من (ق و ي) الشيء المكتسب قوة بعد ضعف.
من (ق و ي) الشيء المكتسب قوة بعد ضعف.
قوا: الليث: القوّة من تأْليف ق و ي، ولكنها حملت على فُعْلة فأُدغمت
الياء في الواو كراهية تغير الضمة، والفِعالةُ منها قِوايةٌ، يقال ذلك في
الحَزْم ولا يقال في البَدَن؛ وأَنشد:
ومالَ بأَعْتاقِ الكَرَى غالِباتُها،
وإِنِّي على أَمْرِ القِوايةِ حازِمُ
قال: جعل مصدر القوِيّ على فِعالة، وقد يتكلف الشعراء ذلك في الفعل
اللازم. ابن سيده: القُوَّةُ نقيض الضعف، والجمع قُوًى وقِوًى. وقوله عز وجل:
يا يحيى خُذِ الكتاب بقُوَّةٍ؛ أَي بِجِدّ وعَوْن من الله تعالى، وهي
القِوايةُ، نادر، إنما حكمه القِواوةُ أَو القِواءة، يكون ذلك في البَدن
والعقل، وقد قَوِيَ فهو قَوِيّ وتَقَوَّى واقْتَوى كذلك، قال رؤبة:
وقُوَّةَ اللهِ بها اقْتَوَيْنا
وقَوّاه هو. التهذيب: وقد قَوِيَ الرجل والضَّعيف يَقْوَى قُوَّة فهو
قَوِيٌّ وقَوَّيْتُه أَنا تَقْوِيةً وقاوَيْتُه فَقَوَيْتُه أَي غَلَبْته.
ورجل شديد القُوَى أَي شدِيدُ أَسْرِ الخَلْقِ مَمَرُّه. وقال سبحانه
وتعالى: شدِيدُ القُوَى؛ قيل: هو جبريل، عليه السلام. والقُوَى: جمع
القُوَّة، قال عز وجل لموسى حين كتب له الأَلواح: فخذها بقوَّة؛ قال الزجاج: أَي
خذها بقُوَّة في دينك وحُجَّتك. ابن سيده: قَوَّى الله ضعفَك أَي أُبدَلك
مكان الضعف قُوَّة، وحكى سيبويه: هو يُقَوَّى أَي يُرْمَى بذلك. وفرس
مُقْوٍ: قويٌّ، ورجل مُقْوٍ: ذو دابة قَوِيّة. وأَقْوَى الرجلُ فهو مُقْوٍ
إِذا كانت دابته قَوِيَّة. يقال: فلان قَوِيٌّ مُقْوٍ، فالقَوِي في نفسه،
والمُقْوِي في دابته. وفي الحديث أَنه قال في غزوة تبوك: لا يَخْرُجَنَّ
معنا الاَّ رجل مُقْوٍ أَي ذو دابة قَوِيَّة. ومنه حديث الأَسود بن زيد
في قوله عز وجل: وإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرون، قال: مُقْوون مُؤْدونَ أَي
أَصحاب دَوابّ قَوِيّة كامِلُو أَداةِ الحرب. والقَوِيُّ من الحروف: ما لم
يكن حرف لين. والقُوَى: العقل؛ وأَنشد ثعلب:
وصاحِبَيْنِ حازِمٍ قُواهُما
نَبَّهْتُ، والرُّقادُ قد عَلاهُما،
إِلى أَمْونَيْنِ فَعَدَّياهما
القُوَّة: الخَصْلة الواحدة من قُوَى الحَبل، وقيل: القُوَّة الطاقة
الواحدة من طاقاتِ الحَبْل أَو الوَتَر، والجمع كالجمع قُوًى وقِوًى. وحبل
قَوٍ ووتَرٌ قَوٍ، كلاهما: مختلف القُوَى. وأَقْوَى الحبلَ والوَتر: جعل
بعض قُواه أَغلظ من بعض. وفي حديث ابن الديلمي: يُنْقَضُ الإِسلامُ
عُرْوَةً عُروة كما يُنْقَضُ الحبلُ قُوَّة قُوَّة. والمُقْوِي: الذي يُقَوِّي
وتره، وذلك إِذا لم يُجد غارَته فتراكبت قُواه. ويقال: وتَر مُقْوًى.
أَبو عبيدة: يقال أَقْوَيْتَ حبلَك، وهو حبلٌ مُقْوًى، وهو أَن تُرْخِي
قُوَّة وتُغير قوَّة فلا يلبث الحبل أَن يَتَقَطَّع، ويقال: قُوَّةٌ وقُوَّىً
مثل صُوَّة وصُوًى وهُوَّة وهُوًى، ومنه الإِقواء في الشعر. وفي الحديث:
يذهَب الدِّين سُنَّةً سُنة كما يذهب الحبل قُوَّة قُوَّة.
أَبو عمرو بن العلاء: الإِقْواء أَن تختلف حركات الروي، فبعضه مرفوع
وبعضه منصوب أَو مجرور. أَبو عبيدة: الإِقواء في عيوب الشعر نقصان الحرف من
الفاصلة يعني من عَرُوض البيت، وهو مشتق من قوَّة الحبل، كأَنه نقص
قُوَّة من قُواه وهو مثل القطع في عروض الكامل؛ وهو كقول الربيع بن زياد:
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مالِك بن زُهَيْرٍ
تَرْجُو النِّساءُ عَواقِبَ الأَطْهار؟فنقَص من عَروضه قُوَّة.
والعَروض: وسط البيت: وقال أَبو عمرو الشيباني: الإِقْواء اختلاف إِعراب
القَوافي؛ وكان يروي بيت الأَعشى:
ما بالُها بالليل زالَ زَوالُها
بالرفع، ويقول: هذا إِقْواء، قال: وهو عند الناس الإِكفاء، وهو اختلاف
إِعراب القَوافي، وقد أَقْوى الشاعر إِقْواء، ابن سيده: أَقْوَى في الشعر
خالفَ بين قَوافِيه، قال: هذا قول أَهل اللغة. وقال الأَخفش: الإِقْواء
رفع بيت وجرّ آخر نحو قول الشاعر:
لا بَأْسَ بالقَوْمِ من طُولٍ ومن عِظَمٍ،
جِسْمُ البِغال وأَحْلامُ العَصافيرِ
ثم قال:
كأَنهم قَصَبٌ، جُوفٌ أَسافِلُه،
مُثَقَّبٌ نَفَخَتْ فيه الأَعاصيرُ
قال: وقد سمعت هذا من العرب كثيراً لا أُحصي، وقَلَّت قصيدة ينشدونها
إِلا وفيها إِقْواء ثم لا يستنكِرونه لأَنه لا يكسر الشعر، وأَيضاً فإِن كل
بيت منها كأَنه شعر على حِياله. قال ابن جني: أَما سَمْعُه الإِقواء عن
العرب فبحيث لا يُرتاب به لكن ذلك في اجتماع الرفع مع الجرّ، فأَما
مخالطة النصب لواحد منهما فقليل، وذلك لمفارقة الأَلف الياء والواو ومشابهة كل
واحدة منهما جميعاً أُختها؛ فمن ذلك قول الحرث بن حلزة:
فَمَلَكْنا بذلك الناسَ، حتى
مَلَكَ المُنْذِرُ بنُ ماءِ السَّماء
مع قوله:
آذَنَتْنا بِبَيْنِها أَسْماءُ،
رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنْه الثَّواءُ
وقال آخر أَنشده أَبو عليّ:
رَأَيْتُكِ لا تُغْنِينَ عَنِّى نَقْرََةً،
إِذا اخْتَلَفَت فيَّ الهَراوَى الدَّمامِكْ
ويروى: الدَّمالِكُ.
فأَشْهَدُ لا آتِيكِ ما دامَ تَنْضُبٌ
بأَرْضِكِ، أَو صُلْبُ العَصا مِن رِجالِكِ
ومعنى هذا أَن رجلاً واعدته امرأَة فعَثر عليها أَهلُها فضربوه
بالعِصِيّ فقال هذين البيتين، ومثل هذا كثير، فأَما دخول النصب مع أَحدهما فقليل؛
من ذلك ما أَنشده أَبو عليّ:
فَيَحْيَى كان أَحْسَنَ مِنْكَ وَجْهاً،
وأَحْسَنَ في المُعَصْفَرَةِ ارْتِداآ
ثم قال:
وفي قَلْبي على يَحْيَى البَلاء
قال ابن جني: وقال أَعرابي لأَمدحنّ فلاناً ولأهجونه وليُعْطِيَنِّي،
فقال:
يا أَمْرَسَ الناسِ إِذا مَرَّسْتَه،
وأَضْرَسَ الناسِ إِذا ضَرَّسْتَه
(* قوله« يا أمرس الناس إلخ» كذا بالأصل.)
وأَفْقَسَ الناسِ إِذا فَقَّسْتَه،
كالهِنْدُوَانِيِّ إِذا شَمَّسْتَه
وقال رجل من بني ربيعة لرجل وهبه شاة جَماداً:
أَلم تَرَني رَدَدْت على ابن بَكْرٍ
مَنِيحَتَه فَعَجَّلت الأَداآ
فقلتُ لِشاتِه لمَّا أَتَتْني:
رَماكِ اللهُ من شاةٍ بداءِ
وقال العلاء بن المِنهال الغَنَوِيّ في شريك بن عبد الله النخعي:
لَيتَ أَبا شَرِيكٍ كان حَيّاً،
فَيُقْصِرَ حِينَ يُبْصِرُه شَرِيكُ
ويَتْرُكَ مِنْ تَدَرُّئِه علينا،
إِذا قُلنا له: هذا أَبْوكا
وقال آخر:
لا تَنْكِحَنَّ عَجُوزاً أَو مُطَلَّقةً،
ولا يسُوقَنَّها في حَبْلِك القَدَرُ
أَراد ولا يسُوقَنَّها صَيْداً في حَبْلِك أَو جَنيبة لحبلك.
وإِنْ أَتَوْكَ وقالوا: إنها نَصَفٌ،
فإِنَّ أَطْيَبَ نِصْفَيها الذي غَبَرا
وقال القُحَيف العُقَيْلي:
أَتاني بالعَقِيقِ دُعاءُ كَعْبٍ،
فَحَنَّ النَّبعُ والأَسَلُ النِّهالُ
وجاءَتْ مِن أَباطِحها قُرَيْشٌ،
كَسَيْلِ أَتِيِّ بيشةَ حين سالاَ
وقال آخر:
وإِني بحَمْدِ اللهِ لا واهِنُ القُوَى،
ولم يَكُ قَوْمِي قَوْمَ سُوءٍ فأَخْشعا
وإِني بحَمْدِ اللهِ لا ثَوْبَ عاجِزٍ
لَبِسْتُ، ولا من غَدْرةٍ أَتَقَنَّعُ
ومن ذلك ما أَنشده ابن الأَعرابي:
قد أَرْسَلُوني في الكَواعِبِ راعِياً،
فَقَدْ، وأَبي راعِي الكواعِبِ، أَفْرِسُ
أَتَتْه ذِئابٌ لا يُبالِينَ راعِياً،
وكُنَّ سَواماً تَشْتَهِي أَن تُفَرَّسا
وأَنشد ابن الأَعرابي أَيضاً:
عَشَّيْتُ جابانَ حتى اسْتَدَّ مَغْرِضُه،
وكادَ يَهْلِكُ لولا أَنه اطَّافا
قُولا لجابانَ: فَلْيَلْحَقْ بِطِيَّته،
نَوْمُ الضُّحَى بعدَ نَوْمِ الليلِ إِسْرافُ
وأَنشد ابن الأَعرابي أَيضاً:
أَلا يا خيْزَ يا ابْنَةَ يَثْرُدانٍ،
أَبَى الحُلْقُومُ بَعْدكِ لا يَنام
ويروى: أُثْردانٍ.
وبَرْقٌ للعَصِيدةِ لاحَ وَهْناً،
كما شَقَّقْتَ في القِدْر السَّناما
وقال: وكل هذه الأَبيات قد أَنشدنا كل بيت منها في موضعه. قال ابن جني:
وفي الجملة إِنَّ الإِقواء وإِن كان عَيباً لاختلاف الصوت به فإِنه قد
كثر، قال:
واحتج الأَخفش لذلك بأَن كل بيت شعر برأْسه وأَنَّ الإِقواء لا يكسر
الوزن؛ قال: وزادني أَبو علي في ذلك فقال إِن حرف الوصل يزول في كثير من
الإِنشاد نحو قوله:
قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِل
وقوله:
سُقِيتِ الغَيْثَ أَيَّتُها الخِيام
وقوله:
كانت مُبارَكَةً مِن الأَيَّام
فلما كان حرف الوصل غير لازم لأَن الوقف يُزيله لم يُحْفَل باختلافه،
ولأَجل ذلك ما قلَّ الإِقواء عنهم مع هاء الوصل، أَلا ترى أَنه لا يمكن
الوقوف دون هاء الوصل كما يمكن الوقوف على لام منزل ونحوه؟ فلهذا قل جدّاً
نحو قول الأعشى:
ما بالُها بالليلِ زال زوالُها
فيمن رفع. قال الأَخفش: قد سمعت بعض العرب يجعل الإِقواء سِناداً؛ وقال
الشاعر:
فيه سِنادٌ وإِقْواءٌ وتَحْرِيدُ
قال: فجعل الإِقواء غير السناد كأَنه ذهب بذلك إِلى تضعيف قول من جعل
الإِقواء سناداً من العرب وجعله عيباً. قال: وللنابغة في هذا خبر مشهور،
وقد عيب قوله في الداليَّة المجرورة:
وبذاك خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسودُ
فعِيب عليه ذلك فلم يفهمه، فلما لم يفهمه أُتي بمغنية فغنته:
مِن آلِ مَيّةَ رائحٌ أَو مُغْتَدِي
ومدّت الوصل وأَشبعته ثم قالت:
وبذاك خَبَّرنا الغُدافُ الأَسودُ
ومَطَلَت واو الوصل، فلما أَحسَّه عرفه واعتذر منه وغيَّره فيما يقال
إِلى قوله:
وبذاكَ تَنْعابُ الغُرابِ الأَسْودِ
وقال: دَخَلْتُ يَثْرِبَ وفي شعري صَنْعة، ثم خرجت منها وأَنا أَشْعر
العرب.
واقْتَوى الشيءَ: اخْتَصَّه لنفسه. والتَّقاوِي: تزايُد الشركاء.
والقِيُّ: القَفْر من الأَرض، أبدلوا الواو ياء طلباً للخفة، وكسروا
القاف لمجاورتها الياء. والقَواءُ: كالقِيّ، همزته منقلبة عن واو. وأَرض
قَواء وقَوايةٌ؛ الأَخيرة نادرة: قَفْرة لا أَحد فيها. وقال الفراء في قوله
عز وجل: نحن جَعَلْناها تَذْكِرة ومتاعاً للمُقْوِين، يقول: نحن جعلنا
النار تذكرة لجهنم ومتاعاً للمُقْوِين، يقول: منفعةً للمُسافرين إِذا نزلوا
بالأَرض القِيّ وهي القفر. وقال أَبو عبيد: المُقْوِي الذي لا زاد معه،
يقال: أَقْوَى الرجل إِذا نَفِد زاده. وروى أَبو إسحق: المُقْوِي الذي
ينزل بالقَواء وهي الأَرض الخالية. أَبو عمرو: القَواية الأَرض التي لم
تُمْطَر. وقد قَوِيَ المطر يَقْوَى إِذا احْتبس، وإنما لم يدغم قَوِيَ
وأُدغمت قِيٌّ لاختلاف الحرفين، وهما متحركان، وأُدغمت في قولك لوَيْتُ لَيّاً
وأَصله لَوْياً، مع اختلافهما، لأَن الأُولى منهما ساكنة، قَلَبْتَها
ياء وأَدغمت. والقَواء، بالفتح: الأَرض التي لم تمطر بين أَرضين
مَمطورتَين. شمر: قال بعضهم بلد مُقْوٍ إِذا لم يكن فيه مطر، وبلد قاوٍ ليس به
أَحد. ابن شميل: المُقْوِيةُ الأَرض التي لم يصبها مطر وليس بها كلأٌ، ولا
يقال لها مُقْوِية وبها يَبْسٌ من يَبْسِ عام أَوَّل. والمُقْوِية:
المَلْساء التي ليس بها شيء مثل إِقْواء القوم إِذا نَفِد طعامهم؛ وأَنشد شمر
لأَبي الصوف الطائي:
لا تَكْسَعَنّ بَعْدَها بالأَغبار
رِسْلاً، وإن خِفْتَ تَقاوِي الأَمْطار
قال: والتَّقاوِي قِلَّته. وسنة قاويةٌ: قليلة الأَمطار. ابن الأَعرابي:
أَقْوَى إِذا اسْتَغْنَى، وأَقْوى إِذا افتقَرَ، وأَقْوَى القومُ إِذا
وقعوا في قِيٍّ من الأَرض. والقِيُّ: المُسْتَوِية المَلْساء، وهي
الخَوِيَّةُ أَيضاً. وأَقْوَى الرجلُ إِذا نزل بالقفر. والقِيُّ: القفر؛ قال
العجاج:
وبَلْدَةٍ نِياطُها نَطِيُّ،
قِيٌّ تُناصِيها بلادٌ قِيُّ
وكذلك القَوا والقَواء، بالمد والقصر. ومنزل قَواء: لا أَنِيسَ به؛ قال
جرير:
أَلا حَيِّيا الرَّبْعَ القَواء وسَلِّما،
ورَبْعاً كجُثْمانِ الحَمامةِ أَدْهَما
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وبي رُخِّصَ لكم في صَعِيدِ الأَقْواءِ؛
الأَقْواءُ: جمع قَواء وهو القفر الخالي من الأَرض، تريد أَنها كانت سبب
رُخصة التيمم لما ضاع عِقْدُها في السفر وطلبوه فأَصبحوا وليس معهم ماء
فنزلت آية التيمم، والصَّعِيدُ: التراب. ودارٌ قَواء: خَلاء، وقد
قَوِيَتْ وأَقْوَتْ. أَبو عبيدة: قَوِيَت الدار قَواً، مقصور، وأَقْوَتْ إِقواءً
إِذا أَقْفَرت وخَلَتْ. الفراء: أَرض قِيٌّ وقد قَوِيَتْ وأَقْوَتْ
قَوايةً وقَواً وقَواء. وفي حديث سَلْمان: مَن صَلَّى بأَرْض قِيٍّ فأَذَّنَ
وأَقامَ الصلاةَ صلَّى خَلْفَه من الملائكة ما لا يُرَى قُطْرُه، وفي
رواية: ما من مسلم يصلي بِقِيٍّ من الأَرض؛ القيّ، بالكسر والتشديد: فِعْل
من القَواء، وهي الأَرض القَفْر الخالية. وأَرض قَواء: لا أَهل فيها،
والفِعْل أَقْوَت الأَرض وأَقْوَتِ الدار إِذا خلت من أَهلها، واشتقاقه من
القَواء. وأَقْوَى القومُ: نزلوا في القَواء. الجوهري: وبات فلان القَواء،
وبات القَفْر إِذا بات جائعاً على غير طُعْم؛ وقال حاتم طيِّء:
وإِني لأَختارُ القَوا طاوِيَ الحَشَى،
مُحافَظَةً مِنْ أَنْ يُقالَ لَئِيمُ
ابن بري: وحكى ابن ولاد عن الفراء قَواً مأْخوذ من القِيِّ، وأَنشد بيت
حاتم؛ قال المهلبي: لا معنى للأَرض ههنا، وإِنما القَوَا ههنا بمعنى
الطَّوَى. وأَقْوى الرجل: نَفِدَ طعامه وفَنِي زاده؛ ومنه قوله تعالى:
ومتاعاً للمُقْوِين. وفي حديث سرية عبد الله بن جَحش: قال له المسلمون إِنَّا
قد أَقْوَيْنا فأَعْطِنا من الغنيمة أَي نَفِدَت أَزْوادنا، وهو أَن يبقى
مِزْوَدُه قَواء أَي خالياً؛ ومنه حديث الخُدْرِي في سَرِيَّةِ بني
فَزارةَ: إِني قد أَقْوَيْت مُنْذُ ثلاث فخِفْت أَن يَحْطِمَني الجُوع؛ ومنه
حديث الدعاء: وإِنَّ مَعادِن إِحسانك لا تَقْوَى أَي لا تَخْلُو من
الجوهر، يريد به العطاء والإِفْضال. وأَقْوَى الرجل وأَقْفَرَ وأَرْمَلَ إِذا
كان بأَرض قَفْرٍ ليس معه زاد. وأَقْوَى إِذا جاعَ فلم يكن معه شيء، وإِن
كان في بيته وسْطَ قومه. الأَصمعي: القَواء القَفْر، والقِيُّ من
القَواء فعل منه مأْخوذ؛ قال أَبو عبيد: كان ينبغي أَن يكون قُوْيٌ، فلما جاءت
الياء كسرت القاف. وتقول: اشترى الشركاء شيئاً ثم اقْتَوَوْه أَي تزايدوه
حتى بلغ غاية ثمنه. وفي حديث ابن سيرين: لم يكن يرى بأْساً بالشُّركاء
يتَقاوَوْنَ المتاع بينهم فيمن يزيد؛ التَّقاوِي بين الشركاء: أَن يشتروا
سلعة رخيصة ثم يتزايدوا بينهم حتى يَبْلُغوا غاية ثمنها. يقال: بيني وبين
فلان ثوب فتَقاوَيْناه أَي أَعطيته به ثمناً فأَخذته أَو أَعطاني به
ثمناً فأَخذه. وفي حديث عطاء: سأَل عُبَيْدَ اللهِ بنَ عبد الله بنِ عُتْبةَ
عن امرأَة كان زوجها مملوكاً فاشترته، فقال: إِنِ اقْتَوَتْه فُرّق
بينهما وإن أَعتقته فهما على نكاحهما أَي إِن اسْتخْدمَتْه، من القَتْوِ
الخِدمةِ، وقد ذكر في موضعه من قَتا؛ قال الزمخشري: هو افْعَلَّ من القَتْوِ
الخِدمةِ كارْعَوَى من الرَّعْوَى، قال: إِلا أَن فيه نظراً لأَن
افْعَلَّ لم يَجئْ متعَدِّياً، قال: والذي سمعته اقْتَوَى إِذا صار خادماً،
قال: ويجوز أَن يكون معناه افْتَعَل من القْتواء بمعنى الاستخلاص، فكَنى به
عن الاستخدام لأَن من اقتوى عبداً لا بُدَّ أَن يستخدمه، قال: والمشهور
عن أَئمة الفقه أَن المرأَة إِذا اشترت زوجها حرمت عليه من غير اشتراط
خدمة، قال: ولعل هذا شيء اختص به عبيد الله. وروي عن مسروق أَنه أَوصى في
جارية له: أَن قُولوا لِبَنِيَّ لا تَقْتَوُوها بينكم ولكن بيعوها، إِني لم
أَغْشَها ولكني جلست منها مجلِساً ما أُحِبُّ أَن يَجلِس ولد لي ذلك
المَجْلِس، قال أَبو زيد: يقال إِذا كان الغلام أَو الجارية أَو الدابة أَو
الدار أَو السلعة بين الرجلين فقد يَتَقاوَيانِها، وذلك إِذا قوّماها
فقامت على ثمن، فهما في التَّقاوِي سواء، فإِذا اشتراها أَحدُهما فهو
المُقْتَوِي دون صاحبه فلا يكون اقْتِواؤهما وهي بينهما إِلا أَن تكون بين
ثلاثة فأَقول للاثنين من الثلاثة إِذا اشتريا نصيب الثالث اقْتَوَياها
وأَقْواهما البائع إِقْواء. والمُقْوِي: البائع الذي باع، ولا يكون الإِقْواء
إِلا من البائع، ولا التَّقاوِي إِلا من الشركاء، ولا الاقتواء إِلا ممن
يشتري من الشركاء، والذي يباع من العبد أَو الجارية أَو الدابة من
اللَّذَيْنِ تَقاويا، فأَما في غير الشركاء فليس اقْتِواء ولا تَقاوٍ ولا
إِقْواء. قال ابن بري: لا يكون الاقْتِواء في السلعة إِلا بين الشركاء، قيل
أَصله من القُوَّة لأَنه بلوغ بالسلعة أَقْوَى ثمنها؛ قال شمر: ويروى بيت
ابن كلثوم:
مَتى كُنَّا لأُمِّكَ مُقْتَوِينا
أَي متى اقْتَوَتْنا أُمُّك فاشترتنا. وقال ابن شميل: كان بيني وبين
فلان ثوب فَتَقاوَيْناه بيننا أَي أَعطيته ثمناً وأَعطاني به هو فأَخذه
أَحدنا. وقد اقْتَوَيْت منه الغلام الذي كان بيننا أَي اشتريت منه نصيبه.
وقال الأَسدي: القاوِي الآخذ، يقال: قاوِه أَي أَعْطِه نصيبه؛ قال
النَّظَّارُ الأَسدي:
ويومَ النِّسارِ ويَوْمَ الجِفا
رِ كانُوا لَنا مُقْتَوِي المُقْتَوِينا
التهذيب: والعرب تقول للسُّقاة إِذا كَرَعوا في دَلْوٍ مَلآنَ ماء
فشربوا ماءه قد تَقاوَوْه، وقد تقاوَينا الدَّلْو تَقاوِياً.
الأَصمعي: من أَمثالهم انقَطَع قُوَيٌّ من قاوِيةٍ إِذا انقطع ما بين
الرجلين أَو وجَبت بَيْعَةٌ لا تُسْتقال؛ قال أَبو منصور: والقاويةُ هي
البيضة، سميت قاوِيةً لأَنها قَوِيَتْ عن فَرْخها. والقُوَيُّ: الفَرْخ
الصغير، تصغير قاوٍ، سمي قُوَيّاً لأَنه زايل البيضة فَقَوِيَتْ عنه وقَوِيَ
عنها أَي خَلا وخَلَتْ، ومثله: انْقَضَتْ قائبةٌ من قُوبٍ؛ أَبو عمرو:
القائبةُ والقاوِيةُ البيضة، فإِذا ثقبها الفرخ فخرج فهو القُوبُ
والقُوَيُّ، قال: والعرب تقول للدَّنيءِ قُوَيٌّ من قاوِية.
وقُوَّةُ: اسم رجل. وقَوٌّ: موضع، وقيل: موضع بين فَيْدٍ والنِّباج؛
وقال امْرُؤ القَيْس:
سَما لَكَ شَوْقٌ بعدَ ما كان أَقْصَرا،
وحَلَّتْ سُلَيْمَى بطنَ قَوٍّ فعَرْعَرا
والقَوقاةُ: صوت الدجاجة. وقَوْقَيْتُ: مثل ضَوْضَيْتُ. ابن سيده:
قَوْقَتِ الدجاجة تُقَوْقي قيقاءً وقَوْقاةً صوّتت عند البيض، فهي مُقَوْقِيةٌ
أَي صاحت، مثل دَهْدَيْتُ الحجر دِهْداء ودَهْداةً، على فَعْلَلَ
فَعَللة وفِعْلالاً، والياء مبدلة من واو لأَنها بمنزلة ضَعْضَعْت كرّر فيه
الفاء والعين؛ قال ابن سيده: وربما استعمل في الديك؛ وحكاه السيرافي في
الإِنسان، وبعضهم يهمز فيبدل الهمزة من الواو المُتوهَّمة فيقول قَوْقَأَت
الدجاجة. ابن الأَعرابي: القِيقاءة والقِيقايةُ، لغتان: مشْرَبَة
كالتَّلْتلةِ؛ وأَنشد:
وشُرْبٌ بِقِيقاةٍ وأَنتَ بَغِيرُ
(* قوله« وشرب» هذا هو الصواب كما في التهذيب هنا وفي مادة بغر، وتصحف
في ب غ ر من اللسان بسرت خطأ.)
