Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: لالة

الإله

الإله
التحقيق اللغوي
مادة كلمة (الإله) : الهمزة واللام والهاء، وقد جاء في معاجم اللغة من هذه المادة ما يأتي بيانه فيما يلي: (1)
[ألهتُ إلى فلان] : سكنت إليه
[ألهَ الرجل يأله] إذا فرغ من أمرٍ نزل به فألهه أي أجاره
[ألِه الرجلُ إلى الرجل] : اتجه إليه لشدة شوقه إليه.
[اله الفصيل] إذا ولع بأمّه
[أله الإهة والُوهَة] عبد.
وقيل (الإله) مشتق من (لاه يليه ليهاً] : أي احتجب ويتبين من التأمل في هذه المعاني المناسبة التي جعلت "اله ياله إلهة" تستعمل بمعنى العبادة – (أي التأله) – (الاله) بمعنى المعبود:
1- أن أول ما ينشأ في ذهن الإنسان من الحافز على العبادة والتأله يكون ما أتاه احتياج المرء وافتقاره. وما كان الإنسان ليخطر بباله أن يعبد أحداً ما لم يظن فيه أنه قادر على أن يسد خلته، وأن ينصره على النوائب ويؤويه عند الآفات، وعلى أن يسكن من روعه في حال القلق والاضطراب.
2- وكذلك أن اعتقاد المرء أن أحداً ما قاض للحاجات ومجيب للدعوات، لستلزم أن يعده أعلى منه منزلة وأسمى مكانة، وألا يعترف بعلوه في المنزلة فحسب، بل أن يعترف كذلك بعلوه وغلبته في القوة والأيد.
3- ومن الحق كذلك أن ما تقضى به حاجات المرء غالباً حسب قانون الأسباب والمسببات في هذه الدنيا، ويقع جل عمله في قضاء الحاجات تحت سمع المرء وبصره، وفي حدود لا تخرج من دائرة علمه، لا ينشئ في نفس المرء شيئاً من النزوع إلى عبادته أبداً، خذ لذلك مثلاً أن رجلاً يحتاج إلى مال ينفقه في بعض حاجته، فيأتي رجلاً آخر يطلب منه عملاً أو وظيفة فيجيبه الرجل إلى طلبه ويقلده عملاً، ثم يأجره على عمله، فإن الرجل لا يخطر له ببال أصلاً – فضلاً عن أن يعتقد – أن الرجل يستحق العبادة من قبله، لما علم بل رأى بأمّ عينه كل المنهاج الذي بلغ به غايته وعرف الطريقة التي اتخذها الرجل لقضاء حاجته. فإن تصور العبادة لا يمكن أن يخطر ببال المرء إلا إذا كان شخص المعبود وقوّته من وراء حجاب الغيب، وكانت مقدرته على قضاء الحوائج تحت أستار الخفاء. من ها هنا قد اختيرت للمعبود كلمة تتضمن معاني الاحتجاب والحيرة والوله مع اشتمالها على معنى الرفعة والعلوّ.
4- ورابع الأربعة أنه من الأمور الطبيعية التي لا مندوحة عنها أن يتجه الإنسان في شوق وولع إلى من يظن فيه أنه قادر على أن يقضي حاجته إذا احتاج، وعلى أن يؤويه إذا نابته النوائب، ويهدئ أعصابه عند القلق. فتبين من ذلك كله أن التصورات التي قد أطلقت من أجلها كلمة (الإله) على المعبود هي: قضاء الحاجة والإجارة والتهدئة والتعالي والهيمنة وتملك القوى التي يرجى بها أن يكون المعبود قاضياً للحاجات مجيراً في النوازل وأن يكون متوارياً عن الأنظار يكاد يكون سراً من الأسرار لا يدركه الناس، وأن يفزع إليه الإنسان ويولع به.


تصور الإله عند أهل الجاهلية:
ويجمل بنا بعد هذا البحث اللغوي أن ننظر ماذا كانت تصورّات العرب والأمم القديمة في باب الألوهية التي جاء القرآن بإبطالها.
يقول سبحانه وتعالى
1- (واتخذوا من دون الله آلهةً ليكونوا لهم عزاً) (مريم:81)
(واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم يُنصرون) (يس: 74)
يتبين من هاتين الآيتين الكريمتين أن الذين كان يحسبهم أهل الجاهلية آلهة لأنفسهم كانوا يظنون بهم أنهم أولياؤهم وحماتهم في النوائب والشدائد وأنهم يكونون بمأمن من الخوف والنقض إذا احتموا بجوارهم.
2- (فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لمّا جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب) (هود: 101)
(والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون. أمواتٌ غير أحياءٍ وما يشعرون أيّان يبعثون. إلهكم إلهٌ واحدٌ) (النحل: 20-22)
(ولا تدع مع الله إلهاً آخر، لا إله إلا هو (1)) (القصص: 88)
(وما يتّبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) (يونس: 66) وتتجلى من هذه الآيات بضعة أمور، أحدها أن الذين كان أهل الجاهلية يتخذونهم آلهة لهم كانوا يدعونهم عند الشدائد ويستغيثون بهم؛ والثاني: أن آلهتهم أولئك لم يكونوا من الجن أو الملائكة أو الأصنام فحسب بل كانوا كذلك أفراداً من البشر قد ماتوا من قبل، كما يدل عليه قوله تعالى: "أمواتٌ غير أحياء وما يشعرون أيان يُبعثون" دلالة واضحة والثالث: أنهم كانوا يزعمون أن آلهتهم هذه يسمعون دعاءهم ويقدرون على نصرهم.
ولابد للقارئ في هذا المقام من أن يكون على ذكر من مفهوم الدعاء، ومن وضعية النصرة التي يرجوها الإنسان من الإله فالمرء إذا كان أصابه العطش مثلاً فدعا خادمه وأمره بإحضار الماء أو إذا أصيب بمرض فدعا الطبيب لمداواته، ولا يصحّ أن يطلق على طلب الرجل للخادم أو للطبيب حكم "الدعاء" وكذلك ليس من معناه أن الرجل قد اتخذ الخادم أو الطبيب إلهاً له. وذلك أن كل ما فعله الرجل جار على قانون العلل والأسباب ولا يخرج عن دائرة حكمه. ولكنه إذا استغاث بولي أو وثن – وقد أجهده العطش أو المرض- بدلاً من أن يدعو الخادم أو الطبيب، فلا شك أنه دعاه لتفريج الكربة واتخذه إلهاً. فإنه دعا ولياً قد ثوى في قبر يبعد عنه بمئات من الأميال، فكأني له يراه سميعاً بصيراً ويزعم أن له نوعاً من السلطة على عالم الأسباب مما يجعله قادراً على ان يقوم بإبلاغه الماء أو شفائه من المرض، وكذلك إذا دعا وثناً في مثل هذه الحال يلتمس منه الماء أو الشفاء، فكأنه يعتقد أن الوثن حكمه نافذ على الماء أو الصحة أو المرض، مما يقدر به أن يتصرف في الأسباب لقضاء حاجته تصرفاً غيبياً خارجاً عن قوانين الطبيعة. وصفوة القول أن التصور الذي لأجله يدعو الإنسان الإله ويستغيثه ويتضرع إليه هو لا جرم تصور كونه مالكاً للسلطة المهيمنة على قوانين الطبيعة وللقوى الخارجة عن دائرة نفوذ قوانين الطبيعة. 3- (ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرَّفنا الآيات لعلهم يرجعون. فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قرباناً آلهةً بل ضلّوا عنهم وذلك إفكُهم وما كانوا يفترون) (الأحقاف: 27-28)
(ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون، أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمان بضرٍّ لا تغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون) (يس: 22-23)
(والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زُلفى إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون) (الزمر: 3)
(ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) (يونس: 18) فيتجلى من هذه الآيات الكريمة أمور عديدة منها أن أهل الجاهلية ما كانوا يعتقدون في آلهتهم أن الألوهية قد توزعت فيما بينهم، فليس فوقهم إله قاهر، بل كان لديهم تصور واضح لإله قاهر كانوا يعبرون عنه بكلمة (الله) في لغتهم. وكانت عقيدتهم الحقيقة في شأن سائر الآلهة أن لهم شيئاً من التدخل والنفوذ في ألوهية ذلك الإله الأعلى، وأن كلمتهم تُتَلقى عنده بالقبول وأنه يمكن أن تتحقق أمانينا بواسطتهم ونستدر النفع ونتجنب المضار باستشفاعهم. ولمثل هذه الظنون كانوا يتخذونهم أيضاً آلهة مع الله تعالى. ومن هنا يتبين أن الإنسان عن اتخذ أحداً شافعاً له عند الله ثم أصبح يدعوه ويستعين به ويقوم بآداب التبجيل والتعظيم ويقدم له القربات والنذور، فكل ذلك على ما اصطلح عليه أهل الجاهلية اتخاذه إياه إلهاً. (1)
4- (وقال الله: لا تتخذوا إلهين اثنين، إنما هو إله واحدٌ فإياي فارهبون) (النحل: 51)
(ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً) (الأنعام: 80)
(إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء) (هود: 54) ويتضح من هذه الآيات الحكيمة، أن أهل الجاهلية كانوا يخافون من قبل آلهتهم أنهم إن أسخطوا آلهتهم على أنفسهم لسبب من الأسباب أو حرموا عنايتهم بهم وعطفهم عليهم نابتهم نوائب المرض والقحط والنقص في الأنفس والأموال ونزلت بهم نوازل أخرى.
5- (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو) (التوبة: 31)
(أرأيت من اتخذ إلهه هواه، أفأنت تكون عليه وكيلا) (الفرقان: 43)
(وكذلك زيّن لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم) (الأنعام: 137)
(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) (الشورى: 21)
وفي الآيات يقف المتأمل على معنى آخر لكلمة (الإله) يختلف كل الاختلاف عن كل ما تقدم ذكره من معانيها، فليس ههنا شيء من تصور السلطة المهيمنة على قوانين الطبيعة، فالذي اتّخذ إلهاً هو إما واحد من البشر أو نفس الإنسان نفسه، ولم يتخذ ذلك إلهاً من حيث أن الناس يدعونه أو يعتقدون فيه أنه يضرهم وينفعهم، أو أنه يستجار به، بل قد اتخذوه إلهاً من حيث تلقوا أمره شرعاً لهم، وائتمروا بأمره وانتهوا عما نهى عنه، واتبعوه فيما حلله وحرمه، وزعموا ان له الحق في أن يأمر وينهى بنفسه، وليس فوقه سلطة قاهرة يحتاج إلى الرجوع والاستناد إليها. فالآية الأولى تبين لنا كيف اتخذت اليهود والنصارى أحبارهم ورهبانهم أرباباً وآلهة من دون الله، كما بين ذلك الحديث النبوي الشريف فيما رواه الإمام الترمذي وابن جرير من طرق عن عدي بن حاتم رضي الله عنه "أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي عنقه صليب من ذهب وهو يقرأ هذه الآية، قال، فقلت: إنهم لم يعبدوهم، فقال: بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم".
وأما الآية الثانية فمعناها واضح كل الوضوح، وذلك أن من يتبع هوى النفس ويرى أمره فوق كل أمر فقد اتخذ نفسه إلهاً له في واقع الأمر. أما الآيتان التاليتان بعدهما فإنه وإن وردت فيهما كلمة (الشركاء) مكان (الإله) ، فالمراد بالشرك هو الإشراك بالله تعالى في الألوهية. ففي هاتين الآيتين دلالة واضحة على أن الذين يرون أن ما وضعه رجل أو طائفة من الناس من قانون أو شرعة أو رسم هو قانون شرعي من غير أن يستند إلى أمر من الله تعالى، فهم يشركون ذلك الشارع بالله تعالى في الألوهية.
ملاك الأمر في باب الألوهية
إن جميع ما تقدم ذكره من المعاني المختلفة لكلمة (الإله) يوجد فيما بينها ارتباط منطقي لا يخفى على المتأمل المستبصر. فالذي يتخذ كائناً ما ولياً له ونصيراً وكاشفاً عنه السوء، وقاضياً لحاجته ومستجيباً لدعائه وقادراً على أن ينفعه ويضره، كل ذلك بالمعاني الخارجة عن نطاق السنن الطبيعية، يكون السبب لاعتقاده ذلك ظنه فيه أن له نوعاً من أنواع السلطة على نظام هذا العالم. وكذلك من يخاف أحداً ويتقيه ويرى أن سخطه يجر عليه الضرر ومرضاته تجلب له المنفعة، لا يكون مصدر اعتقاده ذلك وعمله إلا ما يكون في ذهنه من تصور أن له نوعاً من السلطة على هذا الكون. ثم أن الذي يدعو غير الله ويفزع إليه في حاجاته بعد إيمانه بالله العلي الأعلى، فلا يبعثه على ذلك إلا اعتقاده فيه أن له شركاً في ناحية من نواحي السلطة الألوهية. وعلى غرار ذلك من يتخذ حكم أحد من دون الله قانوناً ويتلقى أوامره ونواهيه شريعة متبعة فإنه أيضاً يعترف بسلطته القاهرة. فخلاصة القول أن أصل الألوهية وجوهرها هو السلطة سواء أكان يعتقدها الناس من حيث أن حكمها على هذا العالم حكم مهيمن على قوانين الطبيعة، أو من حيث أن الإنسان في حياته الدنيا مطيع لأمرها وتابع لإرشادها، وأن أمرها في حد ذاته واجب الطاعة والإذعان.
استدلال القرآن وهذا هو تصور السلطة الذي يجعله القرآن الكريم أساساً يأتي به من البراهين والحجج على إنكار ألوهية غير الله، وإثبات الألوهية لله تعالى وحده. فالذي يستدل به القرآن في هذا الشأن هو انه لا يملك جميع السلطات والصلاحيات في السماوات والأرض إلا الله. فالخلق مختص به، والنعمة كلها بيده، والمر له وحده، والقوة والحول في قبضته، وكل ما في السماوات والأرض قانت له ومطيع لأمره طوعاً وكرهاً، ولا سلطة لأحد سواه ولا ينفذ فيها الحكم لأحد غيره، وما من أحد دونه يعرف أسرار الخلق والنظم والتدبير، أو يشاركه في صلاحيات حكمه. ومن ثم لا إله في حقيقة الأمر إلا هو، وإذ لم يكن في الحقيقة إله آخر من دون الله، فكل ما تأتونه من الأفعال معتقدين غيره إلهاً باطل من أساسه، سواء أكان ذلك دعاءكم إياه واستجارتكم له أم كان خوفكم إياه ورجاءكم منه، أم كان اتخاذكم إياه شافعاً لدى الله، أم كان إطاعتكم له وامتثالكم لأمره؛ فإن هذه الأواصر والعلاقات التي قد عقدتموها مع غير الله، يجب أن تكون مختصة بالله سبحانه لأنه هو الذي يملك السلطة دون غيره.
وأما الأسلوب الذي يستدل به القرآن الكريم في هذا الباب، فدونك بيانه في كلامه البليغ المعجز:
(وهو الذي في السماء إلهٌ وفي الأرض إلهٌ وهو الحكيم العليم) (الزخرف: 84)
(أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون) (والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يُخْلَقون) (إلهكم إلهٌ واحدٌ) (النحل: 17، 20، 22)
(يا أيُّها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالقٍ غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو، فأنى تؤفكون) (فاطر: 3)
(قل أرأيتم عن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إلهٌ غير الله يأتيكم به) (الأنعام: 46) (وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحُكم وإليه ترجعون. قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياءٍ أفلا تسمعون. قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إلهٌ غير الله يأتيكم بليلٍ تسكنون فيه أفلا تبصرون) (القصص: 7-72)
(قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثال ذرةٍ في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير. ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) (سبأ: 22:23)
(خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كلٌ يجري لأجلٍ مسمى) (الزمر: 5)
(خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاثٍ ذلكم الله ربُّكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تُصرفون) (الزمر: 6)
(أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإلهٌ مع الله بل هم قومٌ يعدلون. أمن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً. أإلهٌ مع الله بل أكثرهم لا يعلمون، أمّن يُجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض. أإلهٌ مع الله قليلاً ما تذكرون. أمّن يهديكم في ظلمات البرِّ والبحر ومن يرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يُشركون. أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإلهٌ مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) (النمل: 60-64)
(الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريكٌ في الملك وخلق كل شيءٍ فقدره تقديراً. واتخذوا من دونه آلهةً لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون، ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولا حياةً ولا نشوراً) (الفرقان: 2: 3) (بديع السماوات والأرض أنّى يكون له ولدق ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيءٍ وهو بكل شيءٍ عليم. ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل) (الأنعام: 101 – 102)
(ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله، ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب إنّ القوة لله جميعاً) (البقرة: 165)
(قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ما خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات) (ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة) (الأحقاف: 4، 5)
(لو كان فيهما آلهةٌ إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون. لا يُسئل عما يفعلُ وهُم يُسئلون) (الأنبياء: 22-23)
(ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض) (المؤمنون: 91)
(قل لو كان معه آلهةٌ كما يقولون إذاً لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً. سبحانه وتعالى عمّا يقولن علوّاً كبيراً) (الإسراء: 42 – 43)

ففي جميع هذه الآيات من أولها إلى آخرها لا تجد إلا فكرة رئيسية واحدة ألا وهي أن كلاً من الألوهية والسلطة تستلزم الأخرى وأنه لا فرق بينهما من حيث المعنى والروح. فالذي لا سلطة له، لا يمكن أن يكون إلهاً ولا ينبغي أن يتخذ إلهاً. وأما من يملك السلطة فهو الذي يجوز أن يكون غلهاً وهو وحده ينبغي أن يتخذ إلهاً. ذلك بأن جميع حاجات المرء التي تتعلق بالإله أو التي يضطر المرء لأجلها أن يتخذ أحداً إلهاً له لا يمكن قضاء شيء منها من دون وجود السلطة. ولذلك لا معنى لألوهية من لا سلطة له، فإن ذلك أيضاً مخالف للحقيقة، ومن النفخ في الرماد أن يرجع إليه المرء ويرجو منه شيئاً.
والأسلوب الذي يستدل به القرآن واضعاً بين يديه هذه الفكرة الرئيسية، يمكن القارئ أني فهم مقدماته ونتائجه حق الفهم بالترتيب الآتي: 1- إن أعمال قضاء الحاجة وكشف الضرر والإجارة والتوفيق والنصر والرقابة والحماية وإجابة الدعوات التي قد تهاونتم بها وصغرتم من شأنها، ما هي بأعمال هينة في حقيقة الأمر، بل الحق أن صلتها وثيقة بالقوى والسلطات التي تتولى أمر الخلق والتدبير في هذا الكون فإنكم إن تأملتم في المنهاج الذي تقضى به حوائجكم التافهة الحقيرة، عرفتم أن قضاءها مستحيل من غير أن تتحرك لأجله عوامل لا تحصى في ملكوت الأرض والسماء خذوا لذلك مثلاً كأساً من الماء تشربونها أو حبة من القمح تأكلونها فما أدركوا إذ تعمل كل من الشمس والأرض والرياح والبحار قبل أن تتهيأ لكم هذه وتصل إلى أيديكم. فالحق أنه لا تتطلب إجابة دعائكم وقضاء حاجتكم وما إليها من الشؤون سلطة هينة، بل يتطلب ذلك سلطة يقتضيها ويستلزمها خلق السماوات والأرض وتحريك السيارات وتصريف الرياح وإنزال الأمطار وبكلمة موجزة يقتضيها ويتطلبها تدبير نظام هذا الكون بأسره.
2- وهذه السلطة غير قابلة للتجزئة، فلا يمكن أبداً أن تكون السلطة في أمر الخلق بيد وفي أمر الرزق بيد أخرى، وأن تكون الشمس مسخرة لهذا وتكون الأرض مذللة لذاك. كما لا يمكن أن يكون الإنشاء في يد والمرض والشفاء في يد أخرى، والموت والحياة بيد ثالثة. فإنه لو كان الأمر كذلك ما أمكن لنظام هذا الكون أن تقوم له قائمة. فما لابدّ منه أن تكون جميع السلطات والصلاحيات بيد حاكم واحد يرجع إليه كل ما في السماوات والأرض. فإنّ نظام هذا العالم يقتضي أن يكون الأمر كذلك وهو في الواقع كذلك: 3- وإذ كانت السلطة كلها بيد الحاكم الواحد ولم يكن لأحد غيره نقير منها ولا قطمير، فالألوهية أيضاً مخصوصة به لا محالة، وخالصة له دون غيره ولا شريك له فيها. فلا يملك أحد من دونه أن يغيثك أو يستجيب دعاءك أو يجيرك أو يكون حامياً لك ونصيراً أو لياً ووكيلاً، أو يملك لك شيئاً من النفع أو الضر. إذاً لا إله لكم غير الله بمعنى من تلك المعاني التي قد تخطر ببالكم، حتى إنه لا يمكن أن يكون أحداً إلهاً لكم بأن له دالة عند حاكم هذا الكون وتتقبل شفاعته لديه، لمكانه من التقرب عنده. كلا بل ليس في وسع أحد أن يتصدى لأمر من أمور حكمه وتدبيره، ولا يستطيع أحد أن يتدخل في شيء من شؤونه، وكذلك قبول الشفاعة أو رفضها متوقف على مشيئته وإرادته، وليس لأحد من القوة والنفوذ ما يجعل شفاعته مقبول لديه. 4- وما يقتضيه توحد السلطة العليا أن يكون جميع ضروب الحكم والأمر راجعة إلى مسيطر قاهر واحد، وإلاّ ينتقل منه جزء من الحكم إلى غيره. فإنه إذا لم يكن الخلق إلا له ولم يكن له شريك فيه، وإذا كان هو الذي يرزق الناس ولم تكن لأحد من دونه يد في الأمر، إذا كان هو القائم بتدبير نظام هذا الكون وتسيير شؤونه ولم يكن له في ذلك شريك، فما يتطلبه العقل ألاَّ يكون الحكم والأمر والتشريح إلا بيده كلك ولا مبرّر لأن يكون أحد شريكاً له في هذه الناحية أيضاً. وكما أنّه من الخطأ أن يكون أحد غيره مجيباً لدعوة الداعي وقاضياً لحاجة المحتاج، ومجيراً للمضطر في دائرة ملكوته في السموات والأرض، فمن الخطأ والباطل كذلك أن يكون أحد غيره حاكماً مستقلاً بنفسه، وآمراً مستبداً بحكمه، وشارعاً مطلق اليد في تشريعه، إن الخلق والرزق والاحياء والإنامة، وتسخير الشمس والقمر، وتكوير الليل والنهار والقضاء والقدر، والحكم والملك، والأمر والتشريع.. كل أولئك وجوه مختلفة للسلطة الواحدة، ومظاهر شتى للحكم الواحد، والحكم والسلطة لا يقبل شيء منهما التجزئة والتقسيم البتة. فالذي يعتقد أمر كائن ما من دون الله مما يجب إطاعته والإذعان له بغير سلطان من عند الله، فإنه يأتي من الشرك بمثل ما يأتي به الذي يدعو غير الله ويسأله. وكذلك الذي يدعي أنه مالك الملك، والمسيطر القاهر، والحاكم المطلق بالمعاني السياسية (1) ، فإن دعواه هذه كدعوى الألوهية ممن ينادي بالناس: "إني وليكم وكفيلكم وحاميكم وناصركم"، ويريد بكل ذلك المعاني الخارجة عن نطاق السنن الطبيعية. ألم تر أنه بينما جاء في القرآن أن الله تعالى لا شريك له في الخلق وتقدير الأشياء وتدبير نظام العالم، جاء معه أن الله له الحكم وله الملك ليس له شريك في الملك، مما يدل دلالة واضحة على أن الألوهية تشتمل على معاني الحكم والملك أيضاً، وأنه مما يستلزمه توحيد الإله ألا يشرك بالله تعالى في هذه المعاني كذلك. وقد فصل القول في ذلك أكثر مما تقدم فيما يلي من الآيات:
(قلْ اللهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك من تشاءُ وتعز من تشاء وتذل من تشاء) (آل عمران: 26)
(قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس) (الناس: 1-3)
وقد صرح القرآن بالأمر بأكثر من كل ما سبق في (سورة غافر) حيث جاء:
(يوم هم بارزون، لا يخفى على الله منهم شيء، لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) (غافر: 16)
أي يوم يكون الناس قد انقشعت الحجب عنهم، ولا يخفى على الله خافية من أمرهم، ينادي المنادي: لمن الملك اليوم؟ ولا يكون الجواب إلا أن الملك لله الذي غلبت سلطته جميع الخلق، وأحسن ما يفسر هذه الآية ما رواه الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر (وما قد روا الله حق قدره، والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عما يشركون) ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هكذا بيده ويحركها، يقبل بها ويدبر، يمجد الرب نفسه، أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا العزيز، أنا الكريم، فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبرُ حتى قلنا: ليخرَّنَّ به.

المجمل

المجمل: ما لم تتضح دلالته، وهو ما خفي المراد منه بحيث لا يدرك في نفس اللفظ إلا ببيان من المجمل.
المجمل:
[في الانكليزية] Summary ،whole ،total
[ في الفرنسية] Sommaire ،global ،total
في اللغة المجموع وجملة الشيء مجموعه. ومنه أجمل الحساب إذا جمعه. ومنه المجمل في مقابلة المفصّل في العلمي حاشية شرح هداية الحكمة في الخطبة: الفرق بين الإجمال والتفصيل أنّ المجمل كالمعرّف بالفتح ملحوظ بملاحظة واحدة والمفصّل كالمعرّف بالكسر ملحوظ بملاحظات متعدّدة، كالزّحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر بالنسبة إلى الكواكب السيارة. والتحقيق أنّ التفصيل بالنسبة إلى الإجمال مجموع الاجزاء، ومتى تحقّق أحدهما تحقّق الآخر في ضمنه فهما متحدان ذاتا مختلفان اعتبارا وملاحظة انتهى. والمجمل في عرف الأصوليين هو ما خفي المراد منه بنفس اللفظ خفاء لا يدرك بالعقل بل ببيان من المجمل، سواء كان ذلك لتزاحم المعاني المتساوية الأقدام كالمشترك أو لغرابة اللفظ وتوحّشه من غير اشتراك فيه كالهلوع، أو باعتبار إبهام المتكلّم الكلام، كانتقاله من معناه الظاهر إلى ما هو غير معلوم كالصلاة والزكاة والربا فإنّ المجمل أنواع ثلاثة: نوع لا يفهم معناه لغة كالهلوع قبل التفسير، ونوع معناه معلوم لغة لكنه ليس بمراد كالربا والصلاة، ونوع معناه معلوم لغة إلّا أنّه متعدّد لغة كالمشترك. ففي القسم الأخير خفي المراد باعتبار الوضع وفي الأولين باعتبار غرابة اللفظ وإبهام المتكلّم. فقولهم ما خفي المراد منه بمنزلة الجنس يشمل المجمل والمشكل والمتشابه والخفي. وقولهم بنفس اللفظ يخرج الخفي فإنّ خفاءه بعارض. والقيد الأخير يخرج المشكل إذ يدرك المراد منه بالعقل وكذا المتشابه إذ لا طريق إلى درك المراد منه، إذ لا يدرك عقلا ولا نقلا، وهذا هو المراد مما ذكره فخر الإسلام من أنّ المجمل ما ازدحمت فيه المعاني واشتبه المراد به اشتباها لا يدرك المراد إلّا ببيان من جهة المجمل، فإنّه أراد بالمعنى مفهوم اللفظ وبازدحامها تواردها على اللفظ من غير رجحان لأحدها على الآخر. وقيل ما ازدحمت فيه المعاني قيد زائد إذ يكفيه أن يقول هو ما اشتبه المراد إلى آخره، ولذا قال شمس الأئمة هو لفظ لا يفهم المراد منه إلّا باستفسار المجمل. وقال القاضي الإمام هو الذي لا يعقل معناه أصلا ولكنه احتمل البيان. وقال آخر هو ما لا يمكن العمل إلّا ببيان يقترن به، هكذا يستفاد من كشف البزدوي والتلويح. وفي بعض كتب الحنفية هو ما لا يوقّف على المراد منه إلّا ببيان غير اجتهادي. فقيد ما لا يوقف كالجنس يتناول المجمل والمتشابه. وبقيد إلّا ببيان خرج المتشابه فإنّه لا يرجى بيانه. وبقيد غير اجتهادي خرج المشترك فإنّه يجوز تأويله بالاجتهاد والنظر في القرائن ومأخذ الاشتقاق. وكذا خرج ما أريد مجازه للنظر في الوضع والعلاقة والعلامات وتبيّن بهذا أنّ قول بعض أصحابنا الحنفية أنّ المشترك نوع من المجمل فيه نظر لعدم انطباق حدّ المجمل عليه ونقيض المجمل المبين انتهى ما حاصله. وقال بعض الشارحين وفي إخراج المشترك مطلقا عن المجمل نظر كما في إدخاله فيه مطلقا نظر لأنّ من أفراد المشترك ما لا يمكن الاطلاع عليه بالاجتهاد أصلا فيكون من قبيل المجمل. البتّة لصدق حدّه عليه قطعا، ومن أفراده ما يمكن الاطلاع عليه بالاجتهاد فلا يكون من قبيل المجمل. ومثال المشترك الذي هو من المجمل ما إذا أوصى لمواليه وله موال أعلى وأسفل ومات من غير بيان حيث تبطل الوصية بعدم المرجّح انتهى. اعلم أنّ هذا الذي ذكر إنّما هو مذهب الحنفية فإنّهم قالوا المجمل والمشكل والخفي والمتشابه ألفاظ متباينة لا يصدق أحدها على الآخر منها، ولذا وقع في التلويح إذا خفي المراد من اللفظ فخفاؤه إمّا لنفس اللفظ أو لعارض، الثاني يسمّى خفيا والأول إمّا أن يدرك المراد منه بالعقل أو لا، الأول يسمّى مشكلا، والثاني إمّا أن يدرك المراد بالنقل أو لا يدرك أصلا، الأول يسمّى مجملا، والثاني متشابها، فهذه الأقسام متباينة قطعا بلا خلاف، بخلاف الظاهر والنصّ والمفسّر والمحكم فإنّها اختلف فيها. فقيل بتباينها وقيل بتغايرها انتهى. وأمّا الشافعي رحمه الله تعالى فلم يفرّق بينها بل أطلق على الجميع لفظ المجمل ولا يجوز عنده تفسير المتشابه بالتفسير الذي فسّر به الحنفية إذ يجوز عنده تأويل المتشابه فلا يجوز عنده تفسيره بتفسيرهم.
ويدلّ على ما ذكرنا وقع في الاتقان أنّ المجمل ما لم تتضح دلالته وهو واقع في القرآن خلافا لداود الظاهري، وفي جواز بقائه مجملا أقوال، أصحّها لا يبقى المكلّف بالعمل به بخلاف غيره. ثم قال اختلف في آيات هل هي من قبيل المجمل أم لا، منها وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا، قيل إنّها مجملة لأنّ الربا هو الزيادة وما من بيع إلّا وفيه زيادة افتقر إلى بيان ما يحلّ وما يحرم. وقيل لا لأنّ البيع منقول شرعا فحمل على عمومه ما لم يقم دليل التخصيص. وقال الماوردي: للشافعي في هذه الآية أربعة أقوال. القول الأول إنّها عامة فإنّ لفظها لفظ عموم يتناول كلّ بيع ويقتضي إباحة كلّ بيع إلّا ما خصّه الدليل، وهذا القول أصحها عند الشافعي وأصحابه لأنّه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيوع كانوا يعتادونها ولم يبيّن الجائز، فدلّ على أنّ الآية تناولت إباحة جميع البيوع إلّا ما خصّ منها، فبيّن صلى الله عليه وسلم المخصوص، وقال: فعلى هذا في العموم قولان: أحدهما أنّه عموم أريد به العموم وإن دخل التخصيص، وثانيهما أنّه عموم أريد به الخصوص. قال والفرق بينهما أنّ البيان في الثاني مقدّم على اللفظ وفي الأول متأخّر عنه مقترن به قال وعلى القولين يجوز الاستدلال بالآية في المسائل المختلف فيها ما لم يقم دليل تخصيص. والقول الثاني إنّها مجملة لا يعقل منها صحة بيع من فساده إلّا ببيان النبي صلى الله عليه وسلم. قال ثم [هل] هي مجملة بنفسها أم بعارض ما نهي عنه من البيوع؟
وجهان. وهل الإجمال في المعنى المراد دون لفظها لأنّ البيع لفظه اسم لغوي معناه معقول؟
لكن لما قام بإزائه من السّنة ما يعارضه تدافع العمومان ولم يتعيّن المراد إلّا ببيان السّنة فصار مجملا لذلك دون اللفظ، أو في اللفظ أيضا لأنّه لمّا لم يكن المراد منه ما وقع عليه الاسم وكانت له شرائط غير معقولة في اللغة كان مشكلا، أيضا هو وجهان. قال: وعلى الوجهين لا يجوز الاستدلال بها على صحة بيع وفساده وإن دلّت على صحة البيع من أصله. قال وهذا هو الفرق بين العموم والمجمل حيث جاز الاستدلال بظاهر العموم ولم يجز الاستدلال بظاهر المجمل. والقول الثالث إنّها عامة مجملة معا، واختلف في وجه ذلك على أوجه: أحدها أنّ العموم في اللفظ والإجمال في المعنى.
الثاني أنّ العموم في وأحلّ الله البيع والإجمال في وحرّم الربا. الثالث أنّه كان مجملا فلمّا بيّنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم صار عامّا فيكون داخلا في المجمل قبل البيان وفي العموم بعد البيان، فعلى هذا يجوز الاستدلال بظاهرها في البيوع المختلف فيها. والقول الرابع إنّها تناولت بيعا معهودا ونزلت بعد أن أحلّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيوعا وحرّم بيوعا، فاللام للعهد. فعلى هذا لا يجوز الاستدلال بظاهرها، انتهى كلام الإتقان.

تنبيه:
فهم من كلام الحنفية أنّ المجمل هو اللفظ الموضوع وهو ظاهر، وفهم مما وقع في الاتقان أنّ المجمل يتناول الفعل أيضا ويؤيّده ما في العضدي وحاشيته للسّعد التفتازاني ما حاصلهما أنّ المجمل ما لم يتّضح دلالته أي ماله دلالة غير واضحة فخرج المهمل إذ ليس له دلالة على المعنى أصلا، وهو يتناول القول والفعل والمشترك والمتواطئ، فإنّ الفعل قد يكون مجملا كالقيام من الركعة الثانية من غير تشهّد فإنّه محتمل للجواز وللسّهو فكان مجملا بينهما. وأمّا من عرّفه بأنّه اللفظ الذي لا يفهم منه عند الاطلاق شيء فقد عرّف المجمل الذي هو من أقسام المتن الذي هو لفظ ولا يرد المهمل، إذ المتن هو اللفظ الموضوع وأراد بالشيء المعنى اللغوي أي ما يمكن أن يعلم ويخبر به لا الموجود فلا يرد أنّ المستحيل على هذا ينبغي أن يكون مجملا، لأنّ المفهوم منه ليس بشيء، مع أنّه ليس بمجمل لوضوح مفهومه، والمراد بتفهّم الشيء فهمه على أنّه مراد لا مجرّد الخطور بالبال، فلا يرد أنّ التعريف غير منعكس لجواز أن يفهم من المجمل أحد محامله لا بعينه كما في المشترك انتهى. وفي ظاهر هذا الكلام دلالة أيضا على عدم التّفرقة بينه وبين الخفي والمشكل والمتشابه.
فائدة:
قد يسمّى المجمل بالمبهم أيضا، يدلّ عليه ما وقع في الاتقان من أنّه قال ابن الحصار من الناس من جعل المجمل والمحتمل بإزاء شيء واحد، قال والصواب أنّ المجمل اللفظ الذي لا يفهم منه المراد والمحتمل اللفظ الواقع بالوضع الأول على معنيين فصاعدا، سواء كان حقيقة في كلّها أو بعضها. قال فالفرق بينهما أنّ المحتمل يدلّ على أمور معروفة واللفظ المشترك متردّد بينها، والمجمل لا يدلّ على أمر معروف مع القطع بأنّ الشارع لم يفوّض لأحد بيان المجمل بخلاف المحتمل.
فائدة:

للإجمال أسباب: منها الاشتراك. ومنها الحذف نحو وترغبون أن تنكحوهن، يحتمل في وعن. ومنها اختلاف المرجع نحو ضرب زيد عمرا فضربته. ومنها احتمال العطف والاستئناف كقوله تعالى إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ. ومنها غرابة اللفظ. ومنها عدم كثرة الاستعمال الآن نحو يلقون السمع أي يسمعون، فأصبح يقلّب كفيه أي نادما.

ومنها التقديم والتأخير كقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها أي يسألونك عنها كأنّك حفي. ومنها قلب المنقول نحو طور سينين أي سينا. ومنها التكرير القاطع لوصل الكلام في الظاهر نحو للذين استضعفوا لمن آمن منهم كذا في الاتقان.

