مثال: حَلا بِعَيْني
الرأي: مرفوضة
السبب: لمجيء الفعل «حَلا» و «قلا» بالواو، وهما يائيّان.
الصواب والرتبة: -حَلا بِعَيْني [فصيحة]-حَلِيَ بِعَيْني [فصيحة]
التعليق: (انظر: مجيء الأفعال اليائية بالواو).
عقب: عَقِبُ كُلِّ شيءٍ، وعَقْبُه، وعاقِـبتُه، وعاقِـبُه، وعُقْبَتُه،
وعُقْباهُ، وعُقْبانُه: آخِرُه؛ قال خالدُ ابن زُهَيْر الـهُذلي:
فإِنْ كنتَ تَشْكُو من خَليلٍ مَخافةً، * فتِلْكَ الجوازِي عُقْبُها ونُصُورُها
يقول: جَزَيْتُكَ بما فَعَلْتَ بابن عُوَيْمر. والجمعُ: العَواقِبُ والعُقُبُ.
والعُقْبانُ، والعُقْبَـى: كالعاقبةِ، والعُقْبِ. وفي التنزيل: ولا يَخافُ عُقْباها؛ قال ثعلب: معناه لا يَخافُ اللّهُ، عز وجل، عاقِـبةَ ما
عَمِلَ أَن يَرجعَ عليه في العاقبةِ، كما نَخافُ نحنُ.
والعُقْبُ والعُقُبُ: العاقبةُ، مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ. ومِنْه قوله تعالى:
هو خَيْرٌ ثواباً، وخَيْرٌ عُقْباً أَي عاقِـبةً.
وأَعْقَبه بطاعته أَي جازاه.
والعُقْبَـى جَزاءُ الأَمْر. وقالوا: العُقبـى لك في الخَيْر أَي العاقبةُ. وجمع العَقِبِ والعَقْبِ: أَعقابٌ، لا يُكَسَّر على غير ذلك.
الأَزهري: وعَقِبُ القَدَم وعَقْبُها: مؤَخَّرُها، مؤنثة، مِنْه؛ وثلاثُ
أَعْقُبٍ، وتجمع على أَعْقاب.
وفي الحديث: أَنه بَعَثَ أُمَّ سُلَيْم لتَنْظُرَ له امرأَةً، فقال: انْظُري إِلى عَقِـبَيْها، أَو عُرْقُوبَيها؛ قيل: لأَنه إِذا اسْوَدَّ عَقِـباها، اسودَّ سائرُ جَسَدها. وفي الحديث: نَهَى عن عَقِبِ الشيطانِ، وفي
رواية: عُقْبةِ الشيطانِ في الصلاة؛ وهو أَن يَضَعَ أَلْـيَتَيْه على
عَقِـبَيْه، بين السجدتين، وهو الذي يجعله بعض الناس الإِقْعاءَ. وقيل: أَن يَترُكَ عَقِـبَيْه غيرَ مَغْسُولَين في الوُضوءِ، وجمعُها أَعْقابٌ، وأَعْقُبٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
فُرْقَ الـمَقاديمِ قِصارَ الأَعْقُبِ
وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: يا عليّ إِني أُحِبُّ لكَ ما أُحِبُّ لنَفْسي، وأَكْرَه لك ما أَكره لنفسي؛ لا تَقْرَأْ وأَنت راكعٌ، ولا تُصَلِّ عاقِصاً شَعْرَك، ولا تُقْعِ على عَقِـبَيْك في الصلاة، فإِنها عَقِبُ الشيطان، ولا تَعْبَثْ
بالـحَصَى وأَنت في الصلاة، ولا تَفْتَحْ على الإِمام.
وعَقَبَه يَعْقُبُه عَقْباً: ضَرَب عَقِـبَه. وعُقِبَ عَقْباً: شَكا عَقِـبَه. وفي الحديث: وَيْلٌ للعَقِبِ من النار، ووَيْلٌ للأَعْقابِ من النار؛ وهذا يَدُلُّ على أَن الـمَسْحَ على القَدَمَيْن غيرُ جائز، وأَنه لا بد من غَسْلِ الرِّجْلَيْن إِلى الكَعْبين، لأَنه، صلى اللّه عليه وسلم، لا يُوعِدُ بالنار، إِلا في تَرْكِ العَبْد ما فُرِضَ عليه، وهو قَوْلُ أَكثرِ أَهلِ العلم. قال ابن الأَثير: وإِنما خَصَّ العَقِبَ بالعذاب، لأَنه العُضْوُ الذي لم يُغْسَلْ، وقيل: أَراد صاحبَ العَقِب، فحذف المضاف؛
وإِنما قال ذلك لأَنهم كانوا لا يَسْتَقْصُون غَسْلَ أَرجلهم في
الوضوءِ.وعَقِبُ النَّعْلِ: مُؤَخَّرُها، أُنْثى. ووَطِئُوا عَقِبَ فلانٍ:
مَشَوْا في أَثَرِه.
وفي الحديث: أَن نَعْلَه كانتْ مُعَقَّبةً، مُخَصَّرةً، مُلَسَّنةً.
الـمُعَقَّبةُ: التي لها عَقِبٌ. ووَلَّى على عَقِـبِه، وعَقِـبَيه إِذا أَخَذَ في وجْهٍ ثم انثَنَى. والتَّعْقِـيبُ: أَن يَنْصَرِفَ من أَمْرٍ أَراده.
وفي الحديث: لا تَرُدَّهم على أَعْقابِهِم أَي إِلى حالتهم الأُولى من
تَرْكِ الـهِجْرَةِ. وفي الحديث: ما زالُوا مُرْتَدِّين على أَعقابهم أَي
راجعين إِلى الكفر، كأَنهم رجعوا إِلى ورائهم.
وجاءَ مُعَقِّباً أَي في آخرِ النهارِ.
وجِئْتُكَ في عَقِبِ الشهر، وعَقْبِه، وعلى عَقِـبِه أَي لأَيامٍ بَقِـيَتْ منه عشرةٍ أَو أَقَلَّ. وجِئتُ في عُقْبِ الشهرِ، وعلى عُقْبِه، وعُقُبِه، وعُقْبانِه أَي بعد مُضِـيِّه كلِّه. وحكى اللحياني: جِئتُك عُقُبَ
رمضانَ أَي آخِرَه. وجِئْتُ فلاناً على عَقْبِ مَمَرِّه، وعُقُبه،
وعَقِبِه، وعَقْبِه، وعُقْبانِه أَي بعد مُرورِه. وفي حديث عمر: أَنه سافر في عَقِب رمضانَ أَي في آخره، وقد بَقِـيَتْ منه بقية؛ وقال اللحياني: أَتَيْتُك على عُقُبِ ذاك، وعُقْبِ ذاك، وعَقِبِ ذاكَ، وعَقْبِ ذاكَ، وعُقْبانِ ذاك، وجِئتُكَ عُقْبَ قُدُومِه أَي بعده.
وعَقَبَ فلانٌ على فلانة إِذا تزوّجها بعد زوجها الأَوَّل، فهو عاقِبٌ لها أَي آخِرُ أَزواجها.
والـمُعَقِّبُ: الذي أُغِـيرَ عليه فَحُرِب، فأَغارَ على الذي كان
أَغارَ عليه، فاسْتَرَدَّ مالَه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة فرس:
يَمْلأُ عَيْنَيْكَ بالفِناءِ، ويُرْ * ضِـيك عِقاباً إِنْ شِـيتَ أَو نَزَقا
قال: عِقَاباً يُعَقِّبُ عليه صاحبُه أَي يَغْزُو مرةً بعد أُخرى؛ قال:
وقالوا عِقاباً أَي جَرْياً بعد جَرْيٍ؛ وقال الأَزهري: هو جمع عَقِبٍ.
وعَقَّبَ فلانٌ في الصلاة تَعْقيباً إِذا صَلَّى، فأَقامَ في موضعه
ينتظر صلاةً أُخرى. وفي الحديث: من عَقَّبَ في صلاةٍ، فهو في الصلاة أَي أَقام في مُصَلاَّه، بعدما يَفرُغُ من الصلاة؛ ويقال: صلَّى القَوْمُ وعَقَّبَ فلان. وفي الحديث: التَّعْقيبُ في المساجد انتظارُ الصلواتِ بعد الصلوات. وحكى اللِّحْيانيُّ: صلينا عُقُبَ الظُّهْر، وصلينا أَعقابَ الفريضةِ تَطَوُّعاً أَي بعدها.
وعَقَبَ هذا هذا إِذا جاءَ بعده، وقد بَقِـيَ من الأَوَّل شيءٌ؛ وقيل:
عَقَبَه إِذا جاءَ بعده. وعَقَبَ
هذا هذا إِذا ذَهَبَ الأَوَّلُ كلُّه، ولم يَبْقَ منه شيء. وكلُّ شيءٍ جاءَ بعد شيء، وخَلَفَه، فهو عَقْبُه، كماءِ الرَّكِـيَّةِ، وهُبوبِ الريح، وطَيَرانِ القَطا، وعَدْوِ الفَرس.
والعَقْبُ، بالتسكين: الجَرْيُ يجيء بعدَ الجَري الأَوَّل؛ تقول: لهذا
الفرس عَقْبٌ حَسَن؛ وفَرَسٌ ذُو عَقِب وعَقْبٍ أَي له جَرْيٌ بعد جَرْيٍ؛ قال امْرُؤُ القَيْس:
على العَقْبِ جَيَّاشٌ كأَنَّ اهتِزامَهُ، * إِذا جاشَ فيه حَمْيُهُ، غَلْيُ مِرْجَل(1)
(1 قوله «على العقب جياش إلخ» كذا أنشده كالتهذيب وهو في الديوان كذلك وأنشده في مادتي ذبل وهزم كالجوهري على الذبل والمادة في الموضعين محررة فلا مانع من روايته بهما.)
وفرسٌ يَعْقوبٌ: ذو عَقْبٍ، وقد عَقَبَ يَعْقِبُ عَقْباً. وفرس
مُعَقِّبٌ في عَدْوِه: يَزْدادُ جودةً. وعَقَبَ الشَّيْبُ يَعْقِبُ ويَعْقُبُ
عُقُوباً، وعَقَّبَ: جاءَ بعد السَّوادِ؛ ويُقال: عَقَّبَ في الشَّيْبِ
بأَخْلاقٍ حَسَنةٍ.
والعَقِبُ، والعَقْبُ، والعاقِـبةُ: ولَدُ الرجلِ، ووَلَدُ ولَدِه الباقونَ بعده. وذَهَبَ الأَخْفَشُ إِلى أَنها مؤنَّثة. وقولهم: ليستْ لفلانٍ عاقبةٌ أَي ليس له ولَد؛ وقولُ العَرَبِ: لا عَقِبَ له أَي لم يَبْقَ له وَلَدٌ ذَكَر؛ وقوله تعالى: وجَعَلَها كَلمةً باقِـيَةً في عَقِـبِه، أَرادَ عَقِبَ إِبراهيم، عليه السلام، يعني: لا يزال من ولده من يُوَحِّدُ اللّه. والجمع: أَعقاب.
وأَعْقَبَ الرجلُ إِذا ماتَ وتَرك عَقِـباً أَي ولداً؛ يقال: كان له
ثلاثةُ أَولادٍ، فأَعْقَبَ منهم رَجُلانِ أَي تَرَكا عَقِـباً، ودَرَجَ
واحدٌ؛ وقول طُفَيْل الغَنَوِيِّ:
كَريمةُ حُرِّ الوَجْهِ، لم تَدْعُ هالِكاً * من القَومِ هُلْكاً، في غَدٍ، غيرَ مُعْقِبِ
يعني: أَنه إِذا هَلَكَ من قَوْمِها سَيِّدٌ، جاءَ سَيِّدٌ، فهي لم تَنْدُبْ سَيِّداً واحداً لا نظير له أَي إِنّ له نُظَراء من قومِه. وذهب فلانٌ فأَعْقَبه ابنُه إِذا خَلَفه، وهو مثْلُ عَقَبه.
وعَقَبَ مكانَ أَبيه يَعْقُب عَقْباً وعاقِـبة، وعَقَّبَ إِذا خَلَف؛ وكذلك عَقَبَه يَعْقُبُه عَقْباً، الأَوّل لازم، والثاني مُتَعَدّ، وكلُّ من خَلَف بعد شيء فهو عاقبةٌ، وعاقِبٌ له؛ قال: وهو اسم جاءَ بمعنى المصدر، كقوله تعالى: ليس لوَقْعَتها كاذبةٌ؛ وذَهَبَ فلانٌ فأَعْقَبَه ابنُه إِذا خَلَفه، وهو مثلُ عَقَبه؛ ويقال لولد الرجل: عَقِبُه وعَقْبُه، وكذلك آخرُ كلِّ شيء عَقْبُه، وكل ما خَلَف شيئاً، فقد عَقَبَه، وعَقَّبه. وعَقَبُوا من خَلْفِنا، وعَقَّبُونا: أَتَوا. وعَقَبُونا من خَلْفِنا،
وعَقَّبُونا أَي نَزَلُوا بعدما ارتَحَلْنا. وأَعْقَبَ هذا هذا إِذا ذَهَبَ الأولُ، فلم يَبْقَ منه شيءٌ، وصارَ الآخَرُ مكانَه.
والـمُعْقِبُ: نَجْمٌ يَعْقُب نَجْماً أَي يَطْلُع بعده. وأَعْقَبَه نَدَماً وغَمّاً: أَوْرَثَه إِياه؛ قال أَبو ذُؤَيْب:
أَودَى بَنِـيَّ وأَعْقَبُوني حَسْرَةً، * بعدَ الرُّقادِ، وعَبْرَةً ما تُقْلِعُ
ويقال: فَعَلْتُ كذا فاعْتَقَبْتُ منه نَدامةً أَي وجَدْتُ في عاقِبَتِه
ندامةً. ويقال: أَكَلَ أُكْلَةً فأَعْقَبَتْه سُقماً أَي أَورَثَتْه.
ويقال: لَقِـيتُ منه عُقْبةَ الضَّبُع، كما يقال: لَقيتُ منه اسْتَ
الكَلْب أَي لقِـيتُ منه الشِّدَّة.
وعاقَبَ بين الشَّيْئَيْنِ إِذا جاءَ بأَحَدهما مَرَّةً، وبالآخَر أُخْرَى.
