من (ل أ ي) تصغير اللأي بمعنى الشدة والمشقة.
من (ل أ ي) تصغير اللأي بمعنى الشدة والمشقة.
لأي: الَّلأَى: الإِبْطاء والاحْتِباس، بوزن اللَّعا، وهومن المصادر
التي يعمل فيها ما ليس مِن لفظها، كقولك لَقِيته التِقاطاً وقَتَلْته
صَبْراً ورأَيته عِياناً؛ قال زهير:
فَلأْياً عَرفت الدارَ بعد توهُّم
وقال اللحياني: الَّلأْيُ اللُّبْثُ، وقد لأَيْت أَلأَى لأْياً، وقال
غيره: لأأَيْت في حاجتي، مشدَّد، أَبطأْت. والتَأَتْ هي: أَبْطَأَت.
التهذيب: يقال لأَى يَلأَى لأْياً والتَأى يَلْتَئي إِذا أَبطأَ. وقال الليث:
لم أَسمع العرب تجعلها معرفة، ويقولون: لأْياً عرفْتُ وبَعدَ لأْيٍ فعلت
أَي بعد جَهْد ومشقة. ويقال: ما كِدْت أَحمله إِلاَّ لأْياً، وفعلت كذا
بعد لأْيٍ أَي بعد شدَّة وإِبْطاء. وفي حديث أُم أَيمن، رضي الله عنها:
فبِلأْيٍ ما استَغْفَرَلهم رسولُ الله أَي بعد مشقة وجهدْ وإِبْطاء؛ ومنه
حديث عائشة، رضي الله عنها، وهِجْرَتِها ابنَ الزُّبَيْرِ: فبِلأْيٍ مَّا
كَلَّمَتْهُ. واللأَى: الجَهْد والشدَّة والحاجة إِلى الناس؛ قال العجير
السلولي:
وليس يُغَيِّرُ خِيمَ الكَريم
خُلُوقةُ أَثْوابِه واللأَى
وقال القتيبي في قوله:
فَلأْياً بِلأْيٍ مَّا حَمَلْنا غُلامَنا
أَي جَهْداً بعد جَهْد قَدَرْنا على حَمْله على الفرس. قال: واللأْيُ
المشقة والجهد. قال أَبو منصور: والأَصل في اللأْي البُطْء؛ وأَنشد أَبو
الهيثم لأَبي زبيد:
وثارَ إِعْصارُ هَيْجا بينَهُمْ، وخَلَتْ
بالكُورِ لأْياً، وبالأَنساع تَمْتَصِعُ
قال: لأْياً بعد شدَّة، يعني أَن الرجل قتله الأَسد وخلت ناقته بالكور،
تمتصع: تحرك ذنبها. واللأَى: الشدة في العيش، وأَنشد بيت العجير السلولي
أَيضاً. وفي الحديث: مَن كان له ثلاثُ بنات فصَبَر على لأْوائهن كُنَّ له
حجاباً من النار؛ اللأْواء الشدة وضيق المعيشة؛ ومنه الحديث: قال له
أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُك اللأْواء؟ ومنه الحديث الآخر: مَن صبر
على لأْوء المَدينة؛ واللأْواء المشَقة والشدة، وقيل: القَحْط، يقال:
أَصابتهم لأْواء وشَصاصاء، وهي الشدة، قال: وتكون اللأْواء في العلة؛ قال
العجاج:
وحالَتِ اللأْواء دون نسعي
وقد أَلأَى القومُ، مثل أَلعى، إِذا وقعوا في اللأْواء. قال أَبو عمرو:
اللأْلاء الفرح التام.
والْتَأَى الرجل: أَفلَسَ
واللأَى، بوزن اللَّعا: الثَّوْر الوحشيّ؛ قال اللحياني: وتثنيته
لأَيان، والجمع أَلآء مثل أَلْعاعٍ مثل جبَل وأَجبال، والأُنثى لآة مثل لَعاةٍ
ولأَىً، بغير هاء، هذه عن اللحياني، وقال: إِنها البقرة من الوحش خاصة.
أَبو عمرو: اللأَى البقرة، وحكي: بكَمْ لآك هذه أَي بقرتُك هذه؛ قال
الطرماح:
كظَهْرِ اللأَى لو يُبْتَغى رَيَّةٌ بها،
لَعَنَّتْ وشَقَّتْ في بُطُون الشَّواجِنِ
ابن الأَعرابي: لآةٌ وأَلاة بوزن لَعاة وعَلاة. وفي حديث أَبي هريرة،
رضي الله عنه: يَجِيء من قِبَل المَشْرِق قَوم وصفَهم، ثم قال: والرّاوية
يَومئذٍ يُسْتَقى عليها أَحَبُّ إِليَّ من لاءٍ وشاءٍ؛ قال ابن الأَثير:
قال القتيبي هكذا رواه نَقَلة الحديث لاء بوزن ماء، وإِنما أَلآء بوزن
أَلْعاع، وهي الثِّيران، واحدها لأَىً بوزن قَفاً، وجمعه أَقْفاء، يريد
بَعِير يُسْتقى عليه يومئذ خير من اقتناء البقر والغنم، كأَنه أَراد الزراعة
لأَن أَكثر من يَقْتَني الثيران والغنم الزرَّاعون. ولأْيٌ ولُؤَيُّ:
اسمان، وتصغير لأْي لُؤَيٌّ، ومنه لؤيّ بن غالب أَبو قريش. قال أَبو منصور:
وأَهل العربية يقولون هو عامر بن لُؤيّ، بالهمز، والعامة تقول لُوَيّ،
قال علي بن حمزة: العرب في ذلك مختلفون، من جعله من اللأْي همزه، ومن جعله
من لِوَى الرَّمْل لم يهمزه. ولأْيٌ: نهر من بلاد مُزَيْنةَ يدفع في
العقيق؛ قال كثير عزة:
عَرَفْتُ الدَّار قدْ أَقْوَتْ برِيمِ
إِلى لأْيٍ، فمَدْفَعِ ذِي يَدُومِ
(* قوله« إلى لأي» هذا ما في الأصل، وفي معجم ياقوت: ببطن لأي بوزن
اللعا، ولم يذكر لأي بفتح فسكون.)
واللاَّئي: بمعنى اللَّواتي بوزن القاضي والدَّاعي. وفي التنزيل العزيز:
واللاَّئي يَئِسْنَ من المَحِيض. قل ابن جني: وحكي عنهم اللاَّؤو فعلوا
ذلك يريد اللاَّؤون، فحذف النون تخفيفاً.
لألأ: اللُّؤْلُؤَةُ: الدُّرَّةُ، والجمع اللُّؤْلُؤُ والَّلآلِئُ، وبائعُه لأْآءٌ، ولأْآلٌ، ولأْلاءٌ. قال أَبو عبيد: قال الفرّاءُ سمعت العرب تقول لصاحب اللؤْلؤ لأْآءٌ على مثال لَعَّاعٍ، وَكرِهَ قول الناس لأْآلٌ على مثال لَعَّالٍ. قال الفارسي: هو من باب سبطر. وقال عليّ ابنُ حمزة: خالف الفرّاءُ في هذا الكلام العربَ والقياس، لإِن المسموع لأْآلٌ والقياس لُؤْــلُؤِيٌّ، لإِنه لا يبنى من الرباعي فَعَّالٌ، ولأْآل شاذّ. الليث: اللُّؤْلُؤُ معروف وصاحبه لأْآل. قال: وحذفوا الهمزة الأَخيرة حتى استقام لهم فَعَّالٌ، وأَنشد:
دُرَّةٌ منْ عَقائِل البَحْربِكْرٌ، * لم تَخُنْها مَثاقِبُ الَّلأْآلِ
ولولا اعتلال الهمزة ما حسن حَذفها. أَلا ترى أَنهم لا يقولون لبياع السمسم سَمّاسٌ وحَذْوُهُما في القياس واحد. قال: ومنهم من يرى هذا خطأ.
واللِّئالةُ، بوزن اللِّعالةِ: حرفة الَّلأْآلِ.
وتَلأْلأَ النجمُ والقَمرُ والنارُ والبَرقُ، ولأْلأَ: أَضاءَ ولَمع.
وقيل هو: اضْطَرَب بَرِيقُه. وفي صفته، صلى اللّه عليه وسلم: يَتَلأْلأُ وجهُه تَلأْلُؤَ القمر أَي يَسْتَنِير ويُشْرِقُ، مأْخوذ من اللُّؤْلُؤِ.
وتَلأْلأَتِ النارُ: اضْطَرَبَتْ.
وَلأْلأَتِ النارُ لأْلأَةً إِذا تَوَقَّدت. ولأْلأَتِ المرأَةُ بعَيْنَيْها: برَّقَتْهُما. وقول ابن الأَحمر:
مارِيّةٌ، لُؤْلُؤَانُ اللَّوْنِ أَوْرَدَها * طَلٌّ، وبَنَّسَ عنها فَرْقَدٌ خَصِرُ
فإِنه أَراد لُؤْــلُؤِيَّــتَهُ، برَّاقَتَه.
وَلأْلأَ الثَورُ بذَنبِه: حَرَّكه، وكذلك الظَّبْيُ، ويقال للثور الوحشي: لأْلأَ بذنبه. وفي المثل: لا آتِيكَ ما لأْلأَتِ الفُورُ أَي بَصْبَصَتْ بأَذنابِها، ورواه اللحياني: ما لأْلأَتِ الفُورُ بأَذنابها، والفُور:
الظِّباءُ، لا واحد لها من لفظها.
سوم: السَّوْمُ: عَرْضُ السِّلْعَةِ على البيع. الجوهري: السَّوْمُ في
المبايعة يقال منه ساوَمْتُهُ سُواماً، واسْتامَ عليَّ، وتساوَمْنا،
المحكم وغيره: سُمْتُ بالسلْعةِ أَسومُ بها سَوْماً وساوَمْت واسْتَمْتُ بها
وعليها غاليت، واسْتَمْتُه إِياها وعليها غالَيْتُ، واسْتَمْتُهُ إِياها
سأَلته سَوْمَها، وسامَنيها ذَكَرَ لي سَوْمَها. وإِنه لغالي السِّيمَةِ
والسُّومَةِ إِذا كان يُغْلي السَّوْمَ. ويقال: سُمْتُ فلاناً سِلعتي
سَوْماً إِذا قلتَ أَتأْخُذُها بكذا من الثمن؟ ومثل ذلك سُمْتُ بسِلْعتي
سَوْماً. ويقال: اسْتَمْتُ عليه بسِلْعتي استِياماً إِذا كنتَ أَنت تذكر
ثمنها. ويقال: اسْتامَ مني بسِلْعتي اسْتِياماً إِذا كان هو العارض عليك
الثَّمَن. وسامني الرجلُ بسِلْعته سَوْماً: وذلك حين يذكر لك هو ثمنها،
والاسم من جميع ذلك السُّومَةُ والسِّيمَةُ. وفي الحديث: نهى أَن يَسومَ
الرجلُ على سَومِ أَخيه؛ المُساوَمَةُ: المجاذبة بين البائع والمشتري على
السِّلْعةِ وفصلُ ثمنها، والمنهي عنه أَن يَتَساوَمَ المتبايعانِ في
السِّلْعَةِ ويتقارَبَ الانعِقادُ فيجيء رجل آخر يريد أَن يشتري تلك السِّلْعَةَ
ويخرجها من يد المشتري الأَوَّل بزيادة على ما اسْتَقَرَّ الأَمرُ عليه
بين المُتساوِمَيْنِ ورضيا به قبل الانعقاد، فذلك ممنوع عند المقاربة لما
فيه من الإِفساد، ومباح في أَوَّل العَرْضِ والمُساوَمَةِ. وفي الحديث
أَيضاً: أَنه، صلى الله عليه وسلم، نهى عن السَّوْم قبل طلوع الشمس؛ قال
أَبو إِسحق: السَّوْمُ أَن يُساوِمَ بسِلْعَتِه، ونهى عن ذلك في ذلك الوقت
لأَنه وقت يذكر الله فيه فلا يشتغل بغيره، قال: ويجوز أَن يكون السَّوْمُ
من رَعْي الإِبل، لأَنها إِذا رَعَت الرِّعْي قبل شروق الشمس عليه وهو
نَدٍ أَصابها منه داء قتلها، وذلك معروف عند أَهل المال من العرب.
وسُمْتُكَ بَعِيرَك سِيمةً حسنة، وإِنه لغالي السِّيمةِ. وسامَ أَي مَرَّ؛ وقال
صخر الهذلي:
أُتِيحَ لها أُقَيْدِرُ ذو حَشِيفٍ،
إِذا سامَتْ على المَلَقاتِ ساما
وسَوْمُ الرياح: مَرُّها، وسامَتِ الإِبلُ والريحُ سَوْماً: استمرّت؛
وقول ذي الرُّمَّةِ:
ومُسْتامة تُسْتامُ، وهي رَخِيصةٌ،
تُباعُ بِصاحاتِ الأَيادي وتُمْسَحُ
يعني أَرضاً تَسُومُ فيها الإِبل، من السَّوْم الذي هو الرَّعْي لا من
السَّوْم الذي هو البيع، وتُباعُ: تَمُدُّ فيها الإِبل باعَها، وتَمْسَحُ:
من المسح الذي هو القطع، من قول الله عز وجل: فطَفِقَ مَسْحاً بالسُّوقِ
والأَعْناقِ. الأَصمعي: السَّوْمُ سرعة المَرِّ؛ يقال: سامَتِ الناقَةُ
تَسُومُ سَوْماً؛ وأَنشد بيت الراعي:
مَقَّاء مُنْفَتَقِ الإِبطَيْنِ ماهِرَة
بالسَّوْمِ، ناطَ يَدَيْها حارِكٌ سَنَدُ
ومنه قول عبد الله ذي النِّجادَيْنِ يخاطب ناقةَ سيدنا رسول الله، صلى
الله عليه وسلم:
تَعَرَّضي مَدارِجاً وسُومي،
تَعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجومِ
وقال غيره: السَّوْمُ سرعة المَرِّ مع قصد الصَّوْب في السير.
