بفتح أوّله وثانيه، وسكون النون، وجيم:
بــلدة في نواحي مصر من نواحي الشرقية.
قيظ: القَيْظُ: صَمِيمُ الصيْف، وهو حاقُّ الصيف، وهو من طلوع النجم
إِلى طلوع سهيل، أَعني بالنجم الثريَّا، والجمع أَقْياظٌ وقُيوظٌ.
وعامَله مُقايَظةً وقُيوظاً أَي لزمن القيظ؛ الأَخيرة غريبة، وكذلك
استأْجره مُقايَظة وقِياظاً؛ وقول امرئ القيس أَنشده أَبو حنيفة:
قايَظْنَنا يأْكلن فينا
قُدّاً، ومَحْرُوتَ الجمال
(* القدّ: بالضم: السمك البحري. المحروت: نبات. وقد ورد هذا البيت في
مادة حرت وفيه القِد بكسر القاف وهو الشيء المقدود أَو القديد، وفيه الخمال
بدل الجمال، ولعل الخمال جمع لخميلة على غير القياس.)
إِنما أَراد قِظْنَ معنا. وقولهم اجتمع القَيْظُ إِنما هو على سعة
الكلام، وحقيقته: اجتمع الناس في القيظ فحذفوا إِيجازاً واخْتصاراً، ولأَن
المعنى قد عُلم، وهو نحو قولهم اجتمعت اليمامةُ يريدون أَهل اليمامة.
وقد قاظ يومُنا: اشتد حَرُّه؛ وقِظْنا بمكان كذا وكذا وقاظوا بموضع كذا،
وقيَّظُوا واقتاظوا: أَقاموا زمن قيظهم؛ قال تَوْبةُ بن الحُمَيِّر:
تَرَبَّعُ لَيْلَى بالمُضَيَّحِ فالحِمَى،
وتَقْتاظُ من بَطْنِ العَقِيقِ السَّواقِيا
واسم ذلك الموضع: المَقِيظُ والمَقْيَظُ. وقال ابن الأَعرابي: لا
مَقِيظَ بأَرض لا بُهْمَى فيها أَي لا مَرْعى في القيظ. والمَقِيظُ والمَصِيفُ
واحد. ومَقِيظ القوم: الموضعُ الذي يقام فيه وقتَ القَيْظِ، ومَصِيفُهم:
الموضعُ الذي يقام فيه وقتَ الصيف. قال الأَزهري: العرب تقول: السنة
أَربعة أَزمان، ولكل زمن منها ثلاثة أَشهر، وهي فصول السنة: منها فصل الصيف
وهو فصلُ ربيع الكَلإِ آذارُ ونَيْسانُ وأَيّارُ، ثم بعده فصل القيظ
حَزِيرانُ وتَموزُ وآب، ثم بعده فصل الخريف أَيْلُولُ وتَشْرِين وتَشْرين، ثم
بعده فصل الشتاء كانُونُ وكانونُ وسُباطُ.
وقَيَّظَني الشيءُ: كفاني لِقَيْظَتي. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه،
أَنه قال حين أَمره النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، بتزويد وفْد مُزَينةَ: ما
هي إِلا أَصْوُعٌ ما يُقَيِّظْن بَنِيَّ، يعني أَنه لا يكفيهم لقيْظهم
يعني زمان شدّة الحر. والقيظُ: حَمَارَّةُ الصيف؛ يقال: قيَّظني هذا
الطعام وهذا الثوب وهذا الشيء، وشَتّاني وصَيَّفَني أَي كفاني لقيظي؛ وأَنشد
الكسائي:
مَنْ يكُ ذا بَتٍّ، فهذا بَتِّي
مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي
تَخِذْتُه من نعَجاتٍ سِتِّ
سُودٍ، نِعاجٍ كنِعاجِ الدَّشْتِ
يقول: يكفيني القَيْظَ والصَّيفَ والشتاءَ، وقاظَ بالمكان وتَقَيَّظَ به
إِذا أَقام به في الصيف؛ قال الأَعشى:
يا رَخَماً قاظَ على مَطْلوبِ،
يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئ المُطِيبِ
وفي الحديث: سِرنا مع رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، في يوم قائظ
أَي شدِيدِ الحرّ. وفي حديث أَشراط الساعة: أَن يكون الولد غَيْظاً والمطر
قَيْظاً، لأَن المطر إَنما يُراد للنبات وبَرْدِ الهواء والقيظُ ضدّ
ذلك.وفي الحديث ذكر قَيْظ، بفتح القاف، موضع بقُرب مكة على أَربعة أَميال من
نخلة.
والمَقِيظةُ: نبات يبقى أَخْضَرَ إِلى القيظ يكون عُلْقةً للإِبل إِذا
يَبِس ما سواه. والمَقِيظةُ من النبات: الذي تدُوم خُضرته إِلى آخِرِ
القَيْظ، وإِن هاجت الأَرض وجَفَّ البَقل.
قلط: القَلَطِيُّ: القصير جِدّاً. ابن سيده: القَلَطِيُّ والقُلاطُ
والقِيلِيطُ، وأَرى الأَخيرة سواديّةً، كله: القصير المجتمع من الناس
والسَّنانير والكلاب. والقَيْلِيطُ، وقيل القَيْلَطُ: المُنْتفِخ الخُصْية،
ويقال له ذو القَيْلطِ. والقِيلِطُ: الآدَرُ وهو القَيْلةُ. ابن الأَعرابي:
القَلْطُ الدَّمامةُ. والقلَّوْط، يقال، واللّه أَعلم: إِنه من أَولاد
الجنّ والشياطين. والقِليطُ: العظيم البيضتين.
قفط: قَفَط الطائرُ الأُنثى وقَمَطها يَقْفُطُها ويَقْفِطُها قَفْطاً
وقَفِطَها: سَفَدها، وقيل: القَفْطُ إِنما يكون لذواتِ الظِّلف، وذَقط
الطائرُ يَذْقِطُ ذَقْطاً. ابن شميل: القَفْطُ شدَّة لَحاقِ الرَّجل المرأَةَ
أَي شدة احْتِفازه، والذَّقْطُ غَمْسُه فيها، والقَفْطُ نحوه. يقال:
مَقَطها ونَخَسها وداسها يَدُوسها، والدَوْسُ النَّيْكُ. وقَفَطَ الماعِزُ:
نَزا. واقْفاطَّتِ المِعزى اقْفيطاطاً: حَرَصَت على الفحل فمدَّت
مُؤخّرها إِليه. واقْتَفَط التيْس إِليها واقْتَفَطها وتَقافَطا تَعاوَنا على
ذلك.
والقَفَطى والقَيْفطُ، كلاهما: الكثير الجماع؛ القَيْفَطُ على فَيْعل من
القَفْط مثل خَيْطف من الخَطْف، والتيْسُ يَقْتَفِطُ إِليها
ويَقْتَفِطها إِذا ضم مُؤخّره إِليها. وقَفَطنا بخير: كافأَنا.
وقال الليثُ: رُقْيةُ العقرب «شَجّة قَرنِيّة مِلْحة بَحْري قَفَطي»
يقرؤها سبع مرات، وقل هو اللّه أَحد، سبع مرات.
قسط: في أَسماء اللّه تعالى الحسنى المُقْسِطُ: هو العادِلُ. يقال:
أَقْسَطَ يُقْسِطُ، فهو مُقْسِطٌ إِذا عدَل، وقَسَطَ يَقْسِطُ، فهو قاسِطٌ
إِذا جارَ، فكأَن الهمزة في أَقْسَطَ للسَّلْب كما يقال شَكا إِليه
فأَشْكاه. وفي الحديث: أَنّ اللّهَ لا يَنامُ ولا ينبغي له أَن ينامَ، يَخْفِضُ
القِسْطَ ويرفَعُه؛ القِسْطُ: المِيزانُ، سمي به من القِسْطِ العَدْلِ،
أَراد أَن اللّه يَخفِضُ ويَرْفَعُ مِيزانَ أَعمالِ العِبادِ المرتفعةِ
إِليه وأَرزاقَهم النازلةَ من عنده كما يرفع الوزَّانُ يده ويَخْفِضُها عند
الوَزْن، وهو تمثيل لما يُقَدِّرُه اللّه ويُنْزِلُه، وقيل: أَراد
بالقِسْط القِسْمَ من الرِّزقِ الذي هو نَصِيبُ كل مخلوق، وخَفْضُه تقليلُه،
ورفْعُه تكثيره. والقِسْطُ: الحِصَّةُ والنَّصِيبُ. يقال: أَخذ كل واحد من
الشركاء قِسْطَه أَي حِصَّتَه. وكلُّ مِقدار فهو قِسْطٌ في الماء وغيره.
