لوبياءُ [جمع]: (نت) لوبيا؛ بقلة زراعيّة حوليّة من الفصيلة القرنيّة الفراشيّة، أصنافها الزراعيّة كثيرة، قرونها خضراء، وبذورها تطبخ وتؤكل.
• اللُّوبيا القِرمزيَّة: نبات أمريكيّ استوائيّ ذو أزهار قرمزيّة وقُرونهُ بذور صالحة للأكل.
لوب: اللَّوْبُ واللُّوبُ واللُّـؤُوبُ واللُّوَابُ: العَطَش، وقيل: هو
استدارةُ الـحَائِم حَوْلَ الماءِ، وهو عَطشان، لا يَصِل إِليه. وقد لاب يَلُوبُ لَوْباً ولُوباً ولُوَاباً ولَوَباناً أَي عَطِشَ، فهو لائِبٌ؛
والجمع، لُـؤُوب، مثل: شاهدٍ وشُهُود؛ قال أَبو محمد الفَقْعَسِـيّ:
حتى إِذا ما اشْتَدَّ لُوبانُ النَّجَرْ، * ولاحَ للعَيْنِ سُهَيْل بسَحَرْ
والنَّجَرُ: عَطَشٌ يُصيب الإِبلَ من أَكْلِ الـحِبَّة، وهي بُزُور
الصَّحْراء؛ قال الأَصمعي: إِذا طافت الإِبل على الحوض، ولم تقدر على الماءِ، لكثرة الزحام، فذلك اللَّوْبُ. يُقال: تَرَكْتُها لَوَائِبَ على الحوض، وإِبِل لُوبٌ، ونخلٌ لَوَائِبُ، ولُوبٌ: عِطاشٌ، بعيدة من الماءِ. ابن السكيت: لابَ يَلُوبُ إِذا حامَ حول الماء من العطش؛ وأَنشد:
بأَلذَّ مِنكِ مُقَبَّلاً لِـمُحَـَّلإٍ * عَطشَانَ، دَاغَشَ ثم عادَ يَلُوبُ
وأَلابَ الرجلُ، فهو مُلِـيبٌ إِذا حامَتْ إِبلُه حولَ الماءِ من العطش.
ابن الأَعرابي: يُقال ما وَجَدَ لَياباً أَي قَدْرَ لُعْقَةٍ من الطَّعام يَلُوكُها؛ قال: واللَّيابُ أَقل من مِلْءِ الفم.
واللُّوبةُ: القومُ يكونون مع القوم، فلا يُسْتَشارون في خير ولا شر.
واللاَّبةُ واللُّوبةُ: الـحَرَّة، والجمع لابٌ ولُوبٌ ولاباتٌ، وهي
الـحِرَارُ. فأَما سيبويه فجعل اللُّوبَ جمع لابةٍ كقَارة وقُور. وقالوا: أَسْوَدُ لُوبيٌّ ونُوبيٌّ، منسوب إِلى اللُّوبة والنُّوبةِ،
<ص:746>
وهما الـحَرَّةُ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، حَرَّمَ ما بين لابَتَي المدينة؛ وهما حَرَّتانِ تَكْتَنِفانها؛ قال ابن الأَثير: المدينة ما بين حَرَّتَيْن عظيمتين؛ قال الأَصمعي: هي الأَرضُ التي قد أَلبَسَتْها حجارةٌ سُود، وجمعها لاباتٌ، ما بين الثلاثِ إِلى العَشْر، فإِذا كُثِّرَت، فهي اللاَّبُ واللُّوبُ؛ قال بشْر يذكر كتيبة (1)
(1 قوله «يذكر كتيبة» كذا قال الجوهري أيضاً قال: في التكملة غلط ولكنه يذكر امرأة وصفها في صدر هذه القصيدة أنها معالية أي تقصد العالية وارتفع قوله معالية على انه خبر مبتدإ
محذوف ويجوز انتصابه على الحال.) :
مُعالِـيةٌ لا هَمَّ إِلاّ مُحَجِّرٌ، * وحَرَّةُ ليلى السَّهْلُ منها فَلُوبُها
يُريدُ جمع لُوبة؛ قال: ومثله قارةٌ وقُورٌ، وساحةٌ وسُوحٌ.
ابن شميل: اللُّوبة تكون عَقَبَةً جَواداً أَطْوَلَ ما يكون، وربما كانتْ
دَعْوَةً. قال: واللُّوبةُ ما اشْتَدَّ سوادُه وغَلُظَ وانْقادَ على وجه
الأَرض، وليس بالطَّويل في السماءِ، وهو ظاهر على ما حَوْله؛
والـحَرَّةُ أَعظمُ من اللُّوبة، ولا تكون اللُّوبةُ إِلا حجارةً سُوداً، وليس في الصَّمَّانِ لُوبةٌ، لأَن حجارة الصَّمَّانِ حُمْرٌ، ولا تكون اللُّوبة إِلا في أَنْفِ الجَبلِ، أَو سِقْطٍ أَو عُرْض جَبَل.
وفي حديث عائشة، ووصَفَتْ أَباها، رضي اللّه عنهما: بَعِـيدُ ما بين اللاَّبَتَيْنِ؛ أَرادَتْ أَنه واسعُ الصَّدْر، واسعُ العَطَنِ، فاسْتعارتْ
له اللاَّبةَ، كما يقال: رَحْبُ الفِناءِ واسعُ الجَنابِ.
واللاَّبةُ: الإِبل الـمُجْتمعةُ السُّودُ.
واللُّوبُ: النَّحْلُ، كالنُّوبِ؛ عن كُراع. وفي الحديث: لم تَتَقَيَّـأْه لُوبٌ، ولا مَجَّتْه نُوبٌ. واللُّوباءُ، ممدود، قيل: هو الــلُّوبِـياءُ؛ يقال: هو الــلُّوبِـياءُ، واللُّوبِـيا، واللُّوبِـياجُ، وهو مُذَكَّرٌ، يُمَدُّ ويُقْصَر.
والـمَلابُ: ضَرْبٌ من الطِّيبِ، فارسي؛ زاد الجوهري: كالخَلُوقِ. غيره: الـمَلابُ نوعٌ من العِطْرِ.
ابن الأَعرابي: يقال للزَّعْفَرانِ الشَّعَرُ، والفَيْدُ، والـمَلابُ،
والعَبِـيرُ، والـمَرْدَقُوشُ، والجِسادُ. قال: والـمَلَبَةُ الطاقَةُ من
شَعَرِ الزَّعْفرانِ؛ قال جرير يَهْجُو نساءَ بني نُمَيْر:
ولو وَطِئَتْ نِساءُ بني نُمَيْرٍ * على تِـبْراك، أَخْبَثْنَ التُّرابا
تَطلَّى، وهي سَيِّئَةُ الـمُعَرَّى، * بصِنِّ الوَبْرِ تَحْسَبُه مَلابا
وشيءٌ مُلَوَّبٌ أَي مُلَطَّخٌ به. ولَوَّبَ الشَّيءَ: خَلَطَه بالـملابِ؛ قال المتنخل الـهُذَليُّ:
أَبِـيتُ على مَعاريَ واضِحاتٍ، * بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كدَمِ العِـباطِ
والحديد الـمُلَوَّبُ: الـمَلْويُّ، توصف به الدِّرْع. الجوهري في هذه
الترجمة: وأَما الـمِرْوَدُ ونحوُه، فهو الـمُلَوْلَبُ، على مفوعل.
حبل: الحَبْل: الرِّباط، بفتح الحاء، والجمع أَحْبُل وأَحبال وحِبال
وحُبُول؛ وأَنشد الجوهري لأَبي طالب:
أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ، لا أَباكَ، ضَرَبْتَه
بمِنْسَأَة؟ قد جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا
قال ابن بري: صوابه قد جَرَّ حَبْلَك أَحْبُلُ؛ قال: وبعده:
هَلُمَّ إِلى حُكْمِ ابن صَخْرة، إِنَّه
سَيَحكُم فيما بَيْننا، ثم يَعْدِلُ
والحبْل: الرَّسَن، وجمعه حُبُول وحِبال. وحَبَل الشيءَ حَبْلاً: شَدَّه
بالحَبْل؛ قال:
في الرأْس منها حبُّه مَحْبُولُ
ومن أَمثالهم: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ أَي يا من يَشُدُّ الحَبْلَ
اذكر وقت حَلِّه. قال ابن سيده: ورواه اللحياني يا حامل، بالميم، وهو تصحيف؛
قال ابن جني: وذاكرت بنوادر اللحياني شيخنا أَبا علي فرأَيته غير راض
بها، قال: وكان يكاد يُصَلِّي بنوادر أَبي زيد إِعْظاماً لها، قال: وقال لي
وقت قراءتي إِياها عليه ليس فيها حرف إِلاَّ ولأَبي زيد تحته غرض مّا،
قال ابن جني: وهو كذلك لأَنها مَحْشُوَّة بالنُّكَت والأَسرار؛ الليث:
المُحَبَّل الحَبْل في قول رؤبة:
كل جُلال يَمْلأ المُحَبَّلا
وفي حديث قيس بن عاصم: يَغْدو الناس بِحبالهم فلا يُوزَع رجل عن جَمَل
يَخْطِمُه؛ يريد الحِبال التي تُشَدُّ فيها الإِبل أَي يأْخذ كل إِنسان
جَمَلاً يَخْطِمُه بحَبْله ويتملكه؛ قال الخطابي: رواه ابن الأَعرابي يغدو
الناس بجمالهم، والصحيح بحِبالهم. والحابُول: الكَرُّ الذي يُصْعد به على
النخل. والحَبْل: العَهْد والذِّمَّة والأَمان وهو مثل الجِوار؛ وأَنشد
الأَزهري:
ما زلْتُ مُعْتَصِماً بحَبْلٍ منكُم،
مَنْ حَلِّ ساحَتَكم بأَسْبابٍ نَجا
بعَهْدٍ وذِمَّةٍ. والحَبْل: التَّواصُل. ابن السكيت: الحَبْل الوِصال.
وقال الله عز وجل: واعتصموا بحَبْل الله جميعاً؛ قال أَبو عبيد: الاعتصام
بحَبْل الله هو ترك الفُرْقة واتباعُ القرآن، وإِيَّاه أَراد عبد الله
بن مسعود بقوله: عليكم بحَبْل الله فإِنه كتاب الله. وفي حديث الدعاء: يا
ذا الحَبْل الشديد؛ قال ابن الأَثير: هكذا يرويه المحدثون بالباء، قال:
والمراد به القرآن أَو الدين أَو السبب؛ ومنه قوله تعالى: واعتصموا بحَبْل
الله جميعاً ولا تَفَرَّقوا؛ ووصفه بالشدَّة لأَنها من صِفات الحِبال،
والشدَّةُ في الدين الثَّباتُ والاستقامة؛ قال الأَزهري: والصواب الحَيْل،
بالياء، وهو القُوَّة، يقال حَيْل وحَوْل بمعنى. وفي حديث الأَقرع
والأَبرص والأَعمى: أَنا رجل مسكين قد انقطعت بي الحِبال في سَفَري أَي انقطعت
بي الأَسباب، من الحَبْل السَّبَبِ. قال أَبو عبيد: وأَصل الحَبْل في
كلام العرب ينصرف على وجوه منها العهد وهو الأَمان. وفي حديث الجنازة:
اللهم إِن فلانَ بْنَ فلانٍ في ذمتك وحَبْل جِوارك؛ كان من عادة العرب أَن
يُخِيف بعضها بعضاً في الجاهلية، فكان الرجل إِذا أَراد سفراً أَخذ عهداً
من سيد كل قبيلة فيأْمن به ما دام في تلك القبيلة حتى ينتهي إِلى الأُخرى
فيأْخذ مثل ذلك أَيضاً، يريد به الأَمان، فهذا حَبْل الجِوار أَي ما دام
مجاوراً أَرضه أَو هو من الإِجارة الأَمان والنصرة؛ قال: فمعنى قول ابن
مسعود عليكم بحبل الله أَي عليكم بكتاب الله وترك الفُرْقة، فإِنه أَمان
لكم وعهد من عذاب الله وعقابه؛ وقال الأَعشى يذكر مسيراً له:
وإِذا تُجَوِّزها حِبالُ قَبِيلة،
أَخَذَتْ من الأُخرى إِليك حِبالَها
وفي الحديث: بيننا وبين القوم حِبال أَي عهود ومواثيق. وفي حديث ذي
المِشْعار: أَتَوْك على قُلُصٍ نَواجٍ متصلة بحَبائل الإِسلام أَي عهوده
وأَسبابه، على أَنها جمع الجمع. قال: والحَبْل في غير هذا المُواصَلة؛ قال
امرؤ القيس:
إِني بحَبْلك واصِلٌ حَبْلي،
وبِرِيش نَبْلِك رائش نَبْلي
والحَبْل: حَبْل العاتق. قال ابن سيده: حَبْل العاتق عَصَب، وقيل:
عَصَبة بين العُنُق والمَنْكِب؛ قال ذو الرمة:
والقُرْطُ في حُرَّة الذِّفْرى مُعَلَّقُهُ،
تَباعَدَ الحَبْلُ منها، فهو يضطرب
وقيل: حَبْل العاتق الطَّرِيقة التي بين العُنُق ورأْس الكتف. الأَزهري:
حَبْلُ العاتق وُصْلة ما بين العاتق والمَنْكِب. وفي حديث أَبي قتادة:
فضربته على حَبْل عاتقه، قال: هو موضع الرداء من العنق، وقيل: هو عِرْق
أَو عَصَب هناك. وحَبْل الوَرِيد: عِرْق يَدِرُّ في الحَلْق، والوَرِيدُ
عِرْق يَنْبِض من الحيوان لا دَم فيه. الفراء في قوله عز وجل: ونحن أَقرب
إِليه من حَبْل الوريد؛ قال: الحَبْل هو الوَرِيد فأُضيف إِلى نفسه
لاختلاف لفظ الاسمين، قال: والوَرِيد عِرْق بين الحُلْقوم والعِلْباوَيْن؛
الجوهري: حَبْل الوَرِيد عِرْق في العنق وحَبْلُ الذراع في اليد. وفي المثل:
هو على حَبْل ذراعك أَي في القُرب منك. ابن سيده: حَبْل الذراع عِرْق
ينقاد من الرُّسْغ حتى ينغمس في المَنْكِب؛ قال:
خِطَامُها حَبْلُ الذراع أَجْمَع
وحَبْل الفَقار: عِرق ينقاد من أَول الظهر إِلى آخره؛ عن ثعلب؛ وأَنشد
البيت أَيضاً:
خِطامها حبل الفَقار أَجْمَع
مكان قوله حَبْل الذراع، والجمع كالجمع. وهذا على حَبْل ذراعك أَي
مُمْكِن لك لا يُحال بينكما، وهو على المثل، وقيل: حِبال الذراعين العَصَب
الظاهر عليهما، وكذلك هي من الفَرَس. الأَصمعي: من أَمثالهم في تسهيل الحاجة
وتقريبها: هو على حَبْل ذراعك أَي لا يخالفك، قال: وحَبْل الذراع عِرْق
في اليد، وحِبال الفَرَس عروق قوائمه؛ ومنه قول امرئ القيس:
كأَنَّ نُجوماً عُلِّقَتْ في مَصامِه،
بأَمراس كَتَّانٍ إِلى صُمِّ جَنْدَل
والأَمراس: الحِبال، الواحدة مَرَسة، شَبَّه عروق قوائمه بحِبال
الكَتَّان، وشبه صلابة حوافره بصُمِّ الجَنْدَل، وشبه تحجيل قوائمه ببياض نجوم
السماء. وحِبال الساقين: عَصَبُهما. وحَبائِل الذكر: عروقه.
والحِبالة: التي يصاد بها، وجمعها حَبائل، قال: ويكنى بها عن الموت؛ قال
لبيد:
حَبائلُه مبثوثة بَسبِيلهِ،
ويَفْنى إِذا ما أَخطأَتْه الحَبائل
وفي الحديث: النِّساء حَبائل الشيطان أَي مَصايِدُه، واحدتها حِبالة،
بالكسر، وهي ما يصاد بها من أَيّ شيء كان. وفي حديث ابن ذي يَزَن:
ويَنْصِبون له الحَبائل. والحَابِل: الذي يَنْصِب الحِبالة للصيد. والمَحْبُول:
الوَحْشيُّ الذي نَشِب في الحِبالة. والحِبالة: المِصْيَدة مما كانت.
وحَبَل الصيدَ حَبْلاً واحْتَبَله: أَخذه وصاده بالحِبالة أَو نصبها له.
وحَبَلَته الحِبالةُ: عَلِقَتْه، وجمعها حبائل؛ واستعاره الراعي للعين وأَنها
عَلِقَت القَذَى كما عَلِقَت الحِبالةُ الصيدَ فقال:
وبات بثَدْيَيْها الرَّضِيعُ كأَنه
قَذًى، حَبَلَتْه عَيْنُها، لا يُنيمُها
وقيل: المَحْبُول الذي نصبت له الحِبالة وإِن لم يقع فيها.
والمُحْتَبَل: الذي أُخِذ فيها؛ ومنه قول الأَعشى:
ومَحْبُول ومُحْتَبَل
الأَزهري: الحَبْل مصدر حَبَلْت الصيد واحتبلته إِذا نصبت له حِبالة
فنَشِب فيها وأَخذته. والحِبالة: جمع الحَبَل. يقال: حَبَل وحِبال وحِبالة
مثل جَمَل وجِمال وجِمالة وذَكَر وذِكار وذِكارة. وفي حديث عبد الله
السعدي: سأَلت ابن المسيَّب عن أَكل الضَّبُع فقال: أَوَيأْكلها أَحد؟ فقلت:
إِن ناساً من قومي يَتَحَبَّلُونها فيأْكلونها، أَي يصطادونها
بالحِبالة.ومُحْتَبَل الفَرَس: أَرْساغه؛ ومنه قول لبيد:
ولقد أَغدو، وما يَعْدِمُني
صاحبٌ غير طَوِيل المُحْتَبَل
أَي غير طويل الأَرساغ، وإِذا قَصُرت أَرساغه كان أَشدّ. والمُحْتَبَل
من الدابة: رُسْغُها لأَنه موضع الحَبْل الذي يشدّ فيه. والأُحْبُول:
الحِبالة. وحبائل الموت: أَسبابُه؛ وقد احْتَبَلهم الموتُ.
وشَعرٌ مُحَبَّل: مَضْفور. وفي حديث قتادة في صفة الدجال، لعنه الله:
إِنه مُحبَّل الشعر أَي كأَن كل قَرْن من قرون رأْسه حَبْل لأَنه جعله
تَقاصيب لجُعُودة شعره وطوله، ويروى بالكاف مُحَبَّك الشَّعر. والحُبال:
الشَّعر الكثير.
والحَبْلانِ: الليلُ والنهار؛ قال معروف بن ظالم:
أَلم تر أَنَّ الدهر يوم وليلة،
وأَنَّ الفتى يُمْسِي بحَبْلَيْه عانِيا؟
وفي التنزيل العزيز في قصة اليهود وذُلِّهم إِلى آخر الدنيا وانقضائها:
ضُرِبَت عليهم الذِّلَّة أَينما ثُقِفُوا إِلاَّ بحَبْل من الله وحَبْل
من الناس؛ قال الأَزهري: تكلم علماء اللغة في تفسير هذه الآية واختلفت
مذاهبهم فيها لإِشكالها، فقال الفراء: معناه ضربت عليهم الذلة إِلا أَن
يعتصموا بحَبْل من الله فأَضمر ذلك؛ قال: ومثله قوله:
رَأَتْني بحَبْلَيْها فَصَدَّت مَخافةً،
وفي الحَبْل رَوْعاءُ الفؤاد فَرُوق
أَراد رأَتني أَقْبَلْتُ بحَبْلَيْها فأَضمر أَقْبَلْت كما أَضمر
الاعتصام في الآية؛ وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى أَنه قال: الذي
قاله الفراء بعيد أَن تُحْذف أَن وتبقى صِلَتُها، ولكن المعنى إِن شاء
الله ضُرِبَت عليهم الذلة أَينما ثُقِفوا بكل مكان إِلا بموضع حَبْل من
الله، وهو استثناء متصل كما تقول ضربت عليهم الذلة في الأَمكنة إِلا في هذا
المكان؛ قال: وقول الشاعر رأَتني بحَبْلَيْها فاكتفى بالرؤية من التمسك،
قال: وقال الأَخفش إِلا بحَبْل من الله إِنه استثناء خارج من أَول
الكلام في معنى لكن، قال الأَزهري: والقول ما قال أَبو العباس. وفي حديث
النبي،صلى الله عليه وسلم: أُوصيكم بكتاب الله وعِتْرَتي أَحدهما أَعظم من
الآخر وهو كتاب الله حَبْل ممدود من السماء إِلى الأَرض أَي نور ممدود؛ قال
أَبو منصور: وفي هذا الحديث اتصال كتاب الله
(* قوله «اتصال كتاب الله»
أي بالسماء) عز وجل وإِن كان يُتْلى في الأَرض ويُنسَخ ويُكتَب، ومعنى
الحَبْل الممدود نور هُدَاه، والعرب تُشَبِّه النور الممتدّ بالحَبْل
والخَيْط؛ قال الله تعالى: حتى يتبين لكم الخيط الأَبيض من الخيط الأَسود من
الفجر؛ يعني نور الصبح من ظلمة الليل، فالخيط الأَبيض هو نور الصبح إِذا
تبين للأَبصار وانفلق، والخيط الأَسود دونه في الإِنارة لغلبة سواد الليل
عليه، ولذلك نُعِتَ بالأَسود ونُعِت الآخر بالأَبيض، والخَيْطُ والحَبْل
قريبان من السَّواء. وفي حديث آخر: وهو حَبْل الله المَتِين أَي نور هداه،
وقيل عَهْدُه وأَمانُه الذي يُؤمِن من العذاب. والحَبْل: العهد
والميثاق. الجوهري: ويقال للرَّمْل يستطيل حَبْل، والحَبْل الرَّمْل المستطيل
شُبِّه بالحَبل. والحَبْل من الرمل: المجتمِعُ الكثير العالي. والحَبْل:
رَمْل يستطيل ويمتدّ. وفي حديث عروة بن مُضَرِّس: أَتيتك من جَبَلَيْ طَيِّء
ما تركت من حبل إِلا وقفت عليه؛ الحَبْل: المستطيل من الرَّمْل، وقيل
الضخم منه، وجمعه حِبال، وقيل: الحِبال في الرمل كالجِبال في غير الرمل؛
ومنه حديث بدر: صَعِدْنا على حَبْل أَي قطعة من الرمل ضَخْمة ممتدَّة. وفي
الحديث: وجَعَل حَبْلَ المُشاة بين يديه أَي طريقَهم الذي يسلكونه في
الرَّمْل، وقيل: أَراد صَفَّهم ومُجْتَمعهم في مشيهم تشبيهاً بحَبْل الرمل.
وفي صفة الجنة: فإِذا فيها حَبائل اللؤلؤ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في
كتاب البخاري والمعروف جَنابِذُ اللؤلؤ، وقد تقدم، قال: فإِن صحت الرواية
فيكون أَراد به مواضع مرتفعة كحِبال الرمل كأَنه جمع حِبالة، وحِبالة
جمع حَبْل أَو هو جمع على غير قياس.
ابن الأَعرابي: يقال للموت حَبِيلَ بَراح؛ ابن سيده: فلان حَبِيل بَراح
أَي شُجاعٌ، ومنه قيل للأَسد حَبِيل بَراح، يقال ذلك للواقف مكانه
كالأَسد لا يَفِرُّ. والحبْل والحِبْل: الداهية، وجَمْعها حُبُول؛ قال
كثيِّر:فلا تَعْجَلي، يا عَزّ، أَن تَتَفَهَّمِي
بنُصْحٍ أَتى الواشُونَ أَم بحُبُول
وقال الأَخطل:
وكنتُ سَلِيمَ القلب حتى أَصابَني،
من اللاَّمِعات المُبْرِقاتِ، حُبولُ
قال ابن سيده: فأَما ما رواه الشيباني خُبُول، بالخاء المعجمة، فزعم
الفارسي أَنه تصحيف. ويقال للداهية من الرجال: إِنه لحِبْل من أَحْبالها،
وكذلك يقال في القائم على المال. ابن الأَعرابي: الحِبْل الرجل العالم
الفَطِن الداهي؛ قال وأَنشدني المفضل:
فيا عَجَبا لِلْخَوْدِ تُبْدِي قِناعَها،
تُرَأْرِئُ بالعَيْنَيْنِ لِلرَّجُل الحِبْل
يقال: رَأْرَأَتْ بعينيها وغَيَّقَتْ وهَجَلَتْ إِذا أَدارتهما تَغْمِز
الرَّجُل.
وثار حابِلُهم على نابِلِهم إِذا أَوقدوا الشرَّ بينهم. ومن أَمثال
العرب في الشدة تصيب الناس: قد ثار حابِلُهم ونابِلُهم؛ والحابل: الذي
يَنْصِب الحِبالة، والنابلُ: الرامي عن قوسه بالنَّبْل، وقد يُضرب هذا مثلاً
للقوم تتقلب أَحوالهم ويَثُور بعضهم على بعض بعد السكون والرَّخاء. أَبو
زيد: من أَمثالهم: إِنه لواسع الحَبْل وإِنه لضَيِّق الحَبْل، كقولك هو
ضَيِّق الخُلُق وواسع الخُلُق؛ أَبو العباس في مثله: إِنه لواسع العَطَن
وضَيِّق العَطَن. والْتَبَس الحابل بالنابِل؛ الحابِلُ سَدَى الثوب،
والنابِلُ اللُّحْمة؛ يقال ذلك في الاختلاط. وحَوَّل حابِلَه على نابِلِه أَي
أَعلاه على أَسفله، واجْعَل حابِلَه نابِلَه، وحابله على نابله كذلك.
والحَبَلَةُ والحُبَلَةُ: الكَرْم، وقيل الأَصل من أُصول الكَرْم،
والحَبَلة: طاق من قُضْبان الكَرْم. والحَبَلُ: شجر العِنَب، واحدته حَبَلة.
وحَبَلة عَمْرو: ضَرْب من العنب بالطائف، بيضاء مُحَدَّدة الأَطراف
متداحضة
(* قوله: متداحضة، هكذا في الأصل) العناقيد. وفي الحديث: لا تقولوا
للعِنَب الكَرْم ولكن قولوا العنب والحَبَلة، بفتح الحاء والباء وربما سكنت،
هي القَضيب من شجر الأَعناب أَو الأَصل. وفي الحديث: لما خرج نوح من
السفينة غَرَس الحَبَلة. وفي حديث ابن سِيرِين: لما خرج نوح من السفينة
فَقَدَ حَبَلَتَيْن كانتا معه، فقال له المَلَك: ذَهَب بهما الشيطان، يريد ما
كان فيهما من الخَمْر والسُّكْر. الأَصمعي: الجَفْنة الأَصل من أُصول
الكَرْم، وجمعها الجَفْن، وهي الحَبَلة، بفتح الباء، ويجوز الحَبْلة،
بالجزم. وروي عن أَنس بن مالك: أَنه كانت له حَبَلة تَحْمِل كُرًّا وكان
يسميها أُمَّ العِيال، وهي الأَصل من الكَرْم انْتَشَرَت قُضْبانُها عن
غِرَاسِها وامتدّت وكثرت قضبانها حتى بلغ حَمْلُها كُرًّا.
والحَبَل: الامتلاء. وحَبِل من الشراب: امتلأَ. ورجل حَبْلانُ وامرأَة
حَبْلى: ممتلئان من الشراب. والحُبال: انتفاخ البطن من الشراب والنبيذ
والماء وغيره؛ قال أَبو حنيفة: إِنما هو رجل حُبْلانُ وامرأَة حُبْلى، ومنه
حَبَلُ المرأَة وهو امتلاء رَحِمها. والحَبْلان أَيضاً: الممتلئ غضباً.
وحَبِل الرجلُ إِذا امتلأَ من شرب اللبن، فهو حَبْلانُ، والمرأَة حَبْلى.