قصره الشاعر. والقِيقاءة: القاعُ المستديرة في صلابة من الأَرض إِلى
جانب سهل، ومنهم من يقول قِيقاةٌ؛ قال رؤبة:
إِذا جَرَى، من آلِها الرَّقْراقِ،
رَيْقٌ وضَحْضاحٌ على القَياقي
والقِيقاءة: الأَرض الغَليظة؛ وقوله:
وخَبَّ أَعْرافُ السَّفى على القِيَقْ
كأَنه جمع قِيقةٍ، وإِنما هي قِيقاة فحذفت ألفها، قال: ومن قال هي قِيقة
وجمعها قَياقٍ، كما في بيت رؤبة، كان له مخرج.
بطق: البِطاقةُ: الوَرقةُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وقال غيره: البِطاقة
رُقْعة صغيرة يُثْبَتُ فيها مِقْدار ما تجعل فيه، إن كان عيناً فوزْنُه أَو
عدده، وإن كان متاعاً فقِيمته. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، قال
لامرأة سألته عن مسألة: اكتُبِيها في بطاقة أي رُقْعة صغيرة، ويروى بالنون
وهو غريب. وقال غيره: البطاقة رقعة صغيرة وهي كلمة مبتذلة بمصر وما
والاها، يَدْعُونَ الرقعة التي تكون في الثوب وفيها رقْمُ ثَمنِه بطاقة؛ هكذا
خصّص في التهذيب، وعمَّ المحكم به ولم يُخصِّص به مصر وما والاها ولا
غيرها فقال: البِطاقة الرقعة الصغيرة تكون في الثوب، وفي حديث عبد الله:
يُؤتى برجل يوم القيامة فتُخرج له تسعة وتسعون سِجلاًّ فيها خطاياه، ويُخرج
له بطاقة فيها شهادةُ أن لا إله إلا الله فترْجَح بها. ابن سيده: والبطاقة
الرقعة الصغيرة تكون في الثوب وفيها رقم ثمنه بلغة مصر؛ حكى هذه شمر
وقال: لأنها تشد بطاقةٍ من هُدْب الثوب، قال: وهذا الاشتقاق خطأٌ لأَن الباء
على قوله باء الجر فتكون زائدة، قال: والصحيح ما تقدم من قول ابن
الأَعرابي وهي كلمة كثيرة الاستعمال بمصر، حماها الله تعالى.
ورق: الوَرَقُ: وَرَقُ الشجرة والشوك. والوَرَقُ: من أَوْراق الشجر
والكِتاب، الواحدة وَرَقةٌ. ابن سيده: الوَرَقُ من الشجر معروف، وقال أَبو
حنيفة: الوَرَقُ كل ما تَبَسَّطَ تَبَسُّطاً وكان له عَيْرٌ في وسطه تنتشر
عنه حاشيتاه، واحدته وَرَقةٌ.
وقد وَرَّقَت الشجرة تَوْريقاً وأَوْرَقَت إيراقاً: أخرجت وَرَقَها.
وأَوْرَقَ الشجرُ، أي خرج وَرَقُه. وشجرة وارِقةٌ ووَرِيقة ووَرِقةٌ: خضراء
الوَرَق حسنة؛ الأخيرة على النسب لأنه لا فعل له. والوَارِقةُ: الشجرة
الخضراء الوَرَق الحسنة، وقيل: كثيرة الأوراق. وشجرة وَرِقةٌ ووَرِيقة:
كثيرة الوَرَقِ. ووَرَقَ الشجرةَ يَرِقُها وَرْقاً: أخذ وَرَقَها، وقال
اللحياني: وَرَقَت الشجرة، خفيفةً، ألقت وَرَقَها. ويقال: رِقْ لي هذا الشجرة
وَرْقاً أي خُذ وَرَقَها، وقد وَرَقتُها أَرِقُها وَرْقاً، فهي
مَوْروقة.النضر: يقال اوْرَاقَّ العنبُ يَوْراقٌّ ايرِيقاقاً إذا لَوَّنَ فهو
مُورَاقّ. الأَصمعي: يقال وَرَقَ الشجرُ وأَوْرَقَ، وبالألف أكثر، ووَرَّق
تَوْريقاً مثله. والوِراقُ، بالكسر: الوقت الذي يُورِقُ فيه الشجر،
والوَرَاقُ، بالفتح: خضرة الأرض من الحشيش وليس من الوَرَقِ؛ قال أبو حنيفة: هو
أَن تطَّرد الخضرة لعينك؛ قال أَوس بن حَجَر يصف جيشاً بالكثرة ونسبه
الأزهري لأَوس بن زهير:
كأَنّ جِيادهُنَّ، بِرَعْنِ زُمٍّ،
جَرَادٌ قد أَطاعَ له الوَرَاقُ
ويروى: برَعْنِ قُفٍّ. قال ابن سيده: وعندي أن الوَرَاق من الوَرَقِ؛
وأَنشد الأزهري:
قل لنُصَيْبٍ يَحْتَلِبْ نار جَعْفَرٍ،
إذا شَكِرَتْ عند الوَرَاقِ جِلامُها
وقال أَبو حنيفة: ورَقَت الشجرةُ ووَرَّقَتْ وأَوْرَقتْ، كلُّ ذلك، إذا
ظهر وَرَقُها تامّاً. وفي الحديث أَنه قال لعَمَّار: أنت طيّبُ الوَرَق؛
أَراد بالورق نَسْله تشبيهاً بوَرَق الشجر لخروجها منها. ووَرَقُ القوم:
أحداثهم. وما أَحسن وَرَاقُهُ وأَوْرَاقهُ أي لِبْسته وشارتهُ، على
التشبيه بالوَرَقِ. واخْتَبط منه وَرَقاً: أصاب منه خيراً.
والرِّقَةُ: أول خروج الصِّلِّيان والنَّصِيّ والطَّريفة رطباً، يقال:
رعينا رِقَتَهُ. ابن الأعرابي: يقال للنَّصِيّ والصِّلِّيان إذا نبتا
رِقَةٌ، خفيفةً، ما داما رطبين. والرِّقةُ أيضاً: رِقةُ الكَلإِ إذا خرج له
ورق. وتَوَرَّقَت الناقة إذا رعت الرِّقةَ. ابن سمعان وغيره: الرِّقةُ
الأرض التي يصيبها المطر في الصَّفَرِيَّة أو في القيظ فتنبت فتكون خضراء
فيقال: هي رِقة خضراء. والرِّقةُ: رِقةُ النَّصِي والصلّيان إذا اخضرَّا في
الربيع.
أبو عمرو: الوَرِيقةُ الشجرة الحسنة الوَرَقِ. وعام أَوْرَقُ: لا مطر
فيه، والجمع وُرْق. والوَرَقُ: أُدم رقاقٌ، واحدتها وَرَقة، ومنها وَرَقُ
المصحف، ووَرَقُ المصحف وأَوْراقُه: صحفه، الواحد كالواحد، وهو منه.
والوَرَّاقُ: معروف، وحرفته الوِراقةُ. ورجل وَرَّاق: وهو الذي يُوَرِّق
ويكتب. الجوهري: والوَرَقُ المال من دراهم وإبل وغير ذلك. وقال ابن سيده
الوَرَقُ المال من الإبل والغنم؛ قال العجاج:
إياكَ أَدعو، فَتَقَبَّلْ مَلَقِي
اغفِرْ خَطايايَ، وثَمِّرْ ورَقِي
والوَرَقُ من الدم: ما استدار منه على الأرض، وقيل هو الذي يسقط من
الجراحة عَلَقاً قِطعاً؛ قال أَبو عبيدة: أَوّله وَرَق وهو مثل الرَّشِّ،
والبصِيرةُ مثل فِرْسِنِ البعير، والجَدِيَّةُ أَعظم من ذلك، والإسْباءةُ في
طول الرمح، والجمع الأسابي. والوَرَقُ: الدتيا. ووَرَقُ القوم:
أَحداثُهم. ووَرَقُ الشَّباب: نَضْرته وحداثته؛ هذه عن ابن الأَعرابي.
والوَرِقُ والوِرْقُ والوَرْقُ والرِّقَةُ: الدراهم مثل كَبِدٍ وكِبْدٍ
وكَبْدٍ، وكَلِمة وكِلْمة وكَلْمةٍ، لأن فيهم من ينقل كسرة الراء إلى
الواو بعد التخفيف، ومنهم من يتركها على حالها. وفي الصحاح: الوَرِقُ
الدراهم المضروبة وكذلك الرقةُ، والهاء عوض من الواو. وفي الحديث في الزكاة: في
الرِّقِة ربع العشر، وفي حديث آخر: عَفَوْتُ لكم عن صدقة الخيل والرقيق
فهاتوا صدقة الرِّقَةِ؛ يريد الفضة والدراهمَ المضروبة منها، وحكي في جمع
الرِّقة رِقَات؛ قال ابن بري: شاهد الرِّقة قول خالد بن الوليد في يوم
مسيلمة:
إن السِّهام بالرَّدَى مُفَوَّقَه،
والحَرْب وَرْهاء العِقال مُطْلَقة
وخالد من دينه على ثِقَهْ،.
لا ذَهَبٌ يُنْجِيكُمُ ولا رِقَه
والمُسْتَوْرِقُ: الذي يطلب الوَرِقَ؛ قال أَبو النجم:
أَقْبَلْت كالمُنْتَجِع المُسْتَوْرِق
قال ابن سيده: وربما سميت الفضة وَرَقاً. يقال: أَعطاه أَلف درهم رِقَة
لا يخالطها شيءٌ من المال غيرها. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه
قال: في الرِّقِة ربع العشر. وقال أَبو الهيثم: الوَرِقُ والرِّقَةُ
الدراهم خاصة. والوَرَّاقُ: الرجل الكثير الوَرِق. والوَرَقُ: المال كله،
وأَنشد رجز العجاج: وثَمِّرْ وَرَقي، أي مالي. وقال أَبو عبيدة: الوَرَقُ
الفضة، كانت مضروبة كدراهم أو لا. شمر: الرِّقةُ العين، يقال: هي من الفضة
خاصةً. ابن سيده: والرِّقَةُ الفضة والمال؛ عن ابن الأعرابي، وقيل:
الذَّهَب والفضة؛ عن ثعلب. وفي حديث عَرْفجة: لما قطع أنفه اتخذ أَنفاً من
وَرِقٍ فأَنتن عليه فاتخذ أَنفاً من ذَهَب؛ الوَرِقُ، بكسر الراء: الفضة؛
وحكي عن الأَصمعي أنه إنما اتخذ أَنفاً من وَرَقٍ، بفتح الراء، أَراد
الرَّقَّ الذي يكتب فيه لأن الفضة لا تنتن؛ قال: وكنت أَحسب أَن قول الأصمعي
إن الفضة لا تنتن صحيحاً حتى أَخبرني بعض أَهل الخبرة أن الذهب لا
يُبْلِيه الثَّرَى ولا يُصْدئه النَّدَى ولا تَنقُصُه الأرض ولا تأْكله النار،
فأَما الفضة فإنها تَبْلى وتَصْدَأُ ويعلوها السواد وتُنْتِنُ، وجمع
الوَرِقِ والوَرْق والوِرْقِ أَوْراق، وجمْع الرِّقَة رِقُونَ.
وفي المثل: إن الرِّقِين تُعَفِّي على أَفْنِ الأَفِينِ. وقال ثعلب:
وِجْدانُ الرِّقِين يغطي أَفْن الأَفِينِ؛ قيل: معناه أَن المال يغطي
العيوب؛ وأَنشد ابن الأعرابي:
فلا تَلْحَيا الدنيا إليَّ، فإنني
أَرى ورق الدُّنْيا تَسُلُّ السَّخائما
ويا رُبَّ مُلْتاثٍ يَجُرُّ كساءَه،
نَفَى عنه وِجْدان الرِّقين العَزائما
يقول: يَنْفِي عنه كثرةُ المال عزائمَ الناس فيه أَنه أَحمق مجنون. قال
الأَزهري: لا تَلْحَيا لا تذمَّا. والمُلْتاث: الأحمق. قال ابن بري:
والشعر لثمامة السَّدوسي. ورجل مُورقٌ ووَرَّاق: صاحب وَرَقٍ؛ قال:
يا رُبَّ بَيْضاءَ من العِرَاقِ،
تأْكل من كِيس امْرئٍ وَرَّاقِ
قال ابن الأَعرابي: أَي كثير الوَرَقِ والمالِ. الجوهري: رجل وَرَّاق
كثير الدراهم.
اللحياني: يقال إن تَتْجُرْ فإنه مَوْرَقةٌ لمالك أي مُكَثِّره. ويقال:
أَوْرَق الرجل كثر ماله. ويقال: أَوْرَقَ الحابلُ يُورِقُ إيراقاً، فهو
مورق إذا لم يقع في حِبالته صيد، وكذلك الغازي إذا لم يَغْنَم فهو مُورِقٌ
ومُخْفِقٌ، وأَوْرَق الصائد إذا لم يَصِدْ. وأَوْرَق الطالب إذا لم
يَنَلْ. ابن سيده: وأَوْرَقَ الصائد أَخطأَ وخاب؛ وقوله أَنشده ثعلب:
إذا كَحَلْنَ عيوناً غيرَ مُورِقةٍ،
رَيَّشْنَ نَبْلاً لأَصحاب الصِّبَا صُيُدا
يعني غير خائة. وأَورَقَ الغازِي: أَخْفَقَ وغَنِمَ، وهو من الأضداد؛
قال:
ألم تَرَ أَنَّ الحَرْب تُعْوِجُ أَهْلَها
مِراراً، وأحياناً تُفِيدُ وتورقُ؟
والأَوْرَقُ من الإبل: الذي في لونه بياض إلى سواد. والوُرْقَةُ: سواد
في غُبْرة، وقيل: سواد وبياض كدخان الرِّمْثِ يكون ذلك في أَنواع البهائم
وأَكثر ذلك في الإبل. قال أَبو عبيد: الأوْرَقُ أطيب الإبل لحماً وأَقلها
شدةً على العمل والسير، وليس بمحمود عندهم في عمله وسيره، قال. وقد يكون
في الإنسان؛ قال:
أَيّامَ أَدعو بأَبِي زِياد
أَوْرَقَ بَوَّالاً على البَِساط
أَراد أَيام أدعو بدعائي أبا زياد رجلاً بَوَّالاً، قال وهذا كقولهم لئن
لقيت فلاناً لتلقيّن منه الأسد، وقد ايرَقَّ
(* قوله «وقد ايرق» كذا هو
بالأصل بدون ألف لينة بين الهاء والقاف). واوْرَاقَّ وهو أَوْرَقُ.
الأصمعي: إذا كان البعير أَسود يخالط سواده بياض كدخان الرِّمْثِ فتلك
الوُرْقَةُ، فإن اشتدَّتُ وُرْقَتهُ حتى يذهب البياض الذي فيه فهو أَدْهَمُ. ابن
الأَعرابي: قال أَبو نصر النعامي: هَجِّرْ بحَمْراء وأَسْرِ بوَرْقاء
وصَبِّح القوم على صهباء؛ قيل له: ولِمَ ذلك؛ قال: لأن الحَمْراءَ أصبر على
الهواجر، والوَرْقاءَ أصبر على طول السُّرَى، والصَّهِباء أَشهر وأَحسن
حين يُنْظَرُ إليها، ومن ذلك قيل للرماد أوْرَقُ، وللحَمامة والذِّئْبة
وَرْقاءُ؛ وقوله، صلى الله عليه وسلم: إن جاءَت به أَوْرَقَ جُمَاليّاً؛
فإنما عنى، صلى الله عليه وسلم، الأُدمة فاستعار لها اسم الوُرْقة، وكذلك
استعار جُمَاليّاً وإنما الجُمالية للناقة، ورواه أَهل الحديث
جَمَاليّاً، من الجَمال، وليس بشيء.
والأَوْرَقُ من الناس: الأَسمر؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في
ولد الملاعنة: إن جاءَت به أُمُّه أَوْرَقَ أَي أَسمر. والسُّمْرة:
الوُرْقَة. والسَّمْرةُ: الأُحْدوثة بالليل. والأَوْرَقُ: الذي لونه بين
السواد والغُبْرَة؛ ومنه قيل للرماد أَوْرَقُ وللحمامة وَرْقاء، وإنما وصفه
بالأُدْمة. وروي في حديث الملاعنة: إن جاءت به أَورق جَعْداً؛ الأَوْرَقُ:
الأَسمر، والوُرْقة السمرة، يقال: جمل أَوْرَقُ وناقة وَرْقاء. وفي حديث
ابن الأكوع: خرجت أنا ورجل من قومي وهو على ناقعة ورقاءَ. وحديث قُسّ:
على جمل أَوْرَقَ. أَبوعبيد: من أَمثالهم: إنه لأَشْأَم من وَرْقاء، وهي
مشؤومة يعني الناقة، وربما نفرت فذهبت في الأَرض. ويقال للحمامة وَرْقاء
للونها.
الأَصمعي: جاء فلان بالرُّبَيْق
(* قوله «جاء فلان بالربيق إلخ» عبارة
القاموس في أرق: جاءنا بأم الربيق على أريق أي بالداهية العظيمة.) على
أُرَيْق إذا جاء بالداهية الكبيرة؛ قال أَبو منصور: أُرَيْقٌ تصغير أَوْرَق،
على الترخيم، كما صغروا أسود سوَيْداً، وأُرَيْق في الأَصل وُرَيق فقلبت
الواو ألفاً للضمة كما قال تعالى: وإذا الرسل أُقِّتَتْ، والأَصل
وقِّتَتْ. الأَصمعي: تزعم العرب أن قولهم «جاءنا بأُم الرُّبَيْق على أُوْرَقَ،
كأنه أَراد وُرَيْقاً تصغير أَرَيْقٍ» من قول رجلٍ رأَى القولَ على
جَملٍ أَوْرَقَ . والأَوْرَقُ من كل شيء: ما كان لونه لون الرماد، وزمان
أَورق أي جدب؛ قال جندل:
إن كان عَمِّي لكَرِيمَ المِصْدَقِ،
عَفّاً هَضُوماً في الزمان الأَوْرَقِ
والأَوْرَقُ: اللبن الذي ثلثاه ماء وثلثه لبن؛ قال:
يشْربه مَحْضاً ويَسْقي عيالَهُ
سَجاجاً، كأقْرابِ الثعالب، أَوْرَقا
وكذلك شبهت العرب لون الذئب بلون دخان الرِّمْث لأن الذئب أَوْرَقُ؛ قال
رؤبة:
فلا تَكُوني، يا ابْنَةَ الأَشَمِّ،
وَرْقاءَ دَمَّى ذِئْبَها المُدَمِّي
وقال أَبو زيد: الذي يَضرب لونُه إلى الخضرة. قال: والذِّئابُ إذا رأَت
ذِئباً قد عُقِر دمه أَكَبَّت عليه فقطعته وأُنثاه معها، وقيل: الذئب إذا
دمي أكلته أُنثاه فيقول هذا الرجل لامرأَته: لا تكوني إذا رأَيت الناس
قد ظلموني معهم عليّ فتكوني كذئبة السوء. وقال أَبو حنيفة: نَصْل أَوْرَقُ
بُرِدَ أَو جُلِيَ ثم لُوّح بعد ذلك على الجمر حتى اخضرّ؛ قال العجاج:
عليه وُرْقانُ القِران النُّصَّلِ
والوَرَقة في القوس: مخرج غُصْن، وهو أَقل من الأُبْنة، وحكاه كراع بجزم
الراء وصرح فيه بذلك. ويقال: في القوس وَرْقة، بالتسكين، أَي عيب، وهو
مَخْرج الغُصن إذا كان خفيّاً. ابن الأَعرابي: الوَرْقة العيب في الغصن،
فإذا زادت فهي الأُبْنة، فإذا زادت فيه السحسه
(* قوله «السحسه» هي هكذا
في الأصل بدون نقط). ووَرَقة الوَتَر: جُليدة توضع على حَزِّه؛ عن ابن
الأَعرابي. ورجل وَرَق وامرأة وَرَقة: خسيسان. والوَرَقُ من القوم:
أَحداثهم؛ قال الشاعرهدبة بن الخَشْرم يصف قوماً قطعوا مفازة:
إذا وَرَقُ الفِتْيان صاروا كأنَّهُم
دراهِمُ، منها جائزاتٌ وزُيِّفُ
ورواه يعقوب: وزائف، وهو خطأٌ، وهم الخِساس، وقيل: هم الأَحداث، قال ابن
بري وقبله:
يَظَلُّ بها الهادي يُقَلِّبُ طَرْفه،
يَعَضُّ على إبهامه، وهو واقفُ
قال: وهذا يدل على أَن الرواية الصحيحة وزائف، لأن القصيدة مؤسسة
وأَولها:
أَتُنْكِرُ رَسْم الدار أم أَنتَ عارِفُ
والذي في شعره: منها راكبات وزائف. وقال أَبو سعيد: لنا وَرَقٌ أَي طريف
وفتيان وَرَق، وأَنشد البيت؛ وقال عمرو في ناقته وكان قدم المدينة:
طال الثَّواءُ عليه بالمدينة لا
ترعى، وبِيعَ له البَيْضاء والوَرَقُ
أَراد بالبيضاء الحَليِّ، وبالوَرَق الخَبَط، وبِيعَ اشْتُرِي. ابن
الأَعرابي: الوَرَقةُ الخسيس من الرجال، والوَرَقة الكريم من الرجال،
والوَرَقة مقدار الدرهم من الدم. والوَرَقُ: المال الناطق كله. والوَرَقُ:
الأَحداث من الغلمان. أَبو سعيد: يقال وَرَقاً أَي حيّاً، وكل حيّ وَرَق،
لأنهم يقولون يموت كما يموت الوَرَقُ وييبس كما ييبس الوَرَقُ؛ قال
الطائي:وهَزَّتْ رَأْسَها عَجَباً وقالت:
أَنا العُبْرِي، أَإِيَّانا تُرِيدُ؟
وما يَدْرِي الوَدُودُ، لعلَّ قلبي،
ولو خُبِّرْته وَرَقاً، جَلِيدُ
أَي ولو خُبِّرْته حَيّاً فإنه جَلِيد.
والوَرْقاء: شجيرة معروفة تسمو فوق القامة لها وَرَق مدوّر واسع دقيق
ناعم تأكله الماشية كلها، وهي غبراء الساق خضراء الورق لها زَمَع شُعْر فيه
حب أَغبر مثل الشَّهْدانِج، ترعاه الطير، وهو سُهْليّ ينبت في الأَودية
وفي جَنَباتها وفي القيعان، وهي مَرْعًى.
ومَوْرَقٌ: اسم رجل؛ حكاه سيبويه، شاذ عن القياس على حسب ما يجيء
للأسماء الأَعلام في كثير من أَبواب العربية، وكان القياس مَوْرِقاً،
بكسر الراء. والوَرِيقةُ ورِواقٌ: موضعان؛ قال الزبرقان:
وعَبْد من ذوي قَيْسٍ أتاني،
وأَهلي بالتَّهائم فالوِراق
ووَرِقانُ: جبلَ معروف. وفي الحديث: سِنُّ الكافر في النار كوَرِقان، هو
بوزن قَطِرانٍ، جبل أسود بين العَرْج والرُّوَيْثة على يَمين المار من
المدينة إلى مكة. وفي الحديث: رجلان من مُزَيْنة ينزلان جبلاً من جبال
العرب يقال له فيُحْشَرُ الناسُ ولا يَعْلَمان. ووَرْقاء: اسم رجل، والجمع
وَرَاقٍ ووَراقى مثل صَحارٍ وصَحارى، ونسبوا إليه وَرْقاوِيٌّ فأَبدلوا من
همزة التأنيث واواً. وفلان ابن مَوْرَقٍ، بالفتح، وهو شاذ مثل مَوْحَدٍ.
لبد: لبَدَ بالمكان يَلْبُدُ لبُوداً ولَبِدَ لَبَداً وأَلبَدَ: أَقام
به ولَزِق، فهو مُلْبِدٌ به، ولَبَِدَ بالأَرض وأَلبَدَ بها إِذا لَزِمَها
فأَقام؛ ومنه حديث علي، رضي الله عنه، لرجلين جاءا يسأَلانه: أَلبِدا
بالأَرض
(* قوله «ألبدا بالأرض» يحتمل أنه من باب نصر أو فرح من ألبد
وبالأخير ضبط في نسخة من النهاية بشكل القلم.) حتى تَفْهَما أَي أَقيما؛ ومنه
قول حذيفة حين ذكر الفتنة قال: فإِن كان ذلك فالبُدُوا لبُودَ الراعِي
على عصاه خلف غَنَمِه لا يذهبُ بكم السَّيلُ أَي اثْبُتُوا والزموا
منازِلَكم كما يَعْتَمِدُ الراعي عصاه ثابتاً لا يبرح واقْعُدوا في بيوتكم لا
تخرجوا منها فَتَهْلِكوا وتكونوا كمن ذهبَ به السيلُ. ولَبَدَ الشيءُ
بالشيءِ يَلْبُد ذا ركب بعضُه بعضاً. وفي حديث قتادة: الخُشوعُ في القلبِ
وإِلبادِ البصر في الصلاة أَي إِلزامِه موضعَ السجود من الأَرض. وفي حديث
أَبي بَرْزةَ: ما أُرى اليومَ خيراً من عِصابة مُلْبِدة يعني لَصِقُوا
بالأَرض وأَخْملوا أَنفسهم.
واللُّبَدُ واللَّبِدُ من الرجال: الذي لا يسافر ولا يَبْرَحُ مَنْزِلَه
ولا يطلُب معاشاً وهو الأَلْيَسُ؛ قال الراعي:
مِنْ أَمرِ ذي بَدَواتٍ لا تَزالُ له
بَزْلاءُ، يَعْيا بها الجَثَّامةُ اللُّبَدُ
ويروى اللَّبِدُ، بالكسر؛ قال أَبو عبيد: والكسر أَجود. والبَزْلاءُ:
الحاجةُ التي أُحْكِمَ أَمرُها. والجَثَّامةُ والجُثَمُ أَيضاً: الذي لا
يبرح من محلِّه وبَلْدِتِه.
واللَّبُودُ: القُرادُ، سمي بذلك لأَنه يَلْبد بالأَرض أَي يَلْصَق.
الأَزهري: المُلْبِدُ اللاَّصِقُ بالأَرض. ولَبَدَ الشيءُ بالأَرض، بالفتح،
يَلْبُدُ لبُوداً: تَلَبَّد بها أَي لَصِقَ. وتَلَبَّد الطائرُ بالأَرض
أَي جَثَمَ عليها. وفي حديث أَبي بكر: أَنه كان يَحْلُبُ فيقول:
أَأُلْبِدُ أَم أُرْغِي؟ فإِن قالوا: أَلْبِدْ أَلزَقَ العُلْبَةَ بالضَّرْع فحلب،
ولا يكون لذلك الحَلبِ رَغْوة، فإِن أَبان العُلْبة رغا الشَّخْب بشدّة
وقوعه في العلبة. والمُلَبِّدُ من المطر: الرَّشُّ؛ وقد لَبَّد الأَرضَ
تلبيداً.
