من (ح ج ج) مثنى حَجّ؛ أو مثنى حَاجّ.
من (ح ج ج) مثنى حَجّ؛ أو مثنى حَاجّ.
ثقل: الثِّقَل: نقيض الخِفَّة. والثِّقَل: مصدر الثَّقِيل، تقول: ثَقُل
الشيءُ ثِقَلاً وثَقَالة، فهو ثَقِيل، والجمع ثِقالٌ. والثِّقَل: رجحان
الثَّقِيل. والثِّقْل: الحِمْل الثَّقِيل، والجمع أَثْقال مثل حِمْل
وأَحمال. وقوله تعالى: وأَخرجت الأَرض أَثقالها؛ أَثْقَالُها: كنوزُها
ومَوْتَاها؛ قال الفراء: لَفَظَتْ ما فيها من ذهب أَو فضة أَو ميت، وقيل:
معناه أَخرجت موتاها، قالوا: أَثقالُها أَجسادُ بني آدم، وقيل: معناه ما فيها
من كنوز الذهب والفضة، قال: وخروج الموتى بعد ذلك، ومن أَشراط الساعة
أَن تَقِيءَ الأَرض أَفْلاذَ كَبِدها وهي الكنوز؛ وقول الخَنْساء:
أَبْعَدَ ابنِ عَمْرو من آل الشّريـ
دِ حَلَّتْ به الأَرضُ أَثْقالَها؟
إِنما أَرادت حَلَّت به الأَرض موتاها أَي زَيَّنَتْهم بهذا الرجل
الشريف الذي لا مِثْل له من الحِلْية. وكانت العرب تقول: الفارس الجَواد ثِقْل
على الأَرض، فإِذا قتل أَو مات سقط به عنها ثِقْل، وأَنشد بيت الخنساء،
أَي لما كان شجاعاً سقط بموته عنها ثِقْل. والثِّقْل: الذَّنْب، والجمع
كالجمع. وفي التنزيل: وليَحْمِلُنَّ أَثقالهم وأَثقالاً مع أَثقالهم؛ وهو
مثل ذلك يعني أَوزارهم وأَوزار من أَضلوا وهي الآثام. وقوله تعالى: وإِن
تَدْعُ مُثْقَلة إِلى حِمْلها لا يُحْملْ منه شيء ولو كان ذا قربى؛ يقول:
إِن دَعَت نفس داعيةٌ أَثْقَلَتها ذُنُوبُها إِلى حِمْلها أَي إِلى
ذنوبها ليحمل عنها شيئاً من الذنوب لم تجد ذلك، وإِن كان المدعوُّ ذا قُرْبى
منها. وقوله عز وجل: ثَقُلت في السموات والأَرض؛ قيل: المعنى ثَقْل
عِلْمُها على أَهل السموات والأَرض؛ وقال أَبو علي: ثَقُلت في السموات والأَرض
خَفِيَتْ، والشيءُ إِذا خَفِي عليك ثَقُل. والتثقيل: ضد التخفيف، وقد
أَثقله الحِمْل. وثَقَّل الشيءَ: جعله ثقيلاً، وأَثقله: حمَّله ثَقِيلاً.
وفي التنزيل العزيز: فهم من مَغْرَم مُثْقَلون. واستثقله: رآه ثَقِيلاً.
وأَثْقَلَت المرأَةُ، فهي مُثْقِل: ثَقُل حَمْلها في بطنها، وفي المحكم:
ثَقُلَت واستبان حَمْلها. وفي التنزيل العزيز: فلما أَثْقَلَت دَعَوَا
اللهَ ربَّهُما؛ أَي صارت ذاتَ ثِقْل كما تقول أَتْمَرْنا أَي صرنا ذوي
تَمْر. وامرأَة مُثْقِل، بغير هاء: ثَقُلَت من حَمْلها. وقوله عز وجل: إِنا
سنلقي عليك قولاً ثَقِيلاً؛ يعني الوحي الذي أَنزله الله عليه، صلى الله
عليه وسلم، جَعَله ثَقِيلاً من جهة عِظَم قدره وجَلاله خَطَره، وأَنه ليس
بسَفْساف الكلام الذي يُسْتَخَفُّ به، فكل شيء نفيس وعِلْقٍ خَطيرٍ فهو
ثَقَل وثَقِيل وثاقل، وليس معنى قوله قولاً ثَقِيلاً بمعنى الثَّقيل
الذي يستثقله الناس فيتَبرَّمون به؛ وجاء في التفسير: أَنه ثِقَلُ العمل به
لأَن الحرام والحلال والصلاة والصيام وجميع ما أَمر الله به أَن يُعْمَل
لا يؤديه أَحد إِلا بتكلف يَثْقُل؛ ابن سيده: قيل معنى الثَّقيل ما يفترض
عليه فيه من العمل لأَنه ثَقِيل، وقيل: إِنما كنى به عن رَصانة القول
وجَوْدته؛ قال الزجاج: يجوز على مذهب أَهل اللغة أَن يكون معناه أَنه قول
له وزن في صحته وبيانه ونفعه، كما يقال: هذا الكلام رَصين، وهذا قول له
وزن إِذا كنت تستجيده وتعلم أَنه قد وقع موقع الحكمة والبيان؛ وقوله:
لا خَيْرَ فيه غير أَن لا يَهْتَدِي،
وأَنه ذو صَوْلةٍ في المِذْوَدِ،
وأَنه غَيْرُ ثَقيل في اليَدِ
إِنما يريد أَنك إِذا بَلِلْتَ به لم يَصِرْ في يَدِك منه خير فيَثْقُلَ
في يَدِك.
ومِثْقال الشيء: ما آذَنَ وزْنَه فثَقُل ثِقَلَه. وفي التنزيل العزيز:
يا بُني إِنها إِن تك مِثْقالُ حَبَّة من خَرْدل، برفع مِثْقال مع علامة
التأْنيث في تك، لأَن مِثْقال حبة راجع إِلى معنى الحبة فكأَنه قال إِن تك
حَبَّةٌ من خردل. التهذيب: المِثْقال وَزْن معلوم قَدْرُه،ويجوز نصبُ
المثقال ورفعُه، فمن رَفَعه رفعه بتَكُ ومن نصب جعل في تك اسماً مضمراً
مجهولاً مثل الهاء في قوله عز وجل: إِنها إِن تك، قال: وجاز تأْنيث تَكُ
والمِثْقال ذَكَرٌ لأَنه مضاف إِلى الحبة، والمعنى للحبة فذهب التأْنيث
إِليها كما قال الأَعشى:
كما شَرِقَتْ صَدْرُ القَناة من الدَّم
ويقال: أَعطه ثِقْله أَي وَزْنَه. ابن الأَثير: وفي الحديث لا يَدْخُل
النارَ مَنْ في قلبه مِثْقالُ ذَرَّة من إِيمان؛ المِثْقال في الأَصل:
مقدار من الوزن أَيَّ شيءٍ كان من قليل أَو كثير، فمعنى مِثْقال ذرَّة وزن
ذرّة، والناس يطلقونه في العرف على الدينار خاصة وليس كذلك؛ قال محمد بن
المكرم: قول ابن الأَثير الناس يطلقونه في العرف على الدينار خاصة قول فيه
تجوُّز، فإِنه إِن كان عَنَى شخص الدينار فالشخص منه قد يكون مِثْقالاً
وأَكثر وأَقل، وإِن كان عَنى المِثْقالَ الوَزْنَ المعلوم، فالناس يطلقون
ذلك على الذهب وعلى العنبر وعلى المسك وعلى الجوهر وعلى أَشياء كثيرة قد
صار وزنها بالمثاقيل معهوداً كالتِّرياق والرَّاوَنْد وغير ذلك. وزِنة
المِثْقالِ هذا المُتعامَلِ به الآن: دِرْهَمٌ واحد وثلاثة أَسباع درهم
على التحرير، يُوزَن به ما اختير وَزْنه به، وهو بالنسبة إِلى رِطْل مصر
الذي يوزن به عُشْرُ عُشْرِ رطل. وقال ابن سيده في معنى قوله إِنها إن تك
مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أَو في السموات أَو في الأَرض يأْت بها
الله، قال: المعنى أَن فَعْله الإِنسان، وإِن صَغُرت، فهي في علم الله
تعالى يأْتي بها. والمِثْقال: واحد مثاقيل الذهب. قال الأَصمعي: دينار ثاقل
إِذا كان لا ينقص، ودنانير ثَواقل؛ ومِثقال الشيء: مِيزانُه من مثله.
وقولهم: أَلْقى عليه مَثاقيله أَي مؤنته وثِقْله؛ حكاه أَبو نصر؛ قلت: وكذلك
قول أَبي نصر واحد مثاقيل الذهب كان الأَولى أَن يقول واحد مثاقيل الذهب
وغيره، وإِلا فلا وجه للتخصيص.
والمُثَقَّلة: رُخامة يُثَقَّل بها البساط.
وامرأَة ثَقال: مِكْفال، وثَقَال: رَزان ذات مآكِمَ وكَفَلٍ على
التفرقة، فرقوا بين ما يُحْمل وبين ما ثَقُل في مجلسه فلم يَخِفَّ، وكذلك الرجل،
ويقال: فيه ثِقَل، وهو ثاقل؛ قال كثيِّر عزة:
وفيك، ابْنَ لَيْلى، عِزَّةٌ وبَسالة،
وغَرْبٌ ومَوْزونٌ من الحِلْمِ ثاقل
وقد يكون هذا على النسب أَي ذو ثِقَل. وبَعِيرٌ ثَقَالٌ؛ بَطِيءٌ؛ وبه
فسر أَبو حنيفة قول لبيد:
فبات السَّيْلُ يَحْفِرُ جانبيه،
من البَقَّار، كالعَمِد الثَّقَال
(* قوله «يحفر» الذي في الصحاح: يركب بدل يحفر)
وثَقَل الشيءَ يَثْقُله بيده ثَقْلاً: رَازَ ثِقَلَه. وثَقَلْت الشاةَ
أَيضاً أَثْقُلُها ثَقْلاً: رَزَنْتها، وذلك إذا رَفَعْتها لتنظر ما
ثِقَلُها من خفَّتها.
وتَثاقل عنه: ثَقُل. وفي التنزيل العزيز اثَّاقَلْتم إِلى الأَرض؛
وعَدَّاه بإِلى لأَن فيه معنى مِلْتُم. وحكى النضر بن شميل: ثَقَل إِلى الأَرض
أَخْلدَ إِليها واطْمَأَنَّ فيها، فإِذا صح ذلك تَعَدَّى اثَّاقَلْتم في
قوله عز وجل اثَّاقَلْتم إِلى الأَرض بإِلى، بغير تأْويل يخرجه عن بابه.
وتَثاقل القومُ: اسْتُنْهِضوا لنَجْدة فلم يَنْهَضوا إِليها.
والتَّثاقُل: التَّباطُؤُ من التَّحامُل في الوطء، يقال: لأَطَأَنَّه وَطْءَ
المُتَثاقل. والثَّقَل، بالتحريك: المَتاع والحَشَمُ، والجمع أَثقال؛ وفي
التهذيب: الثَّقَل متاعُ المسافر وحَشَمُه؛ وأَنشد ابن بري:
لا ضَفَفٌ يَشْغَلُه ولا ثَقَل
وفي حديث ابن عباس: بعثني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الثَّقَل
من جَمْعٍ بِلَيْل. وفي حديث السائب بن زيد: حُجَّ به في ثَقَل رسول الله،
صلى الله عليه وسلم.
وثَقِلة القوم، بكسر القاف: أَثقالُهم. وارتحل القوم بثَقَلَتهم
وثَقْلَتهم وثِقْلَتهم أَي بأَمتعتهم وبأَثقالهم كلها. الكسائي: الثَّقِلة
أَثقال القوم، بكسر القاف وفتح الثاء، وقد يخفف فيقال الثَّقْلة. والثَّقْلة
أَيضاً: ما وَجَد الرجلُ في جوفه من ثِقَل الطعام. ووَجَد في جسده ثَقَلة
أَي ثِقَلاً وفُتُوراً.
وثَقُل الرجلِ ثِقَلاً فهو ثَقِيل وثاقل: اشتدَّ مَرَضُه. يقال: أَصبح
فلان ثاقلاً أَي أَثقله المَرَض؛ قال لبيد:
رأَيت التُّقَى والحَمْدَ خَيْرَ تِجارةٍ
رَباحاً، إِذا ما المَرْءُ أَصْبَح ثاقلاً
أَي ثَقِيلاً من المَرَض قد أَدْنَفَه وأَشْرَف على الموت، ويروى ناقلاً
أَي منقولاً من الدنيا إِلى الأُخرى؛ وقد أَثقله المرض والنوم.
والثَّقْلة: نَعْسة غالبة. والمُثْقَل: الذي قد أَثقله المرضُ.
والمُستَثْقَل: الثَّقِيل من الناس. والمُسْتَثْقَل: الذي أَثقله النوم
وهي الثَّقْلة. وثَقُل العَرْفَج والثُّمام والضَّعَةُ: أَدْبى
وتَرَوَّتْ عِيدانُه. وثَقُلَ سَمْعُه: ذهب بعضُه، فإِن لم يبق منه شيءٌ قيل
وُقِر.والثَّقَلانِ: الجِنُّ والإِنْسُ. وفي التنزيل العزيز: سنَفْرُغ لكم
أَيها الثَّقَلان؛ وقال لكم لأَن الثَّقَلين وإِن كان بلفظ التثنية فمعناه
الجمع؛ وقول ذي الرمة:
ومَيَّةُ أَحسنُ الثَّقَلين وَجْهاً
وسالفةً، وأَحْسَنُه قَذَالا
فمن رواه أَحسنه بإِفراد الضمير فإِنه أَفرده مع قدرته على جمعه لأَن
هذا موضع يَكْثُر فيه الواحد، كقولك مَيَّة أَحسن إِنسان وجهاً وأَجمله،
ومثله قولهم: هو أَحسن الفِتْيان وأَجمله لأَن هذا موضع يكثر فيه الواحد
كما قلنا، فكأَنك قلت هو أَحسن فَتىً في الناس وأَجمله، ولولا ذلك لقلت
وأَجملهم حَمْلاً على الفِتْيان. التهذيب: وروي عن النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه قال في آخر عمره: إِني تارك فيكم الثَّقَلين: كتاب الله
وعتْرَتي، فجعلها كتاب الله عز وجل وعِتْرَته، وقد تقدم ذكر العِتْرة. وقال ثعلب:
سُمِّيا ثَقَلَين لأَن الأَخذ بهما ثَقِيل والعمل بهما ثَقِيل، قال:
وأَصل الثَّقَل أَن العرب تقول لكل شيءٍ نَفيس خَطِير مَصون ثَقَل،
فسمَّاهما ثَقَلين إِعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأْنهما، وأَصله في بَيْضِ
النَّعام المَصُون؛ وقال ثعلبة بن صُعَير المازِني يذكر الظَّليم
والنَّعانة:فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رَثِيداً، بَعْدَما
أَلْقَتْ ذُكاءٌ يَمينَها في كافِر
ويقال للسَّيِّد العَزيز ثَقَلٌ من هذا، وسَمَّى الله تعالى الجن
والإِنس الثَّقَلَين، سُمِّيا ثَقَلَين لتفضيل الله تعالى إِياهما على سائر
الحيوان المخلوق في الأَرض بالتمييز والعقل الذي خُصَّا به؛ قال ابن
الأَنباري: قيل للجن والإِنس الثَّقَلان لأَنهما كالثَّقَل للأَرض وعليها.
والثَّقَل بمعنى الثِّقْل، وجمعه اثقال، ومجراهما مجرى قول العرب مَثَل ومِثْل
وشَبَه وشِبْه ونَجَس ونِجْس. وفي حديث سؤال القبر: يسمعها مَنْ بَيْنَ
المشرق والمغرب إِلا الثَّقَلين؛ الثَّقَلانِ: الإِنسُ والجنُّ لأَنهما
قُطَّان الأَرض.
كلم: القرآنُ: كلامُ الله وكَلِمُ الله وكَلِماتُه وكِلِمته، وكلامُ
الله لا يُحدّ ولا يُعدّ، وهو غير مخلوق، تعالى الله عما يقول المُفْتَرُون
علُوّاً كبيراً. وفي الحديث: أَعوذ بِكلماتِ الله التامّاتِ؛ قيل: هي
القرآن؛ قال ابن الأَثير: إنما وَصَف كلامه بالتَّمام لأَنه لا يجوز أَن
يكون في شيء من كلامه نَقْص أَو عَيْب كما يكون في كلام الناس، وقيل: معنى
التمام ههنا أَنها تنفع المُتَعَوِّذ بها وتحفظه من الآفات وتَكْفِيه. وفي
الحديث: سبحان الله عَدَد كلِماتِه؛ كِلماتُ الله أي كلامُه، وهو صِفتُه
وصِفاتُه لا تنحصر بالعَدَد، فذِكر العدد ههنا مجاز بمعنى المبالغة في
الكثرة، وقيل: يحتمل أَن يريد عدد الأَذْكار أَو عدد الأُجُور على ذلك،
ونَصْبُ عدد على المصدر؛ وفي حديث النساء: اسْتَحْلَلْتم فُرُوجَهن بكلمة
الله؛ قيل: هي قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحْسان، وقيل: هي
إباحةُ الله الزواج وإذنه فيه. ابن سيده: الكلام القَوْل، معروف، وقيل:
الكلام ما كان مُكْتَفِياً بنفسه وهو الجملة، والقول ما لم يكن مكتفياً بنفسه،
وهو الجُزْء من الجملة؛ قال سيبويه: اعلم أَنّ قُلْت إنما وقعت في
الكلام على أَن يُحكى بها ما كان كلاماً لا قولاً، ومِن أَدلّ الدليل على
الفرق بين الكلام والقول إجماعُ الناس على أَن يقولوا القُرآن كلام الله ولا
يقولوا القرآن قول الله، وذلك أَنّ هذا موضع ضيِّق متحجر لا يمكن تحريفه
ولا يسوغ تبديل شيء من حروفه، فَعُبِّر لذلك عنه بالكلام الذي لا يكون
إلا أَصواتاً تامة مفيدة؛ قال أَبو الحسن: ثم إنهم قد يتوسعون فيضعون كل
واحد منهما موضع الآخر؛ ومما يدل على أَن الكلام هو الجمل المتركبة في
الحقيقة قول كثيِّر:
لَوْ يَسْمَعُونَ كما سمِعتُ كلامَها،
خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعاً وسُجُودا
فمعلوم أَن الكلمة الواحدة لا تُشجِي ولا تُحْزِنُ ولا تَتملَّك قلب
السامع، وإنما ذلك فيما طال من الكلام وأَمْتَع سامِعِيه لعُذوبة
مُسْتَمَعِه ورِقَّة حواشيه، وقد قال سيبويه: هذا باب أَقل ما يكون عليه الكلم،
فدكر هناك حرف العطف وفاءه ولام الابتداء وهمزة الاستفهام وغير ذلك مما هو
على حرف واحد، وسمى كل واحدة من ذلك كلمة. الجوهري: الكلام اسم جنس يقع
على القليل والكثير، والكَلِمُ لا يكون أقل من ثلاث كلمات لأَنه جمع كلمة
مثل نَبِقة ونَبِق، ولهذا قال سيبويه: هذا باب علم ما الكلِمُ من العربية،
ولم يقل ما الكلام لأنه أَراد نفس ثلاثة أَشياء: الاسم والفِعْل
والحَرف، فجاء بما لا يكون إلا جمعاً وترك ما يمكن أن يقع على الواحد والجماعة،
وتميم تقول: هي كِلْمة، بكسر الكاف، وحكى الفراء فيها ثلاث لُغات: كَلِمة
وكِلْمة وكَلْمة، مثل كَبِدٍ وكِبْدٍ وكَبْدٍ، ووَرِقٍ ووِرْقٍ ووَرْقٍ،
وقد يستعمل الكلام في غير الإنسان؛ قال:
فَصَبَّحَتْ، والطَّيْرُ لَمْ تَكَلَّمِ،
جابِيةً حُفَّتْ بِسَيْلٍ مُفْعَمِ
(* قوله «مفعم» ضبط في الأصل والمحكم هنا بصيغة اسم المفعول وبه أيضاً
ضبط في مادة فعم من الصحاح).
