(القتع) الدُّود مُطلقًا ودود حمر تَأْكُل الْخشب واحدته قتعة
(القتع) الدُّود مُطلقًا ودود حمر تَأْكُل الْخشب واحدته قتعة
كلب: الكَلْبُ: كُلُّ سَبُعٍ عَقُورٍ. وفي الحديث: أَمَا تخافُ أَن
يأْكُلَكَ كَلْبُ اللّهِ؟ فجاءَ الأَسدُ ليلاً فاقْتَلَعَ هامَتَه من بين
أَصحابه. والكَلْب، معروفٌ، واحدُ الكِلابِ؛ قال ابن سيده: وقد غَلَبَ الكلبُ على هذا النوع النابح، وربما وُصِفَ به، يقال: امرأَةٌ كَلْبة؛ والجمع أَكْلُبٌ، وأَكالِبُ جمع الجمع، والكثير كِلابٌ؛ وفي الصحاح: الأَكالِبُ جمع أَكْلُبٍ. وكِلابٌ: اسمُ رجل، سمي بذلك، ثم غَلَبَ على الحيّ والقبيلة؛ قال:
وإِنّ كِلاباً هذه عَشْرُ أَبطُنٍ، * وأَنتَ بَريءٌ من قَبائِلها العَشْرِ
قال ابن سيده: أَي إِنَّ بُطُونَ كِلابٍ عَشْرُ أَبطُنٍ. قال سيبويه:
كِلابٌ اسم للواحد، والنسبُ إِليه كِلابيٌّ، يعني أَنه لو لم يكن كِلابٌ اسماً للواحد، وكان جمعاً، لَقِـيلَ في الإِضافة إِليه كَلْبـيٌّ، وقالوا في جمع كِلابٍ: كِلاباتٌ؛ قال:
أَحَبُّ كَلْبٍ في كِلاباتِ الناسْ، * إِليَّ نَبْحاً، كَلْبُ أُمِّ العباسْ
قال سيبويه: وقالوا ثلاثةُ كلابٍ، على قولهم ثلاثةٌ من الكِلابِ؛ قال: وقد يجوز أَن يكونوا أَرادوا ثلاثة أَكْلُبٍ، فاسْتَغْنَوْا ببناءِ أَكثر العَدَدِ عن أَقلّه. والكَلِيبُ والكالِبُ: جماعةُ الكِلابِ، فالكَليبُ
كالعبيدِ، وهو جمع عزيز؛ وقال يصف مَفازة:
كأَنَّ تَجاوُبَ أَصْدائها * مُكاءُ الـمُكَلِّبِ، يَدْعُو الكَلِـيبَا
والكالِبُ: كالجامِلِ والباقِر. ورجل كالِبٌ وكَلاَّبٌ: صاحبُ كِلابٍ،
مثل تامرٍ ولابِنٍ؛ قال رَكَّاضٌ الدُّبَيْريُّ:
سَدَا بيَدَيْهِ، ثم أَجَّ بسَيْرِه، * كأَجِّ الظَّليمِ من قَنيصٍ وكالِبِ
وقيل: سائِسُ كِلابٍ. ومُكَلِّبٌ: مُضَرٍّ للكِلابِ على الصَّيْدِ، مُعَلِّمٌ لها؛ وقد يكونُ التَّكْليبُ واقعاً على الفَهْدِ وسِـباعِ الطَّيْرِ. وفي التنزيل العزيز: وما عَلَّمتم من الجَوارِحِ مُكَلِّبِـين؛ فقد دخَل في هذا: الفَهْدُ، والبازي، والصَّقْرُ، والشاهينُ، وجميعُ أَنواعِ
الجَوارح.
والكَلاَّبُ: صاحبُ الكِلاب. والـمُكَلِّبُ: الذي يُعَلِّم الكِلابَ أَخْذ الصيدِ. وفي حديث الصيد: إِنَّ لي كِلاباً مُكَلَّبةً، فأَفْتِني في صَيدها. الـمُكَلَّبةُ: الـمُسَلَّطة على الصيد، الـمُعَوَّدة بالاصطياد، التي قد ضَرِيَتْ به. والـمُكَلِّبُ، بالكسر: صاحِـبُها، والذي يصطادُ بها. وذو الكَلْبِ: رجلٌ؛ سُمي بذلك لأَنه كان له كلب لا يُفارقه. والكَلْبةُ: أُنْثى الكِلابِ، وجمعها كَلْباتٌ، ولا تُكَسَّرُ.
وفي المثل: الكِلابُ على البقر، تَرْفَعُها وتَنْصِـبُها أَي أَرسِلْها
على بَقَر الوَحْش؛ ومعناه: خَلِّ امْرَأً وصِناعَتَه.
وأُمُّ كَلْبةَ: الـحُمَّى، أُضِـيفَتْ إِلى أُنثى الكِلابِ.
وأَرض مَكْلَبة: كثيرةُ الكِلابِ.
وكَلِبَ الكَلْبُ، واسْتَكْلَبَ: ضَرِيَ، وتَعَوَّدَ أَكْلَ الناس.
وكَلِبَ الكَلْبُ كَلَباً، فهو كَلِبٌ: أَكَلَ لَـحْمَ الإِنسان، فأَخذه لذلك
سُعارٌ وداءٌ شِـبْهُ الجُنون.
وقيل: الكَلَبُ جُنُونُ الكِلابِ؛ وفي الصحاح: الكَلَبُ شبيهٌ
بالجُنُونِ، ولم يَخُصَّ الكِلاب.
الليث: الكَلْبُ الكَلِبُ: الذي يَكْلَبُ في أَكْلِ لُحومِ الناس، فيَـأْخُذُه شِـبْهُ جُنُونٍ، فإِذا عَقَر إِنساناً، كَلِبَ الـمَعْقُورُ، وأَصابه داءُ الكَلَبِ، يَعْوِي عُوَاءَ الكَلْبِ، ويُمَزِّقُ ثيابَه عن نفسه، ويَعْقِرُ من أَصاب، ثم يصير أَمْرُه إِلى أَن يأْخذه العُطاشُ، فيموتَ من شِدَّةِ العَطَش، ولا يَشْرَبُ. والكَلَبُ: صِـياحُ الذي قد عَضَّه الكَلْبُ الكَلِبُ. قال: وقال الـمُفَضَّل أَصْلُ هذا أَنَّ داءً يقع على الزرع، فلا يَنْحَلُّ حتى تَطْلُع عليه الشمسُ، فيَذُوبَ، فإِن أَكَلَ منه المالُ قبل ذلك مات. قال: ومنه ما رُوي عن النبي، صلى اللّه عليه
وسلم، أَنه نَهَى عن سَوْم الليل أَي عن رَعْيِه، وربما نَدَّ بعيرٌ فأَكَلَ من ذلك الزرع، قبل طلوع الشمس، فإِذا أَكله مات، فيأْتي كَلْبٌ فيأْكلُ من لحمه، فيَكْلَبُ، فإِنْ عَضَّ إِنساناً، كَلِبَ الـمَعْضُوضُ، فإِذا سَمِعَ نُباحَ كَلْبٍ أَجابه. وفي الحديث: سَيَخْرُجُ في أُمَّتي أَقوامٌ تَتَجارَى بهم الأَهْواءُ، كما يَتَجارَى الكَلَبُ بصاحبه؛ الكَلَبُ، بالتحريك: داءٌ يَعْرِضُ للإِنسان، مِن عَضَّ الكَلْب الكَلِب، فيُصيبُه شِبْهُ الجُنُونِ، فلا يَعَضُّ أَحَداً إِلا كَلِبَ، ويَعْرِضُ له أَعْراضٌ رَديئَة، ويَمْتَنِـعُ من شُرْب الماءِ حتى يموت عَطَشاً؛ وأَجمعت العربُ على أَن دَواءَه قَطْرَةٌ من دَمِ مَلِكٍ يُخْلَطُ بماءٍ فيُسْقاه؛ يقال منه: كَلِبَ الرجلُ كَلَباً: عَضَّه الكَلْبُ الكَلِبُ، فأَصابه مثلُ ذلك. ورَجُلٌ كَلِبٌ مِن رجالٍ كَلِـبِـينَ، وكَلِـيبٌ من قَوْم كَلْبَـى؛وقولُ الكُمَيْت:
أَحْلامُكُمْ، لِسَقَامِ الجَهْل، شَافِـيَةٌ، * كما دِماؤُكُمُ يُشْفَى بها الكَلَبُ
قال اللحياني: إِن الرجلَ الكَلِبَ يَعضُّ إِنساناً، فيأْتون رجلاً
شريفاً، فيَقْطُرُ لهم من دَمِ أُصْبُعِه، فَيَسْقُونَ الكَلِبَ فيبرأُ.
والكَلابُ: ذَهابُ العَقْلِ (1)
(1 قوله «والكلاب ذهاب العقل» بوزن سحاب وقد كلب كعني كما في القاموس.) من الكَلَب، وقد كُلِبَ. وكَلِـبَتِ الإِبلُ كَلَباً: أَصابَها مثلُ الجُنون الذي يَحْدُثُ عن الكَلَب. وأَكْلَبَ القومُ: كَلِـبَتْ إِبلُهم؛ قال النابغة الجَعْدِيُّ:
وقَوْمٍ يَهِـينُونَ أَعْراضَهُمْ، * كَوَيْتُهُمُ كَيَّةَ الـمُكْلِبِ
والكَلَبُ: العَطَشُ، وهو من ذلك، لأَن صاحب الكَلَبِ يَعْطَشُ، فإِذا
رأَى الماءَ فَزِعَ منه. وكَلِبَ عليه كَلَباً: غَضِبَ فأَشْبَهَ الرجلَ
الكَلِبَ. وكَلِبَ: سَفِهَ فأَشبه الكَلِبَ. ودَفَعْتُ عنك كَلَبَ فلان أَي شَرَّه وأَذاه. وكَلَبَ الرجل يَكْلِبُ، واسْتَكْلَبَ إِذا كان في قَفْرٍ، (2)
(2 قوله «وكلب الرجل إذا كان في قفر إلخ» من باب ضرب كما في القاموس.)
فيَنْبَحُ لتسمعه الكِلابُ فتَنْبَحَ فيَسْتَدِلُّ بها؛ قال:
ونَبْحُ الكِلابِ لـمُسْتَكْلِبٍ
والكَلْبُ: ضَرْبٌ من السَّمَك، على شَكْلِ الكَلْبِ. والكَلْبُ من النجوم: بحِذاءِ الدَّلْو من أَسْفَلَ، وعلى طريقته نجمٌ آخر يقال له الراعي.
والكَلْبانِ: نجمان صغيران كالـمُلْتَزِقَيْن بين الثُّرَيَّا والدَّبَرانِ.وكِلابُ الشتاءِ: نُجومٌ، أَوَّلَه، وهي: الذراعُ والنَّثْرَةُ
والطَّرْفُ والجَبْهة؛ وكُلُّ هذه النجومِ، إِنما سميت بذلك على التشبيه بالكِلابِ.
وكَلْبُ الفرس: الخَطُّ الذي في وَسَطِ ظَهْرِه،
تقول: اسْتَوَى على كَلْبِ فَرَسه. ودَهْرٌ كَلِبٌ: مُلِـحٌّ على أَهله بما يَسُوءُهم، مُشْتَقٌّ من الكَلْبِ الكَلِبِ؛ قال الشاعر:
ما لي أَرى الناسَ، لا أَبَ لَـهُمُ! * قَدْ أَكَلُوا لَـحْمَ نابِـحٍ كَلِبِ
وكُلْبَةُ الزَّمان: شِدَّةُ حاله وضِـيقُه، من ذلك. والكُلْبةُ، مِثلُ
الجُلْبةِ. والكُلْبة: شِدَّةُ البرْد، وفي المحكم شِدَّةُ الشتاءِ،
وجَهْدُه، منه أَيضاً؛ أَنشد يعقوب:
أَنْجَمَتْ قِرَّةُ الشِّتاءِ، وكانَتْ * قد أَقامَتْ بكُلْبةٍ وقِطارِ
وكذلك الكَلَبُ، بالتحريك، وقد كَلِبَ الشتاءُ، بالكسر. والكَلَبُ:
أَنْفُ الشِّتاءِ وحِدَّتُه؛ وبَقِـيَتْ علينا كُلْبةٌ من الشتاءِ؛ وكَلَبةٌ
أَي بَقِـيَّةُ شِدَّةٍ، وهو من ذلك. وقال أَبو حنيفة: الكُلْبةُ كُلُّ
شِدَّةٍ من قِبَلِ القَحْط والسُّلْطان وغيره. وهو في كُلْبة من العَيْش
أَي ضِـيقٍ. وقال النَّضْرُ: الناسُ في كُلْبةٍ أَي في قَحْطٍ وشِدَّة من
الزمان. أَبو زيد: كُلْبةُ الشِّتَاءِ وهُلْبَتُه: شِدَّتُه. وقال الكسائي: أَصابتهم كُلْبةٌ من الزمان، في شِدَّةِ حالهم، وعَيْشِهم، وهُلْبةٌ
من الزمان؛ قال: ويقال هُلْبة وجُلْبة من الـحَرِّ والقُرِّ. وعامٌ كلِبٌ:
جَدْبٌ، وكُلُّه من الكَلَب.
والـمُكالَبةُ: الـمُشارَّة وكذلك التَّكَالُبُ؛ يقال: هم يَتَكَالبُونَ على كذا أَي يَتَواثَبُون عليه.
وكالَبَ الرجلَ مُكالَبةً وكِلاباً: ضايَقَه كمُضايَقَة الكِلاب بَعْضِها بَعْضاً، عند الـمُهارشة؛ وقولُ تَـأَبـَّطَ شَرّاً:
إِذا الـحَرْبُ أَوْلَتْكَ الكَلِـيبَ، فَوَلِّها * كَلِـيبَكَ واعْلَم أَنها سَوْفَ تَنْجَلِـي
قيل في تفسيره قولان: أَحدهما أَنه أَراد بالكَلِـيب الـمُكالِبَ الذي
تَقَدَّم، والقولُ الآخرُ أَن الكَلِـيبَ مصدر كَلِـبَتِ الـحَرْبُ،والأَوَّل أَقْوَى.
وكَلِبَ على الشيءِ كَلَباً: حَرَصَ عليه حِرْصَ الكَلْبِ، واشْتَدَّ
حِرْصُه. وقال الـحَسَنُ: إِنَّ الدنيا لما فُتِحَتْ على أَهلها، كَلِـبُوا
عليها أَشَدَّ الكَلَبِ، وعَدَا بعضُهم على بعض بالسَّيْفِ؛ وفي
النهاية: كَلِـبُوا عليها أَسْوَأَ الكَلَبِ، وأَنْتَ تَجَشَّـأُ من الشِّبَع
بَشَماً، وجارُك قد دَمِـيَ فُوه من الجوع كَلَباً أَي حِرصاً على شيءٍ يُصِـيبه. وفي حديث عليّ، كَتَبَ إِلى ابن عباس حين أَخَذَ من مال البَصْرَة: فلما رأَيتَ الزمانَ على ابن عمك قد كَلِبَ، والعدوّ قد حَرِبَ؛ كَلِبَ أَي اشْتَدَّ. يقال: كَلِبَ الدَّهْرُ على أَهله إِذا أَلَحَّ عليهم، واشْتَدَّ.
وتَكالَبَ الناسُ على الأَمر: حَرَصُوا عليه حتى كأَنهم كِلابٌ.