ولُبَدٌ: اسم آخر نسور لقمان بن عادٍ، سماه بذلك لأَنه لَبِدَ فبقي لا
يذهب ولا يموت كاللَّبِدِ من الرجال اللازم لرحله لا يفارقه؛ ولُبَدٌ
ينصرف لأَنه ليس بمعدول، وتزعم العرب أَن لقمان هو الذي بعثته عاد في وفدها
إِلى الحرم يستسقي لها، فلما أُهْلِكُوا خُيِّر لقمان بين بقاء سبع
بَعْرات سُمْر من أَظْبٍ عُفْر في جبل وَعْر لا يَمَسُّها القَطْرُ، أَو بقاء
سبعة أَنْسُرٍ كلما أُهْلِكَ نَسْرٌ خلَف بعده نسر، فاختار النُّسُور فكان
آخر نسوره يسمى لُبَداً وقد ذكرته الشعراء؛ قال النابغة:
أَضْحَتْ خَلاءً وأَضْحَى أَهْلُها احْتُمِلوا،
أَخْنَى عليها الذي أَخْنَى على لُبَد
وفي المثل: طال الأَبَد على لُبَد.
ولُبَّدَى ولُبَّادَى ولُبادَى؛ الأَخيرة عن كراع: طائر على شكل
السُّمانى إِذا أَسَفَّ على الأَرض لَبَِدَ فلم يكد يطير حتى يُطار؛ وقيل:
لُبَّادى طائر. تقول صبيان العرب: لُبَّادى فَيَلْبُد حتى يؤْخذ. قال الليث:
وتقول صبيان الأَعراب إِذا رأَوا السمانى: سمُانَى لُبادَى البُدِي لا
تُرَيْ، فلا تزال تقول ذلك وهي لابدة بالأَرض أَي لاصِقة وهو يُطِيفُ بها
حتى يأْخذها.
والمُلْبِدُ من الإِبل: الذي يضرب فخذيه بذنبه فيلزَقُ بهما ثَلْطُه
وبَعْرُه، وخصَّصه في التهذيب بالفحل من الإِبل. الصحاح: وأَلبد البعير إِذا
ضرب بذنبه على عجُزه وقد ثَلَطَ عليه وبال فيصير على عجزه لُِبْدَة من
ثَلْطه وبوله.
وتَلَبَّد الشعَر والصوف والوَبَر والتَبَدَ: تداخَلَ ولَزِقَ. وكلُّ
شعر أَو صوف مُلْتَبدٍ بعضُه على بعض، فهو لِبْد ولِبْدة ولُبْدة، والجمع
أَلْباد ولُبُود على توهم طرح الهاء؛ وفي حديث حميد بن ثور:
وبَيْنَ نِسْعَيْه خِدَبًّا مُلْبِدا
أَي عليه لِبْدةٌ من الوَبَر. ولَبِدَ الصوفُ يَلْبَدُ لَبَداً
ولَبَدَه: نَفَشَه
(* قوله «ولبده نفشه» في القاموس ولبد الصوف كضرب نفشه كلبده
يعني مضعفاً.) بماء ثم خاطه وجعله في رأْس العَمَد ليكون وِقايةً للبجاد
أَنْ يَخْرِقَه، وكل هذا من اللزوق؛ وتَلَبَّدَتِ الأَرض بالمطر. وفي
الحديث في صفة الغيث: فَلَبَّدَتِ الدِّماثَ أَي جَعَلَتْها قَوِيَّةً لا
تسُوخُ فيها الأَرْجُلُ؛ والدِّماثُ: الأَرَضون السَّهْلة. وفي حديث أُم
زرع: ليس بِلَبِد فَيُتَوَقَّل ولا له عندي مُعَوَّل أَي ليسَ بمستمسك متلبد
فَيُسْرَع المشيُ فيه ويُعْتَلى. والتبد الورق أَي تَلَبَّد بعضه على
بعض. والتبدت الشجرة: كثرت أَوراقها؛ قال الساجع:
وعَنْكَثاً مُلْتَبِدا
ولَبَّد النَّدى الأَرضَ. وفي صفة طَلْح الجنة: أَنّ الله يجعل مكان كل
شوكة منها مِثْلَ خصوة التيس
(* قوله «خصوة التيس» هو بهذه الحروف في
النهاية أيضاً ولينظر ضبط خصوة ومعناها.) المَلْبُود أَي المُكْتَنِزِ اللحم
الذي لزم بعضه بعضاً فتلبَّدَ.
واللِّبْدُ من البُسُط: معروف، وكذلك لِبْدُ السرج. وأَلْبَدَ السرْجَ:
عَمِلَ له لِبْداً. واللُّبَّادةُ: قَباء من لُبود. واللُّبَّادة: لِباس
من لُبُود. واللِّبْدُ: واحد اللُّبُود، واللِّبْدَة أَخص منه.
ولَبَّدَ شعَرَه: أَلزقه بشيءٍ لَزِج أَو صمغ حتى صار كاللِّبد، وهو شيء
كان يفعله أَهل الجاهلية إِذا لم يريدوا أَن يَحْلِقُوا رؤُوسهم في
الحج، وقيل: لَبَّد شعره حلقه جميعاً. الصحاح: والتلبيد أَن يجعل المحرم في
رأْسه شيئاً من صمغ ليتلبد شعره بُقْياً عليه لئلا يَشْعَثَ في الإِحرام
ويَقْمَلَ إِبْقاء على الشعر، وإِنما يُلَبِّدُ من يطول مكثه في الإِحرام.
وفي حديث المحرم: لا تُخَمّروا رأْسه فإنه يَبْعَث مُلَبِّداً. وفي
حديث عمر، رضي الله عنه، أَنه قال: من لَبَّدَ أَو عَقَصَ أَو ضَفَرَ فعليه
الحلق؛ قال أَبو عبيد: قوله لَبَّد يعني أَن يجعل المحرم في رأْسه شيئاً
من صمغ أَو عسل ليتلبد شعره ولا يَقْمَل. قال الأَزهري: هكذا قال يحيى بن
سعيد. قال وقال غيره: إِنما التلبيد بُقْياً على الشعر لئلا يَشْعَثَ في
الإِحرام ولذلك أُوجب عليه الحلق كالعقوبة له؛ وقال: قال ذلك سفيان بن
عيينة؛ ومنه قيل لِزُبْرِة الأَسَد: لِبْدَةٌ؛ والأَسد ذو لبدة.
واللِّبْدة: الشعر المجتمع على زبرة الأَسد؛ وفي الصحاح: الشعر المتراكب بين
كتفيه. وفي المثل: هو أَمنع من لِبدة الأَسد، والجمع لِبَد مثلِ قِرْبة
وقِرَب.واللُّبَّادة: ما يلبس منها للمطر؛ التهذيب في ترجمة بلد، وقول الشاعر
أَنشده ابن الأَعرابي:
ومُبْلِدٍ بينَ مَوْماةٍ ومَهْلَكةٍ،
جاوَزْتُه بِعَلاة الخَلْقِ عِلْيانِ
قال: المُبْلِدُ الحوض القديم ههنا؛ قال: وأَراد ملبد فقلب وهو اللاصق
بالأَرض.
وما له سَبَدٌ ولا لَبَد؛ السَّبَدُ من الشعر واللبَد من الصوف لتلبده
أَي ما له ذو شعر ولا ذو صوف؛ وقيل السبد هنا الوبر، وهو مذكور في موضعه؛
وقيل: معناه ما له قليل ولا كثير؛ وكان مال العرب الخيل والإِبل والغنم
والبقر فدخلت كلها في هذا المثل.
وأَلبَدَتِ الإِبلُ إِذا أَخرج الربيع أَوبارَها وأَلوانها وحَسُنَتْ
شارَتُها وتهيأَت للسمَن فكأَنها أُلْبِسَتْ من أَوبارها أَلباداً.
التهذيب: وللأَسد شعر كثير قد يَلْبُد على زُبْرته، قال: وقد يكون مثل ذلك على
سنام البعير؛ وأَنشد:
كأَنه ذو لِبَدٍ دَلَهْمَس
ومال لُبَد: كثير لا يُخاف فَنَاؤه كأَنه التَبَدَ بعضُه على بعض. وفي
التنزيل العزيز يقول: أَهلكت مالاً لُبَداً؛ أَي جَمّاً؛ قال الفراء:
اللُّبَد الكثير؛ وقال بعضهم: واحدته لُبْدةٌ، ولُبَد: جِماع؛ قال: وجعله
بعضهم على جهة قُثَمٍ وحُطَم واحداً وهو في الوجهين جميعاً: الكثير. وقرأَ
أَبو جعفر: مالاً لُبَّداً، مشدداً، فكأَنه أَراد مالاً لابداً. ومالانِ
لابِدانِ وأَموالٌ لُبَّدٌ. والأَموالُ والمالُ قد يكونان في معنى واحد.
واللِّبْدَة واللُّبْدة: الجماعة من الناس يقيمون وسائرُهم يَظْعنون
كأَنهم بتجمعهم تَلَبَّدوا. ويقال: الناس لُبَدٌ أَي مجتمعون. وفي التنزيل
العزيز: وانه لما قامَ عبدُ الله يَدْعوه كادوا يكونون عليه لُبَداً؛
وقيل: اللِّبْدَةُ الجراد؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه على التشبيه.
واللُّبَّدَى: القوم يجتمعون، من ذلك. الأَزهري: قال وقرئَ: كادوا يكونون عليه
لِبَداً؛ قال: والمعنى أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما صلى الصبح ببطن
نخلة كاد الجنُّ لما سمعوا القرآن وتعجَّبوا منه أَن يسْقُطوا عليه. وفي
حديث ابن عباس: كادوا يكونون عليه لِبَداً؛ أَي مجتمعين بعضهم على بعض،
واحدتها لِبْدَة؛ قال: ومعنى لِبَداً يركب بعضُهم بعضاً، وكلُّ شيء أَلصقته
بشيء إِلصاقاً شديداً، فقد لَبَّدْتَه؛ ومن هذا اشتقاق اللُّبود التي
تُفْرَشُ. قال: ولِبَدٌ جمع لِبْدَة ولُبَدٌ، ومن قرأَ لُبَداً فهو جمع
لُبْدة؛ وكِساءٌ مُلَبَّدٌ.
وإِذا رُقِعَ الثوبُ، فهو مُلَبَّدٌ ومُلْبَدٌ ومَلْبود. وقد لَبَدَه
إِذا رَقَعَه وهو مما تقدم لأَن الرَّقْعَ يجتمع بعضه إِلى بعض ويلتزق بعضه
ببعض. وفي الحديث: أَن عائشة، رضي الله عنها، أَخرجت إِلى النبي، صلى
الله عليه وسلم، كساء مُلَبَّداً أَي مُرَقَّعاً. ويقال: لَبَدْتُ القَميصَ
أَلْبُدُه ولَبَّدْتُه. ويقال للخرقة التي يُرْقَعُ بها صدر القميص:
اللِّبْدَة، والتي يرْقَعُ بها قَبُّه: القَبِيلَة. وقيل: المُلَبَّدُ الذي
ثَخُنَ وسَطه وصَفِقَ حتى صار يُشْبِهُ اللِّبْدَ.
واللِّبْدُ: ما يسْقُط من الطَّرِيفةِ والصِّلِّيانِ، وهو سَفاً أَبيض
يسقط منهما في أُصولهما وتستقبله الريح فتجمعه حتى يصير كأَنه قطع
الأَلْبادِ البيض إِلى أُصول الشعر والصِّلِّيانِ والطريفةِ، فيرعاه المال
ويَسْمَن عليه، وهو من خير ما يُرْعى من يَبِيسِ العِيدان؛ وقيل: هو الكلأُ
الرقيق يلتبد إِذا أَنسَلَ فيختلط بالحِبَّة.
وقال أَبو حنيفة: إِبِلٌ لَبِدةٌ ولَبادَى تشَكَّى بطونَها عن القَتادِ؛
وقد لَبِدَتْ لَبَداً وناقة لَبِدَة. ابن السكيت: لَبِدَتِ الإِبِل،
بالكسر، تَلْبَدُ لَبَداً إِذا دَغِصَتْ بالصِّلِّيان، وهو التِواءٌ في
حَيازيمِها وفي غلاصِمِها، وذلك إِذا أَكثرت منه فَتَغصُّ به ولا تمضي.
واللَّبيدُ: الجُوالِقُ الضخم، وفي الصحاح: اللَّبِيدُ الجُوالِقُ الصغير.
وأَلْبَدْتُ القِرْبةَ أَي صَيَّرْتُها في لَبيد أَي في جوالق، وفي الصحاح:
في جوالق صغير؛ قال الشاعر:
قلتُ ضَعِ الأَدْسَم في اللَّبيد
قال: يريد بالأَدسم نِحْيَ سَمْن. واللَّبِيدُ: لِبْدٌ يخاط عليه.
واللَّبيدَةُ: المِخْلاة، اسم؛ عن كراع. ويقال: أَلْبَدْت الفرسَ، فهو
مُلْبَد إِذا شدَدْت عليه اللِّبْد. وفي الحديث ذكر لُبَيْداءَ، وهي
الأَرض السابعة. ولَبِيدٌ ولابِدٌ ولُبَيْدٌ: أَسماء. واللِّبَدُ: بطون من بني
تميم. وقال ابن الأَعرابي: اللِّبَدُ بنو الحرث ابن كعب أَجمعون ما خلا
مِنْقَراً. واللُّبَيْدُ: طائر. ولَبِيدٌ: اسم شاعر من بني عامر.
لوح: اللَّوْحُ: كلُّ صَفِيحة عريضة من صفائح الخشب؛ الأَزهري:
اللَّوْحُ صفيحة من صفائح الخشب، والكَتِف إِذا كتب عليها سميت لَوْحاً. واللوحُ:
الذي يكتب فيه. واللوح: اللوح المحفوظ. وفي التنزيل: في لوح محفوظ؛ يعني
مُسْتَوْدَع مَشِيئاتِ الله تعالى، وإِنما هو على المَثَلِ. وكلُّ عظم
عريض: لَوْحٌ، والجمع منهما أَلواحٌ، وأَلاوِيحُ جمع الجمع؛ قال سيبويه:
لم يُكَسَّرْ هذا الضرب على أَفْعُلٍ كراهيةَ الضم على الواو« وقوله عز
وجل: وكتبنا له في الأَلْواحِ؛ قال الزجاج: قيل في التفسير إِنهما كانا
لَوْحَيْن، ويجوز في اللغة أَن يقال لِلَّوْحَيْنِ أَلواح، ويجوز أَن يكون
أَلواحٌ جمعَ أَكثر من اثنين. وأَلواحُ الجسد: عظامُه ما خلا قَصَبَ
اليدين، والرجلين، ويُقال: بل الأَلواحُ من الجسد كلُّ عظم فيه عِرَضٌ.
والمِلْواحُ: العظيم الأَلواح؛ قال:
يَتْبَعْنَ إِثْرَ بازِلٍ مِلْواحِ
وبعير مِلْواحٌ ورجل مِلْواحٌ.
ولَوْحُ الكَتِف: ما مَلُسَ منها عند مُنْقَطَعِ غيرها من أَعلاها؛
وقيل: اللوحُ الكَتفُ إِذا كتب عليها. واللَّوْحُ، واللُّوحُ أَعْلى: أَخَفُّ
العَطَشِ، وعَمَّ بعضهم به جنس العطش؛ وقال اللحياني: اللُّوحُ سرعة
العطش. وقد لاحَ يَلُوحُ لَوْحاً ولُواحاً ولُؤُوحاً، الأَخيرة عن اللحياني،
ولَوَحاناً والْتَاحَ: عَطِشَ؛ قال رؤبة:
يَمْصَعْنَ بالأَذْنابِ من لُوحٍ وبَقّ
ولَوَّحه: عَطَّشه. ولاحَه العَطَشُ ولَوَّحَه إِذا غَيَّره.
والمِلْواحُ: العطشانُ. وإِبلٌ لَوْحَى أَي عَطْشَى. وبعير مِلْوَحٌ ومِلْواحٌ
ومِلْياحٌ: كذلك، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، فأَما مِلْواحٌ فعلى القياس،
وأَما مِلْياحٌ فنادر؛ قال ابن سيده: وكأَنَّ هذه الواو إِنما قلبت ياء
عندي لقرب الكسرة، كأَنهم توهموا الكسرة في لام مِلْواح حتى كأَنه لِواحٌ،
فانقلبت الواو ياء لذلك. ومَرْأَة ملْواحٌ: كالمذكر؛ قال ابن مُقْبِل:
بِيضٌ مَلاوِيحُ، يومَ الصَّيْفِ، لا صُبُرٌ
على الهَوانِ، ولا سُودٌ، ولا نُكُعُ
أَبو عبيد: المِلْواحُ من الدواب السريعُ العطشِ؛ قال شمر وأَبو الهيثم:
هو الجَيِّدُ الأَلواح العظيمها. وقيل: أَلواحه ذراعاه وساقاه وعَضُداه.
ولاحَه العطشُ لَوْحاً ولَوَّحَه: غَيَّرَه وأَضمره؛ وكذلك السفرُ
والبردُ والسُّقْمُ والحُزْنُ؛ وأَنشد:
ولم يَلُحْها حَزَنٌ على ابْنِمِ،
ولا أَخٍ ولا أَبٍ، فَتَسْهُمِ
وقِدْحٌ مُلَوَّحٌ: مُغَيَّر بالنار، وكذلك نَصْلٌ مُلَوَّحٌ. وكل ما
غَيَّرته النارُ، فقد لَوَّحَته، ولَوَّحَته الشمسُ كذلك غَيَّرته
وسَفَعَتْ وجْهَه. وقال الزجاج في قوله عز وجل: لَوَّاحةٌ للبشر أَي تُحْرِقُ
الجلدَ حتى تُسَوِّده؛ يقال: لاحَه ولَوَّحَه. ولَوَّحْتُ الشيءَ بالنار:
أَحميته؛ قال جِرانُ العَوْدِ واسمه عامر بن الحرث:
عُقابٌ عَقَنْباةٌ، كَأَنَّ وَظِيفَها
وخُرْطُومَها الأَعْلى، بنارٍ مُلَوَّحُ
وفي حديث سَطِيح في رواية:
يَلوحُه في اللُّوحِ بَوْغاءُ الدِّمَنْ
اللُّوحُ: الهواء. ولاحَه يَلوحُه: غَيَّرَ لونَه. والمِلْواحُ: الضامر،
وكذلك الأُنثى؛ قال:
من كلِّ شَقَّاءِ النَّسا مِلْواحِ
وامرأَة مِلْواحٌ ودابة مِلواحٌ إِذا كان سريع الضُّمْر. ابن الأَثير:
وفي أَسماء دوابه، عليه السلام، أَن اسم فرسه مُلاوِحٌ، وهو الضامر الذي
لا يَسْمَنُ، والسريع العطش والعظيمُ الأَلواح، وهو المِلْواحُ أَيضاً.
واللَّوْحُ: النظرة كاللَّمْحة. ولاحَه ببصره لَوْحةً: رآه ثم خَفِيَ عنه؛
وأَنشد:
وهل تَنْفَعَنِّي لَوْحةٌ لو أَلُوحُها؟
ولُحْتُ إِلى كذا أَلُوحُ إِذا نظرت إِلى نار بعيدة؛ قال الأَعشى:
لَعَمْري لقد لاحتَ عُيُونٌ كثيرةٌ،
إِلى ضَوْءِ نارٍ، في يَفاعٍ تُحَرَّقُ
أَي نَظَرَتْ.
ولاحَ البرقُ يَلوح لَوْحاً ولُؤُوحاً ولَوَحاناً أَي لمَحَ. وأَلاحَ
البرقُ: أَوْمَضَ، فهو مُلِيح؛ وقيل: أَلاحَ ما حَوْله؛ قال أَبو ذؤيب:
رأَيتُ، وأَهْلي بِوادِي الرَّجِيـ
ـعِ من نَحْوِ قَيْلَةَ، بَرْقاً مُلِيحا
وأَلاحَ بالسيف ولَوَّحَ: لمَعَ به وحَرَّكه. ولاحَ النجمُ: بدا.
وأَلاحَ: أَضاء وبدا وتلأْلأَ واتسع ضَوْءُه؛ قال المُتَلَمِّسُ:
وقد أَلاحَ سُهَيْلٌ، بعدما هَجَعُوا،
كأَنه ضَرَمٌ، بالكَفِّ، مَقْبُوسُ
ابن السكيت: يقال لاحَ سُهَيْلُ إِذا بدا، وأَلاحَ إِذا تلأْلأَ؛ ويقال:
لاحَ السيفُ والبرقُ يَلُوحُ لَوْحاً. ويقال للشيء إِذا تلأْلأَ: لاحَ
يَلوحُ لَوْحاً ولُؤُوحاً. ولاح لي أَمرُك وتَلَوَّحَ: بانَ ووَضَحَ.
ولاحَ الرجلُ يَلُوح لُؤُوحاً: برز وظهر. أَبو عبيد: لاحَ الرجلُ وأَلاحَ،
فهو لائح ومُلِيحٌ إِذا برز وظهر؛ وقول أَبي ذؤيب:
وزَعْتَهُمُ حتى إِذا ما تَبَدَّدوا
سِراعاً، ولاحَتْ أَوْجُهٌ وكُشُوحُ
إِنما يريد أَنهم رُمُوا فسقطت تِرَسَتُهم ومَعابِلُهُمْ، وتفرّقوا
فأَعْوَرُوا لذلك وظهرتْ مَقاتِلُهم. ولاحَ الشيبُ يَلوح في رأْسه: بدا.
ولَوَّحه الشيبُ: بَيَّضَه؛ قال:
من بَعْدِ ما لَوَّحَكَ القَتيرُ
وقال الأَعشى:
فلئن لاحَ في الذُّؤابةِ شَيْبٌ،
يا لَبَكْرٍ وأَنْكَرَتْني الغَواني
وقول خُفافِ بن نُدْبَةَ أَنشده يعقوب في المقلوب:
فإِمَّا تَرَيْ رأْسِي تَغَيَّرَ لَوْنُه،
ولاحتْ لَواحِي الشيبِ في كلِّ مَفْرَقِ
قال: أَراد لوائحَ فقَلَبَ. وأَلاحَ بثوبه ولَوَّح به، الأَخيرة عن
اللحياني: أَخذ طَرَفَه بيده من مكان بعيد، ثم أَداره ولمَع به ليُرِيَهُ من
يحبُّ أَن يراه. وكلُّ من لمَع بشيء وأَظهره، فقد لاحَ به ولَوَّح
وأَلاحَ، وهما أَقل. وأَبيضُ يَقَقٌ ويَلَقٌ، وأَبيضُ لِياحٌ ولَياحٌ إِذا
بُولِغَ في وصفه بالبياض، قلبت الواو في لَياح ياء استحساناً لخفة الياء، لا
عن قوّة علة. وشيء لَِياحٌ: أَبيض؛ ومنه قيل للثور الوحشي لَِياحٌ
لبياضه؛ قال الفراء: إِنما صارت الواو في لياح ياء لانكسار ما قبلها؛
وأَنشد:أَقَبُّ البَطْنِ خَفَّاقُ الحَشايا،
يُضِيءُ الليلَ كالقَمَرِ اللِّياحِ
قال ابن بري: البيت لمالك بن خالد الخُناعِي يمدح زُهَيرَ بنَ الأَغَرّ،
قال: والصواب أَن يقول في اللِّياحِ إِنه الأَبيض المتلأْلئ؛ ومنه
قولهم: أَلاحَ بسيفه إِذا لمع به. والذي في شعره خَفَّاقٌ حشاه، قال: وهو
الصحيح أَي يَخْفِقُ حَشاه لقلة طُعْمِه؛ وقبله:
فَتًى ما ابنُ الأَغَرِّ إِذا شَتَوْنا،
وحُبَّ الزادُ في شَهْرَيْ قُِماحِ
وشهْرا قُِمحٍ هما شهرا البرد.
واللِّياحُ واللَّياحُ: الثور الوحشي وذلك لبياضه. واللَّياحُ أَيضاً:
الصبح. ولقيته بِلَياحٍ إِذا لقيته عند العصر والشمس بيضاء، الياس في كل
ذلك منقلبة عن واو للكسرة قبلها؛ وأَما لَياحٌ فشاذ انقلبت واوه ياء لغير
علة إِلاَّ طلب الخفة. وكان لحمزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه، سيف يقال
له لَِياحٌ؛ ومنه قوله:
قد ذاقَ عُثْمانُ، يومَ الجَرِّ من أُحُدٍ،
وَقْعَ اللَّياحِ، فأَوْدَى وهو مَذموم
قال ابن الأَثير: هو من لاحَ يَلوح لِياحاً إِذا بدا وظهر. والأَلواحُ:
السِّلاحُ ما يَلوحُ منه كالسيف والسِّنان؛ قال ابن سيده: والأَلواحُ ما
لاحَ من السلاح وأَكثر ما يُعْنى بذلك السيوفُ لبياضِها؛ قال عمرو بن
أَحمر الباهلي:
تُمْسِي كأَلْواحِ السلاحِ، وتُضْـ
ـحِي كالمَهاةِ، صَبِيحةَ القَطْرِ
قال ابن بري: وقيل في أَلواح السلاح إِنها أَجفانُ السيوف لأَن غِلافَها
من خشب، يراد بذلك ضمورها؛ يقول: تمسي ضامرة لا يضرها ضُمْرُها، وتصبح
كأَنها مَهاةٌ صبيحةَ القطر، وذلك أَحسن لها وأَسرع لعَدْوها. وأَلاحَه:
أَهلكه.
واللُّوحُ، بالضم: الهواء بين السماء والأَرض؛ قال:
لطائر ظَلَّ بنا يخُوتُ،
يَنْصَبُّ في اللُّوحِ، فما يَفوتُ
وقال اللحياني: هو اللُّوحُ واللَّوْحُ، لم يحك فيه الفتح غيره. ويقال:
لا أَفعل ذلك ولو نَزَوْتَ في اللُّوحِ أَي ولو نَزَوْتَ في السُّكاك،
والسُّكاكُ: الهواءُ الذي يلاقي أَعْنانَ السماء.
ولَوَّحه بالسيف والسَّوْط والعصا: علاه بها فضربه. وأَلاحَ بَحقي: ذهب
به. وقلت له قولاً فما أَلاحَ منه أَي ما استحى. وأَلاحَ من الشيء: حاذر
وأَشْفَقَ؛ قال:
يُلِحْنَ من ذي دَأَبٍ شِرْواطِ،
مُحْتَجِزٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ
ويروى: ذي زَجَلٍ. وأَلاحَ من ذلك الأَمر إِذا أَشفق؛ ومنه يُلِيحُ
إِلاحةً؛ قال وأَنشدنا أَبو عمرو:
إِنّ دُلَيْماً قد أَلاحَ بِعَشي،
وقال: أَنْزِلْنِي فلا إِيضاعَ بي
أَي لا سير بي؛ وهذا في الصحاح:
إِنَّ دُلَيماً قد أَلاح من أَبي
قال ابن بري: دُلَيم اسم رجل. والإِيضاعُ: سير شديد. وقوله فلا إِيضاع
بي أَي لست أَقدر على أَن أَسيرَ الوُضْعَ، والياء رَوِيُّ القصيدة بدليل
قوله بعد هذا:
وهُنَّ بالشُّقْرةِ يَفْرِينَ الفَرِي
هنّ ضمير الإِبل. والشُّقْرة: موضع. ويَفْرِينَ الفَرِي أَي يأْتين
بالعجب في السير. وأَلاحَ على الشيء: اعتمد. وفي حديث المغيرة: أَتحلف عند
مِنبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ فأَلاحَ من اليمين أَي أَشفق
وخاف.والمِلْواحُ: أَن يَعْمِدَ إِلى بُومةٍ فيَخِيطَ عينها، ويَشُدَّ في
رجلها صوفة سوداء، ويَجعلَ له مَِرْبَأَةً ويَرْتَبِئَ الصائدُ في
القُتْرةِ ويُطِيرها ساعةً بعد ساعة، فإِذا رآها الصقر أَو البازي سقط عليها
فأَخذه الصياد، فالبومة وما يليها تسمى مِلْواحاً.