وتقَسَّطُوا الشيءَ بينهم: تقسَّمُوه على العَدْل والسَّواء. والقِسْط،
بالكسر: العَدْلُ، وهو من المصادر الموصوف بها كعَدْل، يقال: مِيزانٌ
قِسْط، ومِيزانانِ قسط، ومَوازِينُ قِسْطٌ. وقوله تعالى: ونضَعُ المَوازِينَ
القِسْطَ؛ أَي ذواتِ القِسْط. وقال تعالى: وزِنُوا بالقِسْطاس المستقيم؛
يقال: هو أَقْوَمُ المَوازِين، وقال بعضهم: هو الشَّاهِينُ، ويقال:
قُسْطاسٌ وقِسْطاسٌ. والإِقساطُ والقِسْطُ: العَدْلُ. ويقال: أَقْسَطَ
وقَسَطَ إِذا عدَلَ. وجاءَ في بعض الحديث: إِذا حكَمُوا عدَلوا وإِذا قسَموا
أَقْسَطُوا أَي عَدَلُوا
(*
قوله «وإِذا قسموا أَي عدلوا ههنا فقد جاء إلخ» هكذا في الأَصل.) ههنا،
فقد جاءَ قَسَطَ في معنى عدل، ففي العدل لغتان: قَسَطَ وأَقْسَطَ، وفي
الجَوْر لغة واحدة قسَطَ، بغيرِ الأَلف، ومصدره القُسُوطُ. وفي حديث عليّ،
رضوان اللّه عليه: أُمِرْتُ بِقتالِ الناكثِينَ والقاسِطِينَ
والمارِقِينَ؛ الناكِثُون: أَهلُ الجمَل لأَنهم نَكَثُوا بَيْعَتهم، والقاسِطُونَ:
أَهلُ صِفَّينَ لأَنهم جارُوا في الحُكم وبَغَوْا عليه، والمارِقُون:
الخوارِجُ لأَنهم مَرَقُوا من الدين كما يَمْرُق السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ.
وأَقْسطَ في حكمه: عدَلَ، فهو مُقْسِطٌ. وفي التنزيل العزيز: وأَقْسِطُوا
إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ المُقْسِطينَ. والقِسْط: الجَوْر. والقُسُوط:
الجَوْرُ والعُدُول عن الحق؛ وأَنشد:
يَشْفِي مِنَ الضِّغْنِ قُسُوطُ القاسِطِ
قال: هو من قَسَطَ يَقْسِطُ قُسوطاً وقسَطَ قُسوطاً: جارَ. وفي التنزيل
العزيز: وأَمَّا القاسِطُون فكانوا لجهنَّم حَطَباً؛ قال الفراء: هم
الجائرون الكفَّار، قال: والمُقْسِطون العادلُون المسلمون. قال اللّه تعالى:
إِن اللّه يُحب المقسطين. والإِقْساطُ: العَدل في القسْمة والحُكم؛ يقال:
أَقْسَطْتُ بينهم وأَقسطت إِليهم.
وقَسَّطَ الشيءَ: فرَّقَه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لو كان خَزُّ واسِطٍ وسَقَطُهْ،
وعالِجٌ نَصِيُّه وسَبَطهْ،
والشَّامُ طُرّاً زَيْتُه وحِنَطُهْ
يأْوِي إِليها، أَصْبَحَتْ تُقَسِّطُهْ
ويقال: قَسَّطَ على عِيالِه النفَقةَ تَقْسِيطاً إِذا قَتَّرَها؛ وقال
الطرمَّاح:
كَفَّاه كَفٌّ لا يُرَى سَيْبُها
مُقَسَّطاً رَهْبةَ إِعْدامِها
والقِسْطُ: الكُوزُ عنه أَهل الأَمصار. والقِسْطُ: مِكْيالٌ، وهو نِصْف
صاعٍ، والفَرَقُ ستةُ أَقْساطٍ. المبرد: القِسْطُ أَربعمائة وأَحد
وثمانون دِرهماً. وفي الحديث: إِنَّ النِّساءَ من أَسْفَهِ السُّفَهاء إِلاّ
صاحِبةَ القِسْطِ والسِّراج؛ القِسْطُ: نصف الصاع وأَصله من القِسْطِ
النَّصِيبِ، وأَراد به ههنا الإِناء الذي تُوَضِّئُه فيه كأَنه أَراد إِلاَّ
التي تَخْدُم بعْلها وتَقُوم بأُمُورِه في وُضُوئه وسِراجه. وفي حديث علي،
رضوان اللّه عليه: أَنه أَجْرى للناسِ المُدْيَيْن والقِسْطَيْن؛
القِسْطانِ: نَصِيبانِ من زيت كان يرزُقُهما الناسَ.
أَبو عمرو: القَسْطانُ والكَسْطانُ الغُبارُ.
والقَسَطُ: طُول الرِّجل وسَعَتُها. والقَسَطُ: يُبْسٌ يكون في الرِّجل
والرأْس والرُّكْبةِ، وقيل: هو في الإِبل أَن يكون البعير يابس الرِّجلين
خِلْقة، وقيل: هو الأَقْسَطُ والناقةُ قَسْطاء، وقيل: الأَقْسَطُ من
الإِبل الذي في عَصَب قَوائمه يُبْسٌ خِلقَةً، قال: وهو في الخيل قِصَرُ
الفخذ والوَظِيفِ وانْتِصابُ السَّاقين، وفي الصحاح: وانْتصابٌ في رِجلي
الدابة؛ قال ابن سيده: وذلك ضَعْف وهو من العُيوب التي تكون خلقة لأَنه
يستحب فيهما الانْحناءُ والتوْتِيرُ، قَسِطَ قَسَطاً وهو أَقْسَطُ بَيِّنُ
القَسَطِ. التهذيب: والرِّجل القَسْطاءُ في ساقها اعْوِجاجٌ حتى تَتَنَحَّى
القَدَمانِ ويَنْضَمَّ السَّاقانِ، قال: والقَسَطُ خِلافُ الحَنَفِ؛ قال
امرؤُ القَيْس يَصفُ الخيل:
إِذْ هُنَّ أَقْساطٌ كَرِجْلِ الدَّبى،
أَوْ كَقَطا كاظِمةَ النَّاهِلِ
(* قوله «إذ هن أقساط إلخ» أورده شارح القاموس في المستدركات وفسره
بقوله أي قطع.)
أَبو عبيد عن العَدَبَّس: إِذا كان البعير يابسَ الرجلين فهو أَقْسَطُ،
ويكون القَسَطُ يُبْساً في العنُق؛ قال رؤْبة:
وضَرْبِ أَعْناقِهِم القِساطِ
يقال: عُنُقٌ قَسْطاء وأَعْناقٌ قِساطٌ. أَبو عمرو: قَسِطَتْ عِظامُه
قُسُوطاً إِذا يَبِسَتْ من الهُزال؛ وأَنشد:
أَعطاه عَوْداً قاسِطاً عِظامُه،
وهُوَ يَبْكي أَسَفاً ويَنْتَحبْ
ابن الأَعرابي والأَصمعي: في رِجله قَسَطٌ، وهو أَن تكون الرِّجل
مَلْساء الأَسْفل كأَنَّها مالَجٌ.
والقُسْطانِيَّةُ والقُسْطانيُّ: خُيوطٌ كخُيوطِ قَوْسِ المُزْنِ تخيط
بالقمر
(* قوله «تخيط بالقمر» كذا بالأَصل وشرح القاموس.) وهي من علامة
المطر.
والقُسْطانةُ: قَوْسُ قُزحَ
(* قوله «والقسطانة قوس إلخ» كذا في الأَصل
بهاء التأنيث.)؛ قال أَبو سعيد: يقال لقوس اللّه القُسْطانيُّ؛ وأَنشد:
وأُديرَتْ خفَفٌ تَحْتَها،
مِثْلُ قُسْطانيِّ دَجْن الغَمام
قال أَبو عمرو: القُسْطانيُّ قَوْسُ قُزَحَ ونُهِي عن تسمية قَوْسِ
قزحَ. والقُسْطَناس: الصَّلاءَةُ.
والقُسْطُ، بالضم: عود يُتَبخَّر به لغة في الكُسْطِ عُقَّارٌ من
عَقاقِير البحر، وقال يعقوب: القاف بدل، وقال الليث: القُسط عُود يُجاءُ به من
الهِند يجعل في البَخُور والدَّواء، قال أَبو عمرو: يقال لهذا البَخُور
قُسْطٌ وكُسْطٌ وكُشْط؛ وأَنشد ابن بري لبشر ابن أَبي خازِم:
وقَدْ أُوقِرْنَ من زَبَدٍ وقُسْطٍ،
ومن مِسْكٍ أَحَمَّ ومن سَلام
وفي حديث أُمّ عطِيَّة: لا تَمَسُّ طِيباً إِلاَّ نُبْذةً من قُسْطٍ
وأَظْفارٍ، وفي رواية: قُسْط أَظْفار؛ القُسْطُ: هو ضَرْب من الطِّيب، وقيل:
هو العُودُ؛ غيره: والقُسْطُ عُقَّار معروف طيِّب الرِّيح تَتَبخَّر به
النفساء والأَطْفالُ؛ قال ابن الأَثير: وهو أَشبه بالحديث لأَنه أَضافه
إِلى الأَظفار؛ وقول الراجز:
تُبْدِي نَقِيّاً زانَها خِمارُها،
وقُسْطةً ما شانَها غُفارُها
يقال: هي الساق نُقِلت من كتاب
(* قوله: نقلت من كتاب، هكذا في
الأَصل.).وقُسَيْطٌ: اسم. وقاسطٌ: أَبو حَيّ، وهو قاسِطُ ابن هِنْبِ بن أَفْصَى
بن دُعْمِيّ بن جَدِيلةَ بن أَسَدِ ابن رَبيعةَ.
