّارُهُ مُتَباهجٌ يَتَوَــهَّجُ
وقوله: من كل زوج بَهِيج أَي من كل ضَرْب من النبات حَسَنٍ ناضر. أَبو
زيد: بَهيج حسنٌ؛ وقج بَــهُجَ بَهاجةً وبَــهْجَــةً. وفي حديث الجنة: فإِذا
رأَى الجنةَ وبَــهْجَــتَها أَي حُسْنَها وحُسْنَ ما فيها من النعيم. وأَبــهجــتِ
الأَرضُ: بَــهُجَ نباتُها. وتباهَجَ النُّوَّارُ: تضاحك: وبــهِج بالشيء
وله، بالكسر، بَهاجةً، وابتَــهَج: سُرَّ به وفَرح؛ قال الشاعر:
كانَ الشبابُ رِداءً قد بَــهِجْــتُ به،
فقد تطايَرَ، منه لِلبِلَى، خِرَقُ
والابتهاجُ: السُّرور. وبَــهَجَــني الشيءُ وأَبْــهَجَــني، وهي بالأَلف
أَعلى: سَرَّني. وأَبْــهَجَــت الأَرضُ: بَــهُجَ نباتُها. ورجلٌ بَــهِجٌ مُبتــهج:
مسرورٌ؛ قال النابغة:
أَو دُرَّةٌ صَدَفِيَّةٌ، غَوَّاصُها
بَــهِجٌ، متى يَرَها يُهِلَّ ويَسْجُدِ
وامرأَةٌ بــهِجــةٌ ومِبْهاجٌ: غلب عليها الحُسْنُ؛ وقول العجاج:
دَعْ ذا، وبَــهِّجْ حَسَباً مُبَــهَّجــا
فَخْماً، وسَنِّنْ مَنْطِقاً مُزَوَّجا
قال ابن سيده: لم أَسمع ببَــهْجْ إِلاَّ ههنا، ومعناه حَسِّنْ وجَمِّلْ،
وكأَنَّ معناه: زِدْ هذا الحَسَبَ جمالاً بوصفك له، وذكرك إِياه.
وسَنِّنْ: حَسِّنْ كما يُسَنَّنُ السيفُ أَو غيرُه بالمِسَنِّ، وإِن شئت قلت:
سَنِّنْ سَهِّلْ. وقوله مُزَوِّجاً أَي مقروناً بعضُه ببعض؛ وقيل: معناه
مَنْطِقاً يُشْبه بعضُه بعضاً في الحُسْنِ، فكأَنَّ حُسْنَهُ يتضاعف لذلك.
الأَصمعي: باهَجْــتُ الرجلَ وباهيته وبازَجْتُه وبارَيْتُه، بمعنى واحد.
نــهج: طريقٌ نَــهْجٌ: بَيِّنٌ واضِحٌ، وهو النَّــهْجُ؛ قال أَبو كبير:
فأَجَزْتُه بأَفَلَّ تَحْسَبُ أَثْرَهُ
نَــهْجــاً، أَبانَ بذي فَريغٍ مَخْرَفِ
والجمعُ نَــهجــاتٌ ونُــهُجٌ ونُهوجٌ؛ قال أَبو ذؤَيب:
به رُجُماتٌ بينهنَّ مَخارِمٌ
نُهوجٌ، كلَبَّاتِ الــهَجــائِنِ، فِيحُ
وطُرُقٌ نَــهْجَــةٌ، وسبيلٌ مَنْــهَجٌ: كَنَــهْجٍ. ومَنْــهَجُ الطريقِ:
وضَحُه. والمِنهاجُ: كالمَنْــهَجِ. وفي التنزيل: لكلٍّ جعلنا منكم شِرْعةً
ومِنْهاجاً.
وأَنــهَجَ الطريقُ: وضَحَ واسْتَبانَ وصار نَــهْجــاً واضِحاً بَيِّناً؛ قال
يزيدُ بنُ الخَذَّاقِ العبدي:
ولقد أَضاءَ لك الطريقُ، وأَنْــهَجَــتْ
سُبُلُ المَكارِمِ، والهُدَى تُعْدِي
أَي تُعِينُ وتُقَوِّي. والمِنهاجُ: الطريقُ الواضِحُ. واسْتَنْــهَجَ
الطريقُ: صار نَــهْجــاً. وفي حديث العباس: لم يَمُتْ رسولُ الله، صلى الله
عليه وسلم، حتى تَرَكَكُم على طريقٍ ناهِجــةٍ أَي واضحةٍ بَيِّنَةٍ.
ونَــهَجْــتُ الطريقَ: أَبَنْتُه وأَوضَحتُه؛ يقال: اعْمَلْ على ما نَــهَجْــتُه لك.
ونَــهَجــتُ الطريقَ: سَلَكتُه. وفلانٌ يَستَنــهِجُ سبيلَ فلانٍ أَي يَسلُكُ
مَسلَكَه. والنَّــهْجُ: الطريقُ المستقيمُ.
ونَــهَجَ الأَمْرُ وأَنــهَجَ، لُغتانِ، إِذا وضَحَ.
والنَّــهَجــةُ: الرَّبْوُ يَعْلو الإِنسانَ والدابَّةَ، قال الليث: ولم
أَسمَعْ منه فِعلاً.
وقال غيره: أَنــهَجَ يُنْــهِجُ إِنهاجاً، ونَــهَجْــتُ أَنــهِجُ نَــهْجــاً،
ونــهِجَ الرجلُ نَــهَجــاً، وأَنْــهَجَ إِذا انْبَهَرَ حتى يقع عليه النَّفَسُ من
البُهْرِ، وأَنــهَجَــه غيرُه. يقال: فلانٌ يَنْــهَجُ في النفَسِ، فما أَدري
ما أَنــهَجَــه. وأَنــهَجــتُ الدابَّةَ: سِرْت عليها حتى انْبَهَرَتْ. وفي
حديث قُدومِ المُسْتَضعَفِينَ بمكة: فنَــهِجَ بين يَدَيْ رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، حتى قَضى. النَّــهَجُ، بالتحريك، والنَّهِيجُ: الرَّبْوُ،
وتواتُرُ النَّفَسِ من شدَّةِ الحركةِ، وأَفعَلَ مُتَعَدٍّ. وفي حديث عمر،
رضي الله عنه: فضَرَبَه حتى أُنْــهِجَ أَي وقع عليه الرَّبْوُ؛ يعني عمر.
وفي حديث عائشة: فقادني وإِني لأَنْــهَجُ. وفي الحديث: أَنه رأَى رجلاً
يَنْــهَجُ أَي يَرْبو من السِّمَن ويَلْهَثُ. وأَنْــهَجَــتِ الدابةُ: صارتْ
كذلك. وضَرَبَه حتى أَنْــهَجَ أَي انْبَسَط، وقيل: بَكى. ونَــهَجَ الثوبُ
ونَــهُجَ، فهو نَــهِجٌ، وأَنــهَجَ: بَلِيَ ولم يَتَشَقَّقْ؛ وأَنْــهَجَــه البِلى،
فهو مُنْــهَجٌ؛ وقال ابن الأَعرابي: أَنْــهَجَ فيه البِلى: اسْتَطار؛
وأَنشد:
كالثوبِ أَنْــهَجَ فيه البِلى،
أَعْيا على ذي الحِيلَةِ الصانِع
(* قوله «كالثوب إلخ» كذا بالأصل. والشطر الأول منه غير موزون ولعل
الأصل اذ أَنــهج.)
ولا يقال: نَــهَجَ الثوبُ، ولكن نَــهِجَ. وأَنْــهَجْــتُ الثوبَ، فهو
مُنْــهَجٌ أَي أَخْلَقْتُه. أَبو عبيد: المُنْــهَج الثوبُ الذي أَسرعَ فيه
البِلَى. الجوهري: أَنْــهَجَ الثوبُ إِذا أَخذ في البِلى؛ قال عبدُ بني
الحَسْحاسِ:
فما زال بُرْدي طَيِّباً من ثِيابِها
إِلى الحَوْلِ، حتى أَنْــهَجَ البُرْدُ باليا
وفي شعر مازِنٍ:
حتى آذَنَ الجِسْمُ بالنَّــهْجِ
وقد نَــهِجَ الثوبُ والجسمُ إِذا بَليَ. وأَنْــهَجَــه البِلى إِذا
أَخْلَقَهُ. الأَزهري: نَــهِجَ الإِنسانُ والكلبُ إِذا رَبَا وانْبَهَرَ يَنْــهَجُ
نَــهَجــاً. قال ابن بزرج: طَرَدْتُ الدابةَ حتى نَــهَجَــتْ، فهي ناهِجٌ، في
شِدَّةِ نَفَسِها، وأَنْــهَجْــتُها أَنا، فهي مُنْــهَجَــةٌ. ابن شميل: إِن
الكلبَ لَيَنْــهَجُ من الحَرِّ، وقد نَــهِجَ نَــهْجَــةً. وقال غيرُه: نَــهِجَ
الفرَسُ حين أَنْــهَجْــتُه أَي رَبا حين صَيَّرتُه إِلى ذلك.