ويقال: فلان عُقْبَةُ بني فلانٍ أَي آخِرُ من بَقيَ منهم. ويقال للرجل
إِذا كان مُنْقَطِعَ الكلام: لو كان له
عَقْبٌ لَتَكلم أَي لو كان له جوابٌ.
والعاقِبُ: الذي دُون السَّيِّدِ؛ وقيل: الذي يَخْلُفُه. وفي الحديث:
قَدِمَ على النبي، صلى اللّه عليه وسلم، نَصارى نَجْرَانَ: السَّيِّدُ
والعاقِبُ؛ فالعاقِبُ: مَن يَخْلُفُ السَّيِّدَ بعده. والعاقِبُ والعَقُوبُ:
الذي يَخْلُف من كان قبله في الخَيْرِ. والعاقِبُ: الآخر. وقيل:
السَّيِّدُ والعاقبُ هُمَا مِنْ رُؤَسائِهم، وأَصحاب مراتبهم، والعاقبُ يتلو السيد. وفي الحديث: أَنا العاقِبُ أَي آخر الرسل؛ وقال النبي، صلى اللّه عليه وسلم: لي خمسةُ أَسماء: أَنا مُحَمَّدٌ، وأَنا أَحمدُ، والـمَاحِـي يَمْحُو اللّه بي الكُفْرَ، والحاشِرُ أَحْشُر الناسَ على قَدَمِـي، والعاقِبُ؛ قال أَبو عبيد: العاقِبُ آخِرُ الأَنبياء؛ وفي المحكم: آخرُ الرُّسُل.وفلانٌ يَسْتَقي على عَقِبِ آلِ فُلان أَي في إِثْرهم؛ وقيل: على عُقْبتهم أَي بَعْدَهم.
والعَاقِبُ والعَقُوب: الذي يَخْلُف مَنْ كان قبله في الخَيْر.
والـمُعَقِّبُ: الـمُتَّبِـعُ حَقّاً له يَسْتَرِدُّه. وذهب فلانٌ وعَقَّبَ فلانٌ بعْدُ، وأَعْقَب. والـمُعَقِّبُ: الذي يَتْبَعُ عَقِبَ الإِنسانِ في حَقٍّ؛ قال لبيدٌ يصفُ حماراً وأَتانَهُ:
حتَّى تَهَجَّرَ في الرَّواحِ، وهاجَهُ * طَلَبُ الـمُعَقِّبِ حَقَّه الـمَظْلومُ
وهذا البيتُ استشهد به الجوهري على قوله: عَقَّبَ في الأَمْر إِذا
تَرَدَّد في طلبه مُجِدّاً، وأَنشده؛ وقال: رفع المظلوم، وهو نعتٌ
للـمُعَقِّبِ، على المعنى، والـمُعَقِّبُ خَفْضٌ في اللفظ ومعناه أَنه فاعل. ويقال أَيضاً: الـمُعَقِّبُ الغَريمُ الـمُماطل. عَقَّبَني حَقِّي أَي مَطَلَني، فيكون المظلومُ فاعلاً، والـمُعَقِّبُ مفعولاً. وعَقَّبَ عليه: كَرَّ ورَجَع. وفي التنزيل: وَلَّى مُدْبراً ولم يُعَقِّبْ.
وأَعْقَبَ عن الشيءِ: رَجَعَ. وأَعْقَبَ الرجلُ: رَجَعَ إِلى خَيْر.
وقولُ الحرث بن بَدْر: كنتُ مَرَّةً نُشْبه وأَنا اليومَ عُقْبه؛ فسره ابن
الأَعرابي فقال: معناه كنتُ مَرَّةً إِذا نَشِـبْتُ أَو عَلِقْتُ بإِنسان
لَقِـيَ مني شَرّاً، فقد أَعْقَبْتُ اليومَ ورَجَعْتُ أَي أَعْقَبْتُ منه ضَعْفاً.
وقالوا: العُقْبَـى إِلى اللّه أَي الـمَرْجِـعُ.
والعَقْبُ: الرُّجُوع؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّ صِـياحَ الكُدْرِ، يَنْظُرْنَ عَقْبَنا، * تَراطُنَ أَنْباطٍ عليه طَغَامُ
معناه: يَنْتَظِرْنَ صَدَرَنا ليَرِدْنَ بَعْدَنا.
والـمُعَقِّبُ: الـمُنْتَظِرُ. والـمُعَقِّبُ: الذي يغْزُو غَزوةً بعد غَزْوةٍ، ويَسير سَيْراً بعدَ سيرٍ، ولا يُقِـيمُ في أَهله بعد القُفُولِ.وعَقَّبَ بصلاةٍ بعدَ صلاةٍ، وغَزاةٍ بعد غزاةٍ: وَالى. وفي الحديث:
وإِنَّ كلَّ غازيةٍ غَزَتْ يَعْقُبُ بعضُها بعضاً أَي يكونُ الغَزوُ بينهم
نُوَباً، فإِذا خَرَجَتْ طائفةٌ ثم عادت، لم تُكَلَّفْ أَن تَعودَ ثانيةً،
حتى تَعْقُبَها أُخْرى غيرُها. ومنه حديث عمر: أَنه كان يُعَقِّبُ
الجيوشَ في كل عام.
وفي الحديث: ما كانتْ صلاةُ الخَوْفِ إِلا سَجْدَتَيْن؛ إِلا أَنها كانت
عُقَباً أَي تُصَلي طائفةٌ بعد طائفة، فهم يَتَعاقبُونَها تَعاقُبَ الغُزاةِ. ويقال للذي يغْزو غَزْواً بعدَ غَزْوٍ، وللذي يتقاضَى الدَّيْنَ، فيعودُ إِلى غريمه في تقاضيه. مُعَقِّبٌ؛ وأَنشد بيت لبيد:
طَلَبُ الـمُعَقِّبِ حَقَّه الـمَظْلومُ
والـمُعَقِّبُ: الذي يَكُرُّ على الشيءِ، ولا يَكُرُّ أَحدٌ على ما أَحكمَه اللّهُ، وهو قول سلامة بن جَنْدل:
إِذا لم يُصِبْ في أَوَّلِ الغَزْوِ عَقَّبا
أَي غَزا غَزوةً أُخْرى. وعَقَّبَ في النافِلَةِ بعدَ الفَريضَةِ كذلك.
وفي حديث أَبي هريرة: كان هو وامرأَته وخادِمُه يَعْتَقِـبونَ الليل
أَثلاثاً أَي يَتَناوَبُونه في القيام إِلى الصلاة.
وفي حديث أَنس بن مالك: أَنه سُئِلَ عن التَّعْقِـيبِ في رَمَضانَ،
فأَمَرَهم أَن يُصَلُّوا في البُيوت. وفي التهذيب: فقال إِنهم لا يَرْجِعُون إِلا لخير يَرْجُونَه، أَو شَرٍّ يَخافُونَه. قال ابن الأَثير:
التَّعْقِـيبُ هو أَن تَعْمَلَ عَمَلاً، ثم تَعُودَ فيه؛ وأَراد به ههنا صلاةَ
(يتبع...)
(تابع... 1): عقب: عَقِبُ كُلِّ شيءٍ، وعَقْبُه، وعاقِـبتُه، وعاقِـبُه، وعُقْبَتُه،... ...
النافلة، بعد التراويح، فكَرِهَ أَن يُصَلُّوا في المسجد، وأَحَبَّ أَن يكون ذلك في البيوت. وحكى الأَزهري عن إِسحق بن راهويه: إِذا صَلَّى الإِمامُ في شهر رمضان بالناس تَرْويحةً، أَو تَرويحتين، ثم قام الإِمام من آخر الليل، فأَرسل إِلى قوم فاجْتمعوا فصَلى بهم بعدما ناموا، فإِن ذلك جائز إِذا أَراد به قيامَ ما أُمِرَ أَن يُصَلى من التَّرويح، وأَقلُّ ذلك خَمْسُ تَرويحات، وأَهلُ العراق عليه. قال: فاما أَن يكون إِمام صلى بهم أَوَّلَ الليل الترويحات، ثمَّ رَجَعَ آخِرَ الليل ليُصليَ بهم جماعةً، فإِن ذلك مكروه، لما روي عن أَنس وسعيد بن جبير من كراهيتهما التَّعْقِـيبَ؛ وكان أَنس يأْمُرُهم أَن يُصَلُّوا في بُيوتهم. وقال شمر: التَّعْقِـيبُ أَن يَعْمَلَ عَمَلاً من صلاة أَو غيرها، ثم يعود فيه من يومه؛ يقال: عَقَّبَ بصلاة بعد صلاة، وغزوة بعد غزوة؛ قال: وسمعت ابن الأَعرابي يقول: هو الذي يفعلُ الشيءَ ثم يَعُود إِليه ثانيةً. يقال: صَلى من الليل ثم عَقَّبَ، أَي عاد في تلك الصلاة. وفي حديث عمر: أَنه كان يُعَقِّبُ الجُيوشَ في كل عام؛ قال شمر: معناه أَنه يَرُدُّ قوماً ويَبْعَثُ آخرين يُعاقِـبُونَهم.
يقال: عُقِّبَ الغازيةُ بأَمثالهم، وأُعْقِـبُوا إِذا وُجِّه مكانَهم غيرُهم.
والتَّعْقِـيبُ: أَن يَغْزُوَ الرجلُ، ثم يُثَنِّي من سَنَته؛ قال طفيل
يصف الخيل:
طِوالُ الـهَوادي، والـمُتُونُ صَلِـيبةٌ، * مَغاويرُ فيها للأَميرِ مُعَقَّبُ
والـمُعَقَّبُ: الرجلُ يُخْرَجُ (1)
(1 قوله «والمعقب الرجل يخرج إلخ» ضبط المعقب في التكملة كمعظم وضبط يخرج بالبناء للمجهول وتبعه المجد وضبط في التهذيب المعقب كمحدّث والرجل يخرج بالبناء للفاعل وكلا الضبطين وجيه.) من حانةِ الخَمَّار إِذا دَخَلَها مَن هو أَعْظَمُ منه قدراً؛ ومنه قوله:
وإِنْ تَبْغِني في حَلْقةِ القَوْمِ تَلْقَني، * وإِنْ تَلْتَمِسْني في الـحَوانِيتِ تَصْطَدِ
أَي لا أَكونُ مُعَقَّباً. وعَقَّبَ وأَعْقَبَ إِذا فَعَلَ هذا مرَّةً، وهذا مَرَّةً.
والتَّعْقِـيبُ في الصَّلاةِ: الجلوسُ بعد أَن يَقْضِـيَها لدُعاءٍ أَو مَسْـأَلة.
وفي الحديث: من عَقَّبَ في صلاة، فهو في الصلاةِ.
وتَصَدَّقَ فلانٌ بصَدقةٍ ليس فيها تَعْقِـيبٌ أَي استثناء. وأَعْقَبَه
الطائفُ إِذا كان الجُنُون يُعاوِدُه في أَوْقاتٍ؛ قال امرؤُ القيس يصف فرساً:
ويَخْضِدُ في الآريّ، حَتى كأَنـَّه * به عُرَّةٌ، أَو طائفٌ غيرُ مُعْقِبِ
وإِبلٌ مُعاقِـبــةٌ: تَرْعَى مرةً في حَمْضٍ، ومرةً في خُلَّةٍ. وأَما
التي تَشْرَبُ الماءَ، ثم تَعُودُ إِلى الـمَعْطَنِ، ثم تَعُودُ إِلى الماءِ، فهي العواقِبُ؛ عن ابن الأَعرابي. وعَقَبَتِ الإِبلُ من مكانٍ إِلى
مكانٍ تَعْقُبُ عَقْباً، وأَعْقَبَتْ: كلاهما تحوّلَتْ
منه إِليه تَرْعَى. ابن الأَعرابي: إِبلٌ عاقِـبةٌ تَعْقُب في مَرْتَعٍ بعد الـحَمْضِ، ولا تكون عاقبةً إِلا في سنةٍ جَدْبة، تأْكل الشَّجَر ثم الـحَمْضَ. قال: ولا تكون عاقِـبةً في العُشْبِ.
والتَّعاقُبُ: الوِرْدُ مَرَّةً بعد مرة.
والـمُعَقِّباتُ: اللَّواتي يَقُمْنَ عند أَعْجازِ الإِبل الـمُعْتَرِكاتِ على الـحَوْض، فإِذا انصرفت ناقةٌ دخلت مكانَها أُخرى، وهي الناظراتُ العُقَبِ.
والعُقَبُ: نُوَبُ الوارِدَة تَرِدُ قِطْعةٌ فتَشْرَبُ، فإِذا وَرَدَتْ قِطْعةٌ بعدها فشربت، فذلك عُقْبَتُها.
وعُقْبَةُ الماشية في الـمَرْعَى: أَن تَرْعَى الخُلَّةَ عُقْبةً، ثم تُحَوَّل إِلى الـحَمْضِ، فالـحَمْضُ عُقْبَتُها؛ وكذلك إِذا حُوِّلَتْ من الـحَمْض إِلى الخُلَّة، فالخُلَّة عُقْبَتُها؛ وهذا المعنى أَراد ذو الرمة بقوله يصف الظليم:
أَلْهاهُ آءٌ وتَنُّومٌ وعُقْبَتُه * من لائحِ الـمَرْوِ، والـمَرعى له عُقَبُ
وقد تقدّم.
والـمِعْقَابُ: المرأَة التي من عادتها أَن تَلِدَ ذكراً ثم أُنْثَى.
ونخلٌ مُعاقِـبــةٌ: تَحْمِلُ عاماً وتُخْلِفُ آخر.
وعِقْبةُ القَمَرِ: عَوْدَتُه، بالكسر. ويقال: عَقْبةُ، بالفتح، وذلك
إِذا غاب ثم طَلَع. ابن الأَعرابي: عُقْبَةُ القمر، بالضم، نَجْمٌ يُقارِنُ
القَمَرَ في السَّنةِ مَرَّةً؛ قال:
لا تَطْعَمُ الـمِسْكَ والكافورَ، لِـمَّتُه، * ولا الذَّريرَةَ، إِلا عُقْبةَ القَمَرِ
هو لبعض بني عامر، يقول: يَفْعَلُ ذلك في الـحَوْلِ مَرَّةً؛ ورواية
اللحياني عِقْبَة، بالكسر، وهذا موضع نظر، لأَن القمر يَقْطَعُ الفَلَك في كل شهر مرة. وما أَعلم ما معنى قوله: يُقارن القمر في كل سنة مرة. وفي الصحاح يقال: ما يَفْعَلُ ذلك إِلا عُقْبةَ القَمر إِذا كان يفعله في كل شهر مرةً.
