من (ح ج ب) الشيء المستور، والمتخذ لنفسه حاجبا.
من (ح ج ب) الشيء المستور، والمتخذ لنفسه حاجبا.
حجز: الحَجْز: الفصل بين الشيئين، حَجَز بينهما يَحْجُِزُ حَجْزاً
وحِجازَةً فاحْتَجَز؛ واسم ما فصل بينهما: الحاجِزُ. الأَزهري: الحَجْز أَن
يَحْجِز بين مقاتلين، والحِجَاز الاسم، وكذلك الحاجِزُ. قال الله تعالى:
وجَعَل بين البحرين حاجِزاً؛ أَي حِجازاً بين ماءٍ مِلْح وماءٍ عَذْبٍ لا
يختلطان، وذلك الحجاز قدرة الله. وحَجَزَه يَحْجُِزُه حَجْزاً: منعه. وفي
الحديث: ولأَهْل القتيل أَن يَنْحَجِزوا الأَدْنى فالأَدنى أَي يَكُفوا
عن القَوَد؛ وكل من ترك شيئاً، فقد انْحَجزَ عنه. والانْحِجاز: مُطاوِع
حَجَزَه إِذا منعه، والمعنى أَن لورثة القتيل أَن يعفوا عن دمه رجالهم
ونساؤهم أَيهم عفا، وإِن كانت امرأَة، سقط القود واستحقوا الدية؛ وقوله
الأَدنى فالأَدنى أَي الأَقرب فالأَقرب؛ وبعض الفقهاء يقول: إِنما العفو
والقَوَد إِلى الأَولياء من الورثة لا إِلى جميع الورثة ممن ليسوا
بأَولياء.والمُحاجَزَة: المُمانعة. وفي المثل: إِن أَرَدْتَ المُحاجَزَة فَقَبْل
المُناجَزَة؛ المُحاجَزَة: المسالمة، والمُناجَزَة: القتال. وتحاجَزَ
الفريقان. وفي المثل: كانت بين القوم رِمِّيَّا ثم صارت إِلى حِجِّيزَى أَي
تراموا ثم تَحاجَزُوا، وهما على مثال خِصِّيصَى. والحِجِّيزَى: من
الحَجْز بين اثنين.
والحَجَزَة، بالتحريك: الظَّلَمَةُ. وفي حديث قَيْلة: أَيُلام ابْنُ
ذِهِ أَن يَفْصِل الخُطَّة ويَنْتَصر من وراء الحَجَزَة؟ الحَجَزَة: هم
الذين تَحْجزونه عن حقه، وقال الأَزهري: هم الذين يمنعون بعض الناس من بعض
ويفصلون بينهم بالحق، الواحد حاجِزٌ؛ وأَراد بابنِ ذِهِ ولدها؛ يقول: إِذا
أَصابه خُطّة ضَيم فاحْتَجّ عن نفسه وعَبَّر بلسانه ما يدفع به الظلم عنه
لم يكن مَلُوماً.
والحِجاز: البلد المعروف، سميت بذلك من الحَجْز الفصل بين الشيئين لأنه
فصل بين الغَوْر والشام والبادية، وقيل: لأَنه حَجَز بين نَجْدٍ
والسَّراة، وقيل: لأَنه حَجَز بين تِهامة ونجد، وقيل: سميت بذلك لأَنها حَجَزَتْ
بين نَجْد والغَوْر، وقال الأَصمعي: لأَنها احْتُجِزَتْ بالحِرَار الخمس
منها حَرَّة بني سُلَيْم وحَرَّة واقِمٍ، قال الأَزهري: سمي حِجازاً لأَن
الحرَارَ حَجَزَتْ بينه وبين عالية نجد، قال: وقال ابن السكيت ما ارتفع
عن بطن الرُّمَّة فهو نَجْدٌ، قال: والرُّمَّة وادٍ معلوم، قال: وهو
نَجْد إِلى ثنايا ذات عِرْقٍ، قال: وما احْتَزَمَتْ به الحِرار
(* قوله «وما
احتزمت به الحرار إلخ» نقل ياقوت هذه العبارة عن الأصمعي ونصه قال
الأصمعي: ما احتزمت به الحرار حرة شوران وحرة ليلى وحرة واقم وحرة النار وعامة
منازل بني سليم إلى آخر ما هنا) حَرَّةَ شَوْران وعمة منازل بني سليم
إِلى المدينة فما احْتَاز في ذلك الشق كله حِجاز، قال: وطَرَف تِهامة من
قِبَل الحجاز مَدارِج العَرْج، وأَوّلها من قِبَل نجد مَدَارج ذات العِرْق.
الأَصمعي: إِذا عرضت لك الحِرارُ بنجد فذلك الحِجاز؛ وأَنشد:
وفَرُّا بالحِجاز ليُعْجِزوني
أَراد بالحِجاز الحِرارَ. وفي حديث حُرَيْثِ بن حسان: يا رسول الله، إِن
رأَيْتَ أَن تجعل الدِّهْناء حِجازاً بيننا وبين بني تميم أَي حدًّا
فاصلاً يَحْجِزُ بيننا وبينهم، قال: وبه سمي الحِجازُ الصُّقْعُ المعروف من
الأَرض، ويقال للجبال أَيضاً: حِجاز؛ ومنه قوله:
ونحن أُناس لا حِجازَ بأَرْضِنا
وأَحْجَزَ القومُ واحْتَجَزُوا وانْحَجَزُوا: أَتَوا الحِجازَ،
وتَحاجَزُوا وانْحَجَزُوا واحْتَجَزُوا: تَزايَلُوا، وحَجَزَه عن الأَمر يَحْجُزه
حِجازَةً وحِجِّيزَى: صرفه.
وحَجازَيْكُ كحَنانَيْك أَي احْجُزْ بينهم حَجْزاً بعد حَجْزٍ، كأَنه
يقول: لا تقطع ذلك وَلْيَكُ بعضُه موصولاً ببعض.
وحُجْزة الإِزار: جَنَبته. وحُجْزة السراويل: موضع التِّكَّة، وقيل:
حُجْزة الإِنسان مَعْقِد السراويل والإِزار. الليث: الحُجْزة حيث يُثْنى طرف
الإِزار في لَوْث الإِزار، وجمعه حُجُزات؛ وأَما قول النابغة:
رِقاق النِّعالِ طَيِّب حُجُزاتهم،
يُحَيَّوْن بالرَّيْحان يومَ السَّباسِب
فإِنما كنى به عن الفروج؛ يريد أَنهم أَعِفَّاء عن الفجور. وفي الحديث:
إِن الرَّحِم أُخذت بحُجْزة الرحمن؛ قال ابن الأَثير: أَي اعتصمت به
والتجأَت إِليه مستجيرة، ويدل عليه قوله في الحديث: هذا مقام العائِذِ بك من
القَطِيعة، قال: وقيل معناه أَن اسم الرَّحِم مشتق من اسم الرحمن فكأَنه
متعلق بالاسم آخِذٌ بوسطه، كما جاء في الحديث الآخر: الرَّحِمُ شِجْنَةٌ
من الرحمن. قال: وأَصل الحُجْزة موضع شدّ الإِزار، قال: ثم قيل للإِزار
حُجْزة للمجاورة. واحْتَجز بالإِزار إِذا شدّه على وسطه فاستعاره للالتجاء
والاعتصام والتمسُّك بالشيء والتعلق به؛ ومنه الحديث الآخر: والنبي، صلى
الله عليه وسلم، آخذ بحُجْزة الله تعالى أَي بسبب منه، ومنه الحديث
الآخر: منهم من تأْخذه النار إِلى حُجْزَته أَي إِلى مَشَدّ إِزاره، ويجمع
على حُجَز؛ ومنه الحديث: فأَنا آخِذٌ بحُجَزكم، والحُجْزَة: مَرْكَبُ
مُؤَخَّر الصِّفاق في الحِقْو، والمُتَحَجِّز: الذي قد شَدَّ وسطه، واحْتَجَز
بإِزاره: شدّه على وسطه، من ذلك، وفي حديث ميمونة، رضي الله عنها: كان
يباشر المرأَة من نسائه وهي حائض إِذا كانت مُحْتَجِــزَةً أَي شادَّةً
مِئْزرها على العورة وما لا تحل مباشرته. والحاجِزُ: الحائل بين الشيئين. وفي
حديث عائشة، رضي الله عنها: لما نزلت سورة النور عَمَدْن إِلى حُجَز
مناطِقِهِنَّ فشَقَقْنَها فاتَّخَذنها خُمُراً؛ أَرادت بالحُجَز المآزر. قال
ابن الأَثير: وجاء في سنن أَبي داود حُجُوز أَو حُجُور بالشك، وقال
الخطابي: الحُجُور، بالراء، لا معنى لها ههنا وإِنما هو بالزاي جمع حُجَز
فكأَنه جمع الجمع، وأَما الحُجُور، بالراء، فهو جمع حَجْر الإِنسان، وقال
الزمخشري: واحد الحُجوز حِجْز، بكسر الحاء، وهي الحُجْزة، ويجوز أَن يكون
واحدها حُجْزَةً. وفي الحديث: رأَى رجلاً مُحْتَجِــزاً بحبل وهو مُحْرم أَي
مشدود الوسط. أَبو مالك: يقال لكل شيء يَشُدُّ به الرجل وسطه ليشمر به
ثيابه حجاز، وقال: الاحْتِجاز بالثوب أَن يُدْرجه الإِنسان فيشد به وسطه،
ومنه أُخِذَت الحُجْزَة. وقالت أُم الرَّحَّال: إِن الكلام لا يُحْجَز في
العِكْم كما يُحْجَز العَبَاء. العِكْم: العِدْل. والحَجْز: أَن يُدْرج
الحبل عليه ثم يشد. أَبو حنيفة: الحِجاز حبل يشد به العِكْم. وتحاجز
القوم: أَخذ بعضهم بحُجَز بعض. رجل شديد الحجْزة: صَبُور على الشدّة والجَهْد؛
ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه، وسئل عن بني أُمية فقال: هم أَشدُّنا
حُجَزاً، وفي رواية: حُجْزَة، وأَطْلَبُنا للأَمر لا يُنال فيَنالونَه.
وحُجْز الرجل: أَصله ومَنْبِته. وحُجْزُه أَيضاً: فصل ما بين فخذه والفخذ
الأُخرى من عشيرته؛ قال:
فامْدَحْ كَرِيمَ المُنْتَمَى والحُجْزِ
وفي الحديث: تزوجوا في الحُجْزِ الصالح فإِن العِرْق دَسَّاس؛ الحجز،
بالضم والكسر: الأَصل والمَنْبت، وبالكسر هو بمعنى الحِجْزة. وهي هيئة
الــمُحْتَجِــز، كناية عن العِفَّة وطِيبِ الإِزار. والحُِجْز: الناحية. وقال:
الحُِجْز العَشِيرة تَحْتَجِز بهم أَي تمتنع. وروى ابن الأَعرابي قوله:
كريم المنتمى والحجز، إِنه عفيف طاهر كقول النابغة: طَيِّب حُجُزاتُهم، وقد
تقدّم. والحِجْز: العفيف الطاهر. والحِجاز: حبل يلقى للبعير من قِبَل
رجليه ثم يناخ عليه ثم يشدّ به رُسْغا رجليه إِلى حِقْوَيْه وعَجُزُه؛ تقول
منه: حَجَزْت البعير أَحْجِزه حَجْزاً، فهو مَحْجوز؛ قال ذو الرمة:
فَهُنَّ من بين مَحْجُوزٍ بِنافِذَةٍ،
وقائِظٍ وكلا رَوْقَيْه مُخْتَضِب
وقال الجوهري: هو أَن تُنِيخ البعير ثم تشدّ حبلاً في أَصل خُفَّيْه
جميعاً من رجليه ثم ترفع الحبل من تحته حتى تشدّه على حِقْوَيْه، وذلك إِذا
أَراد أَن يرتفع خفه؛ وقيل: الحِجاز حبل يشد بوسط يَدَي البعير ثم يخالَف
فتُعْقد به رجلاه ثم يُشَدّ طرفاه إِلى حِقْويه ثم يلقى على جنبه شبه
المَقْمُوط ثم تُداوَى دَبَرته فلا يستطيع أَن يمتنع إِلا أَن يجر جنبه على
الأَرض؛ وأَنشد:
كَوْسَ الهِبَلِّ النَّطِفِ المَحْجُوز
وحاجِزٌ: اسم. ابن بُزُرج: الحَجَزُ والزَّنَجُ واحد. حَجِزَ وزَنِجَ:
وهو أَن تَقَبَّضَ أَمعاء الرجل ومَصَارينه من الظمإِ فلا يستطيع أَن يكثر
الشرب ولا الطُّعْم، والله تعالى أَعلم.
حجب: الحِجابُ: السِّتْرُ.
حَجَبَ الشيءَ يَحْجُبُه حَجْباً وحِجاباً وحَجَّبَه: سَترَه. وقد احْتَجَبَ وتحَجَّبَ إِذا اكْتنَّ من وراءِ حِجابٍ. وامرأَة مَحْجُوبةٌ: قد سُتِرَتْ بِسِترٍ. وحِجابُ الجَوْفِ: ما يَحْجُبُ بين الفؤَادِ وسائره؛ قال الأَزهريّ: هي جِلْدة بَين الفؤَادِ وسائر البَطْن.
والحاجِبُ: البَوَّابُ، صِفةٌ غالِبةٌ، وجمعه حَجَبةٌ وحُجَّابٌ،
وخُطَّتُه الحِجابةُ.
وحَجَبَه: أَي مَنَعَه عن الدخول.
وفي الحديث: قالت بنُو قُصَيٍّ: فينا الحِجابةُ، يعنون حِجابةَ
الكَعْبةِ، وهي سِدانَتُها، وتَولِّي حِفْظِها، وهم الذين بأَيديهم
مَفاتِيحُها.والحَجابُ: اسمُ ما احْتُجِبَ به، وكلُّ ما حالَ بين شيئين: حِجابٌ، والجمع حُجُبٌ لا غير. وقوله تعالى: ومِن بَيْننا وبَيْنِك حِجابٌ، معناه: ومن بينِنا وبينِك حاجِزٌ في النِّحْلَةِ والدِّين؛ وهو مثل قوله تعالى: قُلوبُنا في أَكِنَّةٍ، إِلاَّ أَنَّ معنى هذا: أَنـَّا لا نُوافِقُك في مذهب. واحْتَجَبَ الـمَلِكُ عن الناس، ومَلِكٌ مُحَجَّبٌ.
والحِجابُ: لحْمةٌ رَقِيقةٌ كأَنها جِلْدةٌ قد اعْتَرَضَتْ مُسْتَبْطِنةٌ بين الجَنْبَينِ، تحُولُ بين السَّحْرِ والقَصَبِ.
وكُلُّ شيءٍ مَنَع شيئاً، فقد حَجَبَه كما تحْجُبُ الإِخْوةُ الأُمَّ عن
فَريضَتِها، فإِن الإِخْوة يحْجُبونَ الأُمَّ عن الثُّلُثِ إِلى السُّدُسِ.
والحاجِبانِ: العَظْمانِ اللَّذانِ فوقَ العَيْنَينِ
بِلَحْمِهما وشَعَرهِما، صِفةٌ غالِبةٌ، والجمع حَواجِبُ؛ وقيل: الحاجِبُ الشعَرُ النابِتُ على العَظْم، سُمِّي بذلك لأَنه يَحْجُب عن العين شُعاع الشمس. قال اللحياني: هو مُذكَّر لا غيرُ، وحكى: إِنه لَمُزَجَّجُ الحَواجِبِ، كأَنهم جعلوا كل جزءٍ منه حاجِباً. قال: وكذلك يقال في كل ذِي حاجِب. قال أَبو زيد: في الجَبِينِ الحاجِبانِ، وهما مَنْبِتُ شعَر الحاجِبَين من العَظْم.
وحاجِبُ الأَمِير: معروف، وجمعه حُجَّابٌ. وحَجَبَ الحاجِبُ يَحْجُبُ حَجْباً.
والحِجابةُ: وِلايةُ الحاجِبِ. واسْتَحجَبَه: ولاَّه الحِجْبَة(1)
(1 قوله «ولاه الحجبة» كذا ضبط في بعض نسخ الصحاح.) .
والـمَحْجُوبُ: الضَّرِيرُ.
وحاجِبُ الشمس: ناحيةٌ منها. قال:
ترَاءَتْ لنا كالشَّمْسِ، تحْتَ غَمامةٍ، * بدَا حاجِبٌ منها وضَنَّتْ بِحاجِبِ
وحَواجِبُ الشمس: نَواحِيها. الأَزهري: حاجِبُ الشمس: قَرْنُها، وهو ناحِيةٌ من قُرْصِها حِينَ تَبْدَأُ في الطُّلُوع، يقال: بَدا حاجِبُ الشمسِ والقمرِ. وأَنشد الأَزهري للغنوي(2)
(2 هذا البيت لبشار بن برد لا للغنوي.):
إِذا ما غَضِبْنا غَضْبةً مُضَرِيَّةً * هَتَكْنا حِجابَ الشمسِ أَو مَطَرَتْ دَما
قال: حِجابُها ضَوؤُها ههنا. وقولُه في حديثِ الصلاةِ: حِين توارَتْ بالحِجابِ. الحِجابُ ههنا: الأُفُقُ؛ يريد: حين غابَتِ الشمسُ في الأُفُق واسْتَتَرَتْ به؛ ومنه قوله تعالى: حتى توَارَتْ بالحِجابِ.
وحاجِبُ كل شيءٍ: حَرْفُه. وذكر الأَصْمعِي أَنَّ امْرأَةَّ قَدَّمَتْ
إِلى رجل خُبزَةً أَو قُرْصَةً فجَعلَ يأكُلُ من وَسَطِها، فقالت له: كُلْ
من حَواجِبِها أَي مِن حُرُوفِها.
والحِجابُ: ما أَشْرَفَ مِن الجبل. وقال غيرُه: الحِجابُ: مُنْقَطَعُ
الحَرَّةِ. قال أَبو ذُؤَيْب:
فَشَرِبْنَ ثم سَمِعْنَ حِسّاً، دونَه * شَرَفُ الحِجابِ ورَيْبُ قَرْعٍ يُقْرَعُ
وقِيل: إِنما يُريد حِجابَ الصائِدِ، لأَنه لا بُدَّ له أَن يَسْتَتر بشيءٍ.
ويقال: احْتَجَبَتِ الحامِلُ من يومِ تاسِعها، وبيَومٍ من تاسعها، يقال
ذلك للمرأَةِ الحامِلِ، إِذا مَضَى يومٌ من تاسِعها، يقولون: أَصْبَحَتْ
مُحْتَجِــبةً بيومٍ من تاسعها، هذا كلام العرب.
وفي حديث أَبي ذر: أَنَّ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال: إِن اللّه يَغْفِرُ للعبد ما لم يَقَع الحِجابُ. قيل: يا رسولَ اللّه، وما الحِجابُ؟ قال: أَن تَمُوتَ النفْسُ، وهي مُشْرِكةٌ، كأَنها حُجِبَتْ بالـمَوْت عن الإِيمان. قال أَبو عَمرو وشمر: حديثُ أَبي ذرّ يَدُل على أَنه لا ذَنْبَ يَحْجُبُ عن العَبْدِ الرحمةَ، فيما دون الشِّرْكِ. وقال ابن شميل، في حديث ابن مسعود، رضي اللّه عنه: مَنِ اطَّلعَ الحِجابَ واقَعَ ما وراءَهُ، أَي إِذا مات الإِنسانُ واقَعَ ما وراءَ الحجابَينِ حِجابِ الجَنَّةِ وحجابِ النَّارِ، لأَنهما قد خَفِيَا. وقيل: اطِّلاعُ الحِجاب: مَدُّ الرأْس، لأَن الـمُطالِعَ يمُدُّ رأْسَه يَنْظُر مِن وراءِ الحجابِ، وهو السِّتْرُ.والحَجَبةُ، بالتحريك: رأْسُ الوَرِكِ. والحَجَبَتانِ:
حَرْفا الوَرِكِ اللَّذانِ يُشْرِفانِ على الخاصِرَتَينِ. قال طُفيْلٌ:
وِراداً وحُوّاً مُشْرِفاً حَجَباتُها، * بَناتُ حِصانٍ، قد تُعُولِمَ، مُنْجِبِ
وقيل: الحَجَبَتانِ: العَظْمانِ فَوقَ العانةِ، الـمُشْرِفانِ على مَراقِّ البَطْن، مِن يمين وشِمال؛ وقيل: الحَجَبَتان: رُؤُوسُ عَظْمَي الوَرِكَيْنِ مـما يلي الحَرْقَفَتَين، والجميعُ الحَجَبُ، وثلاثُ حَجَباتٍ.
قال امرؤُ القيس:
له حَجَباتٌ مُشْرِفاتٌ على الفالِ
وقال آخر:
ولم تُوَقَّعْ، بِرُكُوبٍ، حَجَبُهْ
والحَجَبَتانِ من الفرَس: ما أَشْرَفَ على صِفاقِ البَطْنِ من وَرِكَيْهِ.
وحاجِبٌ: اسم. وقَوْسُ حاجِبٍ: هو حاجِبُ بنُ زُرارةَ التَّميمِيّ.
وحاجِبُ الفِيلِ: اسم شاعر من الشُّعراءِ. وقال الأَزهريّ في ترجمة عتب: العَتَبَةُ في الباب هي الأَعْلى، والخَشَبةُ التي فَوْقَ الأَعلى: الحاجِبُ.والحَجِيبُ: موضع. قال الأَفْوَهُ:
فَلَـمَّا أَنْ رأَوْنا، في وَغاها، * كآسادِ الغَرِيفةِ والحَجِيبِ(1)
(1 قوله «الغريفة» كذا ضبط في نسخة من المحكم وضبط في معجم ياقوت بالتصغير.)
ويروى: واللَّهِيبِ.
حجج: الحَجُّ: القصدُ. حَجَّ إِلينا فلانٌ أَي قَدِمَ؛ وحَجَّه يَحُجُّه
حَجّاً: قصده. وحَجَجْتُ فلاناً واعتَمَدْتُه أَي قصدته. ورجلٌ محجوجٌ
أَي مقصود. وقد حَجَّ بنو فلان فلاناً إِذا أَطالوا الاختلاف إليه؛ قال
المُخَبَّلُ السعدي:
وأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولاً كثِيرةً،
يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا
أَي يَقْصِدُونه ويزورونه. قال ابن السكيت: يقول يُكْثِرُونَ الاختلاف
إِليه، هذا الأَصل، ثم تُعُورِفَ استعماله في القصد إِلى مكة للنُّسُكِ
والحجِّ إِلى البيت خاصة؛ تقول حَجَّ يَحُجُّ حَجًّا. والحجُّ قَصْدُ
التَّوَجُّه إِلى البيت بالأَعمال المشروعة فرضاً وسنَّة؛ تقول: حَجَجْتُ
البيتَ أَحُجُّه حَجًّا إِذا قصدته، وأَصله من ذلك. وجاء في التفسير: أَن
النبي، صلى الله عليه ولم، خطب الناسَ فأَعلمهم أَن الله قد فرض عليهم
الحجَّ، فقام رجل من بني أَسد فقال: يا رسول الله، أَفي كلِّ عامٍ؟ فأَعرض عنه
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فعاد الرجلُ ثانيةً، فأَعرض عنه، ثم عاد
ثالثةً، فقال عليه الصلاة والصلام: ما يؤمنك أَن أَقولَ نعم، فَتَجِبَ،
فلا تقومون بها فتكفرون؟ أَي تدفعون وجوبها لثقلها فتكفرون. وأَراد عليه
الصلاة والسلام: ما يؤمنك أَن يُوحَى إِليَّ أَنْ قُلْ نعم فَأَقولَ؟
وحَجَّه يَحُجُّه، وهو الحجُّ. قال سيبويه: حجَّه يَحُجُّه حِجًّا، كما
قالوا: ذكره ذِكْراً؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يومَ تَرَى مُرْضِعَةً خَلوجا،
وكلَّ أُنثَى حَمَلَتْ خَدُوجا
وكلَّ صاحٍ ثَمِلاً مَؤُوجا،
ويَسْتَخِفُّ الحَرَمَ المَحْجُوجا
فسَّره فقال: يستخف الناسُ الذهابَ إِلى هذه المدينة لأَن الأَرض
دُحِيَتْ من مكة، فيقول: يذهب الناس إِليها لأَن يحشروا منها. ويقال: إِنما
يذهبون إِلى بيت المقدس.
ورجلٌ حاجٌّ وقومٌ حُجَّاجٌ وحَجِيجٌ والحَجِيجُ: جماعةُ الحاجِّ. قال
الأَزهري: ومثله غازٍ وغَزِيٌّ، وناجٍ ونَجِيٌّ، ونادٍ ونَدِيٌّ، للقومِ
يَتَناجَوْنَ ويجتمعون في مجلس، وللعادِينَ على أَقدامهم عَدِبٌّ؛ وتقول:
حَجَجْتُ البيتَ أَحُجُّه حَجًّا، فأَنا حاجٌّ. وربما أَظهروا التضعيف في
ضرورة الشعر؛ قال الراجز:
بِكُلِّ شَيْخٍ عامِرٍ أَو حاجِجِ
ويجمع على حُجٍّ، مثل بازلٍ وبُزْلٍ، وعائذٍ وعُودٍ؛ وأَنشد أَبو زيد
لجرير يهجو الأَخطل ويذكر ما صنعه الجحافُ بن حكيم السُّلمي من قتل بني
تَغْلِبَ قوم الأَخطل باليُسُرِ، وهو ماءٌ لبني تميم:
قد كانَ في جِيَفٍ بِدِجْلَةَ حُرِّقَتْ،
أَو في الذينَ على الرَّحُوبِ شُغُولُ
وكأَنَّ عافِيَةَ النُّسُور عليهمُ
حُجٌّ، بأَسْفَلِ ذي المَجَازِ نُزُولُ
يقول: لما كثر قتلى بني تَغْلِبَ جافَتِ الأَرضُ فحُرّقوا لِيَزُولَ
نَتْنُهُمْ. والرَّحُوبُ: ماءٌ لبني تغلب. والمشهور في رواية البيت: حِجٌّ،
بالكسر، وهو اسم الحاجِّ. وعافِيةُ النسور: هي الغاشية التي تغشى لحومهم.
وذو المجاز: سُوقٌ من أَسواق العرب. والحِجُّ، بالكسر، الاسم.
والحِجَّةُ: المرَّة الواحدة، وهو من الشَّواذِّ، لأَن القياس بالفتح. وأَما
قولهم: أَقْبَلَ الحاجُّ والداجُّ؛ فقد يكون أَن يُرادَ به الجِنسُ، وقد يكون
اسماً للجمع كالجامل والباقر. وروى الأَزهري عن أَبي طالب في قولهم: ما
حَجَّ ولكنه دَجَّ؛ قال: الحج الزيارة والإِتيان، وإِنما سمي حاجًّا
بزيارة بيت الله تعالى؛ قال دُكَين:
ظَلَّ يَحُجُّ، وظَلِلْنا نَحْجُبُهْ،
وظَلَّ يُرْمَى بالحَصى مُبَوَّبُهْ
قال: والداجُّ الذي يخرج للتجارة. وفي الحديث: لم يترك حاجَّةً ولا
داجَّة. الحاجُّ والحاجَّةُ: أَحد الحُجَّاجِ، والداجُّ والدَّاجَّةُ:
الأَتباعُ؛ يريد الجماعةَ الحاجَّةَ ومَن معهم مِن أَتباعهم؛ ومنه الحديث:
هؤلاء الداجُّ وليْسُوا بالحاجِّ.
ويقال للرجل الكثير الحجِّ: إِنه لحَجَّاجٌ، بفتح الجيم، من غير إِمالة،
وكل نعت على فَعَّال فهو غير مُمَالِ الأَلف، فإِذا صيَّروه اسماً
خاصّاً تَحَوَّلَ عن حالِ النعت، ودخلته الإِمالَةُ، كاسم الحَجَّاجِ
والعَجَّاجِ. والحِجُّ: الحُجَّاجُ؛ قال:
كأَنما، أَصْواتُها بالوادِي،
أَصْواتُ حِجٍّ، مِنْ عُمانَ، عادي
هكذا أَنشده ابن دريد بكسر الحاء. قال سيبويه: وقالوا حَجَّةٌ واحدةٌ،
يريدون عَمَلَ سَنَةٍ واحدة. قال الأَزهري: الحَجُّ قَضاءُ نُسُكِ سَنَةٍ
واحدةٍ، وبعضٌ يَكسر الحاء، فيقول: الحِجُّ والحِجَّةُ؛ وقرئ: ولله على
الناسِ حِجُّ البيتِ، والفتح أَكثر. وقال الزجاج في قوله تعالى: ولله على
الناس حَِجُّ البيت؛ يقرأُ بفتح الحاء وكسرها، والفتح الأَصل. والحَجُّ:
اسم العَمَل. واحْتَجَّ البَيْتَ: كحَجَّه عن الهجري؛ وأَنشد:
تَرَكْتُ احْتِجاجَ البَيْتِ، حتى تَظَاهَرَتْ
عليَّ ذُنُوبٌ، بَعْدَهُنَّ ذُنُوبُ
وقوله تعالى: الحجُّ أَشهُرٌ معلوماتٌ؛ هي شوَّال وذو القعدة، وعشرٌ من
ذي الحجة. وقال الفراء: معناه وقتُ الحج هذه الأَشهرُ. وروي عن الأَثرم
وغيره: ما سمعناه من العرب حَجَجْتُ حَجَّةً، ولا رأَيتُ رأْيَةً، وإِنما
يقولون حَجَجْتُ حِجَّةً. قال: والحَجُّ والحِجُّ ليس عند الكسائي بينهما
فُرْقانٌ. وغيره يقول: الحَجُّ حَجُّ البيْتِ، والحِجُّ عَمَلُ
السَّنَةِ. وتقول: حَجَجْتُ فلاناً إِذا أَتَيْتَه مرَّة بعد مرة، فقيل: حُجَّ
البَيْتُ لأَن الناسَ يأَتونه كلَّ سَنَةٍ. قال الكسائي: كلام العرب كله
على فَعَلْتُ فَعْلَةً إِلاّ قولَهم حَجَجْتُ حِجَّةً، ورأَيتُ
رُؤْيَةً.والحِجَّةُ: السَّنَةُ، والجمع حِجَجٌ.
وذو الحِجَّةِ: شهرُ الحَجِّ، سمي بذلك لِلحَجِّ فيه، والجمع ذَواتُ
الحِجَّةِ، وذَواتُ القَعْدَةِ، ولم يقولوا: ذَوُو على واحده.