هجــن: الــهُجْــنة من الكلام: ما يَعِيبُك. والــهَجِــينُ: العربيّ ابنُ الأَمة
لأَنه مَعِيبٌ، وقيل: هو ابن الأَمة الراعية ما لم تُحَصَّنْ، فإِذا
حُصِّنَتْ فليس الولد بــهَجــينٍ، والجمع هُجُــنٌ وهُجَــناء وهُجْــنانٌ ومَهاجِينُ
ومَهاجِنَةٌ؛ قال حسان:
مَهاجِنةٌ، إِذا نُسِبوا، عَبيدٌ
عَضَارِيطٌ مَغالِثةُ الزِّنادِ
أَي مُؤْتَشِبُو الزناد، وقيل: رِخْوُو الزناد. قال ابن سيده: وإِنما
قلت في مَهاجِن ومَهاجنة إِنهما جمع هَجِــينُ مسامحةً، وحقيقته أَنه من باب
مَحاسِنَ ومَلامح، والأُنثى هَجــينة من نسوة هُجْــن وهَجــائنَ وهِجــانٍ، وقد
هَجُــنا هُجْــنة وهَجــانة وهِجــانة وهُجُــونة. أَبو العباس أَحمد ابن يحيى
قال: الــهَجِــين الذي أَبوه خير من أُمه؛ قال أَبو منصور: وهذا هو الصحيح. قال
المبرد: قيل لولد العربيّ من غير العَربية هَجــين لأَن الغالب على أَلوان
العرب الأُدْمة، وكانت العرب تسمي العجمَ الحمراءَ ورقابَ
المَزاوِد لغلبة البياض على أَلوانهم، ويقولون لمن علا لونَه البياضُ
أَحمرُ؛ ولذلك قال النبي، صلى الله عليه وسلم، لعائشة: يا حُمَيراء، لغلبة
البياض على لونها، رضي الله عنه. قال، صلى الله عليه وسلم: بُعِثْتُ إِلى
الأَحمر والأَسود، فأَسودهم العرب وأَحمرهم العجم. وقالت العرب
لأَولادها من العجميات اللاتي يغلب على أَلوانهن البياض: هُجْــنٌ وهُجَــناء، لغلبة
البياض على أَلوانهم وإِشباههم أُمهاتهم. وفرس هَجِــين بَيّنُ الــهُجْــنة
إِذا لم يكن عتيقاً. وبِرْذَوْنَة هَجِــين، بغير هاء. الأَزهري: الــهجــين من
الخيل الذي ولدته بِرْذَوْنة من حِصَانٍ عربي، وخيل هُجْــنٌ. والــهِجــانُ من
الإِبل: البيضُ الكرام؛ قال عمرو بن كُلْثوم:
ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أَدْماءَ بِكْرٍ،
هِجــانِ اللَّوْنِ لم تَقْرأْ جَنينا
قال: ويستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع. يقال: بعير هِجــانٌ وناقة هِجــانٌ
وربما قالوا هَجــائِنُ؛ قال ابن أَحمر:
كأَنَّ على الجِمالِ أَوانَ خَفَّتْ
هَجــائِنَ من نِعاجِ أُوارَعِينا
ابن سيده: والــهِجــانُ من الإِبل البيضاءُ الخالصةُ اللونِ والعِتْقِ من
نوق هُجُــنٍ وهَجــائن وهِجــانٍ، فمنهم من يجعله من باب جُنُب ورِضاً، ومنهم
من يجعله تكسيراً، وهو مذهب سيبويه، وذلك أَن الأَلف في هِجــانٍ الواحد
بمنزلة أَلِفِ ناقةٍ كِنَازٍ ومرأَةٍ ضِنَاك، والأَلفُ في هِجــانٍ في الجمع
بمنزلة أَلِفِ ظِرافٍ وشِرافٍ، وذلك لأَن العرب كَسَّرَتْ فِعَالاً على
فِعَالٍ كما كسرت فَعِيلاً على فِعَالٍ، وعُذْرُها في ذلك أَن فعيلاً أُخت
فِعَالٍ، أَلا ترى أَن كل واحد منهما ثلاثي الأَصل وثالثه حرف لين؟ وقد
اعْتَقَبا أَيضاً على المعنى الواحد نحو كَلِيبٍ وكِلابٍ وعَبِيدٍ
وعِبادٍ، فلما كانا كذلك وإِنما بينهما اختلافٌ في حرف اللين لا غير، قال:
ومعلوم ٌمع ذلك قربُ الياء من الأَلف، وأَنها إِلى الياء أَقرب منها إِلى
الواو، كُسِّرَ أَحدهما على ما كسر عليه صاحبه فقيل ناقة هِجــانٌ وأَيْنُقٌ
هِجــانٌ، كما قيل ظريف وظِراف وشريف وشِرَاف؛ فأَما قوله:
هِجــانُ المُحَيَّا عَوْــهَجُ الخَلْقِ، سُرْبِلَتْ
من الحُسْنِ سِرْبالاً عَتِيقَ البَنائِق
فقد تكونُ النَّقِيَّةَ، وقد تكون البيضاء. وأَــهْجَــنَ الرجلُ إِذا كثر
هِجــانُ إِبله، وهي كِرامها؛ وقال في قول كعب:
حَرْفٌ أَخوها من مُــهَجَّــنةٍ،
وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْليلُ
قال: أَراد بمُــهَجَّــنة أَنها ممنوعة من فحول الناس إِلا من فحول بلادها
لعِتْقِها وكرمها، وقيل: حُمِلَ عليها في صِغَرها، وقيل: أَراد
بالمُــهَجَّــنةِ أَنها من إِبل كرام. يقال: امرأَة هِجــانٌ وناقةِ هِجــانٌ أَي كريمة.
وقال الأَزهري: هذه ناقة ضربها أَبوها ليس أَخوها فجاءَت بذكر، ثم ضربها
ثانية فجاءت بذكر آخر، فالولدان ابناها لأَنهما ولدا منها، وهما أَخواها
أَيضاً لأَبيها لأَنهما ولدا أَبيها، ثم ضرب أَحدُ الأَخوين الأُمَّ
فجاءت الأُم بهذه الناقة وهي الحرف، فأَبوها أَخوها لأُمها لأَنه ولد من
أُمها، والأَخ الآخر الذي لم يَضْرِب عمُّها لأَنه أَخو أَبيها، وهو خالها
لأَنه أَخو أُمها لأَبيها لأَنه من أَبيها وأَبوه نزا على أُمه. وقال ثعلب:
أَنشدني أَبو نصر عن الأَصمعي بيت كعب وقال في تفسيره: إِنها ناقة كريمة
مُداخَلة النسب لشرفها. قال ثعلب: عَرَضْتُ هذا القول على ابن
الأَعرابي، فخطَّأَ الأَصمعي وقال: تداخُل النسب يُضْوِي الولدَ؛ قال: وقال
المفضل هذا جمل نزا على أُمه، ولها ابن آخر هو أَخو هذا الجمل، فوضعت ناقة
فهذه الناقة الثانية هي الموصوفة، فصار أَحدهما أَباها لأَنه وطئ أُمها،
وصار هو أَخاها لأَن أُمها وضعته، وصار الآخر عمها لأَنه أَخو أَبيها، وصار
هو خالها
(* قوله «وصار هو خالها» كذا في الأصل والتهذيب، وهذا لا يتم
على كلا م المفضل إلا أن روعي أن جملاً نزا على ابنته فخلف منها هذين
الجملين إلخ كما في عبارة التهذيب السابقة) لأَنه أَخو أُمها؛ وقال ثعلب:
وهذا هو القول. والــهِجــانُ: الخيار. وامرأَة هجــان: كريمة من نسوة هَجــائنَ،
وهي الكريمة الحَسَبِ
التي لم تُعَرِّق فيها الإِماء تَعْرِيقاً. أَبو زيد: رجل هَجِــينٌ
بَيّنُ الــهُجُــونة من قوم هُجَــناءَ وهُجْــنٍ، وامرأَة هِجــان أَي كريمة، وتكون
البيضاء من نسوة هُجْــنٍ بَيِّنات الــهجــانة. ورجل هِجــانٌ: كريمُ الحَسَبِ
نَقِيُّه. وبعير هِجــانٌ: كريم. وقال الأَصمعي في قول علي، كرم الله
وجهه: هذا جَنايَ وهِجــانُه فيه إِذ كلّ جانٍ يَدُه إِلى فيه، يعني خياره
وخالصه. اليزيديُّ: هو هِجــانٌ بَيِّنُ الــهِجَــانة، ورجل هَجِــينَ بَيِّنُ
الــهُجْــنةِ، والــهُجْــنةُ في الناس والخيل إِنما تكون من قبل الأُم، فإِذا كان
الأَب عتيقاً والأُم ليست كذلك كان الولد هجــيناً؛ قال الراجز:
العبدُ والــهَجِــينُ والفَلَنْقَسُ
ثلاثةٌ، فأَيَّهُم تَلَمَّسُ
والإِقْرافُ: من قِبَلِ الأَب؛ الأَزهري: روى الرواةُ أَن رَوْح بن
زِنْباع كان تزوَّج هندَ بنت النعمان بن بَشِير فقالت وكانت شاعرة:
وهل هِنْدُ إلا مُهْرَةٌ عربيةٌ،
سَلِيلةُ أَفراسٍ تَجَلَّلَها بغْلُ
فإن نُتِجَتْ مُهْراً كريماً فبالحَرَى،
وإِن يَكُ إقرافٌ فمن قِبَلِ الفَحْلِ
(* قوله «فمن قبل الفحل» كذا في التهذيب بكسر اللام وعليه ففيه أقواء.