قبض: القَبْضُ: خِلافُ البَسْط، قَبَضَه يَقْبِضُه قَبْضاً وقَبّضَه؛
الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرَكْتُ ابنَ ذي الجَدَّينِ فيه مُرِشَّةٌ،
يُقَبِّضُ أَحْشاءَ الجَبانِ شَهِيقُها
والانْقِباضُ: خِلافُ الانْبِساط، وقد انْقَبَضَ وتَقَبَّضَ. وانْقَبَضَ
الشيءُ: صارَ مَقْبُوضاً. وتَقَبَّضَتِ الجــلدة في النار أَي انْزَوَتْ.
وفي أَسماء اللّه تعالى: القابِضُ، هو الذي يُمْسِكُ الرزق وغيره من
الأَشياء عن العِبادِ بلُطْفِه وحِكمته ويَقْبِضُ الأَرْواحَ عند المَمات.
وفي الحديث: يَقْبِضُ اللّه الأَرضَ ويقبض السماء أَي يجمعهما. وقُبِضَ
المريضُ إِذا توُفِّيَ وإِذا أَشرف على الموت. وفي الحديث: فأَرْسَلَتْ
إِليه أَن ابناً لي قُبِضَ؛ أَرادت أَنه في حال القَبْضِ ومُعالجة النَّزْع.
الليث: إِنه ليَقْبِضُني ما قَبَضَك؛ قال الأَزهري: معناه أَنه
يُحْشِمُني ما أَحْشَمَكَ، ونَقِيضُه من الكلام: إِنه لَيَبْسُطُني ما بَسَطَك.
ويقال: الخَيْرُ يَبْسُطُه والشرُّ يَقْبِضُه. وفي الحديث: فاطِمةُ بَضْعةٌ
مني يَقْبِضُني ما قبَضها أَي أَكره ما تكرهه وأَنْجَمِعُ مما تنجمع
منه. والتَّقَبُّضُ: التَّشَنُّجُ. والملَكُ قابِضُ الأَرْواح. والقبض: مصدر
قَبَضْت قَبْضاً، يقال: قبضتُ مالي قبضاً. والقَبْضُ: الانقباض، وأَصله
في جناح الطائر؛ قال اللّه تعالى: ويَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلا
الرحمن. وقبَضَ الطائرُ جناحَه: جَمَعَه. وتَقَبَّضَتِ الجــلدةُ في النار أَي
انْزَوَتْ. وقوله تعالى: ويَقْبِضُون أَيديَهم؛ أَي عن النفقة، وقيل: لا
يُؤْتون الزكاة. واللّه يَقْبِضُ ويبسُط أَي يُضَيِّقُ على قوم
ويُوَسِّع على قوم. وقَبَّضَ ما بين عينيه فَتَقَبَّضَ: زَواه. وقَبَّضْتُ الشيءَ
تَقْبِيضاً: جَمَعْتُه وزَوَيْتُه. ويومٌ يُقَبِّضُ ما بين
العَيْنَيْنِ: يكنى بذلك عن شدة خَوْفٍ أَو حَرْب، وكذلك يومٌ يُقَبِّضُ الحشَى.
والقُبْضةُ، بالضم: ما قَبَضْتَ عليه من شيء، يقال: أَعْطاه قُبضة من سَوِيق
أَو تمر أَو كَفّاً
(* قوله «أو كفاً» في شرح القاموس: أَي كفاً.) منه،
وربما جاء بالفتح. الليث: القَبْضُ جَمْعُ الكفّ على الشيء. وقَبَضْتُ
الشيءَ قبْضاً: أَخذته. والقَبْضة: ما أَخذت بِجُمْعِ كفِّك كله، فإِذا كان
بأَصابعك فهي القَبْصةُ، بالصاد. ابن الأَعرابي: القَبْضُ قَبُولُكَ
المَتاعَ وإِن تُحَوِّلْه. والقَبْضُ: تَحْوِيلُكَ المَتاعَ إِلى حَيِّزِكَ.
والقَبْضُ: التناوُلُ للشيءِ بيدك مُلامَسةً. وقبَضَ على الشيء وبه
يَقْبِضُ قَبْضاً: انْحَنَى عليه بجميع كفه. وفي التنزيل: فَقَبَضْتُ قَبْضةً
من أَثَر الرسول؛ قال ابن جني: أَراد من تراب أَثَر حافِر فرَس الرسول،
ومثله مسأَلة لكتاب: أَنْتَ مِنِّي فَرْسخانِ أَي أَنْتَ مني ذُو مَسافةِ
فَرْسَخَيْنِ. وصار الشيءُ في قَبْضِي وقَبْضَتي أَي في مِلْكِي. وهذا
قُبْضةُ كفِّي أَي قدر ما تَقْبِضُ عليه. وقوله عزّ وجلّ: والأَرضُ جميعاً
قَبْضَتُه يوم القيامة؛ قال ثعلب: هذا كما تقول هذه الدارُ في قَبْضَتي
ويدِي أي في مِلْكِي، قال: وليس بقَوِيّ، قال: وأَجازَ بعض النحويين
قَبْضَتَه يومَ القيامة بنصب قبضَتَه، قال: وهذا ليس بجائز عند أَحد من
النحويين البصريين لأَنه مختص، لا يقولون زيدٍ قبضتَك ولا زيد دارَك؛ وفي
التهذيب: المعنى والأَرضُ في حال اجتماعها قَبْضَتُه يوم القيامة. وفي حديث
حنين: فأَخذ قُبْضةً من التراب؛ هو بمعنى المَقْبُوض كالغُرْفةِ بمعنى
المَغْرُوف، وهي بالضم الاسم، وبالفتح المرّة.
ومَقبِضُ السِّكِّينِ والقَوسِ والسيف ومَقْبِضَتُها: ما قَبَضْتَ عليه
منها بجُمْع الكفّ، وكذلك مَقْبِضُ كل شيءٍ. التهذيب: ويقولون مَقْبِضَةُ
السِّكِّينِ ومَقْبِض السيف، كل ذلك حيث يُقْبَضُ عليه بجُمع الكفّ. ابن
شميل: المَقْبِضَةُ موضع اليد من القَناة. وأَقْبَضَ السيفَ والسكين:
جعل لهما مَقْبِضاً.
ورجل قُبَضَةٌ رُفَضةٌ: للذي يَتمَسَّكُ بالشيء ثم لا يَلْبَثُ أَن
يَدَعَه ويَرْفِضَه، وهو من الرِّعاء الذي يَقْبِضُ إِبله فيسُوقُها
ويَطْرُدها حتى يُنْهِيها حيث شاء، وراعٍ قُبضَةٌ إِذا كان مُنْقَبِضاً لا
يتفسَّح في رَعْي غنمه.
وقَبَضَ الشيءَ قَبْضاً: أَخذه. وقَبَّضَه المالَ: أَعْطاهُ إِيّاه.
والقَبَضُ: ما قُبِضَ من الأَمْوال. وتَقْبِيضُ المالِ: إِعطاؤه لمن يأْخذه.
والقَبْضُ: الأَخذ بجميع الكف.
وفي حديث بلال، رضي اللّه عنه، والتمر: فَجَعل يجيءُ به قُبَضاً
قُبَضاً. وفي حديث مجاهد: هي القُبَضُ التي تُعْطى عند الحَصاد، وقد روي بالصاد
المهملة.
ودخلَ مالُ فلان في القَبَض، بالتحريك، يعني ما قُبِضَ من أَموال الناس.
الليث: القَبَضُ ما جُمع من الغنائم فأُلقي في قَبَضِه أَي في
مُجْتَمَعِه. وفي الحديث: أَن سعداً قَتَلَ يوم بدر قَتِيلاً وأَخذ سيفه فقال له:
أَلْقِه في القَبَضِ؛ والقَبَضُ، بالتحريك، بمعنى المقبوض وهو ما جُمِع
من الغنيمة قبل أَن تُقْسَم. ومنه الحديث: كان سلمان على قَبَضٍ من قَبَضِ
المهاجرين. ويقال: صار الشيءُ في قَبْضِكَ وفي قَبْضَتِكَ أَي في
مِلْكِكَ.
والمَقْبَضُ: المكانُ الذي يُقْبَضُ فيه، نادِرٌ.
والقَبْضُ في زِحافِ الشعر: حذف الحرف الخامس الساكن من الجزء نحو النون
من فعولن أَينما تصرفت، ونحو الياء من مفاعيلن؛ وكلُّ ما حُذف خامسه،
فهو مَقْبُوض، وإِنما سمي مَقْبوضاً لِيُفْصَل بين ما حذف أَوله وآخره
ووسطُه. وقُبِضَ الرَّجل: مات، فهو مَقْبُوضٌ. وتَقَبَّضَ على الأَمر:
توَقَّفَ عليه. وتَقَبَّضَ عنه: اشْمَأَزَّ. والانْقِباضُ والقَباضةُ والقَبَضُ
إِذا كان مُنْكَمِشاً سريعاً؛ قال الراجز:
أَتَتْكَ عِيسٌ تَحْمِيلُ المَشِيّا
ماءً، من الطَّثْرَةِ، أَحْوَذِيّا
يُعْجِلُ ذا القَباضةِ الوَحِيّا،
أَن يَرْفَعَ المئْزَرَ عنه شَيّا
والقَبِيضُ من الدواب: السرِيعُ نقلِ القوائِم؛ قال الطِّرمّاح:
سَدَتْ بِقَباضةٍ وثَنَتْ بِلِين
والقابِضُ: السائقُ السرِيعُ السَّوْقِ؛ قال الأَزهري: وإِنما سمي
السَّوْقُ قَبْضاً لأَنَّ السائق للإِبل يَقْبِضُها أَي يَجْمَعُها إِذا أَراد
سوْقَها، فإِذا انتشرت عليه تَعَذَّرَ سوْقُها، قال: وقَبَضَ الإِبلَ
يَقْبِضُها قَبّضاً ساقَها سَوْقاً عَنيفاً. وفرس قَبِيضُ الشدِّ أَي
سَرِيعُ نقلِ القوائم. والقَبْضُ: السوْق السريع؛ يقال: هذا حادٍ قابِضٌ؛ قال
الراجز:
كيْفَ تَراها، والحُداةُ تَقْبِضُ
بالغَمْلِ لَيْلاً، والرِّحالُ تَنْغِضُ
(* قوله «بالغمل» هو اسم موضع كما في الصحاح والمعجم لياقوت.)