جَلَلَ

(جَلَلَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ»
الجَلَال: العَظَمه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ألِظُّوا بِيَا ذَا الجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَجِلُّوا اللَّهَ يَغْفِرْ لَكُم» أَيْ قُولُوا يَا ذَا الجَلَال وَالْإِكْرَامِ. وَقِيلَ:
أَرَادَ عَظِّمُوه. وَجَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: أَيْ أسْلِمُوا. ويُروَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ كَلَامُ أَبِي الدَّرْدَاء فِي الْأَكْثَرِ.
وَمِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «الجَلِيل» وَهُوَ المَوْصُوف بِنُعُوت الجَلَال، والحَاوِي جَمِيعَها هو الجَلِيل المٌطْلَق، وهُو راجِع إِلَى كَمَالِ الصِّفَاتِ، كَمَا أنَّ الكَبير راجعٌ إِلَى كَمَالِ الذَّات، والعَظِيم رَاجِعٌ إِلَى كَمال الذَّات وَالصِّفَاتِ.
وَفِي حَدِيثِ الدعاء «اللهمّ اغفرلى ذَنْبي كلَّه؛ دِقَّهُ وجِلَّهُ» أَيْ صَغِيرَه وكَبِيرَه. وَيُقَالُ: مَا لَهُ دِقٌّ وَلَا جِلٌّ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ «أخذتَ جِلَّةَ أمْوَالهم» أَيِ العِظَام الكِبَار مِنَ الْإِبِلِ. وَقِيلَ هِيَ المسَانّ مِنْهَا. وَقِيلَ هُوَ مَا بَيْن الثَّنِىِّ إِلَى البَازِل. وجُلُّ كُلِّ شَيْءٍ بالضَّم: مُعْظَمُه، فيَجُوز أَنْ يَكُونَ أرادَ: أخَذْت مُعْظَم أمْوالِهم.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «تَزوّجتُ امْرَأَةً قَدْ تَجَالَّتْ» أَيْ أَسَنَّتْ وكَبِرَتْ.
(س) وَحَدِيثُ أُمِّ صُبَيَّة «كنَّا نَكُونُ فِي المسجدِ نسْوَةً قَدْ تَجَالَلْنَ» أَيْ كَبِرْنَ. يُقَالُ:
جَلَّتْ فَهِيَ جَلِيلَة، وتَجَالَّتْ فَهِيَ مُتَجَالَّة.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَجَاءَ إبْليسُ فِي صُورَة شَيْخ جَلِيل» أَيْ مُسِنّ .
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنْ أكْل الجَــلَّالَة ورُكوبها» الجَــلَّالَة مِنَ الحَيوان: الَّتِي تَأْكُلُ العَذِرَة، والجِلَّةُ: البَعَر، فوُضِع مَوْضِعَ الْعَذِرَةِ. يُقَالُ جَلَّتِ الدَّابَّةُ الجِلَّةَ، واجْتَلَّتْهَا، فَهِيَ جَالَّةٌ، وجَــلَّالة: إِذَا الْتَقَطَتْها.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فإِنما قذِرتُ عَلَيْكُمْ جَالّة القُرَى» .
(هـ) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «فَإِنَّمَا حَرَّمْتُها مِنْ أجْل جَوَالِّ القَرْيَة» الجَوَالُّ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ: جَمْع جَالَّة، كَسامَّة وسوامٍّ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أصْحبَك، قَالَ لَا تَصْحَبْني عَلَى جَلَّال» وَقَدْ تَكَرَّرَ ذكْرها فِي الْحَدِيثِ. فَأَمَّا أكْلُ الجَــلَّالَة فَحلال إِنْ لَمْ يَظْهر النَّتْنُ فِي لَحْمِهَا، وَأَمَّا رُكُوبها فلعَله لِمَا يَكْثُر مِنْ أكْلِها العَذِرَة والبَعر، وتَكْثُر النَّجاسة على أجْسَامها وأفْواهها، وتَلْمس راكبَها بفَمها وثَوْبَه بعَرَقهَا وَفِيهِ أَثَرُ العَذِرة أَوِ البَعَر فَيَتَنَجَّس. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قَالَ لَهُ رَجُلٌ: الْتَقَطْتُ شَبَكَة عَلَى ظَهْر جَلَّال» هُوَ اسْم لِطَريق نَجْد إِلَى مَكَّةَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ سُوَيْد بْنِ الصَّامِتِ «قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعلَّ الَّذِي معَك مثْلُ الَّذِي مَعي، فَقَالَ: وَمَا الَّذِي مَعَكَ؟ قَالَ: مَجَلَّةُ لُقْمان» كُلُّ كِتَابٍ عِنْدَ العَرب مَجَلَّة، يُريد كتَاباً فِيهِ حكْمة لُقْمان.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «ألْقِي إليْنا مَجَالَّ» هِيَ جَمْع مَجَلَّة، يَعْنِي صُحُفا.
قِيلَ: إِنَّهَا معَرّبة مِنَ العِبْرانية. وقيل هي عَرَبِيَّةٌ. وَهِيَ مَفْعَلة مِنَ الجَلَال، كَالْمَذَلَّةِ مِنَ الذُّلِّ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ جَلَّلَ فَرَساً لَهُ سَبَق بُرْداً عَدَنيًّا» أَيْ جَعَل البُرْد لَه جُلّا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «أنه كان يُجَلِّلُ بُدْنَه القِبَاطيّ» .
(س) وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «اللَّهُم جَلِّلْ قَتَلة عُثْمَانَ خِزْياً» أَيْ غَطّهم بِهِ وألْبسهم إيَّاه كَمَا يَتَجَلَّلُ الرجُل بالثَّوب.
(س) وَحَدِيثُ الِاسْتِسْقَاءِ «وَابِلاً مُجَلِّلًا» أَيْ يُجَلِّلُ الْأَرْضَ بمَائه، أَوْ بنَباته. ويُروى بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَفْعُولِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قَالَ يَوْمَ بَدْر: الْقَتْلُ جَلَلٌ مَا عَدَا مُحمَّداً» أَيْ هَيّن يَسير. والجَلَلُ مِنَ الأضْداد، يَكُونُ للْحَقِير والعظِيم.
(س) وفيه «يَسْتُر المُصَلّيَ مثْلُ مؤْخِرة الرَّحْل فِي مِثْل جُلَّةِ السَّوْط» أَيْ فِي مثْل غِلَظِه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُبَيّ بْنِ خَلَفٍ «إِنَّ عنْدي فَرساً أُجِلُّها كُلَّ يَوْم فَرَقا من ذُرَّة أقتُلُكَ عليها، فقال صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَنَا أقْتُلك عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» أَيْ أَعْلِفُها إيَّاه، فوضَع الإِجلال مَوْضِعَ الإعْطَاء، وأصْلُه مِنَ الشَّيْءِ الجَلِيل (س) وَفِي شِعْرِ بِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
ألاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أبِيتَنَّ لَيْلَة ... بِوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيل
الجَلِيل: الثُّمام، وأحِده جَلِيلة. وَقِيلَ هُوَ الثُّمَام إذا عَظُم وجلّ.
(37- النهاية 1) 

النّعت

النّعت:
[في الانكليزية] Adjective ،attribute ،qualification ،attributive
[ في الفرنسية] Adjectif ،attribut ،epithete ،qualification
بالفتح وسكون العين هو لغة الصّفة. وقيل النعت لا يستعمل إلّا في المدح والصفة تستعمل فيه وفي الذّم أيضا، فبينهما عموم مطلق. وهو عند النحاة يطلق على الوصف المشتق كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبّهة. قال في الوافي: المبتدأ اسم ولو تقديرا مسند إليه مجرّد عن العوامل اللفظية أو نعت مسند رافع لظاهر غير مستتر وقع بعد حرف الاستفهام أو ما النافية انتهى. وعلى قسم من توابع الاسم ويسمّى وصفا وصفة أيضا، وعرّف بأنّه تابع يدلّ على معنى في متبوعه مطلقا. فقولنا تابع احتراز عن غير التوابع كالحال. وقولنا يدلّ على معنى إلى آخره أي يدلّ بهيئته التركيبية على معنى دلالة مطلقة غير مقيّدة بخصوصية مادة من المواد احتراز عن سائر التوابع، ولا يرد عليه البدل في مثل قولك أعجبني زيد علمه والمعطوف في مثل قولك أعجبني زيد وعلمه، ولا التأكيد في مثل قولك جاءني القوم كلهم لدلالة كلهم على معنى الشمول في القوم لأنّ دلالة هذه التوابع في هذه الأمثلة على حصول معنى في المتبوع، إنّما هي لخصوص موادها، فلو جرّدت عن هذه المواد كما يقال أعجبني زيد غلامي أو أعجبني زيد وغلامه، أو جاءني زيد نفسه لا تجد لها دلالة على معنى في متبوعها بخلاف الصفة، فإنّ الهيئة التركيبية بين الصفة والموصوف يدلّ على حصول معنى في متبوعها في أيّ مادة كانت وهو قسمان لأنّه إمّا أن يكون بحال الموصوف وذلك بأن يجعل حال الموصوف وهيئته وصفا له وهو القياس والكثير نحو مررت برجل حسن، وإمّا أن يكون بحال سببه أي متعلّقه ويسمّى نعتا سببيا ووصفا سببيا وذلك بأن يجعل حال متعلّق الموصوف وصفا للموصوف لتنزّله منزلة حاله، وذلك لأنّه لما وجد ذكر الأول في الثاني صار فعل الثاني كأنّه فعل الأول نحو مررت برجل حسن غلامه. قال في ضوء شرح المصباح:
اعلم أنّ الشيء يوصف بخمسة أشياء. الأول ما كان فعلا للموصوف أو لشيء هو من سببه نحو مررت برجل قائم أو قائم أبوه. الثاني ما كان حلية من الموصوف أو من شيء هو من سببه نحو مررت برجل طويل أو طويل أبوه. الثالث ما كان غريزة والفرق بين هذا والأولين هو أنّ الصفات قد تكون علاجا وقد تكون حلية، فالعلاج ما كان من أفعال الجوارح كالذهاب والقيام والقعود وغير ذلك، وأمّا الحلية فعلى ضربين: أحدهما ما يعرف بالعين كالطول والقصر والحمرة والزرقة، والثاني ما لم يكن للعين فيه نصيب بل كان يعرف بالتجربة والنّظر المتعلّق بالقلب كالعلم والجهل والظّرافة والكرامة، وهذا هو المعني بالغريزة اصطلاحا ولا مشاحة فيه. الرابع النسبة نحو هاشمي وبصري والاسم المحض إذا نسب إليه صار وصفا فإذا قلت هاشم وبصرة لا يصحّ الوصف به فإذا نسبت إليه فقلت هاشمي انخرط في سلك الصفات وجرى مجراها في لحوق علامة التأنيث والتثنية والجمع وتنزّل منزلة حسن وشديد في مشابهته اسم الفاعل. الخامس ما وصف بأسماء الأجناس بتوصّل ذو نحو مررت برجل ذي مال انتهى، والصفة الجارية على من هي له عندهم ما جعل صفة لشيء في التركيب ولم يسند مع ذلك إلى غيره في ذلك التركيب، فإن كانت صفة لشيء حقيقة لكن جعل في التركيب صفة لشيء آخر وأسند إليه سمّيت بالصفة الجارية على غير من هي له، والمراد بالجريان أن يكون نعتا أو حالا أو صلة أو خبرا.

الوصف

الوصف: ما دل على الذات باعتبار معنى هو المقصود من جوهر حروفه، أي يدل على الذات بصفة كأحمر، فإنه بجوهر حروفه يدل على معنى مقصود وهو الحمرة. فالوصف والصفة مصدران: والمتكلمون فرقوا بينهما فقالوا: الوصف يقوم بالواصف، والصفة بالموصوف. كذا قرره ابن الكمال. وقال الراغب: الوصف ذكر الشيء بحليته، والصفة التي عليها الشيء من حليته ونعته. والوصف قد يكون حقا وباطلا.
الوصف:
[في الانكليزية] Description ،cause ،consequence ،quality
[ في الفرنسية] Description ،cause ،consequence ،qualite
بالفتح وسكون الصاد المهملة يطلق على معان. منها علّة القياس فإنّ الأصوليين يطلقون الوصف على العلّة كثيرا ومنه الوصف المناسب كما مرّ. وفي نور الأنوار شرح المنار وقد يسمّى المعنى الجامع الوصف مطلقا في عرف الأصوليين سواء كان وصفا أو حكما أو اسما.
ومنها ما هو مصطلح الفقهاء وهو مقابل الأصل في الدرر شرح الغرر في كتاب البيوع وكتاب الإيمان: الوصف في اصطلاح الفقهاء ما يكون تابعا لشيء غير منفصل عنه إذا حصل فيه يزيده حسنا وإن كان في نفسه جوهرا كذراع من ثوب وبناء من دار فإنّ ثوبا هو عشرة أذرع ويساوي عشرة دراهم إذا انتقص منه ذراع لا يساوي تسعة دراهم، بخلاف المكيلات والعدديات فإنّ بعضها منها يسمّى قدرا واصلا ولا يفيد انضمامه إلى بعض آخر كمالا للمجموع فإنّ حنطة هي عشرة أقفزة إذا ساوت عشرة دراهم كانت التسعة منها تساوي تسعة، وقد اختلفوا في تفسير الأصل والوصف والكلّ راجع إلى ما ذكرنا انتهى. وفي البرجندي قال المصنف المراد بالوصف الأمر الذي إذا قام بالمحل يوجب في ذلك المحل حسنا أو قبحا، فالكمية المحضة ليست بوصف بل أصل لأنّ الكمية عبارة عن كثرة الأجزاء وقلّتها والشيء إنّما يوجد بالأجزاء والوصف لا بد أن يكون مؤخّرا عن وجود ذلك الشيء والكمية تختلف بها الكيفية كالذراع في الثوب فإنّه أمر يختلف به حسن المزيد عليه، فالثوب يكفي جبّة ولا يكفي الأقصر لها فزيادة الذراع يزيده حسنا فيصير كالأوصاف الزائدة.
وقيل إنّ ما يتعيب بالتبعيض والتنقيص فالزيادة والنقصان فيه وصف، وما لا يتعيب بهما فالزيادة والنقصان فيه أصل. وقيل الوصف ما لوجوده تأثير في تقويم غيره ولعدمه تأثير في نقصان غيره والأصل ما لا يكون كذلك، وقيل إنّ ما لا ينتقص الباقي بفواته فهو أصل وما ينتقص الباقي بفواته فهو وصف، وكلّ من هذه الوجوه الثلاثة أظهر ممّا ذكره كما لا يخفى.
وذكر في شرح الطحاوي أنّ الأوصاف ما يدخل في البيع من غير ذكر كالبناء والأشجار في الأرض والأطراف في الحيوان والجودة في الكيلي انتهى. ثم الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن إلّا إذا صارت مقصودة بالتناول حقيقة أو حكما. أمّا حقيقة فكما إذا باع عبدا فقطع البائع يده قبل القبض يسقط نصف الثمن لأنّه صار مقصودا بالقطع. وأمّا حكما فبأن يكون امتناع الردّ بحقّ البائع كما إذا تعيب المبيع عند المشتري أو بحقّ الشارع كما إذا زاد المبيع بأن كان ثوبا فخاطه ثم وجد به عيبا، فالوصف صار مقصودا بأحد هذين يأخذ قسطا من الثمن كذا في الكفاية. ومنها ما يحمل على الشيء سواء كان عين حقيقته أو داخلا فيها أو خارجا عنها، فالاتصاف بمعنى الحمل لا بمعنى القيام والعروض كما في المعنى الآتي وهو لا يقتضي إلّا التغاير في المفهوم. ومنها ما يكون خارجا عن الشيء قائما به وبعبارة أخرى الصفة ما يكون قائما بالشيء والقيام العروض كذا في شرح المواقف. قال أحمد جند في حاشية الخيالي في تعريف العلم الصفة هو الأمر الغير القائم بالذات أو القائم بالمحل أي الموضوع أو الأمر القائم بالغير، والتفسير الأخير لا يجري في صفات الله تعالى عند الأشاعرة القائلين بكونها لا عين ولا غير انتهى.
اعلم أنّ قيام الصفة بالموصوف له معنيان فقيل معناه أن يكون تحيّزا لصفة تبعا لتحيّز الموصوف، يعني أنّ هناك تحيّزا واحدا قائما بالمتحيّز بالذات وينسب إلى المتحيّز بالتبع باعتبار أنّ له نوع علاقة بالمتحيّز بالذات كالوصف بحال المتعلّق لا أنّ هناك تحيّزا واحدا بالشخص يقوم بهما بالتّبع، ولا أنّ هناك تحيّزين أحدهما مسبّب الآخر فافهم، فإنّه زلّ فيه الأقدام. وقيل معناه الاختصاص الناعت وهو أن يختصّ شيء بآخر اختصاصا يصير به ذلك الشيء نعتا للآخر والآخر منعوتا به فيسمّى الأول حالا والثاني محلا له كاختصاص السواد بالجسم لا كاختصاص الماء بالكوز، والمراد بالاختصاص هو الارتباط ونسبة النعت إليه مجازي لكونه سببا له، وهذا القول هو المختار لعمومه لأوصاف البارى فإنّها قائمة به من غير شائبة تحيّز في ذاته وصفاته، هكذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح المواقف. وفي قوله لأوصاف الباري إشارة إلى ترادف الوصف والصفة. ومنها العرضي أي الخارج عن الشيء المحمول عليه ويقابله الذات بمعنى الجزء كما عرفت. قال في الأجد حاشية شرح التجريد في بحث استناد القديم إلى الذات صفة الشيء على قسمين أحدهما ما يكون قائما به غير محمول عليه مواطأة كالكتابة بالقياس إلى زيد، والثاني ما يكون محمولا عليه بالمواطأة ولا يكون ذاتيا له كالكاتب بالقياس إليه، وهذا القسم من الصفات لما كانت محمولة على موصوفاتها بالمواطأة كانت عينها ومتحدة بعضها من وجه، وإن كانت مغايرة لها من وجه آخر وهو صحّة الحمل، ومن ثمّ قيل صحّة الحمل الإيجابي في القضايا الخارجية تقتضي اتحاد الطرفين في الخارج وتغايرهما في الذهن.
اعلم أنّ من ذهب إلى أنّ صفاته تعالى ليست زائدة على ذاته قد حصر صفاته في القسم الثاني ونفى القسم الأول من الصفات عنه تعالى فإنّه عين العالم مثلا، لا بأنّ العلم صفة قائمة به تعالى، كما أنّ زيدا عين العالم لعمرو بأنّ علمه لعمرو صفة قائمة به بل بأنّ علمه تعالى نفس ذاته كما أنّ زيدا عين العالم بذاته فإنّ علمه بذاته نفس ذاته فاعرف ذلك انتهى. وربّما يخصّ القسم الأول باسم الصفة والوصف والقسم الثاني باسم الاسم كما يستفاد من أكثر إطلاقات الصوفية، ومما وقع في كتب الفقه في كتاب الإيمان من أنّ القسم يصحّ وباسم من أسمائه تعالى كالرحمن والرحيم، وبصفة يحلف بها عرفا من صفاته تعالى كعزّة الله وجلالته وكبريائه وعظمته وقدرته. قال في فتح القدير المراد بالصفة في هذا المقام اسم المعنى الذي لا يتضمّن ذاتا ولا يحمل عليها بهو هو كالعزة والكبرياء والعظمة، بخلاف العظيم وهي أعمّ من أن يكون صفة فعلية أو ذاتية، والصفة الذاتية ما يوصف بها سبحانه ولا يوصف بأضدادها كالقدرة والجلال والكمال والكبرياء والعظمة والعزة، والصفة الفعلية ما يصحّ أن يوصف بها وبأضدادها كالرحمة والرضى لوصفه سبحانه بالسخط والغضب انتهى. ثم الظاهر أنّ المراد بما قال في الأجد من أنّ صفة الشيء على قسمين أنّ ما يطلق عليه لفظ الصفة على قسمين كما في تقسيم العلّة إلى سبعة أقسام فتأمّل.

التقسيم:
الصفة بمعنى الخارج القائم بالشيء قالوا هي على قسمين ثبوتية وهي ما لا يكون السّلب معتبرا في مفهومها وسلبية وهي ما يكون السّلب معتبرا في مفهومها، فالصفة أعمّ من العرض لاختصاصه بالموجود دون الصفة. ثم الصفة الثبوتية عند الأشاعرة تنقسم إلى قسمين: نفسية وهي التي تدلّ على الذات دون معنى زائد عليها ككونها جوهرا أو موجودا أو شيئا أو ذاتا، والمراد بالذات ما يقابل المعنى أي ما يكون قائما بنفسه، والحاصل أنّ الصفة النفسية صفة تدلّ على الذات لكونها مأخوذة من نفس الذات ولا تدلّ على أمر قائم بالذات زائد عليه في الخارج وإن كان مغايرا له في المفهوم فلا يتوهّم أنّه كيف لا يكون دالا على معنى زائد على الذات مع كونها صفة، وبهذا ظهر أنّ الصفات السلبية لا تكون نفسية لأنّه يستلزم أن يكون الذات غير السلوب في الخارج، وبعبارة أخرى هي ما لا يحتاج في وصف الذات به إلى تعقّل أمر زائد عليها أي لا يحتاج في توصيف الذات به إلى ملاحظة أمر زائد عليها في الخارج بل يكون مجرّد الذات كافيا في انتزاعها منه ووصفه بها، وبهذا المعنى أيضا لا يجوز أن يكون السلوب صفات نفسية لاحتياجها إلى ملاحظة معنى يلاحظ السلب إليه وتسمّى بصفات الأجناس أيضا. ومعنوية وهي التي تدلّ على معنى زائد على الذات أي تدلّ على أمر غير قائم بذاته زائد على الذات في الخارج والسلوب لا تدلّ على قيام معنى بالذات بل على سلبه كالتحيّز والحدوث، فإنّ التحيّز وهو الحصول في المكان زائد على ذات الجوهر وكذا الحدوث وهو كون الموجود مسبوقا بالعدم زائدا على ذات الحادث، وقد يقال بعبارة أخرى هي ما يحتاج في وصف الذات به إلى تعقّل أمر زائد عليها، هذا على رأي نفاة الأحوال. وبعض أصحابنا كالقاضي وأتباعه القائلين بالحال لم يفسّروا المعنوية والنفسية بما مرّ فإنّ الحال صفة قائمة بموجود فيكون دالا على معنى زائد على الذات فلا يصحّ كونه صفة نفسية بذلك المعنى مع كون بعض أفراده منها كالجوهرية واللونية، بل فسّروا النفسية بما لا يصحّ توهّم ارتفاعه عن الذات مع بقائها أي لا يكون توهّم الارتفاع صحيحا مطابقا للواقع، ولذا لم يفسّر بما لا يتوهّم الخ، فإنّ التوهّم ممكن بل واقع لكن خلاف ما في نفس الأمر كالأمثلة المذكورة، فإنّ كون الجوهر جوهرا أو ذاتا وشيئا ومتحيّزا وحادثا أحوال زائدة على ذات الجوهر عندهم ولا يمكن تصوّر انتفائها مع بقاء الذات. والمعنوية بما يقابلها وهي ما يصحّ توهّم ارتفاعه عن الذات مع بقائها، وهؤلاء قد قسّموا الصفة المعنوية إلى معلّلة كالعالمية والقادرية ونحوهما وإلى معلّلة كالعالمية والقادرية ونحوهما وإلى غير معلّلة كالعلم والقدرة وشبههما، ومن أنكر الأحوال منّا أنكر الصفات المعلّلة، وقال لا معنى لكونه عالما قادرا سوى قيام العلم والقدرة بذاته. وأما عند المعتزلة فالصفة الثبوتية أربعة أقسام: الأول النفسية. قال الجبائي وأتباعه منهم هي أخصّ وصف النفس وهي التي يقع بها التماثل بين المتماثلين والتخالف بين المتخالفين كالسوادية والبياضية، فالنفسية لا بدّ أن تكون مأخوذة من تمام الماهية لا غير إذ المأخوذ من الجنس أعمّ منه صدقا والمأخوذ من الفصل القريب أعمّ منه مفهوما، وإن كان مساويا له صدقا كالناطقية والإنسانية، ولم يجوّزوا اجتماع صفتي النفس في ذات واحدة ولم يجعلوا اللونية مثلا صفة نفسية للسواد والبياض لامتناع أن يكون لشيء واحد ماهيتان. وقال الأكثرون منهم هي الصفة اللازمة للذات فجوّزوا اجتماع صفتي النفس في ذات واحدة لأنّ الصفات اللازمة لشيء واحد متعدّدة ككون السواد سوادا أو لونا وعرضا، وكون الرّبّ تعالى عالما قادرا فإنّه لازم لذاته.
واتفقوا على أنّ النفسية يتصف بها الموجود والمعدوم مطلقا. الثاني الصفة المعنوية فقال بعضهم هي الصفة المعلّلة بمعنى زائد على ذات الموصوف ككون الواحد منا عالما قادرا بخلاف عالمية الواجب تعالى وقادريته فإنّها غير معلّلة عندهم بمعنى زائد على ذات الموصوف بل هما من الصفات النفسية. وقيل هي الصفة الجائزة أي غير اللازمة الثبوت لموصوفها. الثالث الصفة الحاصلة بالفاعل وهي عندهم الحدوث، وليست هذه الصفة نفسية إذ لا تثبت حال العدم ولا معنوية لأنّها لا تعلّل بصفة. الرابع الصفة التابعة للحدوث وهي التي لا تحقّق لها حالة العدم ولا يتصف بها الممكن إلّا بعد وجوده.
فالقيد الأول احتراز عن الصفة النفسية والحدوث، والقيد الثاني أي قولهم لا يتصف الخ احتراز عن الوجود ولا تأثير للفاعل فيها أصلا، وهي منقسمة إلى أقسام: فمنها ما هي واجبة أي يجب حصولها لموصوفها عند حدوثه كالتحيّز وقبول الأعراض للجوهر وكالحلول في المحل والتضاد للأعراض وكإيجاب العلّة لمعلولها وقبح القبيح. ومنها ما هي ممكنة أي غير واجبة الحصول لموصوفها عند حدوثه وهي إمّا تابعة للإرادة ككون الفعل طاعة أو معصية، فإنّ الفعل قد يوجد غير متصف لشيء من ذلك إذا لم يكن هناك قصد وإرادة، وإمّا غير تابعة لها ككون العلم ضروريا فإنّه صفة تابعة لحدوث العلم، ولذا لا يتصف علم الباري بالضرورة والكسب وليست واجبة له لتفاوت العلم بالنظرية والضرورية بالنسبة إلى الأشخاص وليست أيضا تابعة للقصد والإرادة. هذا والحاصل أنّ للمعتزلة تقسيمين: الأول الصفة الثبوتية إمّا أن يكون أخصّ صفات النفس وهي الصفة النفسية أو لا، فهي إمّا أن تكون معلّلة بمعنى زائد على الذات فهي المعلّلة والمعنوية أو لا تكون معلّلة كالعلم والقدرة منّا والعالمية والقادرية للواجب تعالى، فعلى هذا يتحقّق الواسطة بين النفسية والمعنوية أو يقال الصفة الثبوتية إمّا لازمة للذات وهي النفسية أو لا وهي المعنوية، وعلى هذا لا واسطة بينهما. والتقسيم الثاني الصفة إمّا أن تكون حاصلة بتأثير الفاعل وهي الحدوث أو تابعة لها من غير تأثير متجدّد فيها، سواء كانت معلّلة بمعنى زائد أو لا والصفات النفسية خارجة عن القسمين. وأيضا الصفات على الإطلاق نفسية كانت أو لا موجودة كانت أو لا عند المعتزلة إمّا عائدة إلى الجملة أي البنية المركّبة من عدة أمور أو إلى التفصيل إلى كلّ واحد من متعدّد بلا اعتبار تركيب بينها، والقسم الأول الحياة وما يتبعها من القدرة والعلم الإرادة والكراهة وغيرها لأن الحياة مشروطة بالبنية المركّبة من جواهر فردة لكونها اعتدال المزاج أو تابعة له والبواقي مشروطة بها، فهذا القسم مختصّ بالجواهر إذ لا يتصور حلول الحياة في الأعراض المركّبة. والقسم الثاني إمّا للجواهر أو للأعراض، فللجواهر أربعة أوصاف: الأول الصفة الحاصلة للجوهر حالتي العدم والوجود وهي الجوهرية التي هي من صفات الأجناس والثاني الصفة الحاصلة من الفاعل وهو الوجود إذ الفاعل لا تأثير له في الذوات لثبوتها أزلا، ولا في كون الجواهر جوهرا لأنّ الماهيات غير مجعولة، بل في جعل الجوهر موجودا أي متصفا بصفة الوجود.
والثالث ما يتبع وجود الجوهر وهو التحيّز المسمّى بالكون فإنّه صفة صادرة عن صفة الجوهرية بشرط الوجود. والرابع المعلّلة بالتحيّز بشرط الوجود وهو الحصول في الحيّز أي اختصاص الجوهر بالجوهر المسمّى بالكائنية المعلّلة بالكون. وللأعراض الأنواع الثلاثة:
الأول أعني الوصف الحاصل حالتي الوجود والعدم وهو العرضية، وما بالفاعل وهو الوجود، والصفة التابعة للوجود وهو الحصول في المحل. وقال بعضهم الذوات في العدم معرّاة عن جميع الصفات ولا يحصل الصفات إلّا حال الوجود. ومنهم من قال الجوهرية نفس التحيّز، فابن عياش ينفيهما حال العدم وأبو يعقوب الشّحّام يثبتهما فيه مع إثبات الحصول في الحيّز، وأبو عبد الله البصري يثبتهما دون الحصول في الحيّز، والبصري يختصّ من بينهم بإثبات العدم صفة. واتفق من عداه على أنّ المعدوم ليس له بكونه معدوما صفة. ثم جميع القائلين منهم بأنّ المعدومات ثابتة ومتصفة بالصفات اتفقوا على أنّه بعد العلم بأنّ للعالم صانعا قادرا عالما حيّا يحتاج إلى إثباته بالدليل لجواز اتصاف المعدوم بتلك الصفات عندهم.
وقال الإمام الرازي إنّه جهالة وسفسطة. وأيضا صفة الشيء على ثلاثة أقسام: الأول حقيقية محضة وهي ما تكون متقرّرة في الموصوف غير مقتضية لإضافته إلى غيره كالسّواد والبياض والشّكل والحسّ للجسم. الثاني حقيقية ذات إضافة وهي ما تكون متقرّرة في الموصوف غير مقتضية لإضافته إلى غيره، وهذا القسم ينقسم إلى ما لا يتغيّر بتغيّر المضاف إليه مثل القدرة على تحريك جسم ما فإنّها صفة متقرّرة في الموصوف بها يلحقها إضافة إلى أمر كلّي من تحريك جسم ما لزوما أوّليا ذاتيا، وإلى الجزئيّات التي تقع تحت ذلك الكلّي كالحجارة والشجرة والفرس لزوما ثانيا غير ذاتي، بل بسبب ذلك الكلّي، والأمر الكلّي الذي يتعلّق به الصفة لا يمكن أن يتغيّر وإن تغيّرت الجزئيات بتغيّر الإضافات الجزئية العرضية المتعلّقة بها.
فلمّا لم يتغيّر ذلك الأمر الكلّي الذي هو متعلّق الصفة أولا لم تتغيّر الصفة. مثلا القادر على تحريك زيد لا يصير غير قادر في ذاته عند انعدام زيد، ولكن تتغيّر الإضافة فإنّه حينئذ ليس قادرا على تحريك زيد وإن كان قادرا في ذاته، وإلى ما يتغيّر بتغيّر المضاف إليه كالعلم فإنّه صفة متقرّرة في العالم مقتضية لإضافته إلى معلومه المعيّن ويتغيّر بتغيّر المعلوم فإنّ العالم بكون زيد في الدار يتغيّر علمه بخروجه عن الدار وذلك لأنّ العلم يستلزم إضافته إلى معلومه المعيّن حتى إنّ العلم المضاف إلى معنى كلّي لم يكف في ذلك بأن يكون علما لجزئي، بل يكون العلم بالنتيجة علما مستأنفا يلزمه إضافة مستأنفة وهيئة للنفس متجدّدة لها إضافة متجدّدة مخصوصة غير العلم بالمقدّمة وغير هيئة تحقّقها، ليس مثل القدرة التي هي هيئة واحدة لها إضافات شيء، مثاله العلم بأنّ الحيوان جسم لا يقتضي العلم بكون الإنسان جسما ما لم يقترن إلى ذلك علم آخر، وهو العلم بكون الإنسان حيوانا. فإذن العلم بكون الإنسان جسما علم مستأنف له إضافة مستأنفة وهيئة جديدة للنفس لها إضافة جديدة غير العلم بكون الحيوان جسما وغير هيئة تحقّق ذلك العلم، ويلزم من ذلك أن يختلف حال الموصوف بالصفة التي تكون من هذا الصنف باختلاف حال الإضافات المتعلّقة بها لا في الإضافة فقط بل في نفس تلك الصفة. الثالث إضافية محضة مثل كونه يمينا أو شمالا وهي ما لا تكون متقرّرة في الموصوف وتكون مقتضية لإضافته إلى غيره وفي عدادها الصفات السلبية، فما ليس محلا للتغيّر كالباري تعالى لم يجز أن يعرض تغيّر بحسب القسم الأول، ولا بحسب أحد شقّي القسم الثاني، وهو الذي لا يتغيّر بتغيّر الإضافة. وأمّا بحسب الشقّ الآخر منه وبحسب القسم الثالث فقد يجوز، فالواجب الوجود يجب أن يكون علمه بالجزئيات علما زمانيا فلا يدخل الآن والماضي والمستقبل، هذا عند الحكماء.
وأمّا عند الأشاعرة ففي القسم الثاني لا يجوز التغيّر ويجوز في تعلّقه، فنفس العلم والقدرة والإرادة قديمة غير متغيّرة، وتعلّقاتها حادثة متغيّرة، والكرّامية جوّزوا تغيّر صفاته تعالى مطلقا، هذا كله خلاصة ما في شرح شرح المواقف وشرح الطوالع وشرح الإشارات.
ومنها ما هو مصطلح أهل العربية، والصفة في اصطلاحهم يطلق على معان. الأول النعت وهو تابع يدلّ على معنى في متبوعه مطلقا وقد سبق. الثاني الوصف المشتق ويقابله الاسم، وقد يطلق الصفة المعنوية عليه لكن هذا الإطلاق قليل، هكذا ذكر السّيّد السّند في حاشية المطول وهو ما دلّ على ذات مبهمة باعتبار معنى هو المقصود، والمراد بما اللفظ وبهذا المعنى يستعمله النحاة في باب منع الصرف على ما صرّح به السّيّد الشريف في حاشية المطول في باب القصر تدلّ على تعيين الذات أصلا، فإنّ معنى قائم شيء ما أو ذات ما له القيام، ولذا فسّرت أيضا بما دلّ على ذات مبهمة غاية الإبهام باعتبار معنى هو المقصود، فلا يرد على التعريف اسم الزمان والمكان والآلة فإنّها وإن دلّت على ذات باعتبار معنى هو المقصود لكن الذات المعتبرة فيها لها تعيّن المكانية والزمانية والآلية، فإنّ قولك مقام معناه مكان فيه القيام لا شيء ما أو ذات ما فيه القيام، كذا قالوا. ولا يبعد أن يقال المعنى ما قام بالغير والمتبادر منه أن يقوم بالذات المذكورة فامتازت الصفة بهذا الوجه أيضا من هؤلاء الأسماء وفيه نظر إذ يجوز أن يكون ما وضع له اسم المكان ذات يفعل فيها وكذا اسم الزمان، ويكون ما وضع له اسم الآلة ذات يفعل بها، وكأنّه لهذا صرّحوا بأنّ تعريف الصفة هذا غير صحيح لانتقاضه بهؤلاء الأسماء كذا في الأطول في بحث الاستعارة التبعية.
وقيل المعنى هو المقصود الأصلي في الصفات وفي تلك الأسماء المقصود الأصلي هو الذات فلا نقض في التعريف، وفيه بحث لأنّا لا نسلّم أنّ المقصود الأصلي في الصفات هو المعنى بل الأمر بالعكس إذ نفس المعنى يستفاد من نفس تركيب ض ر ب، فالصوغ إلى صيغة فاعل مثلا إنّما يكون للدلالة على ذات يقوم ذلك الوصف به، هكذا في بعض حواشي المطول في بحث القصر. وقيل المراد قيام معنى به أو وقوعه عليه فتخرج هؤلاء الأسماء فإنّ المضرب مثلا لا يدلّ على قيام الضرب بالزمان والمكان ولا وقوعه عليهما بل على وقوعه فيهما، وعلى هذا القياس اسم الآلة. وقوله هو المقصود احتراز عن رجل فإنّه يدلّ على الذات باعتبار معنى به هو البلوغ والذكور، ولكن ذلك المعنى ليس مقصودا بالدلالة فإنّ المقصود هو الموصوف بخلاف ضارب مثلا فإنّه يدلّ على ذات باعتبار معنى هو المقصود بالدلالة عليه وهو اتصافه بصفة الضرب، فالمقصود بالدلالة في نحو رجل هو الموصوف لا الاتصاف، وفي الضارب هو الاتصاف دون الموصوف، هكذا في بعض حواشي الإرشاد في بحث غير المنصرف. وقال مولانا عصام الدين في حاشية الفوائد الضيائية في بحث اسم التفضيل: أسماء الزمان والمكان والآلة لم توضع لزمان أو مكان أو آلة موصوفا بل لزمان أو مكان أو آلة مضافا انتهى. فمعنى المقتل مكان القتل أو زمانه لا مكان أو زمان يقتل فيه، وإلّا لزم أن يكون فيه ضمير راجع إلى المكان أو الزمان، وكذا الحال في الآلة فإنّ معنى المقتل آلة القتل لا آلة يقتل بها وهذا الفرق أظهر، فإنّ أهل اللغة إنّما يفسّرون معانيها بالإضافة غالبا لا بالتوصيف. ولا شكّ أنّ اسم الفاعل ونحوه لا يمكن تفسيره إلّا بالتوصيف، فعلم من هذا أنّها ليست موضوعة لزمان أو مكان أو آلة موصوفا بل مضافا، فلهذا لم يحكم بكونها أوصافا، والنسبة بين المعنيين العموم من وجه لتصادقهما في نحو جاءني رجل عالم وصدق النعت بدون الوصف المشتق في نحو جاءني هذا الرجل والعكس في نحو زيد عالم.
وفي غاية التحقيق الوصف في الاصطلاح يطلق على معنيين: أحدهما كونه تابعا يدلّ على معنى في متبوعه، وثانيهما كونه دالّا على ذات باعتبار معنى هو المقصود انتهى. ولا شكّ أنّ الوصف بكلا المعنيين ليس إلّا اللفظ الدالّ لا كونه دالّا، ففي العبارة مسامحة إشارة إلى أنّ المعتبر في التسمية بالوصف ليس محض اللفظ بل اللفظ بوصف كونه دالّا. وفي الفوائد الضيائية الوصف المعتبر في باب منع الصرف هو بمعنى كون الاسم دالّا على ذات مبهمة مأخوذة مع بعض صفاتها والدلالة أعمّ سواء كانت بحسب أصل الوضع أو بحسب الاستعمال كما في أربع في مررت بنسوة أربع انتهى. وهذا المعنى شامل للنعت والوصف المشتق لكنه يخرج عنه أيضا أسماء الزمان والمكان والآلة، فإنّ هذه الأمور وإن دلّت على الذات لكن لم تدلّ على بعض صفة تلك الذات على ما ذكره المولوي عصام الدين. الثالث الصفة المعنوية وهي تطلق على معنى قائم بالغير والمراد بالمعنى مقابل اللفظ كما هو الظاهر، فبينها وبين النعت تباين، وكذا بينها وبين الوصف المشتقّ. وقد يراد بالمعنى نفس اللفظ تسامحا تسمية للدّال باسم المدلول أو على حذف المضاف أي دالّ معنى، فعلى هذا بينهما عموم من وجه لتصادقهما في أعجبني هذا العلم وصدق المعنوية بدون النعت في نحو العلم حسن، والعكس في نحو مررت بهذا الرجل وبينها وبين الوصف المشتق التباين، وهذا هو المراد بالصفة في قولهم: القصر نوعان قصر الصفة على الموصوف وقصر الموصوف على الصفة. وقد تطلق على معنى أخصّ من هذا كما عرفت في تقسيم الصفة. وقد تطلق على ما تجريه على الغير وتجعل الغير فردا له وذلك بجعله حالا أو خبرا أو نعتا. وأمّا ما قال المحقّق التفتازاني من أنّ المراد بها في القول المذكور الوصف المشتق فبعيد إذ لم يشتهر وصفها بالمعنوية ولا يصحّ في كثير من موارد القصر إلّا بتكلّف أو تعسّف، هكذا يستفاد من الأطول وحواشي المطول. قال في الإنسان الكامل: الصفة عند علماء العربية على نوعين صفة فضائلية وهي التي تتعلّق بذات الإنسان كالحياة وفاضلية وهي التي تتعلّق به وبخارج عنه كالكرم وأمثال ذلك انتهى. والصفة في هذا التقسيم بمعنى ما يقوم بالغير. اعلم أنّ الوصف والصفة في هذه المعاني الثلاثة مترادفان، قال مولانا عبد الحكيم في حاشية الفوائد الضيائية في بحث غير المنصرف: الوصف يقال بمعنى النعت وبمعنى الأمر القائم بالغير وبمعنى ما يقابل الاسم انتهى. وفي المطول والأطول صرّح بأنّ الصفة تطلق على هذه المعاني الثلاثة فعلم أنّ بينهما ترادفا.