وفي رواية أخرى: وإن يك إقرافٌ فجاء به الفَحلُ، وهكذا ينتفي الأقواء).
قال: والإقْرافُ مُداناةُ الــهُجْــنة من قِبَلِ الأَب. قال ابن حمزة:
الــهَجِــينْ مأْخوذ من الــهُجْــنَة، وهي الغِلَظُ، والــهِجــانُ الكريم مأْخوذ من
الــهِجَــانِ، وهو الأَبيض. والــهِجــان: البِيضُ، وهو أَحسنُ البياض وأَعتقه في
الإبل والرجال والنساء، ويقال: خِيارُ كلِّ شيء هِجــانُه. قال: وإِنما
أُخذ ذلك من الإبل. وأَصلُ الــهِجــانِ البِيضُ، وكلُّ هِجــان أَبيضُ. والــهِجــانُ
من كل شيء: الخالصُ؛ وأَنشد:
وإذا قيل: مَنْ هِجــانُ قُرَيْشٍ؟
كنتَ أَنتَ الفَتى، وأَنتَ الــهِجــانُ
والعربُ تَعُدُّ البياضَ من الأَلوان هِجــاناً وكَرَماً. وفي المثل:
جَلَّتِ
الهاجِنُ عن الوَلد أَي صَغُرَتْ؛ يضرب مثلاً للصغير يتزين بزينة
الكبير. وجَلَّتِ الهاجِنُ عن الرِّفْدِ، وهو القَدَح الضخم. وقال ابن
الأَعرابي: جَلَّتِ العُلْبَة عن الهاجن أَي كَبُرَتْ؛ قال: وهي بنتُ اللبون
يُحْمَلُ عليها فتَلْقَحُ، ثم تُنْتَجُ وهي حِقَّة، قال: ولا تصلح أَن يفعل
بها ذلك. ابن شميل: الهاجِنُ القَلُوصُ يضرب بها الجَمَلُ، وهي إبنة
لَبُونٍ، فتَلْقَحُ وتُنْتَجُ، وهي حِقَّةٌ، ولا تفعل ذلك إلا في سنة
مُخْصِبَةٍ فتلك الهاجنُ، وقد هَجَــنَتْ تَــهْجُــنُ هِجــاناً، وقد أَــهْجَــنَها الجملُ
إذا ضربها فأَلقحها؛ وأَنشد:
ابْنُوا على ذي صِهْركم وأَحْسِنُوا،
أَلم تَرَوْا صُغْرَى اللِّقاحِ تَــهْجُــنُ؟
(* قوله «صغرى اللقاح» الذي في التهذيب: صغرى القلاص).
قال رجل لأَهل إمرأَته، واعْتَلُّوا عليه بصغرها عن الوطء؛ وقال:
هَجَــنَتْ بأَكبرهم ولَمَّا تُقْطَبِ
يقال: قُطِبَتِ الجارية أَي خُفِضَت. ابن بُزُرْج: غِلْمَةٌ
أُهَيْجنة، وذلك أَن أَهلهم أَــهْجَــنُوهم أَي زَوَّجُوهم صغاراً،
يُزَوِّجُ الغلامُ الصغير الجاريةَ الصغيرة فيقال أَــهْجَــنَهم أَهْلُهم، قال:
والهاجِنُ على مَيْسُورها ابنة الحِقَّة، والهاجِنُ على مَعْسُورها ابنة
اللَّبُون.وناقة مُــهَجَّــنة: وهي المُعْتَسَرَة. ويقال للقوم الكرام: إِنهم
لمن سَرَاةِ الــهِجَــانِ؛ وقال الشماخ:
ومِثْل سَرَاةِ قَوْمِك لم يُجارَوْا
إلى الرُّبُعِ الــهِجــانِ، ولا الثَّمينِ
الأَزهري: وأُخْبرْتُ عن أَبي الهيثم أَنه قال الرواية الصحيحة في هذا
البيت:
إلى رُبُعِ الرِّهانِ ولا الثمين
يقول: لم يُجارَوْا إلى رُبُع رِهانِهم ولا ثُمُنِه، قال: والرِّهانُ
الغاية التي يُسْتَبَقُ إليها، يقول: مثلُ سَراةِ قومك لم يُجارَوْا إلى
رُبُع غايتهم التي بلغوها ونالوها من المجد والشرف ولا إلى ثُمُنها؛ وقول
الشاعر:
من سَراةِ الــهِجــانِ صَلَّبَها العُضْـ
ضُ وُرَعْيُ الحِمَى وطُولُ الحِيالِ
قال: الــهِجــانُ الخِيارُ من كل شيء. والــهِجــانُ من الإِبل: الناقة
الأَدْماء، وهي الخالصة اللون والعِتْقِ من نُوق هِجــانٍ وهُجُــن. والــهِجَــانةُ:
البياضُ؛ ومنه قيل إبل هِجــانٌ أَي بيض، وهي أَكرم الإبل، وقال لبيد:
كأَنَّ هِجــانَها مُتَأَبِّضاتٍ،
وفي الأَقْرانِ أَصْوِرَةُ الرَّغامِ
مُتأَبِّضاتٍ: معقولاتٍ بالإباضِ، وهو العِقالُ. وفي الحديث في ذكر
الدجال: أَزْهَرُ هِجــانٌ؛ الــهجــانُ: الأَبيض. ويقال: هَجَّــنه أَي جعله هجــيناً.
والمُــهَجَّــنة: الناقة أَوَّلَ ما تحمل؛ وأَنشد ابن بري لأَوس:
حَرْفٌ أَخوها أَبوها من مُــهَجَّــنةٍ،
وعَمُّها خالُها وَجْناءُ مِئْشِيرُ
وفي حديث الــهُجــرة: مَرَّا بعبد يرعى غنماً فاستسقياه من اللبن فقال:
والله ما لي شاةٌ تحْلَبُ غَيْرَ عَناق حملت أَوَّل الشتاء فما بها لبنٌ
وقد اهْتُجِنَتْ، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ائتنا بها؛
اهُتجِنَتْ أَي تَبَيَّنَ حملُها. والهاجنُ: التي حملت قبل وقت حملها.
والــهُجْــنة في الكلام: ما يَلْزَمُك منه العيبُ. تقول: لا تفعل كذا فيكون عليك
هُجْــنةً. وقالوا: إن للعلم نَكَداً وآفة وهُجــنة؛ يعنون بالــهُجْــنَة ههنا
الإضاعة؛ وقول الأَعلم:
ولَعَمْرُ مَحْبِلك الــهَجــينِ على
رَحْبِ المَباءَةِ مُنْتِنِ الجِرْمِ
عنى بالــهَجِــين هنا اللئيم: والهاجِنُ: الزَّنْدُ الذي لا يُورِي بقَدحةٍ
واحدة. يقال: هَجَــنَتْ زَنْدَةُ فلان، وإنَّ لها لــهُجْــنَةً شديدة؛ وقال
بشر:
لعَمْرُك لو كانتْ زِنادُكَ هُجْــنةً،
لأَوْرَيْتَ إذ خَدِّي لخَدِّكَ ضارِعُ
وقال آخر:
مَهاجِنة مَغالثة الزِّنادِ
وتَــهْجــينُ الأَمر: تقبيحُه. وأَرض هِجــانٌ: بيضاء لينة التُّرْبِ
مِرَبٌّ؛ قال:
بأَرْضٍ هِجــانِ اللَّوْنِ وَسْمِيَّةِ الثَّرَى
عَذَاةٍ، نأَتْ عنها المُؤُوجةُ والبَحْرُ
ويروى المُلُوحة. والهاجِنُ: العَناق التي تحمل قبل أَن تبلغ أَوانَ
السِّفَادِ، والجمع الهِواجِنُ؛ قال: ولم أَسمع له فعلاً، وعم بعضهم به
إناثَ نوعي الغنم. وقال ثعلب: الهاجن التي حُمل عليها قبل أَن تبلغ، فلم
يَخُصَّ بها شيئاً من شيء. والهاجِنَةُ والمُهْتَجِنَةُ من النخل: التي تحمل
صغيرة؛ قال شمر: وكذلك الهاجنُ. ويقال للجارية الصغيرة: هاجن، وقد
اهتُجِنَت الجارية إذا افتُرِعَتْ قبل أَوانها. واهْتُجِنَتِ الجارية إذا
وُطِئت وهي صغيرة. والمُهْتَجِنة: النخلة أَوَّل ما تُلْقَح. ابن سيده:
الهاجِنُ
(* قوله «ابن سيده الهاجن إلخ» كذا بالأصل، والمؤلف التزم من مؤلفات
ابن سيده المحكم وليست فيه هذه العبارة، فلعل قوله ابن سيده محرف عن ابن
دريد مثلاً بدليل قوله وفي المحكم) . والمُهْتَجِنة الصبية؛ وفي المحكم:
المرأَة التي تتزوّج قبل أَن تبلغ وكذلك الصغيرة من البهائم؛ فأَما قول
العرب: جَلَّتِ الهاجِنُ عن الولد، فعلى التفاؤل.