والتَّعاقُبُ والاعْتِقابُ: التَّداوُل.
والعَقِـيبُ: كلُّ شيءٍ أَعْقَبَ شيئاً.
وهما يَتَعاقَبانِ ويَعْتَقِـبانِ أَي إِذا جاءَ هذا، ذَهَب هذا، وهما يَتَعاقَبانِ كلَّ الليل والنهار، والليلُ والنهارُ يَتَعاقَبانِ، وهما
عَقيبان، كلُّ واحدٍ منهما عَقِـيبُ صاحبه.
وعَقِـيبُك: الذي يُعاقِـبُك في العَمَل، يَعْمَلُ مرَّةً وتَعْمَلُ أَنت مَرَّةً. وفي حديث شُرَيْح: أَنه أَبْطَلَ النَّفْحَ إِلا أَن تَضْرِبَ فتُعاقِبَ أَي أَبْطَلَ نَفْحَ الدابة برجلها، وهو رَفْسُها، كانَ لا يُلْزِمُ صاحِـبَها شيئاً إِلا أَن تُتْبِـعَ ذلك رَمْحاً. وعَقَبَ الليلُ النهارَ: جاءَ بعدَه. وعاقَبه أَي جاءَ بعَقِـبه، فهو مُعاقِبٌ وعَقِـيبٌ أَيضاً؛ والتَّعْقِـيبُ مثله. وذَهَبَ فلانٌ وعَقَبَهُ فلانٌ بعدُ، واعْتَقَبَه أَي خَلَفَه. وهما يُعَقِّبانِه ويَعْتَقِـبانِ عليه ويَتَعاقَبانِ: يَتَعاونانِ عليه. وقال أَبو عمرو: النَّعامَةُ تَعْقُبُ في مَرْعًى بعد مَرْعًى، فمرَّةً تأْكل الآءَ، ومَرة التَّنُّوم، وتَعْقُبُ بعد ذلك في حجارة الـمَرْوِ، وهي عُقْبَته، ولا يَغِثُّ عليها شيء من الـمَرْتَع، وهذا معنى قول ذي الرمة:
................... وعُقْبَتُه * من لائِحِ الـمَرْوِ، والـمَرْعَى له عُقَبُ
وقد ذُكِرَ في صدر هذه الترجمة.
واعْتَقَبَ بخير، وتَعَقَّبَ: أَتى به مرَّةً بعد مرة. وأَعْقَبه اللّهُ بإِحسانِه خَيْراً؛ والاسم منه العُقْبَـى،
وهو شِـبْهُ العِوَضِ، واسْتَعْقَبَ منه خيراً أَو شَرّاً: اعْتاضَه، فأَعْقَبَه خَيْراً أَي عَوَّضَهُ وأَبدله. وهو بمعنى قوله:
ومَنْ أَطاعَ فأَعْقِـبْه بطاعَتِه، * كما أَطاعَكَ، وادْلُلْهُ على الرَّشَدِ
وأَعْقَبَ الرجلُ إِعْقاباً إِذا رَجَع من شَرٍّ إِلى خير.
واسْتَعْقَبْتُ الرجلَ، وتَعَقَّبْتُه إِذا طَلَبْتَ عورته وعَثْرَته.
وتقول: أَخَذْتُ من أَسِـيري عُقْبةً إِذا أَخَذْتَ منه بَدَلاً. وفي
الحديث: سَـأُعْطيكَ منها عُقْبَى أَي بَدَلاً عن الإِبقاءِ والإِطلاق. وفي حديث الضيافة: فإِن لم يَقْرُوه، فله أَن يُعْقِـبَهُم بمثْل قِراهُ أَي
يأْخذ منهم عِوَضاً عَمَّا حَرَمُوه من القِرَى. وهذا في الـمُضْطَرِّ
الذي لا يَجِدُ طعاماً، ويخاف على نفسه التَّلَفَ.
يقال: عَقَبَهم وعَقَّبهم، مُشَدَّداً ومخففاً، وأَعْقَبَهم إِذا أَخذ منهم عُقْبَـى وعُقْبةً، وهو أَن يأْخذ منهم بدلاً عما فاته. وتَعَقَّبَ من أَمره: نَدِمَ؛ وتقول: فعلتُ كذا فاعْتَقَبْتُ منه ندامة أَي وجدْتُ في عاقبته ندامة. وأَعْقَبَ الرجلَ: كان عَقِـيبَه؛ وأَعْقَبَ الأَمْرَ إِعْقاباً وعُقْباناً(1)
(1 قوله «وعقباناً» ضبط في التهذيب بضم العين وكذا في نسختين صحيحتين من النهاية ويؤيده تصريح صاحب المختار بضم العين وسكون القاف وضمها اتباعاً، فانظر من أين للشارح التصريح بالكسر ولم نجد له سلفاً. وكثيراً ما يصرح بضبط تبعاً لشكل القلم في نسخ كثيرة التحريف كما اتضح لنا بالاستقراء، وبالجملة فشرحه غير محرر.) وعُقْبَـى حسَنةً أَو سيئة. وفي الحديث: ما مِنْ جَرْعةٍ أَحْمَدَ عُقْبَـى مِن جَرْعَةِ
غَيْظٍ مَكْظُومَةٍ؛ وفي رواية: أَحمد عُقْباناً أَي عاقبة. وأُعْقِبَ
عِزُّه ذُلاًّ: أُبْدِلَ؛ قال:
كم من عزيزٍ أُعْقِبَ الذُّلَّ عِزُّه، * فأَصْبَحَ مَرْحُوماً، وقد كان يُحْسَدُ
ويقال: تَعَقَّبْتُ الخَبَرَ إِذا سأَلتَ غيرَ من كنتَ سأَلته أَوَّل مرة.
ويقال: أَتَى فلانٌ إِليَّ خيراً فعَقَبَ بخير منه؛ وأَنشد:
فَعَقَبْتُم بذُنُوبٍ غيرَ مَرّ
ويقال: رأَيتُ عاقبةً من طَيْر إِذا رأَيتَ طَيْراً يَعْقُبُ بعضُها
بعضاً، تَقَعُ هذه فتطير، ثم تَقَعُ هذه مَوْقِـعَ الأُولى.
وأَعْقَبَ طَيَّ البئر بحجارة من ورائها: نَضَدَها. وكلُّ طريق بعضُه خلف بعضٍ: أَعْقابٌ، كأَنها مَنْضُودة عَقْباً على عَقْبٍ؛ قال الشماخ في وَصْفِ طرائقِ الشَّحْمِ على ظهر الناقة:
إِذا دَعَتْ غَوْثَها ضَرَّاتُها فَزِعَتْ * أَعقابُ نَيٍّ، على الأَثْباجِ، مَنْضُودِ
والأَعْقابُ: الخَزَفُ الذي يُدْخَلُ بين الآجُرِّ في طَيِّ البئر، لكي
يَشْتَدَّ؛ قال كُراع: لا واحد له. وقال ابن الأَعرابي: العُقابُ
الخَزَفُ بين السافات؛ وأَنشد في وصف بئر:
ذاتَ عُقابٍ هَرِشٍ وذاتَ جَمّ
ويُروى: وذاتَ حَمّ، أَراد وذاتَ حَمْءٍ، ثم اعْتَقَدَ إِلْقاءَ حركة الهمزة على ما قبلها، فقال: وذاتَ حَمّ.
وأَعقابُ الطَّيِّ: دوائرُه إِلى مؤَخَّره. وقد عَقَّبْنا الرَّكِـيَّةَ أَي طوَيْناها بحَجَر من وراءِ حجر. والعُقابُ: حجر يَسْتَنْثِلُ على الطَّيِّ في البئر أَي يَفْضُل. وعَقَبْتُ الرجلَ: أَخذتُ من ماله مثلَ ما أَخَذَ
مني، وأَنا أَعْقُب، بضم القاف، ويقال: أَعْقَبَ عليه يَضْرِبُه.
وعَقَبَ الرَّجُلَ في أَهله: بغاه بشَرٍّ وخَلَفَه. وعَقَبَ في أَثر
الرجل بما يكره يَعْقُبُ عَقْباً: تناوله بما يكره ووقع فيه.
والعُقْبةُ: قدرُ فَرسخين؛ والعُقْبَةُ أَيضاً: قَدْرُ ما تَسِـيرُه،
والجمعُ عُقَبٌ؛ قال:
خَوْداً ضِناكاً لا تَسِـير العُقَبا
أَي إِنها لا تَسير مع الرجال، لأَنها لا تَحْتَملُ ذلك لنَعْمتها
وتَرَفِها؛ كقول ذي الرمة:
فلم تَسْتَطِـعْ مَيٌّ مُهاواتَنا السُّرَى، * ولا لَيْلَ عِـيسٍ في البُرِينَ خَواضِـعُ
والعُقْبةُ: الدُّولةُ؛ والعُقْبةُ: النَّوْبةُ؛ تقول: تَمَّتْ عُقْبَتُكَ؛ والعُقبة أَيضاً: الإِبل يَرْعاها الرجلُ، ويَسْقيها عُقْبَتَه أَي دُولَتَه، كأَنَّ الإِبلَ سميت باسم الدُّولَة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِنَّ عليَّ عُقْبَةً أَقْضِـيها، * لَسْتُ بناسِـيها ولا مُنْسِـيها
أَي أَنا أَسُوقُ عُقْبَتِـي، وأُحْسِنُ رَعْيَها. وقوله: لستُ بناسِـيها ولا مُنْسِـيها، يقول: لستُ بتاركِها عَجْزاً ولا بِمُؤَخِّرِها؛ فعلى هذا إِنما أَراد: ولا مُنْسِئِها، فأَبدل الهمزةَ ياء، لإِقامة الرِّدْفِ.والعُقْبةُ: الموضع الذي يُرْكَبُ فيه. وتَعاقَبَ الـمُسافرانِ على الدابة: رَكِبَ كلُّ واحد منهما عُقْبةً. وفي الحديث: فكان الناضِحُ يَعْتَقِـبُه مِنَّا الخَمْسةُ أَي يَتَعاقَبُونه في الرُّكوبِ واحداً بعدَ واحدٍ. يُقال: جاءَتْ عُقْبةُ فلانٍ أَي جاءَتْ نَوْبَتُه ووقتُ رُكوبه. وفي الحديث: مَنْ مَشى عن دابته عُقْبةً، فله كذا، أَي شَوْطاً. ويُقال: عاقَبْتُ الرجلَ، مِن العُقْبة، إِذا راوَحْتَه في عَمل، فكانت لك عُقْبةٌ وله عُقْبةٌ؛ وكذلك أَعْقَبْتُه. ويقول الرجل لزَمِـيله: أَعْقِبْ وعاقِبْ أَي انْزِلْ حتى أَرْكَبَ عُقْبتِـي؛ وكذلك كلُّ عَمل. ولما تَحَوَّلَتِ الخِلافةُ إِلى الهاشميين عن بني أُمَيَّة، قال سُدَيْفٌ شاعرُ بني العباسِ:
أَعْقِـبِـي آلَ هاشِمٍ، يا مَيَّا!
يقول: انْزِلي عن الخِلافةِ حتى يَرْكَبَها بَنُو هاشم، فتكون لهم
العُقْبةُ عليكم.
واعْتَقَبْتُ فلاناً من الرُّكُوبِ أَي نَزَلْتُ فرَكِبَ. وأَعْقَبْتُ الرجلَ وعاقَبْتُه في الراحلة إِذا رَكِبَ عُقْبةً، ورَكِـبْتَ عُقْبةً، مثلُ الـــمُعاقَبــةِ.
والـــمُعاقَبــةُ في الزِّحافِ: أَن تَحْذِفَ حَرْفاً لثَباتِ حَرْفٍ، كأَنْ تَحْذِفَ الياء من مفاعيلن وتُبْقي النونَ، أَو تَحْذِفَ النون وتُبْقي
الياء، وهو يقع في جملة شُطُورٍ من شطور العَروض.
والعرب تُعْقِبُ بين الفاء والثاء، وتُعاقِبُ، مثل جَدَثٍ وجَدَفٍ.
وعاقَبَ: رَاوَحَ بين رِجْليْه.
وعُقْبةُ الطائر: مسافةُ ما بين ارتفاعه وانْحطاطِه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وعَرُوبٍ غَيْر فاحشةٍ، * قد مَلَكْتُ وُدَّها حِقَبا
ثم آلتْ لا تُكَلِّمُنا، * كلُّ حَيٍّ مُعْقَبٌ عُقَبا
معنى قوله: مُعْقَبٌ أَي يصير إِلى غير حالته التي كانَ عليها. وقِدْحٌ مُعَقَّبٌ: وهو الـمُعادُ في الرِّبابة مَرَّةً بعد مَرَّة، تَيمُّناً
بفَوْزِه؛ وأَنشد:
بمَثْنى الأَيادِي والـمَنيحِ الـمُعَقَّبِ
وجَزُورٌ سَحُوفُ الـمُعَقَّب إِذا كان سميناً؛ وأَنشد:
بجَلْمَة عَلْيانٍ سَحُوفِ الـمُعَقَّبِ
وتَعَقَّبَ الخَبَر: تَتَبَّعَه. ويقال: تَعَقَّبْتُ الأَمْرَ إِذا َدَبَّرْته. والتَّعَقُّبُ: التَّدَبُّرُ، والنظرُ ثانيةً؛ قال طُفَيْل الغَنَوِيّ:
فلَنْ يَجدَ الأَقْوامُ فينا مَسَبَّـةً، * إِذا اسْتَدْبَرَتْ أَيامُنا بالتَّعَقُّب
يقول: إِذا تَعَقَّبوا أَيامَنا، لم يَجِدُوا فينا مَسَبَّـة.