علم التفسير

علم التفسير
وهو: علم باحث عن معنى نظم القرآن، بحسب الطاقة البشرية، وبحسب ما تقتضيه القواعد العربية.
ومباديه: العلوم العربية، وأصول الكلام، وأصول الفقه، والجدل،... وغير ذلك من العلوم الجمة.
والغرض منه: معرفة معاني النظم.
وفائدته: حصول القدرة على استنباط الأحكام الشرعية، على وجه الصحة.
وموضوعه: كلام الله - سبحانه وتعالى - الذي هو: منبع كل حكمة، ومعدن كل فضيلة.
وغايته: التوصل إلى فهم معاني القرآن، واستنباط حكمه، ليفاز به إلى السعادة الدنيوية، والأخروية.
وشرف العلم وجلالته، باعتبار شرف موضوعه وغايته، فهو أشرف العلوم، وأعظمها.
هذا ما ذكره: أبو الخير، وابن صدر الدين.
وذكر العلامة الفناري، في تفسير الفاتحة، فصلا مفيدا في تعريف هذا العلم، ولا بأس بإيراده، إذ هو مشتمل على لطائف التعريف.
قال مولانا: قطب الدين الرازي، في: (شرحه للكشاف) : هو ما يبحث فيه عن مراد الله - سبحانه وتعالى - من قرآنه المجيد، ويرد عليه: أن البحث فيه ربما كان عن أحوال الألفاظ، كمباحث: القراءات، وناسخية الألفاظ، ومنسوخيتها، وأسباب نزولها، وترتيب نزولها،... إلى غير ذلك.
فلا يجمعها حده، وأيضا يدخل في البحث في الفقه الأكبر، والأصغر، عما يثبت بالكتاب، فإنه بحث عن مراد الله - تعالى - من قرآنه، فلا يمنعه حده، فكان الشارح التفتازاني إنما عدل عنه لذلك، إلى قوله:
هو: العلم الباحث عن: أحوال ألفاظ كلام الله - سبحانه وتعالى، من حيث: الدلالة على مراد الله - تعالى -.
ويرد على مختاره أيضا: وجوه.
الأول: أن البحث المتعلق بألفاظ القرآن، ربما لا يكون بحيث يؤثر في المعنى المراد بالدلالة والبيان، كمباحث علم القراءة، عن أمثال التفخيم، والإمالة، إلى ما لا يحصى، فإن علم القراءة: جزء من علم التفسير، أفرز عنه لمزيد الاهتمام إفراز الكحالة من الطب، والفرائض من الفقه، وقد خرج بقيد الحيثية، ولم يجمعه، فإن قيل: أراد تعريفه بعد إفراز علم القراءة، قلنا: فلا يناسب الشرح المشروح للبحث في التفسير، عما لا يتغير به المعنى في مواضع لا تحصى.
الثاني: أن المراد بالمراد، إن كان المراد بمطلق الكلام، فقد دخل العلوم الأدبية، وإن كان مراد الله - تعالى - بكلامه، فإن أريد مراده في نفس الأمر، فلا يفيده بحث التفسير، لأن طريقه غالبا: إما رواية الآحاد، أو الدراية بطريق العربية، وكلاهما ظني كما عرف، ولأن فهم كل واحد بقدر استعداده.
ولذلك أوصى المشايخ - رحمهم الله - في الإيمان: أن يقال: آمنت بالله، وبما جاء من عنده، على مراده، وآمنت برسول الله، وبما قاله على مراده، ولا يعين بما ذكره أهل التفسير.
ويكرر ذلك: علم الهدى، في تأويلاته، وإن أريد مراد الله - سبحانه وتعالى - في زعم المفسر، ففيه: حزازة من وجهين:
الأول: كون علم التفسير بالنسبة إلى كل مفسر إلى كل أحد شيئا آخر، وهذا مثل ما اعترض، أي التفتازاني على حد الفقه، لصاحب (التنقيح)، وظن وروده، وإلا فإني أجيب عنه: بأن التعدد ليس في حقيقته النوعية، بل في جزئياتها المختلفة، باختلاف القوابل.
وأيضا، ذكر الشيخ: صدر الدين القونوي، في تفسير: (مالك يوم الدين..) أن جميع المعاني المفسر بها لفظ القرآن رواية أو دراية صحيحتين، مراد الله - سبحانه وتعالى -، لكن بحسب المراتب والقوابل، لا في حق كل أحد.
الثاني: أن الأذهان تنساق بمعاني الألفاظ، إلى ما في نفس الأمر على ما عرف، فلا بد لصرفها عنه، من أن يقال من حيث الدلالة على ما يظن أنه مراد الله - سبحانه وتعالى -.
الثالث: أن عبارة العلم الباحث في المتعارف، ينصرف إلى الأصول، والقواعد، أو ملكتها، وليس لعلم التفسير قواعد يتفرع عليها الجزئيات، إلا في مواضع نادرة، فلا يتناول غير تلك المواضع، إلا بالعناية.
فالأَوْلَى أن يقال: علم التفسير: معرفة أحوال كلام الله - سبحانه وتعالى - من حيث: القرآنية، ومن حيث: دلالته على ما يعلم أو يظن أن مراد الله - سبحانه وتعالى - بقدر الطاقة الإنسانية، فهذا يتناول أقسام البيان بأسرها. انتهى كلام الفناري بنوع تلخيص.
ثم أورد فصولا: في تقسيم هذا الحد إلى: تفسير، وتأويل، وبيان الحاجة إليه، وجواز الخوض فيهما، ومعرفة وجوههما، المسماة: بطونا، أو ظهرا، وبطنا، وحدا، فمن أراد الاطلاع على حقائق علم التفسير، فعليه مطالعته، ولا ينبؤه مثل خبير.
ثم إن المولى: أبا الخير، أطال في (طبقات المفسرين).
ونحن أشرنا: إلى من ليس لهم تصنيف فيه، من مفسري الصحابة، والتابعين، إشارة إجمالية، والباقي مذكور عند ذكر كتابه.
أما المفسرون من الصحابة، فمنهم:
الخلفاء الأربعة.
وابن مسعود.
وابن عباس.
وأبي بن كعب.
وزيد بن ثابت.
وأبو موسى الأشعري.
وعبد الله بن الزبير.
وأنس بن مالك.
وأبو هريرة.
وجابر.
وعبد الله بن عمرو بن العاص، - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين -.
ثم اعلم: أن الخلفاء الأربعة، أكثر من روي عنه: علي بن أبي طالب، والرواية عن الثلاثة، في ندرة جدا.
والسبب فيه: تقدم وفاتهم، وأما علي - رضي الله عنه - فروي عنه الكثير.
عن ابن مسعود، أنه قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن، وإن عليا - رضي الله تعالى عنه - عنده من الظاهر والباطن.
وأما بن مسعود - رضي الله تعالى عنهم -، فروي عنه أكثر مما روي عن علي - رضي الله تعالى عنه -.
مات: بالمدينة، سنة 32، اثنتين وثلاثين.
وأما ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -.
المتوفى: سنة 68، ثمان وستين، بالطائف.
فهو ترجمان القرآن، وحبر الأمة، ورئيس المفسرين، دعا له النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل).
وقد ورد عنه: في التفسير، ما لا يحصى كثرة، لكن أحسن الطرق عنه: طريقة: علي بن أبي طلحة الهاشمي.
المتوفى: سنة 143، ثلاث وأربعين ومائة.
واعتمد على هذه البخاري في (صحيحه).
ومن جيد الطرق عنه: طريق: قيس بن مسلم الكوفي.
المتوفى: سنة 120، عشرين ومائة.
عن عطاء بن السائب.
وطريق: ابن إسحاق صاحب (السير).
وأوهى طريقته: طريق الكلبي، عن أبي صالح.
والكلبي: هو: أبو النصر: محمد بن السائب.
المتوفى: بالكوفة، سنة 146، ست وأربعين ومائة.
فإن انضم إليه رواية: محمد بن مروان السدي الصغير.
المتوفى: سنة 186، ست وثمانين ومائة.
فهي سلسلة الكذب.
وكذلك: طريق: مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي.
المتوفى: سنة 150، خمسين ومائة.
إلا أن الكلبي: يفضل عليه، لما في مقاتل من المذاهب الرديئة.
وطريق: الضحاك بن مزاحم الكوفي.
المتوفى: سنة 102، اثنتين ومائة.
عن: ابن عباس منقطعة، فإن الضحاك لم يلقه.
وإن انضم إلى ذلك: رواية: بشر بن عمارة، فضعيفة ضعف بشر.
وقد أخرج عنه:
ابن جرير.
وابن أبي حاتم.
وإن كان من رواية: جرير عن الضحاك، فأشد ضعفا، لأن جريرا شديد الضعف، متروك.
وإنما أخرج منه:
ابن مردويه.
وأبو الشيخ: ابن حبان.
دون: ابن جرير.
وأما: أبي بن كعب.
المتوفى: سنة 20، عشرين، على خلاف فيه.
فعنه نسخة كبيرة.
يرويها: أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عنه، وهذا إسناد صحيح.
وهو أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن، على عهد رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -.
وكان أقرأ الصحابة، وسيد القراء.
ومن الصحابة: من ورد عنه اليسير من التفسير، غير هؤلاء، منهم:
أنس بن مالك بن النضر.
المتوفى: بالبصرة، سنة 91، إحدى وتسعين.
وأبو هريرة: عبد الرحمن بن صخر، على خلاف.
المتوفى: بالمدينة، سنة 57، سبع وخمسين.
وعبد الله بن عمر بن الخطاب.
المتوفى: بمكة المكرمة، سنة 73، ثلاث وسبعين.
وجابر بن عبد الله الأنصاري.
المتوفى: بالمدينة، سنة 74، أربع وسبعين.
وأبو موسى: عبد الله بن قيس الأشعري.
المتوفى: سنة 44، أربع وأربعين.
وعبد الله بن عمرو بن العاص السهمي.
المتوفى: سنة 63، ثلاث وستين.
وهو: أحد العبادلة الذين استقر عليهم أمر العلم، في آخر عهد الصحابة.
وزيد بن ثابت الأنصاري.
وأما المفسرون من التابعين، فمنهم:
أصحاب ابن عباس.
وهم علماء مكة المكرمة - شرفها الله تعالى -.
ومنهم:
مجاهد بن حبر المكي.
المتوفى: سنة 103، ثلاث ومائة.
قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة.
واعتمد على تفسيره: الشافعي، والبخاري.
وسعيد بن جبير.
المتوفى: سنة 94، أربع وتسعين.
وعكرمة، مولى: ابن عباس.
المتوفى: بمكة، سنة 105، خمس ومائة.
وطاووس بن كيسان اليماني.
المتوفى: بمكة، سنة 106، ست ومائة.
وعطاء بن أبي رباح المكي.
المتوفى: سنة 114، أربع عشرة ومائة.
ومنهم:
أصحاب ابن مسعود.
وهم: علماء الكوفة.
كعلقمة بن قيس.
المتوفى: سنة 102، اثنتين ومائة.
والأسود بن يزيد.
المتوفى: سنة 75، خمس وسبعين.
وإبراهيم النخعي.
المتوفى: سنة 95، خمس وتسعين.
والشعبي.
المتوفى: سنة 105، خمس ومائة.
ومنهم:
أصحاب: زيد بن أسلم.
كعبد الرحمن بن زيد.
ومالك بن أنس.
ومنهم:
الحسن البصري.
المتوفى: سنة 121، إحدى وعشرين ومائة.
وعطاء بن أبي سلمة ميسرة الخراساني.
المتوفى: سنة...
ومحمد بن كعب القرظي.
المتوفى: سنة 117، سبع عشرة ومائة.
وأبو العالية: رفيع بن مهران الرياحي.
المتوفى: سنة 90، تسعين.
والضحاك بن زاحم.
وعطية بن سعيد العوفي.
المتوفى: سنة 111، إحدى عشرة ومائة.
وقتادة بن دعامة السدوسي.
المتوفى: سنة 117، سبع عشرة ومائة.
وربيع بن أنس السدي.
ثم بعد هذه الطبقة:
الذين صنفوا كتب التفاسير، التي تجمع أقوال الصحابة، والتابعين:
كسفيان بن عيينة.
ووكيع بن الجراح.
وشعبة بن الحجاج.
ويزيد بن هارون.
وعبد الرزاق.
وآدم بن أبي إياس.
وإسحاق بن راهويه.
وروح بن عبادة.
وعبد الله بن حميد.
وأبي بكر بن أبي شيبة.
... وآخرين.
وسيأتي ذكر كتبهم.
ثم بعد هؤلاء: طبقة أخرى، منهم:
عبد الرزاق.
وعلي بن أبي طلحة.
وابن جرير.
وابن أبي حاتم.
وابن ماجة.
والحاكم.
وابن مردويه.
وأبو الشيخ: ابن حبان.
وابن المنذر ... في آخرين.
ثم انتصبت طبقة بعدهم:
إلى تصنيف: تفاسير مشحونة بالفوائد، محذوفة الأسانيد، مثل:
أبي إسحاق الزجاج.
وأبي علي الفارسي.
وأما:
أبو بكر النقاش.
وأبو جعفر النحاس.
فكثيرا ما استدرك الناس عليهما.
ومثل: مكي بن أبي طالب.
وأبي العباس المهدوي.
ثم ألف في التفسير طائفة من المتأخرين:
فاختصروا الأسانيد، ونقلوا الأقوال بتراء، فدخل من هنا الدخيل، والتبس الصحيح بالعليل، ثم صار كل من سنح له قول يورده، ومن خطر بباله شيء يعتمده، ثم ينقل ذلك خلف عن سلف، ظانا أن له أصلا، غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح، ومن هم القدوة في هذا الباب.
قال السيوطي: رأيت في تفسير قوله - سبحانه وتعالى -: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، نحو: عشرة أقول، مع أن الوارد عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وجميع الصحابة، والتابعين: ليس غير اليهود والنصارى.
حتى قال ابن أبي حاتم: لا أعلم في هذا اختلافا من المفسرين.
ثم صنف بعد ذلك: قوم برعوا في شيء من العلوم.
ومنهم: من ملأ كتابه بما غلب على طبعه من الفن، واقتصر فيه على: ما تمهر هو فيه، كأن القرآن انزل لأجل هذا العلم لا غير، مع أن فيه تبيان كل شيء.
فالنحوي: تراه ليس له هم إلا الإعراب، وتكثير الأوجه المحتملة فيه، وإن كانت بعيدة، وينقل قواعد النحو، ومسائله، وفروعه، وخلفياته:
كالزجاج.
والواحدي في: (البسيط).
وأبي حيان في: (البحر والنهر).
والإخباري: ليس له شغل إلا القصص واستيفاؤها، والأخبار عمن سلف، سواء كانت صحيحة أو باطلة.
ومنهم:
الثعلبي.
والفقيه: يكاد يسرد فيه الفقه جميعا، وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية، التي لا تعلق لها بالآية أصلا، والجواب عن أدلة المخالفين:
كالقرطبي.
وصاحب: (العلوم العقلية).
خصوصا:
الإمام: فخر الدين الرازي.
قد ملأ تفسيره: بأقوال الحكماء، والفلاسفة، وخرج من شيء إلى شيء، حتى يقضي الناظر العجب.
قال أبو حيان في (البحر) : جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة، لا حاجة بها في علم التفسير.
ولذلك قال بعض العلماء: فيه كل شيء إلا التفسير.
والمبتدع: ليس له قصد إلا تحريف الآيات، وتسويتها على مذهبه الفاسد، بحيث أنه لو لاح له شاردة من بعيد اقتنصها، أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع إليه.
كما نقل عن البلقيني، أنه قال: استخرجت من (الكشاف) اعتزالا بالمناقيش، منها:
أنه قال في قوله - سبحانه وتعالى -: (فمن زحزح عن النار، وأدخل الجنة فقد فاز)، أي: فوز أعظم من دخول الجنة، أشار به إلى عدم الرؤية.
والملحد: فلا تسأل عن كفره، وإلحاده في آيات الله - تعالى -، وافترائه على الله - تعالى - ما لم يقله.
كقول بعضهم (إن هي إلا فتنتك) : ما على العباد أضر من ربهم.
وينسب هذا القول إلى صاحب: (قوت القلوب)، أبي طالب المكي.
ومن ذلك القبيل: الذين يتكلمون في القرآن بلا سند، ولا نقل عن السلف، ولا رعاية للأصول الشرعية، والقواعد العربية.
كتفسير: محمود بن حمزة الكرماني.
في مجلدين.
سماه: (العجائب، والغرائب).
ضمنه: أقوالا، هي عجائب عند العوام، وغرائب عما عهد عن السلف، بل هي أقوال منكرة، لا يحل الاعتقاد عليها، ولا ذكرها، إلا للتحذير.
من ذلك قول من قال في (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا) : إنه الحب والعشق.
ومن ذلك قولهم في (ومن شر غاسق إذا وقب) : إنه الذكر إذا قام.
وقولهم في (من ذا الذي يشفع عنده) : معناه: (من ذل)، أي: من الذل، و(ذي) : إشارة إلى النفس، و(يشف) : من الشفاء، جواب: مَنْ، و(عِ) : أمر من الوعي.
وسئل البلقيني: عمن فسر بهذا؟ فأفتى بأنه: ملحد.
وأما: كلام الصوفية في القرآن، فليس بتفسير.
قال ابن الصلاح في (فتاواه) : وجدت عند الإمام الواحدي، أنه قال: صنف السلمي (حقائق التفسير)، إن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير، فقد كفر.
قال النسفي في (عقائده) : النصوص تحمل على ظواهرها، والعدول عنها، إلى معان يدعيها أهل الباطن، إلحاد.
وقال التفتازاني في (شرحه) : سميت الملاحدة: باطنية، لادعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها، بل لها معان باطنة.
وقال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين، من أن النصوص على ظواهرها، ومع ذلك فيها إشارات خفية، إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك، يمكن التطبيق بينها، وبين الظواهر المرادة، فهو من كمال العرفان، ومحض الإيمان.
وقال تاج الدين، عطاء الله، في (لطائف المنن) : اعلم: أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله - سبحانه وتعالى -، وكلام رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - بالمعاني الغريبة، ليست إحالة الظاهر عن ظاهره، ولكن ظاهر الآية مفهوم، منه ما جلبت الآية له، ودلت عليه في عرف اللسان، وثَمَّ أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث، لمن فتح الله - تعالى - قلبه.
وقد جاء في الحديث: (لكل آية ظهر وباطن...).
فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم، أن يقول لك ذو جدل: هذا إحالة لكلام الله - تعالى -، وكلام رسول الله، فليس ذلك بإحالة؛ وإنما يكون إحالة، لو قال: لا معنى للآية إلا هذا.
وهم يقولون ذلك، بل يفسرون الظواهر على ظواهرها، مرادا بها موضوعاتها. انتهى.
قال صاحب (مفتاح السعادة) : الإيمان بالقرآن هو: التصديق بأنه كلام الله - سبحانه وتعالى -، قد أنزل على رسوله محمد - صلى الله تعالى عليه وسلم -، بواسطة جبرائيل - عليه السلام -، وأنه دال على صفة أزلية له - سبحانه وتعالى -، وأن ما دل هو عليه بطريق القواعد العربية، مما هو مراد الله - سبحانه وتعالى - حق لا ريب فيه، ثم تلك الدلالة على مراده - سبحانه وتعالى - بواسطة القوانين الأدبية، الموافقة للقواعد الشرعية، والأحاديث النبوية، مراد الله - سبحانه وتعالى -.
ومن جملة ما علم من الشرائع: أن مراد الله - سبحانه وتعالى - من القرآن، لا ينحصر في هذا القدر، لما قد ثبت في الأحاديث: (إن لكل آية ظهرا وبطنا..).
وذلك المراد الآخر لما لم يطلع عليه كل أحد، بل من أعصى فهما وعلما، من لدنه - تعالى - يكون الضابط في صحته: أن لا يرفع ظاهر المعاني المنفهمة، عن الألفاظ بالقوانين العربية، وأن لا يخالف القواعد الشرعية، ولا يباين إعجاز القرآن، ولا يناقض النصوص الواقعة فيها، فإن وجد هذه الشرائط، فلا يطعن فيه، وإلا فهو بمعزل عن القبول.
قال الزمخشري: من حق تفسير القرآن أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه، والبلاغة على كمالها، وما وقع به التحدي سليما من القادح، وأما الذين تأيدت فطرتهم النقية، بالمشاهدات الكشفية، فهم القدوة في هذه المسالك، ولا يمنعون أصلا عن التوغل في ذلك.
ثم ذكر ما وجب على المفسر من الآداب، وقال:
ثم اعلم: أن العلماء - كما بينوا في التفسير شرائط - بينوا أيضا في المفسر شرائط، لا يحل التعاطي لمن عري عنها، أو هو فيها راجل، وهي: أن يعرف خمسة عشر علما، على وجه الإتقان، والكمال:
اللغة، والنحو، والتصريف، والاشتقاق، والمعاني، والبيان، والبديع، والقراآت، وأصول الدين، وأصول الفقه، وأسباب النزول، والقصص، والناسخ والمنسوخ، والفقه، والأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم، وعلم الموهبة، وهو: علم يورثه الله - سبحانه وتعالى - لمن عمل بما علم، وهذه العلوم التي لا مندوحة للمفسر عنها، وإلا فعلم التفسير لا بد له من التبحر في كل العلوم.
ثم إن تفسير القرآن ثلاثة أقسام:
الأول: علم لم يطلع الله - سبحانه وتعالى - عليه أحدا من خلقه، وهو: ما استأثر به من علوم أسرار كتابه، من معرفة: كنه ذاته، ومعرفة حقائق أسمائه، وصفاته، وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه.
والثاني: ما أطلع الله - سبحانه وتعالى - نبيه عليه من أسرار الكتاب، واختص به، فلا يجوز الكلام فيه، إلا له - عليه الصلاة والسلام -، أو لمن أذن له.
قيل: وأوائل السور من هذا القسم، وقيل: من الأول.
والثالث: علوم علمها - الله تعالى - نبيه، مما أودع كتابه من المعاني الجلية، والخفية، وأمره بتعليمها.
وهذا ينقسم إلى قسمين:
منه: ما لا يجوز الكلام فيه، إلا بطريق السمع، كأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والقراآت، واللغات، وقصص الأمم، وأخبار ما هو كائن.
ومنه: ما يؤخذ بطريق النظر، والاستنباط، من الألفاظ، وهو قسمان:
قسم: اختلفوا في جوازه ، وهو: تأويل الآيات المتشابهات.
وقسم: اتفقوا عليه، وهو: استنباط الأحكام الأصلية، والفرعية، والإعرابية، لأن مبناها على الأقيسة.
وكذلك: فنون البلاغة، وضروب المواعظ، والحكم، والإشارات، لا يمتنع استنباطها منه، لمن له أهلية ذلك؛ وما عدا هذه الأمور هو: التفسير بالرأي، الذي نهي عنه.
وفيه خمسة أنواع:
الأول: في التفسير، من غير حصول العلوم، التي يجوز معها التفسير.
الثاني: تفسير المتشابه، الذي لا يعلمه إلا الله - سبحانه وتعالى -.
الثالث: التفسير المقرر للمذهب الفاسد، بأن يجعل المذهب أصلا، والتفسير تابعا له، فيرد إليه بأي طريق أمكن، وإن كان ضعيفا.
الرابع: التفسير بأن مراد الله - سبحانه وتعالى - كذا على القطع، من غير دليل.
الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى.
وإذا عرفت هذه الفوائد، وإن أطنبنا فيها، لكونها رأس العلوم، ورئيسها.
فاعلم: أن كتب التفاسير كثيرة، ذكرنا منها هاهنا ما هو مسطور في هذا السفر على ترتيبه.
(الإبانة، في تفسير آية الأمانة).
(الإتقان، في علوم القرآن).
(أبين الحصص، في أحسن القصص).
(أحكام القرآن).
كثيرة.
(إرشاد العقل السليم).
لأبي مسعود.
(إرشاد ابن برجان).
(أسباب النزول).
سبق كتبه في فنه.
(إعراب القرآن).
مر ذكر كتبه في فنه.
(أسئلة القرآن).
(إعجاز القرآن).
(إغاثة اللهف، تفسير الكهف).
(أقاليم التعاليم).
(أقسام القرآن).
(الإقناع).
في تفسير: آية الانتصار.
للزمخشري، من أبي المنير.
(الانتصاف، شرح الكشاف).
(الإنصاف، في الجمع بين: الثعلبي والكشاف).
(أنوار التنزيل).
للبيضاوي.
ومتعلقاته.
(أنوار ابن مقسم).
(إيجاز البيان).
(الإيجاز في الناسخ والمنسوخ).
(الإيضاح).
فيه أيضا.
(بحار القرآن).
(بحر الحقائق).
(بحر الدرر).
(بحر العلوم).
(البرهان، في علوم القرآن).
(البرهان، في تفسير القرآن).
(بحر البحور).
(البرهان، في تناسب السور).
(البرهان، في إعجاز القرآن).
(بسيط الواحدي).
(بصائر ذوي التمييز).
(بصائر).
فارسي.
(البيان، في تأويلات القرآن).
(البيان، في مبهمات القرآن).
(البيان، في علوم القرآن).
(البيان، في شواهد القرآن).
(تاج المعاني).
(تاج التراجم).
(تأويلات القرآن).
(تأويلات الماتريدي).
(التبصرة في التفسير).
(تبصير الرحمن).
(التبيان، في إعراب القرآن).
(التبيان، في تفسير القرآن).
(التبيان، في أقسام القرآن).
(التبيان، في مسائل القرآن).
(التبيان، في متشابه القرآن).
(تبيين القرآن).
(تحف الأنام).
(تحقيق البيان).
(التحبير، في علوم التفسير).
(ترجمان القرآن).
(الترجمان في التفسير).
(تعداد الآي).
(التعظيم والمنة).
(تعلق الآي).
علم التفسير: أي تفسير القرآن
هو: علم باحث عن معنى نظم القرآن بحسب الطاقة البشرية وبحسب ما تقتضيه القواعد العربية.
ومباديه: العلوم العربية وأصول الكلام وأصول الفقه والجدل وغير ذلك من العلوم الجمة.
والغرض منه: معرفة معاني النظم بقدر الطاقة البشرية.
وفائدته: حصول القدرة على استنباط الأحكام الشرعية على وجه الصحة والاتعاظ بما فيه من القصص والعبر والاتصاف بما تضمنه من مكارم الأخلاق إلى غير ذلك من الفوائد التي لا يمكن تعدادها لأنه بحر لا تنقضي عجائبه وسبحانه من أنزله وأرشد به عباده.
وموضوعه: كلام الله - سبحانه وتعالى - الذي هو: منبع كل حكمة ومعدن كل فضيلة.
وغايته: التوصل إلى فهم معاني القرآن واستنباط حكمه ليفاز به إلى السعادة الدنيوية والأخروية وشرف العلم وجلالته باعتبار شرف موضوعه وغايته فهو أشرف العلوم وأعظمها هذا ما ذكره أبو الخير وابن صدر الدين والأرتيقي.
قال في: كشاف اصطلاحات الفنون: علم التفسير: علم يعرف به نزول الآيات وشؤونها وأقاصيصها والأسباب النازلة فيها ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامها ومطلقها ومقيدها ومجملها ومفسرها وحلالها وحرامها ووعدها ووعيدها وأمرها ونهيها وامتثالها وغيرها.
قال أبوحيان: التفسير: علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي يحمل عليه حالة التركيب وتتمات ذلك.
وقال الزركشي: التفسير: علم يفهم به كتاب الله المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات وأما وجه الحاجة إليه فقال بعضهم: اعلم أن من المعلوم أن الله تعالى إنما خاطب خلقه بما يفهمونه ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه وأنزل كتابه على لغتهم وإنما احتيج إلى التفسير لما سيذكر بعد تقرير قاعدة وهي: أن كل من وضع من البشر كتاب فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح وإنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة:
أحدها: كمال فضيلة المصنف فإنه بقوته العلمية بجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز فربما عسر فهم مراده فقصد بالشروح ظهور تلك المعاني الدقيقة من ههنا كان شرح بعض الأئمة لتصنيفه أدل على المراد من شرح غيره له"
وثانيها: إغفاله بعض متممات المسئلة أو شروطها اعتمادا على وضوحها أو لأنها من علم آخر فيحتاج الشارح لبيان المتروك ومراتبه.
وثالثها: احتمال اللفظ لمعان مختلفة كما في المجاز والاشتراك ودلالة الالتزام فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف وترجيحه وقد يقع في التصانيف ما لا يخلو عنه بشر من السهو والغلط أو تكرار الشيء أو حذف المهم أو غير ذلك فيحتاج الشارح للتنبيه على ذلك وإذا تقرر هذا فنقول:
إن القرآن إنما نزل بلسان عربي في زمن فصحاء العرب وكانوا يعلمون ظاهره وأحكامه أما دقائق باطنه فإنما كانت تظهر لهم بعد البحث والنظر مع سؤالهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الأكثر كسؤالهم لما نزل: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} فقالوا:
وأينا لم يظلم نفسه ففسره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشرك واستدل عليه {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وغير ذلك مما سألوا عنه - صلى الله عليه وسلم - ونحن محتاجون إلى ما كانوا يحتاجون إليه مع أحكام الظاهر لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلم فنحن أشد احتياجا إلى التفسير.
وأما شرفه: فلا يخفى قال الله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} .
وقال الأصبهاني: شرفه من وجوه:
أحدها: من جهة الموضوع: فإن موضوعه كلام الله تعالى الذي ينبوع كل حكمة ومعدن كل فضيلة.
وثانيها: من جهة الغرض: فإن الغرض منه الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية التي هي الغاية القصوى.
وثالثها: من جهة شدة الحاجة: فإن كل كمال ديني أو دنيوي مفتقر إلى العلوم الشرعية والمعارف الدينية وهي متوقفة على العلم بكتاب الله تعالى.
واختلف الناس في تفسير القرآن: هل يجوز لكل أحد الخوض فيه؟ فقال قوم: لا يجوز لأحد أن يتعاطى تفسير شيء من القرآن وأن كان عالما أديبا متسعا في معرفة الأدلة والفقه والنحو والأخبار والآثار، وليس له إلا أن ينتهي إلى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.
ومنهم من قال: يجوز تفسيره لمن كان جامعا للعلوم التي يحتاج المفسر إليها وهي خمسة عشر علما: اللغة والنحو والتصريف والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع وعلم القراءات: لأنه يعرف به كيفية النطق بالقرآن وبالقراءات يرجح بعض الوجوه المحتملة على بعض وأصول الدين: أي الكلام وأصول الفقه وأسباب النزول والقصص إذ بسبب النزول يعرف معنى الآية المنزلة فيه بحسب ما أنزلت فيه والناسخ والمنسوخ ليعلم المحكم من غيره والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المبهم والمجمل وعلم الموهبة وهو علم يورثه الله لمن عمل بما علم وإليه الإشارة بحديث: من عمل بما علم أورثه الله تعالى علم ما لم يعلم.
قال البغوي والكواشي وغيرهما: التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها تحتملها الآية غير مخالف للكتاب والسنة غير محظور على العلماء بالتفسير كقوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} .
وقيل: أغنياء وفقراء.
وقيل: نشاطا أو غير نشاط.
وقيل: أصحاء ومرضى وكل ذلك سائغ والآية تحتمله.
وأما التأويل المخالف للآية والشرخ فمحظور لأنه تأويل الجاهلين مثل تأويل الروافض قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} أنهما علي وفاطمة {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} يعني الحسن والحسين. انتهى.
وذكر العلامة الفناري في: تفسير الفاتحة فصلا مفيدا في تعريف هذا العلم ولا بأس بإيراده اذ هو مشتمل على لطائف التعريف.
قال قطب الدين الرازي في شرحه ل: الكشاف: هو ما يبحث فيه عن مراد الله - سبحانه وتعالى - من قرآنه المجيد ويرد عليه أن البحث فيه ربما كان عن أحوال الألفاظ: كمباحث القراءات وناسخية الألفاظ ومنسوخيتها وأسباب نزولها وترتيب نزولها إلى غير ذلك فلا يجمعها أحده.
وأيضا يدخل فيه البحث في الفقه الأكبر والأصغر عما يثبت بالكتاب فإنه بحث عن مراد الله تعالى من قرآنه فلا يمنعه أحد فكان الشارح التفتازاني إنما عدل عنه لذلك إلى قوله: هو العلم الباحث عن أحوال الألفاظ كلام الله - سبحانه وتعالى - من حيث الدلالة على مراد الله وترد على مختاره أيضا وجوه:
الأول: أن البحث المتعلق بألفاظ القرآن ربما لا يكون بحيث يؤثر في المعنى المراد بالدلالة والبيان: كمباحث علم القراءة عن أمثال التفخيم والإمالة إلى ما لا يحصى فإن علم القراءة جزء من علم التفسير أفرز عنه لمزيد الاهتمام إفراز الكحالة من الطب والفرائض من الفقه.
وقد خرج بقيد الحيثية ولم يجمعه فإن قيل: أراد تعريفه بعد إفراز علم القراءة
قلنا: فلا يناسب الشرح المشروح للبحث في التفسير عما لا يتغير به المعنى في مواضع لا تحصى
الثاني: أن المراد بالمراد إن كان المراد بمطلق الكلام فقد دخل العلوم الأدبية وإن كان مراد الله تعالى بكلامه.
فإن أريد مراده في نفس الأمر فلا يفيده بحث التفسير لأن: طريقه غالبا إما رواية الآحاد أو الدراية بطريق العربية وكلاهما ظني كما عرف ولأن فهم كل أحد بقدر استعداده ولذلك أوصى المشائخ - رحمهم الله - في الإيمان أن يقال: آمنت بالله وبما جاء من عنده على مراده وآمنت برسول الله وبما قاله على مراده ولا يعين بما ذكره أهل التفسير ويكرر ذلك على الهدي في تأويلاته.
وإن أريد مراد الله - سبحانه وتعالى - في زعم المفسر ففيه خرازة من وجهين:
الأول: كون علم التفسير بالنسبة إلى كل مفسر بل إلى كل أحد شيئا آخر وهذا مثل ما اعترض على حد الفقه لصاحب: التنقيح وظن وروده وإلا فإني أجيب عنه بأن التعدد ليس في حقيقته النوعية بل في جزئياتها المختلفة باختلاف القوابل.
وأيضا ذكر الشيخ صدر الدين القونوي في تفسير: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} : أن جميع المعاني المفسر بها لفظ القرآن رواية أو دراية صحيحتين مراد الله - سبحانه وتعالى - لكن بحسب المراتب والقوابل لا في حق كل أحد.
الثاني: أن الأذهان تنساق بمعاني الألفاظ إلى ما في نفس الأمر على ما عرف فلا بد لصرفها عنه من أن يقال من حيث الدلالة على ما يظن أنه مراد الله سبحانه وتعالى.
الثالث: أن عبارة العلم الباحث في المتعارف ينصرف إلى الأصول والقواعد أو ملكتها وليس لعلم التفسير قواعد يتفرع عليها الجزئيات إلا في مواضع نادرة فلا يتناول غير تلك المواضع إلا بالعناية فالأولى: أن يقال علم التفسير معرفة أحوال كلام الله سبحانه وتعالى من حيث القرآنية ومن حيث دلالته على ما يعلم أو يظن أنه مراد الله سبحانه وتعالى بقدر الطاقة الإنسانية فهذا يتناول أقسام البيان بأسرها. انتهى كلام الفناري بنوع تلخيص.
ثم أورد فصولا في تقسيم هذا الحد إلى تفسير وتأويل وبيان الحاجة إليه وجواز الخوض فيهما ومعرفة وجوههما المسماة بطونا أو ظهرا أو بطنا فمن أراد الإطلاع على حقائق علم التفسير فعليه بمطالعته ولا ينبؤه مثل خبير.
ثم إن أبا الخير أطال في ذكر: طبقات المفسرين ونحن أشرنا إلى من ليس لهم تصنيف فيه من مفسري الصحابة والتابعين إشارة جمالية والباقي مذكور عند ذكر كتابه.
أما المفسرون من الصحابة فمنهم: الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن الزبير وأنس بن مالك وأبو هريرة وجابر وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم.
ثم اعلم أن الخلفاء الأربعة أكثر من روي عنه علي بن أبي طالب والرواية عن الثلاثة في ندرة جدا والسبب فيه تقدم وفاتهم وأما علي رضي الله عنه فروي عنه الكثير وروي عن ابن مسعود أنه قال إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن وإن عليا - رضي الله عنه - عنده من الظاهر والباطن.
وأما ابن مسعود فروي عنه أكثر مما روي عن علي مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين.
وأما ابن عباس المتوفى سنة ثمان وستين بالطائف فهو: ترجمان القرآن وحبر الأمة ورئيس المفسرين دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".
وقد روي عنه في التفسير ما لا يحصى كثرة لكن أحسن الطرق عنه طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي المتوفى سنة ثلاث وأربعين ومائة واعتمد على هذه البخاري في صحيحه.
ومن جيد الطرق عنه طريق قيس بن مسلم الكوفي المتوفى سنة عشرين ومائة عن عطاء بن السائب.
وطريق ابن إسحاق صاحب: السير.
وأوهى طريقة طريق الكلبي عن أبي صالح والكلبي: هو أبو النصر محمد بن السائب المتوفى بالكوفة سنة ست وأربعين ومائة فإن انضم إليه رواية محمد بن مروان السدي الصغير المتوفى سنة ست وثمانين ومائة فهي سلسلة الكذب وكذلك طريق مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي المتوفى سنة خمسين ومائة إلا أن الكلبي يفضل عليه لما في مقاتل من المذاهب الردية وطريق ضحاك بن مزاحم الكوفي المتوفى سنة اثنتين مائة عن ابن عباس منقطعة فإن الضحاك لم يلقه وإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة فضعيفة لضعف بشر وقد أخرج عنه ابن جرير وابن أبي حاتم وإن كان من رواية جرير عن الضحاك فأشد ضعفا لأن جريرا شديد الضعف متروك وإنما أخرج عنه ابن مردويه وأبو الشيخ ابن حبان دون ابن جرير وأما أبي ابن كعب المتوفى سنة عشرين على خلاف فيه فعن نسخة كبيرة يرويها أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عنه وهذا إسناد صحيح وهو أحد الأربعة الذي جمعوا القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أقرأ الصحابة وسيد القراء.
ومن الصحابة من ورد عنه اليسير من التفسير غير هؤلاء منهم أنس بن مالك بن النضر المتوفى بالبصرة سنة إحدى وتسعين.
وأبو هريرة عبد الرحمن بن صخر على خلاف المتوفى بالمدينة سنة سبع وخمسين.
وعبد الله بن عمر بن الخطاب المتوفى بمكة المكرمة سنة ثلاث وسبعين.
وجابر بن عبد الله الأنصاري المتوفى بالمدينة سنة أربع وسبعين.
وأبو موسى عبد الرحمن بن قيس الأشرعي المتوفى سنة أربع وأربعين.
وعبد الله بن عمرو بن العاص السهمي المتوفى سنة ثلاث وستين وهو أحد العبادلة الذين استقر عليهم أمر العلم في آخر عهد الصحابة.
وزيد بن ثابت الأنصاري كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - المتوفى سنة خمس وأربعين
وأما المفسرون من التابعين فمنهم أصحاب ابن عباس وهم: علماء مكة المكرمة - شرفها الله تعالى.
ومنهم: مجاهد بن جبر المكي المتوفى سنة ثلاث ومائة قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة واعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري.
وسعيد بن جبير المتوفى سنة أربع وتسعين.
وعكرمة مولى ابن عباس المتوفى بمكة سنة خمس ومائة.
وطاووس بن كيسان اليماني المتوفى بمكة سنة ست ومائة.
وعطاء بن أبي رباح المكي المتوفى سنة أربع عشرة ومائة. ومنهم أصحاب ابن مسعود وهم علماء الكوفة.
كعلقمة بن قيس المتوفى سنة اثنتين ومائة والأسود بن يزيد المتوفى سنة خمس وسبعين.
وإبراهيم النخعي المتوفى سنة خمس وتسعين.
والشعبي المتوفى سنة خمس ومائة.
ومنهم: أصحاب زيد بن أسلم كعبد الرحمن بن زيد ومالك بن أنس.
ومنهم: الحسن البصري المتوفى سنة إحدى وعشرين ومائة وعطاء بن أبي سلمة ميسرة الخراساني ومحمد بن كعب القرظي المتوفى سنة سبع عشرة ومائة وأبو العالية رفيع بن مهران الرياحي المتوفى سنة تسعين والضحاك بن مزاحم وعطية بن سعيد العوفي المتوفى سنة إحدى عشرة ومائة وقتادة بن دعامة السدوسي المتوفى سنة عشرة ومائة والربيع بن أنس والسدي
ثم بعد هذه الطبقة الذين صنفوا كتب التفاسير التي تجمع أقوال الصحابة والتابعين كسفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح وشعبة بن الحجاج ويزيد بن هارون وعبد الرزاق وآدم بن أبي إياس وإسحاق بن راهويه وروح بن عبادة وعبد لله بن حميد وأبي بكر بن أبي شيبة وآخرين.
ثم بعد هؤلاء طبقة أخرى منهم: عبد الرزاق علي بن أبي طلحة وابن جرير وابن أبي حاتم وابن ماجة والحاكم وابن مردويه وأبو الشيخ ابن حبان وابن المنذر في آخرين.
ثم انتصبت طبقة بعدهم إلى تصنيف تفاسير مشحونة بالفوائد محذوفة الأسانيد مثل: أبي أسحق الزجاج وأبي علي الفارسي.
وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فكثيرا ما استدرك الناس عليهما ومثل مكي بن أبي طالب وأبي العباس المهدوي.
ثم ألف في التفسير طائفة من المتأخرين فاختصروا الأسانيد ونقلوا الأقوال بترا فدخل من هنا الدخيل والتبس الصحيح بالعليل ثم صار كل من سنح له قول يورده ومن خطر بباله شيء يعتمده ثم ينقل ذلك خلف عن سلف ظانا أن له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح ومن هم القدوة في هذا الباب.
ثم صنف بعد ذلك قوم برعوا في شيء من العلوم ومنهم من ملأ كتابه بما غلب على طبعه من الفن واقتصر فيه على ما تمهر هو فيه وكان القرآن أنزل لأجل هذا العلم لا غير مع أن فيه تبيان كل شيء.
فالنحوي تراه ليس له إلا الإعراب وتكثير الأوجه المحتملة فيه وإن كانت بعيدة وينقل قواعد النحو ومسائله وفروعه وخلافياته ك: الزجاج و: الواحدي في البسيط وأبي حيان في: البحر والنهر.
والإخباري ليس له شغل إلا القصص واستيفاؤها والأخبار عن سلف سواء كانت صحيحة أو باطلة ومنهم الثعلبي.
والفقيه يكاد يسرد فيه الفقه جميعا وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية التي لا تعلو لها بالآية أصلا والجواب عن الأدلة للمخالفين كالقرطبي.
وصاحب العلوم العقلية خصوصا الإمام فخر الدين الرازي قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة وخرج من شيء إلى شيء حتى يقضي الناظر العجب قال أبو حيان في البحر: جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير ولذلك قال بعض العلماء فيه: كل شيء إلا التفسير وللمبتدع ليس له قصد إلا تحريف الآيات وتسويتها على مذهبه الفاسد بحيث أنه لو لاح له شاردة من بعيد اقتنصها أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع إليه كما نقل عن البلقيني أنه قال: استخرجت من: الكشاف اعتزالا بالمناقيش منها أنه قال في قوله - سبحانه وتعالى -: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} أي فوز أعظم من دخول الجنة أشار به إلى عدم الرؤية والملحد لا تسأل عن كفره وإلحاده في آيات الله تعالى وافترائه على الله تعالى ما لم يقله كقول بعضهم: {ِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} وما علي العباد أضر من ربهم وينسب هذا القول إلى صاحب قوت القلوب أبي طالب المكي.
ومن ذلك القبيل الذين يتكلمون في القرآن بلا سند ولا نقل عن السلف ولا رعاية للأصول الشرعية والقواعد العربية كتفسير محمود بن حمزة الكرماني في مجلدين سماه: العجائب والغرائب ضمنه أقوالا هي: عجائب عند العوام وغرائب عما عهد عن السلف بل هي أقوال منكرة لا يحل الاعتقاد عليها ولا ذكرها إلا للتحذير من ذلك قول من قال في: {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} إنه الحب والعشق ومن ذلك قولهم في: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} إنه الذكر إذا قام وقولهم: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ} معناه من ذل أي من الذل وذي إشارة إلى النفس ويشف من الشفاء جواب من وع أمر من الوعي.