وهج: يوم وَــهِجٌ ووَــهْجــانٌ: شديد الحر؛ وليلة وَــهِجــةٌ ووَــهْجــانةٌ، كذلك،
وقد وَــهَجــا وَــهْجــاً ووَــهَجــاناً ووَــهَجــاً وتَوَــهُّجــاً.
والوَــهَجُ والوَــهْجُ والوَــهَجــانُ والتَّوَــهُّجُ: حرارة الشمس والنار من
بعيد. ووَــهَجــانُ الجمر: اضطرام تَوَــهُّجِــه؛ وأَنشد:
مُصْمَقِرُّ الــهجــير ذُو وَــهَجَــانِ
والوَــهْجُ، بالتسكين: مصدر وَــهَجَــتِ النار تَــهِجُ وَــهْجــاً ووَــهَجــاناً
إِذا اتَّقَدت. وقد تَوَــهَّجَــتِ النارُ ووَــهَجَــتْ تَوَــهَّجُ: تَوَقَّدَتْ،
ووَــهَّجْــتُها أَنا. ولها وَهِيج أَي تَوَقُّد، وأَوْــهَجْــتُها أَنا؛ وفي
المحكم: ووَــهَجْــتُها أَنا.
والمُتَوَــهِّجــةُ من النساء: الحارَّةُ المَتاع. والوَــهَجُ والوَهِيجُ:
تَلأْلُؤُ الشيء وتَوَقُّدُه.
وتَوَــهَّجَ الجوهر: تلأُلأَ؛ قال أَبو ذؤيب:
كأَنَّ ابْنَةَ السَّهْمِيِّ دُرَّةُ غائصِ،
لها، بَعْدَ تَقْطِيعِ النُّبُوحِ، وَهِيجُ
ويروى: دُرَّة قامس.
ويقال للجوهر إِذا تلأْلأَ: يَتَوَــهَّجُ. ونجم وَهَّاجٌ: وَقَّادٌ. وفي
التنزيل: وجعلنا سِراجاً وهَّاجاً؛ قيل: يعني الشمس. وَوَــهَجُ الطِّيب
ووَهِيجُه: انتشارُه وأَرَجُهُ. وتَوَــهَّجَــتْ رائحة الطيب أَي توقدت.
هجــع: الــهُجُــوعُ: النوْم ليْلاً. هَجَــعَ يَــهْجَــعُ هُجُــوعاً: نامَ، وقيل
نام بالليلِ خاصّة، وقد يكون الــهجُــوعُ بغير نوم؛ قال زهير بن أَبي
سُلْمَى:قَفْرٌ هَجَــعْتُ بها ولَسْتُ بنائِمٍ،
وذِراعُ مُلْقِيةِ الجِرانِ وسادي
وقوم هُجَّــعٌ وهُجــوعٌ، ونساء هُجَّــعٌ وهُجــوعٌ وهَواجِعُ، وهَواجِعاتٌ
جمع الجمع. والتَّــهْجــاعُ: النومةُ الخفيفةُ؛ قال أَبو قَيْسِ بن
الأَسْلَتِ:قد حَصَّتِ البَيْضةُ رَأْسِي، فما
أَطْعَمُ نَوْماً غيرَ تَــهْجــاعِ
وهَجَّــعَ القومُ تَــهْجِــيعاً أَي نَوَّمُوا. ومَرَّ هَجِــيعٌ من الليلِ
أَي ساعةٌ مثل هَزِيع؛ حكي عن ثعلب. ويقال: أَتيت فلاناً بعد هَجْــعةٍ أَي
بعد نَوْمةٍ خفيفةٍ من أَوّل الليل. وفي حديث الثوري: طَرَقَني بعد
هَجْــعٍ. من الليلِ؛ الــهَجْــعُ والــهَجْــعةُ والــهَجِــيعُ: طائفةٌ من الليل،
والــهِجْــعةُ منه كالجِلْسةِ من الجلوس.
ابن الأَعرابي: يقال للرجُلِ الأَحْمَقِ الغافِلِ عما يُرادُ به هِجْــعٌ
وهِجْــعةٌ وهُجَــعةٌ ومِــهْجَــعٌ، وأَصله من الــهُجُــوعِ النوم. ورجل هُجَــعةٌ،
مِثلُ هُمَزةٍ، وهُجَــعٌ ومِــهجَــعٌ للغافِل الأَحمَقِ السَّرِيعِ
الاسْتِنامةِ إِلى كلّ أَحَدٍ. والــهَجِــعُ: الأَحْمَقُ. وهَجَــعَ جُوعُه مثل هَجــأَ
إِذا انكسر ولم يشبع بعد. وهَجَــعَ غَرَثُه وهَجــأَ إِذا سكن. وأَــهْجَــعَ
فلانٌ غَرَثَه إِذا سكَّن ضَرَمَه مثل أَــهْجَــأَ.
ومِــهْجَــعٌ: اسم رجل.
هجــل: الــهَجْــل: المطمئن من الأَرض نحو الغائط. الأَزهري: الــهَجْــل الغائط
يكون منفرجاً بين الجبال مطمئنّاً مَوْطِئه صُلْب، والجمع أَــهْجــال وهِجــال
وهُجــول؛ قال أَبو زُبيد:
تحنُّ للظِّمْءِ مما قد أَلَمَّ بها
بالــهَجْــل منها كأَصْوات الزَّنابير
قال ابن بري: والذي في شعره الزَّنانِير، بالنون، وهي الحصى الصِّغار؛
فأَما قوله:
لها هَجَــلاتٌ سَهْلة، ونِجادُها
دَكادِكُ لا تُؤْبي بهنّ المَراتِعُ
فزعم أَبو حنيفة أَنه جمع هَجْــل؛ قال ابن سيده: وردّ عليه ذلك بعض
اللغويين وقال: إِنما هو جمع هَجْــلة، قال: يقال هَجْــل وهَجْــلة كما يقال سَلّ
وسَلَّة وكَوٌّ وكَوَّة، وأَنا لا أَثِق بــهَجْــلة ولا أَتَيَقَّنها، وإِنما
هَجْــل وهَجَــلات عندي من باب سُرادِق وسُرادِقات وحَمَّام وحمَّامات،
وغير ذلك من المذكر المجموع بالتاء. والــهَجِــيل من الأَرض: كالــهَجْــل؛ قال ابن
الأَعرابي: الــهَجْــل ما اتسع من الأَرض وغَمَضَ؛ قال أَبو النجم:
والخيلُ يَرْدِين بــهَجْــل هاجِلِ
فَوارِطاً، قُدَّام زَحْفٍ رافِلِ
والــهَجْــل والهَبْرُ: مطمئن يُنْبِت وما حَوْله أَشدّ ارتفاعاً، وجمعه
هُجــول وهُبور. وأَــهْجَــل القومُ فهُم مُــهْجِــلون.
والــهَجِــيلُ: الحوْض الذي لم يحكم عمَله.