والسَّوَامُ والسائمةُ بمعنى: وهو المال الراعي. وسامَتِ الراعيةُ
والماشيةُ والغنم تَسُومُ سَوْماً: رعت حيث شاءت، فهي سائِمَةٌ؛ وقوله أَنشده
ثعلب:
ذاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانةٌ
غَرْبَةُ العَيْنِ، جِهادُ المَسامْ
(* قوله «جهاد المسام» البيت للطرماح كما نسبه إليه في مادة جهد، لكنه
أبدل هناك المسام بالسنام وهو كذلك في نسخة من المحكم)
وفسره فقال: المَسامُ الذي تَسومُهُ أَي تلزمه ولا تَبْرَحُ منه.
والسَّوامُ والسائمةُ: الإِبل الراعية. وأَسامَها هو: أَرعاها، وسَوَّمَها،
أَسَمْتُها أَنا: أَخرجتها إِلى الرَّعْيِ؛ قال الله تعالى: فيه تُسِيمون.
والسَّوَامُ: كل ما رعى من المال في الفَلَواتِ إِذا خُلِّيَ وسَوْمَهُ
يرعى حيث شاء. والسَّائِمُ: الذاهب على وجهه حيث شاء. يقال: سامَتِ
السائمةُ وأَنا أَسَمْتُها أُسِيمُها إِذا رَعًّيْتَها. ثعلب: أَسَمْتُ الإِبلَ
إِذا خَلَّيْتَها ترعى. وقال الأَصمعي: السَّوامُ والسائمة كل إِبل
تُرْسَلُ ترعى ولا تُعْلَفُ في الأصل، وجَمْعُ السَّائم والسائِمة سَوائِمُ.
وفي الحديث: في سائِمَةِ الغَنَمِ زكاةٌ. وفي الحديث أَيضاً: السائمة
جُبَارٌ، يعني أَن الدابة المُرْسَلَة في مَرْعاها إِذا أَصابت إِنساناً كانت
جنايتُها هَدَراً.
وسامه الأَمرَ سَوْماً: كَلَّفَه إِياه، وقال الزجاج: أَولاه إِياه،
وأَكثر ما يستعمل في العذاب والشر والظلم. وفي التنزيل: يَسُومونكم سُوءَ
العذاب؛ وقال أَبو إِسحق: يسومونكم يُولُونَكم؛ التهذيب: والسَّوْم من قوله
تعالى يسومونكم سوء العذاب؛ قال الليث: السَّوْمُ أَن تُجَشِّمَ
إِنساناً مشقة أَو سوءاً أَو ظلماً، وقال شمر: سامُوهم أَرادوهم به، وقيل:
عَرَضُوا عليهم، والعرب تقول: عَرَضَ عليَّ سَوْمَ عالَّةٍ؛ قال الكسائي: وهو
بمعنى قول العامة عَرْضٌ سابِريٌّ؛ قال شمر: يُضْرَبُ هذا مثلاً لمن
يَعْرِضُ عليك ما أَنت عنه غَنيّ، كالرجل يعلم أَنك نزلت دار رجل ضيفاً
فَيَعْرِضُ عليك القِرى. وسُمْتُه خَسْفاً أَي أَوليته إِياه وأَردته عليه.
ويقال: سُمْتُه حاجةً أَي كلفته إِياها وجَشَّمْتُه إِياها، من قوله تعالى:
يَسُومُونكم سُوءَ العذاب؛ أَي يُجَشِّمونَكم أَشَدَّ العذاب. وفي حديث
فاطمة: أَنها أَتت النبي، صلى الله عليه وسلم، بِبُرْمةٍ فيها سَخِينَةٌ
فأَكل وما سامني غَيْرَهُ، وما أَكل قَطُّ إِلاَّ سامني غَيْرَهُ؛ هو من
السَّوْمِ التكليف، وقيل: معناه عَرَضَ عَليَّ، من السَّوْمِ وهو طلب
الشراء. وفي حديث علي، عليه السلام: مَن ترك الجهادَ أَلْبَسَهُ الله
الذِّلَّةَ وسِيمَ الخَسْف أَي كُلِّفَ وأُلْزِمَ.
والسُّومَةُ والسِّيمةُ والسِّيماء والسِّيمِياءُ: العلامة. وسَوَّمَ
الفرسَ: جعل عليه السِّيمة. وقوله عز وجل: حجارةً من طينٍ مُسَوَّمَةً عند
ربك للمُسْرفين؛ قال الزجاج: روي عن الحسن أَنها مُعَلَّمة ببياض وحمرة،
وقال غيره: مُسَوَّمة بعلامة يعلم بها أَنها ليست من حجارة الدنيا ويعلم
بسيماها أَنها مما عَذَّبَ اللهُ بها؛ الجوهري: مُسَوَّمة أَي عليها
أَمثال الخواتيم. الجوهري: السُّومة، بالضم، العلامة تجعل على الشاة وفي
الحرب أَيضاً، تقول منه: تَسَوَّمَ. قال أَبو بكر: قولهم عليه سِيما حَسَنَةٌ
معناه علامة، وهي مأُخوذة من وَسَمْتُ أَسِمُ، قال: والأَصل في سيما
وِسْمى فحوّلت الواو من موضع الفاء فوضعت في موضع العين، كما قالوا ما
أَطْيَبَهُ وأَيْطَبَه، فصار سِوْمى وجعلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما
قبلها. وفي التنزيل العزيز: والخيلِ المُسَوَّمَةِ. قال أَبو زيد: الخيل
المُسَوَّمة المُرْسَلة وعليها ركبانها، وهو من قولك: سَوَّمْتُ فلاناً إِذا
خَلَّيته وسَوْمه أَي وما يريد، وقيل: الخيل المُسَوَّمة هي التي عليها
السِّيما والسُّومةُ وهي العلامة. وقال ابن الأَعرابي: السِّيَمُ العلاماتُ
على صُوف الغنم. وقال تعالى: من الملائكة مُسَوَّمين؛ قرئَ بفتح الواو،
أَراد مُعَلَّمين. والخَيْلُ المُسَوَّمة: المَرْعِيَّة،
والمُسَوَّمَةُ: المُعَلَّمةُ. وقوله تعالى: مُسَوّمين، قال الأَخفش: يكون مُعَلَّمين
ويكون مُرْسَلِينَ من قولك سَوَّم فيها الخيلَ أَي أَرسلها؛ ومنه السائمة،
وإِنما جاء بالياء والنون لأَن الخيل سُوِّمَتْ وعليها رُكْبانُها. وفي
الحديث: إِن لله فُرْساناً من أَهل السماء مُسَوَّمِينَ أَي
مُعَلَّمِينَ. وفي الحديث: قال يوم بَدْرٍ سَوِّمُوا فإِن الملائكة قد سَوَّمَتْ أَي
اعملوا لكم علامة يعرف بها بعضكم بعضاً. وفي حديث الخوارج: سِيماهُمُ
التحليق أَي علامتهم، والأَصل فيها الواو فقلبت لكسرة السين وتمدّ وتقصر،
الليث: سَوَّمَ فلانٌ فرسه إِذا أَعْلَم عليه بحريرة أَو بشيء يعرف به،
قال: والسِّيما ياؤها في الأَصل واو، وهي العلامة يعرف بها الخير والشر. قال
الله تعالى: تَعْرفُهم بسيماهم؛ قال: وفيه لغة أُخرى السِّيماء بالمد؛
قال الراجز:
غُلامٌ رَماه اللهُ بالحُسْنِ يافِعاً،
له سِيماءُ لا تَشُقُّ على البَصَرْ
(* قوله سيماء؛ هكذا في الأصل، والوزن مختل، ولعلَّها سيمياء كما سوف
يأتي في الصفحة التالية).
تأْنيث سِيما غيرَ مُجْرىً. الجوهري: السيما مقصور من الواو، قال تعالى:
سِيماهُم في وجوههم؛ قال: وقد يجيء السِّيما والسِّيميَا ممدودين؛
وأَنشد لأُسَيْدِ ابن عَنْقاء الفَزارِيِّ يمدح عُمَيْلَةَ حين قاسمه
مالَه:غُلامٌ رَماه الله بالحُسْنِ يافعاً،
له سِيمِياءٌ لا تَشُقُّ على البَصَرْ
كأَنَّ الثُّرَيَّا عُلِّقَتْ فَوْقَ نَحْرِهِ،
وفي جِيدِه الشِّعْرَى، وفي وجهه القَمَر
له سِيمياء لا تشق على البصر أَي يَفْرَح به من ينظر إِليه. قال ابن
بري: وحكى عليُّ بنُ حَمْزَة أَن أَبا رِياشٍ قال: لا يَرْوي بيتَ ابن عنقاء
الفزاري:
غلام رماه الله بالحسن يافعاً
إِلا أَعمى البصيرة لأَن الحُسْنَ مَوْلود، وإِنما هو:
رماه الله بالخير يافعاً
قال: حكاه أَبو رِياشٍ عن أَبي زيد. الأَصمعي: السِّيماءُ، ممدودة،
السِّيمِياءُ؛ أَنشد شمر في باب السِّيما مقصورةً للجَعْدِي:
ولهُمْ سِيما، إِذا تُبْصِرُهُمْ،
بَيَّنَتْ رِيبةَ من كانَ سَأَلْ
والسَّامةُ: الحَفْرُ الذي على الرَّكِيَّة، والجمع سِيَمٌ، وقد
أَسامَها، والسَّامَةُ: عِرْقٌ في الجَبل مُخالف لجِبِلَّتِه إِذا أُخذَ من
المُشْرِقِ إِلى المغرب لم يُخْلِف أَن يكون فيه مَعْدِنُ فضَّة، والجمع
سامٌ، وقيل: السَّامُ عُروق الذهب والفضة في الحَجر، وقيل: السَّامُ عُروق
الذهب والفضة، واحدته سامَةٌ، وبه سمي سامَةُ بن لُؤَيِّ بن غالب؛ قال
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ:
لَوَ انَّكَ تُلْقِي حَنْظَلاً فَوْقَ بَيْضِنا،
تَدَحْرَجَ عن ذِي سامِهِ المُتَقارِبِ
أَي على ذي سامه، وعن فيه بمعنى على، والهاء في سامه ترجع إِلى البيض،
يعني البَيْضَ المُمَوَّهَ به أَي البيض الذي له سامٌ؛ قال ثعلب: معناه
أَنهم تَراصُّوا في الحرب حتى لو وقع حَنْظَلٌ على رؤوسهم على امِّلاسه
واسْتِواءِ أَجزائه لم ينزل إِلى الأَرض، قال: وقال الأَصمعي وابن الأَعرابي
وغيره: السامُ الذهب والفضة؛ قال النابغة الذُّبْيانيُّ:
كأَنَّ فاها، إِذا تُوَسَّنُ، من
طِيبِ رُضابٍ وحُسْنِ مُبْتَسَمِ
رُكِّبَ في السَّامِ والزبيب أَقا
حِيُّ كَثِيبٍ، يَنْدَى من الرِّهَمِ
قال: فهذا لا يكون إِلا فضة لأَنه إِنما شبه أَسنان الثغر بها في
بياضها، والأَعْرَفُ من كل ذلك أَن السَّامَ الذهبُ دون الفضة. أَبو سعيد: يقال
للفضة بالفارسية سِيمٌ وبالعربية سامٌ. والسامُ: المَوْتُ. وروي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: في الحَبَّةِ السَّوداء شفاءٌ من كل
داء إِلا السَّامَ، قيل: وما السَّامُ؟ قال: المَوْتُ . وفي الحديث: كانت
اليهود إِذا سَلَّموا على النبي، صلى الله عليه وسلم، قالوا السَّامُ
عليكم، ويُظْهرون أَنهم يريدون السلام عليكم، فكان النبي، صلى الله عليه
وسلم، يَرُدُّ عليهم فيقول: وعليكم أَي وعليكم مثلُ ما دَعَوْتم. وفي حديث
عائشة: أَنها سمعت اليهود تقول للنبي، صلى الله عليه وسلم: السَّامُ عليك
يا أَبا القاسم، فقالت: عليكم السامُ والذامُ واللعنةُ، ولهذا قال، عليه
السلام: إِذا سلم عليكم أَهل الكتاب فقولوا وعليكم، يعني الذي يقولون لكم
رُدُّوه عليهم؛ قال الخطابي: عامة المُحَدِّثِينَ يَرْوُونَ هذا الحديث
يقولون وعليكم، بإِثبات واو العطف، قال: وكان ابن عيينة يرويه بغير واو
وهو الصواب لأَنه إِذا حذف الواو صار قولهم الذي قالوه بعينه مردوداً
عليهم خاصة، وإِذا أَثبت الواو وقع الاشتراك معهم فيما قالوه لأن الواو تجمع
بين الشيئين، والله أَعلم. وفي الحديث: لكل داءٍ دواءٌ إِلا السَّامَ
يعني الموت. والسَّامُ: شجر تعمل منه أَدْقالُ السُّفُنِ؛ هذه عن كراع؛
وأَنشد شمر قول العجاج:
ودَقَلٌ أَجْرَدُ شَوْذَبيُّ
صَعْلٌ من السَّامِ ورُبَّانيُّ
أَجْرَدُ يقول الدَّقَلُ لا قِشْر عليه، والصَّعْلُ الدقيق الرأْس، يعني
رأْس الدَّقَل، والسَّام شجر يقول الدَّقَلُ
منه، ورُبَّانيٌّ: رأْس المَلاَّحين.