وسئل البلقيني عمن فسر بهذا؟ فأفتى بأنه ملحد.
وأما كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير.
قال ابن الصلاح في فتاواه: وجدت عن الإمام الواحدي أنه قال: صنف السلمي حقائق التفسير إن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر.
قال النسفي في: عقائده: النصوص تحمل على ظواهرها والعدول عنها إلى معان يدعيها أهل الباطن إلحادا وقال التفتازاني في: شرحه: سميت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها بل لها معان باطنة لا يعلمها إلا المعلم وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية.
وقال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من النصوص على ظواهرها ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان.
وقال تاج الدين عطاء الله في: لطائف المنن: اعلم أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله - سبحانه وتعالى - وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالمعاني الغريبة ليست إحالة الظاهر عن ظاهره ولكن ظاهر الآية مفهوم منه ما جلبت الآية له ودلت عليه في عرف اللسان وثم أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث لمن فتح الله تعالى قلبه.
وقد جاء في الحديث: لكل آية ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم أن يقول لك ذو جدل: هذا إحالة كلام الله - تعالى - وكلام رسوله فليس ذلك بإحالة وإنما يكون إحالة لو قال: لا معنى للآية إلا هذا وهم لا يقولون ذلك بل يفسرون الظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها. انتهى. قال في: كشاف اصطلاحات الفنون: أما الظهر والبطن ففي معناهما أوجه ثم ذكرها قال: قال بعض العلماء: لكل آية ستون ألف فهم فهذا يدل على أن في فهم المعاني من القرآن مجالا متسعا وأن المنقول من ظاهر التفسير ليس ينتهي الإدراك فيه بالنقل والسماع لا بد منه في ظاهر التفسير لتتقى به مواضع اللغط ثم بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط ولا يجوز التهاون في حفظ التفسير الظاهر بل لا بد منه أولا إذ لا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر وإن شئت الزيادة فارجع إلى: الإتقان. انتهى.
قال صاحب مفتاح السعادة: الإيمان بالقرآن هو التصديق بأنه كلام الله - سبحانه وتعالى - قد أنزل على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - بواسطة جبريل - عليه السلام - وأنه دال على صفة أزلية له - سبحانه وتعالى - وأن ما دل هو عليه بطريق القواعد العربية مما هو مراد الله - سبحانه وتعالى - حق لا ريب فيه ثم تلك الدلالة على مراده - سبحانه وتعالى - بواسطة القوانين الأدبية الموافقة للقواعد الشرعية والأحاديث النبوية مراد الله سبحانه وتعالى.
ومن جملة ما علم من الشرائع أن مراد الله - سبحانه - من القرآن لا ينحصر في هذا القدر لما قد ثبت في الأحاديث أن لكل آية ظهرا وبطنا وذلك المراد الآخر لما لم يطلع عليه كل أحد بل من أعطي فهما وعلما من لدنه تعالى يكون الضابط في صحته أن لا يرفع ظاهر المعاني المنفهمة عن الألفاظ بالقوانين العربية وأن لا يخالف القواعد الشرعية ولا يباين إعجاز القرآن ولا يناقض النصوص الواقعة فيها فإن وجد فيه هذه الشرائط فلا يطعن فيه وألا فهو بمعزل عن القبول.
قال الزمخشري: من حق تفسير القرآن أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه والبلاغة على كمالها وما وقع به التحدي سليما من القادح وأما الذين تأيدت فطرتهم النقية بالمشاهدات الكشفية فهم القدوة في هذه المسالك ولا يمنعون أصلا عن التوغل في ذلك ثم ذكر ما وجب على المفسر من آداب.
وقال: ثم اعلم أن العلماء كما بينوا في التفسير شرائط بينوا في المفسر أيضا شرائط لا يحل التعاطي لمن عري عنها وهو فيها راجل وهي: أن يعرف خمسة عشر علما على وجه الإتقان والكمال: اللغة والنحو والتصريف والاشتقاق والمعنى والبيان والبديع والقراءات وأصول الدين وأصول الفقه وأسباب النزول والقصص والناسخ والمنسوخ والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم وعلم الموهبة وهو: علم يورثه الله - سبحانه وتعالى - لمن عمل بما علم وهذه العلوم التي لا مندوحة للمفسر عنها وإلا فعلم التفسير لا بد له من التبحر في كل العلوم.
ثم إن تفسير القرآن ثلاثة أقسام:
الأول: علم ما لم يطلع الله تعالى عليه أحدا من خلقه وهو ما استأثر به من علوم أسرار كتابه من معرفة كنه ذاته ومعرفة حقائق أسمائه وصفاته وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه.
والثاني: ما أطلع الله - سبحانه وتعالى - نبيه عليه من أسرار الكتاب واختص به فلا يجوز الكلام فيه إلا له عليه الصلاة والسلام أو لمن أذن له قيل: وأوائل السور من هذا القسم وقيل: من الأول.
والثالث علوم علمها الله تعالى نبيه مما أودع كتابه من المعاني الجلية والخفية وأمره بتعليمها وهذا ينقسم إلى قسمين: منه ما لا يجوز الكلام فيه إلا بطريق السمع: كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والقرآن واللغات وقصص الأمم وأخبار ما هو كائن.
ومنه ما يؤخذ بطريق النظر والاستنباط من الألفاظ وهو قسمان:
قسم اختلفوا في جوازه وهو: تأويل الآيات المتشابهات.
وقسم اتفقوا عليه وهو: استنباط الأحكام الأصلية والفرعية والإعرابية: لأن مبناها على الأقيسة وكذلك فنون البلاغة وضروب المواعظ والحكم والإشارات لا يمتنع استنباطها منه لمن له أهلية ذلك وما عدا هذه الأمور هو التفسالمسمى ب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ثم تفسير هذا العبد القاصر المسمى ب: فتح البيان في مقاصد القرآن وقد طبع - بحمد الله تعالى - بمطبعتنا ببلدة بهوبال وكان المصروف في وليمة طبعه عشرين ألف ربية وسارت به الركبان من بلاد الهند إلى بلاد العرب والعجم ورزق القبول من علماء الكتاب والسنة القاطنين ببلد الله الحرام ومدينة نبيه - عليه الصلاة والسلام - ومحدثي اليمن وصنعاء والقدس والمغرب وغير هؤلاء ولله الحمد كل الحمد على ذلك.
فصل
قال ابن خلدون في: بيان علوم القرآن من التفسير والقراءات:
أما التفسير فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه وكان ينزل جملا جملا وآيات آيات لبيان التوحيد والفروض الدينية بحسب الوقائع منها: ما هو في العقائد الإيمانية ومنها: ما هو في أحكام الجوارح ومنها: ما يتقدم ومنها: ما يتأخر ويكون ناسخا له وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين المجمل ويميز الناسخ من المنسوخ ويعرفه أصحابه فعرفوه وعرفوا سبب نزول الآيات ومقتضى الحال منها منقولا عنه كما علم من قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} : أنها نعي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمثال ذلك ونقل ذلك عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وتداول ذلك التابعون من بعدهم ونقل ذلك عنهم ولم يزل ذلك متناقلا بين الصدر الأول والسلف حتى صارت المعارف علوما ودونت الكتب فكتب الكثير من ذلك ونقلت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين وانتهى ذلك إلى الطبري والواقدي والثعالبي وأمثال ذلك من المفسرين فكتبوا فيه ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار.
ثم صارت علوم اللسان صناعية من الكلام في موضوعات اللغة وأحكام الإعراب والبلاغة في التراكيب فوضعت الدواوين في ذلك بعد أن كانت ملكات للعرب لا يرجع فيها إلى نقل ولا كتاب فتنوسي ذلك وصارت تتلقى من كتب أهل اللسان فاحتيج إلى ذلك في تفسير القرآن لأنه بلسان العرب وعلى منهاج بلاغتهم وصار التفسير على صنفين: تفسير نقلي مسند إلى الآثار المنقولة عن السلف وهي: معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ومقاصد الآي وكل ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود والسبب في ذلك: أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ويستفيدونه منهم وهم أهل التوراة من اليهود من تبع دينهم من النصارى وأهل التوراة الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب ومعظمهم من حمير الذين أخذوا بدين اليهودية فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم مما لا تعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها مثل: أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والملاحم وأمثال ذلك وهؤلاء مثل: كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم وفي أمثال هذه الأغراض أخبار موقوفة عليهم وليست مما يرجع إلى الأحكام فيتحرى في الصحة التي يجب بها العمل ويتساهل المفسرون في مثل ذلك وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات وأصلها كما قلنا عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ير بالرأي الذي نهى عنه وفيه خمسة أنواع:
الأول: التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها.
التفسير الثاني: تفسير المتشابه الذي لا يعلمه ألا الله - سبحانه وتعالى -.
الثالث: التفسير المقرر للمذهب الفاسد بأن يجعل المذهب أصلا والتفسير تابعا له فيرد إليه بأي طريق أمكن وإن كان ضعيفا.
والرابع: التفسير بأن مراد الله - سبحانه وتعالى - كذا على القطع من غير دليل.
الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى.
وإذا عرفت هذه الفوائد وإن أطنبنا فيها لكونه رأس العلوم ورئيسها فاعلم أن كتب التفاسير كثيرة ذكرنا منها في كتابنا: الإكسير في أصول التفسير ما هو مسطور في: كشف الظنون وزدنا عليه أشياء على ترتيب حروف الهجاء.
قال في: مدينة العلوم: والكتب المصنفة في التفسير ثلاثة أنواع: وجيز ووسيط وبسيط.
ومن الكتب الوجيزة فيه: زاد المسيرة لابن الجوزي و: الوجيز للواحدي و: تفسير الواضح للرازي و: تفسير الجلالين إذ عمل نصفه الآخر جلال الدين المحلى وكمله جلال الدين السيوطي والشهير لأبي حيان ومن الكتب المتوسطة: الوسيط للواحدي و: تفسير الماتريدي و: تفسير التيسير لنجم الدين النسفي و: تفسير الكشاف للزمخشري و: تفسير الطيبي و: تفسير البغوي و: تفسير الكواشي و: تفسير البيضاوي و: تفسير القرطبي و: تفسير سراج الدين الهندي و: تفسير مدارك التنزيل لأبي البركات النسفي.
ومن الكتب المبسوطة: البسيط للواحدي و: تفسير الراغب للأصفهاني وتفسير أبي حيان المسمى ب: البحر و: التفسير الكبير للرازي و: تفسير العلامي ورأيته في أربعين مجلدا و: تفسير ابن عطية الدمشقي و: تفسير الخرقي نسبة إلى بائع الخرق والثياب و: تفسير الحوفي و: تفسير القشيري1 و: تفسير ابن عقيل وتفسير السيوطي المسمى ب: الدر المنثور في التفسير المأثور و: تفسير الطبري ومن التفاسير: إعراب القرآن للسفاقسي. انتهى.
قلت: ومن الحسن التفاسير المؤلفة في هذا الزمان الأخير تفسير شيخنا الإمام المجتهد العلامة قاضي القضاة بصنعاء اليمن محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة خمس وخمسين ومائتين وألف الهجرية المسمى بفتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ثم تفسير هذا العبد القاصر المسمى بفتح البيان في مقاصد القرآن وقد طبع - بحمد الله تعالى - بمطبعتنا ببلدة بهوبال وكان المصروف في وليمة طبعه عشرين ألف ربية وسارت به الركبان من بلاد الهند إلى بلاد العرب والعجم ورزق القبول من علماء الكتاب والسنة القاطنين ببلد الله الحرام ومدينة نبيه - عليه الصلاة والسلام - ومحدثي اليمن وصنعاء والقدس والمغرب وغير هؤلاء ولله الحمد كل الحمد على ذلك.
فصل
قال ابن خلدون في: بيان علوم القرآن من التفسير والقراءات:
أما التفسير فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه وكان ينزل جملا جملا وآيات آيات لبيان التوحيد والفروض الدينية بحسب الوقائع منها: ما هو في العقائد الإيمانية ومنها: ما هو في أحكام الجوارح ومنها: ما يتقدم ومنها: ما يتأخر ويكون ناسخا له وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين المجمل ويميز الناسخ من المنسوخ ويعرفه أصحابه فعرفوه وعرفوا سبب نزول الآيات ومقتضى الحال منها منقولا عنه كما علم من قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} : أنها نعي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمثال ذلك ونقل ذلك عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وتداول ذلك التابعون من بعدهم ونقل ذلك عنهم ولم يزل ذلك متناقلا بين الصدر الأول والسلف حتى صارت المعارف علوما ودونت الكتب فكتب الكثير من ذلك ونقلت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين وانتهى ذلك إلى الطبري والواقدي والثعالبي وأمثال ذلك من المفسرين فكتبوا فيه ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار.
ثم صارت علوم اللسان صناعية من الكلام في موضوعات اللغة وأحكام الإعراب والبلاغة في التراكيب فوضعت الدواوين في ذلك بعد أن كانت ملكات للعرب لا يرجع فيها إلى نقل ولا كتاب فتنوسي ذلك وصارت تتلقى من كتب أهل اللسان فاحتيج إلى ذلك في تفسير القرآن لأنه بلسان العرب وعلى منهاج بلاغتهم وصار التفسير على صنفين: تفسير نقلي مسند إلى الآثار المنقولة عن السلف وهي: معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ومقاصد الآي وكل ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود والسبب في ذلك: أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ويستفيدونه منهم وهم أهل التوراة من اليهود من تبع دينهم من النصارى وأهل التوراة الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب ومعظمهم من حمير الذين أخذوا بدين اليهودية فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم مما لا تعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها مثل: أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والملاحم وأمثال ذلك وهؤلاء مثل: كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم وفي أمثال هذه الأغراض أخبار موقوفة عليهم وليست مما يرجع إلى الأحكام فيتحرى في الصحة التي يجب بها العمل ويتساهل المفسرون في مثل ذلك وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات وأصلها كما قلنا عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلونه من ذلك إلا أنهم بعد صيتهم وعظمة أقدارهم لما كانوا عليه من المقامات في الدين والملة فتلقيت بالقبول من يومئذ لما رجع الناس إلى التحقيق والتمحيض.
وجاء أبو محمد بن عطية من المتأخرين بالغرب فلخص تلك التفاسير كلها وتحرى ما هو أقرب إلى الصحة منها ووضع ذلك في كتاب متداول بين أهل المغرب والأندلس حسن المنحى.
وتبعه القرطبي في تلك الطريقة على منهاج واحد في كتاب آخر مشهور بالمشرق.
والصنف الآخر من التفسير وهو: ما يرجع إلى اللسان من معرفة اللغة والإعراب والبلاغة في تأدية المعنى بحسب المقاصد والأساليب وهذا الصنف من التفسير قل أن ينفرد عن الأول إذ الأول هو المقصود بالذات وإنما جاء هذا بعد أن صار اللسان وعلومه صناعة نعم قد يكون في بعض التفاسير غالبا ومن أحسن ما اشتمل عليه هذا الفن من التفاسير كتاب: الكشاف للزمخشري من أهل خوارزم العراق إلا أن مؤلفه من أهل الاعتزال في العقائد فيأتي بالحجاج على مذاهبهم الفاسدة حيث تعرض له في أي في القرآن من طرق البلاغة فصار بذلك للمحققين من أهل السنة انحراف عنه وتحذير للجمهور من مكامنه مع إقرارهم برسوخ قدمه فيما يتعلق باللسان والبلاغة وإذا كان الناظر فيه واقفا مع ذلك على المذاهب السنية محسنا للحجاج عنها فلا جرم أنه مأمون من غوائله فلتغتنم مطالعته لغرابة فنونه في اللسان ولقد وصل إلينا في هذه العصور تأليف لبعض العراقيين وهو شرف الدين الطيبي من أهل توريز من عراق العجم شرح فيه كتاب الزمخشري هذا وتتبع ألفاظه وتعرض لمذاهبه في الاعتزال بأدلة تزيفها وتبين أن البلاغة إنما تقع في الآية على ما يراه أهل السنة لا على ما يراه المعتزلة فأحسن في ذلك ما شاء مع إمتاعه في سائر فنون البلاغة - وفوق كل ذي علم عليم -. انتهى كلامه
فصل
قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} وقال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"ستكون فتن", قيل: وما المخرج منها؟ قال: "كتاب الله: فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم" أخرجه الترمذي وغيره.
وقال أبو مسعود: من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خير الأولين والآخرين أخرجه سعيد بن منصور في سننه قال البيهقي: أراد به أصول العلم.
وقال بعض السلف: ما سمعت حديثا إلا التمست له آية من كتاب الله تعالى
وقال سعيد بن جبير: ما بلغني حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم وآله وسلم - على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله أخرجه ابن أبي حاتم.
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنزل في هذا القرآن كل علم وميز لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لو أغفل شيئا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة" أخرجه أبو الشيخ في كتاب: العظمة.
وقال الشافعي: جميع ما حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو ما فهمه من القرآن قلت: ويؤيد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه" رواه بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط من حديث عائشة رضي الله عنها.
وقال الشافعي أيضا: ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها لا يقال: إن من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنة لأن ذلك مأخوذ من كتاب الله تعالى في الحقيقة لأن الله تعالى أوجب علينا اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غير موضع من القرآن وفرض علينا الأخذ بقوله دون من عداه ولهذا نهى عن التقليد وجميع السنة شرح للقرآن وتفسير للفرقان.
قال الشافعي مرة بمكة المكرمة: سلوني عما شئتم أخبركم عنه من كتاب الله.
فقيل له: ما تقول في المحرم يقتل الزنبور.
فقال: بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ثم روى عن حذيفة بن اليمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنده أنه قال: "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" ثم روى عن عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل المحرم الزنبور ومثل ذلك حكاية ابن مسعود في لعن الواشمات وغيرهن واستدلاله بالآية الكريمة المذكورة وهي معروفة رواها البخاري.
ونحوه حكاية المرأة التي كانت لا تتكلم إلا بالقرآن وهي:
أنها قال عبد الله بن المبارك: خرجت قاصدا بيت الله الحرام وزيارة مسجد النبي - عليه الصلاة والسلام - فبينما أنا سائر في الطريق وإذا بسواد فمررت به وإذا هي عجوز عليها درع من صوف وخمار من صوف فقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقالت: {سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} فقلت لها يرحمك الله تعالى ما تصنعين في هذا المكان؟
فقالت: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ} فقلت: أنها ضالة عن الطريق فقلت: أين تريدين؟
فقالت: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} فعلمت أنها قضت حجها وتريد بيت المقدس فقلت: أنت مذ كم في هذا المكان؟
فقالت: ثلاث ليال سويا فقلت أما أرفعك طعاما.
فقالت: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فقلت لها ليس هذا شهر رمضان.
فقالت: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} فقلت لها قد أبيح لنا الإفطار في السفر.
فقالت: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} فقلت لها لم لا تكلميني مثل ما أكلمك به فقالت: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} فقلت لها: من أي الناس أنت؟
فقالت: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} فقلت لها: قد أخطأت فاجعلني في حل. فقالت: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم قلت لها: هل لك أن أحملك على ناقتي وتلحقي القافلة؟
قالت: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} فأنخت مطيتي لها.
فقالت: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} فغضضت بصري عنها فقلت: اركبي فلما أرادت أن تركب نفرت الناقة بها ومزقت ثيابها.
فقال: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} فقلت لها: اصبري حتى أعقلها.
فقالت: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} فشددت لها الناقة وقلت لها: اركبي فلما ركبت قالت: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} فأخذت بزمام الناقة وجعلت أسعى وأصيح طربا.
فقالت لي: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} فجعلت أمشي وأترنم بالشعر.
فقالت: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} فقلت: ليس هو بحرام.
قالت: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} فطرقت عنها ساعة فقلت لها: هل لك ربع؟
قالت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} فسكت عنها ولم أكملها حتى أدركت بها القافلة فقلت: لها هذه القافلة فمن لك فيها؟
فقالت: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فعلمت أن لها أولادا ومالا فقلت لها: ما شأنهم في الحاج؟
قالت: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} فعلمت أنهم أدلاء الركب فقصدت بي القبابات والعمارات فقلت: من لك فيها؟
فقالت: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} فناديت: يا إبراهيم يا موسى يا يحيى فجاءوني بالتلبية فإذا هم شبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا فلما استقر بهم الجلوس قالت لهم: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ} فقام أحدهم فاشترى طعاما فقدموه بين يدي وقالت:
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} فقلت لهم: طعامكم هذا علي حرام حتى تخبروني بامرأتكم هذه فقالوا: هذه لها أربعون سنة ما تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل في كلامها فيسخط الله عليها - فسبحان الله القادر على كل شيء -. انتهت الحكاية1 وهي تدل على أن القرآن الكريم فيه كل شيء.
قال بعض السلف: ما من شيء إلا ويمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله حتى أن بعضهم استنبط عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا وستين سنة من قوله تعالى في سورة المنافقين: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} فإنها رأس ثلاث وستين وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده.
قال المرسي: جمع القرآن وعلوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علما حقيقة إلا المتكلم به ثم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلا ما استأثر به سبحانه ثم ورث عنه معظم ذلك سادة الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس حتى قال: لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله ثم ورث عنهم التابعون بإحسان ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم وتقال أهل العلم وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه فنوعوا علمه وقامت كل طائفة بفن من فنونه فاعتزم قوم بضبط لغاته وتحرير كلماته ومعرفة مخارج حروفه وعدد كلماته وآياته وسوره وأجزائه وأنصافه وأرباعه وعدد سجداته والتعليم عند كل عشر آيات إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهات والآيات المتماثلات من غير تعرض لمعانيه ولا تدبر لما أودع فيه فسموا: القراء.
واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال والحروف العاملة وغيرها وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها وضروب الأفعال واللازم والمتعدي ورسوم خط الكلمات وجميع ما يتعلق به حتى إن بعضهم أعرب مشكله وبعضهم أعربه كلمة كلمة.
واعتنى المفسرون بألفاظه فوجدوا منه لفظا يدل على معنى واحد ولفظا يدل على معنيين ولفظا يدل على أكثر فأجروا الأول على حكمه وأوضحوا معنى الخفي منه وخاضوا في ترجيح أحد محتملات ذي المعنيين والمعاني وأعمل كل منهم فكره وقال بما اقتضاه نظره.
واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواهد الأصلية والنظرية مثل قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده وبقائه وقدمه وقدرته وعلمه وتنزيهه عما لا يليق به وسموا هذا العلم ب: أصول الدين
وتأملت طائفة منهم معاني خطابه وإن منها ما يقتضي العموم ومنها ما يقتضي الخصوص إلى غير ذلك فاستنبطوا منه أحكام اللغات من الحقيقة والمجاز وتكلموا في التخصيص والإضمار والنص والظاهر والمجمل والمحكم والمتشابه والأمر والنهي والنسخ إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة واستصحاب الحال والاستقراء وسموا هذا الفن: أصول الفقه.
وأحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام فابتنوا أصوله وفروعه وبسطوا القول في ذلك بسطا حسنا وسموه ب: علم الفروع وب: الفقه أيضاً.
وتلمحت طائفة ما فيه من قصص القرون السابقة والأمم الخالية ونقلوا أخبارهم ودونوا آثارهم ووقائعهم حتى ذكروا بدء الدنيا أول الأشياء حتى سموا ذلك بالتاريخ والقصص.
وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال والمواعظ التي ترقق قلوب الرجال وتكاد تدكدك شوامخ الجبال فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد والتحذير والتبشير وذكر الموت والمعاد والنشر والحشر والحساب والعقاب والجنة والنار فصولا من المواعظ وأصولا من الزواجر فسموا بذلك: الخطباء والوعاظ.
واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير مثل ما ورد في قصة يوسف في البقرات السمان وفي منامي صاحبي السجن وفي رؤياه الشمس والقمر والنجوم ساجدة وسموه: تعبير الرؤيا
واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب فإن عز عليهم إخراجها منه فمن السنة التي هي شارحة للكتاب فإن عسر فمن الحكم والأمثال.
ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطبتهم وعرف عادمهم الذي أشار إليه القرآن بقوله: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} .
وأخذ قوم مما في آية المواريث من ذكر السهام وأربابها وغير ذلك: علم الفرائض واستنبطوا منها من ذكر النصف والثلث والربع والسدس والثمن حساب الفرائض ومسائل العول1 واستخرجوا منها أحكام الوصايا. ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالة على الحكم الباهرة في الليل والنهار والشمس والقمر ومنازله والنجوم والبروج غير ذلك فاستخرجوا منه علم المواقيت.
ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جــلالة اللفظ وبديع النظم وحسن السياق والمبادئ والمقاطع والمخالص والتلوين في الخطاب والإطناب والإيجاز وغير ذلك فاستنبطوا منه المعاني والبيان والبديع.
ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة فلاح لهم من ألفاظه معان ودقائق جعلوا لها أعلاما اصطلحوا عليها من الفناء والبقاء والحضور والخوف والهيبة والأنس والوحشة والقبض والبسط وما أشبه ذلك.
هذه الفنون التي أخذتها الملة الإسلامية منه وقد احتوى على علوم أخر مثل: الطب والجلد والهيئة والهندسة والجبر والمقابلة والنجامة وغير ذلك.
أما الطب: فمداره على حفظ نظام الصحة واستحكام القوة وغير ذلك وإنما يكون باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيات المتضادة وقد جمع ذلك في آية واحدة وهي قوله: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} وعرفنا فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاطه وحدوث الشفاء للبدن بعد إعلاله في قوله: {شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} ثم زاد على طب الأجساد بطب القلوب: {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} .
وأما الهيئة: ففي تضاعيف سور من الآيات التي ذكر فيها من ملكوت السموات والأرض وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات.
وأما الهندسة: ففي قوله تعالى: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ} {لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} فإن فيه القاعدة الهندسية وهي: أن الشكل المثلث لا ظل له.
وأما الجدل: فقد حوت آياته من البراهين والمقدمات والنتائج والقول بالموجب والمعارضة وغير ذلك شيئا كثيرا ومناظرة إبراهيم أصل في ذلك عظيم.
وأما الجبر والمقابلة: فقد قيل: أن أوائل السور فيها ذكر مدد أعوام وأيام وتواريخ أمم سابقة وإن فيها تاريخ بقاء هذه الأمة وتاريخ هذه الدنيا وما مضى وما بقي مضروب بعضها في بعض.
وأما النجامة: ففي قوله: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} فقد فسره ابن عباس بذلك وفيه أصول الصنائع وأسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها فمن الصنائع: الخياطة في قوله: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ} والحدادة في قوله: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} وقوله: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} والبناء في آيات
والنجارة: {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} .
والغزل: {َقَضَتْ غَزْلَهَا} .
والنسج: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً} .
والفلاحة: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} وفي آيات أخر.
والصيد في آيات.
والغوص: {كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ} {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً} .
والصياغة: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً} . والزجاجة: {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} و: {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ} .
والفخارة: {فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ} .
والملاحة: {أَمَّا السَّفِينَةُ} الآية.
والكتابة: {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} وفي آيات أخر.
والخبز والعجن: {أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً} .
والطبخ: {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} .
والغسل والقصارة: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} و {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} وهم القصارون.
والجزارة: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} والبيع والشراء في آيات كثيرة.
والصبغ {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} و {بِيضٌ وَحُمْرٌ} .
والحجارة: {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً} والكيالة والوزن في آيات كثيرة.
والرمي: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} .
وفيه من أسماء الآلات وضرب المأكولات والمشروبات والمنكوحات وجميع ما وقع ويقع في الكائنات ما يحقق معنى قوله: ما فرطنا في الكتاب من شيء. انتهى كلام المرسي ملخصا مع زيادات.
قال السيوطي في: الإكليل: وأنا أقول: قد اشتمل كتاب الله العزيز على كل شيء أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسئلة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها وفيه علم عجائب المخلوقات وملكوت السموات والأرض وما في الأفق الأعلى وتحت الثرى وبدء الخلق وأسماء مشاهير الرسل والملائكة وعيون أخبار الأمم السابقة: كقصة آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة.
وفي الولد الذي سماه عبد الحارث ورفع إدريس وغرق قوم نوح.
وقصة عاد الأولى والثانية وقوم تبع ويونس وأصحاب الرس وثمود والناقة وقوم لوط وقوم شعيب الأولين والآخرين فإنه أرسل مرتين وقصة موسى في ولادته وإلقائه في اليم وقتله القبطي ومسيره إلى مدين وتزوجه ابنة شعيب وكلامه تعالى بجانب الطور ومجيئه إلى فرعون وخروجه وإغراق عدوه وقصة العجل والقوم الذين خرج بهم وأخذتهم الصاعقة وقصة القتيل وذبح البقرة وقصته في قتل الجبارين وقصته مع الخضر والقوم ساروا في سرب من الأرض إلى الصين وقصة طالوت وداود مع جالوت وفتنته وقصة سليمان وخبره مع ملكة سبأ وفتنته وقصة القوم الذي خرجوا فرارا من الطاعون فأماتهم الله ثم أحياهم وقصة إبراهيم في مجادلة قومه ومناظرة نمرود وقصة وضعه ابنه إسماعيل مع أمه بمكة وبنائه البيت وقصة الذبيح وقصة يوسف وما أبسطها وأحسنها قصصا وقصة مريم وولادتها عيسى وإرساله ورفعه وقصة زكريا وابنه يحيى وقصة أيوب وذي الكفل وقصة ذي القرنين ومسيره إلى مطلع الشمس ومغربها وبناء السد وقصة أهل الكهف وقصة أصحاب الرقيم وقصة بخت نصر وقصة الرجلين اللذين لأحدهما الجنة وقصة أصحاب الجنة وقصة مؤمن آل يس وقصة أصحاب الفيل وقصة الجبار الذي أراد أن يصعد إلى السماء. انتهى.
وبقيت قصص لم يشر إليها السيوطي منها: قصة قتل قابيل أخاه هابيل وقصة دفن هابيل بدلالة الغراب وقصة وصية يعقوب بنيه إلى غير ذلك قال: وفيه من شأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوة إبراهيم وبشارة عيسى وبعثه وهجرته.
ومن غزواته: غزوة بدر في سورة الأنفال وأحد في آل عمران وبدر الصغرى فيها والخندق في الأحزاب والنضير في الحشر والحديبية في الفتح وتبوك في براءة وحجة الوداع في المائدة.
ونكاحة زينب بنت جحش وتحريم سرية وتظاهر أزواجه عليه وقصة الإفك وقصة الإسراء وانشقاق القمر وسحر اليهود.
وفيه بدء خلق الإنسان إلى موته وكيفية الموت وقبض الروح وما يفعل بها بعد عودها إلى السماء وفتح الباب للمؤمنة وإلقاء الكافرة وعذاب القبر والسؤال فيه ومقر الأرواح وأشراط الساعة الكبرى العشرة وهي: نزول عيسى وخروج الدجال ويأجوج ومأجوج والدابة والدخان ورفع القرآن وطلوع الشمس من مغربها وغلق باب التوبة والخسف وأحوال البعث: من نفخ الصور للفزع وللصعق وللقيام والحشر والنشر وأهوال الموقف وشدة الشمس وظل العرش والصراط والميزان والحوض والحساب لقوم ونجاه آخرين.
ومنه: شهادة الأعضاء وإيتاء الكتب بالأيمان والشمائل وخلف الظهر والشفاعة أي بالإذن. والجنة1 وأبوابها وما فيها من الأنهار والأشجار والثمار والحلي والأواني والدرجات ورؤية الله تعالى.
والنار2 وما فيها من الأودية وأنواع العقاب وأصناف العذاب والزقوم والحميم إلى غير ذلك مما لو بسط لجاء في مجلدات
وفي القرآن جميع أسمائه تعالى الحسنى كما ورد في الحديث وفيه من أسمائه مطلقا ألف اسم
وفيه: من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة أي سبعون اسما ذكرها السيوطي في آخر: الإكليل.
وفيه: شعب الإيمان البضع والسبعون.
وفيه: شرائع الإسلام الثلاثمائة وخمسة عشر وفيه: أنواع الكبائر وكثير من الصغائر وفيه تصديق كل حديث روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال الحسن البصري: أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها: التوارة والإنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان ثم أودع علوم الفرقان المفصل ثم أودع علوم الفصل فاتحة الكتاب فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة. أخرجه البيهقي.
قلت: ولذلك كانت قراءتها في كل ركعة من الصلاة وإن كان مأموما واجبة عند أهل المعرفة بالحق وكانت السبع المثاني والقرآن العظيم وقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها ما خلا ما صرح بوضعها أهل النقد من علم الحديث وقد فسرها جماعة من أهل العلم مفردة بالتأليف وأبسطوا القول فيها وأجملوا واستنبط الفخر الرازي الإمام منها عشرة آلاف مسئلة كما صرح بذلك في أول: تفسيره الكبير وكل ذلك يدل على عظم مرتبة الكتاب العزيز ورفعة شأن الفرقان الكريم قال الشافعي - رحمه الله -: جميع ما تقول الأئمة شرح للسنة وجميع السنة شرح للقرآن.
قلت: ولذا كان الحديث والقرآن أصلي الشرع لا ثالث لهما وقول الأصوليين أن أدلة الشرع وأصوله أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس تسامح ظاهر كيف وهما كفيلان لحكم كل ما حدث في العالم ويحدث فيه إلى يوم القيامة دلت على ذلك آيات من الكتاب العزيز وآثار من السنة المطهرة وإلى ذلك ذهب أهل الظاهر وهم الذين قال فيهم رسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" الحديث قال بعض السلف: ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من شيء إلا وهو في القرآن أو فيه أصله قرب أو بعد فهم من فهم وعمي منه من عمي وكذا كل ما حكم أو قضى به. انتهى.
فإذا كانت السنة شرحا للكتاب فماذا يقال من فضل الكتاب نفسه وكفى له شرفا أنه كلام ربنا الخلاق الرزاق المنعم بلا استحقاق أنزله حكما عدلا جامعا للعلوم والفضائل كلها والفنون بأسرها والفواضل والمحاسن والمكارم والمحامد والمناقب والمراتب بقلها وكثرها لا يساويه كتاب ولا يوازيه خطاب وهذه جملة القول فيه.
وقد أكثر الناس التصنيف في أنواع علوم القرآن وتفاسيرها وألف الشيخ الحافظ جلال الدين السيوطي - رحمه الله - في جملة من أنواعه: كأسباب النزول والمعرب والمبهمات ومواطن الورود وغير ذلك وما من كتاب منها إلا وقد فاق الكتب المؤلفة في نوعه ببديع اختصاره وحسن تحريره وكثرة جمعه.
وقد أفرد الناس في أحكامه كتبا: كالقاضي إسماعيل والبكر بن العلاء وأبي بكر الرزاي والكيا الهراسي وأبي بكر بن العربي وابن الفرس والموزعي وغيرهم وكل منهم أفاد وأجاد وجمع فأبدع وأوعى.
وللسيوطي في ذلك كتاب: الإكليل في استنباط التنزيل أورد فيه كل ما استنبط منه واستدل به عليه من مسئلة فقهية أو أصولية أو اعتقادية فاشدد بذلك الكتاب يديك وعض عليه بناجذيك.
وألفت أنا في الأحكام خاصة كتاب: نيل المرام من تفسير آيات الأحكام وبالجملة فعلوم الكتاب لا تحصى وتفاسيره لا تستقصى وفنونه لا تتناهى وبركاته لا تقف عند حد وأنواره لا ترسم برسم ولا تحد بحد.
وإذا تقرر ذلك عرفت أن العلوم التي ذكرناها في هذا الكتاب كلها موجودة في ذلك الكتاب دلالة وإشارة منطوقا أو مفهوما مفسرا أو مجملا ولا يعرفها إلا من رسخ قدمه في الكمال وسبح فهمه في بحار العلم بالتفصيل والإجمال والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