وفلان حَبْلان على فلان أَي غضبان. وبه حَبَلٌ أَي غَضَب، قال: وأَصله
من حَبَل المرأَة. قال ابن سيده: والحَبَل الحَمْل وهو من ذلك لأَنه
امتلاء الرَّحِم. وقد حَبِلت المرأَةُ تَحْبَل حَبَلاً، والحَبَل يكون مصدراً
واسماً، والجمع أَحْبال؛ قال ساعدة فجعله اسماً:
ذا جُرْأَةٍ تُسْقِط الأَحْبالَ رَهْبَتُه،
مَهْما يكن من مَسام مَكْرَهٍ يَسُم
ولو جعله مصدراً وأَراد ذوات الأَحبال لكان حَسَناً. وامرأَة حابلة من
نسوة حَبَلة نادر، وحُبْلى من نسوة حُبْلَيات وحَبالى، وكان في الأَصل
حَبالٍ كدَعاوٍ تكسير دَعْوَى؛ الجوهري في جمعه: نِسْوة حَبالى وحَبالَيات،
قال: لأَنها ليس لها أَفْعَل، ففارق جمع الصُّغْرى والأَصل حَبالي، بكسر
اللام، قال: لأَن كل جمع ثالثه أَلف انكسر الحرف الذي بعدها نحو مَساجِد
وجَعافِر، ثم أَبدلوا من الياء المنقلبة من أَلف التأْنيث أَلفاً، فقالوا
حَبالى، بفتح اللام، ليفْرِقوا بين الأَلفين كما قلنا في الصَّحارِي،
وليكون الحَبالى كحُبْلى في ترك صرفها، لأَنهم لو لم يُبْدِلوا لسقطت الياء
لدخول التنوين كما تسقط في جَوَارٍ، وقد ردّ ابن بري على الجوهري قوله
في جمع حُبْلى حَبَالَيَات، قال: وصوابه جُبْلَيَات. قال ابن سيده: وقد
قيل امرأَة حَبْلانة، ومنه قول بعض نساء الأَعراب: أَجِدُ عَيْني هَجَّانة
وشَفَتي ذَبَّانَة وأَراني حَبْلانة، واختلف في هذه الصفة أَعَامَّة
للإِناث أَم خاصة لبعضها، فقيل: لا يقال لشيء من غير الحيوان حُبْلى إِلا في
حديث واحد: نهي عن بيع حَبَل الحَبَلة، وهو أَن يباع ما يكون في بطن
الناقة، وقيل: معنى حَبَل الحَبَلة حَمْل الكَرْمة قبل أَن تبلغ، وجعل
حَمْلها قبل أَن تبلغ حَبَلاً، وهذا كما نهي عن بيع ثمر النخل قبل أَن يُزْهِي،
وقيل: حَبَل الحَبَلة ولدُ الولد الذي في البطن، وكانت العرب في
الجاهلية تتبايع على حَبَل الحَبَلة في أَولاد أَولادها في بطون الغنم الحوامل،
وفي التهذيب: كانوا يتبايعون أَولاد ما في بطون الحوامل فنهى النبي، صلى
الله عليه وسلم، عن ذلك. وقال أَبو عبيد: حَبَل الحَبَلة نِتَاج النِّتاج
وولد الجَنين الذي في بطن الناقة، وهو قول الشافعي، وقيل: كل ذات ظُفُر
حُبْلى؛ قال:
أَو ذِيخَة حُبْلى مُجِحّ مُقْرِب
الأَزهري: يزيد بن مُرَّة نهي عن حَبَل الحَبَلة، جعل في الحَبَلة هاء،
قال: وهي الأُنثى التي هي حَبَل في بطن أُمها فينتظر أَن تُنْتَج من بطن
أُمها، ثم ينتظر بها حتى تَشِبَّ، ثم يرسل عليها الفَحْل فتَلْقَح فله ما
في بطنها؛ ويقال: حَبَل الحَبَلة للإِبل وغيرها، قال أَبو منصور: جعل
الأَول حَبَلة بالهاء لأَنها أُنثى فإِذا نُتِجت الحَبَلة فولدها حَبَل،
قال: وحَبَل الحَبَلة المنتظرة أَن تَلْقِحَ الحَبَلة المستشعرة هذي التي
في الرحم لأَن المُضْمَرة من بعد ما تُنْتَج إِمَّرة. وقال ابن خالويه:
الحَبَل ولد المَجْر وهو وَلَد الولد. ابن الأَثير في قوله: نهي عن حَبَل
الحَبَلة، قال: الحَبَل، بالتحريك، مصدر سمي به المحمول كما سمي به
الحَمْل، وإِنما دخلت عليه التاء للإِشعار بمعنى الأُنوثة فيه، والحَبَل الأَول
يراد به ما في بطون النُّوق من الحَمْل، والثاني حَبَل الذي في بطون
النوق، وإِنما نهي عنه لمعنيين: أَحدهما أَنه غَرَر وبيع شيء لم يخلق بعد
وهو أَن يبيع ما سوف يحمله الجَنِين الذي في بطن أُمه على تقدير أَن يكون
أُنثى فهو بيع نِتَاج النِّتَاج، وقيل: أَراد بحبَل الحَبَلة أَن يبيعه
إِلى أَجل يُنْتَج فيه الحَمْل الذي في بطن الناقة، فهو أَجل مجهول ولا
يصح؛ ومنه حديث عمر لما فُتِحت مصر: أَرادوا قَسْمها فكتبوا إِليه فقال لا
حتى يَغْزُوَ حَبَلُ الحَبَلة؛ يريد حتى يَغْزُوَ منها أَولاد الأَولاد
ويكون عامّاً في الناس والدواب أَي يكثر المسلمون فيها بالتوالد، فإِذا
قسمت لم يكن قد انفرد بها الآباء دون الأَولاد، أَو يكون أَراد المنع من
القسمة حيث علقه على أَمر مجهول. وسِنَّوْرَة حُبْلى وشاة حُبْلى.
والمَحْبَل: أَوان الحَبَل. والمَحْبِل: موضع الحَبَل من الرَّحِم؛ وروي
بيت المتنخل الهذلي:
إِن يُمْسِ نَشْوانَ بمَصْروفة
منها بِرِيٍّ، وعلى مِرْجَل
لا تَقِهِ الموتَ وَقِيَّاتُه،
خُطَّ له ذلك في المَحْبِل
والأَعْرف: في المَهْبِل؛ ونَشْوان أَي سكران، بمَصْروفة أَي بخَمْر
صِرْف، على مِرْجَل أَي على لحم في قِدْر، وإِن كان هذا دائماً فليس يَقِيه
الموت، خُطَّ له ذلك في المَحْبِل أَي كُتِب له الموت حين حَبِلَتْ به
أُمُّه؛ قال أَبو منصور: أَراد معنى حديث ابن مسعود عن النبي، صلى الله
عليه وسلم: إِن النطفة تكون في الرَّحمِ أَربعين يوماً نُطْفة ثم عَلَقة
كذلك ثم مُضْغة كذلك، ثم يبعث الله المَلَك فيقول له اكتب رزقَه وَعَملَه
وأَجَلَه وشَقِيٌّ أَو سعيد فيُخْتَم له على ذلك، فما من أَحد إِلا وقد
كُتِب له الموت عند انقضاء الأَجَل المؤَجَّل له. ويقال: كان ذلك في مَحْبَل
فلان أَي في وقت حَبَل أُمه به. وحَبَّل الزَّرعُ: قَذَف بعضُه على بعض.
والحَبَلة: بَقْلة لها ثمرة كأَنها فِقَر العقرب تسمى شجرة العقرب،
يأْخذها النساء يتداوين بها تنبت بنَجْد في السُّهولة. والحُبْلة: ثمر
السَّلَم والسَّيَال والسَّمُر وهي هَنَة مُعَقَّفة فيها حَبٌّ صُغَار أَسود
كأَنه العَدَس، وقيل: الحُبْلة ثَمَرُ عامَّةِ العِضاه، وقيل: هو وِعَاءُ
حَبِّ السَّلَم والسَّمُر، وأَما جميع العِضَاه بَعْدُ فإِن لها مكان
الحُبْلة السِّنَفة، وقد أَحْبَل العِضَاهُ. والحُبْلة: ضَرْب من الحُلِيِّ
يصاغ على شكل هذه الثمرة يوضع في القلائد؛ وفي التهذيب: كان يجعل في
القلائد في الجاهلية؛ قال عبدالله بن سليم من بني ثعلبة بن الدُّول:
ولقد لَهَوْتُ، وكُلُّ شيءٍ هالِكٌ،
بنَقَاة جَيْبِ الدَّرْع غَير عَبُوس
ويَزِينُها في النَّحْر حَلْيٌ واضح،
وقَلائدٌ من حُبْلة وسُلُوس
والسَّلْس: خَيْط يُنْظَم فيه الخَرَز، وجمعه سُلوس. والحُبْلة: شجرة
يأْكلها الضِّبَاب. وضَبٌّ حابِل: يَرْعَى الحُبْلة. والحُبْلة: بَقْلة
طَيِّبة من ذكور البقل.
والحَبَالَّة: الانطلاق
(* قوله «والحبالة الانطلاق» وفي القاموس: من
معانيها الثقل، قال شارحه: يقال ألقى عليه حبالته وعبالته أي ثقله)؛ وحكى
اللحياني: أَتيته على حَبَالَّة انطلاق، وأَتيته على حَبَالَّة ذلك أَي
على حين ذلك وإِبَّانه. وهي على حَبَالَّة الطَّلاق أَي مُشْرِفة عليه. وكل
ما كان على فَعَالَّة، مشددة اللام، فالتخفيف فيها جائز كحَمَارَّة
القَيْظ وحَمَارَته وصَبَارَّة البَرْد وصَبَارتَه إِلاَّ حَبَالَّة ذلك
فإِنه ليس في لامها إِلاَّ التشديد؛ رواه اللحياني.
والمَحْبَل: الكتاب الأَوَّل.
وبنو الحُبْلى: بطن، النسب إِليه حُبْلِيّ، على القياس، وحُبَليُّ على
غيره. والحُبَل: موضع. الليث: فلان الحُبَليّ منسوب إِلى حَيٍّ من اليمن.
قال أَبو حاتم: ينسب من بني الحُبْلى، وهم رهط عبد اٍّلله ابن أُبيٍّ
المنافق، حُبَليُّ، قال: وقال أَبو زيد ينسب إِلى الحُبْلى حُبْلَويٌّ
وحُبْليٌّ وحُبْلاوِيٌّ. وبنو الحُبْلى: من الأَنصار؛ قال ابن بري: والنسبة
إِليه حُبَليٌّ، يفتح الباء. والحَبْل: موضع بالبصرة؛ وقول أَبي ذؤَيب:
وَرَاحَ بها من ذي المَجَاز، عَشِيَّةً،
يُبَادر أُولى السابقين إِلى الحَبْل
قال السكري: يعني حَبْلَ عَرفة. والحابل: أَرض؛ عن ثعلب؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
أَبنيَّ، إِنَّ العَنْزَ تمنع ربَّها
من أَن يَبِيت وأَهْله بالحابِل
والحُبَليل: دُويَّبة يموت فإِذا أَصابه المطر عاش، وهو من الأَمثلة
التي لم يحكها سيبويه.
ابن الأَعرابي: الأَحْبَل والإِحْبَل والحُنْبُل الــلُّوبِيَاء، والحَبْل
الثِّقَل. ابن سيده: الحُبْلة، بالضم، ثمر العِضاه. وفي حديث سعد بن
أَبي وَقَّاص: لقد رأَيتُنا مع رسول اٍّلله، صلى اٍّلله عليه وسلم، وما لَنا
طعام إِلاَّ الحُبْلة وورق السَّمُر؛ أَبو عبيد: الحُبْلة والسَّمُر
ضَرْبان من الشجر؛ شمر: السَّمُر شبه الــلُّوبِيَاء وهو الغُلَّف من الطَّلْح
والسِّنْف من المَرْخ، وقال غيره: الحُبْلة، بضم الحاء وسكون الباء، ثمر
للسَّمُر يشبه الــلُّوبِيَاء، وقيل: هو ثمر العِضَاه؛ ومنه حديث عثمان،
رضي اٍّلله عنه: أَلَسْتَ تَرْعَى مَعْوتَها وحُبْلتها؟ الجوهري: ضَبُّ
حابِل يَرْعَى الحُبْلة. وقال ابن السكيت: ضَبٌّ حابِلٌ ساحٍ يَرْعَى
الحُبْلة والسِّحَاء. وأَحْبَله أَي أَلقحه. وحِبَال: اسم رجل من أَصحاب
طُلَيْحة بن خويلد الأَسدي أَصابه المسلمون في الرِّدَّة فقال فيه:
فإِن تَكُ أَذْوادٌ أُصْبِنَ ونِسْوة،
فلن تَذْهَبوا فَرْغاً بقتل حِبَال
وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، أَقْطَع مُجَّاعة بن
مَرَارة الحُبَل؛ بضم الحاء وفتح الباء، موضع باليمامة، والله أَعلم.
قرن: القَرْنُ للثَّوْر وغيره: الرَّوْقُ، والجمع قُرون، لا يكسَّر على
غير ذلك، وموضعه من رأْس الإنسان قَرْنٌ أَيضاً، وجمعه قُرون. وكَبْشٌ
أَقْرَنُ: كبير القَرْنَين، وكذلك التيس، والأُنثى قَرْناء؛ والقَرَنُ
مصدر. كبش أَقْرَنُ بَيِّنُ القَرَن. ورُمْح مَقْرُون: سِنانُه من قَرْن؛
وذلك أَنهم ربما جعلوا أَسِنَّةَ رماحهم من قُرُون الظباء والبقر
الوحشي؛ قال الكميت:
وكنَّا إذا جَبَّارُ قومٍ أَرادنا
بكَيْدٍ، حَمَلْناه على قَرْنِ أَعْفَرا
وقوله:
ورامِحٍ قد رَفَعْتُ هادِيَهُ
من فوقِ رُمْحٍ، فظَلَّ مَقْرُونا
فسره بما قدمناه. والقَرْنُ: الذُّؤابة، وخص بعضهم به ذُؤابة المرأَة
وضفيرتها، والجمع قُرون. وقَرْنا الجَرادةِ: شَعرتانِ في رأْسها. وقَرْنُ
الرجلِ: حَدُّ رأْسه وجانِبهُ. وقَرْنُ الأَكمة: رأْسها. وقَرْنُ الجبل:
أَعلاه، وجمعها قِرانٌ؛ أَنشد سيبويه:
ومِعْزىً هَدِياً تَعْلُو
قِرانَ الأَرضِ سُودانا
(* قوله: هَدِيا؛ هكذا في الأصل، ولعله خفف هَدِياً مراعاة لوزن الشعر).
وفي حديث قَيْلة: فأَصابتْ ظُبَتُه طائفةً من قُرونِ رأْسِيَهْ أَي
بعضَ نواحي رأْسي. وحَيَّةٌ قَرْناءُ: لها لحمتان في رأْسها كأَنهما
قَرْنانِ، وأكثر ذلك في الأَفاعي. الأَصمعي: القَرْناء الحية لأَن لها قرناً؛
قال ذو الرمة يصف الصائد وقُتْرتَه:
يُبايِتُه فيها أَحَمُّ، كأَنه
إباضُ قَلُوصٍ أَسْلَمَتْها حِبالُها
وقَرْناءُ يَدْعُو باسْمِها، وهو مُظْلِمٌ،
له صَوْتُها: إرْنانُها وزَمالُها
يقول: يُبيِّنُ لهذا الصائد صَوْتُها أَنها أَفْعَى، ويُبَيِّنُ له
مَشْيُها وهو زَمَالها أَنها أَفعى، وهو مظلم يعني الصائد أَنه في ظلمة
القُتْرَة؛ وذكر في ترجمة عرزل للأَعشى:
تَحْكِي له القَرْناءُ، في عِرْزَالِها،
أُمَّ الرَّحَى تَجْرِي على ثِفالِها
قال: أَراد بالقَرْناء الحية. والقَرْنانِ: مَنارَتانِ تبنيان على رأْس
البئر توضع عليهما الخشبة التي يدور عليها المِحْوَرُ، وتُعَلَّق منها
البَكَرةُ، وقيل: هما مِيلانِ على فم البئر تعلق بهما البكرة، وإنما يسميان
بذلك إذا كانا من حجارة، فإذا كانا من خشب فهما دِعامتانِ. وقَرْنا
البئرِ: هما ما بُنِيَ فعُرِّض فيجعل عليه الخَشَبُ تعلق البكرة منه؛ قال
الراجز:
تَبَيَّنِ القَرْنَيْنِ، فانْظُرْ ما هما،
أَمَدَراً أَم حَجَراً تَراهُما؟
وفي حديث أَبي أَيوب: فوجده الرسولُ يغتسل بين القَرْنَيْنِ؛ هما قَرْنا
البئر المبنيان على جانبيها، فإن كانتا من خشب فهما زُرْنُوقان.
والقَرْنُ أَيضاً: البَكَرَةُ، والجمع أَقْرُنٌ وقُرُونٌ. وقَرْنُ الفلاة:
أَوّلها. وقَرْنُ الشمس: أَوّلها عند طلوع الشمس وأَعلاها، وقيل: أوّل
شعاعها، وقيل: ناحيتها. وفي الحديث حديث الشمس: تَطْلُع بين قَرْنَيْ شَيْطانٍ،
فإذا طَلَعَتْ قارَنَها، فإذا ارْتَفَعَتْ فارقها؛ ونهي النبي، صلى الله
عليه وسلم، عن الصلاة في هذا الوقت، وقيل: قَرْنا الشيطان ناحيتا رأْسه،
وقيل: قَرْناه جَمْعاهُ اللذان يُغْريهما بإضلال البشر. ويقال: إن
الأَشِعَّةَ
(* قوله «ويقال إن الأشعة إلخ» كذا بالأصل ونسخة من التهذيب،
والذي في التكملة بعد قوله تشرف عليهم: هي قرنا الشيطان) .التي تَتَقَضَّبُ
عند طلوع الشمس ويُتَراءَى للعيون أَنها تُشْرِف عليهم؛ ومنه قوله:
فَصَبَّحَتْ، والشمسُ لم تُقَضِّبِ،
عَيْناً بغَضْيانَ ثَجُوجِ العُنْبُب
قيل: إن الشيطان وقَرْنَيْه يُدْحَرُونَ عن مَقامهم مُرَاعِين طلوعَ
الشمس ليلة القَدر، فلذلك تَطْلُع الشمسُ لا شُعاعَ لها، وذلك بَيِّنٌ في
حديث أُبيّ بن كعب وذكره آيةَ ليلة القدر، وقيل: القَرْنُ القُوَّة أي
حين تَطْلُع يتحرّك الشيطان ويتسلط فيكون كالمُعِينِ لها، وقيل: بين
قَرْنَيْه أي أُمَّتَيْه الأَوّلين والآخرين، وكل هذا تمثيل لمن يسجد للشمس
عند طلوعها، فكأَنَّ الشيطان سَوَّل له ذلك، فإذا سجد لها كان كأَن
الشيطان مُقْتَرِنٌ بها.
وذو القَرْنَيْنِ الموصوفُ في التنزيل: لقب لإسْكَنْدَرَ الرُّوميّ، سمي
بذلك لأَنه قَبَضَ على قُرون الشمس، وقيل: سمي به لأَنه دعا قومه إلى
العبادة فَقَرَنُوه أَي ضربوه على قَرْنَيْ رأْسه، وقيل: لأَنه كانت له
ضَفيرتان، وقيل: لأَنه بلغ قُطْرَي الأَرض مشرقها ومغربها، وقوله، صلى
الله عليه وسلم، لعلي، عليه السلام: إن لك بيتاً في الجنة وإنك لذو
قَرْنَيْها؛ قيل في تفسيره: ذو قَرْنَي الجنة أَي طرفيها؛ قال أَبو عبيد: ولا
أَحسبه أَراد هذا، ولكنه أَراد بقوله ذو قرنيها أَي ذو قرني الأُمة،
فأَضمر الأُمة وإن لم يتقدم ذكرها، كما قال تعالى: حتى تَوارتْ بالحجاب؛
أَراد الشمس ولا ذكر لها. وقوله تعالى: ولو يُؤَاخِذُ اللهُ الناسَ بما
كسَبُوا ما تَرَكَ على ظَهْرِها من دابةٍ؛ وكقول حاتم:
أَماوِيَّ، ما يُغْني الثَّراءُ عن الفَتَى،
إذا حَشْرَجَتْ يوماً، وضاق بها الصَّدْرُ
يعني النفْسَ ، ولم يذكرها. قال أَبو عبيد: وأَنا أَختار هذا التفسير
الأَخير على الأَول لحديث يروى عن علي، رضي الله عنه، وذلك أَنه ذكر ذا
القَرْنَيْنِ فقال: دعا قومه إلى عبادة الله فضربوه على قَرْنَيه
ضربتين وفيكم مِثْلُه؛ فنُرَى أَنه أَراد نَفْسه، يعني أَدعو إلى الحق حتى
يُضرب رأْسي ضربتين يكون فيهما قتلي، لأَنه ضُرِبَ على رأْسه ضربتين:
إحداهما يوم الخَنْدَقِ، والأُخرى ضربة ابن مُلْجَمٍ. وذو القرنين: هو
الإسكندرُ، سمي بذلك لأَنه ملك الشرق والغرب، وقيل: لأَنه كان في رأْسه
شِبْهُ قَرْنَين، وقيل: رأَى في النوم أَنه أَخَذَ بقَرْنَيِ الشمسِ. وروي
عن أَحمد بن يحيى أَنه قال في قوله، عليه السلام: إنك لذو قَرْنَيْها؛
يعني جَبَليها، وهما الحسن والحسين؛ وأَنشد:
أَثوْرَ ما أَصِيدُكم أَم ثورَيْنْ،
أَم هذه الجَمّاءَ ذاتَ القَرْنَيْنْ
قال: قَرْناها ههنا قَرْناها، وكانا قد شَدَنا، فإذا آذاها شيء دَفَعا
عنها. وقال المبرد في قوله الجماء ذات القرنين، قال: كان قرناها صغيرين
فشبهها بالجَمّاءِ، وقيل في قوله: إنك ذو قَرْنَيْها؛ أي إنك ذو قَرنَيْ
أُمَّتي كما أَن ذا القرنين الذي ذكره الله في القرآن كان ذا قَرْنيْ
أُمَّته التي كان فيهم. وقال، صلى الله عليه وسلم: ما أَدري ذو القرنين
أَنبيّاً كان أَم لا. وذو القَرْنينِ: المُنْذِرُ الأَكبرُ بنُ ماءٍ
السماء جَدُّ النُّعمان بن المنذر، قيل له ذلك لأَنه كانت له ذؤابتان
يَضْفِرُهما في قَرْنيْ رأْسه فيُرْسِلُهما، وليس هو الموصوف في التنزيل، وبه
فسر ابن دريد قول امرئ القيس:
أَشَذَّ نَشاصَ ذي القَرْنينِ، حتى
توَلَّى عارِضُ المَلِكِ الهُمامِ
وقَرْنُ القوم: سيدُهم. ويقال: للرجل قَرْنانِ أَي ضفيرتان؛ وقال
الأَسَدِيُّ:
كَذَبْتُم، وبيتِ اللهِ، لا تَنْكِحونها
بَنِي شابَ قَرْناها تُصَرُّ وتُحْلَبُ
أَراد يا بني التي شابَ قَرْناها، فأَضمره. وقَرْنُ الكلإِ: أَنفه الذي
لم يوطأْ، وقيل: خيره، وقيل: آخره. وأَصاب قَرْنَ الكلإ إذا أَصاب مالاً
وافراً. والقَرْنُ: حَلْبَة من عَرَق. يقال: حَلَبنا الفرسَ قَرْناً أَو
قَرْنينِ أي عَرَّقناه. والقَرْنُ: الدُّفعة من العَرَق. يقال: عَصَرْنا
الفرسَ قَرْناً أو قَرْنين، والجمع قُرون؛ قال زهير:
تُضَمَّرُ بالأَصائِل كلَّ يوْمٍ،
تُسَنُّ على سَنابِكِها القُرُونُ
وكذلك عَدَا الفرسُ قَرْناً أَو قرنين. أَبو عمرو: القُرونُ العَرَقُ.
قال الأَزهري: كأَنه جمع قَرْن. والقَرُونُ: الذي يَعْرَقُ سريعاً، وقيل:
الذي يَعْرَق سريعاً إذا جرى، وقيل: الفرس الذي يَعْرَقُ سريعاً، فخص.
والقَرْنُ: الطَّلَقُ من الجَرْي. وقُروُنُ المطر: دُفَعُه
المُتَفرِّقة.والقَرْنُ: الأُمَّةُ تأْتي بعد الأُمَّة، وقيل: مُدَّتُه عشر سنين،
وقيل: عشرون سنة، وقيل: ثلاثون، وقيل: ستون، وقيل: سبعون، وقيل: ثمانون وهو
مقدار التوسط في أَعمار أهل الزمان، وفي النهاية: أََهل كلِّ زمان،
مأْخوذ من الاقْتِران، فكأَنه المقدار القد يَقْترِنُ فيه أهلُ ذلك الزمان في
أَعمارهم وأَحوالهم. وفي الحديث: أَن رجلاً أَتاه فقال عَلِّمْني
دُعاءً، ثم أَتاه عند قَرْنِ الحَوْلِ أَي عند آخر الحول الأَول وأَول
الثاني. والقَرْنُ في قوم نوح: على مقدار أَعمارهم؛ وقيل: القَرْنُ أَربعون
سنة بدليل قول الجَعْدِي:
ثَلاثةَ أَهْلِينَ أَفْنَيْتُهُم،
وكانَ الإلَهُ هو المُسْتَاسا
وقال هذا وهو ابن مائة وعشرين سنة، وقيل: القَرْن مائة سنة، وجمعه
قُرُون. وفي الحديث: أَنه مسح رأْس غلام وقال عِشْ قَرْناً، فعاش مائة سنة.
والقَرْنُ من الناس: أَهلُ زمان واحد؛ وقال:
إذا ذهب القَرْنُ الذي أَنتَ فيهمُ،
وخُلِّفْتَ في قَرْنٍ، فأَنتَ غَرِيبُ
ابن الأَعرابي: القَرْنُ الوقت من الزمان يقال هو أَربعون سنة، وقالوا:
هو ثمانون سنة، وقالوا: مائة سنة؛ قال أَبو العباس: وهو الاختيار لما
تقدَّم من الحديث. وفي التنزيل العزيز: أَوَلَمْ يَرَوْا كم أَهْلَكْنا من
قبْلهم من قَرْنٍ؛ قال أَبو إسحق: القَرْنُ ثمانون سنة، وقيل: سبعون سنة،
وقيل: هو مطلق من الزمان، وهو مصدر قَرَنَ يَقْرُنُ؛ قال الأَزهري:
والذي يقع عندي، والله أَعلم، أن القَرْنَ أَهل كل مدة كان فيها نبيّ أَو كان
فيها طبقة من أَهل العلم، قَلَّتْ السِّنُون أَو كثرت، والدليل على
هذا قول النبي، صلى الله عليه وسلم: خَيْرُكم قَرْنِي، يعني أَصحابي، ثم
الذين يَلُونَهم، يعني التابعين، ثم الذين يَلُونهم، يعني الذين أَخذوا
عن التابعين، قال: وجائز أَن يكون القَرْنُ لجملة الأُمة وهؤلاء قُرُون
فيها، وإنما اشتقاق القَرْن من الاقْتِران، فتأَويله أَن القَرْنَ الذين
كانوا مُقْتَرِنين في ذلك الوقت والذين يأْتون من بعدهم ذوو اقْتِرانٍ آخر.
وفي حديث خَبّابٍ: هذا قَرْنٌ قد طَلَعَ؛ أَراد قوماً أَحداثاً
نَبَغُوا بعد أَن لم يكونوا، يعني القُصّاص، وقيل: أَراد بِدْعَةً حَدثت لم
تكون في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم. وقال أَبو سفيان بن حَرْبٍ
للعباس بن عبد المطلب حين رأَى المسلمين وطاعتهم لرسول الله، صلى الله عليه
وسلم، واتباعَهم إياه حين صلَّى بهم: ما رأَيت كاليوم طاعةَ قومٍ، ولا
فارِسَ الأَكارِمَ، ولا الرومَ ذاتَ القُرُون؛ قيل لهم ذاتُ القُرُون
لتوارثهم الملك قَرْناً بعد قَرْنٍ، وقيل: سُمُّوا بذلك لقُرُونِ شُعُورهم
وتوفيرهم إياها وأَنهم لا يَجُزُّونها. وكل ضفيرة من ضفائر الشعر
قَرْنٌ؛ قال المُرَقِّشُ:
لاتَ هَنَّا، وليْتَني طَرَفَ الزُّجْـ
جِ، وأَهلي بالشأْم ذاتُ القُرونِ
أَراد الروم، وكانوا ينزلون الشام. والقَرْنُ: الجُبَيْلُ المنفرد،
وقيل: هو قطعة تنفرد من الجَبَل، وقيل: هو الجبل الصغير، وقيل: الجبيل
الصغير المنفرد، والجمع قُرُونٌ وقِرانٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
تَوَقَّى بأَطْرافِ القِرانِ، وطَرْفُها
كطَرْفِ الحُبَارَى أَخطأَتْها الأَجادِلُ
والقَرْنُ: شيء من لِحَاء شَجر يفتل منه حَبْل. والقَرْن: الحَبْل من
اللِّحاءِ؛ حكاه أَبو حنيفة. والقَرْنُ أَيضاً: الخُصْلة المفتولة من
العِهْن. والقَرْنُ: الخُصْلة من الشعر والصوف، جمعُ كل ذلك قُروُنٌ؛ ومنه
قول أَبي سفيان في الرُّومِ: ذاتِ القُرُون؛ قال الأَصمعي: أَراد قُرون
شعُورهم، وكانوا يُطوِّلون ذلك يُعْرَفُون به؛ ومنه حديث غسل الميت:
ومَشَطناها ثلاثَ قُرون. وفي حديث الحجاج: قال لأسماءَ لَتَأْتِيَنِّي أو
لأَبعَثنَّ إليكِ من يسَحبُك بقرونكِ. وفي الحديث: فارِسُ نَطْحةً أَو
نَطْحتَين
(* قوله «فارس نصحة أو نطحتين» كذا بالأصل ونسختين من النهاية
بنصب نطحة أو نطحتين، وتقدم في مادة نطح رفعهما تبعاً للأصل ونسخة من
النهاية وفسره بما يؤيد بالنصب حيث قال هناك: قال أبو بكر معناه فارس تقاتل
المسلمين مرة أو مرتين فحذف الفعل وقيل تنطح مرة أو مرتين فحذف الفعل
لبيان معناه) . ثم لا فارس بعدها أَبداً. والرُّوم ذاتُ القُرون كلما
هلَك قَرْنٌ خَلَفه قرن، فالقُرون جمع قَرْنٍ؛ وقول الأَخطل يصف النساء:
وإذا نَصَبْنَ قُرونَهنَّ لغَدْرةٍ،
فكأَنما حَلَّت لهنَّ نُذُورُ
قال أَبو الهيثم: القُرون ههنا حبائلُ الصَّيّاد يُجْعَل فيها قُرونٌ
يصطاد بها، وهي هذه الفُخوخ التي يصطاد بها الصِّعاءُ والحمامُ، يقول:
فهؤلاء النساءإِذا صِرْنا في قُرونهنَّ فاصْطَدْننا فكأَنهن كانت عليهن
نُذُور أَن يَقْتُلننا فحَلَّتْ؛ وقول ذي الرمة في لغزيته:
وشِعْبٍ أَبى أَن يَسْلُكَ الغُفْرُ بينه،
سَلَكْتُ قُرانى من قَياسِرةٍ سُمْرا
قيل: أَراد بالشِّعْب شِعْب الجبل، وقيل: أَراد بالشعب فُوقَ السهم،
وبالقُرانى وَتراً فُتِل من جلد إِبل قَياسرةٍ. وإِبلٌ قُرانى أَي ذات
قرائن؛ وقول أَبي النجم يذكر شَعرهَ حين صَلِعَ:
أَفناه قولُ اللهِ للشمسِ: اطلُعِي
قَرْناً أَشِيبِيه، وقَرْناً فانزِعي
أَي أَفنى شعري غروبُ الشمس وطلوعها، وهو مَرُّ الدهر.
والقَرينُ: العين الكَحِيل.
والقَرْنُ: شبيةٌ بالعَفَلة، وقيل: هو كالنُّتوء في الرحم، يكون في
الناس والشاء والبقر. والقَرْناء: العَفْلاء.