وكأَنّ الكلام في هذا الاتساع إنما هو محمول على القول، أَلا ترى إلى
قلة الكلام هنا وكثرة القول؟ والكِلْمَة: لغةٌ تَميمِيَّةٌ، والكَلِمة:
اللفظة، حجازيةٌ، وجمعها كَلِمٌ، تذكر وتؤنث. يقال: هو الكَلِمُ وهي
الكَلِمُ. التهذيب: والجمع في لغة تميم الكِلَمُ؛ قال رؤبة:
لا يَسْمَعُ الرَّكْبُ به رَجْعَ الكِلَمْ
وقالل سيبويه: هذا باب الوقف في أَواخر الكلم المتحركة في الوصل، يجوز
أن تكون المتحركة من نعت الكَلِم فتكون الكلم حينئذ مؤنثة، ويجوز أن تكون
من نعت الأَواخر، فإذا كان ذلك فليس في كلام سيبويه هنا دليل على تأْنيث
الكلم بل يحتمل الأَمرين جميعاً؛ فأَما قول مزاحم العُقَيليّ:
لَظَلّ رَهِيناً خاشِعَ الطَّرْفِ حَطَّه
تَحَلُّبُ جَدْوَى والكَلام الطَّرائِف
فوصفه بالجمع، فإنما ذلك وصف على المعنى كما حكى أَبو الحسن عنهم من
قولهم: ذهب به الدِّينار الحُمْرُ والدِّرْهَمُ البِيضُ؛ وكما قال:
تَراها الضَّبْع أَعْظَمهُنَّ رَأْسا
فأَعادَ الضمير على معنى الجنسية لا على لفظ الواحد، لما كانت الضبع هنا
جنساً، وهي الكِلْمة، تميمية وجمعها كِلْم، ولم يقولوا كِلَماً على
اطراد فِعَلٍ في جمع فِعْلة. وأما ابن جني فقال: بنو تميم يقولون كِلْمَة
وكِلَم كَكِسْرَة وكِسَر. وقوله تعالى: وإذ ابْتَلى إبراهيمَ رَبُّه
بكَلِمات؛ قال ثعلب: هي الخِصال العشر التي في البدن والرأْس. وقوله تعالى:
فتَلَقَّى آدمُ من ربه كَلِماتٍ؛ قال أَبو إسحق: الكَلِمات، والله أَعلم،
اعْتِراف آدم وحواء بالذَّنب لأَنهما قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنْفُسَنا. قال
أَبو منصور: والكلمة تقع على الحرف الواحد من حروف الهجاء، وتقع على لفظة
مؤلفة من جماعة حروفٍ ذَاتِ مَعْنىً، وتقع على قصيدة بكمالها وخطبة
بأَسْرها. يقال: قال الشاعر في كَلِمته أَي في قصيدته. قال الجوهري: الكلمة
القصيدة بطُولها.
وتَكلَّم الرجل تَكلُّماً وتِكِلاَّماً وكَلَّمه كِلاَّماً، جاؤوا به
على مُوازَنَة الأَفْعال، وكالمَه: ناطَقَه. وكَلِيمُك: الذي يُكالِمُك.
وفي التهذيب: الذي تُكَلِّمه ويُكَلِّمُك يقال: كلَّمْتُه تَكلِيماً
وكِلاَّماً مثل كَذَّبْته تَكْذيباً وكِذَّاباً. وتَكلَّمْت كَلِمة وبكَلِمة.
وما أَجد مُتكَلَّماً، بفتح اللام، أي موضع كلام. وكالَمْته إذا حادثته،
وتَكالَمْنا بعد التَّهاجُر. ويقال: كانا مُتَصارِمَيْن فأَصبحا
يَتَكالَمانِ ولا تقل يَتَكَلَّمانِ. ابن سيده: تَكالَمَ المُتَقاطِعانِ كَلَّمَ
كل واحد منهما صاحِبَه، ولا يقال تَكَلَّما. وقال أَحمد بن يحيى في قوله
تعالى: وكَلَّم الله موسى تَكْلِيماً؛ لو جاءت كَلَّمَ الله مُوسَى مجردة
لاحتمل ما قلنا وما قالوا، يعني المعتزلة، فلما جاء تكليماً خرج الشك
الذي كان يدخل في الكلام، وخرج الاحتمال للشَّيْئين، والعرب تقول إذا وُكِّد
الكلامُ لم يجز أن يكون التوكيد لغواً، والتوكيدُ بالمصدر دخل لإخراج
الشك. وقوله تعالى: وجعلها كَلِمة باقِيةً في عَقِبه؛ قال الزجاج: عنى
بالكلمة هنا كلمة التوحيد، وهي لا إله إلا الله، جَعلَها باقِيةً في عَقِب
إبراهيم لا يزال من ولده من يوحِّد الله عز وجل. ورجل تِكْلامٌ وتِكْلامة
وتِكِلاَّمةٌ وكِلِّمانيٌّ: جَيِّدُ الكلام فَصِيح حَسن الكلامِ
مِنْطِيقٌٌ. وقال ثعلب: رجل كِلِّمانيٌّ كثير الكلام، فعبر عنه بالكثرة، قال:
والأُنثى كِلِّمانيَّةٌ، قال: ولا نظير لِكِلِّمانيٍّ ولا لِتِكِلاَّمةٍ. قال
أَبو الحسن: وله عندي نظير وهو قولهم رجل تِلِقَّاعةٌ كثير الكلام.
والكَلْمُ: الجُرْح، والجمع كُلُوم وكِلامٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يَشْكُو، إذا شُدَّ له حِزامُه،
شَكْوَى سَلِيم ذَرِبَتْ كِلامُه
سمى موضع نَهْشة الحية من السليم كَلْماً، وإنما حقيقته الجُرْحُ، وقد
يكون السَّلِيم هنا الجَرِيحَ، فإذا كان كذلك فالكلم هنا أَصل لا مستعار.
وكَلَمَه يَكْلِمُه
(* قوله «وكلمه يكلمه» قال في المصباح: وكلمه يكلمه
من باب قتل ومن باب ضرب لغة ا هـ. وعلى الأخيرة اقتصر المجد. وقوله «وكلمة
كلماً جرحه» كذا في الأصل وأصل العبارة للمحكم وليس فيها كلماً) كَلْماً
وكَلَّمه كَلْماً: جرحه، وأَنا كالِمٌ ورجل مَكْلُوم وكَلِيم؛ قال:
عليها الشَّيخُ كالأَسَد الكَلِيمِ
والكَلِيمُ، فالجر على قولك عليها الشيخ كالأَسدِ الكليم إذا جُرِح
فَحَمِي أَنْفاً، والرفع على قولك عليها الشيخُ الكلِيمُ كالأَسد، والجمع
كَلْمى. وقوله تعالى: أَخرجنا لهم دابّة من الأَرض تُكَلِّمهم؛ قرئت:
تَكْلِمُهم وتُكَلِّمُهم، فتَكْلِمُهم: تجرحهم وتَسِمهُم، وتُكَلِّمُهم: من
الكلام، وقيل: تَكْلِمهم وتُكَلِّمهم سواء كما تقول تَجْرحهُم وتُجَرِّحهم،
قال الفراء: اجتمع القراء على تشديد تُكَلِّمهم وهو من الكلام، وقال أَبو
حاتم: قرأَ بعضهم تَكْلِمهُم وفسر تَجْرحهُم، والكِلام: الجراح، وكذلك
إن شدد تُكلِّمهم فذلك المعنى تُجَرِّحهم، وفسر فقيل: تَسِمهُم في وجوههم،
تَسِمُ المؤمن بنقطة بيضاء فيبيضُّ وجهه، وتَسِم الكافر بنقطة سوداء
فيسودّ وجهه. والتَّكْلِيمُ: التَّجْرِيح؛ قال عنترة:
إذ لا أَزال على رِحالةِ سابِحٍ
نَهْدٍ، تَعاوَرَه الكُماة، مُكَلَّمِ
وفي الحديث: ذهَب الأَوَّلون لم تَكْلِمهم الدنيا من حسناتهم شيئاً أي
لم تؤثِّر فيهم ولم تَقْدح في أَديانهم، وأَصل الكَلْم الجُرْح. وفي
الحديث: إنا نَقُوم على المَرْضى ونُداوي الكَلْمَى؛ جمع كَلِيم وهو الجَريح،
فعيل بمعنى مفعول، وقد تكرر ذكره اسماً وفعلاً مفرداً ومجموعاً. وفي
التهذيب في ترجمة مسح في قوله عز وجل: بِكَلِمةٍ منه اسمه المَسِيح؛ قال أَبو
منصور: سمى الله ابتداء أَمره كَلِمة لأَنه أَلْقَى إليها الكَلِمة ثم
كَوَّن الكلمة بشَراً، ومعنى الكَلِمة معنى الولد، والمعنى يُبَشِّرُك
بولد اسمه المسيح؛ وقال الجوهري: وعيسى، عليه السلام، كلمة الله لأَنه لما
انتُفع به في الدّين كما انتُفع بكلامه سمي به كما يقال فلان سَيْفُ الله
وأَسَدُ الله.
والكُلام: أَرض غَليظة صَليبة أو طين يابس، قال ابن دريد: ولا أَدري ما
صحته، والله أَعلم.
لبن: اللَّبَنُ: معروف اسم جنس. الليث: اللَّبَنُ خُلاصُ الجَسَدِ
ومُسْتَخْلَصُه من بين الفرث والدم، وهو كالعَرق يجري في العُروق، والجمع
أَلْبان، والطائفة القليلة لَبَنةٌ. وفي الحديث: أَن خديجة، رضوان الله
عليها، بَكَتْ فقال لها النبي، صلى الله عليه وسلم: ما يُبْكِيكِ؟ فقالت:
دَرَّت لَبَنةُ القاسم فذَكَرْتُه؛ وفي رواية: لُبَيْنةُ القاسم، فقال لها:
أَما تَرْضَيْنَ أَن تَكْفُلَهُ سارة في الجنة؟ قالت: لوَدِدْتُ أَني علمت
ذلك، فغضبَ النبي، صلى الله عليه وسلم، ومَدَّ إصْبَعَه فقال: إن شئتِ
دَعَوْتُ الله أَن يُرِيَك ذاك، فقالت: بَلى أُصَدِّقُ الله ورسوله؛
اللَّبَنَةُ: الطائفة من اللَّبَنِ، واللُّبَيْنَةُ تصغيرها. وفي الحديث: إن
لَبَنَ الفحل يُحَرِّمُ؛ يريد بالفحل الرجلَ تكون له امرأَة ولدت منه
ولداً ولها لَبَنٌ، فكل من أَرضعته من الأَطفال بهذا فهو محرَّم على الزوج
وإخوته وأَولاده منها ومن غيرها، لأَن اللبن للزوج حيث هو سببه، قال: وهذا
مذهب الجماعة، وقال ابن المسيب والنَّخَعِيُّ: لا يُحَرِّم؛ ومنه حديث
ابن عباس وسئل عن رجل له امرأَتان أَرْضَعَتْ إحداهما غلاماً والأُخرى
جارية: أَيَحِلُّ للغُلام أَن يتزوَّج بالجارية؟ قال: لا، اللِّقاحُ واحدٌ.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، واستأْذن عليها أَبو القُعَيْس أَن تأْذن
له فقال: أَنا عَمُّكِ أَرضَعَتْكِ امرأَة أَخي، فأَبت عليه حتى ذكرته
لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: هو عمكِ فلْيَلِجْ عليك. وفي
الحديث: أَن رجلاً قتل آخر فقال خذ من أَخِيكَ اللُّبَّنَ أَي إبلا لها
لَبَنٌيعني الدِّيَةَ. وفي حديث أُميَّةَ بن خَلَفٍ: لما رآهم يوم بدر
يَقْتُلُونَ قال أَما لكم حاجةٌ
في اللُّبَّنِ أَي تأْسِرُون فتأْخذون فِدَاءَهم إبلاً لها لَبَنٌ.
وقوله في الحديث: سَيهْلِكُ من أُمتي أهلُ الكتابِ وأَهلُ اللَّبَن، فسئل: من
أَهلُ اللَّبَنِ؟ قال: قوم يتبعون الشَّهَواتِ ويُضِيعُون الصلوات. قال
الحَرْبي: أَظنه أَراد يتباعدون عن الأَمصار وعن صلاة الجماعة ويَطْلُبون
مواضعَ اللبن في المراعي والبوادي، وأَراد بأَهل الكتاب قوماً يتعلمون
الكتاب ليجادلوا به الناسَ. وفي حديث عبد الملك بن مَرْوان: وُلِدَ له
وَلدٌ
فقيل له اسْقِه لَبَنَ اللَّبَنِ؛ هو أَن يَسْقِيَ ظِئرَه اللَّبَنَ
فيكونَ ما يَشْرَبُه لَبَناً متولداً عن اللَّبَنِ، فقُصِرَتْ عليه ناقةٌ
فقال لحالبها: كيف تَحلُبُها أَخَنْفاً أَم مَصْراً أَم فَطْراً؟ فالخَنْفُ
الحَلْبُ بأَربع أَصابع يستعين معها بالإِبهام، والمَصْرُ بثلاث،
والفَطْرُ بالإِصبعين وطرف الإبهام. ولَبَنُ كلِّ شجرة: ماؤها على التشبيه.
وشاةٌ لَبُونٌ ولَبِنةٌ ومُلْبِنَةٌ
ومُلْبِنٌ: صارت ذاتَ لَبَنٍ، وكذلك الناقة إذا كانت ذاتَ لَبَنٍ أَو
نزل اللَّبَنُ في ضرعها. ولَبِنتِ الشاةُ أَي غَزُرَتْ. ونافةٌ
لَبِنةٌ: غزيرة. وناقة لَبُونٌ: مُلْبِنٌ. وقد أَلْبَنتِ الناقةُ إذا
نزل لَبَنُها في ضَرْعها، فهي مُلْبِنٌ؛ قال الشاعر:
أَعْجَبها إذا أَلْبَنَتْ لِبانُه
وإذا كانت ذاتَ لَبَنٍ في كل أَحايينها فهي لَبُونٌ، وولدها في تلك
الحال ابنُ لَبُونٍ، وقيل: اللَّبُونُ من الشاءِ والإبل ذاتُ اللَّبَنِ،
غزيرَةً كانت أَو بَكِيئةً، وفي المحكم: اللَّبُونُ، ولم يُخَصِّصْ، قال:
والجمع لِبانٌ ولِبْنٌ؛ فأَما لِبْنٌ
فاسم للجمع، فإذا قَصَدُوا قَصْدَ الغزيرة قالوا لَبِنَة، وجمعها لَبِنٌ
ولِبانٌ؛ الأَخيرة عن أَبي زيد، وقد لَبِنَتْ لَبَناً. قال اللحياني:
اللَّبُونُ واللَّبُونة ما كان بها لَبَنٌ، فلم يَخُصَّ شاةً ولا ناقة،
قال: والجمع لُبْنٌ
ولَبائنُ؛ قال ابن سيده: وعندي أَن لُبْناً جمع لَبُون، ولَبائن جمع
لَبُونة، وإن كان الأَول لا يمتنع أَن يجمع هذا الجمع؛ وقوله:
من كان أَشْرَك في تَفَرُّق فالِجٍ،
فلَبُونُه جَرِبَتْ معاً وأَغَدَّتِ
قال: عندي أَنه وضع اللبون ههنا موضع اللُّبْن، ولا يكون هنا واحداً
لأَنه قال جَرِبَتْ معاً، ومعاً إنما يقع على الجمع. الأَصمعي: يقال كم
لُبْنُ شائك أَي كم منها ذاتُ لَبَنٍ. وفي الصحاح عن يونس: يقال كم لُبْنُ
غَنَمِك ولِبْنُ غَنَمِك أَي ذَواتُ الدَّرِّ منها. وقال الكسائي: إنما سمع
كم لِبْنُ غنمك أَي كم رِسْلُ غَنمك. وقال الفراء: شاءٌ لَبِنَةٌ
وغَنم لِبانٌ ولِبْنٌ ولُبْنٌ، قال: وزعم يونس أَنه جمع، وشاءٌ لِبْنٌ
بمنزلة لُبْنٍ؛ وأَنشد الكسائي:
رأيْتُكَ تَبْتاعُ الحِيالَ بِلُبْنِها
وتأْوي بَطِيناً، وابنُ عَمِّكَ ساغِبُ
وقال: واللُّبْنُ جمع اللَّبُونِ. ابن السكيت: الحَلُوبة ما احْتُلِب من
النُّوق، وهكذا الواحدة منهن حَلوبة واحدة؛ وأَنشد:
ما إنْ رأَينا في الزمانِ ذي الكَلَبْ
حَلُوبةً واحدةً فتُحْتَلَبْ
وكذلك اللَّبُونة ما كان بها لَبَنٌ، وكذلك الواحدة منهن أَيضاً، فإذا
قالوا حَلُوبٌ ورَكُوبٌ ولَبُونٌ لم يكن إلا جمعاً؛ وقال الأَعشى:
لَبُون مُعَرَّاة أَصَبْنَ فأَصْبَحَتْ
أَراد الجمع. وعُشْبٌ
مَلْبنَة، بالفتح: تَغْزُر عنه أَلبانُ الماشية وتَكْثُر، وكذلك بَقْلٌ
مَلْبنَة.