فوا: الفُوّةُ: عُروق نبات يستخرج من الأَرض يُصبغ بها، وفي التهذيب:
يصبغ بها الثياب، يقال لها بالفارسية رُوين، وفي الصحاح رُوِينَه، ولفظها
على تقدير حُوّة وقُوّة. وقال أَبو حنيفة: الفُوّة عروق ولها نبات يسمو
دقيقاً، في رأْسه حَب أَحمر شديد الحمرة كثير الماء يكتب بمائه وينقش؛ قال
الأَسود ابن يعفر:
جَرَّتْ بها الرِّيحُ أَذْيالاً مُظاهَرةً،
كما تَجُرُّ ثِيابَ الفُوّةِ العُرُسُ
وأَدِيمٌ مُفَوىً: مصبوغ بها، وكذلك الثوب وأرض مُفَوَّاة: ذاتُ فُوّة.
وقال أَبو حنيفة: كثيرة الفُوَّة؛ قال الأَزهري: ولو وصفت به أَرضاً لا
يزرع فيها غيره قلت أَرضٌ مَفْواة من المَفاوِي، وثوب مُفَوًّى لأَن الهاء
التي في الفُوَّة ليست بأَصلية بل هي هاء التأْنيث. وثوب مُفَوًّى أَي
مصبوغ بالفُوَّة كما تقول شيء مُقَوًّى من القُوَّة.
ثمل: الثُّمْلة والثَّمِيلة: الحَبُّ والسَّويق والتمر يكون في الوِعاء
يكون نِصْفَه فما دونه، وقيل: نِصْفَه فصاعداً. والثُّمَل: جمع ثُمْلة.
أَبو حنيفة: الثَّمِيل الحَبُّ لأَنه يُدَّخر؛ وأَنشد لتأَبَّط شَرّاً:
ويَوْماً على أَهل المَواشي، وتارةً
لأَهْلِ رَكيبٍ ذي ثَمِيلٍ وسُنْبُل
والثُّمْلة والثَّمَلة والثَّمِيلة والثُّمالة: الماء القليل يبقى في
أَسفل الحوض أَو السِّقاء أَو في أَي إِناء كان. والمَثْمَلة: مُسْتَنْقَع
الماء، وقيل: الثُّمالةُ الماء القليل في أَيّ شيء كان. وقد أَثْمَل
اللبنُ أَي كثرت ثُمالته. ويقال لبقية الماء في الغُدْران والحَفير: ثَمِيلة
وثَمِيل؛ قال الأَعشى:
بعَيْرانَةٍ كأَتان الثَّميل،
توافي السُّرى بعد أَيْنٍ عَسِيرا
(* قوله «توافي السرى» كذا بالأصل، وفي ترجمة عسر: تقضي بدل توافي).
توافي السُّرى أَي توافيها. والثَّمِيلة: البَقِيَّة من الماء في
الصَّخرة وفي الوادي، والجمع ثَمِيل؛ ومنه قول أَبي ذؤيب:
ومُدَّعَسٍ فيه الأَنِيضُ اخْتَفَيْتُه
بِجَرْداءَ، يَنْتابُ الثَّمِيلَ حِمارُها
أَي يرد حِمارُ هذه المَفازة بقايا الماء في الحوض لأَن مياه الغُدْران
قد نَضَبَت؛ وقال دُكَيْن:
جادَ به من قَلْتِ الثَّمِيل
الثَّميل: جمع ثَمِيلة وهي بقِيَّة الماء في القَلْتِ أَعْنِي النُّقْرة
التي تُمْسِك الماء في الجبل. والثَّمِيلة: البَقِيَّة من الطعام
والشراب تبقى في البطن؛ قال ذو الرمة يصف عَيْراً وابنه:
وأَدْرَكَ المُتَبَقَّى من ثَمِيلَتِه
ومِن ثَمائِلِها، واسْتُنْشِيءَ الغَرَبُ
يعني ما بقي في أَمعائها وأَعضائها من الرُّطْب والعَلَف؛ وأَنشد ثعلب
في صفة الذئب:
وطَوى ثَمِيلَتَه فأَلْحَقها
بالصُّلْبِ، بَعْدَ لُدُونَةِ الصُّلْب
وقال اللحياني: ثَميلة الناس ما يكون فيه الطعام والشراب. والثَّمِيلة
أَيضاً: ما يكون فيه الشراب في جَوْفِ الحِمار. وما ثَمَل شرابَه بشيء من
طعام أَي ما أَكل شيئاً من الطعام قبل أَن يشرب، وذلك يسمى الثَّميلة.
ويقال: ما ثَمَلْتُ طعامي بشيء من شراب أَي ما أَكلت
(* قوله «أَي ما أَكلت
إلخ» هكذا في الأصل) بعد الطعام شَراباً. والثَّمِيلة: البَقِيَّة تبقى
من العَلَف والشراب في بطن البعير وغيره، فكل بَقِيَّة ثَمِيلة. وقد
أَثْملت الشيء أَي أَبقيته. وثمَّلته تثميلاً: بَقَّيته. وفي حديث عبد الملك:
قال للحجاج أَما بعد فقد وَلَّيتُكَ العِرَاقَيْن صَدْمة فسِر إِليها
مُنْطَوِيَ الثَّمِيلة؛ أَصل الثَّمِيلة: ما يبقى في بطن الدابة من العَلَف
والماء وما يَدَّخِرْه الإِنسان من طعام أَو غيره، المعنى سِرْ إِليها
مُخِفّاً.
والثُّمْلة: ما اُخْرجَ من أَسفل الرَّكيَّة من الطين والتراب، والميم
فيها وفي الحَبِّ والسَّويق ساكنة، والثاء مضمونة. قال القالي: روينا
الثَّمْلة في طين الرَّكِيِّ وفي التمر والسَّويق بالفتح؛ عن أَبي نصر،
وبالضم عن أَبي عبيد.
والثَّمَل: السُّكْر. ثَمِل، بالكسر، يَثْمَل ثَمَلاً، فهو ثَمِل إِذا
سَكِر وأَخذ فيه الشَّرابُ؛ قال الأَعشى:
فَقُلْت للشَّرْب في دُرْنَى، وقد ثَمِلوا:
شِيمُوا، وكَيْف يَشِيمُ الشَّارب الثَّمِلُ؟
وفي حديث حمزة وشارِفَيْ عليٍّ، رضي الله عنهما: فإِذا حمزة ثَمِل
مُحْمَرَّةٌ عيناه؛ الثَّمِل: الذي قد أَخذ منه الشرابُ والسُّكْر؛ ومنه حديث
تزويج خديجة، رضي الله عنها: أَنها انطلقت إِلى أَبيها وهو ثَمِل؛ وجعل
ساعدةُ بن
جُؤَيَّة الثَّمَل السُّكْرَ من الجِراح؛ قال:
ماذا هُنالك من أَسْوانَ مُكْتَئِبٍ،
وسَاهِفٍ ثَمِلٍ في صَعْدَةٍ حِطَم
والثَّمَل: الظِّلُّ. والثَّمْلة والثَّمَلة، بتحريك الميم: الصُّوفة
أَو الخِرْقة التي تُغْمَس في القَطِران ثم يُهْنَأُ بها الجَرِب ويُدْهَن
بها السِّقاء؛ الأُولى عن كراع؛ قال الراجز صخر بن عمير:
مَمْغُوثَة أَعراضُهم مُمَرْطَله،
في كُلِّ ماء آجِنٍ وسَمَله،
كما تُلاثُ بالهِنَاءِ الثَّمَله
وهي المِثْمَلة أَيضاً، بالكسر. وفي حديث عمر، رضي افيفي عنه: أَنه طَلَى
بعيراً من الصدقة بقَطِران فقال له رجل: لو أَمَرْتَ عَبْداً كَفاكَهُ،
فَضَرَب بالثَّمَلة في صدره وقال: عَبْدٌ أَعْبَدُ مِنِّي الثَّمَلة،
بفتح الثاء والميم: صُوفَة أَو خِرْقة يُهْنَأُ بها البعير ويُدْهَن بها
السِّقاء؛ وفي حديثه الآخر: أَنه جاءته امرأَة جَلِيلَةٌ فَحَسَرَتْ عن
ذراعيها وقالت: هذا من احْتِراش الضِّباب، فقال: لو أَخَذْتِ الضَّبَّ
فورَّيْتِه ثم دعَوْتِ بمكتفه
(* قوله «بمكتفه» هكذا في الأصل وسيأتي في وري
مثله، وفي ثمل من النهاية: بمنكفة) فَثَمَلْتِه كان أَشْبَع أَي أَصلحته.
والثَّمَلة: خِرْقة الحَيضِ، والجمع ثَمَل. والثَّمَل: بَقِيَّة الهِناء
في الإِناء. والثُّمُول والثَّمَل: الإِقامة والمُكْث والخَفْض. يقال: ما
دارُنا بدار ثَمَل أَي بدار إِقامة. وحكى الفارسي عن ثعلب: مكان ثَمْل
عامر؛ وأَنشد بيت زهير:
مَشارِبُها عَذْب وأَعْلامُها ثَمْل
وقال أُسامة الهذلي:
إِذا سَكَنَ الثَّمْل الظِّباءُ الكَواسِعُ
ودارُ ثَمَلٍ وثَمْل أَي إِقامة. وسَيْفٌ ثامل أَي قديم طال عَهْدُه
بالصِّقال فدرس وبَلِي؛ قال ابن مقبل:
لِمَنِ الدِّيارُ عَرَفْتُها بالسَّاحِلِ،
وكأَنَّها أَلواحُ سَيْفٍ ثامِلِ؟
الأَصمعي: الثَّامل القديم العَهْدِ بالصِّقَال كأَنه بقي في أَيدي
أَصحابه زماناً من قولهم ارتحل بنو فلان وثَمَل فلان في دارهم أَي بقي.
والثَّمْل: المُكْث.
والثُّمال، بالضم: السُّمُّ المُنْقَع. ويقال: سَقاه المُثَمَّلَ أَي
سقاه السُّمَّ، قال الأَزهري: ونُرى أَنه الذي أُنْقِع فَبَقِي وثَبَت.
والمُثَمَّل: السُّم الــمُقَوَّى بالسَّلَع وهو شجر مُرٌّ. ابن سيده: وسُمٌّ
مُثَمَّل طال إِنقاعُه وبَقِي، وقيل: إِنه من المَثْمَلة الذي هو
المُسْتَنْقَع؛ قال العباس بن مِرْداس السُّلَمي:
فَلا تَطْعَمَنْ ما يَعْلِفونَكَ، إِنَّهُم
أَتَوْكَ على قُرْبانِهم بالمُثَمَّل
وهو الثُّمال. والمَثْمِل: أَفضل العَشِيرة. وقال شمر: المُثَمَّل من
السُّمِّ المُثَمَّن المجموع.
وكل شيء جمعته فقد ثَمَّلْته وثَمَّنْته. وثَمَلْت الطعام: أَصلحته،
وثَمَلْته سَتَرته وغَيَّبته.
والثُّمالُ: جمع ثُمالة وهي الرَّغوة. ابن سيده: والثُّمالة رَغْوة
اللبن. والثُّمالة: بياض البَيْضة الرَّقِيقُ ورَغْوَتُه، وبه شبهت رَغْوَة
اللبن؛ قال مُزَرِّد:
إِذا مَسَّ خِرْشاءَ الثُّمالة أَنْفُه،
ثَنى مِشْفَرَيْه للصَّرِيح فأَقْنَعا
ابن سيده: الثُّمالة رَغْوَة اللَّبن إِذا حُلِب، وقيل: هي الرَّغْوة ما
كانت، وأَنشد بيت مُزَرِّد؛ وأَنشد الأَزهري في ترجمة قشعم:
وقِصَعٍ تُكْسَى ثُمالاً قَشْعَما
وقال: الثُّمال الرَّغْوة؛ وقال آخر:
وقِمَعاً يُكْسى ثُمالاً زَغْرَبا
وجمعها ثُمال؛ قال الشاعر:
وأَتَتْه بزَغْرَبٍ وحَتِيٍّ،
بَعْدَ طِرْمٍ وتامِكٍ وثُمال
تامكٍ يعني سَنَاماً تامِكاً. ولبن مُثَمِّل ومُثْمِل: ذُو ثُمَالة،
يقال: احْقِن الصَّريح وأَثْمِل الثُّمالةَ أَي أَبْقِها في المِحْلَب. وقال
أَبو عبيد في باب فُعَالة: الثُّمالة بَقِيَّة الماء وغيره، وفي حديث
أُم مَعْبَد: فحَلَب فيه ثَجًّا حتى عَلاه الثُّمال؛ هو، بالضَّم، جمع
ثُمالة الرَّغوة. والثُّمال: كهيئة زُبْد الغنم، وتقول العرب في كلامها: قالت
اليَنَمة أَنا اليَنَمه، أُغْبُق الصَّبيَّ قبل العَتَمه، وأَكُبّ
الثُّمَال فوق الأَكَمه؛ اليَنَمة: نَبْتٌ لَيِّنٌ تَسْمَن عليه الإِبل، وقيل:
بَقْلَة طَيِّبة، وقولها أُغْبُق الصَّبيَّ قبل العَتَمة أَي أُعَجِّل
ولا أُبْطِئ، وقولها وأَكُبُّ الثُّمَال فوق الأَكَمَة، تقول: ثُمَال
لَبَنِها كَثيرٌ، وقيل: أَراد بالثُّمَال جمع الثُّمَالة وهي الرغوة، وزعم
ثعلب أَن الثُّمَال رغوة اللبن فجعله واحداً لا جمعاً؛ قال ابن سيده:
فالثُّمَال والثُّمَالة على هذا من باب كَوْكَبٍ وكَوْكَبَة، فأَما أَبو عبيد
فجعله جمعاً كما بيَّنَّا. ابن بزرج: ثَمَلت القومَ وأَنا أُثْمِلُهم،
قال أَبو منصور: معناه أَن يكون ثِمَالاً لهم أَي غِيَاثاً وقِوَاماً
يَفْزَعون إِليه.
والثَّمل: المُقام والخَفْض، يقال: ثَمَل فلان فما يَبْرَح. واختار فلان
دار الثَّمل أَي دار الخَفْض والمُقَام.
والثِّمَال، بالكسر: الغِيَاث. وفلان ثِمَال بني فلان أَي عِمَادُهم
وغِيَاثٌ لهم يقوم بأَمرهم؛ قال الحطيئة:
فِدًى لابن حِصْنٍ ما أريح، فإِنه
ثِمَالُ اليَتَامى، عِصْمَةٌ في المَهَالِكِ
وقال اللحياني: ثِمَال اليتامى غِياثُهم. وثَمَلهم ثَمْلاً: أَطعمهم
وسقاهم وقام بأَمرهم؛ وقال أَبو طالب يمدح سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم:
وأَبيَض يُستَسقَى الغَمامُ بوجهه،
ثِمَال اليتَامى، عِصْمَة للأَرامل
والثِّمَال، بالكسر: المَلْجأُ والغِيَاث والمُطْعِم في الشِّدَّة.
ويقال: أَكَلَتِ الماشية من الكَلإِ ما يثمل ما في أَجوافها من الماء أَي
يكون سواء لما شربت من الماء. وقال الخليل: المَثْمِل المَلْجأُ؛ أَنشد ابن
بري لأَبي كبير الهذلي:
وعَلَوْت مُرْتَقِباً على مَرْهُوبَةٍ
حَصَّاءَ، ليس رَقِيبُها في مَثْمِل
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فإِنها ثِمال حاضرتهم أَي غِيَاثُهم
وعِصْمَتُهم.
وثَمَلَت المَرْأَةُ الصِّبيانَ تَثْمُلهم: كانت لهم أَصلاً يُقيم
مَعَهم. والمِثْمَلة: خَريطة وَسَطٌ يَحْمِلها الراعي في مَنكِبه.
والثَّمَائل: الضفائر التي تُبْنَى بالحجارة لِتُمسِكَ الماء على
الحَرْث، واحدتها ثَميلة، وقيل: الثَّميلة الجَدْر نَفْسُه، وقيل: الثَّمِيلة
البناء الذي فيه الغِراس
(* قوله: الغراس، هكذا في الأصل. وفي القاموس:
الفراش) والخَفْضُ والوقائد. والثَّمِيلة: طائر صغير يكون بالحجاز. وبنو
ثُمَالَة: بطن من الأَزْدِ إِليهم يُنسب المُبَرَّد. وثُمالة: لَقَبٌ.
وثُمَالة: حَيٌّ من العَرَب.
سنط: السِّنْطُ: المَفْصِلُ بين الكَفِّ والساعِدِ. وأَسْنَعَ الرجلُ
إِذا اشتكى سِنْعَه أَي سِنْطَه، وهو الرُّسْغ.
والسَّنْطُ: قَرْظٌ يَنْبُت في الصعيد وهو حطَبُهم، وهو أَجْوَدُ حطَبٍ
اسْتَوْقَد به الناسُ، يزعمون أَنه أَكْثره ناراً وأَقلُّه رَماداً؛ حكاه
أَبو حنيفة، وقال: أَخبرني بذلك الخبير، قال: ويَدْبُغون به، وهو اسم
أَعجمي.
والسِّناطُ والسُّناطُ والسَّنُوطُ، كله: الذي لا لِحْيَة له، وقيل: هو
الذي لا شَعرَ في وجهه البَتَّةَ، وقد سَنُطَ فيهن. التهذيب: السّناطُ
الكَوْسَج، وكذلك السَّنُوطُ والسَّنُوطِيُّ، وفعله سَنُطَ وكذلك عامة ما
جاء على بناء فِعالٍ، وكذلك ما جاء على بناء المجهول ثلاثيّاً. ابن
الأَعرابي: السُّنُطُ الخَفِيفو العَوارِض ولم يبلغوا حال الكَواسِج؛ وقال
غيره: الواحدُ سَنُوط، وقد تكرر في الحديث، وهو بالفتح الذي لا لحية له
أَصلاً. ابن بري: السِّناطُ يُوصفُ به الواحد والجمع؛ قال ذو الرمة:
زُرْقٌ، إِذا لاقَيْتَهُمْ، سِناطُ
لَيْس لهم في نَسَبٍ رِباطُ،
ولا إِلى حَبْلِ الهُدَى صِراطُ،
فالسَّبُّ والعارُ بهم مُلْتاطُ
ويقال منه: سَنُطَ الرجلُ وسَنِطَ سَنَطاً، فهو سِناط.
وسَنُوطٌ: اسم رجل معروف.
نقل: النَّقْلُ: تحويلُ الشيء من موضع إِلى موضع، نَقَله يَنْقُله
نَقْلاً فانتَقَل. والتَّنَقُّل: التحوُّل. ونَقَّله تَنْقِيلاً إِذا أَكثر
نقله. وفي حديث أُم زرع: لا سَمِين فيَنْتَقِل أَي ينقُله الناس إِلى
بيوتهم فيأْكلونه. والنُّقْلة: الاسم من انتِقال القوم من موضع إِلى موضع،
وهمزة النَّقْل التي تَنْقُل غير المتعدِّي إِلى المتعدِّي كقولك قام
وأَقَمْتُه، وكذلك تشديدُ النَّقْل هو التضعيفُ الذي يَنْقُل غير المتعدي إِلى
المتعدي كقولك غَرِم وغَرَّمْتُه وفَرِح وفَرَّحْته. والنُّقْلة:
الانتِقال. والنُّقْلة: النمِيمةُ تنْقُلها. والناقِلةُ من نَواقِل الدهر: التي
تنقُل قوماً من حال إِلى حال. والنَّواقِلُ من الخَراج: ما يُنْقَل من
قرية إِلى أُخرى. والنواقِلُ: قَبائل تَنتَقِل من قوم إِلى قوم. والناقِلةُ
من الناس: خلافُ القُطَّان. والناقِلةُ: قبيلةٌ تنتقل إِلى أُخرى.
التهذيب: نَواقِل العرب من انتقَل من قبيلة إِلى قبيلة أُخرى فانتَمى إِليها.
والنَّقلُ: سرعة نَقْل القوائم. وفرس مِنْقَل أَي ذو نَقَل وذو نِقال.
وفرس مِنْقَل ونَقَّال ومُناقِل: سريع نَقْل القوائم، وإِنه لذو نَقِيل.
والتَّنْقِيل: مثل النَّقَل؛ قال كعب:
لهنّ، من بعدُ، إِرْقالٌ وتَنْقِيلُ
والنَّقِيلُ: ضرب من السير وهو المُداومة عليه. ويقال: انتَقَل سار
سيراً سريعاً؛ قال الراجز:
لو طَلَبونا وجَدُونا نَنْتَقِلْ،
مثلَ انْتِقال نَفَرٍ على إِبِلْ
وقد ناقَلَ مُناقلةً ونِقالاً، وقيل: النِّقالُ الرَّدَيان وهو بين
العدْو والخَبَبِ. والفرس يُناقِل في جَرْيه إِذا اتَّقى في عَدْوه الحجارة.
ومُناقَلةُ الفرس: أَن يضع يدَه ورجله على غير حجَر لحسْن نَقْلِه في
الحجارة؛ قال جرير:
من كل مُشْتَرِفٍ، وإِن بَعُدَ المَدى،
ضَرِمِ الرَّقاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ
وأَرض جَرِلةٌ: ذاتُ جَراوِل وغِلظ وحجارة.
والمُنَقِّلة، بكسر القاف، من الشِّجاج: التي تُنَقِّل العظم أَي تكسره
حتى يخرج منها فَراشُ العِظام، وهي قُشور تكون على العَظْم دون اللحم.
ابن الأَعرابي: شَجَّة مُنَقِّلة بَيِّنة التَّنْقيل، وهي التي تخرج منها
كِسَرُ العِظام، وورد ذكرها في الحديث قال: وهي التي يخرج منها صِغار
العِظام وتنتَقِل عن أَماكنها، وقيل: هي التي تُنَقِّل العظم أَي تكسره، وقال
عبد الوهاب بن جَنْبة: المنقِّلة التي تُوضِح العظم من أَحد الجانبين
ولا توضِحه من الجانب الآخر، وسميت منقِّلة لأَنها تَنْقُل جانِبَها الذي
أَوْضَحَتْ عظمَه بالمِرْوَد، والتَّنْقِيل: أَن ينقل بالمِرْوَد ليسمع
صوت العظم لأَنه خفي، فإِذا سمع صوت العظم كان أَكثر لنَذْرِها وكانت مثلَ
نصف المُوضِحة؛ قال الأَزهري: وكلام الفقهاء هو أَول ما ذكرناه من أَنها
التي تنقِّل فَراشَ العِظام، وهو حكاية أَبي عبيد عن الأَصمعي، وهو
الصواب؛ قال ابن بري: المشهور الأَكثر عند أَهل اللغة المنقلة، بفتح
القاف.والمَنْقَلةُ: المَرْحلة من مَراحل السفر. والمَناقِل: المَراحِل.
والمَنْقَلُ: الطريق في الجبل. والمَنْقَل: طريق مختصَر. والنَّقْل:
الطريق المختصر. والنَّقَل: الحجارة كالأَثافِيِّ والأَفْهار، وقيل: هي
الحجارة الصِّغار، وقيل: هو ما يبقى من الحجر إِذا اقتُلِع، وقيل: هو ما بقي
من الحجارة إِذا قُلِع جبَل ونحوه، وقيل: هو ما يبقى من حجَر الحِصْن أَو
البيت إِذا هُدِم، وقيل: هو الحجارة مع الشجر. وفي الحديث: كان على قبر
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، النَّقَل؛ هو بفتحتين صِغار الحجارة
أَشباه الأَثافيّ، فَعَلٌ بمعنى مفعول أَي مَنْقول. ونَقِلَتْ أَرضُنا فهي
نَقِلة: كثر نَقَلُها؛ قال:
مَشْيَ الجُمَعْلِيلةِ بالحَرْفِ النَّقِلْ
ويروى: بالجُرْف، بالجيم. وأَرضَ مَنْقَلة: ذاتُ نَقَل. ومكان نَقِلٌ،
بالكسر على النسب، أَي حَزْنٌ. وأَرض نَقِلةٌ: فيها حجارة، والحجارةُ التي
تَنْقُلُها قوائمُ الدابة من موضع إِلى موضع نَقِيلٌ؛ قال جرير:
يُناقِلْنَ النَّقِيلَ، وهُنّ خُوصٌ
بغُبْر البِيد خاشعةِ الخُرومِ
وقيل: يَنْقُلْن نَقِيلَهنّ أَي نِعالَهنّ. والنَّقْلةُ والنَّقْلُ
والنِّقْلُ والنَّقَلُ: النعل الخَلَقُ أَو الخفُّ، والجمع أَنْقال ونِقال؛
قال:
فصَبَّحَتْ أَرْعَلَ كالنِّقالِ
يعني نباتاً مُتهَدِّلاً من نَعْمته، شبَّهه في تَهَدُّله بالنعْل
الخَلَق التي يجرُّها لابسها. والمَنْقَلةُ: كالنَّقْلِ.
والنَّقائلُ: رِقاعُ النَّعل والخُفِّ، واحدتها نَقِيلة. والنَّقِيلة
أَيضاً: الرُّقْعة التي يُنْقَل بها خفُّ البعير من أَسفله إِذا حَفِيَ
ويُرْقَع، والجمع نَقائِل ونَقِيلٌ. وقد نَقَلَه وأَنْقَل الخُفَّ والنعلَ
ونَقَله ونَقَّله: أَصلحه، ونعل مُنَقَّلة. قال الأَصمعي: فإِن كانت النعل
خلَقاً قيل نِقْل، وجمعه أَنْقال. وقال شمر: يقال نَقَلٌ ونِقْلٌ، وقال
أَبو الهيثم: نعل نَقْلٌ. وفي حديث ابن مسعود: ما مِنْ مُصَلًّى لامرأَة
أَفضَل من أَشدّ مكاناً في بيتها ظُلمةً إِلاَّ امرأَة قد يَئِسَتْ من
البُعُولة فهي في مَنْقَلِها؛ قال الأُموي: المَنْقَل الخفّ؛ وأَنشد
للكميت:وكان الأَباطِحُ مِثْلَ الأَرِينِ،
وشُبِّه بالحِفْوَةِ المَنْقَلُ
أَي يُصيب صاحبَ الخُفِّ ما يُصيب الحافي من الرَّمْضاءِ؛ قال أَبو
عبيد: ولولا أَن الرواية في الحديث والشعر اتَّفقا على فتح الميم ما كان وجه
الكلام في المَنْقَل إِلاَّ كسر الميم. وقال ابنُ بُزُرْج: المَنْقَلُ في
شعر لبيد الثَّنِيَّة، قال: وكل طريق مَنْقَل؛ وأَنشد:
كَلاَّ ولا، ثم انْتَعَلْنا المَنْقَلا
قِتْلَيْن منها: ناقةً وجَمَلا،
عَيْرانةً وماطِلِيّاً أَفْتَلا
قال: ويقال للخفين المَنْقَلان، وللنَّعْلين المَنْقَلان. ابن
الأَعرابي: يقال للخف المَنْدَل والمِنْقَل، بكسر الميم. قال ابن بري في كتاب
الرَّمَكِيِّ بخط أَبي سهل الهرَوي: في نص حديث ابن مسعود: من أَشد مكانٍ،
بالخفض، وهو الصحيح. الفراء: نَعْلٌ مُنَقَّلة مطرَّقة، فالمُنَقَّلة
المرقوعة، والمُطَرَّقة التي أُطبق عليها أُخرى. وقال نُصير لأَعرابي: ارْقَع
نَقْلَيْك أَي نَعْلَيْك. الجوهري: يقال جاء في نَقْلَيْن له ونِقْلَيْن
له. ونَقَل الثوبَ نَقْلاً: رَقَعه.