ويقال: لم أَجد عن قولك مُتَعَقَّباً أَي رُجوعاً أَنظر فيه أَي لم
أُرَخِّصْ لنفسي التَّعَقُّبَ فيه، لأَنْظُرَ آتِـيه أَم أَدَعُه. وفي الأَمر
مُعَقَّبٌ أَي تَعَقُّبٌ؛ قال طُفَيْل:
مَغَاويرُ، من آلِ الوَجِـيهِ ولاحقٍ، * عَناجيجُ فيها للأَريبِ مُعَقَّبُ
وقوله: لا مُعَقِّبَ لِـحُكْمِه أَي لا رادَّ لقضائِه. وقوله تعالى:
وَلَّى مُدْبِراً ولم يُعَقِّبْ؛ أَي لم يَعْطِفْ، ولم يَنْتَظِرْ. وقيل: لم
يمكُثْ، وهو من كلام العرب؛ وقال قتادة: لم يَلْتَفِتْ؛ وقال مجاهد: لم يَرْجِـعْ. قال شمر: وكُلُّ راجع مُعَقِّبٌ؛ وقال الطرماح:
وإِنْ تَوَنَّى التَّالِـياتُ عَقَّبا
(يتبع...)
(تابع... 2): عقب: عَقِبُ كُلِّ شيءٍ، وعَقْبُه، وعاقِـبتُه، وعاقِـبُه، وعُقْبَتُه،... ...
أَي رَجَعَ. واعْتَقَبَ الرجلَ خيراً أَو شرّاً بما صَنَع: كافأَه به.
والعِقابُ والـــمُعاقَبــة أَن تَجْزي الرجلَ بما فَعل سُوءًا؛ والاسمُ
العُقُوبة. وعاقَبه بذنبه مُعاقَبــة وعِقَاباً: أَخَذَه به.
وتَعَقَّبْتُ الرجلَ إِذا أَخَذْتَه بذَنْبٍ كان منه.
وتَعَقَّبْتُ عن الخبر إِذا شَكَكْتَ فيه، وعُدْتَ للسُّؤَال عنه؛ قال
طُفَيل:
تَـأَوَّبَنِـي، هَمٌّ مع الليلِ مُنْصِبُ، * وجاءَ من الأَخْبارِ ما لا أُكَذِّبُ
تَتابَعْنَ حتى لم تَكُنْ لِـيَ ريبةٌ، * ولم يَكُ عمَّا خَبَّرُوا مُتَعَقَّبُ
وتَعَقَّبَ فلانٌ رَأْيَه إِذا وَجَد عَاقِـبَتَه إِلى خَيْر. وقوله تعالى: وإِنْ فاتكم شيءٌ من أَزواجكم إِلى الكفار فعَاقَبْتُم؛ هكذا قرأَها مَسْرُوقُ بنُ الأَجْدَع، وفَسَّرَها: فَغَنِمْتم. وقرأَها حُمَيْد: فعَقَّبْتُم، بالتشديد. قال الفراء: وهي بمعنى عَاقَبْتُم، قال: وهي كقولك: تَصَعَّرَ وتَصَاعَرَ، وتَضَعَّفَ وتَضَاعَفَ، في ماضي فَعَلْتُ وفاعَلْتُ؛ وقُرِئَ فعَقَبْتُم، خفيفةً. وقال أَبو إِسحق النحوي: من قرأَ فَعاقَبْتُم، فمعناه أَصَبْتُموهم في القتال بالعُقُوبة حتى غَنِمْتم؛ ومن قرأَ
فَعَقَبْتم، فمعناه فَغَنمتم؛ وعَقَّبْتُم أَجودُها في اللغة؛ وعَقَبْتُم
جَيِّدٌ أَيضاً أَي صارَتْ لكم عُقْبَـى، إِلا أَن التشديد أَبلغ؛ وقال
طرفة:
فَعَقَبْتُمْ بِذُنُوبٍ غَيْرَ مَرّ
قال: والمعنى أَن من مَضَت امرأَتُه منكم إِلى مَنْ لا عَهْدَ بينكم
وبينه، أَو إِلى مَنْ بينكم وبينه عهدٌ، فنَكَثَ في إِعْطاءِ الـمَهْرِ،
فغَلَبْتُمْ عليه، فالذي ذهبت امرأَتُه يُعْطَى من الغنيمة الـمَهْرَ مِن
غير أَن يُنْقَصَ من حَقِّهِ في الغنائم شيءٌ، يُعْطَى حَقَّه كَمَلاً، بعد
إِخْراج مُهورِ النساء.
والعَقْبُ والـــمُعاقِبُ: الـمُدْرِكُ بالثَّـأْر. وفي التنزيل العزيز: وإِنْ عاقَبْتُم فَعاقِـبُوا بمثل ما عُوقِـبْتُم به؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
ونَحْنُ قَتَلْنا بالـمَخارِقِ فارساً، * جَزاءَ العُطاسِ، لا يَمُوتُ الـــمُعاقِبُ
أَي لا يَمُوتُ ذِكْرُ ذلك الـــمُعاقِبِ بعد موته.
وقوله: جَزَاءَ العُطاسِ أَي عَجَّلْنا إِدْراكَ الثَّـأْرِ، قَدْرَ ما بين التشميت والعُطاسِ. وعن الأَصمعي: العَقْبُ: العِقَابُ؛ وأَنشد:
لَـيْنٌ لأَهْلِ الـحَقِّ ذُو عَقْبٍ ذَكَرْ
ويُقال: إِنه لَعَالِـم بعُقْمَى الكلام، وعُقْبَـى الكلام، وهو غامضُ
الكلام الذي لا يعرفه الناس، وهو مثل النوادر.
وأَعْقَبه على ما صَنَع: جازاه. وأَعْقَبه بطاعته أَي جازاه،
والعُقْبَـى جَزاءُ الأَمر. وعُقْبُ كُلِّ شيء، وعُقْباه، وعُقْبانُه، وعاقِـبَتُه: خاتِمتُه. والعُقْبى: الـمَرْجِعُ. وعَقَبَ الرجلُ يَعْقُبُ عَقْباً:
طَلب مالاً أَو غيره. ابن الأَعرابي: الـمِعْقَبُ الخِمار؛ وأَنشد:
كـمِعْقَبِ الرَّيْط إِذْ نَشَّرْتَ هُدَّابَهْ
قال: وسُمِّيَ الخِمار مِعْقَباً، لأَنه يَعْقُبُ الـمُلاءة، يكون خَلَفاً مِنْها. والـمِعْقَبُ: القُرْطُ. والـمِعْقَبُ: السائِقُ الحاذِقُ بالسَّوْق. والـمِعْقَب: بعير العُقَبِ. والـمِعْقَبُ: الذي يُرَشَّحُ للخِلافة بعد الإِمام. والـمُعْقِبُ: النَّجْمُ (1)
(1 قوله «والمعقب النجم إلخ» ضبط في المحكم كمنبر وضبط في القاموس كالصحاح بالشكل كمحسن اسم فاعل.)
الذي يَطْلعُ، فيَرْكَبُ بطُلُوعه الزَّميلُ الـــمُعاقِبُ؛ ومنه قول الراجز:
كأَنها بَيْنَ السُّجُوفِ مِعْقَبُ،
أَو شادِنٌ ذو بَهْجَةٍ مُرَبِّبُ
أَبو عبيدة: الـمِعْقَبُ نجْمٌ يَتَعاقَبُ به الزَّميلانِ في السفر، إِذا غابَ نجمٌ وطَلَعَ آخَر، رَكِبَ الذي كان يمشي. وعُقْبَةُ القِدْرِ: ما الْتَزَقَ بأَسْفَلِها من تابلٍ وغيره.
والعُقْبة: مَرقَة تُرَدُّ في القِدْرِ المستعارة، بضم العين، وأَعْقَبَ
الرجُلَ: رَدَّ إِليه ذلك؛ قال الكُمَيْت:
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ، ولم يكنْ، * لعُقْبةِ قِدْرِ الـمُستَعِـيرين، مُعْقِبُ
وكان الفراء يُجيزها بالكسر، بمعنى البَقِـيَّة. ومن قال عُقْبة، بالضم، جعله من الاعْتِقاب. وقد جعلها الأَصمعي والبصريون، بضم العين. وقَرارَةُ القِدْرِ: عُقْبَتُها.
والـمُعَقِّباتُ: الـحَفَظةُ، من قوله عز وجل: له مُعَقِّباتٌ (2)
(2 قوله «له معقبات إلخ» قال في المحكم أي للإنسان معقبات أي ملائكة يعتقبون يأتي بعضهم بعقب بعض يحفظونه من أمر اللّه أي مما أمرهم اللّه به كما تقول يحفظونه عن أمر اللّه وبأمر اللّه لا أنهم يقدرون أن يدفعوا عنه أمر اللّه.)
من بين يديه ومن خَلْفِه يَحْفَظونه. والـمُعَقِّبات: ملائكةُ الليل
والنهار، لأَنهم يَتَعاقبون، وإِنما أُنِّثَتْ لكثرة ذلك منها، نحو نَسّابة
وعَلاَّمةٍ وهو ذَكَرٌ. وقرأ بعض الأَعراب: له مَعاقِـيبُ. قال الفراء: الـمُعَقِّباتُ الملائكةُ، ملائكةُ الليلِ تُعَقِّبُ ملائكةَ النهار،
وملائكةُ النهار تُعَقِّبُ ملائكةَ الليل. قال الأَزهري: جعل الفراءُ عَقَّبَ بمعنى عاقَبَ، كما يقال: عاقَدَ وعَقَّدَ، وضاعَفَ وضَعَّفَ، فكأَنَّ ملائكة النهارِ تحفظ العباد، فإِذا جاءَ الليل جاءَ معه ملائكة الليل، وصَعِدَ ملائكةُ النهار، فإِذا أَقبل النهار عاد من صَعِدَ؛ وصَعِدَ ملائكةُ الليل، كأَنهم جَعَلُوا حِفْظَهم عُقَباً أَي نُوَباً. وكلُّ من عَمِلَ عَمَلاً ثم عاد إِليه فقد عَقَّبَ.
وملائكةٌ مُعَقِّبَةٌ، ومُعَقِّباتٌ جمعُ الجمع؛ وقول النبي، صلى اللّه
عليه وسلم: مُعَقِّباتٌ لا يَخِـيبُ قائلُهُنَّ، وهو أَن يُسَبِّحَ في دُبر صلاته ثلاثاً وثلاثين تسبيحةً، ويَحْمَده ثلاثاً وثلاثين تحميدةً،
ويكبره أَربعاً وثلاثين تكبيرة؛ سُمِّيَتْ مُعَقِّباتٍ، لأَنها
عادَتْ مرةً بعد مرة، أَو لأَنها تُقال عَقِـيبَ الصلاة. وقال شمر: أَراد بقوله مُعَقِّباتٌ تَسْبِـيحات تَخْلُفُ بأْعْقابِ الناسِ؛ قال: والـمُعَقِّبُ من كل شيءٍ: ما خَلَفَ بِعَقِبِ ما قبله؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للنمر ابن تَوْلَبٍ:
ولَسْتُ بشَيْخٍ، قد تَوَجَّهَ، دالفٍ، * ولكنْ فَـتًى من صالحِ القوم عَقَّبا
يقول: عُمِّرَ بعدَهم وبَقي.
والعَقَبة: واحدة عَقَباتِ الجبال. والعَقَبةُ: طريقٌ، في الجَبَلِ،
وَعْرٌ، والجمع عَقَبٌ وعِقابٌ. والعَقَبَة: الجبَل الطويلُ، يَعْرِضُ
للطريق فيأْخُذُ فيه، وهو طَويلٌ صَعْبٌ شديدٌ، وإِن كانت خُرِمَتْ بعد أَن تَسْنَدَ وتَطُولَ في السماءِ، في صُعود وهُبوط، أَطْوَلُ من النَّقْبِ، وأَصْعَبُ مُرْتَقًى، وقد يكونُ طُولُهما واحداً. سَنَدُ النَّقْبِ فيه شيءٌ من اسْلِنْقاء، وسَنَدُ العَقَبة مُسْتَوٍ كهيئة الجِدار. قال
الأَزهري: وجمع العَقَبَةِ عِقابٌ وعَقَباتٌ. ويقال: من أَين كانتْ عَقِـبُكَ أَي من أَين أَقْبَلْتَ؟ والعُقابُ: طائر من العِتاقِ مؤنثةٌ؛ وقيل: العُقابُ يَقَع على الذكر والأُنثى، إِلا أَن يقولوا هذا عُقابٌ ذكَر؛ والجمع: أَعْقُبٌ وأَعْقِـبةٌ؛ عن كُراع؛ وعِقْبانٌ وعَقابينُ: جمعُ الجمع؛ قال:
عَقابينُ يومَ الدَّجْنِ تَعْلُو وتَسْفُلُ
وقيل: جمع العُقاب أَعْقُبٌ؛ لأَنها مؤنثة. وأَفْعُلٌ بناء يختص به جمعُ الإِناث، مثل عَناقٍ وأَعْنُقٍ، وذراع وأَذْرُعٍ. وعُقابٌ عَقَنْباةٌ؛
ذكره ابن سيده في الرباعي.
وقال ابن الأَعرابي: عِتاقُ الطير العِقْبانُ، وسِـباعُ الطير التي
تصيد، والذي لم يَصِدْ الخَشاشُ. وقال أَبو حنيفة: من العِقبان عِقبانٌ تسمى عِقبانَ الجِرْذانِ، ليست بسُودٍ، ولكنها كُهْبٌ، ولا يُنْتَفَعُ بريشها، إِلاَّ أَن يَرْتاشَ به الصبيانُ الجمامِـيحَ.
والعُقابُ: الراية. والعُقابُ: الـحَرْبُ؛ عن كراع. والعُقابُ: عَلَم
ضَخْمٌ. وفي الحديث: أَنه كان اسم رايته، عليه السلام، العُقابَ، وهي العَلَمُ الضَّخْمُ. والعرب تسمي الناقةَ السوداءَ عُقاباً، على التشبيه. والعُقابُ الذي يُعْقَدُ للوُلاة شُبِّهَ بالعُقابِ الطائر، وهي مؤنثة أَيضاً؛ قال أَبو ذؤيب:
ولا الراحُ راحُ الشامِ جاءَتْ سَبِـيئَةً، * لها غايةٌ تَهْدِي، الكرامَ، عُقابُها
عُقابُها: غايَتُها، وحَسُنَ تكرارُه لاختلاف اللفظين، وجَمْعُها
عِقْبانٌ.