والـمُكالِبُ: الجَرِيءُ، يَمانية؛ وذلك لأَنه يُلازِمُ كمُلازمَة الكِلابِ لما تَطْمَعُ فيه. وكَلِبَ الشَّوْكُ إِذا شُقَّ ورَقُه، فَعَلِقَ كَعَلَقِ
الكِلابِ. والكَلْبَةُ والكَلِبَةُ من الشِّرْسِ: وهو صغار شجر الشَّوْكِ،
وهي تُشْبِه الشُّكَاعَى، وهي من الذكور، وقيل: هي شَجَرة شاكَةٌ من العِضاهِ، لها جِراءٌ، وكل ذلك تَشْبِـيهٌ بالكَلْب. وقد كَلِـبَتْ إِذا
انْجَرَدَ ورَقُها، واقْشَعَرَّتْ، فَعَلِقَت الثيابَ وآذَتْ مَن مَرَّ بها،
كما يَفْعَلُ الكَلْبُ. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو الدُّقَيْش كَلِبَ الشجرُ، فهو كَلِبٌ إِذا لم يَجِدْ رِيَّهُ، فَخَشُنَ من غير أَن تَذْهَبَ نُدُوَّتُه، فعَلِقَ
ثَوْبَ مَن مَرَّ به كالكَلْب.
وأَرض كَلِـبةٌ إِذا لم يَجِدْ نباتُها رِيّاً، فَيَبِسَ. وأَرضٌ كَلِـبَةُ الشَّجر إِذا لم يُصِـبْها الربيعُ. أَبو خَيْرة: أَرضٌ كَلِـبةٌ أَي غَلِـيظةٌ قُفٌّ، لا يكون فيها شجر ولا كَـلأٌ، ولا تكونُ جَبَلاً، وقال أَبو الدُّقَيْشِ: أَرضٌ كَلِـبَةُ الشَّجر أَي خَشِنَةٌ يابسةٌ، لم يُصِـبْها الربيعُ بَعْدُ، ولم تَلِنْ. والكَلِـبةُ من الشجر أَيضاً: الشَّوْكةُ العارِيةُ من الأَغْصان، وذلك لتعلقها بمن يَمُرُّ بها، كما تَفْعل الكِلابُ. ويقال للشجرة العارِدة الأَغْصانِ (1)
(1 قوله «العاردة الأغصان» كذا بالأصل والتهذيب بدال مهملة بعد الراء، والذي في التكملة: العارية بالمثناة التحتية بعد الراء.) والشَّوْكِ اليابسِ الـمُقْشَعِرَّةِ: كَلِـبةٌ.
وكَفُّ الكَلْبِ: عُشْبة مُنْتَشرة تَنْبُتُ بالقِـيعانِ وبلاد نَجْدٍ، يقال لها ذلك إِذا يَبِسَتْ، تُشَبَّه بكَفِّ الكَلْبِ الـحَيوانيِّ، وما دامتْ خَضْراء، فهي الكَفْنةُ. وأُمُّ كَلْبٍ: شُجَيْرَةٌ شاكةٌ؛ تَنْبُتُ في غَلْظِ الأَرض وجبالها، صفراءُ الورقِ، خَشْناء، فإِذا حُرِّكَتْ، سَطَعَتْ بأَنْتَنِ رائحةٍ وأَخْبَثها؛ سُميت بذلك لمكانِ الشَّوْكِ، أَو لأَنها تُنْتِنُ كالكلب إِذا أَصابه الـمَطَرُ.
والكَلُّوبُ: الـمِنْشالُ، وكذلك الكُلاَّبُ، والجمع الكَلالِـيبُ، ويسمى الـمِهْمازُ، وهو الـحَديدةُ التي على خُفِّ الرَّائِضِ، كُلاَّباً؛ قال جَنْدَلُ بن الراعي يَهْجو ابنَ الرِّقاعِ؛ وقيل هو لأَبيه الراعي:
خُنادِفٌ لاحِقٌ، بالرأْسِ، مَنْكِـبُه، * كأَنه كَوْدَنٌ يُوشَى بكُلاَّبِ
وكَلَبه: ضَرَبه بالكُلاَّبِ؛ قال الكُمَيْتُ:
ووَلَّى بأجْرِيّا ولافٍ، كأَنه * على الشَّرَفِ الأَقْصَى يُساطُ ويُكلَبُ
والكُلاَّبُ والكَلُّوبُ: السَّفُّودُ، لأَنه يَعْلَقُ الشِّواءَ ويَتَخَلَّله، هذه عن اللحياني. والكَلُّوبُ والكُلاَّبُ: حديدةٌ معطوفة، كالخُطَّافِ. التهذيب: الكُلاَّبُ والكَلُّوبُ خَشَبةٌ في رأْسها عُقَّافَةٌ منها، أَو من حديدٍ. فأَمـَّا الكَلْبَتانِ: فالآلةُ التي تكون مع الـحَدَّادين. وفي حديث الرؤيا: وإِذا آخَرُ قائمٌ بكَلُّوبِ حديدٍ؛ الكَلُّوبُ، بالتشديد: حديدةٌ مُعْوَجَّةُ الرأْس. وكَلاليب البازي: مَخالِـبُه، كلُّ ذلك على التَّشْبيه بمَخالِبِ الكِلابِ والسِّباعِ. وكلاليبُ الشجر: شَوْكُه كذلك.
وكالَبَتِ الإِبلُ: رَعَتْ كلالِـيبَ الشجر، وقد تكون الـمُكالَبةُ
ارتِعاءَ الخَشِنِ اليابسِ، وهو منه؛ قال:
إِذا لم يكن إِلا القَتادُ، تَنَزَّعَتْ * مَناجِلُها أَصْلَ القَتادِ الـمُكالَب
والكلْبُ: الشَّعِـيرةُ. والكلْبُ: الـمِسْمارُ الذي في قائم السيف،
وفيه الذُّؤابة لِتُعَلِّقَه بها؛ وقيل كَلْبُ السيف: ذُؤَابتُه. وفي حديث
أُحُدٍ: أَنَّ فَرَساً ذبَّ بذَنبه، فأَصابَ كُلاَّبَ سَيْفٍ، فاسْتَلَّه.
الكُلاَّبُ والكَلْبُ: الـحَلْقَةُ أَو الـمِسمار الذي يكون في قائم السيف، تكون فيه عِلاقَتُه. والكَلْبُ: حديدةٌ عَقْفاءُ تكونُ في طَرَفِ الرَّحْل تُعَلَّق فيها الـمَزادُ والأَداوَى؛ قال يصف سِقاء:
وأَشْعَثَ مَنْجُوبٍ شَسِـيفٍ، رَمَتْ به، * على الماءِ، إِحْدَى اليَعْمَلاتِ العَرامِسُ
فأَصْبَحَ فوقَ الماءِ رَيَّانَ، بَعْدَما * أَطالَ به الكَلْبُ السُّرَى، وهو ناعِسُ
والكُلاَّبُ: كالكَلْبِ، وكلُّ ما أُوثِقَ به شيءٌ،
فهو كَلْبٌ، لأَنه يَعْقِلُه كما يَعْقِلُ الكَلْبُ مَنْ عَلِقَه.
والكَلْبتانِ: التي تكونُ مع الـحَدَّاد يأْخُذُ بها الحديد الـمُحْمَى، يقال: حديدةٌ ذاتُ كَلْبَتَيْن، وحديدتانِ ذواتا كلبتين، وحدائدُ ذواتُ
كَلْبتين، في الجمع، وكلُّ ما سُمِّي باثنين فكذلك.
(يتبع...)
(تابع... 1): كلب: الكَلْبُ: كُلُّ سَبُعٍ عَقُورٍ. وفي الحديث: أَمَا تخافُ أَن... ...
والكَلْبُ: سَير أَحمر يُجْعَلُ بين طَرَفَي الأَديم. والكُلْبَةُ: الخُصْلة من اللِّيفِ، أَو الطاقةُ منه، تُسْتَعْمَل كما يُسْتَعْمَلُ الإِشْفَى الذي في رأْسه جُحْر، ثم يُجْعَلُ السيرُ فيه؛ كذلك الكُلْبةُ يُجْعَلُ الخَيْطُ أَو السَّيْرُ فيها، وهي مَثْنِـيَّةٌ، فتُدخَلُ في مَوْضع الخَرْزِ، ويُدْخِلُ الخارزُ يَدَه في الإِداوةِ، ثم يَمُدُّه. وكَلَبَتِ الخارِزةُ السير تَكْلُبُه كلْباً: قَصُرَ عنها السيرُ، فثَنَتْ سَيراً يَدْخُلُ فيه رأْسُ القصير حتى يَخْرُج منه؛ قال دُكَينُ بنُ رجاءٍ الفُقَيْميُّ يصف فرساً:
كأَنَّ غَرَّ مَتْنِهِ، إِذْ نَجْنُبُهْ، * سَيرُ صَناعٍ في خَرِيزٍ تَكْلُبُهْ
واستشهد الجوهري بهذا على قوله: الكَلْبُ سَير يُجْعَلُ بين طَرَفَي الأَديمِ إِذا خُرِزا؛ تقول منه: كَلَبْتُ الـمَزادَةَ، وغَرُّ مَتْنِه ما
تَثَنَّى من جِلده. ابن دريد: الكَلْبُ أَنْ يَقْصُرَ السيرُ على الخارزة،
فتُدْخِلَ في الثَّقْبِ سيراً مَثْنِـيّاً، ثم تَرُدَّ رأْسَ السَّير الناقص فيه، ثم تُخْرِجَهُ وأَنشد رَجَزَ دُكَينٍ أَيضاً. ابن الأَعرابي: الكَلْبُ خَرْزُ السَّير بَينَ سَيرَينِ.
كلَبْتُه أَكْلُبه كَلْباً، واكْتَلَبَ الرجلُ: استَعمَلَ هذه الكُلْبَةَ، هذه وحدها عن اللحياني؛ قال: والكُلْبَةُ: السَّير وراءَ الطاقةِ من اللِّيفِ، يُستَعمَل كما يُسْتَعْمَلُ الإِشْفَى الذي في رأْسه جُحْرٌ، يُدْخَلُ السَّيرُ أَو الخَيْطُ في الكُلْبة، وهي مَثْنِـيَّة، فَيَدْخُلُ في موضع الخَرْز، ويُدْخِلُ الخارِزُ يدَه في الإِداوة، ثم يَمُدُّ السَّيرَ أَو الخيط. والخارِزُ يقال له: مُكْتَلِبٌ.
ابن الأَعرابي: والكَلْبُ مِسمارٌ يكون في روافِدِ السَّقْبِ، تُجْعَلُ
عليه الصُّفْنةُ، وهي السُّفْرة التي تُجْمَعُ بالخَيْط. قال: والكَلْبُ
أَوَّلُ زيادةِ الماء في الوادي. والكَلْبُ: مِسْمارٌ على رأْسِ
الرَّحْل، يُعَلِّقُ عليه الراكبُ السَّطِـيحةَ. والكَلْبُ: مسْمارُ مَقْبضِ
السيف، ومعه آخرُ، يقال له: العجوزُ.
وكَلَبَ البعيرَ يَكْلُبه كَلْباً: جمعَ بين جَريرِه وزِمامِه بخَيطٍ في
البُرَةِ. والكَلَبُ: الأَكْلُ الكثير بلا شِبَعٍ. والكَلَبُ: وقُوعُ
الـحَبْلِ بين القَعْوِ والبَكَرَة، وهو المرْسُ، والـحَضْبُ، والكَلْب
القِدُّ. ورَجلٌ مُكَلَّبٌ: مَشدودٌ بالقِدِّ، وأَسِيرٌ مُكَلَّبٌ؛ قال طُفَيْل
الغَنَوِيُّ:
فباءَ بِقَتْلانا من القوم مِثْلُهم، * وما لا يُعَدُّ من أَسِـيرٍ مُكَلَّبِ(1)
(1 قوله «فباء بقتلانا إلخ» كذا أنشده في التهذيب. والذي في الصحاح أباء بقتلانا من القوم ضعفهم، وكل صحيح المعنى، فلعلهما روايتان.)
وقيل: هو مقلوب عن مُكَبَّلٍ. ويقال: كَلِبَ عليه القِدُّ إِذا أُسِرَ
به، فَيَبِسَ وعَضَّه. وأَسيرٌ مُكَلَّبٌ ومُكَبَّلٌ أَي مُقَيَّدٌ.
وأَسيرٌ مُكَلَّبٌ: مَـأْسُورٌ بالقِدِّ.
وفي حديث ذي الثُّدَيَّةِ: يَبْدو في رأْسِ يَدَيهِ شُعَيراتٌ، كأَنها
كُلْبَةُ كَلْبٍ، يعني مَخالِـبَه. قال ابن الأَثير: هكذا قال الهروي،
وقال الزمخشري: كأَنها كُلْبةُ كَلْبٍ، أَو كُلْبةُ سِنَّوْرٍ، وهي
الشَّعَرُ النابتُ في جانِبَيْ خَطْمِه.
ويقال للشَّعَر الذي يَخْرُزُ به الإِسْكافُ: كُلْبةٌ. قال: ومن
فَسَّرها بالـمَخالب، نظراً إِلى مَجيءِ الكَلالِـيبِ في مَخالِبِ البازِي، فقد أَبْعَد.
ولِسانُ الكَلْبِ: اسمُ سَيْفٍ كان لأَوْسِ بن حارثةَ ابنَ لأْمٍ
الطائي؛ وفيه يقول:
فإِنَّ لِسانَ الكَلْبِ مانِـعُ حَوْزَتي، * إِذا حَشَدَتْ مَعْنٌ وأَفناء بُحْتُرِ
ورأْسُ الكَلْبِ: اسمُ جبل معروف. وفي الصحاح: ورأْسُ كَلْبٍ: جَبَلٌ.
والكَلْبُ: طَرَفُ الأَكَمةِ. والكُلْبةُ: حانوتُ الخَمَّارِ، عن أَبي
حنيفة.
وكَلْبٌ وبنُو كَلْبٍ وبنُو أَكْلُبٍ وبنو كَلْبةَ: كلُّها قبائلُ.
وكَلْبٌ: حَيٌّ من قُضاعة. وكِلابٌ: في قريش، وهو كِلابُ بنُ مُرَّةَ.
وكِلابٌ: في هَوازِنَ، وهو كِلابُ بن ربيعةَ بن عامر بن صَعْصَعة. وقولُهم: أَعزُّ من كُلَيْبِ وائلٍ، هو كُلَيْبُ ابن ربيعة من بني تَغلِبَ بنِ وائل. وأَما كُلَيْبٌ، رَهْطُ جريرٍ الشاعر، فهو كُلَيْبُ بن يَرْبُوع بن حَنْظَلة. والكَلْبُ: جَبَل باليمامة؛ قال الأَعشى:
إِذْ يَرْفَعُ الآل رأْس الكَلْبِ فارْتَفَعا
هكذا ذكره ابن سيده. والكَلْبُ: جبل باليمامة، واستشهد عليه بهذا البيت: رأْس الكَلْب. والكَلْباتُ: هَضَباتٌ معروفة هنالك.