وامرأَة حاجَّةٌ ونِسْوَةٌ حَواجُّ بَيْتِ الله بالإِضافة إِذا كنّ قد
حَجَجْنَ، وإِن لم يَكُنَّ قد حَجَجْنَ، قلت: حَواجُّ بَيْتَ الله، فتنصب
البيت لأَنك تريد التنوين في حَواجَّ، إِلا أَنه لا ينصرف، كما يقال: هذا
ضارِبُ زيدٍ أَمْسِ، وضارِبٌ زيداً غداً، فتدل بحذف التنوين على أَنه قد
ضربه، وبإِثبات التنوين على أَنه لم يضربه.
وأَحْجَجْتُ فلاناً إِذا بَعَثْتَه لِيَحُجَّ. وقولهم: وحَجَّةِ الله لا
أَفْعَلُ بفتح أَوَّله وخَفْضِ آخره، يمينٌ للعرب.
الأَزهريُّ: ومن أَمثال العرب: لَجَّ فَحَجَّ؛ معناه لَجَّ فَغَلَبَ
مَنْ لاجَّه بحُجَجِه. يقال: حاجَجْتُه أُحاجُّه حِجاجاً ومُحاجَّةً حتى
حَجَجْتُه أَي غَلَبْتُه بالحُجَجِ التي أَدْلَيْتُ بها؛ قيل: معنى قوله
لَجَّ فَحَجَّ أَي أَنه لَجَّ وتمادَى به لَجاجُه، وأَدَّاه اللَّجاجُ إِلى
أَن حَجَّ البيتَ الحرام، وما أَراده؛ أُريد: أَنه هاجَر أَهلَه بلَجاجه
حتى خرج حاجّاً.
والمَحَجَّةُ: الطريق؛ وقيل: جادَّةُ الطريق؛ وقيل: مَحَجَّة الطريق
سَنَنُه.
والحَجَوَّجُ: الطَّرِيقُ تستقيم مَرَّةً وتَعْوَجُّ أُخْرى؛ وأَنشد:
أَجَدُّ أَيامُك من حَجَوَّجِ،
إِذا اسْتَقامَ مَرَّةً يُعَوَّجِ
والحُجَّة: البُرْهان؛ وقيل: الحُجَّة ما دُوفِعَ به الخصم؛ وقال
الأَزهري: الحُجَّة الوجه الذي يكون به الظَّفَرُ عند الخصومة.
وهو رجل مِحْجاجٌ أَي جَدِلٌ.
والتَّحاجُّ: التَّخاصُم؛ وجمع الحُجَّةِ: حُجَجٌ وحِجاجٌ. وحاجَّه
مُحاجَّةً وحِجاجاً: نازعه الحُجَّةَ.
وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً: غلبه على حُجَّتِه. وفي الحديث: فَحَجَّ آدمُ
موسى أَي غَلَبَه بالحُجَّة.
واحْتَجَّ بالشيءِ: اتخذه حُجَّة؛ قال الأَزهري: إِنما سميت حُجَّة
لأَنها تُحَجُّ أَي تقتصد لأَن القصد لها وإِليها؛ وكذلك مَحَجَّة الطريق هي
المَقْصِدُ والمَسْلَكُ. وفي حديث الدجال: إِن يَخْرُجْ وأَنا فيكم فأَنا
حَجِيجُه أَي مُحاجُّهُ ومُغالِبُه بإِظهار الحُجَّة عليه. والحُجَّةُ:
الدليل والبرهان. يقال: حاجَجْتُه فأَنا مُحاجٌّ وحَجِيجٌ، فَعِيل بمعنى
فاعل. ومنه حديث معاوية: فَجَعَلْتُ أَحُجُّ خَصْمِي أَي أَغْلِبُه
بالحُجَّة. وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً، فهو مَحْجوجٌ وحَجِيج، إِذا قَدَحَ
بالحَديد في العَظْمِ إِذا كان قد هَشَمَ حى يَتَلَطَّخ الدِّماغُ بالجم
فيَقْلَعَ الجِلْدَة التي جَفَّت، ثم يُعالَج ذلك فَيَلْتَئِمُ بِجِلْدٍ ويكون
آمَّةً؛ قال أَبو ذؤَيب يصف امرأَة:
وصُبَّ عليها الطِّيبُ حتى كأَنَّها
أُسِيٌّ، على أُمِّ الدِّماغ، حَجِيجُ
وكذلك حَجَّ الشجَّةَ يَحُجُّها حَجّاً إِذا سَبَرها بالمِيلِ
ليُعالِجَها؛ قال عذارُ بنُ دُرَّةَ الطائي:
يَحُجُّ مَأْمُومَةً، في قَعْرِها لَجَفٌ،
فاسْتُ الطَّبِيب قَذاها كالمَغاريدِ
المَغاريدُ: جمع مُغْرُودٍ، هو صَمْغٌ معروف. وقال: يَحُجُّ يُصْلِحُ
مَأْمُومَةً شَجَّةً بَلَغَتْ أُمَّ الرأْس؛ وفسر ابن دريد هذا الشعر فقال:
وصف هذا الشاعر طبيباً يداوي شجة بعيدَة القَعْر، فهو يَجْزَعُ من
هَوْلِها، فالقذى يتساقط من استه كالمَغاريد؛ وقال غيره: استُ الطبيب يُرادُ
بها مِيلُهُ، وشَبَّهَ ما يَخْرُجُ من القَذى على ميله بالمغاريد.
والمَغاريدُ: جمع مُغْرُودٍ، وهو صمغ معروف.
وقيل: الحَجُّ أَن يُشَجَّ الرجلُ فيختلط الدم بالدماغ، فيصب عليه السمن
المُغْلَى حتى يظهر الدم، فيؤْخذَ بقطنة. الأَصمعي: الحَجِيجُ من
الشِّجاجِ الذي قد عُولِجَ، وهو ضَرْبٌ من علاجها. وقال ابن شميل: الحَجُّ أَن
تُفْلَقَ الهامَةُ فَتُنْظَرَ هل فيها عَظْم أَو دم. قال: والوَكْسُ أَن
يقَعَ في أُمِّ الرأْس دم أَو عظام أَو يصيبها عَنَتٌ؛ وقيل: حَجَّ
الجُرْحَ سَبَرَهُ ليعرف غَوْرَهُ؛ عن ابن الأَعرابي:
والحُجُجُ: الجِراحُ المَسْبُورَةُ. وقيل: حَجَجْتُها قِسْتُها،
وحَجَجْتُهُ حَجّاً، فهو حَجِيجٌ، إِذا سَبَرْتَ شَجَّتَه بالمِيل
لِتُعالِجَه.والمِحْجاجُ: المِسْبارُ.
وحَجَّ العَظْمَ يَحُجُّهُ حَجّاً: قَطَعَهُ من الجُرْح واستخرجه، وقد
فسره بعضهم بما أُنشِدْنا لأَبي ذُؤَيْبٍ. ورأْسٌ أَحَجُّ: صُلْبٌ.
واحْتَجَّ الشيءُ: صَلُبَ؛ قال المَرَّارُ الفَقْعَسِيُّ يصف الركاب في سفر كان
سافره:
ضَرَبْنَ بكُلِّ سالِفَةٍ ورَأْسٍ
أَحَجَّ، كَأَنَّ مُقْدَمَهُ نَصِيلُ
والحَجاجُ والحِجاجُ: العَظْمُ النابِتُ عليه الحاجِبُ. والحِجاجُ:
العَظْمُ المُسْتَديرُ حَوْلَ العين، ويقال: بل هو الأَعلى تحت الحاجب؛
وأَنشد قول العجاج:
إِذا حِجاجا مُقْلَتَيْها هَجَّجا
وقال ابن السكيت: هو الحَجَّاجُ
(* قوله «الحجاج» هو بالتشديد في الأَصل
المعوّل عليه بأَيدينا، ولم نجد التشديد في كتاب من كتب اللغة التي
بأيدينا.). والحِجَاجُ: العَظْمُ المُطْبِقُ على وَقْبَةِ العين وعليه
مَنْبَتُ شعَر الحاجب. والحَجَاجُ والحِجَاجُ، بفتح الحاءِ وكسرها: العظم الذي
ينبت عليه الحاجب، والجمع أَحِجَّة؛ قال رؤْبة:
صَكِّي حِجاجَيْ رَأْسِه وبَهْزي
وفي الحديث: كانت الضبُعُ وأَولادُها في حَِجاجِ عينِ رجل من العماليق.
الحِجاج، بالكسر والفتح: العظم المستدير حول العين؛ ومنه حديث جَيْشِ
الخَبَطِ: فجلس في حَِجَاج عينه كذا كذا نفراً؛ يعني السمكة التي وجدوها على
البحر. وقيل: الحِجاجان العظمان المُشرِفانِ على غارِبَي العينين؛ وقيل:
هما مَنْبَتا شعَرِ الحاجبين من العظم؛ وقوله:
تُحاذِرُ وَقْعَ الصَّوْتِ خَرْصاءُ ضَمَّها
كَلالٌ، فَحالَتْ في حِجا حاجِبٍ ضَمْرِ
فإِن ابن جني قال: يريد في حِجاجِ حاجِبٍ ضَمْرٍ، فحذف للضرورة؛ قال ابن
سيده: وعندي أَنه أَراد بالحجا ههنا الناحية؛ والجمع: أَحِجَّةٌ
وحُجُجٌ. قال أَبو الحسن: حُجُجٌ شاذ لأَن ما كان من هذا النحو لم يُكَسَّر على
فُعُلٍ، كراهية التضعيف؛ فأَما قوله:
يَتْرُكْنَ بالأَمالِسِ السَّمالِجِ،
للطَّيْرِ واللَّغاوِسِ الهَزالِجِ،
كلَّ جَنِينٍ مَعِرِ الحَواجِجِ
فإِنه جمع حِجاجاً على غير قياس، وأَظهر التضعيف اضطراراً.
والحَجَجُ: الوَقْرَةُ في العظم.
والحِجَّةُ، بكسر الحاءِ، والحاجَّةُ: شَحْمَةُ الأُذُنِ، الأَخيرة اسم
كالكاهل والغارب؛ قال لبيد يذكر نساء:
يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ في كلِّ حِجَّةٍ،
وإِنْ لَمْ تَكُنْ أَعْناقُهُنَّ عَواطِلا
غَرائِرُ أَبْكارٌ، عَلَيْها مَهابَةٌ،
وعُونٌ كِرامٌ يَرْتَدينَ الوَصائِلا
يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ أَي يَثْقُبْنَهُ. والوصائِلُ: بُرُودُ
اليَمن، واحدتها وَصِيلة. والعُونُ جمع عَوانٍ: للثيِّب. وقال بعضهم: الحِجَّةُ
ههنا المَوْسِمُ؛ وقيل: في كل حِجَّة أَي في كل سنة، وجمعها حِجَجٌ.
أَبو عمرو: الحِجَّةُ والحَجَّةُ ثُقْبَةُ شَحْمَة الأُذن. والحَجَّة
أَيضاً: خَرَزَةٌ أَو لُؤْلُؤَةٌ تُعَلَّق في الأُذن؛ قال ابن دريد: وربما
سميت حاجَّةً.
وحَِجاجُ الشمس: حاجِبُها، وهو قَرْنها؛ يقال: بدا حِجاجُ الشمس.
وحَِجاجا الجبل: جانباه. والحُجُجُ: الطرُقُ المُحَفَّرَةُ.
والحَجَّاجُ: اسم رجل؛ أَماله بعض أَهل الإِمالة في جميع وجوه الإِعراب
على غير قياس في الرفع والنصب، ومثل ذلك الناس في الجرِّ خاصة؛ قال ابن
سيده: وإِنما مثلته به لأَن أَلف الحجاج زائدة غير منقلبة، ولا يجاورها مع
ذلك ما يوجب الإِمالة، وكذلك الناس لأَن الأَصل إِنما هو الأُناس فحذفوا
الهمزة، وجعلوا اللام خَلَفاً منها كالله إِلا أَنهم قد قالوا الأُناس،
قال: وقالوا مررت بناس فأَمالوا في الجر خاصة، تشبيهاً للألف بأَلف
فاعِلٍ، لأَنها ثانية مثلها، وهو نادر لأَن الأَلف ليست منقلبة؛ فأَما في
الرفع والنصب فلا يميله أَحد، وقد يقولون: حَجَّاج، بغير أَلف ولام، كما
يقولون: العباس وعباس، وتعليل ذلك مذكور في مواضعه.
وحِجِجْ: من زَجْرِ الغنم.
وفي حديث الدعاءِ: اللهم ثَبِّت حُجَّتي في الدنيا والآخرة أَي قَوْلي
وإِيماني في الدنيا وعند جواب الملكين في القبر.
رشح: الرَّشْحُ: نَدَى العَرَقِ على الجَسَدِ.
يقال: رَشَحَ فلانٌ عَرَقاً؛ قال الفراء: يقال أَرْشَحَ عَرَقاً
وتَرَشَّحَ عَرَقاً، بمعنى واحد. وقد رَشَحَ يَرْشَحُ رَشْحاً ورَشَحاناً:
نَدِيَ بالعَرَق.
والرَّشِيحُ: العَرَق. والرَّشْحُ: العَرَقُ نفسه؛ قال ابن مُقْبِل:
يَخْدِي بِديباجَتَيْهِ الرَّشْحُ مُرْتَدِع
وفي حديث القيامة: حتى يبلغ الرَّشْحُ آذانَهم؛ الرَّشْحُ: العَرَق
لأَنه يخرج من البدن شيئاً فشيئاً كما يَرْشَحُ الإِناءُ المُتَخَلْخِلُ
الأَجزاء.
والمِرْشَحُ والمِرْشَحَة: البطانة التي تحت لِبْدِ السَّرْج، سمِّيت
بذلك لأَنها تُنَشِّفُ الرَّشْح؛ يعني العَرَق؛ وقيل: هي ما تحت
المِيثَرَة.وبئر رَشُوحٌ: قليلة الماء، ورَشَحَ النِّحْيُ بما فيه كذلك.
ورَشَّحَتِ الأُمُّ ولدها باللبن القليل إِذا جعلته في فيه شيئاً بعد
شيء حتى يقوى على المَصِّ، وهو الرَّشِيحُ. ورَشَحَتِ الناقةُ وَلَدَها
ورَشَّحَتْه وأَرْشَحَتْهُ: وهو أَن تحك أَصل ذنبه وتدفعه برأْسها
وتُقَدِّمه وتَقِفَ عليه حتى يلحقها وتُزَجِّيه أَحياناً أَي تُقَدِّمه وتتبعه،
وهي راشِحٌ ومُرْشِحٌ ومُرَشِّحٌ، كل ذلك على النَّسَبِ.
وتَرَشَّحَ هو إِذا قَوِيَ على المشي مع أُمه. وأَرْشَحَتِ الناقةُ
والمرأَة، وهي مُرْشِحٌ إِذا خالطها ولدها ومشى معها وسعى خلفها ولم
يُعَنِّها؛ وقيل: إِذا قَوِيَ ولد الناقة، فهي مُرْشِحٌ وولدها راشِحٌ، وقد رَشَح
رُشُوحاً؛ قال أَبو ذؤَيب، واستعاره لصغار السحاب:
ثلاثاً، فلما اسْتُحِيلَ الجَها
مُ، واسْتَجْمَعَ الطِّفْلُ فيه رُشوحا
والجمع رُشَّحٌ؛ قال:
فلما انْتَهى نِيُّ المَرابيعِ، أَزْمَعَتْ
جُفُوفاً، وأَولادُ المَصاييفِ رُشَّحُ
وكل ما دَبَّ على الأَرض من خَشاشها: راشِحٌ. قال الأَصمعي: إِذا وضعت
الناقة ولدها، فهو شَليل، فإِذا قَوِيَ ومَشَى، فهو راشح وأُمه مُرْشِحٌ،
فإِذا ارتفع عن الرَّاشِح، فهو خالٌ.
والتَّرَشُّحُ والتَّرْشِيحُ: لَحْسُ الأُمِّ ما على طِفْلها من
النُّدُوَّةِ حين تَلِدُه؛ قال:
أُمُّ الظِّبا تُرَشِّحُ الأَطفالا
والتَّرْشِيحُ أَيضاً: التربية والتهيئة للشيء. ورُشِّحَ للأَمر:
رُبِّيَ له وأُهِّل؛ ويقال: فلان يُرَشَّح للخلافة إِذا جُعِل وليّ العهد. وفي
حديث خالد بن الوليد: أَنه رَشَّحَ وَلده لولاية العهد أَي أَهَّله لها.
وفلان يُرَشَّحُ للوزارة أَي يُرَبَّى ويُؤَهَّل لها. ورَشَّحَ الغيثُ
النباتَ: رَبَّاه؛ قال كثير:
يُرَشِّحُ نَبْتاً ناعِماً، ويُزينُه
نَدًى، ولَيالٍ بعدَ ذاكَ طَوالِقُ
والاسْتِرْشاحُ كذلك؛ قال ذو الرمة:
يُقَلِّبُ أَشْباهاً كأَنَّ ظُهورَها،
بمُسْتَرْشَحِ البُهْمى، من الصَّخْرِ، صَرْدَحُ
أَي بحيث رَشَّحَتِ الأَرضُ البُهْمَة؛ يعني رَبَّتها وبَلَغت بها. وفي
حديث ظَبْيانَ: يأْكلون حَصيدَها ويُرَشِّحُون خَضِيدَها؛ الخضيد:
المقطوع من شجر الثمر. وتَرْشِيحُهم له: قيامُهم عليه وإِصلاحهم له إِلى أَن
تعود ثمرته تَطْلُع كما يُفْعل بشجر الأَعناب والنخيل. والرَّشِيحُ: ما على
وجه الأَرض من النبات.
ويقال: بنو فلان يَسْتَرْشِحُونَ البقلَ أَي ينتظرون أَن يطول
فَيَرعَوْه. ويَسْتَرْشِحُونَ البُهْمَى: يُرَبُّونه ليَكْبُرَ، وذلك الموضع
مُسْتَرْشَح؛ وتقول: لم يَرْشَحْ له بشيء إِذا لم يُعْطِه شيئاً.
والرَّاشِحُ والرَّواشِحُ: جبال تَنْدى فربما اجتمع في أُصولها ماء
قليل، فإِن كثر سمي وَشَلاً، وإِن رأَيته كالعَرَق يجري خِلالَ الحجارة سُمّي
راشِحاً.
حجن: حَجَنَ العُودَ يَحْجِنُه حَجْناً وحَجَّنَه: عطَفَه. والحَجَنُ
والحُجْنةُ والتحَجُّن: اعْوجاج الشيء، وفي التهذيب: اعوِجاجُ الشيء
الأَحْجَنِ. والمِحْجَنُ والمِحْجَنَةُ: العَصَا المُعْوَجَّةُ. الجوهري:
المِحْجَنُ كالصَّوْلَجانِ. وفي الحديث: أَنه كان يَسْتَلِم الرُّكْنَ
بمِحْجَنَهِ؛ المِحْجَنُ: عَصاً مُعَقَّفة الرأْس كالصَّوْلجان، قال: والميم
زائدة، وكلُّ معطوف مُعْوجّ كذلك؛ قال ابن مقبل:
قد صَرَّح السَّيْرُ عن كُتْمانَ، وابتُذِلَت
وَقْعُ المَحاجِنِ بالمَهْرِيَّةِ الذُّقُنِ.
أَراد: وابتُذِلَت المَحَاجِنُ، وأَنَّثَ الوَقْعَ لإضافته إلى
المَحاجِن. وفلانٌ لا يَرْكُضُ المِحْجَن أَي لا غَنَاءَ عنده، وأَصل ذلك أَن
يُدْخَلَ مِحْجَن بين رِجْلَي البعير، فإنْ كان البعيرُ بَليداً لم يَرْكُض
ذلك المِحْجَنَ، وإن كان ذَكِيّاً رَكَض المِحْجَن ومضَى. والاحْتِجانُ:
الفعلُ بالمِحْجَن. والصَّقْرُ أَحْجَنُ المِنْقارِ. وصقرٌ أَحْجَنُ
المَخالِب: مُعَوَجُّها. ومِحْجَنُ الطائِرِ: مِنْقَارُه لاعْوِجاجِهِ.
والتَّحْجِينُ: سِمةٌ مُعْوَجَّة، اسْمٌ كالتَّنْبيتِ والتَّمْتين. ويقال:
حَجَنْت البعيرَ فأَنا أَحْجِنُه، وهو بَعِيرٌ مَحْجون إذا وُسِمَ بِسِمَة
المِحْجَن، وهو خَطٌّ في طرَفِهِ عَقْفة مثل مِحْجَنِ العصا. وأُذُنٌ
حجناء: ماثلةُ أَحد الطرَفين من قِبَل الجبهة سُفْلاً، وقيل: هي التي أَقْبَل
أَطراف إحداهما على الأُخرى قِبَل الجَبْهة، وكلُّ ذلك مع اعْوِجاج.
الأَزهري: الحُجْنةُ مصدرٌ كالحَجَن، وهو الشعرُ الذي جُعودته في أَطرافه.
قال ابن سيده: وشعر حَجِنٌ وأَحْجَنُ مُتَسَلْسِلٌ مُسْتَرْسِلٌ رَجِلٌ،
في أَطْرافه شيءٌ من جُعودةٍ وتكسُّرٍ. وقيل: مُعَقّف متداخلٌ بعضه في
بعض. قال أَبو زيد: الأَحْجَنُ الشعَرُ الرَّجِلُ. والحُجْنةُ: الرَّجَلُ.
والسَّبِطُ: الذي ليست فيه حُجْنة. قال الأَزهري: ومن الأُنوف أَحْجَنُ.
وأَنْف أَحْجَنُ: مُقْبِل الرَّوْثةِ نحوَ الفمِ، زاد الأَزهري:
واستأْخرت ناشِزتاه قُبْحاً. والحُجْنةُ: موضع أَصابه اعْوِجاجٌ من العصا.
والمِحْجَن: عصاً في طرَفها عُقَّافة، والفعل بها الاحْتِجان. ابن سيده:
الحُجْنةُ موضعُ الاعْوِجاج. وحُجْنةُ المِغْزَل، بالضم: هي المُنْعَقِفةُ في
رأْسه. وفي الحديث: توضَع الرحِمُ يومَ القيامة لها حُجْنةٌ كحُجْنةِ
المِغْزَل أَي صِنّارتِه المُعْوَجَّة في رأْسه التي يُعَلَّق بها الخيطُ
يفتل للغَزْل، وكلُّ مُتَعَقِّفٍ أَحْجَنُ. والحُجْنةُ: ما اختَزَنْتَ من
شيء واخْتَصَصْتَ به نفسك؛ الأَزهري: ومن ذلك يقال للرجل إذا اختصَّ بشيء
لنفسه قد احْتَجَنه لنفسه دون أَصحابه. والاحْتِجانُ: جمعُ الشيء وضمُّه
إليك، وهو افْتِعال من المِحْجَن. وفي الحديث: ما أَقْطَعَك العَقيقَ
لتَحْتَجنَه أَي تتملَّكه دون الناس. واحْتَجَن الشيءَ: احْتَوَى عليه. وفي
حديث ابن ذي يَزَن: واحْتَجَنّاه دون غيرنا. واحْتَجَنَ عليه: حَجَر.
وحَجِنَ عليه حَجَناً: ضَنَّ. وحَجِنَ به: كحَجِيَ به، وهو نحو الأَول.
وحَجِنَ بالدار: أَقام. وحُجْنَةُ الثُّمامِ وحَجَنَتُه: خُوصتُه. وأَحْجَنَ
الثُّمامُ: خرجت حُجْنَتُه، وهي خوصه. وفي حديث أُصَيْل حين قَدِمَ من
مكة: فسأَله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: تركتُها قد أَحْجَنَ
ثُمامُها وأَعْذَقَ إذْ خِرُها وأَمْشَرَ سَلَمُها، فقال: يا أُصَيْل، دَعِ
القلوبَ تَقِرُّ، أَي بدا وَرَقُه
(* الضمير عائد إلى الثمان). والثُّمام
نبت معروف. والحَجَنُ: قَصَدٌ ينبُت في أَعراض عِيدان الثُّمام
والضِّعةِ. والحَجَنُ: القُضْبانُ القِصَارُ التي فيها العنب، واحدتُه حَجَنة.
وإنه لمِحْجَنُ مالٍ: يَصْلُح المالُ على يديه ويُحْسِن رِعْيَته والقيامَ
عليه؛ قال نافع بن لقيط الأَسدي:
قد عَنَّتَ الجَلْعَدُ شَيْخاً أَعْجَفا،
مِحْجَنَ مالٍ أَينَمَا تَصَرَّفا.
واحْتِجانُ المالِ: إصْلاحُه وجَمْعُه وضَمُّ ما انتشر منه. واحْتِجانُ
مالِ غيرِك: اقتِطاعُه وسَرِقتُه. وصاحبُ المِحْجَن في الجاهلية: رجلٌ
كان معه محجَن، وكان يقْعُد في جادَّة الطريق فيأْخذ بمحْجنِه الشيء بعد
الشيء من أَثاث المارَّة، فإن عُثِرَ عليه اعْتَلَّ بأَنه تعلق بمحْجنه،
وقد ورد في الحديث: كان يَسْرِقُ الحاجَّ بمحْجَنِه. فإِذا فُطِنَ به قال
تعلَّق بمِحْجَني، والجمع مَحاجِنُ. وفي حديث القيامة: وجَعلَت المَحاجِنُ
تُمْسِكُ رجالاً. وحَجَنْت الشيءَ واحْتَجَنْتُه إذا جَذَبْتَه
بالمِحْجَنِ إلى نَفْسِك؛ ومنه قولُ قيس بن عاصم في وصيَّتِه: عليكم بالمال
واحْتِجانِه، وهو ضمُّكَه إلى نفْسِك وإِمساكُكَ إياه. وحَجَنَه عن الشيء:
صَدَّه وصَرَفه؛ قال:
ولا بُدَّ للمَشْعُوفِ من تَبَعِ الهَوى،
إذا لم يَزَعْه من هَوَى النَّفْسِ حاجِنُ
والغَزْوَةُ الحَجُونُ: التي تُظهر غيرها ثم تخالف إلى غير ذلك الموضع
ويُقْصَدُ إليها، ويقال: هي البعيدة قال الأَعشى:
ولا بُدَّ من غَزوةٍ، في الرَّبيع،
حَجُونٍ تُكِلُّ الوَقاحَ الشَّكورا.
ويقال: سِرْنا عقَبةً حَجُوناً أَي بعيدةً طويلة. والحَجُونُ: موضعٌ
بمكة ناحية من البيت؛ قال الأَعشى:
فما أَنتَ من أَهل الحَجُونِ ولا الصَّفا،
ولا لك حَقُّ الشِّرْبِ في ماء زَمْزَم.
قال الجوهري: الحَجونُ، بفتح الحاء، جبلٌ بمكة وهي مَقْبُرة. وقال عمرو
بن الحرث بن مُضاض بن عمرو يتأَسَّف على البيت، وقيل هو للحرث الجُرْهمي:
كأَنْ لم يكن بين الحَجونِ إلى الصَّفا
أَنِيسٌ، ولم يَسْمُر بمكَّة سامِرُ
بَلى نحن كُنّا أَهلَها، فأَبادَنا
صُروفُ الليالي والجُدودُ العواثِرُ.
وفي الحديث: أَنه كان على الحَجُون كَئيباً. وقال ابن الأَثير:
الحَجُونُ الجبلُ المُشْرِف مما يَلي شِعْب الجَزَّارين بمكة، وقيل: هو موضع بمكة
فيه اعْوِجاج، قال: والمشهور الأَوَّل، وهو بفتح الحاء. والحَوْجَنُ،
بالنون: الوَرْدُ الأَحمر؛ عن كراع. وقد سمَّوْا حَجْناً وحُجَيْناً
وحَجْناءَ وأَحْجَنَ، وهو أَبو بَطْنٍ منهم، ومِحْجَناً، وهو مِحْجَن بن
عُطارِد العَنْبَريّ شاعر معروف؛ وذكر ابن بري في هذه الترجمة ما صورته:
والحَجِنُ المرأَةُ القليلةُ الطَّعْم؛ قال الشمّاخ:
وقد عَرِقَتْ مَغابِنُها، وجادَتْ
بِدرَّتِها قِرَى حَجِنٍ قَتِينِ.
قال: والقَتِينُ مثل الحَجِين أَيضاً، أَراد بالحَجِن قُراداً، وجعل
عَرَق هذه الناقة قُوتاً له، وهذا البيت بعينه ذكره الأَزهري وابن سيده في
ترجمة جحن، بالجيم قبل الحاء، فإِما أَن يكون الشيخ ابن بري وجد له وجهاً
فنقله أَو وَهم فيه.
شمط: شَمَطَ الشيءَ يَشْمِطُه شَمْطاً وأَشْمَطَه: خلَطه؛ الأَخيرة عن
أَبي زيد، قال: ومن كلامهم أَشْمِط عملك بصدَقةٍ أَي اخْلِطْه. وشيءٌ
شَمِيطٌ: مَشْمُوطٌ. وكل لونين اختلطا، فهما شَمِيطٌ. وشمَط بين الماء
واللبن: خلَط. وإِذا كان نصف ولد الرجل ذكوراً ونصفهم إِناثاً، فهم شَمِيطٌ.
ويقال: اشْمِطْ كذا لعَدُوٍّ أَي اخْلِطْ. وكلُّ خَلِيطَيْن خَلَطْتَهما،
فقد شَمَطْتَها، وهما شَمِيطٌ. والشَّمِيطُ: الصُّبح لاخْتِلاطِ لَوْنَيْه
من الظُّلْمةِ والبياضِ، ويقال للصُّبْحِ: شَمِيطٌ مُوَلَّعٌ. وقيل
للصبْح شَمِيطٌ لاختِلاطِ بياضِ النهار بسواد الليل؛ قال الكميت:
وأَطْلَعَ منه اللِّياحَ الشَّمِيطَ
خُدودٌ، كما سُلَّتِ الأَنْصُلُ
قال ابن بري: شاهد الشَّمِيطِ الصبحِ قولُ البَعِيثِ:
وأَعْجَلَها عن حاجة، لم تَفُهْ بها،
شَمِيطٌ، تبكَّى آخِرَ الليلِ، ساطِعُ
(* قوله «تبكى» كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في الاساس يتلى أَي
بالتضعيف كما يفيده الوزن.)
وكان أَبو عمرو بن العَلاء يقول لأَصحابه: اشْمِطُوا أَي خذوا مرّةً في
قرآن، ومرة في حديث، ومرة في غريب، ومرة في شِعر، ومرّة في لغة أَي
خُوضُوا.