والنِّقْلة: المرأَة تُتْرَك فلا تخطب لكِبَرها.
والنَّقِيلُ: الغريب في القوم إِن رافَقهم أَو جاوَرهم، والأُنثى
نَقِيلة ونَقِيل؛ قال وزعموا أَنه للخنساء:
تركْتَني وَسْطَ بَني عَلَّةٍ،
كأَنَّني بعْدَك فيهم نَقِيلْ
ويقال: رجل نَقِيل إِذا كان في قوم ليس منهم. ويقال للرجل: إِنه ابن
نَقِيلة ليست من القوم أَي غريبة.
ونَقَلةُ الوادي: صوتُ سَيْله، يقال: سمعت نَقَلة الوادي وهو صوت السيل.
والنَّقيل: الأَتيُّ وهو السيل الذي يجيء من أَرض مُطِرَت إِلى أَرض لم
تمطَر؛ حكاه أَبو حنيفة.
والنَّقَل في البعير: داء يصيب خفَّه فيتخَرَّق. والنَّقِيلُ: الطريق،
وكل طريق نَقِيل؛ قال ابن بري: وأَنشد أَبو عمرو:
لمَّا رأَيت بسُحْرة إِلْحاحها،
أَلْزَمْتها ثَكَمَ النَّقِيل اللاحِب
النَّقِيلُ: الطريق، وثَكَمُه وسطُه، وإِلْحاحُ الدابة وقوفُها على
أَهلها لا تبرح. والنَّقَلُ: مراجعة الكلام في صَخَب؛ قال لبيد:
ولقد يعلَم صحْبي كلُّهم،
بِعَِدانِ السَّيفِ، صَبْري ونَقَلْ
أَبو عبيد: النَّقَل المُناقَلة في المنطِق. وناقَلْتَ فلاناً الحديثَ
إِذا حدَّثته وحدَّثك. ورجل نَقِلٌ: حاضر المنطِق والجواب، وأَنشد للبيد
هذا البيت أَيضاً: صَبْرِي ونَقَلْ.
وقد ناقَله. وتَناقل القومُ الكلامَ بينهم: تنازَعوه؛ فأَما ما أَنشده
ابن الأَعرابي من قول الشاعر:
كانت إِذا غَضِبتْ عليَّ تطلَّمتْ،
وإِذا طَلَبْتُ كلامَها لم تَنْقَل
(* قوله «تطلمت» هكذا في الأصل والمحكم بالطاء المهملة).
قال ابن سيده: فقد يكون من النَّقَل الذي هو حضور المنطِق والجواب، قال:
غير أَنَّا لم نسمع نَقِل الرجل إِذا جاوَب، وإِنما نَقِلٌ عندنا على
النسب لا على الفعل، إِلاَّ أَن نجهل ما علم غيرُنا فقد يجوز أَن تكون
العرب قالت ذلك إِلاَّ أَنه لم يبلغنا نحن، قال: وقد يكون تَنْقَل تَنْفَعِل
من القَوْل كقولك لم تَنْقَد من الانقياد، غير أَنَّا لم نسمعهم قالوا
انْقالَ الرجلُ على شَكْل انْقادَ، قال: وعسى أَن يكون ذلك مَقُولاً أَيضاً
إِلاَّ أَنه لم يصل إِلينا، قال: والأَسبق إِليَّ أَنه من النَّقَل الذي
هو الجواب لأَن ابن الأَعرابي لمَّا فسره قال: معناه لم تُجاوِبني.
والنَّقْل: ما يَعْبَث به الشارب على شَرابه، وروى الأَزهري عن المنذري
عن أَبي العباس أَنه قال: النَّقْل الذي يُتَنَقَّل به على الشَّراب، لا
يقال إِلاّ بفتح النون. الجوهري: والنُّقْل، بالضم، ما يُتَنَقَّل به على
الشراب، وفي بقيَّة النسخ: النَّقْل، بالفتح. وحكى ابن بري عن ابن
خالويه قال: النَّقْل بفتح النون الانْتقال على النبيذ، والعامة تضمُّه. وقال
ابن دريد: النَّقَل، بفتح النون والقاف، الذي يُتنقَّل به على الشراب.
والنَّقَل: المُجادلة. وأَرض ذات نَقَل أَي ذات حجارة؛ قال: ومنه قول
القَتَّال الكلابي:
بَكْرِيُّه يَعْثُرُ في النِّقال
وقول الأَعشى:
غَدَوْتُ عليها، قُبَيْلَ الشُّرو
قِ، إِمَّا نِقالاً وإِمَّا اغْتِمارا
قال بعضهم: النِّقال مُناقَلة الأَقْداح. يقال: شَهِدت نِقالَ بني فلان
أَي مجلِس شَرابهم. وناقَلْت فلاناً أَي نازعته الشرابَ.
والنِّقال: نصالٌ عريضة قصيرة من نِصال السهام، واحدتها نَقْلة، يمانية.
والنَّقَل، بالتحريك، من رِيشات السهام: ما كان على سهم آخر. الجوهري:
النَّقَل، بالتحريك، الريشُ يُنْقَل من سهم فيجعل على سهم آخر؛ يقال: لا
تَرِشْ سهمي بِنَقَل، بفتح القاف؛ قال الكميت يصف صائداً وسهامه:
وأَقدُحٌ كالظُّبَات أَنْصُلُها،
لا نَقَلٌ رِيشُها ولا لَغَبُ
الجوهري: والأَنْقِلاءُ ضرب من التمر بالشام. والنِّقالُ أَيضاً: أَن
تشرَب الإِبل نَهَلاً وعَلَلاً بنفسها من غير أَحد، يقال: فرس مِنْقَل وقد
نَقَلْتها أَنا؛ وقال عدي بن
زيد يصف فرساً:
فَنَقَلْنا صَنْعَه حتى شَتَا
ناعِمَ البال، لَجُوجاً في السَّنَنْ
صَنْعه: حُسْن القيام عليه، والسَّنَن: اسْتِنانُه ونَشاطُه.
قرطس: القِرْطاس: معروف يُتَّخذ من بَرْدِيّ يكون بمصر. والقِرْطاس:
ضَرْب من برُود مصر. والقِرْطاس: أَديم يُنْصَب للنِّضال، ويسمَّى الغَرَض
قِرْطاساً. وكل أَديم ينصَب للنِّضال، فاسمُه قِرطاس، فإِذا أَصابه
الرَّامي قيل: قَرْطَس أَي أَصاب القرطاس، والرَّمْيَةُ التي تُصيب مُقَرْطِسة.
والقَِرْطاس والقُرطاس والقَِرْطَس والقَرْطاس، كله: الصحيفة الثابتة
التي يكتب فيها؛ الأَخيرتان عن اللحياني؛ وأَنشد أَبو زيد لمخشّ العقيلي
يصف رسوم الدار وآثارها كأَنها خَطّ زَبُور كتب في قِرْطاس:
كأَنَّ، بحيثُ اسْتَوْدَع الدارَ أَهلُها،
مَخَطّ زَبُور من دَواة وقَرْطَسِ
وقوله تعالى: ولو نَزَّلنا عليك كتاباً في قِرْطاس؛ أَي في صحيفة، وكذلك
قوله تعالى: يجعلونه قَراطِيس؛ أَي صُحُفاً؛ قال:
عَفَتِ المنازل غير مِثْل الأَنفس،
بعد الزمان عرفته بالقَرْطَس
ابن الأَعرابي: يقال للناقى إِذا كانت فَتِيَّة شابَّة: هي القِرْطاس
والدّيباج والذِّعْلِبَة والدِّعْبِل والعَيْطَموس. ابن الأَعرابي: يقال
للجارِية البيضاء المَدِيدة القامة قِرْطاس. ودابة قِرْطاسِيّ إِذا كان
أَبيض لا يخالط لَونه شِيَة، فإِذا ضرَب بياضُه إِلى الصُّفرة فهو
نَرْجِسِيّ.
جلد: الجِلْدُ والجَلَد: المَسْك من جميع الحيوان مثل شِبْه وشَبَه؛
الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، حكاها ابن السكيت عنه؛ قال: وليست بالمشهورة،
والجمع أَجلاد وجُلود والجِلْدَة أَخص من الجلد؛ وأَما قول عبد مناف بن ربع
الهذلي:
إِذا تَجاوَبَ نَوْحٌ قامتا معه،
ضرباً أَليماً بِسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدا
فإِنما كسر اللام ضرورة لأَن للشاعر أَن يحرك الساكن في القافية بحركة
ما قبله؛ كما قال:
علَّمنا إِخوانُنا بنو عَجِلْ
شُربَ النبيذ، واعتقالاً بالرِّجِلْ.
وكان ابن الأَعرابي يرويه بالفتح ويقول: الجِلْد والجَلَد مِثْلُ مِثْلٍ
ومَثَلٍ وشِبْه وشَبَه؛ قال ابن السكيت: وهذا لا يُعرف، وقوله تعالى
ذاكراً لأَهل النار: حين تشهد عليهم جوارحهم وقالوا لجلُودهم؛ قيل: معناه
لفروجهم كنى عنها بالجُلود؛ قال ابن سيده: وعندي أَن الجلود هنا مُسوكهم
التي تباشر المعاصي؛ وقال الفرّاءُ: الجِلْدُ ههنا الذكر كنى الله عز وجل
عنه بالجلد كما قال عز وجل: أَو جاءَ أَحد منكم من الغائط؛ والغائط:
الصحراء، والمراد من ذلك: أَو قضى أَحد منكم حاجته.
والجِلْدة: الطائفة من الجِلْد. وأَجلاد الإِنسان وتَجالِيده: جماعة
شخصه؛ وقيل: جسمه وبدنه وذلك لأَن الجلد محيط بهما؛ قال الأَسود بن
يعفر:أَما تَرَيْني قد فَنِيتُ، وغاضني
ما نِيلَ من بَصَري، ومن أَجْلادي؟
غاضني: نقصني. ويقال: فلان عظيم الأَجْلاد والتجاليد إِذا كان ضخماً قوي
الأَعضاءِ والجسم، وجمع الأَجلاد أَجالد وهي الأَجسام والأَشخاص. ويقال:
فلان عظيم الأَجلاد وضئيل الأَجلاد، وما أَشبه أَجلادَه بأَجلادِ أَبيه
أَي شخصه وجسمه؛ وفي حديث القسامة أَنه استحلف خمسة نفر فدخل رجل من
غيرهم فقال: ردُّوا الإِيمان على أَجالِدِهم أَي عليهم أَنفسهم، وكذلك
التجاليد؛ وقال الشاعر:
يَنْبي، تَجالِيدي وأَقتادَها،
ناوٍ كرأْسِ الفَدَنِ المُؤيَدِ
وفي حديث ابن سيرين: كان أَبو مسعود تُشْبه تجاليدُه تجاليدَ عمر أَي
جسمُه جسمَه. وفي الحديث: قوم من جِلْدتنا أَي من أَنفسنا وعشريتنا؛ وقول
الأَعشى:
وبَيْداءَ تَحْسَبُ آرامَها
رجالَ إِيادٍ بأَجلادِها
قال الأَزهري: هكذا رواه الأَصمعي، قال: ويقال ما أَشبه أَجلادَه
بأَجلاد أَبيه أَي شخصه بشخوصهم أَي بأَنفسهم، ومن رواه بأَجيادها أَراد
الجودياء بالفارسية الكساءَ.
وعظم مُجَلَّد: لم يبق عليه إِلا الجلد؛ قال:
أَقول لِحَرْفٍ أَذْهَبَ السَّيْرُ نَحْضَها،
فلم يُبْق منها غير عظم مُجَلَّد:
خِدي بي ابتلاكِ اللَّهُ بالشَّوْقِ والهَوَى،
وشاقَكِ تَحْنانُ الحَمام المُغَرِّدِ
وجَلَّدَ الجزور: نزع عنها جلدها كما تسلخ الشاة، وخص بعضهم به البعير.
التهذيب: التجليد للإِبل بمنزلة السلخ للشاءِ. وتجليد الجزور مثل سلخ
الشاة؛ يقال جَلَّدَ جزوره، وقلما يقال: سلخ. ابن الأَعرابي: أَحزرت
(* قوله
«أحزرت» كذا بالأصل بحاء فراء مهملتين بينهما معجمة، وفي شرح القاموس
أجرزت بمعجمتين بينهما مهملة.) الضأْن وحَلَقْتُ المعزى وجلَّدت الجمل، لا
تقول العرب غير ذلك.
والجَلَدُ: أَن يُسلَخَ جلد البعير أَو غيره من الدواب فيُلْبَسَه غيره
من الدواب؛ قال العجاج يصف أَسداً:
كأَنه في جَلَدٍ مُرَفَّل
والجَلَد: جِلْد البوّ يحشى ثُماماً ويخيل به للناقة فتحسبه ولدها إِذا
شمته فترأَم بذلك على ولد غيرها.
غيره: الجَلَد أَن يسلخ جِلْد الحوار ثم يحشى ثماماً أَو غيره من الشجر
وتعطف عليه أُمه فترأَمه. الجوهري: الجَلَد جِلْد حوار يسلخ فيلبس حواراً
آخر لتشمه أُم المسلوخ فترأَمه؛ قال العجاج:
وقد أَراني للغَواني مِصْيَدا
مُلاوَةً، كأَنَّ فوقي جَلَدا
أَي يرأَمنني ويعطفن عليَّ كما ترأَم الناقة الجَلَدَ.
وجلَّد البوَّ: أَلبسه الجِلْد. التهذيب: الجِلْد غشاءُ جسد الحيوان،
ويقال: جِلْدة العين.
والمِجْلدة: قطعة من جِلْد تمسكها النائحة بيدها وتلْطِم بها وجهها
وخدها، والجمع مجاليد؛ عن كراع؛ قال ابن سيده: وعندي أَن المجاليد جمع مِجلاد
لأَن مِفْعلاً ومِفْعالاً يعتقبان على هذا النحو كثيراً. التهذيب: ويقال
لميلاء النائحة مِجْلَد، وجمعه مجالد؛ قال أَبو عبيد: وهي خرق تمسكها
النوائح إِذا نحنَ بأَيديهنّ؛ وقال عدي بن زيد:
إِذا ما تكرّهْتَ الخليقةَ لامْرئٍ،
فلا تَغْشَها، واجْلِدْ سِواها بِمِجْلَد
أَي خذ طريقاً غير طريقها ومذهباً آخر عنها، واضرب في الأَرض لسواها.
والجَلْد: مصدر جَلَده بالسوط يَجْلِدُه جَلْداً ضربه. وامرأَة جَلِيد
وجليدة؛ كلتاهما عن اللحياني، أَي مجلودة من نسوة جَلْدى وجلائد؛ قال ابن
سيده: وعندي أَن جَلْدى جمع جَليد، وجلائد جمع جليدة. وجَلَدَه الحدّ
جلداً أَي ضربه وأَصاب جِلْده كقولك رأَسَه وبَطَنَه. وفرس مُجَلَّد: لا
يجزع من ضرب السوط. وجَلَدْتُ به الأَرضَ أَي صرعته. وجَلَد به الأَرض:
ضربها. وفي الحديث: أَن رجلاً طَلَبَ إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
يُصَلِّي معه بالليل فأَطال النبي، صلى الله عليه وسلم، في الصلاة فجُلِدَ
بالرجل نوماً أَي سقط من شدة النوم. يقال: جُلِدَ به أَي رُميَ إِلى
الأَرض؛ ومنه حديث الزبير: كنت أَتشدّد فيُجلَدُ بي أَي يغلبني النوم حتى
أَقع. ويقال: جَلَدْته بالسيف والسوط جَلْداً إِذا ضربت جِلْدَه.
والمُجالَدَة: المبالطة، وتجالد القوم بالسيوف واجْتَلدوا. وفي الحديث:
فنظر إِلى مُجْتَلَدِ القوم فقال: الآن حَمِيَ الوَطِيسُ، أَي إِلى موضع
الجِلاد، وهو الضرب بالسيف في القتال. وفي حديث أَبي هريرة في بعض
الروايات: أَيُّما رجُلٍ من المسلمين سَبَبْتُه أَو لعنته أَو جَلَدُّه، هكذا
رواه بإِدغام التاءِ في الدال، وهي لغة. وجالَدْناهم بالسيوف مُجالدة
وجِلاداً: ضاربناهم. وجَلَدَتْه الحية: لدغته، وخص بعضهم به الأَسود من
الحيات، قالوا: والأَسود يَجْلِدُ بذنبه.
والجَلَد: القوة والشدة. وفي حديث الطواف: لِيَرى المشركون جَلَدَهم؛
الجَلَد القوّة والصبر؛ ومنه حديث عمر: كان أَخْوفَ جَلْداً أَي قوياً في
نفسه وجسده. والجَلَدُ: الصلابة والجَلادة؛ تقول منه: جَلُد الرجل، بالضم،
فهو جَلْد جَلِيد وبَيِّنُ الجَلَدِ والجَلادَة والجُلودة.
والمَجْلود، وهو مصدر: مثل المحلوف والمعقول؛ قال الشاعر:
واصبِر فإِنَّ أَخا المَجْلودِ من صَبَرا
قال: وربما قالوا رجل جَضْد، يجعلون اللام مع الجيم ضاداً إِذا سكنت.
وقوم جُلْد وجُلَداءُ وأَجلاد وجِلاد، وقد جَلُدَ جَلادَة وجُلودة، والاسم
الجَلَدُ والجُلودُ.
والتَّجَلُّد: تكلف الجَلادة. وتَجَلَّدَ: أَظهر الجَلَدَ؛ وقوله:
وكيف تَجَلُّدُ الأَقوامِ عنه،
ولم يُقْتَلْ به الثَّأْرُ المُنِيم؟
عداه بعن لأَن فيه معنى تصبر.
أَبو عمرو: أَحْرَجْتُهُ لكذا وكذا وأَوْجَيْتُهُ وأَجْلَدْتُه
وأَدْمَغْتُهُ وأَدْغَمْتُه إِذا أَحوجته إِليه.
والجَلَد: الغليظ من الأَرض. والجَلَد: الأَرض الصُّلْبَة؛ قال النابغة:
إِلاَّ الأَواريَ لأْياً ما أُبَيِّنُها،
والنُّؤيُ كالحوض بالمظلومةِ الجَلَدِ
وكذلك الأَجْلَد؛ قال جرير:
أَجالتْ عليهنَّ الروامِسُ بَعْدَنا
دُقاقَ الحصى، من كلِّ سَهْلٍ، وأَجْلَدا
وفي حديث الهجرة: حتى إِذا كنا بأَرض جَلْدة أَي صُلْبة؛ ومنه حديث
سراقة: وحل بي فرسي وإِني لفي جَلَد من الأَرض. وأَرض جَلَد: صلبة مستوية
المتن غليظة، والجمع أَجلاد؛ قاله أَبو حنيفة: أَرض جَلَدٌ، بفتح اللام،
وجَلْدة، بتسكين اللام، وقال مرة: هي الأَجالد، واحدها جَلَد؛ قال ذو
الرمة:فلما تَقَضَّى ذاك من ذاك، واكتَسَت
مُلاءً من الآلِ المِتانُ الأَجالِدُ
الليث: هذه أَرض جَلْدَة ومكان جَلَدَةٌ
(* قوله «ومكان جلدة» كذا
بالأصل وعبارة شرح القاموس؛ وقال الليث هذه أرض جلدة وجلدة ومكان جلد.) ومكان
جَلَد، والجمع الجلَدات.
والجلاد من النخل: الغزيرة، وقيل هي التي لا تبالي بالجَدْب؛ قال سويد
بن الصامت الأَنصاري:
أَدِينُ وما دَيْني عليكم بِمَغْرَم،
ولكن على الجُرْدِ الجِلادِ القَراوِح
قال ابن سيده: كذا رواه أَبو حنيفة، قال: ورواه ابن قتيبة على الشم،
واحدتها جَلْدَة. والجِلادُ من النخل: الكبار الصِّلاب، وفي حديث عليّ،
كرَّم الله تعالى وجهه: كنت أَدْلُوا بتَمْرة اشترطها جَلْدة؛ الجَلْدة،
بالفتح والكسر: هي اليابسة اللحاءِ الجيدة.
وتمرة جَلْدَة: صُلْبة مكتنزة؛ وأَنشد:
وكنتُ، إِذا ما قُرِّب الزادُ، مولَعاً
بكلّ كُمَيْتٍ جَلْدَةٍ لم تُوَسَّفِ
والجِلادُ من الإِبِلِ: الغزيرات اللبن، وهي المَجاليد، وقيل: الجِلادُ
التي لا لبن لها ولا نِتاح؛ قال:
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ، ولم يكنْ
لِعُقْبَةَ قِدْرُ المسْتَعير بن مُعْقِب
والجَلَد: الكبار من النوق التي لا أَولاد لها ولا أَلبان، الواحدة
بالهاءِ؛ قال محمد بن المكرم: قوله لا أَولاد لها الظاهر منه أَن غرضه لا
أَولاد لها صغار تدر عليها، ولا يدخل في ذلك الأَولاد الكبار، والله أَعلم.
والجَلْد، بالتسكين: واحدة الجِلاد وهي أَدسم الإِبل لبناً. وناقة
جَلْدة: مِدْرار؛ عن ثعلب، والمعروف أَنها الصلبة الشديدة. وناقة جَلْدة ونوق
جَلَدات، وهي القوية على العمل والسير. ويقال للناقة الناجية: جَلْدَة
وإِنها لذات مَجْلود أَي فيها جَلادَة؛ وأَنشد:
من اللواتي إِذا لانَتْ عريكَتُها،
يَبْقى لها بعدَها أَلٌّ ومَجْلود
قال أَبو الدقيش: يعني بقية جلدها. والجَلَد من الغنم والإِبِل: التي لا
أَولاد لها ولا أَلبان لها كأَنه اسم للجمع؛ وقيل: إِذا مات ولد الشاة
فهي جَلَدٌ وجمعها جِلاد وجَلَدَة، وجمعها جَلَد؛ وقيل: الجَلَدُ والجلَدة
الشاة التي يموت ولدها حين تضعه. الفراء: إِذا ولدت الشاة فمات ولدها
فهي شاة جَلَد، ويقال لها أَيضاً جَلَدَة، وجمع جَلَدَة جَلَد وجَلَدات.
وشاة جَلَدة إِذا لم يكن لها لبن ولا ولد. والجَلَد من الإِبل: الكبار التي
لا صغار فيها؛ قال:
تَواكَلَها الأَزْمانُ حتى أَجاءَها
إِلى جَلَدٍ منها قليلِ الأَسافِل
قال الفراء: الجَلَدُ من الإِبل التي لا أَولاد معها فتصبر على الحر
والبرد؛ قال الأَزهري: الجَلَد التي لا أَلبان لها وقد ولى عنها أَولادها،
ويدخل في الجَلَدِ بنات اللبون فما فوقها من السن، ويجمع الجَلَدَ
أَجْلادٌ وأَجاليدُ، ويدخل فيها المخاض والعشار والحيال فإِذا وضعت أَولادها زال
عنها اسم الجَلَدِ وقيل لها العشار واللقاح، وناقة جَلْدة: لا تُبالي
البرد؛ قال رؤبة:
ولم يُدِرُّوا جَلْدَةً بِرْعِيسا
وقال العجاج:
كأَنَّ جَلْداتِ المِخاضِ الأُبَّال،
يَنْضَحْنَ في حَمْأَتِهِ بالأَبوال،
من صفرة الماءِ وعهد محتال
أَي متغير من قولك حال عن العهد أَي تغير عنه.
ويقال: جَلَدات المخاض شدادها وصلابها.
والجَليد: ما يسقط من السماءِ على الأَرض من الندى فيجمد. وأَرض
مَجْلُودة: أَصابها الجليد. وجُلِدَتِ الأَرضُ من الجَلِيد، وأُجْلِد الناسُ
وجَلِدَ البَقْلُ، ويقال في الصّقِيعَ والضَّريب مِثْله. والجليد: ما جَمَد
من الماء وسقط على الأَرض من الصقيع فجمد.
الجوهري: الجليد الضَّريب والسَّقيطُ، وهو ندى يسقط من السماء فيَجْمُد
على الأَرض. وفي الحديث: حُسْنُ الخُلُق يُذيبُ الخطايا كما تُذيبُ الشمس
الجليدَ؛ هو الماء الجامد من البرد.
وإِنه ليُجْلَدُ بكل خير أَي يُظَن به، ورواه أَبو حاتم يُجْلَذُ،
بالذال المعجمة. وفي حديث الشافعي: كان مُجالد يُجْلَد أَي كان يتهم ويرمى
بالكذب فكأَنه وضع الظن موضع التهمة.
واجْتَلَد ما في الإِناء: شربه كله. أَبو زيد: حملت الإِناء فاجتلدته
واجْتَلَدْتُ ما فيه إِذا شربت كل ما فيه. سلمة: القُلْفَة والقَلَفَة
والرُّغْلَة والرَّغَلَة والغُرْلَة
(* قوله «والغرلة» كذا بالأصل والمناسب
حذفه كما هو ظاهر.) والجُلْدَة: كله الغُرْلة؛ قال الفرزدق:
مِنْ آلِ حَوْرانَ، لم تَمْسَسْ أُيورَهُمُ
مُوسَى، فَتُطْلِعْ عليها يابِسَ الْجُلَد
قال: وقد ذكر الأُرْلَة؛ قال: ولا أَدري بالراء أَو بالدال كله الغرلة؛
قال: وهو عندي بالراء. والمُجلَّدُ: مقدار من الحمل معلوم المكيلة
والوزن. وصرحت بِجِلْدان وجِلْداء؛ يقال ذلك في الأَمر إِذا بان. وقال
اللحياني: صرحت بِجِلْدان أَي بِجدٍّ.
وبنو جَلْد: حيّ.
وجَلْدٌ وجُلَيْدٌ ومُجالِدٌ: أَسماء؛ قال:
نَكَهْتُ مُجالداً وشَمِمْتُ منه
كَريح الكلب، مات قَريبَ عَهْدِ
فقلت له: متى استَحْدَثْتَ هذا؟
فقال: أَصابني في جَوْفِ مَهْدِي
وجَلُود: موضع بأَفْريقيَّة؛ ومنه: فلان الجَلوديّ، بفتح الجيم، هو
منسوب إِلى جَلود قرية من قرى أَفريقية، ولا تقل الجُلودي، بضم الجيم،
والعامة تقول الجُلُودي.
وبعير مُجْلَنْدٌ: صلب شديد.