والكُلابُ، بضم الكاف وتخفيف اللام: اسم ماء، كانت عنده وقعة العَرَب؛ قال السَّفَّاح بن خالد التَّغْلَبـيُّ:
إِنَّ الكُلابَ ماؤُنا فَخَلُّوهْ، * وساجِراً، واللّه، لَنْ تَحُلُّوهْ
وساجرٌ: اسم ماء يجتمع من السيل. وقالوا: الكُلابُ الأَوَّلُ، والكُلابُ الثاني، وهما يومان مشهوران للعرب؛ ومنه حديث عَرْفَجَة: أَنَّ أَنْفَه أُصيبَ يومَ الكُلابِ، فاتَّخَذ أَنْفاً من فِضَّةٍ؛ قال أَبو عبيد: كُلابٌ الأَوَّلُ، وكُلابٌ الثاني يومان، كانا بين مُلوكِ كنْدة وبني تَمِـيم. قال: والكُلابُ موضع، أَو ماء، معروف، وبين الدَّهْناء واليمامة موضع يقال له الكُلابُ أَيضاً. والكَلْبُ: فرسُ عامر بن الطُّفَيْل. والكَلَبُ: القِـيادةُ، والكَلْتَبانُ: القَوَّادُ؛ منه، حكاهما ابن الأَعرابي، يرفعهما إِلى الأَصمعي، ولم يذكر سيبويه في الأَمثلة فَعْتَلاناً. قال ابن سيده: وأَمْثَلُ ما يُصَرَّفُ إِليه ذلك، أَن يكون الكَلَبُ ثلاثياً، والكَلْتَبانُ رُباعيّاً، كَزَرِمَ وازْرَأَمَّ، وضَفَدَ واضْفَادَّ. وكلْبٌ وكُلَيْبٌ وكِلابٌ: قبائل معروفة.
قسط: في أَسماء اللّه تعالى الحسنى المُقْسِطُ: هو العادِلُ. يقال:
أَقْسَطَ يُقْسِطُ، فهو مُقْسِطٌ إِذا عدَل، وقَسَطَ يَقْسِطُ، فهو قاسِطٌ
إِذا جارَ، فكأَن الهمزة في أَقْسَطَ للسَّلْب كما يقال شَكا إِليه
فأَشْكاه. وفي الحديث: أَنّ اللّهَ لا يَنامُ ولا ينبغي له أَن ينامَ، يَخْفِضُ
القِسْطَ ويرفَعُه؛ القِسْطُ: المِيزانُ، سمي به من القِسْطِ العَدْلِ،
أَراد أَن اللّه يَخفِضُ ويَرْفَعُ مِيزانَ أَعمالِ العِبادِ المرتفعةِ
إِليه وأَرزاقَهم النازلةَ من عنده كما يرفع الوزَّانُ يده ويَخْفِضُها عند
الوَزْن، وهو تمثيل لما يُقَدِّرُه اللّه ويُنْزِلُه، وقيل: أَراد
بالقِسْط القِسْمَ من الرِّزقِ الذي هو نَصِيبُ كل مخلوق، وخَفْضُه تقليلُه،
ورفْعُه تكثيره. والقِسْطُ: الحِصَّةُ والنَّصِيبُ. يقال: أَخذ كل واحد من
الشركاء قِسْطَه أَي حِصَّتَه. وكلُّ مِقدار فهو قِسْطٌ في الماء وغيره.
وتقَسَّطُوا الشيءَ بينهم: تقسَّمُوه على العَدْل والسَّواء. والقِسْط،
بالكسر: العَدْلُ، وهو من المصادر الموصوف بها كعَدْل، يقال: مِيزانٌ
قِسْط، ومِيزانانِ قسط، ومَوازِينُ قِسْطٌ. وقوله تعالى: ونضَعُ المَوازِينَ
القِسْطَ؛ أَي ذواتِ القِسْط. وقال تعالى: وزِنُوا بالقِسْطاس المستقيم؛
يقال: هو أَقْوَمُ المَوازِين، وقال بعضهم: هو الشَّاهِينُ، ويقال:
قُسْطاسٌ وقِسْطاسٌ. والإِقساطُ والقِسْطُ: العَدْلُ. ويقال: أَقْسَطَ
وقَسَطَ إِذا عدَلَ. وجاءَ في بعض الحديث: إِذا حكَمُوا عدَلوا وإِذا قسَموا
أَقْسَطُوا أَي عَدَلُوا
(*
قوله «وإِذا قسموا أَي عدلوا ههنا فقد جاء إلخ» هكذا في الأَصل.) ههنا،
فقد جاءَ قَسَطَ في معنى عدل، ففي العدل لغتان: قَسَطَ وأَقْسَطَ، وفي
الجَوْر لغة واحدة قسَطَ، بغيرِ الأَلف، ومصدره القُسُوطُ. وفي حديث عليّ،
رضوان اللّه عليه: أُمِرْتُ بِقتالِ الناكثِينَ والقاسِطِينَ
والمارِقِينَ؛ الناكِثُون: أَهلُ الجمَل لأَنهم نَكَثُوا بَيْعَتهم، والقاسِطُونَ:
أَهلُ صِفَّينَ لأَنهم جارُوا في الحُكم وبَغَوْا عليه، والمارِقُون:
الخوارِجُ لأَنهم مَرَقُوا من الدين كما يَمْرُق السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ.
وأَقْسطَ في حكمه: عدَلَ، فهو مُقْسِطٌ. وفي التنزيل العزيز: وأَقْسِطُوا
إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ المُقْسِطينَ. والقِسْط: الجَوْر. والقُسُوط:
الجَوْرُ والعُدُول عن الحق؛ وأَنشد:
يَشْفِي مِنَ الضِّغْنِ قُسُوطُ القاسِطِ
قال: هو من قَسَطَ يَقْسِطُ قُسوطاً وقسَطَ قُسوطاً: جارَ. وفي التنزيل
العزيز: وأَمَّا القاسِطُون فكانوا لجهنَّم حَطَباً؛ قال الفراء: هم
الجائرون الكفَّار، قال: والمُقْسِطون العادلُون المسلمون. قال اللّه تعالى:
إِن اللّه يُحب المقسطين. والإِقْساطُ: العَدل في القسْمة والحُكم؛ يقال:
أَقْسَطْتُ بينهم وأَقسطت إِليهم.
وقَسَّطَ الشيءَ: فرَّقَه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لو كان خَزُّ واسِطٍ وسَقَطُهْ،
وعالِجٌ نَصِيُّه وسَبَطهْ،
والشَّامُ طُرّاً زَيْتُه وحِنَطُهْ
يأْوِي إِليها، أَصْبَحَتْ تُقَسِّطُهْ
ويقال: قَسَّطَ على عِيالِه النفَقةَ تَقْسِيطاً إِذا قَتَّرَها؛ وقال
الطرمَّاح:
كَفَّاه كَفٌّ لا يُرَى سَيْبُها
مُقَسَّطاً رَهْبةَ إِعْدامِها
والقِسْطُ: الكُوزُ عنه أَهل الأَمصار. والقِسْطُ: مِكْيالٌ، وهو نِصْف
صاعٍ، والفَرَقُ ستةُ أَقْساطٍ. المبرد: القِسْطُ أَربعمائة وأَحد
وثمانون دِرهماً. وفي الحديث: إِنَّ النِّساءَ من أَسْفَهِ السُّفَهاء إِلاّ
صاحِبةَ القِسْطِ والسِّراج؛ القِسْطُ: نصف الصاع وأَصله من القِسْطِ
النَّصِيبِ، وأَراد به ههنا الإِناء الذي تُوَضِّئُه فيه كأَنه أَراد إِلاَّ
التي تَخْدُم بعْلها وتَقُوم بأُمُورِه في وُضُوئه وسِراجه. وفي حديث علي،
رضوان اللّه عليه: أَنه أَجْرى للناسِ المُدْيَيْن والقِسْطَيْن؛
القِسْطانِ: نَصِيبانِ من زيت كان يرزُقُهما الناسَ.
أَبو عمرو: القَسْطانُ والكَسْطانُ الغُبارُ.
والقَسَطُ: طُول الرِّجل وسَعَتُها. والقَسَطُ: يُبْسٌ يكون في الرِّجل
والرأْس والرُّكْبةِ، وقيل: هو في الإِبل أَن يكون البعير يابس الرِّجلين
خِلْقة، وقيل: هو الأَقْسَطُ والناقةُ قَسْطاء، وقيل: الأَقْسَطُ من
الإِبل الذي في عَصَب قَوائمه يُبْسٌ خِلقَةً، قال: وهو في الخيل قِصَرُ
الفخذ والوَظِيفِ وانْتِصابُ السَّاقين، وفي الصحاح: وانْتصابٌ في رِجلي
الدابة؛ قال ابن سيده: وذلك ضَعْف وهو من العُيوب التي تكون خلقة لأَنه
يستحب فيهما الانْحناءُ والتوْتِيرُ، قَسِطَ قَسَطاً وهو أَقْسَطُ بَيِّنُ
القَسَطِ. التهذيب: والرِّجل القَسْطاءُ في ساقها اعْوِجاجٌ حتى تَتَنَحَّى
القَدَمانِ ويَنْضَمَّ السَّاقانِ، قال: والقَسَطُ خِلافُ الحَنَفِ؛ قال
امرؤُ القَيْس يَصفُ الخيل:
إِذْ هُنَّ أَقْساطٌ كَرِجْلِ الدَّبى،
أَوْ كَقَطا كاظِمةَ النَّاهِلِ
(* قوله «إذ هن أقساط إلخ» أورده شارح القاموس في المستدركات وفسره
بقوله أي قطع.)
أَبو عبيد عن العَدَبَّس: إِذا كان البعير يابسَ الرجلين فهو أَقْسَطُ،
ويكون القَسَطُ يُبْساً في العنُق؛ قال رؤْبة:
وضَرْبِ أَعْناقِهِم القِساطِ
يقال: عُنُقٌ قَسْطاء وأَعْناقٌ قِساطٌ. أَبو عمرو: قَسِطَتْ عِظامُه
قُسُوطاً إِذا يَبِسَتْ من الهُزال؛ وأَنشد:
أَعطاه عَوْداً قاسِطاً عِظامُه،
وهُوَ يَبْكي أَسَفاً ويَنْتَحبْ
ابن الأَعرابي والأَصمعي: في رِجله قَسَطٌ، وهو أَن تكون الرِّجل
مَلْساء الأَسْفل كأَنَّها مالَجٌ.
والقُسْطانِيَّةُ والقُسْطانيُّ: خُيوطٌ كخُيوطِ قَوْسِ المُزْنِ تخيط
بالقمر
(* قوله «تخيط بالقمر» كذا بالأَصل وشرح القاموس.) وهي من علامة
المطر.
والقُسْطانةُ: قَوْسُ قُزحَ
(* قوله «والقسطانة قوس إلخ» كذا في الأَصل
بهاء التأنيث.)؛ قال أَبو سعيد: يقال لقوس اللّه القُسْطانيُّ؛ وأَنشد:
وأُديرَتْ خفَفٌ تَحْتَها،
مِثْلُ قُسْطانيِّ دَجْن الغَمام
قال أَبو عمرو: القُسْطانيُّ قَوْسُ قُزَحَ ونُهِي عن تسمية قَوْسِ
قزحَ. والقُسْطَناس: الصَّلاءَةُ.
والقُسْطُ، بالضم: عود يُتَبخَّر به لغة في الكُسْطِ عُقَّارٌ من
عَقاقِير البحر، وقال يعقوب: القاف بدل، وقال الليث: القُسط عُود يُجاءُ به من
الهِند يجعل في البَخُور والدَّواء، قال أَبو عمرو: يقال لهذا البَخُور
قُسْطٌ وكُسْطٌ وكُشْط؛ وأَنشد ابن بري لبشر ابن أَبي خازِم:
وقَدْ أُوقِرْنَ من زَبَدٍ وقُسْطٍ،
ومن مِسْكٍ أَحَمَّ ومن سَلام
وفي حديث أُمّ عطِيَّة: لا تَمَسُّ طِيباً إِلاَّ نُبْذةً من قُسْطٍ
وأَظْفارٍ، وفي رواية: قُسْط أَظْفار؛ القُسْطُ: هو ضَرْب من الطِّيب، وقيل:
هو العُودُ؛ غيره: والقُسْطُ عُقَّار معروف طيِّب الرِّيح تَتَبخَّر به
النفساء والأَطْفالُ؛ قال ابن الأَثير: وهو أَشبه بالحديث لأَنه أَضافه
إِلى الأَظفار؛ وقول الراجز:
تُبْدِي نَقِيّاً زانَها خِمارُها،
وقُسْطةً ما شانَها غُفارُها
يقال: هي الساق نُقِلت من كتاب
(* قوله: نقلت من كتاب، هكذا في
الأَصل.).وقُسَيْطٌ: اسم. وقاسطٌ: أَبو حَيّ، وهو قاسِطُ ابن هِنْبِ بن أَفْصَى
بن دُعْمِيّ بن جَدِيلةَ بن أَسَدِ ابن رَبيعةَ.
قطر: قَطَرَ الماءُ والدَّمْعُ وغيرهما من السَّيَّالِ يَقْطُر قَطْراً
وقُطُوراً وقَطَراناً وأَقْطَر؛ الأَخيرةُ عن أَبي حنيفة، وتَقاطَرَ؛
أَنشد ابن جني:
كأَنه تَهْتانُ يومٍ ماطرِ،
من الربِيعِ، دائمُ التَّقاطُرِ
وأَنشده دائب بالباء، وهو في معنى دائم، وأَراد من أَيام الربيع؛
وقَطَره اللهُ وأَقْطَره وقَطَّره وقد قَطَرَ الماءُ وقَطَرْتُه أَنا، يَتَعَدَّى
ولا يَتَعَدَّى؛ وقَطَرانُ الماء، بالتحريك، وتَقْطِيرُ الشيء: إِسالته
قَطْرَةً قَطْرَةً.
والقَطْرُْ: المَطَرُ. والقِطارُ: جمع قَطْرٍ وهو المطر. والقَطْرُ: ما
قَطَرَ من الماء وغيره، واحدته قَطْرة، والجمع قِطار. وسحابٌ قَطُورٌ
ومِقْطار: كثير القَطْرِ؛ حكاهما الفارسي عن ثعلب. وأَرض مَقْطورة: أَصابها
القَطْر. واسْتَقْطَر الشيءَ: رامَ قَطَرَانَه. وأَقْطَرَ الشيءُ: حان
أَن يَقْطُرَ. وغيث قُطارٌ: عظيم القَطْر. وقَطَرَ الصَّمْغُ من الشجرة
يَقْطُر قَطْراً: خرج. وقُطَارةُ الشيء: ما قَطَرَ منه؛ وخص اللحياني به
قُطارةَ الحَبِّ، قال: القُطارة، بالضم، ما قَطَر من الحَبِّ ونحوه.
وقَطَرَتِ اسْتُه: مَصَلَتْ، وفي الإِناء قُطارَة من ماء أَي قليلٌ؛ عن
اللحياني. والقَطْرانُ والقَطِرانُ: عُصارَة الأَبْهَلِ والأَرْزِ ونحوهما
يُطْبَخ فيُتحلب منه ثم تُهْنَأُ به الإِبِل. قال أَبو حنيفة: زعم بعض من ينظر
في كلام العرب أَن القَطِرانَ هو عَصير ثمر الصَّنَوْبَر، وأَن
الصَّنَوْبَر إِنما هو اسم لَوْزَةِ ذاك، وأَن شجرته به سميت صَنَوْبراً؛ وسمع قول
الشماخ في وصف ناقته وقد رَشَحَتْ ذِفْراها فشبه ذفراها لما رشحت
فاسْوَدَّت بمناديلِ عُصارة الصَّنَوْبَر فقال:
كأَن بذِفْراها مَنادِيلَ فارقتْ
أَكُفَّ رِجالٍ، يَعْصِرُونَ الصَّنَوْبَرا
فظن أَن ثمره يعصر، وفي التنزيل العزيز: سَرابيلُهم من قَطِرانٍ؛ قيل،
وا أَعلم: إِنها جعلت من القطران لأَنه يُبالِغُ في اشْتِعالِ النار في
الجلود، وقرأَها ابن عباس: من قِطْرٍ آنٍ.