والشَّمَطُ في الشعرَ: اختلافُه بلونين من سواد وبياض، شَمِطَ شَمَطاً
واشْمَطَّ واشْماطَّ، وهو أَشْمَطُ، والجمع شُمْطٌ وشُمْطانٌ. والشمَطُ في
الرجل: شيْبُ اللِّحية، ويقال للرجل أَشْيَبُ. والشَمَطُ: بياض شعر
الرأْسِ يُخالِطُ سَواده، وقد شَمِطَ، بالكسر، يَشْمَطُ شَمْطاً، وفي حديث
أَنس: لو شئتُ أَن أَعُدّ شَمَطاتٍ كُنَّ في رأْسِ رسولِ اللّه، صلّى اللّه
عليه وسلّم، فعَلْتُ؛ الشمَطُ: الشيْبُ، والشَّمَطاتُ: الشَّعراتُ البيض
التي كانت في شعر رأْسه يريد قِلَّتها. وقال بعضهم: وامرأَة شَمْطاء ولا
يقال شَيْباء؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
شَمْطاء أَعْلى بَزِّها مُطَرَّحُ،
قد طَال ما تَرَّحَها المُتَرِّحُ
شَمْطاء أَي بيْضاء المِشْفَرَيْن، وذلك عند البُزولِ؛ وقوله: أَعْلى
بَزِّها مُطَرَّح أَي قد سَمِنت فسَقط وبَرُها، وقوله قد طال ما تَرَّحَها
المُتَرِّحُ أَي نَغَّصَها المَرْعى. وفرس شَمِيطُ الذَّنَبِ: فيه
لوْنانِ. وذئب شَميطٌ: فيه سواد وبياض. والشَّمِيطُ من النَّبات: ما رأَيتَ
بعضَه هائجاً وبعضه أَخْضر؛ وقد يقال لبعض الطير إِذا كان في ذَنَبه سواد
وبياض: إِنه لشميطُ الذُّنابَى؛ وقال طفيل يصف فرساً:
شَمِيطُ الذُّنابَى جُوِّفَتْ، وهي جَوْنة،
بنُقْبةِ دِيباجٍ ورَيْطٍ مُقَطَّعِ
الشَّمْطُ: الخَلْطُ، يقول: اختلط في ذَنبِها بياض وغيره.
أَبو عمرو: الشُّمطان الرُّطَب المُنَصَّفُ، والشُّمْطانةُ: البُسْرة
التي يُرْطِبُ جانب منها ويَبقى سائرُها يابساً. وقِدْرٌ تسَعُ شاةً
بشَمْطِها وأَشماطِها أَي بتابَلِها. وحكى ابن بري عن ابن خالويه قال: الناس
كلهم على فتح الشين من شَمْطِها إِلا العُكْلِيَّ فإِنه يكسر الشين.
والشِّمْطاطُ والشُّمْطوطُ: الفِرْقةُ من الناس وغيرهم. والشَّماطِيطُ:
القِطَعُ المتفرّقة. يقال: جاءت الخيل شَماطِيطَ أَي متفرّقة أَرْسالاً،
وذهَب القومُ شَماطِيطَ وشَمالِيلَ إِذا تفرّقوا، والشَّمالِيلُ: ما
تفرّق من شُعَبِ الأَغْصانِ في رؤوسها مثل شَماريخِ العِذْق، الواحد
شِمْطيطٌ؛ وفي حديث أَبي سفيان:
صريح لُؤيٍّ لا شَماطِيط جُرْهُم
الشَّماطِيطُ: القِطَعُ المتفرّقةُ. وشَماطِيطُ الخيل: جماعة في
تَفْرِقِةٍ، واحدها شُمْطُوطٌ. وتفرّق القومُ شَماطِيطَ أَي فِرَقاً وقِطَعاً،
واحدها شِمْطاطٌ وشُمْطُوطٌ، وثوب شِمْطاطٌ؛ قال جَسّاسُ بن قُطَيْبٍ:
مُحْتَجِــزٍ بِخَلَقٍ شِمْطاطِ،
على سَراوِيلَ له أَسْماطِ
وقد تقدّمت أُرْجُوزته بكمالها في ترجمة شرط، أَي بخَلَقٍ قد تشقق
وتقطَّع. وصار الثوبُ شَماطِيطَ إِذا تشقّق؛ قال سيبويه: لا واحد للشَّماطِيطِ
ولذلك إِذا نسَب إِليه قال شَماطيطِيٌّ فأَبْقَى عليه لفظ الجمع، ولو
كان عنده جمعاً لرَدَّ النسَبَ إِلى الواحد فقال شِمْطاطِيٌّ أَو
شُمْطُوطِيٌّ أَو شِمْطِيطِيٌّ. الفراء: الشَّماطِيطُ والعَبادِيدُ والشَّعارِيرُ
والأَبابِيلُ كلُّ هذا لا يُفْرد له واحد. وقال اللحياني: ثوب شَماطِيطُ
خَلَقٌ. والشُّمْطُوطُ: الأَحْمق؛ قال الراجز:
يَتْبَعُها شَمَرْدَلٌ شُمْطُوطُ،
لا ورَعٌ جِبْسٌ ولا مأْقُوطُ
وشَماطِيطُ: اسم رجل؛ أَنشد ابن جني:
أَنا شَماطِيطُ الذي حُدِّثْت بهْ،
متَى أُنَبَّهْ للغَداء أَنْتَبهْ
ثم أُنَزِّ حَوْلَه وأَحْتَبِهْ،
حتى يقالُ سَيِّدٌ، ولسْتُ بهْ
والهاء في أَحْتَبِه زائدة للوقف، وإِنما زادها للوصل لا فائدة لها
أَكثر من ذلك. وقوله حتى يقال روي مرفوعاً لأَنه إِنما أَراد فِعَل الحال،
وفِعلُ الحال مرفوع في باب حتى، أَلا ترى أَن قولهم سرْتُ حتى أَدخلُها
إِنما هو في معنى قوله حتى أَنا في حال دخولي، ولا يكون قوله حتى يقال سيّد
على تقدير الفعل الماضي لأَن هذا الشاعر إِنما أَراد أَن يَحْكِي حاله
التي هو فيها ولم يرد أَن يُخبر أَنَّ ذلك قد مضى.
شرط: الشَّرْطُ: معروف، وكذلك الشَّريطةُ، والجمع شُروط وشَرائطُ.
والشَّرْطُ: إِلزامُ الشيء والتِزامُه في البيعِ ونحوه، والجمع شُروط. وفي
الحديث: لا يجوز شَرْطانِ في بَيْعٍ، هو كقولك: بعتك هذا الثوب نَقْداً
بدِينار، ونَسِيئةً بدِينارَيْنِ، وهو كالبَيْعَتين في بَيْعةٍ، ولا فرق عند
أَكثر الفقهاء في عقد البيع بين شَرْط واحد أَو شرطين، وفرق بينهما أَحمد
عملاً بظاهر الحديث؛ ومنه الحديث الآخر: نهى عن بَيْع وشَرْطٍ، وهو أَن
يكون الشرطُ ملازماً في العقد لا قبله ولا بعده؛ ومنه حديث بَرِيرةَ:
شَرْطُ اللّهِ أَحَقُّ؛ يريد ما أَظهره وبيَّنه من حُكم اللّه بقوله الولاء
لمن أَعْتق، وقيل: هو إِشارة إِلى قوله تعالى: فإِخْوانُكم في الدِّين
ومَوالِيكم؛ وقد شرَط له وعليه كذا يَشْرِطُ ويَشْرُطُ شَرْطاً واشْتَرَط
عليه. والشَّرِيطةُ: كالشَّرْطِ، وقد شارَطَه وشرَط له في ضَيْعَتِه
يَشْرِط ويَشْرُط، وشرَط للأَجِير يَشْرُطُ شَرْطاً.
والشَّرَطُ، بالتحريك: العلامة، والجمع أَشْراطٌ. وأَشْراطُ الساعةِ:
أَعْلامُها، وهو منه. وفي التنزيل العزيز: فقد جاء أَشْراطُها.
والاشْتِراطُ: العلامة التي يجعلها الناس بينهم.
وأَشْرَطَ طائفةً من إِبله وغنمه: عَزَلَها وأَعْلَمَ أَنها للبيع.
والشَّرَطُ من الإِبل: ما يُجْلَبُ للبيع نحو النَّاب والدَّبِرِ. يقال: إِن
في إِبلك شَرَطاً، فيقول: لا ولكنها لُبابٌ كلها. وأَشْرَط فلان نفسَه
لكذا وكذا: أَعْلَمها له وأَعَدَّها؛ ومنه سمي الشُّرَطُ لأَنهم جعلوا
لأَنفسهم علامة يُعْرَفُون بها، الواحد شُرَطةٌ وشُرَطِيٌّ؛ قال ابن
أَحمر:فأَشْرَطَ نفْسَه حِرصاً عليها،
وكان بنَفْسِه حَجِئاً ضَنِينا
والشُّرْطةُ في السُّلْطان: من العلامة والإِعْدادِ. ورجل شُرْطِيٌّ
وشُرَطِيٌّ: منسوب إِلى الشُّرطةِ، والجمع شُرَطٌ، سموا بذلك لأَنهم
أَعَدُّوا لذلك وأَعْلَمُوا أَنفسَهم بعلامات، وقيل: هم أَول كتيبة تشهد الحرب
وتتهيأُ للموت. وفي حديث ابن مسعود: وتُشْرَطُ شُرْطةٌ للموت لا يرجِعُون
إِلا غالِبين؛ هم أَوّل طائفة من الجيش تشهد الوَقْعة، وقيل: بل صاحب
الشُّرْطةِ في حرب بعينها؛ قال ابن سيده: والصواب الأَول؛ قال ابن بري:
شاهدُ الشُّرْطِيِّ احد الشُّرَطِ قول الدَّهناء:
واللّهِ لوْلا خَشْيةُ الأَمِيرِ،
وخَشْيَةُ الشرْطِيّ والثُّؤْثُورِ
الثُّؤْثورُ: الجلْوازُ؛ قال: وقال آخر:
أَعُوذُ باللّهِ وبالأَمِيرِ
من عامِل الشُّرْطةِ والأُتْرُورِ
وأَشْراطُ الشيء: أَوائلُه؛ قال بعضهم: ومنه أَشراطُ الساعةِ وذكرها
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، والاشتقاقان مُتقارِبان لأَن علامة الشيء
أَوَّله. ومَشارِيطُ الأَشياء: أَوائلها كأَشْراطِها؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:تَشابَهُ أَعْناقُ الأُمُورِ، وتَلْتَوِي
مَشارِيطُ ما الأَوْرادُ عنه صَوادِرُ
قال: ولاواحد لها. وأَشْراطُ كلِّ شيء: ابتداء أَوَّله. الأَصمعي:
أَشْراطُ الساعةِ علاماتها، قال: ومنه الاشْتِراط الذي يَشْتَرِطُ الناسُ
بعضُهم على بعض أَي هي عَلامات يجعلونها بينهم، ولهذا سميت الشُّرَط لأَنهم
جعلوا لأَنفسهم علامة يُعْرَفون بها. وحكى الحطابي عن بعض أَهل اللغة أَنه
أَنكر هذا التفسير وقال: أَشراطُ الساعةِ ما تُنكِره الناسُ من صغار
أُمورها قبل أَن تقوم الساعة. وشُرَطُ السلطانِ: نُخْبةُ أَصحابه الذين
يقدِّمهم على غيرهم من جنده؛ وقول أَوس بن حجر:
فأَشْرَط فيها نفْسَه، وهو مُعْصِمٌ،
وأَلْقَى بأَسْبابٍ له وتَوَكَّلا
أَجعل نفْسَه علَماً لهذا الأَمر؛ وقوله: أَشْرَط فيها نفسه أَي هَيَّأَ
لهذه النَّبْعةِ. وقال أَبو عبيدة: سمي الشُّرَطُ شُرَطاً لأَنهم
أَعِدّاء. وأَشراطُ الساعةِ: أَسبابُها التي هي دون مُعْظَمِها
وقِيامِها.والشَّرَطانِ: نَجْمانِ من الحَمَلِ يقال لهما قَرْنا الحملِ، وهما
أَوَّل نجم من الرَّبيع، ومن ذلك صار أَوائلُ كل أَمْر يقع أَشْراطَه ويقال
لهما الأَشْراط؛ قال العجاج:
أَلْجَأَهُ رَعْدٌ من الأَشْراطِ،
ورَيْقُ الليلِ إِلى أَراطِ
قال الجوهري: الشرطانِ نجمانِ من الحَمَل وهما قَرْناه، وإِلى جانِب
الشَّمالِيِّ منهما كوكب صغير، ومن العرب من يَعُدُّه معهما فيقول هو ثلاثة
كواكب ويسميها الأَشراط؛ قال الكميت:
هاجَتْ عليه من الأَشْراطِ نافِجةٌ،
في فَلْتةٍ، بَيْنَ إِظْلامٍ وإِسْفارِ
والنَّسَبُ إِليه أَشْراطِيٌّ لأَنه قد غَلب عليها فصار كالشيء الواحد؛
قال العجاج:
من باكِرِ الأَشْراطِ أَشْراطِيُّ
أَرادَ الشَّرَطَيْنِ. قال ابن بري: الشَّرَطانِ تثنية شَرَطٍ وكذلك
الأَشْراطُ جمع شَرَطٍ؛ قال: والنسبُ إِلى الشَّرَطَيْنِ شرَطِيٌّ
كقوله:ومن شَرَطِيٍّ مُرْثَعِنٍّ بعامِر
قال: وكذلك النسَبُ إِلى الأَشْراطِ شَرَطِيٌّ، قال: وربما تسَبُوا
إِليه على لفظ الجمع أَشْراطِيٌّ، وأَنشد بيت العجاج. ورَوْضةٌ أَشْراطِيّة:
مُطِرَتْ بالشَّرَطَيْنِ؛ قال ذو الرمة يصف روضة:
قَرْحاءُ حَوَّاءُ أَشْراطِيّة وكَفَتْ
فيها الذِّهابُ، وحَفَّتْها البَراعِيمُ
يعني رَوْضةُ مُطرت بنَوء الشرَطينِ، وإِنما قال قرحاء لأَنَّ في
وسَطِها نُوَّارةً بَيْضاء، وقال حوَّاء لخُضْرةِ نباتها. وحكى ابن الأَعرابي:
طلَع الشَّرَطُ، فجاء للشَّرَطَيْنِ بواحد، والتثنيةُ في ذلك أَعْلى
وأَشْهر لأَن أَحدهما لا ينفصل عن الآخر فصارا كأَبانَيْنِ في أَنهما
يُثْبَتانِ معاً، وتكون حالَتُهما واحدة في كل شيء.
وأَشْرَطَ الرسولَ: أَعْجَله، وإِذا أَعْجَل الإِنسانُ رسولاً إِلى أَمر
قيل أَشْرَطَه وأَفْرَطَه من الأَشْراط التي هي أَوائل الأَشياء كأَنه
(* قوله «كأَنه إلخ» كذا بالأصل ويظهر ان قبله سقطاً.) من قولك فارِطٌ وهو
السابق.
والشَّرَطُ: رُذالُ المالِ وشِرارُه، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في
ذلك سواء؛ قال جرير:
تُساقُ مِن المِعْزَى مُهورُ نِسائهمْ،
ومِنْ شَرَطِ المِعْزَى لَهُنَّ مُهورُ
وفي حديث الزكاة: ولا الشَّرَطَ اللَّئيمة أَي رُذالَ المالِ، وقيل:
صِغارُه وشِراره. وشَرَطُ الناس: خُشارَتُهم وخَمّانُهم؛ قال الكميت:
وجَدْتُ الناسَ، غَيْرَ ابْنَيْ نِزارٍ،
ولَمْ أَذْمُمْهُمُ، شَرَطاً ودُونا
فالشَّرَطُ: الدُّونُ من الناسِ، والذين هم أَعظم منهم ليسوا بشرَطٍ.
والأَشْراطُ: الأَرْذالُ. والأَشْراطُ أَيضاً: الأَشْرافُ؛ قال يعقوب: وهذا
الحرف من الأضداد؛ وأَما قولُ حَسّانَ بن ثابت:
في نَدامى بِيضِ الوُجوهِ كِرامٍ،
نُبِّهُوا بَعْدَ هَجْعةِ الأَشْراطِ
فيقال: إِنه أَراد به الحرَسَ وسَفِلةَ الناس؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
أَشارِيطُ من أَشْراطِ أَشْراطِ طَيِّءٍ،
وكان أَبوهمْ أَشْرَطاً وابْن أَشْرَطا
وفي الحديث: لا تقومُ الساعةُ حتى يأْخُذَ اللّهُ شريطتَه من أَهلِ
الأَرض فيَبْقَى عَجاجٌ لا يَعْرِفون مَعْروفاً ولا يُنْكِرُون مُنْكَراً،
يعني أَهلَ الخيرِ والدِّينِ. والأَشْراطُ من الأَضْداد: يقع على الأَشراف
والأَرذال؛ قال الأَزهري: أَظُنُّه شَرَطَتَه أَي الخِيارَ إِلا أَنَّ
شمراً كذا رواه. وشرَطٌ: لقَب مالِكِ بن بُجْرَة، ذهَبوا في ذلك إِلى
اسْتِرْذالِه لأَنه كان يُحَمَّقُ؛ قال خالد بن قيس التيْمي يهجُو مالكاً
هذا:لَيْتَكَ إِذ رَهِبْتَ آلَ مَوْأَلَهْ،
حَزُّوا بنَصْلِ السيْفِ عند السَّبَلهْ
وحَلَّقَتْ بك العُقابُ القَيْعَلَهْ،
مُدْبِرةً بشَرَطٍ لا مُقْبِلَهْ
والغنمُ: أَشْرطُ المالِ أَي أَرْذَلُه، مُفاضَلةٌ، وليس هناك فِعْل؛
قال ابن سيده: وهذا نادِرٌ لأَن المُفاضلةَ إِنما تكون من الفعل دون الاسم،
وهو نحو ما حكاه سيبويه من قولهم أَحْنَكُ الشاتين لأَن ذلك لا فعل له
أَيضاً عنده، وكذلك آبَلُ الناسِ لا فِعْلَ له عند سيبويه. وشَرَطُ
الإِبلِ: حَواشِيها وصِغارُها، واحدها شَرَطٌ أَيضاً، وناقة شَرَطٌ وإِبل
شَرَطٌ. قال: وفي بعض نسخ الإِصلاح: الغنمُ أَشْراطُ المال، قال: فإِن صح هذا
فهو جمع شَرَط. التهذيب: وشَرَطُ المالِ صغارها، وقال: والشُّرَطُ
سُمُّوا شُرَطاً لأَن شُرْطةَ كل شيء خِيارُه وهم نُخْبةُ السلطانِ من جُنده؛
وقال الأَخطل:
ويَوْم شرْطةِ قَيْسٍ، إِذْ مُنِيت بِهِمْ،
حَنَّتْ مَثاكِيلُ من أَيْفاعِهمْ نُكُدُ
وقال آخر:
حتى أَتَتْ شُرْطةٌ للموْتِ حارِدةٌ
وقال أَوْسٌ: فأَشْرَط فيها أَي استخَفَّ بها وجعلها شَرَطاً أَي شيئاً
دُوناً خاطَرَ بها.
أَبو عمرو: أَشْرَطْتُ فلاناً لعمل كذا أَي يَسَّرْتُه وجعلته يليه؛
وأَنشد:
قَرَّبَ منهم كلِّ قَرْمٍ مُشْرَطِ
عَجَمْجَمٍ، ذِي كِدْنةٍ عَمَلَّطِ
المُشْرَطُ: المُيَسَّرُ للعمل. والمِشْرَطُ: المِبْضَعُ، والمِشْراطُ
مثله. والشَّرْطُ: بَزْغُ الحَجّام بالمِشْرَطِ، شَرَطَ يَشْرُطُ
ويَشْرِطُ شَرْطاً إِذا بزَغ، والمِشْراطُ والمِشْرَطةُ: الآلةُ التي يَشْرُط
بها. قال ابن الأَعرابي: حدثني بعض أَصحابي عن ابن الكَلْبي عن رجل عن
مُجالِد قال: كنت جالساً عند عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن
أَبي طالب بالكوفة فأُتِيَ برجل فأَمَر بضَرْبِ عُنقه، فقلت: هذا واللّهِ
جَهْدُ البَلاء، فقال: واللّه ما هذا إِلا كشَرْطةِ حَجّامٍ بمشْرَطَتِه
ولكن جهد البلاء فَقْر مُدْقِعٌ بعد غِنىً مُوسع. وفي الحديث: نَهى النبي،
صلّى اللّه عليه وسلّم، عن شَرِيطةِ الشيطانِ، وهي ذبيحة لا تُفْرَى فيها
الأَوْداجُ ولا تُقْطَعُ ولا يُسْتَقْصَى ذبحُها؛ أُخذ من شَرْط الحجام،
وكان أَهل الجاهلية يقطعون بعضَ حَلْقِها ويتركونها حتى تموتَ، وإِنما
أَضافها إِلى الشيطان لأَنه هو الذي حملهم على ذلك وحسّن هذا الفعلَ
لدَيْهِم وسوّلَه لهم.
والشَّرِيطةُ من الإِبل: المشقُوقةُ الأُذن. والشَّرِيطةُ: شِبْه خُيوطٍ
تُفْتل من الخُوص واللِّيفِ، وقيل: هو الحبلُ ما كان، سمي بذلك لأَنه
يُشْرَطُ خُوصه أَي يُشَقُّ ثم يفتل، والجمع شَرائطُ وشُرُطٌ وشَرِيطٌ
كشَعيرة وشَعير.
والشَّرِطُ: العَتِيدةُ للنساء تَضَعُ فيها طِيبَها، وقيل: هي عَتيدةُ
الطِّيبِ، وقيل: العَيْبةُ؛ حكاه ابن الأَعرابي وبه فُسِّر قولُ عَمْرو بن
مَعْدِ يكَرِب:
فَزَيْنُكَ في الشَّرِيطِ إِذا التَقَيْنا،
وسابِغةٌ وذُو النُّونَيْنِ زَيْني
يقول: زَيْنُكَ الطِّيبُ الذي في العَتِيدةِ أَو الثيابُ التي في
العَيْبة، وزَيْني أَنا السِّلاحُ، وعَنَى بذي النُّونين السيفَ كما سماه بعضهم
ذا الحَيّاتِ؛ قال الأَسود بن يَعْفُرَ:
عَلَوْتُ بِذي الحَيّاتِ مَفْرَقَ رأْسِه،
فَخَرَّ، كما خَرَّ النِّساءُ، عَبِيطَا
وقال مَعْقِلُ بن خُوَيْلِد الهُذليّ:
وما جَرَّدْتُ ذا الحَيّاتِ، إِلاّ
لأَقْطَعَ دابِرَ العَيْشِ، الحُبابِ
(* قوله «الحباب» ضبط في الأصل هنا وفي مادة دبر بالضم، وقال هناك:
الحباب اسم سيفه.)
كانت امرأَته نظرت إِلى رجل فضرَبها مَعْقِلٌ بالسيف فأَتَرَّ يَدَها
فقال فيها هذا، يقول: إِنما كنت ضربْتُكِ بالسيفِ لأَقْتُلَكِ فأَخْطأْتكِ
لجَدِّكِ:
فَعادَ عليكِ أَنَّ لَكُنّ حَظّاً،
وواقِيةً كواقِيةِ الكِلابِ
وقال أَبو حنيفة: الشَّرَطُ المَسِيلُ الصغير يجيء من قَدر عشرة أَذرُع
مِثل شَرَطِ المال رُذالِها، وقيل الأَشْراطُ ما سال من الأَسْلاقِ في
الشِّعابِ.
والشَّرْواطُ: الطويلُ المُتَشَذِّبُ القليل اللحْم الدقيقُ، يكون ذلك
من الناس والإِبل، وكذلك الأُنثى بغير هاء؛ قال:
يُلِحْنَ من ذِي زَجَلٍ شِرْواطِ،
مُحْتَجِــزٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ
قال ابن بري: الرجَز لجسَّاسِ بن قُطَيْبٍ والرجز مُغَيَّرٌ؛ وصوابه
بكماله على ما أَنشده ثعلب في أَمالِيه:
وقُلُصٍ مُقْوَرَّةِ الأَلْياطِ،
باتَتْ على مُلَحَّبٍ أَطَّاطِ
تَنْجُو إِذا قيل لها يَعاطِ،
فلو تَراهُنَّ بذي أُراطِ،
وهنَّ أَمثالُ السُّرَى الأَمْراطِ،
يُلِحْنَ من ذي دَأَبٍ شِرْواطِ،
صاتِ الحُداءِ شَظِفٍ مِخْلاطِ،
مُعْتَجِرٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ
على سَراوِيلَ له أَسْماطِ،
ليست له شَمائلُ الضَّفَّاطِ
يتْبَعْنَ سَدْوَ سَلِسِ المِلاطِ،
ومُسْرَبٍ آدَمَ كالفُسْطاطِ( ) قوله «ومسرب» كذا في الأَصل بالسين
المهملة ولعله بالشين المعجمة.
خَوَّى قليلاً، غيرَ ما اغْتِباطِ،
على مَباني عُسْبٍ سِباطِ
يُصْبِحُ بعد الدَّلَج القَطْقاطِ،
وهْو مُدِلٌّ حسَنُ الأَلْياطِ
الأَلْياطُ: الجُلود. ومُلَحَّب: طريق. وأَطّاطٌ: مُصوِّتٌ. ويَعاطِ:
زَجْر. وأُراطٌ: موضع. والسُّرَى، جمع سُرْوةٍ: السَّهْم. والأَمْراطُ:
المُتمرِّطةُ الرِّيشِ. ويُلِحْن: يَفْرَقْنَ. والدّأَبُ: شدَّة السَّيْر
والسَّوْقِ. والشَّظَفُ: خُشونة العيْشِ. والضَّفّاطُ: الكثير اللحم، وهو
أَيضاً الذي يُكْرَى من مَنْزِل إِلى منزل. والمِلاطُ: المِرْفَقُ،
وعُسُبٌ قَوائمه. وسِباطٌ: جمع سَبْطٍ. والقَطْقاطُ: السريعُ. الليث: ناقة
شِرْواطٌ وجمل شِرْواط طويل وفيه دِقّة، الذكر والأُنثى فيه سواء. ورجل
شِرْوَطٌ: طويل. وبنو شَرِيطٍ: بطن.
حجر: الحَجَرُ: الصَّخْرَةُ، والجمع في القلة أَحجارٌ، وفي الكثرة
حِجارٌ وحجارَةٌ؛ وقال:
كأَنها من حِجارِ الغَيْلِ، أَلبسَها
مَضارِبُ الماء لَوْنَ الطُّحْلُبِ التَّرِبِ
وفي التنزيل: وقودها الناس والحجارة؛ أَلحقوا الهاء لتأْنيث الجمع كما
ذهب إِليه سيبويه في البُعُولة والفُحولة. الليث: الحَجَرُ جمعه
الحِجارَةُ وليس بقياس لأَن الحَجَرَ وما أَشبهه يجمع على أَحجار ولكن يجوز
الاستحسان في العربية كما أَنه يجوز في الفقه وتَرْكُ القياس له كما قال
الأَعشى يمدح قوماً:
لا نَاقِصِي حَسَبٍ ولا
أَيْدٍ، إِذا مُدَّت، قِصَارَهْ
قال: ومثله المِهارَةُ والبِكارَةُ لجمع المُهْرِ والبَكْرِ. وروي عن
أَبي الهيثم أَنه قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أَو فُعُولٍ،
وإِنما زادوا هذه الهاء فيها لأَنه إِذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت
ساكنان: أَحدهما الأَلف التي تَنْحَرُ آخِرَ حَرْفٍ في فِعال، والثاني
آخرُ فِعال المسكوتُ عليه، فقالوا: عِظامٌ وعَظامةٌ ونِفارٌ ونِفارةٌ،
وقالوا: فِحالَةٌ وحِبالَةٌ وذِكارَةٌ وذُكُورة وفُحولَةٌ وحُمُولَةٌ. قال
الأَزهري: وهذا هو العلة التي عللها النحويون، فأَما الاستحسان الذي شبهه
بالاستحسان في الفقه فإِنه باطل. الجوهري: حَجَرٌ وحِجارةٌ كقولك جَمَلٌ
وجِمالَةٌ وذَكَرٌَ وذِكارَةٌ؛ قال: وهو نادر. الفراء: العرب تقول الحَجَرُ
الأُحْجُرُّ على أُفْعُلٍّ؛ وأَنشد:
يَرْمِينِي الضَّعِيفُ بالأُحْجُرِّ
قال: ومثله هو أُكْبُرُّهم وفرس أُطْمُرُّ وأُتْرُجُّ، يشدّدون آخر
الحرف. ويقال: رُمِي فُلانٌ بِحَجَرِ الأَرض إِذا رمي بداهية من الرجال. وفي
حديث الأَحنف بن قيس أَنه قال لعلي حين سمَّى معاويةُ أَحَدَ
الحَكَمَيْنِ عَمْرَو بْنَ العاصِ: إِنك قد رُميت بِحَجر الأَرض فأَجعل معه ابن عباس
فإِنه لا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلاَّ حَلَّهَا؛ أَي بداهية عظيمة تثبت
ثبوتَ الحَجَرِ في الأَرض. وفي حديث الجَسَّاسَةِ والدَّجالِ: تبعه أَهل
الحَجَرِ وأَهل المَدَرِ؛ يريد أَهل البَوادِي الذين يسكنون مواضع الأَحجار
والرمال، وأَهلُ المَدَرِ أَهلُ البادِية. وفي الحديث: الولد للفراش
وللعاهِرِ الحَجَرُ؛ أَي الخَيْبَةُ؛ يعني أَن الولد لصاحب الفراش من السيد
أَو الزوج، وللزاني الخيبةُ والحرمان، كقولك ما لك عندي شيء غير التراب
وما يبدك غير الحَجَرِ؛ وذهب قوم إِلى أَنه كنى بالحجر عن الرَّجْمِ؛ قال
ابن الأَثير: وليس كذلك لأَنه ليس كل زان يُرْجَمُ. والحَجَر الأَسود،
كرمه الله: هو حَجَر البيت، حرسه الله، وربما أَفردوه فقالوا الحَجَر
إِعظاماً له؛ ومن ذلك قول عمر، رضي الله عنه: والله إِنك حَجَرٌ، ولولا أَني
رأَيتُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يفعل كذا ما فعلت؛ فأَما قول
الفرزدق:
وإِذا ذكَرْتَ أَبَاكَ أَو أَيَّامَهُ،
أَخْزاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأَحْجارُ
فإِنه جعل كل ناحية منه حَجَراً، أَلا ترى أَنك لو مَسِسْتَ كل ناحية
منه لجاز أَن تقول مسست الحجر؟ وقوله:
أَمَا كفاها انْتِياضُ الأَزْدِ حُرْمَتَها،
في عُقْرِ مَنْزِلها، إِذْ يُنْعَتُ الحَجَرُ؟.