وقُرْنةُ الرَّحِم: ما نتأَ منه، وقيل: القُرْنتان رأْس الرحم، وقيل:
زاويتاه، وقيل: شُعْبَتاه، كل واحدة منهما قُرْنةٌ، وكذلك هما من رَحِم
الضَّبَّة. والقَرْنُ: العَفَلة الصغيرة؛ عن الأَصمعي. واخْتُصِم إِلى
شُرَيْح في جارية بها قَرَنٌ فقال: أَقعِدوها، فإِن أَصابَ الأَرض فهو عَيبٌ،
وإِن لم يصب الأَرض فليس بعيب. الأَصمعي: القَرَنُ في المرأَة كالأُدْرة
في الرجل. التهذيب: القَرْناءُ من النساء التي في فرجها مانع يمنع من
سُلوك الذكر فيه، إِما غَدَّة غليظة أَو لحمة مُرْتَتِقة أَو عظم، يقال
لذلك كله القَرَنُ؛ وكان عمر يجعل للرجل إِذا وجد امرأَته قَرْناءَ الخيارَ
في مفارقتها من غير أَن يوجب عليه المهر وحكى ابن بري عن القَزّاز قال:
واختُصِم إِلى شُريح في قَرَن، فجعل القَرَن هو العيب، وهو من قولك امرأَة
قَرْناءُ بَيِّنة القَرَن، فأََما القَرْنُ، بالسكون، فاسم العَفَلة،
والقَرَنُ، بالفتح، فاسم العيب. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: إِذا تزوج
المرأَة وبها قَرْنٌ، فإِن شاءَ أَمسك، وإِن شاءَ طلق؛ القَرْنُ، بسكون
الراء: شيء يكون في فرج المرأَة كالسنِّ يمنع من الوطءِ، ويقال له
العَفَلةُ. وقُرْنةُ السيف والسِّنان وقَرْنهما: حدُّهما. وقُرْنةُ النَّصْلِ:
طرَفه، وقيل: قُرْنتاه ناحيتاه من عن يمينه وشماله. والقُرْنة، بالضم:
الطرَف الشاخص من كل شيء؛ يقال: قُرْنة الجبَل وقُرْنة النَّصْلِ وقُرْنة
الرحم لإِحدى شُعْبتَيه. التهذيب: والقُرْنة حَدُّ السيف والرمح والسهم،
وجمع القُرْنة قُرَنٌ. الليث: القَرْنُ حَدُّ رابية مُشْرِفة على وهدة
صغيرة، والمُقَرَّنة الجبال الصغار يدنو بعضها من بعض، سميت بذلك لتَقارُبها؛
قال الهذلي
(* قوله «قال الهذلي» اسمه حبيب، مصغراً، ابن عبد الله) :
دَلَجِي، إِذا ما الليلُ جَنْـ
ـنَ، على المُقَرَّنةِ الحَباحِبْ
أَراد بالمُقَرَّنة إِكاماً صغاراً مُقْترِنة.
وأَقرَنَ الرُّمحَ إِليه: رفعه. الأَصمعي: الإِقْرانُ رفع الرجل رأْس
رُمحِه لئلاَّ يصيب مَنْ قُدّامه. يقال: أَقرِنْ رمحك. وأَقرَن الرجلُ إِذا
رفع رأْسَ رمحِهِ لئلا يصيب من قدَّامه. وقَرَن الشيءَ بالشيءِ وقَرَنَه
إِليه يَقْرِنه قَرْناً: شَدَّه إِليه. وقُرِّنتِ الأُسارَى بالحبال،
شُدِّد للكثرة.
والقَرينُ: الأَسير. وفي الحديث: أَنه، عليه السلام، مَرَّ برَجلين
مُقترنين فقال: ما بالُ القِران؟ قالا:
نذَرْنا، أَي مشدودين أَحدهما إِلى الآخر بحبل. والقَرَنُ، بالتحريك:
الحبل الذي يُشدّان به، والجمع نفسه قَرَنٌ أَيضاً. والقِرانُ: المصدر
والحبل. ومنه حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: الحياءُ والإِيمانُ في قَرَنٍ
أَي مجموعان في حبل أَو قِرانٍ. وقوله تعالى: وآخرِين مُقَرَّنين في
الأَصفاد، إِما أَن يكون أَراد به ما أَراد بقوله مَقرُونين، وإِما أَن يكون
شُدِّد للتكثير؛ قال ابن سيده: وهذا هو السابق إِلينا من أَول وَهْلة.
والقِرانُ: الجمع بين الحج والعمرة، وقَرَنَ بين الحج والعمْرة قِراناً،
بالكسر. وفي الحديث: أَنه قَرَن بين الحج والعمرة أَي جمع بينهما بنيَّة
واحدة وتلبية واحدة وإِحرام واحد وطواف واحد وسعي واحد، فيقول: لبيك بحجة
وعمرة، وهو عند أَبي حنيفة أَفضل من الإِفراد والتمتع. وقَرَنَ الحجَّ
بالعمرة قِراناً: وَصَلها. وجاء فلان قارِناً، وهو القِرانُ. والقَرْنُ:
مثلك في السنِّ، تقول: هو على قَرْني أَي على سِنِّي. الأَصمعي: هو
قَرْنُه في السن، بالفتح، وهو قِرْنه، بالكسر، إِذا كان مثله في الشجاعة
والشّدة. وفي حديث كَرْدَم: وبِقَرْنِ أَيِّ النساء هي أَي بسنِّ أَيهنَّ. وفي
حديث الضالة: إِذا كتَمها آخِذُها ففيها قَرينتها مثلها أَي إِذا وجد
الرجلُ ضالة من الحيوان وكتمها ولم يُنْشِدْها ثم توجد عنده فإِن صاحبها
يأْخذها ومثلها معها من كاتمها؛ قال ابن الأَثير: ولعل هذا في صدر الإِسلام
ثم نسخ، أَو هو على جهة التأَديب حيث لم يُعَرِّفها، وقيل: هو في الحيوان
خاصة كالعقوبة له، وهو كحديث مانع الزكاة: إِنا آخدُوها وشطرَ ماله.
والقَرينةُ: فَعِيلة بمعنى مفعولة من الاقتِران، وقد اقْتَرَنَ الشيئان
وتَقارَنا.
وجاؤُوا قُرانى أَي مُقْتَرِنِين. التهذيب: والقُرانى تثنية فُرادى،
يقال: جاؤُوا قُرانى وجاؤوا فُرادى. وفي الحديث في أَكل التمر: لا قِران ولا
تفتيش أَي لا تَقْرُنْ بين تمرتين تأْكلهما معاً وقارَنَ الشيءُ الشيءَ
مُقارَنة وقِراناً: اقْتَرَن به وصاحَبَه. واقْتَرَن الشيءُ بغيره
وقارَنْتُه قِراناً: صاحَبْته، ومنه قِرانُ
الكوكب. وقَرَنْتُ الشيءَ بالشيءِ: وصلته. والقَرِينُ: المُصاحِبُ.
والقَرينانِ: أَبو بكر وطلحة، رضي الله عنهما، لأَن عثمان بن عَبَيْد الله،
أَخا طلحة، أَخذهما فَقَرَنَهما بحبل فلذلك سميا القَرِينَينِ. وورد في
الحديث: إِنَّ أَبا بكر وعمر يقال لهما القَرينانِ. وفي الحديث: ما من
أَحدٍ إِلا وكِّلَ به قَرِينُه أَي مصاحبه من الملائكة والشَّياطين
وكُلِّإِنسان، فإِن معه قريناً منهما، فقرينه من الملائكة يأْمره بالخير
ويَحُثه عليه. ومنه الحديث الآخر: فقاتِلْه فإِنَّ معه القَرِينَ، والقَرِينُ
يكون في الخير والشر. وفي الحديث: أَنه قُرِنَ
بنبوته، عليه السلام، إِسرافيلُ ثلاثَ سنين، ثم قُرِنَ به جبريلُ، عليه
السلام، أَي كان يأْتيه بالوحي وغيره.
والقَرَنُ: الحبل يُقْرَنُ به البعيرانِ، والجمع أَقْرانٌ، وهو
القِرَانُ وجمعه قُرُنٌ؛ وقال:
أَبْلِغْ أَبا مُسْمِعٍ، إِنْ كنْتَ لاقِيَهُ،
إِنِّي، لَدَى البابِ، كالمَشْدُودِ في قَرَنِ
وأَورد الجوهري عجزه. وقال ابن بري: صواب إِنشاده أَنِّي، بفتح الهمزة.
وقَرَنْتُ
البعيرين أَقْرُنُهما قَرْناً: جمعتهما في حبل واحد. والأَقْرانُ:
الحِبَالُ. الأَصمعي: القَرْنُ جَمْعُكَ بين دابتين في حَبْل، والحبل الذي
يُلَزَّان به يُدْعَى قَرَناً. ابن شُمَيْل: قَرَنْتُ بين البعيرين
وقَرَنْتهما إِذا جمعت بينهما في حبل قَرْناً. قال الأَزهري: الحبل الذي يُقْرَنُ
به بعيران يقال له القَرَن، وأَما القِرانُ
فهو حبل يُقَلَّدُ البعير ويُقادُ به. وروي أَنَّ ابن قَتَادة صَاحِبَ
الحَمَالَةِ تَحَمَّل بحَمَالة، فطاف في العرب يسأَلُ فيها، فانتهى إِلى
أَعرابي قد أَوْرَدَ إِبلَه فسأَله فقال: أَمعك قُرُنٌ؟ قال: نعم، قال:
نَاوِلْني قِرَاناً، فَقَرَنَ له بعيراً، ثم قال: ناولني قِراناً، فَقَرَنَ
له بعيراً، ثم قال: ناولني قِراناً، فَقَرَنَ له بعيراً آخر حتى قَرَنَ
له سبعين بعيراً، ثم قال: هاتِ قِراناً، فقال: ليس معي، فقال: أَوْلى لك
لو كانت معك قُرُنٌ لقَرَنْتُ لك منها حتى لا يبقى منها بعير، وهو إِياس
بن قتادة. وفي حديث أَبي موسى: فلما أَتيت رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، قال خذ هذين القَرِينَيْنِ أَي الجملين المشدودين أَحدهما إِلى الآخر.
والقَرَنُ والقَرِينُ: البعير المَقْرُون بآخر. والقَرينة: الناقة
تُشَدُّ إِلى أُخْرى، وقال الأَعور النبهاني يهجو جريراً ويمدح غَسَّانَ
السَّلِيطِي:
أَقُولُ لها أُمِّي سَليطاً بأَرْضِها،
فبئس مُناخُ النازلين جَريرُ
ولو عند غسَّان السَّليطيِّ عَرَّسَتْ،
رَغَا قَرَنٌ منها وكاسَ عَقيرُ
قال ابن بري: وقد اختلف في اسم الأَعور النَّبْهانِي فقال ابن الكلبي:
اسمه سُحْمَةُ بن نُعَيم بن الأَخْنس ابن هَوْذَة، وقال أَبو عبيدة في
النقائض: يقال له العَنَّاب، واسمه سُحَيْم بن شَريك؛ قال: ويقوي قول أَبي
عبيدة في العَنَّاب قول جرير في هجائه:
ما أَنتَ، يا عَنَّابُ، من رَهْطِ حاتِمٍ،
ولا من رَوابي عُرْوَةَ بن شَبيبِ
رأَينا قُرُوماً من جَدِيلةَ أَنْجَبُوا،
وفحلُ بنِي نَبْهان غيرُ نَجيبِ
قال ابن بري: وأَنكر عليّ بن حمزة أَن يكون القَرَنُ البعيرَ المَقْرونَ
بآخر، وقال: إِنما القَرَنُ الحبل الذي يُقْرَنُ به البعيران؛ وأَما قول
الأَعْور:
رغا قَرَنٌ منها وكاسَ عَقِيرُ
فإِنه على حذف مضاف، مثل واسْأَلِ القريةَ.
والقَرِينُ: صاحبُك الذي يُقارِنُك، وقَرِينُك: الذي يُقارنُك، والجمع
قُرَناءُ، وقُرانى الشيء: كقَرِينه؛ قال رؤبة:
يَمْطُو قُراناهُ بهادٍ مَرَّاد
وقِرْنُك: المُقاوِمُ لك في أَي شيء كان، وقيل: هو المُقاوم لك في شدة
البأْس فقط. والقِرْنُ، بالكسر: كُفْؤك في الشجاعة. وفي حديث عُمَر
والأَسْقُفّ قال: أَجِدُكَ قَرْناً، قال: قَرْنَ مَهْ؟ قال: قَرْنٌ من حديد؛
القَرْنُ، بفتح القافِ: الحِصْنُ، وجمعه قُرُون، وكذلك قيل لها الصَّياصِي؛
وفي قصيد كعب بن زهير:
إِذا يُساوِرُ قِرْناً، لا يَحِلُّ له
أَن يَتْرُك القِرن إِلا وهو مَجْدول
القِرْنُ، بالكسر: الكُفْءِ
والنظير في الشجاعة والحرب، ويجمع على أَقران. وفي حديث ثابت بن قَيس:
بئسما عَوَّدْتم أَقْرانَكم أَي نُظَراءَكم وأَكْفاءَكم في القتال، والجمع
أَقران، وامرأَة قِرنٌ وقَرْنٌ كذلك. أَبو سعيد: اسْتَقْرَنَ فلانٌ
لفلان إِذا عازَّهُ وصار عند نفسه من أَقرانه. والقَرَنُ: مصدر قولك رجل
أَقْرَنُ بَيِّنُ
القَرَنِ، وهو المَقْرُون الحاجبين. والقَرَنُ: التقاء طرفي الحاجبين
وقد قَرِنَ وهو أَقْرَنُ، ومَقْرُون الحاجبين، وحاجب مَقْرُون: كأَنه قُرِن
بصاحبه، وقيل: لا يقال أَقْرَنُ ولا قَرْناء حتى يضاف إِلى الحاجبين.
وفي صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: سَوابِغَ في غير قَرَنٍ؛
القَرَن، بالتحريك: التقاء الحاجبين. قال ابن الأَثير: وهذا خلاف ما
روته أُم معبد فإِنها قالت في صفته، صلى الله عليه وسلم: أَزَجُّ أَقْرَنُ
أَي مَقْرُون الحاجبين، قال: والأَول الصحيح في صفته، صلى الله عليه وسلم،
وسوابغ حال من المجرور، وهو الحواجب، أَي أَنها دقت في حال سبوغها،
ووضع الحواجب موضع الحاجبين لأَن الثنية جمع. والقَرَنُ: اقْتِرانُ
الركبتين، ورجل أَقْرَنُ. والقَرَنُ: تَباعُدُ ما بين رأْسَي الثَّنِيَّتَيْن
وإِن تدانت أُصولهما. والقِران: أَن يَقْرُن بينَ تمرتين يأْكلهما.
والقَرُون: الذي يجمع بين تمرتين في الأَكل، يقال: أَبَرَماً قَرُوناً. وفي
الحديث: أَنه نهى عن القِران إِلا أَن يستأْذن أَحدُكم صاحبَه، ويُرْوى
الإِقْران، والأَول أَصح، وهو أَن يَقْرُِن بين التمرتين في الأَكل، وإِنما نهى
عنه لأَن فيه شرهاً، وذلك يُزْري بفاعله، أَو لأَن فيه غَبْناً برفيقه،
وقيل: إِنما نهى عنه لما كانوا فيه من شدة العيش وقلة الطعام، وكانوا مع
هذا يُواسُونَ من القليل، فإِذا اجتمعوا على الأَكل آثر بعضهم بعضاً على
نفسه، وقد يكون في القوم من قد اشْتَدَّ جوعه، فربما قَرَنَ بين التمرتين
أَو عظَّم اللُّقْمة فأَرشدهم إِلى الإِذن فيه لتطيب به أَنْفُسُ
الباقين. ومنه حديث جَبَلَة قال: كنا في المدينة في بَعْثِ العراق، فكان ابن
الزبير يَرْزُقُنا التمر، وكان ابن عمر يمرّ فيقول: لا تُقَارِنُوا إِلا
أَن يستأْذن الرجلُ أَخاه، هذا لأَجل ما فيه من الغَبْنِ ولأَن مِلْكَهم
فيه سواء؛ وروي نحوه عن أَبي هريرة في أَصحاب الصُّفَّةِ؛ ومن هذا قوله في
الحديث: قارِنُوا بين أَبنائكم أَي سَوُّوا بينهم ولا تُفَضلوا بعضهم على
بعض، ويروى بالباء الموحدة من المقاربة وهو قريب منه، وقد تقدم في
موضعه.والقَرُونُ من الرجال: الذي يأْكل لقمتين لقمتين أَو تمرتين تمرتين، وهو
القِرانُ. وقالت امرأَة لبعلها ورأَته يأْكل كذلك: أَبَرَماً قَرُوناً؟
والقَرُون من الإِبل: التي تَجْمَع بين مِحلَبَيْنِ في حَلْبَةٍ، وقيل:
هي المُقْتَرِنَة القادِمَيْن والآخِرَيْنِ، وقيل: هي التي إِذا بَعَرَتْ
قارنت بين بَعَرِها، وقيل: هي التي تضع خُفَّ رجلها موضع خُفِّ يدها،
وكذلك هو من الخيل. وقَرَنَ الفرسُ يَقْرُنُ، بالضم، إِذا وقعت حوافر رجليه
مواقعَ حوافر يديه. والقَرُون: الناقة التي تَقْرُنُ ركبتيها إِذا بركت؛
عن الأَصمعي. والقَرُون: التي يجتمع خِلْفاها القادِمان والآخِرانِ
فيَتَدانَيانِ. والقَرون: الذي يَضَعُ حَوافرَ رجليه مَواقعَ حَوافر
يديه.والمَقْرُونُ من أَسباب الشِّعْر: ما اقْتَرنت فيه ثلاثُ حركات بعدها
ساكن كمُتَفا من متفاعلن وعلتن من مفاعلتن، فمتفا قد قرنت السببين بالحركة،
وقد يجوز إِسقاطها في الشعر حتى يصير السببان مفورقين نحو عيلن من
مفاعيلن، وقد ذكر المفروقان في موضعه.
والمِقْرَنُ: الخشبة التي تشدّ على رأْسَي الثورين.
والقِران والقَرَنُ: خيط من سَلَب، وهو قشر يُفتل يُوثَقُ على عُنُق كل
واحد من الثورين، ثم يوثق في وسطهما اللُّوَمَةُ.
والقَرْنانُ: الذي يُشارك في امرأَته كأَنه يَقْرُن به غيرَه، عربي صحيح
حكاه كراع. التهذيب: القَرْنانُ نعت سوء في الرجل الذي لا غَيْرَة له؛
قال الأَزهري: هذا من كلام الحاضرة ولم أَرَ البَوادِيَ
لفظوا به ولا عرفوه.
والقَرُون والقَرُونة والقَرينة والقَرينُ: النَّفْسُ. ويقال:
أَسْمَحَتْ قَرُونُه وقَرِينُه وقَرُونَتُه وقَرِينَتُه أَي ذَلَّتْ نفسه
وتابَعَتْه على الأَمر؛ قال أَوس بن حَجَر:
فَلاقى امرأً من مَيْدَعانَ، وأَسْمَحَتْ
قَرُونَتُه باليَأْسِ منها فعجَّلا
أَي طابت نَفْسُه بتركها، وقيل: سامَحَتْ؛ قَرُونُه وقَرُونَتُه
وقَرينَتُه كُلُّه واحدٌ؛ قال ابن بري: شاهد قَرُونه قول الشاعر:
فإِنِّي مِثْلُ ما بِكَ كان ما بي،
ولكنْ أَسْمَحَتْ عنهم قَرُوِني
وقول ابن كُلْثوم:
مَتى نَعْقِدْ قَرِينَتَنا بِحَبْلٍ،
نَجُذُّ الحبلَ أَو نَقِصُ القَرينا
قَرِينته: نَفْسُه ههنا. يقول: إِذا أَقْرَنَّا لِقرْنٍ غلبناه.
وقَرِينة الرجل: امرأَته لمُقارنته إِياها. وروى ابن عباس أَن رسول الله، صلى
الله عليه وسلم كان إِذا أَتى يومُ الجمعة قال: يا عائشة اليَوْمُ يَوْمُ
تَبَعُّلٍ وقِرانٍ؛ قيل: عَنى بالمُقارنة التزويج. وفلان إِذا جاذَبَتْه
قَرِينَتُه وقَرِينُه قهرها أَي إِذا قُرِنَتْ به الشديدة أَطاقها وغلبها،
وفي المحكم: إِذا ضُمَّ إِليه أَمر أَطاقه.
وأَخَذْتُ قَرُونِي من الأَمر أَي حاجتي.
والقَرَنُ: السَّيف والنَّيْلُ، وجمعه قِرانٌ؛ قال العجاج:
عليه وُرْقانُ القِرانِ النُّصَّلِ
والقَرَن، بالتحريك: الجَعْبة من جُلود تكون مشقوقة ثم تخرز، وإِنما
تُشَقُّ لتصل الريح إِلى الريش فلا يَفْسُد؛ وقال:
يا ابنَ هِشامٍ، أَهْلَكَ الناسَ اللَّبَنْ،
فكُلُّهم يَغْدُو بقَوْسٍ وقَرَنْ
وقيل: هي الجَعْبَةُ ما كانت. وفي حديث ابن الأَكْوََعِ: سأَلت رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، عن الصلاة في القَوْسِ والقَرَن، فقال: صَلِّ في
القوس واطْرَحِ
القَرَنَ؛ القَرَنُ: الجَعْبَةُ، وإِنما أَمره بنزعه لأَنه قد كان من
جلد غير ذَكِيّ ولا مدبوغ. وفي الحديث: الناس يوم القيامة كالنَّبْلِ في
القَرَنِ أَي مجتمعون مثلها. وفي حديث عُميَر بن الحُمام: فأَخرج تمراً من
قَرَنِهِ أَي جَعْبَتِه، ويجمع على أَقْرُن وأَقْرانٍ كجَبَلٍ
وأَجْبُلٍ وأَجْبالٍ. وفي الحديث: تعاهدوا أَقْرانَكم أَي انظروا هل هي
من ذَكِيَّة أَو ميتة لأَجل حملها في الصلاة. ابن شميل: القَرَنُ من خشب
وعليه أَديم قد غُرِّي به، وفي أَعلاه وعَرْضِ مُقدَّمِه فَرْجٌ فيه
وَشْجٌ قد وُشِجَ بينه قِلاتٌ، وهي خَشَبات مَعْروضات على فَمِ الجَفير جعلن
قِواماً له أَن يَرْتَطِمَ يُشْرَج ويُفْتَح. ورجل قارن: ذو سيف ونَبْل
أَو ذو سيف ورمح وجَعْبَة قد قَرَنها. والقِران: النَّبْلُ المستوية من
عمل رجل واحد. قال: ويقال للقوم إِذا تَنَاضلوا اذْكُروا القِرانَ أَي
والُوا بين سهمين سهمين. وبُسْرٌ قارِنٌ: قَرَنَ الإِبْسارَ بالإِرْطاب،
أَزدية.
والقَرائن: جبال معروفة مقترنة؛ قال تأَبط شرّاً:
وحَثْحَثْتُ مَشْعوفَ النَّجاءِ، وراعَني
أُناسٌ بفَيْفانٍ، فَمِزْتُ القَرائِنَا
ودُورٌ قَرائنُ إِذا كانت يَسْتَقْبِلُ بعضها بعضاً.
أَبو زيد: أَقْرَنَتِ السماء أَياماً تُمْطِرُ ولا تُقْلِع، وأَغْضَنَتْ
وأَغْيَنَتْ المعنى واحد، وكذلك بَجَّدَتْ ورَثَّمَتْ. وقَرَنَتِ
السماءُ وأَقْرَنَتْ: دام مطرها؛ والقُرْآنُ من لم يهمزه جعله من هذا لاقترانِ
آيِهِ، قال ابن سيده: وعندي أَنه على تخفيف الهمز. وأَقْرَنَ
له وعليه: أَطاق وقوِيَ عليه واعْتَلى. وفي التنزيل العزيز: وما كنا له
مُقْرِنينَ؛ أَي مُطِيقينَ؛ قال: واشتقاقه من قولك أَنا لفلان مُقْرِنَ؛
أَي مُطيق. وأَقْرَنْتُ فلاناً أَي قد صِرْت له قِرْناً. وفي حديث
سليمان بن يَسار: أَما أَنا فإِني لهذه مُقْرِن أَي مُطِيق قادر عليها، يعني
ناقته. يقال: أَقْرَنْتُ للشيء فأَنا مُقْرِن إِذا أَطاقه وقوي عليه. قال
ابن هانئ: المُقْرِن المُطِيقُ والمُقْرِنُ الضعيف؛ وأَنشد:
وداهِيَةٍ داهَى بها القومَ مُفْلِقٌ
بَصِيرٌ بعَوْراتِ الخُصومِ لَزُومُها
أَصَخْتُ لها، حتى إِذا ما وَعَيْتُها،
رُمِيتُ بأُخرى يَستَدِيمُ خَصيمُها
تَرَى القومَ منها مُقْرِنينَ، كأَنما
تَساقَوْا عُقَاراً لا يَبِلُّ سَليمُها
فلم تُلْفِني فَهّاً، ولم تُلْفِ حُجَّتي
مُلَجْلَجَةً أَبْغي لها مَنْ يُقيمُها
قال: وقال أَبو الأَحْوَصِ الرِّياحي:
ولو أَدْرَكَتْه الخيلُ، والخيلُ تُدَّعَى،
بذِي نَجَبٍ، ما أَقْرَنَتْ وأَجَلَّت
أَي ما ضَعُفتْ. والإِقْرانُ: قُوَّة الرجل على الرجل. يقال: أَقْرَنَ
له إِذا قَوِيَ عليه. وأَقْرَنَ عن الشيء: ضَعُفَ؛ حكاه ثعلب؛ وأَنشد:
ترى القوم منها مقرنين، كأَنما
تساقوا عُقاراً لا يَبِلُّ سليمها
وأَقْرَنَ عن الطريق: عَدَلَ عنها؛ قال ابن سيده: أُراه لضعفه عن
سلوكها. وأَقْرَنَ الرجلُ: غَلَبَتْهُ ضَيْعتُه، وهو مُقْرِنٌ، وهو الذي يكون
له إِبل وغنم ولا مُعِينَ له عليها، أَو يكون يَسْقي إِبلَه ولا ذائد له
يَذُودُها يوم ورودها. وأَقْرَنَ الرجل إِذا أَطاق أَمرَ ضَيْعته، ومن
الأَضداد. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: قيل لرجل
(* «وفي حديث عمر رضي الله
عنه قيل لرجل إلخ» حق هذا الحديث أن يذكر عقب حديث عمير بن الحمام كما
هو سياق النهاية لأن الاقرن فيه بمعنى الجعاب) ما مالُك؟ قال: أَقْرُنٌ لي
وآدِمةٌ
في المَنِيئة، فقال: قَوِّمْها وزَكِّها. وأَقْرَنَ إِذا ضَيَّقَ على
غريمه. وأَقْرَنَ الدُّمَّلُ: حان أَن يتفَقَّأَ. وأَقْرَنَ الدمُ في
العِرْق واستقْرَنَ: كثر. وقَرْنُ الرَّمْلِ: أَسفلُه كقِنْعِهِ.
وأَبو حنيفة قال: قُرُونة، بضم القاف، نَبْتةٌ تشبه نبات الــلُّوبِياء،
فيها حبٌّ أَكبر من الحِمَّصِ
مُدَحْرَج أَبْرَشُ في سَواد، فإِذا جُشَّتْ خرجت صفراء كالوَرْسِ، قال:
وهي فَرِيكُ أَهل البادية لكثرتها
والقُرَيْناء: الــلُّوبياء، وقال أَبو حنيفة: القُرَيْناء عشبة نحو
الذراع لها أَقنانٌ
وسِنْفَة كسِنفة الجُلْبانِ، وهي جُلْبانة بَرِّيَّة يُجْمع حبها
فتُعْلَفُه الدواب ولا يأْكله الناس لمرارة فيه.
والقَرْنُوَةُ: نبات عريض الورق ينبت في أَلْوِيَةِ الرمل ودَكادِ كِه،
ورَقُها أَغْبَرُ يُشبه ورَقَ الحَنْدَقُوق، ولم يجئ على هذا الوزن إِلا
تَرْقُوَةٌ وعَرْقُوَة وعَنْصُوَة وثَنْدُوَةٌ. قال أَبو حنيفة: قال
أَبو زياد من العُشْب القَرْنُوَة، وهي خضراء غبراء على ساق يَضرِبُ ورَقُها
إِلى الحمرة، ولها ثمرة كالسُّنبلة، وهي مُرَّة يُدْبَغُ بها الأَساقي،
والواو فيها زائدة للتكثير والصيغة لا للمعنى ولا للإِلحاق، أَلا ترى
أَنه ليس في الكلام مثل فَرَزْدُقة
(* قوله «فرزدقة» كذا بالأصل بهذا الضبط،
وسقطت من نسخة المحكم التي بأيدينا، ولعله مثل فرزقة بحذف الدال
المهملة)؟.وجِلد مُقَرْنىً: مدبوغ بالقَرْنُوَة، وقد قَرْنَيْتُه، أَثبتوا
الواو كما أَثبتوا بقية حروف الأَصل من القاف والراء والنون، ثم قلبوها ياء
للمجاورة، وحكى يعقوب: أَديم مَقْرُونٌ بهذا على طرح الزائد. وسِقاءٌ
قَرْنَوِيٌّ ومُقَرْنىً: دبغ بالقَرْنُوَة. وقال أَبو حنيفة: القَرْنُوَة
قُرُونٌ تنبت أَكبر من قُروُن الدُّجْرِ، فيها حَبٌّ أَكبر من الحمَّص،
فإِذا جُشَّ خرج أَصفر فيطبخ كما تطبخ الهريسة فيؤكل ويُدَّخر للشتاء، وأَراد
أَبو حنيفة بقوله قُرُون تنبت مثلَ قُرُون. قال الأَزهري في
القَرْنُوَةِ: رأَيت العرب يَدْبُغون بورقه الأُهُبَ؛ يقال: إِهابٌ مُقَرْنىً بغير
همز، وقد همزه ابن الأَعرابي.
ويقال: ما جعلت في عيني قَرْناً من كُحْل أَي مِيلاً واحداً، من قولهم
أَتيته قَرْناً أَو قَرْنين أَي مرة أَو مرتين، وقَرْنُ الثُّمَامِ شبيه
الباقِلَّى. والقارُون: الوَجُّ.
ابن شميل: أَهل الحجاز يسمون القارورة القَرَّانَ، الراء شديدة، وأَهل
اليمامة يسمونها الحُنْجُورة.