تَقْبِضُ أَي تسوق سَوْقاً سريعاً؛ وأَنشد ابن بري لأَبي محمد الفقعسي:
هَلْ لَكِ، والعارِضُ مِنْكِ عائضُ،
في هَجْمةٍ يَغْدِرُ منها القابِضُ؟
ويقال: انْقَبَضَ أَي أَسْرَع في السوْق؛ قال الراجز:
ولو رَأَت بِنْت أَبي الفَضّاضِ،
وسُرْعتي بالقَوْمِ وانْقِباضِي
والعَيْرُ يَقْبِضُ عانَته: يَشُلَّها. وعَير قَبّاضة: شَلاَّل، وكذلك
حادٍ قَبَّاضةٌ وقَبَّاضٌ؛ قال رؤبة:
قَبّاضةٌ بَيْنَ العَنِيفِ واللَّبِقْ
قال ابن سيده: دخلت الهاء في قَبّاضة للمبالغة، وقد انْقَبَضَ بها.
والقَبْضُ: الإِسْراعُ. وانْقَبَضَ القومُ: سارُوا وأَسْرَعُوا؛ قال:
آذَنَ جِيرانك بانْقِباضِ
قال: ومنه قوله تعالى: أَوَلم يَرَوْا إِلى الطير فوقهم صافّاتٍ
ويَقْبِضْنَ.
والقُنْبُضةُ من النساء: القصيرة، والنون زائدة؛ قال الفرزدق:
إِذا القُنْبُضات السودُ طَوَّفْنَ بالضُّحَى،
رَقَدْنَ، عَلَيْهِنَّ الحِجالُ المُسَجَّفُ
والرجل قُنْبُضٌ، والضمير في رَقدن يعود إِلى نسوة وصفهن بالنَّعْمةِ
والتَّرَفِ إِذا كانت القُنْبُضات السود في خِدْمة وتَعَبٍ. قال الأَزهري:
قول الليث القَبِيضةُ من النساء القصيرة تصحيف والصواب القُنْبُضة، بضم
القاف والباء، وجمعها قُنْبُضات، وأَورد ببيت الفرزدق.
والقَبّاضةُ: الحمار السريعُ الذي يَقْبِضُ العانةَ أَي يُعْجِلُها؛
وأَنشد لرؤبة:
أَلَّفَ شَتَّى لَيْسَ بالرّاعِي الحَمِقْ،
قَبّاضةٌ بين العَنِيفِ واللَّبِقْ
الأَصمعي: ما أَدري أَيُّ القَبِيضِ هو كقولك ما أَدري أَيُّ الطَّمْشِ
هو، وربما تكلموا به بغير حرف النفي؛ قال الراعي:
أَمْسَتْ أُمَيّةُ للاسْلامِ حائطةً،
ولِلْقَبِيضِ رُعاةً أَمْرُها الرّشدُ
ويقال للرّاعِي الحسَنِ التدْبير الرَّفِيقِ برَعِيَّتِه: إِنه
لَقُبَضةٌ رُفَضةٌ، ومعناه أَنه يَقْبِضُها فيسُوقُها إِذا أَجْدَب لها
المَرْتَعُ، فإِذا وقَعَت في لُمْعةٍ من الكلإِ رفَضَها حتى تَنْتَشِرَ
فَتَرْتَعَ.والقَبْضُ: ضرب من السَّير. والقِبِضَّى: العَدْو الشديدُ؛ وروى
الأَزهري عن المنذري عن أَبي طالب أَنه أَنشده قولَ الشماخ:
وتَعْدُو والقِبِضَّى قَبْلَ عَيْرٍ وما جَرَى،
ولم تَدْرِ ما بالي ولم أَدْر ما لَها
قال: والقِبِضَّى والقِمِصَّى ضرْب من العَدْو فيه نَزْوٌ. وقال غيره:
يقال قَبَضَ، بالصاد المهملة، يَقْبِضُ إِذا نزا، فهما لغتان؛ قال:
وأَحسَب بيتَ الشمّاخ يُروى: وتعدو القِبِصّى، بالصاد المهملة.
قمص: القميص الذي يلبس معروف مذكر، وقد يُعْنى به الدرع فيؤنث؛ وأَنثه
جرير حين أَراد به الدرع فقال:
تَدْعُو هوازنَ والقميصُ مُفاضةٌ،
تَحْتَ النّطاقِ، تُشَدُّ بالأَزرار
والجمع أَقْمِصةَ وقُمُصٌ وقُمْصانٌ. وقَمَّص الثوبَ: قَطَعَ منه
قميصاً؛ عن اللحياني. وتَقَمَّصَ قميصَه: لَبسه، وإِنه لَحَسن الْقِمْصة؛ عن
اللحياني. ويقال: قَمَّصْتُهُ تقميصاً أَي أَلبستُه فتَقَمَّص أَي لَبِس.
وروى ابن الأَعرابي عن عثمان أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، قال له:
إِن اللّه سَيُقَمِّصُك قميصاً وإِنك سَتُلاصُ على خَلْعِهِ فإِياك
وخَلْعَه، قال: أَراد بالقميص الخلافة في هذا الحديث وهو من أَحسن الاستعارات.
وفي حديث المَرْجُوم: إِنه يَتَقَمَّص في أَنهار الجنة أَي يَتَقَلَّب
ويَنْغَمِس، ويروى بالسين، وقد تقدم. والقميص: غِلاف القلب. قال ابن سيده:
وقَمِيصُ القلب شحمه أُراه على التشبيه.
والقِماص: أَن لا يَسْتَقر في موضع تراه يَقْمِصُ فيَثِب من مكانه من
غير صبر. ويقال للقَلِقِ: قد أَخذه القِماص. والقَماص والقُماص: الوثب،
قمَصَ يَقْمُص ويَقْمِص قُماصاً وقِماصاً. وفي المثل: أَفلا قِماص بالبعير؛
حكاه سيبويه، وهو القِمِصَّى أَيضاً؛ عن كراع.
وقَمَص الفرسُ وغيرُه يقمُص ويقمِص قَمْصاً وقِماصاً أَي اسْتَنَّ وهو
أَن يرفع يديه ويطرحهما معاً ويَعْجِنَ برجليه. يقال: هذه دابة فيها
قِماص، ولا تقل قُماص، وقد ورد المثل المتقدم على غير ذلك فقيل: ما بالعَيْر
من قِماص، وهو الحِمار؛ يُضْرَب لمن ذَلّ بعد عز. والقَمِيص: البِرْذَوْن
الكثير القِماصِ والقُماص، والضم أَفصح. وفي حديث عمر: فَقَمَص منها
قَمْصاً أَي نَفَر وأَعرض. وفي حديث عليّ: أَنه قَضَى في القارِصَة
والقامِصَة والواقِصَة بالدية أَثلاثاً؛ القامِصَة النافِرَة الضاربة برجلها، وقد
ذكر في قرص. ومنه حديث الآخر: قَمَصَت بأَرْجُلِها وقنصت بأَحْبُلها. وفي
حديث أَبي هريرة: لتَقْمِصَنَّ بكم الأَرضَ قُماص البَقَر، يعني
الزلزلة. وفي حديث سليمان ابن يسار: فقَمَصَت به فصرَعَتْه أَي وثَبَت ونَفَرَت
فأَلْقَتْه. ويقال للفرس: إِنه لقامِص العُرْقُوب، وذلك إِذا شَنِج
نَساهُ فَقَمَصَتْ رِجْلُه. وقَمَصَ البَحْرُ بالسفينة إِذا حرَّكها
بالموج.ويقال للكذاب: إِنه لَقَموص الحَنْجَرَة؛ حكاه يعقوب عن كراع.
والقَمَص: ذُبابٌ صِغار يَطير فوق الماء، واحدته قمَصَة. والقَمَصُ:
الجَراد أَوَّلَ ما تَخْرُجُ من بيضه، واحدته قمَصَة.