والــهَجُــول: البَغِيُّ من النساء. والــهَجُــول من النساء: الواسعة، وقيل:
الفاجِرة؛ وقوله أَنشده ثعلب:
عُيون زَهاها الكُحْل، أَما ضَمِيرُها
فعَفٌّ، وأَما طَرْفُها فــهَجُــول
قال ابن سيده: عندي أَنه الفاجِر؛ وقال ثعلب هنا: إِنه المطمئن من
الأَرض، وهو منه خطأ. والهَوْجَل من النساء
(* قوله «والهوجل من النساء إلخ»
قال في شرح القاموس: وشدده الشاعر للضرورة): كالــهَجُــول:
قلت تعلَّق فَيْلَقاً هَوْجَلاَّ
والهَوْجَل: المفازة الذاهبة في سيرها. والهَوْجَل: المفازة البعيدة
التي ليست بها أَعلام. والهَوْجَل: الأَرض التي لا مَعالم بها، وقال يحيى بن
نُجيم: الهَوْجل الطريق الذي لا علم به، وأَنشد:
إِليك، أَميرَ المؤمنين، رَمَتْ بنا
هُمومُ المُنَى، والهَوْجَل المُتَعَسِّف
ويقال: فَلاةٌ هَوْجَل إِذا لم يهتدوا بها؛ وقال في ترجمة قسا:
وهَجْــلٍ من قَساً ذَفِرِ الخُزامى،
تهادى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
(* قوله «وهجــل من قساً إلخ» تقدم في مادة ذفر بلفظ:
بــهجــل من قساً ذفر الخزامى، * تداعى الجربياء به حنينا).
وقال: الــهَجْــل المطمئن من الأَرض، والهَوْجَل الأَرض التي لا نبت فيها؛
وقال ابن مقبل:
وجَرْداءَ خَرْقاءِ المَسارِح هَوْجَلٍ،
بها لاسْتِداء الشَّعْشَعانات مَسْبَحُ
والهَوْجَل: الأَرض تأْخذ مرَّة هكذا ومرّة هكذا، وفي المحكم: أَرض
هَوْجَل تأْخذ مرّة كذا ومرّة كذا. والهَوْجَل: الناقة السريعة الذاهبة في
سيرها، وقيل: هي الناقة التي كأْنَّ بها هَوَجاً من سرعتها؛ قال الكميت:
وبعد إِشارتهم بالسِّيا
طِ هَوْجاء ليلتَها هَوْجَل
(* قوله «وبعد اشارتهم» في التكملة: وقبل اشارتهم).
أَي في ليلتها. وناقة هَوْجَل: للسريعة الوَسْاع، وأَرض هَوْجَل مشتق
منه؛ قال جندل:
والآلُ في كلِّ مُرادٍ هَوْجَلِ،
كأَنَّه بالصَّحْصَحان الأَنْجَلِ
قُطْنٌ سُخام بأَيادِي غُزَّلِ
والهَوْجَل: الدليل الحاذِق. والهَوْجَل: البطيء المُتَواني الثقيلُ
الوَخِم، وقيل: هو الأَحمق. والهَوْجَل: الرجل الذاهِب في حُمْقِه. ومشيٌ
هَوْجَل: مُسْترخ؛ قال العجاج:
في صَلَبٍ لَدْنٍ ومَشْيٍ هَوْجَلِ
وهَجَّــلْت بالرجل: أَسمعته القبيحَ وشتَمْته. أَبو زيد: هَجَّــلْت الرجلَ
وبالرجل تَــهْجِــيلاً وسَمَّعْت به تسميعاً إِذا أَسمعته القبيح وشتمته.
ابن بُزُرْج: لا تَــهَجَّــلنّ في أَعراض الناس أَي لا تَقَعَنّ فيهم.
والهَوْجَل: الرجل الأَهْوَج؛ وقال أَبو كبير:
فأَتَتْ به حُوشَ الفُؤادِ مُبَطَّناً
سُهُداً، إِذا ما نام لَيلُ الهَوجلِ
والمُــهْجَــل: المُهْمَل. ومالٌ مُــهْجَــل ومُسْجَل إِذا كان مُضَيَّعاً
مُخَلّى. وهَجَــلَتِ المرأَة بعينها ورَمَشَت وغَيَّقَت ورَأْرَأَتْ إِذا
أَدارتها بغَمْزِ الرجل. والهَوْجَل: أَنْجَر السفينة. والهَوْجَل: بَقايا
النُّعاس. ابن الأَعرابي: هَوْجَلَ الرجلُ إِذا نام نومة خفيفة؛ وأَنشد:
إِلاَّ بقايا هَوْجَل النعاسِ
والهاجِلُ: النائم. والهاجِلُ: الكثير السفَر.
وهَجَــل بالقَصَبَة وغيرها إِذا رمى بها، وأَما الذي في الحديث: أَن
النبي،
صلى الله عليه وسلم، دخل المسجد وإِذا فِتْية من الأَنصار يَذْرَعون
المسجد بقصَبة فأَخذ القَصَبَة فــهَجَــل بها أَي رمى بها؛ قال أَبو منصور: لا
أَعرف هَجَــل بمعنى رمى، ولكن يقال نَجَل وزَجَل بالشيء رمى به.
وهَجْــنْجَل: اسم، وقد كنوا بأَبي الــهَجَــنْجَل؛ قال:
ظلَّت وظَلَّ يومُها حَوْبَ حَلِ،
وظَلَّ يومٌ لأَبي الــهَجَــنْجَلِ
أَي وظلَّ يومُها مقولاً فيه حَوْبَ حَلِ؛ قال ابن جني: دخول لام
التعريف في الــهَجَــنْجَل مع العلمية يدل أَنه في الأَصل صفة كالحرث والعباس
(*
ومما يستدرك عليه ما في التهذيب ونصه: وامرأَة مــهجــلة وهي التي افضى قبلها
ودبرها؛ وقال الشاعر:
ما كان اهلاً اين يكذب منطقي * سعد بن مــهجــلة
العجان فليق).
عمــهج: الأَزهري: العَمْــهَجُ والعَوْــهَجُ: الطويلة؛ وقال هميان:
فَقَدَّمَتْ، حَناجِراً غَوامِجَا،
مُبْطِنةٌ أَعْناقَها العَماهِجــا
قال: وقوله مُبْطِنةٌ أَي جعلت الحناجر بطائن لأَعناقها.
وقال أَبو زيد: العُمَاهِجُ مثل الخامِطِ من اللَّبَن عند أَول تغيُّره.
وقال ابن الأَعرابي: العَمَاهِجُ الأَلبان الجامدة؛ وقال الليث:
العُماهِجُ اللبن الخاثِرُ من أَلبان الإِبل؛ وأَنشد:
تُغْذَى بِمَحْضِ اللَّبَنِ العُمَاهِجِ
قال ابن سيده: وقيل: هو ما حُقِنَ حتى أَخذ طعماً غير حامض ولم يخالطه
ماء ولم يَخْثُرْ كل الخَثارة فيُشرَب. والعُماهِجُ من اللبن: ما حُقِنَ
في السِّقاء ولم يأْخذ طعماً.
الأَزهري: العَمْــهَجُ: الطويل من كل شيء، ويقال عنُق عَمْــهَجٌ
وعُمْهُوجٌ.
ونبات عُماهِجٌ: أَخضرلا ملتفٌّ؛ وأَنشد ابن سيده لجندل بن المثنى:
في غُلَوَاء القَصَب العُماهِجِ
ويروى العُمْــهِجِ، وسنذكره في موضعه. قال الأَزهري: وكل نبات غَضٍّ، فهو
عُمهُوجٌ. وقال ابن دريد: العمْــهَجُ السريع، والعُماهِجُ: الممتلئ
لحماً؛ وأَنشد:
مَمْكُورَة في قَصَبٍ عُمَاهِجِ
وقيل: التام الخَلْق. وشراب عُمَاهِجٌ: سَهْلُ المَساغ. والغُماهِجُ:
الضخم السمين. وعُمَاهِج، بالعين المهملة، بمعناه. أَبو عبيدة: من اللبن
العُماهِجُ والسُّماهِجُ، وهما اللذان ليسا بِحُلْوَيْنِ ولا آخِذَيْ
طَعم.
هجــم: هَجَــم على القوم يَــهْجُــم هُجــوماً: انتهى إِليهم بَغْتة، وهَجَــم
عليه الخَيْلَ
وهَجَــم بها. الليث: يقال: هَجَــمْنا الخَيْلَ، قال: ولم أَسمعهم يقولون
أَــهْجَــمْنا، واستعاره عليٌّ، كرَّم الله وجهه، للعِلَم فقال: هَجَــم بهم
العِلْمُ على حقائق الأُمور فباشَرُوا رَوْحَ اليقين. وهَجَــمَ عليهم: دخل،
وقيل: دخل بغير إِذن. وهَجَــمَ غَيْرَه عليهم وهو هَجُــومًٌ: أَدْخله؛
أَنشد سيبويه:
هَجُــومٌ علينا نَفْسَه، غيرَ أَنَّه
متى يُرْمَ في عَيْنَيه، بالشَّبْح، يَنْهَض
(* قوله «هجــوم علينا» في المحكم: هجــوم عليها).
يعني الظليم. الجوهري وغيره: وهَجَــمْتُ أَنا على الشيء بَغْتةً أَــهْجُــمُ
هُجُــوماً وهَجَــمْتُ غَيْري، يتعدَّى ولا يتعدى. وهَجَــم الشتاءُ: دَخَل.