والقِطْرُ: النُّحاسُ والآني الذي قد انتهى حَرُّه. والقَطِرانُ: اسم
رجل سمي به لقوله:
أَنا القَطِرانُ والشُّعَراءُ جَرْبى،
وفي القَطِرانِ للجَرْبى هِناءُ
وبعير مَقْطُورٌ ومُقَطْرَنٌ، بالنون كأَنه رَدُّوه إِلى أَصله:
مَطْليٌّ بالقَطِرانِ؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ،
تَرْوِي المَحاجِرَ بازلٌ عُلْكُومُ
وقَطَرْتُ البعير: طَلَيْتُه بالقَطِرانِ؛ قال امرؤ القيس:
أَتَقْتُلني، وقد شَغَفْتُ فؤادَها،
كما قَطَرَ المَهْنُوءةَ الرَّجُلُ الطالي؟
قوله: شغفت فؤادها أَي بلغ حبي منها شِغافَ قلبها كما بلغ القَطِرانُ
شِغافَ الناقة المهنوءة؛ يقول: كيف تقتلني وقد بلغ من حبها لي ما ذكرته،
إِذ لو أَقدمت على قتله لفسد ما بينه وبينها، وكان ذلك داعياً إِلى الفرقة
والقطيعة منها.
والقِطْرُ، بالكسر: النحاس الذائب، وقيل: ضرب منه؛ ومنه قوله تعالى: من
قِطْرٍ آنٍ. والقِطْرُ، بالكسر، والقِطْرِيَّة: ضرب من البُرود. وفي
الحديث: أَنه، عليه السلام، كان مُتَوَشِّحاً بثوبٍ قِطْرِيّ. وفي حديث
عائشة: قال أَيْمَنُ دَخَلْتُ على عائشة وعليها دِرْعٌ قِطْرِيٌّ تَمَنُهُ
خمسة دراهم؛ أَبو عمرو: القِطْرُ نوع من البُرود؛ وأَنشد:
كَساكَ الحَنْظَليُّ كساءَ صُوفٍ
وقِطْرِيّاً، فأَنتَ به تَفِيدُ
شمر عن البَكْراوِيّ قال: البُرُود والقِطْرِيّة حُمْرٌ لها أَعلام فيها
بعض الخشونة، وقال خالد بن جَنْبَةَ: هي حُلَلٌ تُعْمَلُ بمكان لا أَدري
أَين هو. قال: وهي جِيادٌ وقد رأَيتها وهي حُمْرٌ تأْتي من قِبَلِ
البحرين. قال أَبو منصور: وبالبحرين على سِيف وعُمان
(* قوله« على سيف وعمان»
كذا بالأصل، وعبارة ياقوت: قال ابو منصور في اعراض البحرين على سيف الخط
بين عمان والقعير قرية يقال لها قطر.) مدينة يقال لها قَطَرٌ، قال:
وأَحسبهم نسبوا هذه الثياب إِليها فخففوا وكسروا القاف للنسبة، وقالوا:
قِطْرِيٌّ، والأَصل قَطَرِيٌّ كما قالوا فِخْذٌ لِلفَخِذِ؛ قال جرير:
لَدَى قَطَرِيَّاتٍ، إِذا ما تَغَوَّلَتْ
بها البِيدُ غاولنَ الحُزُومَ الفَيافِيا
أَراد بالقَطَرِيَّاتِ نَجائبَ نسبها إِلى قَطَر وما والاها من البَرِّ؛
قال الراعي وجعل النعام قَطَرِيَّةً:
الأَوْبُ أَوْبُ نَعائِمٍ قَطَريَّةٍ،
والآلُ آلُ نَحائِصٍ حُقْبِ
نسب النعائم إِلى قَطَرٍ لاتصالها بالبَرِّ ومحاذاتها رِمالَ يَبْرِينَ.
والقُطْر، بالضم: الناحية والجانب، والجمع أَقْطار. وقومُك أَقْطارَ
البلادِ: على الظرف وهي من الحروف التي عزلها سيبويه ليفسر معانيها ولأَنها
غرائب. وفي التنزيل العزيز: من أَقطار السموات والأَرض؛ أَقطارُها:
نواحيها، واحدها قُطْر، وكذلك أَقتارُها، واحدها قُتْرٌ. قال ابن مسعود: لا
يعجبنك ما ترى من المرء حتى تنظر على أَيِّ قُطْرَيْه يقع أَي على أَي
شِقَّيه يقع في خاتمة عمله، أَعلى شق الإِسلام أَو غيره. وأَقطارُ الفَرَس:
ما أَشرف منه وهو كاثِبَتُه وعَجُزُه، وكذلك أَقطار الخيل والجمل ما
أَشْرَفَ من أَعاليه. وأَقطارُ الفَرس والبعير: نواحيه. والتَّقاطُرُ: تقابُلُ
الأَقطارِ. وطَعَنه فَقَطَّرَه أَي أَلقاه على قُطْرِه أَي جانبه،
فَتَقَطَّر أَي سقط، قال الهُذَليُّ المُتَنَخِّلُ:
التَّارِك القِرْنَ مُصْفَرّاً أَنامِلُه،
كأَنه من عُقارِ قَهْوَةٍ ثَمِلُ
مُجَدَّلاً يتَسَقَّى جِلْدُه دَمَهُ،
كما يُقَطَّرُ جِذْعُ الدَّوْمَةِ القُطُلُ
ويروى: يتَكَسَّى جِلْدُه. والقُطُلُ: المقطوعُ. وقول: مُصْفَرّاً
أَنامِلُه يريد أَنه نُزِفَ دَمُه فاصْفَرَّتْ أَنامِلُه. والعُقار: الخَمْر
التي لازَمَتِ الدَّنَّ وعاقَرَتْه. والثَّمِلُ: الذي أَخذ منه الشَّرابُ.
والمُجَدَّلُ: الذي سقط بالجَدالَةِ وهي الأَرض. والدَّوْمَةُ: واحدةُ
الدَّوْمِ وهو شجر المُقْل. الليث: إِذا صَرَعْتَ الرجلَ صَرْعَةً شديدة
قلت قَطَّرْتُه؛ وأَنشد:
قد عَلِمَتْ سَلْمَى وجاراتُها
ما قَطَّرَ الفارِسَ إِلاَّ أَنا
وفي الحديث: فَنَفَرَتْ نَقَدَةٌ فَقَطَّرَتِ الرجلَ في الفُراتِ
فغَرِقَ أَي أَلقته في الفُرات على أَحد قُطْرَيْه أَي شِقَّيْهِ. والنَّقَدُ:
صِغارُ الغَنَم. وفي الحديث: أَن رجلاً رمى امرأَةً يوم الطائف فما
أَخطأَ أَن قَطَّرَها. وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضي الله عنهما: قد جمع
حاشِيَتَيْه وضَمَّ قُطْرَيْه أَي جمع جانبيه عن الإنتشارِ والتَّبَدُّدِ
والتَّفَرُّقِ، والله أَعلم. وقَطَرَه فَرَسُه وأَقْطَرَه وتَقَطَّر به:
أَلقاه على تلك الهيئة. وتَقَطَّرَ هو: رَمى بنَفْسه من عُلْوٍ. وتَقَطَّر
الجِذْعُ: قُطِعَ أَو انْجَعَبَ كَتَقَطَّلَ. والبعيرُ القاطِرُ: الذي لا
يزال يَقْطُرُ بولُه. الفراء: القُطارِيُّ الحَيّةُ مأْخوذ من القُطارِ
وهو سَمُّه الذي يَقْطُرُ من كثرته. أَبو عمرو: القُطارِيَّةُ الحية.
وحيةٌ قُطارِيَّةٌ: تأْوي إِلى قُطْرِ الجبل، بَنى فُعالاً منه وليست بنسبة
على القُطْرِ وإِنما مَخْرَجُه مَخْرَجُ أُيارِيّ وفُخاذِيّ؛ قال
تأَبَّطَ شرّاً:
أَصَمُّ قُطارِيٌّ يكونُ خروجُه،
بُعَيْدَ غُروبِ الشمسِ، مُخْتَلِفَ الرَّمْسِ
وتَقَطَّر للقتال تَقَطُّراً: تَهَيَّأَ وتحَرَّقَ له. قال: والتَقَطُّر
لغة في التَّقَتُّر وهو التَّهَيُّؤُ للقتال. والقُطْرُ والقُطُرُ، مثل
عُسْرٍ وعُسُرٍ: العُودُ الذي يُتَبَخَّر به؛ وقد قَطَّر ثوبَه
وتَقَطَّرَتِ المرأَةُ، قال امرؤ القيس:
كأَنَّ المُدامَ وصَوْبَ الغَمامْ،
ورِيحَ الخُزامى ونَشرَ القُطُرْ
يُعَلُّ بها بَرْد أَنْيابِها،
إِذا طَرّبَ الطائرُ المُسْتَحِرْ
شَبَّهَ ماءَ فيها في طيبه عند السَّحَر بالمُدم وهي الخمر، وصَوْب
الغَمام: الذي يُمْزَجُ به الخمر، وريح الخُزامى: وهو خِيْرِيُّ البَرِّ.
ونَشْر القُطُر: وهو رائحة العود، والطائر المُسْتَحِرُ: هو المُصَوِّتُ عند
السَّحَر.
والمِقْطَرُ والمِقْطَرَة: المِجْمَر؛ وأَنشد أَبو عُبيد للمُرَقِّشِ
الأَصْغَر:
في كلِّ يومٍ لها مِقْطَرَةٌ،
فيها كِباءٌ مُعَدٌّ وحَمِيمْ
أَي ماء حارٌّ تُحَمُّ به. الأَصمعي: إِذا تَهَيَّأَ النبتُ لليُبْسِ
قيل: اقْطارَّ اقْطِيراراً، وهو الذي يَنْثَني ويَعْوَجُّ ثم يَهِيجُ، يعني
النبات. وأَقْطَرَ النبتُ واقْطارَّ: وَلَّى وأَخذ يَجِفُّ وتَهَيَّأَ
لليُبْسِ؛ قال سيبويه: ولا يستعمل إِلا مزيداً. وأَسْوَدُ قُطارِيٌّ:
ضَخْمٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَتَرْجُو الحَياةَ يا ابنَ بِشْرِ بنِ مُسْهِرٍ،
وقد عَلِقَتْ رِجْلاكَ من نابِ أَسْوَدا
أَصَمَّ قُطارِيٍّ، إِذا عَضَّ عَضَّةً،
تَزَيَّلَ أَعْلى جِلْدِه فتَرَبَّدا؟
وناقة مِقْطار على النسب، وهي الخَلِفةُ. وقد اقْطارَّتْ: تَكَسَّرَتْ.
والقِطارُ: أَن تَقْطُر الإِبل بعضها إِلى بعض على نَسَقٍ واحد.
وتَقْطِيرُ الإِبل: من القِطارِ.
وفي حديث ابن سيرين: أَنه كان يكره القَطَرَ؛ قال ابن الأَثير:هو
بفتحتين أَن يَزِنَ جُلَّةً من تمر أَو عِدْلاً من متاع أَو حَبٍّ ونحوهما
ويأْخُذَ ما بقي على حساب ذلك ولا يزنه، وهو المُقاطَرة؛ وقيل: هو أَن يأْتي
الرجل إِلى آخر فيقول له: بعني ما لك في هذا البيت من التمر جُزافاً بلا
كيل ولا وزن، فيبيعه، وكأَنه من قِطارِ الإِبل لاتِّباع بعضه بعضاً. وقال
أَبو معاذ: القَطَرُ هو البيع نفسه؛ ومنه حديث عُمارة: أَنه مَرَّتْ به
قِطارةُ جمال؛ القِطارَةُ والقِطارُ أَن تُشَدَّ الإِبلُ على نَسَقٍ
واحداً خَلفَ واحد. وقَطَرَ الإِبلَ يَقْطُرها قَطْراً وقَطَّرها: قَرَّب
بعضَها إِلى بعض على نَسَقٍ. وفي المثل: النُّفاضُ يُقَطِّرُ الجَلَبَ؛
معناه أَن القوم إِذا أَنْفَضُوا ونَفِدَتْ أَموالهُم قَطَروا إِبلهم فساقوها
للبيع قِطاراً قِطاراً. والقطارُ: قِطارُ الإِبل؛ قال أَبو النجم:
وانْحَتَّ من حَرْشاءِ فَلْجٍ حَرْدَلُه،
وأَقْبَلَ النملُ قِطاراً تَنْقُلُه
والجمع قُطُرٌ وقُطُراتٌ.
وتَقَاطَرَ القومُ: جاؤوا أَرسالاً، وهو مأْخوذ من قِطارِ الإِبل: وجاءت
الإِبل قطاراً أَي مَقْطورة. الرِّياشِيُّ: يقال أَكْرَيْتُهُ
مُقاطَرَةً إِذاأَكراه ذاهباً وجائياً، وأَكريته وضعة وتوضعة
(* قوله« وضعة
وتوضعة» كذا بالأصل.) إِذا أَكراه دَفْعةً. ويقال: اقْطَرَّتِ الناقة
اقْطِراراً، فهي مُقْطَرَّةٌ، وذلك إِذا لَقِحتْ فشالتْ بذنبها وشَمَختْ برأْسها.
قال الأَزهري: وأَكثر ما سمعت العرب تقول في هذا المعنى: اقْمَطَرَّت،
فهي مُقْمَطِرَّة، وكأَن الميم زائدة فيها.
والقُطَيْرة: تصغير القُطْرَة وهو الشيء التافه الخسيس. والمِقْطَرَةُ:
الفَلَقُ، وهي خشبة فيها خروق، كل خرق على قدرِ سَعَةِ الساق، يُدْخَلُ
فيها أَرجل المحبوسين، مشتق من قِطار الإِبل لأَن المحبوسين فيها على
قِطارٍ واحد مضموم بعضهم إِلى بعض، أَرجلهم في خروق خشبة مفلوقة على قَدْرِ
سَعَةِ سُوقِهم. وقَطَرَ في الأَرض قُطوراً ومَطَر مُطُوراً: ذهب فأَسرع.
وذهب ثوبي وبعيري فما أَدري من قَطَره ومن قَطَرَ به أَي أَخذه، لا
يستعمل إِلا في الجَحْدِ. ويقال: تَقَطَّرَ عني أَي تَخَلَّفَ عني،
وأَنشد:إِنِّي على ما كانَ من تَقَطُّري
عنكَ، وما بي عنكَ من تأَسُّري
ولمُقطَئِرُّ: الغضبانُ المُنْتَشِرُ من الناس.
وقَطُوراءُ، مدودٌ: نبات، وهي سَوادِيَّة. والقَطْراء، ممدود: موضع؛ عن
الفارسي. وقَطَرٌ: موضع بالبحرين؛ قال عَبْدَةُ بن الطبيب:
تَذَكَّرَ ساداتُنا أَهْلَهُمْ،
وخافوا عُمانَ وخافوا قَطَرْ
والقَطَّارُ: ماء معروف. وقَطَرِيُّ بنُ فُجاءةَ المازنيُّ زعم بعضهم
أَن أَصل الاسم مأْخوذ من قَطَريّ النِّعالِ.
قدر: القَدِيرُ والقادِرُ: من صفات الله عز وجل يكونان من القُدْرَة
ويكونان من التقدير. وقوله تعالى: إِن الله على كل شيء قدير؛ من القُدْرة، فالله
عز وجل على كل شيء قدير، والله سبحانه مُقَدِّرُ كُلِّ شيء وقاضيه. ابن
الأَثير: في أَسماء الله تعالى القادِرُ والمُقْتَدِرُ والقَدِيرُ، فالقادر اسم
فاعل من قَدَرَ يَقْدِرُ، والقَدِير فعيل منه، وهو للمبالغة، والمقتدر
مُفْتَعِلٌ من اقْتَدَرَ، وهو أَبلغ.