ويومُ أَقْرُنَ: يومٌ لغَطَفانَ على بني عامر. والقَرَنُ: موضع، وهو
ميقات أَهل نجد، ومنه أُوَيْسٌ القَرَنيُّ. قال ابن بري: قال ابن القطاع قال
ابن دريد في كتابه في الجمهرة، والقَزَّازُ في كتابه الجامع: وقَرْنٌ
اسم موضع. وبنو قَرَنٍ: قبيلة من الأَزْد. وقَرَنٌ: حي من مُرَادٍ من
اليمن، منهم أُوَيْسٌ القَرَنيُّ منسوب إِليهم. وفي حديث المواقيت: أَنه
وَقَّتَ لأَهلِ
نجْد قَرْناً، وفي رواية: قَرْنَ المَنازل؛ هو اسم موضع يُحْرِمُ منه
أَهلُ نجْد، وكثير ممن لا يعرف يفتح راءه، وإِنما هو بالسكون، ويسمى أَيضاً
قَرْنَ الثعالب؛ ومنه الحديث: أَنه احتجم على رأْسه بقَرْنٍ حين طُبَّ؛
هو اسم موضع، فإِما هو الميقات أَو غيره، وقيل: هو قَرْنُ ثوْر جُعِلَ
كالمِحْجَمة. وفي الحديث: أَنه وَقَفَ على طَرَفِ القَرْنِ الأَسود؛ قال
ابن الأَثير: هو بالسكون، جُبَيْل صغيرٌ. والقَرِينة. واد معروف؛ قال ذو
الرمة:
تَحُلُّ اللِّوَى أَو جُدَّةَ الرَّمْلِ كلما
جرَى الرَّمْثُ في ماء القَرِينة والسِّدْرُ
وقال آخر:
أَلا ليَتَني بين القَرِينَة والحَبْلِ،
على ظَهْرِ حُرْجُوجٍ يُبَلِّغُني أَهْلي
وقيل: القَرِينة اسم روضة بالصَّمّان. ومُقَرِّن: اسم. وقَرْنٌ: جبَلٌ
معروف. والقَرينة: موضع، ومن أَمثال العرب: تَرَكَ فلانٌ فلاناً على مثل
مَقَصِّ قَرْنٍ ومَقَطِّ قَرْن؛ قال الأَصمعي: القَرْنُ جبل مُطِلٌّ على
عرفات؛ وأَنشد:
فأَصَبَحَ عَهْدُهم كمقَصِّ قَرْنٍ،
فلا عينٌ تُحَسُّ ولا إِثارُ
ويقال: القَرْنُ ههنا الحجر الأَمْلَسُ النَّقِيُّ
الذي لا أَثر فيه، يضرب هذا المثل لمن يُسْتَأْصَلُ ويُصْطلَمُ،
والقَرْنُ إِذا قُصَّ أَو قُطَّ بقي ذلك الموضع أَملس. وقارونُ: اسم رجل، وهو
أَعجمي، يضرب به المثل في الغِنَى ولا ينصرف للعجمة والتعريف. وقارُون: اسم
رجل كان من قوم موسى، وكان كافراً فخسف الله به وبداره الأَرض.
والقَيْرَوَانُ: معرَّب، وهو بالفارسية كارْوان، وقد تكلمت به العرب؛ قال امرؤ
القيس:
وغارةٍ ذاتِ قَيْرَوانٍ،
كأَنَّ أَسْرَابَها الرِّعالُ
والقَرْنُ: قَرْنُ الهَوْدج؛ قال حاجِبٌ المازِنِيّ:
صَحا قلبي وأَقْصرَ، غَيْرَ أَنِّي
أَهَشُّ، إِذا مَرَرْتُ على الحُمولِ
كَسَوْنَ الفارِسيَّةَ كُلَّ قَرْنٍ،
وزَيَّنَّ الأَشِلَّةَ بالسُّدُولِ
سحف: سَحَفَ رأْسَه سَحْفاً وجَلَطَه وسَلَتَه وسَحته: حَلَقَه فاستأْصل
شعره؛ وأَنشد ابن بري:
فأَقْسَمْتُ جَهْداً بالمَنازِلِ من مِنًى،
وما سُحِفَتْ فيه المَقادِيمُ والقَمْلُ
أَي حُلِقَتْ. قال: ورَجل سُحَفةٌ أَي مَحْلُوقُ الرأْسِ.
والسُّحَفْنِيةُ: ما حَلَقْت. ورجل سُحَفْنِيةٌ أَي مَحْلوقُ الرأْسِ، فهو مرة اسم
ومرَّة صِفة، والنون في كل ذلك زائدة. والسَّحْفُ: كَشْطُكَ الشعَر عن الجلد
حتى لا يبقى منه شيء. وسَحَفَ الجِلْدَ يَسْحَفُه سَحْفاً: كشط عنه
الشعر. وسَحَفَ الشيءَ: قَشَرَه. والسَّحِيفةُ من المَطر: التي تَجْرُفُ كلّ
ما مَرَّت به أَي تَقْشُره. الأَصمعي: السَّحِيفَةُ، بالفاء، المَطْرَةُ
الحَديدةُ التي تَجْرُفُ كل شيء، والسَّحِيقةُ، بالقاف: المطرة العظيمةُ
القَطْرِ الشديدةُ الوَقْعِ القليلةُ العَرْضِ، وجمعُهما السحائفُ
والسحائقُ؛ وأَنشد ابن بري لجِران العَوْدِ يَصِفُ مَطَراً:
ومنه على قَصْرَيْ عُمانَ سَحِيفةٌ،
وبالخَطِّ نضَّاخُ العَثانِينِ واسِعُ
(* قوله «ومنه على إلخ» تقدم انشاده سخيفة بالخاء المعجمة في مادة نضخ
تبعاً للاصل المعول عليه والصواب ما هنا.)
والسَّحيفةُ والسَّحائفُ: طرائق الشحم التي بين طَرائق الطَّفاطِفِ ونحو
ذلك مما يُرى من شَحْمة عَريضةٍ مُلْزَقَةٍ بالجلد. وناقة سَحُوفٌ:
كثيرة السَّحائف. والسَّحْفةُ: الشَّحْمةُ عامَّةً، وقيل: الشحمة التي على
الجَنْبَين والظهر، ولا يكون ذلك إلا من السِّمَنِ، لها سَحْفَتانِ:
الأُولى منهما لا يُخالِطُها لحم، والأُخرى أَسْفَلُ منها وهي تخالط اللحم،
وذلك إذا كانت ساحَّةً، فإن لم تكن ساحّة فلها سَحْفةٌ واحدة. وكلُّ دابَّةٍ
لها سَحْفةٌ غلا ذَواتِ الخُفِّ فإنَّ مكانَ السحفةِ منها الشَّطَّ،
وقال ابن خالويه: ليس في الدوابّ شيء لا سَحْفة له إلا البَعير؛ قال ابن
سيده: وقد جعل بعضهم السحفة في الخُفِّ فقال: جَمل سَحوفٌ وناقة سَحوفٌ ذاتُ
سَحْفةٍ. الجوهري: السَّحْفةُ الشحمة التي على الظهر المُلْتَزِقةُ
بالجلد فيما بين الكتفين إلى الوَرِكَيْنِ. وسَحَفْتُ الشحْمَ عن ظهر الشاة
سَحْفاً: وذلك إذا قشرته من كثرته ثم شويته، وما قشرته منه فهو
السَّحيفةُ، وإذا بلغ سِمَنُ الشاة هذا الحدّ قيل: شاةٌ سَحُوفٌ وناقة سحوف. قال
ابن سيده: والسَّحُوفُ أَيضاً التي ذهب شحمها كأَنَّ هذا على السلْب. وشاةٌ
سَحُوفٌ وأُسْحوفٌ: لها سَحْفةٌ أَو سَحْفَتانِ. ابن الأَعرابي: أَتونا
بِصِحافٍ فيها لِحامٌ وسِحافٌ أَي شُحُومٌ، واحدها سَحْفٌ. وقد أَسْحَفَ
الرجلُ إذا باع السَّحْفَ، وهو الشحم. وناقةٌ أُسْحوفُ الأَحاليل:
غَزيرةٌ واسِعةٌ. قال أَبو أَسلم ومَرَّ بناقة فقال: إنها واللّه لأُسْحوفُ
الأَحاليل أَي واسِعَتُها، فقال الخليل: هذا غريب؛ والسَّحوفُ من الغنم:
الرَّقيقة صُوفِ البطن. وأَرْضٌ مَسْحفةٌ رقيقةُ الكلإِ.
والسُّحافُ: السِّلُّ، وقد سَحَفَه اللّه.ُ يقال: رجل مَسْحُوفٌ.
والسِّيَحْفُ من الرجال والسِّهام والنِّصال: الطويلُ، وقيل: هو من
النصال العريضُ. والسَّيْحَفُ: النصل العَريضُ، وجمعه السَّياحِفُ؛
وأَنشد:سياحِفَ في الشِّرْيانِ يَأْمُلُ نَفْعَها
صِحابي، وأَولى حدّها من تَعَرَّما
وأَنشد ابن بري للشَّنْفَرى:
لها وفْضةٌ فيها ثلاثون سَيْحَفاً،
إذا آنَسَتْ أُولى العَدِيِّ اقْشَعَرَّتِ
أُولى العَدِيِّ: أَوَّلُ مَن يَحْمِلُ من الرَّجّالة. وسَحيفُ الرَّحى:
صَوْتُها. وسَمِعْتُ حَفيفَ الرَّحى وسحِيفَها أَي صَوْتَها إذا طَحَنت؛
قال ابن بري: شاهد السَّحيف للصوت قول الشاعر:
عَلَوْني بِمَعْصوبٍ، كأَن سَحِيفَه
سَحِيفُ قَطاميٍّ حَماماً تُطايِرُهْ
والسُّحَفْنِيةُ: دابّةٌ؛ عن السِّيرافي، قال: وأَظُنّها
السُّلَحْفِيةُ.والأُسْحُفانُ: نَبْتٌ يَمتَدُّ حِبالاً على الأَرض له ورَق كورَق
الحَنْظَلِ إلا أَنه أَرَقُّ، وله قُرُون أَقصر من قرون الــلُّوبياء فيها حبّ
مُدَوّر أَحمر لا يؤكل، ولا يَرْعى الأُسْحُفانَ شيء، ولكن يُتداوى به من
النَّسا؛ عن أَبي حنيفة.
دجر: الدَّجَرُ: الحَيْرَةُ، وفي التهذيب: شبه الحيرة، وهو أَيضاً
المَرَجُ. دَجِرَ، بالكسر، دَجَراً، فهو دَجِرٌ ودَجْرانُ فيهما أَي خَيْران
في أَمره؛ قال رؤبة:
دَجْرَان لم يَشْرَبْ هُناك الخَمْرَا
وقال العجاج:
دَجْرَان لا يَشْعُرُ من حَيْثُ أَتَى
وجمعهما دَجَارَى. ورجل دَجِرٌ ودَجْرانُ: وهو النشيط الذي فيه مع نشاطه
أَثر. أَبو زيد: دَجِرَ الرجلُ دَجَراً، وهو الأَحمق الذي يذهب لغير
وجهه. والدِّجْرُ، بكسر الدال: الــلُّوبياء، هذه اللغة الفصحى، وحكى أَبو
حنيفة الدَّجْرَ والدَّجْرَ بكسر الدال وفتحها؛ قال ابن سيده: ولم يحكها
غيره إِلاَّ بالكسر، وحكي هو وكراع فيه الدُّجْر، بضم الدال، قال: وكذلك
قرئ بخط شمر؛ قال أَبو حنيفة: هو ضربان أَبيض وأَحمر.
والدَّجر والدُّجْرُ والدُّجُورُ: الخشبة التي تشد عليها حديدة الفدّان،
ومنهم من يجعلها دُجْرَيْنِ كأَنهما أُذنان، والحديدة اسمها السُّنْبَة،
والفدان اسم لجميع أَدواته، والخشبة التي على عنق الثور هي النِّيرُ،
والسَّمِيقَانِ: خشبتان قد شدّتا في العنق والخشبة التي في وسطه يشد بها
عِنانُ الوَيْجِ، وهو القُنَّاحَةُ، والوَيْجُ والمَيْسُ، باليمانية: اسم
الخشبة الطويلة بين الثورين، والخشبة التي يمسكها الحرّاث هي المِقْوَمُ،
قال: والمِمْلَقَةُ والعِرْصافُ الخشبة التي في رأْس المَيْسِ يعلق بها
القيد؛ قال الأَزهري: وهذه حروف صحيحة ذكرها ابن شميل وذكر بعضها ابن
الأَعرابي. وفي حديث عمر قال: اشتر لنا بالنَّوَى دَجْراً؛ الدجر، بالفتح
والضم: الــلُّوبياء، وقيل: هو بالفتح والكسر، وأَما بالضم فهو خشبة يشد عليها
حديدة الفدان. وفي حديث ابن عمر: أَنه أَكل الدُّجْرَ ثم غسل يده
بالثِّفَالِ.
وحَبْلٌ مُنْدَجِرٌ: رِخْوٌ، عن أَبي حنيفة. وقال: وَتَرٌ مُنْدَجِرٌ
رخو.
والدَّيْجُورُ: الظُّلْمَةُ، ووصفوا به فقالوا: ليل دَيْجُورٌ وليلة
دَيْجُورٌ ودَيُجُوجٌ مظلمة. ودِيمَةٌ دَيْجُورٌ: مظلمة بما تحمله من الماء؛
أَنشد أَبو حنيفة:
كأَنَّ هَتْفَ القِطُْقِطِ المَنْثُورِ،
بعد رِذاذِ الدِّيمَةِ الدَّيْجُورِ
على قَراهُ، فِلَقُ الشُّذُورِ
وفي كلام عليّ، عليه السلام: تَغْرِيدُ ذواتِ المَنْطِقِ في ديَاجِيرِ
الأَوْكارِ؛ الدياجيرُ: جمعُ دَيْجُور، وهو الظلام؛ قال ابن الأَثير:
والواو والياء زائدتان، قال: والدَّيْجُور الكثير المتراكم من اليَبِيس. شمر:
الدَّيْجُورُ التراب نفسه، والجمع الدَّياجِيرُ. ويقال: تراب دَيْجُورٌ
أَغْبَرُ يَضْرِبُ إِلى السواد كلون الرماد، وإِذا كثر يبيس النبات فهو
الدَّيْجُور لسواده. ابن شميل: الدَّيْجُور الكثير من الكلإِ.
والدِّجْرَانُ، بكسر الدال: الخَشَبُ المنصوب للتعريش، الواحدة
دِجْرَانَةٌ.
قطن: القُطُون: الإِقامة. قَطَنَ بالمكان يَقْطُنُ قُطُوناً: أَقام به
وتَوَطَّنَ، فهو قاطنٌ؛ وقال العجاج:
ورَبِّ هذا البلدِ المُحَرَّمِ
والقَاطِناتِ البَيْتَ غير الرُّيَّمِ،
قَواطِناً مكةَ من وُرْقِ الحَمِي
والقُطَّانُ: المقيمون. والقَطِينُ: جماعة القُطَّان، اسم للجمع، وكذلك
القَاطِنَةُ، وقيل: القَطِينُ الساكن في الدار، والجمع قُطُنٌ؛ عن كراع.
والقَطِينُ: المقيمون في الموضع لا يكادون يَبْرَحُونه. والقَطِينُ:
السُّكَّان في الدار، ومُجاوِرُو مكة قُطَّانُها. وفي حديث الإِفاضة: نحن
قَطِينُ الله أَي سُكَّانُ حَرَمه. والقَطِينُ: جمع قاطن كالقُطَّان، وفي
الكلام مضاف محذوف تقديره: نحن قَطين بيت الله وحَرَمِه، قال: وقد يجيء
القَطِينُ بمعنى القاطِنِ للمبالغة؛ ومنه حديث زيد بن حارثة:
فإِني قَطِينُ البيت عند المَشاعِر
وحَمامُ مكة يقال لها: قَواطِنُ مكة؛ قال رؤبة:
فلا وَرَبِّ القاطِناتِ القُطَّنِ
والقَطِينُ: كالخَليط لفظ الواحد والجمع فيه سواء. والقَطِينُ: تبَّاع
المَلِك ومَماليكه. والقَطِينُ: أَهل الدار. والقَطِينُ: الخَدَمُ
والأتْباع والحَشَمُ؛ وفي التهذيب: الحَشَمُ الأَحْرَارُ. والقَطِينُ:
المَماليك. والقَطِينُ: الإِماءُ. والقاطِنُ: المقيم بالمكان. والقَطِين: تُبَّعُ
الرجل ومَماليكه وخَدَمُه، وجمعها القُطَّان. قال ابن دريد: قَطِينُ
الرجل حَشَمُه وخَدَمه، قال: وإِذا قال الشاعر خَفّ القَطِينُ فهم القوم
القَاطِنُون أَي المقيمون.
وروي عن سلمان أَنه قال: كنت رجلاً من المجوس فاجتهدت حتى كنتُ قَطِنَ
النار الذي يوقدها؛ قال شمر: قَطِنُ النار خازِنُها وخادِمُها ويجوز أَنه
كان مقيماً عليها، رواه بكسر الطاء. وقَطَنَ يَقْطُنُ إِذا خَدَم. قال
ابن الأَثير: أَراد أَنه كان لازماً لها لا يفارقها من قَطَنَ في المكان
إِذا لزمه، قال: ويروى بفتح الطاء، جمع قاطن كخَدَم وخادِمٍ، قال: ويجوز
أَن يكون بمعنى قاطِنٍ كفَرَطٍ وفارطٍ. وقَطَنُ الطائر: زِمِكَّاه وأَصلُ
ذنبه. وفي الحديث أَن آمنة لما حملت بالنبي، صلى الله عليه وسلم، قالت: ما
وَجَدْتُه في القَطَنه والثُّنَّةِ ولكني كنتُ أَجِدُه في كبدي؛
القَطَنُ: أَسفل الظهر، والثُّنَّة: أَسفل البطن. والقَطَن، بالتحريك: ما بين
الوركين إِلى عَجْبِ الذَّنَبِ؛ قال ابن بري: ومنه قوله:
مُعَوَّدٌ ضَرْبَ أَقْطانِ البَهازِير
والقَطَنُ: ما عَرُضَ من الثَّبَجهِ. وقال الليث: القَطَنُ الموضع
العريض بين الثَّبَج والعَجُز، والقَطِينة سَكَنُ الدار. ويقال: جاء القومُ
بِقَطِينهم؛ قال زهير:
رأَيتُ ذَوِي الحاجاتِ، حول بُيوتِهم،
قَطِيناً لهم، حتى إِذا أَنبتَ البَقْلُ
وقال جرير:
هذا ابنُ عَمِّي في دِمَشْقَ خَلِيفَةً،
لو شِئْتُ ساقَكُمُ إِليَّ قَطِينَا
والقَطِنَة والقِطْنَة، مثْلُِ المَعِدَةِ والمِعْدَة: مِثل الرُّمَّانة
تكون على كرش البعير، وهي ذاتُ الأَطبْاق، والعامة تسميها الرُّمَّانة،
وكسر الطاء فيها أَجود. التهذيب: والقَطِنَة هي ذات الأَطبْاق التي تكون
مع الكرش، وهي الفَحِثُ أَيضاً؛ الحَرَّاني عن ابن السكيت: هي القَطِنة
التي تكون مع الكرش، وهي ذات الأَطباق، وهي النَّقِمْة
(* قوله «وهي
النقمة إلخ» هذه العبارة كالتي قبلها نظم عبارة التهذيب بالحرف واتى بهذه
النظائر للقطنة في الوزن فقط لا في المعنى كما هو ظاهر أي أن هذه سمع فيها
أنها بكسر فسكون أو بفتح فكسر). والمَعْدة والكَلِْمة والسَِّفِْلة
والوَسِْمة التي يختضب بها؛ قال أَبو العباس: هي القَِطِْنة وهي الرُّمانة في
جوف البقرة؛ وفي حديث سطيح:
حتى أَتى عارِي الجَآجي والقَطَنْ
وقيل: الصواب قَطِنٌ، بكسر الطاء، جمع قطِنة وهي ما بين الفخذين.
والقَطِنة: اللحمة بين الوركين. والقُطْنُ والقُطُنُ والقُطُنُّ: معروف، واحدته
قُطْنةٌ وقُطُنة وقُطُنَّة، وقد يضعف في الشعر
(* قوله «وقد يضعف في
الشعر قال قارب إلخ» هكذا نظم عبارة التهذيب بحذف الجملة المعترضة بينهما
ونقلها المؤلف من الصحاح ووسطها في كلام التهذيب فصار غير منسجم، ولو قال
والقطن والقطن مثل عسر وعسر والقطن إلخ وقد يضعف في الشعر قال قارب إلخ
لانسجمت العبارة مع الاختصار، وكثيراً ما يقع له ذلك فيظن ان في الكلام
سقطاً وليس كذلك). قال: يقال قُطْنٌ وقُطُنٌ مثل عُسْر وعُسُر؛ قال قارب بن
سالم المُرِّي، ويقال دَهلب بن قُرَيع:
كأَنَّ مَجْرى دَمْعِها المُسْتَنِّ
قُطُنَّةٌ من أَجْوَد القُطْنُنِّ
ورواه بعضهم: من أَجود القُطُنِّ؛ قال: شدِّد للضرورة ولا يجوز مثله في
الكلام. وقال أَبو حنيفة: القُطْنُ يَعْظُم عندهم شجرة حتى يكون مثل شجر
المِشْمِش، ويبقى عشرين سنة، وأَجودُه الحديثُ؛ وقول لبيد:
شاقَتْكَ ظُعْنُ الحيِّ، يوم تحَمَّلوا،
فتَكنَّسوا قُطُناً تَصِرُّ خِيامُها
أَراد به ثياب القُطْن. والمَقْطَنة: التي تزرع فيها الأَقطان. وقد
عَطَّبَ الكرمُ وقَطَّنَ الكرمُ تَقْطيناً: بَدَتْ زَمَعاته. وبزْرُ قَطُونا:
حَبَّة يُسْتَشْقَى بها، والمدُّ فيها أَكثر؛ التهذيب: وحَبَّة يستشفى
بها يسميها أَهل العراق بزْرَ قَطُونا؛ قال الأَزهري: وسأَلت عنها
البَحْرانيين فقالوا: نحن نسميها حَبَّ الذُّرَقة، وهي الأَسْفِيوس، معرب.
وبزْرُ قَطوناء. على وزن جَلولاء وحَرُوراء ودَبوقاء وكَشُوثاء. والقِطانُ:
شِجار الهودج، وجمعه قُطُنٌ؛ وأَنشد بيت لبيد:
فتكنسوا قطناً تصر خيامها
وقَطْني من كذا أَي حسبي؛ وقال بعضهم: إِنما هو قَطِي، ودخلت النون على
حال دخولها في قَدْني، وقد تقدم. ابن السكيت: القَطْنُ في معنى حَسْبُ.
يقال: قَطْني كذا وكذا؛ وأَنشد:
امْتَلأَ الحوضُ وقال: قَطْني،
سعلاًّ رُوَيداً، قد مَلأْتَ بَطْني
قال ابن الأَنباري: من العرب من يقول قَطْنَ عبدَ الله درهمٌ، وقَطْنَ
عبدِ الله درهمٌ، فيزيد نوناً على قَطْ وينصب بها ويخفض ويضيف إِلى نفسه
فيقول قَطْني، قال: ولم يحك ذلك في قد، والقياس فيهما واحد؛ قال: وقولهم
لا تقل إِلا كذا وكذا قَطْ؛ معناه حَسْبُ، فطاؤُها ساكنة لأَنها بمنزلة
بل وهل وأَجَلْ، وكذلك قد يقال قد عبدَ الله درهمٌ، ومعنى قَطْ عبدَ الله
درهمٌ أَي يكفي عبدَ الله درهم.
والقِطْنِيَة، بالكسر؛ حكاه ابن قتيبة بالتخفيف وأَبو حنيفة بالتشديد:
واحدة القَطانيّ، وهي الحبوب التي تُدَّخَرُ
كالحِمَّص والعَدَس والباقِلَّى والتُّرْمُس والدُّخْن والأُرْز
والجُلْبان. التهذيب: القِطْنِيَّة الثياب، والقِطْنيَّة الحبوب التي تخرج من
الأَرض، ويقال لها قُطْنيَّة مثل لُجِّيٍّ ولِجِّيّ، قال: وإِنما سميت
الحبوب قُِطْنيَّة لأَن مخارجها من الأَرض مثل مخارج الثياب القُِطْنيَّة،
ويقال: لأَنها تزرع كلها في الصيف وتُدْرِك في آخر وقت الحر، وقال أَبو
معاذ: القَطانِيُّ الخِلَفُ وخُضَر الصيف. شمر: القُطْنِيَّة ما كان سوى
الحنطة والشعير والزبيب والتمر، وقال غيره: القِطْنِيَّةُ اسم جامع لهذه
الحبوب التي تطبخ؛ قال الأَزهري: هي مثل العَدس والخُلَّر، وهو الماشُ،
والفول والدُّجْر، وهو الــلوبياء، والحِمَّص وما شاكلها مما يُقْتات، سماها
الشافعي كلها قُِطْنيَّة فيما روى عنه الربيع، وهو قول مالك بن أَنس. وفي
حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه كان يأْخذ من القِطنيَّة العُشْرَ؛ هي
بالكسر والتشديد واحدة القَطاني كالعدس والحمص والــلوبياء.
والقَيْطونُ: المُخْدَع، أَعجمي، وقيل: بلغة أَهل مصر وبَرْبَر. قال ابن
بري: القَيْطون بيت في بيت؛ قال عبد الرحمن بن حسان:
قُبَّة من مَراجِلٍ ضَرَبَتْها،
عند بَرْدِ الشتاءِ، في قَيْطونِ
وقَطَنٌ: اسم رجل. وقَطَنُ بن نَهْشَل: معروف. وقَطَنٌ: جبل بنجد في
بلاد بني أَسد، وفي الصحاح: جبل لبني أَسد. وقُطَانُ: جبل
(* قوله «وقطان
جبل إلخ» كذا بالأصل والمحكم مضبوطاً، والذي في ياقوت: قطان ككتاب جبل) ؛
قال النابغة:
غَيرَ أَن الحُدوجَ يرْفَعْنَ غِزْلا
نَ قُطانٍ على ظُهورِ الجِمالِ
واليَقْطِين: كل شجر لا يقوم على ساق نحو الدُّبَّاء والقَرْع والبطيخ
والحنظل. ويَقْطِينُ: اسم رجل منه. واليَقْطِينة: القَرْعة الرَّطبة.
التهذيب: اليَقطين شجر القرْع. قال الله عز وجل: وأَنبَتْنا عليه شجرةً من
يَقْطِين؛ قال الفراء: قيل عند ابن عباس هو ورق القرْع، فقال: وما جعَلَ
القَرْعَ من بين الشجر يَقْطِيناً، كل ورقة اتسعتْ وسترتْ فهي يَقْطينٌ.
قال الفراء: وقال مجاهد كل شيء ذهب بَسْطاً في الأَرض يَقْطينٌ، ونحو ذلك
قال الكلبي، قال: ومنه القَرْع والبطيخ والقِثَّاء والشِّرْيان، وقال سعيد
بن جبير: كل شيء ينبت ثم يموت من عامه فهو يَقْطِينٌ.
وقُطْنةُ: لقب رجل، وهو ثابتُ قُطْنةَ العَتَكيّ، والأَسماء المعارف
تضاف إِلى أَلقابها، وتكون الأَلقاب معارف وتتعرَّف بها الأَسماء كما قيل
قيس قُفَّةَ وزيد بَطَّةَ وسَعيد كُرْز؛ قال ابن بري: قال أَبو القاسم
الزجاجي قال ابن دريد سمعت أَبا حاتم يقول أُصِيبتْ عَينُ ثابتِ قُطْنةَ
بخُراسان فكان يحشوها قُطْناً، فسمي ثابتَ قُطْنة؛ وفيه يقول حاجب
الفيل:لا يَعْرفُ الناسُ منه غيرَ قُطْنَتِه،
وما سواها من الإِنسان مَجْهولُ
خرم: الخَرْمُ: مصدر قولك خَرَمَ الخَرَزَةَ يَخْرِمُها، بالكسر،
خَرْماً وخَرَّمَها فَتَخرَّمَتْ: فَصَمَها وما خَرَمْتُ منه شيئاً أَي ما نقصت
وما قطعت. والتَّخَرُّمُ والانْخِرامُ: التشقق. وانْخَرَمَ ثَقْبُه أَي
انشق، فإِذا لم ينشق فهو أَخْزَمُ، والأُنثى خَزْماءُ، وذلك الموضع منه
الخَرَمَةُ: الليث: خَرِمَ أَنفُه يَخْرَمُ خَرَماً، وهو قطع في
الوَتَرَةِ وفي الناشِرتَيْنِ أَو في طرف الأَرْنَبة لا يبلغ الجَدْعَ، والنعت
أَخْرَمُ وخَرْماءُ، وإِن أَصاب نحو ذلك في الشفة أَو في أَعلى قُوف الأُذن
فهو خَرْمٌ. وفي حديث زيد بن ثابت: في الخَرَماتِ الثلاثِ من الأَنف
الدِّيَة في كل واحدة منها ثلثها؛ قال ابن الأَثير:الخَرَماتُ جمع خَرَمَةٍ،
وهي بمنزلة الاسم من نعت الأَخْرَمِ، فكأَنه أَراد بالخَرَمات
المَخْرُومات، وهي الحُجُبُ الثلاثة: في الأَنف اثنان خارجان عن اليمين واليسار،
والثالث الوَتَرَةُ، يعني أَن الدِّيَة تتعلق بهذه الحجب الثلاثة.
وخَرِمَ الرجل خَرَماً فهو مَخْروم وهو أَخْرَمُ: تَخَرَّمَتْ وَتَرَةُ
أَنفه وقطعت وهي مابين مَنْخِرَيْه، وقد خَرَمه يَخْرِمه خَرْماً.
والخَرَمةُ: موضع الخَرْمِ من الأَنف، وقيل: الذي قطع طرف أَنفه لا يبلغ
الجَدْعَ. والخَوْرَمةُ: أَرنبة الإنسان.