ابن سيده: وهَجَــم البيتَ
يَــهْجِــمُه هَجْــماً هَدَمه. وبيت مَــهْجــومٌ: حُلَّتْ أَطْنابُه
فانْضَمَّتْ سِقابُه أَي أَعْمِدتُه، وكذلك إِذا وَقَع؛ قال علقمة بن
عبدة:صَعْلٌ كأَنَّ جناحَيْه وجُؤْجُؤَه
بَيْتٌ، أَطافَتْ به خَرْقاءُ، مَــهْجــوم
الخَرْقاء ههنا: الريح. وهُجِــمَ البيتُ إِذا قُوِّض. ولما قُتِل
بِسْطامُ بن قيس لم يَبْقَ بيت في ربيعة إِلا هُجِــم أَي قُوِّض. والــهَجْــم:
الهَدْم. وهَجَــم البيتُ
وانْــهَجَــم: انْهَدَم. وانْــهَجَــم الخِباءُ: سَقَط. والــهَجُــوم: الريحُ
التي تشتدّ حتى تَقْلَع البيوتَ والثُّمامَ. وريح هَجُــومٌ: تَقْلعُ البيوتَ
والثُّمامَ. والريحُ تَــهْجُــمُ الترابَ على الموضع. تَجْرُفه فتلقيه
عليه؛: قال ذو الرمة يصف عَجاجاً جَفَلَ من موضعه فــهَجَــمَتْه الريحُ على هذه
الدار:
أَوْدى بها كلُّ عَرَّاصٍ أَلَثَّ بها،
وجافِلٌ من عَجاجِ الصَّيْف مَــهْجــوم
وهَجَــمَتْ عينُه تَــهْجُــم هَجْــماً وهُجــوماً: غارت. وفي حديث النبي، صلى
الله عليه وسلم: أَنه قال لعبد الله بن عمرو حين ذكَر قيامه بالليل
وصيامَه بالنهار: إِنك إِذا فعلت ذلك هَجَــمَتْ عيناكَ أَي غارَتا ودخَلَتا في
موضعهما؛ قال أَبو عبيد: ومنه هَجَــمْتُ على القوم إِذا دخلت عليهم، وكذلك
هَجَــمَ
عليهم البيتُ إِذا سقط عليهم. وانْــهَجَــمت عينُه: دمَعَت. قال شمر: لم
أَسمع انْــهَجَــمت عينُه بمعنى دمَعَت إِلا ههنا، قال: وهو بمعنى غارَتْ،
معروفٌ. وهَجَــم ما في ضرع الناقة يَــهْجُــمه هَجْــماً واهْتَجَمه: حَلَبه؛
وهَجَــمْتُ ما في ضرعها إِذا حَلبْت كلَّ ما فيه؛ وأَنشد لرؤْبة:
إِذا التَقَتْ أَرْبَعُ أَيْدٍ تَــهْجُــمُهْ،
حَفَّ حَفِيفَ الغيْثِ جادَتْ دِيَمُهْ
قال: ومنه قول غَيْلان بن حُرَيْث:
وامْتاح مني حَلَباتِ الهاجِمِ
وهَجَــمَ الناقة نَفْسَها وأَــهْجَــمَها: حَلَبها. والــهَجِــيمةُ: اللبنُ قبل
أَن يُمْخَض، وقيل: هو الخاثرُ من أَلبْان الشاءِ، وقيل: هو اللبن الذي
يُحْقَنُ في السِّقاء الجديد ثم يُشْرَب ولا يُمْخَض، وقيل هو ما لم
يَرُبْ أَي يَخْثُر وقد الهْاجَّ لأَن يَروبَ؛ قال أَبو منصور: وهذا هو
الصواب. قال أَبو الجرّاح: إِذا ثَخُنَ اللبنُ وخَثُر فهو الــهَجِــيمةُ. ابن
الأَعرابي: الــهَجِــيمةُ ما حَلَبْته من اللبن في الإِناء، فإِذا سكَنتْ
رَغْوتُه حَوَّلْتَه إِلى السِّقاء. وهاجِرةٌ هَجُــومٌ: تَحْلُب العرَقَ؛
وأَنشد ابن السكيت:
والعِيسُ تَــهْجُــمُها الحَرورُ كأَنَّها
أَي تَحْلُب عرَقَها؛ ومنه هَجَــمَ الناقةَ إِذا حَطَّ ما في ضرعها من
اللبن. يقال: تَحَمَّمَ فإِنَّ الحَمَّام هَجُــومٌ، أَي مُعَرِّقٌ يُسِيل
العَرَقَ. والــهَجْــمُ: العَرَقُ، قال: وقد هَجَــمَتْه الهَواجِر. وانْــهَجَــمَ
العرَقُ: سالَ. والــهَجْــم والــهَجَــمُ؛ الأَخيرة عن كراع: القَدَحُ الضَّخْم
يُحْلب فيه، والجمع أَــهْجــامٌ؛ قال الشاعر:
كانت إِذا حالِبُ الظَّلْماء أَسْمَعَها،
جاءت إِلى حالِبِ الظَّلْماءِ تَهْتَزِمُ
فَتَمْلأُ الــهَجْــمَ عَفْواً وهي وادِعةٌ،
حتى تكادَ شِفاه الــهَجْــمِ تَنْثَلِمُ
ابن الآَعرابي: هو القدَحُ والــهَجَــمُ
والعَسْفُ والأَجَمُّ والعَتادُ؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
إِذا أُنِيخَتْ والْتَقَوْا بالأَــهْجــامْ،
أَوْفَت لهم كَيْلاً سَريع الإِعْذامْ
الأَصمعي: يقال هَجَــمٌ وهَجْــمٌ للقَدَحِ؛ قال الراجز:
ناقةُ شيخٍ للإِلهِ راهِبِ،
تَصُفُّ في ثلاثةِ المَحالِبِ:
في الــهَجَــمَيْنِ، والْهَنِ المُقارِبِ
قال: الــهَجَــمُ العُسُّ الضخم أَي تجمع بين مِحْلَبَيْنِ أَو ثلاثة ناقة
صَفوفٌ تجمع بين المحالب، قال: والفَرَق أَربعةُ أَرباع؛ وأَنشد:
تَرْفِد بعدَ الصَّفِّ في فُرْقانِ
جمع الفَرَق وهو أَربعة أَرباعٍ، والهنُ المُقارِبُ: الذي بين
العُسَّين.والــهَجْــمةُ: القطْعة الضَّخْمة من الإِبل، وقيل: هي ما بين الثلاثين
والمائة؛ ومما يَدلّك على كثرتها قوله:
هَلْ لكِ، والعارِضُ منكِ عائِضُ،
في هَجْــمَةٍ يُسْئِرُ منها القابِضُ؟
(* قوله «هل لك إلخ» صدره كما في مادة عرض:
يل ليل أسقاك البريق الوامض
هل لك إلخ وهو لأبي محمد الفقعسي يخاطب امرأة يرغبها في أن تنكحه،
والمعنى: هل لك في هجــمة يبقي منها سائقها لكثرتها عليه، والعارض أي المعطي في
نكاحك عرضاً، وعائض أي آخذ عوضاً منك بالتزويج).
وقيل: الــهَجْــمةُ أَوَّلُها الأَرْبَعون إِلى ما زادت، وقيل: هي ما بين
السَّبْعِين إِلى دُوَيْن المائة، وقيل: هي ما بين السبعين إِلى المائة؛
قال المعْلُوط:
أَعاذِل، ما يُدْريك أَنْ رُبَّ هَجْــمةٍ
لأَخْفافِها فَوْقَ المِتانِ فَدِيدُ؟
وقيل: هي ما بين التِّسعين إِلى المائة، وقيل: ما بين الستِّين إِلى
المائة؛ وأَنشد الأَزهري:
بــهَجْــمَةٍ تَمْلأُ عَيْنَ الحاسِدِ
وقال أَبو حاتم: إِذا بلغت الإِبلُ سِتِّين فهي عَجْرمة، ثم هي هَجْــمةٌ
حتى تبلغ المائة، وقيل: الــهَجْــمة من الإِبل أَولها الأربعون إِلى ما
زادَت، والهُنَيدَةُ المائة فقط. وفي حديث إِسلام أَبي ذر: فَضَمَمْنا
صِرْمتَه إِلى صِرْمَتِنا فكانت لنا هَجْــمةٌ؛ الــهَجْــمَةُ من الإِبل: قريبٌ من
المائة؛ واستعار بعضُ الشُّعراء الــهَجْــمَةَ للنَّخْل مُحاجِياً بذلك
فقال:إِلى اللهِ أَشْكُو هَجْــمةً عَرَبيَّةً،
أَضَرَّ بها مَرُّ السِّنينَ الغوابِرِ
فأَضْحَتْ رَوايا تَحْمِل الطِّينَ، بعدما
تكونُ ثِمالَ المُقْتِرِينَ المَفاقِرِ
والــهَجْــمةُ: النَّعْجةُ الهَرِمة.