فسره ثعلب فقال: يعني جبلاً لا يوصل إِليه. واسْتَحْجَرَ الطينُ: صار
حَجَراً، كما تقول: اسْتَنْوَق الجَمَلُ، لا يتكلمون بهما إِلاَّ مزيدين
ولهما نظائر. وأَرضٌ حَجِرَةٌ وحَجِيرَةٌ ومُتَحَجِّرة: كثيرة الحجارة،
وربما كنى بالحَجَر عن الرَّمْلِ؛ حكاه ابن الأَعرابي، وبذلك فسر قوله:
عَشِيَّةَ أَحْجارُ الكِناسِ رَمِيمُ
قال:
أَراد عشية رمل الكناس، ورمل الكناس: من بلاد عبدالله بن كلاب.
والحَجْرُ والحِجْرُ والحُجْرُ والمَحْجِرُ، كل ذلك: الحرامُ، والكسر أَفصح،
وقرئ بهن: وحَرْثٌ حجر؛ وقال حميد ابن ثور الهلالي:
فَهَمَمْت أَنْ أَغْشَى إِليها مَحْجِراً،
ولَمِثْلُها يُغْشَى إِليه المَحْجِرُ
يقول: لَمِثْلُها يؤتى إِليه الحرام. وروي الأَزهري عن الصَّيْداوِي
أَنه سمع عبويه يقول: المَحْجَر، بفتح الجيم، الحُرْمةُ؛ وأَنشد:
وهَمَمْتُ أَن أَغشى إِليها مَحْجَراً
ويقال: تَحَجَّرَ على ما وَسَّعه اللهُ أَي حرّمه وضَيَّقَهُ. وفي
الحديث: لقد تَحَجَّرْتَ واسعاً؛ أَي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون
غيرك، وقد حَجَرَهُ وحَجَّرَهُ. وفي التنزيل: ويقولون حِجْراً مَحْجُوراً؛
أَي حراماً مُحَرَّماً. والحاجُور: كالمَحْجر؛ قال:
حتى دَعَوْنا بِأَرْحامٍ لنا سَلَفَتْ،
وقالَ قَائِلُهُمْ: إِنَّي بحاجُورِ
قال سيبويه:
ويقول الرجل للرجل أَتفعل كذا وكذا يا فلان؟ فيقول: حُِجْراً أَي ستراً
وبراءة من هذا الأَمر، وهو راجع إِلى معنى التحريم والحرمة. الليث: كان
الرجل في الجاهلية يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام فيقول: حُجْراً
مَحجُوراً أَي حرام محرم عليك في هذا الشهر فلا يبدؤه منه شر. قال: فإِذا كان
يوم القيامة ورأَى المشركون ملائكة العذاب قالوا: حِجْراً مَحْجُوراً،
وظنوا أَن ذلك ينفعهم كفعلهم في الدنيا؛ وأَنشد:
حتى دعونا بأَرحام لها سلفت،
وقال قائلهم: إِني بحاجور
يعني بِمَعاذ؛ يقول: أَنا متمسك بما يعيذني منك ويَحْجُرك عني؛ قال:
وعلى قياسه العاثُورُ وهو المَتْلَفُ. قال الأَزهري. أَما ما قاله الليث من
تفسير قوله تعالى: ويقولون حجراً محجوراً؛ إِنه من قول المشركين للملائكة
يوم القيامة، فإِن أَهل التفسير الذين يُعتمدون مثل ابن عباس وأَصحابه
فسروه على غير ما فسره الليث؛ قال ابن عباس: هذا كله من قول الملائكة،
فالوا للمشركين حجراً محجوراً أَي حُجِرَتْ عليكم البُشْرَى فلا تُبَشَّرُون
بخير. وروي عن أَبي حاتم في قوله: «ويقولون حجراً» تمّ الكلام. قال أَبو
الحسن: هذا من قول المجرمين فقال الله محجوراً عليهم أَن يعاذوا وأَن
يجاروا كما كانوا يعاذون في الدنيا ويجارون، فحجر الله عليهم ذلك يوم
القيامة؛ قال أَبو حاتم وقال أَحمد اللؤلؤي: بلغني عن ابن عباس أَنه قال: هذا
كله من قول الملائكة. قال الأَزهري: وهذا أَشبه بنظم القرآن المنزل بلسان
العرب، وأَحرى أَن يكون قوله حجراً محجوراً كلاماً واحداً لا كلامين مع
إِضمار كلام لا دليل عليه. وقال الفرّاء: حجراً محجوراً أَي حراماً
محرّماً، كما تقول: حَجَرَ التاجرُ على غلامه، وحَجَرَ الرجل على أَهله. وقرئت
حُجْراً مَحْجُوراً أَي حراماً محرّماً عليهم البُشْرَى. قال: وأَصل
الحُجْرِ في اللغة ما حَجَرْتَ عليه أَي منعته من أَن يوصل إِليه. وكل ما
مَنَعْتَ منه، فقد حَجَرْتَ عليه؛ وكذلك حَجْرُ الحُكَّامِ على الأَيتام:
مَنْعُهم؛ وكذلك الحُجْرَةُ التي ينزلها الناس، وهو ما حَوَّطُوا عليه.
والحَجْرُ، ساكنٌ: مَصْدَرُ حَجَر عليه القاضي يَحْجُر حَجْراً إِذا
منعه من التصرف في ماله. وفي حديث عائشة وابن الزبير: لقد هَمَمْتُ أَن
أَحْجُرَ عليها؛ هو من الحَجْر المَنْعِ، ومنه حَجْرُ القاضي على الصغير
والسفيه إِذا منعهما من التصرف في مالها. أَبو زيد في قوله وحَرْثٌ حِجْرٌ
حرامٌ ويقولون حِجْراً حراماً، قال: والحاء في الحرفين بالضمة والكسرة
لغتان. وحَجْرُ الإِنسان وحِجْرُه، بالفتح والكسر: حِضْنُه. وفي سورة النساء:
في حُجُوركم من نسائكم؛ واحدها حَجْرٌ، بفتح الحاء. يقال: حَجْرُ
المرأَة وحِجْرُها حِضْنُها، والجمع الحُجُورُ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
هي اليتيمة تكون في حَجْر وَلِيِّها، ويجوز من حِجْرِ الثوب وهو طرفه
المتقدم لأَن الإِنسان يرى ولده في حِجْرِه؛ والوليُّ: القائم بأَمر
اليتيم. والحجر، بالفتح والكسر: الثوب والحِضْنُ، والمصدر بالفتح لا غير. ابن
سيده: الحَجْرُ المنع، حَجَرَ عليه يَحْجُرُ حَجْراً وحُجْراً وحِجْراً
وحُجْراناً وحِجْراناً مَنَعَ منه. ولا حُجْرَ عنه أَي لا دَفْعَ ولا
مَنْعَ. والعرب تقول عند الأَمر تنكره: حُجْراً له، بالضم، أَي دفعاً، وهو
استعارة من الأَمر؛ ومنه قول الراجز:
قالتْ وفيها حَيْدَةٌ وذُعْرُ:
عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمُ وحُجْرُ
وأَنت في حِجْرَتِي أَي مَنَعَتِي. قال الأَزهري: يقال هم في حِجْرِ
فلانٍ أَي في كَنَفِه ومَنَعَتِه ومَنْعِهِ، كله واحد؛ قاله أَبو زيد،
وأَنشد لحسان ابن ثابت:
أُولئك قَوْمٌ، لو لَهُمْ قيلَ: أَنْفِدُوا
أَمِيرَكُمْ، أَلفَيْتُموهُم أُولي حَجْرِ
أَي أُولى مَنَعَةٍ. والحُجْرَةُ من البيوت: معروفة لمنعها المال،
والحَجارُ: حائطها، والجمع حُجْراتٌ وحُجُراتٌ وحُجَراتٌ، لغات كلها.
والحُجْرَةُ: حظيرة الإِبل، ومنه حُجْرَةُ الدار. تقول: احْتَجَرْتُ حُجْرَةً أَي
اتخذتها، والجمع حُجَرٌ مثل غُرْفَةٍ وغُرَفٍ. وحُجُرات، بضم الجيم. وفي
الحديث: أَنه احْتَجَر حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَو حَصِير؛ الحجيرة:
تصغير الحُجْرَةِ، وهي الموضع المنفرد.
وفي الحديث: من نام على ظَهْرِ بَيْتٍ ليس عليه حِجارٌ فقد بَرِئَتْ منه
الذمة؛ الحجار جمع حِجْرٍ، بالكسر، أَو من الحُجْرَةِ وهي حَظِيرَةُ
الإِبل وحُجْرَةُ الدار، أَي أَنه يَحْجُر الإِنسان النائم ويمنعه من الوقوع
والسقوط. ويروى حِجاب، بالباء، وهو كل مانع من السقوط، ورواه الخطابي
حِجًى، بالياء، وسنذكره؛ ومعنى براءة الذمة منه لأَنه عَرَّض نفسه للهلاك
ولم يحترز لها. وفي حديث وائل بن حُجْرٍ: مَزاهِرُ وعُرْمانٌ ومِحْجَرٌ؛
مِحجر، بكسر الميم: قربة معروفة؛ قال ابن الأَثير: وقيل هي بالنون؛ قال:
وهي حظائر حول النخل، وقيل حدائق.
واستَحجَرَ القومُ واحْتَجَرُوا: اتخذوا حُجْرة. والحَجْرَةُ والحَجْرُ،
جميعاً: للناحية؛ الأَخيرة عن كراع. وقعد حَجْرَةً وحَجْراً أَي ناحية؛
وقوله أَنشده ثعلب:
سَقانا فلم نَهْجَا من الجُِوع نَقْرَةً
سَماراً، كإِبحط الذِّئْب سُودٌ حَواجِرُهْ
قال ابن سيده: لم يفسر ثعلب الحواجر. قال: وعندي أَنه جمع الحَجْرَةِ
التي هي الناحية على غير قياس، وله نظائر. وحُجْرَتا العسكر: جانباه من
الميمنة والميسرة؛ وقال:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهِمْ،
ونَجْمَعُهُمْ إِذا كانوا بَدَادِ
وفي الحديث: للنساء حَجْرتا الطريق؛ أَي ناحيتاه؛ وقول الطرماح يصف
الخمر:
فلما فُتَّ عنها الطِّينُ فاحَتْ،
وصَرَّحَ أَجْوَدُ الحُجْرانِ صافي
استعار الحُجْرانَ للخمر لأَنها جوهر سيال كالماء؛ قال ابن الأَثير: في
الحديث حديث علي، رضي الله عنه، الحكم لله:
ودَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِهِ
قال: هو مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أَجلُّ
منه، وهو صدر بيت لامرئ القيس:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِه،
ولكِنْ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ
أَي دع النهب الذي نهب من نواحيك وحدثني حديث الرواحل وهي الإِبل التي
ذهبتَ بها ما فعَلت. وفي النوادر: يقال أَمسى المالُ مُحْتَجِــرَةً
بُطُونُهُ ونَجِرَةً؛ ومالٌ مَتَشدِّدٌ ومُحْتَجِّــرٌ. ويقال: احْتَجَرَ البعيرُ
احْتِجاراً. والــمُحْتَجِــرُ من المال: كلُّ ما كَرِشَ ولم يَبْلُغْ نِصْفَ
البِطْنَة ولم يبلغ الشِّبَع كله، فإِذا بلغ نصف البطنة لم يُقَلْ،
فإِذا رجع بعد سوء حال وعَجَفٍ، فقد اجْرَوَّشَ؛ وناس مُجْروِّشُون.
والحُجُرُ: ما يحيط بالظُّفر من اللحم.
والمَحْجِرُ: الحديقة، مثال المجلس. والمَحاجِرُ: الحدائق؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ،
تَرْوي المَحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ
قال ابن بري: أَراد بقوله جرشية ناقة منسوبة إِلى جُرَش، وهو موضع
باليمن. ومقطورة: مطلية بالقَطِران. وعُلْكُوم: ضخمة، والهاء في به تعود على
غَرْب تقدم ذكرها. الأَزهري: المِحْجَرُ المَرْعَى المنخفض، قال: وقيل
لبعضهم: أَيُّ الإِبل أَبقى على السَّنَةِ؟ فقال: ابنةُ لَبُونٍ، قيل:
لِمَهْ؟ قال: لأَنها تَرْعى مَحْجِراً وتترك وَسَطاً؛ قال وقال بعضهم:
المَحْجِرُ ههنا الناحية. وحَجْرَةُ القوم: ناحية دارهم؛ ومثل العرب: فلان يرعى
وَسطَاً: ويَرْبُضُ حَجْرَةً أَي ناحية. والحَجرَةُ: الناحية، ومنه قول
الحرث بن حلِّزَةَ:
عَنَناً باطلاً وظُلْماً، كما تُعْـ
ـتَرُ عن حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ
والجمع جَحْرٌ وحَجَراتٌ مثل جَمْرَةٍ وجَمْرٍ وجَمَراتٍ؛ قال ابن بري:
هذا مثل وهو أَن يكون الرجل وسط القوم إِذا كانوا في خير، وإِذا صاروا
إِلى شر تركهم وربض ناحية؛ قال: ويقال إِن هذتا المَثَلَ لَعَيْلانَ بن
مُضَرَ. وفي حديث أَبي الدرداء: رأَيت رجلاً من القوم يسير حَجْرَةً أَي
ناحية منفرداً، وهو بفتح الحاء وسكون الجيم. ومَحْجِرُ العين: ما دار بها
وبدا من البُرْقُعِ من جميع العين، وقيل: هو ما يظهر من نِقاب المرأَة
وعمامة الرجل إِذا اعْتَمَّ، وقيل: هو ما دار بالعين من العظم الذي في أَسفل
الجفن؛ كل ذلك بفتح الميم وكسرها وكسر الجيم وفتحها؛ وقول الأَخطل:
ويُصبِحُ كالخُفَّاشِ يَدْلُكُ عَيْنَهُ،
فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ لَئيمٍ ومِنْ حَجْرِ
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَراد محجر العين. الأَزهري: المَحْجِرُ
العين. الجوهري: محجر العين ما يبدو من النقاب. الأَزهري: المَحْجِرُ من الوجه
حيث يقع عليه النقاب، قال: وما بدا لك من النقاب محجر وأَنشد:
وكَأَنَّ مَحْجِرَها سِراجُ المُوقِدِ
وحَجَّرَ القمرُ: استدار بخط دقيق من غير أَن يَغْلُظ، وكذلك إِذا صارت
حوله دارة في الغَيْم. وحَجَّرَ عينَ الدابة وحَوْلَها: حَلَّقَ لداء
يصيبها. والتحجير: أَن يَسِم حول عين البعير بِميسَمٍ مستدير. الأَزهري:
والحاجِرُ من مسايل المياه ومنابت العُشْب ما استدار به سَنَدٌ أَو نهر
مرتفع، والجمع حُجْرانٌ مثل حائر وحُوران وشابٍّ وشُبَّانٍ؛ قال رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حُجْرانُ الدَّرَقْ
قال الأَزهري: ومن هذا قيل لهذا المنزل الذي في طريق مكة: حاجز. ابن
سيده: الحاجر ما يمسك الماء من شَفَة الوادي ويحيط به. الجوهري: الحاجر
والحاجور ما يمسك الماء من شفة الوادي، وهو فاعول من الحَجْرِ، وهو المنع.
ابن سيده: قال أَبو حنيفة: الحاجِرُ كَرْمٌ مِئْنَاثٌ وهو مُطْمئنٌّ له
حروف مُشْرِفَة تحبس عليه الماءَ، وبذلك سمي حاجراً، والجمع حُجْرانٌ.
والحاجِرُ: مَنْبِتُ الرِّمْتِ ومُجْتَمَعُه ومُسْتَدارُه. والحاجِرُ أَيضاً:
الجَِدْرُ الذي يُمسك الماء بين الديار لاستدارته أَيضاً؛ وقول الشاعر:
وجارة البيت لها حُجْرِيُّ
فمعناه لها خاصة. وفي حديث سعد بن معاذ: لما تحَجَّرَ جُرْحُه للبُرْءِ
انْفَجَر أَي اجتمع والتأَم وقرب بعضه من بعض.
والحِجْرُ، بالكسر: العقل واللب لإِمساكه وضعه وإِحاطته بالتمييز، وهو
مشتق من القبيلين. وفي التنزيل: هل في ذلك قَسَمٌ لذي حِجر؛ فأَما قول ذي
الرمة:
فَأَخْفَيْتُ ما بِي مِنْ صَدِيقي، وإِنَّهُ
لَذو نَسَب دانٍ إِليَّ وذو حِجْرِ
فقد قيل: الحِجْرُ ههنا العقل، وقيل: القرابة. والحِجْرُ: الفَرَسُ
الأُنثى، لم يدخلوا فيه الهاء لأَنه اسم لا يشركها فيه المذكر، والجمع
أَحْجارٌ وحُجُورَةٌ وحُجُورٌ. وأَحْجارُ الخيل: ما يتخذ منها للنسل، لا يفرد
لها واحد. قال الأَزهري: بلى يقال هذه حِجْرٌ من أَحْجار خَيْلي؛ يريد
بالجِحْرِ الفرسَ الأُنثى خاصة جعلوها كالمحرَّمة الرحِمِ إِلاَّ على
حِصانٍ كريم. قال وقال أَعرابي من بني مُضَرَّسٍ وأَشار إِلى فرس له أُنثى
فقال: هذه الحِجْرُ من جياد خيلنا. وحِجْرُ الإِنسان وحَجْرُه: ما بين يديه
من ثوبه. وحِجْرُ الرجل والمرأَة وحَجْرُهما: متاعهما، والفتح أَعلى.
ونَشَأَ فلان في حَجْرِ فلان وحِجْرِه أَي حفظه وسِتْرِه. والحِجْرُ: حِجْرُ
الكعبة. قال الأَزهري: الحِجْرُ حَطِيمُ مكة، كأَنه حُجْرَةٌ مما يلي
المَثْعَبَ من البيت. قال الجوهري: الحِجْرُ حِجْرُ الكعبة، وهو ما حواه
الحطيم المدار بالبيت جانبَ الشَّمالِ؛ وكُلُّ ما حْجَرْتَهُ من حائطٍ، فهو
حِجْرٌ. وفي الحديث ذِكْرُ الحِجْرِ في غير موضع، قال ابن الأَثير: هو
اسم الحائط المستدير إِلى جانب الكعبة الغربي. والحِجْرُ: ديار ثمود ناحية
الشام عند، وادي القُرَى، وهم قوم صالح النبي، صلى الله عليه وسلم، وجاء
ذكره في الحديث كثيراً. وفي التنزيل: ولقد كَذَّبَ أَصحاب الحِجْرِ
المرسلين؛ والحِجْرُ أَيضاً: موضعٌ سوى ذلك.
وحَجْرٌ: قَصَبَةُ اليمامَةِ، مفتوح الحاء، مذكر مصروف، ومنهم من يؤنث
ولا يصرف كامرأَة اسمها سهل، وقيل: هي سُوقُها؛ وفي الصحاح: والحَجْرُ
قَصَبَةُ اليمامة، بالتعريف. وفي الحديث: إِذا نشأَت حَجْرِيَّةً ثم
تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ حجرية، بفتح الحاء وسكون الجيم. قال ابن
الأَثير: يجوز أَن تكون منسوبة إِلى الحَجْرِ قصبة اليمامة أَو إِلى حَجْرَةِ
القوم وهي ناحيتهم، والجمع حَجْرٌ كَجَمْرَةٍ وجَمْرٍ. وإِن كانت بكسر
الحاء فهي منسوبة إِلى أَرض ثمود الحِجْرِ؛ وقول الراعي ووصف صائداً:
تَوَخَّى، حيثُ قال القَلْبُ منه،
بِحَجْرِيٍّ تَرى فيه اضْطِمارَا
إِنما عنى نصلاً منسوباً إِلى حَجْرٍ. قال أَبو حنيفة: وحدائدُ حَجْرٍ
مُقدَّمة في الجَوْدَة؛ وقال رؤبة:
حتى إِذا تَوَقَّدَتْ من الزَّرَقْ
حَجْرِيَّةٌ، كالجَمْرِ من سَنِّ الدَّلَقْ وأَما قول زهير:
لِمَنِ الدّيارُ بِقُنَّة الحَجْرِ
فإِن أَبا عمرو لم يعرفه في الأَمكنة ولا يجوز أَن يكون قصبة اليمامة
ولا سُوقها لأَنها حينئذٍ معرفة، إِلاَّ أَن تكون الأَلف واللام زائدتين،
كما ذهب إِليه أَبو علي في قوله:
ولَقَد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَسَاقِلاً،
واَقَدْ نَهِيْتُكَ عن بناتِ الأَوْبَرِ
وإِنما هي بنات أَوبر؛ وكما روي أَحمد بن يحيى من قوله:
يا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحِبي
وقول الشاعر:
اعْتَدْتُ للأَبْلَجِ ذي التَّمايُلِ،
حَجْرِيَّةً خِيَضَتْ بِسُمٍّ ماثِلِ
يعني: قوساً أَو نَبْلاً منسوبة إِلى حَجْرٍ هذه. والحَجَرانِ: الذهب
والفضة. ويقال للرجل إِذا كثر ماله وعدده: قد انتشرت حَجْرَتُه وقد
ارْتَعَجَ مالهُ وارْتَعَجَ عَدَدُه.
والحاجِرُ: منزل من منازل الحاج في البادية.
والحَجُّورة: لعبة يلعب بها الصبيان يخطُّون خطّاً مستديراً ويقف فيه
صبي وهنالك الصبيان معه.
والمَحْجَرُ، بالفتح: ما حول القرية؛ ومنه محاجِرُ أَقيال اليمن وهي
الأَحْماءُ، كان لكل واحد منهم حِمَّى لا يرعاه غيره. الأَزهري؛ مَحْجَرُ
القَيْلِ من أَقيال اليمن حَوْزَتُه وناحيته التي لا يدخل عليه فيها غيره.
وفي الحديث: أَنه كان له حصير يبسطه بالنهار ويَحْجُره بالليل، وفي
رواية: يَحْتَجِرُهُ أَي يجعله لنفسه دون غيره. قال ابن الأَثير: يقال
حَجَرْتُ الأَرضَ واحْتَجَرْتُها إِذا ضربت عليها مناراً تمنعها به عن
غيرك.ومُحَجَّرٌ، بالتشديد: اسم موضع بعينه. والأَصمعي يقوله بكسر الجيم
وغيره يفتح. قال ابن بري: لم يذكر الجوهري شاهداً على هذا المكان؛ قال: وفي
الحاشية بيت شاهد عليه لطفيل الغَنَوِيِّ:
فَذُوقُوا، كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ،
من الغَيْظِ في أَكْبادِنا والتَّحَوُّبِ
وحكى ابن بري هنا حكاية لطيفة عن ابن خالويه قال: حدثني أَبو عمرو
الزاهد عن ثعلب عن عُمَرَ بنِ شَبَّةَ قال: قال الجارود، وهو القارئ (وما
يخدعون إِلاَّ أَنفسهم): غسلت ابناً للحجاج ثم انصرفت إِلى شيخ كان الحجاج
قتل ابنه فقلت له: مات ابن الحجاج فلو رأَيت جزعه عليه، فقال:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجَّر
البيت. وحَجَّارٌ، بالتشديد: اسم رجل من بكر بن وائل. ابن سيده: وقد
سَمَّوْا حُجْراً وحَجْراً وحَجَّاراً وحَجَراً وحُجَيْراً. الجوهري: حَجَرٌ
اسم رجل، ومنه أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ الشاعر؛ وحُجْرٌ: اسم رجل وهو حُجْرٌ
الكِنْديُّ الذي يقال له آكل المُرَارِ؛ وحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الذي يقال
له الأَدْبَرُ، ويجوز حُجُرٌ مثل عُسْر وعُسُر؛ قال حسان بن ثابت:
مَنْ يَغُرُّ الدَّهْرُ أَو يأْمَنُهُ
مِنْ قَتيلٍ، بَعْدَ عَمْرٍ وحُجُرْ؟
يعني حُجُرَ بن النعمان بن الحرث بن أَبي شمر الغَسَّاني. والأَحجار:
بطون من بني تميم؛ قال ابن سيده: سموا بذلك لأَن أَسماءهم جَنْدَلٌ
وجَرْوَلٌ وصَخْر؛ وإِياهم عنى الشاعر بقوله:
وكُلّ أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا
يعني أُمه، وقيل: هي المنجنيق. وحَجُورٌ موضع معروف من بلاد بني سعد؛
قال الفرزدق:
لو كنتَ تَدْري ما بِرمْلِ مُقَيِّدٍ،
فَقُرى عُمانَ إِلى ذَوات حَجُورِ؟
وفي الحديث: أَنه كان يلقى جبريل، عليهما السلام، بأَحجار المِرَاءِ؛
قال مجاهد: هي قُبَاءٌ. وفي حديث الفتن: عند أَحجار الزَّيْتِ: هو موضع
بالمدينة. وفي الحديث في صفة الدجال: مطموس العين ليست بناتئة ولا حُجْراءَ؛
قال ابن الأَثير: قال الهروي إِن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها ليست
بصُلْبَة مُتَحَجِّرَةٍ، قال: وقد رويت جَحْراءَ، بتقديم الجيم، ، وهو
مذكور في موضعه. والحَنْجَرَةُ والحُنْجُور: الحُلْقُوم، بزيادة النون.
حجم: الإِحْجامُ: ضدُّ الإِقْدام. أَحْجَمَ عن الأَمر: كَفَّ أَو نكص
هَيْبةً. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَخذَ سَيْفاً
يوم أُحُدٍ فقال: من يأْخذ هذا السيف بحَقِّه؟ فأَحْجَم القوم أَي نكصوا
وتأَخروا وتَهَيَّبوا أَخْذه. ورجل مِحْجام: كثير النُّكوص.
والحِجامُ: شيء يجعل في فم البعير أَو خَطْمِه لئلا يَعَضَّ
(* قوله
«لئلا يعض» في المحكم بعده: وقال أبو حنيفة الدينوري هي مخلاة تجعل على خطمه
لئلا يعض)، وهو بعير مَحْجُوم، وقد حَجَمه يَحْجُمه حَجْماً إذا جعل على
فمه حجاماً وذلك إِذا هاجَ. وفي الحديث عن ابن عمر: وذكر أَباه فقال:
كان يَصيحُ الصَّيْحةَ يكاد مَنْ سمعها يَصْعَقُ كالبعير المَحْجُوم
وأَما قوله في حديث حمزة: إِنه خرج يومَ أُحُدٍ كأَنه بعير مَحْجُوم، وفي
رواية: رجل مَحْجوم؛ قال ابن الأَثير: أَي جسيم، من الحَجْمِ وهو
النُّتُوُّ؛ قال ابن سيده: وربما قيل في الشعر فلان يَحْجُم فلاناً عن الأَمر أَي
يكفه، والحَجْمُ: كَفُّكَ إِنساناً عن أَمر يريده. يقال: أَحْجَمَ الرجلُ
عن قِرْنِه، وأَحْجَمَ إِذا جَبُنَ وكَفَّ؛ قاله الأَصمعي وغيره، وقال
مبتكر الأَعرابي: حَجَمْتُه عن حاجته منعته عنها، وقال غيره: حَجَوْتُه عن
حاجته مثله، وحَجَمْتُه عن الشيء أَحْجُمُه أَي كفَفْته عنه. يقال:
حَجَمْتُه عن الشيء فأَحْجَمَ أَي كففته فكَفَّ، وهو من النوادر مثل كبَبْتُه
فأَكبَّ. قال ابن بري: يقال حَجَمْته عن الشيء فأَحْجَم أَي كففته عنه
وأَحْجَمَ هو وكَبَبْتُه وأَكَبَّ هو، وشَنَقْتُ البعيرَ وأَشنَقَ هو إِذا
رفع رأْسه، ونَسَلْتُ ريشَ الطائر وأَنْسَلَ هو، وقَشَعَتِ الريحُ الغيمَ
وأَقْشَعَ هو، ونَزَفْتُ البئرَ وأَنْزََفَتْ هي، ومَرَيْتُ الناقةَ
وأَمْرَتْ هي إِذا دَرَّ لبنُها. وإِحْجام المرأَةِ المولودَ: أَوَّلُ
إِرْضاعةٍ تُرْضِعُه، وقد أَحْجَمَتْ له. وحَجَمَ العظمَ يَحْجُمه حَجْماً:
عَرَقَهُ. وحَجَمَ ثَدْيُ المرأَة يَحْجُم حُجُوماً: بدا نُهُوده؛ قال
الأَعشى:
قد حَجَمَ الثَّدْيُ على نَحْرِها
في مُشْرِقٍ ذي بَهْجةٍ ناضِرِ
(* قوله «ذي بهجة إلخ» كذا في المحكم، وفي التكملة: ذي صبح نائر).
وهذه اللفظة في التهذيب بالأَلف في النثر والنظم: قد أَحْجَمَ الثديُ
على نحر الجارية.