التهذيب: الليث: القَدَرُ القَضاء المُوَفَّقُ. يقال: قَدَّرَ الإِله
كذا تقديراً، وإِذا وافق الشيءُ الشيءَ قلت: جاءه قَدَرُه. ابن سيده:
القَدْرُ والقَدَرُ القضاء والحُكْم، وهو ما يُقَدِّره الله عز وجل من القضاء
ويحكم به من الأُمور. قال الله عز وجل: إِنا أَنزلناه في ليلة القَدْرِ؛ أَي
الحُكْمِ، كما قال تعالى: فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمر حكيم؛ وأَنشد الأَخفش
لهُدْبَة بنِ خَشْرَمٍ:
أَلا يا لَقَوْمي للنوائبِ والقَدْرِ
وللأَمْرِ يأْتي المَرءَ من حيثُ لا يَدْري
وللأَرْض كم من صالح قد تَوَدَّأَتْ
عليه، فَوَارَتْهُ بلَمَّاعَةٍ قَفْرِ
فلا ذَا جَلالٍ هِبْنَهُ لجَلالِه،
ولا ذا ضَياعٍ هُنَّ يَتْرُكْنَ للفَقْرِ
تودّأَت عليه أَي استوت عليه. واللماعة: الأَرض التي يَلْمع فيها
السَّرابُ. وقوله: فلا ذا جَلال انتصب ذا بإِضمار فعل يفسره ما بعده أَي فلا
هِبْنَ ذا جَلال، وقوله: ولا ذا ضَياع منصوب بقوله يتركن. والضَّياعُ، بفتح
الضاد: الضَّيْعَةُ، والمعنى أَن المنايا لا تَغْفُلُ عن أَحد، غنيّاً
كان أَو فقيراً، جَليلَ القَدْر كان أَو وضيعاً. وقوله تعالى: ليلةُ القدر
خير من أَلف شهر؛ أَي أَلف شهر ليس فيها ليلة القدر؛ وقال الفرزدق:
وما صَبَّ رِجْلي في حديدِ مُجاشِعٍ،
مَعَ القَدْرِ، إِلا حاجَةٌ لي أُرِيدُها
والقَدَرُ: كالقَدْرِ، وجَمْعُهما جميعاً أَقْدار. وقال اللحياني:
القَدَرُ الاسم، والقَدْرُ المصدر؛ وأَنشد
كُلُّ شيء حتى أَخِيكَ مَتاعُ؛
وبِقَدْرٍ تَفَرُّقٌ واجْتِماعُ
وأَنشد في المفتوح:
قَدَرٌ أَحَلَّكَ ذا النخيلِ، وقد أَرى،
وأَبيكَ، ما لَكَ، ذُو النَّخيلِ بدارِ
قال ابن سيده: هكذا أَنشده بالفتح والوزن يقبل الحركة والسكون. وفي
الحديث ذكر ليلة القدر، وهي الليلة التي تُقَدَّر فيها الأَرزاقُ وتُقْضى.
والقَدَرِيَّةُ: قوم يَجْحَدُون القَدَرَ، مُوَلَّدةٌ. التهذيب:
والقَدَرِيَّة قوم ينسبون إِلى التكذيب بما قَدَّرَ اللهُ من الأَشياء، وقال بعض
متكلميهم: لا يلزمنا هذا اللَّقَبُ لأَنا ننفي القَدَرَ عن الله عز وجل
ومن أَثبته فهو أَولى به، قال: وهذا تمويه منهم لأَنهم يثبتون القَدَرَ
لأَنفسهم ولذلك سموا؛ وقول أَهل السنَّة إِن علم الله سبق في البشر
فَعَلِم كفْرَ مَن كَفَر منهم كما عَلِم إِيمان مَن آمن، فأَثبت علمه السابق في
الخلق وكتبه، وكلُّ ميسر لما خلق له وكتب عليه. قال أَبو منصور: وتقدير
الله الخلق تيسيره كلاًّ منهم لما علم أَنهم صائرون إِليه من السعادة
والشقاء، وذلك أَنه علم منهم قبل خلقه إِياهم، فكتب علمه الأَزليّ السابق
فيهم وقَدَّره تقديراً؛ وقَدَرَ الله عليه ذلك يَقْدُرُه ويَقْدِرُه
قَدْراً وقَدَراً، وقَدَّره عليه وله؛ وقوله:
من أَيّ يَوْمَيَّ من الموتِ أَفِرّ:
أَيَومَ لم يُقْدَرَ أَمْ يومَ قُدِرْ؟
فإِنه أَراد النون الخفيفة ثم حذفها ضرورة فبقيت الراء مفتوحة كأَنه
أَراد: يُقْدَرَنْ، وأَنكر بعضهم هذا فقال: هذه النون لا تحذف إِلا لسكون ما
بعدها ولا سكون ههنا بعدها؛ قال ابن جني: والذي أَراه أَنا في هذا وما
علمت أَن أَحداً من أَصحابنا ولا غيرهم ذكره، ويشبه أَن يكونوا لم يذكروه
للُطْفِه، هو أَنْ يكون أَصله أَيوم لم يُقْدَرْ أَم بسكون الراء للجزم،
ثم أَنها جاوَرَتِ الهمزة المفتوحة وهي ساكنة، وقد أَجرت العرب الحرف
الساكن إِذا جاور الحرف المتحرّك مجرى المتحرك، وذلك قولهم فيما حكاه سيبويه
من قول بعض العرب: الكَماةُ والمَراة، يريدون الكَمْأَةَ والمَرْأَةَ
ولكن الميم والراء لما كانتا ساكنتين، والهمزتان بعدهما مفتوحتان، صارت
الفتحتان اللتان في الهمزتين كأَنهما في الراء والميم، وصارت الميم والراء
كأَنهما مفتوحتان، وصارت الهمزتان لما قدّرت حركاتهما في غيرهما كأَنهما
ساكنتان، فصار التقدير فيهما مَرَأْةٌ وكَمَأْةٌ، ثم خففتا فأُبدلت
الهمزتان أَلفين لسكونهما وانفتاح ما قبلهما، فقالوا: مَرَاةٌ وكَماةٌ، كما
قالوا في رأْس وفأْس لما خففتا: راس وفاس، وعلى هذا حمل أَبو علي قول عبد
يَغُوثَ:
وتَضْحَكُ مِنّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ،
كَأَنْ لم تَرَا قَبْلي أَسيراً يمَانِيا
قال: جاء به على أَن تقديره مخففاً كأَن لم تَرْأَ، ثم إِن الراء
الساكنة لما جاورت الهمزة والهمزة متحرّكة صارت الحركة كأَنها في التقدير قبل
الهمزة واللفظُ بها لم تَرَأْ، ثم أَبدل الهمزة أَلفاً لسكونها وانفتاح ما
قبلها فصارت تَرا، فالأَلف على هذا التقدير بدل من الهمزة التي هي عين
الفعل، واللام محذوفة للجزم على مذهب التحقيق، وقَوْلِ من قال: رَأَى
يَرْأَى، وقد قيل: إِن قوله ترا، على الخفيف السائغ، إِلا أَنه أَثبت الأَلف
في موضع الجزم تشبيهاً بالياء في قول الآخر:
أَلم يأْتيك، والأَنباءُ تَنْمِي،
بما لاقَتْ لَبُونُ بني زِيادِ؟
ورواه بعضهم أَلم يأْتك على ظاهر الجزْم؛ وأَنشده أَبو العباس عن أَبي
عثمان عن الأَصمعي:
أَلا هلَ تاكَ والأَنباءُ تَنْمِي
وقوله تعالى: إِلا امرأَته قَدَّرْنا أَنها لمن الغابرين؛ قال الزجاج:
المعنى علمنا أَنها لمن الغابرين، وقيل: دَبَّرنا أنها لمن الغابرين أَي
الباقين في العذاب. ويقال: اسْتَقْدِرِ اللهَ خيراً، واسْتَقْدَرَ اللهَ
خَيْراً سأَله أَن يَقْدُرَ له به؛ قال:
فاسْتَقْدِرِ اللهَ خيراً وارضَيَنَّ به،
فبَيْنَما العُسْرُ إِذ دارتْ مَياسِيرُ
وفي حديث الاستخارة: اللهم إِني أَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتك أَي أَطلب منك
أَن تجعل لي عليه قُدْرَةً.
وقَدَرَ الرزقَ يَقْدِرُهُ: قَسَمه. والقَدْرُ والقُدْرَةُ
(* قوله«
والقدر والقدرة إلخ» عبارة القاموس: والقدر الغنى واليسار والقوة كالقدرة
والمقدرة مثلثة الدال والمقدار والقدارة والقدورة والقدور بضمهما والقدران
بالكسر والقدار ويكسر والاقتدار والفعل كضرب ونصر وفرح.) والمِقْدارُ:
القُوَّةُ؛ وقَدَرَ عليه يَقْدِرُ ويَقْدُرُ وقَدِرَ، بالكسر، قُدْرَةً
وقَدارَةً وقُدُورَةً وقُدُوراً وقِدْراناً وقِداراً؛ هذه عن اللحياني، وفي
التهذيب: قَدَراناً، واقْتَدَرَ وهو قادِرٌ وقَدِيرٌ وأَقْدَرَه اللهُ
عليه، والاسم من كل ذلك المَقْدَرَة والمَقْدُرَة والمَقْدِرَةُ. ويقال: ما
لي عليك مَقْدُرَة ومَقْدَرَة ومَقْدِرَة أَي قُدْرَة. وفي حديث عثمان،
رضي الله عنه: إِنَّ الذَّكاة في الحَلْقِ واللَّبَّة لمن قَدَرَ
(*
قوله« لمن قدر» أي لمن كانت الذبيحة في يده مقدر على ايقاع الذكاة بهذين
الموضعين، فاما إذا ندت البهيمة فحكمها حكم الصيد في أن مذبحه الموضع الذي
أصاب السهم او السيف، كذا بهامش النهاية.) أَي لمن أَمكنه الذبْحُ فيهما،
فأَما النَّادُّ والمُتَرَدِّي فأَيْنَ اتَّفَقَ من جسمهما؛ ومنه قولهم:
المَقْدُِرَةُ تُذْهِبُ الحَفِيظَةَ. والاقتدارُ على الشيء: القُدْرَةُ
عليه، والقُدْرَةُ مصدر قولك قَدَرَ على الشيء قُدْرَة أَي مَلَكه، فهو
قادِرٌ وقَدِيرٌ. واقْتَدَرَ الشيءَ: جعله قَدْراً. وقوله: عند مَلِيكٍ
مُقْتَدِرٍ؛ أَي قادِرٍ. والقَدْرُ: الغِنى واليَسارُ، وهو من ذلك لأَنه
كُلَّه قُوَّةٌ.
وبنو قَدْراء: المَياسيرُ. ورجل ذو قُدْرَةٍ أَي ذو يَسارٍ. ورجل ذو
مَقْدُِرَة أَي ذو يسار أَيضاً؛ وأَما من القَضاء والقَدَرِ فالمَقدَرَةُ،
بالفتح، لا غير؛ قال الهُذَليّ:
وما يَبْقَى على الأَيّامِ شَيءٌ،
فيا عَجَباً لمَقْدَرَةِ الكتابِ
وقدْرُ كل شيء ومِقْدارُه: مِقْياسُه. وقَدَرَ الشيءَ بالشيء يَقْدُرُه
قَدْراً وقَدَّرَه: قاسَه. وقادَرْتُ الرجل مُقادَرَةً إِذا قايسته وفعلت
مثل فعله. التهذيب: والتقدير على وجوه من المعاني: أَحدها التروية
والتفكير في تسوية أَمر وتهيئته، والثاني تقديره بعلامات يقطعه عليها، والثالث
أَن تَنْوِيَ أَمراً بِعَقْدِك تقول: قَدَّرْتُ أَمر كذا وكذا أَي
نويتُه وعَقَدْتُ عليه. ويقال: قَدَرْتُ لأَمْرِ كذا أَقْدِرُ له وأَقْدُرُ
قَدْراً إِذا نظرت فيه ودَبَّرْتَه وقايسته؛ ومنه قول عائشة، رضوان الله
عليها: فاقْدُرُوا قَدْرَ الجاريةِ الحديثة السِّنِّ المستهيئة للنظر أَي
قَدِّرُوا وقايسوا وانظروه وافْكِرُوا فيه. شمر: يقال قَدَرْتُ أَي هيأْت
وقَدَرْتُ أَي أَطَقْتُ وقَدَرْتُ أَي مَلَكْتُ وقَدَرْتُ أَي وَقَّتُّ؛
قال لبيد:
فَقَدَرْتُ للوِرْدِ المُغَلِّسَ غُدْوَةً،
فَوَرَدْتُ قبل تَبَيُّنِ الأَلْوانِ
وقال الأَعشى:
فاقْدُرْ بذَرْعِكَ ببنَنا،
إِن كنتَ بَوَّأْتَ القَدارَهْ
بَوَّأْتَ: هَيَّأْتَ. قال أَبو عبيدة: اقْدُر بذَرْعِك بيننا أَي
أَبْصِرْ واعْرِفْ قَدْرَك. وقوله عز وجل: ثم جئتَ على قَدَرٍ يا موسى؛ قيل في
التفسير: على مَوْعدٍ، وقيل: على قَدَرٍ من تكليمي إِياك؛ هذا عن
الزجاج. وقَدَرَ الشيءَ: دَنا له؛ قال لبيد:
قلتُ: هَجِّدْنا، فقد طال السُّرَى،
وقَدَرْنا إِنْ خَنى الليل غَفَلْ
وقَدَر القومُ أَمرهم يَقْدِرُونه قَدْراً: دَبَّروه وقَدَرْتُ عليه
الثوبَ قدراً فانْقَدَر أَي جاءَ على المِقْدار. ويقال: بين أَرضك وأَرض
فلان ليلة قادرة إِذا كانت لينة السير مثل قاصدةٍ ورافِهةٍ؛ عن يعقوب.