وجْلَنْدى: اسم رجل؛ وقوله:
وجْلَنْداء في عُمان مقيما
(قوله «وجلنداء إلخ» كذا في الأصل بهذا الضبط. وفي القاموس وجلنداء، بضم
أَوله وفتح ثانيه ممدودة وبضم ثانيه مقصورة: اسم ملك عمان، ووهم الجوهري
فقصره مع فتح ثانيه، قال الأعشى وجلنداء اهـ بل سيأتي للمؤلف في جلند
نقلاً عن ابن دريد انه يمد ويقصر.)
إِنما مده للضرورة، وقد روي:
وجْلَنْدى لَدى عُمانَ مُقيما
الجوهري: وجُلَنْدى، بضم الجيم مقصور، اسم ملك عمان.
حرر: الحَرُّ: ضِدُّ البَرْدِ، والجمع حُرُورٌ وأَحارِرُ على غير قياس
من وجهين: أَحدهما بناؤه، والآخر إِظهار تضعيفه؛ قال ابن دريد: لا أَعرف
ما صحته. والحارُّ: نقيض البارد. والحَرارَةُ: ضِدُّ البُرُودَةِ. أَبو
عبيدة: السَّمُومُ الريح الحارة بالنهار وقد تكون بالليل، والحَرُورُ:
الريح الحارَّة بالليل وقد تكون بالنهار؛ قال العجاج:
ونَسَجَتْ لَوافِحُ الحَرُورِ
سَبائِباً، كَسَرَقِ الحَريرِ
الجوهري: الحَرُورُ الريح الحارَّة، وهي بالليل كالسَّمُوم بالنهار؛
وأَنشد ابن سيده لجرير:
ظَلِلْنا بِمُسْتَنِّ الحَرُورِ، كأَنَّنا
لَدَى فَرَسٍ مْسْتَقْبِلِ الرِّيحِ صائم
مستن الحرور: مشتدّ حرها أَي الموضع الذي اشتدّ فيه؛ يقول: نزلنا هنالك
فبنينا خِباءً عالياً ترفعه الريح من جوانبه فكأَنه فرس صائم أَي واقف
يذب عن نفسه الذباب والبعوض بسَبِيبِ ذَنَبِهِ، شبه رَفْرَفَ الفُسْطاطِ
عند تحركه لهبوب الريح بسَبِيبِ هذا الفرس. والحَرُورُ: حر الشمس،
وقيل:الحَرُورُ استيقاد الحرّ ولَفْحُه، وهو يكون بالنهار والليل، والسَّمُوم لا
يكون إِلا بالنهار. وفي التنزيل: ولا الظِّلُّ ولا الحَرُورُ؛ قال ثعلب:
الظل ههنا الجنة والحرور النار؛ قال ابن سيده: والذي عندي أَن الظل هو
الظل بعينه، والحرور الحرّ بعينه؛ وقال الزجاج: معناه لا يستوي أَصحاب الحق
الذين هم في ظل من الحق، وأَصحاب الباطل الذين هم في حَرُورٍ أَي حَرٍّ
دائم ليلاً ونهاراً، وجمع الحَرُور حَرائِرُ؛ قال مُضَرِّسٌ:
بِلَمَّاعَةٍ قد صادَفَ الصَّيْفُ ماءَها،
وفاضَتْ عليها شَمْسُهُ وحَرائِرُهْ
وتقول
(* قوله: «وتقول إِلخ» حاصله أنه من باب ضرب وقعد وعلم كما في
القاموس والمصباح وغيرهما، وقد انفرد المؤلف بواحدة وهي كسر العين في الماضي
والمضارع): حَرَّ النهارُ وهو يَحِرُّ حَرّاً وقد حَرَرْتَ يا يوم
تَحُرُّ، وحَرِرْتَ تَحِرُّ، بالكسر، وتَحَرُّ؛ الأَخيرة عن اللحياني، حَرّاً
وحَرَّةً وحَرارَةً وحُرُوراً أَي اشتدَّ حَرُّكَ؛ وقد تكون الحَرارَةُ
للاسم، وجمعها حينئذ حَراراتٌ؛ قال الشاعر:
بِدَمْعٍ ذِي حَراراتٍ،
على الخَدَّيْنِ، ذي هَيْدَبْ
وقد تكون الحَراراتُ هنا جمع حَرَارَةٍ الذي هو المصدر إِلا أَن
الأَوَّل أَقرب.
قال الجوهري: وأَحَرَّ النهارُ لغة سمعها الكسائي. الكسائي: شيء حارٌّ
يارٌّ جارٌّ وهو حَرَّانُ يَرَّانُ جَرَّانُ. وقال اللحياني: حَرِرْت يا
رجل تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارَةً؛ قال ابن سيده: أُراه إِنما يعني الحَرَّ
لا الحُرِّيَّةَ. وقال الكسائي: حَرِرْتَ تَحَرُّ من الحُرِّيَّةِ لا غير.
وقال ابن الأَعرابي: حَرَّ يَحَرُّ حَراراً إِذا عَتَقَ، وحَرَّ يَحَرُّ
حُرِّيَّةً من حُرِّيَّة الأَصل، وحَرَّ الرجلُ يَحَرُّ حَرَّةً عَطِشَ؛
قال الجوهري: فهذه الثلاثة بكسر العين في الماضي وفتحها في المستقبل.
وفي حديث الحجاج: أَنه باع مُعْتَقاً في حَرارِه؛ الحرار، بالفتح: مصدر من
حَرَّ يَحَرُّ إِذا صار حُرّاً، والاسم الحُرِّيَّةُ. وحَرَّ يَحِرُّ
إِذا سَخُنَ ماء أَو غيره. ابن سيده: وإِني لأَجد حِرَّةً وقِرَّة لله أَي
حَرّاً وقُرّاً؛ والحِرَّةُ والحَرارَةُ: العَطَشُ، وقيل: شدته. قال
الجوهري: ومنه قولهم أَشَدُّ العطش حِرَّةٌ على قِرَّةٍ إِذا عطش في يوم بارد،
ويقال: إِنما كسروا الحرّة لمكان القرَّة.
ورجل حَرَّانُ: عَطْشَانُ من قوم حِرَارٍ وحَرارَى وحُرارَى؛ الأَخيرتان
عن اللحياني؛ وامرأَة حَرَّى من نسوة حِرَارٍ وحَرارَى: عَطْشى. وفي
الحديث: في كل كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ؛ الحَرَّى، فَعْلَى، من الحَرِّ وهي
تأْنيث حَرَّان وهما للمبالغة يريد أَنها لشدة حَرِّها قد عَطِشَتْ
ويَبِسَتْ من العَطَشِ، قال ابن الأَثير: والمعنى أَن في سَقْي كل ذي كبد حَرَّى
أَجراً، وقيل: أَراد بالكبد الحرى حياة صاحبها لأَنه إِنما تكون كبده حرى
إِذا كان فيه حياة يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان، ويشهد له ما جاء
في الحديث الآخر: في كل كبد حارّة أَجر، والحديث الآخر: ما دخل جَوْفي ما
يدخل جَوْفَ حَرَّانِ كَبِدٍ، وما جاء في حديث ابن عباس: أَنه نهى
مضارِبه أَن يشتري بماله ذا كَبِدٍ رَطْبَةٍ، وفي حديث آخر: في كل كبد حرى رطبة
أَجر؛ قال: وفي هذه الرواية ضعف، فأَما معنى رطبة فقيل: إِن الكبد إِذا
ظمئت ترطبت، وكذا إِذا أُلقيت على النار، وقيل: كنى بالرطوبة عن الحياة
فإِن الميت يابس الكبد، وقيل: وصفها بما يؤول أَمرها إِليه.
ابن سيده: حَرَّتْ كبده وصدره وهي تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارَةً وحَراراً؛
قال:
وحَرَّ صَدْرُ الشيخ حتى صَلاَّ
أَي التهبتِ الحَرَارَةُ في صدره حتى سمع لها صَليلٌ، واسْتَحَرَّتْ،
كلاهما: يبست كبده من عطش أَو حزن، ومصدره الحَرَرُ. وفي حديث عيينة بن
حِصْنٍ: حتى أُذِيقَ نَسَاهُ من الحَرِّ مِثْلَ ما أَذَاقَ نَسايَ؛ يعني
حُرْقَةَ القلب من الوجع والغيظ والمشقة؛ ومنه حديث أُم المهاجر: لما نُعِيَ
عُمَرُ قالت: واحَرَّاه فقال الغلام: حَرٌّ انْتَشَر فملأَ البَشَرَ،
وأَحَرَّها اللهُ.
والعرب تقول في دعائها على الإِنسان: ما له أَحَرَّ اللهُ صَدْرَه أَي
أَعطشه وقيل: معناه أَعْطَشَ الله هامَتَه. وأَحَرَّ الرجلُ، فهو مُحِرٌّ
أَي صارت إِبله حِرَاراً أَي عِطاشاً. ورجل مُحِرٌّ: عطشت إِبله. وفي
الدعاء: سلط الله عليه الحِرَّةَ تحت القِرَّةِ يريد العطش مع البرد؛
وأَورده ابن سيده منكراً فقال: ومن كلامهم حِرَّةٌ تحت قِرَّةٍ أَي عطشٌ في
يوم بارد؛ وقال اللحياني: هو دعاء معناه رماه الله بالعطش والبرد. وقال
ابن دريد: الحِرَّةُ حرارة العطش والتهابه. قال: ومن دعائهم: رماه الله
بالحِرَّةِ والقِرَّةِ أَي بالعطش والبرد.
ويقال: إِني لأَجد لهذا الطعام حَرْوَةً في فمي أَي حَرارةً ولَذْعاً.
والحَرارَةُ: حُرْقَة في الفم من طعم الشيء، وفي القلب من التوجع،
والأَعْرَفُ الحَرْوَةُ، وسيأْتي ذكره.
وقال ابن شميل: الفُلْفُلُ له حَرارَة وحَراوَةٌ، بالراء والواو.
والحَرَّة: حرارة في الحلق، فإِن زادت فهي الحَرْوَةُ ثم الثَّحْثَحَة
ثم الجَأْزُ ثم الشَّرَقُ ثم الْفُؤُقُ ثم الحَرَضُ ثم العَسْفُ، وهو عند
خروج الروح.
وامرأَة حَرِيرَةٌ: حزينة مُحْرَقَةُ الكبد؛ قال الفرزدق يصف نساء
سُبِينَ فضربت عليهن المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ وهي القِدَاحُ:
خَرَجْنَ حَرِيراتٍ وأَبْدَيْنَ مِجْلَداً،
ودارَتْ عَلَيْهِنَّ المُقَرَّمَةُ الصُّفْرُ
وفي التهذيب: المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ؛ وحَرِيراتٌ أَي محرورات يَجِدْنَ
حَرارَة في صدورهن، وحَرِيرَة في معنى مَحْرُورَة، وإِنما دخلتها الهاء
لما كانت في معنى حزينة، كما أُدخلت في حَمِيدَةٍ لأَنها في معنى
رَشِيدَة. قال: والمِجْلَدُ قطعة من جلد تَلْتَدِمُ بها المرأَة عند المصيبة.
والمُكَتَّبَةُ: السهام التي أُجِيلَتْ عليهن حين اقتسمن واستهم عليهن.
واسْتَحَرَّ القتلُ وحَرَّ بمعنى اشتدَّ. وفي حديث عمر وجَمْع القرآن:
إِن القتل قد اسْتَحَرَّ يوم اليمامة بِقُرَّاءِ القرآن؛ أَي اشتدَّ وكثر،
وهو استفعل من الحَرِّ: الشِّدَّةِ؛ ومنه حديث عليٍّ: حَمِسَ الوَغَى
واسْتَحَرَّ الموتُ. وأَما ما ورد في حديث علي، عليه السلام: أَنه قال
لفاطمة: لو أَتَيْتِ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، فسأَلته خادماً يَقِيكَ
حَرَّ ما أَنتِ فيه من العمل، وفي رواية: حارَّ ما أَنت فيه، يعني التعب
والمشقة من خدمة البيت لأَن الحَرارَةَ مقرونة بهما، كما أَن البرد مقرون
بالراحة والسكون. والحارُّ: الشاق المُتْعِبُ: ومنه حديث الحسن بن علي قال
لأَبيه لما أَمره بجلد الوليد بن عقبة: وَلِّ حارَّها من تَوَلَّى
قارَّها أَي وَلِّ الجَلْدَ من يَلْزَمُ الوليدَ أَمْرُه ويعنيه شأْنُه،
والقارّ: ضد الحارّ.
والحَرِيرُ: المَحْرُورُ الذي تداخلته حَرارَةُ الغيظ وغيره.
والحَرَّةُ: أَرض ذات حجارة سود نَخِراتٍ كأَنها أُحرقت بالنار.
والحَرَّةُ من الأَرضين: الصُّلبة الغليظة التي أَلبستها حجارة سود نخرة كأَنها
مطرت، والجمع حَرَّاتٌ وحِرَارٌ؛ قال سيبويه: وزعم يونس أَنهم يقولون
حَرَّةٌ وحَرُّونَ، جمعوه بالواو والنون، يشبهونه بقولهم أَرض وأَرَضُونَ
لأَنها مؤنثة مثلها؛ قال: وزعم يونس أَيضاً أَنهم يقولون حَرَّةٌ
وإِحَرُّونَ يعني الحِرارَ كأَنه جمع إِحَرَّةٍ ولكن لا يتكلم بها؛ أَنشد ثعلب
لزيد بن عَتاهِيَةَ التميمي، وكان زيد المذكور لما عظم البلاء بصِفِّين قد
انهزم ولحق بالكوفة، وكان عليّ، رضي الله عنه، قد أَعطى أَصحابه يوم الجمل
خمسمائة خمسمائة من بيت مال البصرة، فلما قدم زيد على أَهله قالت له
ابنته: أَين خمس المائة؟ فقال:
إِنَّ أَباكِ فَرَّ يَوْمَ صِفِّينْ،
لما رأَى عَكّاً والاشْعَرِيين،
وقَيْسَ عَيْلانَ الهَوازِنيين،
وابنَ نُمَيرٍ في سراةِ الكِنْدِين،
وذا الكَلاعِ سَيِّدَ اليمانين،
وحابساً يَسْتَنُّ في الطائيين،
قالَ لِنَفْسِ السُّوءِ: هَلْ تَفِرِّين؟
لا خَمْسَ إِلا جَنْدَلُ الإِحَرِّين،
والخَمْسُ قد جَشَّمْنَكِ الأَمَرِّين،
جَمْزاً إِلى الكُوفةِ من قِنِّسْرِينْ
ويروى: قد تُجْشِمُكِ وقد يُجْشِمْنَكِ. وقال ابن سيده: معنى لا خمس ما
ورد في حديث صفين أَن معاوية زاد أَصحابه يوم صفين خمسمائة فلما
التَقَوْا بعد ذلك قال أَصحاب علي، رضوان الله عليه:
لا خمس إِلا جندل الإِحرِّين
أَرادوا: لا خمسمائة؛ والذي ذكره الخطابي أَن حَبَّةَ العُرَنيَّ قال:
شهدنا مع عليّ يوم الجَمَلِ فقسم ما في العسكر بيننا فأَصاب كل رجل منا
خمسمائة خمسمائة، فقال بعضهم يوم صفين الأَبيات. قال ابن الأَثير: ورواه
بعضهم لا خِمس، بكسر الخاء، من وِردِ الإِبل. قال: والفتح أَشبه بالحديث،
ومعناه ليس لك اليوم إِلا الحجارة والخيبة، والإِحَرِّينَ: جمع الحَرَّةِ.
قال بعض النحويين: إِن قال قائل ما بالهم قالوا في جمع حَرَّةٍ
وإِحَرَّةَ حَرُّونَ وإِحَرُّون، وإِنما يفعل ذلك في المحذوف نحو ظُبَةٍ وثُبة،
وليست حَرَّة ولا إِحَرَّة مما حذف منه شيء من أُصوله، ولا هو بمنزلة أَرض
في أَنه مؤَنث بغير هاء؟ فالجواب: إِن الأَصل في إِحَرَّة إِحْرَرَةٌ،
وهي إِفْعَلَة، ثم إنهم كرهوا اجتماع حرفين متحركين من جنس واحد، فأَسكنوا
الأَوَّل منهما ونقلوا حركته إِلى ما قبله وأَدغموه في الذي بعده، فلما
دخل على الكلمة هذا الإِعلال والتوهين، عوّضوها منه أَن جمعوها بالواو
والنون فقالوا: إِحَرُّونَ، ولما فعلوا ذلك في إِحَرَّة أَجروا عليها
حَرَّة، فقالوا: حَرُّونَ، وإِن لم يكن لحقها تغيير ولا حذف لأَنها أُخت
إِحَرَّة من لفظها ومعناها، وإِن شئت قلت: إِنهم قد أَدغموا عين حَرَّة في
لامها، وذلك ضرب من الإِعلال لحقها؛ وقال ثعلب: إِنما هو الأَحَرِّينَ، قال:
جاء به على أَحَرَّ كأَنه أَراد هذا الموضع الأَحَرَّ أَي الذي هو
أَحَرُّ من غيره فصيره كالأَكرمين والأَرحمين. والحَرَّةُ: أَرض بظاهر المدينة
بها حجارة سود كبيرة كانت بها وقعة. وفي حديث جابر: فكانت زيادة رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، معي لا تفارقني حتى ذهبتْ مني يوم الحَرَّةِ؛
قال ابن الأَثير: قد تكرر ذكر الحرّة ويومها في الحديث وهو مشهور في
الإِسلام أَيام يزيد بن معاوية، لما انتهب المدينة عسكره من أَهل الشام الذين
ندبهم لقتال أَهل المدينة من الصحابة والتابعين، وأَمَّر عليهم مسلم بن
عقبة المرّي في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وعقيبها هلك يزيد. وفي التهذيب:
الحَرَّة أَرض ذات حجارة سود نخرة كأَنما أُحرقت بالنار. وقال ابن شميل:
الحَرَّة الأَرض مسيرة ليلتين سريعتين أَو ثلاث فيها حجارة أَمثال الإِبل
البُروك كأَنما شُيِّطَتْ بالنار، وما تحتها أَرض غليظة من قاع ليس
بأَسود، وإِنما سوَّدها كثرة حجارتها وتدانيها. وقال ابن الأَعرابي: الحرّة
الرجلاء الصلبة الشديدة؛ وقال غيره: هي التي أَعلاها سود وأَسفلها بيض.
وقال أَبو عمرو: تكون الحرّة مستديرة فإِذا كان منها شيء مستطيلاً ليس بواسع
فذلك الكُرَاعُ. وأَرض حَرِّيَّة: رملية لينة. وبعير حَرِّيٌّ: يرعى في
الحَرَّةِ، وللعرب حِرارٌ معروفة ذوات عدد، حَرَّةُ النار لبني سُليم،
وهي تسمى أُم صَبَّار، وحَرَّة ليلَى وحرة راجِل وحرة واقِم بالمدينة وحرة
النار لبني عَبْس وحرة غَلاَّس؛ قال الشاعر:
لَدُنْ غُدْوَةٍ حتى استغاث شَريدُهُمْ،
بِحَرَّةِ غَلاَّسٍ وشِلْوٍ مُمزَّقِ
والحُرُّ، بالضم: نقيض العبد، والجمع أَحْرَارٌ وحِرارٌ؛ الأَخيرة عن
ابن جني. والحُرَّة: نقيض الأَمة، والجمع حَرائِرُ، شاذ؛ ومنه حديث عمر قال
للنساء اللاتي كنَّ يخرجن إِلى المسجد: لأَرُدَّنَّكُنَّ حَرائِرَ أَي
لأُلزمنكنّ البيوت فلا تخرجن إِلى المسجد لأَن الحجاب إِنما ضرب على
الحرائر دون الإِماء.
وحَرَّرَهُ: أَعتقه. وفي الحديث: من فعل كذا وكذا فله عَِدْلِ
مُحَرَّرٍ؛ أَي أَجر مُعْتَق؛ المحرَّر: الذي جُعل من العبيد حرّاً فأُعتق. يقال:
حَرَّ العبدُ يَحَرُّ حَرارَةً، بالفتح، أَي صار حُرّاً؛ ومنه حديث أَبي
هريرة: فأَنا أَبو هريرة المُحَرَّرُ أَي المُعْتَقُ، وحديث أَبي
الدرداء: شراركم الذين لا يُعْتَقُ مُحَرَّرُهم أَي أَنهم إِذا أَعتقوه استخدموه
فإِذا أَراد فراقهم ادَّعَوْا رِقَّهُ
(* قوله: «ادّعوا رقه» فهو محرر
في معنى مسترق. وقيل إِن العرب كانوا إِذا أَعتقوا عبداً باعوا ولاءه
ووهبوه وتناقلوه تناقل الملك، قال الشاعر:
فباعوه عبداً ثم باعوه معتقاً، * فليس له حتى الممات خلاص
كذا بهامش النهاية). وفي حديث أَبي بكر: فمنكم عَوْفٌ الذي يقال فيه لا
حُرَّ بوادي عوف؛ قال: هو عوف بنُ مُحَلِّمِ بن ذُهْلٍ الشَّيْباني، كان
يقال له ذلك لشرفه وعزه، وإِن من حل واديه من الناس كانوا له كالعبيد
والخَوَل، وسنذكر قصته في ترجمة عوف، وأَما ما ورد في حديث ابن عمر أَنه قال
لمعاوية: حاجتي عَطاءُ المُحَرَّرينَ، فإِن رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، إِذا جاءه شيء لم يبدأْ بأَوّل منهم؛ أَراد بالمحرّرين الموالي وذلك
أَنهم قوم لا ديوان لهم وإِنما يدخلون في جملة مواليهم، والديوان إِنما
كان في بني هاشم ثم الذين يلونهم في القرابة والسابقة والإِيمان، وكان
هؤلاء مؤخرين في الذكر فذكرهم ابن عمر وتشفع في تقديم إِعطائهم لما علم من
ضعفهم وحاجتهم وتأَلفاً لهم على الإِسلام.
وتَحْرِيرُ الولد: أَن يفرده لطاعة الله عز وجل وخدمة المسجد. وقوله
تعالى: إِني نذرت لك ما في بطني مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ منِّي؛ قال الزجاج:
هذا قول امرأَة عمران ومعناه جعلته خادماً يخدم في مُتَعَبَّداتك، وكان
ذلك جائزاً لهم، وكان على أَولادهم فرضاً أَن يطيعوهم في نذرهم، فكان
الرجل ينذر في ولده أَن يكون خادماً يخدمهم في متعبدهم ولعُبَّادِهم، ولم يكن
ذلك النذر في النساء إِنما كان في الذكور، فلما ولدت امرأَة عمران مريم
قالت: رب إِني وضعتها أُنثى، وليست الأُنثى مما تصلح للنذر، فجعل الله من
الآيات في مريم لما أَراده من أَمر عيسى، عليه السلام، أَن جعلها
متقبَّلة في النذر فقال تعالى: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ.
والمُحَرَّرُ: النَّذِيرُ. والمُحَرَّرُ: النذيرة، وكان يفعل ذلك بنو
إِسرائيل، كان أَحدهم ربما ولد له ولد فربما حَرَّرَه أَي جعله نذيرة في
خدمة الكنيسة ما عاش لا يسعه تركها في دينه. وإِنه لَحُرٌّ: بَيِّنُ
الحُرِّية والحَرورَةِ والحَرُورِيَّةِ والحَرارَة والحَرارِ، بفتح الحاء؛
قال:فلو أَنْكِ في يوم الرَّخاء سأَلْتِني
فراقَكِ، لم أَبْخَلْ، وأَنتِ صَدِيقُ
فما رُدَّ تزوِيجٌ عليه شَهادَةٌ،
ولا رُدَّ من بَعْدِ الحَرارِ عَتِيقُ
والكاف في أَنك في موضع نصب لأَنه أَراد تثقيل أَن فخففها؛ قال شمر:
سمعت هذا البيت من شيخ باهلة وما علمت أَن أَحداً جاء به؛ وقال ثعلب: قال
أَعرابيّ ليس لها أَعْراقٌ في حَرارٍ ولكنْ أَعْراقُها في الإِماء.
والحُرُّ من الناس: أَخيارهم وأَفاضلهم. وحُرِّيَّةُ العرب: أَشرافهم؛ وقال ذو
الرمة:
فَصَارَ حَياً، وطَبَّقَ بَعْدَ خَوْفٍ
على حُرِّيَّةِ العَرَبِ الهُزالى
أَي على أَشرافهم. قال: والهزالَى مثل السُّكارى، وقيل: أَراد الهزال
بغير إِمالة؛ ويقال: هو من حُرِّيَةِ قومه أَي من خالصهم. والحُرُّ من كل
شيء: أَعْتَقُه. وفرس حُرٌّ: عَتِيقٌ. وحُرُّ الفاكهةِ: خِيارُها.
والحُرُّ: رُطَبُ الأَزَاذ. والحُرُّ: كلُّ شيء فاخِرٍ من شِعْرٍ أَو غيره.
وحُرُّ كل أَرض: وسَطُها وأَطيبها. والحُرَّةُ والحُرُّ: الطين الطَّيِّبُ؛
قال طرفة:
وتَبْسِمُ عن أَلْمَى كأَنَّ مُنَوِّراً،
تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ، دِعْصٌ له نَدُّ
وحُرُّ الرمل وحُرُّ الدار: وسطها وخيرها؛ قال طرفة أَيضاً:
تُعَيِّرُني طَوْفِي البِلادَ ورِحْلَتِي،
أَلا رُبَّ يومٍ لي سِوَى حُرّ دارِك
وطينٌ حُرٌّ: لا رمل فيه. ورملة حُرَّة: لا طين فيها، والجمع حَرائِرُ.
والحُرُّ: الفعل الحسن. يقال: ما هذا منك بِحُرٍّ أَي بِحَسَنٍ ولا جميل؛
قال طرفة:
لا يَكُنْ حُبُّكِ دَاءً قاتِلاً،
ليس هذا مِنْكِ، ماوِيَّ، بِحُرّ
أَي بفعل حسن. والحُرَّةُ: الكريمة من النساء؛ قال الأَعشى:
حُرَّةٌ طَفْلَةُ الأَنامِلِ تَرْتَبْـ
ـبُ سُخاماً، تَكُفُّه بِخِلالِ
قال الأَزهري: وأَما قول امرئ القيس:
لَعَمْرُكَ ما قَلْبِي إِلى أَهله بِحُرْ،
ولا مُقْصِرٍ، يوماً، فَيَأْتِيَنِي بِقُرْ
إِلى أَهله أَي صاحبه. بحرّ: بكريم لأَنه لا يصبر ولا يكف عن هواه؛
والمعنى أَن قلبه يَنْبُو عن أَهله ويَصْبُو إِلى غير أَهله فليس هو بكريم في
فعله؛ ويقال لأَوّل ليلة من الشهر: ليلةُ حُرَّةٍ، وليلةٌ حُرَّةٌ،
ولآخر ليلة: شَيْباءُ. وباتت فلانة بليلةِ حُرَّةٍ إِذا لم تُقْتَضَّ ليلة
زفافها ولم يقدر بعلها على اقْتِضاضِها؛ قال النابغة يصف نساء:
شُمْسٌ مَوانِعُ كلِّ ليلةٍ حُرَّةٍ،
يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ
الأَزهري: الليث: يقال لليلة التي تزف فيها المرأَة إِلى زوجها فلا يقدر
فيها على اقْتضاضها ليلةُ حُرَّةٍ؛ يقال: باتت فلانةُ بليلة حُرَّةٍ؛
وقال غير الليث: فإِن اقْتَضَّها زوجها في الليلة التي زفت إِليه فهي
بِلَيْلَةٍ شَيْبَاءَ. وسحابةٌ حُرَّةٌ: بِكْرٌ يصفها بكثرة المطر. الجوهري:
الحُرَّةُ الكريمة؛ يقال: ناقة حُرَّةٌ وسحابة حُرَّة أَي كثيرة المطر؛
قال عنترة:
جادَتْ عليها كُلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ،
فَتَرَكْنَ كلَّ قَرارَةٍ كالدِّرْهَمِ
أَراد كل سحابة غزيرة المطر كريمة. وحُرُّ البَقْلِ والفاكهة والطين:
جَيِّدُها. وفي الحديث: ما رأَيت أَشْبَهَ برسولِ الله، صلى الله عليه
وسلم، من الحُسن إِلا أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان أَحَرَّ حُسْناً
منه؛ يعني أَرَقَّ منه رِقَّةَ حُسْنٍ.