قال: وحَجَّمَ وبَجَّم إِذا نظر نظراً شديداً، قال الأَزهري: وحَمَّجَ
مثله. ويقال للجارية إِذا غَطَّى اللحمُ رؤوس عظامها فسمنت: ما يبدو
لعِظامها حَجْمٌ؛ الجوهري: حَجْمُ الشيء حَيْدهُ. يقال: ليس لِمِرْفَقِهِ
حَجْمٌ أَي نُتُوٌّ. وحَجْم كلِّ شيء: مَلْمَسُه الناتئ تحت يدك، والجمع
حُجُوم. وقال اللحياني: حَجْمُ العظام أَن يوجد مَسُّ العِظام من وراء
الجلد، فَعَبَّرَ
عنه تَعْبيرَه عن المصادر؛ قال ابن سيده: فلا أَدري أَهو عنده مصدر أَم
اسم. قال الليث: الحَجْمُ وِجْدانُك مسَّ شيء تحت ثوب، تقول: مَسِسَتْ
بطنَ الحُبْلى فوجدت حَجْمَ الصبيِّ في بطنها. وفي الحديث: لا يَصِف حَجْمَ
عظامها؛ قال ابن الأَثير: أَراد لا يلتصق الثوب ببدنها فَيَحْكي
الناتئَ والناشزَ من عظامها ولحمها، وجعله واصفاً على التشبيه لأَنه إِذا
أَظهره وبيَّنه كان بمنزلة الواصف لها بلسانه. والحَجْمُ: المَصّ. يقال:
حَجَمَ الصبيُّ ثَدي أُمه إذا مصه. وما حَجَمَ الصبيُّ ثدي أُمه أَي ما
مَصَّه. وثَدْيٌ مَحْجوم أَي ممصوص. والحَجَّامُ: المَصَّاص. قال
الأَزهري: يقال للحاجم حَجَّامٌ لامْتِصاصه فم المِحْجَمَة، وقد حَجَمَ يَحْجِمُ
ويَحْجُم حَجْماً وحاجِمٌ حَجُومٌ ومِحْجَمٌ رَفيقٌ. والمِحْجَمُ
والمِحْجَمَةُ: ما يُحْجَم به. قال الأَزهري: المحْجَمَةُ قارُورَتُهُ، وتطرح
الهاء فيقال مِحْجَم، وجمعه مَحاجِم؛ قال زهير:
ولم يُهَريقُوا بينهم مِلْءَ مِحْجمِ
وفي الحديث: أَعْلَقَ فيه مِحْجَماً؛ قال ابن الأَثير: المِحْجَمُ،
بالكسر، الآلة التي يجمع فيها دم الحِجامة عند المصّ، قال: والمِحْجَمُ
أَيضاً مِشْرَطُ الحَجَّام؛ ومنه الحديث: لَعْقَةُ عَسلٍ أَو شَرْطة مِحْجَمٍ،
وحِرفَتُه وفعلُه الحِجامةُ. والحَجْمُ: فعل الحاجم وهو الحَجّامُ.
واحْتَجَمَ: طلب الحِجامة، وهو مَحْجومٌ، وقد احْتَجَمْتُ من الدم. وفي حديث
الصوم: أَفْطَرَ الحاجِمُ والمَحْجومُ؛ ابن الأَثير: معناه: أَنهما
تَعَرَّضا للإفْطار، أَما المَحْجومُ فللضعف الذي يلحقه من خروج دمه فربما
أَعجزه عن الصوم، وأَما الحاجمُ فلا يأْمَنُ أَن يصل إلى حلقه شيء من الدم
فيبلعَهُ أَو من طَعْمِه، قال: وقيل هذا على سبيل الدعاء عليهما أَي بطل
أَجْرُهما فكأَنهما صارا مفطرين، كقَوله: من صام الدَّهْرَ فلا صام ولا
أَفطر. والمَحْجمة من العنق: موضع المِحْجمةِ. وأَصل الحَجْمِ المصّ،
وقولهم: أَفْرَغُ من حَجَّام ساباطٍ، لأَنه كان تَمُرُّ به الجيوش فيَحْجُمهم
نَسيئةً من الكساد حتى يرجعوا فضربوا به المَثَلَ؛ قال ابن دريد:
الحِجامةُ من الحَجْمِ الذي هو البَداءُ لأَن اللحم يَنْتَبِرُ أَي
يرتفع.والحَوْجَمةُ: الوَرْدُ الأَحمر، والجمع حَوْجَمٌ.
بيع: البيعُ: ضدّ الشراء، والبَيْع: الشراء أَيضاً، وهو من الأَضْداد.
وبِعْتُ الشيء: شَرَيْتُه، أَبيعُه بَيْعاً ومَبيعاً، وهو شاذ وقياسه
مَباعاً. والابْتِياعُ: الاشْتراء. وفي الحديث: لا يخْطُبِ الرجلُ على خِطْبة
أَخِيه ولا يَبِعْ على بَيْعِ أَخِيه؛ قال أَبو عبيد: كان أَبو عبيدة
وأَبو زيد وغيرهما من أَهل العلم يقولون إِنما النهي في قوله لا يبع على
بيع أَخيه إِنما هو لا يشتر على شراء أَخيه، فإِنما وقع النهي على المشتري
لا على البائع لأَن العرب تقول بعت الشيء بمعنى اشتريته؛ قال أَبو عبيد:
وليس للحديث عندي وجه غير هذا لأَن البائع لا يكاد يدخل على البائع،
وإِنما المعروف أَن يُعطى الرجلُ بسلعته شيئاً فيجيء مشتر آخر فيزيد عليه،
وقيل في قوله ولا يبع على بيع أَخيه: هو أَن يشتري الرجل من الرجل سلعة
ولما يتفرّقا عن مقامهما فنهى النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يَعْرِضَ رجل
آخرُ سِلْعةً أُخرى على المشتري تشبه السلعة التي اشترى ويبيعها منه،
لأَنه لعل أَن يردَّ السلعة التي اشترى أَولاً لأَن رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، جعل للمُتبايعين الخيارَ ما لم يَتفرَّقا، فيكون البائعُ الأَخير
قد أَفسد على البائع الأَول بَيْعَه، ثم لعل البائع يختار نقض البيع
فيفسد على البائع والمتبايع بيعه، قال: ولا أَنهى رجلاً قبل أَن يَتبايَع
المتبايعان وإِن كانا تساوَما، ولا بَعد أَن يتفرَّقا عن مقامهما الذي
تبايعا فيه، عن أَن يبيع أَي المتبايعين شاء لأَن ذلك ليس ببيع على بيع أَخيه
فيُنْهى عنه؛ قال: وهذا يوافق حديث: المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا،
فإِذا باع رجل رجلاً على بيع أَخيه في هذه الحال فقد عصى اللهَ إِذا كان
عالماً بالحديث فيه، والبيعُ لازم لا يفسد. قال الأَزهري: البائعُ
والمشتري سواء في الإِثم إِذا باع على بيع أَخيه أَو اشترى على شراء أَخيه لأَن
كل واحد منهما يلزمه اسم البائع،مشترياً كان أَو بائعاً، وكلٌّ منهي عن
ذلك؛ قال الشافعي: هما متساويان قبل عقد الشراء، فإِذا عقدا البيع فهما
متبايعان ولا يسمَّيان بَيِّعَيْنِ ولا متبايعين وهما في السَّوْمِ قبل
العقد؛ قال الأَزهري: وقد تأَول بعض من يحتج لأَبي حنيفة وذَوِيه وقولهِم لا
خيار للمتبايعين بعد العقد بأَنهما يسميان متبايعين وهما متساومان قبل
عقدهما البيع؛ واحتج في ذلك بقول الشماخ في رجل باع قوساً:
فوافَى بها بعضَ المَواسِم، فانْبَرَى
لَها بَيِّع، يُغْلِي لها السَّوْمَ، رائزُ
قال: فسماه بَيِّعاً وهو سائم، قال الأَزهري: وهذا وهَمٌ وتَمْوِيه،
ويردّ ما تأَوَّله هذا الــمحتج شيئان: أَحدهما أَن الشماخ قال هذا الشعر
بعدما انعقد البيع بينهما وتفرَّقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه فسماه
بَيِّعاً بعد ذلك، ولو لم يكونا أَتَمّا البيع لم يسمه بَيِّعاً، وأَراد بالبيّع
الذي اشترى وهذا لا يكون حجة لمن يجعل المتساومين بيعين ولما ينعقد
بينهما البيع، والمعنى الثاني أَنه يرد تأْويله ما في سياق خبر ابن عمر، رضي
الله عنهما: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: البَيِّعانِ بالخيار ما لم
يَتفرَّقا إِلاَّ أَن يُخَيِّرَ أَحدُهما صاحبَه، فإِذا قال له: اختر، فقد
وجَب البيعُ وإِن لم يتفرَّقا، أَلا تراه جعل البيع ينعقد بأَحد شيئين:
أَحدهما أَن يتفرقا عن مكانهما الذي تبايعا فيه، والآخر أَن يُخَيِّرَ
أَحدهما صاحبه؟ ولا معنى للتخيير إِلا بعد انعقاد البيع؛ قال ابن الأَثير
في قوله لا يبع أَحدكم على بيع أَخيه: فيه قولان: أَحدهما إِذا كان
المتعاقدان في مجلس العقد وطلب طالبٌ السلعةَ بأَكثر من الثمن ليُرغب البائع في
فسخ العقد فهو محرم لأَنه إِضرار بالغير، ولكنه منعقد لأَن نفْسَ البيع
غير مقصود بالنهي فإِنه لا خلل فيه، الثاني أَن يرغب المشتري في الفسخ
بعَرْض سلعة أَجودَ منها بمثل ثمنها أَو مثلها بدون ذلك الثمن فإِنه مثل
الأَول في النهي، وسواء كانا قد تعاقدا على المبيع أَو تساوما وقاربا
الانعقاد ولم يبق إَلاَّ العقد، فعلى الأَول يكون البيع بمعنى الشراء، تقول
بعت الشيء بمعنى اشتريته وهو اختيار أَبي عبيد، وعلى الثاني يكون البيع على
ظاهره؛ وقال الفرزدق:
إِنَّ الشَّبابَ لَرابِحٌ مَن باعَه،
والشيْبُ ليس لبائِعيه تِجارُ
يعني من اشتراه. والشيء مَبيع ومَبْيُوع مثل مَخيط ومَخْيُوط على النقص
والإِتمام، قال الخليل: الذي حذف من مَبِيع واو مفعول لأَنها زائدة وهي
أَولى بالحذف، وقال الأَخفش: المحذوفة عين الفعل لأَنهم لما سَكَّنوا
الياء أَلْقَوا حركتها على الحرف الذي قبلها فانضمت، ثم أَبدلوا من الضمة
كسرة للياء التي بعدها، ثم حذفت الياء وانقلبت الواو ياء كما انقلبت واو
مِيزان للكسرة؛ قال المازني: كلا القولين حسن وقول الأَخفش أَقيس. قال
الأَزهري: قال أَبو عبيد البيع من حروف الأَضداد في كلام العرب. يقال باع فلان
إِذا اشترى وباع من غيره؛ وأَنشد قول طرفة:
ويأْتِيك بالأنباء مَن لم تَبِعْ له
نَباتاً، ولم تَضْرِبْ له وَقْتَ مَوْعِدِ
أَراد من لم تشتر له زاداً. والبِياعةُ: السِّلْعةُ، والابْتِياعُ:
الاشتراء. وتقول: بِيعَ الشيء، على ما لم يسمّ فاعله، إِن شئت كسرت الباء،
وإِن شئت ضممتها، ومنهم من يقلب الياء واواً فيقول بُوع الشيء، وكذلك القول
في كِيلَ وقِيلَ وأَشباهها، وقد باعَه الشيءَ وباعَه منه بَيْعاً فيهما؛
قال:
إِذا الثُّرَيّا طَلَعَتْ عِشاء،
فَبِعْ لراعِي غَنَمٍ كِساء
وابْتاعَ الشيءَ: اشتراه، وأَباعه. عَرَّضه للبيع؛ قال الهَمْداني:
فَرَضِيتُ آلاء الكُمَيْتِ، فَمَنْ يُبِعْ
فَرَساً، فليْسَ جَوادُنا بمُباعِ
أَي بمُعَرَّض للبيع، وآلاؤُه: خِصالُه الجَمِيلة، ويروي أَفلاء الكميت.
وبايَعَه مُبايعة وبِياعاً: عارَضَه بالبيع؛ قال جُنادةُ ابن عامر:
فإِنْ أَكُ نائِياً عنه، فإِنِّي
سُرِرْتُ بأَنَّه غُبِنَ البِياعا
وقال قيس بن ذَريح:
كمغْبُونٍ يَعَضُّ على يَدَيْهِ،
تَبَيَّنَ غَبْنُه بعدَ البِياع
واسْتَبَعْتُه الشيء أَي سأَلْتُه أَن يبِيعَه مني.
ويقال: إِنه لحسَنُ البِيعة من البيع مثل الجِلْسة والرِّكْبة. وفي حديث
ابن عمر، رضي الله عنهما: أَنه كان يَغْدُو فلا يمر بسَقَّاطٍ ولا صاحِب
بِيعةٍ إِلاَّ سلم عليه؛ البِيعةُ، بالكسر، من البيع: الحالة كالرِّكبة
والقِعْدة.
والبَيِّعان:البائع والمشتري، وجمعه باعةٌ عند كراع، ونظيره عَيِّلٌ
وعالةٌ وسيّد وسادةٌ، قال ابن سيده: وعندي أَن ذلك كله إِنما هو جمع فاعل،
فأَمّا فيْعِل فجمعه بالواو والنون، وكلُّ من البائع والمشتري بائع
وبَيِّع. وروى بعضهم هذا الحديث: المُتبايِعانِ بالخِيار ما لم
يَتفَرَّقا.والبَيْعُ: اسم المَبِيع؛ قال صَخْر الغَيّ:
فأَقْبَلَ منه طِوالُ الذُّرى،
كأَنَّ عليهِنَّ بَيْعاً جَزِيفا
يصف سحاباً، والجمع بُيُوع.
والبِياعاتُ: الأَشياء التي يُتَبايَعُ بها في التجارة.
ورجل بَيُوعٌ: جَيِّدُ البيع، وبَيَّاع: كثِيره، وبَيِّعٌ كبَيُوعٍ،
والجمع بَيِّعون ولا يكسَّر، والأُنثى بَيِّعة والجمع بَيِّعاتٌ ولا يكسر؛
حكاه سيبويه، قال المفضَّل الضبيُّ: يقال باع فلان على بيع فلان، وهو مثل
قديم تضربه العرب للرجل يُخاصم صاحبه وهو يُرِيغُ أَن يُغالبه، فإِذا
ظَفِر بما حاوَلَه قيل: باعَ فلان على بَيْع فلان، ومثله: شَقَّ فلان غُبار
فلان. وقال غيره: يقال باع فلان على بيعك أَي قام مَقامك في المنزلة
والرِّفْعة؛ ويقال: ما باع على بيعك أَحد أَي لم يُساوِك أَحد؛ وتزوج يزيد بن
معاوية، رضي الله عنه، أُم مِسْكِين بنت عمرو على أُم هاشم
(* قوله «على
أم هاشم» عبارة شارح القاموس: على أم خالد بنت أبي هاشم، ثم قال في
الشعر: ما لك أُم خالد.) فقال لها:
ما لَكِ أُمَّ هاشِمٍ تُبَكِّينْ؟
مِن قَدَرٍ حَلَّ بكم تَضِجِّينْ؟
باعَتْ على بَيْعِك أُمُ مِسْكِينْ،
مَيْمُونةً من نِسْوةٍ ميامِينْ
وفي الحديث: نَهَى عن بَيْعَتَيْن في بَيْعةٍ، وهو أَن يقول: بِعْتُك
هذا الثوب نَقْداً بعشرة، ونَسِيئة بخمسة عشر، فلا يجوز لأَنه لا يَدْرِي
أَيُّهما الثمن الذي يَختارُه ليَقَع عليه العَقْد، ومن صُوَره أَن تقول:
بِعْتُك هذا بعشرين على أَن تَبِيعَني ثوبك بعشرة فلا يصح للشرط الذي فيه
ولأَنه يَسْقُط بسُقوطه بعضُ الثمن فيصير الباقي مجهولاً، وقد نُهِي عن
بيع وشرْط وبيع وسَلَف، وهما هذانِ الوجهان. وأَما ما ورد في حديث
المُزارعة: نَهى عن بَيْع الأَرض، قال ابن الأَثير أَي كرائها. وفي حديث آخر:
لا تَبِيعُوها أَي لا تَكْرُوها.
والبَيْعةُ: الصَّفْقةُ على إِيجاب البيْع وعلى المُبايعةِ والطاعةِ.
والبَيْعةُ: المُبايعةُ والطاعةُ. وقد تبايَعُوا على الأَمر: كقولك أَصفقوا
عليه، وبايَعه عليه مُبايَعة: عاهَده. وبايَعْتُه من البيْع والبَيْعةِ
جميعاً، والتَّبايُع مثله. وفي الحديث أَنه قال: أَلا تُبايِعُوني على
الإِسلام؟ هو عبارة عن المُعاقَدةِ والمُعاهَدةِ كأَن كلّ واحد منهما باعَ
ما عنده من صاحبه وأَعطاه خالصة نَفْسِه وطاعَتَه ودَخِيلةَ أَمره، وقد
تكرّر ذكرها في الحديث.
والبِيعةُ: بالكسر: كَنِيسةُ النصارى، وقيل: كنيسة اليهود، والجمع
بِيَعٌ، وهو قوله تعالى: وبِيَعٌ وصلواتٌ ومساجدُ؛ قال الأَزهري: فإِن قال
قائل فلم جعل الله هَدْمَها من الفَساد وجعلها كالمساجد وقد جاء الكتاب
العزيز بنسخ شَرِيعة النصارى واليهود؟ فالجواب في ذلك أَن البِيَعَ
والصَّوامعَ كانت مُتعبَّدات لهم إِذ كانوا مستقيمين على ما أُمِرُوا به غير
مبدِّلين ولا مُغيِّرين، فأَخبر الله، جل ثناؤه، أَن لولا دَفْعُه الناسَ عن
الفساد ببعض الناس لَهُدِّمَتْ مُتعبَّداتُ كلِّ فريق من أَهل دينه
وطاعتِه في كل زمان، فبدأَ بذكر البِيَعِ على المساجد لأَن صلوات من تقدَّم من
أَنبياء بني إِسرائيل وأُممهم كانت فيها قبل نزول الفُرقان وقبْل تبديل
مَن بدَّل، وأُحْدِثت المساجد وسميت بهذا الاسم بعدهم فبدأَ جل ثناؤه بذكر
الأَقْدَم وأَخَّر ذكر الأَحدث لهذا المعنى.
ونُبايِعُ، بغير همز: موضع؛ قال أَبو ذؤيب:
وكأَنَّها بالجِزْع جِزعِ نُبايعٍ،
وأُولاتِ ذي العَرْجاء، نَهْبٌ مُجْمَعُ
قال ابن جني: هو فِعْلٌ منقول وزْنه نُفاعِلُ كنُضارِبُ ونحوه إِلا أَنه
سمي به مجرداً من ضميره، فلذلك أُعرب ولم يُحْكَ، ولو كان فيه ضميره لم
يقع في هذا الموضع لأَنه كان يلزم حكايتُه إِن كان جملة كذَرَّى حبّاً
وتأبَّطَ شَرًّا، فكان ذلك يكسر وزن البيت لأَنه كان يلزمه منه حذفُ ساكن
الوتد فتصير متفاعلن إِلى متفاعِلُ، وهذا لا يُجِيزه أَحد، فإِن قلت: فهلا
نوَّنته كما تُنوِّن في الشعر الفعل نحو قوله:
مِنْ طَلَلٍ كالأَتْحمِيّ أَنْهَجَنْ
وقوله:
دايَنْتُ أَرْوَى والدُّيُون تُقْضَيَنْ
فكان ذلك يَفِي بوزن البيت لمجيء نون متفاعلن؟ قيل: هذا التنوين إِنما
يلحق الفعل في الشعر إِذا كان الفعل قافية، فأَما إِذا لم يكن قافية فإِن
أَحداً لا يجيز تنوينه، ولو كان نبايع مهموزاً لكانت نونه وهمزته
أَصليتين فكان كعُذافِر، وذلك أَن النون وقعت موقع أَصل يحكم عليها بالأَصلية،
والهمزة حَشْو فيجب أَن تكون أَصلاً، فإِن قلت: فلعلها كهمزة حُطائطٍ
وجُرائض؟ قيل: ذلك شاذ فلا يَحْسُنُ الحَمْل عليه وصَرْفُ نُبايعٍ، وهو منقول
مع ما فيه من التعريف والمِثال، ضرورةٌ، والله أَعلم.
متع: مَتَعَ النبيذُ يَمْتَعُ مُتوعاً: اشتدَّت حمرته. ونبي ماتِعٌ أَي
شديدُ الحمْرةِ. ومَتَعَ الحبْلُ: اشتد. وحَبْل ماتِعٌ: جيِّدُ الفَتْلِ.
ويقال للجبل الطويل: ماتِعٌ؛ ومنه حديث كعب والدَّجّال: يُسَخَّرُ معه
جَبَلٌ ماتعٌ خِلاطُه ثَريدٌ أَي طويل شاهِقٌ. ومَتَعَ الرجُلُ ومَتُعَ:
جادَ وظَرُفَ، وقيل: كا ما جادَ فقد مَتُعَ، وهو ماتِعٌ. والماتِعُ من كل
شيء: البالغُ في الجَوْدةِ الغاية في بابه؛ وأَنشد:
خُذْه فقد أُعْطِيتَه جَيِّداً،
قد أُحْكِمَتْ صَنْعَتُه، ماتِعا
وقد ذكر الله تعالى المَتاعَ والتمتُّعَ والاسْتمتاعَ والتَّمْتِيعَ في
مواضعَ من كتابه، ومعانيها وإِن اختلفت راجعة إِلى أَصل واحد. قال الأَزهري:
فأَما المَتاعُ في الأَصل فكل شيء يُنْتَفَعُ به ويُتَبَلَّغُ به
ويُتَزَوَّدُ والفَناءُ يأْتي عليه في الدنيا.
والمُتْعةُ والمِتْعَةُ: العُمْرةُ إِلى الحج، وقد تَمَتَّعَ
واسْتَمْتَعَ. وقوله تعالى: فمن تمتَّع بالعُمرة إِلى الحج؛ صورة المُسْتَمْتِعِ
بالعمرة إِلى الحجِّ أَنْ يُحْرِمَ بالعمرة في أَشهر الحج فإِذا أَحرم بالعمرة
بعد إِهْلالِه شَوّالاً فقد صار متمتعاً بالعمرة إِلى الحج، وسمي متمتعاً
بالعمرة إِلى الحج لأَنه إِذا قدم مكة وطاف بالبيت وسعَى بين الصفا
والمَرْوَةِ حلّ من عمرته وحلق رأْسه وذبح نُسُكَه الواجب عليه لتمتعه، وحلّ له
كل شيء كان حَرُمَ عليه في إِحْرامه من النساء والطِّيبِ، ثم يُنْشِئ
بعد ذلك إِحراماً جديداً للحج وقت نهوضه إِلى مِنًى أَو قبل ذلك من غير أَن
يجب عليه الرجوع إِلى الميقات الذي أَنشأَ منه عمرته، فذلك تمتعه بالعمرة
إِلى الحج أَي انتفاعه وتبلغه بما انتفع به من حِلاق وطيب وتَنَظُّفٍ
وقَضاء تَفَثٍ وإِلمام بأَهله، إِن كانت معه، وكل هذه الأَشياء كانت محرَّمة
عليه فأُبيح له أَن يحل وينتفع بإِحلال هذه الأَشياء كلها مع ما سقط عنه
من الرجوع إِلى الميقات والإِحرام منه بالحج، فيكون قد تمتع بالعمرة في
أَيام الحج أَي انتفع لأَنهم كانوا لا يرون العمرة في أَشهر الحج فأَجازها
الإِسلام، ومن ههنا قال الشافعي: إِنّ المتمتع أَخَفُّ حالاً من القارنِ
فافهمه؛ وروي عن ابن عمر قال: من اعتمر في أَشهر الحج في شوّال أَو ذي القعدة
أَو ذي الحِجّةِ قبل الحج فقد استمتع. والمُتْعةُ: التمتُّع بالمرأَة لا
تريد إِدامَتها لنفسك، ومتعة التزويج بمكة منه، وأَما قول الله عز وجل في
سورة النساء بعقب ما حرم من النساء فقال: وأَحلّ لكم ما وراء ذلكم أَن
تبتغوا بأَموالكم مُحْصِنين غير مُسافِحينَ! أَي عاقدي النكاح الحلال غير
زناة! فما استمتعتم به منهن فآتوهن أُجورهن فريضة؛ فإِن الزجاج ذكر أَنّ
هذه آية غلط فيها قوم غلطاً عظيماً لجهلهم باللغة، وذلك أَنهم ذهبوا إِلى
قوله فما استمتعتم به منهن من المتعة التي قد أَجمع أَهل العلم أَنها حرام،
وإِنما معنى فما استمتعتم به منهن، فما نكحتم منهن على الشريطة التي جرى
في الآية أَنه الإِحصان أَن تبتغوا بأَموالكم محصنينَ أَي عاقِدينَ
التزويجَ أَي فما استمتعتم به منهن على عقد التزويج الذي جرى ذكره فآتوهنّ
أُجورهن فريضة أَي مهورهن، فإِن استمتع بالدخول بها آتى المهر تامّاً، وإِن
استمتع بعقد النكاح اتى نصف المهر؛ قال الأَزهري: المتاع في اللغة كل ما
انتفع به فهو متاع، وقوله: ومَتِّعُوهُنّ على المُوسِع قَدَرُه، ليس بمعنى
زوّدوهن المُتَعَ، إِنما معناه أَعطوهن ما يَسْتَمْتِعْنَ؛ وكذلك قوله:
وللمطلَّقات متاع بالمعروف، قال: ومن زعم أَن قوله فما استمتعتم به منهن
التي هي الشرط في التمتع الذي يفعله الرافضة، فقد أَخطأَ خطأً عظيماً لأَن
الآية واضحة بينة؛ قال: فإِن احتج محتج من الروافض بما يروى عن ابن عباس
أَنه كان يرها حلالاً وأَنه كان يقرؤها فما استمتعتم به منهن إِلى أَجل
مسمى، فالثابت عندنا أَن ابن عباس كان يراها حلالاً، ثم لما وقف على نهي
النبي، صلى الله عليه وسلم، رجع عن إِحلالها؛ قال عطاء: سمعت ابن عباس
يقول ما كانت المتعة إِلا رحمة رحم الله بها أُمة محمد، صلى الله عليه وسلم،
فلولا نهيه عنها ما احتاج إِلى الزنا أَحد إِلا شَفًى والله، ولكأَني
أَسمع قوله: إِلا شفًى، عطاء القائل، قال عطاء: فهي التي في سورة النساء فما
استمتعتم به منهن إِلى كذا وكذا من الأَجل على كذا وكذا شيئاً مسمى، فإِن
بدا لهما أَن يتراضيا بعد الأَجل وإِن تفرقا فهم وليس بنكاح هكذا الأصل،
قال الأَزهري: وهذا حديث صحيح وهو الذي يبين أَن ابن عباس صح له نهي
النبي، صلى الله عليه وسلم ، عن المتعة الشرطية وأَنه رجع عن إِحلالها إِلى
تحريمها، وقوله إِلا شفًى أَي إِلا أَن يُشْفِيَ أَي يُشْرِفَ على الزنا
ولا يوافقه، أَقام الاسم وهو الشَّفَى مُقام المصدر الحقيقي، وهو
الإِشْفاءُ على الشيء، وحرف كل شيء شفاه؛ ومنه قوله تعالى: على شَفَى جُرُفٍ
هارٍ، وأَشْفَى على الهَلاكِ إِذا أَشْرَفَ عليه، وإِنما بينت هذا البيان
لئلا يَغُرَّ بعضُ الرافِضةِ غِرًّا من المسلمين فيحل له ما حرّمه الله عز
وجل على لسان رسوله، صلى الله عليه وسلم، فإِن النهي عن المتعة الشرطية صح
من جهات لو لم يكن فيه غير ما روي عن أَمير المؤمنين علي بن أَبي طالب،
رضي الله عنه، ونهيه ابن عباس عنها لكان كافياً، وهي المتعة كانت ينتفع
بها إِلى أَمد معلوم، وقد كان مباحاً في أَوّل الإِسلام ثم حرم، وهو الآن
جائز عند الشيعة.
وَمَتَعَ النهارُ يَمْتَعُ مُتُوعاً: ارْتَفَعَ وبَلَغَ غايةَ ارْتفاعِه
قبل الزوال؛ ومنه قول الشاعر:
وأَدْرَكْنا بها حَكَمَ بْنَ عَمْرٍو،
وقَدْ مَتَعَ النَّهارُ بِنا فَزَالا
وقيل: ارتفع وطال؛ وأَنشد ابن بري قول سويد ابن أَبي كاهل:
يَسْبَحُ الآلُ على أَعْلامِها
وعلى البِيدِ، إِذا اليَوْمُ مَتَعْ
ومَتَعَت الضُّحَى مُتُوعاً تَرَجَّلَت وبلغت الغاية وذلك إِلى أَوّل
الضّحى. وفي حديث ابن عباس: أَنه كان يُفْتي الناس حتى إِذا مَتَعَ الضحى
وسَئِمَ؛ مَتَعَ النهارُ: طالَ وامتدَّ وتعالى؛ ومنه حديث مالك بن أَوس:
بينا أَناجالس في أَهلي حِينَ مَتَعَ النهارُ إِذا رسول عمَرَ، رضي الله عنه،
فانطلقت إِليه. ومَتَعَ السَّرابُ مُتُوعاً: ارتفع في أَوّل النهار؛ وقول
جرير:
ومِنّا، غَداةَ الرَّوْعِ، فِتْيانُ نَجْدةٍ،
إِذا مَتَعَتْ بعد الأَكُفِّ الأَشاجِعُ
أَي ارتفعت من وقولك مَتَعَ النهارُ والآلُ، ورواه ابن الأَعرابي
مُتِعَتْ ولم يفسره، وقيل قوله إِذا مَتَعَتْ أَي إِذا احمرّت الأَكُفُّ
والأَشاجِعُ من الدم.
ومُتْعةُ المرأَة: ما وُصِلَتْ به بعدَ الطلاقِ، وقد مَتَّعَها. قال
الأَزهريّ: وأَما قوله تعالى وللمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بالمَعْروفِ حَقّاً على
المتقين، وقال في موضع آخر: لا جُناح عليكم إِن طلقتم الناساء ما لم
تمسوهن أَو تفرضوا لهن فريضة ومَتّعُوهُنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره
متاعاً بالمعروف حقّاً على المحسنين؛ قال الأَزهريّ: وهذا التمتيع الذي
ذكره الله عز وجل للمطلقات على وجهين: أَحدهما واجب لا يسعه تركه، والآخر
غير واجب يستحب له فعله، فالواجب للمطلقة التي لم يكن زوجها حين تزوّجها
سمَّى لها صداقاً ولم يكن دخل بها حتى طلقها، فعليه أَن يمتعها بما عز
وهان من متاع ينفعها به من ثوب يُلبسها إِياه، أَو خادم يَخْدُمُها أَو
دراهم أَو طعام، وهو غير مؤقت لأَن الله عز وجل لم يحصره بوقت، وإِنما أَمر
بتمتيعها فقط، وقد قال: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً
بالمعروف؛ وأَما المُتْعةُ التي ليست بواجبة وهي مستحبة من جهة الإِحسان
والمحافظة على العهد، فأَن يتزوّج الرجل امرأَة ويسمي لها صداقاً ثم يطلقها قبل
دخوله بها أَو بعده، فيستحب له أَن يمتعها بمتعة سوى نصف المهر الذي وجب
عليه لها، إِن لم يكن دخل بها، أَو المهر الواجب عليه كله، إِن كان دخل
بها، فيمتعها بمتعة ينفعها بها وهي غير واجبة عليه، ولكنه استحباب ليدخل في
جملة المحسنين أَو المتقين، والعرب تسمي ذلك كله مُتْعةً ومَتاعاً
وتَحْميماً وحَمّاً. وفي الحديث: أَنّ عبد الرحمن طلق امرأَة فَمَتَّعَ بِوَليدة
أَي أَعطاها أَمةً، هو من هذا الذي يستحب للمطلق أَن يُعْطِيَ امرأَته
عند طلاقها شيئاً يَهَبُها إِيّاه.