واللَّبْنُ: مصدر لَبَنَ القومَ يَلْبِنُهُم لَبْناً سقاهم اللَّبَنَ.
الصحاح: لَبَنْتُه أَلْبُنه وأَلْبِنُه سقيته اللَّبَنَ، فأَنا لابِنٌ.
وفرس مَلْبُون: سُقِيَ اللَّبَنَ؛ وأَنشد:
مَلْبُونة شَدَّ المليكُ أَسْرَها
وفرس مَلْبون ولَبِين: رُبِّيَ باللَّبن مثل عَليف من العَلَف. وقوم
مَلْبونون: أَصابهم من اللبن سَفَهٌ وسُكْرٌ
وجَهْل وخُيَلاءُ كما يصيبهم من النبيذ، وخصصه في الصحاح فقال: قوم
مَلْبونون إذا ظهر منهم سَفَةٌ
يصيبهم من أَلبان الإبل ما يصيب أَصحاب النبيذ. وفرس مَلْبُون: يُغَذَّى
باللبن قال:
لا يَحْمِلُ الفارسَ إلا المَلْبُونْ،
المَحْضُ من أَمامه ومن دُونْ
قال الفارسي: فعَدَّى المَلْبون لأَنه في معنى المسقِيِّ، والمَلْبون:
الجمل السمين الكثير اللحم. ورجل لَبِنٌ: شَرِبَ اللَّبَن
(* قوله «ورجل
لبن شرب اللبن، الذي في التكملة: واللبن الذي يحب اللبن). وأَلْبَنَ
القومُ، فهم لابِنُون؛ عن اللحياني: كثُرَ لَبَنُهم؛ قال ابن سيده: وعندي
أَنَّ لابِناً على النَّسَب كما تقول تامِرٌ وناعِلٌ. التهذيب: هؤلاء قوم
مُلْبِنون إذا كثر لبنهم. ويقال: نحن نَلْبُِنُ جيراننا أَي نسقيهم. وفي
حديث جرير: إذا سقَطَ كان دَرِيناً، وإن أُكِلَ كان لَبِيناً أَي مُدِرّاً
للَّبَن مُكْثِراً له، يعني أَن النَّعَم إذا رعت الأَراك والسَّلَم
غَزُرَتْ أَلبانُها، وهو فعيل بمعنى فاعل كقدير وقادر، كأَنه يعطيها
اللَّبَنَ، من لَبَنْتُ القومَ إذا سقيتهم اللبن. وجاؤوا يَسْتَلْبِنون: يطلبون
اللَّبنَ. الجوهري: وجاء فلان يسْتَلْبِنُ أَي يطلب لبَناً لعياله أَو
لضيفانه. ورجل لابِنٌ: ذو لَبَن، وتامِرٌ: ذو تمر؛ قال الحطيئة:
وغَرَرْتَني، وزَعَمْتَ أَنْـ
نَكَ لابنٌ، بالصَّيْفِ، تامِرْ
(* قوله «وغررتني إلخ» مثله في الصحاح، وقال في التكملة الرواية
أغررتني، على الإنكار).
وبَناتُ اللَّبنِ: مِعىً في البَطْن معروفة؛ قال ابن سيده: وبناتُ لَبنٍ
الأَمعاءُ التي يكون فيها اللَّبن. والمِلْبَنُ: المِحْلَبُ؛ وأَنشد ابن
بري لمسعود بن وكيع:
ما يَحْمِلُ المِلْبنَ إلا الجُرْشُعُ،
المُكْرَبُ الأَوْظِفَةِ المُوَقَّعُ
والمِلْبَنُ: شيء يُصَفَّى به اللَّبنُ أَو يُحْقَنُ. واللَّوابنُ:
الضُّروعُ؛ عن ثعلب. والألْتِبانُ: الارتضاع؛ عنه أَيضاً. وهو أَخوه بلِبان
أُمِّه، بكسر اللام
(* قوله «بكسر اللام» حكى الصاغاني فيه ضم اللام
أيضاً) . ولا يقال بلَبَنِ أُمِّه، إنما اللَّبَنُ الذي يُشْرَب من ناقة أَو
شاة أَو غيرهما من البهائم؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي الأَسْود:
فإن لا يَكُنْها أَو تَكُنْه، فإنه
أَخوها غَذَتْه أُمُّه بلِبانِها
وأَنشد ابن سيده:
وأُرْضِعُ حاجةً بلِبانِ أُخرَى،
كذاكَ الحاجُ تُرْضَعُ باللِّبانِ
واللِّبانُ، بالكسر: كالرِّضاعِ؛ قال الكميت يمدح مَخْلَد بن يزيد:
تَلْقَى النَّدَى ومَخْلَداً حَلِيفَينْ،
كانا معاً في مَهْدِه رَضِيعَينْ،
تَنازعا فيه لِبانَ الثَّدْيَينْ
(* قوله «تنازعا فيه إلخ» قال الصاغاني الرواية: تنازعا منه، ويروى رضاع
مكان لبان).
وقال الأَعشى:
رَضِيعَيْ لِبانٍ ثَدْيَ أُمٍّ تحالَفا
بأَسْحَمَ داجٍ عَوْضُ لا نتَفَرَّقُ
وقال أَبو الأَسود: غَذَته أُمُّه بلبانِها؛ وقال آخر:
وما حَلَبٌ وافَى حَرَمْتُكَ صَعْرَةً
عَلَيَّ، ولا أُرْضِعْتَ لي بلِبانِ
وابنُ لَبُون: ولد الناقة إِذا كان في العام الثاني وصار لها لَبَنٌ.
الأَصمعي وحمزة: يقال لولد الناقة إِذا استكمل سنتين وطعن في الثالثة ابنُ
لَبُون، والأُنثى ابنةُ لَبُونٍ، والجماعات بناتُ
لَبونٍ للذكر والأُنثى لأَن أُمَّه وضعت غيره فصار لها لبن، وهو نكرة
ويُعَرّف بالأَلف واللام؛ قال جرير:
وابنُ اللَّبُونِ، إِذا لُزَّ في قَرَنٍ،
لم يسْتَطِعْ صَوْلةَ البُزْلِ القَناعِيسِ
وفي حديث الزكاة ذِكْرُ بنتِ اللَّبونِ
وابن اللَّبون، وهما من الإِبل ما أَتى عليه سنَتان ودخل في السنة
الثالثة فصارت أُمه لبوناً أَي ذاتَ لَبَنٍ لأَنها تكون قد حملت حملاً آخر
ووضعته. قال ابن الأَثير: وجاء في كثير من الروايات ابن لَبُون ذكَرٌ، وقد
علم أَن ابن اللبون لا يكون إِلا ذكراً، وإِنما ذكره تأْكيداً كقوله:
ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى وشعبان، وكقوله تعالى: تلك عَشَرةٌ كاملة؛
وقيل ذكر ذلك تنبيهاً لرب المال وعامل الزكاة، فقال: ابنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ
لتَطِيبَ نفسُ رَبِّ المال بالزيادة المأْخوذة منه إِذا عَلِمَ أَنه قد
شرع له من الحق، وأَسقط عنه ما كان بإزائه من فَضْلِ الأُنوثة في الفريضة
الواجبة عليه، وليعلم العاملُ أَن سِنَّ الزكاة في هذا النوع مقبول من رب
المال، وهو أَمر نادر خارج عن العُرْف في باب الصدقات، ولا يُنْكَرُ
تكرار اللفظ للبيان وتقرير معرفته في النفوس مع الغرابة والنُّدُور: وبَناتُ
لَبُونٍ: صِغارُ العُرْفُطِ، تُشَبَّه ببناتِ لَبونٍ من الإِبل.
ولَبَّنَ الشيءَ: رَبَّعَه.
واللَّبِنة واللبِّنْة: التي يُبْنَى بها، وهو المضروب من الطين
مُرَبَّعاً، والجمع لَبِنٌ ولِبْنٌ، على فَعِلٍ وفِعْلٍ، مثل فَخِذٍ وفِخْذ
وكَرِش وكِرْشٍ؛ قال الشاعر:
أَلَبِناً تُريد أَم أَروخا
(* قوله «أم أروخا» كذا بالأصل).
وأَنشد ابن سيده:
إِذ لا يَزالُ قائلٌ أَبِنْ أَبِنْ
هَوْذَلةَ المِشْآةِ عن ضَرْسِ اللَّبِنْ
قوله: أَبِنْ أَبِنْ أَي نَحِّها، والمِشْآةُ: زَبيل يُخرَجُ به الطين
والحَمْأَةُ من البئر، وربما كان من أَدَمٍ، والضَّرْسُ: تَضْريسُ طَيّ
البئر بالحجارة، وإِنما أَراد الحجارة فاضطُرَّ وسماها لَبِناً احتِياجاً
إِلى الرَّوِيّ؛ والذي أَنشده الجوهري:
إِمّا يَزالُ قائلٌ أَبِنْ أَبِنْ
دَلْْوَكَ عن حَدِّ الضُّروسِ واللَّبِنْ
قال ابن بري: هو لسالم بن دارة، وقيل: لابن مَيّادَة؛ قال: قاله ابن
دريد. وفي الحديث: وأَنا مَوْضِعُ تلك اللَّبِنَة؛ هي بفتح اللام وكسر الباء
واحدة اللَّبِنِ التي يُبْنَى بها الجدار، ويقال بكسر اللام
(* قوله
«ويقال بكسر اللام إلخ» ويقال لبن، بكسرتين، نقله الصاغاني عن ابن عباد ثم
قال: واللبنة كفرحة حديدة عريضة توضع على العبد إذا هرب. وألبنت المرأة
اتخذت التلبينة، واللبنة بالضم اللقمة) . وسكون الباء. ولَبَّنَ اللَّبِنَ:
عَمِله. قال الزجاج: قوله تعالى: قالوا أُوذينا من قبلِ أَن تأْتيَنا
ومن بعد ما جئتنا؛ يقال إِنهم كانوا يستعملون بني إسرائيل في تَلْبِين
اللَّبِنِ، فلما بُعث موسى، عله السلام، أَعْطَوْهم اللَّبِنَ يُلَبِّنونه
ومنعوهم التِّبْنَ ليكون ذلك أَشق عليهم. ولَبَّنَ
الرجلُ تَلْبيناً إِذا اتخذ اللَّبِنَ.
والمِلْبَنُ: قالَبُ اللَّبِنِ، وفي المحكم: والمِلْبَنُ الذي يُضْرَبُ
به اللَّبِنُ. أَبو العباس: ثعلب المِلْبَنُ المِحْمَلُ، قال: وهو مطوَّل
مُرَبَّع، وكانت المحامل مُرَبَّعة فغيرها الحجاج لينام فيها ويتسع،
وكانت العرب تسميها المِحْمَلَ والمِلْبَنَ والسّابِلَ. ابن سيده:
والمِلْبَنُ شِبْهُ المِحْمَل يُنْقَل فيه اللَّبِن.
ولَبِنَةُ القميص: جِرِبّانُه؛ وفي الحديث: ولَبِنَتُها ديباجٌ، وهي
رُقعة تعمل موضِعَ جَيْب القميص والجُبَّة. ابن سيده: ولَبِنَةُ القميص
ولِبْنَتُهُ بَنِيقَتُه؛ وقال أَبو زيد: لَبِنُ القميص ولَبِنَتُه ليس
لَبِناً عنده جمعاً كنَبِقَة ونَبِقٍ، ولكنه من باب سَلٍّ وسَلَّة وبَياض
وبَياضة.
والتَّلْبِينُ: حَساً يتخذ من ماء النُّخالة فيه لَبَنٌ، وهو اسم
كالتَّمْتينِ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، يقول التَّلْبِنة مَجَمَّةٌ لفؤاد المريض تُذْهِبُ بعض
الحُزْن؛ الأَصمعي: التَّلْبينة حَساء يعمل من دقيق أَو نخالة ويجعل فيها عسل،
سميت تَلْبينة تشبهاً باللَّبَن لبياضها ورقتها، وهي تسمية بالمَرَّة من
التَّلبين مصدر لَبَنَ القومَ أَي سَقاهم اللَّبنَ، وقوله مَجَمَّةٌ
لفؤاد المريض أَي تَسْرُو عنه هَمَّه أَي تَكْشِفُه. وقال الرِّياشي في حديث
عائشة: عليكم بالمَشْنِيئَة النافعةِ التَّلْبين؛ قال: يعني الحَسْوَ،
قال: وسأَلت الأَصمعي عن المَشْنِيئَة فقال: يعني البَغِيضة، ثم فسر
التَّلْبينة كما ذكرناه. وفي حديث أُم كلثوم بنت عمرو ابن عقرب قالت: سمعت
عائشة، رضي الله عنها، تقول قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عليكم
بالتَّلْبين البَغيض النافع والذي نفسي بيده إِنه ليَغْسِلُ بطنَ أَحدكم كما
يغسل أَحدُكم وجهه بالماء من الوسخ؛ وقالت: كان إِذا اشتكى أَحدٌ من
أَهله لا تزالُ البُرْمة على النار حتى يأْتي على أَحد طرفيه؛ قال:أَراد
بقوله أَحد طرفيه يعني البُرْءَ أَو الموت؛ قال عثمان: التَّلْبينَة
الذي يقال له السَّيُوساب
(* قوله «السيوساب»
هو في الأصل بغير ضبط وهذا الضبط في هامش نسخة من النهاية معوّل
عليها) . وفي حديث علي: قال سُوَيْد بن غَفَلَةَ دخلتُ عليه فإِذا بين يديه
صحفةٌ فيها خَطِيفة ومِلْبَنة؛ قال ابن الأَثير: هي بالكسر المِلْعَقة،
هكذا شرح، قال: وقال الزمخشري المِلْبَنة لَبَنٌ يوضع على النار
ويُنَزِّلُ عليه دقيق، قال: والأَول أَشبه بالحديث.
واللَّبَانُ: الصدر، وقيل: وسَطُه، وقيل: ما بين الثَّدْيَينِ، ويكون
للإِنسان وغيره؛ أَنشد ثعلب في صفة رجل:
فلمّا وَضَعْناها أَمامَ لَبَانِه،
تبَسَّمَ عن مَكْروهةِ الرِّيقِ عاصبِ
وأَشد أَيضاً:
يَحُكُّ كُدُوحَ القَمْلِ تحت لَبَانِه
ودَفَّيْهِ منها دامِياتٌ وجالِبُ
وقيل: اللَّبانُ الصَّدْرُ من ذي الحافرخاصَّةً، وفي الصحاح:اللَّبانُ،
بالفتح، ما جرى عليه اللَّبَبُ من الصدرِ؛ وفي حديث الاستسقاء:
أَتَيْناكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لَبانُها
أَي يَدْمَى صَدْرُها لامْتِهانِها نفْسَها في الخدمة حيث لا تَجِدُ
ما تُعْطيه من يَخْدُمها من الجَدْبِ وشدَّة الزمان. وأَصلُ اللَّبان في
الفرس موضعُ اللَّبَبِ، ثم استعير للناس؛ وفي قصيد كعب، رضي الله عنه:
تَرْمي اللَّبَانَ بكفَّيْها ومِدْرَعِها
وفي بيت آخر منها:
ويُزْلِقُه منها لَبانٌ
ولَبَنَه يَلْبِنُه لَبْناً: ضَرَبَ لَبانَه. واللَّبَنُ: وجَعُ العُنق
من الوِسادَة، وفي المحكم: وجَعُ العُنق حتى لا يَقْدِرَ أَن
يَلْتَفِت، وقد لَبِنَ، بالكسر، لَبَناً. وقال الفراء: اللَّبِنُ الذي اشتكى
عُنُقَه من وِسادٍ أَو غيره. أَبو عمرو: اللَّبْنُ ا لأَكل الكثير.
ولَبَنَ من الطعام لَبْناً صالحاً: أَكثر؛ وقوله أَنشده ثعلب:
ونحنُ أَثافي القِدْرِ ، والأَكلُ سِتَّةٌ
جَرَاضِمَةٌ جُوفٌ، وأَكْلَتُنا اللَّبْنُ
يقول: نحن ثلاثة ونأْكل أَكل ستة. واللَّبْنُ: الضربُ الشديد. ولَبَنَه
بالعصا يَلْبِنُه، بالكسر، لَبْناً إِذا ضربه بها. يقال: لَبَنَه ثلاث
لَبَناتٍ. ولَبَنه بصخرةٍ: ضربه بها. قال الأَزهري: وقع لأَبي عمرو
اللَّبْنُ، بالنون، في الأَكل الشديد والضرب الشديد، قال: والصواب
اللَّبْزُ، بالزاي، والنون تصحيف. واللَّبْنُ: الاسْتِلابُ؛ قال ابن سيده: هذا
تفسيره، قال: ويجوز أَن يكون مما تقدم. ابن الأَعرابي: المِلْبَنةُ
المِلْعَقةُ.