زوي: الزَّيُّ: مصدر زَوى الشيءَ يَزْويه زَيّاً وزُوِيّاً فانْزَوى،
نَحَّاه فتَنَحَّى. وزَواهُ: قبضه. وزَوَيْت الشيءَ: جمعته وقبضته. وفي
الحديث: إن الله تعالى زَوى لي الأَرضَ فأُريتُ مشارقَها ومغاربَها؛
زُوِيَتْ لي الأرض: جُمِعَت؛ ومنه دُعاءُ السفر: وازْوِ لَنا البعيد أَي
اجْمَعْه واطْوِه. وزَوى ما بين عينيه فانْزَوى: جمَعه فاجتمع وقبضه؛ قال
الأَعشى:
يَزيدُ، يغُضُّ الطَّرْفَ عندي، كأَنما
زَوى بين عينيه عليَّ المَحاجِمُ
(* قوله «عندي» في الصحاح: دوني).
فلا يَنْبَسِطْ من بين عينيك ما انْزَوى،
ولا تَلْقَني إلاَّ وأَنفُك راغِمُ
وانْزَوى القوم بعضُهم إلى بعض إذا تدانوْا وتضامُّوا. والزَّاوية:
واحدة الزَّوايا.
وفي حديث ابن عمر: كان له أَرْضٌ زَوَتْها أَرضٌ
أُخرى أَي قرُبت منها فضيَّقتْها، وقيل: أَحاطت بها. وانْزَوَت الجِــلدة
في النار: تَقَبَّضَت واجتمعَت. وفي الحديث: إن المسجدِ ليَنْزَوي من
النُّخامة كما تَنْزَوي الجــلدة في النار أَي ينضمُّ ويتقبَّضُ، وقيل: أَراد
أهل المسجد وهم الملائكة؛ ومنه الحديث: أَعطاني رَيحانَتَيْن وزَوى عني
واحدةً. وفي حديث الدعاء: وما زَوَيْتَ عني أَي صرفتَه عني وقبضْتَه. وفي
الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال إن الإيمان بدأَ غريباً
وسيعود كما بدأَ، فطوبى للغرباء إذا فسد الناسُ والذي نَفْسُ أَبي القاسم
بيده لَيُزْوَأَنَّ الإيمانُ بين هذين المَسْجِدَيْن كما تأْرِزُ الحية في
جحرها قال شمر: لم أَسمعْ زَوَأت بالهمز، والصواب ليُزْوَيَنَّ أَي
ليُجْمعنَّ وليُضَمَّنَّ، من زَوَيت الشيء إذا جمعته، وكذلك ليَأْرِزَنَّ أَي
ليَنْضَمَّنَّ. قال أَبو الهيثم: كلُّ شيء تام فهو مربَّع كالبيت
والأَرض والدار والبساط له حدود أَربع، فإذا نقصَت منها ناحيةٌ فهو أَزْوَرُ
مُزَوّىً، قال: وأَما الزَّوْءُ، بالهمز، فإن الأَصمعي يقول زَوْءُ
المَنِيّة ما يحدث من هلاك المنيّة، والزَّوْءُ: الهَلاك. وقال ثعلب: زَوُّ
المِنيَّة أَحْداثُها؛ هكذا عبَّر بالواحد عن الجمع؛ قال:
من ابن مامَةَ كَعْبٍ ثُمَّ عَيَّ به
زَوجُ المِنيَّة، إلا حَرَّة وقَدى
وهذا البيت أورده الأَزهري والجوهري مستشهداً به على قول ابن الأَعرابي
الزوُّ القدر، يقال: قُضِي علينا وقُدِّرَ وحُمَّ وزُيَّ وزِيَّ؛ وصورة
إيراده:
ولا ابنُ مامَةَ كَعْب حين عَيَّ به
قال ابن بري: والصواب ما ذكرناه أَولاً.
من ابنِ مامَةَ كعبٍ ثم عيَ به.
قال: والبيت لِمَامَة الإيادي أَبي كعب، كذا ذكره السيرافي، وقبله:
ما كان من سُوقَةٍ أَسْقَى على ظَمإ
خَمْراً بماءٍ، إذا ناجُودُها بَرَدا
وقوله: وقدى مثل جَمَزَى أَي تتوقَّد؛ وأَنشد ابن بري أَيضاً للأَسود بن
يََعْفُر:
فيا لهف نفسي على مالِكٍ
وهل ينفع اللهفُ زَوَّ القَدَرْ؟
وأَنشد أَيضاً لمُتَمِّم بن نُوَيْرة:
أَفبعدَ من ولدتْ بُسَيْبَة أَشْتَكي
زَوَّ المَنِيَّة، أَو أُرى أَتَوَجَّع؟
(* قوله «بسيبة» هكذا في الأصل).
ويروى: زَوَّ الحوادث، ورواه ابن الأَعرابي بغير همز، وهمزه الأَصمعي.
وزَواهُم الدَّهرُ أَي ذهب بهم؛ قال بشر:
فقد كانت لنا، ولهُنَّ حتى
زَوَتْها الحربُ، أَيامٌ قِصارُ
قال: زَوَتها رَدَّتها. وقد زَوَوْهم أَي رَدُّوهم. وزَوى اللهُ عني
الشرَّ أَي صَرَفه. وزَوَيْت الشيء عن فلان أَي نحَّيته. وفي حديث أَبي
هريرة أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان إذا أَراد سفراً أَمال
براحِلَتِه ومدَّ إصْبَعَه وقال اللهم أَنتَ الصاحبُ في السَّفَرِ والخَلِيفَةُ
في الأَهْلِ، اللهم اصْحَبْنا بنُصْحٍ واقْلِبْنا بذِمَّة، اللهم
زَوِّلَنا الأَرضَ وهَوِّنْ علينا السفَرَ، اللهم إني أَعوذُ بكَ من وَعْثاء
السَّفَر وكَآبةِ المُنْقَلَبِ. ابن الأَعرابي: زَوَى إذا عَدَلَ كقولك
زَوَى عنه كذا أَي عَدَلَه وصَرَفَه عنه، وزَوَى إذا قَبَض، وزَوَى جمَعْ،
ومصدَرُه كلُّه الزَّيُّ. وقال: الزُّوِيُّ العدولُ من شيء إلى شيء،
والزَّيُّ في حالِ التَّنْحيَة وفي حال القَبْض. وروي عن عمر، رضي الله عنه،
أَنه قال للنبي، صلى الله عليه وسلم: عَجِبْت لما زَوَى اللهُ عنكَ من
الدنيا؛ قال الحربي: معناه لِمَا نُحِّيَ عنكَ وبُوعِدَ منك، وفي حديث أُمّ
مَعْبَدٍ:
فيا لِقُصَيٍّ، ما زَوَى اللهُ عنكُم؟
المعنى: أَيُّ
شيءٍ نَحَّى اللهُ عنكم من الخير والفَضْل، وكذلك قوله، صلى الله عليه
وسلم: أَعطاني ربي اثنتين وزَوَى عنِّي واحدةً أَي نَحَّاها ولم يُجِبْني
إليها. وزَوَى عنه سِرََّهُ: طواه. وزاوِيَة البيت: رُكْنُه، والجمع
الزَّوايا، وتَزَوَّى صار فيها. وتقول: زَوَى فلان المالَ عن وارِثِه زَيّاً.
والزَّوُّ: القَرِينانِ من السُّفُنِ وغيرِها. وجاء زوّاً إذا جاء هو
وصاحِبُه، والعرب تقول لكل مفرَدٍ تَوٌّ ولكل زوجٍ زَوٌّ. وأَزْوَى الرجلُ
إذا جاء ومعه آخَرُ.
وزَوْزَيْته وزَوْزَيْت به إذا طَرَدْته. الليث: الزَّوْزاةُ شِبْهُ
الطَّرْدِ والشَّلِّ، تقول: زَوْزَى به. أَبو عبيد: الزَّوْزاةُ مصدرُ قولك
زَوْزَى الرجلُ يُزَوْزِي زَوْزاةً، وهو أَن ينصِب ظهْرَه ويُسْرع
ويُقارِبَ الخَطْوَ؛ قال ابن بري: ومنه قول رؤبة:
ناجٍ وقد زَوْزَى بنا زِيزاءَه
وقال آخر:
مُزَوْزِياً لَمّا رآها زَوْزَتِ
يعني نعامةً ورَأْلَها، يقول: إذا رآها أَسْرَعَتْ أَسْرَع معها.
وزَوْزَى: نصَبَ ظَهْرَه وقارَب خَطْوَه في سُرْعة. واسْتَوْزَى كزَوْزَى؛ قال
ابن مقبل:
ذَعَرْتُ به العَيْرَ مُسْتَوْزِياً،
شَكِيرُ جَحافِلِه قد كَتِنْ
وقول ابن كَثْوة أَنشده ابن جني:
وَلَّى نَعامُ بَني صَفْوانَ زَوْزَأَةً،
لمَّا رأَى أَسداً في الغابِ قد وَثَبا
إنما أَراد زَوْزاةً، فأَبدل الهمزةَ من الأَلف اضطراراً. ورجل زُوازٍ
وزُوازِيَة وزَوَنْزَى: قصيرٌ غَليظٌ؛ وفي التهذيب: غليظ إلى القِصَر ما
هو؛ قال الراجز:
وبَعْلُها زَوَنَّكٌ زَوَنْزَى
وقال آخر:
إذا الزَّوَنْزَى منهُم ذو البُرْدَيْن
رَماهُ سَوَّارُ الكَرَى في العَيْنَين
والزَّوَنْزى: الذي يَرى لنفْسِه ما لا يَراهُ غيرُه له. وقال: رجلٌ
زَوَنْزى ذو أُبَّهَةٍ وكِبْرٍ، وحكى ابن جني: زَوَزَّى، وقال: هو فَعَلَّل
من مُضاعَفِ الواو. أَبو تراب: زَوَّرْتُ الكلامَ وزَوّيْتُه أَي
هَيَّأْتُه في نفسي. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: كنْتُ زَوَّيْتُ في نفْسي
كلاماً أَي جَمَعت والرواية زَوَّرْتُ، بالراء، وقد تقدم ذكره في موضعه.