ورجلٌ ماتِعٌ: طويل.
وأَمْتَعَ بالشيء وتَمَتَّعَ به واسْتَمْتَع: دام له ما يسْتَمِدُّه
منه. وفي التنزيل: واسْتَمْتَعْتُمْ بها؛ قال أَبو ذؤَيب:
مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ مِنَ هْلِها
جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجبْلِ
يريد أَن الناس كلهم مُتْعةٌ للمَنايا، والأَنسُ كالإِنْسِ والجبْلُ
الكثير. ومَتَّعه الله وأَمْتَعه بكذا: أَبْقاه لِيَسْتَمْتِع به. يقال:
أَمْتَعَ الله فُلاناً بفلانٍ إِمْتاعاً أَي أَبقاه لِيَسْتَمْتِع به فيما
يُحِبُّ من الانْتفاعِ به والسُّرور بمكانه، وأَمْتَعه الله بكذا
ومَتَّعَه بمعنًى. وفي التنزيل: وأَن استغفِروا ربكم ثم توبوا إِليه يُمَتّعكم
مَتاعاً حسَناً إِلى أَجلٍ مُسمًّى، فمعناه أَي يُبْقِكم بَقاء في عافِيةٍ إِلى
وقت وفاتكم ولا يَسْتَأْصِلْكُمْ بالعذاب كما استأْصل القُرى الذين
كفروا. ومَتَّعَ الله فلاناً وأمْتَعه إِذا أَبقاه وأَنْسَأَه إِلى أَن
يَنْتَهِيَ شَبابُه؛ ومنه قول لبيد يصف نخلاً نابتاً على الماء حتى طالَ
طِوالُه إِلى السماء فقال:
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصّفا وسَرِيُّه،
عُمٌّ نواعِمُ، بَيْنَهُنَّ كُرُومُ
والصَّفا والسَّرِيُّ: نهرانِ مُتَخَلِّجانِ من نهر مُحَلِّمٍ الذي
بالبحرين لسقي نخيل هَجَرَ كلّها. وقوله تعالى: مَتاعاً إِلى الحوْلِ غيرَ
إِخْراجٍ؛ أَرادَ مَتِّعُوهُنّ تمتيعاً فوضع متاعاً موضع تمتيع، ولذلك
عدَّاه بإِلى؛ قال الأَزهري: هذه الآية منسوخة بقوله: والذين يُتَوَفَّوْنَ
منكم ويَذَرُونَ أَزواجاً يَتَرَبَّصْنَ بأَنْفسهن أَربعة أَشهر وعشراً؛
فَمُقامُ الحولِ منسوج باعتداد أَربعة أَشهر وعشر، والوصية لهن منسوخة بما
بين الله من ميراثها في آية المواريث، وقرئ: وصيَّةٌ لأَزواجهم، ووصيةً،
بالرفع والنصب، فمن نصب فعلى المصدر الذي أُريد به الفعل كأَنه قال
لِيُوصُوا لهن وصية، ومن رفع فعلى إِضمار فعليهم وصية لأَزواجهم، ونصب قوله
متاعاً على المصدر أَيضاً أَراد متِّعوهن متاعاً، والمَتاعُ والمُتْعةُ
اسْمانِ يَقُومانِ مَقامَ المصدر الحقيقي وهو التمتيع أَي انفعوهن بما
تُوصُونَ به لهن من صِلةٍ تَقُوتُهن إِلى الحول. وقوله تعالى: أَفرأَيت إِنْ
مَتَّعْناهُم سِنينَ ثم جاءهم ما كانوا يُوعَدُونَ؛ قال ثعلب: معناه أَطلنا
أَعمارهم ثم جاءهم الموت.والماتِعُ: الطويل من كل شيء ومَتَّعَ الشيءَ:
طَوَّله؛ ومنه قول لبيد البيت المقدّم وقول النابغة الذبياني:
إِلى خَيْرِ دِينٍ سُنَّةٍ قد عَلِمْته،
ومِيزانُه في سُورةِ المَجْدِ ماتِعُ
أَي راجِحٌ زائِدٌ. وأَمْتَعَه بالشيء ومَتَّعَه: مَلأَه إِياه.
وأَمْتَعْتُ بالشيء أَي تَمَتَّعْتُ به، وكذلك تَمَتَّعْتُ بأَهلي ومالي؛ ومنه
قول الراعي:
خَلِيلَيْنِ من شَعْبَيْنِ شَتَّى تَجاوَرا
قليلاً، وكانا بالتَّفَرُّقِ أَمْتَعا
(* قوله «خليلين» الذي في الصحاح وشرح القاموس خليطين.)
أَمتَعا ههنا: تَمتَّعا، والاسم من كل ذلك المَتاعُ، وهو في تفسير
الأَصمعي مُتَعَدّ بمعن مَتَّعَ؛ وأَنشد أَبو عمرو للراعي:
ولكِنَّما أَجْدَى وأَمْتَعَ جَدُّه
بِفِرْقٍ يُخَشِّيه، بِهَجْهَجَ، ناعِقُه
أَي تَمَتَّعَ جَدُّه بِفِرْقٍ من الغنم، وخالف الأَصمعي أَبا زيد وأَبا
عمرو في البيت الأَوّل ورواه: وكانا للتفَرُّقِ أَمْتَعا، باللام؛ يقول:
ليس من أَحد يفارق صاحبه إِلا أَمْتَعَه بشيء يذكره به، فكان ما أَمتَعَ
كل واحد من هذين صاحبه أَن فارَقه أَي كانا مُتجاوِرَيْن في المُرْتَبَعِ
فلما انقضى الرَّبِيعُ تفرقا، وروي البيت الثاني: وأَمْتَعَ جَدَّه،
بالنصب، أَي أَمتعَ الله جَدَّه. وقال الكسائي: طالما أُمْتِعَ بالعافية في
معنى مُتِّعَ وتَمَتَّعَ. وقول الله تعالى: فاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاقِكم؛
قال الفراء: اسْتَمْتَعُوا يقول رَضُوا بنصيبهم في الدنيا من أَنصبائهم في
الآخرة وفعلتم أَنتم كما فعلوا. ويقال: أَمْتَعْتُ عن فلان أَي
اسْتَغْنَيْتُ عنه. والمُتْعةُ والمِتْعةُ والمَتْعةُ أَيضاً: البُلْغةُ؛ ويقول
الرجل لصاحبه: ابْغِني مُتْعةً أَعِيشُ بها أَي ابْغِ لي شيئاً آكُلُه أَو
زاداً أَتَزَوَّدُه أَو قوتاً أَقتاته؛ ومنه قول الأَعشى يصف صائداً:
مِنْ آلِ نَبْهانَ يَبْغِي صَحْبَه مُتَعا
أَي يَبْغِي لأَصحابه صيداً يعيشون به، والمُتَعُ جمع مُتْعةٍ. قال
الليث: ومنهم من يقول مِتْعةٌ، وجمعها مِتَعٌ، وقيل: المُتْعةُ الزاد القليل،
وجمعها مُتَعٌ. قال الأَزهري: وكذلك قوله تعالى: يا قوم إِنما هذه
الحياة الدنيا مَتاعٌ؛ أَي بُلْغةٌ يُتَبلَّغُ به لا بقاء له. ويقال: لا
يُمْتِعُني هذا الثوبُ أَي لا يَبْقى لي، ومنه يقال: أَمْتَعَ الله بك. أَبو
عبيدة في قوله فأُمَتِّعُه أي أُؤخره، ومنه يقال: أَمْتَعَك الله بطول
العمر؛ وأَما قول بعض العرب يهجو امرأَته:
لو جُمِعَ الثلاث والرُّباعُ
وحِنْطةُ الأَرضِ التي تُباعُ،
لم تَرَهُ إِلاّ هُوَ المَتاعُ
فإِنه هجا امرأَته. والثلاث والرباع: أَحدهما كيل معلوم، والآخر وزن
معلوم؛ يقول: لو جُمِعَ لها ما يكالُ أَو بوزن لم تره المرأَة إِلا مُتْعةً
قليلة. قال الله عز وجل: ما هذه الحياة الدنيا إِلاّ متاع، وقول الله عز
وجلّ: ليس عليكم جُناح أَن تدخلا بيوتاً غير مسكونة فيها متاعٌ لكم؛ جاء
في التفسير: أَنه عنى ببيوت غير مسكونة الخانات والفنادِقَ التي تنزلها
السابِلةُ ولا يُقيمون فيها إِلا مُقامَ ظاعن، وقيل: إِنه عنى بها
الخَراباتِ التي يدخلها أَبناء السبيل للانتِفاصِ من بول أَو خَلاء، ومعنى قوله
عز وجل: فيها متاعٌ لكم، أَي مَنْفَعةٌ لكم تَقْضُون فيها حوائجكم مسترين
عن الأَبْصارِ ورُؤية الناس، فذلك المَتاعُ، والله أَعلم بما أَراد. وقال
ابن المظفر: المَتاعُ من أَمْتِعةِ البيت ما يَسْتَمْتِعُ به الإِنسان في
حَوائِجه،وكذلك كل شيء، قال: والدنيا متاع الغرور، يقول: إنما العَيْشُ
متاع أَيام ثم يزول أَي بَقاء أَيام. والمَتاعُ: السَّلْعةُ. والمَتاعُ
أَيضاً: المنفعة وما تَمَتَّعْتَ به. وفي حديث ابن الأَكْوَعِ: قالوا يا
رسول الله لولا مَتَّعْتنا به أَي تركتنا ننتفع به. وفي الحديث: أَنه حرّم
المدينة ورخّص في متاعِ الناصح، أَراد أَداة البعير التي تؤخذ من الشجر
فسماها متاعاً. والمتاعُ: كل ما يُنْتَفعُ به من عُروضِ الدنيا قليلِها
وكثيرِها.
ومَتَعَ بالشيء: ذهب به يَمْتَعُ مَتْعاً. يقال: لئن اشتريت هذا الغلام
لتَمْتَعَنّ منه بغلام صالح أَي لتَذْهَبَنَّ به؛ قال المُشَعَّثُ:
تَمَتَّعْ يا مُشَعَّثُ، إِنَّ شيئاً،
سَبَقْتَ به المَماتَ، هو المَتاعُ
وبهذا البيت سمي مُشَعَّثاً. والمَتاعُ: المالُ والأَثاث، والجمع
أَمْتعةٌ، وأَماتِعُ جمع الجمع، وحكى ابن الأَعرابي أَماتِيعَ، فهو من باب
أَقاطِيعَ. ومتاعُ المرأَةِ: هَنُها.
والمَتْعُ والمُتْعُ: الكيْدُ؛ الأَخيرة عن كراع، والأُولى أَعلى؛ قال
رؤبة:
من مَتْعِ أَعْداءٍ وحوْضٍ تَهْدِمُه
وماتِعٌ: اسم.
جهر: الجَهْرَةُ: ما ظَهَرَ. ورآه جَهْرَةً: لم يكن بينهما سِترٌ؛
ورأَيته جَهْرَةً وكلمتُه جَهْرَةً. وفي التنزيل العزيز: أَرِنا الله
جَهْرَةً؛ أَي غيرَ مُسْتَتِر عَنَّا بشيء. وقوله عز وجل: حتى نَرى اللهَ
جَهْرَةً؛ قال ابن عرفة: أَي غير محتَجــب عنا، وقيل: أَي عياناً يكشف ما بيننا
وبينه. يقال: جَهَرْتُ الشيء إِذا كشفته. وجَهَرْتُه واجْتَهَرْته أَي
رأَيته بلا حجاب بيني وبينه. وقوله تعالى: بَغْتَةً أَو جَهْرَةً؛ هو أَن
يأْتيهم وهم يَرَوْنَهُ. والجَهْرُ: العلانية. وفي حديث عمر: أَنه كان
مِجْهَراً أَي صاحبَ جَهْرٍ ورَفْع لصوته.
يقال: جَهَرَ بالقول إِذ رفع به صوته، فهو جَهِيرٌ، وأَجْهَرَ، فهو
مُجْهِرٌ إِذا عرف بشدّة الصوت وجَهَرَ الشيءُ: عَلَنَ وبَدا؛ وجَهَرَ بكلامه
ودعائه وصوته وصلاته وقراءته يَجْهَرُ جَهْراً وجِهاراً، وأَجْهَرَ
بقراءته لغة. وأَجْهَرَ وجَهْوَرَ: أَعلن به وأَظهره، ويُعَدَّيانِ بغير حرف،
فيقال: جَهَرَ الكلامَ وأَجْهَرَهُ أَعلنه. وقال بعضهم: جَهَرَ أَعْلى
الصوْتَ. وأَجْهَرَ: أَعْلَنَ. وكلُّ إِعْلانٍ: جَهْرٌ. وجَهَرتُ بالقول
أَجْهَرُ به إِذا أَعْلَنْتَهُ. ورجلٌ جَهيرُ الصوتِ أَي عالي الصوت،
وكذلك رجل جَهْوَرِيُّ الصوت رفيعُه. والجَهْوَرِيُّ: هو الصوت العالي. وفرسٌ
جَهْوَرٌ: وهو الذي بأَجَشِّ الصوتِ ولا أَغَنَّ. وإِجْهارُ الكلام:
إِعْلانُه. وفي الحديث: فإِذا امرأَةٌ جَهِيرَةٌ؛ أَي عالية الصوت، ويجوز
أَن يكون من حُسْنِ المَنْظَرِ. وفي حديث العباس: أَنه نادى بصوتٍ له
جَهْوَرِيٍّ أَي شديدٍ عالٍ، والواو زائدة، وهو منسوب إِلى جَهْوَرَ بصوته.
وصوتٌ جَهِيرٌ وكلامٌ جَهِيرٌ، كلاهما: عالِنٌ عال؛ قال:
ويَقْصُر دونَه الصوتُ الجَهِيرُ
وقد جَهُر الرجل، بالضم، جَهَارَةً وكذلك المُجْهَرُ والجَهْورِيُّ.
والحروفُ المَجْهُورَةُ: ضد المهموسة: وهي تسعة عشر حرفاً؛ قال سيبويه:
معنى الجَهْرِ في الحروف أَنها حروف أُشْبِعَ الاعتمادُ في موضعها حتى
منع النَّفَس أَن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد ويجري الصوت، غير أَن الميم
والنون من جملة المجهورة وقد يعتمد لها في الفم والخياشيم فيصير فيها غنة
فهذه صفة المجهورة ويجمعها قولك: «ظِلُّ قَوٍّ رَبَض إِذْ غَزَا جُنْدٌ
مُطيع». وقال أَبو حنيفة: قد بالغوا في تَجْهِير صوت القَوْس؛ قال ابن
سيده: فلا أَدري أَسمعه من العرب أَو رواه عن شيوخه أَم هو إِدْلال منه
وتَزَيُّدٌ، فإِنه ذو زوائد في كثير من كلامه.
وجَاهَرَهُمْ بالأَمر مُجاهَرَةً وجِهاراً: عالَنَهُمْ. ويقال: جاهَرَني
فلانٌ جِهاراً أَي علانية. وفي الحديث: كلُّ أُمّتي مُعافىً إِلاَّ
المُجاهِرينَ؛ قال: هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأَظهروها وكشفوا ما ستر الله
عليهم منها فيتحدثون به. يقال: جَهَرَ وأَجْهَرَ وجاهَرَ؛ ومنه الحديث:
وإِن من الإِجهار كذا وكذا، وفي رواية: من الجِهار؛ وهما بمعنى المجاهرة؛
ومنه الحديث: لا غِيبَةَ لفاسِقٍ ولا مُجاهِرٍ.
ولقيه نَهاراً جِهاراً، بكسر الجيم وفتحها وأَبى ابن الأَعرابي فتحها.
واجْتَهَرَ القوم فلاناً: نظروا إِليه جِهاراً.
وجَهَرَ الجَيشَ والقومَ يَجْهَرُهُمْ جَهْراً واجتهرهم: كثروا في عينه؛
قال يصف عسكراً:
كأَنَّما زُهاؤُهُ لِمَنْ جَهَرْ
لَيْلٌ، ورِزُّ وَغْرِه إِذا وَغَرْ
وكذلك الرجل تراه عظيماً في عينك. وما في الحيّ أَحد تَجْهَرُه عيني أَي
تأْخذه عيني. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: إِذا رأَيناكم جَهَرْناكم أَي أَعجبنا أَجسامكم. والجُهْرُ:
حُسْنُ المَنْظَرِ. ووجهٌ جَهيرٌ: ظاهرُ الوَضاءة. وفي حديث علي، عليه
السلام: أََنه وصف النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: لم يكن قصيراً ولا
طويلاً وهو إِلى الطول أَقربُ، مَنْ رآه جَهَرَهُ؛ معنى جهره أَي عظم في
عينه. الجوهري: جَهَرْتُ الرجلَ واجْتَهَرْتُه إِذا رأَيته عظيم المَرْآة.
وما أَحْسَنَ جُهْرَ فلان، بالضم، أَي ما يُجْتَهَرُ من هيئته وحسن
مَنْظَره. ويقال: كيف جَهْراؤكُمْ أَي جماعتكم؛ وقول الراجز:
لا تَجْهَرِيني نَظَراً وَرُدِّي،
فقد أَرُدُّ حِينَ لا مَرَدِّ
وقد أَرُدُّ، والجِيادُ تُرْدِي،
نِعْمَ المِجَشُّ ساعةَ التَّنَدِّي
يقول: إِن استعظمتِ منظري فإِني مع ما ترين من منظري شجاع أَردّ الفرسان
الذين لا يردهم إِلاَّ مثلي. ورجل جَهِيرٌ: بَيِّنُ الجُهُورةِ
والجَهَارَة ذو مَنْظر. ابن الأَعرابي: رجل حَسَنُ الجَهارَةِ والجُهْر إِذا كان
ذا منظر؛ قال أَبو النجم:
وأَرَى البياضَ على النِّساءِ جَهارَةً،
والْعِتْقُ أَعْرِفُه على الأَدْماءِ
والأُنثى جَهِيرَةٌ والاسم من كل ذلك الجُهْرُ؛ قال القَطامِي:
شَنِئْتُك إِذْ أَبْصَرْتُ جُهْرَكَ سَيّئاً،
وما غَيَّبَ الأَقْوامُ تابِعَةُ الجُهْر
قال: ما بمعنى الذي: يقول: ما غاب عنك من خُبْرِ الرجل فإِنه تابع
لمنظره، وأََنت تابعة في البيت للمبالغة. وجَهَرتُ الرجل إِذا رأَيت هيئته
وحسن منظره. وجُهْرُ الرجل: هيئته وحسن منظره. وجَهَرَني الشيء
واجْتَهَرَني: راعني جماله. وقال اللحياني: كنتُ إِذا رأَيتُ فلاناً جَهَرْتُه
واجْتَهَرْتُه أَي راعك.
ابن الأَعرابي: أَجْهَرَ الرجلُ جاء ببنين ذوي جَهارَةٍ وهم الحَسَنُو
القُدُود الحَسَنُو المَنْظَرَ. وأَجْهَرَ: جاء بابن أَحْوَلَ. أَبو عمرو:
الأَجْهَرُ الحسنُ المَنظَرِ الحَسنُ الجسمِ التامُّهُ. والأَجْهَرُ:
الأَحولُ المليح الحَوَلَةِ. والأَجْهَرُ: الذي لا يبصر بالنهار، وضده
الأَعشى. وجَهْراءُ القوم: جماعتهم. وقيل لأَعرابي: أَبَنُو جَعْفَرٍ أَشرفُ
أَم بنو أَبي بكر بن كلاب؟ فقال: أَما خَواصَّ رجال فبنو أَبي بكر، وأَما
جَهْرَاءِ الحيِّ فبنو جعفر؛ نصب خواص على حذف الوسيط أَي في خواص رجال
وكذلك جَهْراء، وقيل: نصبهما على التفسير. وجَهَرْتُ فلاناً بما ليس
عنده: وهو أَن يختلف ما ظننت به من الخُلُقِ أَو المال أَو في
مَنْظَرِه.والجَهْراء: الرابية السَّهْلَةُ العريضة. وقال أَبو حنيفة: الجَهْراء
الرابية المِحْلالُ ليست بشديدة الإِشراف وليست برملة ولا قُفٍّ.
والجَهْراء: ما استوى من ظهر الأَرض ليس بها شجر ولا آكام ولا رمال إِنما هي
فضاء، وكذلك العَراءُ. يقال: وَطِئْنا أَعْرِيةً وجَهْراواتٍ؛ قال: وهذا من
كلام ابن شميل.
وفلان جَهِير للمعروفِ أَي خليقٌ له. وهمُ جُهرَاءُ للمعروف أَي
خُلَقَاءُ له، وقيل ذلك لأَن من اجْتَهَره طَمِعَ في معروفه؛ قال
الأَخطل:جُهَراءُ للمعروف حينَ تَراهُمُ،
خُلَقاءُ غَيْرُ تَنابِلٍ أَشْرارِ
وأَمر مُجْهَر أَي واضح بَيِّنٌ. وقد أَجْهَرته أَنا إِجْهاراً أَي
شهَّرْته، فهو مَجْهور به مَشْهور. والمَجْهُورة من الآبار: المعمورة،
عَذْبَةً كانت أَو مِلحة. وجَهَر البئرَ يَجْهَرُها جهراً واجْتَهَرَها: نزحها؛
وأَنشد:
إِذا ورَدْنا آجِناً جَهَرْناهْ،
أَو خالياً من أَهْلِهِ عَمَرْناهْ
أَي من كثرتنا نَزَفْنا البئَار وعَمَرْنا الخرابَ. وحَفَر البئرَ حتى
جَهَر أَي بَلَغ الماءَ، وقيل: جَهَرها أَخرج ما فيها من الحَمْأَةِ
والماء. الجوهري: جَهَرْتُ البئر واجْتَهَرْتُها أَي نَقَّيْتُها وأَخرجتُ ما
فيها من الحمأَة، قال الأَخفش: تقول العرب جَهَرْتُ الرَّكِيَّةَ إِذا
كان ماؤُها قد غُطِّيَ بالطِّين فَنُقِّي ذلك حتى يظهر الماء ويصفو. وفي
حديث عائشة، وَوَصَفَتْ أَباها، رضي الله عنهما، فقالت: اجْتَهَرَ دَفْنَ
الرَّواء؛ الاجْتِهارُ: الاستخراج، تريد أَنه كَسَحَها. يقال: جَهَرْتُ
البئرَ واجْتَهَرْتها إِذا كَسَحْتها إِذا كانت مُنْدَفِنَةً؛ يقال: ركيةٌ
دَفينٌ ورَكايا دُفُنٌ، والرَّواءُ: الماءُ الكثير، وهذا مثل ضربته
عائشة، رضي الله عنها، لإِحكامه الأَمر بعد انتشاره، شبهته برجل أَتى على آبار
مندفنة وقد اندفن ماؤُها، فنزحها وكسحها وأَخرج ما فيها من الدفن حتى
نبع الماء. وفي حديث خيبر: وَجَدَ الناسُ بها بَصَلاً وثُوماً فَجَهَرُوه؛
أَي استخرجوه وأَكلوه. وجَهَرْتُ البئر إِذا كانت مندفنة فأَخرجت ما
فيها. والمَجْهُورُ: الماء الذي كان سُدْماً فاستسقى منه حتى طاب؛ قال أَوسُ
بنُ حَجَرٍ:
قد حَلأَتْ ناقَتِي بَرْدٌ وصِيحَ بها
عن ماءِ بَصْوَةَ يوماً، وهْوَ مَجْهُورُ
وحَفَرُوا بئراً فَأَجْهَرُوا: لم يصيبوا خيراً.
والعينُ الجَهْراءُ: كالجاحظَة؛ رجل أَجْهَرُ وامرأَة جَهْراءُ.
والأَجْهَرُ من الرجال: الذي لا يبصر في الشمس، جَهِرَ جَهَراً، وجَهَرَتْهُ
الشمسُ: أَسْدَرَتْ بَصَرَهُ. وكبشٌ أَجْهَرُ ونَعْجَةٌ جَهْراءُ: وهي التي
لا تبصر في الشمس؛ قال أَبو العيال الهذليُّ يصف مَنيحَةً منحه إِياها
بَدْرُ بنُ عَمَّارٍ الهُذَليُّ:
جَهْراءُ لا تأْلو إِذا هي أَظْهَرَتْ
بَصَراً، ولا مِنْ عَيْلَةٍ تُغْنيني
ها نص ابن سيده وأَورده الأَزهري عن الأَصمعي وما عزاه لأَحد وقال: قال
يصف فرساً يعني الجَهْراءَ؛ وقال أَبو منصور: أُرى هذا البيت لبعض
الهُذَلِيين يصف نعجة؛ قال ابن سيده: وعمَّ به بعضهم. وقال اللحياني: كُلُّ
ضعيف البصر في الشمس أَجْهَرُ؛ وقيل: الأَجهر بالنهار والأَعشى بالليل.
والجُهْرَةُ: الحَوَلَةُ، والأَجْهَرُ: الأَحْوَلُ. رجلٌ أَجْهَرُ وامرأَة
جَهْراءُ، والاسم الجُهْرَةُ؛ أَنشد ثعلب للطرماح:
على جُهْرَةٍ في العينِ وهو خَدوجُ
والمُتَجاهر: الذي يريك أَنه أَجْهَرُ؛ وأَنشد ثعلب:
كالنَّاظِر المُْتَجاهر
وفرس أَجْهَرُ: غَشَّتْ غُرَّتُه وَجْهَه. والجَهْوَرُ: الجَريءُ
المُقْدِمُ الماضي.
وجَهَرْنا الأَرض إِذا سلكناها من غير معرفة. وجَهَرْنا بني فلان أَي
صَبَّحْناهُم على غِرَّةٍ. وحكي الفرّاء: جَهَرْتُ السِّقَاءَ إِذا
مَخَضْته.
ولَبَنٌ جَهِيرٌ: لم يُمْذَقْ بماء. والجَهِيرُ: اللبن الذي أُخرج
زُبْدُه، والثَّمِيرُ: الذي لم يخرج زبده، وهو التَّثْمِير.
ورجل مِجْهَرٌ، بكسر الميم، إِذا كان من عادته أَن يَجْهَر بكلامه.
والمُجاهَرَةُ بالعداوة: المُبادَأَةَ بها.
ابن الأَعرابي: الجَهْرُ قِطْعَةٌ من الدهرِ، والجَهْرُ السَّنَةُ
التامَّةُ؛ قال: وحاكم أَعرابي رجلاً إِلى القاضي فقال: بِعْتُ منه غُنْجُداً
مُذْ جَهْرٍ فغاب عني؛ قال ابن الأَعرابي: مُذْ قِطْعَةٍ من الدهر.
والجَوْهَرُ: معروف، الواحدةُ جَوْهَرَةٌ.
والجَوْهَرُ: كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به.
وجَوْهَرُ كُلِّ شيء: ما خُلِقَتْ عليه جِبِلَّتُه؛ قال ابن سيده: وله
تحديد لا يليق بهذا الكتاب، وقيل: الجوهر فارسي معرّب.
وقد سمَّت أَجْهَرَ وجَهِيراً وجَهْرانَ وجَوْهَراً.
جدف: جَدَفَ الطائِرُ يَجْدِفُ جُدُوفاً إذا كان مَقْصُوصَ الجناحين
فرأَيته إذا طار كأَنه يَرُدُّهما إلى خَلْفه؛ وأَنشد ابن بري للفرزدق:
ولو كنتُ أَخْشى خالداً أَنْ يَرُوعَني،
لَطِرْتُ بوافٍ ريشُه غيرِ جادِفِ
وقيل: هو أَن يَكْسِرَ من جناحه شيئاً ثم يَميلَ عند الفَرَقِ من
الصَّقْر؛ قال:
تُناقِضُ بالأَشْعارِ صَقْراً مُدَرَّباً،
وأَنتَ حُبارَى خِيفَةَ الصَّقْرِ تَجْدِفُ
الكسائي: والمصدرُ من جَدَفَ الطائرُ الجَدْفُ، وجناحا الطائر
مِجْدافاه، ومنه سمي مِجْداف السَّفينة. ومجداف السفينة، بالدال والذال جميعاً،
لغتان فصيحتان. ابن سيده: مِجْداف السفينة خشبة في رأْسها لَوْحٌ عَرِيضٌ
تُدْفَعُ بها، مُشتَقٌ من جَدَفَ الطائرُ، وقد جَدَفَ الـمَلاَّحُ السفينة
يَجْدِفُ جَدْفاً. أَبو عمرو: جَدَف الطائرُ وجَدَفَ الملاَّحُ
بالمِجْدافِ، وهو الـمُرْدِيُّ والمِقْذَفُ والمِقْذافُ. أَبو المِقْدامِ
السُّلَمِيُّ: جَدَفَتِ السماءُ بالثلج وجَذَفَتْ تَجْذِفُ إذا رَمَتْ
به.والأَجْدَفُ: القَصِيرُ؛ وأَنشد:
مُحِبٌّ لِصُغْراها، بَصِيرٌ بنَسْلِها،
حَفِيظٌ لأُخْراها، حُنَيِّفُ أَجْدَفُ
والمِجْدافُ: العُنُق، على التشبيه؛ قال:
بأَتْلَعِ المِجْدافِ ذَيّالِ الذَّنَبْ
والمِجْدافُ: السوطُ، لغة نَجْرانِيَّة؛ عن الأَصمعي؛ قال الـمُثَقِّبُ
العَبْدِيّ:
تَكادُ إن حُرِّكَ مِجْدافُها،
تَنْسَلُّ من مَثْناتِها واليد
(* قوله «واليد» كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في عدة نسخ من الصحاح:
باليد.)