واللُّبْنَى: المَيْعَة. واللُّبْنَى واللُّبْنُ: شجر. واللُّبانُ: ضرب
من الصَّمْغ. قال أَبو حنيفة: اللُّبانُ شُجَيْرة شَوِكَة لا تَسْمُو
أَكثر من ذراعين، ولها ورقة مثل ورقة الآس وثمرة مثل ثمرته، وله
حَرارة في الفم. واللُّبانُ: الصَّنَوْبَرُ؛ حكاه السُّكَّرِيُّ وابن
الأَعرابي، وبه فسر السُّكَّرِيُّ قولَ امرئ القيس:
لها عُنُق كسَحُوقِ اللُّبانْ
فيمن رواه كذلك؛ قال ابن سيده: ولا يتجه على غيره لأَن شجرة
اللُّبانِ من الصَّمْغ إِنما هي قَدْرُ قَعْدَةِ إِنسان وعُنُقُ الفرس أَطولُ
من ذلك؛ ابن الأَعرابي: اللُّبانُ شجر الصَّنَوْبَر في قوله:
وسالِفَة كسَحُوقِ اللُّبانْ
التهذيب: اللُّبْنَى شجرة لها لَبَنٌ كالعسل، يقال له عَسَلُ لُبْنَى؛
قال الجوهري: وربما يُتَبَخَّر به؛ قال امرؤُ القيس:
وباناً وأُلْوِيّاً من الهِنْدِ ذاكِياً،
ورَنْداً ولُبْنَى والكِباءَ المُقَتَّرا
واللُّبانُ: الكُنْدرُ. واللُّبانة: الحاجة من غير فاقة ولكن من
هِمَّةٍ. يقال: قَضَى فلان لُبانته، والجمع لُبانٌ كحاجةٍ وحاجٍ؛ قال ذو
الرمة:غَداةَ امْتَرَتْ ماءَ العُيونِ ونغَّصتْ
لُباناً من الحاجِ الخُدُورُ الرَّوافِعُ
ومَجْلِسٌ لَبِنٌ: تُقْضى فيه اللُّبانة، وهو على النسب؛ قال الحرث بن
خالد بن العاصي:
إِذا اجتَمعْنا هَجرْنا كلَّ فاحِشةٍ،
عند اللِّقاء، وذاكُمْ مَجْلِسٌ لَبِنُ
والتَّلَبُّنُ: التَّلَدُّنُ والتَّمَكُّثُ والتَّلبُّثُ؛ قال ابن بري:
شاهده قول الراجز:
قال لها: إِيّاكِ أَن تَوَكَّني
في جَلْسةٍ عِنديَ، أَو تَلَبَّني
وتَلَبَّنَ؛ تمكَّثَ؛ وقوله رؤبة
(* قوله
«وقول رؤبة فهل إلخ» عجزه كما في التكملة: راجعة عهداً من التأسن) :
فهل لُبَيْنَى من هَوَى التَّلبُّن
قال أَبو عمرو: التَّلبُّن من اللُّبانة. يقال: لي لُبانةٌ أَتَلبَّنُ
عليها أَي أَتمكَّثُ. وتَلبَّنْتُ تَلبُّناً وتَلدَّنْتُ تَلدُّناً
كلاهما: بمعنى تَلبَّثْتُ وتمكَّثْتُ. الجوهري: والمُلَبَّنُ، بالتشديد،
الفَلانَج؛ قال: وأَظنه مولَّداً. وأَبو لُبَيْنٍ: الذكر. قال ابن بري: قال
ابن حمزة ويُكَنَّى الذكر أَبا لُبَيْنٍ؛ قال: وقد كناه به المُفَجَّع
فقال:
فلما غابَ فيه رَفَعْتُ صَوْتي
أُنادي: يا لِثاراتِ الحُسَيْنِ
ونادَتْ غلْمَتي: يا خَيْلَ رَبِّي
أَمامَكِ، وابْشِرِي بالجَنَّتَيْنِ
وأَفْزَعَه تَجاسُرُنا فأَقْعَى،
وقد أَثْفَرْتُه بأَبي لُبَيْنِ
ولُبْنٌ ولُبْنَى ولُبْنانٌ: جبال: وقول الراعي:
سيَكْفِيكَ الإِلهُ ومُسْنَماتٌ
كجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصِّلالا
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون ترخيمَ لُبْنانٍ في غير النداء اضطراراً،
وأَن تكون لُبْنٌ أَرضاً بعينها؛ قال أَبو قِلابةَ الهُذَليُّ:
يا دارُ أَعْرِفُها وَحْشاً مَنازِلُها،
بَينَ القَوائِم من رَهْطٍ فأَلْبانِ
قال ابن الأَعرابي: قال رجل من العرب لرجل آخر لي إِليك حُوَيِّجَة،
قال: لا أَقْضِيها حتى تكونَ لُبْنانِيَّة أَي عظيمة مثل لُبْنانٍ، وهو
اسم جبل، قال: ولُبْنانٌ فُعْلانٌ ينصرف. ولُبْنَى:اسم امرأَة.
ولُبَيْنَى: اسم ابنة إِبليس، واسمُ ابنه لاقِيسُ، وبها كُنِيَ أَبا
لُبَيْنَى؛ وقول الشاعر:
أَقْفَرَ منها يَلْبَنٌ فأَفْلُس
قال: هما موضعان .
فلك: الفَلَك: مَدارُ النجوم، والجمع أَفْلاك. والفَلَكُ: واحد أَفْلاك
النجوم، قال: ويجوز أَن يجمع على فُعْل مثل أَسَدٍ وأُسْدٍ، وخَشَب
وخُشْب. وفَلَكُ كل شيء: مُسْتداره ومُعْظمه. وفَلَكُ البحر: مَوْجُه
المسْتَدير المترَدّد. وفي حديث عبد الله بن مسعود: أَن رجلاً أَتى رجلاً وهو
جالس عنده فقال: إني تَرَكْتُ فَرَسَك كأنه يدورفي فَلَكٍ، قال أَبو عبيد:
قوله في فَلَكٍ فيه قولان: فأَما الذي تعرفه العامّة فإنه شبهه بفَلَكِ
السماء الذي تدور عليه النجوم وهو الذي يقال له القُطْب شُبِّه بقُطْب
الرَّحى، قال: وقال بعض العرب الفَلَكُ هو الموج إذا ماج في البحر فاضطرب
وجاء وذهب فشبَّه الفرس في اضطرابه بذلك، وإنما كانت عَيْناً أَصابته، قال:
وهو الصحيح. والفَلَكُ: موج البحر. والفَلَكُ: جاء في الحديث أَنه
دَورَانُ السماء، وهو اسم للدوَران خاصةً، والمنجمون يقولون سبعة أَطْواقٍ دون
السماء قد رُكِّبَت فيها النجوم السبعة، في كل طَوْقٍ منها نجم، وبعضها
أَرفع من بعض يَدُور فيها بإذن الله تعالى. الفراء: الفَلَكُ استدارة
السماء. الزجاج في قوله: كلٌّ في فَلَك يَسْبحون؛ لكل واحد وترتفع عما حولها،
الواحدة فَلَكةٌ، بفتح اللام؛ قال الراعي:
إذا خِفْنَ هَوْل بُطونِ البِلاد،
تَضَمَّنها فَلَكٌ مُزْهِرُ
يقول: إذا خافت الأدغالَ وبُطونَ الأَرض ظهرتِ الفَلَكُ. والفَلْكةُ،
بسكون اللام: المستدير من الأَرض في غلظ أَو سهولة، وهي كالرَّحى.
والفَلََكُ: اسم للجمع؛ قال سيبويه: وليس بجمع، والجمع فلاكٌ كصحفة وصِحاف.
والفَلَكُ من الرمال: أَجْوِية غلاظ مستديرة كالكَذَّانِ يحتفرها الظباءُ. ابن
الأَعرابي: الأَفْلَكُ الذي يدور حول الفَلَك، وهو التَّل من الرمل حوله
فضاء.
ابن شميل: الفَلْكَةُ أَصاغِر الآكام، وإنما فَلَّكها اجتماعُ رأسها
كأَنه فَلْكَةُ مِغْزَل لا يُنْبت شيئاً. والفَلْكَة: طويلة قدر رُمْحين أَو
رمح ونصف؛ وأَنشد:
يَظَلاَّنِ، النهارَ، برأسِ قُفٍّ
كُمَيْتِ اللَّوْنِ، ذي فَلَكٍ رَفيعِ
الجوهري: والفَلْكة قطعة من الأَرض تستدير وترتفع على ما حولها؛ قال
الشاعر:
خِوانُهم فَلْكَةٌ لَمِغْزَلهم،
يحَارُ فيه، لحُسْنِه، البَصَرُ
والجمع فَلْكٌ؛ قال الكميت:
فلا تَبْكِ العِراصَ ودِمْنَتَيْها
بناظِرةٍ، ولا فَلْكَ الأَميلِ
قال ابن بري: وفي غريب المصنف فَلَكةٌ وفَلَك، بالتحريك، وفي كتاب
سيبويه: فَلْكَة وفَلَكٌ مثل حَلْقة وحَلَقٍ ونَشْفَة ونَشَفٍ، ومنه قيل:
فَلَّكَ ثديُ الجارية تَفْليكاً، وتَفَلَّك: استدار. والفَلْكة من البعير:
مَوْصِل ما بين الفَقْرتين. وفَلْكة اللسان: الهَنَةُ الناتئة على رأس أَصل
اللسان. وفَلْكةُ الزَّوْر: جانِبُه وما استدارمنه. وفَلْكة المِغْزَلِ:
معروفة سميت لاستدارتها، وكلُّ مستدير فَلْكة، والجمع من ذلك كله فِلَكٌ
إلا الفَلْكَة من الأَرض. وفَلَّك الفصيلَ: عمل له من الهُلْبِ مثل
فَلْكَة المغزل، ثم شق لسانه فجعلها فيه لئلا يَرْضَع؛ قال ابن مُقبل
فيه:رُبَيِّبٌ لم تُفَلِّكْهُ الرّعاءُ، ولم
يَقْصُرْ بحَومَلَ، أَدْنى شُرْبه ورَعُ
أَي كَفٌّ. التهذيب: أَبو عمرو والتَّفْلِيك أَن يجعل الراعي من الهُلْب
مثلَ فَلْكة المِغْزل ثم يثقب لسان الفصيل فيجعله فيه لئلا يرضع أُمه.
الليث: فَلَّكْتُ الجَدْيَ، وهو قَضِيب يُدارعلى لسانه لئلا يرضع؛ قال
الأَزهري: والصواب في التَّفْليك ما قال أَبوعمرو. والثُّدِيُّ الفَوالك:
دون النَّواهِد. وفَلَكَ ثديُها وفَلَّكَ وأَفْلَكَ: وهو دون النهود؛
الأَخيرة عن ثعلب. وفَلَّكَتِ الجارية تَفْلِيكاً، وهي مُفَلِّكٌ، وفَلَّكَتْ،
وهي فالك إذا تَفَلَّكَ ثديُها أَي صار كالفَلْكة؛ وأَنشد:
جاريةٌ شَبَّتْ شباباً هَبْرَكا،
لم يَعْدُ ثَدْيا نَحْرِها أَن فَلَّكا،
مُسْتَفْكِرانِ المَسَّ قَدْ تَدَمْلَكا
والفُلْكُ: بالضم: السفينة، تذكر وتؤنث وتقع على الواحد والاثنين
والجمع، فإن شئت جعلته من باب جُنُبٍ،وإن شئت من بابِ دلاصٍ وهِجانٍ، وهذا
الوجه الأَخير هو مذهب سيبويه، أَعني أَن تكون ضمة الفاء من الواحد بمنزلة
ضمة باء بُرْد وخاء خُرْج، وضمة الفاء في الجمع بمنزل ضمة حاءُ حُمْر وصاد
صُفْر جمع أَحمر وأَصفر، قال الله في التوحيد والتذكير: في الفُلْك
المشحون، فذكَّر الفُلْك وجاء به مُوَحّداً، ويجوز أَن يؤنث واحده كقول الله
تعالى: جاءتها ريح عاصف، فقال: جاءتها فأنث، وقال: وترى الفُلْك فيه مواخر،
فجمع، وقال تعالى: والفُلْكِ التي تجري في البحر، فأَنث ويحتمل أَن يكون
واحداً وجمعاً، وقال تعالى: حتى إذا كنتم في الفُلْكِ وجَرَيْنَ بهم،
فجع وأَنث فكأَنه يُذْهب بها إذا كانت واحدة إلى المَرْكَب فيذكر وإلى
السفينة فيؤنث؛ وقال الجوهري: وكان سيبويه يقول الفُلْكُ التي هي جمع تكسير
للفُلْك التي هي واحد؛ وقال ابن بري: هنا صوابه الفُلْكُ الذي هو واحد.
قال الجوهري: وليس هو مثل الجُِنُبِ الذي هو واحد وجمع والطِّفْلِ وما
أَشبههما من الأَسماء لأَن فُعْلاً وفَعَلاً يشتركان في الشيء الواحد مثل
العُرْب والعَرَب والعُجْم والعَجَم والرُّهْب والرَّهَب، ثم جاز أَن يجمع
فَعَل على فُعْل مثل أَسَدٍ وأُسْدٍ، ولم يمتنع أَن يجمع فُعْل على
فُعْلٍ؛ قال ابن بري: إذا جعلت الفلك واحداً فهو مذكر لا غير، وإن جعلته جمعاً
فهو مؤنث لا غير، وقد قيل: إن الفلك يؤنث وإن كان واحداً؛ قال الله
تعالى: قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين.
وفَلَّكَ الرجلُ في الأَمر وأَفْلَك: لَجَّ. ورجل فَلِكٌ: جافي
المَفاصِل، وهو أَيضاً العظيم الأَلْيتين؛ قال رؤبة:
ولا شَظٍ فَدْمٍ ولا عَبْدٍ فَلِكْ،
يَرْبِضُ في الرَّوْثِ كبِرْذَوْنٍ رَمَكْ
قال أَبو عمرو: الفَلِكُ العبد الذي له أَلية على خلقة الفَلْكَة،
وأَلْياتُ الزِّنْج مُدوَّرة.
والإفْلِيكانِ: لَحْمتانِ تكتنفان اللَّهاةَ.
ابن الأَعرابي: الفَيْلَكُون الشُّوْبَقُ؛ قال أَبو منصور: وهو مُعَرَّب
عندي. والفَيْلَكُونُ: البَرْدِيّ.
كلا: الجوهري: كلاَّ كلمة زَجْر ورَدْع، ومعناها انْتَهِ لا تفعل كقوله
عز وجل: أَيَطْمَعُ كلُّ امْرئٍ منهم أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعيم
كلاَّ؛ أَي لا يَطمَع في ذلك، وقد يكون بمعنى حقّاً كقوله تعالى: كلاَّ لَئِن
لم يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بالناصيةِ؛ قال ابن بري: وقد تأْتي كلا بمعنى لا
كقول الجعدي:
فَقُلْنا لَهُمْ: خَلُّوا النِّساءَ لأَهْلِها،
فقالوا لنا: كَلاَّ فقلنا لهم: بَلَى
وقد تقدَّم أَكثر ذلك في المعتل.
كلا: ابن سيده: كِلا كلمة مَصُوغة للدلالة على اثنين، كما أَنَّ كُلاًّ
مصوغة للدلالة على الجمع؛ قال سيبويه: وليست كِلا من لفظ كلٍّ، كلٌّ
صحيحة وكِلا معتلة. ويقال للأُنثيين كِلْتا، وبهذه التاء حُكم على أَن أَلف
كِلا منقلبة عن واو، لأَن بدل التاء من الواو أَكثر من بدلها من الياء،
قال: وأَما قول سيبويه جعلوا كِلا كَمِعًى، فإِنه لم يرد أَن أَلف كِا
منقلبة عن ياء كما أَنَّ أَلف مِعًى منقلبة عن ياء، بدليل قولهم معيان،
وإِنما أَراد سيبويه أَن أَلف كلا كأَلف معى في اللفظ، لا أَن الذي انقلبت
عليه أَلفاهما واحد، فافهم، وما توفيقنا إِلا بالله، وليس لك في إِمالتها
دليل على أَنها من الياء، لأَنهم قد يُمِيلون بنات الواو أَيضاً، وإِن كان
أَوَّله مفتوحاً كالمَكا والعَشا، فإِذا كان ذلك مع الفتحة كما ترى
فإِمالَتُها مع الكسرة في كِلا أَولى، قال: وأَما تمثيل صاحب الكتاب لها
بَشَرْوَى، وهي من شريت، فلا يدل على أَنها عنده من الياء دون الواو، ولا من
الواو دون الياء، لأَنه إِنما أَراد البدل حَسْبُ فمثل بما لامه من
الأَسماء من ذوات الياء ،مبدلة أَبداً نحو الشَّرْوَى والفَتْوَى. قال ابن جني:
أَما كلتا فذهب سيبويه إِلى أَنها فِعْلَى بمنزلة الذِّكْرَى
والحِفْرَى، قال: وأَصلها كِلْوا، فأُبدلت الواو تاء كما أُبدلت في أُخت وبنت،
والذي يدل على أَنَّ لام كلتا معتلة قولهم في مذكرها كِلا، وكِلا فِعْلٌ
ولامه معتلة بمنزلة لام حِجاً ورِضاً، وهما من الواو لقولهم حَجا يَحْجُو
والرِّضْوان، ولذلك مثلها سيبويه بما اعتلَّت لامه فقال هي بمنزلة شَرْوَى،
وأَما أَبو عُمر الجَرْمِي فذهب إِلى أَنها فِعْتَلٌ، وأَن التاء فيها
علم تأْنِيثها وخالف سيبويه، ويشهد بفساد هذا القول أَن التاء لا تكون
علامة تأْنيث الواحد إِلا وقبلها فتحة نحو طَلحة وحَمْزَة وقائمة وقاعِدة،
أَو أَن يكون قبلها أَلف نحو سِعْلاة وعِزْهاة، واللام في كِلتا ساكنة كما
ترى، فهذا وجه، ووجه آخر أَن علامة التأْنيث لا تكون أَبداً وسطاً، إِنما
تكون آخراً لا محالة، قال: وكلتا اسم مفرد يفيد معنى التثنية بإِجماع من
البصريين، فلا يجوز أَن يكون علامة تأْنيثه التاء وما قبلها ساكن،
وأَيضاً فإِن فِعتَلاً مثال لا يوجد في الكلام أَصلاً فيُحْمَل هذا عليه، قال:
وإِن سميت بكِلْتا رجلاً لم تصرفه في قول سيبويه معرفة ولا نكرة، لأَن
أَلفها للتأْنيث بمنزلتها في ذكْرى، وتصرفه نكرة في قول أَبي عمر لأَن
أَقصى أَحواله عنده أَن يكون كقائمة وقاعدة وعَزَّة وحمزة، ولا تنفصل كِلا
ولا كِلتا من الإِضافة. وقال ابن الأَنباري: من العرب من يميل أَلف كلتا
ومنهم من لا يميلها، فمن أَبطل إمالتها قال أَلفها أَلف تثنية كأَلف غلاما
وذوا، وواحد كلتا كِلت، وأَلف التثنية لاتمال، ومن وقف على كلتا
بالإِمالة فقال كلتا اسم واحد عبر عن التثنية، وهو بمنزلة شِعْرَى وذِكْرَى.