والعُقابُ: فرس مِرْداس بن جَعْوَنَةَ.
والعُقابُ: صَخْرة ناتئةٌ ناشِزَةٌ في البئر، تَخْرِقُ الدِّلاءَ، وربما
كانت من قِـبَلِ الطَّيِّ؛ وذلك أَن تَزُولَ الصَّخْرَةُ عن موضعها،
وربما قام عليها الـمُسْتَقي؛ أُنثى، والجمع كالجَمْعِ. وقد عَقَّبها
تَعْقِـيباً: سَوّاها. والرجُل الذي يَنْزِلُ في البئر فيَرْفَعُها، يقال له:
الـمُعَقِّبُ. ابن الأَعرابي: القَبِـيلَة صَخْرَةٌ على رأْس البئر،
والعُقابانِ من جَنَبَتَيْها يَعْضُدانِها.
وقيل: العُقابُ صخرة ناتئة في عُرْضِ جَبل، شِـبْهُ مِرْقاة. وقيل:
العُقابُ مَرْقًى في عُرْضِ الجَبَل. والعُقابانِ: خَشَبتان يَشْبَحُ الرجلُ
بينهما الجِلْدَ. والعُقاب: خَيْطٌ صغيرٌ، يُدْخَلُ في خُرْتَيْ حَلْقَةِ
القُرْطِ، يُشَدُّ به.
وعَقَبَ القُرْطَ: شَدَّه بعَقَبٍ خَشْيةَ أَن يَزِيغَ؛ قال سَيّارٌ الأَبانِـيُّ:
كأَنَّ خَوْقَ قُرْطِها الـمَعْقوبِ * على دَباةٍ، أَو على يَعْسُوبِ
جَعلَ قُرْطَها كأَنه على دَباة، لقِصَرِ عُنُقِ الدَّباة، فوصَفَها
بالوَقصِ. والخَوْقُ: الـحَلْقَةُ. واليَعْسوبُ: ذكر النحل. والدَّباةُ:
واحدةُ الدَّبى، نَوْعٌ من الجَراد.
قال الأَزهري: العُقابُ الخيطُ الذي يَشُدُّ طَرَفَيْ حَلْقَةِ القُرْط.
والـمِعْقَبُ: القُرْطُ؛ عن ثعلب.
واليَعْقُوبُ: الذَّكَرُ من الـحَجَل والقَطَا، وهو مصروف لأَنه عربيّ
لم يُغَيَّرْ، وإِن كان مَزيداً في أَوَّله، فليس على وزن الفعل؛ قال
الشاعر:
عالٍ يُقَصِّرُ دونه اليَعْقُوبُ
والجمع: اليعاقيبُ. قال ابن بري: هذا البيت ذكره الجوهري على أَنه شاهد على اليَعْقُوبِ، لذَكَر الـحَجَل، والظَّاهر في اليَعْقُوبِ هذا أَنه ذَكَر العُقاب، مِثْل اليَرْخُوم، ذَكَرِ الرَّخَم، واليَحْبُورِ، ذَكَرِ الـحُبارَى، لأَن الـحَجَلَ لا يُعْرَفُ لها مِثلُ هذا العُلُوِّ في الطَّيران؛ ويشهد بصحة هذا القول قول الفرزدق:
يوماً تَرَكْنَ، لإِبْراهِـيمَ، عافِـيَةً * من النُّسُورِ عليهِ واليَعاقيب
فذكر اجْتماعَ الطير على هذا القَتِـيل من النُّسور واليَعاقيب، ومعلوم أَن الـحَجَلَ لا يأْكل القَتْلى. وقال اللحياني: اليَعْقُوبُ ذَكَرُ
القَبْجِ. قال ابن سيده: فلا أَدْرِي ما عَنى بالقَبْجِ: أَلـحَجَلَ، أَم
القَطا، أَم الكِرْوانَ؛ والأَعْرَفُ أَن القَبْجَ الـحَجَلُ. وقيل:
اليَعاقِـيبُ من الخَيل، سميت بذلك تشبيهاً بيَعاقِـيبِ الـحَجَل لسُرْعتها؛ قال سلامة بن جَنْدَل:
وَلَّى حَثِـيثاً، وهذا الشَّيْبُ يَتْبَعُه، * لو كان يُدْرِكُه رَكْضُ اليعاقِـيبِ(1)
(1 قوله «يتبعه» كذا في المحكم والذي في التهذيب والتكملة يطلبه، وجوّز في ركض الرفع والنصب.)
قيل: يعني اليَعاقِـيبَ من الخَيْل؛ وقيل: ذكور الحجَل.
والاعْتِقابُ: الـحَبْسُ والـمَنْعُ والتَّناوُبُ. واعتَقَبَ الشيءَ: حَبَسه عنده. واعْتَقَبَ البائِـعُ السِّلْعَة أَي حَبَسها عن الـمُشتري حتى يقبضَ الثمن؛ ومنه قول إِبراهيم النَّخَعِـيّ: الـمُعْتَقِبُ ضامِنٌ لما اعْتَقَبَ؛ الاعْتِقابُ: الـحَبس والمنعُ. يريد أَنَّ البائع إِذا باع شيئاً، ثم منعه المشتريَ حتى يَتْلَفَ عند البائع، فقد ضَمِنَ. وعبارة الأَزهري: حتى تَلِفَ عند البائِع هَلكَ من ماله، وضمانُه منه.
وعن ابن شميل: يقال باعني فلانٌ سِلْعَةً، وعليه تَعْقِبةٌ إِن كانت
فيها، وقد أَدْرَكَتْني في تلك السِّلْعة تَعْقِـبَةٌ.
ويقال: ما عَقَّبَ فيها، فعليك في مالك أَي ما أَدركني فيها من دَرَكٍ فعليك ضمانُه.
وقوله عليه السلام: لَيُّ الواجِد يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وعِرْضَه؛ عُقُوبَتُه: حَبْسُه، وعِرْضُه: شِكايتُه؛ حكاه ابن الأَعرابي وفسره بما ذكرناه.واعْتَقَبْتُ الرجُلَ: حَبَسْتُه. وعِقْبَةُ السَّرْو، والجَمالِ، والكَرَمِ، وعُقْبَتُه، وعُقْبُه: كلُّه أَثَرهُ وهيئتُه، وقال اللحياني: أَي سِـيماهُ وعلامته؛ قال: والكَسْرُ أَجْوَدُ. ويُقال: على فلان عِقْبةُ السَّرْوِ والجَمال، بالكسر، إِذا كان عليه أَثَرُ ذلك.
والعِقْبَةُ: الوَشْيُ كالعِقْمةِ، وزعم يَعْقُوبُ أَن الباءَ بدل من الميم. وقال اللحياني: العِقْبة ضَرْبٌ من ثِـياب الـهَوْدَجِ مُوَشًّى.
ويُقال: عَقْبة وعَقْمَة، بالفتح.
والعَقَبُ: العَصَبُ الذي تُعْمَلُ منه الأَوتار، الواحدة عَقَبَةٌ. وفي
الحديث: أَنه مضغ عَقَباً وهو صائم؛ قال ابن الأَثير: هو، بفتح القاف، العَصَبُ والعَقَبُ من كل شيءٍ: عَصَبُ الـمَتْنَيْنِ، والسّاقين، والوَظِـيفَين، يَخْتَلِطُ باللحم يُمْشَقُ منه مَشْقاً، ويُهَذَّبُ ويُنَقَّى من اللحم، ويُسَوَّى منه الوَتَر؛ واحدته عَقَبةٌ، وقد يكون في جَنْبَـيِ البعير. والعَصَبُ: العِلْباءُ الغليظ، ولا خير فيه، والفرق بين العَقَبِ والعَصَبِ: أَن العَصَبَ يَضْرِبُ إِلى الصُّفْرَة، والعَقَب يَضْرِبُ إِلى البياض، وهو أَصْلَبُها وأَمْتَنُها. وأَما العَقَبُ، مُؤَخَّرُ القَدَم: فهو من العَصَب لا من العَقَب. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو زياد: العَقَبُ عَقَبُ الـمَتْنَيْنِ من الشاةِ والبَعيرِ والناقة والبقرة.
وعَقَبَ الشيءَ يَعْقِـبه ويَعْقُبه عَقْباً، وعَقَّبَه: شَدَّه بعَقَبٍ. وعَقَبَ الخَوْقَ، وهو حَلْقَةُ القُرْطِ، يَعْقُبُه عَقْباً: خافَ أَن يَزيغَ فَشَدَّه بعَقَبٍ، وقد تقدَّم أَنه من العُقاب. وعَقَبَ السَّهْمَ والقِدْحَ والقَوْسَ عَقْباً إِذا لَوَى شيئاً من العَقَبِ عليه؛ قال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ:
وأَسْمَرَ من قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ، * به عَلَمانِ من عَقَبٍ وضَرْسِ
(يتبع...)
(تابع... 3): عقب: عَقِبُ كُلِّ شيءٍ، وعَقْبُه، وعاقِـبتُه، وعاقِـبُه، وعُقْبَتُه،... ...
قال ابن بري: صوابُ هذا البيت: وأَصْفَرَ من قِداحِ النَّبْعِ؛ لأَنَّ
سهام الـمَيْسِرِ تُوصَفُ بالصُّفرة؛ كقول طرفة:
وأَصفَرَ مَضبُوحٍ، نَظَرْتُ حُوارَه * على النار، واستَودَعتُهُ كَفَّ مُجمِدِ
وعَقَبَ قِدْحَه يَعقُبه عَقْباً: انكَسرَ فَشَدَّه بعَقَبٍ، وكذلك كلُّ ما انكَسَر فشُدَّ بعَقَبٍ. وعَقَبَ فلانٌ يَعقُبُ عَقْباً إِذا طَلَب مالاً أَو شيئاً غيره. وعَقِبَ النَّبْتُ يَعقَبُ عَقَباً: دَقَّ عُودُه واصفَرَّ وَرقُه؛ عن ابن الأَعرابي. وعَقَّبَ العَرفَجُ إِذا اصفَرَّتْ ثمرته، وحان يُبسه. وكل شيء كانَ بعد شيء، فقد عَقَبه؛ وقال:
عَقَبَ الرَّذاذُ خِلافَهُم، فكأَنما * بَسَطَ الشَّواطِبُ، بينهنَّ، حَصيرا
والعُقَيب، مخفف الياء: موضع. وعَقِبٌ: موضِـعٌ أَيضاً؛ وأَنشد أَبو حنيفة:
حَوَّزَها من عَقِبٍ إِلى ضَبُع، * في ذَنَبانٍ ويَبِـيسٍ مُنْقَفِـعْ
ومُعَقِّبٌ: موضع؛ قال:
رَعَتْ، بمُعَقِّب فالبُلْقِ، نَبْتاً، * أَطارَ نَسِـيلَها عنها فَطارا
والعُقَّيْبُ: طائر، لا يُستعمل إِلاّ مصغراً.
وكَفْرُتِعْقابٍ، وكفرُعاقِبٍ: موضعان.
ورجل عِقَّبانٌ: غليظٌ؛ عن كراع؛ قال: والجمع عِقْبانٌ؛ قال: ولست من هذا الحرف على ثِقَة.
ويَعْقُوب: اسم إِسرائيل أَبي يوسف، عليهما السلام، لا ينصرف في المعرفة، للعجمة والتعريف، لأَنه غُيِّرَ عن جهته، فوقع في كلام العرب غير معروفِ المذهب. وسُمِّيَ يَعْقُوبُ بهذا الاسم، لأَنه وُلِدَ مع عِـيصَوْ في بطن واحد. وُلِدَ عِـيصَوْ قبله، ويَعْقُوبُ متعلق بعَقِـبه، خَرَجا معاً، فعِـيصَوْ أَبو الرُّوم. قال اللّه تعالى في قصة إِبراهيم وامرأَته، عليهما السلام: فَبَشَّرْناها بإِسْحقَ، ومن وَرَاءِ إِسْحقَ يَعْقُوبَ؛ قُرِئَ يعقوبُ، بالرفع، وقُرِئَ يعقوبَ، بفتح الباءِ، فَمَنْ رَفَع، فالمعنى: ومن وراءِ إِسحق يعقوبُ مُبَشَّر بِهِ؛ وَمَن فتح يعقوب، فإِن أَبا زيد والأَخفش زعما أَنه منصوب، وهو في موضِعِ الخفضِ عطفاً على
قوله بإِسحق، والمعنى: بشرناها بإِسحق، ومِنْ وراءِ إِسحق بيعقوب؛ قال الأَزهري: وهذا غير جائز عند حُذَّاق النحويين من البصريين والكوفيين. وأَما أَبو العباس أَحمد بن يحيـى فإِنه قال: نُصِبَ يعقوبُ بـإِضمار فِعْلٍ آخر، كأَنه قال: فبشرناها بـإِسحقَ ووهبنا لها من وراءِ إِسحق يعقوبَ، ويعقوبُ عنده في موضع النصب، لا في موضع الخفض، بالفعل المضمر؛ وقال الزجاج: عطف يعقوب على المعنى الذي في قوله فبشرناها، كأَنه قال: وهبنا لها إِسحق، ومِن وراءِ إِسحق يعقوبَ أَي وهبناه لها أَيضاً؛ قال الأَزهري: وهكذا قال ابن الأَنباري، وقول الفراءِ قريب منه؛ وقول الأَخفش وأَبي زيد عندهم خطأ. ونِـيقُ العُقابِ: موضع بين مكة والمدينة. ونَجْدُ العُقابِ: موضع بدِمَشْق؛ قال الأَخطل:
ويامَنَّ عن نَجْدِ العُقابِ، وياسَرَتْ * بنا العِـيسُ عن عَذْراءِ دارِ بني السَّحْبِ
جزي: الجَزاءُ: المُكافأََة على الشيء، جَزَاه به وعليه جَزَاءً وجازاه
مُجازاةً وجِزَاءً؛ وقول الحُطَيْئة:
منْ يَفْعَلِ الخَيْرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ
قال ابن سيده: قال ابن جني: ظاهر هذا أَن تكون جَوازِيَه جمع جازٍ أَي
لا يَعْدَم جَزاءً عليه، وجاز أَن يُجْمَع جَزَاءٌ على جَوازٍ لمشابهة اسم
الفاعل للمصدر، فكما جمع سَيْلٌ على سَوائِل كذلك يجوز أَن يكون
جَوَازِيَهُ جمع جَزَاءٍ. واجْتَزاه: طَلبَ منه الجَزاء؛ قال:
يَجْزُونَ بالقَرْضِ إِذا ما يُجْتَزَى
والجازِيةُ: الجَزاءُ، اسم للمصدر كالعافِية. أَبو الهيثم: الجَزاءُ
يكون ثواباً
ويكون عقاباَ. قال الله تعالى: فما جَزاؤُه إِن كنتم كاذبين، قالوا
جَزاؤُه من وُجِدَ في رَحْله فهو جَزاؤُه؛ قال: معناه فما عُقُوبته إِنْ
بان كَذِبُكم بأَنه لم يَسْرِقْ أَي ما عُقُوبة السَّرِقِ عندكم إِن
ظَهَر عليه؟ قالوا: جزاء السَّرِقِ عندنا مَنْ وُجِدَ في رَحْله أَي الموجود
في رحله كأَنه قال جَزاء السَّرِقِ عندنا استرقاق السارِقِ الذي يوجد في
رَحْله سُنَّة، وكانت سُنَّة آل يعقوب. ثم وَكَّده فقال فهو جَزاؤه.