ورجل مَجْدُوفُ اليدِ والقميصِ والإزارِ: قصيرُها؛ قال ساعدةُ بن
جُؤيّةَ:
كحاشِيةِ الـمَجْدُوفِ زَيَّنَ لِيطَها،
من النَّبْعِ، أَزْرٌ حاشِكٌ وكَتُومُ
وجَدَفَتِ المرأَة تَجْدِفُ: مَشَتْ مَشْيَ القِصارِ. وجَدَفَ الرجل في
مَشْيَتِه: أَسْرَعَ، بالدال؛ عن الفارسيّ، فأَما أَبو عبيد فذكرها مع
جَدَفَ الطائرُ وجَدَفَ الإنسانُ فقال في الإنسان: هذه بالذال، وصرح
الفارسي بخلافه كما أَرَيْتك فقال بالدال غير المعجمة. والجَدْفُ: القَطْعُ.
وجدَفَ الشيءَ جَدْفاً: قَطَعَه؛ قال الأَعشى:
قاعداً عندَه النَّدامى، فما يَنْـ
ـفَكُّ يُؤْتى بمُوكَرٍ مَجْدُوفِ
وإنه لَمَجْدُوفٌ
(* قوله «وانه لمجدوف إلخ» كذا بالأصل، وعبارة
القاموس: وانه لمجدّف عليه العيش كمعظم مضيق.) عليه العَيْشُ أَي مُضَيَّقٌ
عليه. الأَزهري في ترجمة جذف قال: والمجذوف الزِّقُّ، وأَنشد بيت الأَعشى
هذا، وقال: ومجدوف، بالجيم وبالدال وبالذال، قال: ومعناهما الـمَقْطُوعُ،
قال: ورواه أَبو عبيد مَنْدُوف، قال: وأَما محذوف فما رواه غير الليث.
والتَّجديفُ: هو الكُفْرُ بالنِّعم. يقال منه: جَدَّفَ يُجَدِّفُ
تَجْدِيفاً. وجَدَّفَ الرجلُ بنعمة اللّه: كفَرها ولم يَقْنَعْ بها. وفي
الحديث: شَرُّ الحديثِ التَّجْديفُ، قال أَبو عبيد: يعني كفر النِّعْمة
واسْتِقلال ما أَنعم اللّه عليك؛ وأَنشد:
ولكِنِّي صَبَرْتُ، ولم أُجَدِّفْ،
وكان الصَّبْرُ غاية أَوَّلينا
وفي الحديث: لا تُجَدِّفوا بنِعْمة اللّه أَي لا تَكْفُروها
وتَسْتَقِلُّوها.
والجَدَفُ: القَبْرُ، والجمع أَجْدافٌ، وكرهها بعضهم وقال: لا جمع
للجَدَفِ لأَنه قد ضَعُفَ بالإبْدال فلم يتصرّف. الجوهري: الجَدَفُ القبر وهو
إبدال الجَدَثِ والعرب تُعَقِّبُ بين الفاء والثاء في اللغة فيقولون
جَدَثٌ وجَدَفٌ، وهي الأَجداثُ والأَجْدافُ. والجَدَفُ من الشَّراب: ما لم
يُغَطَّ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، حين سأَل الرجل الذي كان الجنُّ
اسْتَهْوَتْه: ما كان طَعامُهم؟ قال: الفُولُ، وما لم يُذْكَر اسْمُ اللّه
عليه، قال: فما كان شَرابُهم؟ قال: الجَدَفُ، وتفسيره في الحديث أَنه ما
لا يُغَطَّى من الشراب؛ قال أَبو عمرو: الجدَف لم أَسمعه إلا في هذا
الحديث وما جاء إلا وله أَصل، ولكن ذهب من كان يعرفه ويتكلم به كما قد ذهب من
كلامهم شيء كثير. وقال بعضهم: الجَدَفُ من الجَدْف وهو القَطْع كأَنه
أَراد ما يُرْمى به من الشراب من زَبَد أَو رَغْوة أَو قَذًى كأَنه قُطِعَ
من الشراب فَرُمِيَ به؛ قال ابن الأَثير: كذا حكاه الهرويّ عن القتيبي
والذي جاء في صحاح الجوهري أَن القَطْع هو الجَذْفُ، بالذال المعجمة، ولم
يذكره في المهملة، وأَثبته الأَزهري فيهما وقد فُسِّرَ أَيضاً بالنبات الذي
يكون باليمن لا يحتاج آكله إلى شُرْب ماء. ابن سيده: الجدَفُ نبات يكون
باليمن تأْكله الإبل فتَجْزَأُ به عن الماء، وقال كراع: لا يُحْتاج مع
أَكله إلى شرب ماء؛ قال ابن بري: وعليه قول جرير:
كانُوا إذا جعَلوا في صِيرِهِم بَصَلاً،
ثم اشْتَوَوْا كَنْعَداً من مالِحٍ، جَدَفُوا
والجُدافى، مقصور: الغنيمة. أَبو عمرو: الجَدافاةُ الغنيمة؛ وأَنشد:
قَدْ أَتانا رامِعاً قِبِّراهْ،
لا يَعْرِفُ الحَقَّ وليْس يَهْواهْ،
كان لَنا، لَـمَّا أَتَى، جَدافاهْ
(* قوله «قد أتانا» كذا في الأصل وشرح القاموس بدون حرف قبل قد، وقوله
كان لنا إلخ بهامش الأصل صوابه: فكان لما جاءنا جدافاه.)
ابن الأَعرابي: الجَدافاءُ والغُنامى والغُنْمى والهُبالةُ والابالة
والحُواسةُ والحُباسةُ.
كيف: كيَّفَ الأَدِيم: قَطَّعه، والكِيفةُ: القِطْعة منه؛ كلاهما عن
اللحياني. ويقال للخِرْقة التي يُرْقَع بها ذَيْل القميص القُدَّامُ: كِيفة،
والذي يرقع بها ذيل القميص الخَلفُ: حيفةٌ.
وكيْفَ: اسم معناه الاستفهام؛ قال اللحياني: هي مؤنثة وإن ذكِّرت جاز،
فأَما قولهم: كَيَّف الشيءَ فكلام مولّد. الأَزهري: كيفَ حرف أَداة ونصْبُ
الفاء فراراً به من الياء الساكنة فيها لئلا يلتقي ساكنان. وقال الزجاج
في قول اللّه تعالى: كيف تكفرون باللّه وكنتم أَمواتاً(الآية): تأَويل
كيف استفهام في معنى التعجب، وهذا التعجب إنما هو للخلق والمؤمنين أَي
اعجَبوا من هؤلاء كيف يكفرون وقد ثبتت حجة اللّه عليهم، وقال في مصدر كيف:
الكَيْفِيَّة. الجوهري: كيف اسم مبهم غير متمكن وإنما حرك آخره لالتقاء
الساكنين، وبني على الفتح دون الكسر لمكان الياء وهو للاستفهام عن الأَحوال،
وقد يقع بمعنى التعجب، وإذا ضممت إليه ما صح أَن يجازي به تقول:
كَيْفَما تَفْعَلْ أَفْعَلْ؛ قال ابن بري: في هذا المكان لا يجازى بكيفَ ولا
بكيفما عند البصريين، ومن الكوفيين من يُجازي بكيفما.
برق: قال ابن عباس: البَرْقُ سَوط من نور يَزجرُ به الملَكُ السحاب.
والبَرْقُ: واحد بُروق السحاب. والبَرقُ الذي يَلمع في الغيم، وجمعه بُروق.
وبرَقت السماء تَبْرُق بَرْقاً وأَبْرَقتْ: جاءَت بِبَرق. والبُرْقةُ:
المِقْدار من البَرْق، وقرئ: يكاد سنَا بُرَقِه، فهذا لا محالة جمع
بُرْقة. ومرت بنا الليلةَ سحابة برّاقة وبارقةٌ أَي سحابة ذات بَرْق؛ عن
اللحياني. وأَبْرَق القوم: دخلوا في البَرْق، وأَبرقُوا البرْق: رأَوْه؛ قال
طُفَيْل:
ظعائن أَبْرَقْنَ الخَرِيفَ وشِمْنَه،
وخِفْنَ الهُمامَ أَن تُقاد قَنَابِلُهْ
قال الفارسي: أَراد أَبْرَقْن بَرْقه. ويقال: أَبرقَ الرجل إذا أَمَّ
البرقَ أَي قصَده. والبارِقُ: سحاب ذو بَرْق. والسحابة بارقةٌ، وسحابةٌ
بارقة: ذات بَرق. ويقال: ما فعلت البارقة التي رأَيتَها البارحة؟ يعني
السحابة التي يكون فيها بَرق؛ عن الأَصمعي. بَرَقَت السماء ورعَدَت بَرَقاناً
أَي لَمَعَت. وبرَق الرَّجل ورعَد يرعُد إذا تهدّد؛ قال ابن أَحمر:
يا جَلَّ ما بَعُدَتْ عليكَ بِلادُنا
وطِلابُنا، فابْرُقْ بأَرْضِكَ وارْعُدِ
وبرَق الرجل وأبرَق: تهدَّد وأَوْعد، وهو من ذلك، كأَنه أَراه
مَخِيلةَ الأَذى كما يُري البرقُ مخيلةَ المطَر؛ قال ذو الرمة:
إذا خَشِيَتْ منه الصَّرِيمة، أَبرَقَتْ
له بَرْقةً من خُلَّبٍ غير ماطِرِ
جاء بالمصدر على برَقَ لإن أَبْرَقَ وبرَق سواء، وكان الأَصمعي ينكر
أَبْرق وأَرعد ولم يك يرى ذا الرُّمة حُجةً؛ وكذلك أَنشد بيت الكميت:
أَبْرِقْ وأَرْعِد يا يزيـ
ـدُ، فما وَعِيدُك لي بِضائرْ
فقال: هو جُرْمُقانِيّ. الليث: البَرق دخِيل في العربية وقد استعملوه،
وجمعه البِرْقان. وأَرْعَدْنا وأَبْرَقْنا بمكان كذا وكذا أَي رأَينا
البرق والرعد. ويقال: برْق الخُلَّبِ وبرقُ خُلَّبٍ، بالإضافة، وبرقٌ خُلَّبٌ
بالصفة، وهو الذي ليس فيه مطر. وأَرعَد القومُ وأَبرَقُوا أَي أَصابهم
رَعْد وبَرق. واستَبْرَقَ المكانُ إذا لَمَع بالبرق؛ قال الشاعر:
يَسْتَبْرِقُ الأُفُقُ الأَقصَى، إذا ابْتَسَمَتْ،
لَمْعَ السُّيُوفِ، سِوَى أَغْمادِها، القُضُبِ
وفي صفة أَبي إدريسَ: دخلْت مسجد دِمَشْقَ فإذا فتى بَرّاقُ الثنايا؛
وصَف ثناياه بالحُسن والضِّياء
(*قوله «والضياء» الذي في النهاية: والصفاء)
وأنها تَلْمَع إذا تبسَّم كالبرق، أَراد صفة وجهه بالبِشْر والطَّلاقة؛
ومنه الحديث: تَبْرقُ أَساريرُ وجههِ أَي تلمع وتَسْتَنِيرُ كالبَرْق.
بَرق السيفُ وغيره يَبْرُق بَرْقاً وبَرِيقاً وبرُوقاً وبَرَقاناً: لمَع
وتَلأْلأَ، والاسم البَريق. وسيفٌ إبْريق: كثير اللَّمَعان والماء؛ قال ابن
أَحمر:
تَعَلَّق إبْرِيقاً، وأَظهر جَعْبةً
ليُهْلِكَ حَيّاً ذا زُهاء وجامِلِ
والإبْريقُ: السيفُ الشديدُ البَرِيق؛ عن كراع، قال: سمي به لفعله،
وأَنشد البيت المتقدم؛ وقال بعضهم: الإبريق السيف ههنا، سمي به لبَرِيقِه ،
وقال غيره: الإبريق ههنا قَوْس فيه تَلامِيعُ. وجاريةٌ إبريقٌ: برّاقة
الجسم. والبارِقةُ: السيوفُ على التشبيه بها لبياضها. ورأَيت البارِقةَ أي
بريقَ السلاح؛ عن اللحياني. وفي الحديث: كفى ببارقة السيوف على رأْسه
فتنةً أي لَمَعانِها. وفي حديث عَمّار، رضي الله عنه: الجنةُ تحت البارقة أي
تحت السيوف. يقال للسلاح إذا رأيت برِيقَه: رأيتُ البارقة. وأبرَق الرجل
إذا لمع بسيفه وبَرق به أيضاً، وأبرَق بسيفه يُبْرق إذا لمع به. ولا
أَفعله ما برَق في السماء نجم أَي ما طلع، عنه أَيضاً، وكله من البرق.
والبُراق: دابّة يركبها الأَنبياء، عليهم السلام، مشتقة من البَرْق،
وقيل: البراق فرس جبريل، صلى الله على نبينا وعليه وسلم. الجوهري: البراق
اسم دابة ركبها سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليلة المِعْراج،
وذُكر في الحديث قال: وهو الدابة التي ركبها ليلة الإسْراء؛ سمي بذلك لنُصوع
لونه وشدَّة بريقه، وقيل: لسُرعة حركته شبهه فيها بالبَرْق.
وشيءٌ برّاقٌ: ذو بَرِيق. والبُرقانة: دُفْعة
(*قوله «والبرقانة دفعة»
ضبطت في الأصل الباء بالضم.) البريق. ورجل بُرْقانٌ: بَرَّاقُ البدن.
وبرَّقَ بصَرَه: لأْلأَ به. الليث: برَّق فلان بعينيه تَبْريقاً إذا لأْلأَ
بهما من شدَّة النظر؛ وأَنشد:
وطَفِقَتْ بعَيْنِها تَبْريقا
نحوَ الأَميرِ، تَبْتَغي تَطْليقا
وبرَّقَ عينيه تبريقاً إذا أَوسَعَهما وأَحدَّ النظر. وبرَّق: لوَّح
بشيء ليس له مِصْداق، تقول العرب: برَّقْت وعرَّقْت؛ عرَّقْتُ أَي قلَّلت.
وعَمِل رجل عَمَلاً فقال له صاحبه: عرَّفْتَ وبرَّقت لوَّحتَ بشيء ليس له
مِصداق. وبَرِقَ بصرُه بَرَقاً وبرَق يبرُق بُرُوقاً؛ الأَخيرة عن
اللحياني: دَهِشَ فلم يبصر، وقيل: تحيَّر فلم يَطْرِفْ؛ قال ذو الرمة:
ولو أنَّ لُقمانَ الحَكيمَ تَعَرَّضَتْ
لعَينيْهِ مَيٌّ سافِراً، كادَ يَبْرَقُ
وفي التنزيل: فإذا بَرِقَ البصر، وبَرَقَ، قُرئ بهما جميعاً؛ قال
الفراء: قرأَ عاصم وأَهل المدينة برِق، بكسر الراء، وقرأَها نافع وحده برَق،
بفتح الراء، من البَريق أَي شخَص، ومن قرأَ بَرِقَ فمعناه فَزِع؛ وأَنشد
قول طرَفة:
فنَفْسَكَ فانْعَ ولا تَنْعَني،
وداوِ الكُلومَ ولا تَبْرَقِ
يقول: لا تَفزَعْ من هَوْل الجِراح التي بك، قال: ومن قرأَ بَرَق يقول
فتح عينيه من الفزَع، وبرَقَ بصرُه أيضاً كذلك.
وأَبرَقَه الفزَعُ. والبَرَقُ أيضاً: الفزع. ورجل بَرُوقٌ: جَبان. ثعلب
عن ابن الأَعرابي: البُرْقُ الضِّبابُ، والبُرْقُ العين المُنْفتحة. وفي
حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: لكل داخل بَرْقة أَي دَهْشة، والبَرَقُ:
الدهِشُ. وفي حديث عَمرو: أَنه كتب إلى عمر، رضي الله عنهما: إنَّ البحر
خَلْق عظيم يَرْكبه خَلق ضَعيف دُود على عُود بين غرَق وبَرَق؛ البَرَقُ،
بالتحريك: الحَيْرة والدهَش. وفي حديث الدعاء: إذا برقت الأَبصار، يجوز
كسر الراء وفتحها، فالكسر بمعنى الحَيْرة، والفتح بمعنى البريق اللُّموع.
وفي حديث وَحْشِيّ: فاحتمله حتى إذا برِقَت قدماه رمَى به أَي ضَعُفتا
وهو من قولهم برَق بصره أَي ضعف.
وناقة بارق: تَشَذَّرُ بذنبها من غير لقَح؛ عن ابن الأَعرابي. وأَبرَقَت
الناقةُ بذَنبها، وهي مُبرِق وبَرُوقٌ؛ الأَخيرة شاذة: شالت به عند
اللَّقاح، وبرَقت أَيضاً، ونُوق مَبارِيقُ؛ وقال اللحياني: هو إذا شالَت
بذنبها وتلقَّحت وليست بلاقح. وتقول العرب: دَعْني من تَكْذابِك وتأْثامك
شَوَلانَ البَرُوق؛ نصب شولان على المصدر أَي أَنك بمنزلة الناقة التي
تُبْرِق بذنبها اي تشولُ به فتوهمك أَنها لاقح، وهي غير لاقح، وجمع البَرُوق
بُرْقٌ. وقول ابن الأَعرابي، وقد ذكر شهرَزُورَ: قبّحها الله إنّ رجالها
لنُزْق وإنَّ عقاربها لبُرْق أَي أَنها تشول بأَذنابها كما تشول الناقة
البَروق. وأَبرقت المرأَة بوجهها وسائر جسمها وبرَقت؛ الأَخيرة
(*قوله
«الاخيرة إلخ» ضبطت في الأصل بتخفيف الراء، ونسب في شرح القاموس برّقت
مشددة للحياني.) عن اللحياني، وبرَّقَت إذا تعرَّضت وتحسَّنت، وقيل:
أَظْهرته على عَمْد؛ قال رؤبة:
يَخْدَعْنَ بالتبْريق والتأَنُّث
وامرأَة برَّاقة وإبْريق: تفعل ذلك. اللحياني: امرأَة إبريق إذا كانت
برَّاقة. ورعَدت المرأَة وبرَقَت أَي تزيَّنت.
والبُرْقانةُ: الجَرادة المتلوّنة، وجمعها بُرْقانٌ.
والبُرْقةُ والبَرْقاء: أَرض غليظة مختلطة بحجارة ورمل، وجمعها بُرَقٌ
وبِراقٌ، شبهوه بِصِحاف لأَنه قد استعمل استعمال الأَسماء، فإذا اتسعت
البُرقة فهي الأَبْرَقُ، وجمعه أَبارق، كسِّر تكسير الأَسماء لغلبته.
الأَصمعي: الأَبْرقُ والبَرْقاء غِلَظ فيه حجارة ورمل وطين مختلطة، وكذلك
البُرْقة، وجمع البَرقاء بَرْقاوات، وتجمع البُرقة بِراقاً. ويقال: قُنْفُذُ
بُرْقةٍ كما يقال ضَبُّ كُدْية، والجمع بُرَقٌ.
وتَيْسٌ أَبرقُ: فيه سواد وبياض. قال اللحياني: من الغنم أَبرق وبَرقاء
للأُنثى، وهو من الدوابّ أَبلَق وبَلْقاء، ومن الكلاب أَبقَع وبَقْعاء.
وفي الحديث: أَبْرِقُوا فإنَّ دمَ عَفْراء أَزكى عند الله من دم
سَوْداوين، أَي ضَحُّوا بالبرقاء، وهي الشاة التي في خِلال صوفها الأَبيض طاقات
سود، وقيل: معناه اطلُبوا الدَّسَمَ والسِّمَن، من بَرَقْت له إذا دسَّمْتَ
طعامه بالسمْن. وجبَل أَبرقُ: فيه لونانِ من سواد وبياض، ويقال للجبَل
أَبرقُ لبُرْقة الرمل الذي تحته. ابن الأَعرابي: الأَبرقُ الجبل مخلوطاً
برمل، وهي البُرْقةُ ذاتُ حجارة وتراب، وحجارتها الغالب عليها البياض
وفيها حجارة حُمر وسود، والترابُ أَبيض وأَعْفر وهو يَبْرُقُ لك بلوْن
حجارتها وترابها، وإنما بَرْقُها اختلافُ ألوانها، وتُنْبِت أَسنادُها وظهرُها
البقْلَ والشجر نباتاً كثيراً يكون إلى جنبها الرَّوضُ أحياناً؛ ويقال
للعين بَرْقاء لسواد الحَدقة مع بياض الشحْمة؛ وقول الشاعر:
بمُنْحَدِرٍ من رأْسِ بَرْقاءَ، حَطَّه
تذَكُّرُ بَيْنٍ من حَبِيبٍ مُزايِلِ
(*قوله «تذكر» في الصحاح: مخافة).
يعني دَمْعاً انحدَرَ من العين، وفي المحكم: أَراد العين لاختلاطها
بلونين من سواد وبياض. ورَوْضة بَرْقاء: فيها لونان من النبْت؛ أَنشد
ثعلب:لدى رَوْضةٍ قَرْحاءَ بَرْقاء جادَها،
من الدَّلْوِ والوَسْمِيِّ، طَلٌّ وهاضِبُ
ويقال للجراد إذا كان فيه بياض وسواد: بُرْقانٌ؛ وكلُّ شيء اجتمع فيه
سواد وبياض، فهو أَبْرق. قال ابن برّي: ويقال للجَنادِب البُرْقُ؛ قال
طَهْمان الكلابي:
قَطَعْت، وحِرْباء الضُّحى مُتَشَوِّسٌ،
ولِلْبُرْقِ يَرْمَحْنَ المِتانَ نَقِيقُ
والنَّقِيق: الصَّرِير. أبو زيد: إذا أَدَمْتَ الطعام بدَسَم قليل قلت
بَرَقْتُه أَبْرُقُه بَرْقاً. والبُرْقةُ: قِلَّة الدسَم في الطعام.
وبَرَقَ الأُدْمَ بالزيت والدسَم يَبْرُقُه بَرْقاً وبُروقاً: جعل فيه شيئاً
يسيراً، وهي البَريقة، وجمعها بَرائقُ، وكذلك التبارِيقُ. وبرَق الطعامَ
يبرُقه إذا صب فيه الزيت.
والبَريقةُ: طعام فيه لبن وماء يُبْرَقُ بالسمْن والإهالةِ؛ ابن السكيت
عن أَبي صاعد: البَرِيقةُ وجمعها بَرائقُ وهي اللبن يُصَبُّ عليه إهالةٌ
أو سمن قليل. ويقال: ابْرُقوا الماء بزيت أي صبُّوا عليه زيتاً قليلاً.
وقد بَرَقُوا لنا طعاماً بزيت أو سمْن برْقاً: وهو شيء منه قليل لم
يُسَغْسِغُوه أَي لم يُكثروا دُهْنه. المُؤرِّج: بَرَّق فلان تبريقاً إذا سافر
سفراً بعيداً، وبَرَّقَ منزله أي زَيَّنه وزَوَّقَه، وبرَّقَ فلان في
المعاصي إذا أَلَحَّ فيها، وبَرَّق لي الأَمْرُ أي أعْيا علَيَّ. وبَرَق
السِّقاءُ يَبْرُق بَرْقاً وبُروقاً: أصابه حرٌّ فذابَ زُبْده وتقطَّع فلم
يجتمع. يقال: سِقاء بَرِقٌ.
والبُرَقِيُّ: الطُّفَيْلِيُّ، حجازيَّة.
والبَرَقُ: الحَمَلُ، فارسيّ معرّب، وجمعه أبْراقٌ وبِرْقانٌ وبُرقان.
وفي حديث الدجال: أن صاحِبَ رايتِه في عَجْب ذَنبه مثل أَلْيةِ البَرَقِ
وفيه هُلْباتٌ كهُلْبات الفرس؛ البرق، بفتح الباء والراء: الحمَل، وهو
تعريب بَرَهْ بالفارسية. وفي حديث قتادة: تسُوقُهم النارُ سَوقَ البَرَقِ
الكَسِير أي المكسور القَوائم يعني تسوقهم النار سَوْقاً رَفِيقاً كما
يُساق الحَمَل الظالع.
والإبْرِيقُ: إناء، وجمعه أبارِيقُ، فارسي معرب؛ قال ابن بري: شاهده قول
عديّ بن زيد:
ودَعا بالصَّبُوحِ، يوماً، فجاءَتْ
قَيْنةٌ في يَمينِها إبْرِيقُ
وقال كراع: هو الكُوز. وقال أبو حنيفة مرة: هو الكوز، وقال مرة: هو مثل
الكوز وهو في كل ذلك فارسي. وفي التنزيل: يَطُوف عليهم وِلدان مُخلَّدون
بأَكْواب وأَبارِيقَ؛ وأَنشد أبو حنيفة لشُبْرُمةَ الضَّبِّي:
كأَنَّ أَبارِيقَ الشَّمُولِ عَشِيّةً
إوَزٌّ بأَعْلى الطَّفِّ، عُوجُ الحناجِرِ
والعرب تشبه أبارِيقَ الخمر برقاب طير الماء؛ قال أبو الهِنْدِيّ:
مُفَدَّمة قَزّاً، كأنَّ رِقابَها
رِقابُ بناتِ الماء أَفْزَعَها الرَّعْد
وقال عدي بن زيد:
بأَبارِيقَ شِبْهِ أَعْناقِ طَيْرِ الـ
ـماءِ قد جِيبَ، فوْقَهُنَّ، حَنِيفُ
ويشبهون الإبْرِيق أيضاً بالظبي؛ قال عَلْقَمةُ بن عَبْدة:
كأَنَّ إبْرِيقَهم ظبيٌ على شَرَفٍ،
مُفَدَّمٌ بِسَبا الكَتّانِ مَلْثُومُ
وقال آخر
كأنَّ أبارِيقَ المُدامِ لدَيْهِمُ
ظِباء، بأعْلى الرَّقْمَتَيْنِ، قِيامُ
وشبّه بعضُ بني أسد أُذن الكُوز بياء حطِّي؛ فقال أبو الهندي
اليَرْبوعِيّ:
وصُبِّي في أُبَيْرِقٍ مَلِيحٍ،
كأنَّ الأُذْن منه رَجْعُ حُطِّي
والبَرْوَقُ: ما يكْسُو الأَرض من أَوّل خُضْرة النبات، وقيل: هو نبت
معروف؛ قال أبو حنيفة: البَرْوَقُ شجر ضعيف له ثمر حبٌّ أسود صغار، قال:
أَخبرني أَعرابي قال: البَرْوَقُ نبت ضعيف رَيّانُ له خِطَرةٌ دِقاقٌ، في
رُؤوسِها قَماعِيلُ صِغار مثل الحِمَّص، فيها حبّ أسود ولا يرعاها شيء ولا
تؤكل وحدها لأَنها تُورِث التَّهَبُّجَ؛ وقال بعضهم: هي بقلة سَوْء
تَنْبُت في أوّل البقل لها قَصبة مثل السِّياط وثمرة سَوْداء، واحدته
بَرْوَقة. وتقول العرب: هو أشكَرُ من بَرْوقٍ، وذلك أنه يَعِيشُ بأدْنى ندَّى
يقع من السماء، وقيل: لأَنه يخضرّ إذا رأى السحاب. وبَرِقَت الإبل والغنم،
بالكسر، تَبْرَق بَرَقاً إذا اشْتَكت بُطونها من أكل البَرْوَق؛ ويقال
أيضاً: أضْعفُ من بَرْوقةٍ؛ قال جرير:
كأَنَّ سُيوفَ التَّيْمِ عيدانُ بَرْوَقٍ،
إذا نُضِيَت عنها لحَرْبٍ جُفُونُها
وبارِقٌ وبُرَيْرِقٌ وبُرَيْقٌ وبُرْقان وبَرّاقة: أَسماء. وبنو
أبارِقَ: قبيلة. وبارِقٌ: موضع إليه تُنسب الصِّحافُ البارقية؛ قال أبو
ذؤيب:فما إنْ هُما في صَحْفةٍ بارِقِيّةٍ
جَديدٍ، أُمِرَّتْ بالقَدُومِ وبالصَّقْلِ
أَراد وبالمِصْقلة، ولولا ذلك ما عطَف العرَض على الجَوْهَر. وبِراقٌ:
ماء بالشام؛ قال:
فأَحْمَى رأْسَه بِصَعيدِ عَكٍّ،
وسائرَ خَلْقِه بَجبا بِراقِ
وبارق: قبيلة من اليمن منهم مُعَقَّر بن حِمار البارِقي الشاعر.
وبارِقٌ: موضع قريب من الكوفة؛ ومنه قول أسْود بن يَعْفُرَ:
أرضُ الخَوَرْنَقِ والسَّديرِ وبارِقٍ،
والقَصْرِ ذي الشُّرفاتِ من سِنْدادِ
قال ابن بري: الذي في شعر الأَسود: أَهلِ الخورنق بالخفض؛ وقبله:
ماذا أُؤمِّلُ بعدَ آلِ مُحَرِّقٍ،
تركوا مَنازِلَهم، وبعدَ إيادِ؟
أهلِ الخورنق ... البيت، وخفضُه على البدل من آل، وإن صحت الرواية بأَرض
فينبغي أن تكون منصوبة بدلاً من منازِلَهم. وتُبارِقُ: اسم موضع أيضاً؛
عن أبي عمرو؛ وقال عِمْران بن حِطَّانَ:
عَفا كَنَفا حَوْرانَ من أُمِّ مَعْفَسٍ،
وأقْفَر منها تُسْتَرٌ وتُبارِقُ
(*قوله «حوران» كذا هو في الأصل وشرح
القاموس بالراء، وهي من أعمال دمشق الشام، وحوران ايضاً: ماء بنجد، وأما
حوزان، بالزاي: فناحية من نواحي مرو الروذ من نواحي خراسان، أفاده ياقوت
ولعلها أنسب لقوله تستر).
وبُرْقة: موضع. وفي الحديث ذكر بُرْقةَ، وهو بضم الباء وسكون الراء،
موضع بالمدينة به مال كانت صدَقاتُ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
منها. وذكر الجوهري هنا: الإسْتبرقُ الدّيباجُ الغليظُ، فارسي معرَّب،
وتصغيره أُبَيْرِق.