وقَدَرَ عليه الشيءَ يَقْدِرُه ويَقْدُره قَدْراً وقَدَراً وقَدَّرَه:
ضَيَّقه؛ عن اللحياني. وفي التنزيل العزيز: على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى
المُقْتِرِ قَدَرُه؛ قال الفراء: قرئ قَدَرُه وقَدْرُه، قال: ولو نصب كان صواباً
على تكرر الفعل في النية، أَي ليُعْطِ المُوسِعُ قَدْرَه والمُقْتِرُ
قَدْرَه؛ وقال الأخفش: على الموسع قدره أَي طاقته؛ قال الأَزهري: وأَخبرني
المنذري عن أَبي العباس في وقوله على المُقْتِر قَدَرُه وقَدْرُه، قال:
التثقيل أَعلى اللغتين وأَكثر، ولذلك اختير؛ قال: واختار الأَخفش التسكين،
قال: وإِنما اخترنا التثقيل لأَنه اسم، وقال الكسائي: يقرأُ بالتخفيف
والتثقيل وكلٌّ صواب، وقال: قَدَرَ وهو يَقْدِر مَقْدِرة ومَقْدُرة
ومَقْدَرَة وقِدْراناً وقَدَاراً وقُدْرةً، قال: كل هذا سمعناه من العرب، قال:
ويَقْدُر لغة أُخرى لقوم يضمون الدال فيها، قال: وأَما قَدَرْتُ الشيء
فأَنا أَقْدِرُه، خفيف، فلم أَسمعه إِلا مكسوراً، قال: وقوله: وما قَدَروا
اللهَ حَقَّ قَدْرِه؛ خفيفٌ ولو ثُقِّلَ كان صواباً، وقوله: إِنَّا كلَّ
شيء خلقناه بِقَدَرٍ، مُثَقَّلٌ، وقوله: فسالتْ أَوديةٌ بقدَرها؛
مُثَقَّلٌ ولو خفف كان صواباً؛ وأَنشد بيت الفرزدق أَيضاً:
وما صَبَّ رِجْلِي في حَدِيدِ مُجاشِعٍ،
مع القَدْر، إِلا حاجةٌ لي أُرِيدُها
وقوله تعالى: فَظَنَّ أَن لن نَقْدِرَ عليه؛ يفسر بالقُدرة ويفسر
بالضِّيق، قال الفراء في قوله عز وجل: وذا النُّون إِذ ذهب مُغاضِباً فظنَّ أَن
لن نَقْدِرَ عليه؛ قال الفراء: المعنى فظن أَن لن نَقْدِرَ عليه من
العقوبة ما قَدَرْنا. وقال أَبو الهيثم: روي أَنه ذهب مغاضباً لقومه، وروي
أَنه ذهب مغاضباً لربه، فأَما من اعتقد أَن يونس، عليه السلام، ظن أَن لن
يقدر الله عليه فهو كافر لأَن من ظن ذلك غير مؤمن، ويونس، عليه السلام،
رسول لا يجوز ذلك الظن عليه. فآل المعنى: فظن أَن لن نَقْدِرَ عليه
العقوبة، قال: ويحتمل أَن يكون تفسيره: فظن أَن لن نُضَيِّقَ عليه، من قوله
تعالى: ومن قُدِرَ عليه رزقَه؛ أَي ضُيِّقَ عليه، قال: وكذلك قوله: وأَما
إِذا ما ابتلاه فَقَدَر عليه رزقه؛ معنى فَقَدَر عليه فَضَيَّقَ عليه، وقد
ضيق الله على يونس، عليه السلام، أَشدَّ تَضْيِيق ضَيَّقَه على مُعَذَّب
في الدنيا لأَنه سجنه في بطن حوت فصار مَكْظُوماً أُخِذَ في بَطْنِه
بكَظَمِهِ؛ وقال الزجاج في قوله: فظن أَن لن نُقْدِرَ عليه؛ أَي لن نُقَدِّرَ
عليه ما قَدَّرنا من كونه في بطن الحوت، قال: ونَقْدِرُ بمعنى
نُقَدِّرُ، قال: وقد جاء هذا في التفسير؛ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله أَبو إِسحق
صحيح، والمعنى ما قَدَّرَه الله عليه من التضييق في بطن الحوت، ويجوز
أَن يكون المعنى لن نُضَيِّق عليه؛ قال: وكل ذلك شائع في اللغة، والله
أَعلم بما أَراد. فأَما أَن يكون قوله أَن لن نَقْدِرَ عليه من القدرة فلا
يجوز، لأَن من ظن هذا كفر، والظن شك والشك في قدرة الله تعالى كفر، وقد عصم
الله أَنبياءه عن مثل ما ذهب إِليه هذا المُتَأَوِّلُ، ولا يَتَأَوَّلُ
مثلَه إِلا الجاهلُ بكلام العرب ولغاتها؛ قال الأَزهري: سمعت
المُنْذِرِيَّ يقول: أَفادني ابن اليَزيديّ عن أَبي حاتم في قوله تعالى: فظن أَن لن
نقدر عليه؛ أَي لن نضيق عليه، قال: ولم يدر الأَخفش ما معنى نَقْدِر وذهب
إِلى موضع القدرة إِلى معنى فظن أَن يَفُوتَنَا ولم يعلم كلام العرب حتى
قال: إِن بعض المفسرين قال أَراد الاستفهام، أَفَظَنَّ أَن لن نَقْدِرَ
عليه، ولو علم أَن معنى نَقْدِر نُضَيِّق لم يخبط هذا الخبط، قال: ولم
يكن عالماً بكلام العرب، وكان عالماً بقياس النحو؛ قال: وقوله: من قُدِرَ
عليه رِزْقُه؛ أَي ضُيِّقَ عليه عِلْمُه، وكذلك قوله: وأَما إِذا ما
ابتلاه فَقَدَرَ عليه رِزْقَه؛ أَي ضَيَّقَ. وأَما قوله تعالى: فَقَدَرْنا
فنِعْمَ القادِرُون، فإِن الفراء قال: قرأَها عليّ، كرم الله وجهه،
فَقَدَّرْنا، وخففها عاصم، قال: ولا يبعد أَن يكون المعنى في التخفيف والتشديد
واحداً لأَن العرب تقول: قُدِّرَ عليه الموتُ وقُدِرَ عليه الموتُ، وقُدِّر
عليه وقُدِرَ، واحتج الذين خففوا فقالوا: لو كانت كذلك لقال: فنعم
المُقَدِّرون، وقد تجمع العربُ بين اللغتين. قال الله تعالى: فَمَهِّلِ
الكافرين أَمْهِلْهُم رُوَيْداً. وقَدَرَ على عياله قَدْراً: مثل قَتَرَ.
وقُدِرَ على الإِنسان رِزْقُه قَدْراً: مثل قُتِرَ؛ وقَدَّرْتُ الشيء
تَقْدِيراً وقَدَرْتُ الشيء أَقْدُرُه وأَقْدِرُه قَدْراً من التقدير. وفي الحديث
في رؤية الهلال: صوموا لرؤيته وأَفطروا لرؤيته فإِن غُمَّ عليكم
فاقْدُرُوا له، وفي حديث آخر: فإِن غم عليكم فأَكملوا لعِدَّة؛ قوله: فاقْدُرُوا
له أَي قَدِّرُوا له عَدَدَ الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوماً، واللفظان
وإن اختلفا يرجعان إِلى معنى واحد؛ وروي عن ابن شريح أَنه فسر قوله
فاقْدُرُوا له أَي قَدِّرُوا له منازلَ القمر فإِنها تدلكم وتبين لكم أَن الشهر
تسع وعشرون أَو ثلاثون، قال: وهذا خطاب لمن خصه الله تعالى بهذا العلم؛
قال: وقوله فأَكْمِلُوا العِدَّة خطاب العامَّة التي لا تحسن تقدير
المنازل، وهذا نظير النازلة تنزل بالعالِمِ الذي أَمر بالاجتهاد فيها وأَن لا
يُقَلِّدَ العلماء أَشكال النازلة به حتى يتبين له الصوب كما بان لهم،
وأَما العامة التي لا اجتهاد لها فلها تقليد أَهل العلم؛ قال: والقول الأَول
أَصح؛ وقال الشاعر إِياس بن مالك بن عبد الله المُعَنَّى:
كِلا ثَقَلَيْنا طامعٌ بغنِيمةٍ،
وقد قَدَر الرحمنُ ما هو قادِرُ
فلم أَرَ يوماً كانَ أَكثَرَ سالِباً
ومُسْتَلَباً سِرْبالَه لا يُناكِرُ
وأَكثَرَ مِنَّا يافِعاً يَبْتَغِي العُلى،
يُضارِبُ قِرْناً دارِعاً، وهو حاسِرُ
قوله: ما هو قادرُ أَي مُقَدِّرٌ، وثَقَلُ الرجل، بالثاء: حَشَمه ومتاع
بيته، وأَراد بالثَّقَل ههنا النساء أَي نساؤنا ونساؤهم طامعات في ظهور
كل واحد من الحَيَّيْنِ على صاحبه والأَمر في ذلك جار على قدر الرحمن.
وقوله: ومُسْتَلَباً سِرْبالَه لا يُناكِرُ أَي يُسْتَلَبُ سِرْبالَه وهو لا
يُنْكِرُ ذلك لأَنه مصروع قد قتل، وانتصب سرباله بأَنه مفعول ثان
لمُسْتَلَب، وفي مُسْتَلَب ضمير مرفوع به، ومن رفع سرباله جعله مرتفعاً به ولم
يجعل فيه ضميراً. واليافع: المُتَرَعْرِعُ الداخلُ في عَصْرِ شبابه.
والدارع: اللابس الدرع. والحاسر: الذي لا درع عليه.
وتَقَدَّر له الشيءُ أَي تهيأَ. وفي حديث الاستخارة: فاقْدُرْه لي
ويَسِّرْه عليّ أَي اقض لي به وهيئه. وقَدَرْتُ الشيء أَي هيأْته.
وقَدْرُ كل شيء ومِقْداره: مَبْلَغُه. وقوله تعالى: وما قَدَرُوا اللهَ
حَقَّ قَدْرِه؛ أَي ما عظموا الله حق تعظيمه، وقال الليث: ما وَصَفوه حق
صِفَتِه، والقَدَرُ والقَدْرُ ههنا بمعنى واحد، وقَدَرُ الله وقَدْرُه
بمعنًى، وهو في الأَصل مصدر.
والمِقْدارُ: الموتُ. قال الليث: المِقْدارُ اسم القَدْر إِذا بلغ
العبدُ المِقْدارَ مات؛ وأَنشد:
لو كان خَلْفَك أَو أَمامَك هائِباً
بَشَراً سِواكَ، لَهابَك المِقْدارُ
يعني الموت. ويقال: إِنما الأَشياء مقاديرُ لكل شيء مِقْدارٌ داخل.
والمِقْدار أَيضاً: هو الهِنْداز، تقول: ينزل المطر بمِقْدار أَي بقَدَرٍ
وقَدْرٍ، وهو مبلغ الشيء. وكل شيء مُقْتَدِرٌ، فهو الوَسَطُ. ابن سيده:
والمُقْتَدِر الوسط من كل شيء. ورجل مُقْتَدِرُ الخَلْق أَي وَسَطُه ليس
بالطويل والقصير، وكذلك الوَعِلُ والظبي ونحوهما. والقَدْرُ: الوسط من الرحال
والسروج ونحوهما؛ تقول: هذا سرجٌ قَدْرٌ، يخفف ويثقل. التهذيب: سَرْجٌ
قادرٌ قاترٌ، وهو الواقي الذي لا يَعْقِرُ، وقيل: هو بين الصغير والكبير.
والقَدَرُ: قِصَرُ العُنُق، قَدِرَ قَدَراً، وهو أَقدرُ؛ والأَقْدَر:
القصير من الرجال؛ قال صَخْرُ الغَيّ يصف صائداً ويذكر وُعُولاً قد وردت
لتشرب الماء:
أَرَى الأَيامَ لا تُبْقِي كريماً،
ولا الوَحْشَ الأَوابِدَ والنَّعاما
ولا عُصْماً أَوابِدَ في صُخُورٍ،
كُسِينَ على فَراسِنِها خِداما
أُتِيحَ لها أُقَيْدِرُ ذو حَشِيفٍ،
إِذا سامتْ على المَلَقاتِ ساما
معنى أُتيح: قُدّر، والضمير في لها يعود على العُصْم. والأُقَيْدِرُ:
أَراد به الصائد. والحَشيف: الثوب الخَلَقُ. وسامت: مَرَّتْ ومضت.
والمُلَقات: جمع مَلَقَةٍ، وهي الصخرة الملساء. والأَوابد: الوحوش التي
تأَبَّدَتْ أَي توحشت. والعُصْمُ: جمع أَعْصَمَ وعَصْماء: الوَعِلُ يكون بذراعيه
بياض. والخِدَام: الخَلاخِيلُ، وأَراد الخطوطَ السُّودَ التي في يديه؛
وقال الشاعر:
رأَوْكَ أُقَيْدِرَ حِنْزَقْرَةً
وقيل: الأَقْدَر من الرجال القصير العنق. والقُدَارُ: الرَّبْعَةُ من
الناس. أَبو عمرو: الأَقْدَرُ من الخَيل الذي إِذا سار وقعت رجلاه مواقع
يديه؛ قال رجل من الأَنصار، وقال ابن بري: هو عَدِيُّ بن خَرَشَةَ
الخَطْمِيُّ:
ويَكْشِفُ نَخْوَةَ المُخْتالِ عَنِّي
جُرَازٌ، كالعَقِيقَةِ، إِن لَقِيتُ
وأَقْدَرُ مُشْرِفُ الصَّهَوَاتِ ساطٍ
كُمَيْتٌ، لا أَحَقُّ ولا شَئِيتُ
النخوة: الكبر. والمختال: ذو الخيلاء. والجراز: السيف الماضي في
الضَّرِيبة؛ شبهه بالعقيقة من البرق في لَمَعانه. والصهوات: جمع صَهْوَة، وهو
موضع اللِّبْدِ من ظهر الفرس. والشئيب: الذي يَقْصُرُ حافرا رجليه عن
حافِرَي يديه بخلاف الأَقْدَرِ. والأَحَقُّ: الذي يُطَبِّقُ حافِرا رجليه
حافِرَيْ يديه، وذكر أَبو عبيد أَن الأَحَقَّ الذي لا يَعْرَقُ، والشَّئيتُ
العَثُور، وقيل: الأَقدر الذي يُجاوِزُ حافرا رجليه مَواقعَ حافِرَيْ
يديه؛ ذكره أَبو عبيد، وقيل: الأَقْدَرُ الذي يضع رجليه حيث ينبغي.
والقِدْرُ: معروفة أُنْثَى وتصغيرها قُدَيْرٌ، بلا هاء على غير قياس.
الأَزهري: القِدْرُ مؤنثة عند جميع العرب، بلا هاء، فإِذا صغرت قلت لها
قُدَيرة وقُدَيْر، بالهاء وغير الهاء، وأَما ما حكاه ثعلب من قول العرب ما
رأَيت قِدْراً غلا أَسْرَعَ منها فإِنه ليس على تذكير القِدْرِ ولكنهم
أَرادوا ما رأَيت شيئاً غلا؛ قال: ونظيره قول الله تعالى: لا يَحِلُّ لك
النساء من بَعْدُ؛ قال: ذكر الفعل لأَن معناه معنى شيء، كأَنه قال: لا يحل
لك شيء من النساء. قال ابن سيده: فأَما قراءة من قرأَ: فناداه الملائكة،
فإِنما بناه على الواحد عندي كقول العرب ما رأَيت قِدْراً غلا أَسْرَعَ
منها، ولا كقوله تعالى: لا يحل لك النساء من بعد، لأَن قوله تعالى: فناداه
الملائكة، ليس بجحد فيكون شيء مُقَدَّر فيه كما قُدِّرَ في ما رأَيت
قِدْراً غَلا أَسْرَعَ، وفي قوله: لا يحل لك النساء، وإِنما استعمل تقدير شيء
في النفي دون الإِيجاب لأَن قولنا شيء عام لجميع المعلومات، وكذلك النفي
في مثل هذا أَعم من الإِيجاب، أَلا ترى أَن قولك: ضربت كل رجل، كذب لا
محالةً وقولك: ما ضربت رجلاً قد يجوز أَن يكون صدقاً وكذباً، فعلى هذا
ونحوه يوجد النفي أَعم من الإِيجاب، ومن النفي قوله تعالى: لن يَنالَ اللهَ
لحومُها ولا دِماؤها، إِنما أَراد لن ينالَ اللهَ شيءٌ من لحومها ولا شيء
من دمائها؛ وجَمْعُ القِدْرِ قُدورٌ، لا يُكَسَّرُ على غير ذلك.