وسئل أَبو العباس عن جَزَيْته وجازَيْته فقال: قال الفراء لا يكون جَزَيْتُه
إِلاَّ في الخير وجازَيْته يكون في الخير والشر، قال: وغيره يُجِيزُ
جَزَيْتُه في الخير والشر وجازَيْتُه في الشَّرّ. ويقال: هذا حَسْبُك من
فلان وجازِيكَ بمعنىً واحد. وهذا رجلٌ جازِيكَ من رجل أَي حَسْبُك؛ وأَما
قوله:
جَزَتْكَ عني الجَوَازي
فمعناه جَزتْكَ
جَوازي أَفعالِك المحمودة. والجَوازي: معناه الجَزاء، جمع الجازِية
مصدر على فاعِلةٍ، كقولك سمعت رَوَاغِيَ الإِبل وثَوَاغِيَ الشاءِ؛ قال أَبو
ذؤَيب:
فإِنْ كنتَ تَشْكُو من خَليلٍ مَخانَةً،
فتلك الجَوازي عُقْبُها ونَصِيرُها
أَي جُزِيتَ كما فعَلْتَ، وذلك لأَنه اتَّهَمه في خليلتِه؛ قال
القُطاميُّ:
وما دَهْري يُمَنِّيني ولكنْ
جَزتْكُمْ، يا بَني جُشَمَ، الجوازي
أَي جَزَتْكُم جَوازي حُقُوقكم وذِمامِكم ولا مِنَّةَ لي عليكم.
الجوهري: جَزَيْتُه بما صنَعَ جَزاءً وجازَيْتُه بمعنىً. ويقال: جازَيْتُه
فجَزَيْتُه أَي غَلَبْتُه. التهذيب: ويقال فلانٌ ذو جَزاءٍ وذو غَناءٍ. وقوله
تعالى: جَزاء سيئة بمثلها؛ قال ابن جني: ذهب الأَخفش إِلى أَن الباء فيها
زائدة، قال: وتقديرها عنده جَزاءُ سيئة مثلُها، وإِنما استدل على هذا
بقوله: وجَزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مِثْلُها؛ قال ابن جني: وهذا مذهب حسن واستدلال
صحيح إِلا أَن الآية قد تحتمل مع صحة هذا القول تأْويلين آخرين: أَحدهما
أَن تكون الباء مع ما بعدها هو الخبر، كأَنه قال جزاءُ سيئة كائنٌ
بمثلها، كما تقول إِنما أَنا بك أَي كائنٌ موجود بك، وذلك إِذا صَغَّرت نفسك
له؛ ومثله قولك: توكلي عليك وإِصغائي إِليك وتوَجُّهي نحوَك، فتخبر عن
المبتدإِ بالظرف الذي فِعْلُ ذلك المصدر يتَناوَلُه نحو قولك: توكلت عليك
وأَصغيت إِليك وتوجهت نحوك، ويدل على أَنَّ هذه الظروفَ في هذا ونحوه
أَخبار عن المصادر قبلها تَقَدُّمها عليها، ولو كانت المصادر قبلها واصلة
إِليها ومتناولة لها لكانت من صلاتها، ومعلوم استحالة تقدُّم الصِّلة أَو
شيءٍ منها على الموصول، وتقدُّمُها نحوُ قولك عليك اعتمادي وإِليك توجهي
وبك استعانتي، قال: والوجه الآخر أَن تكون الباء في بمثلها متعلقة بنفس
الجزاء، ويكون الجزاء مرتفعاً بالابتداء وخبرة محذوف، كأَنه جزاءُ سيئة
بمثلها كائن أَو واقع. التهذيب: والجَزاء القَضاء. وجَزَى هذا الأَمرُ
أَي قَضَى؛ ومنه قوله تعالى: واتَّقُوا يوماً لا تَجْزي نفسٌ عن نفس
شيئاً؛ يعود على اليوم والليلة ذكرهما مرة بالهاء ومرة بالصفة، فيجوز ذلك
كقوله: لا تَجْزي نفسٌ عن نفس شيئاً، وتُضْمِرُ الصفةَ ثم تُظْهرها فتقول
لا تَجْزي فيه نفسٌ عن نفس شيئاً، قال: وكان الكسائي لا يُجِيزُ إِضمار
الصفة في الصلة. وروي عن أَبي العباس إِضمارُ
الهاء والصفةِ واحدٌ عند الفراء تَجْزي وتَجْزي فيه إِذا كان المعنى
واحداً؛ قال: والكسائي يضمر الهاء، والبصريون يضمرون الصفة؛ وقال أَبو
إِسحق: معنى لا تَجْزي نفس عن نفس شيئاً أَي لا تَجْزي فيه، وقيل: لا
تَجْزيه، وحذف في ههنا سائغٌ لأَن في مع الظروف محذوفة. وقد تقول: أَتيتُك
اليومَ وأَتيتُك في اليوم، فإِذا أَضمرت قلتَ أَتيتك فيه، ويجوز أَن تقول
أَتَيْتُكه؛ وأَنشد:
ويوماً شَهِدْناه سُلَيْماً وعامِراً
قَليلاً، سِوَى الطَّعْنِ النِّهَالِ، نَوافِلُهْ
أَراد: شهدنا فيه. قال الأَزهري: ومعنى قوله لا تَجْزي نفسٌ عن نفس
شيئاً، يعني يوم القيامة لا تَقْضِي فيه نفْسٌ شيئاً: جَزَيْتُ فلاناً
حَقَّه أَي قضيته. وأَمرت فلاناً يَتَجازَى دَيْني أَي يتقاضاه. وتَجازَيْتُ
دَيْني على فلان إِذا تقاضَيْتَه. والمُتَجازي: المُتَقاضي. وفي الحديث:
أَن رجلاً كان يُدايِنُ الناس، وكان له كاتبٌ ومُتَجازٍ، وهو المُتَقاضي.
يقال: تَجازَيْتُ دَيْني عليه أَي تقاضَيْته. وفسر أَبو جعفر بن جرير
الطَّبَرِيُّ قوله تعالى: لا تَجْزي نفْسٌ عن نفس شيئاً، فقال: معناه لا
تُغْني، فعلى هذا يصح أَجْزَيْتُك عنه أَي أَغنيتك. وتَجازَى دَيْنَه:
تقاضاه. وفي صلاة الحائض: قد كُنَّ نساءُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
يَحِضْنَ أَفأَمَرَهُنَّ أَن يَجْزِينَ أَي يَقْضين؟ ومنه قولهم: جَزاه الله
خيراً أَي أَعطاه جَزاءَ ما أَسْلَف من طاعته. وفي حديث ابن عمر: إِذا
أَجْرَيْتَ الماءَ على الماءِ جَزَى عنك، وروي بالهمز. وفي الحديث: الصومُ
لي وأَنا أَجْزي به؛ قال ابن الأَثير: أَكثَرَ الناسُ في تأْويل هذا
الحديث وأَنه لِمَ خَصَّ الصومَ والجَزاءَ عليه بنفسه عز وجل، وإِن كانت
العباداتُ كلها له وجَزاؤها منه؟ وذكروا فيه وُجُوهاً مدارُها كلها على أَن
الصوم سرٌّ بين الله والعبد، لا يَطَّلِع عليه سواه، فلا يكون العبد
صائماً حقيقة إِلاَّ وهو مخلص في الطاعة، وهذا وإِن كان كما قالوا، فإِن غير
الصوم من العبادات يشاركه في سر الطاعة كالصلاة على غير طهارة، أَو في
ثوب نجس، ونحو ذلك من الأَسرار المقترنة بالعبادات التي لا يعرفها إِلاَّ
الله وصاحبها؛ قال: وأَحْسَنُ ما سمعت في تأْويل هذا الحديث أَن جميع
العبادات التي ُتقرب بها إِلى الله من صلاة وحج وصدقة واعتِكاف وتَبَتُّلٍ
ودعاءٍ وقُرْبان وهَدْي وغير ذلك من أَنواع العبادات قد عبد المشركون بها
ما كانوا يتخذونه من دون الله أَنداداً، ولم يُسْمَع أَن طائفة من طوائف
المشركين وأَرباب النِّحَلِ
في الأَزمان المتقدمة عبدت آلهتها بالصوم ولا تقرَّبت إِليها به، ولا
عرف الصوم في العبادات إِلاَّ من جهة الشرائع، فلذلك قال الله عزَّ وجل:
الصومُ لي وأَنا أَجْزي به أَي لم يشاركني فيه أَحد ولا عُبِدَ به غيري،
فأَنا حينئذ أَجْزي به وأَتولى الجزاء عليه بنفسي، لا أَكِلُه إِلى أَحد
من مَلَك مُقَرَّب أَو غيره على قدر اختصاصه بي؛ قال محمد بن المكرم: قد
قيل في شرح هذا الحديث أَقاويل كلها تستحسن، فما أَدري لِمَ خَصَّ ابن
الأَثير هذا بالاستحسان دونها، وسأَذكر الأَقاويل هنا ليعلم أَن كلها حسن:
فمنها أَنه أَضافه إِلى نفسه تشريفاً وتخصيصاً كإِضافة المسجد والكعبة
تنبيهاً على شرفه لأَنك إِذا قلت بيت الله، بينت بذلك شرفه على البيوت،
وهذا هو من القول الذي استحسنه ابن الأَثير، ومنها الصوم لي أَي لا يعلمه
غيري لأَن كل طاعة لا يقدر المرء أَن يخفيها، وإِن أَخفاها عن الناس لم
يخفها عن الملائكة، والصوم يمكن أَن ينويه ولا يعلم به بشر ولا ملك، كما
روي أَن بعض الصالحين أَقام صائماً أَربعين سنة لا يعلم به أَحد، وكان
يأْخذ الخبز من بيته ويتصدق به في طريقه، فيعتقد أَهل سوقه أَنه أَكل في
بيته، ويعتقد أَهل بيته أَنه أَكل في سوقه، ومنها الصوم لي أَي أَن الصوم
صفة من صفات ملائكتي، فإِن العبد في حال صومه ملك لأَنه يَذْكُر ولا يأْكل
ولا يشرب ولا يقضي شهوة، ومنها، وهو أَحسنها، أَن الصوم لي أَي أَن الصوم
صفة من صفاتي، لأَنه سبحانه لا يَطْعَم، فالصائم على صفة من صفات الرب،
وليس ذلك في أَعمال الجوارح إِلاَّ في الصوم وأَعمال القلوب كثيرة كالعلم
والإرادة، ومنها الصوم لي أَي أَن كل عمل قد أَعلمتكم مقدار ثوابه
إِلاَّ الصوم فإِني انفردت بعلم ثوابه لا أُطلع عليه أَحداً، وقد جاء ذلك
مفسراً في حديث أَبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: كل عمل
ابن آدم يُضاعَفُ الحسنةُ عشر أَمثالها إِلى سبعمائة ضِعْفٍ، قال الله عز
وجل: إِلاَّ الصوم فإِنه لي وأَنا أَجْزي به، يَدَعُ شهوتَه وطعامه من
أَجلي، فقد بيَّن في هذا الحديث أَن ثواب الصيام أَكثر من ثواب غيره من
الأَعمال فقال وأَنا أَجزي به، وما أَحال سبحانه وتعالى المجازاة عنه على
نفسه إِلاَّ وهو عظيم، ومنها الصوم لي أَي يَقْمَعُ عدوِّي، وهو الشيطان
لأَن سبيل الشيطان إِلى العبد عند قضاء الشهوات، فإِذا تركها بقي الشيطان
لا حيلة له، ومنها، وهو أَحسنها، أَن معنى قوله الصوم لي أَنه قد روي في
بعض الآثار أَن العبد يأْتي يوم القيامة بحسناته، ويأْتي قد ضرَب هذا
وشَتَم هذا وغَصَب هذا فتدفع حسناته لغرمائه إِلاَّ حسنات الصيام، يقول
الله تعالى: الصوم لي ليس لكم إِليه سبيل. ابن سيده: وجَزَى الشيءُ يَجْزِي
كَفَى، وجَزَى عنك الشيءُ قضَى، وهو من ذلك. وفي الحديث: أَنه، صلى الله
عليه وسلم، قال لأَبي بُرْدة بن نِيَارٍ حين ضَحَّى بالجَذَعة: تَجْزِي
عنك ولا تَجْزِي عن أَحد بعدَك أَي تَقْضِي؛ قال الأَصمعي: هو مأْخوذ من
قولك قد جَزَى عني هذا الأَمرُ يَجْزِي عني، ولا همز فيه، قال: ومعناه
لا تَقْضِي عن أَحد بعدك. ويقال: جَزَتْ عنك شاةٌ أَي قَضَتْ، وبنو تميم
يقولون أَجْزَأَتْ عنك شاةٌ بالهمز أَي قَضَت. وقال الزجاج في كتاب
فَعَلْتُ وأَفْعَلْتُ: أَجْزَيْتُ عن فلان إِذا قمتَ مَقامه. وقال بعضهم:
جَزَيْتُ عنك فلاناً كافأْته، وجَزَتْ عنك شاةٌ وأَجْزَتْ بمعنىً. قال: وتأْتي
جَزَى بمعنى أَغْنَى. ويقال: جَزَيْتُ فلاناً بما صنع جَزَاءً، وقَضَيْت
فلاناً قَرْضَه، وجَزَيْتُه قرضَه. وتقول: إِن وضعتَ صدقَتك في آل فلان
جَزَتْ عنك وهي جازِية عنك. قال الأَزهري: وبعض الفقهاء يقول أَجْزَى
بمعنى قَضَى. ابن الأَعرابي: يَجْزِي قليلٌ من كثير ويَجْزِي هذا من هذا أَي
كلُّ واحد منهما يقوم مقام صاحبه. وأَجْزَى الشيءُ عن الشيء: قام مقامه
ولم يكف. ويقال: اللحمُ السمين أَجْزَى من المهزول؛ ومنه يقال: ما
يُجْزِيني هذا الثوبُ أَي ما يكفيني. ويقال: هذه إِبلٌ مَجازٍ يا هذا أَي
تَكْفِي، الجَملُ الواحد مُجْزٍ. وفلان بارع مَجْزىً لأَمره أَي كاف أَمره؛
وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده لبعض بني عمرو بن تميم:
ونَحْنُ قَتَلْنا بالمَخارِقِ فارساً،
جَزاءَ العُطاسِ، لا يموت الــمُعاقِب
قال: يقول عجلنا إِدراك الثَّأْر كقدر ما بين التشميت والعُطاس،
والــمُعاقِبُ الذي أَدرك ثَأْره، لا يموت الــمُعاقِب لأَنه لا يموت ذكر ذلك بعد
موته، لا يَمُوت من أَثْأَرَ أَي لا يَمُوت ذِكْرُهُ. وأَجْزَى عنه
مُجْزَى فلان ومُجْزاته ومَجْزاه ومَجْزاته؛ الأَخيرة على توهم طرح الزائد
أَعني لغة في أَجْزَأَ. وفي الحديث: البَقَرَةُ تُجْزِي عن سبعة، بضم التاء؛
عن ثعلب، أَي تكون جَزَاءً عن سبعة. ورجلٌ ذو جَزَاءٍ أَي غَناء، تكون من
اللغتين جميعاً.