وروى الأَزهري عن المنذري عن أَبي الهيثم أَنه قال: العرب إِذا أَضافت
كُلاًّ إِلى اثنين لينت لامها وجعلت معها أَلف التثنية، ثم سوّت بينهما في
الرفع والنصب والخفض فجعلت إِعرابها بالأَلف وأَضافتها إِلى اثنين وأَخبرت
عن واحد، فقالت: كِلا أَخَوَيْك كان قائماً ولم يقولوا كانا قائمين، وكِلا
عَمَّيْك كان فقيهاً، وكلتا المرأَتين كانت جميلة، ولا يقولون كانتا
جميلتين،. قال الله عز وجل: كِلْتا الجَنَّتَيْنِ آتَت أُكُّلَها، ولم يقل
آتَتا. ويقال: مررت بكِلا الرجلين، وجاءني كلا الرجلين، فاستوى في كلا
إِذا أَضفتها إِلى ظاهرين الرفع والنصب والخفض، فإِذا كنوا عن مخفوضها
أَجروها بما يصيبها من الإِعراب فقالوا أَخواك مررت بكليهما، فجعلوا نصبها
وخفضها بالياء، وقالوا أَخواي جاءاني كلاهما فجعلوا رفع الاثنين بالأَلف،
وقال الأَعش في موضع الرفع:
كِلا أَبَوَيْكُمْ كانَ فَرْعاً دِعامةً
يريد كلّ واحد منهما كان فرعاً؛ وكذلك قال لبيد:
فَغَدَتْ، كِلا الفَرْجَيْنِ تَحْسَبُ أَنَّه
مَوْلى المَخافةِ: خَلْفَها وأَمامها
غَدَتْ: يعني بقرة وحشية، كلا الفرجين: أَراد كلا فرجيها، فأَقام الأَلف
واللام مُقام الكِناية، ثم قال تحسب، يعني البقرة، أَنه ولم يقل أَنهما
مولى المخافة أَي وليُّ مَخافتها، ثم تَرْجَم عن كِلا الفَرْجين فقال
خلفها وأَمامها، وكذلك تقول: كِلا الرجلين قائمٌ وكِلْتا المرأَتين قائمة؛
وأَنشد:
كِلا الرَّجُلَيْن أَفَّاكٌ أَثِيم
وقد ذكرنا تفسير كلٍّ في موضعه. الجوهري: كِلا في تأْكيد الاثنين نظير
كلٍّ في المجموع، وهو اسم مفرد غير مُثَنّى، فإِذا ولي اسماً ظاهراً كان
في الرفع والنصب والخفض على حالة واحدة بالأَلف، تقول: رأَيت كِلا
الرجلين، وجاءني كِلا الرجلين، ومررت بكلا الرجلين، فإِذا اتصل بمضمر قلَبْت
الأَلف ياء في موضع الجر والنصب، فقلت: رأَيت كليهما ومررت بكليهما، كما
تقول عليهما، وتبقى في الرفع على حالها؛ وقال الفراء: هو مثنى مأْخوذ من كل
فخففت اللام وزيدت الأَلف للتثنية، وكذلك كلتا للمؤنث، ولا يكونان إِلا
مضافين ولا يتكلم منهما بواحد، ولو تكلم به لقيل كِلٌ وكِلْتٌ وكِلانِ
وكِلْتانِ؛ واحتج بقول الشاعر:
في كِلْتِ رِجْلَيْها سُلامى واحدهْ،
كِلتاهما مقْرُونةٌ بزائدهْ
أَراد: في إِحدى رجليها، فأَفْرد، قال: وهذا القول ضعيف عند أَهل
البصرة، لأَنه لو كان مثنى لوجب أَن تنقلب أَلفه في النصب والجر ياء مع الاسم
الظاهر، ولأَن معنى كِلا مخالف لمعنى كلّ، لأَن كُلاًّ للإِحاطة وكِلا يدل
على شيءٍ مخصوص، وأَما هذا الشاعر فإِنما حذف الأَلف للضرورة وقدّر
أَنها زائدة، وما يكون ضرورة لا يجوز أَن يجعل حجة، فثبت أَنه اسم مفرد
كَمِعى إِلا أَنه وضع ليدل على التثنية، كما أَن قولهم نحن اسم مفرد يدل على
الاثنين فما فوقهما؛ يدل على ذلك قول جرير:
كِلا يَومَيْ أُمامةَ يوْمُ صَدٍّ،
وإِنْ لم نَأْتِها أِلاَّ لِماما
قال: أَنشدنيه أَبو علي، قال: فإِن قال قائل فلم صار كِلا بالياء في
النصب والجرّ مع المضمر ولزمت الأَلف مع المظهر كما لزمت في الرفع مع
المضمر؟ قيل له: من حقها أَن تكون بالأَلف على كل حال مثل عصا ومعى، إِلا أَنها
لما كانت لا تنفك من الإِضافة شبهت بعلى ولدي، فجعلت بالياء مع المضمر
في النصب والجر، لأَن على لا تقع إِلا منصوبة أَو مجرورة ولا تستعمل
مرفوعة، فبقيت كِلا في الرفع على أَصلها مع المضمر، لأَنها لم تُشَبَّه بعلى
في هذه الحال، قال: وأَما كلتا التي للتأْنيث فإِن سيبويه يقول أَلفها
للتأْنيث والتاء بدل من لام الفعل، وهي واو والأَصل كِلْوا، وإِنما أُبدلت
تاء لأَن في التاء علم التأْنيث، والأَلف في كلتا قد تصير ياء مع المضمر
فتخرج عن علم التأْنيث، فصار في إِبدال الواو تاء تأْكيد للتأْنيث. قال:
وقال أَبو عُمر الجَرْمي التاء ملحقة والأَلف لام الفعل، وتقديرها عنده
فِعْتَلٌ، ولو كان الأَمر كما زعم لقالوا في النسبة إِليها كِلْتَويٌّ،
فلما قالوا كِلَويٌّ وأَسقطوا التاء دلّ أَنهم أَجْروها مُجْرى التاء التي
في أُخت التي إِذا نَسَبت إِليها قلت أَخَوِيٌّ؛ قال ابن بري في هذا
الموضع: كِلَويٌّ قياس من النحويين إِذا سميت بها رجلاً، وليس ذلك مسموعاً
فيحتج به على الجرمي.
الأَزهري في ترجمة كلأَ عند قوله تعالى: قل مَن يَكْلَؤُكُم بالليل
والنهار؛ قال الفراء: هي مهموزة ولو تَركتَ همزة مثله في غير القرآن قلت
يَكْلَوْكم، بواو ساكنة، ويَكْلاكم، بأَلف ساكنة، مثل يخشاكم، ومن جعلها
واواً ساكنة قال كَلات، بأَلف،يترك النَّبْرة منها، ومن قال يَكلاكم قال
كَلَيْتُ مثل قَضَيْت، وهي من لغة قريش، وكلٌّ حسن، إِلا أَنهم يقولون في
الوجهين مَكْلُوَّة ومَكْلُوّ أَكثر مما يقولون مَكْلِيٌّ، قال: ولو قيل
مَكليّ في الذين يقولون كلَيْتُ كان صواباً؛ قال: وسمعت بعض العرب ينشد:
ما خاصَمَ الأَقوامَ من ذي خُصُومةٍ
كَوَرْهاء مَشْنِيٍّ، إِليها، حَلِيلُها
فبنى على شَنَيْتُ بترك النبرة.
أَبو نصر: كَلَّى فلانٌ يُكَلِّي تَكْلِية، وهو أَن يأْتي مكاناً فيه
مُسْتَتَر، جاء به غير مهموز.
والكُلْوةُ: لغة في الكُلْية لأَهل اليمن؛ قال ابن السكيت: ولا تقل
كِلوة، بكسر الكاف.
الكُلْيَتان من الإِنسان وغيره من الحيوان: لحمَتان مُنْتَبِرَتان
حَمْراوان لازقتان بعظم الصلب عند الخاصرتين في كُظْرَين من الشحم، وهما
مَنْبِتُ بيت الزرع، هكذا يسميان في الطب، يراد به زرع الولد. سيبويه: كُلْيةٌ
وكُلًى، كرهوا أَن يجمعوا بالتاء فيحركوا العين بالضمة فتجيء هذه الياء
بعد ضمة، فلما ثقل ذلك عليهم تركوه واجتزؤوا ببناء الأَكثر، ومن خفف قال
كُلْيات.
وكَلاه كَلْياً: أَصاب كُلْيته. ابن السكيت: كَلَيْتُ فلاناً فاكْتَلى،
وهو مَكْلِيٌّ، أَصبت كُلْيَته؛ قال حميد الأَرقط:
من عَلَقِ المَكْليِّ والمَوْتونِ
وإِذا أَصبت كَبِدَه فهو مَكْبُود. وكَلا الرجلُ واكْتَلى: تأَلَّمَ
لذلك؛ قال العجاج:
لَهُنَّ في شَباتِه صَئِيُّ،
إِذا اكْتَلَى واقْتَحَمَ المَكْلِيُّ
ويروى: كَلا؛ يقول: إِذا طَعن الثورُ الكلبَ في كُلْيَته وسقط الكلبُ
المَكْلِيُّ الذي أُصيبت كُلْيَتُه. وجاء فلان بغنمه حُمْرَ الكُلَى أَي
مهازيل؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا الشَّوِيُّ كَثُرتْ ثَوائِجُهْ،
وكانَ مِن عندِ الكُلَى مَناتِجُهْ
كثرت ثَوائجُه من الجَدْب لا تجد شيئاً ترعاه. وقوله: مِن عند الكلى
مَناتِجُه، يعني سقطت من الهُزال فَصاحِبها يَبْقُر بطونها من خَواصِرها في
موضع كُلاها فيَستخرج أَولادها منها. وكُلْيَةُ المَزادة والرّاوية:
جُلَيْدة مستديرة مشدودة العُروة قد خُرِزَتْ مع الأَديم تحت عُروة المَزادة.
وكُلْية الإِداوَةِ: الرُّقعة التي تحت عُرْوَتها، وجمعها الكُلَى؛
وأَنشد:
كأَنَّه من كُلَى مَفْرِيّةٍ سَرَب
الجوهري: والجمع كُلْياتٌ وكُلًى، قال: وبنات الياء إِذا جمعت بالتاء لم
يحرّك موضع العين منها بالضم. وكُلْيَةُ السحابة: أَسفلُها، والجمع
كُلًى. يقال: انْبَعَجَت كُلاه؛ قال:
يُسِيلُ الرُّبى واهِي الكُلَى عارِضُ الذُّرى،
أَهِلَّة نَضَّاخِ النَّدى سابِغُ القَطْرِ
(* قوله« عارض» كذا في الأصل والمحكم هنا، وسبق الاستشهاد بالبيت في عرس
بمهملات.)
وقيل: إِنما سميت بكُلْية الإِداوة؛ وقول أَبي حية:
حتى إِذا سَرِبَت عَلَيْهِ، وبَعَّجَتْ
وَطْفاء سارِبةٌ كُلِيّ مَزادِ
(* قوله « سربت إلخ» كذا في الأصل بالسين المهملة، والذي في المحكم وشرح
القاموس: شربت، بالمعجمة.)
يحتمل أَن يكون جَمَع كُلْية على كُلِيّ، كما جاء حِلْيَة وحُلِيّ في
قول بعضهم لتقارب البناءِين، ويحتمل أَن يكون جمعه على اعتقاد حذف الهاء
كبُرْد وبُرُود. والكُلْيَةُ من القَوس: أَسفل من الكَبِد، وقيل: هي
كَبِدُها، وقيل: مَعْقِد حَمالتها، وهما كُلْيَتان، وقيل: كُلْيَتها مِقدار
ثلاثة أَشبار من مَقْبِضها. والكُلْية من القوس: ما بين الأَبهر والكبد،
وهما كُلْيَتان. وقال أَبو حنيفة: كُليتا القوس مَثْبَت مُعَلَّق حَمالتها.
والكليتان: ما عن يمين النَّصل وشِماله. والكُلَى: الرّيشات الأَربع التي
في آخر الجَناح يَلِينَ جَنْبه.
والكُلَيَّةُ: اسم موضع؛ قال الفرزدق:
هل تَعْلَمونَ غَداةَ يُطْرَدُ سَبْيُكُمْ،
بالسَّفْح بينَ كُلَيَّةٍ وطِحال؟
والكُلَيَّان: اسم موضع؛ قال القتال الكلابي:
لِظَبْيَةَ رَبْعٌ بالكُلَيَّيْنِ دارِسُ،
فَبَرْق نِعاجٍ، غَيَّرَتْه الرَّوامِسُ
(* قوله« فبرق نعاج» كذا في الأصل والمحكم، والذي في معجم ياقوت: فبرق
فعاج، بفاء العطف.)
قال الأَزهري في المعتل ما صورته: تفسير كَلاَّ الفراء قال: قال الكسائي
لا تَنْفِي حَسْبُ وكلاَّ تنفي شيئاً وتوجب شيئاً غيره، من ذلك قولك
للرجل قال لك أَكلت شيئاً فقلت لا، ويقول الآخر أَكلت تمراً فتقول أَنت
كَلاَّ، أَردت أَي أَكلت عسلاً لا تمراً، قال: وتأْتي كلاًّ بمعنى قولهم
حَقّاً، قال: رَوى ذلك أَبو العباس أَحمد بن يحيى. وقال ابن الأَنباري في
تفسير كلاًّ: هي عند الفراء تكون صلة لا يوقف عليها، وتكون حرف ردّ بمنزلة
نعم ولا في الاكْتفاء، فإِذا جعلتها صلة لما بعدها لم تَقِف عليها كقولك
كَلاً ورَبّ الكعبة، لا تَقِف على كَلاً لأَنها بمنزلة إِي واللهِ، قال
اللهُ سُبحانه وتعالى: كلاً والقَمَرِ؛ الوقف على كَلاًّ قبيح لأَنها صلة
لليمين. قال: وقال الأَخفش معنى كَلاًّ الرَّدْع والزَّجر؛ قال الأَزهري:
وهذا مذهب سيبويه
(*قوله «مذهب سيبويه» كذا في الأصل، والذي في تهذيب الازهري: مذهب
الخليل.*
وإِليه ذهب الزجاج في جميع القرآن. وقال أَبو بكر بن الأَنباري: قال
المفسرون معنى كَلاًّ حَقّاً، قال: وقال أَبو حاتم السجستاني جاءت كلاًّ في
القرآن على وجهين: فهي في موضع بمعنى لا، وهو ردّ للأَوَّل كما قال
العجاج:
قد طَلَبَتْ شَيْبانُ أَن تُصاكِمُوا
كَلاَّ، ولَمَّا تَصْطَفِقْ مآتِمُ
قال: وتجيء كَلاًّ بمعنى أَلا التي للتنبيه كقوله تعالى: أَلا إِنهم
يَثْنُون صُدورهم ليستخفوا منه؛ وهي زائدة لو لم تأْتِ كان الكلام تامّاً
مفهوماً، قال: ومنه المثل كلاًّ زَعَمْتَ العِيرُ لا تُقاتلُ؛ وقال
الأَعشى:
كَلاَّ زَعَمْتُمْ بأَنَّا لا نُقاتِلُكُمْ،
إِنَّا لأَمْثالِكُمْ، يا قَوْمَنا، قُتُلُ
قال أَبو بكر: وهذا غلط معنى كَلاَّ في البيت. وفي المثل: لا، ليس
الأَمر على ما تقولون. قال: وسمعت أَبا العباس يقول لا يوقف على كلاَّ في جميع
القرآن لأَنها جواب، والفائدةُ تقع فيما بعدها، قال: واحتج السبجستاني
في أَنَّ كَلاَّ بمعنى أَلا بقوله جل وعز: كلا إِنَّ الإِنسان ليَطْغَى،
فَمعْناه أَلا؛ قال أَبو بكر: ويجوز أَن يكون بمعنى حقاً إِن الإِنسان
ليطغى، ويجوز أَن يكون ردًّا كأَنه قال: لا، ليس الأَمر كما تظنون. أَبو
داود عن النضر: قال الخليل قال مقاتل بن سليمان ما كان في القرآن كلاَّ فهو
ردّ إِلا موضعين، فقال الخليل: أَنا أَقول كله ردّ. وروى ابن شميل عن
الخليل أَنه قال: كلُّ شيء في القرآن كلاَّ ردّ يردّ شيئاً ويثبت آخر. وقال
أَبو زيد: سمعت العرب تقول كلاَّكَ واللهِ وبَلاكَ واللهِ، في معنى
كَلاَّ واللهِ، وبَلَى واللهِ. وفي الحديث: تَقع فِتَنٌ كأَنَّها الظُّلَلُ،
فقال أَعرابي: كَلاَّ يا رسولَ اللهِ؛ قال: كَلاَّ رَدْع في الكلام وتنبيه
وزَجْر، ومعناها انْتهِ لا تَفْعَل، إِلا أَنها آكَدُ في النفي
والرَّدْع من لا لزيادة الكاف، وقد ترِد بمعنى حقّاً كقوله تعالى: كَلاَّ لئن لم
يَنْتَهِ لنَسْفَعنْ بالناصِيةِ. والظُّلَلُ: السحاب، وقد تكرر في
الحديث.
وحد: الواحدُ: أَول عدد الحساب وقد ثُنِّيَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
فلما التَقَيْنا واحِدَيْنِ عَلَوْتُه
بِذي الكَفِّ، إِني للكُماةِ ضَرُوبُ
وجمع بالواو والنون؛ قال الكميت:
فَقَدْ رَجَعُوا كَحَيٍّ واحدِدِينا
التهذيب: تقول: واحد واثنان وثلاثة إِلى عشرة فإِن زاد قلت أَحد عشر
يجري أَحد في العدد مجرى واحد، وإِن شئت قلت في الابتداء واحد اثنان ثلاثة
ولا يقال في أَحد عشر غير أَحد، وللتأْنيث واحدة، وإِحدى في ابتداء العدد
تجري مجرى واحد في قولك أَحد وعشرون كما يقال واحد وعشرون، فأَما إِحدى
عشرة فلا يقال غيرها، فإِذا حملوا الأَحد على الفاعل أُجري مجرى الثاني
والثالث، وقالوا: هو حادي عِشْريهم وهو ثاني عشريهم، والليلة الحاديةَ
عشْرَةَ واليوم الحادي عشَر؛ قال: وهذا مقلوب كما قالوا جذب وجبذ، قال ابن
سيده: وحادي عشر مقلوبٌ موضِع الفاء إِلى اللام لا يستعمل إِلا كذلك، وهو
فاعِل نقل إِلى عالف فانقلبت الواو التي هي الأَصل ياءً لانكسار ما قبلها.