وهَجَــمَ الشيءُ: سَكنَ وأَطْرَق؛ قال ابن مقبل:
حتى اسْتَبَنتُ الهُدى، والبيدُ هاجمةٌ،
يَخشَعْنَ في الآلِ غُلْفاً أَو يُصَلِّينا
والاهْتِجامُ: آخر الليل. والــهَجْــمُ: السَّوْق الشديد؛ قال رؤبة:
والليلُ يَنْجُو والنهارُ يَــهْجُــمهْ
وهَجَــمَ الرجلَ وغيره يَــهْجُــمُه هَجْــماً: ساقه وطرَده. ويقال: هَجَــمَ
الفحلُ آتُنَه أَي طَرَدَها؛ قال الشاعر:
وَرَدْتِ وأَرْدافُ النُّجومِ كأَنها،
وقد غارَ تاليها، هجــا أُتْن هاجِم
(* قوله «هجــا أتن» كذا بالأصل).
والــهَجــائمُ: الطرائدُ. والهاجِمُ
أَيضاً: الساكن المُطْرِقُ. وهَجْــمةُ الشِّتاءِ: شِدَّةُ بَرْدِه.
وهَجــمة الصيْفِ: حَرُّه؛ وقولُ أَبي محمد الحذلَمِيّ أَنشده ثعلب:
فاهْتَجَمَ العيدانُ من أَخْصامها
غَمامةً تَبْرُقَ من غَمامِها،
وتُذْهِبُ العَيْمَة من عِيامِها
لم يفسر ثعلب اهْتَجَم؛ قال ابن سيده: قد يجوز أَن يكون شَرِبَت كأَنَّ
هذه الإِبل وَرَدَتْ بعد رَعْيها العيدانَ فشربت عليها، ويروى:
واهْتَمَجَ العيدانُ، من قولهم هَمَجَت الإِبلُ من الماء. وقال الأَزهري في تفسير
هذا الرجز: اهْتَجَم أَي احْتَلب، وأَراد بأَخْصامِها جَوانِبَ
ضَرْعِها.والهَيْجُمانةُ: الدُّرّةُ وهي الوَنِيِّةُ. وهَيجُمانةُ: اسمُ امرأَةٍ،
وهي بنت العَنْبَرِ بن عمرو بن تميم. والهَيْجُمانُ: اسم رجل.
والــهَجْــمُ: ماءٌ لبني فَزارة، ويقال إِنه من حفرِ عادٍ.
وفي النوادر: أَــهْجَــمَ اللهُ عن فلانٍ المرضَ فــهَجَــمَ المرضُ
عنه أَي أَقْلَعَ وفَتَر.
وابْنا هُجَــيْمةَ: فارِسان من العرب؛ قال:
وساقَ ابْنَيْ هُجَــيْمةَ يَوْمَ غَولٍ،
إِلى أَسْيافِنا، قَدَرُ الحِمامِ
وبَنُو الــهُجَــيم: بَطْنانِ: الــهُجَــيم بن عمرو بن تميم، والــهُجَــيْم بن
علي بن سودٍ من الأَزْدِ.
هجــأ: هَجِــئَ الرَّجُل هَجَــأً: التَهبَ جُوعُه، وهَجَــأَ جُوعُه هَجْــأً وهٌجُــوءاً: سكن وذهَب. وهَجَــأَ غَرَثِي يَــهْجَــأُ هَجْــأً: سَكَنَ وذهَب
وانْقَطَع. وهَجَــأَه الطعامُ يَــهْجَــؤُهْ هَجْــأً: مَلأَه، وهَجَــأَ الطعامَ: أَكله.
وأَــهْجَــأَ الطعامُ غَرَثِي: سكَّنه وقَطَعَه، إِــهْجــاءً. قال:
فأَخْزاهُمُ رَبِّي، ودَلَّ عَلَيْهِمُ، * وأَطْعَمَهُم من مَطْعَمٍ غَيْرِ مُــهْجِــئِ
وهَجَــأً الإِبلَ والغنمَ وأَــهْجَــأَها: كَفَّها لِتَرْعى. والــهِجــاءُ،
مـمدود: تَــهْجِــئَةُ الحرف. وتَــهَجَّــأْت الحرف وتــهجــيته، بهمز وتبديل. أَبو العباس: الــهَجَــأُ يُقصر ويهمز، وهو كلُّ ما كنت فيه، فانْقَطَع عنك. ومنه قول بشار، وقَصَره ولم يهمز، والأَصل الهمز:
وقَضَيْتُ مِنْ وَرَقِ الشَّبابِ هَجــاً، * مِنْ كُلِّ أَحْوَزَ راجِحٍ قَصَبُهْ
وأَــهْجَــأْتُه حَقَّه وأَــهْجَــيْتُه حَقَّه إِذا أَدّيته إِليه.
ســهج: سَــهَجَ القومُ ليلتهم سَــهْجــاً: ساروا سيراً دائماً؛ قال الراجز:
كيفَ تَرَاها تَغْتَلي يا شَرْجُ،
وقد سَــهَجْــناها، فطالَ السَّــهْجُ؟
والسَّهُوجُ: العُقابُ لدُؤُوبها في طيرانها.
وسَــهَجَــتِ المرأَةُ طيبَها تَسْــهَجُــه سَــهْجــاً: سحقته؛ وقيل: كلُّ دَقٍّ
سَــهْجٌ. وسَــهَجَــتِ الريحُ الأَرضَ: قشرت وجهها؛ قال منظور الأَسدي:
هل تَعْرِفُ الدَّارَ لأُمِّ الحَشْرَجِ،
غيَّرَها سافي الرِّياحِ السُّــهَّجِ؟
وسَــهَجَــتِ الريحُ سَــهْجــاً: هَبَّتْ هُبُوباَ دائماً واشتدت، وقيل: مرت
مروراً شديداً. وريحٌ سَيْــهَجٌ وسَيْــهَجَــةٌ وسَهُوجٌ وسَيْهُوجٌ: شديدة؛
أَنشد يعقوب لبعض بني سَعْدَةَ:
يا دارَ سَلْمى بين داراتِ العُوجْ،
جَرَّتْ عليها كلُّ ريحٍ سَيْهُوجْ
الجوهري: سَــهَجْــتُ الطيب سحقته.
والمَسْــهَجُ: ممرُّ الريح؛ قال الشاعر:
إِذا هَبَطْنَ مُسْتَحاراً مَسْــهَجــا
أَبو عمرو: المِسْــهَجُ الذي ينطلق في كل حق وباطل. أَبو عبيد:
الأَسَاهِيُّ والأَساهِيجُ ضروب مختلفة من السير،وفي نسخة: سير الإِبل. الأَزهري:
خَطيب مِسْــهَجٌ ومِسْهَكٌ، وريح سَيْهُوكٌ وسَيْهُوجٌ، وسَيْهَكٌ
وسَيْــهَجٌ، قال: والسَّهْكُ والسَّــهْجُ: مَرُّ الريح؛ وزعم يعقوب أَن جيم
سَيْــهَج وسَيْهُوج بدل من كاف سيهك وسيهوك.
لــهج: لَــهِجَ بالأَمرِ لَــهَجــاً، ولَهْوَجَ، وأَلْــهَجَ كلاهما: أُولِعَ به
واعْتادَه، وأَلْــهَجْــتُه به. ويقال: فلان مُلْــهَجٌ بهذا الأَمْر أَي
مُولَعٌ به؛ وأَنشد:
رَأْساً بِتَهْضاضِ الرُّؤوسِ مُلْــهَجــا
واللَّــهَجُ بالشيء: الوُلوعُ به.
واللَّــهْجَــةُ واللَّــهَجَــةُ: طَرَفُ اللِّسان. واللَّــهْجــةُ واللَّــهَجــةُ:
جَرْسُ الكلامِ، والفتحُ أَعلى. ويقال: فلان فصيحُ اللَّــهْجَــةِ
واللَّــهَجــةِ، وهي لغته التي جُبِلَ عليها فاعتادَها ونشأَ عليها.
الجوهري: لَــهِجَ، بالكسر، به يَلْهيَجُ لَــهَجــاً إِذا أُغْريَ به فَثابرَ
عليه.