والجِزْيَةُ: خَراجُ الأَرض، والجمع جِزىً وجِزْيٌ. وقال أَبو علي:
الجِزَى والجِزْيُ واحد كالمِعَى والمِعْيِ لواحد الأَمْعاء، والإِلَى
والإِلْيِ لواحد الآلاءِ، والجمع جِزاءٌ؛ قال أَبو كبير:
وإِذا الكُماةُ تَعاوَرُوا طَعْنَ الكُلَى،
تَذَرُ البِكارةَ في الجِزَاءِ المُضْعَفِ
وجِزْيَةُ الذِّمِّي منه. الجوهري: والجِزْيةُ ما يؤخذ من أَهل الذمة،
والجمع الجِزَى مثل لِحْيةٍ ولِحىً. وقد تكرر في الحديث ذكر الجِزْية في
غير موضع، وهي عبارة عن المال الذي يَعْقِد الكتابيُّ عليه الذمة، وهي
فِعْلَةٌ من الجَزاء كأَنها جَزَتْ عن قتلِه؛ ومنه الحديث: ليس على مسلم
جِزْية؛ أَراد أَن الذمي إِذا أَسلم وقد مر بعضُ الحول لم يُطالَبْ من
الجِزْية بِحِصَّةِ ما مضى من السَّنة؛ وقيل: أَراد أَن الذمي إِذا أَسلم وكان
في يده أَرض صُولح عليها بخراج، توضع عن رقبته الجِزْيةُ وعن أَرضه
الخراج؛ ومنه الحديث: من أَخَذ أَرضاً بِجِزْيَتِها أَراد به الخراج الذي
يُؤَدَّى عنها، كأَنه لازم لصاحب الأَرض كما تَلْزَم الجِزْىةُ الذميَّ؛ قال
ابن الأَثير؛ هكذا قال أَبو عبيد هو أَن يسلم وله أَرض خراج، فتُرْفَعُ
عنه جِزْيَةُ رأْسه وتُتْرَكُ عليه أَرضُه يؤدي عنها الخراجَ؛ ومنه حديث
علي، رضوان الله عليه: أَن دِهْقاناً أَسْلَم على عَهْدِه فقال له: إِن
قُمْتَ في أَرضك رفعنا الجِزْْيةَ عن رأْسك وأَخذناها من أَرضك، وإِن
تحوّلت عنها فنحن أَحق بها. وحديث ابن مسعود، رضي الله عنه، أَنه اشترى من
دهْقان أَرضاً على أَن يَكْفِيَه جِزْيَتَها؛ قيل: اشترَى ههنا بمعنى
اكْتَرَى؛ قال ا بن الأَثير: وفيه بُعْدٌ لأَنه غير معروف في اللغة، قال:
وقال القُتَيْبي إِن كان محفوظاً، وإِلا فَأَرى أَنه اشتري منه الأَرضَ قبل
أَن يُؤَدِّيَ جِزْيَتَها للسنة التي وقع فيها البيعُ فضمّنه أَن يقوم
بخَراجها. وأَجْزَى السِّكِّينَ: لغة في أَجْزَأَها جعل لها جُزْأَةً؛ قال
ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك لأَن قياس هذا إِنما هو أَجْزَأَ، اللهم
إِلا أَن يكون نادراً.
صرف: الصَّرْفُ: رَدُّ الشيء عن وجهه، صَرَفَه يَصْرِفُه صَرْفاً
فانْصَرَفَ. وصارَفَ نفْسَه عن الشيء: صَرفَها عنه. وقوله تعالى: ثم
انْصَرَفوا؛ أَي رَجَعوا عن المكان الذي استمعُوا فيه، وقيل: انْصَرَفُوا عن العمل
بشيء مـما سمعوا. صَرَفَ اللّه قلوبَهم أَي أَضلَّهُم اللّه مُجازاةً على
فعلهم؛ وصَرفْتُ الرجل عني فانْصَرَفَ، والمُنْصَرَفُ: قد يكون مكاناً
وقد يكون مصدراً، وقوله عز وجل: سأَصرفُ عن آياتي؛ أَي أَجْعَلُ جَزاءهم
الإضْلالَ عن هداية آياتي. وقوله عز وجل: فما يَسْتَطِيعُون صَرْفاً ولا
نَصْراً أَي ما يستطيعون أَن يَصْرِفُوا عن أَنفسهم العَذابَ ولا أَن
يَنْصُروا أَنفسَهم. قال يونس: الصَّرْفُ الحِيلةُ، وصَرَفْتُ الصِّبْيان:
قَلَبْتُهم. وصَرَفَ اللّه عنك الأَذى، واسْتَصْرَفْتُ اللّه
المَكارِهَ.والصَّريفُ: اللَّبَنُ الذي يُنْصَرَفُ به عن الضَّرْعِ
حارّاً.والصَّرْفانِ: الليلُ والنهارُ.
والصَّرْفةُ: مَنْزِل من مَنازِلِ القمر نجم واحد نَيِّرٌ تِلْقاء
الزُّبْرةِ، خلْفَ خراتَي الأَسَد. يقال: إنه قلب الأَسد إذا طلع أَمام الفجر
فذلك الخَريفُ، وإِذا غابَ مع طُلُوع الفجر فذلك أَول الربيع، والعرب
تقول: الصَّرْفةُ نابُ الدَّهْرِ لأَنها تفْتَرُّ عن البرد أَو عن الحَرّ في
الحالتين؛ قال ابن كُناسةَ: سميت بذلك لانْصراف البرد وإقبال الحرّ،
وقال ابن بري: صوابه أَن يقال سميت بذلك لانْصراف الحرِّ وإقبال البرد.
والصَّرْفةُ: خرَزةٌ من الخرَز التي تُذْكر في الأُخَذِ، قال ابن سيده:
يُسْتَعْطَفُ بها الرجال يُصْرَفون بها عن مَذاهِبهم ووجوههم؛ عن اللحياني؛
قال ابن جني: وقولُ البغداديين في قولهم: ما تَأْتينا فتُحَدِّثَنا،
تَنْصِبُ الجوابَ على الصَّرْف، كلام فيه إجمال بعضه صحيح وبعضه فاسد، أَما
الصحيح فقولهم الصَّرْفُ أَن يُصْرَف الفِعْلُ الثاني عن معنى الفعل الأَول،
قال: وهذا معنى قولنا إن الفعل الثاني يخالف الأَوّل، وأَما انتصابه
بالصرف فخطأٌ لأَنه لا بدّ له من ناصب مُقْتَض له لأَن المعاني لا تنصب
الأَفعال وإنما ترفعها، قال: والمعنى الذي يرفع الفعل هو وقوع الاسم، وجاز في
الأَفعال أَن يرفعها المعنى كما جاز في الأَسماء أَن يرفعها المعنى
لمُضارعَة الفعل للاسم، وصَرْفُ الكلمة إجْراؤها بالتنوين.
وصَرَّفْنا الآياتِ أَي بيَّنْاها. وتَصْريفُ الآيات تَبْيينُها.
والصَّرْفُ: أَن تَصْرِفَ إنساناً عن وجْهٍ يريده إلى مَصْرِفٍ غير ذلك.
وصَرَّفَ الشيءَ: أَعْمله في غير وجه كأَنه يَصرِفُه عن وجه إلى وجه،
وتَصَرَّفَ هو. وتَصارِيفُ الأُمورِ: تَخالِيفُها، ومنه تَصارِيفُ الرِّياحِ
والسَّحابِ. الليث: تَصْريفُ الرِّياحِ صَرْفُها من جهة إلى جهة، وكذلك تصريفُ
السُّيُولِ والخُيولِ والأُمور والآيات، وتَصْريفُ الرياحِ: جعلُها
جَنُوباً وشَمالاً وصَباً ودَبُوراً فجعلها ضُروباً في أَجْناسِها. وصَرْفُ
الدَّهْرِ: حِدْثانُه ونَوائبُه. والصرْفُ: حِدْثان الدهر، اسم له لأَنه
يَصْرِفُ الأَشياء عن وجُوهها؛ وقول صخر الغَيّ:
عاوَدَني حُبُّها، وقد شَحِطَتْ
صَرْفُ نَواها، فإنَّني كَمِدُ
أَنَّث الصرف لتَعْلِيقه بالنَّوى، وجمعه صُروفٌ. أَبو عمرو: الصَّريف
الفضّةُ؛ وأَنشد:
بَني غُدانةَ، حَقّاً لَسْتُمُ ذَهَباً
ولا صَريفاً، ولكن أَنـْتُمُ خَزَفُ
وهذا البيتُ أَورَدَه الجوهري:
بني غُدانَةَ، ما إن أَنتُمُ ذَهَباً
ولا صَريفاً، ولكن أَنتُمُ خزَفُ
قال ابن بري: صواب إنشاده: ما إِن أَنـْتُمُ ذَهبٌ، لأَن زيادة إنْ
تُبْطِل عمل ما.
والصَّرْفُ: فَضْلُ الدًِّرهم على الدرهم والدينار على الدِّينار لأَنَّ
كلَّ واحد منهما يُصْرَفُ عن قِيمةِ صاحِبه. والصَّرْفُ: بيع الذهب
بالفضة وهو من ذلك لأَنه يُنْصَرَفُ به عن جَوْهر إلى جَوْهر. والتصْريفُ في
جميع البِياعاتِ: إنْفاق الدَّراهم.