وسامَ إِذا رَعى، وسامَ إِذا طَلَبَ، وسامَ إِذا باع، وسامَ إِذا
عَذَّبَ. النَّضْرُ: سامَ يَسُوم إِذا مَرَّ. وسامَتِ الناقةُ إِذا مضت، وخلى
لها سَومْها أَي وَجْهها. وقال شجاع: يقال سارَ القومُ وساموا بمعنىً
واحد.ابن الأَعرابي: السَّامَةُ الساقةُ، والسَّامَةُ المَوْتَةُ،
والسَّامَةُ السَّبِيكةُ من الذَّهب، والسَّامةُ السَّبِيكة من الفضة، وأَما قولهم
لا سِيمَّا فإِن تفسيره في موضعه لأَن ما فيها صلة.
وسامَتِ الطيرُ على الشيء تَسُومُ سَوْماً: حامت، وقيل: كل حَومٍ
سَوْمٌ. وخلَّيْتُه وسَوْمَه أَي وما يريد. وسَوَّمَه: خَلاَّه وسَوْمَه أَي
وما يريد. ومن أَمثالهم: عَبْدٌ
وسُوِّمَ أَي وخُلِّيَ وما يريد. وسَوَّمه في مالي: حَكَّمَه.
وسَوَّمْتُ الرجلَ تَسْوِيماً إِذا حَكَّمْتَه في مالك. وسَوَّمْتُ على القوم إِذا
أَغَرْتَ عليهم فعِثْتَ فيهم. وسَوَّمْتُ فلاناً
في مالي إِذا حَكَّمْتَه في مالك. والسَّوْمُ: العَرْضُ؛ عن كراع.
والسُّوامُ: طائر.
وسامٌ: من بني آدم، قال ابن سيده: وقضينا على أَلفه بالواو لأَنِها عين.
الجوهري: سامٌ أَحد بني نوح، عليه السلام، وهو أَبو العرب. وسَيُومُ:
جبل
(* قوله «وسيوم جبل إلخ» كذا بالأصل، والذي قي القاموس والتكملة: يسوم،
بتقديم الياء على السين، ومثلهما في ياقوت). يقولون، والله أَعلم: مَنْ
حَطَّها من رأْسِ سَيُومَ؟ يريدون شاة مسروقة من هذاالجبل.
فوق: فَوْقُ: نقيض تحت، يكون اسماً وظرفاً، مبني، فإذا أًضيف أًعرب،
وحكى الكسائي: أَفَوْقَ تنام أَم أَسفَلَ، بالفتح على حذف المضاف وترك
البناء، قوله تعالى: إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً مّا بعوضةً فما فَوْقَها؛
قال أبو عبيدة: فما دونها، كما تقول إذا قيل لك فلان صغير تقول وفَوْقَ
ذلك أي أصغر من ذلك؛ وقال الفراء: فما فَوْقَها أي أعظم منها، يعني
الذُّباب والعَنْكبوت. الليث: الفَوْقَ نقيض التحت، فمن جعله صفة كان سبيله
النصب كقولك عبد الله فَوْقَ زيدٍ لأنه صفة، فإن صيرته اسماً رفعته فقلت
فوقُه رأسُه، صار رفعاً ههنا لأنه هو الرأس نفسه، ورفعت كلَّ واحد منهما
بصاحبه الفَوْقُ بالرأس، والرأسُ بالفَوْقِ. وتقول: فَوْقَهُ
قَلَنْسُوتُهُ، نصبت الفَوْقَ لأنه صفة عين القَلَنْسُوة، وقوله تعالى: فخرَّ عليهم
السقف من فَوْقِهِمْ، لا تكاد تظهر الفائدة في قوله من فَوْقِهِمْ لأن
عليهم قد تنوب عنها. قال ابن جني: قد يكون قوله من فَوْقِهِم هنا مفيداً،
وذلك أن قد تستعمل في الأفعال الشاقة المستثقلة عَلى، تقول قد سِرْنا عشْراً
وبَقيَتْ علينا ليلتان، وقد حفظت القرآن وبقيت عَلَيَّ منه سورتان، وقد
صمنا عشرين من الشهر وبقي علينا عشر، وكذلك يقال في الاعتداد على الإنسان
بذنوبه وقُبْح أفعاله: قد أَخرب عليّ ضَيْعَتي وأعْطَبَ عليَّ عَواملي،
فعلى هذا لو قيل فخرَّ عليهم السقف ولم يُقَلْ من فوقهم، لجاز أن يظن به
أنه كقولك قد خربت عليهم دارهم، وقد هلكت عليهم مواشيهم وغلالهم، فإذا
قال من فوقهم زال ذلك المعنى المحتمل، وصار معناه أنه سقط وهم من تحته،
فهذا معنىً غيرُ الأول، وإنما اطّردَتْ على في الأفعال التي قدمنا ذكرها مثل
خربت عليه ضَيْعَتُه، وبطلت عليه عَواملهُ ونحو ذلك من حيث كانت عَلى في
الأصل للاستعلاء، فلما كانت هذه الأحوال كُلَفاً ومَشاقَّ تخفضُ الإنسان
وتَضَعُه وتعلوه وتَتَفَرَّعُه حتى يخضع لها ويَخْنع لما يَتَسَدَّاه
منها، كان ذلك من مواضع عَلى، ألا تراهم يقولون هذا لك وهذا عليك؟
فتَسْتعمل اللام فيما تُؤثِرهُ وعلى فيما تكرهه؛ قالت الخنساء:
سَأحْمِلُ نَفْسي على آلَةٍ،
فإمَّا عَلَيْها وإمَّا لَها
وقال ابن حلزة:
فلَهُ هنالِكَ، لا عَلَيْهِ، إذا
دَنِعَتْ نفوسُ القومِ للتَّعْسِ
فمِنْ هنا دخلت على هذه في هذه الأفعال. وقوله تعالى: لأكلوا من فوقهم
ومن تحت أرجلهم؛ أراد تعالى: لأكلوا من قَطْر السماء ومن نبات الأرض،
وقيل: قد يكون هذا من جهة التوسعة كما تقول فلان في خير من فَرْقِهِ إلى
قَدَمه. وقوله تعالى: إذ جاؤوكم من فَوْقِكم ومن أسْفَلَ منكم؛ عَنى الأحزاب
وهم قريش وغَطَفان وبنو قُرَيظةُ قد جاءتهم من قَوقهم وجاءت قريش وغطَفان
من ناحية مكة من أسفل منهم.
وفاقَ الشيءَ فَوْقاً وفَواقاً: علاهُ. وتقول: فلان يَفُوقَ قومه أي
يعلوهم، ويفوق سطحاً أي يعلوه. وجارية فائِقةٌ: فاقَتْ في الجمال. وقولهم في
الحديث المرفوع: إنه قَسَم الغنائم يوم بدر عن فُواقٍ أي قسمها في قدر
فُواقِ ناقةٍ، وهو قدر ما بين الحلبتين من الراحة، تضم فاؤه وتفتح، وقيل:
أراد التفضيل في القسمة كأنه جعل بعضهم أفْوقَ من بعضٍ على قدر غَنائهم
وبَلائهم، وعن ههنا بمنزلتها في قولك أعطيته عن رَغْبَةٍ وطِيبِ نفس، لأن
الفاعل وقت إنشاء الفعل إذا كان متصفاً بذلك كان الفعل صادراً عنه لا
محالة ومجاوزاً له؛ وقال ابن سيده في الحديث: أرادوا التفضيل وأنه جعل بعضهم
فيها فَوْق بعض على قدر غنائهم يومئذ؛ وفي التهذيب: كأنه أراد فَعَل ذلك
في قدر فُواق ناقة، وفيه لغتان: من فَواق وفُواق. وفاقَ الرجل صاحبه:
علاه وغلبه وفَضَلَهُ. وفاقَ الرجل أصحابه يَفُوقهم أي علاهم بالشرف. وفي
الحديث حُبّب إليّ الجمال حتى ما أُحب أن يَفُوقني أحد بشِراك نعل؛ فُقْت
فلاناً أي صرت خيراً منه وأعلى وأشرف كأنك صرت فَوْقه في المرتبة؛ ومنه
الشيء الفائقُ وهو الجيد الخالص في نوعه؛ ومنه حديث حنين:
فما كان حِصْنٌ ولا حَابِسٌ
يَفُوقانِ مِرْدَاسَ في مَجْمَعِ
وفَاقَ الرجلُ فُوَاقاً إذا شخصت الريح من صدره. وفلان يَفُوق بنفسه
فُؤوقاً إذا كانت نفسه على الخروج مثل يَرِيقُ بنفسه. وفَاقَ بنفسه
يَفُوقعند الموت فَوقاً وفُؤوقاً: جاد، وقيل: مات.
ابن الأعرابي: الفَوْق نفس الموت. أبو عمرو: الفُوق الطريق الأول،
والعرب تقول في الدعاء: رجع فلان إلى فُوقه أي مات؛ وأنشد:
ما بالُ عِرْسي شَرِقَتْ بِريقِها،
ثُمَّتَ لا يَرجِعْ لها في فُوقِها؟
أي لا يرجع ريقها إلى مجراه. وفَاقَ يَفُوق فُؤوقاً وفُواقاً: أَخذه
البَهَرُ. والفُواقُ: ترديد الشَّهْقة العالية. والفُواق: الذي يأخذ
الإنسانِ عند النزع، وكذلك الريح التي تَشْخَصُ من صدره، وبه فُواق؛ الفراء:
يجمع الفُواق أفِيقَةً، والأصل أفْوِقَة فنقلت كسرة الواو لما قبلها فقلبت
ياء لإنكسار ما قبلها؛ ومثله: أقيموا الصلاة؛ الأصل أقْوِمُوا فألقوا حركة
الواو على القاف فانكسرت وقلبوا الواو ياء لكسرة القاف فقُرِئَتْ
أقيموا، كذلك قولهم أفِيقة. قال: وهذا ميزان واحد، ومثله مُصيبة كانت في الأصل
مُصْوبِة وأفْوِقَة مثل جواب وأجْوِبة. والفُوَاق والفَوَاق: ما بين
الحلبتين من الوقت لأنها تحلب ثم تُتْرَك سُوَيعةً يُرضعها الفَصيل لتَدِرّ
ثم تحلب. يقال: ما أقام عنده إلا فُوَاقاً. وفي حديث علي: قال له الأسير
يوم صفِّين: أنْظِرْني فُوَاق ناقة أي أخِّرني قدر ما بين الحلبتين. وفلان
يفوق بنفسه فُؤوقاً إذا كانت نفسه على الخروج. وفُوَاق الناقة وفَواقها:
رجوع اللبن في ضرعها بعد حلبها. يقال: لا تنتظره فُوَاق ناقة، وأقام
فُوَاق ناقة، جعلوه ظرفاً على السعة. وفُوَاق الناقة وفَواقها: ما بين
الحلبتين إذا فتحتَ يدك، وقي: إذا قبض الحالب على الضَّرْع ثم أرسله عند
الحلب. وفيقَتُها: درّتها من الفُواق، وجمعها فيقٌ وفَيقٌ، وحكى كراع فَيْقَةَ
الناقة، بالفتح، ولا أدري كيف ذلك. وفَاقَت الناقة بدِرّتها إذا
أرسلتْها على ذلك. وأفَاقَتِ الناقة تُفِيق إفاقةً أي اجتمعت الفِيقةُ في ضرعها،
وهي مُفِيق ومُفِيقةٌ: دَرّ لبنها، والجمع مَفَاويق. وفَوّقَها أهلُها
واسْتَفَاقوها: نَفَّسوا حلبها؛ وحكى أبو عمرو في الجزء الثالث من نوادره
بعد أن أنشد لأبي الهيثم التغلبي يصف قِسيّاً:
لنا مسائحُ زُورٌ، في مَراكِضِها
لِينٌ، وليس بها وَهْيٌ ولا رَفَقُ
شُدَّت بكل صُهَابيّ تَئِطُّ به،
كما تَئِطُّ إذا ما رُدَّتِ الفُيُقُ
قال: الفُيُق جمع مُفِيق وهي التي يرجع إليها لبنها بعد الحلب، وذلك
أنهم يحلبون الناقة ثم يتركونها ساعة حتى تفيق. يقال: أفَاقَت الناقة
فاحْلُبْها. قال ابن بري: قوله الفُيُق جمع مُفِيقٍ قياسه جمع فَيُوق أو
فَائقٍ. وأفاقَتِ الناقةُ واسْتَفَاقها أهلُها إذا نَفَّسوا حلبها حتى تجتمع
دِرّتها. والفُواقَ والفَوَاق: ما بين الحلبتين من الوقت، والفُواق ثائب
اللبن بعد رضاع أو حلاب، وهو أن تُحْلب ثم تُتْرك ساعة حتى تَدِرّ؛ قال
الراجز:
أَلا غلامٌ شَبَّ من لِدَاتِها،
مُعاوِدٌ لشُرْبِ أفْوِقَاتِها
أفْوِقاتٌ: جمع أفْوقِةٍ، وأفْوقةٌ جمع فُوَاقٍ. وقد فاقَتْ تَفُوقُ
فُوَاقاً وفِيقةً؛ وكلما اجتمع من الفُواق دِرَّةٌ، فاسمها الفِيقةُ. وقال
ابن الأعرابي: أفاقتِ الناقةُ تُفِيقُ إفاقةً وفُوَاقاً إذا جاء حين
حلبها. ابن شميل: الإفاقةُ للنافة أن تَرِدَ من الرعي وتُتْرك ساعة حتى تستريح
وتفيق، وقال زيد بن كُثْوة: إفاقةُ الدِّرة رجوعها، وغرارُها ذهابها.