والزاوية: موضع بالبصرة.
والزّايُ: حرف هجاء؛ قال ابن جني: ينبغي أَن تكون منقلبة عن واو ولامُه
ياءٌ، فهو من لفظ زَوَيْت إلا أَن عينه اعتلَّت وسلمت لامه، ولحق بباب
غايٍ وطايٍ ورايٍ وثايٍ وآيٍ في الشذوذ، لاعتلال عينه وصحة لامه،
واعتلالُها أَنها متى أُعربت فقيل هذه زايٌ
حسَنة، وكتَبْت زاياً صغيرةً أَو نحو ذلك فإنها بعد ذلك ملحقة في
الإعلال بباب رايٍ وغاي، لأَنه ما دام حرفَ هجاءٍ فأَلِفه غير مُنْقلبة، قال:
ولهذا كان عندي قولُهم في التَّهجِّي زايٌ أَحْسَن من غايٍ وطايٍ لأَنه ما
دام حرفاً فهو غيرُِ مُتصرّف، وأَلِفُه غيرُ مَقْضِيٍّ عليها بانقلاب،
وغايٌ وبابُه يتَصرف بالانْقلاب، وإعلالُ العينِ وتصحيحُ اللامِ جارٍ عليه
مَعْروفٌ فيه، ولو اشْتَقَقْت منها فعَّلْت لقُلْت زَوَّيْت، قال: وهذا
مذهب أَبي علي، ومن أَمالَها قال زَيَّيْت زاياً، فإن كسَّرْتها على
أَفْعالٍ قلتَ أَزْواءٌ، وعلى قول غيره أَزْياء، إن صَحَّت إمالتُها، وإن
كسَّرتَها على أَفْعُلٍ قلت أَزْوٍ وأَزْيٍ على المذهبين. وقال الليث: الزاي
والزاء لغتان، وأَلفها ترجع في التصريف إلى الياء وتصغيرها زُيَيَّةٌ.
ويقال: زَوَّيْت زاياً في لغة من يقول الزايَ، ومن قال الزّاءَ قال
زَيَّيْت كما يقال يَيَّيْت ياءً، ونظير زَوَّيْت كَوَّفْت كافاً. الجوهري:
الزاي حرفٌ يُمَدُّ ويُقْصَرُ ولا يكتب إلا بياءٍ بعد الأَلف؛ قال ابن بري:
قوله يقصر أَي يقال زَيْ مثل كَيْ، ويُمَدُّ زاي بالأَلف، وتقول: هي
زايٌفزَيِّها. وقال زيد بن ثابت في قوله عز وجل: ثم نُنْشِزُها، قال: هي
زايٌ فزَيِّها أَي اقْرَأْها بالزاي.
والزِّيُّ: اللِّباسُ والهَيْئَة، وأَصله زِوْيٌ، تقول منه: زَيَّيْته،
والقياس زَوَّيْتُه. ويقال: الزِّيُّ الشارَةُ والهَيْئَةُ؛ قال الراجز:
ما أَنا بالبَصْرة بالبَصْرِيِّ،
ولا شبِيه زِيُّهُم بِزِيِّي
وقرئ قوله تعالى: هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وزِيّاً؛ بالزاي والراء. قال
الفراء: من قَرأ وزِيّاً فالزِّيُّ الهيئة والمَنْظر، والعرب تقول قد
زَيَّيْتُ الجاريةَ أَي زَيَّنتُها وهَيَّأْتها. وقال الليث: يقال تَزَيّاً
فلان بزِيٍّ حسن، وقد زَيَّيْته تَزِيَّةً. قال ابن بُزُرْج: قالوا من
الزِّيِّ ازْدَيَيْت، افْتَعَلْت، وتَفَعَّلْت تَزَيَّيْت، وفَعِلْت زَيِيت
مثلُ رَضِيت، قال: والعرب لا تقول فيها فَعِلْت إلا شاذَّةً؛ قال حكيم
الدِّيلي:
فلَمّا رآني زَوَى وَجْهَهُ،
وقَرَّبَ من حاجِبٍ حاجِبا
فلا بَرِحَ الزِّيُّ منْ وجْهِه،
ولا زالَ رائِدُه جادِبا
الأُمَويّ: قِدْرٌ زُوَازِيَةٌ
وهي التي تضم الجَزُورَ. الأَصمعي: يقال قِدْرٌ زُوَزِيَةٌ
وزُوَازِيَةٌ مثال عُلَبِطَةٍ وعُلابِطَةٍ للعَظِيمة التي تضُمُّ
الجَزُور. قال ابن بري: الذي ذكره أَبو عبيد والقَزّازُ زُؤَزِئَةٌ،
بهمزَتَين.الجوهري: وزَوٌّ
اسمُ جَبل بالعراق؛ قال ابن بري: ليس بالعراق جبل يسمى زَوّاً، وإنما هو
سَمِعَ في شعر البحتري قَوْلَه يمدح المُعْتَزَّ بالله حين جَمَعَ
مَرْكَبَيْنِ وشَحَنَهُما بالحَطَبِ وأَوْقَد فيهما نَاراً، ويُسمَّى ذلك
بالعراق زَوّاً في عَِيدِ الفُرْسِ يسمى الصّدق( ) ( قوله «الصدق» هكذا في
الأصل، وفي القاموس في سذق: السذق، محركة، ليلة الوقود، معرّب سذه). فقال:
ولا جَبَلاً كالزَّوِّ.
صرع: الصَرْعُ: الطَّرْحُ بالأَرض، وخَصَّه في التهذيب بالإِنسان،
صارَعَه فصَرَعَه يَصْرَعُه صَرْعاً وصِرْعاً، الفتح لتميم والكسر لقيس؛ عن
يعقوب، فهو مصروعٌ وصرِيعٌ، والجمع صَرْعَى؛ والمُصارَعةُ والصِّراعُ:
مُعالَجَتُهما أَيُّهُما يَصْرَعُ صاحِبَه. وفي الحديث: مثَلُ المؤمِن
كالخامةِ من الزَّرْعِ تَصْرَعُها الريحُ مرة وتَعْدِلُها أُخْرى أَي تُمِيلُها
وتَرْمِيها من جانب إِلى جانب. والمَصْرَعُ: موضِعٌ ومَصْدَرٌ؛ قال
هَوْبَرٌ الحارثيّ:
بمَصْرَعِنا النُّعْمانَ، يومَ تأَلَّبَتْ
علينا تَمِيمٌ من شَظًى وصَمِيمِ،
تَزَوَّدَ مِنّا بَيْنَ أُذْنَيْه طَعْنةً،
دَعَتْه إِلى هابِي التُّرابِ عَقِيمِ
ورجل صَرّاعٌ وصَرِيعٌ بَيِّنُ الصّراعةِ، وصَرِيعٌ: شَدِيد الصَّرْع
وإِن لم يكن معروفاً بذلك، وصُرَعةٌ: كثير الصَّرْع لأَقْرانِه يَصْرَعُ
الناسَ، وصُرْعةٌ: يُصْرَعُ كثيراً يَطَّرِدُ على هذين بابٌ. وفي الحديث:
أَنه صُرِعَ عن دابَّة فجُحِشَ شِقُّه أَي سقَطَ عن ظهرها. وفي الحديث
أَيضاً: أَنه أَردَفَ صَفِيّةَ فَعَثَرَتْ ناقتُه فصُرِعا جميعاً. ورجُلٌ
صِرِّيعٌ مثال فِسِّيقٍ: كثير الصَّرْع لأَقْرانه، وفي التهذيب: رجل
صِرِّيعٌ إِذا كان ذلك صَنْعَتَه وحالَه التي يُعْرَفُ بها. ورجل صَرّاعٌ إِذا
كان شديد الصَّرْعِ وإِن لم معروفاً. ورجل صَرُوعُ الأَقْرانِ أَي كثير
الصَّرْع لهم. والصُّرَعة: هم القوم الذين يَصْرَعُون من صَارَعُوا. قال
الأَزهري: يقال رجل صُرَعةٌ، وقوم صُرَعةٌ وقد تَصارَعَ القومُ
واصْطَرَعُوا، وصارَعَه مُصارَعةً وصِراعاً. والصِّرْعانِ: المُصْطَرِعانِ. ورجل
حَسَنُ الصِّرْعةِ مثل الرِّكْبةِ والجِلْسةِ، وفي المَثلِ: سُوءُ
الاسْتِمْساكِ خَيْر من حُسْنِ الصِّرْعةِ؛ يقول: إِذا اسْتَمْسَكَ وإِن لم
يُحْسِنِ الرّكْبةَ فهو خير من الذي يُصْرَعُ صَرْعةً لا تَضُرُّه، لأَن الذي
يَتماسَكُ قد يَلْحَقُ والذي يُصْرَعُ لا يَبْلُغُ.