وحكى يعقوب: معي عشرة فأَحِّدْهُنَّ لِيَهْ أَي صَيِّرْهُنَّ لي أَحد
عشر. قال أَبو منصور: جعل قوله فأَحِّدْهُنَّ ليه، من الحادي لا من أَحد،
قال ابن سيده: وظاهر ذلك يؤنس بأَن الحادي فاعل، قال: والوجه إِن كان هذا
المروي صحيحاً أَن يكون الفعل مقلوباً من وحَدْت إِلى حَدَوْت، وذلك
أَنهم لما رأَوا الحادي في ظاهر الأَمر على صورة فاعل، صار كأَنه جارٍ على
حدوث جَرَيانَ غازٍ على غزوت؛ وإِحدى صيغة مضروبة للتأْنيث على غير بناء
الواحد كبنت من ابن وأُخت من أَخ. التهذيب: والوُحْدانُ جمع الواحِدِ ويقال
الأُحْدانُ في موضع الوُحْدانِ. وفي حديث العيد: فصلينا وُحداناً أَي
منفردين جمع واحد كراكب ورُكْبان. وفي حديث حذيفة: أَوْ لَتُصَلُّنّ
وُحْداناً. وتقول: هو أَحدهم وهي إِحداهنّ، فإِن كانت امرأَة مع رجال لم يستقم
أَن تقول هي إِحداهم ولا أَحدهم ولا إِحداهنّ إِلاّ أَن تقول هي كأَحدهم
أَو هي واحدة منهم. وتقول: الجُلوس والقُعود واحد، وأَصحابي وأَصحابك
واحد. قال: والمُوَحِّدُ كالمُثَنِّي والمُثَلِّث. قال ابن السكيت: تقول هذا
الحاديَ عَشَرَ وهذا الثانيَ عَشَرَ وهذا الثالثَ عَشَرَ مفتوح كله إِلى
العشرين؛ وفي المؤَنث: هذه الحاديةَ عَشْرة والثانيةَ عشرة إِلى العشرين
تدخل الهاء فيها جميعاً. قال الأَزهري: وما ذكرت في هذا الباب من
الأَلفاظ النادرة في الأَحد والواحد والإِحدى والحادي فإِنه يجري على ما جاء عن
العرب ولا يعدّى ما حكي عنهم لقياس متوهّم اطراده، فإِن في كلام العرب
النوادر التي لا تنقاس وإِنما يحفظها أَهل المعرفة المعتنون بها ولا
يقيسون عليها؛ قال: وما ذكرته فإِنه كله مسموع صحيح. ورجل واحد: مُتَقَدِّم في
بَأْس أَو علم أَو غير ذلك كأَنه لا مثل له فهو وحده لذلك؛ قال أَبو
خراش:
أَقْبَلْتُ لا يَشْتَدُّ شَدِّيَ واحِدٌ،
عِلْجٌ أَقَبُّ مُسَيَّرُ الأَقْرابِ
والجمع أُحْدانٌ ووُحْدانٌ مثل شابٍّ وشُبّانٍ وراع ورُعْيان. الأَزهري:
يقال في جمع الواحد أُحْدانٌ والأَصل وُحْدان فقلبت الواو همزة
لانضمامها؛ قال الهذلي:
يَحْمِي الصَّريمةَ، أُحْدانُ الرجالِ له
صَيْدٌ، ومُجْتَرِئٌ بالليلِ هَمّاسُ
قال ابن سيده: فأَما قوله:
طارُوا إِليه زَرافاتٍ وأُحْدانا
فقد يجوز أَن يُعْنى أَفراداً، وهو أَجود لقوله زرافات، وقد يجوز أَن
يعنى به الشجعان الذين لا نظير لهم في البأْس؛ وأَما قوله:
لِيَهْنِئ تُراثي لامْرئٍ غيرِ ذِلّةٍ،
صَنابِرُ أُحْدانٌ لَهُنَّ حَفِيفُ
سَريعاتُ مَوتٍ رَيِّثاتُ إِفاقةٍ،
إِذا ما حُمِلْنَ، حَمْلُهُنَّ خَفِيفُ
فإِنه عنى بالأُحْدانِ السهام الأَفْراد التي لا نظائر لها، وأَراد
لامْرئٍ غير ذي ذِلّةٍ أَو غير ذليل. والصَّنابِرُ: السِّهامُ الرِّقاقُ.
والحَفِيف: الصوتُ. والرَّيِّثاتُ: البِطاءُ. وقوله: سَرِيعاتُ موت
رَيِّثاتُ إِفاقة، يقول: يُمِتْنَ مَن رُميَ بهن لا يُفيق منهن سريعاً، وحملهن
خفيف على من يَحْمِلُهُنَّ.
وحكى اللحياني: عددت الدراهم أَفْراداً ووِحاداً؛ قال: وقال بعضهم:
أَعددت الدراهم أَفراداً ووِحاداً، ثم قال: لا أَدري أَعْدَدْتُ أَمن العَدَد
أَم من العُدّة. والوَحَدُ والأَحَدُ: كالواحد همزته أَيضاً بدل من واو،
والأَحَدُ أَصله الواو. وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه سئل عن
الآحاد: أَهي جمع الأَحَدِ؟ فقال: معاذ الله ليس للأَحد جمع، ولكن إِن جُعلت
جمعَ الواحد، فهو محتمل مثل شاهِد وأَشْهاد. قال: وليس للواحد تثنية ولا
لللاثنين واحد من جنسه. وقال أَبو إِسحق النحوي: الأَحَد أَن الأَحد شيء
بني لنفي ما يذكر معه من العدد، والواحد اسم لمفتتح العدد، وأَحد يصلح في
الكلام في موضع الجحود وواحد في موضع الإِثبات. يقال: ما أَتاني منهم
أَحد، فمعناه لا واحد أَتاني ولا اثنان؛ وإِذا قلت جاءني منهم واحد فمعناه
أَنه لم يأْتني منهم اثنان، فهذا حدُّ الأَحَد ما لم يضف، فإِذا أُضيف
قرب من معنى الواحد، وذلك أَنك تقول: قال أَحد الثلاثة كذا وكذا وأَنت تريد
واحداً من الثلاثة؛ والواحدُ بني على انقطاع النظير وعَوَزِ المثل،
والوحِيدُ بني على الوَحْدة والانفراد عن الأَصحاب من طريق بَيْنُونته عنهم.
وقولهم: لست في هذا الأَمر بأَوْحَد أَي لست بعادم فيه مثلاً أَو
عِدْلاً. الأَصمعي: تقول العرب: ما جاءَني من أَحد ولا تقول قد جاءَني من أَحد،
ولا يقال إِذا قيل لك ما يقول ذلك أَحد: بَلى يقول ذلك أَحد. قال: ويقال:
ما في الدّار عَريبٌ، ولا يقال: بلى فيها عريب. الفراء قال: أَحد يكون
للجمع والواحد في النفي؛ ومنه قول الله عز وجل: فما منكم من أَحد عنه
حاجزين؛ جُعِل أَحد في موضع جمع؛ وكذلك قوله: لا نفرّق بين أَحد من رسله؛
فهذا جمع لأَن بين لا تقع إِلا على اثنين فما زاد.
قال: والعرب تقول: أَنتم حَيّ واحد وحي واحِدون، قال: ومعنى واحدين
واحد. الجوهري: العرب تقول: أَنتم حيّ واحد وحيّ واحدون كما يقال شِرْذِمةٌ
قليلون؛ وأَنشد للكميت:
فَضَمَّ قَواصِيَ الأَحْياءِ منهم،
فَقَدْ رَجَعوا كَحَيٍّ واحِدينا
ويقال: وحَّدَه وأَحَّدَه كما يقال ثَنَّاه وثَلَّثه. ابن سيده: ورجل
أَحَدٌ ووَحَدٌ ووَحِدٌ ووَحْدٌ ووَحِيدٌ ومُتَوَحِّد أَي مُنْفَرِدٌ،
والأُنثى وَحِدةٌ؛ حكاه أَبو علي في التذكرة، وأَنشد:
كالبَيْدانةِ الوَحِدهْ
الأَزهري: وكذلك فَريدٌ وفَرَدٌ وفَرِدٌ. ورجل وحِيدٌ: لا أَحَدَ معه
يُؤنِسُه؛ وقد وَحِدَ يَوْحَدُ وَحادةً ووَحْدةً وَوَحْداً. وتقول: بقيت
وَحيداً فَريداً حَريداً بمعنى واحد. ولا يقال: بقيت أَوْحَدَ وأَنت تريد
فَرْداً، وكلام العرب يجيء على ما بني عليه وأُخذ عنهم، ولا يُعَدّى به
موضعُه ولا يجوز أَن يتكلم فيه غير أَهل المعرفة الراسخين فيه الذين أَخذوه
عن العرب أَو عمن أَخذ عنهم من ذوي التمييز والثقة. وواحدٌ ووَحَد
وأَحَد بمعنى؛ وقال:
فلَمَّا التَقَيْنا واحدَيْن عَلَوْتُهُ
اللحياني: يقال وَحِدَ فلان يَوْحَدُ أَي بقي وحده؛ ويقال: وَحِدَ
وَوَحُدَ وفَرِدَ وفَرُدَ وفَقِهَ وفَقُهَ وسَفِهَ وسَفُهَ وسَقِمَ وسَقُمَ
وفَرِعَ وفَرُعَ وحَرِضَ وحَرُضَ. ابن سيده: وحِدَ ووحُدَ وحادةً وحِدةً
ووَحْداً وتَوَحَّدَ: بقي وحده يَطَّرد إِلى العشرة؛ عن الشيباني.
وفي حديث ابن الحنظلية: وكان رجلا مُتوحّداً أَي مُنْفرداً لا يُخالِط
الناس ولا يُجالِسهم. وأَوحد الله جانبه أَي بُقِّي وَحْدَه. وأَوْحَدَه
للأَعْداء: تركه. وحكى سيبويه: الوَحْدة في معنى التوَحُّد. وتَوَحَّدَ
برأْيه: تفرّد به، ودخل القوم مَوْحَدَ مَوْحَدَ وأُحادَ أُحادَ أَي فُرادى
واحداً واحداً، معدول عن ذلك. قال سيبويه: فتحوا مَوْحَد إِذ كان اسماً
موضوعاً ليس بمصدر ولا مكان. ويقال: جاؤوا مَثْنَى مَثنى ومَوْحَدَ
مَوْحد، وكذلك جاؤوا ثُلاثَ وثُناءَ وأُحادَ. الجوهري: وقولهم أُحادَ وَوُحادَ
ومَوْحَد غير مصروفات للتعليل المذكور في ثُلاثَ. ابن سيده: مررت به
وحْدَه، مصدر لا يثنى ولا يجمع ولا يُغَيّر عن المصدر، وهو بمنزلة قولك
إِفْراداً وإِن لم يتكلم به، وأَصله أَوْحَدْتُه بِمُروري إِيحاداً ثم حُذِفت
زياداته فجاءَ على الفعل؛ ومثله قولهم: عَمْرَكَ اللَّهَ إِلاَّ فعلت
أَي عَمَّرتُك الله تعميراً. وقالوا: هو نسيجُ وحْدِه وعُيَبْرُ وحْدِه
وجْحَيْشُ وحْدِه فأَضافوا إِليه في هذه الثلاثة، وهو شاذّ؛ وأَما ابن
الأَعرابي فجعل وحْدَه اسماً ومكنه فقال جلس وحْدَه وعلا وحْدَه وجلَسا على
وحْدَيْهِما وعلى وحْدِهما وجلسوا على وَحْدِهم، وقال الليث: الوَحْد في كل
شيء منصوب جرى مجرى المصدر خارجاً من الوصف ليس بنعت فيتبع الاسم، ولا
بخبر فيقصد إِليه، فكان النصب أَولى به إِلا أَن العرب أَضافت إِليه
فقالت: هو نَسيجُ وحْدِه، وهما نَسِيجا وحْدِهما، وهم نُسَجاءُ وحدِهم، وهي
نَسِيجةُ وحدِها، وهنَّ نسائج وحْدِهنَّ؛ وهو الرجل المصيب الرأْي. قال:
وكذلك قَريعُ وحْدِه، وكذلك صَرْفُه، وهو الذي لا يقارعه في الفضل أَحد.
قال أَبو بكر: وحده منصوب في جميع كلام العرب إِلا في ثلاثة مواضع، تقول:
لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، ومررت بزيد وحده؛ وبالقوم وحدي. قال:
وفي نصب وحده ثلاثة أَقوال: قال جماعة من البصريين هو منصوب على الحال،
وقال يونس: وحده هو بمنزلة عنده، وقال هشام: وحده منصوب على المصدر، وحكى
وَحَدَ يَحِدُ صَدَر وَحْدَه على هذا الفعل. وقال هشام والفراء: نَسِيجُ
وحدِه وعُيَيْرُ وحدِه وواحدُ أُمّه نكرات، الدليل على هذا أَن العرب
تقول: رُبَّ نَسِيجِ وحدِه قد رأَيت، وربّ واحد أُمّه قد أَسَرْتُ؛ وقال
حاتم:
أَماوِيّ إِني رُبَّ واحِدِ أُمِّه
أَخَذْتُ، فلا قَتْلٌ عليه، ولا أَسْرُ
وقال أَبو عبيد في قول عائشة، رضي الله عنها، ووصْفِها عمر، رحمه الله:
كان واللهِ أَحْوذِيّاً نَسِيجَ وحدِه؛ تعني أَنه ليس له شبيه في رأْيه
وجميع أُموره؛ وقال:
جاءَتْ به مُعْتَجِراً بِبُرْدِه،
سَفْواءُ تَرْدي بِنَسيجِ وحدِه
قال: والعرب تنصب وحده في الكلام كله لا ترفعه ولا تخفضه إِلا في ثلاثة
أَحرف: نسيج وحده، وعُيَيْر وحده، وجُحَيْش وحده؛ قال: وقال البصريون
إِنما نصبوا وحده على مذهب المصدر أَي تَوَحَّد وحدَه؛ قال: وقال أَصحابنا
إِنما النصْبُ على مذهب الصفة؛ قال أَبو عبيد: وقد يدخل الأَمران فيه
جميعاً؛ وقال شمر: أَما نسيج وحده فمدح وأَما جحيش وحده وعيير وحده فموضوعان
موضع الذمّ، وهما اللذان لا يُشاوِرانِ أَحداً ولا يُخالِطانِ، وفيهما مع
ذلك مَهانةٌ وضَعْفٌ؛ وقال غيره: معنى قوله نسيج وحده أَنه لا ثاني له
وأَصله الثوب الذي لا يُسْدى على سَداه لِرِقّة غيره من الثياب. ابن
الأَعرابي: يقال نسيجُ وحده وعيير وحده ورجلُ وحده. ابن السكيت: تقول هذا رجل
لا واحد له كما تقول هو نسيج وحده. وفي حديث عمر: من يَدُلُّني على نسيج
وحده؟ الجوهري: الوَحْدةُ الانفراد. يقال: رأَيته وحده وجلس وحده أَي
منفرداً، وهو منصوب عند أَهل الكوفة على الظرف، وعند أَهل البصرة على المصدر
في كل حال، كأَنك قلت أَوحدته برؤْيتي إِيحاداً أَي لم أَرَ غيره ثم
وضَعْت وحده هذا الموضع. قال أَبو العباس: ويحتمل وجهاً آخر، وهو أَن يكون
الرجل بنفسه منفرداً كأَنك قلت رأَيت رجلاً منفرداً انفراداً ثم وضعت وحده
موضعه، قال: ولا يضاف إِلا في ثلاثة مواضع: هو نسيج وحده، وهو مدح،
وعيير وحده وجحيش وحده، وهما ذم، كأَنك قلت نسيج إِفراد فلما وضعت وحده موضع
مصدر مجرور جررته، وربما قالوا: رجيل وحده. قال ابن بري عند قول الجوهري
رأَيته وحده منصوب على الظرف عند أَهل الكوفة وعند أَهل البصرة على
المصدر؛ قال: أَما أَهل البصرة فينصبونه على الحال، وهو عندهم اسم واقع موقع
المصدر المنتصب على الحال مثل جاء زيد رَكْضاً أَي راكضاً. قال: ومن
البصريين من ينصبه على الظرف، قال: وهو مذهب يونس. قال: وليس ذلك مختصاً
بالكوفيين كما زعم الجوهري. قال: وهذا الفصل له باب في كتب النحويين
مُسْتَوْفًى فيه بيان ذلك.
التهذيب: والوحْد خفِيفٌ حِدةُ كلِّ شيء؛ يقال: وَحَدَ الشيءُ، فهو
يَحِدُ حِدةً، وكلُّ شيء على حِدةٍ فهو ثاني آخَرَ. يقال: ذلك على حِدَتِه
وهما على حِدَتِهما وهم على حِدَتِهم. وفي حديث جابر ودَفْنِ أَبيه: فجعله
في قبر على حِدةٍ أَي منفرداً وحدَه، وأَصلها من الواو فحذفت من أَولها
وعوّضت منها الهاء في آخرها كعِدة وزِنةٍ من الوعْد والوَزْن؛ والحديث
الآخر: اجعل كلَّ نوع من تمرك على حِدةٍ. قال ابن سيده: وحِدةُ الشيء
تَوَحُّدُه وهذا الأَمر على حِدته وعلى وحْدِه. وحكى أَبو زيد: قلنا هذا الأَمر
وحْدينا، وقالتاه وحْدَيْهِما، قال: وهذا خلاف لما ذكرنا.
وأَوحده الناس تركوه وحده؛ وقول أَبي ذؤَيب:
مُطَأْطَأَة لم يُنْبِطُوها، وإِنَّها
لَيَرْضَى بها فُرِّاطُها أُمَّ واحِدِ
أَي أَنهم تَقَدَّمُوا يَحْفِرونها يَرْضَوْن بها أَن تصير أُمّاً لواحد
أَي أَن تَضُمَّ واحداً، وهي لا تضم أَكثر من واحد؛ قال ابن سيده: هذا
قول السكري. والوحَدُ من الوَحْش: المُتَوَحِّد، ومن الرجال: الذي لا يعرف
نسبه ولا أَصله. الليث: الوحَدُ المنفرد، رجل وحَدٌ وثَوْر وحَد؛ وتفسير
الرجل الوَحَدِ أَن لا يُعرف له أَصل؛ قال النابغة:
بِذي الجَلِيلِ على مُسْتَأْنِسٍ وحَدِ
والتوحيد: الإِيمان بالله وحده لا شريك له. والله الواحِدُ الأَحَدُ: ذو
الوحدانية والتوحُّدِ. ابن سيده: والله الأَوحدُ والمُتَوَحِّدُ وذُو
الوحْدانية، ومن صفاته الواحد الأَحد؛ قال أَبو منصور وغيره: الفرق بينهما
أَن الأَحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول ما جاءَني أَحد، والواحد
اسم بني لِمُفْتَتَح العدد، تقول جاءني واحد من الناس، ولا تقول جاءني
أَحد؛ فالواحد منفرد بالذات في عدم المثل والنظير، والأَحد منفرد بالمعنى؛
وقيل: الواحد هو الذي لا يتجزأُ ولا يثنى ولا يقبل الانقسام ولا نظير له
ولا مثل ولا يجمع هذين الوصفين إِلا الله عز وجل؛ وقال ابن الأَثير: في
أَسماء الله تعالى الواحد، قال: هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه
آخر؛ قال الأَزهري: وأَما اسم الله عز وجل أَحد فإِنه لا يوصف شيء
بالأَحدية غيره؛ لا يقال: رجل أَحَد ولا درهم أَحَد كما يقال رجل وحَدٌ أَي فرد
لأَن أَحداً صفة من صفات الله عز وجل التي استخلصها لنفسه ولا يشركه فيها
شيء؛ وليس كقولك الله واحد وهذا شيء واحد؛ ولا يقال شيء أَحد وإِن كان
بعض اللغويين قال: إِن الأَصل في الأَحَد وحَد؛ قال اللحياني: قال
الكسائي: ما أَنت من الأَحد أَي من الناس؛ وأَنشد:
وليس يَطْلُبُني في أَمرِ غانِيَةٍ
إِلا كَعَمرٍو، وما عَمرٌو من الأَحَدِ
قال: ولو قلت ما هو من الإِنسان، تريد ما هو من الناس، أَصبت. وأَما قول
الله عز وجل: قل هو الله أَحد الله الصمَد؛ فإِن أَكثر القراء على تنوين
أَحد. وقد قرأَه بعضهم بترك التنوين وقرئَ بإِسكان الدال: قل هو الله
أَحَدْ، وأَجودها الرفع بإِثبات التنوين في المرور وإِنما كسر التنوين
لسكونه وسكون اللام من الله، ومن حذف التنوين فلالتقاء الساكنين أَيضاً.