يقال: اسْتَفِقِ الناقةَ أي لا تحلبها قبل الوقت؛ ومنه قوله: لا تَسْتَفِقْ
من الشراب أي لا تشربه في الوقت، وقيل: معناه لا تجعَلْ لشربه وقتاً
إنما تشربه دائماً. ابن الأعرابي: المُفَوَّقُ الذي يُؤخَذ قليلاً قليلاً من
مأكول أو مشروب. ويقال: أفاقَ الزمانُ إذا أخصب بعد جَدْب؛ قال الأعشى:
المُهِيِنينَ ما لَهُمْ في زمان السْـ
سوءِ، حتى إذا أفَاقَ أفَاقُوا
يقول: إذا أفاقَ الزمانُ بالخِصْب أفاقُوا من نحر الإبل. وقال نصير:
يريد إذا أفاقَ الزمانُ سهمِه ليرميهم بالقحط أفاقُوا له سِهامهم بنحر
الإبل.وأفَاوِيقُ السحاب: مطرها مرة بعد مرة. والأفاويقُ: ما اجتمع من الماء
في السحاب فهو يُمطر ساعة بعد ساعة؛ قال الكميت:
فباتَتْ تَثِجُّ أفاوِيقُها،
سِجالَ النِّطافِ عليه غِزَارَا
أي تثجُّ أفاويقُها على الثور الوحشي كسجال النطاف؛ قال ابن سيده: أراهم
كَسَّرُوا فُوقاً على أَفْواقٍ ثم كسّروا أفْواقاً على أفاوِيقَ. قال
أبو عبيد في حديث أبي موسى الأشعري وقد تذاكر هو ومعاذ قراءةَ القرآن فقال
أبو موسى: أما أنا فأَتَفَوَّقُه تَفَوُّقَ اللَّقوح؛ يقول لا أقرأ جزئي
بمرة ولكن أقرأ منه شيئاً بعد شيء في آناء الليل والنهار، مشتق من فُوَاق
الناقة، وذلك أنها تُحلب ثم تترك ساعة حتى تدرّ ثم تحلب، يقال منه: فاقت
تَفُوق فُواقاً وفِيقةً؛ وأنشد:
فأضْحَى يَسُحُّ الماءَ من كل فِيقةٍ
والفيِقةُ، بالكسر: اسم اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين، صارت الواو ياء
لكسرة ما قبلها؛ قال الأعشى يصف بقرة:
حتى إذا فِيقة في ضرعها اجْتَمَعَتْ،
جاءت لتُرْضِع شِقَّ النَّفْسِ، لو رَضَعا
وجمعها فيقٌ وأفْواقٌ مثل شِبْر وأشبار، ثم أفاوِيقُ؛ قال ابن هَمّام
السلولي:
وذَمُّوا لَنَا الدُّنْيا، وهم يَرْضَعُونها
أفاوِيقَ، حتى ما يَدِرُّ لها ثعْلُ
قال ابن بري: وقد يجوز أن تجمع فِيقةٌ على فِيقٍ، ثم تجمع فِيَقٌ على
أفْواقٍ، فيكون مثل شِيعَةٍ وأَشِيَاعٍ؛ وشاهد أفواق قول الشاعر:
تَعْتادُهُ زَفَرَاتٌ حين يَذْكرُها،
يَسْقِينَهُ بكؤوس الموت أفْواقا
وفَوَّقْتُ الفصيل أي سقيته اللبن فُواقاً فُواقاً. وتَفَوَّقَ الفصيل
إذا شرب اللبن كذلك؛ وقوله أنشده أبو حنيفة:
شُدَّت بكل صُهَابيٍّ تِئِطُّ به،
كما تَئِطُّ إذا ما رُدَّتِ الفُيُقُ
فسر الفُيُقَ بأنها الإبل التي يرجع إليها لبنها بعد الحلب، قال:
والواحدة مُفِيقٌ؛ قال أبو الحسن: أما الفُيُقُ فليست بجمع مُفِيق لأن ذلك إنما
يجمع على مَفَاوق ومفَاوِيق، والذي عندي أنها جمع ناقة فَووق، وأصله
فُوُقٌ فأبدل من الواو ياء استثقالاً للضمة على الواو، ويروى الفِيَقُ، وهو
أقيس، وقوله تعالى: ما لها من فَوَاقٍ؛ فسره ثعلب فقال: معناه من
فَتْرَةٍ، قال الفراء: ما لها من فَوَاقٍ، يقرأ بالفتح والضم، أي ما لها من راحة
ولا إفاقة ولا نظرة، وأصلها من الإفاقة في الرضاع إذا ارتضعت البَهْمةُ
أُمَّها ثم تركتها حتى تنزل شيئاً من اللبن فتلك الإفاقة الفَواقُ. وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: عيادة المريض قَدْرُ فُوَاقِ
ناقةٍ. وتقول العرب: ما أقام عندي فُواقَ ناقةٍ، وبعض يقول فَوَاق ناقة
بمعنى الإفاقة كإفاقةِ المَغْشِيّ عليه؛ تقول: أفَاقَ يُفِيقُ إفَاقَةً
وفَواقاً؛ وكل مغشيٍّ عليه أو سكران معتوهٍ إذا انجلى ذلك عنه قيل: قد أفاقَ
واسْتَفَاقَ؛ قالت الخنساء:
هَرِيقي من دُوموعك واسْتَفيقي * وصَبراً إن أَطقْتِ ولن تُطِيقي
قال أبو عبيدة: من قرأ من فَوَاقٍ، بالفتح، أراد ما لها من إفاقةٍ ولا
راحة، ذهب بها إلى إفاقة المريض، ومن ضمها جعلها من فُوَاق الناقة، وهو ما
بين الحلبتين، يريد ما لها من انتظار. قال قتادة: ما لها من فواق من
مرجوع ولا مَثْنَوِيّةٍ ولا ارتداد. وتَفَوَّقَ شرابَهُ: شربه شيئاً بعد
شيء.وخرجوا بعد أفاوِيق من الليل أي بعدما مضى عامة الليل، وقيل: هو كقولك
بعد أقطاع من الليل؛ رواه ثعلب.
وفِيقةُ الضحى: أوَّلها. وأفاق العليلُ إفاقة واسْتَفاقَ: نَقِه، والاسم
الفُواقَ، وكذلك السكران إذا صحا. ورجل مْستَفيق: كثير النوم؛ عن ابن
الأعرابي، وهو غريب. وأفاقَ عنه النعاسُ: أقلع.
والفَاقةُ: الفقر والحاجة، ولا فعل لها. يقال من القافَةِ: إنه
لمُفْتاقٌ ذو فاقةٍ. وافتاق الرجلُ أي افتقر، ولا يقال فاق. وفي الحديث: كانوا
أهل بيت فاقةٍ؛ الفاقةُ: الحاجة والفقر. والمُفْتاق: المحتاج؛ وروى الزجاجي
في أماليه بسنده عن أبي عبيدة قال: خرج سامة بن لؤَي بن غالب من مكة حتى
نزل بعُمَان وأنشأَ يقول:
بَلِّغا عامِراً وكَعْباً رسولاً:
إنْ نَفْسي إليهما مُشْتاقَةْ
إن تكنْ في عُمَانَ دَاري، فإني
ماجدٌ، ما خرجْتُ من غير فَاقَهْ
ويروى: فإني غالبيّ خرجت؛ ثم خرج يسير حتى نزل على رجل من الأزْدِ
فَقَرَاهُ وبات عنده، فلما أصبح قعد يَسْتَنُّ، فنظرت إليه زوجة الأزدي
فأعجبها، فلما رمى سواكه أخذتها فمصتها، فنظر إليه زوجها، فحلب ناقة وجعل في
حلابها سمّاً وقدمه إلى سامة، فغمزته المرأة فَهَراقَ اللبنَ وخرج يسير،
فيينا هو في موضع يقال له جوف الخَمِيلةِ هَوَتْ ناقته إلى عَرْفَجةٍ
فانْتَشَلَتْها وفيها أفْعى فنفَحَتْها، فرمت بها على ساق سامة فنهشتها فمات،
فبلغ الأزدية فقالت ترثيه:
عينُ بَكِّي لسامةَ بنِ لُؤيٍّ،
علِقَتْ ساقَ سامةَ العَلاَّقَة
لا أرَى مثلَ سامةَ بن لُؤيٍّ،
حَمَلَتْ حَتْفَهُ إليه النّاقَة
رُبَّ كأسٍ هَرَقْتَها ابنَ لؤيٍّ،
حَذَرَ الموت، لم تكن مُهراقَةْ
وحُدُوسَ السُّرى تَرَكْت رديئاً،
بعد جِدٍّ وجُرْأةٍ ورَشاقَة
وتعاطيت مَفْرَقاً بحُسَامٍ،
وتَجَنَّبْتَ قالة العَوّاقَةْ
وفي حديث علي، عليه السلام: إن بني أمية ليُفَوَّقونني تُراثَ محمد
تَفْوْيِقاً أي يعطونني من المال قليلاً قليلاً. وفي حديث أبي بكر في كتاب
الزكاة: من سئل فَوقَها فلا يعطه أي لا يعطي الزيادة المطلوبة، وقيل: لا
يعطيه شيئاً من الزكاة أصلاً لأنه إذا طلب ما فوق الواجب كان خائناً، وإذا
ظهرت منه خيانة سقطت طاعته.
والفُوقُ من السهم: موضع الوَتَر، والجمع أفْوَاق وفُوَقٌ. وفي حديث
علي، عليه السلام، يصف أبا بكر، رضي الله عنه: كنتَ أخفضهم صوتاً وأعلاهم
فُوقاً أي أكثرهم حظّاً ونصيباً من الدين، وهو مستعار من فُوقِ السهم موضع
الوَتَر منه. وفي حديث ابن مسعود: اجتمعنا فأمّرْنا عثمان ولم نَألُ عن
خيرنا ذا فُوقٍ أي ولَّيْنَا أعلانا سهماً ذا فُوقٍ؛ أراد خيرنا وأكملنا
تامّاً في الإسلام والسابقة والفضل. والفُوق: مَشَقُّ رأس السهم حيث يقع
الوَتَر، وحرفاة زَنَمتَاهُ، وهذيل تسمي الزَّنَمَتَينِ الفُوقَتَينِ؛
وأنشد:
كأنَّ النَّصْلَ والفُوقَيْنِ منه،
خلالَ الرأًس، سِيطَ به مُشِيحُ
وإذا كان في الفُوقِ مَيَل أو انكِسَارٌ في إحدى زَنَمتَيْه، فذلك السهم
أفْوَق، وفعله الفَوَقُ؛ وأنشد لرؤبة:
كَسَّر من عَيْنَيْه تقويم الفَوَقْ
والجمع أفْوَاقٌ وفُوَق. وذهب بعضهم إلى أن فُوَقاً جمع فُوقةٍ؛ وقال
أبو يوسف: يقال فُوقَةٌ وفُوَقٌ وأفْوَاق، وأنشد بيت رؤبة أيضاً، وقال: هذا
جمع فُوقَةٍ، ويقال فُقْوَة وفُقاً، على القلب. ابن الأعرابي:
الفَوَقَةُ الأدباءُ الخطباء. ويقال للإنسان تشخص الريح في صدره: فاقَ يَفُوقُ
فُوَاقاً. وفي حديث عبد الله بن مسعود في قوله: إنَّا أصحابَ محمد اجتمعنا
فأمَّرْنا عثمان ولم نَألُ عن خيرنا ذا فُوقٍ؛ قال الأصعمي: قوله ذا فُوقٍ
يعني السهم الذي له فُوقٌ وهو موضع الوَتَرِ، فلهذا خصَّ ذا الفُوقَ،
وإنما قال خيرنا ذا فُوقٍ ولم يقل خيرنا سَهْماً لأنه قد يقال له سهمٌ، وإن
لم يكن أُصْلِح فُوقُه ولا أُحْكِمَ عملهُ، فهو سهم وليس بتامّ كاملٍ،
حتى إذا أُصْلِح فُوقُه وأُحْكِمَ عملهُ فهو حينئذ سهم ذو فُوقٍ، فجعله
عبد الله مثلاً لعثمان، رضي الله عنه؛ يقول: إنه خيرنا سهماً تامّاً في
الإسلام والفضل والسابقة، والجمع أفْواقٌ، وهو الفُوقَةُ أيضاً، والجمع
فُوَقٌ وفُقاً مقلوب؛ قال الفِنْدْ الزِّمَّانيّ شَهْلُ بن شَيْبان:
ونَبْلي وفُقَاها كَـ
مَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
وقال الكميت:
ومن دُونِ ذاكَ قِسِيُّ المَنُو
نِ، لا الفُوقُ نَبْلاً ولا النُّصَّل
أي ليست القوس بفَوْقاءِ النَّ
بْل وليست نِبالُها بفُوقٍ ولا بِنُصَّلٍ أي بخارجة النصال من أرعاظها،
قال: ونصب نبلاً على توهم التنوين وإخراج اللام كما تقول: هو حسنٌ
وَجْهاً وكريمٌ والداً. والفَوَق: لغة في الفُوق. وسهم أفْوَقُ: مكسور الفُوقِ.
وفي المثل: رددته بأفْوَقَ ناصلٍ إذا أخْسَسْتَ حظه. ورجع فلان بأفْوَقَ
ناصلٍ إذا خس حظه أو خاب. ومثَل للعرب يضرب للطالب لا يجد ما طلب: رجع
بأفْوَقَ ناصلٍ أي بسهم منكسر الفُوقِ لا نصل له أي رجع بحَظٍّ ليس بتمام.
ويقال: ما بَلِلْتُ منه بأفْوقَ ناصلٍ، وهو السهم المنكسر. وفي حديث
عليّ، رضي الله عنه: ومَن رَمى بكم فقد رَمى بأفْوَقَ ناصلٍ أي رمى بسهم
منكسر الفُوقِ لا نصل له. والأفْوَقُ: السهم المكسور الفُوقِ. ويقال:
مَحالةٌ فَوْقاءُ إذا كان لكل سِنٍّ منها فُوقَانِ مثل فُوقَيِ السهم.