وقَدَرَ القِدْرَ يَقْدِرُها ويَقْدُرُها قَدْراً: طَبَخَها، واقْتَدَر
أَيضاً بمعنى قَدَرَ مثل طَبَخَ واطَّبَخَ. ومَرَقٌ مَقْدُور وقَدِيرُ
أَي مطبوخ. والقَدِيرُ: ما يطبخ في القِدْرِ، والاقتدارُ: الطَّبْخُ فيها،
ويقال: أَتَقْتَدِرُون أَم تَشْتَوُون. الليث: القديرُ ما طُبِخَ من
اللحم بتَوابِلَ، فإِن لم يكن ذا تَوابِلَ فهو طبيخ. واقْتَدَرَ القومُ:
طَبَخوا في قِدْرٍ. والقُدارُ: الطَّبَّاخُ، وقيل: الجَزَّارُ، وقيل
الجَزَّار هو الذي يلي جَزْرَ الجَزُور وطَبْخَها؛ قال مُهَلْهِلٌ:
إِنَّا لنَضْرِبُ بالصَّوارِم هامَها،
ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ
القُدَّام: جمع قادم، وقيل هو المَلِكُ. وفي حديث عُمَيْر مولى آبي
اللحم: أَمرني مولاي أَن أَقْدُرَ لحماً أَي أَطْبُخَ قِدْراً من لحم.
والقُدارُ: الغلام الخفيف الروح الثَّقِفُ اللَّقِفُ. والقُدارُ: الحية،
كل ذلك بتخفيف الدال. والقُدارُ: الثعبان العظيم.
وفي الحديث: كان يَتَقَدَّرُ في مرضه أَين أَنا اليومَ؛ أَي يُقَدِّرُ
أَيامَ أَزواجه في الدَّوْرِ علهن.
والقَدَرةُ: القارورةُ الصغيرة.
وقُدارُ بن سالِفٍ: الذي يقال له أَحْمَرُ ثمود عاقر ناقة صالح، عليه
السلام؛ قال الأَزهري: وقالت العرب للجَزَّارِ قُدارٌ تشبيهاً به؛ ومنه قول
مُهَلْهِل:
ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ
اللحياني: يقال أَقمت عنده قَدْرَ أَن يفعل ذلك، قال: ولم أَسمعهم
يطرحون أَن في المواقيت إِلا حرفاً حكاه هو والأَصمعي، وهو قولهم: ما قعدت
عنده الاَّ رَيْثَ أَعْقِد شِسْعي. وقَيْدارٌ: اسم.
قدح: القَدَحُ من الآنية، بالتحريك: واد الأَقداحِ التي للشرب، معروف؛
قال أَبو عبيد: يُرْوِي الرجلين وليس لذلك وقت؛ وقيل: هو اسم يَجْمَعُ
صغارها وكبارها، والجمع أَقْداح، ومُتَّخِذُها: قَدَّاحٌ، وصِناعَتُه:
القِداحةُ.
وقَدَحَ بالزَّنْدِ يَقْدَحُ قَدْحاً واقْتَدَح: رام الإِيراءَ به.
والمِقْدَحُ والمِقْداحُ والمِقْدَحَةُ والقَدَّاحُ، كله: الحديدة التي
يُقْدَحُ بها؛ وقيل: القَدَّاحُ والقَدَّاحة الحجر الذي يُقْدَحُ به
النار؛ وقَدَحْتُ النارَ. الأَزهري: القَدَّاحُ الحجر الذي يُورى منه النار؛
قال رؤبة:
والمَرْوَ ذا القَدَّاحِ مَضْبُوحَ الفِلَقْ
والقَدْحُ: قَدْحُك بالزَّنْد وبالقَدَّاح لتُورِيَ؛ الأَصمعي: يقال
للذي يُضْرَبُ فتخرج منه النار قَدَّاحة. وقَدَحْتُ في نسبه إِذا طعنت؛ ومنه
قول الجُلَيْح يهجو الشَّمَّاخَ:
أَشَمَّاخُ لا تَمْدَحْ بِعِرْضِكَ واقْتَصِدْ،
فأَنتَ امْرٌؤٌ زَنْداكَ للمُتَقادِحِ
أَي لا حَسَبَ لك ولا نَسَب يصح؛ معناه: فأَنت مثل زَنْدٍ من شجر
مُتَقادِح أَي رِخْوِ العيدان ضعيفها، إِذا حركته الريح حك بعضه بعضاً فالتهب
ناراً، فإِذا قُدِحَ به لمنفعة لم يُورِ شيئاً.
قال أَبو زيد: ومن أَمثالهم: اقْدَحْ بِدِفْلى في مَرْخٍ؛ مَثَلٌ يضرب
للرجل الأَريبِ الأَديب؛ قال الأَزهري: وزِنادُ الدِّفْلى والمَرْخِ كثيرة
النار لا تَصْلِدُ.
وقَدَحَ الشيءُ في صدري: أَثَّر، من ذلك؛ وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه:
يَقْدَحُ الشكُّ في قلبه بأَوَّلِ عارِضةٍ من شُبْهةٍ؛ وهو من ذلك.
واقْتَدَحَ الأَمرَ: دَبَّره ونظر فيه، والاسم القِدْحة؛ قال عمرو بن
العاص:
يا قاتَلَ اللهُ وَرْداناً وقِدْحَتَه
أَبْدى، لَعَمْرُكَ، ما في النَّفْسِ، وَرْدانُ
وَرْدانُ: غلام كان لعمرو بن العاص وكان حَصِيفاً، فاستشاره عمرو في
أَمر علي، رضي الله عنه، وأَمر معاوية إِلى أَيهما يذهب، فأَجابه وَرْدانُ
بما كان في نفسه، وقال له: الآخرة مع علي والدنيا مع معاوية وما أُراك
تختار على الدنيا، فقال عمرو هذا البيت؛ ومَن رواه: وقَدْحَتَه؛ أَراد به
مرة واحدة؛ وكذلك جاء في حديث عمرو بن العاص، وقال ابن الأَثير في شرحه ما
قلناه، وقال: القِدْحةُ اسم الضرب بالمِقْدَحَةِ، والقَدْحةُ المَرَّة،
ضربها مثلاً لاستخراجه بالنظر حقيقةَ الأَمرِ. وفي حديث حذيفة: يكون عليكم
أَمير لو قَدَحْتُموه بشعرةٍ أَوْرَيْتُموه أَي لو استخرجتم ما عنده
لظهر لضعفه كما يَستخرِجُ القادحُ النار من الزَّند فيُوري؛ فأَما قوله في
الحديث: لو شاء الله لجعل للناسِ قِدْحةَ ظُلْمة كما جعل لهم قِدْحةَ
نُورٍ، فمشتقٌّ من اقتداح النار؛ وقال الليث في تفسيره: القِدْحةُ اسم مشتق
من اقتداح النار بالزَّنْد؛ قال الأَزهري وأَما قول الشاعر:
ولأَنْتَ أَطْيَشُ، حين تَغْدُو سادِراً
رَعِشَ الجَنانِ، من القَدُوحِ الأَقْدَحِ
فإِنه أَراد قول العرب: هو أَطيش من ذُباب؛ وكل ذُباب أَقْدَحُ، ولا
تراه إِلا وكأَنه يَقْدَحُ بيديه؛ كما قال عنترة:
هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَه بِذراعِه،
قَدْحَ المُكِبِّ على الزِّنادِ الأَجْذَمِ
والقَدْحُ والقادحُ: أَكالٌ يَقَعُ في الشجر والأَسنان. والقادحُ:
العَفَنُ، وكلاهما صفة غالبة. والقادحةُ: الدودة التي تأْكل السِّنّ والشجر؛
تقول: قد أَسرعت في أَسنانه القَوادحُ؛ الأَصمعي: يقال وقع القادحُ في
خشبة بيته، يعني الآكِلَ؛ وقد قُدِحَ في السنّ والشجرة، وقُدِحتا قَدْحاً،
وقَدَح الدودُ في الأَسنان والشجر قَدْحاً، وهو تَأَكُّل يقع فيه.
والقادحُ: الصَّدْعُ في العُود، والسَّوادُ الذي يظهر في الأَسنان؛ قال
جَمِيلٌ:رَمَى اللهُ في عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بالقَذَى،
وفي الغُرِّ من أَنيابها بالقَوادِحِ
ويقال: عُود قد قُدِحَ فيه إِذا وَقَعَ فيه القادحُ؛ ويقال في مَثَل:
صَدَقَني وَسْمُ قِدْحِه أَي قال الحَقَّ؛ قاله أَبو زيد. ويقولون:
أَبْصِرْ وَسْمَ قِدْحِك أَي اعرِف نَفْسَك؛ وأَنشد:
ولكنْ رَهْطُ أُمِّكَ من شُيَيْمٍ،
فأَبْصِرْ وَسْم قِدْحِكَ في القِداحِ
وقَدَحَ في عِرْض أَخيه يَقْدَحُ قَدْحاً: عابه. وقَدَحَ في ساقِ أَخيه:
غَشَّه وعَمِلَ في شيء يكرهه. الأَزهري عن ابن الأَعرابي: تقول فلان
يَفُتُّ في عَضُدِ فلان ويَقْدَحُ في ساقِه؛ قال: والعَضُدُ أَهل بيته،
وساقُه: نفسه.
والقَديحُ: ما يبقَى في أَسفل القِدْرِ فيُغْرَفُ بجَهْد؛ وفي حديث أُم
زرع: تَقْدَحُ قِدْراً وتَنْصِبُ أُخرى أَي تَغْرِفُ؛ يقال: قَدَحَ
القِدْرَ إِذا غرف ما فيها؛ وفي حديث جابر: ثم قال ادْعِي خابِزَةً
فلْتَخْبِزْ معك واقْدَحِي في بُرْمَتِكِ أَي اغْرِفي. وقَدَحَ ما في أَسفل
القِدْرِ يَقْدَحُه قَدْحاً، فهو مَقْدُوحٌ وقَديحٌ، إِذا غَرَفَه بجَهْدٍ؛ قال
النابغة الذُّبْيانيّ:
يَظَلُّ الإِماءُ يَبْتَدِرْنَ قَديحَها،
كما ابْتَدَرَتْ كلبٌ مِياهَ قَراقِرِ
وهذا البيت أَورده الجوهري: فظَلَّ الإِماءُ، قال ابن بري: وصوابه يظل،
بالياء كما أَوردناه؛ وقبله:
بَقِيَّة قِدْرٍ من قُدُورٍ تُوُورِثَتْ
لآلِ الجُلاحِ، كابِراً بعدَ كابِرِ
أَي يَبْتَدِرُ الإِماءُ إِلى قَديح هذه القِدْر كأَنها ملكهم، كما
يبتدر كلبٌ إِلى مياه قَراقِر لأَنه ماؤهم؛ ورواه أَبو عبيدة: كما
ابْتَدَرَتْ سَعْدٌ، قال: وقَراقِرُ هو لسعدِ هُذَيْمٍ وليس لكلب. واقتِداحُ
المَرَقِ: غَرْفُه. وفي الإِناء قَدْحةٌ وقُدْحة أَي غُرْفةٌ؛ وقيل: القَدْحة
المرّة الواحدة من الفعل. والقُدْحَةُ: ما اقْتُدِحَ. يقال: أَعطني
قُدْحَةً من مَرَقَتِكَ أَي غُرْفةً. ويقال: يَبْذُلُ قَديحَ قِدْرِه يعني ما
غَرَفَ منها؛ والقَديحُ: المَرَقُ.
والمِقْدَحُ والمِقْدَحة: المِغْرَفَة؛ وقال جرير:
إِذا قِدْرُنا يوماً عن النارِ أُنْزِلَتْ،
لنا مِقْدَحٌ منها، وللجارِ مِقْدَحُ
ورَكِيٌّ قَدُوحٌ: تُغْتَرَفُ باليد.
والقِدْحُ، بالكسر: السهمُ قبل أَن يُنَصَّلَ ويُراشَ؛ وقال أَبو حنيفة:
القِدْحُ العُودُ إِذا بلغ فَشُذِّبَ عنه الغُصْنُ وقُطِعَ على مقدار
النَّبْل الذي يراد من الطُّول والقِصَر؛ قال الأَزهري: القِدْحُ قِدْحُ
السهم، وجمعه قِداح، وصانعه قَدَّاحٌ أَيضاً. ويقال: قَدَحَ في القِدْحِ
يَقْدَحُ وذلك إِذا خَرَق في السهم بسِنْخِ النَّصْل. وفي الحديث: أَن عمر
كان يُقَوِّمُهم في الصف كما يُقَوِّمُ القَدَّاحُ القِدْحَ؛ قال: وأَوّل
ما يُقْطَع ويُقْضَبُ يسمى قِطْعاً، والجمع القُطُوعُ، ثم يُبْرَى
فيُسَمَّى بَرِيّاً وذلك قبل أَن يُقَوَّمَ، فإِذا قُوِّمَ وأَنَى له أَن
يُراشَ ويُنْصَلَ، فهو القِدْحُ، فإِذا رِيشَ ورُكِّبَ نَصْلُه فيه صار
نَصْلاً؛ وقِدْحُ المَيْسِر، والجمع أَقْدُحٌ وقِداحٌ وأَقاديحُ، الأَخيرة جمع
الجمع؛ قال أَبو ذؤيب يصف إِبلاً:
أَمَّا أُولاتُ الذُّرَى منها فعاصِبَةٌ،
تَجُولُ، بين مَناقِيها، الأَقادِيحُ
والكثير قِداحٌ. وقوله فعاصبة أَي مجتمعة. والذُّرى: الأَسْنِمة.
وقُدُوحُ الرحْلِ: عِيدانُه، لا واحد لها؛ قال بِشْرُ بن أَبي خازم:
لها قَرَدٌ، كجَثْوِ النَّمْل، جَعْدٌ،
تَعَضُّ بها العَراقِي والقُدُوحُ
وحديث أَبي رافع: كنت أَعْمَلُ الأَقْداحَ، هو جمع قَدَحٍ، وهو الذي
يؤْكل فيه، وقيل: جمع قِدْحٍ، وهو السهم الذي كانوا يَسْتَقْسِمون أَو الذي
يُرْمى به عن القوس. وفي الحديث: إِنه كان يُسَوِّي الصفوف حتى يَدَعها
مثل القِدْحِ أَو الرَّقِيمِ أَي مثل السهم أَو سَطْرِ الكتابة. وحديث
أَبي هريرة: فَشَرِبْتُ حتى استوى بطني فصار كالقِدْح أَي انتصبَ بما حصل
فيه من اللبن وصار كالسهم، بعد أَن كان لَصِقَ بظهره من الخُلُوِّ. وحديث
عمر: أَنه كان يُطْعِمُ الناس عام الرَّمادة، فاتخذ قِدْحاً فيه فَرْضٌ،
أَي أَخذ سهماً وحَزَّ فيه حَزًّا عَلَّمَهُ به، فكان يَغْمِزُ القِدْحَ
في الثريد، فإِن لم يَبْلُغْ موضعَ الحَزِّ لامَ صاحبَ الطعام وعَنَّفَه.
وفي الحديث: لا تَجْعَلوني كَقَدَح الراكب أَي لا تُؤَخِّرُوني في
الذِّكْرِ، لأَن الراكب يُعَلِّقُ قَدَحَه في آخر رَحْلِه عند فراغه من
تَرْحاله ويجعله خلفه؛ قال حَسَّان:
كما نِيطَ، خَلْفَ الراكبِ، القَدَحُ الفَرْدُ
وقَدَحْتُ العينَ إِذا أَخرجتَ منها الماءَ الفاسِدَ. وقَدَحَتْ عينُه
وقَدَّحتْ: غارت، فهي مُقَدِّحةٌ، وخيل مُقَدِّحةٌ: غائرة العيون،
ومُقَدَّحةٌ، على صيغة المفعول: ضامرة كأَنها ضُمِّرَتْ، فُعِلَ ذلك بها.