وأَما قول الله تعالى: هو الله، فهو كناية عن ذكر الله المعلوم قبل نزول
القرآن؛ المعنى: الذي سأَلتم تبيين نسبه هو الله، وأَحد مرفوع على معنى هو
الله أَحد، وروي في التفسير: أَن المشركين قالوا للنبي، صلى الله عليه
وسلم: انْسُبْ لنا ربَّك، فأَنزل الله عز وجل: قل هو الله أَحد الله الصمد.
قال الأَزهري: وليس معناه أَنّ لله نَسَباً انْتَسَبَ إِليه ولكن معناه
نفي النسب عن اللهِ تعالى الواحدِ، لأَن الأَنْسابَ إِنما تكون للمخلوقين،
والله تعالى صفته أَنه لم يلد ولداً ينسب إِليه، ولم يولد فينتسب إِلى
ولد، ولم يكن له مثل ولا يكون فيشبه به تعالى الله عن افتراء المفترين،
وتقدَّس عن إِلحادِ المشركين، وسبحانه عما يقول الظالمون والجاحدون علوًّا
كبيراً. قال الأَزهري: والواحد من صفات الله تعالى، معناه أَنه لا ثاني
له، ويجوز أَن ينعت الشيء بأَنه واحد، فأَما أَحَد فلا ينعت به غير الله
تعالى لخلوص هذا الاسم الشريف له، جل ثناؤه. وتقول: أَحَّدْتُ الله تعالى
ووحَّدْته، وهو الواحدُ الأَحَد. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَنه قال لرجل ذَكَرَ اللَّهَ وأَومَأَ بإِصْبَعَيْهِ فقال له: أَحِّدْ
أَحِّدْ أَي أَشِرْ بِإِصْبَعٍ واحدة. قال: وأَما قول الناس: تَوَحَّدَ الله
بالأَمر وتفرّد، فإِنه وإِن كان صحيحاً فإِني لا أُحِبُّ أَن أَلْفِظَ به
في صفة الله تعالى في المعنى إِلا بما وصف به نفسه في التنزيل أَو في
السُّنَّة، ولم أَجد المُتَوَحِّدَ في صفاته ولا المُتَفَرِّدَ، وإِنما
نَنْتَهِي في صفاته إِلى ما وصف به نفسه ولا نُجاوِزُه إِلى غيره لمَجَازه
في العربية. وفي الحديث: أَن الله تعالى لم يرض بالوَحْدانيَّةِ لأَحَدٍ
غيره، شَرُّ أُمَّتي الوَحْدانيُّ المُعْجِبُ بدينه المُرائي بعَمَلِه،
يريد بالوحْدانيِّ المُفارِقَ للجماعة المُنْفَرِدَ بنفسه، وهو منسوب إِلى
الوَحْدةِ والانفرادِ، بزيادة الأَلف والنون للمبالغة.
والمِيحادُ: من الواحدِ كالمِعْشارِ، وهو جزء واحد كما أَن المِعْشارَ
عُشْرٌ، والمَواحِيدُ جماعة المِيحادِ؛ لو رأَيت أَكَماتٍ مُنْفَرِداتٍ كل
واحدة بائنة من الأُخرى كانت مِيحاداً ومواحِيدَ. والمِيحادُ: الأَكمة
المُفْرَدةُ. وذلك أَمر لَسْتُ فيه بأَوْحَد أَي لا أُخَصُّ به؛ وفي
التهذيب: أَي لست على حِدةٍ. وفلانٌ واحِدُ دَهْرِه أَي لا نَظِيرَ له.
وأَوحَدَه اللَّهُ: جعله واحد زمانه؛ وفلانٌ أَوْحَدُ أَهل زمانه وفي حديث
عائشة تصف عمر، رضي الله تعالى عنهما: للهِ أُمٌّ
(* قوله «لله أم إلخ» هذا
نص النهاية في وحد ونصها في حفل: لله أم حفلت له ودرت عليه أي جمعت اللبن
في ثديها له.) حَفَلَتْ عليه ودَرَّتْ لقد أَوْحَدَت به أَي ولَدَتْه
وحِيداً فَرِيداً لا نظير له، والجمع أُحْدان مثل أَسْوَدَ وسُودان؛ قال
الكميت:
فباكَرَه، والشمسُ لم يَبْدُ قَرْنُها،
بِأُحْدانِه المُسْتَوْلِغاتِ، المُكَلِّبُ
يعني كلابَه التي لا مثلها كلاب أَي هي واحدة الكلاب. الجوهري: ويقال:
لست في هذا الأَمر بأَوْحَد ولا يقال للأُنثى وَحْداء. ويقال: أَعْطِ كل
واحد منهم على حِدَة أَي على حِيالِه، والهاء عِوَضٌ من الواو كما قلنا.
أَبو زيد: يقال: اقتضيت كل درهم على وَحْدِه وعلى حِدته. تقول: فعل ذلك من
ذاتِ حدته ومن ذي حدته بمعنى واحد. وتَوَحَّده الله بعِصْمته أَي عَصَمه
ولم يَكِلْه إِلى غيره. وأَوْحَدَتِ الشاةُ فهي مُوحِدٌ أَي وَضَعَتْ
واحِداً مثل أَفَذَّتْ. ويقال: أَحَدْتُ إِليه أَي عَهِدْتُ إِليه؛ وأَنشد
الفراء:
سارَ الأَحِبَّةُ بالأَحْدِ الذي أَحَدُوا
يريد بالعَهْدِ الذي عَهِدُوا؛ وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال
في قوله:
لقدْ بَهَرْتَ فما تَخْفَى على أَحَدٍ
قال: أَقام أَحداً مقام ما أَو شيءٍ وليس أَحد من الإِنس ولا من الجن،
ولا يتكَلَّمُ بأَحَد إِلا في قولك ما رأَيت أَحداً، قال ذلك أَو تكلم
بذلك من الجن والإِنس والملائكة. وإِن كان النفي في غيرهم قلت: ما رأَيت
شيئاً يَعْدِلُ هذا وما رأَيت ما يعدل هذا، ثم العَربُ تدخل شيئاً على أَحد
وأَحداً على شيء. قال الله تعالى: وإِن فاتكم شيء من أَزواجكم (الآية)
وقرأَ ابن مسعود: وإن فاتكم أَحد من أَزواجكم؛ وقال الشاعر:
وقالتْ: فلَوْ شَيءٌ أَتانا رَسُوله
سِواكَ، ولكنْ لم نَجِدْ لكَ مَدْفَعا
أَقام شيئاً مقام أَحَدٍ أَي ليس أَحَدٌ مَعْدُولاً بك. ابن سيده: وفلان
لا واحد له أَي لا نظير له. ولا يقوم بهذا الأَمرِ إِلا ابن إِحداها أَي
كريم الآباءِ والأُمهاتِ من الرجال والإِبل؛ وقال أَبو زيد: لا يقوم
بهذا الأَمرِ إِلا ابن إِحداها أَي الكريم من الرجال؛ وفي النوادر: لا
يستطيعها إِلا ابن إِحْداتها يعني إِلا ابن واحدة منها؛ قال ابن سيده
وقوله:حتى اسْتثارُوا بيَ إِحْدَى الإِحَدِ،
لَيْثاً هِزَبْراً ذا سِلاحٍ مُعْتَدِي
فسره ابن الأَعرابي بأَنه واحد لا مثل له؛ يقال: هذا إِحْدَى الإِحَدِ
وأَحَدُ الأَحَدِين وواحِدُ الآحادِ. وسئل سفيان الثوري عن سفيان بن عيينة
قال: ذلك أَحَدُ الأَحَدِين؛ قال أَبو الهيثم: هذا أَبلغ المدح. قال:
وأَلف الأَحَد مقطوعة وكذلك إِحدى، وتصغير أَحَد أُحَيْدٌ وتصغير إِحْدَى
أُحَيدَى، وثبوت الأَلِف في أَحَد وإِحْدى دليل على أَنها مقطوعة، وأَما
أَلِف اثْنا واثْنَتا فأَلِف وصل، وتصغير اثْنا ثُنَيَّا وتصغير اثْنَتا
ثُنَيَّتا.
وإِحْدَى بناتِ طَبَقٍ: الدّاهِيةُ، وقيل: الحَيَّةُ سميت بذلك
لِتَلَوِّيها حتى تصير كالطَّبَق.
وبَنُو الوَحَدِ: قوم من بني تَغْلِب؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ قال وقوله:
فَلَوْ كُنتُمُ مِنَّا أَخَذْنا بأَخْذِكم،
ولكِنَّها الأَوْحادُ أَسْفَلُ سافِلِ
أَراد بني الوَحَد من بني تَغْلِبَ، جعل كل واحد منهم أَحَداً. وقوله:
أَخَذْنا بأَخْذِكم أَي أَدْرَكْنا إِبلكم فرددناها عليكم.
قال الجوهري: وبَنُو الوَحِيدِ بطْنٌ من العرب من بني كلاب بن ربيعة بن
عامر بن صَعْصَعةَ.
والوَحِيدُ: موضع بعينه؛ عن كراع. والوحيد: نَقاً من أَنْقاء
الدَّهْناءِ؛ قال الراعي:
مَهارِيسُ، لاقَتْ بالوَحِيدِ سَحابةً
إِلى أُمُلِ الغَرّافِ ذاتِ السَّلاسِلِ
والوُحْدانُ: رِمال منقطعة؛ قال الراعي:
حتى إِذا هَبَطَ الوُحْدانُ، وانْكَشَفَتْ
مِنْه سَلاسِلُ رَمْلٍ بَيْنَها رُبَدُ
وقيل: الوُحْدانُ اسم أَرض. والوَحِيدانِ: ماءانِ في بلاد قَيْس
معروفان. قال: وآلُ الوَحِيدِ حيٌّ من بني عامر. وفي حديث بلال: أَنه رَأَى
أُبَيَّ بنَ خَلَفٍ يقول يوم بدر: يا حَدْراها؛ قال أَبو عبيد: يقول هل أَحد
رأَى مثل هذا؟ وقوله عز وجل: إِنما أَعظُكم بواحدة هي هذه أَنْ تقوموا
لله مَثْنَى وفُرادَى؛ وقيل: أَعظُكم أَنْ تُوَحِّدُوا الله تعالى. وقوله:
ذَرْني ومَن خَلَقْتُ وحِيداً؛ أَي لم يَشْرَكْني في خلقه أَحَدٌ، ويكون
وحيداً من صفة المخلوق أَي ومَنْ خَلَقْتُ وحْدَه لا مال له ولا وَلد ثم
جَعَلْت له مالاً وبنين. وقوله: لَسْتُنَّ كأَحَد من النساءِ، لم يقل
كَواحِدة لأَن أَحداً نفي عام للمذكر والمؤنث والواحد والجماعة.
وتر: الوِتْرُ والوَتْرُ: الفَرْدُ أَو ما لم يَتَشَفَّعْ من العَدَدِ.
وأَوْتَرَهُ أَي أَفَذَّهُ. قال اللحياني: أَهل الحجاز يسمون الفَرْدَ
الوَتْرَ، وأَهل نجد يكسرون الواو، وهي صلاة الوِتْرِ، والوَتْرِ لأَهل
الحجاز، ويقرؤُون: والشَّفْعِ والوتْر، والكسر لتميم، وأَهل نجد يقرؤُون:
والشفع والوَتْرِ، وأَوْتَرَ: صَلَّى الوتر. وقال اللحياني: أَوتر في
الصلاة فعدّاه بفي. وقرأَ حمزة والكسائي: والوتِر، بالكسر. وقرأَ عاصم ونافع
وابن كثير وأَبو عمرو وابن عامر: والوَتر، بالفتح، وهما لغتان معروفتان.
وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أَنه قال: الوتر آدم، عليه السلام،
والشَّفْع شُفِعَ بزوجته، وقيل: الشع يوم النحر والوتر يوم عرفة، وقيل:
الأَعداد كلها شفع ووتر، كثرت أَو قلت، وقيل: الوتر الله الواحد والشفع جميع
الخلق خلقوا أَزواجاً، وهو قول عطاء؛ كان القوم وتراً فَشَفَعْتهم
وكانوا شَفْعاً فَوَتَرْتهم. ابن سيده: وتَرَهُمْ وتْراً وأَوْتَرَهُمْ جعل
شفعهم وتراً. وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إِذا
اسْتَجْمَرْتَ فأَوْتِرْ أَي اجعل الحجارة التي تستنجي بها فرداً، معناه
استنج بثلاثة أَحجار أَو خمسة أَو سبعة، ولا تستنج بالشفع، وكذلك يُوتِرُ
الإِنسانُ صلاةَ الليل فيصلي مثنى مثنى يسلم بين كل ركعتين ثم يصلي في
آخرها ركعة تُوتِرُ له ما قد صَلَّى؛ وأَوْتَر صلاته. وفي حديث النبي، صلى
الله عليه وسلم: إِن الله وِتْرٌ يحب الوِتْرَ فأَوْتِرُوا يا أَهل القرآن.
وقد قال: الوتر ركعة واحدة. والوتر: الفرد، تكسر واوه وتفتح، وقوله:
أَوتروا، أَمر بصلاة الوتر، وهو أَن يصلي مثنى مثنى ثم يصلي في آخرها ركعة
مفردة ويضيفها إِلى ما قبلها من الركعات.
والوَتْرُ والوِتْرُ والتِّرَةُ والوَتِيرَةُ: الظلم في الذَّحْل، وقيل:
عو الذَّحْلُ عامةً. قال اللحياني: أَهل الحجاز يفتحون فيقولون وَتْرٌ،
وتميم وأَهل نجد يكسرون فيقولون وِتْرٌ، وقد وَتَرْتُه وَتْراً وتِرَةً.
وكلُّ من أَدركته بمكروه، فقد وَتَرْتَه. والمَوْتُورُ: الذي قتل له قتيل
فلم يدرك بدمه؛ تقول منه: وتَرَهُ يَتِرُه وَتْراً وتِرَةً. وفي حديث
محمد بن مسلمة: أَنا المَوْتُور الثَّائِرُ أَي صاحب الوَتْرِ الطالبُ
بالثأْر، والموتور المفعول. ابن السكيت: قال يونس أَهل العالية يقولون:
الوِتْرُ في العدد والوَتْرُ في الذَّحْلِ، قال: وتميم تقول وِتر، بالكسر، في
العدد والذحل سواد. الجوهري: الوتر، بالكسر، الفرد، والوتر، بالفتح:
الذَّحْلُ، هذه لغة أَهل العالية، فأَما لغة أَهل الحجاز فبالضد منهم، وأَما
تميم فبالكسر فيهما. وفي حديث عبد الرحمن في الشورى: لا تَغْمِدُوا
السيوفَ عن أَعدائكم فَتُوتِرُوا ثأْركم. قال الأَزهري: هو من الوَتْرِ؛ يقال:
وَتَرْتُ فلاناً إِذا أَصبته بِوَتْرٍ، وأَوْتَرْتُه أَوجدته ذلك، قال:
والثَّأْرُ ههنا العَدُوُّ لأَنه موضع الثأْر؛ المعنى لا تُوجِدوا
عدوَّكم الوَتْرَ في أَنفسكم. ووَتَرْتُ الرجلَ: أَفزعتُه؛ عن الفراء.
ووَترَهُ حَقَّه وماله: نَقَصَه إِياه. وفي التنزيل العزيز: ولن
يَتِرَكُمْ أَعمالكم. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: من فاتته صلاة العصر
فكأَنما وتر أَهله وماله؛ أَي نقص أَهله وماله وبقي فرداً؛ يقال:
وتَرْتُه إِذا نَقَصْتَه فكأَنك جعلته وتراً بعد أَن كان كثيراً، وقيل: هو من
الوَتْرِ الجناية التي يجنيها الرجل على غيره من قتل أَو نهب أَو سبي، فشبه
ما يلحق من فاتته صلاة العصر بمن قُتِلَ حَمِيمُهُ أَو سُلِبَ أَهله
وماله؛ ويروى بنصب الأَهل ورفعه، فمن نصب جعله مفعولاً ثانياً لوُتِرَ
وأَضمر فيها مفعولاً لم يسم فاعله عائداً إِلى الذي فاتته الصلاة، ومن رفع لم
يضمر وأَقام الأَهل مقام ما لم يسم فاعله لأَنهم المصابون المأْخوذون،
فمن ردَّ النقص إِلى الرجل نصبهما، ومن ردّه إِلى الأَهل والمال رفعهما
وذهب إِلى قوله: ولم يَتِرَكُمْ أَعمالَكم، يقول: لن يَنْقُصَكُمْ من ثوابكم
شيئاً. وقال الجوهري: أَي لن يَنْتَقِصَكم في أَعمالكم، كما تقول: دخلت
البيت، وأَنت تريد في البيت، وتقول: قد وَتَرْتُه حَقَّه إِذا نَقَصْتَه،
وأَحد القولين قريب من الآخر. وفي الحديث: اعمل من وراء البحر فإِن الله
لن يَتِرَكَ من عملك شيئاً أَي لن يَنْقُصَك. وفي الحديث: من جلس مجلساً
لم يَذْكُرِ الله فيه كان عليه تِرَةً أَي نقصاً، والهاء فيه عوض من
الواو المحذوفة مثل وَعَدْتُه عِدَةً، ويجوز نصبها ورفعها على اسم كان
وخبرها، وقيل: أَراد بالتِّرَةِ ههنا التَّبِعَةَ. الفراء: يقال وَتَرْتُ
الرجل إِذا قتلت له قتيلاً وأَخذت له مالاً، ويقال: وَتَرَه في الذَّحْلِ
يَتِرُه وَتْراً، والفعل من الوِتْرِ الذَّحْلِ وَتَرَ يَتِرُ، ومن الوِتْرِ
الفَرْد أَوْتَرَ يُوتِرُ، بالأَلف. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَنه قال: قَلِّدوا الخيل ولا تُقَلِّدوها الأَوْتارَ؛ هي جمع وِتر،
بالكسر، وهي الجناية؛ قال ابن شميل: معناه لا تَطْلُبوا عليها الأَوْتارَ
والذُّحُولَ التي وُتِرْتُمْ عليها في الجاهلية. قال: ومنه حديث عَلِيٍّ
يصف أَبا بكر: فأَدْرَكْتَ أَوْتارَ ما طَلَبُوا. وفي الحديث: إِنها
لَخَيْلٌ لو كانوا يضربونها على الأَوْتارِ. قال أَبو عبيد في تفسير وقوله: ولا
تُقلدوها الأَوتار، قال: غير هذا الوجه أَشبه عندي بالصواب، قال: سمعت
محمد بن الحسن يقول: معنى الأَوتار ههنا أَوتار القِسِيِّ، وكانوا
يقلدونها أَوتار القِسِيِّ فتختنق، فقال: لا تقلدوها. وروي: عن جابر: أن النبي،
صلى الله عليه وسلم، أَمر بقطع الأَوْتارِ من أَعناق الخيل. قال أَبو
عبيد: وبلغني أَن مالك بن أَنس قال: كانوا يُقَلِّدُونها أَوتار القِسِيِّ
لئلا تصيبها العين فأَمرهم بقطعها يُعلمهم أَن الأَوْتارَ لا تَرُدُّ من
أَمر الله شيئاً؛ قال: وهذا شبيه بما كره من التمائم؛ ومنه الحديث: من
عَقَدَ لِحْيَتَهُ أَو تَقَلَّدَ وَتَراً، كانوا يزعمون أَن التَّقَلُّدَ
بالأَوْتارِ يَرُدُّ العَيْنَ ويدفع عنهم المكاره، فنهوا عن ذلك.