وانْفَاقَ السهمُ: انكسر فُوقُه أو انشق. وفُقْتُه أنا أفُوقُه: كسرت
فُوقَه. وفَوَّقْتُه تَفْوِيقاً: عملت له فُوقاً. وأفَقْتُ السهم
وأوفَقْتُه وأوفَقْتُ به، كلاهما على القلب: وضعته في الوَتَر لأرْمي به، وفي
التهذيب: فإن وضعته في الوتر لترمي به قلت فُقْتُ السهم وأفْوَقْتهُ. وقال
الأصمعي: أفَقْتُ بالسهم وأوْفَقْتُ بالسهم،بالباء، وقيل: ولا يقال
أوْفَقُتُه وهو من النوادر. الأصمعي: فَوَّق نبله تَفْويقاً إذا فرضها وجعل لها
أفْواقاً. ابن الأعرابي: الفُوقُ السهام الساقطات النُّصُول. وفاق الشيءَ
يفُوقُه إذا كسره؛ قال أبو الربيس:
يكاد يَفُوقِ المَيْسَ، ما لم يَرُدّها
أمينُ القوَى من صُنْعِ أيْمَنَ حادر
أمين القوى: الزمام، وأيْمَنُ: رجل، وحادر: غليظ. والفُوق: أعلى
الفصائل؛ قال الفراء: أنشدني المفضل بيت الفرزدق:
ولكن وجَدْتُ السهمَ أهْوَنَ فُوقُهُ
عليكَ، فَقَدْ أوْدَى دَمٌ أنت طالبُهْ
وقال: هكذا أنشدنيه المفضل، وقال: إياك وهؤلاء الذين يروونه فُوقَة؛ قال
أبو الهيثم: يقال شَنَّة وشِنان وشَنّ وشِنَان، ويقال: رمينا فُوقاً
واحداً، وهو أن يرمي القوم المجتمعون رمية بجميع ما معهم من السهام، يعني
يرمي هذا رمية وهذا رمية. والعرب تقول: أقْبِلْ على فُوقِ نَبْلك أي
أقْبِلْ على شأنك وما يعنيك. النضر: فُوقُ الذكر أعلاه، يقال: كَمَرَةٌ ذات
فُوقٍ؛ وأنشد:
يا أيُّها الشيخُ الطويلُ المُوقِ،
اغْمِزْ بهنَّ وَضَحَ الطَّريق
غَمْزَك بِالحَوْقاءِ ذاتِ الفُوقِ،
بين مَنَاطَيْ رَكَبٍ محلوق
وفُوقُ الرَّحِم: مَشَقّه، على التشبيه.
والفَاقُ: البانُ. وقيل: الزيت المطبوخ؛ قال الشماخ يصف شعر امرأة:
قامَتْ تُرِيكَ أثِيثَ النبْتِ مُنْسدِلاً،
مثل الأسَاوِد قد مُسِّحْنَ بالفاقِ
وقال بعضهم: أراد الإنفاق وهو الغض من الزيت، ورواه أبو عمرو: قد
شُدِّخن بالفاقِ، وقال: الفاقُ الصحراء. وقال مرة: هي الأرض الواسعة. والفاقُ
أيضاً: المشط؛ عن ثعلب، وبيت الشماخ محتمل لذلك. التهذيب: الفاقُ
الجَفْنة المملوءَة طعاماً؛ وأنشد:
تَرَى الأضيافَ يَنْتَجِعُونَ فاقي
السُّلَمِيُّ: شاعر مُفْلِقٌ ومُفِيق، باللام والياء. والفائقُ: مَوْصل
العنق في الرأس، فإذا طال الفائقُ طال العنق. واسْتَفَاق من مرضه ومن
سكره وأفاق بمعنى. وفي حديث سهل بن سعد: فاستْفاقَ رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، فقال: أيْنَ الصبيُّ؟ الاسْتِفاقةُ: استفعال من أفاقَ إذا رجع إلى
ما كان قد شغل عنه وعاد إلى نفسه. وفي الحديث: إِفاقةُ المريض
(* قوله
«وفي الحديث إفاقة المريض إلخ» هكذا في الأصل، وفي النهاية بعد قوله وعاد
إلى نفسه: ومنه إفاقة المريض). والمجنون والمغشي عليه والنائم. وفي حديث
موسى، عليه السلام: فلا أدري أفاقَ قَبْلي أي قام من غَشيْته.
الفُواقَ، وكذلك السكران إذا صحا. ورجل مْستَفيق: كثير النوم؛ عن ابن
الأعرابي، وهو غريب. وأفاقَ عنه النعاسُ: أقلع.
والفَاقةُ: الفقر والحاجة، ولا فعل لها. يقال من القافَةِ: إنه
لمُفْتاقٌ ذو فاقةٍ. وافتاق الرجلُ أي افتقر، ولا يقال فاق. وفي الحديث: كانوا
أهل بيت فاقةٍ؛ الفاقةُ: الحاجة والفقر. والمُفْتاق: المحتاج؛ وروى الزجاجي
في أماليه بسنده عن أبي عبيدة قال: خرج سامة بن لؤَي بن غالب من مكة حتى
نزل بعُمَان وأنشأَ يقول:
بَلِّغا عامِراً وكَعْباً رسولاً:
إنْ نَفْسي إليهما مُشْتاقَةْ
إن تكنْ في عُمَانَ دَاري، فإني
ماجدٌ، ما خرجْتُ من غير فَاقَهْ
ويروى: فإني غالبيّ خرجت؛ ثم خرج يسير حتى نزل على رجل من الأزْدِ
فَقَرَاهُ وبات عنده، فلما أصبح قعد يَسْتَنُّ، فنظرت إليه زوجة الأزدي
فأعجبها، فلما رمى سواكه أخذتها فمصتها، فنظر إليه زوجها، فحلب ناقة وجعل في
حلابها سمّاً وقدمه إلى سامة، فغمزته المرأة فَهَراقَ اللبنَ وخرج يسير،
فيينا هو في موضع يقال له جوف الخَمِيلةِ هَوَتْ ناقته إلى عَرْفَجةٍ
فانْتَشَلَتْها وفيها أفْعى فنفَحَتْها، فرمت بها على ساق سامة فنهشتها فمات،
فبلغ الأزدية فقالت ترثيه:
عينُ بَكِّي لسامةَ بنِ لُؤيٍّ،
علِقَتْ ساقَ سامةَ العَلاَّقَة
لا أرَى مثلَ سامةَ بن لُؤيٍّ،
حَمَلَتْ حَتْفَهُ إليه النّاقَة
رُبَّ كأسٍ هَرَقْتَها ابنَ لؤيٍّ،
حَذَرَ الموت، لم تكن مُهراقَةْ
وحُدُوسَ السُّرى تَرَكْت رديئاً،
بعد جِدٍّ وجُرْأةٍ ورَشاقَة
وتعاطيت مَفْرَقاً بحُسَامٍ،
وتَجَنَّبْتَ قالة العَوّاقَةْ
وفي حديث علي، عليه السلام: إن بني أمية ليُفَوَّقونني تُراثَ محمد
تَفْوْيِقاً أي يعطونني من المال قليلاً قليلاً. وفي حديث أبي بكر في كتاب
الزكاة: من سئل فَوقَها فلا يعطه أي لا يعطي الزيادة المطلوبة، وقيل: لا
يعطيه شيئاً من الزكاة أصلاً لأنه إذا طلب ما فوق الواجب كان خائناً، وإذا
ظهرت منه خيانة سقطت طاعته.
والفُوقُ من السهم: موضع الوَتَر، والجمع أفْوَاق وفُوَقٌ. وفي حديث
علي، عليه السلام، يصف أبا بكر، رضي الله عنه: كنتَ أخفضهم صوتاً وأعلاهم
فُوقاً أي أكثرهم حظّاً ونصيباً من الدين، وهو مستعار من فُوقِ السهم موضع
الوَتَر منه. وفي حديث ابن مسعود: اجتمعنا فأمّرْنا عثمان ولم نَألُ عن
خيرنا ذا فُوقٍ أي ولَّيْنَا أعلانا سهماً ذا فُوقٍ؛ أراد خيرنا وأكملنا
تامّاً في الإسلام والسابقة والفضل. والفُوق: مَشَقُّ رأس السهم حيث يقع
الوَتَر، وحرفاة زَنَمتَاهُ، وهذيل تسمي الزَّنَمَتَينِ الفُوقَتَينِ؛
وأنشد:
كأنَّ النَّصْلَ والفُوقَيْنِ منه،
خلالَ الرأًس، سِيطَ به مُشِيحُ
وإذا كان في الفُوقِ مَيَل أو انكِسَارٌ في إحدى زَنَمتَيْه، فذلك السهم
أفْوَق، وفعله الفَوَقُ؛ وأنشد لرؤبة:
كَسَّر من عَيْنَيْه تقويم الفَوَقْ
والجمع أفْوَاقٌ وفُوَق. وذهب بعضهم إلى أن فُوَقاً جمع فُوقةٍ؛ وقال
أبو يوسف: يقال فُوقَةٌ وفُوَقٌ وأفْوَاق، وأنشد بيت رؤبة أيضاً، وقال: هذا
جمع فُوقَةٍ، ويقال فُقْوَة وفُقاً، على القلب. ابن الأعرابي:
الفَوَقَةُ الأدباءُ الخطباء. ويقال للإنسان تشخص الريح في صدره: فاقَ يَفُوقُ
فُوَاقاً. وفي حديث عبد الله بن مسعود في قوله: إنَّا أصحابَ محمد اجتمعنا
فأمَّرْنا عثمان ولم نَألُ عن خيرنا ذا فُوقٍ؛ قال الأصعمي: قوله ذا فُوقٍ
يعني السهم الذي له فُوقٌ وهو موضع الوَتَرِ، فلهذا خصَّ ذا الفُوقَ،
وإنما قال خيرنا ذا فُوقٍ ولم يقل خيرنا سَهْماً لأنه قد يقال له سهمٌ، وإن
لم يكن أُصْلِح فُوقُه ولا أُحْكِمَ عملهُ، فهو سهم وليس بتامّ كاملٍ،
حتى إذا أُصْلِح فُوقُه وأُحْكِمَ عملهُ فهو حينئذ سهم ذو فُوقٍ، فجعله
عبد الله مثلاً لعثمان، رضي الله عنه؛ يقول: إنه خيرنا سهماً تامّاً في
الإسلام والفضل والسابقة، والجمع أفْواقٌ، وهو الفُوقَةُ أيضاً، والجمع
فُوَقٌ وفُقاً مقلوب؛ قال الفِنْدْ الزِّمَّانيّ شَهْلُ بن شَيْبان:
ونَبْلي وفُقَاها كَـ
مَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
وقال الكميت:
ومن دُونِ ذاكَ قِسِيُّ المَنُو
نِ، لا الفُوقُ نَبْلاً ولا النُّصَّل
أي ليست القوس بفَوْقاءِ النَّ
بْل وليست نِبالُها بفُوقٍ ولا بِنُصَّلٍ أي بخارجة النصال من أرعاظها،
قال: ونصب نبلاً على توهم التنوين وإخراج اللام كما تقول: هو حسنٌ
وَجْهاً وكريمٌ والداً. والفَوَق: لغة في الفُوق. وسهم أفْوَقُ: مكسور الفُوقِ.
وفي المثل: رددته بأفْوَقَ ناصلٍ إذا أخْسَسْتَ حظه. ورجع فلان بأفْوَقَ
ناصلٍ إذا خس حظه أو خاب. ومثَل للعرب يضرب للطالب لا يجد ما طلب: رجع
بأفْوَقَ ناصلٍ أي بسهم منكسر الفُوقِ لا نصل له أي رجع بحَظٍّ ليس بتمام.
ويقال: ما بَلِلْتُ منه بأفْوقَ ناصلٍ، وهو السهم المنكسر. وفي حديث
عليّ، رضي الله عنه: ومَن رَمى بكم فقد رَمى بأفْوَقَ ناصلٍ أي رمى بسهم
منكسر الفُوقِ لا نصل له. والأفْوَقُ: السهم المكسور الفُوقِ. ويقال:
مَحالةٌ فَوْقاءُ إذا كان لكل سِنٍّ منها فُوقَانِ مثل فُوقَيِ السهم.
وانْفَاقَ السهمُ: انكسر فُوقُه أو انشق. وفُقْتُه أنا أفُوقُه: كسرت
فُوقَه. وفَوَّقْتُه تَفْوِيقاً: عملت له فُوقاً. وأفَقْتُ السهم
وأوفَقْتُه وأوفَقْتُ به، كلاهما على القلب: وضعته في الوَتَر لأرْمي به، وفي
التهذيب: فإن وضعته في الوتر لترمي به قلت فُقْتُ السهم وأفْوَقْتهُ. وقال
الأصمعي: أفَقْتُ بالسهم وأوْفَقْتُ بالسهم،بالباء، وقيل: ولا يقال
أوْفَقُتُه وهو من النوادر. الأصمعي: فَوَّق نبله تَفْويقاً إذا فرضها وجعل لها
أفْواقاً. ابن الأعرابي: الفُوقُ السهام الساقطات النُّصُول. وفاق الشيءَ
يفُوقُه إذا كسره؛ قال أبو الربيس:
يكاد يَفُوقِ المَيْسَ، ما لم يَرُدّها
أمينُ القوَى من صُنْعِ أيْمَنَ حادر
أمين القوى: الزمام، وأيْمَنُ: رجل، وحادر: غليظ. والفُوق: أعلى
الفصائل؛ قال الفراء: أنشدني المفضل بيت الفرزدق:
ولكن وجَدْتُ السهمَ أهْوَنَ فُوقُهُ
عليكَ، فَقَدْ أوْدَى دَمٌ أنت طالبُهْ
وقال: هكذا أنشدنيه المفضل، وقال: إياك وهؤلاء الذين يروونه فُوقَة؛ قال
أبو الهيثم: يقال شَنَّة وشِنان وشَنّ وشِنَان، ويقال: رمينا فُوقاً
واحداً، وهو أن يرمي القوم المجتمعون رمية بجميع ما معهم من السهام، يعني
يرمي هذا رمية وهذا رمية. والعرب تقول: أقْبِلْ على فُوقِ نَبْلك أي
أقْبِلْ على شأنك وما يعنيك. النضر: فُوقُ الذكر أعلاه، يقال: كَمَرَةٌ ذات
فُوقٍ؛ وأنشد:
يا أيُّها الشيخُ الطويلُ المُوقِ،
اغْمِزْ بهنَّ وَضَحَ الطَّريق
غَمْزَك بِالحَوْقاءِ ذاتِ الفُوقِ،
بين مَنَاطَيْ رَكَبٍ محلوق
وفُوقُ الرَّحِم: مَشَقّه، على التشبيه.