والصَّرْعُ: عِلّة مَعْرُوفة. والصَّريعُ: المجنونُ، ومررت بِقَتْلى
مُصَرَّعِين، شُدِّد للكثرة. ومَصارِعُ القوم: حيث قُتِلُوا. والمَنِيّةُ
تَصْرَعُ الحيوانَ، على المَثل.
والصُّرَعةُ: الحلِيمُ عند الغَضَبِ لأَن حِلْمَه يَصْرَعُ غَضَبَه على
ضِدّ معنى قولهم: الغَضَبُ غُولُ الحِلْمِ. وفي الحديث: الصُّرَعةُ، بضم
الصاد وفتح الراء مثل الهُمَزةِ، الرجلُ الحليمُ عِندَ الغَضَب، وهو
المبالغ في الصِّراعِ الذي لا يُغْلَبُ فَنَقَلَه إِلى الذي يَغْلِبُ نفسه
عند الغضب ويَقْهَرُها، فإِنه إِذا مَلَكها كان قد قَهَرَ أَقْوى أَعْدائِه
وشَرَّ خُصُومِه، ولذلك قال: أَعْدَى عَدُوٍّ لك نفسُك التي بين
جَنْبَيْكَ، وهذا من الأَلفاظ التي نقَلها اللغويون
(* قوله «نقلها اللغويون إلخ
كذا بالأصل، والذي في النهاية: نقلها عن وضعها اللغوي، والمتبادر منه
أن اللغوي ضفة للوضع وحينئذ فالناقل النبي، صلى الله عليه وسلم، ويؤيده
قول المؤلف قبله: فنقله الى الذي يغلب نفسه.) عن وضعها لِضَرْبٍ من
التَّوَسُّع والمجاز، وهو من فصيح الكلام لأَنه لما كان الغضبانُ بحالة شديدة من
الغَيْظِ، وقد ثارَتْ عليه شهوة الغضب فَقَهَرها بحلمه وصَرَعَها
بثباته، كان كالصُّرَعَةِ الذي يَصْرَعُ الرجالَ ولا يَصْرَعُونه. والصَّرْعُ
والصِّرعُ والضِّرْعُ: الضرْبُ والفَنُّ من الشيء، والجمع أَصْرُعٌ
وصُرُوعٌ؛ وروى أَبو عبيد بيت لبيد:
وخَصْمٍ كَبادِي الجِنّ أَسْقَطْتُ شَأْوَهُمْ
بِمُسْتَحْوذٍ ذِي مِرّةٍ وصُرُوعِ
بالصاد المهملة أَي بِضُروبٍ من الكلام، وقد رواه ابن الأَعرابي بالضاد
المعجمة، وقال غيره: صُرُوعُ الحبل قُواه. ابن الأَعرابي: يقال هذا
صِرْعُه وصَرْعُه وضِرْعُه وطَبْعُه وطَلْعُه وطِباعُه وطِبَيعُه وسِنُّه
وضَرْعُه وقَرْنُه وشِلْوُهُ وشُلَّتُه أَي مِثْلُه؛ وقول الشاعر:
ومَنْجُوبٍ له منْهُنَّ صِرْعٌ
يَمِيلُ، إِذا عَدَلْتَ بهِ الشّوارا
هكذا رواه الأَصمعي أَي له مِنْهُنَّ مثل؛ قال ابن الأَعرابي: ويروى
ضِرْعٌ، بالضاد المعجمة، وفسره بأَنه الحَلْبة. والصَّرْعانِ: إِبلان تَرِدُ
إِحداهما حين تَصْدُر الأُخرى لكثرتها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
مِثْل البُرامِ غَدا في أصْدةٍ خَلَقٍ،
لم يَسْتَعِنْ وحَوامِي المَوْتِ تَغْشاهُ
فَرَّجْتُ عنه بِصَرْعَيْنا لأَرْملةٍ،
وبائِسٍ جاءَ مَعْناهُ كَمَعْناه
قال يصف سائلاً شَبَّهَه بالبُرام وهو القُراد. لم يَسْتَعِنْ: يقول لم
يَحْلِقْ عانته. وحَوامِي الموت وحَوائِمُهُ: أَسبابُه. وقوله
بصَرْعَيْنا أَراد بها إِبلاً مختلفة التِّمْشاء تجيء هذه وتذهب هذه لكثرتها، هكذا
رواه بفتح الصاد، وهذا الشعر أَورده الشيخ ابن بري عن أَبي عمرو وأَورد
صدر البيت الأَول:
ومُرْهَق سالَ إِمْتاعاً بأصْدتِه
والصِّرْعُ: المِثْلُ؛ قال ابن بري شاهِدُه قول الراجز:
إِنَّ أَخاكَ في الأَشاوٍي صِرْعُكا
والصِّرْعانِ والضِّرْعانِ، بالكسر: المِثْلانِ. يقال: هما صِرْعانِ
وشِرْعانِ وحِتْنانِ وقِتْلانِ كله بمعنى. والصَّرْعانِ: الغَداةُ
والعشِيُّ، وزعم بعضهم أَنهم أَرادوا العَصْرَيْنِ فقُلِبَ. يقال: أَتيتُه صَرْعَى
النهارِ، وفلان يأْتينا الصَّرْعَيْنِ أَي غُدْوةً وعَشِيَّةً، وقيل:
الصَّرْعانِ نصف النهار الأَول ونصفه الآخر؛ وقول ذي الرمة:
كأَنَّني نازِعٌ، يَثْنِيهِ عن وَطَنٍ
صَرْعانِ رائحةً عَقْلٌ وتَقْيِيدُ
أَراد عَقْلٌ عَشِيّةً وتَقْيِيدٌ غُدْوةً فاكتفى بذكر أَحدهما؛ يقول:
كأَنني بعير نازعٌ إِلى وَطَنِه وقد ثناه عن إِرادته عَقْلٌ وتَقْيِيدٌ،
فَعَقْلُه بالغداةِ ليَتَمَكَّنَ في المَرْعَى، وتقييدُه بالليل خوفاً من
شِرادِه. ويقال: طلبْتُ من فلان حاجة فانصَرَفْتُ وما أَدرِي على أَيّ
صِرْعَيْ أَمرِه هو أَي لم يتبين لي أَمرُه؛ قال يعقوب: أَنشدني
الكلابي:فَرُحْتُ، وما ودَّعْتُ لَيْلى، وما دَرَتْ
على أَيِّ صِرْعَيْ أَمرِها أَتَرَوَّحُ
يعني أَواصلاً تَرَوَّحْتُ من عندها أَو قاطعاً. ويقال: إِنه لَيَفْعَلُ
ذلك على كلِّ صِرْعةٍ
(* قوله «على كل صرعة هي بكسر الصاد في الأصل وفي
القاموس بالفتح.) أَي يَفْعَلُ ذلك على كلّ حال. ويقال للأَمر صَرْعان
أَي طَرَفان. ومِصْراعا البابِ: بابان منصوبان ينضمان جميعاً مَدْخَلُهما
في الوَسَط من المِصْراعَيْنِ؛ وقول رؤبة:
إِذْ حازَ دُوني مِصْرَعَ البابِ المِصَكّْ
يحتمل أَن يكون عندهم المِصْرَعُ لغة في المِصْراعِ، ويحتمل أَن يكون
محذوفاً منه. وصَرَعَ البابَ: جعَل له مِصْراعَيْنِ؛ قال أَبو إِسحق:
المِصْراعانِ بابا القصيدة بمنزلة المِصْراعَيْنِ اللذين هما بابا البيت، قال:
واشتِقاقهما الصَّرْعَيْنِ، وهما نصفا النهار، قال: فمن غُدْوةٍ إِلى
انتصاف النهار صَرْعٌ، ومن انتصاف النهار إِلى سقوط القُرْص صَرْع. قال
الأَزهري: والمِصْراعانِ من الشعْر ما كان فيه قافيتان في بيت واحد، ومن
الأَبواب ما له بابان منصوبان ينضَمّان جميعاًمَدْخَلُهما بينهما في وسط
المصراعين، وبيتٌ من الشعْر مُصَرَّعٌ له مِصْراعانِ، وكذلك باب
مُصَرَّعٌ.والتصريعُ في الشعر: تَقْفُِهُ المِصْراعِ الأَول مأْخوذ من مِصْراعِ
الباب، وهما مُصَرَّعانِ، وإِنما وقع التصريعُ في الشعر ليدل على أَنّ
صاحبه مبتدِئٌ إِما قِصّةً وإِما قصِيدة، كما أَن إِمّا إِنما ابْتُدِئَ
بها في قولك ضربت إِما زيداً وإِمّا عمراً ليعلم أَن المتكلم شاكّ؛ فمما
العَرُوضُ فيه أَكثر حروفاً من الضرب فَنَقَصَ في التصريعِ حتى لحق بالضرب
قَوْلُ امرِئِ القَيْسِ:
لِمَنْ طَلَلٌ أَبْصَرْتُه فَشَجَاني
كَخَطِّ زَبُورٍ في عَسِيبِ يَماني؟
فقوله شَجاني فعولن وقوله يماني فعولن والبيت من الطويل وعروضه المعروف
إِنما هو مفاعلن، ومما زِيد في عروضه حتى ساوَى الضرْبَ قول امرئ
القيس:أَلا انْعِمْ صَباحاً أَيُّها الطَّلَلُ البالي،
وهل يَنْعَمَنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي؟
وصَرَّعَ البيتَ من الشعر: جعلَ عَرُوضه كضربه.