والتَّواتُرُ: التتابُعُ، وقيل: هو تتابع الأَشياء وبينها فَجَواتٌ
وفَتَراتٌ. وقال اللحياني: تواتَرَت الإِبل والقَطا وكلُّ شيء إِذا جاء بعضه
في إِثر بعض ولم تجئ مُصْطَفَّةً؛ وقال حميد بن ثور:
قَرِينَةُ سَبْعٍ، وإِن تواتَرْنَ مَرَّةً،
ضُرِبْنَ وصَفَّتْ أَرْؤُسٌ وجُنُوبُ
وليست المُتَواتِرَةُ كالمُتَدارِكَةِ والمُتَتابِعة. وقال مرة:
المُتَواتِرُ الشيء يكون هُنَيْهَةً ثم يجيء الآخر، فإِذا تتابعت فليست
مُتَواتِرَةً، وإِنما هي مُتَدارِكة ومتتابعة على ما تقدّم. ابن الأَعرابي: تَرى
يَتْري إِذا تَراخى في العمل فعمل شيئاً بعد شيء. الأَصمعي: واتَرْتُ
الخَبَرَ أَتْبَعْتُ وبين الخبرين هُنَيْهَةٌ. وقال غيره: المُواتَرَةُ
المُتابَعَةُ، وأَصل هذا كله من الوَتِرْ، وهو الفَرْدُ، وهو أَني جعلت كل
واحد بعد صاحبه فَرْداً فَرْداً.
والمُتَواتِرُ: كل قافية فيها حرف متحرّك بين حرفين ساكنين نحو مفاعيلن
وفاعلاتن وفعلاتن ومفعولن وفَعْلُنْ وفَلْ إِذا اعتمد على حرف ساكن نحو
فَعُولُنْ فَلْ؛ وإِياه عنى أَبو الأَسود بقوله:
وقافيةٍ حَذَّاءَ سَهْلٍ رَوِيُّها،
كَسَرْدِ الصَّنَاعِ، ليس فيها تواتُرُ
أَي ليس فيها توقف ولا فتور. وأَوْتَرَ بين أَخباره وكُتُبه وواتَرَها
مُواتَرَةً ووِتاراً: تابَعَ وبين كل كتابين فَتْرَةٌ قليلة. والخَبَرُ
المُتَواتِرُ: أَن يحدِّثه واحد عن واحد، وكذلك خبر الواحد مثل
المُتواتِرِ. والمُواتَرَةُ: المتابعة، ولا تكون المُواتَرَةُ بين الأَشياء إِلا
إِذا وقعت بينها فترة، وإِلا فهي مُدارَكَة ومُواصَلة. ومُواتَرَةُ الصوم:
أَن يصوم يوماً ويفطر يوماً أَو يومين، ويأْتي به وِتْراً؛ قال: ولا يراد
به المواصلة لأَن أَصله من الوِتْرِ، وكذلك واتَرْتُ الكُتُبَ
فَتَواتَرَت أَي جاءت بعضُها في إِثر بعض وِتْراً وِتْراً من غير أَن تنقطع. وناقة
مُواتِرَةٌ: تضع إِحدى ركبتيها أَوّلاً في البُرُوكِ ثم تضع الأُخرى ولا
تضعهما معاً فتشق على الراكب. الأَصمعي: المُواتِرَةُ من النوق هي التي
لا ترفع يداً حتى تستمكن من الأُخرى، وإِذا بركت وضعت إِحدى يديها، فإِذا
اطمأَنت وضعت الأُخرى فإِذا اطمأَنت وضعتهما جميعاً ثم تضع وركيها قليلاً
قليلاً؛ والتي لا تُواتِرُ تَزُجُّ بنفسها زَجّاً فتشق على راكبها عند
البروك. وفي كتاب هشام إِلى عامله: أَن أَصِبْ لي ناقة مُواتِرَةً؛ هي
التي تضع قوائمها بالأَرض وِتْراً وِتْراً عند البُروك ولا تَزُجُّ نفسها
زَجّاً فَتَشُقَّ على راكبها، وكان بهشام فَتْقٌ. وفي حديث الدعاء: أَلِّفْ
جَمْعَهُم وواتِرْ بين مِيَرِهم أَي لا تقطع المِيْرَةَ واجْعَلْها
تَصِلُ إِليهم مَرَّةً بعد مرة.
وجاؤوا تَتْرى وتَتْراً أَي مُتَواتِرِين، التاء مبدلة من الواو؛ قال
ابن سيده: وليس هذا البدل قياساً إِنما هو في أَشياء معلومة، أَلا ترى أَنك
لا تقول في وَزِير يَزِيرٌ؟ إِنما تَقِيسُ على إِبدال التاء من الواو في
افْتَعَل وما تصرف منها، إِذا كانت فاؤه واواً فإِن فاءه تقلب تاء وتدغم
في تاء افتعل التي بعدها، وذلك نحو اتَّزَنَ؛ وقوه تعالى: ثم أَرسلنا
رسلنا تَتْرى؛ من تتابع الأَشياء وبينها فَجَواتٌ وفَتَراتٌ لأَن بين كل
رسولين فَتْرَةً، ومن العرب من ينوّنها فيجعل أَلفها للإِلحاق بمنزلة
أَرْطى ومِعْزى، ومنهم من لا يصرف، يجعل أَلفها للتأْنيث بمنزلة أَلف سَكْرى
وغَضْبى؛ الأَزهري: قرأَ أَبو عمرو وابن كثير: تَتْرًى منوّنة ووقفا
بالأَلف، وقرأَ سائر القراء: تَتْرى غير منوّنة؛ قال الفراء: وأَكثر العرب
على ترك تنوين تترى لأَنها بمنزلة تَقْوى، ومنهم من نَوَّنَ فيها وجعلها
أَلفاً كأَلف الإِعراب؛ قال أَبو العباس: من قرأَ تَتْرى فهو مثل شَكَوْتُ
شَكْوى، غير منوّنة لأَن فِعْلى وفَعْلى لا ينوّن، ونحو ذلك قال الزجاج؛
قال: ومن قرأَها بالتنوين فمعناه وَتْراً، فأَبدل التاء من الواو، كما
قالوا تَوْلَج من وَلَجَ وأَصله وَوْلَجٌ كما قال العجاج:
فإِن يكن أَمْسى البِلى تَيْقُورِي
أَرادَ وَيْقُورِي، وهو فَيْعُول من الوَقار، ومن قرأَ تَتْرى فهو أَلف
التأْنيث، قال: وتَتْرى من المواترة. قال محمد بن سلام: سأَلت يونس عن
قوله تعالى: ثم أَرسلنا رسلنا تترى، قال: مُتَقَطِّعَةً مُتَفاوِتَةً.
وجاءت الخيل تَتْرى إِذا جاءت متقطعة؛ وكذلك الأَنبياء: بين كل نبيين دهر
طويل. الجوهري: تَتْرى فيها لغتن: تنوّن ولا تنوّن مثل عَلْقى، فمن ترك
صرفها في المعرفة جعل أَلفها أَلف تأْنيث، وهو أَجود، وأَصلها وَتْرى من
الوِتْرِ وهو الفرد، وتَتْرى أَي واحداً بعد واحد، ومن نونها جعلها ملحقة.
وقال أَبو هريرة: لا بأْس بقضاء رمضان تَتْرى أَي متقطعاً. وفي حديث أَبي
هريرة: لا بأْس أَن يُواتِرَ قضاءَ رمضان أَي يُفَرِّقَهُ فيصومَ يوماً
ويُفْطِرَ يوماً ولا يلزمه التتابع فيه فيقضيه وِتْراً وِتْراً.
والوتيرة: الطريقة، قال ثعلب: هي من التَّواتُرِ أَي التتابع، وما زال
على وَتِيرةٍ واحدة أَي على صفة. وفي حديث العباس بن عبد المطلب قال: كان
عمر بن الخطاب لي جاراً فكان يصوم النهار ويقوم الليل، فلما وَلِيَ قلت:
لأَنظرنّ اليوم إِلى عمله، فلم يزل على وَتِيرَةٍ واحدة حتى مات أَي على
طريقة واحدة مطردة يدوم عليها. قال أَبو عبيدة:الوَتِيرَةُ المداومة على
الشيء، وهو مأْخوذ من التَّواتُرِ والتتابُع. والوَتِيرَةُ في غير هذا:
الفَتْرَةُ عن الشيء والعمل؛ قال زهير يصف بقرة في سيرها:
نَجَأٌ مُجِدٌّ ليس فيه وَتِيرَةٌ
ويَذُبُّها عنها بأَسْحَمَ مِذْوَدِ
يعني القَرْنَ. ويقال: ما في عمله وَتِيرَةٌ، وسَيْرٌ ليست فيه
وَتِيرَةٌ أَي فتور. والوَتِيرَةُ: الفَتْرَةُ في الأَمر والغَمِيزَةُ والتواني.
والوَتِيرَةُ: الحَبْسُ والإِبطاء.
ووَتَرَهُ الفخِذِ: عَصَبَةٌ بين أَسفل الفخذ وبين الصَّفنِ.
والوَتِيرَةُ والوَتَرَةُ في الأَنف: صِلَةُ ما بين المنخرين، وقيل: الوَتَرَةُ حرف
المنخر، وقيل: الوَتِيرَةُ الحاجز بين المنخرين من مقدّم الأَنف دون
الغُرْضُوف. ويقال للحاجز الذي بين المنخرين: غرضوف، والمنخران: خرقا
الأَنف، ووَتَرَةُ الأَنف: حِجابُ ما بين المنخرين، وكذلك الوَتِيرَة. وفي حديث
زيد: في الوَتَرَةِ ثلث الدية؛ هي وَتَرَةُ الأَنف الحاجزة بين
المنخرين. اللحياني: الوَترَةُ ما بين الأَرْنَبَةِ والسَّبَلَةِ. وقال الأَصمعي:
خِتارُ كل شيء وَتَرُه. ابن سيده: والوَتَرَةُ والوَتِيرَةُ غُرَيضيفٌ
في أَعلى الأُذن يأْخُذُ من أَعلى الصِّماخ. وقال أَبو زيد: الوتيرة
غريضيف في جوف الأُذن يأْخذ من أَعلى الصماخ قبل الفَرْع. والوَتَرَةُ من
الفَرَسِ: ما بين الأَرْنَبَةِ وأَعلى الجَحْفَلةِ. والوَتَرَتان: هَنَتانِ
كأَنهما حلقتان في أُذني الفرس، وقيل: الوَتَرَتانِ العَصَبتان بين رؤوس
العُرْقُوبين إِلى المَأْبِضَيْنِ، ويقال: تَوَتَّرَ عَصَبُ فرسه.
والوَتَرَة من الذَّكر: العِرْقُ الذي في باطن الحَشَفَة، وقال اللحياني: هو
الذي بين الذكر والأُنثيين. والوترتان: عصبتان بين المأْبضين وبين رؤوس
العُرقوبين. والوَتَرَةُ أَيضاً: العَصَبَةُ التي تضم مَخْرَجَ رَوْثِ الفرس.
الجوهري: والوَتَرَةُ العرق الذي في باطن الكَمَرَة، وهو جُلَيْدَةٌ.
ووَتَرَةُ كل شيء: حِتارُه، وهو ما استدار من حروفه كَحِتارِ الظفر
والمُنْخُلِ والدُّبُر وما أَشبهه. والوَتَرَةُ: عَقَبَة المَتْنِ، وجمعها
وَتَرٌ. ووَتَرَةُ اليد ووَتِيرَتُها: ما بين الأَصابع، وقال اللحياني: ما بين
كل إِصبعين وَتَرَةٌ، فلم يخص اليد دون الرجل. والوَتَرَةُ
والوَتِيرَةُ: جُلَيْدَة بين السبابة والإِبهام. والوَتَرَةُ: عصبة تحت اللسان.
والوتِيرَةُ: حَلْقَةٌ يتعلم عليها الطعن، وقيل: هي حَلْقَةٌ تُحَلِّقُ على
طَرَفِ قَناةٍ يتعلم عليها الرمي تكون من وَتَرٍ ومن خيط؛ فأَما قول أُم
سلمة زوج النبي، صلى الله عليه وسلم:
حامي الحقيقةِ ماجِدٌ،
يَسْمُو إِلى طَلَبِ الوَتِيرَهْ
قال ابن الأَعرابي: فسر الوَتِرة هنا بأَنها الحَلْقَةُ، وهو غلط منه،
إِنما الوتيرة هنا الذَّحْلُ أَو الظلم في الذحلِ. وقال اللحياني:
الوَتِيرة التي يتعلم الطعن عليها، ولم يخص الحَلْقَةَ. والوَتِيرة: قطعة تستكن
وتَغْلُظ وتنقاد من الأَرض؛ قال:
لقد حَبَّبَتْ نُعْمٌ إِلينا بوجهها
مَنازِلَ ما بين الوَتائِرِ والنَّقْعِ
وربما شبهت القبور بها؛ قال ساعدة بن جؤية الهذلي يصف ضَبُعاً نبشت
قبراً:
فَذاحَتْ بالوَتائِر ثم بَدَّتْ
يديها عند جانبها، تَهِيلُ
ذَاحَتْ: يعني ضَبُعاً نَبَشَتْ عن قبر قتيل. وقال الجوهري: ذاحت
مَشَتْ؛ قال ابن بري: ذاحَتْ مَرَّتْ مَرّاً سريعاً؛ قال: والوَتائِرُ جمع
وَتِيرَةٍ الطريقة من الأَرض؛ قال: وهذا تفسير الأَصمعي؛ وقال أَبو عمرو
الشَّيْبانيُّ: الوتائر ههنا ما بين أَصابع الضبع، يريد أَنها فَرَّجَتْ بين
أَصابعها، ومعنى بَدَّتْ يديها أَي فرّقت بين أَصابع يديها فحذف المضاف.
وتَهِيل: تَحْثُو الترابَ. الأَصمعي: الوَتِيرَةُ من الأَرض، ولم
يَحُدَّها. الجوهري: الوَتِيرَةُ من الأَرض الطريقة. والوَتِيرَةُ: الأَرض
البيضاء. قال أَبو حنيفة: الوَتِيرُ نَوْرُ الوردِ، واحدته وَتِيرَةٌ.
والوَتِيرَةُ: الوَرْدَةُ البيضاء. والوتِيرَةُ: الغُرّة الصغيرة. ابن سيده:
الوَتِيرَة غرّة الفرس إِذا كانت مستديرة، فإِذا طالت فهي الشَّادِخَة. قال
أَبو منصور: شبهت غرّة الفرس إِذا كانت مستديرة بالحلقة التي يتعلم عليها
الطعن يقال لها الوتيرة. الجوهري: الوتيرة حَلْقَةٌ من عَقَبٍ يتعلم
فيها الطعن، وهي الدَّرِيئَةُ أَيضاً؛ قال الشاعر يصف فرساً:
تُبارِي قُرْحَةً مثل الْـ
ـوَتِيرَةِ لم تكن مَغْدَا
المَغْدُ: النَّتْفُ، أَي مَمْغُودَةً، وضع المصدر موضع الصفة؛ يقول:
هذه القرحة خلقة لم تنتف فتبيضَّ. والوتر، بالتحريك: واحد أَوتار القوس.
ابن سيده: الوَتَرُ شِرْعَةُ القوس ومُعَلَّقُها، والجمع أَوتارٌ.
وأَوْتَرَ القوسَ: جعل لها وَتَراً. وَوتَرَها وَوتَّرها: شدَّ تَرَها. وقال
اللحياني: وَتَّرَها وأَوْتَرَها شَدَّ وَتَرَها. وفي المثل: إِنْباضٌ بغير
تَوْتِير. ابن سيده: ومن أَمثالهم: لا تَعْجَلْ بالإِنْباضِ قبل
التَّوتِيرِ؛ وهذا مثل في استعجال الأَمر قبل بلوغ إِناه. قال: وقال بعضهم
وَتَرَها، خفيفة، عَلَّق عليها وترها. والوَتَرَةُ: مجرى السهم من القوس العربية
عنها يزل السهم إِذا أَراد الرامي أَن يرمي. وتَوَتَّرَ عَصَبُه: اشتدّ
فصار مثل الوَتَر. وتَوَتَّرَتْ عروقه: كذلك. كلُّ وَتَرَة في هذا الباب،
فجمعها وتَرٌ؛ وقول ساعدة بن جؤية:
فِيمَ نِساءُ الحَيِّ من وَتَرِيَّةٍ
سَفَنَّجَةٍ، كأَنَّها قَوْسُ تَأْلَبِ؟
قيل: هجا امرأَة نسبها إِلى الوتائر، وهي مساكن الذين هجا، وقيل:
وَتَرِيَّة صُلْبَة كالوَتَرِ.
والوَتِيرُ: موضع؛ قال أُسامة الهذلي:
ولم يَدَعُوا، بين عَرْضِ الوَتِير
وبين المناقِب، إِلا الذِّئابا