وأَحْرارُ البُقُول: ما أُكل غير مطبوخ، واحدها حُرٌّ؛ وقيل: هو ما
خَشُنَ منها، وهي ثلاثة: النَّفَلُ والحُرْبُثُ والقَفْعَاءُ؛ وقال أَبو
الهيثم: أَحْرَارُ البُقُول ما رَقَّ منها ورَطُبَ، وذُكُورُها ما غَلُظَ
منها وخَشُنَ؛ وقيل: الحُرُّ نبات من نجيل السِّباخِ.
وحُرُّ الوجه: ما أَقبل عليك منه؛ قال:
جَلا الحُزْنَ عن حُرِّ الوُجُوهِ فأَسْفَرَتْ،
وكان عليها هَبْوَةٌ لا تَبَلَّجُ
وقيل: حُرُّ الوجه مسايل أَربعة مدامع العينين من مقدّمهما ومؤخرهما؛
وقيل: حُرُّ الوجه الخَدُّ؛ ومنه يقال: لَطَمَ حُرَّ وجهه. وفي الحديث: أَن
رجلاً لطم وجه جارية فقال له: أَعَجَزَ عليك إِلاَّ حُرُّ وَجْهِها؟
والحُرَّةُ: الوَجْنَةُ. وحُرُّ الوجه: ما بدا من الوجنة. والحُرَّتانِ:
الأُذُنانِ؛ قال كعب بن زهير:
قَنْواءُ في حُرَّتَيْها، للبَصِير بها
عِتْقٌ مُبينٌ، وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
وحُرَّةُ الذِّفْرَى: موضعُ مَجالِ القُرْطِ منها؛ وأَنشد:
في خُشَشَاوَيْ حُرَّةِ التَّحْرِيرِ
يعني حُرَّةَ الذِّفْرَى، وقيل: حُرَّةَ الذِّفْرَى صفة أَي أَنها حسنة
الذفرى أَسيلتها، يكون ذلك للمرأَة والناقة. والحُرُّ: سواد في ظاهر أُذن
الفرس؛ قال:
بَيِّنُ الحُرِّ ذو مِراحٍ سَبُوقُ
والحُرَّانِ: السَّودان في أَعلى الأُذنين. وفي قصيد كعب بن زهير:
قنواء في حرتيها
البيت؛ أَراد بالحرّتين الأُذنين كأَنه نسبها إِلى الحُرِّيَّةِ وكرم
الأَصل.
والحُرُّ: حَيَّة دقيقة مثل الجانِّ أَبيضُ، والجانُّ في هذه الصفة؛
وقيل: هو ولد الحية اللطيفة؛ قال الطرماح:
مُنْطَوٍ في جَوْفِ نامُوسِهِ،
كانْطِواءِ الحُرِّ بَيْنَ السِّلامْ
وزعموا أَنه الأَبيض من الحيات، وأَنكر ابن الأَعرابي اين يكون الحُرُّ
في هذا البيت الحية، وقال: الحرّ ههنا الصَّقْر؛ قال الأَزهري: وسأَلت
عنه أَعرابيّاً فصيحاً فقال مثل قول ابن الأَعرابي؛ وقيل: الحرّ الجانُّ من
الحيات، وعم بعضهم به الحية. والحُرُّ: طائر صغير؛ الأَزهري عن شمر:
يقال لهذا الطائر الذي يقال له بالعراق باذنجان لأَصْغَرِ ما يكونُ
جُمَيِّلُ حُرٍّ. والحُرُّ: الصقر، وقيل: هو طائر نحوه، وليس به، أَنْمَرُ
أَصْقَعُ قصير الذنب عظيم المنكبين والرأْس؛ وقيل: إِنه يضرب إِلى الخضرة وهو
يصيد. والحُرُّ: فرخ الحمام؛ وقيل: الذكر منها. وساقُ حُرٍّ: الذَّكَرُ من
القَمَارِيِّ؛ قال حميد بن ثور:
وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إِلاَّ حَمامَةٌ،
دَعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً وتَرَنُّما
وقيل: الساق الحمام، وحُرٌّ فرخها؛ ويقال: ساقُ حُرٍّ صَوْتُ القَمارِي؛
ورواه أَبو عدنان: ساق حَرّ، بفتح الحاء، وهو طائر تسميه العرب ساق حرّ،
بفتح الحاء، لأَنه إِذا هَدَرَ كأَنه يقول: ساق حرّ، وبناه صَخْرُ
الغَيّ فجعل الاسمين اسماً واحداً فقال:
تُنادي سَاقَ حُرَّ، وظَلْتُ أَبْكي،
تَلِيدٌ ما أَبِينُ لها كلاما
وقيل: إِنما سمي ذكر القَماري ساقَ حُرٍّ لصوته كأَنه يقول: ساق حرّ ساق
حرّ، وهذا هو الذي جَرَّأَ صخر الغيّ على بنائه كما قال ابن سيده، وعلله
فقال: لأَن الأَصوات مبنية إِذ بنوا من الأَسماء ما ضارعها. وقال
الأَصمعي: ظن أَن ساق حر ولدها وإِنما هو صوتها؛ قال ابن جني: يشهد عندي بصحة
قول الأَصمعي أَنه لم يعرب ولو أَعرب لصرف ساق حر، فقال: سَاقَ حُرٍّ إِن
كان مضافاً، أَو ساقَ حُرّاً إِن كان مركباً فيصرفه لأَنه نكرة، فتركه
إِعرابه يدل على أَنه حكى الصوت بعينه وهو صياحه ساق حر ساق حر؛ وأَما قول
حميد بن ثور:
وما هاج هذا الشوقَ إِلا حمامةٌ،
دَعَتْ سَاقَ حُرٍّ تَرْحَةَ وتَرَنُّما
البيت؛ فلا يدل إِعرابه على أَنه ليس بصوت، ولكن الصوت قد يضاف أَوّله
إِلى آخره، وكذلك قولهم خازِ بازِ، وذلك أَنه في اللفظ أَشْبه بابَ دارٍ؛
قال والرواية الصحيحة في شعر حميد:
وما هاج هذا الشوقَ إِلا حمامةٌ،
دعت ساق حر في حمام تَرَنَّما
وقال أَبو عدنان: يعنون بساق حر لحن الحمامة. أَبو عمرو: الحَرَّةُ
البَثْرَةُ الصغيرة؛ والحُرُّ: ولد الظبي في بيت طرفة:
بين أَكْنافِ خُفَافٍ فاللِّوَى
مُخْرِفٌ، تَحْنُو لِرَخْص الظِّلْفِ، حُرّ
والحَرِيرَةُ بالنصب
(* قوله: «بالنصب» أراد به فتح الحاء): واحدة
الحرير من الثياب.
والحَرِيرُ: ثياب من إِبْرَيْسَمٍ.
والحَرِيرَةُ: الحَسَا من الدَّسَمِ والدقيق، وقيل: هو الدقيق الذي يطبخ
بلبن، وقال شمر: الحَرِيرة من الدقيق، والخَزِيرَةُ من النُّخَال؛ وقال
ابن الأَعرابي: هي العَصِيدَة ثم النَّخِيرَةُ ثم الحَرِيرَة ثم
الحَسْوُ. وفي حديث عمر: ذُرِّي وأَنا أَحَرُّ لك؛ يقول ذرِّي الدقيق لأَتخذ لك
منه حَرِيرَةً.
وحَرَّ الأَرض يَحَرُّها حَرّاً: سَوَّاها. والمِحَرُّ: شَبَحَةٌ فيها
أَسنان وفي طرفها نَقْرانِ يكون فيهما حبلان، وفي أَعلى الشبحة نقران
فيهما عُود معطوف، وفي وسطها عود يقبض عليه ثم يوثق بالثورين فتغرز الأَسنان
في الأَرض حتى تحمل ما أُثير من التراب إِلى أَن يأْتيا به المكان
المنخفض.
وتحرير الكتابة: إِقامة حروفها وإِصلاح السَّقَطِ. وتَحْرِيرُ الحساب:
إِثباته مستوياً لا غَلَثَ فيه ولا سَقَطَ ولا مَحْوَ. وتَحْرِيرُ الرقبة:
عتقها.
ابن الأَعرابي: الحَرَّةُ الظُّلمة الكثيرة، والحَرَّةُ: العذاب الموجع.
والحُرَّانِ: نجمان عن يمين الناظر إِلى الفَرْقَدَيْنِ إِذا انتصب
الفرقدان اعترضا، فإِذا اعترض الفرقدان انتصبا. والحُرَّانِ: الحُرُّ وأَخوه
أُبَيٌّ، قال: هما أَخوان وإِذا كان أَخوان أَو صاحبان وكان أَحدهما
أَشهر من الآخر سميا جميعاً باسم الأَشهر؛ قال المنخّل اليشكري:
أَلا مَنْ مُبْلِغُ الحُرَّيْنِ عَني
مُغَلْغَلَةً، وخصَّ بها أُبَيَّا
فإِن لم تَثْأَرَا لي مِنْ عِكَبٍّ،
فلا أَرْوَيْتُما أَبداً صَدَيَّا
يُطَوِّفُ بي عِكَبٌّ في مَعَدٍّ،
ويَطْعَنُ بالصُّمُلَّةِ في قَفَيَّا
قال: وسبب هذا الشعر أَن المتجرّدة امرأَة النعمان كانت تَهْوى المنخل
اليشكري، وكان يأْتيها إِذا ركب النعمان، فلاعبته يوماً بقيد جعلته في
رجله ورجلها، فدخل عليهما النعمان وهما على تلك الحال، فأَخذ المنخل ودفعه
إِلى عِكَبٍّ اللَّخْمِيّ صاحب سجنه، فتسلمه فجعل يطعن في قفاه
بالصُّمُلَّةِ، وهي حربة كانت في يده.
وحَرَّانُ: بلد معروف. قال الجوهري: حرَّان بلد بالجزيرة، هذا إِذا كان
فَعْلاناً فهو من هذا الباب، وإِن كان فَعَّالاً فهو من باب النون.
وحَرُوراءُ: موضع بظاهر الكوفة تنسب إِليه الحَرُورِيَّةُ من الخوارج
لأَنه كان أَوَّل اجتماعهم بها وتحكيمهم حين خالفوا عليّاً، وهو من نادر
معدول النسب، إِنما قياسه حَرُوراوِيٌّ؛ قال الجوهري: حَرُوراءُ اسم قرية،
يمد ويقصر، ويقال: حَرُورويٌّ بَيِّنُ الحَرُورِيَّةِ. ومنه حديث عائشة
وسُئِلَتْ عن قضاء صلاة الحائض فقالت: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ هم
الحَرُورِيَّةُ من الخوارج الذين قاتلهم عَلِيٌّ، وكان عندهم من التشديد في الدين
ما هو معروف، فلما رأَت عائشة هذه المرأَة تشدّد في أَمر الحيض شبهتها
بالحرورية، وتشدّدهم في أَمرهم وكثرة مسائلهم وتعنتهم بها؛ وقيل: أَرادت
أَنها خالفت السنَّة وخرجت عن الجماعة كما خرجوا عن جماعة المسلمين. قال
الأَزهري: ورأَيت بالدَّهْناءِ رملة وَعْثَةً يقال لها رملةُ حَرُوراءَ.
وحَرِّيٌّ: اسم؛ ونَهْشَلُ بن حَرِّيٍّ. والحُرَّانُ: موضع؛ قال:
فَسَاقانُ فالحُرَّانُ فالصِّنْعُ فالرَّجا،
فَجَنْبَا حِمًى، فالخانِقان فَحَبْحَبُ
وحُرَّيَات: موضع؛ قال مليح:
فَراقَبْتُه حتى تَيامَنَ، واحْتَوَتْ
مطَِافِيلَ مِنْهُ حُرَّيَاتُ فأَغْرُبُ
والحَرِيرُ: فحل من فحول الخيل معروف؛ قال رؤبة:
عَرَفْتُ من ضَرْب الحَرِيرِ عِتْقا
فيه، إِذا السَّهْبُ بِهِنَّ ارْمَقَّا
الحَرِيرُ: جد هذا الفرس، وضَرْبُه: نَسْلُه.
وحَرِّ: زجْرٌ للمعز؛ قال:
شَمْطاءُ جاءت من بلادِ البَرِّ،
قد تَرَكَتْ حَيَّهْ، وقالت: حَرِّ
ثم أَمالتْ جانِبَ الخِمَرِّ،
عَمْداً، على جانِبِها الأَيْسَرِّ
قال: وحَيَّهْ زجر للضأْن، وفي المحكَم: وحَرِّ زجر للحمار، وأَنشد
الرجز.
وأَما الذي في أَشراط الساعة يُسْتَحَلُّ: الحِرُ والحَرِيرُ: قال ابن
الأَثير: هكذا ذكره أَبو موسى في حرف الحاء والراء وقال: الحِرُ، بتخفيف
الراء، الفرج وأَصله حِرْحٌ، بكسر الحاء وسكون الراء، ومنهم من يشدد
الراء، وليس بجيد، فعلى التخفيف يكون في حرح لا في حرر، قال: والمشهور في
رواية هذا الحديث على اختلاف طرقه يستحلُّون الخَزَّ، بالخاء والزاي، وهو ضرب
من ثياب الإِبريسم معروف، وكذا جاء في كتاب البخاري وأَبي داود، ولعله
حديث آخر كما ذكره أَبو موسى، وهو حافظ عارف بما روى وشرح فلا يتهم.
طبع: الطبْعُ والطَّبِيعةُ: الخَلِيقةُ والسَّجيّةُ التي جُبِلَ عليها
الإِنسان. والطِّباعُ: كالطَّبِيعةِ، مُؤَنثة؛ وقال أَبو القاسم الزجاجي:
الطِّباعُ واحدٌ مذكر كالنِّحاسِ والنِّجارِ، قال الأَزهري: ويجمع طَبْعُ
الإِنسان طِباعاً، وهو ما طُبِعَ عليه من طِباعِ الإِنسان في مأْكَلِه
ومَشْرَبِه وسُهولةِ أَخلاقِه وحُزونَتِها وعُسْرِها ويُسْرِها وشدّتِه
ورَخاوَتِه وبُخْلِه وسَخائه. والطِّباعُ: واحد طِباعِ الإِنسان، على فِعال
مثل مِثالٍ، اسم للقالَبِ وغِرارٌ مِثْلُه؛ قال ابن الأَعرابي: الطَّبْعُ
المِثالُ. يقال: اضْرِبْه على طَبْعِ هذا وعلى غِرارِه وصيغَتِه
وهَِدْيَتِه أَي على قَدرِه. وحكى اللحياني: له طابِعٌ حسن، بكسر الباء، أَي
طَبِيعةٌ؛ وأَنشد:
له طابِعٌ يَجْرِي عليه، وإِنَّما
تُفاضِلُ ما بَيْنَ الرّجالِ الطَّبائِعُ
وطَبَعَه اللهُ على الأَمرِ يَطْبَعُه طبْعاً: فَطَرَه. وطبَع اللهُ
الخَلْقَ على الطبائعِ التي خلقها فأَنشأَهم عليها وهي خَلائِقُهم يَطْبَعُهم
طبْعاً: خَلَقَهم، وهي طَبِيعَتُه التي طُبِعَ عليها وطُبِعَها والتي
طُبِعَ؛ عن اللحياني لم يزد على ذلك، أَراد التي طُبِعَ صاحبها عليها. وفي
الحديث: كل الخِلال يُطْبَعُ عليها المُؤْمِنُ إِلا الخِيانةَ والكذب أَي
يخلق عليها. والطِّباعُ: ما رُكِّبَ في الإِنسان من جميع الأَخْلاق التي لا
يكادُ يُزاوِلُها من الخير والشر.
والطَّبْع: ابتداءَ صنْعةِ الشيء، تقول: طبعت اللَّبِنَ طبْعاً، وطَبعَ
الدرهم والسيف وغيرهما يطْبَعُه طبْعاً: صاغَه. والطَّبّاعُ: الذي يأْخذ
الحديدةَ المستطيلة فَيَطْبَعُ منها سيفاً أَو سِكِّيناً أَو سِناناً أَو
نحو ذلك، وصنعتُه الطِّباعةُ، وطَبَعْتُ من الطين جَرَّةً: عَمِلْت،
والطَّبّاعُ: الذي يعمَلها. والطبْعُ: الخَتْم وهو التأْثير في الطين ونحوه.
وفي نوادر الأَعراب: يقال قَذَذْتُ قَفا الغُلامِ إِذا ضربته بأَطراف
الأَصابع، فإِذا مَكَّنْتَ اليد من القفا قلت: طَبَعْتُ قفاه، وطَبع الشيءَ
وعليه يَطْبَعُ طبْعاً: ختم. والطابَعُ والطابِعُ، بالفتح والكسر: الخاتم
الذي يختم به؛ الأَخيرة عن اللحياني وأَبي حنيفة. والطابِعُ والطابَعُ:
مِيسَم الفرائض. يقال: طبَع الشاةَ. وطبَع الله على قلبه: ختم، على المثل.
ويقال: طبَع الله على قلوب الكافرين، نعوذ بالله منه، أَي خَتَمَ فلا يَعِي
وغطّى ولا يُوَفَّقُ لخير. وقال أَبو إِسحق النحوي: معنى طبع في اللغة وختم
واحد، وهو التغْطِيةُ على الشيء والاسْتِيثاقُ من أَن يدخله شيء كما قال
ا تعالى: أَم على قلوب أَقْفالُها، وقال عز وجل: كلاَّ بلْ رانَ على
قلوبهم؛ معناه غَطَّى على قلوبهم، وكذلك طبع الله على قلوبهم؛ قال ابن
الأَثير: كانوا يرون أَن الطَّبْعَ هو الرَّيْنُ، قال مجاهد: الرَّيْنُ أَيسر من
الطبع، والطبع أَيسر من الإِقْفالِ، والإِقْفالُ أَشدّ من ذلك كله، هذا
تفسير الطبع، بإِسكان الباء، وأَما طَبَعُ القلب، بتحريك الباء، فهو
تلطيخه بالأَدْناس، وأَصل الطبَع الصَّدَأُ يكثر على السيف وغيره. وفي الحديث:
من تَرَكَ ثلاث جُمَعٍ من غير عذر طبع الله على قلبه أَي ختم عليه وغشّاه
ومنعه أَلطافه؛ الطَّبْع، بالسكون: الختم، وبالتحريك: الدَّنَسُ، وأَصله
من الوَسَخ والدَّنَس يَغْشَيانِ السيف، ثم استعير فيما يشبه ذلك من
الأَوْزار والآثامِ وغيرهما من المَقابِحِ. وفي حديث الدُّعاء: اخْتِمْه
بآمينَ فإِنّ آمينَ مِثْلُ الطابَعِ على الصحيفة؛ الطابع، بالفتح: الخاتم،
يريد أَنه يَخْتِمُ عليها وتُرْفَعُ كما يفعل الإِنسان بما يَعِزُّ عليه.
وطبَع الإناءَ والسِّقاء يَطْبَعُه طبْعاً وطبَّعه تَطْبِيعاً فتطَبَّع:
مَلأَه. وطِبْعُه: مِلْؤُه. والطَّبْعُ: مَلْؤُكَ السِّقاءَ حتى لا مَزِيدَ
فيه من شدّة مَلْئِه. قال: ولا يقال للمصدر طَبْعٌ لأَنّ فعله لا
يُخَفَّفُ كما يخفف فِعْلُ مَلأْت. وتَطَبَّعَ النهرُ بالماء. فاض به من جوانبه
وتَدَفَّق.
والطِّبْعُ، بالكسر: النهر، وجمعه أَطباع، وقيل: هو اسم نهر بعينه؛ قال
لبيد:
فَتَوَلَّوْا فاتِراً مَشْيُهُمُ،
كَرَوايا الطِّبْعِ هَمَّتْ بالوَحَلْ
وقيل: الطِّبْعُ هنا المِلءُ، وقيل: الطِّبْعُ هنا الماء الذي طُبِّعَتْ
به الرّاوِيةُ أَي مُلِئَتْ. قال الأَزهري: ولم يعرف الليث الطِّبْعَ في
بيت لبيد فتحَيَّر فيه، فمرّة جعله المِلْءَ، وهو ما أَخذ الإِناءُ من
الماءِ، ومرة جعله الماء، قال: وهو في المعنيين غير مصيب. والطِّبْعُ في بيت
لبيد النهر، وهو ما قاله الأَصمعي، وسمي النهر طِبْعاً لأَن الناس
ابْتَدَؤُوا حفره، وهو بمعنى المفعول كالقِطْف بمعنى المَقْطوف، والنِّكْث
بمعنى المَنْكوث من الصوف، وأَما الأَنهار التي شقّها الله تعالى في الأَرض
شَقًّا مثل دَجْلةَ والفُرات والنيل وما أَشبهها فإِنها لا تسمى طُبوعاً،
إِنما الطُّبُوعُ الأَنهار التي أَحْدَثها بنو آدم واحتفروها لمَرافِقِهم؛
قال: وقول لبيد هَمَّتْ بالوَحل يدل على ما قاله الأَصمعي، لأَن
الرَّوايا إِذا وُقِرَتِ المَزايِدَ مملوءة ماء ثم خاضت أَنهاراً فيها وحَلٌ
عَسُر عليها المشي فيها والخُروج منها، وربما ارْتَطَمَتْ فيها ارْتِطاماً
إِذا كثر فيها الوحل، فشبه لبيد القوم، الذين حاجُّوه عند النعمان بن
المنذر فأَدْحَضَ حُجَّتهم حتى زَلِقُوا فلم يتكلموا، بروايا مُثْقَلة خاضت
أَنهاراً ذات وحل فتساقطت فيها، والله أَعلم. قال الأَزهري: ويجمع الطِّبْعُ
بمعنى النهر على الطُّبوعِ، سمعته من العرب. وفي الحديث: أَلقى الشَّبكةَ
فطَبَّعها سَمَكاً أَي مَلأَها. والطِّبْعُ أَيضاً: مَغِيضُ الماءِ
وكأَنه ضِدّ، وجمع ذلك كله أَطباعٌ وطِباعٌ. وناقة مُطْبَعةٌ ومُطَبَّعةٌ:
مُثْقَلةٌ بحِمْلِها على المثل كالماء؛ قال عُوَيفُ القَوافي:
عَمْداً تَسَدَّيْناكَ وانشَجَرَتْ بِنا
طِوالُ الهَوادي مُطْبَعاتٍ من الوِقْرِ
(* قوله «تسديناك» تقدم في مادة شجر تعديناك.)
قال الأَزهري: والمُطَبَّعُ المَلآن؛ عن أَبي عبيدة؛ قال: وأَنشد غيره:
أَين الشِّظاظانِ وأَيْنَ المِرْبَعهْ؟
وأَيْنَ وَسْقُ الناقةِ المُطَبَّعهْ؟
ويروى الجَلنْفَعهْ. وقال: المطبَّعة المُثْقَلةُ. قال الأَزهري: وتكون
المطبَّعة الناقة التي مُلِئت لحماً وشحماً فتَوَثَّقَ خلقها. وقِربة
مُطبَّعة طعاماً: مملوءة؛ قال أَبو ذؤيب:
فقيلَ: تَحَمَّلْ فَوْقَ طَوْقِكَ، إِنَّها
مُطبَّعةٌ، مَن يأْتِها لا يَضيرُها
وطَبِعَ السْيفُ وغيره طَبَعاً، فهو طَبِعٌ: صدئ؛ قال جرير:
وإِذا هُزِزْتَ قَطَعْتَ كلَّ ضَرِيبةٍ،
وخَرَجْتَ لا طَبِعاً، ولا مَبْهُورا
قال ابن بري: هذا البيت شاهد الطَّبِعِ الكَسِلِ. وطَبِعَ الثوبُ
طَبَعاً: اتَّسَخَ. ورجل طَبِعٌ: طَمِعٌ مُتَدَنِّسُ العِرْضِ ذو خُلُقٍ دَنيء
لا يستَحْيي من سَوأَة. وفي حديث عمر بن عبد العزيز: لا يتزوج من الموالي
في العرب إِلا الأَشِرُ البَطِرُ، ولا من العرب في المَوالي إِلا الطَّمِعُ
الطَّبِعُ؛ وقد طَبِعَ طَبَعاً؛ قال ثابت بن قُطْنةَ:
لا خَيْرَ في طَمَعٍ يُدْني إِلى طَبَعٍ،
وعُفّةٌ من قَوامِ العَيْشِ تَكْفِيني
قال شمر: طَبِعَ إِذا دَنِسَ، وطُبِّعَ وطُبِعَ إِذا دُنِّسَ وعِيبَ؛
قال: وأَنشدتنا أُم سالم الكلابية:
ويَحْمَدُها الجِيرانُ والأَهْلُ كلُّهُمْ،
وتُبْغِضُ أَيضاً عن تُسَبَّ فَتُطْبَعا
قال: ضَمَّت التاء وفتحت الباء وقالت: الطِّبْعُ الشِّيْنُ فهي تُبْغِضُ
أَن تُطْبَعَ أَي تُشانَ؛ وقال ابن الطثَريّة:
وعن تَخْلِطي في طَيِّبِ الشِّرْبِ بَيْنَنا،
منَ الكَدِرِ المأْبيّ، شِرْباً مُطَبَّعا
أَراد أَن تَخْلِطي، وهي لغة تميم. والمُطَبَّع: الذي نُجِّسَ،
والمَأْبيُّ: الماء الذي تأْبى الإِبل شربه. وما أَدري من أَين طبَع أَي طلَع.
وطَبِعَ: بمعنى كَسِلَ. وذكر عمرو بن بَحْرٍ الطَّبُّوعَ في ذواتِ
السُّمُومِ من الدوابّ، سمعت رجلاً من أَهل مصر يقول: هو من جنس القِرْدانِ إِلاَّ
أَنَّ لِعَضَّتِه أَلماً شديداً، وربما وَرِمَ مَعْضُوضه، ويعلّل
بالأَشياء الحُلْوة. قال الأَزهري: هو النِّبْرُ عند العرب؛ وأَنشد الأَصمعي
وغيره أُرْجوزة نسبها ابن بري للفَقْعَسي، قال: ويقال إِنها لحكيم بن
مُعَيّة الرَّبَعِيّ:
إِنّا إِذا قَلَّتْ طَخارِيرُ القَزَعْ،
وصَدَرَ الشارِبُ منها عن جُرَعْ،
نَفْحَلُها البِيضَ القَلِيلاتِ الطَّبَعْ،
من كلِّ عَرّاضٍ، إِذا هُزَّ اهْتَزَعْ
مِثْلِ قُدامى النَّسْر ما مَسَّ بَضَعْ،
يَؤُولُها تَرْعِيةٌ غيرُ وَرَعْ
لَيْسَ بِفانٍ كِبَراً ولا ضَرَعْ،
تَرى بِرِجْلَيْهِ شُقُوقاً في كَلَعْ
من بارِئٍ حِيصَ ودامٍ مُنْسَلِعْ
وفي الحديث: نعوذ بالله من طَمَعٍ يَهْدِي إِلى طَبَعٍ أَي يؤدي إِلى شَيْنٍ
وعَيْبٍ؛ قال أَبو عبيد: الطبَعُ الدنس والعيب، بالتحريك. وكل شَينٍ في
دِين أَو دُنيا، فهو طبَع.