برهن

برهن
: (البُرْهانُ، بالضَّمِّ: الحُجَّةُ) الفاصِلَةُ البَيِّنَةُ؛ وَبِه فُسِّر قوْلُه تَعَالَى: {قُلْ هاتُوا بُرْهانَكم إِن كُنْتم صادِقِينَ} ؛ وكذلِكَ الحدِيثُ: الصَّدَقَةُ بُرْهانٌ؛ أَي أنَّها حُجَّة لطالِبِ الأَجْر مِن أَجْلِ أنَّها فَرْضٌ يُجازِي اللَّهُ تَعَالَى بِهِ. وقيلَ: هِيَ دَليلٌ على صحةِ إيمانِ صاحِبِها لطيبِ نفْسِه بإخْراجِها، وذلكَ لعَلاقةٍ مَا بينَ النفْسِ والمالِ.
وقالَ الرَّاغبُ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: البُرْهانُ أَوْكَدُ الأَدِلَّة، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضي الصّدْقَ أَبداً لَا مَحالَةَ، وذلكَ أَنَّ الأَدِلَّة خَمْسَةُ أَضْرُبٍ: دَــلالَةٌ تَقْتَضِي الصِّدْقَ أَبداً، ودَــلالَةٌ إِلَى الصِّدْقِ أَقْرَب، ودَــلالَةٌ إِلَى الكَذِبِ أَقْرَب، ودَــلالَةٌ هِيَ إِلَيْهِمَا سَوَاء.
(و) بُرْهانُ (بنُ سُلَيْمانَ السَّمَرْقَنْدِيُّ) ثمَّ الدّبوسِيُّ (المُحدِّثُ) عَن محمدِ بنِ سماعَةَ الرمليّ. (و) بُرْهانُ: (جَدُّ عَمْرِو بنِ مَسْعودٍ) البُخارِيُّ (النَّحْوِيِّ) كانَ يَقْرأُ كُتُبَ الزَّمَخْشريّ بعْدَ السّتمائَةِ.
(و) قد (بَرْهَنَ عَلَيْهِ: أَقامَ) عَلَيْهِ (البُرْهانَ) ، أَي الحجَّةَ؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ.
وقالَ الأزْهرِيُّ والزَّمَخْشريُّ: إنَّها مولَّدَةٌ والصَّوابُ بره إِذا جاءَ بالبُرْهانِ.
قُلْت: وَهَذَا بِنَاء على أنَّ البُرْهانَ وَزْنُه فُعْلان، والجوْهرِيّ يَرَى أصالَةَ نونِهِ، وكِلا القَوْلَيْن فِي المِصْباح.
(وابنُ بَرْهانٍ، بالفتْحِ: عبدُ الواحِدِ النَّحوِيُّ، والحُسَيْنُ بنُ عُمَرَ المحدِّثُ) .
(وقالَ الحافِظُ فِي التبْصيرِ فِي مشيتِه النِّسْبَةِ مِن حَرْفِ الدالِ فِي دَرك الحُسَيْن بن طاهِرٍ المُؤَدِّب الدُّركيّ عَن الصّفَّار وابنِ السَّمَّاك سَمِع مِنْهُ ابنُ بَرْهان سَنَة 380.
(وأَحمدُ بنُ عليِّ بنِ بَرْهانٍ الفَقيهُ صاحِبُ) الإِمَام أَبي حامِدٍ (الغَزَّالِيِّ) ، لَهُ أَقْوالٌ مُخْتارَةٌ فِي المَذْهَبِ، (و) هُوَ الَّذِي (ذَهَبَ إِلَى أنَّ العامِّيَّ لَا يَلْزَمُه التَّقَيُّدُ بمَذْهَبٍ، ورجَّحَهُ) الإمامُ (النَّوَوِيُّ.
(وبَرْهانٌ: لَقَبُ محمدِ بنِ عليَ الدينَوَرِيِّ الشَّيْخِ الصَّالح) ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى.
برهن
عن الفارسية برهان بمعنى السرور والغبطة.
[برهن] البُرْهانُ: الحُجَّةُ. وقد بَرْهَنَ عليه، أي أقام الحجة.
برهن: بَرْهَنَ عن: أقام الحجة، أتى بالبرهان (بوشر، معجم الماوردي).
بُرهان: آية، معجزة (ابن بطوطة 2: 81) وسميت بذلك لأنها برهان على كرامة الولي.
[برهن] فيه: الصدقة "برهان" هي الحجة والدليل أي حجة لطالب الأجر لأنها قرض يجازي الله به وعليه أو دليل على صحة إيمان صاحبها لطيب نفسه بإخراجها.
ب ر هـ ن : (الْبُرْهَانُ) الْحُجَّةُ وَقَدْ (بَرْهَنَ) عَلَيْهِ أَيْ أَقَامَ الْحُجَّةَ. 

برهن


بَرْهَنَ
a. [acc.
or
'Ala
or
'An], Proved, demonstrated.
تَبَرْهَنَa. Was proved, demonstrated.

بُرْهَاْن
(pl.
بَرَاْهِيْنُ)
a. Proof, evidence; argument.

بُرْهَة
a. Space of time.

بَرَهْمَن (pl.
بَرَاهِمَة)
a. Brahman.
(برهن)
أَتَى بالبرهان وَيُقَال برهن عَلَيْهِ (الْبُرْهَان) : الْحجَّة الْبَيِّنَة الفاصلة و (عِنْد المنطقيين) قِيَاس مؤلف من مُقَدمَات يقينية و (عِنْد الرياضيين) مَا يثبت قَضِيَّة من مُقَدمَات مُسلم بهَا (ج) براهين

برهن: التهذيب: قال الله عز وجل: قُل هاتوا بُرْهانَكم إن كنتم صادقين؛

البُرْهان الحُجّة الفاصلة البيّنة، يقال: بَرْهَنَ يُبَرْهِنُ بَرْهَنةً

إذا جاء بحُجّةٍ قاطعة لِلَدَد الخَصم، فهو مُبَرْهِنٌ. الزجاج: يقال

للذي لا يبرهن حقيقته إنما أَنت متمنٍّ، فجعلَ يُبَرْهن بمعنى يُبَيِّن،

وجَمْعُ البرهانِ براهينُ. وقد بَرْهَنَ عليه: أَقام الحجّة. وفي الحديث:

الصَّدَقةُ بُرْهانٌ؛ البُرْهانُ: الحجّةُ والدليل أَي أَنها حُجَّةٌ

لطالب الأَجْر من أَجل أَنَّها فَرْضٌ يُجازِي اللهُ به وعليه، وقيل: هي

دَليلٌ على صحة إيمان صاحبها لطيب نَفْسه بإخْراجها، وذلك لعَلاقةٍ مّا بين

النفْسِ والمال.

برهـن
برهنَ/ برهنَ على يبرهن، بَرْهَنَةً، فهو مُبرهِن، والمفعول مُبرهَن
• برهن صحَّةَ النَّظريَّة/ برهن على صحَّة النَّظريَّة: أتى بالدّليل على صِحّتها "برهن على حسن نيّته/ صحّة ادّعاءاته". 

بُرْهان [مفرد]: ج بَراهينُ:
1 - دليل، حُجّة بَيِّنة فاصِلة واضحة " {لَوْلاَ أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} - {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} " ° برهان قاطع: مقنع يقطع الحجّة.
2 - (سف) قياس مؤلَّف من مُقدِّمات يقينيَّة وينتهي تبعًا لذلك إلى نتائج يقينيّةٍ.
3 - (سف) ما يُثْبِتُ قضيّة من مُقدِّمات مُسَلَّم بها.
• البُرْهان: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه الحجّة الفاصلة البيِّنة. 

برهن



Q., or, as some say, Q. Q., 1.Q. 1 بَرْهَنَ He adduced, (T, Z, Msb,) or established, (S, K, and Ham p. 7,) the بُرْهَان, (T, Z, Msb, K,) i. e. the evidence or proof [&c.]; (T, S, Msb, &c.;) or he adduced his evidence or proof [&c.]; (T, Msb;) عَلَيْهِ [against him, or it, or (as in اِسْتَدَلَّ عَلَيْهِ) of it], (S, K, and Ham p. 7,) and لَهُ [to him, or for him]: (Ham ubi suprà:) but this verb is said by Az and Z, on the authority of IAar, to be post-classical; the correct word, they say, being أَبْرَهَ: (Msb:) this they assert on the ground of the opinion that بُرْهَانٌ [q. v.] is of the measure فُعْلَانٌ; but J holds the ن to be a radical. (TA.) بُرْهَانٌ An evidence, or a proof: (T, S, Msb, K, and Ham p. 7:) and a demonstration; i. e. the manifestation of an evidence or proof: (Msb:) or a decisive and manifest evidence or proof: (TA:) or the firmest, strongest, or most valid, evidence or proof; which is such as ever necessarily implies truth, or veracity, as its consequence, or concomitant; for evidences, or proofs, are of five sorts; whereof this is one; another is that which ever necessarily implies falsity, or falsehood, as its consequence, or concomitant; another, that which is nearer to truth, or veracity; another, that which is nearer to falsity, or falsehood; and another, that which is intermediate between these two: (Er-Rághib, TA:) [pl. بَرَاهِينُ:] some say that the ن in this word is augmentative; (Msb, and Ham p. 7;) that it is of the measure فُعْلَانٌ, from البره [app. البَرْهُ] signifying the “act of cutting:” (Ham ubi suprà:) others, that it is radical: Az mentions both of these opinions: J confines himself to the latter opinion: Z, to the former, saying, on the authority of IAar, that the word is derived from بَرَهْرَهَةٌ, meaning “white,” [or “fair in complexion,”] applied to a girl: (Msb:) Abu-l-Fet-h [i. e. IJ] says that he holds it to be of the measure فُعْلَالٌ, like قُرْطَاسٌ and قُرْنَاسٌ, the ن not being augmentative, as is shown by the verb above mentioned: (Ham ubi suprà:) but [it has been stated above that] this verb is said, on the authority of IAar, to be post-classical. (Msb, TA.)

العبارة

العبارة:
[في الانكليزية] Sentence ،expression
[ في الفرنسية] Phrase ،expression
بالكسر وتخفيف الموحدة لغة تفسير الرؤيا يقال عبرت الرؤيا اعبرها عبارة أي فسّرتها، وكذا عبّرتها وعبّرت عن فلان إذا تكلمت عنه، فسمّيت الألفاظ الدالة على المعاني عبارات لأنّها تفسّر ما في الضمير الذي هو مستور، كما أنّ المعبّر يفسّر ما هو مستور، وهو عاقبة الرؤيا ولأنّها تكلّم عما في الضمير. وعند البلغاء هي الألفاظ الفصيحة الدّالّة على المعاني المركّبة بتركيب فصيح بليغ كما في جامع الصنائع. قال العبارة عند البلغاء: هي أن يأتي الشاعر أو الكاتب بكلمات مركّبة يقتبسها الفصحاء والبلغاء في منشئاتهم، ويستعملها الكتّاب في مراسلاتهم، وأن تعتبر تلك الكلمات ممتازة عن غيرها من كلام الآخرين، ولا يقدر العوام على الإتيان بمثلها ولا يدرون معناها. والمراد بالعوام هنا عامة المثقفين، وليس العوام الجهلة الذين لا يستحقون الذكر. انتهى. وعند الأصوليين هي عبارة النّصّ، والمراد بالنّصّ اللفظ المفهوم المعنى. فمعنى عبارة النّصّ عين النّصّ فيكون من باب إضافة العام إلى الخاص كما في قولهم نفس الشيء، فعبارة النّصّ لفظ يثبت به حكم سيق الكلام له. فقولنا لفظ بمنزلة الجنس يشتمل الإشارة والدّــلالة والاقتضاء. وبقولنا يثبت به حكم خرج الدّــلالة والاقتضاء. وبالقيد الأخير خرج الإشارة وقد سبق أيضا في لفظ الظاهر.
وقيل عبارة النّصّ دلالة النظم على المعنى المسوق له بناء على أنّ العبارة وأخواتها من أقسام الدّــلالة، فهذا على حذف المضاف أي دلالة عبارة النّصّ دلالة النظم الخ. والنظم اللفظ هكذا يستفاد من كشف البزدوي وشرح الشاشي ويجيء في لفظ النّص أيضا.

عمى

(عمى)
العماء وَالْمَاء وَغَيره عميا سَالَ والموج رمى بالزبد والقذى وَدفعه وَالْبَعِير بلعابه رمى بِهِ وَإِلَى كَذَا ذهب إِلَيْهِ لَا يخطئه
عمى
عَمِيَ عَمَىً، وفي لُغَةٍ: اعْمَايَّ. وَقَوْلُ العَجّاج:
وبَلَدٍ عامِيَةٍ أعْمَاؤهُ.
كأنَّه جَمْعُ العَمى. وأعْمَيْتُه: وَجَدْتَه أعْمى. وهو عَمٍ: أي أعْمى القَلْب. والتَّعْمِيَةُ: التَّلْبِيْسُ. وهو في عُمْيَانِه: أي في عَمَاه، مَصْدرٌ كالطُّغْيَان، وفي عَمَايَةٍ وعُمِّيَّةٍ وعِمِّيَّةٍ - بضمِّ العَيْنِ وكَسْرِها -: أي في ضــلاَلةٍ، وقيل: عِمِيّاً: وهي الكِبْرُ. وما أتَمَّ عَمَاهُ: أي قامَتَه، ومنه العَمَايَةُ: الجَبَلُ الطَّويلُ. والعَمى: الغُبَارُ. وعَمَايَةُ: اسْمُ لِجَبَلٍ بِعينِه. والعَمَايَةُ والعَمَاءةُ - والجَميعُ: العَمَاءُ -: السَّحَابَةُ الكَثِيْفَةُ السَّوْداءُ، وقيل: هي الجَهَامُ. وعَمَا والله لأَفْعَلَنَّ: لُغَةُ في أما وللهِ. وأتَيْتُه صَكَّةَ عُمّى وأعْمى: أي نِصْفَ النَّهار إِذا كادَتِ الشَّمْسُ تُعْمي البَصَرَ، وقد يُصْرَفُ فَيُقال: عُمّىً، ورواه أبو عمرو: عُمَىٌّ. على فُعَيْلٍ.
والعَمْيُ: رَفْعُ الأمْواجِ القَذَى والزَّبَدَ في أعاليها، ومنه: عَمى البَعيرُ بِلُغَامِه. والاعْتِمَاءُ: الاختِيار، مَقْلُوْبُ الاعْتِيام.
ع م ى: (الْعَمَى) ذَهَابُ الْبَصَرِ وَقَدْ (عَمِيَ) مِنْ بَابِ صَدِيَ فَهُوَ (أَعْمَى) وَقَوْمٌ (عُمْيٌ) وَ (أَعْمَاهُ) اللَّهُ. وَ (تَعَامَى) الرَّجُلُ أَرَى مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ. وَ (عَمِيَ) عَلَيْهِ الْأَمْرُ الْتَبَسَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ} [القصص: 66] وَرَجُلٌ (عَمِي) الْقَلْبِ أَيْ جَاهِلٌ وَامْرَأَةٌ (عَمِيَةٌ) عَنِ الصَّوَابِ وَعَمِيَةُ الْقَلْبِ عَلَى فَعِلَةٍ فِيهِمَا. وَقَوْمٌ (عَمُونَ) . وَفِيهِمْ (عُمِّيَّتُهُمْ) أَيْ جَهْلُهُمْ. قُلْتُ: هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْيَاءِ يُعْرَفُ مِنَ التَّهْذِيبِ. وَ (عَمَّيْتُ) مَعْنَى الْبَيْتِ (تَعْمِيَةً) وَمِنْهُ (الْمُعَمَّى) مِنَ الشِّعْرِ وَقُرِئَ: «فَعُمِّيَتْ عَلَيْهِمُ» بِالتَّشْدِيدِ. وَقَوْلُهُمْ: مَا أَعْمَاهُ! إِنَّمَا يُرَادُ مَا أَعْمَى قَلْبَهُ! لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ الْكَثِيرُ الضَّلَالِ. وَلَا يُقَالُ فِي عَمَى الْعُيُونِ: مَا أَعْمَاهُ! لِأَنَّ مَا لَا يَتَزَيَّدُ لَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ. 
[عمى] العَمى: ذهاب البصر، وقد عَمِيَ فهو أعمى وقومٌ عُمْيٌ، وأعْماه الله. وتَعامى الرجلُ: أرى من نفسه ذلك. وعَمِيَ عليه الأمر، إذا التبس، ومنه قوله تعالى: (فَعَمِيَتْ عليهم الأنباءُ يومئذ) . ورجلٌ عَمِي القلب، أي جاهلٌ، وامرأةٌ عَمِيَةلصواب، وعَمِيَةُ القلب على فَعِلَةٍ، وقوم عَمونَ. وفيهم عَمِيَّتُهُمْ، أي جهلهم. والنسبة إلى أعمى أعْمْوِيٌّ، وإلى عَمٍ عموى، كما قلناه في شجوى. والاعميان: السيل، والجمل الهائج الصئول. (*) وعمى الموج بالفتح يعمى عَمْياً، إذا رمى القذى والزَبَدَ. وعَمَّيتُ معنى البيت تَعْميَةً. ومنه المعمى من الشعر. وقرئ: (فعميت عليكم) بالتشديد. أبو زيد: تركناهم عمًّى، إذا أشرفوا على الموت. والعماء ممدودٌ: السحاب. قال أبو زيد: هو شِبه الدخان يركب رءوس الجبال. وعماية: جبل من جبال هذيل. والمعامي من الأرَضين: الأغفال، التي ليس بها أثر عِمارَةٍ ولا مَعْلَمٌ. وهي الأعْماءُ أيضاً. قال رؤبة: وبَلَدٍ عامِيَةٍ أعْماؤهُ * كأنَّ لون أرضه سماؤه يريد: ورب بلد. ويقال: أتيته صكة عمى، أي وقت الهاجرة، وهو تصغير أعمى مرخما. ويقال: هو اسم رجل من العمالقة أغار على قوم ظهرا فاستأصلهم، فنسب الوقت إليه. واعتميت الشئ: اخترته، وهو قلب الاعتيام. وقولهم: ما أعْماهُ، إنَّما يراد به: ما أعمى قبله ; لان ذلك ينسب إليه الكثيرُ الضلال. ولا يقال في عَمى العيون ما أعماهُ، لأنَّ ما يتزيد لا يتعجب منه.
عمى وصع وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام حِين سَأَلَهُ أَبُو رزين الْعقيلِيّ: أَيْنَ كَانَ رَبنَا قبل أَن يخلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فَقَالَ: كَانَ فِي عماء تَحْتَهُ هَوَاء وفوقه هَوَاء. قَوْله: فِي عماء فِي كَلَام الْعَرَب السَّحَاب الْأَبْيَض قَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره: هُوَ مَمْدُود وَقَالَ الْحَارِث بن حلزة الْيَشْكُرِي: [الْخَفِيف]

وكأنَّ المَنُوْنَ تَردِىْ بِنَا أع ... صمٍ يَنجاب عَنْهُ العماءُ

يَقُول: هُوَ فِي ارتفاعه قد بلغ السَّحَاب ينشق عَنْهُ يَقُول: نَحْنُ فِي عزنا 42 / ب مثل الأعصم / فالمنون إِذا أرادتنا فَكَأَنَّمَا تُرِيدُ أعصم قَالَ زُهَيْر يذكر ظباء وبقرا: [الوافر]

يَشِمْنَ بُرُوْقَهُ وَيَرُشّ أرْىَ الْ ... جَنُوْبِ على حواجبها العماء وَإِنَّمَا تأولنا هَذَا الحَدِيث عل كَلَام الْعَرَب الْمَعْقُول عَنْهُمْ وَلَا نَدْرِي كَيفَ كَانَ ذَلِك العماء وَمَا مبلغه وَالله أعلم وَأما الْعَمى فِي الْبَصَر فَإِنَّهُ مَقْصُور وَلَيْسَ هُوَ من معنى هَذَا الحَدِيث فِي شَيْء. وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: إِن الْعَرْش على منْكب إسْرَافيل وَإنَّهُ ليتواضع لله حَتَّى يصير مثل الْوَصع. يُقَال فِي الْوَصع: إِنَّه الصَّغِير من أَوْلَاد العصافير وَيُقَال: هُوَ طَائِر صَغِير يشبه بالعصفور الصَّغِير فِي صغر جِسْمه.
عمى: عَمِى: حولت عيناه كلتاهما. (ألكالا).
عمى على: لم ينتبه الى، لم يشعر ب. (ألف ليلة برسل 11: 104).
عمي النبت. (انظر لين في الآخر) ومن ما ذكره ابن العوَّام (1: 292): عن وعمي عنها. وفيه (1: 447، 460، 505) حيث عليك أن تقرأ وفقاً لما جاء في مخطوطتنا: ويقطع ما عمى من عيونه.
عَمَّى (بالتشديد). عَمَّى على فلان: أخفي الشيء ولبسه عليه. (ابن جبير ص229) حيث الصواب متعمداً.
ويقال أيضاً: عَمَّى عنه، ففي حياة ابن خلدون (ص215 و): عَمَّيْت عنه شَأنّ ابن الخطيب ابقاء لمودَّته.
عَمَّى العُقد: ترك براعم النبات تنمو (انظر عَمِىَ) وانظر مادة بلقار في الاضافات والتصحيحات.
عَمَّى القلب: أزعج، أسأم، ضايق. يقال مثلاً: رُح عميت قلبي. (بوشر).
أعمى، أعمى فلانا عن: صيره أعمى عن. (الكامل ص215).
عَمَّى، العمى الكحلى: شلل العصب البصري وتعطله. (دوماس حياة العرب ص 425).
العما: يا عجبا! يا له من. (بوشر).
العما عما: (ألف ليلة برسل 2: 89) مثل من الأمثال يعني أن الحمقى والمجانين لا يتصرفون إلا بحماقة وجنون. حسب تفسير كوسان دي برسفال له. وانظر (زيشر 7: 573).
العامَّة عما: هذا هو الصواب كما ورد في تاريخ الأقباط للمقريزي (ص56) طبعة وستيفلد، وهو أيضاً مثل من الأمثال، فيه أي ذوو عما ومعنى المثل أن العامّة يتصرفون بعمى وبلا تبصر. (زيشر 1:1).
عُمَى: أحول، (ألكالا).
عَمِىْ: أحمق، أبله، مجنون. ففي بسام (3: 30و): ما فيهم إلاّ دَنيء أو عَمِيَّ أو مُضرّ.
عميان: صنف من السمك. (ياقوت 1: 886).
على العمياني: بغباوة، بلا تبصّر، بعمى. (بوشر).
عَمَايَة: عمى. (فوك).
عَمَايَة: جهل، جهالة. (فوك).
عَمَائيّ. الحَضْرَة العمائية عند الصوفية: انظرها في مادة الحضرة.
أعمى: يقال مجازاً: فاجئة عَمّياء صَمّاء. (عباد 1: 254)، كما يقال: الفتنة العمياء. (المقري 2: 14) عمياء الفتنة (تاريخ البربر 2: 32).
العامَّة العمياء: العامّة الجهال (المقري 1: 133).
الأمر أعمى: الأمر غامض مبهم. هذا إذا كان السيد فليشر مصيب في تصحيحه للمقري (1: 369).
التركيب الأعمى: التطعيم والتأبير بلا روية ولا تبصر، تطعيم عشوائي. وانظره في مادة تركيب.
دار العُمْيان: نُزُل. فندق. (دومب ص97). أعمى: لا أدري ما هو معنى هذه الكلمة في كلام ابن العوام (1: 97): الرمل الغليظ الاحرش السيال الأعمى.
تَعمِيّة: أحجية، لغز، (بوشر).
مُعَمىَّ: محجي. لغزي (بوشر).
مُعَمَّى: أحجية، لغز. (بوشر، المقدمة 3: 23).
مَعْمِية: وردت في شعر الأخطل. وقد فسرت في شرحه ب (مَضِلَّةِ). (رايت).
عمى
العَمَى يقال في افتقاد البصر والبصيرة، ويقال في الأوّل: أَعْمَى، وفي الثاني: أَعْمَى وعَمٍ، وعلى الأوّل قوله: أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى
[عبس/ 2] ، وعلى الثاني ما ورد من ذمّ العَمَى في القرآن نحو قوله: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ
[البقرة/ 18] ، وقوله: فَعَمُوا وَصَمُّوا
[المائدة/ 71] ، بل لم يعدّ افتقاد البصر في جنب افتقاد البصيرة عَمًى حتى قال: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ
[الحج/ 46] ، وعلى هذا قوله:
الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي [الكهف/ 101] ، وقال: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ
[الفتح/ 17] ، وجمع أَعْمَى عُمْيٌ وعُمْيَانٌ. قال تعالى: بُكْمٌ عُمْيٌ [البقرة/ 171] ، صُمًّا وَعُمْياناً [الفرقان/ 73] ، وقوله: وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا [الإسراء/ 72] ، فالأوّل اسم الفاعل، والثاني قيل: هو مثله، وقيل: هو أفعل من كذا، الذي للتّفضيل لأنّ ذلك من فقدان البصيرة، ويصحّ أن يقال فيه: ما أفعله، وهو أفعل من كذا، ومنهم من حمل قوله تعالى:

وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى [الإسراء/ 72] ، على عمى البصيرة والثاني على عمى البصر، وإلى هذا ذهب أبو عمرو ، فأمال الأولى لمّا كان من عمى القلب، وترك الإمالة في الثاني لما كان اسما، والاسم أبعد من الإمالة.
قال تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى [فصلت/ 44] ، إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ
[الأعراف/ 64] ، وقوله: وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى [طه/ 124] ، وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا [الإسراء/ 97] ، فيحتمل لعمى البصر والبصيرة جميعا. وَعَمِيَ عليه، أي: اشتبه حتى صار بالإضافة إليه كالأعمى قال: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ
[القصص/ 66] ، وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ
[هود/ 28] .