والصرِيعُ: القضِيبُ من الشجر يَنْهَصِرُ إِلى الأَرض فيسقط عليها
وأَصله في الشجرة فيبقى ساقطاً في الظل لا تُصِيبُه الشمس فيكون أَلْيَنَ من
الفَرْعِ وأَطيَبَ رِيحاً، وهو يُسْتاكُ به، والجمع صُرُعٌ. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يعجبه أَن يَسْتاكَ بالصُّرُعِ؛ قال
الأَزهري: الصَّرِيعُ القضِيبُ يَسْقُطُ من شجر البَشام، وجمعه صِرْعانٌ.
والصَّريعُ أَيضاً: ما يَبِسَ من الشجر، وقيل: إنما هو الصَّرِيفُ،
بالفاء، وَقيل: الصَّرِيعُ السوْطُ أَو القَوْسُ الذي لم يُنْحَتْ منه شيء،
ويقال الذي جَفَّ عُوده على الشجرة؛ وقول لبيد:
منها مَصارِعُ غايةٍ وقِيامُها
(* في معلقة لبيد: منه مصرَّعُ غابةٍ وقيامها.)
قال: المَصارِعُ جمع مَصْرُوعٍ من القُضُب، يقول: منها مَصْرُوعٌ ومنها
قائم، والقياس مَصارِيعُ.
وذكر الأَزهري في ترجمة صعع عن أَبي المقدام السُّلَمِيّ قال: تَضَرَّعَ
الرجلُ لصاحبه وتَصَرَّعَ إِذا ذَلَّ واسْتَخْذَى.
هطل: الهَطل والهَطَلان: المطَر المتفرِّق
(* قوله «المطر المتفرق»
عبارة المحكم: تتابع المطر المتفرق. وقوله «وهو مطر» عبارة المحكم: وقيل هو
مطر) العظيم القطْر، وهو مطَر دائم مع سكون وضعف. وفي التهذيب: الهَطَلان
تتابع القطر المتفرِّق العِظام. والهَطْل: تَتابع المطر والدَّمْع
وسيلانُه. وهَطَلَت السماء تَهْطِل هَطْلاً وهَطَلاناً وتهْطالاً، وهَطَل المطر
يَهْطِل هَطْلاً وهَطَلاناً وتَهْطالاً، ودِيمةٌ هُطْلٌ وهَطْلاء،
فَعْلاء لا أَفْعَلَ لها، ومَطر هَطِل وهَطَّال؛ قال:
أَلَحَّ عليها كلُّ أَسْحَم هَطَّالِ
والهَطْل: المطر الضعيف الدائم، وقيل: هو الدائم ما كان. الأَصمعي:
الديمةُ مَطر يَدُوم مع سكون، والضَّرْب فوق ذلك، والهَطْل فوقه أَو مثل ذلك؛
قال امرؤ القيس:
دِيمةٌ هَطْلاءُ فيها وَطَفٌ،
طَبَقُ الأَرضِ تَحَرَّى وتَدُرُّ
قال أَبو الهيثم في قول الأَعشى مُسْبِل هَطِل: هذا نادر وإِنما يقال
هَطَلت السماء تَهْطِل هَطْلاً، فهي هاطِلة، فقال الأَعشى: هَطِل بغير
أَلف. الجوهري وغيره: سَحاب هَطِل ومطر هَطِل كثير الهَطَلان. وسحائب هُطَّل:
جمع هاطِل، وديمة هَطْلاء. قال النحويون: ولا يقال سحاب أَهْطَل ولا مطر
أَهْطَل، وقولهم هَطْلاء جاء على غير قياس، وهذا كقولهم فرس رَوْعاء وهي
الذَّكِيَّة، ولا يقال للذكر أَرْوَع، وامرأَة حَسْناء ولم يقولوا رجل
أَحْسَن. والسحاب يَهْطِل بالدموع
(* قوله «والسحاب يهطل بالدموع» هكذا في
الأصل، وعبارة التهذيب: والسحاب يهطل والعين تهطل بالدموع) وهَطَل
الدَّمْعُ، ودمعٌ هاطِل، وهَطَلت العين بالدمع تَهُْطِل. وفي الحديث: اللهم
ارْزُقْني عَيْنَيْنِ هَطَّالتين ذَرَّافَتَيْن للدموع، من هَطَل المطر
يَهْطِل إِذا تتابع؛ وهَطَل يَهْطِل هَطَلاناً: مضى لوجهه مشياً. وناقة
هَطْلى: تمشي رُوَيْداً؛ وأَنشد أَبو النجم يصف فرساً:
يَهْطِلُها الرَّكْضُ بطَيْسٍ تَهْطِلُهْ
(* قوله «يهطلها الركض» في الصاغاني: يعصرها الركض. وقوله «بطيس» في
التكملة والتهذيب: بطشّ).
أَبو عبيد: هَطَل الجريُ الفرسَ هَطْلاً إِذا أَخرج عَرَقه شيئاً بعد
شيء، قال: ويَهْطِلها الركضُ يُخرج عَرَقها. والهَطَّال: اسم فرس زيد
الخيل؛ قال:
أُقَرِّبُ مَرْبَط الهَطَّالِ، إِني
أَرى حَرْباً تَلَقَّحُ عن حِيالِ
والهَطَّال: اسم جبل؛ وقال:
على هَطَّالهم منهم بُيوتٌ،
كأَنَّ العَنْكَبوت هو ابْتَناها
والهَطْلى من الإِبل: التي تمشي رُوَيْداً؛ قال:
أَبابيل هَطْلى من مُراحٍ ومُهْمَلِ
ومشت الظِّباء هَطْلى أَي رُوَيْداً؛ وأَنشد:
تَمَشَّى بها الأَرْآمُ هَطْلى كأَنها
كَواعِبُ، ما صِيغتْ لهنّ عُقودُ
والهَطْلى: المهملة. وجاءت الإِبل هَطْلى وهَطَلى أَي متقطعة، وقيل:
هَطْلى مطلَقة ليس معها سائق. أَبو عبيدة: جاءت الخيل هَطْلى أَي خَناطِيل
جماعات في تفرقة، ليس لها واحد. وهَطَلَت الناقة تَهْطِل هَطْلاً إِذا
سارت سيراً ضعيفاً؛ وقال ذو الرمة:
جَعَلْت له من ذِكْرِ مَيٍّ تَعِلَّةً
وخَرْقاءَ، فوق الناعِجاتِ الهَواطِل
(* قوله «فوق الناعجات» هكذا في الأصل والتهذيب، وفي التكملة للصاغاني:
فوق الواسجات).
والهِطْل: المُعْيي، وخص بعضهم به البعير المُعْيي. والهَطْل: الإِعياء.
ابن الأَعرابي: الهِطْل الذئب، والهِطْل اللصُّ، والهِطْل الرجل
الأَحمق.والهَيْطَل والهَياطِل والهَياطِلة: جنس من التُّرْك أَو الهِنْد؛
قال:حَمَلْتُهم فيها مع الهَياطِلَهْ،
أَثْقِلْ بهم من تِسْعَةٍ في قافِلَهْ
والهَيْطَل: الجماعة يغزى بهم لَيْسُوا بالكثير. ويقال: الهَياطِلة
جِيلٌ من الناس كانت لهم شَوْكة وكانت لهم بلاد
(* قوله «وكانت لهم بلاد إلخ»
هكذا في الأصل، والذي في الصحاح: واتراك خلخ إلخ، وفي شرح القاموس:
طخارستان واتراك خلج والخنجية من بقاياهم اهـ. وفي ياقوت: ان طخارستان
وطخيرستان لغتان في اسم البــلدة، وفيه خلج آخره جيم اسم بلد وأما خلخ وخزلخ آخره
خاء وخنجينة فلم يذكرهما) طَخَيْرِسْتان، وأَتراك خزلخ وخنجينة من
بقاياهم. وفي حديث الأَحنف: أَن الهَياطِلة لما نزلت به بَعِلَ بهم؛ قال: هم
قوم من الهِنْد، والياء زائدة كأَنه جمع هَيْطَل، والهاء لتأْكيد الجمع.
والهَيْطَل يقال: هو الثعْلب. الأَزهري: قال الليث الهَيْطَلة آنية من
صُفْر يطبخ فيها؛ قال الأَزهري: هو معرب ليس بعربي صحيح، أَصله
باتِيلَهْ.التهذيب: وتَهَطْلأْتُ وتَطَهْلأْتُ أَي وقَعْتُ
(* قوله «اي وقعت» في
التكملة: برأت من المرض).
الأَزهري في ترجمة هلط عن ابن الأَعرابي: الهالِطُ المسترخي البطن،
والهاطِل الزرع الملتفُّ.
هرتم: الهَرْتَمةُ: العَرْتَمةُ، ويه الدائرة التي وسَطَ الشفةِ العليا.
الأَزهري عن ابن الأَعرابي: هي الخُنْعُبةُ والنُّونةُ والثُّومةُ
والهَزْمةُ والوَهْدةُ والقَــلْدةُ والهَرْتَمةُ والعَرْتَمَةُ والحِثْرِمة.
وقال الليث: الخُنْعُبةُ مَشَقُّ ما بين الشارِبَين بحِيالِ الوَتَرةِ.