والفَاقُ: البانُ. وقيل: الزيت المطبوخ؛ قال الشماخ يصف شعر امرأة:
قامَتْ تُرِيكَ أثِيثَ النبْتِ مُنْسدِلاً،
مثل الأسَاوِد قد مُسِّحْنَ بالفاقِ
وقال بعضهم: أراد الإنفاق وهو الغض من الزيت، ورواه أبو عمرو: قد
شُدِّخن بالفاقِ، وقال: الفاقُ الصحراء. وقال مرة: هي الأرض الواسعة. والفاقُ
أيضاً: المشط؛ عن ثعلب، وبيت الشماخ محتمل لذلك. التهذيب: الفاقُ
الجَفْنة المملوءَة طعاماً؛ وأنشد:
تَرَى الأضيافَ يَنْتَجِعُونَ فاقي
السُّلَمِيُّ: شاعر مُفْلِقٌ ومُفِيق، باللام والياء. والفائقُ: مَوْصل
العنق في الرأس، فإذا طال الفائقُ طال العنق. واسْتَفَاق من مرضه ومن
سكره وأفاق بمعنى. وفي حديث سهل بن سعد: فاستْفاقَ رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، فقال: أيْنَ الصبيُّ؟ الاسْتِفاقةُ: استفعال من أفاقَ إذا رجع إلى
ما كان قد شغل عنه وعاد إلى نفسه. وفي الحديث: إِفاقةُ المريض
(* قوله
«وفي الحديث إفاقة المريض إلخ» هكذا في الأصل، وفي النهاية بعد قوله وعاد
إلى نفسه: ومنه إفاقة المريض). والمجنون والمغشي عليه والنائم. وفي حديث
موسى، عليه السلام: فلا أدري أفاقَ قَبْلي أي قام من غَشيْته.
ثلج: الثَّلْجُ: الذي يسقط من السماء، معروف. وفي حديث الدعاء: واغْسِلْ
خَطايَ بماء الثَّلْجِ والبَرَدِ، إِنما خصهما بالذكر تأْكيداً للطهارة
ومبالغةً فيها لأَنهما ماءَان مفطوران على خلقتهما، لم يُستعملا ولم
تنلهما الأَيدي ولم تخضهما الأَرجل، كسائر المياه التي خالطت التراب وجرت في
الأَنهار وجمعت في الحياض، فكانا أَحق بكمال الطهارة.
وقد أَثْلَجَ يَومُنا. وأَثْلَجُوا: دخلوا في الثَّلْجِ. وثُلِجُوا:
أَصابهم الثَّلْجُ. وأَرضٌ مَثْلُوجَةٌ: أَصابها ثَلْجٌ. وماءٌ مَثْلُوجٌ:
مُبَرَّدٌ بالثَّلج؛ قال:
لو ذُقْتَ فاها، بَعْدَ نَوْمِ المُدْلِجِ،
والصُّبْحِ لمَّا هَمَّ بالتَّبَلُّجِ،
قُلْتَ: جَنى النَّحْلِ بماء الحَشْرَجِ،
يُخالُ مَثْلُوجاً، وإِنْ لمْ يُثْلَجِ
وثُلِجَتِ الأَرضُ وأُثْلِجَتْ
(* قوله «وثلجت الأَرض وأَثلجت» كذا
بالأصل بهذا الضبط على البناء للمفعول. وعبارة المصباح: وثلجتنا السماء من
باب قتل: أَلقت علينا الثلج، ومنه يقال: ثلجت الأَرض، بالبناء للمفعول، فهي
مثلوجة.): أَصابها الثَّلْجُ. وثَلَجَتْنا السماءُ تَثْلُجُ، بالضم: كما
يقال مَطَرَتْنا. وأَثْلَجَ الحافرُ: بَلَغَ الطينَ.
وثَلِجَتْ نفسي بالشيء ثَلَجاً، وثَلَجَتْ تَثْلُجُ وتَثْلَجُ ثُلُوجاً:
اشتفت به واطمأَنت إِليه؛ وقيل: عرفَته وسُرَّت به. الأَصمعي: ثَلِجَتْ
نفسي، بكسر اللام، لغة فيه. ابن السكيت: ثَلِجْتُ بما خبرتني أَي اشتفيت
به وسكن قلبي إِليه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: حتى أَتاه الثَّلَجُ
واليقينُ. يقال: ثَلَجَتْ نفسي بالأَمر إِذا اطمأَنت إِليه وسكنت وثبت فيها
ووَثِقَتْ به؛ ومنه حديث ابن ذي يَزَن: وثَلَجَ صدْرُك؛ ومنه حديث
الأَحوض: أُعطيك ما تَثْلُجُ إِليه. وثَلَجَ قَلْبُه وثَلِجَ: تيَقَّن.
وثُلِجَ قَلْبُه: بَلُدَ وذَهَبَ. ورجل مَثْلُوجُ الفؤاد: بليد؛ قال أَبو خراش
الهذلي:
ولَمْ يَكُ مَثْلوجَ الفؤادِ مُهَيَّجاً،
أَضاعَ الشَّبابَ في الرَّبِيلَةِ والخَفْضِ
وقال كعب بن لؤَي لأَخيه عامر بن لؤي:
لَئِنْ كُنْتَ مَثْلُوجَ الفُؤادِ، لَقَدْ بَدا،
لِجَمْعِ لُؤَيٍّ مِنْكَ، ذِلَّةُ ذي غَمْضِ
ابن الأَعرابي: ثُلِجَ قَلْبُه إِذا بَلُدَ. وثَلِجَ به إِذا سُرَّ به
وسَكَنَ إِليه؛ وأَنشد:
فلو كنتُ مَثْلُوجَ الفؤادِ، إِذا بَدَتْ
بلادُ الأَعادي، لا أُمِرُّ ولا أُحْلِي
أَي لو كنت بليد الفؤاد، كنت لا آتي بحلو ولا مرٍّ من الفعل. شمر:
ثَلِجَ صدري لذلك الأَمر أَي انشرح ونَقَعَ به، يَثْلَجُ ثَلَجاً. وقد
ثَلَجْتهُ إِذا نَقَعْتَه وبللته؛ وقال عبيد:
في رَوْضَةٍ ثَلَجَ الرَّبيعُ قَرارَها،
مَوْلِيَّةٍ، لم يَسْتَطِعْها الرُّوَّدُ
وماءٌ ثَلْجٌ: باردٌ. قال الفارسي: وهو كما قالوا بارد القلْب؛ وأَنشد:
ولكنَّ قَلْباً، بين جَنْبَيْكَ، باردُ
والثُّلْجُ: البُلَداءُ من الرجال.
والثُّلَجُ: فَرْخُ العُقابِ.
ابن الأَعرابي: الثُّلْجُ الفرِحون بالأَخبار.
وثُلِجَ الرجل إِذا برد قلبه عن شيء، وإِذا فرح أَيضاً: فقد ثُلِجَ.
وحَفَرَ حتى أَثْلَجَ أَي بلَغَ الطين. وحَفَرَ فَأَثْلَجَ إِذا بلغ الثرى
والنَّبَطَ. ويقال: قد أَثْلَجَ صدري خَبَرٌ واردٌ أَي شفاني وسكنني
فَثَلَجْتُ إِليه.
ونَصْلٌ ثُلاجِيٌّ إِذا اشتدَّ بياضه. أَبو عمرو: إِذا انتهى الحافر
إِلى الطين في النهر قال: أَثْلَجْتُ.
عوذ: عاذ به يَعُوذُ عَوْذاً وعِياذاً ومَعاذاً: لاذ فيه ولجأَ إِليه
واعتصم. ومعاذَ اللهِ أَي عياذاً بالله. قال الله عز وجل: مَعَاذَ الله أَن
نأْخذ إِلا مَن وجدَنا متاعنا عنده؛ أَي نعوذ بالله معذاً أَن نأْخذ غير
الجاني بجنايته، نصبه على المصدر الذي أُريدَ به الفعل. وروي عن النبي،
صلى الله عليه وسلم، أَنه تزوّج امرأَة من العرب فلما أُدْخِلَتْ عليه
قالت: أَعوذ بالله منك، فقال: لقد عُذْتِ بمعاذ فالحقي بأَهلك. والمَعَاذ
في هذا الحديث: الذي عَاذبه. والمَعَاذ: المصدر والمكان والزمان أَي قد
لجأْت إِلى ملجإٍ ولُذْتِ بِمَلاذ. والله عز وجل معاذ من عاذ به وملجأُ من
لجأَ إِليه. وقولهم: معاذ الله أَي أَعوذ بالله معاذاً، بجعله بدلاً من
اللفظ بالفعل لأَنه مصدر وإِن كان غير مستعمل مثل سبحان. ويقال أَيضاً:
مَعَاذَة الله ومَعَاذَ وجه الله ومَعَاذَة وجه الله، وهو مثل المَعْنَى
والمَعْناة والمَأْتى والمَأْتاة. وأَعَذْتُ غيري به وعَوَّذْتُه به
بمعنى.قال سيبويه: وقالوا: عائذاً بالله من شرها فوضعوا الاسم موضع المصدر؛
قال عبد الله السهمي:
أَلحقْ عذابَك بالقوم الذين طَغَوْا،
وعائذاً بك أَن يَغْلُوا فيُطْغُوني
قال الأَزهري: يقال: اللهم عائذاً بك من كل سوء أَي أَعوذ بك عائذاً.
وفي الحديث: عائذ بالله من النار أَي عائذ ومتعوّذ كما يقال مستخجير بالله،
فجعل الفاعل موضع المفعول، كقولهم سِرٌّ كاتِمٌ وماءٌ دافق؛ ومن رواه
عائذاً، بالنصب، جعل الفاعل موضع المصدر وهو العِياذُ.
وطَيْرٌ عِياذٌ وعُوَّذ: عائذة بجبل وغيره مما يمنعها؛ قال بخدج يهجو
أَبا نخيلة:
لاقى النُّخَيْلاتُ حِناذاً مِحْنَذا،
شَرًّا وشَلاًّ للأَعادِي مِشْقَذَا
(* قوله «شرّاً وشلاً إلخ» الذي تقدم: مني وشلاً، ولعله روي بهما).
وقافِياتٍ عارِماتٍ شُمَّذَا
كالطَّيْر يَنْجُونَ عِياذاً عُوَّذا
كرر مبالغة فقال عِيذاً عُوَّذاً، وقد يكون عياذاً عنا مصدراً، وتعوّذ
بالله واستعاذ فأَعاذه وعوّذه، وعَوْذٌ بالله منك أَي أَعوذ بالله منك؛
قال:
قالت، وفيها حَيْذَة وذُعْرُ:
عَوْذٌ بربي مِنكُمُ وحَجْرُ
قال: وتقول العرب للشيء ينكرونه والأَمر يهابونه: حُجْراً أَي دفعاً،
وهو استعاذة من الأَمر. وما تركت فلاناً إلا عَوَذاً منه، بالتحريك،
وعَوَاذاً منه أَي كراهة. ويقال: أُفْلِتَ فلانٌ مِن فُلانٍ عَوَذاً إِذا
خوَّفه ولم يضربه أَو ضربه وهو يريد قتله فلم يقتله. وقال الليث: يقال فلان
عَوَذٌ لك أَي ملجأٌ. وفي الحديث: إِنما قالها تَعَوُّذاً أَي إِنما أَقرَّ
بالشهادة لاجئاً إِليها ومعتصماً بها ليدفع عنه القتل وليس بمخلص في
إِسلامه. وفي حديث حذيفة: تُعْرَضُ الفتنُ على القلوب عَرْضَ الحصير عُوداً
عُوداً، بالدال اليابسة، وقد تقدّم؛ قال ابن الأَثير: وروي بالذال
المعجمة، كأَنه استعاذ من الفتن. وفي التنزيل: فإِذا قرأْت القرآن فاستعذ بالله
من الشيطان الرجيم؛ معناه إِذا أَردت قراءة القرآن فقل: أَعوذ بالله من
الشيطان الرجيم ووسوسته.
والعُوذةُ والمَعَاذَةُ والتَّعْوِيذُ: الرُّقية يُرْقى بها الإِنسان من
فزع أَو جنون لأَنه يعاذ بها.
وقد عَوَّذَه؛ يقال: عَوَّذْت فلاناً بالله وأَسمائه وبالمُعَوِّذتين
إِذا قلت أُعيذك بالله وأَسْمائه من كل ذي شر وكل داء وحاسد وحَيْنٍ. وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه كان يعوِّذ نفسه بالمعوِّذتين بعدما
طُبَّ. وكان يُعَوِّذُ ابني ابنته البَتُول، عليهم السلام، بهما.
والمعوِّذتان، بكسر الواو: سورة الفلق وتاليتها لأَن مبدأَ كل واحدة منهما قل
أَعوذ. وأَما التعاويذ التي تُكتب وتعلق على الإِنسان من العين فقد نهى عن
تعليقها، وهي تسمى المَعًّاذات أَيضاً، يُعَوَّذ بها من علقت عليه من
العين والفزع والجنون، وهي العُوذُ واحدتها عُوذَةٌ. والعُوَّذُ: ما عِيذ به
من شجر أَو غيره. والعُوَّذُ من الكلإِ: ما لم يرتفع إِلى الأَغصان
ومنعه الشجر من أَن يرعى، من ذلك، وقيل: هي أَشياء تكون في غلظ لا ينالها
المالُ؛ قال الكميت:
خَلِيلايَ خُلْصَانيَّ، لم يُبْق حُبُّها
من القلبِ إِلاَّ عُوَّذاً سَيَنالها
والعُوَّذ والمُعوَّذُ من الشجر: ما نبت في أَصل هدفٍ أَو شجرة أَو
حَجَرٍ يستره لأَنه كأَنه يُعَوّذُ بها؛ قال كثير بن عبد الرحمن الخزاعي يصف
امرأَة:
إِذا خَرَجَتْ مَن بيتها، راقَ عَيْنَها
مُعَوَّذُهُ، وأَعْجَبَتْها العَقائِقُ
يعني هذه المرأة إِذا خَرَجَت من بيتها راقها مُعَوَّذُ النَّبت حوالي
بيتها، وقيل: المعَوِّذ، بالكسر، كل نبت في أَصل شجرة أَو حجر أَو شيء
يعُوذّ به.