والعَمَاءُ: السّحاب، والعَمَاءُ: الجهالة، وعلى الثاني حمل بعضهم ما روي أنه [قيل: أين كان ربّنا قبل أن خلق السماء والأرض؟ قال: في عماء تحته عماء وفوقه عماء] ، قال: إنّ ذلك إشارة إلى أنّ تلك حالة تجهل، ولا يمكن الوقوف عليها، والعَمِيَّةُ: الجهل، والْمَعَامِي:
الأغفال من الأرض التي لا أثر بها.
[عمى] ن: فيه ح: من قاتل تحت راية "عمية"- بكسر عين وضمها وبكسر ميم وياء مشددتين هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه كتقاتل القوم عصبية. نه: هو فعيلة من العمى: الضــلالة، كالقتال في العصبية والأهواء، وحكى ضم العين. ط: هذا في تخارج القوم وقتل بعضهم بعضًا، قوله: يغضب لعصبية، أي يقاتل بغير بصيرة تعصبًا كقتال الجاهلية، أقول: تحت راية "عمية"، كناية عن جماعة مجتمعين على أمر مجهول لا يعرف أنه حق أو باطل، وفيه أن من قاتل تعصبًا لا لإظهار دينالنجاة وقيل: الثاني للتفضيل ولذا عطف عليه "وأضل". نه: أي أضل طريقًا من الأعمى. ك: "لم حشرتني "أعمى"" أي عن حجتي "وقد كنت بصيرا" عالمًا بها. مد: "ونحشره يوم القيامة "أعمى"" أي أعمى القلب أو البصر ويؤيده "قال رب لم حشرتني" إلخ. ك: وفي ح الشجرة: "فعميت" علينا، أي اشتبهت، قالوا: سبب خفائها خوف تعظيمها إياها وعبادتهم لها. ن: حتى انتهينا إلى الصخرة "فعمي" عليها، بفتح عين وكسر ميم، وروى بضم عين وتشديد ميم، وروى بغين معجمة. ط: حبك الشيء "يعمى" ويصم، من أعماه أي جعله أعمى وأصمه جعله أصم، أي ترى من المحبوب القبيح حسنًا وتسمع منه الجفاء جميلًا:
وعين الرضى عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا
يعني حبه إياه يعميه عن أني بصر الحق ويسمعه، والحديث ذو الوجهين. وح: أ"فعمياوان"، ظاهره تحريم نظرهن إلى الأجنبي مطلقًا، ومنهم من قيده بخوف الفتنة توفيقًا بينه وبين ح نظر عائشة إلى الحبشة، قوله: وميمونة- بالرفع عطفًا على ضمير كانت، وبالنصب عطفًا على ضمير إنها، وبالجر عطفًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عم

ى1 عَمِىَ, [aor. ـْ inf. n. عَمًى, He was, or became, blind, (S, Msb, K,) of both eyes; (Msb, K, * TA;) as also ↓ اِعْمَاىَ, aor. ـْ inf. n. اِعْمِيَآءٌ; (K;) [said by SM to be like اِرْعَوَى, aor. ـْ inf. n. اِرْعِوَآءٌ; as though اِعْمَاىَ were originally اِعْمَىَّ, like as اِرْعَوَى is originally اِرْعَوَّ, both being of the measure اِفْعلَّ; but he adds, correctly, that,] accord. to Sgh, اِعْمَاىَ is originally like اِدْهَامَمَ, which becomes اِدْهَامَّ, [i. e. it is originally اِعْمَايَىَ,] but the latter ى is changed into ا because of the fet-hah of the former, so that it becomes اِعْمَايَا, and the two, thus differing, do not easily admit of idghám (TA;) and sometimes the ى of اِعْمَاىَ is musheddedeh, (Sgh, K, TA,) so that it becomes [↓ اِعْمَاىَّ, aor. ـْ inf. n. اِعمِيَّآءٌ,] like اِدْهَامَّ, aor. ـْ inf. n. اِدْهِيمَامٌ; but this is by a straining of a point, and not in use: (Sgh, TA:) and ↓ تعمّى, likewise, signifies the same, (K, TA,) i. e., the same as عَمِىَ. (TA.) And you say also, عَمِيَتْ عَيْنَاهُ His two eyes were, or became, blind. (TA.) b2: Hence عَمًى is metaphorically used in relation to the mind, as meaning (tropical:) An erring; the connection between the two meanings being the not finding, or not taking, the right way: (Msb:) or the being blind in respect of the mind: and in this sense, the verb is as above, with the exception of the measure اِفعَالَّ [and the abbreviated form of this]. (K, * TA. [اَفْعَالٍ in the CK in this passage is a mistranscription, for افْعَالَّ.]) You say, عَمِىَ عَنْ رُشْدِهِ, and حُجَّتِهِ, meaning لَمْ يَهْتَدِ (assumed tropical:) [He did not, or could not, become guided to his right course, and his plea or the like; i. e. he was, or became, blind thereto]. (TA.) And عَمِىَ عَنْ حَقِّهِ (assumed tropical:) [He was, or became, blind to his right, or due], like عَشِىَ عَنْهُ. (TA in art. عشو.) b3: One says also عَمِىَ عَلَيْهِ الخَبَرُ (tropical:) The information was, or became, unapparent, obscure, or covert, to him. (Mgh, Msb. *) And عَمِىَ عَلَيْهِ طَرِيقُهُ, (TA,) and الأَمْرُ, (S, TA,) and الشِّعْرُ, and الكَلَامُ, (Har p. 190,) i. e. (assumed tropical:) [His way, or road, and the affair, and the poetry, or verse, and the speech, or saying,] was, or became, obscure, or dubious, to him; (S, TA, and Har ubi suprá) and so ↓ عُمِّىَ; (TA;) and ↓ تعمّى. (Har ubi suprá.) Hence, accord. to different readings, in the Kur [xxviii. 66], فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَآءُ and ↓ فَعُمِّيَتْ (assumed tropical:) [And the pleas shall be obscure, or dubious, to them]. (S, TA.) b4: and عَمِيتُ إِلَى كَذَا (assumed tropical:) I betook myself to such a thing, not desiring any other; as also عَطِشْتُ. (TA. [Accord. to the TA, the inf. ns. of these two verbs, thus used, are عميان and عطشان: but they are correctly عَمًى and عَطَشٌ.]) A2: عَمَى

المَوْجُ, aor. ـْ (S, K,) inf. n. عَمْىٌ, (S,) The waves cast the particles of rubbish, or the like, (S, K, TA,) driving them to their upper, or uppermost, parts, (TA,) and the foam. (S, TA.) b2: And عَمَى بِلُغَامِهِ, (K, TA,) aor. ـْ (TA,) He (a camel) brayed, and cast the foam of his mouth upon his head, or the upper part of his head, or anywhere: (K, TA:) mentioned by ISd. (TA.) b3: And [hence] عَمَانِى بِكَذَا (assumed tropical:) He cast upon me a suspicion of such a thing. (TA.) b4: عَمَى, aor. ـْ said of water, (K, TA,) and of other things, (TA,) also signifies It flowed; (K, TA;) and so هَمَى. (TA.) b5: And عمى النَّبْتُ [app. عَمَى] and ↓ اعتمى and اِعْتَمَّ are three syn. dial. vars., (TA in this art.,) meaning (assumed tropical:) The plant, or herbage, became of its full height, and blossomed; (S, K, TA, in explanation of the last, in art. عم;) and became luxuriant, or abundant and dense. (TA in that art.) 2 عمّاهُ, inf. n. تَعْمِيَةٌ, He rendered him blind, of both eyes: (K, TA:) and (TA) so ↓ اعماهُ, (S, Msb, TA,) said of God, (S, TA,) or of a man. (Msb.) Hence the saying of Sá'ideh Ibn-Jueiyeh, وَعَمَّى عَلَيْهِ المَوْتُ بَابَىْ طَرِيقِهِ [And death rendered blind, to him, the two doors of his way]; بابى طريقه meaning his two eyes. (TA.) b2: And [hence] عَمَّيْتُ الخَبَرَ (assumed tropical:) I made the information unapparent, obscure, or covert. (Msb.) And عمّى مَعْنَى البَيْتِ, inf. n. as above, (S, K,) (assumed tropical:) He made the meaning of the verse unapparent, obscure, or covert. (K.) And عمّى مُرَادَهُ (assumed tropical:) He made his meaning enigmatical, or obscure, in his speech, or language. (S, A, K, in art. لغز.) and عمّى عَلَى إِنْسَانٍ شَيْئًا (assumed tropical:) He made a thing obscure, or dubious, to a man. (TA.) See also 1, latter half, in two places. [And see مُعَمَّى.]4 اعماهُ: see 2, first sentence. b2: Also He found him to be blind [app. meaning properly, and also (assumed tropical:) in mind]. (K, TA.) b3: مَا أَعْمَاهُ meansonly مَا أَعْمَى قَلْبَهُ (assumed tropical:) [How blind is his mind!]: (S, K:) for the verb of wonder is not formed from that which is not significant of increase. (S.) 5 تعمّى [in its proper sense, and also in a tropical sense]: see 1, in two places.6 تعامى He feigned himself أَعْمَى (S, K, TA) [i. e. blind], in respect of the eyes [as is implied in the S], b2: and also (assumed tropical:) in respect of the mind [as is implied in the K]. (TA.) You say, تعامى عَنْ كَذَا (assumed tropical:) He feigned himself ignorant [of such a thing], as though he did not see it; like تَعَاشَى

عَنْهُ. (TA in art. عشو.) 8 اِعْتَمَاهُ He chose it, selected it, or preferred it; syn. اِخْتَارَهُ; (S, K, TA;) i. e., a thing; (S;) formed by transposition from اِعْتَامَهُ [mentioned in art. عيم]. (S, TA.) b2: And i. q. قَصَدَهُ [i. e. He tended, betook himself, or directed himself or his course or aim, to, or towards, him, or it; &c.]; (K, TA;) like اِعْتَامَهُ. (TA in art. عيم.) A2: See also 1, last sentence.11 اِعْمَاىَّ, and its abbreviated form اِعْمَاىَ: see 1, first quarter.

صَكَّةَ عُمْىٍ: see صَكَّةَ عُمَىٍّ.

عَمَا in the phrase عَمَا وَاللّٰهِ, i. q. أَمَا [expl. in art. اما]: (K, TA:) as also غَمَا, (K in art. غمى,) and هَمَا. (TA.) عَمًى [sometimes written عَمًا] inf. n. of عَمِىَ [q. v.]. (S, * Msb, K.) [Hence the saying, لَا شَلَلًا وَلَا عَمًى: see 1 in art. شل. Hence also one says, رَكِبَ أَمْرًا عَلَى العَمَى, meaning He ventured upon, or embarked in, an affair blindly; like عَلَى

غَيْرِ بَصِيرَةِ.]

A2: See also أَعْمَآءٌ.

A3: And see عَمَآءٌ, in two places.

A4: Also Stature: and height. (K.) One says, مَا أَحْسَنَ عَمَى هٰذَا الرَّجُلِ i. e. [How goodly is] the height, or the stature, of this man! (TA.) A5: And Dust; syn. غُبَارٌ. (K.) A6: In the saying of a rájiz, describing a skin of milk, because of its whiteness, يَحْسَبُهُ الجَاهِلُ مَا كَانَ عَمَا شَيْخًا عَلَى كُرْسِيِّةِ مُعَمَّمَا [The ignorant would think it, while there was remoteness, to be an old man upon his chair, turbaned,] the meaning is looking at it from afar; for العَمَا in this case signifies remoteness. (TA.) عَمٍ, originally عَمِىٌ: see أَعْمَى, in four places.

عَمْيَةٌ, a contraction of عَمِيَةٌ fem. of عَمٍ: see أَعْمَى.

عِمْيَةٌ [in the CK erroneously عَمْيَة] a subst. from اِعْتَمَاهُ in the sense of اِخْتَارَهُ [signifying A thing chosen, selected, or preferred; like خِيرَةٌ, a subst. from اِخْتَارَهُ]. (K, TA.) عَمَوِىٌّ Of, or relating to, such as is termed عَمٍ

[q. v. voce أَعْمَى]. (S, TA.) عَمَآءٌ, (S, K, TA,) in some of the copies of the K ↓ عَمًى, and by some thus related in a trad. mentioned in what follows, (TA,) Clouds: or, accord. to Az, [clouds] resembling smoke, surmounting the heads of mountains: (S, Msb:) or lofty clouds: or [in the CK “ and ”] dense: (K, TA:) or dense [clouds such as are termed] غَيْم: (TA:) or raining clouds: or thin clouds: or black: or white: or such as have poured forth their water; (K, TA;) but have not become dissundered like mountains: and ↓ عَمَآءَةٌ [is the n. un., and] signifies a dense, covering, cloud; as also ↓ عَمَايَةٌ: or a dense portion of cloud: but some disallow this, and make عَمَآءٌ to be [only] a coll. n. (TA.) It is related in a trad. that, in reply to the question “ Where was our Lord (meaning the عَرْش [q. v.] of our Lord) before He created his creatures? ” it was said, كَانَ فِى عَمَآءٍ تَحْتَهُ هَوَآءٌ وَفَوْقَهُ هَوَآءٌ [He (i. e. his عَرْش) was in clouds, or lofty clouds, &c., beneath which was a vacuity, and above which was a vacuity]: or, accord. to one relation, ↓ كَانَ فِى عَمًى [meaning He was in a vacuity] i. e. there was not with Him anything: or, as some say, it means anything that the intellectual faculties cannot perceive, and to the definition of which the describer cannot attain. (TA.) b2: See also عَمَآءَةٌ.

أَتَيْتُهُ صَكَّةَ عُمَىٍّ, (S,) or لَقِيتهُ صَكَّةَ عُمَىٍّ, and ↓ عُمْىٍ, which occurs in poetry, (K, TA,) in a case in which the metre requires it, a verse of Ru-beh, who uses it for عَمَىٍّ, (TA, [which shows, by citing that verse, that عَمًى, the reading in the CK, is wrong,]) and ↓ أَعْمَى, (K,) i. e. [I came to him, or I met him,] in the time of midday when the heat was vehement, (S,) or in the most vehement heat of midday in summer (K, and Lh and O and TA in art. صك) when the heat almost blinded by its vehemence; (Lh and O and TA in that art.;) a time in which the divinelyappointed prayer [of midday] is forbidden: it is said only in the hot season; because when a man goes forth at that time, he cannot fill his eyes with the light of the sun; or, as ISd says, because the gazelle seeks the covert when the heat is vehement, and his eye becomes weak by reason of the whiteness of the sun, and the bright shining thereof, and he is dazzled, so that he knocks against his covert, not seeing it: (TA:) عُمَىّ being an abbreviated dim. of أَعْمَى: (S:) or it is a name for the heat, (K, TA,) itself: (TA:) or the name of a certain man, (K, TA,) of [the tribe of] 'Adwán, who used to press forward with the pilgrims when the heat was vehement, as is related in the Nh, or (TA) who used to decide cases judicially in, or concerning, the pilgrimage, and he came among a company journeying upon their camels, (K, TA,) performing the religious visit called عُمْرَة, (TA,) and they alighted at a station in a hot day, whereupon he said, “Upon whomsoever shall come this hour, or time, of tomorrow while he is حَرَام [i. e. in the condition of one performing the acts of the حَجّ or of the عُمْرَة], (K, TA,) not having accomplished his عُمْرَة, (TA,) he shall remain حَرَام until [this time] next year: ” and they immediately sprang up, (K, TA,) hastening, (TA,) so that they arrived at the House [of God, at Mekkeh, in the time required,] from a distance of a journey of two nights, using exertion; (K, TA;) and this saying became a prov., as is related in the M: (TA:) or it was the name of a certain man, (S, K, TA,) of the Amalekites, (S, TA,) who made a sudden attack upon a people, and exterminated them; (S, K, TA;) and the time became called in relation to him. (S, TA.) [See also art. صك.]

عَمَآءَةٌ, (K, TA,) or ↓ عَمَآءٌ, (CK, and so in my MS. copy of the K,) and ↓ عَمَايَةٌ, and ↓ عَمِيَّةٌ, and ↓ عُمِيَّةٌ, (assumed tropical:) Error: and (assumed tropical:) persistence; or con-tention, or litigation, or wrangling; or persistence in contention or litigation or wrangling; syn. لَجَاجٌ; (K, TA;) in that which is false or vain or futile: (TA:) [or the last but one, or the last, signifies (assumed tropical:) ignorance; for] ↓ فِيهِمْ عَمِيَّتُهُمْ or ↓ عُمِيَّتُهُمْ (accord. to different copies of the S) means In them is their ignorance. (S.) [See also عِمِّيَّةٌ, and عِمِّيَّا.] b2: For the first (عَمَآءَةٌ), see also عَمَآءٌ.

عَمَايَةٌ A remaining portion of the darkness of night. (TA.) b2: [And Dimness of the eyes from tears: so, accord. to Freytag, in the Deewán of the Hudhalees.] b3: See also عَمَآءٌ. b4: And see عَمَآءَةٌ.

عَمِيَّةٌ: see عَمَآءَةٌ, in two places. b2: Also i. q. دعوة عميأء [i. e., app., ↓ دِعْوَةٌ عَمْيَآءُ, meaning (assumed tropical:) An obscure claim to relationship]. (TA.) عُمِيَّةٌ: see عَمَآءَةٌ, in two places.

عَمَّا is a compound of عَنْ and مَا.

تَرَكْنَاهُمْ عُمَّى, (S, K,) or تركناهم فى عُمَّى, (so in some copies of the S, [thus in one of my copies,]) (assumed tropical:) We left them at the point of death. (S, K.) b2: See also أَعْمَآءُ.

عِمِّيَّا, of the measure فِعِّيلَى, i. q. فِتْنَةٌ [i. e. (assumed tropical:) Trial, or probation; punishment; slaughter; civil war; conflict and faction, or sedition; &c.]. (Mz, 40th نوع.) [See also the next paragraph.]

b2: [In the TA, عمياء, evidently a mistranscription for عِمِّيَّا, is expl. as having the second of the meanings assigned above to عَمَآءَةٌ &c., i. e. (assumed tropical:) Persistence; or contention, &c.] b3: قَتِيلُ عِمِّيَّا, (Mz ubi suprà, and K,) [in the CK, erroneously, عَمِيَّا, and in the TA قُتِلَ عِمِّيَّا,] the latter word of the measure فِعِّيلَى, (Mz, TA,) like رِمِّيَّا, (K, TA, [in the CK like رَمِيَّا,]) and خِصِّيصَى, (TA,) means (assumed tropical:) A slain person whose slayer is not known. (Mz, K, TA.) The predicament of him who has been so slain is like that of the slain unintentionally; the bloodwit being obligatory in his case [on his عَاقِلَة, q. v. voce عَاقِلٌ]. (TA.) عِمِّيَّةٌ and عُمِّيَّةٌ, (K, TA,) of the measure فُعِّيلَةٌ from العَمَى, (TA,) Pride; or self-magnification: or error; or deviation from that which is right. (K, TA. [See also عَمَآءَةٌ, and عِمِّيَّا.]) Hence, in a trad., مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةِ عُِمِّيَّةٍ [Whoso has been slain under a banner of pride, &c.,] i. e. in فِتْنَة [meaning conflict and faction, or the like], or error, as in the fighting in the case of partisanship, and of erroneous opinions. (TA.) عَامٍ One who does not see his road, or way. (TA.) b2: عَامِيَةٌ, applied to a land (أَرْضٌ): see أَعْمَى. b3: Also, [thus applied,] Of which the traces are becoming [or become] effaced, or obliterated. (TA.) b4: See also أَعْمَآءٌ, in three places. b5: Applied to a woman, (TA,) عَامِيَةٌ signifies بَكَّآءَةٌ, (K, TA,) [a strange epithet,] meaning (assumed tropical:) Having very little milk. (TK.) A2: Applied to a man, عَامٍ signifies also رَامٍ [i. e. Casting, &c.]. (TA.) أَعْمَى (S, Msb, K) and ↓ عَمٍ (K [but see what follows]) Blind, (S, Msb, K,) of both eyes: (Msb, K, * TA:) fem. of the former عَمْيَآءُ: (Msb, K, TA:) and pl. [masc.] عُمْىٌ (S, Msb, K, TA, but not in the CK) and عُمْيَانٌ (Msb, K, TA, but not in the CK) and عُمَاةٌ, as though this last were pl. of عَامٍ; (K, TA, but not in the CK;) and the dual of its fem. is عَمْيَاوَانِ; and its pl. is عَمْيَاوَاتٌ: (TA:) the fem. of ↓ عَمٍ is عَمِيَةٌ, (S, K, TA, [in the CK عَمِيَّةٌ, which is a mistranscription, for it is]) of the measure فَعِلَةٌ, (S,) like فَرِحَةٌ, (TA,) and ↓ عَمْيَةٌ, (K, TA, but not in the CK,) which is [a contraction] like فَخْذٌ for فَخِذٌ: (TA:) and the pl. masc. is عَمُونَ. (S, TA.) b2: And [hence,] (assumed tropical:) Blind in respect of the mind: (K, TA:) [but more commonly] one says, ↓ هُوَ عَمٍ as meaning (tropical:) He is erring, or one who errs; and أَعْمَى القَلْبِ [meaning the same, or blind in respect of the mind]: (Msb:) or القَلْبِ ↓ رَجُلٌ عَمِى i. e. (assumed tropical:) An ignorant man [or a man blind in respect of the mind]; and اِمْرَأَةٌ عَمِيَةٌ عَنِ الصَّوَابِ [a woman ignorant of, or blind to, that which is right], and عَمِيَةُ القَلْبِ [like عَمِى القَلْبِ as applied to a man]. (S.) In the saying in the Kur [xvii. 74], وَمَنْ كَانَ فِى هٰذِهِ فَهُوَ فِى الْآخِرَةِ أَعْمَى, accord. to Er-Rághib, the former [اعمى] is a part. n. and the second is like it; (TA;) and the meaning is, And whoso is in this state of existence blind in respect of the mind, not seeing his right course, he will be in the other blind with respect to the way of safety: (Bd:) or, as some say, the second is what is termed أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ, the complement of which is expressed by means of مِنْ, [meaning more blind &c.,] and therefore AA and Yaakoob did not pronounce it with الإِمَالَة, as not being like the first, (Bd, TA, *) which is subject to الامالة because its ا [written ى] becomes [really]

ى in the dual: but Hamzeh and Ks and Aboo-Bekr pronounced both with الامالة. (Bd.) b3: الأَعْمَيَانِ means (assumed tropical:) The torrent and the fire of a burning house or the like; (K, TA;) because of the perplexity that befalls him whom they befall; or because, when they occur, they spare not a place, nor avoid anything; like the أَعْمَى [or blind], who knows not where he is travelling, so that he goes whither his leg conveys him: (TA:) or the torrent and the night: (K:) or the torrent, (S, K) or the tumultuous torrent, (TA,) and the camel excited by lust. (S, K, TA.) b4: And الأَمْرُ الأَعْمَى (assumed tropical:) The case [such as that] of partisanship (العَصَبِيَّة) whereof the manner of proceeding is not distinguishable. (TA.) b5: And أَرْضٌ عَمْيَآءُ and ↓ عَامِيَةٌ, and مَكَانٌ أَعْمَى, (assumed tropical:) A land, and a place, in which one will not, or cannot, be directed to his right course. (TA.) b6: See also صَكَّةَ عُمَىٍّ: b7: and see عَمِيَّةٌ.

أَعْمَآءٌ Tracts of land in which is no sign of the way, (S, K,) nor any habitation or cultivation, (K,) or nor any trace of habitation or cultivation; (S;) and ↓ مَعَامٍ signifies the same; (S, K;) this latter being a pl. of which the sing., said by ISd to be unknown to him, should by rule be معمية [app. مُعْمِيَةٌ], but it is ↓ عُمَّى, deviating from rule; (TA;) or it means مَجَاهِلُ, and its sing. is معماة [i. e. ↓ مَعْمَاةٌ] signifying a place of erring, or wandering from the right way: (Har p. 85:) in the K, أَعْمَآءٌ is also expl. as signifying جُهَّالٌ [pl. of جَاهِلٌ], and is said to be [in this sense] pl. of أَعْمَى: but this is a double mistake, for it signifies مَجَاهِلُ, [like as مَعَامٍ is said to do above,] and its sing. is عمى [app. ↓ عَمًى]. (TA.) In the phrase ↓ أَعْمَآءُ عَامِيَةٌ, [in the CK, erroneously, عامِيَّةٌ,] the latter word is added to give intensiveness to the meaning; i. e., it signifies [Tracts in which is no sign of the way, &c.,] in the utmost degree obscure or dubious: thus it is in the following verse: (TA:) Ru-beh says, أَعْمَاؤُهُ ↓ وَبَلَدٍ عَامِيَةٍ

كَأَنَّ لَوْنَ أَرْضِهِ سَمَاؤُهُ [And many a desert, or waterless desert, whereof the tracts in which is no sign of the way are in the utmost degree obscure or dubious, as though the colour of its ground were like that of its sky]: (S, TA:) he means وَرُبَّ بَلَدٍ. (S.) b2: Also Tall; applied to men: (IAar, K:) pl. of ↓ عَامٍ, like as أَنْصَارٌ is of نَاصِرٌ. (IAar, TA.) أَعْمَوِىٌّ Of, or relating to, such as is termed أَعْمَى [q. v.]. (S, TA.) مَعْمَاةٌ; and the pl. مَعَامٍ: see أَعْمَآءٌ.

مُعَمًّى (assumed tropical:) A verse [or a saying] of which the meaning is made unapparent, obscure, or covert. (S, TA.) المُعْتَمِى The lion. (K.)

شَرَوْا

{شَرَوْا}
وسأله نافع عن معنى قوله تعالى: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ}
قال: باعوا نصيبهم من الآخرة بطمع يسير من الدنيا. . .

أما سمعت قول الشاعر:
يُعْطَى بها ثمنا فيمنعها. . . ويقول صاحبها ألا تَستِرى
(تق) والمسألة في (ك، ط) : {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} وليس الشاهد لها. = الكلمة من آية البقرة 102 في السَّحْر:
{وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}
وأما الكلمة في (ك) فمن آية البقرة 90 في بني إسرائيل:
{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ}
الكلمتان: شروا، واشتروا في الآيتين، ونظائرهما، بمعنى باعوا عند أهل التأويل. وشرى واشترى عند علماء اللغة في الأضداد: بمعنى باع وبمعنى اشترى: أوردهما الأصكعي في: (باع) للمشتري والبائع، وفي (شراه) : ملَكه بالبيع، وأيضاً باعه (الأضداد) وفي (باع) قال أبو حاتم السجستاني في الأضداد: يقال بعت الشيء وأخذت ثمنه، وبعض العرب يقول: بعت الشيء أي اشتريته.. وقالوا اشتريت الشيء وأعطيت ثمنه، وقد يقال اشتريت الشيء إذا بعته. وبعتهُ أوضح في الوجهين، وفي القرآن {الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ} أي يبيعون. و {مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ} يبيعها. ومن شواهده لشرى بمعنى البيع بيت "المسيب ابن علس" وبمعنى الشراء قول "طرفة" - في معلقته:
ويأتيك بالأخبار من لم تبع له. . . بتاتا ولم تضرب له وقت موعدِ
وأورده ابن الأنباري كذلك في: اشتريت، وفي بعت، وأنشد فيه بيت المسيب (الأضداد) وابنُ السكيت في شرى، وباع، من كتابه (الأضداد.)
وقال ابن قتيبة في باب المقلوب من (مشكل إعراب القرآن) : يقال للمشتري شارٍ، وللبائع شارٍ، لأن كل واحد منهما اشترى، فكذلك قولهم لكل واحد منهما: بائع، لأنه باع وأخذ عوضاً مما دفع فهو شارٍ وبائع. وقال الله - عز وجل -:
{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ}
وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة، آية البقرة 102 أي باعوا به أنفسهم. وقال ابن مفرغ الحميري:
وشرَيْت بُرْداً ليتني. . . من بعد برد كنت هامه
أي بعُته. وبرد غلام له كان باعه.
وفي آية البقرة 90: في معاني تالقرآن للفراء: معناه والله أعلم، بئس ما باعوا به أنفسهم. . . وللعرب في شروا واشتروا مذهبان، فالأكثر منهما أن شروا: باعوا، واشتروا: ابتاعوا. وربما جعلوهما باعوا، وكذلك البيع يقال: بعت الثوب على معنى أخرجته من يدي. وبعته اشتريته، وهذه اللغة في تميم وربيعة، سمعت أبا ثروان - العُكلى - يقول لرجل: بع لي تمرا بدرهم، يريد: اشترلى. وأنشدني بعض ربيعة - لطرفة، من معلقته:
ويأتيكَ بالخبار من لم تَبِعْ له. . . بتاتاً، ولم تضرب له وقت موعد
على معنى: لم تشتر له بتاتا. قال الفراء: والبتاتُ والزادُ".
وكون ذلك من اختلاف اللغات، أقرب من القول بالضدية. على أن "ابن فارس" في (المقاييس) ردَّ (شرى) في الشراء والبيع، إلى أصل "المماثلة: أخذاً وإعطاءً: شريت الشيء واشتريته، إذا أخذته من صاحبه بثمنه. وربما قالوا: شريت، إذا بعت، قال تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} .
والمماثلة ليست متعينة فيما يؤخذ ويعطى، بيعا وشراء، إلا أن يعني بها المبادلة، فيقرب. وذهب الزمخشري إلى أن: من المجاز {اشْتَرَوُا الضَّــلَالَةَ بِالْهُدَى} : استبدلوه {يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ} - الأساس
والقاعدة في الاستبدال، أن الباء تدخل على المتروك: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} ؟ ولم يطرد دخولها على المبيع المتروك، في: شرى، واشترى، كما يتضح بعدُ، بالاستقراء.
ولم يفرق "ابن الأثير" بين شرى، واشترى، وباع، قال في حديث الزبير لأبنه عبد الله، - رضي الله عنهما - "والله لا اشرى عملى بشيء من الدنيا": لا أشرى أي لا أبيع. يقال: شرى، بمعنى باع، واشترى (النهاية) .
والوجه عند "الراغب" أن: الشراء والبيع يتلازمان، فالمشترى دافع الثمن وآخذ المثُمَّن، والبائع دافع المُثَمَّن وآخذه الثمن، هذا إذا كانت المبايعة والمشاراة بيع سلعة بسلعة فصح أن يتصورَّ كل واحد منهما مشتريا وبائعا. ومن هذا الوجه صار لفظ البيع والشراء يستعمل كل واحد منهما في موضع الآخر. وشَريِتُ بمعنى بِعتُ أكثر، وابتعت بمعنى اشتريت أكثر, قال الله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} أي باعوه، وكذلك قوله {يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ} . ويجوز الشراء والاشتراء في كل ما يحصل به شيء - وليس سلعة - نحو {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} . . . وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} فقد ذكر ما اشترى به وهو قوله: {يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ} الآية. . . ويسمى الخوارج بالشراة متأولين فيه بقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} فمعنى يشري، يبيع. (المفردات: شرى) . . .
ما أضيفه إلى المسألة، مما هدى إليه الأستقراء، هو أن (شرى) الثلاثي لم تأت في القرآن - ولا في شواهدهم - إلا بمعنى باع، ودخلت الباء على المشتَرَى المطلوب، لا على المبيع المتروك. يطرد ذلك في آياتها الأربع:
البقرة 102: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}
البقرة 207: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}
النساء 74: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ}
يوسف 20: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ}
وأما اشترى، فجاءت احدى وعشرين مرة، فعلاً ماضيا ومضارعا، للواحد وللجماعة، يفيد سياقها في تسعة عشر موضعا أنها بمعنى الشراء، والباء فيها دخلت على المبيع المتروك، مثل:
البقرة 16: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّــلَالَةَ بِالْهُدَى}
البقرة 86: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ}
البقرة 175: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّــلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ}
التوبة 9: {اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} ونظائرها.
وفي آيتين، دخلت الباء على الثمن المبذول المأخوذ، لا على المبيع المتروك المنبوذ، فأفادت اشترى معنى باع: البقرة 90 في الكافرين من أهل الكتاب جاءهم كتاب القرآن من عند الله مصدقاً لما معهم فكفروا به: {فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} أي: باعوا انفسهم.
والتوبة 111: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} وهم هنا بائعون، باعوا أنفسهم لله تعالى، بصريح نص الآية:
{فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
صدق الله العظيم

شرى

شرى: {شروا}: باعوا. {يشري}: يبيع.
(شرى) : شَرَّيتُ الَّلحْمَ، والثَّوْبَ، والأَقِطَ، مثل شَرَّرْتُها، وشَرَرْتُها، وأَشْرَرْتُها.
شرى وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث سعيد بْن الْمسيب أَنه قَالَ لرجل: انْزِلْ أشراء الْحرم. قَالَ: الأشراء النواحي وَالْوَاحد شَرًى مَقْصُور وَهِي النَّاحِيَة قَالَ الْقطَامِي: (الْكَامِل)

لُعِنَ الكواعبُ بعدَ يَوْم وصَلْتَني ... بشَرَى الفراتِ وَبعد يومِ الجوسَقِ
ش ر ى: (الشِّرَاءُ) يُمَدُّ وَيُقْصَرُ وَقَدْ (شَرَى) الشَّيْءَ يَشْرِيهِ (شِرًى) وَ (شِرَاءً) إِذَا بَاعَهُ وَإِذَا (اشْتَرَاهُ) أَيْضًا وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} [البقرة: 207] أَيْ يَبِيعُهَا. وَقَالَ تَعَالَى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 20] أَيْ بَاعُوهُ. وَيُجْمَعُ (الشِّرَى) عَلَى (أَشْرِيَةٍ) وَهُوَ شَاذٌّ لِأَنَّ فِعَلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفْعِلَةٍ. وَ (شَرِيَ) جِلْدُهُ مِنْ بَابِ صَدِيَ مِنَ (الشَّرَى) وَهُوَ خُرَاجٌ صِغَارٌ لَهَا لَذْعٌ شَدِيدٌ فَهُوَ (شَرٍ) عَلَى فَعِلٍ. وَ (الشَّرْيَانُ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِهَا وَاحِدُ (الشَّرَايِينِ) وَهِيَ الْعُرُوقُ النَّابِضَةُ وَمَنْبَتُهَا مِنَ الْقَلْبِ وَالْمُشْتَرِي نَجْمٌ. 
شرى خطط ثرى [قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ -] : وَبَعض النَّاس يذهب بالرمانتين إِلَى أَنَّهُمَا الثديان وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعه. قَالَت: فطلقني ونكحها ونكحت بعده رجلا سريا ركب شريا يَعْنِي الْفرس أَنه يستشري فِي عَدْوِهْ [يَعْنِي أَنه يلج -] ويمضي فِيهِ بِلَا فتور وَلَا انكسار وَمن هَذَا قيل للرجل إِذا لجّ فِي الْأَمر: قد شَرى فِيهِ واستشرى فِيهِ. وَقَوْلها: أَخذ خطّيا تَعْنِي الرمْح سمى خطّيا لِأَنَّهُ يَأْتِي من بِلَاد وَهِي نَاحيَة الْبَحْرين يُقَال لَهَا: الْخط فتنسب الرماح إِلَيْهَا وَإِنَّمَا أصل الرماح من الْهِنْد وَلكنهَا تحمل إِلَى الْخط فِي الْبَحْر ثمَّ تفرق مِنْهَا فِي الْبِلَاد. وَقَوْلها: نعما ثريا تَعْنِي الْإِبِل والثري: الْكثير من المَال وَغَيره [و -] قَالَ الْكسَائي: يُقَال: قد ثرى بَنو فلَان بني بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
شرى: استشرى: ((بعث إلى الأندلس برسم شراء العدد وآلات الحروب فاسْتُشري منها كثيرٌ (هولال 14))).
شرىَ وجمعها أشراء: بثور. طفر. شرى. (بوشر).
شرىً (وجمعها أشرية): عقد. تعاقد (معجم البلاذري).
شراءٌ: عقدٌ شراؤه عليه ثلاثة آلاف دينار (أي كلفه مقدار كذا) (أخبار 122). عقدٌ شراؤه على والدي مائة ألف دينار (برسل - ألف ليلة 7، 202) وفي طبعة ماكنة: ثمنه على والدي.
شروة: قنية. شروى. مشترى. (بوشر) شروة: نوع من أنواع الأراذي التي لا تفرض عليها الضرائب بحسب عدد الأفدنة بل يفرض على أهل القرية كلها دفع مبلغ معين من المال (وصف مصر 11: 492).
شِريان: (بكسر الشين) وجمعها شريانات العرق النابض (مقدمة ابن خلدون 1: 188) والجمع نفسه لدى فوك الذي يكتبها شُريان.
شريانّي: عرقي (بوشر).
شِراية: شروة (بوشر).
شَرَّاء: عميل (وكيل بالعمولة). وسيط. (بوشر).
شار: مبتاع وجمعه لدى (بوشر) شُرّا.
مشتر: المشتري نجم من السيارات في الفلك السادس (عباد).
مشتر: في الكيمياء: القصدير (عباد 1: 88).
مُشترَى: المبلغ الذي يجب دفعه ثمنا لشراء الشيء الفلاني (ألف ليلة 11: 89) وفيها: سمعت أن مشتراها عليك ألف دينار.
شرى وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث شُرَيْح أَنه قضى فِي رجل نزع فِي قَوس رجل فَكَسرهَا فَقَالَ لَهُ شَرْوَاها. قَالَ الْكسَائي أَو غَيره شَرْواها: مثلَها وشَرْوَى كل شَيْء مثله

بن [قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَا أرى أصل هَذَا إِلَّا مأخوذا من الشِّرَى يَقُول: عَلَيْهِ مَا يَشْتَرِي بِهِ مثل الَّذِي كسر أَو عَلَيْهِ مثل الَّذِي كسر وَهَذَا قَول لَا يَقُول بِهِ من يَقُول بِالرَّأْيِ فقد جَامع حَدِيث شُرَيْح هَذَا حَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ تَقْوِيَة لَهُ: أَنه كَانَ عِنْد امْرَأَة من نِسَائِهِ فَأَهْدَتْ إِلَيْهِ امْرَأَة من أَزوَاجه قَصْعَة فِيهَا ثريد فكسرتها قَالَ فَقَالَ رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم: غارت أمكُم ثمَّ انْتظر حَتَّى جَاءَت قَصْعَة صَحِيحَة فَبعث بهَا إِلَى صَاحبه الْقَصعَة الْمَكْسُورَة قَالَ سَمِعت يزِيد يحدثه عَن حميد عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -] .