واللَّــهْجــةُ: اللسان، وقد يُحَرَّكُ. وفي الحديث: ما من ذي لَــهْجــةٍ
أَصدَقَ من أَبي ذَرٍّ. وفي حديث آخر: أَصْدَق لَــهْجــةً من أَبي ذَرٍّ؛ قال:
اللَّــهْجــةُ اللسان. ولَــهَّجْــتُ القومَ تَلْهِيجاً إِذا لَهَّنْتَهم
وسَلَّفْتَهم. والْهاجَّ اللبنُ الْهِيجاجاً: خَثَرَ حتى يَخْتَلِطَ بعضُه ببعض
ولم تَتِمَّ خُثورَتُه. وكذلك كل مختلط. والْهاجَّتْ عينُه: اختلط بها
النُّعاسُ.
والفَصِيلُ يَلْــهَجُ أُمَّه إِذا تَناوَل ضَرْعها يَمْتَصُّه. ولَــهِجَــتِ
الفِصالُ: أَخَذَتْ في شُرب اللبن. ولَــهِجَ الفَصيلُ بأُمّه يَلْــهَجُ
إِذا اعتادَ رَضاعَها، فهو فصيل لاهِجٌ، وفصيل راغِلٌ لاهِجٌ بأُمّه.
وأَلْــهَجَ الرجُلُ: لَــهِجَــتْ فِصالُه برَضاعِ أُمّهاتِها فيَعْمَلُ عند
ذلك أَخِلَّةً يَشُدُّها في الأَخْلافِ لئلا يَرْتَضِعَ الفَصيلُ.
وأَلْــهَج الفَصيلَ: جعلَ في فيه خِلالاً فشدَّه لئلاَّ يَصِلَ إِلى الرَّضاع؛
قال الشمَّاخ:
رَعَى بارِضَ الوَسْمِيِّ، حتى كأَنما
يَرى بِسَفَى البُهْمَى أَخِلَّةَ مُلْــهِجِ
وهذه أَفْعَل التي لإِعْدام الشيء وسَلْبه. أَبو منصور: المُلْــهِجُ
الراعي الذي لَــهِجَــتْ فِصالُ إِبله بأُمهاتها، فاحتاج إِلى تَفْلِيكِها
وإِجْرارِها. يقال: أَلْــهَجَ الراعي صاحبُ الإِبل، فهو مُلْــهِجٌ، وهو التفليكُ
أَن يَجْعَل الراعي من الهُلْبِ مِثْلَ فَلْكَةِ المِغزَلِ، ثم يُثْقَبَ
لسانُ الفَصيلِ فيُجْعَل فيه لئلا يَرْضَعَ. واللإِجْرارُ: أَن يُشَقَّ
لسانُ الفصيل لئلا يرضع وهو البَدْحُ أَيضاً، وأَما الخَلُّ فهو أَن
يأْخذ خِلالاً فيجعله فوق أَنف الفصيل يُلْزِقُه به، فإِذا ذَهب يرضع خِلْفَ
أُمّه أَوجعَها طَرَفُ الخِلالِ فزَبَنَتْه عن نفسها؛ ولا يقال:
أَلْــهَجْــتُ الفَصيلَ، إِنما يقال: أَلْــهَجَ الراعي إِذا لَــهِجَــتْ فِصالُه، وبيت
الشماخ حجة لما وصفته؛ قال يصف حمار وحش رَعى بارِضَ الوسمِيِّ، وهو
أَوَّل النبْتِ حتى بَسَقَ وطالَ، فرَعَى البُهْمَى فصار سَفاها كأَخِلَّةِ
المُلْــهِج، فترك رعْيَها؛ قال الأَزهري: هكذا أَنشده المنذري وذكر أَنه
عرضه على أَبي الهيثم، قال: والمُلْــهِجُ الذي لَــهِجَــتْ فِصالُه بالرَّضاعِ؛
يقول رَعَى العَيْرُ بارِضَ الوَسْمِيّ أَوّل ما نَبَتَ إِلى أَن يَبِسَ
سَفى بارِض البُهْمَى، كَرَهَه ليُبْسِه، وشَبَّه شَوْكَ السَّفى لمَّا
يَبِسَ بالأَخِلَّةِ التي تجعل فوقَ أُنوفِ الفِصالِ، ويُغْرى بها، قال:
وفسَّر الباهليُّ البيتَ كما وصفته.
الأُمَوِيُّ: لَــهَّجْــتُ القومَ إِذا عَلَّلْتَهم قبل الغِذاءِ بِلُهْنة
يتعللون بها، وهي اللُّــهْجــةُ والسُّلْفةُ واللُّمْجَةُ. وتقول العرب:
سَلِّفُوا ضَيْفَكم ولَمِّجُوه ولَــهِّجــوه ولَمِّكُوه وعَسِّلوه وشَمِّجوه
وعَيِّروه وسَفِّكُوه ونَشِّلوه وسَوِّدوه
(* قوله «وعسلوه وعيروه وسودوه»
كذا بالأصل، ومثله شرح القاموس.)، بمعنى واحد. ولَــهَّجَ القومَ:
أَطْعَمَهُم شيئاً يتعللون به قبل الغذاء.
والمُلْهاجُّ من اللبن: الذي خَثُرَ حتى اختَلط بعضُه ببعض ولم تَتِمَّ
خُثورَتُه، وكذلك كل مختلِطٍ. وأَمْرُ بني فلانٍ مُلْهاجٌّ، على المثل.
وأَيقظني حين الْهاجَّتْ عَيْني أَي حين اخْتَلطَ النُّعاسُ بها.
ولَهْوَحَ الشيءَ: خَلَطه. ولَهْوَجَ الأَمْرَ: لم يُحْكِمْه ولم
يُبْرِمْه. ابن السكيت: طعامٌ مُلَهْوَجٌ ومُلَغْوَسٌ وهو الذي لم يُنْضَجْ؛
وأَنشد الكلابي:
خَيْرُ الشِّواءِ الطَّيِّبُ المُلَهْوَجْ،
قد هَمَّ بالنُّضْجِ، ولمَّا يَنْضَجْ
وشواء مُلَهْوَجٌ إِذا لم يُنْضَجْ. ولَهْوَجَ اللحمَ: لم يُنْعِمْ
شَيَّه؛ قال الشماخ:
وكُنْتُ إِذا لاقَيْتُها، كان سِرُّنا
وما بيننا، مثلَ الشّواءِ المُلَهْوَجِ
وقال العجاج:
والأَمْرُ، ما رامَقْتَه مُلَهْوَجا،
يُضْوِيكَ، ما لم تَجْنِ منه مُنْضَجا
ولَهْوَجْتُ اللحمَ وتَلَهْوَجْتُه إِذا لم تُنْعِمْ طَبْخَه. وثَرْمَلَ
الطعامَ إِذا لم يُنْضِجْه صانِعُه، ولم يَنْفُضْه من الرَّمادِ إِذ
مَلَّه، ويُعتَذَرُ إِلى الضيفِ، فيقال: قد رَمَّلْنا لكَ العملَ، ولم
نَتَنَوَّقْ فيه للعجلةِ. وتَلَهْوَجَ الشيءَ: تَعَجَّلَه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
لولا الإِلهُ، ولولا سَعْيُ صاحِبنا،
تَلَهْوَجُوها، كما نالوا من العِيَرِ
(* قوله «العير» كذا بالأصل مضبوطاً ومثله شرح القاموس.)
رهج: الرَّــهْجُ والرَّــهَجُ: الغبار. وفي الحديث: ما خالك قلبَ امرئ
رَــهَجٌ في سبيل الله إِلاَّ حرَّم الله عليه النار؛ الرَّــهَجُ: الغبار. وفي
حديث آخر: من دخل جَوْفَهُ الرَّــهَجُ، لم يدخله حر النار. وأَرْــهَجَ
الغبارَ: أَثاره. والرَّــهَجُ: السحاب الرقيق كأَنه غبار؛ وقول مليح
الهذلي:ففي كل دارٍ مِنْكِ للقَلْبِ حَسْرَةٌ،
يكونُ لها نَوْءٌ، من العينِ، مُرْــهِجُ
أَراد شدّة وَقْعِ دموعها حتى كأَنها تثير الغبار.
وأَرْــهَجَــتِ السماء إِرْهاجاً إِذا همت بالمطر. ونَوْءٌ مُرْــهِج: كثير
المطر.
والرَّهْوَجَةُ: ضرب من السير. ومَشْيٌ رَهْوَجٌ: سَهْلٌ لَيِّنٌ؛ قال
العجاج:
مَيَّاحَةٌ تَمِيحُ مَشْياً رَهْوَجا
وأَصله بالفارسية: رَهْوَه.
والرِّــهْجِــيجُ: الضعيف من الفُصْلان
(* ومثله الرهجــوج، كعصفور، كما في
القاموس.)؛ وقال الراجز:
وهي تَبُدُّ الرُّبَعَ الرِّــهْجِــيجا
في المَشْي، حتى يَرْكَبَ الوَسِيجا
ابن الأَعرابي: أَرْــهَجَ إِذا أَكثر بَخُورَ بيته، قال: والرِّــهَج
الشَّغَبُ.