ورجل أَخْرَمُ الأُذن كأَخربها: مثقوبها. والخَرماءُ من الآذان:
المُتَخَرِّمةُ. وعنز خَرْماءُ: شُقَّت أُذنها عرضاً. والأَخْرَمُ: المثقوب
الأُذن، والذي قُطِعَتْ وتَرَةُ أَنفه أَو طرفه شيئاً لا يبلغ الجَدْعَ، وقد
انْخَرَمَ ثَقْبُه. وفي الحديث: رأَيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
يخطب الناس على ناقة خَرْماء؛ أَصل الخَرْمِ الثقب والشق. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى أَن يُضَحَّى بالمُخَرَّمةِ الأُذنِ،
يعني المقطوعة الأُذن، قال ابن الأَثير: أَراد المقطوعة الأُذن تسمية للشيء
بأَصله، أَو لأَن المُخَرَّمةَ من أَبنية المبالغة كأَن فيها خُرُوماً
وشُقوقاً كثيرة. قال شمر: والخَرْمُ يكون في الأُذن والأنف جميعاً، وهو في
الأَنف أَن يُقْطَع مُقَدَّمُ مَنْخِرِ
الرجل وأَرْنَبَتِه بعد أَن يُقْطَعَ أَعلاها حتى ينفذ إِلى جوف الأَنف.
يقال رجل أَخْرَمُ بيِّن الخَرَمِ. والأَخْرَمُ: الغدير، وجمعه خُرْمٌ
لأَن بعضها يَنْخَرِمُ إِلى بعض؛ قال الشاعر:
يُرَجِّعُ بين خُرْمٍ مُفْرَطات،
صَوافٍ لم تُكَدِّرْها الدِّلاءُ
والأَخْرَمُ من الشِّعْرِ: ما كان في صدره وَتِدٌ مجموعُ الحركتينِ
فَخُرِمَ أَحدهما وطُرِحَ كقوله:
إِنَّ امْرأً قد عاش عِشرِينَ حِجَّةً،
إِلى مِثلها يَرْجو الخُلودَ، لجاهِلُ
(* قوله «عشرين حجة» كذا بالأصل، والذي في التهذيب والتكملة: تسعين؛
وقوله إلى مثلها، الذي في التكملة: إلى مائة، وقد صحح عليه).
كان تمامه: وإِنَّ امرأً؛ قال الزجاج: من عِلَلِ الطَّويل الخَرْمُ وهو
حذف فاء فَعُولُنْ وهو يسمى الثَّلْمَ، قال: وخَرْمُ فَعولُنْ بيته
أَثْلَمُ، وخَرْمُ مَفاعِيلن بيته أَعْضَبُ، ويسمى مُتَخَرِّماً ليُفْصَلَ بين
اسم مُنْخَرم مَفاعِيلن وبين مُنْخَرِمِ أَخْرَم؛ قال ابن سيده:
الخَرْمُ في العَروض ذهاب الفاء من فَعولن فيبقى عولُنْ، فينقل في التقطيع إِلى
فَعْلُنْ، قال: ولا يكون الخَرْمُ إِلا في أَول الجزء في البيت، وجمعه
أَبو إِسحق على خُرُوم، قال: فلا أَدري أَجَعَله اسماً ثم جمعه على ذلك أَم
هو تسمُّح منه. وإِذا أَصاب الرامي بسهمه القِرْطاسَ ولم يَثْقُبْه فقد
خَرَمَهُ. ويقال: أَصاب خَوْرَمَته أَي أَنفه. والخَرْمُ: أَنف الجبل.
والأَخْرمانِ: عظمانِ مُنْخَرِمانِ في طرف الحَنَك الأَعلى. وأَخْرَما
الكتفين: رؤوسهما من قِبَلِ العضدين مما يلي الوابِلة، وقيل: هما طرفا أَسفل
الكتفين اللذان اكتنفا كُعْبُرة الكتف، فالكُعْبُرَةُ بين الأَخْرَمَين،
وقيل: الأَخْرَمُ مُنْقَطَعُ العَيْرِ حيث يَنْجَدِعُ وهو طرفه؛ قال
أَوس بن حَجَرٍ يذكر فرساً يُدْعى قُرْزُلاً:
تالله لولا قُرْزُلٌ، إِذْ نَجا،
لكان مَثْوَى خَدِّكَ الأَخْرَما
أَي لقُتِلْتَ فسقط رأْسُكَ عن أَخْرَمِ كتفك. وأَخْرَمُ الكتف: طرف
عَيْره. التهذيب: أَخْرَمُ الكتف مَحَزٌّ في طرف عَيْرِها مما يلي
الصَّدَفة، والجمع الأَخارِمُ. وخُرْمُ الأَكَمَةِ ومَخْرِمُها:
مُنْقَطَعُها.ومَخْرِمُ الجبل والسَّيْل: أَنفه. والخَرْمُ: ما خَرَمَ سَيْلٌ أَو
طريقٌ في قُفّ أَو رأْس جبل، واسم ذلك الموضع إِذا اتسع مَخْرِمٌ كمَخْرِم
العَقَبةِ ومَخْرِم المَسِيلِ. والمَخْرِمُ، بكسر الراء: مُنْقَطَعُ أَنف
الجبل، والجمع المَخارِمُ، وهي أَفواه الفِجاجِ. والمَخارِمُ: الطُّرُق
في الغلظ؛ عن السُّكَّريّ، وقيل: الطُّرُقُ في الجبالِ وأَفواه الفِجاجِ؛
قال أَبو ذؤيب:
به رُجُماتٌ بَيْنَهُنَّ مَخارِمٌ
نُهُوجٌ، كَلَبَّات الهَجائِنِ، فِيحُ
وفي حديث الهجرة: مَرَّا بأَوْسٍ الأَسْلَمِيِّ فحملهما على جَمَلٍ وبعث
معهما دَليلاً وقال: اسْلُكْ بهما حيثُ تَعْلَمُ من مَخارِمِ الطُّرُق،
وهو جمع مَخْرِم، بكسر الراء، وهو الطريق في الجبل أَو الرمل، وقيل: هو
مُنْقَطَعُ أَنف الجبل؛ وقول أَبي كبير:
وإِذا رَمَيْتَ به الفِجاجَ رأَيْتَهُ
يَهْوِي مَخارِمَها هُوِيَّ الأَجْدَلِ
أَراد في مَخارِمِها فهو على هذا ظَرْفٌ كقولهم ذهبتُ الشأْمَ وعَسَلَ
الطريقَ الثَّعْلَبُ، وقيل: يَهْوِي هنا في معنى يَقْطَعُ، فإِذا كان هذا
فَمَخارِمَها مفعول صحيح. وما خَرَمَ الدليلُ عن الطَّريقِ أَي ما عدل.
ومَخارِمُ الليل: أَوائلُه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
مَخارِمُ الليل لَهُنَّ بَهْرَجُ،
حِين ينامُ الوَرَعُ المُزَلَّجُ
قال: ويروى مَحارِمُ الليل أَي ما يَحْرُمُ سُلوكه على الجَبانِ
الهِدانِ، وهو مذكور في موضعه. ويَمِينٌ ذات مَخارِمَ أَي ذاتُ مَخارِجَ. ويقال:
لا خَيرَ في يَمِينٍ لا مَخارِمَ لها أَي لا مَخارِجَ، مأْخوذ من
المَخْرِمِ وهو الثَّنِيَّةُ بين الجبلين. وقال أَبو زيد: هذه يَمينٌ قد
طَلَعَتْ في المَخارِمِ، وهي اليمين التي تَجْعَلُ لصاحبها مَخْرَجاً.
والخَوْرَمةُ: أَرْنَبةُ الإِنسانِ. ابن سيده: الخَوْرَمَةُ مُقَدَّمُ
الأَنف، وقيل: هي ما بين المَنْخِرَيْنِ. والخَوْرَمُ: صُخور لها خُرُوقٌ،
واحدتها خَوْرَمَةٌ. والخَوْرَمُ: صخرة فيها خُروق. والخَرْمُ: أَنف
الجبل، وجمعه خُرُومٌ، ومنه اشتقاق المَخْرِم. وضَرْعٌ فيه تَخريمٌ
وتَشْريمٌ إِذا وقع فيه حُزُوزٌ.
واخْتُرِمَ فلانٌ عَنَّا: مات وذهب. واخْتَرَمَتْهُ المَنِيَّةُ من بين
أَصحابه: أَخَذَتْهُ من بينهم. واخْتَرَمَهُم الدهرُ وتَخَرَّمَهُم أَي
اقتطعهم واستأْصلهم. ويقال: خَرَمَتْهُ الخَوارِمُ إِذا مات، كما يقال
شَعَبَتْهُ شَعُوبٌ. وفي الحديث: يريد أَن يَنْخَرِمَ ذلك القَرْنُ؛
القَرْنُ: أَهلُ كلِّ زمانٍ، وانْخِرامُهُ: ذهابُهُ وانقضاؤه. وفي حديث ابن
الحنفية: كِدْتُ أَن أَكون السوادَ المُخْتَرَمَ، من اخْتَرَمَهُم الدهرُ
وتَخَرَّمهم استأْصلهم.
والخَرْماءُ: رابِيةٌ تَنْهَبِطُ في وَهْدَةٍ، وهو الأَخرمُ أَيضاً.
وأَكَمَةٌ خَرْماءُ: لها جانب لا يمكن منه الصُّعودُ.
وريح خارِمٌ: باردة؛ كذا حكاه أَبو عبيد بالراء، ورواه كراع خازِمٌ،
بالزاي، قال: كأَنها تَخْزِِمُ الأَطْراف أَي تنظمها، وسيأْتي ذكره.
والخُرَّمُ: نباتُ الشَّجرِ؛ عن كراع. وعيش خُرَّمٌ: ناعِمٌ، وقيل: هو
فارسي معرب؛ قال أَبو نُخَيْلة في صفة الإِبل:
قاظَتْ من الخُرْمِ بقَيْظٍ خُرَّمِ
أَراد بقَيْظٍ ناعم كثير الخَيْرِ؛ ومنه يقال: كان عَيْشُنا بها
خُرَّماً؛ قاله ابن الأَعرابي. والخُرْمُ وكاظِمَة
(* قوله «والخرم وكاظمة إلخ»
كذا بالأصل ومثله في التكملة، والذي في ياقوت: والخرم في كاظمة إلخ):
جُبَيْلاتٌ وأُنوفُ جبالٍ؛ وأَما قول جرير:
إِنَّ الكَنِيسة كانَ هَدْمُ بنائها
نَصْراً، وكان هَزيمةً للأَخْرَمِ
فإِنَّ الأَخْرَمَ اسمُ مَلك من مُلوك الرُّوم. والخَريمُ: الماجِنُ.
والخارِمُ: التارِكُ. والخارِمُ: المُفْسِدُ. والخارِمُ: الرِّيحُ
الباردةُ.
وفي حديث سَعْدٍ: لما شكاه أَهل الكوفة إِلى عُمَرَ في صلاته قال ما
خَرَمتُ من صلاة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شيئاً أَي ما تركْتُ؛ ومنه
الحديث: لم أَخْرِمْ منه حَرْفاً أَي لم أَدَعْ.
والخُرّامُ: الأَحداث المُتَخَرِّمونَ في المعاصي.
وجاء يَتَخَرَّمُ زَنْدُه أَي يَرْكبُنا بالظلم والحُمْق؛ عن ابن
الأَعرابي، قال: وقال ابن قنان لرجل وهو يَتَوَعَّدُهُ: والله لئن انْتَحَيْتُ
عليك فإِني أَراك يَتَخَرَّمُ زَنْدُك، وذلك أَن الزَّنْدَ إِذا
تَخَرَّمَ لم يُورِ القادِحُ به ناراً، وإِنما أَراد أَنه لا خَيْرَ فيه كما أَنه
لا خير في الزَّنْدِ المُتَخَرِّم. وتَخَرَّمَ زَنْدُ فلان أَي سكن
غضبُه. وتَخَرَّمَ أَي دانَ بدينِ الخُرَّمِيَّة، وهم أَصحاب التَّناسُخِ
والإِباحةِ.
أَبو خيرة: الخَرْوَمانةُ بقلةٌ خبيثةُ الرِّيحِ تنبُتُ في العَطَنِ
(*
قوله «تنبت في العطن» هكذا في الأصل ويؤيده ما في مادة ش ق ذ من الأصل
والمحكم من التعبير بالإعطان وصوبه شارح القاموس وخطأ ما فيه وهو تنبت في
القطن ولكن الذي في التهذيب والتكملة هنا مثل ما في القاموس)، وأَنشد:
إِلى بيت شِقْذانٍ، كأَنَّ سِبالَهُ
ولِحْيَتَهُ في خَرْوَمانٍ منوِّرِ
وفي الحديث ذِكْرُ خُرَيْمٍ، هو مصغر ثَنِيَّةٌ بين المدينة
والرَّوْحاء، كان عليها طريق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مُنْصَرَفَهُ من
بَدْرٍ.ومَخْرَمَةُ، بالفتح، ومُخَرَّمٌ وخُرَيْمٌ: أَسماء. وخُرْمانُ وأُم
خُرْمانَ
(* قوله «وأم خرمان» بضم فسكون كما في ياقوت والتكملة): موضعان.
والخَرْماءُ: عَيْنٌ بالصَّفْراء كانت لِحَكيم بن نَضْلَةَ الغِفارِيِّ ثم
اشْتُرِيَتْ من وَلَدِهِ. والخَرْماءُ: فَرَسٌ لِبَني أَبي رَبيعةَ.
والخُرَّمانُ: نبْتٌ.
والخُرْمانُ، بالضم: الكذِبْ؛ يقال: جاء فلان بالخُرْمانِ أَي بالكذب.
ابن السكيت: يقال ما نَبَسْتُ فيه بخَرْماءَ، يعني به الكذب.
علف: العَلَفُ للدّواب، والجمع عِلافٌ مثل جبَل وجِبال. وفي الحديث:
وتأْكلون عِلافَها؛ هو جمع علَف، وهو ما تأْكله الماشية. قال ابن سيده:
العَلَفُ قَضِيمُ الدَّابةِ، عَلَفها يَعْلِفُها عَلْفاً، فهي مَعْلُوفة
وعَلِيفٌ؛ وأَنشد الفراء:
عَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارِداً،
حتى شَتَتْ هَمَّالةً عَيْناها
أَي وسَقَيْتُها ماء؛ وقوله:
يَعْلِفُها اللحمَ، إذا عزَّ الشجَرْ،
والخَيْلُ في إطْعامِها اللحمَ ضَرَرْ
إنما يعني أَنهم يَسقون الخَيلَ الأَلبان إذا أَجدَبت الأَرض
فَيُقِيمُها مُقامَ العلَف. والمِعْلَفُ: موضع العلَف. والدابةُ تَعْتَلِف: تأْكل،
وتَسْتَعْلِفُ: تَطلُب العَلَفَ بالحَمْحَمة. والعَلُوفَةُ: ما
يَعْلِفُون، وجمعها عُلُفٌ وعَلائفُ؛ قال:
فأْفأْت أُدْماً كالهِضابِ وجامِلاً،
قد عُدْنَ مِثْلَ عَلائفِ المِقْضابِ
وحكى أَبو زيد: كبش عَلِيفٌ في كِباش عَلائفَ؛ قال اللحياني: هي ما
رُبِط فعُلِف ولم يُسَرَّحْ ولا رُعِيَ، قال: وإن شئت حذفت الهاء، وكذلك كل
فَعُولة من هذا الضرب من الأَسماء، إن شئت حذَفت منه الهاء، نحو
الرَّكُوبة والحَلُوبةِ والجَزُوزَةِ وما أَشبه ذلك.
والعَلُوفَة والعَلِيفةُ والمُعَلَّفةُ، جميعاً: الناقة أَو الشاة
تُعْلَفُ للسِّمَنِ ولا تُرْسَل للرَّعْي. قال الأَزهري: تُسَمَّن بما يُجْمَع
من العَلَف، وقال اللحياني: العَلِيفَةُ المَعْلوفة، وجمعها عَلائِفُ
فقط. وقد عَلَّفْتها إذا أَكثرت تَعَهُّدها بإلقاء العلف لها.
والعُلْفُى، مقصور: ما يجعله الإنسان عند حَصاد شعيره لِخَفير أَو صديق
وهو من العلَف؛ عن الهَجَريّ.
والعُلَّفُ: ثمَر الطلْح، وقيل: أَوْعِيةُ ثمَره. وقال أَبو حنيفة:
العُلَّفَةُ ثمرة الطلح كأَنها هذه الخَرُّوبة العظيمة السامِيةُ إلا أَنها
أَعْبَلُ، وفيها حَب كالتُّرْمُس أَسْمر تَرْعاه السائمة ولا يأْكله الناس
إلا المضْطر، الواحدة عُلَّفةٌ، وبها سمي الرجل. والعُلَّف: ثمر الطلح
وهو مثل الباقِلاء الغَضِّ يخرج فترعاه الإبل، الواحدة عُلَّفة مثال قُبَّر
وقُبَّرة. ابن الأَعرابي: العُلَّف من ثمر الطلح ما أخَلف بعد البَرَمة،
وهو شبيه الــلُّوبياء، وهو الحُلْبةُ من السَّمُر وهو السّنْفُ من
المَرْخ كالإصبع؛ وأَنشد للعجاج:
بِجِيدِ أَدْماءَ تَنُوشُ العُلَّفا
وأَعْلَفَ الطلْحُ: بدا عُلَّفُه وخرج. والعِلْف: الكثير الأَكل.
والعَلْفُ: الشّرْب الكثير. والعِلْفُ: شجر يكون بناحية اليمن ورقه مثل ورق
العنب يُكبَس في المَجانِب ويُشْوى ويُجَفَّف ويرفع، فإذا طبخ اللحم طرح معه
فقام مَقام الخلّ. وعِلافٌ: رجل من الأَزد، وهو زَبّانُ أَبو جَرْمٍ من
قُضاعة كان يَصْنعُ الرّحال، قيل: هو أَول من عَمِلها فقيل لها عِلافِيّة
لذلك، وقيل: العِلافيّ أَعظم الرّحال أَخَرَةً وواسطاً، وقيل: هي أَعظم
ما يكون من الرحال وليس بمنسوب إلا لفظاً كعُمَرِيّ؛ قال ذو الرمة:
أَحَمّ عِلافيّ وأَبيْض صارِم،
وأَعْيَس مَهْرِيّ وأَرْوَع ماجِد
وقال الأَعشى:
هي الصاحِبُ الأَدْنَى، وبَيني وبينها
مَجُوفٌ عِلافيٌّ، وقِطْعٌ ونُمْرُقُ
والجمع عِلافِيَّاتٌ؛ ومنه حديث بني ناجِيةَ: أَنهم أَهْدَوْا إلى ابن
عوف رِحالاً عِلافِيَّةً؛ ومنه شعر حميد ابن ثور:
تَرى العُلَيْفِيّ عَلَيْها مُوكَدا
(* قوله «ترى العليفي إلخ» صدره:
فحمل اللهم كنازاً جلعدا
الكنازا، بالزاي: الناقة المكتنزة اللحم الصلبته؛ فما تقدم في جلعد
كباراً بالياء والراء خطأ.)
العُلَيْفيّ: تصغير ترخيم للعِلافيّ وهو الرحل المنسوب إلى عِلاف.
ورجل عُلْفُوف: جافٍ كثير اللحم والشعر. وتيس عُلْفوف: كثير الشعر. وشيخ
عُلْفوف: كبير السن؛ ومنه قول الشاعر:
مَأْوى اليَتِيم، ومأْوى كلِّ نَهْبَلةٍ
تَأْوي إلى نَهْبَلٍ كالنَّسْرِ عُلْفوفِ
وقال عمر بن الجعد الخُزاعي:
يَسَرٍ، إذا هَبَ الشِّتاء وأَمْحَلُوا
في القَوْمِ، غَيْرِ كُبُنَّةٍ عُلْفُوفِ
قال ابن بري: هذا البيت أَورده الجوهري يسرٌ وصوابه يَسَرٍ، بالخفض،
وكذلك غَيْر؛ وقبله:
أَأُمَيْمُ، هل تَدْرينَ أَنْ رُبَ صاحِبٍ
فارَقْتُ يومَ خَشاشَ غيرِ ضَعِيفِ؟
قال: يومُ خَشاشٍ يومٌ كان بينهم وبين هُذَيل قتلتهم فيه هذيل وما سَلِم
إلا عُمَير بن الجعد
(* قوله «عمير بن الجعد» كذا هو هنا بالتصغير
وقدّمه قريباً مكبراً.) ، وأُميم: ترخيم أُمية، وقوله يَسَر أَي ياسِر،
والعُلْفوف: الجافي من الرجال والنساء، وقيل: هو الذي فيه غِرّة وتَضْيِيع؛ قال
الأَعشى:
حُلْوة النَّشْر والبَديهة والعلْـ
ـلات، لا جَهْمة ولا عُلْفُوف
حنبل: الحَنْبَل: القصير الضَّخْم البطن، وهو أَيضاً الخُفُّ الخَلَق،
وقيل: الفرْوُ الخَلَق، وأَطلقه بعضهم فقال هو الفَرْو. والحَنْبَل
والحِنْبَالة: البحر. والحَنْبَل والحِنْبَال والحِنْبَالة: القصير الكثير
اللحم. والحُنْبُل: طَلْعُ أُمّ غَيْلان؛ عن كراع. قال أَبو حنيفة: أَخبرني
أَعرابي من ربيعة قال: الحُنْبُل ثَمَر الغاف وهي حُبْلة كقرون
الباقِلَّى، وفيه حَبٌّ، فإِذا جَفَّ كُسِر ورُمِيَ بحَبِّه الظاهر وصُنِع مما تحته
سَوِيق مثل سَوِيق النَّبِق إِلا أَنه دونه في الحلاوة. والحَنْبَل: اسم
رجل. والحِنْبَال والحِنْبَالة: الكثير الكلام. وحَنْبَل الرجلُ إِذا
أَكثر من أَكل الحُنْبُل، وهو الــلُّوبِيَاء. ابن بري: والحَنْبَل موضع بين
البصرة ولَيِنَةَ؛ قال الفرزدق:
فأَصبحت والمَلْقَى وَرَائِي وحَنْبَل،
وما فَتَرَتْ حتى حَدَا النَّجْمَ غارِبُه
برم: البَرَمُ: الذي لا يَدْخُل مع القوم في المَيْسِر، والجمع
أَبْرامٌ؛ وأَنشد الليث:
إذا عُقَبُ القُدُور عُدِدْنَ مالاً،
تَحُثُّ حَلائلَ الأَبْرامِ عِرْسِي
وأَنشد الجوهري:
ولا بَرَماً تُهْدى النساءُ لعِرْسِهِ،
إذا القَشْعُ من بَرْدِ الشتاءِ تَقَعْقَعا
وفي المثل: أَبَرَماً قَرُوناً أي هو بَرَمٌ ويأْكل مع ذلك تَمرَتَيْن
تَمرتَيْن، وفي حديث وفْدِ مَذحجِ: كِرامٌ غير أَبْرامٍ ؛ الأَبْرامُ:
اللِّئامُ، واحِدُهم بَرَمٌ، بفتح الراء، وهو في الأَصل الذي لا يَدْخُل مع
القومِ في المَيْسِر ولا يُخْرِج معهم فيه شيئاً؛ ومنه حديث عمرو بن
معديكرب: قال لعُمر أَأَبْرامٌ بَنو المُغِيرة؟ قال: ولَِمَ؟ قال نزلتُ فيهم
فما قَرَوْني غير قَوْس وثَوْرٍ وكَعْب، فقال عمر: إنَّ في ذلك
لَشِبَعاً؛ القَوْسُ: ما يَبْقى في الجُلَّة من التَّمْر، والثَّوْرُ: قطعة عظيمة
من الأَقِط، والكَعْبُ: قِطْعة من السَّمْن؛ وأما ما أَنشده ابن الأعرابي
من قول أُحَيْحة:
إنْ تُرِدْ حَرْبي، تُلاقِ فَتىً
غيرَ مَمْلوكٍ ولا بَرَمَهْ
قال ابن سيده: فإنه عَنى بالبَرَمَة البَرَمَ، والهاء مبالغة، وقد يجوز
أن يؤنث على معنى العَيْنِ والنَّفْس، قال: والتفسير لنا نحن إذ لا
يَتَّجِه فيه غير ذلك. والبَرَمةُ: ثَمَرةُ العِضاهِ، وهي أَوَّل وَهْلة
فَتْلةٌ ثم بَلَّةٌ ثم بَرَمةٌ، والجمع البَرَمُ، قال: وقد أَخطأَ أَبو حنيفة
في قوله: إن الفَتْلة قَبْل البَرَمَة، وبَرَمُ العِضاهِ كله أَصفر إلاَّ
بَرَمَة العُرْفُطِ فإنها بَيْضاء كأَنَّ هَيادِبها قُطْن، وهي مثل
زِرِّ القَمِيص أَو أَشَفُّ، وبَرَمة السَّلَم أَطيب البَرَمِ رِيحاً، وهي
صَفْراء تؤْكَل، طيِّبة، وقد تكون البَرَمَةُ للأَراكِ، والجمع بَرَمٌ
وبِرامٌ.
والمُبْرِمُ: مُجْتَني البَرَمِ، وخصَّ بعضهم به مُجْتَني بَرَمَ
الأَراك. أَبو عمرو: البَرَمُ ثَمَر الطَّلْح، واحدته بَرَمَة. ابن الأعرابي:
العُلَّفَةُ من الطَّلْم ما أَخلفَ بعد البَرَمَة وهو شبه الــلُّوبياء،
والبَرَمُ ثَمَرُ الأَراك، فإذا أَدْرَك فهو مَرْدٌ، وإذا اسْوَدَّ فهو
كَباثٌ وبَريرٌ. وفي حديث خُزيمة السلمي: أَيْنَعَتِ العَنَمَةُ وسَقَطَت
البَرَمةُ؛ هي زَهْرُ الطَّلْح، يعني أنها سَقَطَتْ من أَغْصانها للجَدْب.
والبَرَمُ: حَبُّ العِنب إذا كان فوق الذَّرِّ، وقد أَبْرَمَ الكَرْمُ؛ عن
ثعلب. والبَرَمُ، بالتحريك: مصدر بَرِمَ بالأَمْرِ، بالكسر، بَرَماً إذا
سَئِمَهُ، فهو بَرِمٌ ضَجِر. وقد أَبْرَمَهُ فلان إبْراماً أي أَمَلَّه
وأَضْجَره فَبَرِمَ وتَبَرَّم به تَبَرُّماً. ويقال: لا تُبْرِمْني
بكَثرة فُضولك. وفي حديث الدعاء: السلامُ عليك غير مُوَدَّعٍ بَرَماً؛ هو مصدر
بَرِمَ به، بالكسر، يَبْرَمُ بَرَماً، بالفتح، إذا سَئِمَه ومَلَّه.
وأَبْرَمَ الأَمرَ وبَرَمَه: أَحْكَمه، والأصل فيه إبْرامُ الفَتْل إذا
كان ذا طاقيْن. وأَبْرَمَ الحَبْلَ: أَجادَ فتله. وقال أَبو حنيفة:
أَبْرَمَ الحَبْلَ جعله طاقَيْن ثم فَتَله. والمُبْرَمُ والبَريمُ: الحَبْل
الذي جمع بين مَفْتُولَيْن فَفُتِلا حَبْلاً واحداً مثل ماء مُسْخَنٌ
وسَخِينٌ، وعَسَلٌ مُعْقَدٌ وعَقِيدٌ، ومِيزانٌ مُتْرَصٌ وتَريصٌ. والمُبْرَمُ
من الثِّياب: المَفْتُول الغَزْل طاقَيْن، ومنه سمِّي المُبْرَمُ، وهو
جنسٌ من الثِّياب. والمَبارِمُ: المَغازِلُ التي يُبْرَمُ بها. والبَريمُ:
خَيْطان مُخْتلفان أَحمرُ وأَصفرُ، وكذلك كل شيء فيه لَوْنان
مُخْتلِطان، وقيل: البَريمُ خَيْطان يكونان من لَوْنَيْن. والبَريمُ: ضَوْءُ الشمس
مع بَقِيَّة سَوادِ الليل. والبَريمُ: الصبْح لِما فيه من سَوادِ الليل
وبَياض النهار، وقيل: بَريمُ الصبح خَيْطه المُخْتلط بِلَوْنَيْن، وكل
شيئين اختلَطا واجْتمعا بَريمٌ. والبَريمُ: حَبْل فيه فَوْنان مُزَيَّن
بجَوْهر تشدُّه المرأَة على وَسَطها وعَضُدِها؛ قال الكَروّس بن حصن
(* قوله
«قال الكروس بن حصن» هكذا في الأصل، وفي شرح القاموس: الكروس بن زيد، وقد
استدرك الشارح هذا الاسم على المجد في مادة كرس).
وقائلةٍ: نِعْمَ الفَتى أَنت من فَتىً؛
إذا المُرْضِعُ العَرْجاءُ جالَ بَريمُها
وفي رواية:
مُحَضَّرة لا يُجْعَل السِّتْر دُونها
قال ابن بري: وهذا البيت على هذه الرواية ذكره أَبو تَمّام للفرزدق في
باب المديح من الحماسة. أبو عبيد: البَريمُ خَيْط فيه أَلوانٌ تشدُّه
المرأَة على حَقْوَيْها. وقال الليث: البَريمُ خيط يُنْظَم فيه خَرَز فتشدُّه
المرأَة على حَقْويَهْا. والبَريمُ: ثوب فيه قَزٌّ وكتّانٌ. والبَريمُ:
خليط يُفْتَل على طاقَيْن، يُقال: بَرَمْتُه وأَبْرَمْتُه. الجوهري:
البَريمُ الحبْل المَفْتول يكون فيه لَوْنان، وربَّما شدَّتْه المرأَةُ على
وَسَطها وعَضُدها، وقد يُعلَّق على الصبيّ تدفَع به العَيْن، ومنه قيل
للجيش بَريم لأَلْوان شِعار القَبائل فيه؛ وأَنشد ابن بري للعجاج:
أَبْدى الصَّباحُ عن بَريمٍ أَخْصفَا
قال: البَريمُ حبْل فيه لَوْنان أَسود وأبيض، وكذلك الأخْصَفُ
والخَصِيفُ، ويشبَّه به الفَجْر الكاذِبُ أَيضاً، وهو ذَنَب السِّرْحان؛ قال
جامِعُ ابن مُرْخِيَة:
لقد طَرَقَتْ دَهْماء، والبُعْدُ بينها،
ولَيْل، كأثْناء اللِّفاعِ، بَهِيمُ
على عَجَلٍ، والصبحُ بالٍ كأَنه
بأَدْعَجَ من لَيْلِ التِّمام بَريمُ
قال: والبَريمُ أيضاً الماءُ الذي خالَط غيرَه؛ قال رؤبة:
حتى إذا ما خاضَتِ البَرِيما
والبَريمُ: القَطيع من الغنَم يكون فيه ضَرْبان من الضَّأْن والمَعَز.