حَدِيث الرّبيع خثيم [رَحمَه الله -]
(شرى) - في حديث ابنِ عمر رضي الله عنهما: "أنه جَمَع بَنِيه حينَ أَشْرَى أَهلُ المدينةِ مع ابن الزُّبَير رضي الله عنهما"
: أي صاروا كالشُّراةِ في الخُروج من طاعَةِ السُّلْطان، وإنما لزم الخَوارِجَ هذا اللقب لأنهم زعموا أنهم شَرَوْا دنياهم بالآخرة: أي باعوها، فهم شُراةٌ جمع شَارٍ. قيل: ويجوز أن يكون من المُشَارَاةِ: المُلَاجَّة.
وأَشْرَيت بينهم: أَغْريتُ، وكذا أَشْرَيتهُ به، وأَشرَيْت الحوضَ والجَفْنَةَ: مَلأتهما.
- وفي حديث سَعيد بن المُسيَّب: "انْزِل أَشراءَ الحَرَم". : أي نَواحِيَه، الواحد: شَرًى. ومنه أُسودُ الشَّرَى، يُرادُ جانب الفُراتِ وهو مَأسَدة
- وفي حديث أنس رضيِ الله عنه في تفسير قوله تعالى: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} .
قال: الشَّرْيان، كذا جاء، وإنما هو الشَرْىُ وهو الحَنْظل. وقيل: وَرَقُه. الواحدة: شَرْيَة. وقيل: الشَّرْى في غير هذا نَبْت البِطِّيخ وما أَشْبَهَه في النَّبتَه. والشَّرْيَة: النَّخلة تنبت من النَّواة. وأما الشَّرْيانُ : فشَجَر تُعملُ منه القِسِىّ، الواحدة: شَرْيَانة، والشِّريان بالكَسْر من عُروقِ البَدَن التي لا تَبْقَى النّفسُ بقَطْعِها، ولا أَحسَبُه عَربيًّا.
- في الحديث: "لا تُشارِ أَخَاك".
من المُشاراة، وهي اللَّجَاجَةُ، واستَشْرَى الفَرسُ في عَدْوِه
شرى
الشِّرَاءُ والبيع يتلازمان، فَالْمُشْتَرِي دافع الثّمن، وآخذ المثمن، والبائع دافع المثمن، وآخذ الثّمن. هذا إذا كانت المبايعة والْمُشَارَاةُ بناضّ وسلعة، فأمّا إذا كانت بيع سلعة بسلعة صحّ أن يتصور كلّ واحد منهما مُشْتَرِياً وبائعا، ومن هذا الوجه صار لفظ البيع والشّراء يستعمل كلّ واحد منهما في موضع الآخر. وشَرَيْتُ بمعنى بعت أكثر، وابتعت بمعنى اشْتَرَيْتُ أكثر، قال الله تعالى: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ
[يوسف/ 20] ، أي: باعوه، وكذلك قوله:
يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ
[النساء/ 74] ، وتجوّز بالشّراء والاشتراء في كلّ ما يحصل به شيء، نحو: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ
[آل عمران/ 77] ، لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ [آل عمران/ 199] ، اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا [البقرة/ 86] ، أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّــلالَةَ بِالْهُدى [البقرة/ 16] ، وقوله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
[التوبة/ 111] ، فقد ذكر ما اشتري به، وهو قوله: يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ [التوبة/ 111] .
ويسمّى الخوارج بِالشُّرَاةِ متأوّلين فيه قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ [البقرة/ 207] ، فمعنى «يَشْرِي» :
يبيع، فصار ذلك كقوله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى 
الآية [التوبة/ 111] .
[شرى] الشِراءُ يمدّ ويقصر. يقال منه: شريت الشئ أشريه شراء، إذا بعته وإذا اشتريته أيضاً وهو من الأضداد، قال الله تعالى: (ومِن الناس مَنْ يَشْرِي نفسَه ابتغاءَ مَرضاةِ الله) أي يبيعها. وقال تعالى: (وشَرَوْهُ بثمنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعدودة) أي باعوه. وقوله تعالى: (اشتروا الضــلالة بالهدى) أصله اشتريوا، فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان الياء والواو، فحذفت الياء وحركت الواو بحركتها لما استقبلها ساكن. ويجمع الشِرا على أَشْرِيَةٍ، وهو شاذٌّ لأن فِعَلاً لا يجمع على أَفْعِلَةٍ. والشَرْيُ بالتسكين: الحنظل. ويقال: لفلانٍ طعمان: أَرْيٌ وشَرْيٌ. والشرى أيضا: شجر الحنظل. قال الهذلى : على حت البراية زمرى ال‍ * سواعد ظل في شرى طوال الواحدة شَرْيَةٌ. والشَرْيَة: النخلة تنبُت من النواة. والشَرْيُ أيضاً: رُذالُ المال، مثل شواه. وشرى البرق بالكسر يشرى شرى، (*) إذا كثر لمعانه. وقال: صاح ترى البرق لم يغتمض * يموت فُواقاً ويَشْرى فُواقا ومنه قولهم: شَرِيَ زمامُ الناقة، إذا كثر اضطرابه. وشرى لفرس أيضا في سيره واسْتَشْرَى، أي لَجَّ في سَنَنِهِ، فهو فرسٌ شَرِيٌّ على فعيل. وشَرِيَ الرجل واسْتَشْرى، إذا لَجّ في الأمر. وشري جلده أيضاً من الشرى، وهي خراج صغار لها لذع شديد. والرجل شر على فلل. وشَرِيَ فلانٌ غضَباً، إذا استطار غضبا. والشرى: طريق في سلمى كثير الاسد. وأشراء الحرم: نواحيه، الواحد شَرّى مقصور. قال الشاعر : لُعِنَ الكواعبُ بعد يومِ وصَلْنَني * بِشرى الفُراتِ وبعد يوم الجَوسَقِ أبو عمرو: أَشْرَيْتُ الحوض وأَشْرَيْتُ الجَفْنَةَ، إذا ملاتهما. والشريان والشريان، بالفتح والكسر: شجر يتخذ منه القسى. والشريان: واحد الشَرايِيِن، وهي العروق النابضة، ومنبِتها من القلب. وشروى الشئ: مثله. وشرورى: اسم جبل، وهو فعو عل. والشراة: الخوارج، الواحد شار، سموا بذلك لقولهم: إنا شرينا أنفسنا في طاعة الله، أي بعناها بالجنة حين فارقنا الائمة الجائرة. يقال منه: قد تشرى الرجل. والمشترى: نجم.
[شرى] نه: في ح السائب: كان النبي صلى الله عليه وسلم شريكي فكان خير شريك "لا يشاري" ولا يماري ولا يداري، المشاراة الملاجة، وشرى واستشرى لج في الأمر، وقيل: من الشر، أي لا يشاوره فقلبت إحدى الراءين ياء. ومنه ح: "لا تشار" أخاك - في رواية. ومنه ح المبعث "فشرى" الأمر بينه وبين الكفار حين سب ألهتهم، أي عظم وتفاقم ولجوا فيه. وح: حتى "شرى" أمرهما. وح: ركب "شريًا" أي فرسًا يستشري في سيره، أي يلج ويجد، وقيل: الشرى الفائق الخيار. وح صفة الصديق: "استشرى" في دينه، أي جد وقوي وأهتم به، وقيل: من شرى البرق استشرى إذا تتابع لمعانه. وفي ح الزبير: لا "أشري" عملي بشيء وللدنيا أهون علي من منحة ساحة، أي لا أبيع، شرى بمعنى باع واشترى. وح ابن عمر: جمع بنيه حين "أشرى" أهل المدينة مع ابن الزبير وخلعوا بيعه تزيد، أي صاروا كالشراة في فعلهم وهم الخوارج ولقبوا به لزعمهم أنهم شروا دنياهم بالآخرة أي باعوها، وهو جمع شار، ويجوز كونه من المشاراة الملاحة. وفي قوله (ومثل كلمة خبيثة كشجرة) هو "الشريان" هو والشرى الحنظل أو ورقه - قولان، جمع شرية، وأما الشريان بالكسر والفتح فشجر يعمل منه القسى. ومن الأول ثم أشرفت عليها وهى "شرية" واحدة، أراد أن الأرض اخضرت بالنبات فكأنها حنظلة واحدة، والروايةة - بموحدة. وفيه: أنزل "أشراء" الحرم، أي نواحيه وجوانبه، جمع شرى. و"الشراة" بفتح شين جبل وصقع قرب دمشق يسكنه على بن عبد الله وأولاده إلى أن أتتهم الخلافة. وفيه: فلا يأخذ إلا تلك السن من "شروى" إبله، أي مثل إبله هذا شروى هذا أي مثله. ومنه ح: ادفعوا "شرواها" من الغنم. وقضاء شريح فيمن نزع في قوس رجل فكسرها "بشرواها"، وكان يضمن القصار "شروى" ثوب أهلكه. وح النخعى قوله "الشروى" أي المثل فيمن يبيع ويشترط الخلاص. ك: "اشترى" دابة وهو عليه، أي البائع راكب عليه لا المشتري وفيه ح: "اشتروا" أنفسكم يا بني عبد مناف! العبد مشتري نفسه باعتبار تخليصه من العذاب وبائع باعتبار تحصيل الثواب فإن الله اشترى أنفسهم. ز "اشتروا" بضم راء. بى: أي بيعوها. وح: فقال الذي "شرى" الأرض، وروي: اشترى، وهما بمعنى باع. ك: إن كنت "اشتريتني" لله - قاله بلال حين توفي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أتحمل مقامه صلى الله عليه وسلم خاليًا عنه. ع: من "يشري" نفسه، ببيعها يبذلها في الجهاد. و"شراة" المال، خيارها.
شرى: شَرِيَ السَّحَابُ يَشْرِي شَرىً: إذا تَفَرَّقَ في وَجْهِ الغَيْمِ، وكذلك البَرْقُ إذا اسْتَطَارَ. ويُقال شَرِيَ البَرْقُ وأشْرى: كَثُرَ لَمَعانُه. وشَرِيَ واشْرَوْرى: اضْطَرَبَ. وشَرِيَ جِلْدَه شَرىً. وتَشَرّى القَوْمُ: تَفَرَّقُوا. وشَرِيَ غَضَباً: اسْتَشَاطَ. وشَرّيْتُ اللَّحْمَ: بمعنى شَرَرْتُه أي قَطَّعْتُه أشَارِيْرَ. وشَرى الرَّجُلُ البَيْعَ شِرىً. واشْتَرَى اشْتِرَاءً: ابْتَاعَ. وعَبْدٌ شَرِيٌّ: أي مَشْتَرىً. وشَرى فلانٌ نَفْسَه شِرىً: إذا باعَ نَفْسَه للهِ عَزَّ وجَلَّ. ويُقال: جَدَعَهُ وشَرَاهُ: إذا سَخِرَ به. وفي المَثَلِ: " مَنِ اشْتَرَى اشْتَوى " أي شَوى اللَّحْمَ. والشَّرِيُّ في حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ: الفَرَسُ يَسْتَشْري في سَيْرِه ويَلَجُّ. والشُّرَاةُ: الخَاورِجُ. والحُشَارَاةُ: المُلاَجَّةُ. واسْتَشْرى: أي لَجَّ. واسْتَشْرَتِ الأُمُورُ بَيْنَهم: عَظُمَتْ. وأشْرَتِ البَعَيْرَ الثُّقْبَةُ: أي مَلأْتُهُ. وكُلُّ جُرْحٍ يَزْدَادُ فَساداً قُلْتَ: هُوَ يَشْرى. واسْتَشْرى البَعِيرُ عَرّاً: امْتَلأَ جَسَدُه كُلُّه منه. وأشْرى الحَمْلُ: إذا تَفَلَّقَتْ عَقِيْقَتُه؛ فهو مُشْرٍ. والشَّرى: داءٌ يَاْخُذُ في الجِلْدِ أحْمَرُ كهَيْئَةِ الدِّرْهَمِ، والفِعْلُ: شَرِيَ الرَّجُلُ، وشَرِيَ جِلْدُه شَرىً؛ وهو شَرٍ. وقال أعْرابِيٌّ لاخَرَ: ما تَصْنَعُ؟ فقال: ماكَتَّكَ وشَرَاكَ، وهو من شَرى الجِلْدِ. والشَّرْيُ: شَجَرُ الحَنْظَلِ، وجَمْعُه شَرِيٌّ، وكذلك الشَّرْيَانُ والشِّرْيَانُ. والشَّرْيَا، ُ: من شَجَرِ القِسِيِّ. وأشْرَيْتُ الحَوْضَ إشرَاءٌ: إذا مَلأْته. وأشْرَيْتُ بَيْنَ القَوْمِ وأغْرَيْتُ: واحِدٌ. وأشْرَيْتُه فَشَرِيَ. وهما [242أ] يَتَشَارَبَانِ في الغَضَبِ: إذا تَتَابَعا. وشَرِيَ الشَرُّ بَيْنَهم. وما أوْقَعَ الشَّروى بَيْنَهم إلاّ فلانٌ: أي الشَّرَّ. وشَرِيَ زِمَامُ النّاقَةِ شَرىً: كَثُرَ اضْطِرَابُه. وشَرِيَ البَعِيرُ شَرىً: إذا كانَ سَرِيْعَ المَشْيِ. وناقَةٌ مُشَارِيةٌ: فيها حِدَّةٌ. وفلانٌ على شرية واحدة أي طريقة واحدة وهو من شريته أي طبيعته وتزوج في شَرِيَّةِ نِسَاءٍ: إذا تَزوَّجَ في نِسَاءٍ يَلِدْنَ الإِناثَ. وشَرَايا النِّسَاءِ: سَرَياها. واشْتَرَاه واسْتَرَاه: اخْتَارَه.

شر

ى1 شَرَاهُ, (S, Mgh, Msb, K, &c.,) aor. ـِ (S, Msb, K,) inf. n. شِرًى (S, Mgh, Msb, TA) and شِرَآءٌ, (S, * Mgh, Msb, * TA,) the former inf. n. the more in repute, (Msb, TA,) and this is of the dial. of Nejd, the latter being of the dial. of El-Hijáz, or the latter may be said to be with medd for the purpose of assimilating it to a preceding word, accord. to El-Munádee, or it may be regarded as an inf. n. of شَارَاهُ, (TA,) i. q. بَاعَهُ [in the sense in which this is generally used, i. e. He sold it]; (S, Mgh, K;) he gave it for a price: (Msb:) and i. q. ↓ اِشْتَرَاهُ [in the sense in which this is generally used, i. e. he bought it]; (S, Mgh;) i. e. شَرَاهُ signifies also he took it, or acquired it, for a price: (Msb:) or this and ↓ اشتراه both signify بَاعَهُ [as meaning he sold it]; (T, * K, TA;) but the former is more used than the latter in this sense: (T, TA:) and both signify also [he bought it; i. e.] he possessed it by sale; (K;) which is the more usual meaning of the latter: (T, TA:) thus the former has two contr. meanings, (S, Msb, K,) and the latter also: (K:) for the two persons selling and buying sell and buy the price and the thing upon which the price is put; so that each of the things given in exchange is sold in one point of view and bought in another. (Msb, TA.) It is said in the Kur [ii. 203], وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِى

نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاةِ اللّٰهِ i. e. [And of men is he] who sells [himself in the endeavour to obtain the approval of God]. (S, * TA.) And in the same, [xii. 20], وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ i. e. And they sold him [for a deficient, or an insufficient, price]. (S, TA.) And in the same [ii. 15], أُولَائِكَ الَّذِينَ الضَّــلَالَةَ بِالْهُدَى ↓ اشْتَرَوُا, originally اشْتَرَيُوا, (S,) [lit. Those are they who have purchased error with right direction,] meaning, (tropical:) who have taken الضــلالة in exchange for الهدى: (Ksh, Bd, Jel:) or (tropical:) who have preferred الضــلالة to الهدى: (Ksh, Bd:) [for] of any one who relinquishes a thing and lays hold upon another thing, one says اشتراه; (K, TA;) which is thus tropically used [as meaning (tropical:) he took it in exchange بِغَيْرِهِ by giving up another thing]; (TA;) and hence this saying in the Kurn. (K, TA.) b2: [Hence,] شَرَى بِنَفْسِهِ عَنِ القَوْمِ (tropical:) He advanced before the people, or party, (K, TA,) to their enemy, (TA,) and fought in defence of them: or (tropical:) he advanced to the Sultán, and spoke for the people: (K, TA:) [as though he sold himself for them; the ب in بنفسه being app. redundant:] or, as in the Tekmileh, شَرَى بِنَفْسِهِ إِلَى القَوْمِ (tropical:) he advanced to the people, or party, and fought them. (TA.) b3: And شَرَى

فُلَانًا, (K,) inf. n. شِرًى, (TA,) (assumed tropical:) He mocked at, scoffed at, laughed at, derided, or ridiculed, such a one: (K:) [and] so ↓ شَرَّاهُ. (TA voce جَدَّعَهُ [q. v.: thus there written, perhaps for the purpose of assimilating it to جَدَّعَهُ].) b4: And i. q. أَرْغَمَهُ (assumed tropical:) [He angered such a one; or did evil to him, and angered him]: (Lh, K, TA:) and so أَوْرَمَهُ, and غَطَاهُ [or perhaps عَظَاهُ, for both are expl. alike]: all said of God. (Lh, TA.) And فَعَلَ بِهِ مَا شَرَاهُ (assumed tropical:) He did to him that which occasioned evil to him; or that which displeased, grieved, or vexed, him; syn. سَآءَهُ. (TA.) And لَحَاهُ اللّٰهُ وَشَرَاهُ (assumed tropical:) [May God remove him far from good or prosperity, or curse him, and do evil to him, or displease or grieve or vex him]. (TA.) A2: شَرَى اللّٰهُ فُلَانًا, (K,) inf. n. شِرًى, (TA,) also signifies God smote him, or may God smite him, with the eruption termed شَرًى [q. v.]. (K, TA.) A3: and شَرَاهُ, (K,) aor. ـِ inf. n. شِرًى, (TA,) i. q. شَرَّرَهُ, (K, TA,) i. e. He spread it [to dry]; (TA;) [in copies of the K, in art. شر, written, in this sense, ↓ شَرَّاهُ;] namely, flesh-meat, and a garment, or piece of cloth, and [the preparation of curd called]

أَقِط. (K.) A4: شَرِىَ, aor. ـَ inf. n. شَرًى, (S, K,) said of lightning, (S, K, &c.,) It shone, or gleamed, much: (S:) or it shone, or gleamed, (K, TA,) and spread in the face of the clouds, or, as in the T, became dispersed in the face of the clouds: (TA:) and ↓ اشرى signifies the same; (K;) or it shone, or gleamed, consecutively: the latter verb mentioned by Sgh. (TA.) b2: and hence, (S,) said of the nose-rein of a camel, (S, TA,) It was, or became, in a state of commotion, (TA,) or, of much commotion. (S, TA.) [See also 12.]) b3: Also, (K,) aor. and inf. n. as above, (TA,) He (a man) was, or became, angry: (K, TA:) or he was, or became, flurried by reason of anger. (S, TA.) b4: And, said of evil, or mischief, It spread, بَيْنَهُمْ among them: (K, TA:) or became great, or formidable; and in like manner said of an affair, or event. (Nh, TA. [See also 10.]) b5: Also, and ↓ استشرى, He (a man, S) persisted, or persevered, (S, K,) in an affair, (S,) or in his error, and his corrupt conduct: and the former, said of a man, is like غَرِىَ in measure and meaning [i. e. he persisted, or persevered, in his anger]. (TA.) One says of a horse, شَرِىَ فِى

سَيْرِهِ, (S, K,) inf. n. as above, (TA,) He per-sisted, or persevered, in his pace, or going; as also ↓ استشرى: (S:) or he exceeded the usual bounds therein, (K, TA,) and went on without languor: (TA:) and فِى عَدْوِهِ ↓ استشرى he (i. e. a horse) persisted, or persevered, in his running: (Mgh:) and شَرِىَ فِى لِجَامِهِ he (a horse) strained his bridle. (A, TA.) And شَرِيَتْ عَيْنُهُ بِالدَّمْعِ His eye persisted, or persevered, in the shedding of tears, the tears pouring forth consecutively. (TA.) A5: And شَرِىَ, (S, K, TA,) aor. ـَ inf. n. شَرًى, (K, * TA,) He, (TA,) or his skin, broke out with the eruption termed شَرًى [q. v.]. (S, K, TA.) 2 شَرَّىَ see the preceding paragraph, in two places.3 شَارَاهُ, inf. n. مُشَارَاةٌ and شِرَآءٌ, i. q. بَايَعَهُ [as signifying He sold and bought with him: and he bartered, or exchanged commodities, with him: that شاراه has both of these meanings (like بايعه) is shown by the fact that مُشَارَاةٌ is also expl. in the TA, on the authority of Er-Rághib, as signifying the same as قِبَاضٌ]. (K.) b2: Also, (Mgh,) inf. n. مُشَارَاةٌ, (TA,) He persisted in contention, litigation, or wrangling: (Mgh:) one says, هُوَ يُشَارِيهِ (T, M, K) He persists in contention, litigation, or wrangling, with him: (M, TA:) or he contends in altercation, disputes, or litigates, with him; or does so vehemently, or obstinately; syn. يُجَادِلُهُ: (K, TA:) and it is said of the Prophet, in a trad., كَانَ لَا يُشَارِى وَلَا يُمَارِى [He used not to persist in contention, &c.]: (Mgh, TA:) meaning accord. to Th, بِالشَّرِّ ↓ كَانَ لَا يَسْتَشْرِى [he used not to persist, or persevere, with evil conduct]: (TA:) from اِسْتَشْرَى فِى عَدْوِهِ [expl. above (see 1 near the end)] as said of a horse: (Mgh:) or, accord. to Az, (TA,) originally يُشَارِرُ; one of the رs being changed into ى. (K, * TA. [See 3 in art. شر: and see also 3 in art. جرى.]) 4 اشرى, said of lightning: see 1, latter half. b2: Said of a camel, He sped, or went quickly. (IKtt, TA.) b3: اشرى بَيْنَهُمْ He excited discord, strife, or animosity, between them, or among them. (Az, K.) b4: اشرى الحَمَلُ (K accord. to the CK, [which, I think, evidently gives the right reading,] in the TA and in my MS. copy of the K الجمل,) i. q. تَفَلَّقَتْ عَقِيقَتُهُ [i. e. The lamb had its wool cleaving open, or becoming cleft]: (K: [Freytag, following the TK, and reading الحِمْلُ, explains the verb as said of fruit, and meaning “ diffissos habuit nucleos; ” but I cannot find any authority for the signification that he thus assigns to عَقيقة:]) mentioned by Sgh. (TA.) b5: اشرت الشَّجَرَةُ The plant [crept upon the ground, or] was like the cucumber and the melon; as also ↓ استشرت. (TA.) b6: See also 5.

A2: اشراهُ He filled it; (S, K;) namely, a watering-trough: and in like manner اشرى جَفْنَةً he filled a bowl, (S,) or جِفَانَهُ his bowls for the guests. (TA.) b2: And He made it to incline, (K, TA,) فِى نَاحِيَةِ كَذَا [in the direction of such a thing]. (TA.) Hence the saying of a poet, وَأَنَّنِى حَيْثُمَا يُشْرِى الهَوَى بَصَرِى

مِنْ حَوْثَمَا سَلَكُوا أَدْنُو فَأَنْظُورُ [And that I, wherever love makes my eye, or eyes, to incline, wherever they travel, approach and look: فانظور being for فَأَنْظُرُ]: or, as some relate it, أَثْنِى فَأَنْظُورُ [i. e. turn myself, or my eyes, and look]. (TA.) b3: [Also He put it in motion; namely, a bridle. (Freytag, from the Deewán of the Hudhalees.)]5 تشرّى It became scattered, or dispersed: (K:) accord. to the M, said in this sense of a company of men. (TA.) b2: Also, said of a man, (S,) or of a party, or company of men, (TA,) He, or they, became like the شُرَاة [pl. of شَارٍ q. v.] in his, or their, actions; (S, * TA;) and so ↓ اشرى. (IAth, TA.) 6 تَشَارَيَا They sued each other; or cited each other before a judge; syn. تَقَاضَيَا. (A, TA.) 8 إِشْتَرَىَ see the first paragraph, in three places.10 استشرى: see 1, latter part, in three places: and see 3. b2: Also He persisted, or persevered, in consideration, or examination. (TA.) b3: and استشرى فِى دِينِهِ He strove, or exerted himself, or was diligent, or studious, and was careful, or mindful, or regardful, in his religion. (TA.) b4: And استشرت الأُمُورُ بَيْنَهُمْ The affairs, or events, were, or became, great, or formidable, between them, or among them. (K, * TA. [See also شَرِىَ.]) b5: And see 4.12 اِشْرَوْرَى It was, or became, in a state of commotion. (K. [See also شَرِىَ.]) شَرْىٌ The colocynth: (S, K:) or it signifies, (K,) or signifies also, (S,) the plant thereof: (S, K:) n. un. with ة: (S:) and ↓ شَرْيَانٌ also signifies the colocynth; as a dial. var. of شَرْىٌ: or the leaves thereof. (TA.) One says, هُوَ أَحْلَى مِنَ الأَرْىِ وَأَمَرُّ مِنَ الشَّرْىِ [He, or it, is sweeter than honey and more bitter than colocynth]. (TA.) And فُلَانٌ لَهُ طَعْمَانِ أَرْىٌ وَشَرْىٌ [Such a one has two flavours, that of honey and that of colocynth]. (S, TA.) b2: And Any kind of plant that spreads upon the ground, running [or creeping] and extending; such as the melon and the cucumber. (AHn, O voce سُطَّاحٌ, q. v., and TA * in the present art.) b3: And Palm-trees that grow from the datestones: (K:) and with ة [as the n. un.] one of such palm-trees. (S.) b4: And, accord. to IJ, A kind of tree of which bows are made. (L voce حَتٌّ, q. v. [See also شِرْيَانٌ.]) A2: See also شَرًى.

A3: And see شَرْوَى.

شَرًى A road, (K, TA,) in a general sense. (TA.) And, (K,) with the article ال, [particularly] A road of Selmà, (S, K, TA,) the mountain so called, (TA,) abounding with lions: (S, K, TA:) whence they say of courageous men, مَا هُمْ

إِلَّا أُسُودُ الشَّرَى [They are no other than the lions of Esh-Sharà]. (TA.) b2: And i. q. نَاحِيَةٌ [as meaning An adjacent tract or region]; (S, K;) as also ↓ شَرَآءٌ: (K:) accord. to some, of the right hand: (TA:) pl. أَشْرَآءٌ. (S, K.) Hence, شَرَى

الفُرَاتِ The adjacent tract (نَاحِيَة) of the Euphrates: (TA:) and أَشْرَآءُ الحَرَمِ the adjacent tracts of the Sacred Territory; syn. نَوَاحِيهِ. (S.) b3: And A mountain. (K.) A2: Also The bad, or worse, or worst, of cattle: accord. to J, [in the S,] ↓ شَرْىٌ, [said in the S to be like شَوَى المَالِ,] which is [said to be] a mistake: (K:) but ElBedr El-Karáfee questions it being so: (TA:) and the good, or better, or best, thereof; as also ↓ شَرَاةٌ: thus having two contr. significations: (K:) and so says ISk: but ISd says that إِبِلٌ

↓ شَرَاةٌ, like سَرَاةٌ, means choice camels. (TA.) A3: And A certain eruption upon the body, resembling dirhems: (TA:) or small pimples or purulent pustules, having a burning property: (S:) or small pimples or purulent pustules, red, itching, and distressing, generally originating at once, (K, TA,) but sometimes gradually, (TA,) and becoming [more] severe by night in consequence of a hot vapour breaking forth at once upon the body: (K, TA:) thus in the “ Kánoon ” of Ibn-Seenà [or Avicenna]. (TA.) A4: ذُو الشَّرَى A certain idol of [the tribe of] Dows (دَوْس), (K, TA,) in the Saráh (السَّرَاة): so says Nasr. (TA.) شَرٍ Having the eruption termed شَرًى, described in the next preceding paragraph. (S, K.) شِرًى, (S, TA,) an inf. n. of شَرَى, aor. ـْ (TA,) [when used as a simple subst., signifying A sale and also a purchase,] has أَشْرِيَةٌ for its pl., which, as pl. of a sing. of the measure فِعَلٌ, is anomalous. (S, TA.) شَرَاةٌ: see شَرًى, in two places.

شَرَآءٌ: see شَرًى.

شَرِىٌّ Sold: and also bought: applied in this sense to a male slave; and شَرِيَّةٌ to a female slave. (Msb.) b2: Also A horse that persists, or perseveres, in his pace, or going: (S:) or that exceeds the usual bounds therein, (K, TA,) and goes on without languor: (TA:) or a choice horse: (A, TA:) or an excellent, choice horse. (TA.) شَرِيَّةٌ A way, course, mode, or manner, of acting or conduct or the like: and a nature; or a natural, a native, or an innate, disposition or temper or the like. (K.) A2: Also, of women, Such as bring forth females. (K.) One says, تَزَوَّجَ فِى شَرِيَّةِ نِسَآءٍ He married among women such as bring forth females. (TA.) شَرْوَى, in which the و is a substitute for ى, as it is in تَقْوَى and the like, (TA,) The like (S, K) of a thing: (S:) because a thing is sometimes bought with the like thereof: (TA:) [used alike as sing. and pl.: and, accord. to the TA, it seems that ↓ شَرْىٌ signifies the same.] It is said of Shureyh, كَانَ يُضَمِّنُ القَصَّارَ شَرْوَى الثَّوْبِ الَّذِى

أَهْلَكَهُ [He used to make the washer responsible for the like of the garment, or piece of cloth, that he destroyed]. (TA.) And it is said in a trad. of 'Omar, relating to the [collecting of the] poorrate, فَلَا يَأْخُذُ إِلَّا تِلْكَ السِّنَّ مِنْ شَرْوَى إِبِلِهِ [i. e. And he shall not take any save of that age, of the likes of his camels]. (TA.) شِرَوِىٌّ, in which the و is a substitute for ى, and ↓ شِرَائِىٌّ, [both signifying Of, or relating to, selling, and also of, or relating to, buying,] are rel. ns.; the former, of the inf. n. شِرًى; and the latter, of the inf. n. شِرَآءٌ. (Msb, TA.) شَرْيَانٌ see شَرْىٌ: b2: and see what next follows.

شِرْيَانٌ and ↓ شَرْيَانٌ, (S, K,) the former of which is the more in repute, (TA,) the former said to be quasi-quadriliteral, like جِرْيَالٌ, [and therefore mentioned also in the TA in art. شرن,] but held by IB to be of the measure فِعْلَانٌ, (TA in art. شرن,) A kind of tree, (S, K, TA,) of the عِضَاه [q. v.] of the mountains, (TA,) of which bows are made: (S, K, TA:) n. un. with ة: the tree thus called grows in the manner, and of the height and width, of the [species of lote-tree called] سِدْر, and has a yellow, sweet نَبِقَة [or drupe]: so says AHn: and he adds, Aboo-Ziyád says, bows are made of the شريان, and the bow made thereof is good, but black tinged with redness; its wood being of those woods of which good bows are [commonly] made; and they assert that it seldom, or never, becomes crooked: Mbr says that the نَبْع and شَوْحَط [q. v.] and شريان are one kind of tree, but differing in name and estimation according to the places of growth; such thereof as is upon the summit of the mountain being the نبع; and such as is at the base, or foot, or lowest or lower part, thereof, the شريان. (TA. [But see شَوْحَطٌ.]) b2: Also sing. of شَرَايِينُ signifying The arteries; i. e. the pulsing veins; (S, K;) which spring from the heart: (S:) but the anatomists assert that they spring from the liver, and pass by the heart. (TA.) b3: شِرْيَانٌ, with kesr, signifies also A crack, or fissure, [in a rock,] such as is termed ثَتٌّ. (Az, TA.) شِرَائِىٌّ: see شِرَوِىٌّ.

شَارٍ Selling, or a seller: (Mgh, TA:) and buying, or a buyer: as also ↓ مُشْتَرٍ [in both senses, but generally in the latter sense; whereas شَارٍ is generally used in the former sense]: (TA:) pl. of the former شُرَاةٌ. (Mgh.) b2: Also, (S, TA,) and ↓ شَارِىٌّ, in which latter the ى is not the ى of a rel. n. but is an affix corroborative of the epithet, as in the cases of أَحْوَرُ and أَحْوَرِىٌّ [or أَحْمَرُ and أَحْمَرِىٌّ] and صُلَّبٌ and صُلَّبِىٌّ, (TA,) One of the people to whom is applied the appellation الشُّرَاةُ, (S, TA,) which means the [heretics, or schismatics, commonly known by the name of] خَوَارِج [pl. of خَارِجِىٌّ, q. v.]: (S, M, Mgh, K, &c.:) so called because they said, We have sold ourselves in obedience to God, i. e., for Paradise, when we separated ourselves from the erring Imáms: (S:) or because they sold themselves for the sake of what they believed: or because they said, Verily God has purchased us and our possessions: (Mgh:) but ISk says, because of their vehement hatred of the Muslims: and the author of the K says that it is from شَرِىَ signifying “ he was angry,” and “ he persisted, or persevered; ” and he charges J with error in his explaining it as above, from their saying “ we have sold ourselves ” &c.; but this charge is senseless, for J has followed herein more than one of the leading authorities: the author of the K has followed ISd, who, however, adds, as to themselves, they say “ We are the شُرَاة ” because of the saying in the Kur ii. 203 [cited in the first paragraph of this art.], and the saying [in ix. 112] “ Verily God hath purchased, of the believers, themselves ”

[&c.]; and the like is said in the Nh, with this addition, that شُرَاةٌ is the pl. of شَارٍ; i. e., it is from شَرَى, aor. ـْ or it may be from المُشَارَاةُ meaning المُلَاجَّةُ: moreover, the part. n. of شَرِىَ is شَرٍ; and this has not شُرَاةٌ for its pl. (TA.) شَارِىٌّ: see the next preceding paragraph.

مُشْتَرٍ: see شَارٍ.

A2: المُشْتَرِى A certain star, (S, K,) well-known; (K;) [Jupiter;] one of the Seven Stars. (TA.) A3: And A certain bird. (K.)

ن

ن: النونُ من الحروف المَجْهورةِ، ومن الحُروف الذُّلقْ، والراءُ

واللامُ والنون في حَيِّز واحد.

ن: النون، في كتب الدروز، هو الناسوت .. أي (إنسانية الحاكم) الذي يختفي اللاهوت في أعماقه (دي ساسي كرست 2، 83، 9 ص247).

ن


نَ (a. pronominal pref. in the aorist 1st pers. pl. ), We.
b. ( pronominal suff. 3rd pers. pl. in the pret.
fem. ), They.
c. Imp. of
نَأَى

نَا
a. Us.
b. Our.
باب الثلاثي الصحيح من النون

قال الخليل: لم يبق للنّون من الكلام ما يجتمع منه ثلاثةُ أحرفٍ صِحاحٍ مستعملة.
مِن كتابِ القَامُوس وَهُوَ مِن الحُروفِ المَجْهورَةِ، ومِن حُروفِ الذُّلْقِ، وَهُوَ والرَّاءُ واللامُ فِي حَيِّزٍ واحِدٍ، وَقد تبدلُ مِن اللامِ والميمِ والهَمْزةِ.
ن alphabetical letter ن

The twenty-fifth letter of the alphabet; called

نُونٌ: it is one of the class termed ذَلْقِيَّةٌ [or liquids]; and is a letter of augmentation.

b2: نّ

with teshdeed, and preceded by a fat-hah, is sometimes redundantly affixed to a word at the end of a verse: see an ex. voce تَوٌّ.

b3: ن, the sign of the dual, with damm, in one dial., instead of kesr, see خَشِيفٌ.

b4: See also صَادٌ.

b5: As a numeral, it denotes fifty.
ن
1 [كلمة وظيفيَّة]: الحرف الخامس والعشرون من حروف الهجاء، وهو صوتٌ لثويّ، مجهور، ساكن أنفيّ، مُرقَّق. 