برزق: البَرازِيقُ: الجماعات، وفي المحكم: جَماعاتُ الناس، وقيل: جماعات
الخيل، وقيل: هم الفُرسان، واحدهم بِرْزِيق، فارسي معرَّب، وقد تحذف
الياء في الجمع؛ قال عُمارة:
أَرْض بها الثِّيرانُ كالبَرازِقِ،
كأَنما يَمْشِينَ في اليَلامِقِ
وفي الحديث: لا تَقوم الساعة حتى يكون الناسُ بَرازِيقَ يعني جماعاتٍ،
ويروى بَرازِقَ، واحده بِرْزاق وبَرْزَقٌ. وفي حديث زياد: ألم تكن منكم
نُهاةٌ يمنعون الناسَ عن كذا وكذا وهذه البَرازِيق؛ وقال جُهَيْنة بن
جُنْدَب بن العَنْبر بن عمرو بن تميم:
رَدَدْنا جَمْعَ سابُورٍ، وأَنتم
بِمَهْواةٍ، مَتالِفُها كثيرُ
تَظَلُّ جِيادنا مُتَمَطِّراتٍ
بَرازِيقاً، تُصَبِّحُ أو تُغِيرُ
يعني جماعات الخيل. وقال زياد: ما هذه البَرازِيقُ التي تتردّد؟
وتَبَرْزَق القومُ: اجتمعوا بلا خيل ولا رِكاب؛ عن الهَجَرِيّ.
والبَرْزَق: نبات؛ قال أبو منصور: هذا منكر وأراه بَرْوقٌ فغُيِّر.
مضغ: مَضَغَ يَمْضَغُ ويَمْضُغُ مَضْغاً: لاكَ. وأَمْضَغَه الشيءَ
ومَضَّغَه: أَلاكَه إِياه؛ قال:
أُمْضِغُ مَن شاحَنَ عُوداً مُرّا
شاحَن: عادَى؛ وقال:
هاعٍ يُمَضِّغُني ، ويُصْبِحُ سادِراً ،
سلكاً بِلَحْمِي ، ذِئْبُه لا يَشْبَعُ
ومَضَغَ الطعامَ يَمْضَغه مَضْغاً.
والمَضاغ، بالفتح: ما يُمْضَغُ، وفي التهذيب: كلُّ طعام يُمْضَغ. وما
ذُقْتُ مَضاغاً ولا لَواكاً أَي ما ذُقتُ ما يُمْضَغ. ويقال:ما عندنا
مَضاغٌ، وهذه كِسرة لَيِّنة المَضاغِ. وفي حديث أَبي هريرة: أَكلَ حَشَفةً من
تمراتٍ قال: فكانت أَعْجَبَهُنّ إِليَّ لأَنها شَدَّتْ في مَضاغي؛
المضاغ، بالفتح: الطعام يُمْضَغُ، وقيل: هو المَضْغُ نفسُه. يقال: لُقمةٌ
ليِّنةُ المضاغ وشديدة المَضاغِ، أَراد أَنها كان فيها فوِّة عند
مَضْغِها.وكَلأٌ مَضِغٌ: بَلَغ أَن تمَضَغَه الرّاعِيةُ؛ ومنه قول أَبي فَقْعَسٍ
في صفة الكلإِ: خَضِعٌ مَضِع ضافٍ رَتِع؛ أَراد مَضِغ فحوَّل الغين عيناً
لِما قبله من خَضِع ولما بعده من رَتِع.
والمُضاغةُ، بالضم: ما مُضِغَ. والمُضاغةُ: ما يَبْقى في الفَم من آخر
ما مَضَغْتَه.
والمَواضِغُ: الأَضْراسُ لمَضْغِها، صفة غالبة.
والماضِغانِ والماضِغتانِ والمَضِيغتان: الحَنَكانِ لمضْغِهما
المأْكولَ، وقيل: هما رُوذا الحَنَكَيْن
(* قوله «روذا الحنكين» كذا بالأصل،
ولعلهما رؤدا اللحيين بالهمز، ففي مادة رأد من اللسان: والرأد والرؤد أيضاَ
رأد اللحي وهو اصل اللحي التاتئ تحت الاذن، وقيل أَصل الاضراس في اللحي،
وقيل الرأدان طرفا اللحيين الدقيقان اللذان في اعلاهما.) لذلك، وقيل: هما
عِرْقان في اللِّحْيَين، وقيل: هما أَصْلا اللَّحْيَين عند مَنْبِت
الأَضراس بِحياله، وقيل:هما ما شَخَصَ عند المَضْغِ.
والمَضِيغةُ: كل عَصبةٍ ذاتِ لحْم، فإِما أَن تكون مما يُمْضَغُ، وإِما
أَن تشبه بذلك إن كان مما لا يؤكل. والمَضِيغَةُ: لحم باطِن العَضُد،
لذلك أَيضاً. وقال ابن شميل: كل لحم على عظم مَضِيغةٌ، والجمع مَضِيغٌ
ومَضائِغُ. وقال الليث: كل لحمَة يَفْصِلُ بينها وبين غيرها عِرْقٌ فهي
مَضِيغةٌ، قال: واللِّهْزِمةُ مَضِيغةٌ والعَضَلةُ مَضِيغة. والمَضائِغ من
وَظيفَي الفرس: رؤوسُ الشّظايتين
(* قوله «الشظايتي» كذا بالأصل، والذي في
القاموس: الشظئ عظيم لازق بالركبة أَو بالذراع أو بالوظيف أو عصب صفار
فيه.) لأَن آكِلَها من الوحش يَمْضَغُها، وقد تكون على التشبيه كما تقدم
لمَكان المضغ أَيضاً. والمَضِغة: ما بُلَّ وشُدَّ على طرَف سِيةِ القَوْسِ من
العَقَب لأَنه يُمْضَغُ، وقيل: هي العَقَبةُ التي على طرَف السِّيةِ.
الأَصمعي: المَضائِغُ العَقَباتُ اللَّواتي على طرَفِ السِّيَتَيْن.
والمُضْغةُ: القِطْعةُ من اللَّحم لمكان المضغ أَيضاً. التهذيب: المُضْغة قِطعة
لحم، وقيل: تكون المُضغة غيرَ اللحم. يقال: أَطْيَبُ مُضْغةٍ أَكَلَها
الناسُ صَيْحانِيّةٌ مَصْلِيَّةٌ. وقال خالد بن جَنْبةَ: المُضْغةُ من
اللحمَ قدْرُ ما يُلْقي الإِنسانُ في فيه، ومنه قيل: في الإِنسان مُضغتانِ
إِذا صَلَحَتا صَلَحَ البَدَنُ: القلْبُ واللِّسانُ، والجمع مُضَغٌ، وقلْب
الإِنسان مُضْغة من جسَده. التهذيب: إِذا صارت العَلَقة التي خُلِقَ
منها الإِنسان لَحْمة فهي مُضغة. وفي الحديث: إن خلق أَحدكم يجمع في بطن
أُمه أَربعين يوماً نطفة ثم أَربعين يوماً عَلَقَة ثم أَربعين يوماً مضغة ثم
يبعث الله إليه الملَك. وفي الحديث: إن في ابن آدم مُضْغةً إِذا صَلَحَت
صلَحَ الجسدُ كله، يعني القَلْبَ لأَنه قِطْعةُ لحم من الجسد.
والمَضَّاغةُ: الأَحْمَقُ.
والمُضَغُ من الجِراحِ: صِغارُها، وقول عمر، رضي الله عنه: إنّا لا
نتَعاقَلُ المُضَغَ بَيْنَنا، أَراد الجراحات، والمُضَغُ جمع مُضْغةٍ، وهي
القطْعة من اللحم قدر ما يُمْضَغُ وسمّاها مُضَغاً على التشبيه بمُضْغةِ
الإِنسان في خلْقه، يَذْهبُ بذلك إلى تَصْغيرها وتَقْليلها. والمُضَغُ: ما
ليس له أَرْشٌ مُقَدَّرٌ معلوم من الجِراحِ والشِّجاج، شُبِّهَت بمُضْغةِ
الخَلْقِ قبل نَفْث الرُّوحِ، وبالمُضْغةِ الواحدة شُبِّهت اللُّقْمة
تُمْضَغُ، وقيل: شبهها بالمضغة من اللحم لقلتها في جنب ما عَظُمَ من
الجِناياتِ. وقال أَحمد لإِسحق: ما الذي لا تَعْقِلُ العاقِلةُ؟ قال: ما دون
الثلُث؛ وقال ابن راهويه: لا تَعْقِلُ العاقلةُ ما دُونَ المُوضِحةِ إنما
فيها حُكومةٌ، وتَحْمِلُ العاقِلةُ المُوضِحةَ فما فوقَها، وقالا معاً: لا
تعقل المرأَة والصبي مع العاقلة.
وأَمْضَغَ التمرُ: حان أَن يُمْضَغَ. وتْمرٌ ذُو مَضْغةٍ: صُلْبٌ متِين
يُمْضَغُ كثيراً. وهَجاه هِجاءً ذا مَمْضَغةٍ: يصفه بالجَوْدةِ
والصَّلابة كالتمر ذي المَمْضَغةِ. وإِنه لذو مُضْغةٍ إذا كان من سُوسِهِ اللحمُ.
ومُضَغُ الأُمورِ: صِغارُها، وكلاهما من المَضْغِ.
وماضَغَه القِتالَ والخُصومةَ: طاوَلَه إيّاهُما.
نزع: نَزَعَ الشيءَ يَنْزِعُه نَزْعاً، فهو مَنْزُوعٌ ونزِيعٌ،
وانْتَزَعَه فانْتَزعَ: اقْتَلَعَه فاقْتَلَعَ، وفرّق سيبويه بين نَزَعَ
وانْتَزَعَ فقال: انْتَزَعَ اسْتَلَبَ، ونزَع: حوّل الشيء عن موضعه وإِن كان على
نحو الاسْتِلاب. وانْتَزَعَ الرمحَ: اقْتَلَعَه ثم حَمل. وانتزَع الشيءُ:
انقلَع. ونزَع الأَمِيرُ العامِلَ عن عمله: أَزالَه، وهو على المثَل
لأَنه إِذا أَزالَه فقد اقْتَلَعَه وأَزالَه. وقولهم فلان في النزْعِ أَي في
قَلْعِ الحياةِ. يقال: فلان يَنْزِعُ نَزْعاً إِذا كان في السِّياقِ عند
الموْتِ، وكذلك هو يَسُوقُ سَوْقاً، وقوله تعالى: والنازِعاتِ غَرْقاً
والناشِطاتِ نَشْطاً؛ قال الفراء: تَنْزِعُ الأَنْفُس من صدورِ الكفَّارِ
كما يُغْرِقُ النازِعُ في القوْسِ إِذا جَذَبَ الوَتَرَ، وقيل في
التفسير: يعين به الملائكةَ تَنْزِعُ رُوحَ الكافر وتَنْشِطُه فيَشْتَدُّ عليه
أَمرُ خروجِ رُوحِه، وقيل: النازعاتُ غَرْقاً القِسِيُّ، والناشِطاتُ
نَشْطاً الأَوْهاقُ، وقيل: النازعاتُ والناشطاتُ النجومُ تَنْزِعُ من مكان
إِلى مكان وتَنْشِطُ.
والمِنْزَعةُ، بكسر الميم: خشبة عريضة نحو المِلْعَقةِ تكون مع مُشْتارِ
العَسلِ يَنْزِعُ بها النحْلَ اللَّواصِقَ بالشهْدِ، وتسمى المِحْبَضَ.
ونزَع عن الصبي والأَمر يَنْزِعُ نُزُوعاً: كَفَّ وانْتَهَى، وربما
قالوا نَزْعاً. ونازَعَتْنِي نفسي إِلى هَواها نِزاعاً: غالَبَتْنِي.
ونَزَعْتُها أَنا: غَلَبْتُها. ويقال للإِنسان إِذا هَوِيَ شيئاً ونازَعَتْه
نفسُه إِليه: هو يَنْزِعُ إِليه نِزاعاً. ونزَع الدلْوَ من البئر يَنْزِعُها
نزْعاً ونزَع بها، كلاهما: جَذَبَها بغير قامة وأَخرجها؛ أَنشد ثعلب:
قد أَنْزِعُ الدَّلْوَ تَقَطَّى بالمَرَسْ،
تُوزِغُ من مَلْءٍ كَإِيزاغِ الفَرَسْ
تَقَطِّيها: خروجُها قليلاً قليلاً بغير قامة، وأَصل النزع الجَذْبُ
والقَلْعُ، ومنه نَزْعُ الميتِ رُوحه. ونزَع القوْسَ إِذا جذَبَها. وبئرٌ
نَزُوعٌ ونَزِيعٌ: قريبة القَعْرِ تُنْزَعُ دِلاؤُها بالأَيْدِي نَزْعاً
لقربها، ونَزوعٌ هنا للمفعول مثل رَكُوبٍ، والجمع نِزاعٌ. وفي الحديث:
أَنه،صلى الله عليه وسلم، قال: رأَيْتُنِي أَنْزِعُ على قلِيبٍ؛ معناه
رأَيْتُنِي في المنامِ أَستَقِي بيدِي من قليب، يقال: نزَع بيده إِذا استقى
بدَلْوٍ عُلِّقَ فيها الرِّشاءُ. وجَمل نَزُوعٌ: يُنْزَعُ عليه الماءُ من
البئر وحده. والمَنْزَعةُ: رزْسُ البئر الذي يُنْزَعُ عليه؛ قال:
يا عَيْنُ بَكّي عامراً يومَ النَّهَلْ،
عند العشاءِ والرِّشاءِ والعَمَلْ،
قامَ على مَنْزَعةٍ زَلْجٍ فَزَلْ
وقال ابن الأَعرابي: هي صخرةٌ تكون على رأْسِ البئر يقوم عليها الساقي،
والعُقابانِ من جَنْبَتَيْها تُعَضِّدانِها، وهي التي تُسَمَّى
القِبيلةَ. وفلان قريب المَنْزَعةِ أَي قريب الهِمّةِ. ابن السكيت: وانْتِزاعُ
النّيّةِ بُعْدُها؛ ومنه نَزَعَ الإِنسانُ إِلى أَهله والبعيرُ إِلى وطَنِه
يَنْزِعُ نِزاعاً ونُزُوعاً: حَنَّ واشتاقَ، وهو نَزُوعٌ، والجمع نُزُعٌ،
وناقة نازِعٌ إِلى وطنِها بغير هاء، والجمع نَوازِعُ، وهي النّزائِعُ،
واحدتها نَزِيعةٌ. وجَمل نازِعٌ ونَزُوعٌ ونَزِيعٌ؛ قال جميل:
فقلتُ لَهُمْ: لا تَعْذِلُونِيَ وانْظُرُوا
إِلى النازِعِ المَقْصُورِ كيفَ يكون؟
وأَنْزَعَ القومُ فهم مُنْزِعُون: نَزَعَتْ إِبلهم إِلى أَوطانِها؛ قال:
فقد أَهافُوا زَعَمُوا وأَنْزَعُوا
أَهافُوا: عَطِشَتْ إِبلهم والنَّزِيعُ والنازعُ: الغريب، وهو أَيضاً
البعيد. والنَّزِيعُ: الذي أُمُّه سَبيَّةٌ؛ قال المرّارُ:
عَقَلْت نِساءَهُم فِينا حدِيثاً،
ضَنِينَ المالِ، والوَلَدَ النَّزِيعا
ونُزّاعُ القَبائِلِ: غُرَباؤُهم الذين يُجاوِرُون قَبائِلَ ليسوا منهم،
الواحد نَزِيعٌ ونازعٌ. والنَّزائِعُ والنُّزّاعُ: الغُرَباءُ، وفي
الحديث: طُوبَى للغُرَباء قيل: مَنْ هُم يا رسولَ اللهِ؟ قال: النُّزّاعُ من
القبائِلِ؛ هو الذي نزَع عن أَهله وعشِيرَتِه أَي بَعُدَ وغابَ، وقيل:
لأَنه نزَع إِلى وطنه أَي يَنْجَذِبُ ويميلُ، والمراد الأَوّل أَي طوبى
للمهاجرين الذين هجَروا أَوطانَهم في الله تعالى. ونزَع إِلى عِرْقٍ كريم أَو
لُؤْم يَنْزِعُ نُزُوعاً ونزَعَت به أَعراقُه ونَزَعَتْه ونَزَعها ونزَع
إِليها، قال: ونزَع شَبَهَه عِرْقٌ، وفي حديث القَذْفِ: إِنما هو عِرْقٌ
نزَعَه. والنَّزِيعُ: الشريفُ من القوم الذي نزَع إِلى عِرْق كريم، وكذلك
فرَس نَزِيعٌ. ونزَع فلان إِلى أَبيه يَنْزِعُ في الشَّبَه أَي ذهَب
إِليه وأَشْبهه. وفي الحديث: لقد نَزَعْتَ بمثْلِ ما في التوراةِ أَي جئتَ
بما يُشْبهها.
والنَّزائِعُ من الخيل: التي نَزَعَتْ إِلى أَعْراقٍ، واحدتها نَزِيعةٌ،
وقيل: النَّزائِعُ من الإِبل والخيل التي انْتُزِعَت من أَيْدِي
الغُرباء، وفي التهذيب: من أَيدي قوم آخَرِين، وجُلِبَتْ إِلى غير بلادها، وقيل:
هي المُنْتَقَذةُ من أَيديهم، وهي من النساء التي تُزَوَّجُ في غير
عشيرتها فتنقل، والواحدة من كل ذلك نَزِيعةٌ. وفي حديث ظبيان: أَن قَبائِلَ من
الأَزْد نَتَّجُوا فيها النَّزائِعَ أَي الإِبل الغرائبَ انْتَزَعُوها من
أَيدي الناس. وفي حديث عمر: قال لآلِ السائب: قد أَضْوَيْتُم فانكِحوا
في النَّزائِعِ أَي في النساء الغرائبِ من عشيرتكم.
ويقال: هذه الأَرض تُنازِعُ أَرضَ كذا أَي تَتَّصِلُ بها؛ وقال ذو
الرمة:
لَقًى بين أَجْمادٍ وجَرْعاء نازَعَتْ
حِبالاً، بِهِنًّ الجازِئاتُ الأَوابِدُ
والمَنْزَعةُ: القوْسُ الفَجْواءُ. ونَزَع في القوْسِ يَنْزِعُ نَزْعاً:
مَدَّ بالوتَر، وقيل: جذَبَ الوتر بالسهم: والنّزَعةُ: الرُّماةُ،
واحدُهم نازِعٌ. وفي مثلٍ: عادَ السهمُ إِلى النَّزَعةِ أَي رجع الحقّ إِلى
أَهله وقامَ بأِصْلاحِ الأَمرِ أَهلُ الأَناةِ، وهو جمع نازِعٍ. وفي التهذيب:
وفي المثل عادَ الرَّمْيُ على النَّزَعةِ؛ يُضْرَبُ مثلاً للذي يَحِيقُ
به مَكْرُه. وفي حديث عمر: لَنْ تَخُورَ قُوىً ما دامَ صاحِبُها يَنْزِعُ
ويَنْزُو أَي يَجْذِبُ قوْسَه ويَثِبُ على فرسه.
وانْتَزَعَ للصيْدِ سَهْماً: رماه به، واسمُ السهْمِ المِنْزَعُ؛ ومنه
قول أَبي ذؤيب:
فَرَمَى ليُنْفِذَ فُرَّهاً، فَهَوَى له
سَهْمٌ، فأَنْقَذَ طُرَّتَيْه المِنْزَعُ
فُرَّهاً جمع فاره؛ قال ابن بري: أَنشد الجوهري عجز هذا البيت: ورَمَى
فأَنفَذَ، والصواب ما ذكرناه. والمِنْزَعُ أَيضاً: السهم الذي يُرْمَى به
أَبْعَدَ ما يُقْدَرُ عليه لتُقَدَّر به الغَلْوةُ؛ قال الأَعشى:
فهْو كالمِنْزَعِ المَرِيشِ من الشَّوْ
حَطِ، غالَتْ به يَمِينُ المُغالي
وقال أَبو حنيفة: المِنْزَعُ حديدة لا سِنْخَ لها إِنما هي أَدْنى
حديدةٍ لا خير فيها، تؤخَذ وتُدْخَلُ في الرُّغْظِ.
وانْتَزَعَ بالآية والشّعْرِ: تمثَّلَ. ويقال للرجل إِذا استنبط معنى
آيةٍ من كتاب الله عز وجل: قد انْتَزَعَ معنًى جيِّداً، ونَزَعَه مثله أَي
اسْتَخْرَجَه.
ومُنازَعةُ الكأْس: مُعاطاتُها. قال الله عز وجل: يَتَنازَعون فيها
كأْساً لا لَغْوٌ فيها ولا تأْثِيمٌ؛ أَي يَتَعاطَوْن والأَصل فيه
يتجاذَبُون. ويقال: نازَعني فلانٌ بَنانَه أَي صافحني. والمُنازعةُ: المُصافَحةُ؛
قال الراعي:
يُنازِعْنَنا رَخْصَ البَنانِ، كأَنما
يُنازِعْنَنا هُدَّابَ رَيطٍ مُعَضَّدِ
والمُنازعةُ: المُجاذَبةُ في الأَعْيانِ والمَعاني؛ ومنه الحديث: أَنا
فَرَاطُكم على الحوْضِ فَلأُلْفِيَنَّ ما نُوزِعْتُ في أَحدِكم فأَقولُ
هذا مِني أَي يُجْذَبُ ويؤخَذُ مني.
والنَّزاعةُ والنِّزاعةُ والمِنْزَعةُ والمَنْزَعةُ: الخُصومة.
والمُنازَعةُ في الخُصومةِ: مُجاذَبةُ الحُجَجِ فيما يَتنازَعُ فيه الخَصْمانِ.
وقد نازَعَه مُنازَعةً ونِزاعاً: جاذَبه في الخصومة؛ قال ابن مقبل:
نازَعْتُ أَلْبابَها لُبِّي بمُقْتَصِرٍ
من الأَحاديثِ، حتى زِدْنَنِي لِينَا
أَي نازَعَ لُبِّي أَلْبابَهُنَّ. قال سيبويه: ولا يقال في العاقبة
فَنَزَعْتُه استَغْنَوْا عنه بِغَلَبْتُه.
والتنازُع: التخاصُمُ. وتنازَعَ القومُ: اخْتَصَمُوا. وبينهم نِزاعةٌ
أَي خصومةٌ في حقّ. وفي الحديث: أَنه،صلى الله عليه وسلم، صلَّى يوماً فلما
سلَّم من صلاته قال: ما لي أُنازَعُ القرآنَ أَي أُجاذَبُ في قراءته،
وذلك أَن بعض المأْمومين جَهَرَ خَلْفه فنازَعه قِراءتَه فشغله فنهاه عن
الجهر بالقراءة في الصلاة خلفه.
والمِنْزَعةُ والمَنْزَعةُ: ما يرجِعُ إِليه الرجل من أَمره ورأْيِه
وتدبيرِه. قال الأَصمعي: يقولون والله لَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَضْعَفُ
مِنْزَعةً، بكسر الميم، ومَنْزَعةً، بفتحها، أَي رأْياً وتدبيراً؛ حكى ذلك ابن
السكيت في مِفْعلة ومَفْعلة، وقيل: المنزَعةُ قوّة عزْمِ الرأْي
والهِمّة، ويقال للرجل الجيِّد الرأْي: إِنه لجيِّد المنزعة. ونَزَعَتِ الخيل
تَنْزِعُ: جَرَتْ طِلْقاً؛ وأَنشد:
والخيْلَ تَنْزِعُ قُبًّا في أَعِنَّتِها،
كالطيرِ تَنْجُو من الشُّؤْبوبِ ذي البَرَدِ
ونزَع المريضُ يَنْزِعُ نزْعاً ونازَع نِزاعاً: جادَ بنفسِه. ومَنْزعة
الشرابِ: طِيبُ مَقْطَعِه، يقال: شرابٌ طيِّبُ المنزعةِ أَي طيب مقطع
الشرب. وقيل في قوله تعالى: خِتامُه مِسْك، إِنهم إِذا شربوا الرَّحيقَ
فَفَنِيَ ما في الكأْس وانقطع الشرْب انختم ذلك بريح المسك.
والنَّزَعُ: انْحِسارُ مقدَّم شعَر الرأْسِ عن جانبي الجَبْهةِ،
وموضِعُه النَّزَعةُ، وقد نَزِعَ يَنْزَعُ نَزَعاً، وهو أَنْزَعُ بَيِّنُ
النَّزَعِ، والاسم النَّزَعةُ، وامرأَة نَزْعاءُ؛ وقيل: لا يقال امرأَة نزعاء،
ولكن يقال زَعْراءُ. والنَّزَعتانِ: ما يَنْحَسِرُ عنه الشعر من أَعلى
الجَبينَينِ حتى يُصَعِّدَ في الرأْس. والنَّزْعاءُ من الجِباهِ التي
أَقبلت ناصيتها وارتفع أَعلى شعَرِ صُدْغِها. وفي حديث القرشي: أَسَرني رجل
أَنْزَعُ. وفي صفة علي، رضي الله عنه: البَطِينُ الأَنْزَعُ. والعرب تحبُّ
النزَع وتَتَيَمَّنُ بالأَنْزع وتَذُمُّ الغَمَمَ وتَتَشاءَم بالأَغَمّ،
وتَزْعُمُ أَن الأَغم القفا والجبين لا يكون إِلا لَئِيماً: ومنه وقول
هُدْبةَ بن خَشْرَمٍ:
ولا تَنْكِحي، إِنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا،
أَغَمَّ القَفا والوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزَعا
وأَنْزَع الرجلُ إِذا ظهرت نَزَعَتاه. ونَزَعَه بنَزِيعةٍ: نَخَسَه؛ عن
كراع. وغنم نُزُعٌ ونُزَّعٌ: حَرامَى تَطْلُبُ الفحْلَ، وبها نِزاعٌ،
وشاة نازِعٌ.
والنزائِعُ من الرِّياحِ: هي النُّكْبُ، سميت نزائِعَ لاختلاف
مَهابِّها.والنَّزَعةُ: بقلة كالخَضِرةِ، وثُمام مُنَزَّعٌ: شُدِّدَ للكثرة. قال
أَبو حنيفة: النَّزَعةُ تكون بالرَّوْضِ وليس لها زَهْرٌ ولا ثَمَرٌ،
تأْكلها الإِبل إِذا لم تجد غيرها، فإِذا أَكلتها امتنعت أَلبانها خُبْثاً.
ورأَيت في التهذيب: النزعةُ نَبت معروف. ورأَيت فلاناً مُتَنَزِّعاً إِلى
كذا أَي مُتَسَرِّعاً نازِعاً إِليه.
أبط: الإِبْطُ: إِبْطُ الرجل والدوابّ. ابن سيده: الإِبْطُ باطِنُ
المَنْكِب. غيره: والإِبط باطن الجَناحِ، يذكر ويؤَنث والتذكير أعْلى، وقال
اللحياني: هو مذكر وقد أَنثه بعض العرب، والجمع آباط. وحكى الفراءُ عن بعض
الأَعراب: فرَفَع السوْطَ حتى بَرَقَتْ إِبْطُه؛ وقول الهذلي:
شَرِبْتُ بجَمِّه وصَدَرْتُ عنه،
وأَبْيَضُ صارِمٌ ذَكَرٌ إِباطِي
أَي تحت إِبْطِي، قال ابن السيرافي: أَصله إِباطِيٌّ فخفف ياء النسب،
وعلى هذا يكون صفة لصارم، وهو منسوب إِلى الإِبط.
وتأَبَّطَ الشيءَ: وضعَه تحت إِبطه. وتأَبَّط سَيْفاً أَو شيئاً: أَخذه
تحت إِبطه، وبه سمي ثابت بن جابر الفَهْمِيّ تأَبَّط شرّاً لأَنه، زعموا،
كان لا يفارقه السيف، وقيل: لأَنَّ أُمه بَصُرَتْ به وقد تأَبَّط
جَفِيرَ سِهام وأَخذ قَوْماً فقالت: هذا تأَبَّط شرّاً، وقيل: بل تأَبط
سِكِّيناً وأَتى نادِيَ قومِه فوَجَأَ أَحدَهم فسمي به لذلك. وتقول: جاءَني
تأَبط شرّاً ومررْتُ بتأَبّط شرّاً تدَعُه على لفظه لأَنك لم تنقله من فعل
إِلى اسم، وإِنما سميت بالفعل مع الفاعل رجلاً فوجب أَن تحكيه ولا تغيره،
قال: وكذلك كل جملة تسمي بها مثل برَق نَحْرُه وذَرَّى حَبّاً، وإِن أَردت
أَن تثني أَو تجمع قلت: جاءَني ذَوا تأَبّط شرّاً وذَوو تأَبّط شرّاً،
أَو تقول: كلاهما تأَبَّط شرّاً وكلُّهم ونحو ذلك، والنسبة إِليه
تأَبَّطِيٌّ يُنْسب إِلى الصدر، ولا يجوز تصغيره ولا ترخيمه؛ قال سيبويه: ومن
العرب من يفرد فيقول تأَبَّطَ أَقْبَل، قال ابن سيده: ولهذا أَلْزَمَنا
سيبويه في الحكاية الإِضافةَ إِلى الصَّدْر؛ وقول مليح الهذلي:
ونَحْنُ قَتَلْنا مُقْبِلاً غير مُدْبِرٍ
تأَبَّطَ، ما تَرْهَقْ بنا الحَرْبُ تَرْهَقِ
أَراد تأَبَّط شرّاً فحذف المفعول للعلم به. وفي الحديث: أَما واللّه
إِنَّ أَحدَكم ليُخْرِجُ بمسْأَلَتِه من يتأَبَّطُها أَي يجعلها تحت
إِبْطِه. وفي حديث عمرو بن العاص قال: لَعَمْرُ اللّه إِني ما تأَبَّطَني
الإِماء أَي لم يحْضُنَّني ويَتَوَلَّيْنَ تَرْبِيتي.
والتأَبطُ: الاضْطِباع، وهو ضرب من اللِّبْسة، وهو أَن يُدْخِلَ الثوب
من تحت يده اليمنى فيُلقِيَه على مَنْكِبِه الأَيسر، وروي عن أَبي هريرة
أَنه كانت رِدْيَتُه التأَبُّطَ، ويقال: جعلت السيف إِباطي أَي يَلي
إِبطي؛ قال:
وعَضْبٌ صارِمٌ ذكَرٌ إِباطي
وإِبْطُ الرَّمْل: لُعْطُه وهو ما رَقَّ منه. والإِبْطُ: اَسفلُ حَبْلِ
الرمل ومَسْقَطُه. والإِبْطُ من الرمل: مُنْقَطَعُ معظمه.
واستأْبَطَ فلان إِذا حَفَر حُفْرة ضَيَّقَ رأْسَها ووسَّعَ أَسفلَها،
قال الراجز:
يَحْفِرُ نامُوساً له مُسْتأْبِطا
ابن الأَعرابي: أَبَطه اللّه وهَبَطَه بمعنىً واحد، ذكره الأَزهري في
ترجمة وبَط رأْيُه إِذا ضَعَف، والوابِطُ الضعيفُ.