وقال أَبو حنيفة: العَوَذُ السفير من الورق وإِنما قيل له عَوَذٌ لأَنه
يعتصم بكل هذف ويلجأُ إِليه ويعوذ به. قال الأَزهري: والعَوَذُ ما دار به
الشيء الذي يضربه الريح، فهو يدور بالعَوَذِ من حَجَر أَو أَرومة.
وتَعَاوَذَ القومُ في الحرب إِذا تواكلوا وعاذ بعضهم ببعض.
ومُعَوَّذُ الفرس: موضع القلادة، ودائرة المُعَوَّذِ تستحب. قال أَبو
عبيد: من دوائر الخيل المُعَوَّذُ وهي التي تكون في موضع القلادة
يستحبونها.وفلان عَوْذٌ لبَني فلان أَي ملجأٌ لهم يعوذون به. وقال الله عز وجل:
وانه كان رجال من الإِنس يعوذون برجال من الجن؛ قيل: إن أَهل الجاهلية
كانوا إِذا نزلت رفقة منهم في واد قالت: نعوذ بعزيز هذا الوادي من مَرَدَة
الجن وسفهائهم أَي نلوذُ به وتستجير.
والعُوَّذُ من اللحم: ما عاذ بالعظم ولزمه. قال ثعلب: قلت لأَعرابي: ما
طعم الخبز؟ قال: أُدْمُه. قال قلت: ما أَطيب اللحم؟ قال: عُوَّذُه،
وناقة عائذ: عاذ بها ولدها، قال بمعنى مفعول؛ وقيل: هو على النسب.
والعائذ: كل أُنثى إِذا وضعت مدة سبعة أيام لأَنّ ولدها يعوذ بها، والجمع
عُوذٌ بمنزلة النفساء من النساء، وهي من الشاء رُبّى، وجمعها رِباب، وهي من
ذوات الحافز فَرِيش. وقد عاذت عياذاً وأَعاذت، وهي مُعِيذٌ، وأَعوذت.
والعائذ من الإِبل: الحديثة النتاج إِلى خمس عشرة أَو نحوها، من ذلك أَيضاً.
وعاذت بولدها: أَقامت معه وحَدِبَتْ عليه ما دام صغيراً، كأَنه يريد
عاذبها ولدها فقلب؛ واستعار الراعي أَحذ هذه الأَشياء للوحش فقال:
لها بحَقِيلٍ فالنُّمَيرة منزلٌ،
ترى الوحشَ عُوذاتٍ به ومَتَالِيَا
كسَّر عائذاً على عوذ ثم جمعه بالأَلف والتاء؛ وقول مليح الهذلي:
وعاجَ لها جاراتُها العِيسَ، فارْعَوَتْ
عليها اعوجاجَ المُعْوِذاتَ المَطَافِل
قال السكري: المعوذات التي معها أَولادها. قال الأَزهري: الناقة إِذا
وضعت ولدها فهي عائذ أَياماً. ووقَّت بعضهم سبعة أَيام، وقيل: سميت الناقة
عائذاً لأَنّ ولدها يعوذ بها، فهي فاعل بمعنى مفعول، وقال: إِنما قيل لها
عائذ لأَنها ذات عَوْذٍ أَي عاذ بها ولدها عَوْذاً. ومثله قوله تعالى:
خلق من ماء دافق أَي ذي دفق. والعُوذُ: الحديثات النتاج من الظباء والإِبل
والخيل، واحدتها عائذ مثل حائل وحول. ويجمع أَيضاً على عُوذان مثل راع
ورُعيان وحائر وحُوران. ويقال: هي عائذ ببَّنةُ العؤُوذ إِذا ولدت عشرة
أَيام أَو خمسة عشر ثم هي مُطْفِلٌ بعدُ. يقال: هي في عياذها أَي بحِدْثان
نتاجها. وفي حديث الحديبية: ومعهم العُوذُ المَطافيل؛ يريد النساء
والصبيان. والعُوذُ في الأَصل: جمع عائذ من هذا الذي تقدم. وفي حديث عليّ،
رضوان الله عليه: فأَقبلتم إِليّ إِقبالَ العُوذ المَطافل.
وعَوَذ الناس: رُذالهم؛ عن ابن الأَعرابي. وبنو عَيِّذ الله: حيّ، وقيل:
حيُّ من اليمن. قال الجوهري: عيِّذ الله، بكسر الياء مشددة، اسم قبيلة.
يقال: هو من بني عيذ الله، ولا يقال عائذ الله. ويقال للجوديّ أَيضاً:
عَيِّذ. وعائذة: أَبو حي من ضبة، وهو عائذة بن مالك بن ضبة؛ قال الشاعر:
متى تسأَل الضَّبِّيَّ عن شرّ قومه،
يَقُلْ لك: إِن العائذيَّ لئيم
وبنو عَوْذَةَ: من الأَسْد. وبنو عَوْذَى، مقصور: بطن؛ قال الشاعر:
ساقَ الرُّفَيْداتِ من عَوْذى ومن عَمَم،
والسَّبْيَ مِن رَهْط رِبْعِيٍّ وحَجَّار
وعائذ الله: حي من اليمن. وعُوَيْذَة: اسم امرأَة؛ عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد:
فإِني وهِجْراني عُوَيْذَةَ، بعدما
تَشَعَّبَ أَهواءُ الفؤادِ الشواعِبُ
وعاد: قرية معروفة، وقيل: ماء بنجران؛ قال ابن أَحمر:
عارضتُهم بسؤال: هل لكن خَبَرٌ؟
مَن حَجَّ من أَهل عاذٍ، إِنَّ لي أَرَبا؟
والعاذ: موضع. قال أَبو المورّق:
تركتُ العاذَ مَقْليّاً ذميماً
إِلى سَرَفٍ، وأَجْدَدْتُ الذهابا
قتل: القَتْل: معروف، قَتَلَه يَقْتُله قَتْلاً وتَقْتالاً وقَتَل به
سواء عند ثعلب، قال ابن سيده: لا أَعرفها عن غيره وهي نادرة غريبة، قال:
وأَظنه رآه في بيت فحسِب ذلك لغة؛ قال: وإِنما هو عندي على زيادة الباء
كقوله:
سُودُ المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَر
وإِنما هو يقرأْن السُّوَر، وكذلك قَتَّله وقَتَل به غيرَه أَي قتله
مكانه؛ قال:
قَتَلتُ بعبد الله خيرَ لِداتِه
ذُؤاباً، فلم أَفخَرْ بذاك وأَجْزَعا
التهذيب: قَتَله إِذا أَماته بضرْب أَو حجَر أَو سُمّ أَو علَّة،
والمنية قاتلة؛ وقول الفرزدق وبلغه موت زياد، وكان زياد هذا قد نفاه وآذاه ونذر
قتله فلما بلغ موته الفرزدق شَمِت به فقال:
كيف تراني قالِباً مِجَنِّي،
أَقْلِب أَمري ظَهْره لِلْبَطْنِ؟
قد قَتَلَ اللهُ زياداً عَنِّي
عَدَّى قَتَل بعنْ لأَنَّ فيه معنى صَرَفَ فكأَنه قال: قد صَرَف الله
زياداً، وقوله قالِباً مِجَنِّي أَي أَفعل ما شئت لا أَتَرَوَّع ولا
أَتَوقَّع. وحكى قطرب في الأَمر إِقْتُل، بكسر الهمزة على الشذوذ، جاء به على
الأَصل؛ حكى ذلك ابن جني عنه، والنحويون ينكرون هذا كراهية ضمة بعد كسرة
لا يحجُز بينهما إِلا حرف ضعيف غير حصين. ورجل قَتِيل: مَقْتول، والجمع
قُتَلاء؛ حكاه سيبويه، وقَتْلى وقَتالى؛ قال منظور بن مَرْثَد:
فظلَّ لَحْماً تَرِبَ الأَوْصالِ،
وَسْطَ القَتلى كالهَشِيم البالي
ولا يجمع قَتِيل جمعَ السلامة لأَن مؤنثه لا تدخله الهاء، وقَتَله
قِتْلة سَوء، بالكسر. ورجل قَتِيل: مَقْتول. وامرأَة قَتِيل: مَقْتولة، فإِذا
قلت قَتيلة بَني فلان قلت بالهاء، وقيل: إِن لم تذكر المرأَة قلت هذه
قَتِيلة بني فلان، وكذلك مررت بقَتِيلة لأَنك تسلك طريق الاسم. وقال
اللحياني: قال الكسائي يجوز في هذا طرْح الهاء وفي الأَوّل إِدخال الهاء يعني
أَن تقول: هذه امرأَة قَتِيلة ونِسْوة قَتْلى.
وأَقْتَل الرجلَ: عرَّضه للقَتْل وأَصْبَره عليه. وقال مالك بن نُوَيْرة
لامرأَته يوم قَتَله خالد بن الوليد: أَقْتَلْتِني أَي عرَّضْتِني
بحُسْن وجهك للقَتْل بوجوب الدفاع عنك والمُحاماة عليك، وكانت جميلة فقَتَله
خالد وتزوَّجها بعد مَقْتَله، فأَنكر ذلك عبد الله بن عمر؛ ومثله:
أَبَعْتُ الثَّوْب إِذا عَرَّضْته للبيع. وفي الحديث: أَشدُّ الناس عذاباً يوم
القيامة من قتَل نبيّاً أَو قَتَله نبيٌّ؛ أَراد من قَتَله وهو كافر
كقَتْله أُبيَّ بن خَلَف يوم بدْر لا كمَن قَتَله تطهيراً له في الحَدِّ
كماعِزٍ. وفي الحديث: لا يُقْتَل قُرَشيٌّ بعد اليوم صبْراً؛ قال ابن الأَثير:
إِن كانت اللام مرفوعة على الخَبر فهو محمول على ما أَباح من قَتْل
القُرَشيّين الأَربعة يوم الفَتْح، وهم ابن خَطَل ومَنْ معه أَي أَنهم لا
يعودون كفَّاراً يُغْزوْن ويُقْتَلون على الكفر كما قُتِل هؤلاء، وهو كقوله
الآخر: لا تُغْزَى مكة بعد اليوم أَي لا تعودُ دار كفر تُغْزى عليه، وإِن
كانت اللام مجزومة فيكون نهياً عن قَتْلهم في غير حَدٍّ ولا قِصاص. وفي
حديث سَمُرة: مَنْ قَتَل عَبْده قَتَلْناه ومن جَدَعَ عبده جَدَعْناه؛
قال ابن الأَثير: ذكر في رواية الحسن أَنه نَسِيَ هذا الحديث فكان يقول لا
يُقْتَل حرٌّ بعبد، قال: ويحتمل أَن يكون الحسن لم يَنْسَ الحديث، ولكنه
كان يتأَوَّله على غير معنى الإِيجاب ويراه نوعاً من الزَّجْر
ليَرْتَدِعوا ولا يُقْدِموا عليه كما قال في شارب الخمر: إِنْ عاد في الرابعة أَو
الخامسة فاقتُلوه، ثم جيء به فيها فلم يَقْتله، قال: وتأَوَّله بعضهم أَنه
جاء في عَبْد كان يملِكه مرَّة ثم زال مِلْكه عنه فصار كُفؤاً له
بالحُرِّية، قال: ولم يقل بهذا الحديث أَحد إِلاَّ في رواية شاذة عن سفيان
والمرويُّ عنه خلافه قال: وقد ذهب جماعة إِلى القِصاص بين الحرِّ وعبد الغير،
وأَجمعوا على أَن القِصاص بينهم في الأَطراف ساقط، فلما سقَط الجَدْع
بالإِجماع سقط القِصاص لأَنهما ثَبَتا معاً، فلما نُسِخا نُسِخا معاً،
فيكون حديث سَمُرة منسوخاً؛ وكذلك حديث الخمر في الرابعة والخامسة، قال: وقد
يرد الأَمر بالوَعيد رَدْعاً وزَجْراً وتحذيراً ولا يُراد به وقوع الفعل،
وكذلك حديث جابر في السارق: أَنه قُطِع في الأُولى والثانية والثالثة
إِلى أَن جيء به في الخامسة فقال اقتُلوه، قال جابر: فقَتَلْناه، وفي
إِسناده مَقال قال: ولم يذهب أَحد من العلماء إِلى قَتْل السارق وإِن تكررت
منه السَّرقة.
ومن أَمثالهم: مَقْتَلُ الرجل بين فَكَّيْه أَي سبب قَتْله بين
لَحْيَيْه وهو لِسانه. وقوله في حديث زيد بن ثابت: أَرسَل إِليَّ أَبو بكر
مَقْتَلع أَهل اليمامة؛ المَقْتَل مَفْعَل من القَتْل، قال: وهو ظرف زمان ههنا
أَي عند قَتْلهم في الوَقْعة التي كانت باليمامة مع أَهل الرِّدَّة في
زمن أَبي بكر، رضي الله عنه.