والبَريمُ: الدمع مع الإثْمِدِ. وبَرِيمُ القوم: لَفِيفُهم. والبَرِيمُ:
الجَيْش فيه أَخْلاط من الناس. والبَرِيمان: الجَيْشان عرَب وعَجَم؛ قالت
لَيْلى الأَخْيَلِيَّة:
يا أَيها السَّدِمُ المُلَوِّي رأْسَه
لِيَقُود من أَهل الحِجاز بَرِيما
أَرادت جَيْشاً ذا لَوْنَيْن، وكلُّ ذي لَوْنَيْن بَريمٌ. ويُقال: اشْوِ
لَنا من بَرِيَميْها أَي من الكَبِد والسَّنام يُقَدَّان طُولاً
ويُلَفَّان بِخَيْط أو غيره، ويقال: سمِّيا بذلك لبَياض السَّنام وسَوادِ
الكَبِد.
والبُرُمُ: القَومُ السيِّئُو الأَخْلاق. والبَرِيمُ العُوذَة.
والبَرَم: قِنانٌ من الجبال، واحدتها بَرَمَة.
والبُرْمَةُ: قِدْر من حجارة، والجمع بَرَمٌ وبِرامٌ وبُرْمٌ؛ قال
طرَفة:جاؤوا إليك بكل أَرْمَلَةٍ
شَعْثاءَ تَحْمِل مِنْقَعَ البُرم
وأَنشد ابن بري للنابغة الذبياني:
والبائعات بِشَطَّيْ نخْلةَ البُرَمَا
وفي حديث بَرِيرَةَ: رَأَى بُرْمةً تَفُورُ؛ البُرْمة: القِدْرُ مطلقاً،
وهي في الأصل المُتَّخَذَة من الحَجر المعروف بالحجاز واليَمن.
والمُبْرِمُ: الذي يَقْتَلِعُ حِجارةَ البِرامِ من الجبل ويقطَعُها
ويُسَوِّيها ويَنْحَتها. يقال: فلان مُبْرِمٌ للَّذي يقْتَطِعُها من جَبَلها
ويَصْنعَها. ورجل مُبْرِمٌ: ثَقِيلٌ، منه، كأَنه يَقْتَطِع من جُلَسائه
شيئاً، وقيل: الغَثُّ الحديثِ من المُبْرِمِ وهو المُجْتَني ثَمَر
الأَراك. أَبو عبيدة: المُبْرِمُ الغَثُّ الحديثِ الذي يحدِّث الناسَ بالأحاديث
التي لا فائدة فيها ولا معنى لها، أُخِذَ من المُبْرِم الذ يَجْني
البَرَمَ، وهو ثمر الأراك لا طَعْم له ولا حَلاوة ولا حُمُوضة ولا معنى له.
وقال الأَصمعي: المُبْرِمُ الذي هو كَلٌّ على صاحبه لا نَفْعَ عنده ولا
خَيْر، بمنزلة البَرَم الذي لا يدخُل مع القومِ في المَيْسِر ويأْكل معهم من
لَحْمِه.
والبَيْرَمُ العَتَلَةُ، فارِسيّ معرَّب، وخصَّ بعضهم به عَتَلَة
النَّجَّار، وهو بالفارسيَّة بتفخيم الباء.
والبَرَمُ: الكُحْل؛ ومنه الخبر الذي جاء: من تسمَّع إلى حديث قومٍ
صُبَّ في أُذنه البَرَمُ؛ قال ابن الأَعرابي: قلت للمفضَّل ما البَرَمُ؟ قال:
الكُحْل المُذاب؛ قال أَبو منصور: ورواه بعضهم صُبَّ في أُذنه
البَيْرَمُ، قال ابن الأَعرابي: البَيْرَمُ البِرْطِيلُ، وقال أَبو عبيدة:
البَيْرَمُ عَتَلَةُ النَّجار، أو قال: العَتَلة بَيْرَمُ النجار. وروى ابن عباس
قال: قال رسُول الله، صلى الله عليه وسلم: من اسْتَمَع إلى حديث قومٍ
وهم له كارِهُون مَلأَ الله سمعَه من البَيْرَم والآنُكِ، بزيادة الياء.
والبُرامُ، بالضم: القُرادُ وهو القِرْشام؛ وأَنشد ابن بري لجؤية بن
عائذ النَّصْري:
مُقيماً بمَوْماةٍ كأَن بُرَامَها،
إذا زالَ في آل السَّراب، ظَليمُ
والجمع أَبْرِمَةٌ؛ عن كراع.
وبِرْمةُ: موضع؛ قال كثيِّر عَزَّة:
رَجَعْت بها عَنِّي عَشِيَّة بِرْمةٍ،
شَماتةَ أَعْداءٍ شُهودٍ وغُيَّب
وأَبْرَمُ: موضع، وقيل نَبْت
(* قوله «وابرم موضع وقيل نبت» ضبط في
الأصل والقاموس والتكملة بفتح الهمزة، وفي ياقوت بكسرها وصوبه شارح القاموس)؛
مثَّل به سيبويه وفسَّره السيرافي. وبَرامٌ وبِرامٌ: موضع؛ قال لبيد:
أَقْوى فَعُرِّيَ واسطٌ فبَِرامُ
من أَهْلِه، فَصُوَائِقٌ فَخُزامُ
وبُرْمٌ: اسم جبل؛ قال أَبو صخر الهذلي:
ولو أنَّ ما حُمِّلْتُ حُمِّلَه
شَعَفَاتُ رَضْوَى، أَو ذُرَى بُرْم
بون: البَوْنُ والبُونُ: مسافةُ ما بين الشيئين؛ قال كُثيِّر عزَّة:
إذا جاوَزوا معروفَه أَسْلَمْتُهُمْ
إلى غمرةٍ... ينظرُ القومُ بُونَها
(* قوله «إلى غمرة إلخ» هكذا فيه بياض بالأصل). وقد بانَ صاحبُه
بَوْناً. والبِوانُ، بكسر الباء:
(* قوله «بكسر الباء» عبارة التكملة: والبوان
بالضم عمود الخيمة لغة في البوان بالكسر، عن الفراء). عمود من أَعْمِدة
الخِباء، والجمع أَبْوِنةٌ وبُونٌ، بالضم، وبُوَنٌ، وأَباها سيبويه.
والبُونُ: موضعٌ؛ قال ابن دريد: لا أَدري ما صحتُه. الجوهري: البانُ ضربٌ من
الشجر، واحدتها بانةٌ؛ قال امرؤُ القيس:
بَرَهْرهةٌ رُؤْدةٌ رَخْصةٌ،
كخُرْعوبةِ البانةِ المنفطِرْ
ومنه دُهْنُ البانِ، وذكره ابن سيده في بَيَنَ وعلله، وسنذكره هناك. وفي
حديث خالد: فلما أَلْقى الشامُ بَوانِيَه عزلَني واستعمل غيري أَي
خيرَه وما فيه من السَّعة والنّعْمة. ويقال: أَلقى عَصاه وأَلقي بَوانِيَه.
قال ابن الأَثير: البَواني في الأَصل أَضْلاعُ الصدْرِ، وقيل: الأَكتافُ
والقوائمُ، الواحدة بانية، قال: ومنْ حقِّ هذه الكلمة أَن تجيء في باب
الباء والنون والياء، قال: وذكرناها في هذا الباب حملاً على ظاهرها، فإنها
لم ترد حيث وردت إلا مجموعة. وفي حديث عليّ: أَلقَت السماءُ بَرْكَ
بَوانيها؛ يريدُ ما فيها من المطر. والبُوَيْن: موضع؛ قال مَعْقِل ابن
خوَيلد:لعَمْري لقد نادى المُنادي فراعَني،
غَداةَ البُوَيْنِ، من قريب فأَسْمَعا
وبُوانات: موضع؛ قال مَعْن بن أَوس:
سَرَتْ من بُواناتٍ فبَوْنٍ فأَصْبَحَتْ
بقَوْرانَ، قَورانِ الرِّصاف تُواكِله
وقال الجوهري: بُوانةُ، بالضم، اسمُ موضع؛ قال الشاعر:
لقد لَقِيَتْ شَوْلٌ، بجَنْبَيْ بُوانةٍ،
نَصِيّاً كأَعْرافِ الكَوادِنِ أَسْحَما
وقال وضَّاح اليمن:
أَيا نَخْلَتَيْ وادِي بُوانةَ حَبَّذا،
إذا نامَ حُرَّاسُ النخيلِ، جَناكما
قال: وربما جاء بحذف الهاء؛ قال الزَّفَيان:
ماذا تَذَكَّرْتُ من الأَظْعان،
طَوالِعاً من نحوِ ذي بُوانِ
قال: وأَما الذي ببلاد فارس فهو شِعْب بَوَّان، بالفتح والتشديد؛ قال
محمد بن المكرَّم: يقال إنه من أَطْيب بقاع الأَرض وأَحسَن أَماكِنِها؛
وإيّاه عَنى أَبو الطّيب المتنَبِّي بقوله:
يَقول بشِعْبِ بَوَّانٍ حِصاني:
أَعَنْ هذا يُسارُ إلى الطِّعانِ؟
أَبوكُمْ آدَمٌ سَنَّ المَعاصي،
وعَلَّمكُمْ مُفارَقةَ الجِنانِ
وفي حديث النذْر: أَن رجلاً نَذَرَ أَن يَنْحَر إبلاً
بِبُوانَةَ؛ قال ابن الأَثير: هي بضم الباء، وقيل: بفتحها، هَضْبةٌ من
وَراء يَنبُع. ابن الأَعرابي: البَوْنة البنت الصغيرة. والبَوْنة:
الفصيلة. والبَوْنة: الفراق.
بين: البَيْنُ في كلام العرب جاء على وجْهَين: يكون البَينُ الفُرْقةَ،
ويكون الوَصْلَ، بانَ يَبِينُ بَيْناً وبَيْنُونةً، وهو من الأَضداد؛
وشاهدُ البَين الوَصل قول الشاعر:
لقد فَرَّقَ الواشِينَ بيني وبينَها،
فقَرَّتْ بِذاكَ الوَصْلِ عيني وعينُها
وقال قيسُ بن ذَريح:
لَعَمْرُك لولا البَيْنُ لا يُقْطَعُ الهَوى،
ولولا الهوى ما حَنَّ لِلبَيْنِ آلِفُ
فالبَينُ هنا الوَصْلُ؛ وأَنشد أَبو عمرو في رفع بين قول الشاعر:
كأَنَّ رِماحَنا أَشْطانُ بئْرٍ
بَعيدٍ بينُ جالَيْها جَرُورِ
وأَنشد أَيضاً:
ويُشْرِقُ بَيْنُ اللِّيتِ منها إلى الصُّقْل
قال ابن سيده: ويكون البَينُ اسماً وظَرْفاً مُتمكِّناً. وفي التنزيل
العزيز: لقد تقَطَّع بينكم وضلّ عنكم ما كنتم تَزْعُمون؛ قرئَ بينكم
بالرفع والنصب، فالرفع على الفعل أَي تقَطَّع وَصْلُكم، والنصبُ على الحذف،
يريدُ ما بينكم، قرأَ نافع وحفصٌ عن عاصم والكسائي بينَكم نصباً، وقرأَ ابن
كَثير وأَبو عَمْروٍ وابنُ
عامر وحمزة بينُكم رفعاً، وقال أَبو عمرو: لقد تقطَّع بينُكم أَي
وَصْلُكم، ومن قرأَ بينَكم فإن أَبا العباس روى عن ابن الأَعرابي أَنه قال:
معناه تقطَّع الذي كانَ بينَكم؛ وقال الزجاج فيمَنْ فتَحَ المعنى: لقد
تقطَّع ما كنتم فيه من الشَّركة بينَكم، ورُوي عن ابن مسعودٍ أَنه قرأَ لقد
تقطَّع ما بينَكم، واعتمد الفراءُ وغيرُه من النحويين قراءةَ ابن مسعود
لِمَنْ قرأَ بينَكم، وكان أَبو حاتم يُنْكِر هذه القراءةَ ويقول: من قرأَ
بينَكم لم يُجِزْ إلا بمَوْصول كقولك ما بينَكم، قال: ولا يجوز حذفُ
الموصول وبقاء الصلةِ، لا تُجيزُ العربُ إنّ قامَ زيدٌ بمعنى إنّ الذي قام
زيدٌ، قال أَبو منصور: وهذا الذي قاله أَبو حاتم خطأ، لأَن الله جَلّ ثناؤه
خاطَبَ بما أَنزَل في كتابه قوماً مشركين فقال: ولقد جئتمونا فُرادَى كما
خَلقْناكم أَوّلَ مرّةٍ وترَكتم ما خوّلناكم وراءَ ظُهوركم وما نرَى معكم
شُفعاءَكم الذين زعمتم أَنهم فيكم شركاءُ لقد تقطّع بينَكم؛ أَراد لقد
تقطع الشِّرْكُ بينكم أَي فيما بينَكم، فأَضمرَ الشركَ لما جرَى من ذِكْر
الشُّركاء، فافهمه؛ قال ابن سيده: مَن قرأَ بالنصب احتمل أَمرين:
أَحدُهما أَن يكونَ الفاعلُ مضمَراً أَي لقد تقطَّع الأَمرُ أَو العَقْدُ أَو
الودُّ بينََكم، والآخرُ ما كان يراهُ الأَخفشُ من أَن يكونَ بينكم، وإن
كان منصوبَ اللفظ مرفوعَ الموضِع بفعله، غيرَ أَنه أُقِرّتْ عليه نَصْبةُ
الظرف، وإن كان مرفوعَ الموضع لاطِّراد استعمالهم إياه ظرفاً، إلا أَن
استعمالَ الجملة التي هي صفةٌ للمبتدأ مكانَه أَسهلُ من استعمالِها فاعِلةً،
لأَنه ليس يَلزمُ أَن يكون المبتدأُ اسماً محضاً كلزوم ذلك في الفاعل،
أَلا ترى إلى قولهم: تسمعُ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ من أَن تراه؛ أَي سماعُك
به خيرٌ من رؤْيتك إياه. وقد بانَ الحيُّ بَيْناً وبَيْنونةً؛ وأَنشد
ثعلب:فهاجَ جوىً في القَلْب ضَمَّنه الهَوَى
بَبَيْنُونةٍ، يَنْأَى بها مَنْ يُوادِعُ
والمُبايَنة: المُفارَقَة. وتَبايَنَ القومُ: تَهاجَرُوا. وغُرابُ
البَين: هو الأَبْقَع؛ قال عنترة:
ظَعَنَ الذين فِراقَهم أَتَوَقَّعُ،
وجَرَى ببَيْنِهمُ الغُرابُ الأَبْقَعُ
حَرِقُ الجَناحِ كأَنَّ لحْيَيْ رأْسِه
جَلَمانِ، بالأَخْبارِ هَشٌّ مُولَعُ
وقال أَبو الغَوث: غرابُ البَيْنِ هو الأَحمرُ المِنْقارِ والرِّجْلينِ،
فأَما الأَسْود فإِنه الحاتِمُ لأَنه يَحْتِمُ بالفراق. وتقول: ضربَه
فأَبانَ رأْسَه من جسدِه وفَصَلَه، فهو مُبِينٌ. وفي حديث الشُّرْب: أَبِنِ
القَدَحَ عن فيك أَي افْصِلْه عنه عند التنفُّس لئلا يَسْقُط فيه شيءٌ
من الرِّيق، وهو من البَينِ البُعْد والفِراق. وفي الحديث في صفته، صلى
الله عليه وسلم: ليس بالطويل البائِن أَي المُفْرِطِ طُولاً الذي بَعُدَ عن
قَدِّ الرجال الطِّوال، وبانَ الشيءُ بَيْناً وبُيوناً. وحكى الفارسيُّ
عن أَبي زيد: طَلَبَ إلى أَبَوَيْه البائنةَ، وذلك إذا طَلَب إليهما أَن
يُبِيناهُ بمال فيكونَ له على حِدَةٍ، ولا تكونُ البائنةُ إلا من
الأَبوين أَو أَحدِهما، ولا تكونُ من غيرهما، وقد أَبانَه أَبواه إِبانةً حتى
بانَ هو بذلك يَبينُ بُيُوناً. وفي حديث الشَّعْبي قال: سمعتُ النُّعْمانَ
بن بَشيرٍ يقول: سمعتُ رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، وطَلَبَتْ
عَمْرةُ إلى بشير بن سعدٍ أَن يُنْحِلَني نَحْلاً من ماله وأَن يَنْطلِقَ بي
إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيُشْهدَه فقال: هل لك معه ولدٌ غيرُه؟
قال: نعم، قال: فهل أَبَنْتَ كلَّ واحد منهم بمثل الذي أَبَنتَ هذا؟
فقال: لا، قال: فإني لا أَشهَدُ على هذا، هذا جَورٌ، أَشهِدْ على هذا غيري،
أعْدِلوا بين أَولادكم في النُِّحْل كما تُحِبُّون أَن يَعْدلوا بينكم في
البرِّ واللُّطف؛ قوله: هل أَبَنْتَ كلَّ واحد أَي هل أَعْطَيْتَ كلَّ
واحدٍ مالاً تُبِينُه به أَي تُفْرِدُه، والاسم البائنةُ. وفي حديث
الصديق: قال لعائشة، رضي الله عنهما: إني كنتُ أَبَنْتكِ بنُحْل أَي أَعطيتُكِ.
وحكى الفارسي عن أَبي زيد: بانَ وبانَه؛ وأَنشد:
كأَنَّ عَيْنَيَّ، وقد بانُوني،
غَرْبانِ فَوقَ جَدْوَلٍ مَجْنونِ
وتبَايَنَ الرجُلانِ: بانَ كلُّ واحد منهما عن صاحبه، وكذلك في الشركة
إذا انفصلا. وبانَت المرأَةُ عن الرجل، وهي بائنٌ: انفصلت عنه بطلاق.
وتَطْليقةٌ بائنة، بالهاء لا غير، وهي فاعلة بمعنى مفعولة، أَي تَطْليقةٌ
(*
قوله «وهي فاعلة بمعنى مفعولة أي تطليقة إلخ» هكذا بالأصل، ولعل فيه
سقطاً). ذاتُ بَيْنونةٍ، ومثله: عِيشةٌ راضيةٌ أَي ذاتُ رِضاً. وفي حديث ابن
مسعود فيمن طَلق امرأَتَه ثمانيَ تَطْلِيقاتٍ: فقيل له إنها قد بانَتْ
منك، فقال: صدَقُوا؛ بانَتِ المرأَةُ من زوجِها أَي انفصلت عنه ووقع عليها
طلاقُه. والطَّلاقُ البائِنُ: هو الذي لا يَمْلِك الزوجُ فيه استِرْجاعَ
المرأَةِ إلا بعَقْدٍ جديدٍ، وقد تكرر ذكرها في الحديث. ويقال: بانَتْ
يدُ الناقةِ عن جَنْبِها تَبِينُ بُيوناً، وبانَ الخلِيطُ يَبينُ بَيْناً
وبَيْنونةً؛ قال الطرماح:
أَآذَنَ الثاوي بِبَيْنُونة
ابن شميل: يقال للجارية إذا تزوَّجت قد بانَت، وهُنّ قد بِنَّ
إذا تزوَّجْنَ. وبَيَّن فلانٌ بِنْثَه وأَبانَها إذا زوَّجَها وصارت إلى
زوجها، وبانَت هي إذا تزوجت، وكأَنه من البئر البعيدة أَي بَعُدَتْ عن
بيت أَبيها. وفي الحديث: مَنْ عالَ ثلاثَ بناتٍ حتى يَبِنَّ أَو يَمُتْنَ؛
يَبِنَّ، بفتح الياء، أَي يتزوَّجْنَ. وفي الحديث الآخر: حتى بانُوا أَو
ماتوا. وبئرٌ بَيُونٌ: واسعةُ ما بين الجالَيْنِ؛ وقال أَبو مالك: هي
التي لا يُصيبُها رِشاؤُها، وذلك لأَن جِرابَ البئر مستقيم، وقيل:
البَيُونُ البئرُ الواسعة الرأْسِ الضَّيِّقَة الأَسْفَل؛ وأَنشد أَبو علي
الفارسي:
إِنَّك لو دَعَوْتَني، ودُوني
زَوْراءُ ذاتُ مَنْزعٍ بَيُونِ،
لقُلْتُ: لَبَّيْه لمنْ يَدْعوني
فجعلها زَوْراءَ، وهي التي في جِرابِها عَوَجٌ، والمَنْزَعُ: الموضعُ
الذي يَصْعَدُ فيه الدَّلْوُ إذا نُزِع من البئر، فذلك الهواء هو
المَنْزَعُ. وقال بعضهم: بئرٌ بَيُونٌ وهي التي يُبِينُ المُسْتَقي الحبل في
جِرابِها لِعَوَجٍ في جُولها؛ قال جرير يصف خيلاً وصَهِيلَها:
يَشْنِفْنَ للنظرِ البعيد، كأَنما
إرْنانُها ببَوائنُ الأَشْطانِ
أَراد كأَنها تَصْهَل في ركايا تُبانُ أَشْطانُها عن نواحيها لِعَوَجٍ
فيها إرنانها ذوات
(* قوله «ارنانها ذوات إلخ» كذا بالأصل. وفي التكملة:
والبيت للفرزدق يهجو جريراً، والرواية إرنانها أي كأنها تصهل من آبار
بوائن لسعة أجوافها إلخ. وقول الصاغاني: والرواية إرنانها يعني بكسر الهمزة
وسكون الراء وبالنون كما هنا بخلاف رواية الجوهري فإنها أذنابها، وقد عزا
الجوهري هذا البيت لجرير كما هنا فقد رد عليه الصاغاني من وجهين).
الأَذنِ والنَّشاطِ منها، أَراد أَن في صهيلِها خُشْنة وغِلَظاً كأَنها تَصْهَل
في بئرٍ دَحُول، وذلك أَغْلَظُ لِصَهيلِها. قال ابن بري، رحمه الله:
البيت للفرزدق لا لجرير، قال: والذي في شعره يَصْهَلْنَ. والبائنةُ: البئرُ
البعيدةُ القعر الواسعة، والبَيونُ مثلُه لأَن الأَشْطانَ تَبِينُ عن
جرابِها كثيراً. وأَبانَ الدَّلوَ عن طَيِّ البئر: حادَ بها عنه لئلا
يُصيبَها فتنخرق؛ قال:
دَلْوُ عِراكٍ لَجَّ بي مَنينُها،
لم تَرَ قَبْلي ماتِحاً يُبينُها
وتقول: هو بَيْني وبَيْنَه، ولا يُعْطَفُ عليه إلا بالواو لأَنه لا يكون
إلا من اثنين، وقالوا: بَيْنا نحن كذلك إذ حَدَثَ كذا؛ قال أَنشده
سيبويه:
فبَيْنا نحن نَرْقُبُه، أَتانا
مُعَلّق وَفْضةٍ، وزِناد راعِ
إنما أَراد بَيْنَ نحن نَرْقبُهُ أَتانا، فأَشْبَعَ الفتحة فحدَثتْ
بعدها أَلفٌ، فإِن قيل: فلِمَ أَضافَ الظرفَ الذي هو بَيْن، وقد علمنا أَن
هذا الظرفَ لا يضاف من الأَسماء إلا لما يدلُّ على أَكثر من الواحد أَو ما
عُطف عليه غيره بالواو دون سائر حروف العطف نحو المالُ بينَ القومِ
والمالُ بين زيدٍ وعمرو، وقولُه نحن نرقُبُه جملةٌ، والجملة لا يُذْهَب لها
بَعْدَ هذا الظرفِ؟ فالجواب: أَن ههنا واسطة محذوفةٌ وتقدير الكلام بينَ
أَوقاتِ نحن نرْقُبُه أَتانا أَي أَتانا بين أَوقات رَقْبَتِنا إياه،
والجُمَلُ مما يُضافُ إليها أَسماءُ الزمان نحو أَتيتك زمنَ الحجاجُ أَميرٌ،
وأَوانَ الخليفةُ عبدُ
المَلِك، ثم إنه حذف المضافُ الذي هو أَوقاتٌ ووَليَ الظرف الذي كان
مضافاً إلى المحذوف الجملة التي أُقيمت مُقامَ المضاف إليها كقوله تعالى:
واسأَل القرية؛ أَي أَهلَ القرية، وكان الأَصمعيُّ يَخْفِضُ بعدَ بَيْنا
إذا صلَح في موضعه بَيْنَ ويُنشِد قول أَبي ذؤيب بالكسر:
بَيْنا تَعَنُّقِه الكُماةَ ورَوْغِه،
يوماً، أُتِيحَ له جَرِيءٌ سَلْفَعُ
وغيرُه يرفعُ ما بعدَ بَيْنا وبَيْنَما على الابتداء والخبر، والذي
يُنْشِدُ برَفع تَعنُّقِه وبخفْضِها
(* قوله: «والذي ينشد إلى وبخفضها؛ هكذا
في الأصل، ولعل في الكلام سقطاً). قال ابن بري: ومثلُه في جواز الرفع
والخفض بعدها قولُ الآخر:
كُنْ كيفَ شِئْتَ، فقَصْرُك الموتُ،
لا مَزْحَلٌ عنه ولا فَوْتُ
بَيْنا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِهِ،
زالَ الغِنَى وتَقَوَّضَ البيتُ
قال ابن بري: وقد تأْتي إذْ في جواب بينا كما قال حُمَيْد الأَرقط:
بَيْنا الفَتى يَخْبِطُ في غَيْساتِه،
إذ انْتَمَى الدَّهْرُ إلى عِفْراتِه
وقال آخر:
بيْنا كذلك، إذْ هاجَتْ هَمَرَّجةٌ
تَسْبي وتَقْتُل، حتى يَسْأَمَ الناسُ
وقال القطامي:
فبَيْنا عُمَيْرٌ طامحُ الطَّرف يَبْتَغي
عُبادةَ، إذْ واجَهْت أَصحَم ذا خَتْر
قال ابن بري: وهذا الذي قلناه يدلُّ على فسادِ قول من يقول إنَّ إذ لا
تكون إلا في جواب بَيْنما بزيادة ما، وهذه بعدَ بَيْنا كما ترى؛ ومما يدل
على فساد هذا القول أَنه قد جاء بَيْنما وليس في جوابها إذ كقول ابن
هَرْمة في باب النَّسيبِ من الحَماسةِ:
بينما نحنُ بالبَلاكِثِ فالْقا
عِ سِراعاً، والعِيسُ تَهْوي هُوِيّا
خطَرَتْ خَطْرةٌ على القلبِ من ذكـ
ـراكِ وهْناً، فما استَطَعتُ مُضِيّاً
ومثله قول الأَعشى:
بَيْنَما المرءُ كالرُّدَيْنيّ ذي الجُبْـ
ـبَةِ سَوَّاه مُصْلِحُ التَّثْقِيفِ،
رَدَّه دَهْرُه المُضَلّلُ، حتى
عادَ من بَعْدِ مَشْيِه التَّدْليفِ
ومثله قول أَبي دواد:
بَيْنما المرءُ آمِنٌ، راعَهُ را
ئعُ حَتْفٍ لم يَخْشَ منه انْبِعاقَهْ
وفي الحديث: بَيْنا نحن عند رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه
رجلٌ؛ أَصلُ بَيْنا بَيْنَ، فأُشبِعتْ الفتحة فصارت أَلفاً، ويقال بَيْنا
وبَيْنما، وهما ظرفا زمانٍ بمعنى المفاجأَة، ويُضافان إلى جملة من فعلٍ
وفاعلٍ ومبتدإِ وخبر، ويحْتاجان إلى جواب يَتِمُّ به المعنى، قال:
والأَفصَح في جوابهما أَن لا يكون فيه إذا وإذا، وقد جاءا في الجواب كثيراً،
تقول: بَينا زيدٌ جالسٌ دخَل عليه عمرٌو، وإذ دخَل عليه، وإذا دخل عليه؛ ومنه
قول الحُرَقة بنت النُّعمان:
بَيْنا نَسوسُ الناسَ، والأَمرُ أَمْرُنا،
إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ
وأَما قوله تعالى: وجعلنا بينهم مَوْبِقاً؛ فإنّ الزجاج قال: معناه
جعلنا بينَهم من العذاب ما يُوبِقُهم أَي يُهْلِكهم؛ وقال الفراء: معناه
جعلنا بينهم أَي تواصُلهم في الدنيا مَوْبقاً لهم يوم القيامة أَي هُلْكاً،
وتكون بَيْن صفة بمنزلة وسَط وخِلال. الجوهري: وبَيْن بمعنى وسْط، تقول:
جلستُ بينَ القوم، كما تقول: وسْطَ القوم، بالتخفيف، وهو ظرفٌ، وإن جعلته
اسماً أَعرَبْتَه؛ تقول: لقد تقطَّع بينُكم، برفع النون، كما قال أَبو
خِراش الهُذلي يصف عُقاباً:
فلاقَتْه ببَلْقَعةٍ بَراحٍ،
فصادَفَ بينَ عَينَيْه الجَبُوبا
الجبُوب: وجه الأَرض. الأَزهري في أَثناء هذه الترجمة: روي عن أَبي
الهيثم أَنه قال الكواكب البَبانيات
(* وردت في مادة بين «البابانيات» تبعاً
للأصل، والصواب ما هنا). هي التي لا يَنزِلها شمسٌ ولا قمرٌ إنما
يُهْتَدى بها في البرِّ والبحر، وهي شامية، ومَهَبُّ الشَّمالِ منها، أَوَّلها
القُطْب وهو كوكبٌ لا يَزول، والجدْي والفَرْقَدان، وهو بَيْنَ القُطب،
وفيه بَنات نعْشٍ الصغرى، وقال أَبو عمرو: سمعت المبرَّد يقول إذا كان
الاسم الذي يجيء بعد بَيْنا اسماً حقيقيّاً رفَعته بالابتداء، وإن كان اسماً
مصدريّاً خفضْتَه، ويكون بَيْنا في هذا الحال بمعنى بينَ، قال: فسأَلت
أَحمد بن يحيى عنه ولم أُعلِمْه قائله فقال: هذا الدرُّ، إلا أَنَّ من
الفصحاء من يرفع الاسم الذي بعد بَينا وإن كان مصدريّاً فيُلحقه بالاسم
الحقيقي؛ وأَنشد بيتاً للخليل ابن أَحمد:
بَينا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِه،
ذهَبَ الغِنى وتَقَوَّضَ البَيْتُ
وجائز: وبهْجَتُه، قال: وأَما بَيْنما فالاسمُ الذي بعده مرفوعٌ، وكذلك
المصدر. ابن سيده: وبَيْنا وبينما من حروف الابتداء، وليست الأَلف في
بَيْنا بصلةٍ، وبَينا فعْلى أُشبِعت الفتحةُ فصارت أَلفاً، وبينما بَين
زِيدت عليه ما، والمعنى واحد، وهذا الشيء بَينَ بَينَ أَي بَيْنَ الجيِّد
والرَّديء، وهما اسمان جُعِلا واحداً وبُنيا على الفتح، والهمزة المخفَّفة
تسمّى همزة بَيْنَ بَيْنَ؛ وقالوا: بَين بَين، يريدون التَّوَسُّط كما قال
عَبيد بن الأَبرص:
نَحْمي حَقيقَتَنا، وبعـ
ـض القَوْم يَسْقُطُ بَينَ بَيْنا
وكما يقولون: همزة بَين بَين أَي أَنها همزةٌ بَيْنَ الهمزةِ وبين حرف
اللين، وهو الحرف الذي منه حركتُها إن كانت مفتوحة، فهي بين الهمزة
والأَلف مثل سأَل، وإن كانت مكسورة فهي بين الهمزة والياء مثل سَئِمَ، وإن كانت
مضمومةً فهي بين الهمزة والواو مثل لَؤُم، إلا أَنها ليس لها تمكينُ
الهمزة المحققة، ولا تقَعُ الهمزةُ المخففة أَبداً أَوَّلاً
لقُرْبِها بالضَّعْف من الساكن، إلا أَنها وإن كانت قد قرُبَت من الساكن
ولم يكن لها تَمْكين الهمزةِ المحقَّقة فهي متحرِّكة في الحقيقة،
فالمفتوحة نحو قولك في سأَل سأَلَ، والمكسورةُ نحو قولك في سَئِمَ سَئِمَ،
والمضمومة نحو قولك في لؤُم لؤُم، ومعنى قول سيبويه بَيْنَ بَيْنَ أَنها
ضعيفة ليس لها تمكينُ المحقَّقة ولا خُلوصُ الحرف الذي منه حركتُها، قال
الجوهري: وسميت بَينَ بينَ لضَعْفِها؛ وأَنشد بيت عبيد بن الأَبرص:
وبعض القومِ يسقط بين بينا
أَي يتساقط ضَعيفاً غير معتدٍّ به؛ قال ابن بري: قال السيرافي كأَنه قال
بَينَ هؤلاء وهؤلاء، كأَنه رجلٌ يدخل بينَ فريقين في أَمرٍ من الأُمور
فيسقُطُ ولا يُذْكَر فيه؛ قال الشيخ: ويجوز عندي أَن يريد بينَ الدخول في
الحرب والتأَخر عنها، كما يقال: فلانُ يُقَدِّم رِجْلاً ويُؤَخر أُخرى.