وأما الذي في حديث الحسن: وسئل عن قوله تعالى: لها طلع نضيد، فقال: هو
الطِّبِّيعُ في كُفُرّاه؛ الطِّبِّيعُ، بوزن القِنْدِيل: لُبُّ الطلْعِ،
وكُفُرّاه وكافورُه: وِعاؤُه.
علب: عَلِبَ النباتُ عَلَباً، فهو عَلِبٌ: جَسَـأَ؛ وفي الصحاح: عَلِبَ، بالكسر.
واسْتَعْلَبَ البَقْلَ: وجَدَه عَلِـباً. واسْتَعْلَبَتِ الماشيةُ البَقْلَ إِذا ذَوَى، فأَجَمَتْهُ واسْتَغْلَظَته. وعَلِبَ اللحمُ عَلَباً، واسْتَعْلَب: اشْتَدَّ وغَلُظَ. وعَلَبَ أَيضاً، بالفتح، يَعْلُبُ: غَلُظَ وصَلُبَ، ولم يكن رَخْصاً. ولحمٌ عَلِبٌ وعَلْبٌ: وهو الصُّلْبُ. وعَلِبَ عَلَباً تَغَيَّرَتْ رائحتُه، بعد اشتداده. وعَلِـبَتْ يَدُه: غَلُظَتْ. واسْتَعْلَبَ الجلدُ: غَلُظَ واشْتدَّ.
والعَلِبُ: المكانُ الغليظُ الشَّديدُ الذي لا يُنْبِتُ البَتَّةَ. وفي التهذيب: العِلْبُ من الأَرض المكانُ الغليظُ الذي لو مُطِرَ دهراً، لم يُنْبِتْ خَضراء. وكلّ موضع صُلْبٍ خَشنٍ من الأَرض: فهو عِلْبٌ.
والاعْلِنْباءُ: أَن يُشرِفَ الرَّجُلُ، ويُشْخِصَ نفسَه، كما يفعلُ عند
الخُصومة والشَّتم.
يقال: اعْلَنْبَـى الديكُ والكلبُ والـهِرُّ وغيرُها إِذا انتَفَشَ شَعَرُه، وتَهَيَّـأَ للشَّرِّ والقتال. وقد يُهْمزُ، وأَصله من عِلْباءِ العُنُق، وهو مُلحَقٌ بافْعَنْلَلَ، بياء. والعُلْبُ والعَلِبُ: الضَّبُّ الضَّخْمُ الـمُسِنُّ لشدَّته. وتيْسٌ عَلِبٌ، ووَعْلٌ عَلِبٌ أَي مُسِنٌّ جاسِـئٌ.
ورجل عِلْبٌ: جافٍ غَليظٌ. ورجل عِلْبٌ: لا يُطْمَع فيما عنده من كلمة أَو غيرها. وإِنه لَعِلْبُ شَرٍّ أَي قويّ عليه، كقولك: إِنه لَحِكُّ
شَرٍّ. ويقال: تَشَنَّجَ عِلْباءُ الرجُل إِذا أَسنَّ؛ والعِلباءُ، ممدود:
عَصَبُ العُنُق؛ قال الأَزهري: الغليظُ، خاصة؛ قال ابن سيده: وهو العَقَبُ.
وقال اللحياني: العِلْباءُ مذكر لا غير.
وهما عِلْباوانِ، يميناً وشمالاً، بينهما مَنْبِتُ العُنُق؛ وإِن شئت
قلت: عِلْباءَان، لأَنهما همزة مُلحقةٌ شُبهت بهمزة التأْنيث التي في
حمراء، أَو بالأَصلية التي في كساء، والجمع: العَلابيُّ. وعَلَبَ السيفَ والسِّكِّينَ والرُّمْحَ، يَعْلُبه ويَعْلِـبُه عَلْباً، فهو مَعْلُوبٌ، وعَلَّبَه: حَزَمَ مَقْبِضَه بعِلْباءِ البعير، فهو مُعَلَّبٌ. ومنه الحديث: لقد فَتَحَ الفُتُوحَ قومٌ، ما كانتْ حِلْية سُيُوفِهم الذَّهَبَ والفضةَ، إِنما كانت حِلْيتُها العَلابيَّ والآنكَ؛ هو جمعُ العِلْباء، وهو العَصَبُ؛ قال: وبه سُمِّي الرجلُ عِلْباءً. ابن الأَثير: هو عَصَبٌ في العُنق، يأْخذ إِلى الكاهل، وكانت العربُ تَشُدُّ على أَجْفانِ سُيوفها العَلابيَّ الرَّطْبةَ، فَتَجِفُّ عليها وتَشُدُّ بها الرِّماح إِذا تَصَدَّعَتْ فَتَيْبَسُ، وتَقْوَى عليه؛ ومنه قول الشاعر:
فظَلَّ، لثِـيرانِ الصَّرِيم، غَماغِمٌ * يُدَعِّسُها بالسَّمْهَرِيِّ الـمُعَلَّبِ
ورمح مُعَلَّبٌ: إِذا جُلِزَ ولُوِيَ بعَصَبِ العِلْباء. قال القُتَيْبي: وبلغني أَن العَلابيَّ الرَّصاصُ؛ قال: ولستُ منه على يقين. قال
الجوهري: العَلابيُّ الرَّصاصُ أَو جنس منه؛ قال الأَزهري: ما علمت أَحداً قاله، وليس بصحيح. وفي حديث عُتْبة:
كنت أَعْمِدُ إِلى البَضْعَةِ أَحْسِـبُها سَناماً، فإِذا هي عِلْباءُ عُنُقٍ. وعَلِبَ البعيرُ عَلَباً، وهو أَعْلَبُ وعَلِبٌ: وهو داءٌ يأْخذه في عِلْباوَيِ العُنُقِ، فتَرِمُ منه الرَّقَبةُ، وتَنْحنِـي.
والعِلابُ: سمة في طُول العُنق على العِلْباءِ؛ وناقة مُعَلَّبة.
وعَلْبَـى عَبْدَه إِذا ثَقَبَ عِلْباءَه، وجَعَل فيه خيطاً. وعَلْبَـى
الرجلُ: انْحَطَّ عِلْباواهُ كِبَراً؛ قال:
إِذا الـمَرْءُ عَلْبَـى ثم أَصبَح جِلْدُه * كرَحْضِ غَسيلٍ، فالتَّيَمُّنُ أَرْوَحُ
التَّيَمُّنُ: أَن يُوضَع على يمينه في القبر.
وعِلْباء: اسم رجل، سُمِّيَ بِعِلْباءِ العُنُق؛ قال:
إِنّي، لِـمَنْ أَنْكرنِـي، ابنُ اليَثْرِبِ
قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَملِ،
وابْناً لِصَوْحانَ على دِينِ علِـي
أَراد: ابنَ اليَثْرِبِـيِّ، والجَمَلِـيِّ، وعلِـيّ، فخفف بحذف الياءِ
الأَخيرة. والعُلْبةُ: قَدَحٌ ضخْم من جلود الإِبل. وقيل: العُلْبة من خشب، كالقَدَحِ الضَّخْمِ يُحْلَبُ فيها. وقيل: إِنها كهيئةِ القَصْعَةِ مِن جِلد، ولها طَوْق من خشب. وقيل: مِحْلَبٌ من جلد. وفي حديث وفاة النبي، صلى اللّه عليه وسلم: وبين يديه رَكْوَة أَو عُلْبةٌ فيها ماءٌ؛ العُلْبة: قدحٌ من خشب؛ وقيل: من جلدٍ وخشبٍ يُحْلَبُ فيه. ومنه حديث خالد: أَعطاهم عُلْبَةَ الحالبِ أَي القَدَحَ الذي يُحْلَبُ فيه؛ والجمعُ: عُلَبٌ وعِلابٌ.
وقيل: العِلابُ جِفانٌ تُحْلَبُ فيها الناقةُ؛ قال:
صاحِ، يا صاحِ! هل سمعْتَ بِراعٍ * ردَّ في الضَّرْعِ ما قَرَى في العِلابِ؟
ويُرْوى: في الـحِلاب.
والـمُعَلِّب: الذي يَتَّخِذُ العُلْبة؛ قال الكُمَيْتُ، يصف خيلاً:
سَقَتْنا دِماءَ القَوْمِ طَوْراً، وتارةً * صَبُوحاً، له أَقتارُ الجلُودِ الـمُعَلَّبِ(1)
(1 قوله «له أقتار الجلود المعلب» كذا أنشده في المحكم وضبط لام المعلب بالفتح والكسر.)
قال الأَزهري: العُلْبةُ جِلدة تُؤْخَذُ من جَنْبِ جِلْدِ البعير إِذا
سُلِخَ وهو فَطِـيرٌ، فتُسَوَّى مستديرةً، ثم تُمْلأُ رَمْلاً سهلاً، ثم
تُضَمُّ أَطرافُها، وتُخَلّ بخلالٍ، ويُوكَى عليها مقبوضةً بحَبْل،
وتُتْرَكُ حتى تَجِفَّ وتَيْبَسَ، ثم يُقْطَعُ رأْسُها، وقد قامت قائمةً
لجَفافِها، تُشْبِه قصعةً مُدَوَّرَةً، كأَنها نُحِتَتْ نَحْتاً، أَو خُرِطَتْ
خَرْطاً، ويُعَلِّقُها الراعي والراكبُ فَيَحْلُب فيها، ويَشْرَبُ بها،
وللبَدَوِيِّ فيها رِفْقُ خِفَّتِها، وأَنها لا تنكسر إِذا حَرَّكها البعيرُ أَو طاحت إِلى الأَرض.
وعَلَبَ الشيءَ يَعْلُبه، بالضم، عَلْباً وعُلُوباً: أَثـَّرَ فيه ووسَمَه، أَو خَدَشَه. والعَلْبُ: أَثَرُ الضَّرْبِ وغيره، والجمع عُلُوبٌ.
يقال ذلك في أَثر الـمِـيسَمِ وغيره؛ قال ابن الرِّقاعِ يصف الرِّكاب:
يَتْبَعْنَ ناجِـيةً، كأَنَّ بدَفِّها * من غَرْضِ نَسْعَتِها، عُلُوبَ مَواسِمِ
وقال طَرَفة:
كأَنَّ عُلُوبَ النِّسْعِ في دَأَياتِها * مَوارِدُ، من خَلْقاءَ، في ظَهر قَرْدَدِ
وكذلك التَّعْلِـيبُ.
قال الأَزهَري: العَلْبُ تأْثير كأَثرِ العِلابِ. قال وقال شمر:
أَقْرَأَني ابن الأَعرابي لطُفَيْلٍ
الغَنَوِيّ:
نهُوضٌ بأَشْناقِ الدِّياتِ وحَمْلِها، * وثِقْلُ الذي يَجْنِـي بمَنْكِـبِه لَعْبُ
قال ابن الأَعرابي: لَعْبٌ أَراد به عَلْبٌ، وهو الأَثَرُ. وقال أَبو
نصر: يقول الأَمْرُ الذي يَجنِـي عليه، وهو بمنكبه، خَفيفٌ.
وفي حديث ابن عمر: أَنه رأَى رجُلاً بأَنْفه أَثر السُّجود، فقال: لا
تَعْلُبْ صُورتَك؛ يقول: لا تُؤَثر فيها أَثراً، بشِدّةِ اتِّكائِك على
أَنفِك في السُّجود.
وطريقٌ مَعْلوبٌ: لاحِبٌ؛ وقيل: أَثـَّرَ فيه السابلةُ؛ قال بشر:
نَقَلْناهُمُ نَقْلَ الكِلابِ جِراءَها * على كُلِّ مَعْلُوبٍ، يَثُورُ عَكُوبُها
العَكوب، بالفتح: الغُبارُ. يقول: كنا مقتدرين عليهم، وهم لنا
أَذِلاَّء، كاقتدار الكلاب على جرائها. والـمَعْلوبُ: الطريق الذي يُعْلَبُ بجَنْبَتَيْه، ومثله الـمَلْحُوبُ.
والعِلْبةُ: غُصنٌ عظيم تُتَّخَذ منه مِقْطَرةٌ؛ قال:
في رِجْلِهِ عِلْبةٌ خَشْناءُ من قَرَظٍ، * قد تَيَّمَتْه، فَبالُ الـمَرْءِ مَتْبُولُ
ابن الأَعرابي: العُلَبُ جمع عُلْبة، وهي الجَنْبة والدَّسْماءُ والسَّمْراءُ. قال: والعِلْبة، والجمع عِلَبٌ، أُبْنَةٌ غليظة من الشجر، تُتَّخَذ منها الـمِقْطرة.
وقال أَبو زيد: العُلُوبُ مَنابِتُ السِّدْرِ، والواحِدُ عِلْبٌ.
وقال شمر: يقال هؤُلاء عُلْبُوبةُ القومِ أَي خِـيارُهم. وعَلِبَ السيفُ
عَلَباً: تَثَلَّمَ حَدُّه.
والـمَعْلُوب: اسمُ سَيْفِ الـحَرِثِ بن ظالم الـمُرِّيِّ، صفةٌ لازمَة.
فإِما أَن يكون من العَلْبِ الذي هو الشَّدُّ، وإِما أَن يكون من
التَّثَلُّم، كأَنه عُلِبَ؛ قال الكميت:
وسَيْفُ الـحَرِث الـمَعْلُوبُ أَرْدَى * حُصَيْناً في الجَبابِرة الرَّدِينا
ويقال: إِنما سماه مَعْلُوباً لآثار كانت في مَتْنِه؛ وقيل: لأَنه كان
انْحَنَى من كثرة ما ضَرَبَ به، وفيه يقول:
أَنا أَبو لَيْلى، وسَيْفِـي الـمَعْلُوبْ
وعِلْباءٌ: اسم رجل؛ قال امرؤُ القيس:
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضاً، * ولو أَدْرَكْتُه صَفِرَ الوِطابُ
وعُلَيْبٌ وعِلْيَبٌ: وادٍ معروفٌ، على طريق اليمن؛ وقيل: موضع، والضم أَعلى، وهو الذي حكاه سيبويه. وليس في الكلام فُعْيَلٌ، بضم الفاءِ وتسكين العين وفتح الياء غيره؛ قال ساعدةُ بنُ جُؤَيَّةَ:
والأَثْل من سَعْيَا وحَلْيةَ مَنْزِلٍ * والدَّوْمَ جاءَ به الشُّجُونُ فَعُلْيَبُ
واشْتَقَّه ابنُ جني من العَلْبِ الذي هو الأَثَرُ والـحَزُّ، وقال:
أَلا ترى أَن الوادِيَ له أَثَرٌ؟
لفف: اللَّفَف: كثرةُ لحم الفَخذين، وهو في النساء نعت، وفي الرجال عيب.
لَفَّ لَفّاً ولفَفاً، وهو أَلَفُّ. ورجل أَلَفُّ: ثقيل. ولفَّ الشيء
يَلُفُّه لَفّاً: جمعه، وقد التَفَّ، وجمعٌ لَفِيفٌ: مجتمع مُلتَفّ من كل
مكان؛ قال ساعدةُ بن جؤيَّة:
فالدَّهْر لا يَبْقى على حَدَثانِه
أَنَسٌ لَفِيفٌ، ذو طَرائفَ، حَوْشَبُ
واللَّفُوف: الجماعات؛ قال أَبو قلابة:
إذْ عارَتِ النَّبْلُ والتَفُّوا اللُّفُوف، وإذْ
سَلُّوا السيوفَ عُراةً بعد أَشْجانِ
ورجل ألَفُّ: مَقْرون الحاجبين. وامرأَة لَفّاء: ملتفة الفخذين، وفي
الصحاح: ضخمة الفخذين مكتنزة؛ وفخذان لَفّاوان؛ قال الحكَم الخُضْري:
تَساهَم ثَوْباها، ففي الدِّرْعِ رَأْدةٌ،
وفي المِرْطِ لَفّاوانِ، رِدْفُهما عَبْلُ
قوله تَساهم أَي تَقارع. وفي حديث أَبي المَوالي: إني لأَسمع بين
فَخِذَيها من لفَفِها مثل قَشِيشِ الحَرابش؛ اللَّفُّ واللَّفَفُ: تَدانى
الفخذين من السِّمَن.
وجاء القوم بلَفِّهم ولَفَّتهم ولَفِيفِهم أَي بجماعتهم وأَخلاطهم، وجاء
لِفُّهم ولَفُّهم ولَفِيفُهم كذلك. واللَّفِيفُ: القوم يجتمعون من قبائل
شتى ليس أَصلهم واحداً. وجاؤوا أَلفافاً أَي لَفِيفاً. ويقال: كان بنو
فلان لَفّاً وبنو فلان لقوم آخَرين لَفّاً إذا تحزبوا حِزْبين. وقولهم:
جاؤوا ومَن لَفَّ لَفَّهم أَي ومَن عُدَّ فيهم وتأَشَّب إليهم. ابن سيده:
جاء بنو فلان ومَن لَفَّ لَفَّهم ولِفَّهم وإن شئت رفَعت
(* قوله «رفعت»
يريد ضممت اللام كما يفيده المجد.)، والقول فيه كالقول في: ومن أَخذ
إخْذهم وأَخْذهم. واللَّفِيفُ: ما اجتمع من الناس من قبائلَ شتَّى.
أَبو عمرو: اللفيف الجمع العظيم من أَخْلاط شتَّى فيهم الشريف والدَنيء
والمطيع والعاصي والقويّ والضعيف. قال اللّه عز وجل: جئنا بكم لفيفاً،
أَي أَتينا بكم من كل قبيلة، وفي الصحاح: أَي مجتمعين مختلطين. يقال للقوم
إذا اختلطوا: لَفٌّ ولَفيفٌ.
واللِّفّ: الصِّنف من الناس من خير أَو شر. وفي حديث نابل: قال سافرتُ
مع مولاي عثمان وعمر، رضي اللّه عنهما، في حج أَو عمرة فكان عمر وعثمان
وابن عمر، رضي اللّه عنهم، لِفّاً، وكنت أَنا وابن الزبير في شَبَبة معنا
لِفّاً، فكنا نترامى بالحنظل فما يزيدنا عمر عن أَن يقول كذاك لا
تَذْعَرُوا علينا؛ اللِّفُّ: الحِزْب والطائفة من الالتفاف، وجمعه أَلفاف؛ يقول:
حسْبُكم لا تُنَفِّرُوا علينا إبلنا.
والتَفَّ الشيء: تجمّع وتكاثَف. الجوهري: لفَفْت الشيء لَفّاً
ولفَّفْته، شُدّد للمبالغة، ولفّه حقّه أَي منعه. وفلان لَفِيف فلان أَي صَديقه.
ومكان أَلفّ: ملتفّ؛ قال ساعدة بن جؤيَّة:
ومُقامِهنّ، إذا حُبِسْنَ بمَأْزِمٍ
ضَيْقٍ أَلَفَّ، وصَدَّهنَّ الأَخْشَبُ
واللَّفِيف: الكثير من الشجر. وجنّة لَفّة ولَفٌّ: ملتفّة. وقال أَبو
العباس: لم نسمع شجرة لَفَّة لكن واحدتها لَفّاء، وجمعها لُفٌّ، وجمع لِفّ
أَلفاف مثل عِدّ وأَعْداد. والأَلفاف: الأَشجار يلتف بعضها ببعض،
وجنَّاتٌ أَلفاف، وفي التنزيل العزيز: وجنّاتٍ أَلفافاً؛ وقد يجوز أَن يكون
أَلفاف جمع لُفّ فيكون جمع الجمع، قال أَبو إسحق: وهو جمع لفِيف كنَصِير
وأَنصار. قال الزجاج: وجناتٍ أَلفافاً أَي وبساتين ملتفَّة. والتِفافُ
النبْت: كثرته. الجوهري في قوله تعالى وجنات أَلفافاً: واحدها لِفّ، بالكسر،
ومنه قولهم كنا لِفّاً أَي مجتمعين في موضع. قال أَبو حنيفة: التَفَّ الشجر
بالمكان كثر وتضايق، وهي حديقة لَفّة وشجر لف، كلاهما بالفتح، وقد لَفَّ
يَلَفُّ لَفّاً. واللَّفِيف: ضروب الشجر إذا التف واجتمع.
وفي أَرض بني فلان تَلافِيفُ من عُشب أَي نبات ملتف. قال الأَصمعي:
الأَلَفُّ الموضع الملتف الكثير الأَهل، وأَنشد بيت ساعدة بن جؤية:
ومُقامِهن، إذا حُبِسْن بمأْزمٍ
ضَيْقٍ أَلفَّ، وصدَّهنَّ الأَخشبُ
التهذيب: اللُّفُّ الشَّوابِل من الجواري وهن السِّمانُ الطوال.
واللَّفُّ: الأَكل. وفي حديث أُم زرع وذَواتِها: قالت امرأَة: زوجي إن أَكل
لَفّ، وإن شرب اشْتَفّ أَي قَمَش وخلَط من كل شيء؛ قال أَبو عبيد: اللَّفُ في
المَطعم الإكثار منه من التخليط من صنوفه لا يُبقي منه شيئاً.
وطعام لَفِيف إذا كان مخلوطاً من جنسين فصاعداً.
ولَفْلَفَ الرجلُ إذا استقصى الأَكل والعلَف. واللَّفَفُ في الأَكل:
إكثار وتخليط، وفي الكلام: ثِقَل وعِيٌّ مع ضَعْف. ورجل أَلفّ بيِّن اللفَف
أَي عَييٌّ بطيء الكلام إذا تكلم ملأَ لسانُه فمه؛ قال الكميت:
وِلايةُ سِلَّغْدٍ أَلَفّ كأَنه،
من الرِّهَقِ المَخْلُوطِ بالنُّوكِ، أَثْوَل
وقد لَفَّ لفَفاً وهو أَلفُّ، وكذلك اللَّفْلَفُ واللَّفْلافُ، وقد
لَفْلَفَ. أَبو زيد: الأَلَفُّ العَيِيُّ، وقد لَفِفْت لَفَفاً؛ وقال
الأَصمعي: هو الثقيل اللسان. الصحاح: الأَلفُّ الرجل الثقيل البطيء. وقال
المبرد: اللفَف إدخال حرف في حرف.
وباب من العربية يقال له اللَّفِيف لاجتماع الحرفين المعتلين في ثلاثيه
نحو دَوِيّ وحَيِيّ. ابن بري: اللفِيف من الأفعال المُعْتَلّ الفاء
واللام كوَقَى وودَى. الليث: اللفيف من الكلام كل كلمة فيها معتلاَّن أَو
معتلّ ومضاعف، قال: واللَّففُ ما لفَّفوا من هنا وهنا كما يُلَفِّفُ الرجل
شهادة الزور.
وأَلفَّ الرجل رأْسه إذا جعله تحت ثوبه، وتَلفَّفَ فلان في ثوبه والتفَّ
به وتَلَفْلَف به. وفي حديث أُم زرع: وإن رَقد التفّ أَي إذا نام تلفَّف
في ثوب ونام ناحية عني. واللِّفافة: ما يُلفّ على الرِّجل وغيرها،
والجمع اللَّفائف. واللَّفِيفة: لحم المَتن الذي تحته العقَب من البعير؛
والشيء المُلَفَّف في البجاد وَطْبُ اللبن في قول الشاعر:
إذا ما مات مَيْتٌ من تميمٍ،
وسَرَّكَ أَن يعِيشَ، فَجئْ بزادِ
بخُبْزٍ أَو بسمْن أَو بتمْرٍ،
أَو الشيء المُلَفَّف في البِجادِ
قال ابن بري: يقال إنّ هذين البيتين لأَبي المُهَوِّس الأَسدي، ويقال
إنهما ليزيد بن عمرو بن الصَّعِق، قال: وهو الصحيح؛ قال: وقال أَوس بن
غَلفاء يردّ على ابن الصَّعِق:
فإنَّك، في هِجاء بني تميمٍ،
كمُزْدادِ الغَرامِ إلى الغَرامِ
وهم ترَكُوكَ أَسْلَح من حُبارى
رأَتْ صَقْراً، وأَشْرَدَ من نَعامِ
وأَلفّ الطائرُ رأْسه: جعله تحت جناحه؛ قال أُميَّة ابن أَبي الصلْت:
ومنهم مُلِفٌّ رأْسَه في جَناحِه،
يَكادُ لذِكرى رَبّه يتفَصَّدُ
(* قوله «يتفصد» هو بالدال في الأصل وشرح القاموس لكن كتب بازائه في
الأصل يتفصل باللام.)
الأَزهري في ترجمة عمت: يقال فلان يَعْمِتُ أَقرانه إذا كان يَقهَرهم
ويَلُفهم، يقال ذلك في الحرب وجَوْدة الرأْي والعلم بأَمر العدوّ وإثخانه،
ومن ذلك يقال للفائف الصوف عُمُتٌ لأَنها تُعْمَت أَي تُلَفّ؛ قال
الهذلي:يَلُفُّ طَوائفَ الفُرْسا
نِ، وهو بلَفِّهِم أَرِبُ
وقوله تعالى: والفت الساق بالساق؛ إنه لفُّ ساقَي الميّت في كفَنه،
وقيل: إنه اتِّصال شدّة الدنيا بشدة الآخرة.والميّتُ يَُلفُّ في أَكفانه
لفّاً إذا أُدْرِجَ فيها.
والأَلفّان: عِرْقا يستبطِنان العضُدين ويفرد أَحدهما من الآخر؛ قال:
إنْ أَنا لم أُرْوِ فشَلَّتْ كَفِّي،
وانْقطَع العِرْقُ من الأَلَفِّ
ابن الأَعرابي: اللَّفَف أَن يَلتوِي عِرْق في ساعد العامل فيُعَطِّله
عن العمل. وقال غيره: الأَلَفُّ عِرق يكون بين وَظِيف اليد وبين العُجاية
في باطن الوَظِيف؛ وأَنشد:
يا رِيَّها، إن لم تَخُنِّي كفِّي،
أَو يَنْقَطِعْ عِرْقٌ من الأَلَفّ
وقال ابن الأَعرابي في موضع آخر: لَفْلَف الرجل إذا اضْطَرب ساعِدُه من
التِواء عِرْق فيه، وهو اللَّفَفُ؛ وأَنشد:
الدَّلْوُ دَلْوِي، إنْ نَجَتْ من اللَّجَفْ،
وإن نجا صاحبُها من اللَّفَفْ
واللَّفِيفُ: حيّ من اليمن. ولَفْلَف: اسم موضع؛ قال القتال:
عَفا لَفْلَفٌ من أَهله فالمُضَيَّحُ،
فليس به إلا الثعالِبُ تَضْبَحُ