والصَّرَّافُ والصَّيْرَفُ والصَّيْرَفيُّ: النقّادُ من المُصارفةِ وهو
التَّصَرُّفِ، والجمع صَيارِفُ وصَيارِفةٌ. والهاء للنسبة، وقد جاء في
الشعر الصَّيارِفُ؛ فأَما قول الفرزدق:
تَنْفِي يَداها الحَصى في كلِّ هاجِرَةٍ،
نَفْيَ الدَّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّيارِيفِ
فعلى الضرورة لما احتاج إلى تمام الوزن أَشْبع الحركة ضرورةً حتى صارت
حرفاً؛ وبعكسه:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العطامِسا
ويقال: صَرَفْتُ الدَّراهِمَ بالدَّنانِير. وبين الدِّرهمين صَرْفٌ أَي
فَضْلٌ لجَوْدةِ فضة أَحدهما. ورجل صَيْرَفٌ: مُتَصَرِّفٌ في الأُمور؛
قال أُمَيَّة ابن أَبي عائذ الهذلي:
قد كُنْتُ خَرَّاجاً وَلُوجاً صَيْرَفاً،
لم تَلْتَحِصْني حَيْصَ بَيْصَ لَحاصِ
أَبو الهيثم: الصَّيْرفُ والصَّيْرَفيُّ المحتال المُتقلب في أُموره
المُتَصَرِّفُ في الأَُمور المُجَرّب لها؛ قال سويد بن أَبي كاهل
اليَشْكُرِيّ:
ولِساناً صَيْرَفِيّاً صارِماً،
كحُسامِ السَّيْفِ ما مَسَّ قَطَعْ
والصَّرْفُ: التَّقَلُّبُ والحِيلةُ. يقال: فلان يَصْرِف ويَتَصَرَّفُ
ويَصْطَرِفُ لعياله أَي يَكتسب لهم. وقولهم: لا يُقبل له صَرْفٌ ولا
عَدْلٌ؛ الصَّرْفُ: الحِيلة، ومنه التَّصَرُّفُ في الأَمور. يقال: إنه يتصرَّف
في الأَُمور. وصَرَّفْت الرجل في أَمْري تَصْريفاً فتَصَرَّفَ فيه
واصْطَرَفَ في طلَبِ الكسْب؛ قال العجاج:
قد يَكْسِبُ المالَ الهِدانُ الجافي،
بغَيْرِ ما عَصْفٍ ولا اصْطِرافِ
والعَدْلُ: الفِداء؛ ومنه قوله تعالى: وإن تَعْدِلْ كلَّ عَدْلٍ، وقيل:
الصَّرْفُ التَّطَوُّعُ والعَدْلُ الفَرْضُ، وقيل: الصَّرْفُ التوبةُ
والعدل الفِدْيةُ، وقيل: الصرفُ الوَزْنُ والعَدْلُ الكَيْلُ، وقيل:
الصَّرْفُ القيمةُ والعَدلُ المِثْلُ، وأَصلُه في الفِدية، يقال: لم يقبلوا منهم
صَرفاً ولا عَدلاً أَي لم يأْخذوا منهم دية ولم يقتلوا بقَتيلهم رجلاً
واحداً أَي طلبوا منهم أَكثر من ذلك؛ قال: كانت العرب تقتل الرجلين
والثلاثة بالرجل الواحد، فإذا قتلوا رجلاً برجل فذلك العدل فيهم، وإذا أَخذوا
دية فقد انصرفوا عن الدم إلى غيره فَصَرَفوا ذلك صرْفاً، فالقيمة صَرْف
لأَن الشيء يُقَوّم بغير صِفته ويُعَدَّل بما كان في صفته، قالوا: ثم جُعِل
بعدُ في كل شيء حتى صار مثلاً فيمن لم يؤخذ منه الشيء الذي يجب عليه،
وأُلزِمَ أَكثر منه. وقوله تعالى: ولم يجدوا عنها مَصْرِفاً، أَي
مَعْدِلاً؛ قال:
أَزُهَيْرُ، هلْ عن شَيْبةٍ من مَصْرِفِ؟
أَي مَعْدِل؛ وقال ابن الأَعرابي: الصرف المَيْلُ، والعَدْلُ
الاسْتِقامةُ. وقال ثعلب: الصَّرْفُ ما يُتَصَرَّفُ به والعَدْل الميل، وقيل الصرف
الزِّيادةُ والفضل وليس هذا بشيء. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه
وسلم، ذكر المدينة فقال: من أَحْدثَ فيها حَدَثاً أَو آوَى مُحْدِثاً لا
يُقبل منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ؛ قال مكحول: الصَّرفُ التوبةُ والعدْلُ
الفِدية. قال أَبو عبيد: وقيل الصرف النافلة والعدل الفريضة. وقال يونس:
الصرف الحِيلة، ومنه قيل: فلان يَتَصَرَّفُ أَي يَحْتالُ. قال اللّه تعالى:
لا يَسْتَطِيعُونَ صَرفاً ولا نصْراً. وصَرفُ الحديث: تَزْيِينُه
والزيادةُ فيه. وفي حديث أَبي إدْرِيسَ الخَوْلاني أَنه قال: من طَلَبَ صَرْفَ
الحديثِ يَبْتَغِي به إقبالَ وجوهِ الناسِ إليه؛ أُخِذَ من صَرفِ
الدراهمِ؛ والصرفُ: الفضل، يقال: لهذا صرْفٌ على هذا أَي فضلُ؛ قال ابن الأَثير:
أَراد بصرْفِ الحديث ما يتكلفه الإنسان من الزيادة فيه على قدر الحاجة،
وإنما كره ذلك لما يدخله من الرِّياء والتَّصَنُّع، ولما يُخالِطُه من
الكذب والتَّزَيُّدِ، والحديثُ مرفوع من رواية أَبي هريرة عن النبي، صلى
اللّه عليه وسلم، في سنن أَبي داود. ويقال: فلان لا يُحْسنُ صرْفَ الكلام
أَي فضْلَ بعضِه على بعض، وهو من صَرْفِ الدّراهمِ، وقيل لمن يُمَيِّز:
صَيْرَفٌ وصَيْرَفيٌّ. وصَرَفَ لأَهله يَصْرِفُ واصْطَرَفَ: كَسَبَ وطَلَبَ
واخْتالَ؛ عن اللحياني.
والصَّرافُ: حِرْمةُ كلِّ ذاتِ ظِلْفٍ ومِخْلَبٍ، صَرَفَتْ تَصْرِفُ
صُرُوفاً وصِرافاً، وهي صارفٌ. وكلبةٌ صارِفٌ بيِّنة الصِّرافِ إذا اشتهت
الفحل. ابن الأَعرابي: السباعُ كلها تُجْعِلُ وتَصْرِفُ إذا اشتهت الفحل،
وقد صرَفت صِرافاً، وهي صارِفٌ، وأَكثر ما يقال ذلك كلُّه للكلْبَةِ. وقال
الليث: الصِّرافُ حِرْمةُ الشاء والكلاب والبقَرِ.
والصَّريفُ: صوت الأَنيابِ والأَبوابِ. وصَرَفَ الإنسانُ والبعيرُ نابَه
وبنابِه يَصْرِفُ صَريفاً: حَرَقَه فسمعت له صوتاً، وناقة صَروفٌ
بَيِّنَةُ الصَّرِيفِ. وصَرِيفُ الفحل: تَهَدُّرُه. وما في فمه صارفٌ أَي نابٌ.
وصَريفُ القَعْوِ: صوته. وصَريفُ البكرةِ: صوتها عند الاستقاء. وصريفُ
القلم والباب ونحوهما: صريرهما. ابن خالويه: صريفُ نابِ الناقةِ يدل على
كلالِها ونابِ البعير على قَطَمِه وغُلْمَتِه؛ وقول النابغة:
مَقْذُوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحْضِ بازِلُها،
له صَرِيفٌ صَريفَ القَعْوِ بالمَسَدِ
هو وَصْفٌ لها بالكَلالِ. وفي الحديث: أَنه دخل حائطاً من حَوائطِ
المدينةِ فإذا فيه جَمَلانِ يَصْرفان ويوعِدانِ فَدَنا منهما فوضعا جُرُنَهما؛
قال الأَصمعي: إذا كان الصَّرِيفُ من الفُحولةِ، فهو من النَّشاطِ، وإذا
كان من الإناث، فهو من الإعْياء. وفي حديث عليّ: لا يَرُوعُه منها
(*
قوله «لا يروعه منها» الذي في النهاية: لا يروعهم منه.) إلا صريفُ أَنيابِ
الحِدْثان. وفي الحديث: أَسْمَعُ صَرِيفَ الأَقلامِ أَي صوتَ جَرَيانِها
بما تكتُبه من أَقْضِيةِ اللّه ووَحْيِه، وما يَنْسَخُونه من اللوحِ
المحفوظ. وفي حديث موسى، على نبينا وعليه السلام: أَنه كان يسمع صَريف القَلم
حين كتب اللّه تعالى له التوراة؛ وقول أَبي خِراشٍ:
مُقابَلَتَيْنِ شَدَّهما طُفَيْلٌ
بِصَرّافَينِ، عَقْدُهما جَمِيلُ
عنى بالصَّرَّافَيْنِ شراكَيْنِ لهما صَرِيفٌ.
والصِّرْفُ: الخالِصُ من كل شيء. وشَرابٌ صِرْفٌ أَي بَحْتٌ لم
يُمْزَجْ، وقد صَرَفَه صُروفاً؛ قال الهذَلي:
إن يُمْسِ نَشْوانَ بِمَصْرُفَةٍ
منها بريٍّ وعلى مِرْجَلِ
وصَرَّفَه وأَصْرَفَه: كَصَرفَه؛ الأَخيرة عن ثعلب. وصَرِيفون: موضع
بالعراق؛ قال الأعشى:
وَتُجْبَى إليه السَّيْلَحُونَ، ودونَها
صَرِيفُونَ في أَنهارِها والخَوَرْنَقُ
قال: والصَّرِيفيّةُ من الخمر منسوبة إليه. والصَّريفُ: الخمر الطيبةُ؛
وقال في قول الأَعشى:
صَرِيفِيّةٌ طَيِّبٌ طَعْمُها،
لها زبدٌ بَيْنَ كُوبٍ ودَنّ
(* قوله «صريفية إلخ» قبله كما في شرح القاموس:
تعاطي الضجيع إذا أقبلت * بعيد الرقاد وعند
الوسن)
قال بعضهم: جعلها صَرِيفِيّةً لأَنها أُخِذت من الدَّنِّ ساعَتئذٍ
كاللبن الصَّريف، وقيل: نُسِبَ إلى صَريفين وهو نهر يتخلَّجُ من الفُراتِ.
والصَّريفُ: الخمر التي لم تُمْزَجْ بالماء، وكذلك كل شئ لا خِلْطَ فيه؛
وقال الباهليّ في قول المتنخل:
إنْ يُمْسِ نَشْوانَ بِمصْرُوفةٍ
قال: بمصروفة أَي بكأْس شُرِبَتْ صِرْفاً، على مِرْجَلٍ أَي على لحمٍ
طُبخ في مِرجل، وهي القِدْر. وتَصْرِيفُ الخمر: شُرْبُها صِرْفاً.
والصَّريفُ: اللبن الذي ينصرف عن الضَّرْع حارّاً إذا حُلِبَ، فإِذا سكنت
رَغْوَتُه، فهو الصَّريحُ؛ ومنه حديث الغارِ: ويَبيتانِ في رِسْلِها وصَرِيفِها؛
الصَّريفُ: اللبن ساعة يُصْرَفُ عن الضرْع؛ وفي حديث سَلمَة ابن
الأَكوع:لكن غَذاها اللبَنُ الخَريفُ:
أَلمَحْضُ والقارِصُ والصَّريفُ
وحديث عمرو بن معديكَرِبَ: أَشْرَبُ التِّبْنَ من اللبن رَثِيئةً أَو
صَريفاً. والصِّرفُ، بالكسر: شيء يُدْبَغُ به الأَديمُ، وفي الصحاح: صِبْغ
أَحمر تصبغ به شُرُكُ النِّعالِ؛ قال ابن كَلْحَبَةَ اليربوعي، واسمه
هُبَيْرَةُ بن عبد مَناف، ويقال سَلَمة بن خُرْشُبٍ الأَنـْماري، قال ابن
بري: والصحيح أَنه هُبيرة بن عبد مناف، وكلحبة اسم أُمه، فهو ابن كلحبة
أَحدُ بني عُرَيْن بن ثَعْلبة بن يَرْبُوعٍ، ويقال له الكلحبة، وهو لقب له،
فعلى هذا يقال؛ وقال الكلحبة اليربوعي:
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ، ولكنْ
كلَوْنِ الصِّرفِ عُلَّ به الأَدِيمُ
يعني أَنها خالصة الكُّمْتةِ كلونِ الصِّرْفِ، وفي المحكم: خالصةُ
اللونِ لا يُحلف عليها أَنها ليست كذلك. قال: والكُمَيْتُ المُحْلِفُ الأَحَمّ
والأَحْوَى، وهما يشتبهان حتى يَحْلِفَ إنسان أَنه كميت أَحمُّ، ويحلف
الآخر أَنه كُميت أَحْوَى. وفي حديث ابن مسعود، رضي اللّه عنه: أَتَيْتُ
رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وهو نائم في ظلِّ الكَعبة فاسْتَيْقَظ
مُحْمارّاً وجْهُه كأَنه الصِّرْفُ؛ هو بالكسر، شجر أَحمر. ويسمى الدمُ
والشرابُ إذا لم يُمْزَجا صِرْفاً. والصِّرْفُ: الخالِصُ من كل شيء. وفي
حديث جابر، رضي اللّه عنه: تَغَيَّر وجْهُه حتى صارَ كالصِّرْف. وفي حديث
علي، كرَّم اللّه وجهه: لتَعْرُكَنَّكُمْ عَرْكَ الأَديمِ الصِّرْفِ أَي
الأَحمر. والصَّريفُ: السَّعَفُ اليابِسُ، الواحدة صَريفةٌ، حكى ذلك أَبو
حنيفة؛ وقال مرة: هو ما يَبِسَ من الشجر مثل الضَّريع، وقد تقدَّم. ابن
الأَعرابي: أَصْرف الشاعرُ شِعْرَهُ يُصْرِفُه إصرافاً إذا أَقوى فيه
وخالف بين القافِيَتَين؛ يقال: أَصْرَفَ الشاعرُ القافيةَ، قال ابن بري: ولم
يجئ أَصرف غيره؛ وأَنشد:
بغير مُصْرفة القَوافي
(* قوله «بغير مصرفة» كذا بالأصل.)
ابن بزرج: أَكْفأْتُ الشعرَ إذا رفعت قافِيةً وخفضت أُخرى أَو نصبتها،
وقال: أَصْرَفْتُ في الشعر مثل الإكفاء، ويقال: صَرَفْت فلاناً ولا يقال
أَصْرَفْته. وقوله في حديث الشُفعة: إذا صُرِّفَتِ الطُّرُقُ فلا شُفْعةَ
أَي بُيِّنَتْ مَصارِفُها وشوارِعُها كأَنه من التَّصَرُّفِ
والتَّصْريفِ.والصَّرَفانُ: ضربٌ من التمر، واحدته صَرفانَةٌ، وقال أَبو حنيفة:
الصَّرفانةُ تمرة حمراء مثل البَرْنِيّةِ إلا أَنها صُلْبةُ المَمْضَغَةِ
عَلِكةٌ، قال: وهي أَرْزَن التمر كله؛ وأَنشد ابن بري للنّجاشِيّ:
حَسِبْتُمْ قِتالَ الأَشْعَرينَ ومَذْحِجٍ
وكِنْدَةَ أَكْلَ الزُّبْدِ بالصَّرَفانِ
وقال عِمْران الكلبي:
أَكُنْتُمْ حَسِبْتُمْ ضَرْبَنا وجِلادَنا
على الحجْرِ أَكْلَ الزُّبْدِ بالصَّرَفانِ
(* قوله «الحجر» في معجم ياقوت: الحجر، بالكسر وبالفتح وبالضم، أسماء
مواضع.)
وفي حديث وفْد عبد القيس: أَتُسَمُّون هذا الصَّرفان؟ هو ضرب من أَجود
التمر وأَوْزَنه. والصرَفانُ: الرَّصاصُ القَلَعِيُّ؛ والصرَفانُ: الموتُ؛
ومنهما قول الزَّبّاء الملِكة:
ما لِلْجِمالِ مَشْيُها وئيدا؟
أَجَنْدَلاً يَحْمِلْنَ أَم حَديدا؟
أَمْ صَرَفاناً بارِداً شَديدا؟
أَم الرِّجال جُثَّماً قُعُودا؟
قال اَبو عبيد: ولم يكن يهدى لها شيء أَحَبّ إليها من التمر الصرَفان؛
وأَنشد:
ولما أَتَتْها العِيرُ قالت: أَبارِدٌ
من التمرِ أَمْ هذا حَديدٌ وجَنْدَلُ؟
والصَّرَفيُّ: ضَرْب من النَّجائب منسوبة، وقيل بالدال وهو الصحيح، وقد
تقدم.