ولَقِيتُه بُعَيدات بَيْنٍ إذا لقِيتَه بعدَ حينٍ ثم أَمسكتَ عنه ثم
أَتيته؛ وقوله:
وما خِفْتُ حتى بَيَّنَ الشربُ والأَذى
بِقانِئِه، إِنِّي من الحيِّ أَبْيَنُ
أَي بائن. والبَيانُ: ما بُيِّنَ به الشيءُ من الدلالة وغيرِها. وبانَ
الشيءُ بَياناً: اتَّضَح، فهو بَيِّنٌ، والجمع أَبْيِناءُ، مثل هَيِّنٍ
وأَهْيِناء، وكذلك أَبانَ الشيءُ فهو مُبينٌ؛ قال الشاعر:
لو دَبَّ ذَرٌّ فوقَ ضاحِي جلدِها،
لأَبانَ من آثارِهِنَّ حُدورُ
قال ابن بري عند قول الجوهري والجمع أَبْيِناء مثل هيِّن وأَهْيِناء،
قال: صوابه مثل هيِّنٍ وأَهْوِناء لأَنه من الهَوانِ. وأَبَنْتُه أَي
أَوْضَحْتُه. واستَبانَ الشيءُ: ظهَر. واستَبَنْتُه أَنا: عرَفتُه. وتَبَيَّنَ
الشيءُ: ظَهَر، وتَبيَّنْتهُ أَنا، تتعدَّى هذه الثلاثةُ ولا تتعدّى.
وقالوا: بانَ الشيءُ واسْتَبانَ وتَبيَّن وأَبانَ وبَيَّنَ بمعنى واحد؛
ومنه قوله تعالى: آياتٍ مُبَيِّناتٍ، بكسر الياء وتشديدها، بمعنى
مُتبيِّنات، ومن قرأَ مُبَيَّنات بفتح الياء فالمعنى أَن الله بَيَّنَها. وفي
المثل: قد بَيَّنَ الصبحُ لذِي عينَين أَي تَبَيَّن؛ وقال ابن ذَريح:
وللحُبِّ آياتٌ تُبَيَّنُ للفَتى
شُحوباً، وتَعْرى من يَدَيه الأَشاحم
(* قوله «الأشاحم» هكذا في الأصل). قال ابن سيده: هكذا أَنشده ثعلب،
ويروى: تُبَيِّن بالفتى شُحوب. والتَّبْيينُ: الإيضاح. والتَّبْيين أَيضاً:
الوُضوحُ؛ قال النابغة:
إلاَّ الأَوارِيّ لأْياً ما أُبَيِّنُها،
والنُّؤْيُ كالحَوض بالمظلومة الجلَد
يعني أَتَبيَّنُها. والتِّبْيان: مصدرٌ، وهو شاذٌّ لأَن المصادر إنما
تجيء على التَّفْعال، بفتح التاء، مثال التَّذْكار والتَّكْرار
والتَّوْكاف، ولم يجيءْ بالكسر إلا حرفان وهما التِّبْيان والتِّلقاء. ومنه حديث آدم
وموسى، على نبينا محمد وعليهما الصلاة والسلام: أَعطاكَ اللهُ التوراةَ
فيها تِبْيانُ كلِّ شيءٍ أَي كشْفُه وإيضاحُه، وهو مصدر قليل لأَن مصادرَ
أَمثاله بالفتح. وقوله عز وجل: وهو في الخِصام غيرُ مُبين؛ يريد النساء
أَي الأُنثى لا تكاد تَسْتَوفي الحجةَ ولا تُبينُ، وقيل في التفسير: إن
المرأَة لا تكاد تحتجُّ بحُجّةٍ إِلا عليها، وقد قيل: إنه يعني به
الأَصنام، والأَوّل أَجود. وقوله عز وجل: لا تُخْرِجوهُنَّ من بيوتهنّ ولا
يَخْرُجْنَ إلا أَن يأْتِين بفاحِشةٍ مُبَيِّنة؛ أَي ظاهرة مُتَبيِّنة. قال
ثعلب: يقول إذا طلَّقها لم يحِلّ لها أَن تَخْرُجَ من بيته، ولا أَن
يُخْرجها هو إلا بحَدٍّ يُقام عليها، ولا تَبينُ عن الموضع الذي طُلِّقت فيه
حتى تنقضي العدّة ثم تخرُج حيث شاءت، وبِنْتُه أَنا وأَبَنتُه واسْتَبنْتُه
وبَيَّنْتُه؛ وروي بيت ذي الرمة:
تُبَيِّنُ نِسْبةَ المَرَئِيّ لُؤْماً،
كما بَيَّنْتَ في الأَدَم العَوارا
أَي تُبَيِّنُها، ورواه عليّ
بن حمزة: تُبيِّن نِسبةُ، بالرفع، على قوله قد بَيَّنَ الصبحُ لذي
عَينين. ويقال: بانَ الحقُّ يَبينُ بَياناً، فهو بائنٌ، وأَبانَ يُبينُ إبانة،
فهو مُبينٌ، بمعناه. ومنه قوله تعالى: حم والكتاب المُبين؛ أَي والكتاب
البَيِّن، وقيل: معنى المُبين الذي أَبانَ طُرُقَ الهدى من طرق الضلالة
وأَبان كلَّ ما تحتاج إليه الأُمّة؛ وقال الزجاج: بانَ الشيءُ وأَبانَ
بمعنى واحد. ويقال: بانَ الشيءُ وأَبَنتُه، فمعنى مُبين أَنه مُبينٌ خيرَه
وبرَكَته، أَو مُبين الحقَّ من الباطل والحلالَ من الحرام، ومُبينٌ أَن
نُبُوَّةَ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حقٌّ، ومُبين قِصَصَ
الأَنبياء. قال أَبو منصور: ويكون المستبين أَيضاً بمعنى المُبين. قال أَبو
منصور: والاسْتِبانةُ يكون واقعاً. يقال: اسْتَبنتُ الشيءَ إذا تأَملتَه
حتى تَبيَّن لك. قال الله عز وجل: وكذلك نُفصِّل الآيات ولِتَستبين سبيلَ
المجرمين؛ المعنى ولتستبينَ أَنت يا محمد سبيلَ المجرمين أَي لتزدادَ
استِبانة، وإذا بانَ سبيلُ المجرمين فقد بان سبيل المؤمنين، وأَكثرُ القراء
قرؤُوا: ولتَستبينَ سبيلُ المجرمين؛ والاسْتبانة حينئذٍ يكون غير واقع.
ويقال: تبَيَّنْت الأَمر أَي تأَمَّلته وتوسَّمْتُه، وقد تبيَّنَ الأَمرُ
يكون لازِماً وواقِعاً، وكذلك بَيَّنْته فبَيَّن أَي تَبَيَّن، لازمٌ
ومتعدّ. وقوله عز وجل: وأَنزلنا عليكَ الكتاب تِبْياناً لكلّ
شيءٍ؛ أَي بُيِّن لك فيه كلُّ ما تحتاج إليه أَنت وأُمتُك من أَمر
الدِّين، وهذا من اللفظ العامِّ الذي أُريد به الخاصُّ، والعرب تقول: بَيَّنْت
الشيءَ تَبْييناً وتِبْياناً، بكسر التاء، وتِفْعالٌ بكسر التاء يكون
اسماً، فأَما المصدر فإِنه يجيء على تَفْعال بفتح التاء، مثل التَّكْذاب
والتَّصْداق وما أَشبهه، وفي المصادر حرفان نادران: وهما تِلْقاء الشيء
والتِّبْيان، قال: ولا يقاس عليهما. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: أَلا
إنَّ التَّبيين من الله والعَجَلة من الشيطان فتبيَّنُوا؛ قال أَبو عبيد:
قال الكسائي وغيره التَّبْيين التثبُّتُ في الأَمر والتَّأَني فيه،
وقرئ قوله عز وجل: إذا ضَرَبتم في سبيل الله فتبيَّنُوا، وقرئ: فتثبَّتوا،
والمعنيان متقاربان. وقوله عز وجل: إنْ جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيَّنوا،
وفتَثبَّتُوا؛ قرئ بالوجهين جميعاً. وقال سيبويه في قوله: الكتاب المُبين،
قال: وهو التِّبيان، وليس على الفعل إنما هو بناءٌ على حدة، ولو كان
مصدراً لفُتِحتْ كالتَّقْتال، فإنما هو من بيَّنْتُ كالغارة من أَغَرْت. وقال
كراع: التِّبيان مصدرٌ ولا نظير له إلا التِّلقاء، وهو مذكور في موضعه.
وبينهما بَينٌ أَي بُعْد، لغة في بَوْنٍ، والواو أَعلى، وقد بانَه
بَيْناً. والبَيانُ: الفصاحة واللَّسَن، وكلامٌ بيِّن فَصيح. والبَيان: الإفصاح
مع ذكاء. والبَيِّن من الرجال: الفصيح. ابن شميل: البَيِّن من الرجال
السَّمْح اللسان الفصيح الظريف العالي الكلام القليل الرتَج. وفلانٌ
أَبْيَن من فلان أَي أَفصح منه وأَوضح كلاماً. ورجل بَيِّنٌ: فصيح، والجمع
أَبْيِناء، صحَّت الياء لسكون ما قبلها؛ وأَنشد شمر:
قد يَنْطِقُ الشِّعْرَ الغَبيُّ، ويَلْتَئي
على البَيِّنِ السَّفّاكِ، وهو خَطيبُ
قوله يَلتئي أَي يُبْطئ، من اللأْي وهو الإبطاء. وحكى اللحياني في جمعه
أَبْيان وبُيَناء، فأَما أَبْيان فكميِّت وأَموات، قال سيبويه: شَبَّهوا
فَيْعِلاً بفاعل حين قالوا شاهد وأَشهاد، قال: ومثله، يعني ميِّتاً
وأَمواتاً، قيِّل وأَقيال وكَيِّس وأَكياس، وأَما بُيِّناء فنادر، والأَقيَس
في ذلك جمعُه بالواو، وهو قول سيبويه. روى ابنُ عباس عن النبي، صلى الله
عليه وسلم، أَنه قال: إنّ من البيان لسِحْراً وإنّ من الشِّعر لحِكَماً؛
قال: البَيان إظهار المقصود بأَبلغ لفظٍ، وهو من الفَهْم وذكاءِ القلْب
مع اللَّسَن، وأَصلُه الكَشْفُ والظهورُ، وقيل: معناه إن الرجُلَ يكونُ
عليه الحقُّ، وهو أَقْوَمُ بحُجَّتِه من خَصْمِه، فيَقْلِبُ الحقَّ
بِبَيانِه إلى نَفْسِه، لأَن معنى السِّحْر قَلْبُ الشيءِ في عَيْنِ الإنسانِ
وليس بِقَلْبِ الأَعيانِ، وقيل: معناه إنه يَبْلُغ من بَيانِ ذي الفصاحة
أَنه يَمْدَح الإنسانَ فيُصدَّق فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قولِه
وحُبِّه، ثم يذُمّه فيُصدّق فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قوله وبُغْضِهِ،
فكأَنه سَحَرَ السامعين بذلك، وهو وَجْهُ قوله: إن من البيانِ لسِحْراً. وفي
الحديث عن أَبي أُمامة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: الحياءُ
والعِيُّ شُعْبتان من الإيمانِ، والبَذاءُ والبيانُ شُعْبتانِ من النِّفاق؛
أَراد أَنهما خَصْلتان مَنْشَؤهما النِّفاق، أَما البَذاءُ وهو الفُحْشُ
فظاهر، وأَما البيانُ فإنما أَراد منه بالذّم التعمُّق في النُّطْق
والتفاصُحَ وإظهارَ التقدُّم فيه على الناس وكأَنه نوعٌ من العُجْب والكِبْرِ،
ولذلك قال في رواية أُخْرى: البَذاءُ وبعضُ البيان، لأَنه ليس كلُّ
البيانِ مذموماً. وقال الزجاج في قوله تعالى: خَلَق الإنْسان علَّمَه
البيانَ؛ قيل إنه عنى بالإنسان ههنا النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، علَّمَه
البيان أَي علَّمه القرآنَ الذي فيه بيانُ كلِّ شيء، وقيل: الإنسانُ هنا آدمُ،
عليه السلام، ويجوز في اللغة أَن يكون الإنسانُ اسماً لجنس الناس
جميعاً، ويكون على هذا علَّمَه البيانَ جعَله مميَّزاً حتى انفصل الإنسانُ
ببيَانِه وتمييزه من جميع الحيوان. ويقال: بَيْنَ الرجُلَين بَيْنٌ بَعيدٌ
وبَوْنٌ بعيد؛ قال أَبو مالك: البَيْنُ الفصلُ
(* قوله «البين الفصل إلخ»
كذا بالأصل). بين الشيئين، يكون إمّا حَزْناً أَو بقْرْبه رَمْلٌ،
وبينَهما شيءٌ ليس بحَزنٍ ولا سهلٍ. والبَوْنُ: الفضلُ والمزيّةُ. يقال: بانه
يَبونُه ويَبينُه، والواوُ أَفصحُ، فأَما في البُعْد فيقال: إن بينهما
لَبَيْناً لا غير. وقوله في الحديث: أَولُ ما يُبِينُ على أَحدِكم فَخِذُه
أَي يُعْرب ويَشهد عليه. ونخلةٌ بائنةٌ: فاتَتْ كبائسُها الكوافيرَ وامتدّت
عراجِينُها وطالت؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد لحَبيب القُشَيْري:
من كل بائنةٍ تَبينُ عُذوقَها
عنها، وحاضنةٍ لها مِيقارِ
قوله: تَبينُ عذوقَها يعني أَنها تَبين عذوقَها عن نفسها. والبائنُ
والبائنةُ من القِسِيِّ: التي بانتْ من وتَرِها، وهي ضد البانِية، إلا أَنها
عيب، والباناةُ مقلوبةٌ عن البانِية. الجوهري: البائنةُ القوسُ التي بانت
عن وَتَرِها كثيراً، وأَما التي قد قرُبَتْ من وَتَرِها حتى كادت تلْصَق
به فهي البانيةُ، بتقديم النون؛ قال: وكلاهما عيب. والباناةُ: النَّبْلُ
الصِّغارُ؛ حكاه السُّكَّريّ عن أَبي الخطاب. وللناقة حالِبانِ:
أَحدُهما يُمْسِك العُلْبة من الجانب الأَيمن، والآخرُ يحلُب من الجانب
الأَيْسر، والذي يَحْلُب يسمَّى المُسْتَعْلي والمُعَلِّي، والذي يُمْسِك يسمَّى
البائنَ. والبَيْنُ: الفراق. التهذيب: ومن أَمثال العرب: اسْتُ البائنِ
أَعْرَفُ، وقيل: أَعلمُ، أَي مَنْ وَلِيَ أَمْراً ومارَسَه فهو أَعلم به
ممن لم يُمارِسْه، قال: والبائن الذي يقومُ على يمين الناقة إذا حلبَها،
والجمع البُيَّنُ، وقيل: البائنُ والمُسْتَعْلي هما الحالبان اللذان
يَحْلُبان الناقةَ أَحدُهما حالبٌ، والآخر مُحْلِب، والمُعينُ هو المُحْلِب،
والبائن عن يمين الناقة يُمْسِك العُلْبةَ، والمُسْتَعْلي الذي عن
شِمالها، وهو الحالبُ يَرْفع البائنُ العُلْبةَ إليه؛ قال الكميت:
يُبَشِّرُ مُسْتعلِياً بائنٌ،
من الحالبَيْنِ، بأَن لا غِرارا
قال الجوهري: والبائنُ الذي يأْتي الحلوبةَ من قِبَل شمالها،
والمُعَلِّي الذي يأْتي من قِبل يمينها. والبِينُ، بالكسر: القطعةُ من الأَرض قدر
مَدِّ البصر من الطريق، وقيل: هو ارتفاعٌ في غِلَظٍ، وقيل: هو الفصل بين
الأَرْضَيْن. والبِينُ أَيضاً: الناحيةُ، قال الباهلي: المِيلُ قدرُ ما
يُدْرِكُ بصره من الأَرضُ، وفَصْلٌ بَيْنَ كلّ أَرْضَيْن يقال له بِينٌ،
قال: وهي التُّخومُ، والجمعُ بُيونٌ؛ قال ابن مُقْبِل يُخاطِبُ الخيالَ:
لَمْ تَسْرِ لَيْلى ولم تَطْرُقْ لحاجتِها،
من أَهلِ رَيْمانَ، إلا حاجةً فينا
بِسَرْوِ حِمْيَر أَبْوالُ البِغالِ به،
أَنَّى تَسَدَّيْتَ وَهْناً ذلكَ البِينا
(* قوله «بسرو» قال الصاغاني، والرواية: من سرو حمير لا غير). ومَن كسَر
التاءَ والكافَ ذهَب بالتأْنيث إلى ابنة البكريّ صاحبة الخيال، قال:
والتذكير أَصْوَبُ. ويقال: سِرْنا ميلاً أَي قدر مدّ البَصَرِ، وهو البِينُ.
وبِينٌ: موضعٌ قريب من الحيرة. ومُبِينٌ: موضع أَيضاً، وقيل: اسمُ ماءٍ؛
قال حَنْظلةُ بن مصبح:
يا رِيَّها اليومَ على مُبِينِ،
على مبينٍ جَرَدِ القَصيمِ
التارك المَخاضَ كالأُرومِ،
وفَحْلَها أَسود كالظَّليمِ
جمع بين النون والميم، وهذا هو الإكْفاء؛ قال الجوهري: وهو جائز
للمطْبوع على قُبْحِه، يقول: يا رِيَّ ناقتي على هذا الماء، فأَخرَجَ الكلامَ
مُخْرَجَ النداء وهو تعجُّب. وبَيْنونةُ: موضع؛ قال:
يا رِيحَ بَيْنونةَ لا تَذْمِينا،
جئْتِ بأَلوانِ المُصَفَّرِينا
(* قوله «بألوان» في ياقوت: بأرواح).وهُما بَيْنونَتانِ بَيْنونةُ
القُصْوَى وبَينونة الدُّنيا، وكِلْتاهما في شِقِّ بني سعدٍ بَيْنَ عُمانَ
ويَبْرِين. التهذيب: بَيْنونة موضعٌ بينَ عُمان والبحرَيْن وبيءٌ. وعَدَنُ
أَبْيَنَ وإِبْيَن: موضعٌ، وحكى السيرافي: عَدَن أَبْيَن، وقال: أَبْيَن
موضع، ومثَّل سيبويه بأَبْيَن ولم يُفَسِّرْهُ، وقيل: عَدَن أَبْيَن اسمُ
قريةٍ على سيفِ البحر ناحيةَ اليمن. الجوهري: أَبْيَنُ اسمُ رجلٍ ينسب
إليه عَدَن، يقال: عَدَنُ أَبْيَنَ. والبانُ: شجرٌ يَسْمُو ويَطُول في
اسْتِواءٍ مثل نَبات الأَثْل، وورَقُه أَيضاً هدبٌ كهَدَب الأَثْل، وليس
لخَشَبه صلابةٌ، واحدتُه بانةٌ؛ قال أَبو زياد: من العِضاه البانُ، وله
هَدَبٌ طُوالٌ شديدُ الخُضْرة، وينبت في الهِضَبِ، وثمرتُه تُشبه قُرونَ
الــلُّوبياء إلا أَن خُضْرَتَها شديدةٌ، ولها حبٌّ ومن ذلك الحبِّ يُسْتَخْرَج
دُهْنُ البانِ. التهذيب: البانةُ شجرةٌ لها ثمرة تُرَبَّبُ بأَفاوِيه
الطيِّب، ثم يُعْتَصر دُهْنها طِيباً، وجمعها البانُ، ولاسْتِواءِ نباتِها
ونباتِ أَفنانِها وطُولِها ونَعْمَتِها شَبَّه الشُّعَراءُ الجاريةَ
الناعمة ذاتَ الشِّطاطِ بها فقيل: كأَنها بانةٌ، وكأَنها غُصْنُ بانٍ؛ قال قيس
بن الخَطيم:
حَوْراءَ جَيداء يُسْتَضاءُ بها،
كأَنها خُوطُ بانةٍ قَصِفُ
ابن سيده: قَضَينا على أَلف البانِ بالياء، وإن كانت عيناً لغلبةِ (ب ي
ن) على (ب و ن).
جدر: هو جَدِيرٌ بكذا ولكذا أَي خَلِيقٌ له، والجمع جَدِيرُونَ
وجُدَراءُ، والأُنثى جَدِيرَةٌ. وقد جَدُرَ جَدارَة، وإِنه لمَجْدَرَةٌ أَن يفعل،
وكذلك الاثنان والجمع، وانها لمَجْدَرَةٌ بذلك وبأَن تفعل ذلك، وكذلك
الاثنتان والجمع؛ كله عن اللحياني. وعنه أَيضاً: لَجدِير أَن يفعل ذلك
وإِنهما لجَدِيرانِ؛ وقال زهير:
جَدِيرُونَ يوماً أَن يَنالوا فَيَسْتَعْلُوا
ويقال للمرأَة: إِنها لجَدِيرَةٌ أَن تفعل ذلك وخليقة، وأَنهن جَدِيراتٌ
وجَدائِرُ؛ وهذا الأَمر مَجْدَرَةٌ لذلك ومَجْدَرَةٌ منه أَي
مَخْلَقَةٌ. ومَجْدَرَةٌ منه أَن يَفْعَل كذا أَي هو جَدِيرٌ بفعله؛ وأَجْدِرْ بِهِ
أَن يفعل ذلك. وحكى اللحياني عن أَبي جعفر الرَّوَاسي: إِنه لمَجْدُورٌ
أَن يفعل ذلك، جاء به على لفظ المفعول ولا فعل له. وحكى: ما رأَيت من
جَدَارتِهِ، لم يزد على ذلك.
والجُدَرِيُّ
(* قوله: «والجدري» هو داء معروف يأخذ الناس مرة في العمر
غالباً. قالوا: أول من عذب به قوم فرعون ثم بقي بعدهم، وقال عكرمة: أوّل
جدري ظهر ما أصيب به أبرهة، أفاده شارح القاموس). والجَدَرِيُّ، بضم
الجيم وفتح الدال وبفتحهما لغتان: قُروحٌ في البدن تَنَفَّطُ عن الجلد
مُمْتَلِئَة ماءً، وتَقَيَّحُ، وقد جُدِرَ جَدْراً وجُدِّرَ وصاحبها جَدِيرٌ
مُجَدَّرٌ، وحكى اللحياني: جَدِرَ يَجْدَرُ جَدَراً. وأَرضٌ مَجْدَرَة: ذات
جُدَرِيّ.
والجَدَرُ والجُدَرُ: سِلَعٌ تكون في البدن خلقة وقد تكون من الضرب
والجراحات، واحدتها جَدَرَة وجُدَرَةٌ، وهي الأَجْدارُ. وقيل: الجُدَرُ إِذا
ارتفعت عن الجلد وإِذا لم ترتفع فهي نَدَبٌ، وقد يدعى النَّدَبُ جُدَراً
ولا يدعى الجُدَرُ نَدَباً. وقال اللحياني: الجُدَرُ السِّلَع تكون
بالإِنسان أَو البُثُورُ الناتئة، واحدتها جُدَرَةٌ. الجوهري: الجَدَرَةُ
خُرَاجٌ، وهي السِّلْعَةُ، والجمع جَدَرٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
يا قاتَلَ اللهُ ذُقَيْلاً ذا الجَدَرْ
والجُدَرُ: آثارُ ضربٍ مرتفعةٌ على جلد الإِنسان، الواحدة جُدَرَةٌ، فمن
قال الجُدَرِيُّ نَسَبَه إِلى الجُدَرِ، ومن قال الجَدَريُّ نسبه إِلى
الجَدَر؛ قال ابن سيده: هذا قول اللحياني، قال: وليس بالحسن.
وجَدِرَ ظهرهُ جَدَراً: ظهرت فيه جُدَرٌ. والجُدَرَةُ في عنق البعير:
السِّلْعَةُ، وقيل: هي من البعير جُدَرَةٌ ومن الإِنسان سِلْعَةٌ وضَواةٌ.
ابن الأَعرابي: الجَدَرَةُ الوَرْمَةُ في أَصل لَحْيِ البعير النضر.
الجَدَرَةُ: غُدَدٌ تكون في عنق البعير يسقيها عِرْقٌ في أَصلها نحو السلعة
برأْس الإِنسان. وجَمَلٌ أَجْدَرُ وناقة جَدْراء. والجَدَرُ: وَرَمٌ يأْخذ
في الحلق. وشاة جَدْراء: تَقَوَّب جلدها عن داء يصيبها وليسَ من
جُدَرِيّ. والجُدَرُ: انْتِبارٌ في عنق الحمار وربما كان من آثار الكَدْمِ، وقد
جَدَرَتْ عنقه جُدُوراً. وفي التهذيب: جَدِرَتْ عنقه جَدَراً إِذا
انْتَبَرَتْ؛ وأَنشد لرؤبة:
أَو جادِرْ اللِّيتَيْنِ مَطْوِيُّ الحَنَقْ
ابن بُزُرج: جَدِرَتْ يدَهُ تَجْدَرُ ونَفِطَتْ ومَجِلَتْ، كل ذلك
مفتوح، وهي تَمْجَلُ وهو المَجْلُ؛ وأَنشد:
إِنِّي لَساقٍ أُمَّ عَمْرٍو سَجْلا،
وابن وجَدْتُ في يَدَيَّ مَجْلا
وفي الحديث: الكَمْأَةُ جُدَرِيُّ الأَرض، شبهها بالجُدَرِيِّ، وهو الحب
الذي يظهر في جسد الصبي لظهورها من بطن الأَرض، كما يظهر الجُدَرِيُّ من
باطن الجلد، وأَراد به ذمّها. ومنه حديث مَسْرُوق: أَتينا عبدالله في
مُجَدَّرِينَ ومُحَصَّبِينَ أَي جماعة أَصابهم الجُدَرِيُّ والحَصْبَةُ.
والحَصْبَةُ: شِبْه الجُدَرِيّ يظهر في جلد الصغير.
وعامِرُ الأَجْدَارِ: أَبو قبيلة من كَلْبٍ، سمي بذلك لِسِلَعٍ كانت في
بدنه.
وجَدَرَ النَّبْتُ والشجر وجَدَّرَ جَدارَةً وجَدْرَ وأَجْدَرَ: طلعت
رؤوسه في أَوّل الربيع وذلك يكون عَشْراً أَو نصف شهر، وأَجْدَرَتِ الأَرض
كذلك. وقال ابن الأَعرابي: أَجْدَرَ الشجرُ وجَدَّرَ إِذا أَخرج ثمره
كالحِمَّصِ؛ وقال الطرماح:
وأَجْدَرَ مِنْ وَادِي نَطاةَ وَلِيعُ
وشجر جَدَرٌ. وجَدَرَ العَرْفَجُ والثُّمامُ يَجْدُر إِذا خرج في
كُعُوبه ومُتَفَرّق عِيدانِه مثلُ أَظافير الطير. وأَجْدَرَ الوَلِيعُ وجادَرَ:
اسْمَرَّ وتغير؛ عن أَبي حنيفة، يعني بالوليع طَلْعَ النخل والجَدَرَةُ:
الحَبَّةُ من الطلع. وجَدَّرَ العنَبُ: صار حبه فُوَيْقَ النَّفَض.
ويقال: جَدِرَ الكَرْمُ يَجْدَرُ جَدَراً إِذا حَبَّبَ وهَمَّ بالإِيراق.
والجِدْرَ: نَبْتٌ؛ وقد أَجْدَرَ المكانُ.