ن2 [كلمة وظيفيَّة]:
1 - حرف يكون علامة للرفع في الفعل المسند إلى ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة "تفهمان- تفهمون- تَفْهَمِين".
2 - حرف يكون في نهاية المثنّى أو جمع المذكّر السالم، وهو يقابل التنوين في المفرد، ويحذف عند الإضافة "مهندسان- مهندسون- مهندسو الطرق والكباري".
3 - حرف يلحق الفعلَ والحرف قبل ياء المتكلِّم، ويسمَّى (نون الوقاية) "أكرمني- إنّني- ليتني".
4 - حرف يكون في أوّل الفعل المضارع للدلالة على المتكلِّمين "نكتب".
5 - حرف يلحق الفعلَ لتوكيده، ويسمّى (نون التوكيد الخفيفة) وإذا ضُعِّف سُمِّي (نون التوكيد الثقيلة) " {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ} ".
6 - حرف يتّصل بالضمائر للدلالة على جماعة الإناث "كتابهنّ- قابلهنَّ- {وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ} ".
7 - ضمير رفع متَّصل يلحق الفعل للدلالة على جماعة الإناث، يُبنى على الفتح، ويسمَّى (نون النسوة) "كَتبْنَ- يكتبْنَ- اكتبْنَ". 

زِبالة

زِبالة
الجذر: ز ب ل

مثال: صُنْدُوق الزِّبالة
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لوجود خطأ في ضبط الزاي.

الصواب والرتبة: -صندوق الزُّبالة [فصيحة]
التعليق: ضبطت الكلمة بضم الزاي في المصباح «كنس» حيث قال: «والكُناسة بالضم ما يُكْنَس وهي الزُّبَالة». ويؤيد ضبطها بالضم اطّراد «فُعَالة» للدلالة على نفاية الشيء وبقاياه، وقد أقر مجمع اللغة المصري قياسية فُعالة للدلالة على بقايا الأشياء، (وانظر: قياسية فعالة للدلالة على بقايا الأشياء).

غَضْبَان

غَضْبَان
من (غ ض ب) الساخط الراغب في الإنتقام.
غَضْبَان
الجذر: غ ض ب

مثال: فلان غَضْبَان لرسوب ابنه
الرأي: مرفوضة
السبب: للخلط بين الصفة المشبهة «غضبان» واسم الفاعل «غاضب».

الصواب والرتبة: -فلانٌ غَاضِب لرسوب ابنه [فصيحة]-فلانٌ غَضْبَان لرسوب ابنه [فصيحة]
التعليق: الأصل أن الصفة المشبهة تدل على «الثبوت والدوام»، واسم الفاعل يدل على «التجدد والحدوث»، ولكن قد تدل الصفة المشبهة كذلك على «الحدوث والعَرَض»، مثل «عطشان»، وفي كليات أبي البقاء: «الرحمن الرحيم: فعلان مبالغة في كثرة الشيء، ولا يلزم منه الدوام كغضبان»، ولكن دلالة الصفة المشبهة على الحدوث أقل من دلالة اسم الفاعل. ويمكن الوصول إلى دلالة «غضبان» مما قاله المفسرون عند تناولهم لقوله تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} الأعراف/150. قال أبو حيان: «ذكروا أنه عليه السلام كان من أسرع الناس غضبًا وكان سريع الفيئة» (الرجوع عن الغضب)، والعبارة الأخيرة تدلّ على أن الصفة عارضة؛ ومن ثمَّ يكون كلا الاستعمالين فصيحًا.

الحملي

الحملي:
[في الانكليزية] Attributive
[ في الفرنسية] Attributif
عند المنطقيين يطلق على قسم من القياس الاقتراني كما يجيء في لفظ القياس. وعلى قسم من القضية مقابل للشرطية. ولكون الشرطية تنتهي بالتحليل إلى الحمليتين سمّيت الحملية بسيطة أيضا. وأبسط القضايا الحملية الموجبة كذا في شرح المطالع وتعريفها يذكر في لفظ القضية. ولها أي للقضية الحملية تقسيمات.
الأول باعتبار الطرفين فإن لم يكن حرف السلب جزءا من أحد طرفيها سمّيت محصّلة وإلّا سمّيت معدولة. الثاني باعتبار الجهة فإن كانت مشتملة على الجهة تسمّى موجّهة وإلّا تسمّى مطلقة. الثالث باعتبار الرابطة فإن ذكرت الرابطة تسمّى ثلاثية كقولنا زيد هو قائم، وإن لم تذكر سمّيت ثنائية كقولنا زيد قائم. وليست حاجة محمول هو كلمة أو اسم مشتق إلى الرابط حاجة الاسم الجامد لما فيهما من الدلالة على النسبة إلى موضوع ما، مع أنّ الحاجة إلى الرابط للدلالة على النسبة إلى موضوع معين.
فإذن مراتب القضايا ثلاث ثنائية لم يدل فيها على نسبة أصلا وثلاثية تامّة دلّ فيها على النسبة إلى موضوع معيّن كالمذكور فيها رابطة غير زمانية، وثلاثية ناقصة دلّ فيها على النسبة إلى موضوع غير معيّن كالمذكور فيها رابطة زمانية أو التي محمولها كلمة أو اسم مشتق.
وهاهنا أبحاث. منها أنّ القضية التي محمولها كلمة أو اسم مشتق إن كانت ثلاثية لم يستقم عدّها في الثنائية وإن كانت ثنائية لم تنحصر المراتب في الثلاث، بل يكون هناك ثنائية دلّ فيها على النسبة. فالصواب تثليث المراتب بالثلاثية التي ذكرت فيها الرابطة.
والثنائية التّامّة التي لم تذكر فيها ولم تدل فيها على النسبة، والثنائية الزائدة التي دلّت فيها على النسبة وذلك لأنّه لا يمكن الدلالة على الحكم بدون الدلالة على النسبة، بخلاف العكس. فإذا دلّ على الحكم فقد دلّ على النسبة. فالقضية ثلاثية حينئذ أمّا إذا لم تدل على الحكم فربما لم تدل على النسبة أيضا فتكون ثنائية تامّة.
وربما تدلّ على النسبة فزيدت القضية دلالة على الثنائية لكنها تأخّرت عن مرتبتها إذ لم تتناول إلّا أحد جزئي مفهوم الرابط، وهو النسبة لا الحكم فهي ثنائية زائدة. وقال الإمام القضية التي محمولها كلمة أو اسم مشتقّ ثنائية في اللفظ ثلاثية بالطبع، لأنّ النسبة مدلول عليها تضمنا، فذكرها يوجب التكرار، وقد سبقت الإشارة إلى دفعه.
ثم اعلم أنّ من جعل روابط العرب الحركات الإعرابية وما يجري مجراها يقول إن كان التركيب العربي من المعربات وما يجري مجراها فالقضية ثلاثية كزيد قائم، وإن كان من المبنيات فهي ثنائية كقولنا هذا سيبويه.
الرابع باعتبار الموضوع فموضوع الحملية إن كان جزئيا حقيقيا سمّيت مخصوصة وشخصية لخصوص موضوعها وتشخّصه، موجبة كانت كقولنا زيد كاتب، أو سالبة كقولنا زيد ليس بكاتب. وإن كان كليّا فإن لم يذكر فيها السور بل أهمل بيان كمية الأفراد سمّيت مهملة موجبة نحو الإنسان حيوان أو سالبة نحو الانسان ليس بحجر وأن ذكر فيها السور سمّيت محصورة ومسوّرة موجبة نحو كل إنسان حيوان أو سالبة نحو ليس كلّ حيوان إنسانا. وأورد على الحصر أنّه لا يشتمل نحو الإنسان نوع. وأجيب بأنّها مندرجة تحت المخصوصة لأنّ كلية الموضوع إنّما يتصوّر لو حكم عليه باعتبار ما صدق عليه.
فالمراد أنّ الموضوع إمّا أن يحكم عليه باعتبار كليته أي صدقه على كثيرين أو لا. الثاني المخصوصة والأوّل المحصورة أو المهملة. وفيه أنّ القول بالاندراج يبطل تنزيلهم المخصوصات بمنزلة الكليات حتى يوردوها في كبرى الشكل الأول نحو: هذا زيد وزيد إنسان فهذا إنسان، وذلك لأنّه يصدق زيد إنسان والإنسان نوع مع كذب النتيجة وهي زيد نوع. وزاد البعض ترديد أو قال إن لم يبيّن كمية الأفراد أي كليتها وجزئيتها، فإن كان الحكم على ما صدق عليه الكلّي فهي المهملة، وإن كان الحكم على نفس الكلّي من حيث هو عام نحو الإنسان نوع فهي الطبيعية. ويقرب منه ما قيل إنّ الحكم على المفهوم الكلّي إمّا أن يكون حكما عليه من حيث يصدق على الجزئيات وهي الطبيعية، أو حكما على الجزئيات من حيث يصدق عليها الكلّي وهي المحصورة أو المهملة. ويرد عليه أنّه بقي قسم آخر وهو أن يكون الحكم على الكلّي من حيث هو، وأيضا تسمية تلك القضية طبيعية غير مناسبة لأنّ الحكم ليس فيها على الطبيعة من حيث هي هي، بل على المقيّدة بقيد العموم. ومنهم من قال إنّ موضوع القضية إن لم يصلح، لأن يقال على كثيرين فهي المخصوصة، سواء كان شخصا أو مقيدا بالعموم كقولنا الإنسان نوع. وإن صلح لأن يقال على كثيرين فمتعلّق الحكم إمّا الأفراد فهي إمّا محصورة أو مهملة أو نفس الكلّي وهي الطبيعية، فعاد البحث السابق من جعل العام مخصوصة. وقيل الموضوع إمّا ما صدق عليه الطبيعة وهي المحصورة أو المهملة، وإمّا نفس الطبيعة، فلا يخلو إمّا مع قيد التشخّص وهي المخصوصة أو مع قيد العموم وهي القضية العامة، أو من حيث هي هي، وهي الطبيعية.
والحق أنّ القيد لا يعتبر مع الموضوع ما لم يؤخذ الموضوع معه، فإذا حكم على الإنسان بحكم لا يكون ذلك الحكم من حيث إنّه عام أو خاص أو غير ذلك، فإنّه لو اعتبر القيود التي يصلح أخذها مع قيود الموضوع لم تنحصر القضية في الأربعة والخمسة. نعم إذا قيّد الموضوع بقيد فذلك الموضوع المقيّد إن كان جزئيا يكون القضية مخصوصة، وإن كان كليّا تجري أقسامه فيه فالأولى أن تربّع القسمة.
ويقال موضوع القضية إن كان جزئيا حقيقيا فهي المخصوصة، وإن كان كليا فالحكم إن كان على ما صدق عليه فهي المحصورة أو المهملة، وإلّا يكون الحكم على نفس الطبيعة الكلية، سواء قيّد بقيد كقولنا الإنسان من حيث إنه عام نوع، أو لم يقيّد كقولنا الإنسان نوع، إلّا أنّ الواجب أن لا يعتبر القيد ما لم يقيّد الموضوع به، فالموضوع في هذا المثال ليس إلّا الإنسان، اللهم إلّا أن يصرّح بالقيد، وكيف كان فالقضية طبيعية، فإنّ الحكم في أحد القسمين على طبيعة الكلّي المقيّد وفي الآخر على طبعية الكلّي المطلق. هذا كله خلاصة ما في شرح المطالع.
وفي السلّم الموضوع إن كان جزئيا فالقضية شخصية ومخصوصة، وإن كان كليا فإن حكم عليه بلا زيادة شرط فمهملة عند المتقدّمين، وإن حكم عليه بشرط الوحدة الذهنية فطبيعية، وإن حكم على أفراده فإن بيّن كمية الأفراد فمحصورة، وإن لم يبيّن. فمهملة عند المتأخرين انتهى. اعلم أنّ هذا التقسيم يجري في الشرطية أيضا كما يجيء.

خَالِدُونَ

{خَالِدُونَ} :
وسأل نافع عن معنى قوله تعالى: {وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
فقال ابن عباس: باقون لا يخرجون منها أبداً. واستشهد بقول "عدى بن زيد":
فهل من خالدٍِ إمَّا هَلكْنا. . . وهل بالموتِ، يالَلنَّاسِ، من عارِ (تق، ك، ط) وزاد في الأخيرتين: وقال لبيد بن ربيعة:
كلُّ بَنىِ أمَّ وإن كثُروا. . . يوماً يصيرون إلى واحدِ
فالواحد الباقي كمن قد مضى. . . ليس بمتروكٍ ولا خالدِ
= الكلمة من آية البقرة 25:
{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} .
وتفسير ابن عباس للكلمة، هو من قبيل الشرح، والخلود في العربية نقيض الفناء.
واستقراء ما في القرآن من مادة (ح ل د) وقد جاءت فيه بصيغ عدة سبعاً وثمانين مرة، يضيف إلى الدلالة اللغوية ملحظاً هاماً من خصوص الدلالة القرآنية للخلود، فلا خلود في القرآن إلا في الحياة الآخرة: في دار الخلود، أو في عذاب الخلد. وحيث يأتي الخلود متعلقاً بالحياة الدنيا، فعلى وجه الوهم أو الإنكار والنفي كالذي في آيات:
الشعراء 129: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}
الهمزة 3: {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ}
الأنبياء 34: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}
ولا غنى عن هذا الملحظ في فهم الدلالة الإسلامية للكلمة القرآنية. وفي (مفردات الراغب) أن معنى هذا الخلود هو أن يبرأ الخالد من أعراض الفساد.

رضى

رضى: رَضِي له وبه: أذن له، أجاز له (بوشر).
الله يرضى عليك: أرجوك، الله يخليك (بوشر).
رضى
رَضِيَ يَرْضَى رِضىً ورِضَاء - بالمَدِّ أيضاً -. والرِّضا: المَرْضِيُّ، وُيقال: مَرْضُو. والمَرْضَاةُ والرِّضْوَانُ: واحِدٌ. ورَضِيَ فلانٌ كذا يَرْضَاه رِضْوَةً.
والرضا والرضا والرضا - يُمَد ويُقْصَر -. وقد رُضَى مَذْهَبُه: أي رُضِيَ - لغةُ طَيئ -. وقد رَضَاكَ الناسُ: بمعنى رَضِيَكَ.
وما كانَ مَرْضُوّاً. وراضَاني فَرَضَوْتُه أرْضُوه.
(رضى)
فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطك، وبمُعافاتِك مِنْ عُقوبتِك، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصي ثَناءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» وَفِي رِوَايَةٍ بَدَأَ بِالْمُعَافَاةِ ثُمَّ بِالرِّضَا، إِنَّمَا ابْتَدَأَ بِالْمُعَافَاةِ مِنَ الْعُقُوبَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ كَالْإِمَاتَةِ وَالْإِحْيَاءِ.
والرِّضَا والسَّخَطُ مِنْ صفاتِ الذَّاتِ. وصفاتُ الْأَفْعَالِ أدنَى رُتْبة مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، فبَدأ بالأدْنى مُتَرقِّيا إِلَى الْأَعْلَى. ثُمَّ لمَّا ازْداد يقِينا وارتِقاء تَرَك الصِفات وقَصر نَظره عَلَى الذَّاتِ فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، ثُمَّ لَمَّا ازْداد قُربا استَحْيا مَعَهُ مِنَ الاسْتعاذة عَلَى بِساط القُرب، فالتَجأ إِلَى الثَّناء فَقَالَ:
لَا أُحصي ثَناءً عَلَيْكَ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ قُصُورٌ فَقَالَ: أَنْتَ كَمَا أثْنَيْت عَلَى نفسِك، وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الأُولى فَإِنَّمَا قَدّم الِاسْتِعَاذَةَ بِالرِّضَا عَلَى السَّخَط؛ لِأَنَّ الْمُعَافَاةَ مِنَ الْعُقُوبَةِ تَحْصل بِحُصُولِ الرِّضَا، وَإِنَّمَا ذَكَرها لِأَنَّ دَــلالة الأُولى عَلَيْهَا دَــلالة تَضمين، فَأَرَادَ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهَا دَــلالة مُطابقة، فكَنى عَنْهَا أَوَّلًا، ثُمَّ صرَّح بِهَا ثَانِيًا، وَلِأَنَّ الرَّاضِي قَدْ يُعاقِب للمصْلحة، أَوْ لاسْتيفاء حَقِّ الْغَيْرِ.
[رضى] نه: أعوذ "برضاك" من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وفي رواية بدأ بالمعافاة من العقوبة ثم بالرضا لأنهما من صفات الأفعال كالإحياء والإماتة، والرضا والسخط من صفات الذات، وصفات الأفعال أدنى رتبة فترقى منها إلى الأعلى، ثم لما ازداد يقينًا قصر نره على الذات فقال: أعوذ بك منك، ثم لما ازداد قربًا استحق من الاستعاذة على بساط القرب فالتجأ إلى الثناء فقال: لا أحصى ثناء عليك، ثم علم قصوره فقال أنت كما أثنيت، وعلى الرواية الأولى قدم الرضا لأن المعافاة من العقوبة تحصل بالرضا، وإنما ذكرها ليدل عليها مطابقة فكنى عنها أولا ثم صرح بها ثانيا، ولأن الراضي قد يعاقب لمصلحة أو لاستيفاء حق الغير. ك: إذا قال: أقرك ما أقرك الله، فهما على "تراضيهما" أي المقر وهو صاحب الأرض والمقر له أي ساكنها على تراضيهما، فللأول ترك إسكانه وللثاني ترك سكونه. وفيه: أما "ترضى" أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، أي في استخلافه على ذريته وأهله لا في الخلافة بعد الموت كما ظن الروافض فإن هارون توفى قبل موسى. وقال عمر: "رضينا" بالله، حين احفوه في المسألة، مر وجه ملائمته في ح. وفيه: لا تنكح البكر والثيب إلا "برضاها" أي رضا المرأة، وروى: رضاهما، وهو ظاهر. وفيه: ثم "أرضني" به- بهمزة القطع، أي اجعلني راضيًا به، لأنه إذا قدر له الخير ولم يرض به كان منكد العيش، ومر في خير. ن: "رضي" بالله ربا، أي قنع به ولم يطلب معه غيره بأن يسلك غير ما شرعه. ط: من الصلاة "رضوان" الله، من الصلاة بيان للوقت، ورضوان خبر بحذف مضاف، أي سبب رضوانه، أو مبالغة كزيد عدل، وهو للمحسنين، والعفو يشبه أن يكون للمقصرين. شم: أرجى أية "ولسوف يعطيك" و"لا يرضى" صلى الله عليه وسلم أن يدخل أحد النار، ولا ينافي هذا ما دل عليه الدلائل من دخول بعض العصاة النار لجواز كون الإرضاء بعد دخولهم أو يكون قوله: ولا يرضى- إلخ، متروك الظاهر.

رضي

ر ض ي : رَضِيتُ الشَّيْءَ وَرَضِيتُ بِهِ رِضًا اخْتَرْتُهُ وَارْتَضَيْتُهُ مِثْلُهُ وَرَضِيتُ عَنْ زَيْدٍ وَرَضِيتُ عَلَيْهِ لُغَةٌ لِأَهْلِ الْحِجَازِ وَالرُّضْوَانُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَضَمُّهَا لُغَةُ قِيسٍ وَتَمِيمٍ بِمَعْنَى الرِّضَا وَهُوَ خِلَافُ السَّخَطِ وَشَيْءٌ مَرْضِيٌّ أَكْثَرُ مِنْ مَرْضُوٍّ وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ تُشْهِدُ عَلَى رِضَاهَا أَيْ عَلَى إذْنِهَا جَعَلُوا الْإِذْنَ رِضًا لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ وَأَرْضَيْتُهُ إرْضَاءً وَرَاضَيْتُهُ مُرَاضَاةً وَرِضَاءً مِثْلُ: وَافَقْتُهُ مُوَافَقَةً وَوِفَاقًا وَزْنًا وَمَعْنًى. 

رضي


رَضِيَ(n. ac. رُِصًى
[رِضَي]
مَرْضَاة [] رُِضْوَان [رِضْيَاْن])
a. ['Ala
or
'An], Was satisfied, wellpleased with, at.
b. [Bi
or
Fī], Approved of, consented, agreed to.
رَاْضَيَa. Tried to satisfy, to please.
b. Agreed with.

أَرْضَيَa. Satisfied, contented, pleased; gratified.
b. Made, induced to consent.

تَرَضَّيَa. see III
تَرَاْضَيَa. Were well-pleased with each other, on good
terms.
b. Agreed together respecting; were satisfied
with.

إِرْتَضَيَa. Was satisfied, pleased with, approved; chose
selected.
إِسْتَرْضَيَa. see III (a)b. Asked to satisfy, please.

رِضْوَة []
a. Satisfaction; contentment; pleasure, gratification;
approval, approbation; consent, assent.

رَضٍ (رَضِي ) [] (pl.
رَضُوْن)
a. Satisfied, content; pleased, gratified; willing
agreeable.

مَرْضَاة []
a. see 2t
رَاضٍ (pl.
رُضَاة [] )
a. see 5
رَضِيّ [] (pl.
أَرْضِيَآء [] )
a. see 5
رَضًى
a. Willingly, readily.

رُضِيَ عَنْهُ
a. May he be accepted of God!
رضي
يقال: رَضِيَ يَرْضَى رِضًا، فهو مَرْضِيٌّ ومَرْضُوٌّ. ورِضَا العبد عن الله: أن لا يكره ما يجري به قضاؤه، ورِضَا الله عن العبد هو أن يراه مؤتمرا لأمره، ومنتهيا عن نهيه، قال الله تعالى:
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
[المائدة/ 119] ، وقال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ [الفتح/ 18] ، وقال تعالى:
وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة/ 3] ، وقال تعالى: أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ
[التوبة/ 38] ، وقال تعالى:
يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ
[التوبة/ 8] ، وقال عزّ وجلّ: وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ
[الأحزاب/ 51] ، والرِّضْوَانُ:
الرّضا الكثير، ولمّا كان أعظم الرِّضَا رضا الله تعالى خصّ لفظ الرّضوان في القرآن بما كان من الله تعالى: قال عزّ وجلّ: وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ
[الحديد/ 27] ، وقال تعالى: يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً [الفتح/ 29] ، وقال: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ [التوبة/ 21] ، وقوله تعالى: إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ
[البقرة/ 232] ، أي: أظهر كلّ واحد منهم الرّضا بصاحبه ورَضِيَهُ.

رضي: الرِّضا، مقصورٌ: ضدُّ السَّخَطِ. وفي حديث الدعاء: اللهم إني

أَعوذُ برضاكَ من سَخَطِكَ وبمُعافاتِكَ من عُقوبَتِكَ، وأَعوذُ بك منك لا

أُحْصي ثَناءً عليك أَنت كما أَثْنَيْتَ على نفسك، وفي رواية: بَدأَ

بالمُعافاة ثم بالرّضا؛ قال ابن الأَثير: إنما ابتدأَ بالمُعافاة من العقوبة

لأَنها من صفات الأَفعال كالإماتة والإحياء والرِّضا؛ والسَّخَطُ من صفات

القلب، وصفاتُ الأَفعال أَدْنى رُتبةً من صفات الذات، فبدأَ بالأَدْنى

مُتَرَقِّياً إلى الأَعلى، ثم لمَّا ازداد يقيناً وارْتَقى تَرَكَ الصفاتِ

وقَصَر نظره على الذات فقال أَعوذ بك منك، ثم لمَّا ازداد قرباً

اسْتَحيْا معه من الاسْتِعاذة على بساط القُرْب فالْتَجأَ إلى الثَّناءِ فقال

لا أُحْصي ثَناءً عليك، ثم علم أَن ذلك قُصورٌ فقال أَنت كما أَثْنَيْت

على نفسِك؛ قال: وأَما على الرواية الأُولى فإنما قدم الاستعاذة بالرِّضا

على السَّخَط لأََن المُعافاة من العُقوبة تحصل بحصول الرضا، وإنما

ذكرها لأَن دلالة الأُولى عليها دلالة تضمن، فأَراد أن يدل عليها دلالة

مطابقة فكنى عنها أَولاً ثم صرح بها ثانياً، ولأَن الراضِيَ قد يعاقِب

للمصلحة أَو لاستيفاء حقِّ الغير. وتثنية الرِّضا رِضَوانِ ورِضَيانِ،

الأُولى على الأَصل والأُخرى على المُعاقبة، وكأَن هذا إنما ثُنِّيَ على إرادة

الجنس.الجوهري: وسمع الكسائي رِضَوانِ وحِمَوانِ في تثنية الرِّضا

والحِمى، قال: والوجه حِمَيان ورِضَيان، فمن العرب من يقولهما بالياء على

الأَصل، والواو أَكثر، وقد رَضِيَ يَرْضى رِضاً ورُضاً ورِضْواناً ورُضْواناً،

الأَخيرة عن سيبويه ونَظَّرهَ بشُكْران ورُجْحانٍ، ومَرْضاةً، فهو راضٍ

من قوم رُضاةٍ، ورَضِيٌّ من قوم أَرْضياءَ ورُضاةٍ؛ الأَخيرة عن

اللحياني، قال ابن سيده: وهي نادرة، أَعني تكسير رَضِيٍّ على رُضاةٍ، قال: وعندي

أنه جمع راضٍ لا غير، ورَضٍ من قوم رَضِينَ؛ عن اللحياني، قال سيبويه:

وقالوا رَضْيُوا كما قالوا غَزْيا، أَسكن العينَ، ولو كسرها لحذفَ لأَنه لا

يَلْتَقي ساكنان حيث كانت لا تدخلها الضمة وقبلها كسرة، وراعَوْا كسرة

الضاد في الأَصل فلذلك أَقروها ياء، وهي مع ذلك كله نادرة. ورَضيتُ عنك

وعَلَيْكَ رِضىً، مقصورٌ: مصدرٌ مَحْضٌ، والاسمُ الرِّضاءُ، ممدودٌ عن

الأَخفش؛ قال القُحَيْفُ العُقَيْلي:

إذا رَضِيَتْ عَليَّ بَنو قُشَيْرٍ

لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَني رِضاها

ولا تَنْبو سُيوفُ بَني قُشَيْرٍ،

ولا تَمْضي الأَسِنَّةُ في صَفاها

عدّاه بعَلى لأَنَّه إذا رَضِيَتْ عنه أَحَبَّتْه وأَقْبَلَت عليه،

فذلك اسْتَعْمل على بمعنى عَنْ. قال ابن جني: وكان أَبو عَلِيٍّ يستحسن قول

الكسائي في هذا، لأَنه لمَّا كان رَضيتُ ضِدَّ سَخِطْت عَدَّى رَضيتُ

بعَلى، حملاً للشيء على نقيضه كما يُحْمَلُ على نَظيره، قال: وقد سلك

سيبويه هذه الطريق في المصادر كثيراً فقال: قالوا كذا كما قالوا كذا،

وأَحدُهما ضدُّ الآخرَ. وقوله عز وجل: رَضِيَ اللهُ عنهم ورضوا عنه؛ تأْويله

أَنَّ الله تعالى رَضِيَ عَنْهُم أَفْعالَهم ورضوا عنه ما جازاهم به.

وأَرْضاهُ: أَعْطاهُ ما يَرْضى به. وتَرَضّاهُ طَلَب رِضاه؛ قال:

إذا العَجوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ،

ولا تَرَضّاها ولا تَمَلَّقِ

أَثبت الأَلف من تَرَضّاها في موضع الجزم تشبيهاً بالياء في قوله:

أَلَمْ يَأْتيكَ، والأَنْباءُ تَنْمي،

بما لاقَتْ لَبونُ بَني زِيادِ؟

قال ابن سيده: وإنما فَعَلَ ذلك لَئلاَّ يقول تَرَضَّها فيلْحَقَ

الجُزْءَ خَبْنٌ، على أَنَّ بعضهم قد رَواه على الوجه الأَعْرَف: ولا

تَرَضَّها ولا تَمَلَّقِ، على احتمال الخَبْن. والرَّضِيُّ: المَرْضِيُّ. ابن

الأَعرابي: الرَّضِيُّ المُطيعُ والرَّضِيُّ الضّامِنُ. ورَضيتُ الشيءَ

وارْتَضَيْتُه، فهو مَرْضيٌّ، وقد قالوا مَرْضُوٌّ، فجاؤوا به على الأَصْل.

ابن سيده: ورَضِيَهُ لذلك الأَمْر، فهو مَرْضُوٌّ ومَرْضِيٌّ. وارْتَضاه:

رآه لَهُ أَهْلاً. ورجلٌ رِضىً من قَوْمٍ رضىً: قُنْعانٌ مَرْضِيٌّ،

وصَفوا بالمَصْدر؛ قال زهير:

هُمُ بَيْنَنا فَهُمْ رِضىً وهُمُ عَدْلُ

وصَفَ بالمصدر الذي في مَعْنى مَفْعول كما وُصِفَ بالمَصْدر الذي في

مَعْنى فاعِلٍ في عَدْلٍ وخَصْمٍ. الصحاح: الرِّضْوانُ الرِّضا، وكذلك

الرُّضْوانُ، بالضم، والمَرْضاةُ مثلهُ. غَيره: المَرْضاةُ والرِّضْوان

مصدران، والقُرّاء كلهم قَرَؤُوا الرِّضْوانَ، بكسر الراء، إلاَّ ما رُوِي عن

عاصم أَنه قرأَ رُضْوان ويقال: هو مَرْضِيٌّ، ومنهم من يقول مَرْضُوٌّ

لأَن الرِّضا في الأَصل من بنات الواو، وقيل في عيشَةٍ راضِيَة أَي

مَرْضِيَّة أَي ذات رضىً كقولهم هَمٌّ ناصِبٌ. ويقال: رُضِيَتْ مَعيشَتهُ، على

ما لم يُسَمَّ فاعلهُ، ولا يقال رَضِيَتْ. ويقال: رَضيتُ به صاحِباً،

وربما قالوا رَضيتُ علَيْه في معنَى رَضِيتُ به وعنه. وأَرْضَيْتُه عَنِّي

ورَضَّيْته، بالتشديد أَيضاً، فَرَضي. وتَرَضَّيته أَي أَرْضَيْته بعد

جَهْدٍ. واستَرْضَيْتُه فأَرْضاني. وراضاني مُراضاةً ورِضاءً فَرَضَوْتُه

أَرْضوهُ، بالضم، إذا غَلَبْتَه فيه لأَنه من الواو، وفي المحكم: فرضَوْتُه

كنت أَشدَّ رِضاً منه، ولا يُمَدُّ الرضا إلا على ذلك. قال الجوهري:

وإنما قالوا رَضيتُ عنه رِضاً، وإن كان من الواو، كما قالوا شَبِعَ شِبَعاً،

وقالوا رَضِيَ لِمكان الكسر وحَقُّه رَضُوَ، قال أَبو منصور: إذا جعلت

الرِّضى بمعنى المُراضاةِ فهو ممدود، وإذا جعلته مصدَرَ رَضِي يَرْضَى

رِضىً فهو مقصور. قال سيبويه: وقالوا عيشَة راضِيةَ على النَّسب أَي ذات

رِضاً.

ورَضْوى: جَبَل بالمَدينة، والنِّسْبة إليه رَضَوي قال ابن سيده:

ورَضْوى اسم جبل بعينه، وبه سميت المرأَةُ، قال: ولا أَحمله على باب تَقْوَى

لأَنه ليس في الكلام ر ض ي فيكون هذا محمولاً عليه.

التهذيب: ورَضْوى اسم امرأَة؛ قال الأَخطل:

عفَا واسِطٌ مِنْ آلِ رَضْوى فَنَبْتَلُ،

فَمُجْتَمَعُ المَجْرَيْنِ، فالصَّبْرُ أَجْمَلُ

ومن أَسماء النساء رُضَيّا بوزن الثُّرَيّا، وتكبيرهما رَضْوى وثَرْوى.

ورَضْوى: فَرَس سعد بن شجاع، والله أَعلم.

الفَرْض والفَريضة

الفَرْض والفَريضة: ما أوجبه الله تعالى على عبادة سُمِّي به، لأن له معالمَ وحدوداً، وعند الأصوليين: ما ثبت بدليل قطعيِّ الثبوت وقطعيِّ الدلالة حيث لا شبهة فيه، ويُكفَّر جاحده ويُعذَّب تاركه، والواجب: ما ثبت بدليل قطعيِّ الدلالة وظني الثبوت، أو ظني الدلالة وقطعي الثبوت.

الحقيقة اللّغوية

الحقيقة اللّغوية:
[في الانكليزية] Linguistic truth ،linguistic justness
[ في الفرنسية] Verite linguistique ،justesse linguistique
هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في وضع به التخاطب وهي قسمان: مفردة وهي الكلمة المستعملة فيما وضعت له الخ، ومركّبة وهي المركّب المستعمل فيما وضع له الخ.
وقولنا في وضع به التخاطب متعلّق بوضع أو بالمستعمل بعد تقييده بقولنا فيما وضع له.
ومعنى الظرفية اعتبار الوضع الذي به التخاطب أي المستعمل فيما وضع له باعتبار وضع به التخاطب ونظر إليه. والوضع أعمّ من اللغوي والشرعي والعرفي الخاص والعام. فهذا أولى مما قيل في اصطلاح به التخاطب، إذ لا يطلق الاصطلاح في الاصطلاح على الشرع والعرف واللغة بل هو العرف الخاص. فاحترز بقيد المستعمل عن اللفظ قبل الاستعمال فإنّه لا يسمّى حقيقة ولا مجازا. وبقولنا فيما وضع له على ما قال الخطيب عن شيئين: أحدهما ما استعمل في غير ما وضع له غلطا كقولك خذ هذا الفرس مشيرا به إلى كتاب بين يديك، فإنّ لفظ الفرس هاهنا قد استعمل في غير ما وضع له وليس بحقيقة، كما أنّه ليس بمجاز. والثاني المجاز الذي لم يستعمل فيما وضع له لا في وضع به التخاطب ولا في غيره كالأسد في الرجل الشجاع. وقيل معنى استعمال اللفظ في الموضوع له أو غيره طلب دلالته عليه وإرادته منه، فمجرد الذكر لا يكون استعمالا، إذ لا اعتداد بالاستعمال من غير شعور، فخرج الغلط مطلقا من قيد المستعمل. وبقولنا في وضع به التخاطب خرج القسم الآخر من المجاز وهو ما استعمل فيما وضع له لا في وضع به التخاطب كلفظ الصلاة يستعمله المخاطب بعرف الشرع في الدعاء مجازا إذ لم يوضع في هذا العرف للدعاء بل في اللغة. ثم المراد بالوضع تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه فخرج المجاز، إذ فيه تعيين للدلالة على معنى بالقرينة كما يجيء في محله. ولا يخرج المشترك إذ تعيينه لكلّ من معانيه للدلالة عليه بنفسه والقرينة إنّما احتيج إليها لمعرفة المراد. وكذا لا يخرج الحرف فإنّه إمّا موضوع لجزئيات مخصوصة باعتبار اندراجها تحت أمر كلّي كما هو مذهب المتأخرين، أو موضوع لمفهوم لا يستعمل أبدا إلّا في جزئي من جزئياته كما هو المستفيض، كذا قال صاحب الأطول. ثم نقول كما لا بدّ للنحوي من ضبط ما يجري في الأصوات المشاركة للكلمات في كثرة الدوران على الألسنة في المحاورات حتى نزّلوها منزلة الأسماء المبنية وضبطوها فيما بينها، كذلك لا بدّ لصاحب البيان من الالتفات إلى دقائق وسرائر تتعلّق بها، فإنّ البلغاء أيضا يتداولونها تداول المجازات الدقيقة، فيقال للمرائي لفعله المعجب به وهو في غاية الدناءة وي تعجبا تهكما، ويخاطبون بالنازل عن درجة العقلاء الملحق بالحيوانات بأصوات يخاطب بها الحيوان تنزيلا [له] منزلة الحيوان، فيجب أن يجعل تعريف الحقيقة والمجاز شاملا لها حتى أكاد اجترئ على أن أقول المراد بالكلمة أعمّ من الكلمة حقيقة أو حكما، وكذا بما وضع له وغير ما وضع له انتهى.
اعلم أنّهم اختلفوا في كون المركّبات موضوعة. فمن قال بأنها ليست موضوعة قال إنّ الحقيقة لا تطلق على المجموع المركّب. ومن قال بوضعها قال بإطلاقها عليه، هكذا يستفاد من بعض حواشي المطول واختار صاحب الأطول القول الأخير حيث قال ثم نقول كثيرا ما تستعمل الهيئة في غير ما وضعت له فتخصيص الحقيقة والمجاز بالكلمة يفوت البحث عن سرائر تتعلّق بالهيئات، فينبغي تقسيم الحقيقة إلى المفرد والمركّب، وتعريف المفرد منها بالكلمة المستعملة فيما وضعت له الخ على طبق تقسيم المجاز. وستعرف لذلك زيادة توضيح في بيان المجاز المركّب.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.