وقَدَّحَ فرسَه تَقْدِيحاً: ضَمَّره، فهو مُقَدَّحٌ. وقَدَحَ خِتامَ الخابية
قَدْحاً: فَضَّه؛ قال لبيد:
أَغْلِي السِّباءَ أَدْكَنَ عاتِقٍ،
أَو جَوْنةٍ قُدِحَتْ، وفُضَّ خِتامُها
والقَدَّاحُ: نَوْرُ النبات قبل أَن يَتَفَتَّح، اسم كالقَذَّاف.
والقَدَّاحُ: الفِصْفِصَةُ الرَّطْبةُ، عِراقِيَّةٌ، الواحدة قَدَّاحة؛ وقيل:
هي أَطراف النبات من الورق الغَضِّ؛ الأَزهري: القَدَّاحُ أَرْآدٌ
رَخْصَةٌ من الفِصْفِصة. ودارَةُ القَدَّاح: موضع؛ عن كراع.
نمم: النَّمُّ: التوريشُ والإغْراءُ ورَفْع الحديثِ على وجه الإشاعةِ
والإفْسادِ، وقيل: تَزْيينُ الكلام بالكذب، والفعلُ نَمَّ يَنِمُّ
ويَنُمُّ، والأصل الضم، ونَمَّ به وعليه نَمّاً ونَميمةً ونميماً، وقيل:
النَّمِيمُ جمعُ نميمةٍ بعدَ أن يكون اسماً. التهذيب: النَّمِيمةُ والنَّمِيمُ
هما الاسم، والنعتُ نَمّامٌ؛ وأَنشد ثعلب في تعدية نَمَّ بِعلى:
ونَمَّ عليك الكاشِحُونَ، وقَبْلَ ذا
عليك الهَوَى قد نَمَّ، لو نَفَعَ النَّمُّ
ورجل نََمومٌ ونَمّامٌ ومِنَمٌّ ونَمٌّ أَي قَتّاتٌ من قومٍ نَمِّين
وأَنِمّاءَ ونُمٍّ، وصرَّح اللحياني بأَنَّ نُمّاً جمع نَمومٍ، وهو القياس،
وامرأَة نَمَّة. قال أَبو بكر: قال أَبو العباس النَّمّام معناه في كلام
العرب الذي لا يُمْسِك الأَحاديثَ ولم يَحْفَظْها، من قولهم جُلودٌ
نَمَّةٌ إذا كانت لا تُمْسِك الماءَ. يقال: نَمَّ فلانٌ يَنِمُّ نَمّاً إذا
ضيَّعَ الأَحاديثَ ولم يحفظها؛ وأَنشد الفراء:
بَكَتْ من حديثٍ نَمَّه وأَشاعَه،
ولَصَّقَه واشٍ منِ القومِ واضِعُ
ويقال للنَّمَّام: القَتّاتُ، يقال: قَتَّ إذا مشى بالنَّميمة. ويقال
للنَّمّام قَسّاسٌ ودَرَّاجٌ وغَمّازٌ وهَمّازٌ ومائسٌ ومِمْآسٌ، وقد ماسَ
من القوم ونَمِلَ. الجوهري: نَمَّ الحديثَ يَنِمُّه ويَنُمُّه نمّاً أي
قَتَّه، والاسم النَّميمةُ، وقد تكرر في الحديث ذكرُ النميمةِ، وهو نَقْلُ
الحديث من قومٍ إلى قوم على جهة الإفْسادِ والشَّرِّ. ونَمَّ الحديثَ:
نقَلَه. ونمَّ الحديث: إذا ظهر، فهو متعدٍّ ولازمٌ. والنميمةُ: صوتُ
الكتابةِ والكتابةُ، وقيل: هو وَسْواسُ هَمْسِ الكلام؛ قال أَبو ذؤَيب:
فشَربْنَ ثمَّ سَمِعْنَ حِسّاً دُونَه
شرف الحجاب، وريبُ قَرْعٍ يَقْرع
ونَمِيمة من قانِصٍ مُتَلَبّبٍ،
في كفِّه جَشْءٌ أَجَشّ وأَقْطَعُ
قال الأَصمعي: معناه أَنه سمع ما نَمَّ على القانص. وقال غيره:
النَّميمةُ الصوت الخفيّ من حركة شيء أَو وَطْءِ قدَمٍ، وقال الأَصمعي: أَراد به
صوت وَتَرٍ أو ريحاً اسْتَرْوَحَته الحُمُرُ، وأَنكر: وهَماهِماً من
قانِصٍ، قال: لأَنه أَشد خَتْلاً في القَنِيص من أَن يُهَمْهِمَ للوحش؛ ألا
ترى لقول رؤبة:
فباتَ والنَّفْسُ من الحِرْصِ الفَشَقْ
في الزَّرْبِ، لو يُمْضَعُ شَرْىاً ما بَصَقْ
والفَشَقُ: الانتشار. والنامّة: حياة النَّفْسِ. وفي الحديث: لا
تُمَثِّلوا بنامَّةِ الله أي بخَلْق الله، وناميةِ الله أَيضاً؛ هذه الأخيرة على
البدل. والنَّميمة: الهَمس والحركة. وأَسكت الله نامّته أي جَرْسَه، وما
يَنِمُّ عليه من حَرَكته؛ قال: وقد يهمز فيجعل من النَّئِيم. وسَمِعْتُ
نامَّتَه ونَمَّتَه أي حِسَّه، والأَعرفُ في ذلك نأْمَتَه. ونَمَّ
الشيءُ: سَطَعتْ رائحتُه. والنَّمَّام: نبت طيِّب الريح، صفة غالبة.
ونَمْنَمَت الريحُ الترابَ: خَطَّتْه وتَرَكَتْ عليه أَثراً شِبْه
الكتابة، وهو النِّمْنِمُ والنِّمْنِيمُ؛ قال ذو الرمة:
فَيْفٌ عليها لذَيْلِ الريحِ نِمْنِيمُ
والنَّمْنَمةُ: خُطوطٌ متقارِبة قِصارٌ شِبْهُ ما تُنَمْنِمُ الريحُ
دُقاقَ التراب، ولكل وَشْيٍ نَمْنَمةٌ. وكتابٌ مُنَمْنَمٌ: مُنقَّش.
ونَمْنَمَ الشيءَ نَمْنَمة أي رَقَّشه وزَخْرفه. وثوبٌ مُنَمْنَمٌ: مرقوم
مُوَشّىً. والنِّمْنِمُ والنُّمْنُمُ: البياض الذي على أَظْفارِ الأحداثِ،
واحدته نِمْنِمةٌ، بالكسر، ونُمنُمَةٌ؛ قال رؤبة يصف قوساً رُصِّع مَقْبِضُها
بسُيورٍ مُنَمْنَمةٍ:
رصْعاً كَساها شِيَةً نَمِيما
أي نقَشها. ابن الأَعرابي: النَّمَّة اللُّمْعة من بياضٍ في سوادٍ
وسوادٍ في بياضٍ. والنِّمَّةُ: القَمْلة. وفي حديث سُويَد بن غَفَلة: أُتي
بناقةٍ مُنَمْنَمةٍ أَي سَمِينةٍ مُلْتَفَّة. والنبتُ المُنَمْنَمُ:
المُلْتَفّ المجتمِع. والنِّمّةُ: النَّمْلة في بعض اللغات. والنُّمِّيُّ: فلوس
الرَّصاص، رومية؛ قال أَوس بن حجر:
وقارَفَت، وهي لم تَجْرَبْ، وباعَ لها،
مِنَ الفَصافِصِ بالنُّمِّيِّ، سِفْسِيرُ
واحدته نُمِّيَّة، ونسب الجوهري هذا البيت للنابغة يصف فرساً
(* قوله
«يصف فرساً» في التكملة ما نصه: هذا غلط، وليس يصف فرساً وإنما يصف ناقة،
وقبل البيت:
هل تبلغينهم حرف مصرمة * أجد الفقار وإدلاج وتهدير
قدعريت نصف حول أشهراً جدداً * يسفي على رحلها بالحيرة المور
والبيت لأوس بن حجر لا للنابغة). والنُّمِّيُّ: الضَّنْجةُ.
والنُّمِّيُّ: العَيْبُ؛ عن ثعلب؛ وأَنشد لمِسْكينٍ الدارِميِّ:
ولو شِئْتُ أَبْدَيْتُ نُمِّيَّهم،
وأَدخلْتُ تحت الثِّيابِ الإبَرْ
قال ابن بري: قال الوزير المَغْرِبيّ أَراد بالنُّمِّيّ هنا العيبَ
وأَصله الرَّصاصُ. جعله في العيب بمنزلة الرَّصاص في الفِضَّة. التهذيب:
النُّمِّيُّ الفَلْسُ بالرومية، بالضم. وقال بعضهم: ما كان من الدراهم فيه
رَصاصٌ أَو نحاس فهو نُمِّيٌّ، قال: وكانت بالحِيرة على عهد النُّعمانِ بن
المنذر. وما بها نُمِّيٌّ أَي ما بها أَحدٌ. والنُّمِّيّةُ: الطبيعة؛ قال
الطرماح:
بلا خَدَبٍ ولا خَوَرٍ، إذا ما
بَدَتْ نُمِّيّةُ الخُدْبِ النُّفاةِ
ونُمِّيُّ الرجلِ: نُحاسُه وطَبْعُه؛ قال أَبو وجزة:
ولولا غيرهُ لكشَفْتُ عنه،
وعن نُمِّيَّةِ الطَّبْعِ اللَّعينِ
نعع: النُّعاعةَ: بقلة ناعمةٌ. وقال ابن السكيت: النعاعةُ اللُّعاعةُ،
وهي بقلةٌ ناعمةٌ. وقال ابن بري: النَّعْناعُ البَقْلُ، والنُّعاعةُ موضع؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
لا مالَ إِلا إِبِلٌ جَمَّاعهْ،
مَشْرَبُها الجَيْأَةُ أَو نُعاعَهْ
قال ابن سيده: وحكى يعقوب أَن نونها بدل من لام لُعاعةٍ، وهذا قويّ
لأَنهم قالوا أَلَعَّتِ الأَرضُ ولم يقولوا أَنَعَّتْ. وقال أَبو حنيفة:
النُّعاعُ النبات الغَضُّ الناعِمُ في أَوّلِ نباتِه قبل أَن يَكْتَهِلَ،
وواحدته بالهاء.
والنُّعْنُعُ: الذَّكَرُ المُسْتَرْخِي. والنَّعْنَعةُ: ضَعْفُ
الغُرْمُولِ بعد قوّته. والنُّعْنُعُ: الرجُل الطوِيلُ المُضْطَربُ الرَّخْوُ،
والنُّعُّ: الضعِيفُ. والتَّنَعْنُعُ: الاضْطِرابُ والتّمايُلُ؛ قال
طُفَيْلٌ:
منَ النّبيِّ اسْتَحْقَبَتْ كلَّ مِرْفَقٍ
رَوادِفَ، أمثالَ الدِّلاءِ تَنَعْنَعُ
والتَّنَعْنُعُ: التَّباعُدُ؛ ومنه قولُ ذي الرُّمّة:
على مِثْلِها يَدْنو البَعِيدُ، ويَبْعُدُ الـ
ـقَرِيبُ، ويُطْوَى النازِحُ المُتَنَعْنِعُ
والنُّعْنُعُ: الفَرْجُ الطوِيل الرَّقِيقُ؛ وأَنشد:
سَلُوا نِساءَ أَشْجَعُ:
أَيُّ الأُيُورِ أَنْفَعْ؟
أَأَلطَّوِيلُ النُّعْنُعْ؟
أَم القَصِيرُ القَرْصَعْ؟
القَرْصَعُ: القَصِيرُ المُعَجَّرُ. ويقال لِبَظْرِ المرأَةِ إِذا طالَ:
نُعْنُعٌ؛ قال المُغِيرةُ بن حَبْناءَ:
وإِلاَّ جِئْتُ نُعْنُعَها بقَوْلٍ،
يُصَيِّره ثَماناً في ثَمانِ
قال أَبو منصور: قوله ثَماناً لحن والصحيح ثَمانِياً، وإِن روي:
يُصَيِّرُه ثَمانٍ في ثَمان
على لغة من يقول رأَيت قاضٍ كان جائزاً، قال الأَصمعي: المَعِدَةُ من
الإِنسان مثل الكَرِشِ من الدوابّ،وهي من الطير القانِصةُ بمنزلة القب
(*
قوله« القب» كذا بالأصل.) على فُوهةِ المَصارِينِ، قال: والحَوْصَلةُ يقال
لها النُّعْنُعةُ؛ وأَنشد:
فَعَبَّتْ لَهُنَّ الماءَ في نُعْنُعاتِها،
ووَلَّيْنَ تَوْلاةَ المُشِيح المُحاذِر
قال: وحَوْصَلةُ الرجُلِ كلُّ شيء أَسفلَ السُّرَّةِ.
والنُّعْنُعُ والنَّعْنَعُ والنَّعْناعُ: بَقْلةٌ طَيِّبةُ الرِّيحِ.
قال أَبو حنيفة: النُّعْنُعُ، هكذا ذكره بعض الرُّواة بالضم، بقلة طيبة
الريحِ والطعم فيها حَرارةٌ على اللسان، قال: والعامة تقول نَعْنَعٌ،
بالفتح، وفي الصحاح: ونَعْنَعٌ مقصور منه، ولم ينسبه إِلى العامّة.
والنَّعْنَعةُ: حِكايةُ صوت يرجع إِلى العين والنون.
نغش: النَغْشُ والانْتِغاشُ والنَّغَشانُ: تحرُّكُ الشيء في مكانه.
تقول: دارٌ تَنْتَغِشُ صِبْياناً ورأْس تَنْتَغِشُ صِئْباناً؛ وأَنشد الليث
لبعضهم في صفة القُراد:
إِذا سَمِعَتْ وطْءَ الرِّكابِ تَنَغَّشَتْ
حُشاشَتُها، في غير لَحْم ولا دَم
وفي الحديث أَنه قال: مَنْ يَاْتِيني بخبَرِ سعْدِ بن الربيع؟ قال محمدُ
بن سلَمةَ: فرَأَيتُه وسَطَ القَتْلى صَريعاً فنادَيْتُه فلم يُجِبْ،
فقُلْت: إِن رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، أَرْسَلَني إِليك،
فَتَنَغَّشَ كما تَتَنَغّشُ الطيرُ أَي تحرَّك حركة ضعيفة. وانْتَغَشَت الدارُ
بأَهلها والرأْسُ بالقَمْل وتَنَغَّشَ: ماجَ.
والتَّنَغُّشُ: دخولُ الشيء بعضه في بعض كتداخُلِ الدَّبَى ونحوِه. أَبو
سعيد: سُقِي فلانٌ فتَنَغَّشَ تَنَغُّشاً. ونَغَشَ إِذا تحرَّك بعد أَن
كان غُشِي عليه، وانْتَغَشَ الدُّودُ.
ابن الأَعرابي: النُّغَاشِيّون هم القِصارُ. في الحديث: أَنه رأَى
نُغاشِيّاً فسجَدَ شُكْراً للَّه تعالى. والنُّغَاشُ: القَصِيرُ. وورد في
الحديث: أَنه مرَّ بِرَجُل نُغَاشٍ فَخَرّ ساجِداً ثم قال: أَسْأَلُ اللَّهَ
العافيةَ، وفي رواية أُخرى: مرّ برجل نُغاشِيٍّ؛ النُّغَاشُ
والنُّغاشِيُّ: القصيرُ أَقْصَر ما يكون، الضعيف الحركة الناقص الخَلْق.
ونغَشَ الماء إِذا رَكِبَه البعيرُ في غَدِير ونحوه، واللَّه عز وجل
أَعلم.