والجَدَرَةُ، بفتح الدال: حَظِيرة تصنع للغنم من حجارة، والجمع جَدَرٌ.
والجَدِيرَة: زَرْبُ الغَنم. والجَدِيرَة: كَنِيفٌ يتخذ من حجارة يكون
لِلْبَهْم وغيرها. أَبو زيد: كنيف البيت مثل الجُحْرَة يجمع من الشجر، وهي
الحظيرة أَيضاً. والحِظَارُ: ما حُظِرَ على نبات شجر، فإِن كانت الحظيرة
من حجارة فهي جَدِيرَة، وإِن كان من طين فهو جِدارٌ.
والجِدارُ: الحائط، والجمع جُدُرٌ، وجُدْرانٌ جمع الجمع مثل بَطْنٍ
وبُطْنانٍ
(* قوله: «مثل بطن وبطنان» كذا في الصحاح. ولعل التمثيل: إِنما هو
بين جدران وبطنان فقط بقطع النظر عن المفرد فيهما. وفي المصباح: والجدار
الحائط والجمع جدر مثل كتاب وكتب والجدر لغة في الجدار وجمعه جدران)؛ قال
سيبويه: وهو مما استغنوا فيه ببناء أَكثر العدد عن بناء أَقله، فقالوا
ثلاثة جُدُرٍ؛ وقول عبدالله بن عمر أَو غيره: إِذا اشتريت اللحم يضحك
جَدْرُ البيت؛ يجوز أَن يكون جَدْرٌ لغةً في جِدارٍ؛ قال ابن سيده: والصواب
عندي تضحك جُدُرُ البيت، وهو جمع جِدارٍ، وهذا مَثَلٌ وإِنما يريد أَن
أَهل الدار يفرحون. الجوهري: الجَدْرُ والجِدَارُ الحائط. وجَدَرَه
يَجْدُرُه جَدْراً: حَوَّطه. واجْتَدَرَهُ: بناه؛ قال رؤبة:
تَشْيِيد أَعْضادِ البِناء المُجْتَدَرْ
وجَدَّرَهُ: شَيَّدَهُ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وآخَرُون كالحَمِيرِ الجُشَّرِ،
كأَنَّهُمْ في السَّطْحِ ذِي المُجَدَّرِ
إِنما أَراد ذي الحائط المجدّر، وقد يجوز أَن يكون أَراد ذي التجدير أَي
الذي جُدّر وشُيِّدَ فأَقام المُفَعَّل مقامَ التَّفْعيل لأَنهما جميعاً
مصدران لفَعَّلَ؛ أَنشد سيبويه:
إِنَّ المُوَقَّى مِثْلُ ما لَقِيتُ
أَي إِن التوقية.
وجَدَرَ الرجلُ: توارى بالجِدارِ؛ حكاه ثعلب، وأَنشد:
إِنَّ صُبَيْحَ بن الزُّبَيْرِ فأَرَا
في الرَّضْمِ، لا يَتْرُك منه حَجَرا
إِلاَّ مَلاه حِنْطَةً وجَدَرا
قال: ويروى حشاه. وفأَر: حفر. قال: هذا سرق حنطة وخبأَها.
والجَدَرَةُ: حَيٌّ من الأَزد بَنَوْا جِدارَ الكعبة فسُمُّوا الجَدَرَة
لذلك. والجَدْرُ: أَصلُ الجِدارِ. وفي الحديث: حتى يبلغ الماء جَدْرَهُ
أَي أَصله، والجمع جِدُورٌ، وقال اللحياني: هي الجوانب؛ وأَنشد:
تَسْقي مَذانِبَ قد طالَتْ عَصِيفتُها،
جُدُورُها من أَتِيِّ الماء مَطْمُومُ
قال: أَفرد مطموماً لأَنه أَراد ما حول الجُدُورِ، ولولا ذلك لقال
مطمومة. وفي حديث الزبير حين اختصم هو والأَنصاري إِلى النبي، صلى الله عليه
وسلم، في سُيول شِراجِ الحَرَّةِ: اسْقِ أَرْضَكَ حتى يَبْلُغَ الماءُ
الجَدْرَ؛ أَراد ما رفع من أَعضاد المزرعة لتُمْسكَ الماء كالجدار، وفي
رواية: قال له احبس الماء حتى يبلغَ الجُدَّ؛ هي المُسنَّاةُ وهو ما رفع حول
المزرعة كالجِدارِ، وقيل: هو لغة في الجدار، وروي الجُدُر، بالضم، جمع
جدار، ويروى بالذال؛ ومنه قوله لعائشة، رضي الله عنها: أَخاف أَن يَدْخُلَ
قُلُوبَهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الجَذْرَ في البيت؛ يريد الحِجْرَ لما فيه من
أُصول حائط البيت. والجُدُرُ: الحواجز التي بين الدِّبارِ الممسكة الماء.
والجَدِيرُ: المكان يبنى حوله جِدارٌ. الليث: الجَدِيرُ مكان قد بني
حواليه مَجْدورٌ؛ قال الأَعشى:
ويَبْنُونَ في كُلِّ وادٍ جَدِيرا
ويقال للحظيرة من صخر: جَدِيرَةٌ. وجُدُورُ العنب: حوائطه، واحدها
جَدْرٌ. وجَدْراءُ الكَظَامَة: حافاتها، وقيل: طين حافتيها.
والجِدْرُ: نبات
(* قوله: «والجدر نبات إلخ» هو بكسر الجيم وأما الذي من
نبات الرمل فبفتحها كما في القاموس). واحدته جِدْرَةٌ. وقال أَبو حنيفة:
الجَدْرُ كالحلمة غير أَنه صغير يَتَرَبَّلُ وهو من نبات الرمل ينبت مع
المَكْرِ، وجمعه جُدُورٌ؛ قال العجاج ووصف ثوراً:
أَمْسَى بذاتِ الحاذِ والجُدُورِ
التهذيب: الليث: الجَدْرُ ضرب من النبات، الواحدة جَدْرَةٌ؛ قال العجاج:
مَكْراً وجَدْراً واكْتَسَى النَّصِيُّ
قال: ومن شجر الدِّقِّ ضروب تنبت في القِفاف والصِّلابِ، فإِذا أَطلعت
رؤوسها في أَول الربيع قيل: أَجْدَرَتِ الأَرْضُ. وأَجْدَرَ الشجر، فهو
جَدْرٌ، حتى يطول، فإِذا طال تفرقت أَسماؤه.
وجَدَرٌ: موضع بالشام، وفي الصحاح: قرية بالشام تنسب إِليها الخمر؛ قال
أَبو ذؤيب:
فما إِنْ رَحيقٌ سَبَتْها التِّجَا
رُ مِنْ أَذْرِعَاتٍ، فَوَادي جَدَرْ
وخمر جَيْدَرِيَّةٌ: منسوب إِليها، على غير قياس؛ قال معبد بن سعنة:
أَلا يا آصْبَحَاني قَبْلَ لَوْمِ العَواذِلِ،
وقَبْلَ وَدَاعٍ مِنْ رُبَيْبَةَ عاجِلِ
أَلا يا آصْبَحَاني فَيْهَجاً جَيْدَرِيَّةً،
بماءٍ سَحَابٍ، يَسْبِقِ الحَقَّ باطِلي
وهذا البيت أَورده الجوهري أَلا يا آصْبَحِينا، والصواب ما أَوردناه
لأَنه يخاطب صاحبيه. قال ابن بري: والفيهج هنا الخمر وأَصله ما يكال به
الخمر، ويعني بالحق الموت والقيامة، وقد قيل: إِن جَيْدَراً موضع هنالك
أَيضاً فإِن كانت الخمر الجيدرية منسوبة إِليه فهو نسب قياسي.
وفي الحديث ذكر ذي الجَدْرِ، بفتح الجيم وسكون الدال، مَسْرَحٌ على ستة
أَميال من المدينة كانت فيه لِقاحُ النبي، صلى الله عليه وسلم، لما أُغير
عليها. والجَيْدَرُ والجَيْدَرِيُّ والجَيْدَرانُ: القصِير، وقد يقال له
جَيْدَرَةٌ على المبالغة، وقال الفارسي: وهذا كما قالوا له دَحْداحة
ودِنَّبَةٌ وحِنْزَقْرَة. وامرأَة جَيْدَرَةٌ وجَيْدَرِيَّةٌ؛ أَنشد
يعقوب:ثَنَتْ عُنُقاً لم تَثْنِها جَيْدرِيَّةٌ
عَضَادٌ، ولا مَكْنُوزة اللحمِ ضَمْزَرُ
والتَّجْدِيرُ: القِصَرُ، ولا فعل له؛ قال:
إِني لأَعْظُمُ في صَدْرِ الكَمِيِّ، على
ما كانَ فيَّ مِنَ التَّجْدِيرِ والقِصَرِ
أَعاد المعنيين لاختلاف اللفظين، كما قال:
وهِنْدٌ أَتَى من دونِها النَّأَْيُ والبُعْدُ
الجوهري: وجَنْدَرْتُ الكتاب إِذا أَمررت القَلَم على ما دَرَسَ منه
ليتبين؛ وكذلك الثوب إِذا أَعدت وَشْيَه بعدما كان ذهب، قال: وأَظنه
معرّباً.
ليأ: اللِّيَاءُ: حَبٌّ أَبيضُ مِثْلُ الحِمَّصِ، شديدُ البَياض يُؤْكل.
قال أَبو حنيفة: لا أَدري أَلَهُ قُطْنِيَّةٌ أَم لا؟
قلل: القِلَّةُ: خِلاف الكثرة. والقُلُّ: خلاف الكُثْر، وقد قَلَّ
يَقِلُّ قِلَّة وقُلاًّ، فهو قَليل وقُلال وقَلال، بالفتح؛ عن ابن جني.
وقَلَّله وأقَلَّه: جعله قليلاً، وقيل: قَلَّله جعله قَليلاً. وأَقَلَّ: أَتى
بقَلِيل. وأَقَلَّ منه: كقَلَّله؛ عن ابن جني. وقَلَّله في عينه أَي أَراه
قَليلاً. وأَقَلَّ الشيء: صادَفه قَليلاً. واستقلَّه: رآه قَليلاً.
يقال: تَقَلَّل الشيءَ واستقلَّه وتَقالَّه إِذا رآه قَليلاً. وفي حديث أَنس:
أَن نَفَراً سأَلوه عن عِبادة النبي، صلى الله عليه وسلم، فلما
أُخُبِروا كأَنهم تَقالُّوها أَي استقلُّوها، وهو تَفاعُل من القِلَّة. وفي
الحديث: أَنه كان يُقِلُّ اللَّغْوَ أَي لا يَلْغُو أَصلاً؛ قال ابن الأَثير:
وهذا اللفظ يستعمَل في نفي أَصل الشيء كقوله تعالى: فَقَلِيلاً ما
يؤمنون، قال: ويجوز أَن يريد باللَّغْو الهزْلَ والدُّعاية، وأَن ذلك كان منه
قَليلاً.
والقُلُّ: القِلَّة مثل الذُّلِّ والذِّلَّة. يقال: الحمدلله على القُلّ
والكُثْر، والقِلِّ والكِثْرِ، وما له قُلٌّ ولا كُثْرٌ. وفي حديث ابن
مسعود: الرِّبا، وإِن كَثُر، فهو إِلى قُلٍّ؛ معناه إِلى قِلَّة أَي أَنه
وإِن كان زيادة في المال عاجلاً فإِنه يَؤُول إِلى النقص، كقوله: يمحَق
الله الرِّبا ويُرْبي الصَّدَقات؛ قاله أَبو عبيد وأَنشد قول لبيد:
كلُّ بَني حُرَّةٍ مَصِيرُهُمْ
قُلٌّ، وإِن أَكثرتْ من العَدَدْ
وأَنشد الأَصمعي لخالد بن عَلْقمَة الدَّارمي:
ويْلُ آمّ لَذَّات الشباب مَعِيشه
مع الكُثْرِ يُعْطاه الفَتى المُتْلِف النَّدي
قد يَقْصُر القُلُّ الفَتى دُونَ هَمِّه،
وقد كان، لولا القُلُّ، طَلاَّعَ أَنْجُدِ
وأَنشد ابن بري لآخر:
فأَرْضَوْهُ إِنْ أَعْطَوْه مِنِّي ظُلامَةً،
وما كُنْتُ قُلاًّ، قبلَ ذلك، أَزْيَبا
وقولهم: لم يترُك قَليلاً ولا كثيراً؛ قال أَبو عبيد: فإِنَّهم
يَبْدَؤون بالأَدْوَن كقولهم القَمَران، ورَبِيعة ومُضَر، وسُلَيم
وعامر.والقُلال، بالضم: القَلِيل. وشيء قليل، وجمعه قُلُل: مثل سَرِير وسُرُر.
وشيء قُلٌّ: قَليل. وقُلُّ الشيء: أَقَلُّه. والقَلِيل من الرجال:
القصير الدَّقِيق الجُثَّة، وامرأَة قَلِيلة كذلك. ورجل قُلٌّ: قصير الجُثَّة.
والقُلُّ من الرجال: الخسيس الدِّين؛ ومنه قول الأَعشى:
وما كُنْتُ قُلاًّ، قبلَ ذلك، أَزْيَبا
ووصفَ أَبو حنيفة العَرْض بالقِلَّة فقال: المِعْوَل نَصْل طويلٌ قَلِيل
العَرْض، وقومٌ قَلِيلون وأَقِلاَّءُ وقُلُلٌ وقُلُلون: يكون ذلك في
قِلَّة العَدَد ودِقَّة الجُثَّة، وقومٌ قَلِيل أَيضاً. قال الله تعالى:
واذكروا إِذ كنتم قَليلاً فكثَّركم.
وقالوا: قَلَّما يقوم زيد؛ هَيَّأَتْ ما قَلَّ ليقَعَ بعدها الفعلُ؛ قال
بعض النحويين: قَلَّ من قولك قَلَّما فِعْلٌ لا فاعل له، لأَن ما
أَزالته عن حُكْمه في تقاضيه الفاعل، وأَصارته إِلى حكم الحرف المتقاضِي للفعل
لا الاسم نحو لولا وهلاَّ جميعاً، وذلك في التَّحْضيض، وإِن في الشرط
وحرف الاستفهام؛ ولذلك ذهب سيبويه في قول الشاعر:
صَدَدْت فأَطولت الصُّدودَ، وقَلَّما
وِصالٌ على طُول الصُّدود يَدُومُ
إِلى أَن وِصالٌ يرتفِع بفعل مضمر يدلُّ عليه يَدُوم، حتى كأَنه قال:
وقَلَّما يدوم وِصالٌ، فلما أَضمر يَدُوم فسره بقوله فيما بعدُ يَدومُ،
فجرى ذلك في ارتفاعه بالفعل المضمر لا بالابتداء مجرى قولك: أَوِصالٌ يَدومُ
أَو هَلاَّ وِصال يَدُوم؟ ونظير ذلك حرف الجر في نحو قول الله عز وجل:
رُبَّما يَوَدُّ الذين كفروا؛ فما أَصلحتْ رُبَّ لوقوع الفعل بعدها
ومنعتْها وقوعَ الاسم الذي هو لها في الأَصل بعدها، فكما فارقت رُبَّ بتركيبها
مع ما حكمَها قبل أَن تركَّب معها، فكذلك فارقتْ طالَ وقَلَّ بالتركيب
الحادث فيهما ما كانتا عليه من طلبهما الأَسماء، أَلا ترى أَنْ لو قلتَ
طالما زيد عندنا أَو قَلَّما محمد في الدار لم يجز؟ وبعد فإِنَّ التركيب
يُحْدِث في المركَّبَين معنًى لم يكن قبل فيهما، وذلك نحو إِنَّ مفردة
فإِنها للتحقيق، فإِذا دخلتْها ما كافَّة صارت للتحقير كقولك: إِنَّما أَنا
عبدُك، وإِنما أَنا رسول ونحو ذلك، وقالوا: أَقَلُّ امرأَتين تَقُولان ذلك؛
قال ابن جني: لما ضارع المبتدأ حرفَ النفي بَقَّوُا المبتدأ بلا خبر.
وأَقَلَّ: افتقَرَ. والإِقْلالُ: قِلَّة الجِدَةِ، وقَلَّ مالُه. ورجل
مُقِلٌّ وأَقَلُّ: فقير. يقال: فعل ذلك من بين أَثْرَى وأَقَلَّ أَي من
بين الناس كلهم.
وقالَلْتُ له الماءَ إِذا خفتَ العطش فأَردت أَن تستقِلَّ ماءَك. أَبو
زيد: قالَلْت لفلان، وذلك إِذا قلَّلْت ما أَعطيتَه. وتَقالَلْت ما
أَعطاني أَي استقلَلْته، وتكاثَرْته أَي استكثرته.
وهو قُلُّ بنُ قُلٍّ وضُلُّ بنُ ضُلٍّ: لا يُعرف هو ولا أَبوه، قال
سيبويه: وقالوا قُلُّ رجل يقول ذلك إِلا زيد. وقدم علينا قُلُلٌ من الناس
إِذا كانوا من قَبائل شتَّى متفرِّقين، فإِذا اجتمعوا جمعاً فهم قُلَلٌ.
والقُلَّة: الحُبُّ العظيم، وقيل: الجَرَّة العظيمة، وقيل: الجَرَّة
عامة، وقيل: الكُوز الصغير، والجمع قُلَل وقِلال، وقيل: هو إِناءٌ للعرب
كالجَرَّة الكبيرة؛ وقال جميل بن معمر:
فظَلِلْنا بنِعمة واتَّكَأْنا،
وشَرِبْنا الحَلالَ من قُلَلِهْ
وقِلال هَجَر: شبيهة بالحِبَاب؛ قالَ حسان:
وأَقْفَر من حُضَّارِه وِرْدُ أَهْلِهِ،
وقد كان يُسقَى في قِلالٍ وحَنْتَم
وقال الأَخطل:
يَمْشُون حَولَ مُكَدَّمٍ، قد كَدَّحَتْ
مَتْنَيه حَمْلُ حَناتِمٍ وقِلال
وفي الحديث: إِذا بلَغ الماءُ قُلَّتين لم يحمِل نَجَساً، وفي رواية: لم
يحمِل خَبَثاً؛ قال أَبو عبيد في قوله قُلَّتين: يعني هذه الحِبَاب
العِظام، واحدتها قُلَّة، وهي معروفة بالحجاز وقد تكون بالشام. وفي الحديث في
ذكر الجنة وصفة سِدْرة المُنْتَهَى: ونَبِقُها مثل قِلال هَجَر، وهَجَر:
قرية قريبة من المدينة وليست هَجَر البحرين، وكانت تعمل بها القِلال.
وروى شمر عن ابن جريج قال: أَخبرني من رأَى قِلال هجر تسع القُلَّة منها
الفَرَق؛ قال عبد الرزاق: الفَرَق أَربعة أَصْوُع بصاع سيدنا رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، وروي عن عيسى بن يونس قال: القُلَّة يؤتى بها من ناحية
اليمن تسع فيها خمس جِرار أَو سِتّاً؛ قال أَحمد بن حنبل: قدر كل كل
قُلَّة قِرْبتان، قال: وأَخشى على القُلَّتين من البَوْل، فأَما غير البَوْل
فلا ينجسه شيء، وقال إِسحق: البول وغيره سواء إِذا بلغ الماء قُلَّتين
لم ينجسه شيء، وهو نحو أَربعين دَلْواً أكثر ما قيل في القُلَّتين، قال
الأَزهري. وقِلال هَجر والأَحْساء ونواحيها معروفة تأْخذ القُلَّة منها
مَزادة كبيرة من الماء، وتملأُ الرواية قُلَّتين، وكانوا يسمونها الخُرُوس،
واحدها خَرْس، ويسمونها القلال، واحدتها قُلَّة، قال: وأَراها سميت
قِلالاً لأَنها تُقَلُّ أَي ترفَع إِذا ملئت وتحمَل.
وفي حديث العباس: فحَثَا في ثوبه ثم ذهب يُقِلُّه فلم يستطِع؛ يقال:
أَقَلَّ الشيءَ يُقِلُّه واستقلَّه يستقلُّه إِذا رفعه وحمله. وأَقَلَّ
الجَرَّة: أَطاق حملها. وأَقَلَّ الشيء واستقبلَّه: حمله ورفعه.
وقُلَّة كل شيء: رأْسه. والقُلَّة: أَعلى الجبل. وقُلَّة كل شيء:
أَعلاه، والجمع كالجمع، وخص بعضهم به أَعلى الرأْس والسنام والجبل. وقِلالة
الجبل: كقُلَّته؛ قال ابن أَحمر:
ما أُمُّ غَفْرٍ في القِلالة، لم
يَمْسَسْ حَشاها، قبله، غَفْر
ورأْس الإِنسان قُلَّة؛ وأَنشد سيبويه:
عَجائب تُبْدِي الشَّيْبَ في قُلَّة الطِّفْل
والجمع قُلَل؛ ومنه قول ذي الرمة يصف فِراخ النعامة ويشبه رؤوسها
بالبنادق:
أَشْداقُها كصُدُوع النَّبْع في قُلَلٍ،
مثل الدَّحارِيج لم يَنْبُت لها زَغَبُ
وقُلَّة السيف: قَبِيعَتُه. وسيف مُقَلَّل إِذا كانت له قَبِيعة؛ قال
بعض الهذليين:
وكُنَّا، إِذا ما الحربُ ضُرِّس نابُها،
نُقَوِّمُها بالمَشْرَفِيِّ المُقَلَّل
واستقلَّ الطائر في طيرانه: نَهض للطيران وارتفع في الهواء. واستقلَّ
النبات: أَنافَ. واستقلَّ القوم: ذهبوا واحتملوا سارِين وارتحلوا؛ قال الله
عز وجل: حتى إِذا أَقَلَّتْ سحاباً ثِقالاً؛ أَي حَمَلت. واستقلَّت
السماء: ارتفعت. وفي الحديث: حتى تَقالَّت الشمس أَي استقلَّت في السماء
وارتفعت وتعالَتْ. وفي حديث عمرو بن عَنْبسة: قال له إِذا ارتفعت الشمس
فالصلاة مَحْظُورة حتى يستقلَّ الرُّمْحُ بالظِّل أَي حتى يبلُغ ظل الرمح
المغروس في الأَرض أَدنى غاية القِلَّة والنقص، لأَن ظل كل شخص في أَوَّل
النهار يكون طويلاً ثم لا يزال ينقص حتى يبلُغ أَقصره، وذلك عند انتِصاف
النهار، فإِذا زالت الشمس عاد الظل يزيد، وحينئذ يدخُل وقت الظهر وتجوز
الصلاة ويذهب وقت الكراهة، وهذا الظل المتناهي في القصر هو الذي يسمَّى ظل
الزوال أَي الظل الذي تزول الشمس عن وسط السماء وهو موجود قبل الزيادة،
فقوله يستقِلُّ الرمحُ بالظل، هو من القِلَّة لا من الإِقْلال والاسْتقلالِ
الذي بمعنى الارتفاع والاسْتبداد.
والقِلَّة والقِلُّ، بالكسر: الرِّعْدة، وقيل: هي الرِّعْدة من الغضب
والطمَع ونحوه يأْخذ الإِنسان، وقد أَقَلَّته الرِّعْدة واستقلَّته؛ قال
الشاعر:
وأَدْنَيْتِني حتى إِذا ما جَعَلْتِني
على الخَصْرِ أَو أَدْنَى، اسْتَقَلَّك راجِفُ
يقال: أَخذه قِلُّ من الغضب إِذا أُرْعِد ويقال للرجل إِذا غضب: قد
استقلَّ.
الفراء: القَلَّة النَّهْضة من عِلَّة أَو فقر، بفتح القاف. وفي حديث
عمر: قال لأَخيه زيد لمَّا ودَّعه وهو يريد اليمامة: ما هذا القِلُّ الذي
أَراه بك؟ القِلُّ، بالكسر: الرِّعْدة.
والقِلالُ: الخُشُب المنصوبة للتَّعريش؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد:
من خَمر عانَةَ، ساقِطاً أَفنانُها،
رفَع النَّبيطُ كُرُومَها بقِلال
أَراد بالقِلال أَعْمِدة ترفَع بها الكُروم من الأَرض، ويروى بظلال.
وارتحل القوم بقِلِّيَّتِهم أَي لم يَدَعوا وراءهم شيئاً. وأَكل
الضَّبَّ بقِلِّيَّتِه أَي بعظامه وجلده. أَبو زيد: يقال ما كان من ذلك قلِيلةٌ
ولا كَثِيرةٌ وما أَخذت منه قليلةً ولا كثيرة بمعنى لم آخُذ منه شيئاً،
وإِنما تدخل الهاء في النفي. ابن الأَعرابي: قَلَّ إِذا رفَع، وقَلَّ إِذا
علا.
وبنو قُلٍّ: بطن.
وقَلْقَل الشيءَ قَلْقَلَةً وقِلْقالاً وقَلْقالاً فَتَقَلْقَل
وقُلْقالاً؛ عن كراع وهي نادرة أَي حرَّكه فتحرَّك واضطرب، فإِذا كسرته فهو مصدر،
وإِذا فتحته فهو اسم مثل الزِّلْزال والزَّلْزال، والاسم القُلْقال؛
وقال اللحياني: قَلْقَل في الأَرض قَلْقَلةً وقِلْقالاً ضرَب فيها، والاسم
القَلْقالُ. وتَقَلْقل: كقَلْقَل. والقُلْقُل والقُلاقِلُ: الخفيف في
السفَر المِعْوان السريع التَّقَلْقُل. ورجل قَلْقال: صاحبُ أَسفار.
وتَقَلْقَل في البلاد إِذا تقلَّب فيها. وفرس قُلْقُل وقُلاقِل: جواد سريع.
وقَلْقَل أَي صوَّت،. وهو حكاية. قال أَبو الهيثم: رجل قُلْقُل بُلْبُل إِذا
كان خفيفاً ظريفاً، والجمع قَلاقِل وبَلابِل. وفي حديث عليّ: قال أَبو عبد
الرحمن السلمي خرج علينا عليٌّ وهو يَتَقَلْقَل؛ التَّقَلْقُل: الخفَّة
والإِسراع، من الفَرَسِ القُلْقُلِ، بالضم، ويروى بالفاء، وقد تقدم. وفي
الحديث: ونَفْسه تَقَلْقَل في صدره أَي تتحرك بصوت شديد وأَصله الحركة
والاضطراب. والقَلْقَلة: شدّة الصياح. وذهب أَبو إِسحق في قَلْقَل وصَلْصَل
وبابُه أَنه فَعْفَل. الليث: القَلْقَلة والتَّقَلْقُل قِلَّة الثبوت في
المكان. والمِسْمارُ السَّلِسُ يَتَقلْقَل في مكانه إِذا قَلِق.
والقَلْقَلة: شدّة اضطراب الشيء وتحركه، وهو يَتَقَلْقَل ويَتَلقْلَق. أَبو
عبيد: قَلْقَلْت الشيء ولَقْلَقْتُه بمعنى واحد.
والقِلْقِل: شجر أَو نبت له حبٌّ أَسود؛ قال أَبو النجم:
وآضَتِ البُهْمَى كنَبْلِ الصَّيْقَلِ،
وحازَتِ الرِّيحُ يَبِيس القِلْقِل
وفي المثل:
دَقَّك بالمِنْحازِ حَبَّ القِلْقِل
والعامة تقول حب الفُلْفُل؛ قال الأَصمعي: وهو تصحيف، إِنما هو بالقاف،
وهو أَصلب ما يكون من الحبوب، حكاه أَبو عبيد. قال ابن بري: الذي ذكره
سيبويه ورواه حب الفُلْفُل، بالفاء، قال: وكذا رواه عليّ بن حمزة؛
وأَنشد:وقد أَراني في الزمانِ الأَوَّلِ
أَدُقُّ في جارِ اسْتِها بمِعْوَلِ،
دَقَّك بالمِنْحازِ حبَّ الفُلْفُلِ
وقيل: القِلْقِل نبت ينبت في الجَلَد وغَلْظ السَّهْل ولا يكاد ينبُت في
الجبال، وله سِنْف أُفَيْطِحُ ينبُت في حبات كأَنهنّ العدَس، فإِذا
يَبِس فانتفَخ وهبَّت به الريحُ سمعْت تَقلقُلَه كأَنه جَرَس، وله ورَق أَغبر
أَطْلس كأَنه ورَق القَصَب. والقُلاقِل والقُلْقُلان: نَبْتان. وقال
أَبو حنيفة: القِلْقِل والقُلاقِل والقُلْقُلان كله شيء واحد نَبْت، قال:
وذكر الأَعراب القُدُم أَنه شجر أَخضر ينهَض على ساقٍ، ومَنابتُه الآكام
دون الرياض وله حب كحبِّ الــلُّوبِياء يؤكَل والسائمةُ حريصة عليه؛
وأَنشد:كأَنّ صوتَ حَلْيِها، إِذا انْجَفَلْ،
هَزُّ رِياحٍ قُلْقُلاناً قد ذَبَلْ
والقُلاقِلُ: بَقْلة بَرِّيَّة يُشْبِه حبُّها حبَّ السِّمْسِم ولها
أَكمام كأَكمامها. الليث: القِلْقِل شجر له حبٌّ عِظام ويؤْكل؛ وأَنشد:
أَبْعارُها بالصَّيْفِ حَبُّ القِلقِل
وحب القِلقِل مُهَيِّج على البِضاع يأْكله الناس لذلك؛ قال الراجز
وأَنشده أَبو عمرو لليلى:
أَنْعَتُ أَعْياراً بأَعلى قُنَّهْ
أَكَلْنَ حَبَّ قِلْقِلٍ، فَهُنَّهْ
لهنّ من حُبّ السِّفادِ رِنَّهْ
وقال الدينَوَري: القِلْقِل والقُلاقِل والقُلْقُلانُ كله واحد له حب
كحَب السِّمْسِم وهو مهيّج للباهِ؛ وقال ذو الرمة في القِلقِل ووصف
الهَيْف:وساقَتْ حَصادَ القُلْقُلان، كأَنما
هو الخَشْلُ أَعْرافُ الرِّياحِ الزَّعازِع
والقُلْقُلانِيُّ: طائر كالفاخِتة.
وحُروف القَلْقلة: الجيمُ والطاءُ والدالُ والقاف والباء؛ حكاها سيبويه،
قال: وإِنما سميت بذلك للصوت الذي يحدث عنها عند الوقف لأَنك لا تستطيع
أَن تقِف عنده إِلا معه لشدة ضَغْط الحرف.