وتَقاتَل القوم واقتَتَلوا وتقَتَّلوا وقَتَّلوا وقِتَّلوا، قال سيبويه:
وقد أَدغم بعض العرب فأَسكن لمَّا كان الحرفان في كلمة واحدة ولم يكونا
مُنفَصِلين، وذلك قولهم يَقِتِّلون وقد قِتَّلوا، وكسروا القاف لأَنهما
ساكنان التقيا فشبِّهت بقولهم رُدِّ يا فَتى، قال: وقد قال آخرون
قَتَّلوا، أَلقَوْا حركة المتحرك على الساكن، قال: وجاز في قاف اقتَتَلوا
الوَجْهان ولم يكن بمنزلة عَصَّ وقِرَّ يلزمه شيء واحد لأَنه لا يجوز في الكلام
(* قوله «لأنه لا يجوز في الكلام إلخ» هكذا في الأصل) فيه الإِظهار
والإِخْفاء والإِدغام، فكما جاز فيه هذا في الكلام وتصرَّف دَخَله شيئَان
يَعْرضان في التقاء الساكنين، وتحذف أَلف الوَصْل حيث حرِّكت القاف كما حذفت
الأَلف التي في رُدَّ حيث حركت الراء، والأَلف التي في قلَّ لأَنهم حرفان
في كلمة واحدة لحقها الإِدغام، فحذفت الأَلف كما حذفت في رُبَّ لأَنه قد
أُدْغِم كما أُدْغم، قال: وتصديق ذلك قراءة الحسن: إِلا مَنْ خَطَّف
الخَطْفة؛ قال: ومن قال يَقَتِّل قال مُقَتِّل، ومن قال يَقِتِّل قال
مُقِتِّل، وأَهل مكة يقولون مُقُتِّل يُتْبِعون الضمة الضمة. قال سيبويه:
وحدثني الخليل وهرون أَنَّ ناساً يقولون مُرُدِّفين يريدون مُرْتَدِفين
أَتبَعُوا الضمةَ الضمة؛ وقول منظور بن مرثد الأَسدي:
تَعَرَّضَتْ لي بمكان حِلِّ،
تَعَرُّضَ المُهْرةِ في الطِّوَلِّ،
تَعَرُّضاً لم تَأْلُ عن قَتْلَلِّي
أَراد عن قَتْلي، فلما أَدخل عليه لازماً مشدَّدة كما أَدخل نوناً
مشدَّدة في قول دَهْلَب بن قريع:
جارية ليسَتْ من الوَخْشَنِّ
أُحِبُّ منكِ مَوْضِع القُرْطنِّ
وصار الإِعراب فيه فتَحَ اللامَ الأُولى كما تفتح في قولك مررت بتَمْرٍ
وبتَمْرَةٍ وبرجُلٍ وبرَجُلَين؛ قال ابن بري والمشهور في رجز منظور:
لم تَأْلُ عن قَتْلاً لي
على الحِكاية أَي عن قولها قَتْلاً له أَي اقتُلوه. ثم يُدغم التنوين في
اللام فيصير في السَّمْع على ما رواه الجوهري، قال: وليس الأَمر على ما
تأَوَّله. وقاتَله مُقاتَلة وقِتالاً، قال سيبويه: وَفَّروا الحروف
كما وَفَّروها في أَفْعَلْت إِفْعالاً.
قال: والتَّقْتال القَتْل وهو بناء موضوع للتَّكثير كأَنك قلت في
فَعَلْت فَعَّلْت، وليس هو مصدر فَعَّلْت، ولكن لما أَردت التَّكْثير بَنَيْت
المصدر على هذا كما بنيت فَعَّلْت على فَعَلْت. وقتَّلوا تقْتيلاً: شدِّد
للكثرة. والمُقاتَلة: القتال؛ وقد قاتَله قِتالاً وقِيتالاً، وهو من كلام
العرب، وكذلك المُقاتَل؛ قال كعب بن مالك:
أُقاتِل حتى لا أَرى لي مُقاتَلاً،
وأَنجو إِذا عُمَّ الجَبانُ من الكَرْب
وقال زيد الخيل:
أُقاتِل حتى لا أَرى لي مُقاتَلاً،
وأَنجُو إِذا لم يَنْجُ إِلا المُكَيّس
والمُقاتِلة: الذين يَلُون القِتال، بكسر التاء، وفي الصحاح: القوم
الذين يَصْلحون للقتال. وقوله تعالى: قاتَلهم الله أَنَّى يؤفَكُون؛ أَي
لَعَنَهم أَنَّى يُصْرَفون، وليس هذا بمعنى القِتال الذي هو من المُقاتلة
والمحاربة بين اثنين. وقال الفراء في قوله تعالى: قُتِل الإِنسان ما
أَكْفَره؛ معناه لُعِن الإِنسان، وقاتَله الله لعَنه الله؛ وقال أَبو عبيدة:
معنى قاتَلَ الله فلاناً قَتَله. ويقال: قاتَل الله فلاناً أَي عاداه. وفي
الحديث: قاتَل الله اليهود أَي قَتَلَهُم الله، وقيل: لعَنهم الله، وقيل:
عاداهم، قال ابن الأَثير: وقد تكرر في الحديث ولا يخرج عن أَحد هذه
المعاني، قال: وقد يرد بمعنى التعجب من الشيء كقولهم: تَرِبَتْ يداه، قال: وقد
ترد ولا يراد بها وُقوعُ الأَمر، وفي حديث عمر، رضي الله عنه: قاتَل
الله سَمُرة؛ وسَبِيلُ فاعَلَ أَن يكون بين اثنين في الغالب، وقد يرد من
الواحد كسافرْت وطارَقْت النعْل. وفي حديث المارّ بين يدي المُصَلِّي:
قاتِلْه فإِنه شيطان أَي دافِعْه عن قِبْلَتِك، وليس كل قِتال بمعنى القَتْل.
وفي حديث السَّقِيفة: قَتَلَ الله سعداً فإِنه صاحب فتنة وشرٍّ أَي دفع
الله شرَّه كأَنه إِشارة إِلى ما كان منه في حديث الإِفْك، والله أَعلم؛
وفي رواية: أَن عمر قال يوم السَّقِيفة اقْتُلوا سعداً قَتَله الله أَي
اجعلوه كمن قُتِل واحْسِبُوه في عِدادمَنْ مات وهلك، ولا تَعْتَدُّوا
بمَشْهَده ولا تُعَرِّجوا على قوله. وفي حديث عمر أَيضاً: مَنْ دَعا إِلى
إِمارة فسِه أَو غيره من المسلمين فاقتلوه أَي اجعلوه كمن قُتِلَ ومات بأَن
لا تَقْبَلوا له قولاً ولا تُقِيموا له دعوة، وكذلك الحديث الآخر: إِذا
بُويِع لخَلِيفتين فاقتلوا الأَخير منهما أَي أَبْطِلوا دعوته واجعلوه
كمَنْ قد مات.
وفي الحديث: على المُقْتَتِلِين أَن يَنْحَجِزوا الأَوْلى فالأَوْلى،
وإِن كانت امرأَة؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي معناه أَن يَكُفُّوا عن
القَتْل مثل أَن يُقْتَل رجل له وَرَثة فأَيهم عفا سقط القَوَدُ، والأَوْلى
هو الأَقرب والأَدنى من ورثة القتيل، ومعنى المُقْتَتِلِين أَن يطلُب
أَولياء القَتِيل القَوَد فيمتنع القَتَلة فينشأ بينهم القِتال من أَجله،
فهو جمع مُقْتَتِل، اسم فاعل من اقْتَتَل، ويحتمل أَن تكون الرواية بنصب
التاءين على المفعول؛ يقال: اقْتُتِل، فهو مُقْتَتَل، غير أَن هذا إِنما
يكثر استعماله فيمن قَتَله الحُبُّ؛ قال ابن الأَثير: وهذا حديث مشكل
اختلف فيه أَقوال العلماء فقيل: إِنه في المُقْتَتِلِين من أَهل القِبْلة على
التأْويل فإِن البَصائر ربما أَدْرَكت بعضَهم فاحتاج إِلى الانصراف من
مَقامه المذموم إِلى المحمود، فإِذا لم يجد طريقاً يمرُّ فيه إِليه بقي في
مكانه الأَول فعسى أَن يُقْتَل فيه، فأُمِرُوا بما في هذا الحديث، وقيل:
إِنه يدخل فيه أَيضاً المُقْتَتِلون من المسلمين في قِتالهم أَهل الحرب،
إِذ قد يجوز أَن يَطْرأَ عليهم مَنْ معه العذر الذي أُبِيح لهم الانصراف
عن قِتاله إِلى فِئة المسلمين التي يَتَقَوَّون بها على عدوِّهم، أَو
يصيروا إِلى قوم من المسلمين يَقْوَون بهم على قِتال عدوِّهم فيقاتِلونهم
معهم. ويقال: قُتِل الرجل، فإِن كان قَتَله العِشْق أَو الجِنُّ قيل
اقْتُتِل. ابن سيده: اقْتُتِل فلان قتله عشق النساء أَو قَتَله الجِنُّ، وكذلك
اقْتَتَلَتْه النساء، لا يقال في هذين إِلا اقْتُتِل. أَبو زيد:
اقْتُتِل جُنَّ، واقْتَتَله الجِنُّ خُبِل، واقْتُتِل الرجل إِذا عَشِق عِشْقاً
مُبَرِّحاً؛ قال ذو الرمة:
إِذا ما امْرُؤٌ حاوَلْن أَن يَقْتَتِلْنه،
بِلا إِحْنةٍ بين النُّفوس، ولا ذَحْل
هذا قول أَبي عبيد؛ وقد قالوا قَتَله الجِنّ وزعموا أَن هذا البيت:
قَتَلْنا سَيِّد الخَزْرَ
ج سعدَ بْنَ عُباده
إِنما هو للجنّ. والقِتْلة: الحالة من ذلك كله. وفي الحديث: أَعَفُّ
الناس قِتْلَةً أَهلُ الإِيمان؛ القِتْلة، بالكسر: الحالة من القَتْل،
وبفتحها المرَّة منه، وقد تكرر في الحديث ويفهَم المراد بهما من سياق اللفظ.
ومَقاتِل الإِنسان: المواضع التي إِذا أُصيبت منه قَتَلَتْه، واحدها
مَقْتَل. وحكى ابن الأَعرابي عن أَبي المجيب: لا والذي أَتَّقِيه إِلا
بمَقْتَلِه
(* قوله «والذي أتقيه إلا بمقتله» هكذا في الأصل) أَي كل موضع مني
مَقْتَل بأَيِّ شيءٍ شاء أَن ينزِل قَتْلي أَنزله، وأَضاف المَقْتَل إِلى
الله لأَن الإِنسان كله مِلْك لله عز وجل، فمَقاتِله ملك له.
وقالوا في المَثل: قَتَلَتْ أَرْضٌ جاهلَها وقَتَّلَ أَرضاً عالِمُها.
قال أَبو عبيدة: من أَمثالهم في المعرفة وحمدِهم إِياها قولُهم قَتَّل
أَرضاً عالمُها وقَتَلت أَرضٌ جاهلها، قال: قولهم قتَّل ذلك من قولهم فلان
مُقَتَّل مُضَرَّس، وقالوا قَتَله عِلْماً على المَثل أَيضاً، وقَتَلْت
الشيء خُبْراً. قال تعالى: وما قَتَلوه يَقِيناً بل رفعه الله إِليه؛ أَي
لم يُحيطوا به عِلْماً، وقال الفراء: الهاء ههنا للعلم كما تقول قَتَلْتُه
علماً وقَتَلْتَه يقيناً للرأْي والحديث، وأَما الهاء في قوله: وما
قَتَلوه وما صَلَبوه، فهو ههنا لعيسى، عليه الصلاة والسلام؛ وقال الزجاج:
المعنى ما قَتَلوا علْمَهم يقيناً كما تقول أَنا أَقْتُل الشيء علماً
تأْويله أَي أَعْلم علماً تامًّا. ابن السكيت: يقال هو قاتِل الشَّتَوات أَي
يُطعِم فيها ويُدْفِيءُ الناس، والعرب تقول للرجل الذي قد جرَّب الأُمور:
هو مُعاوِد السَّقْي سقى صَيِّباً. وقَتَل غَليلَه: سقاه فزال غَليلُه
بالرِّيِّ، مثل بما تقدم؛ عن ابن الأَعرابي.
والقِتْل، بالكسر: العدوُّ؛ قال:
واغْتِرابي عن عامِر بن
لُؤَيٍّ في بلادٍ كثيرة الأَقْتال
الأَقتال: الأَعداء، واحدهم قِتْل وهم الأَقْران؛ قال ابن بري: البيت
لابن قيس الرُّقَيّات، ولُؤَي بالهمز تصغير اللأْيِ، وهو الثور الوحشيُّ.
والقَتالُ والكَتَالُ: الكِدْنة والغِلْظ، فإِذا قيل ناقة نَقِيَّة
القَتال فإِنما يريد أَنها، وإِن هُزِلت، فإِن عملَها باقٍ؛ قال ابن
مقبل:ذعرْت بِجَوْس نَهْبَلَةٍ قِذَافٍ
من العِيدِيِّ باقِية القَتَال
والقِتْل: القِرْن في قِتال وغيره. وهما قِتْلان أَي مِثْلان وحَِتْنان.
وقِتْل الرجل: نظيرة وابنُ عمه. وإِنه لقِتْل شرٍّ أَي عالم به، والجمع
من ذلك كله أَقْتال.
ورجل مُقَتَّل: مجرِّب للأُمور. أَبو عمرو: المجرِّبُ والمُجَرَّس
والمُقَتَّل كله الذي جرَّب الأُمور وعرفها. وقَتَل الخمر قَتْلاً: مزجها
فأَزال بذلك حِدَّتها؛ قال الأَخطل:
فقلتُ: اقْتُلوها عنكُم بمِزاجِها،
وحُبَّ بها مَقْتولة، حين تُقْتَل
وقال حسان:
إِنَّ التي عاطَيْتَني فَرَدَدْتُها
قُتِلَتْ، قُتِلْتَ فهاتِها لم تُقْتَل
قوله قُتِلْتَ دعاء عليه أَي قَتَلك الله لِمَ مزجتها؛ وقول دكين:
أُسْقَى بَراوُوقِ الشَّباب الخاضِلِ،
أُسْقَى من المَقْتولَةِ القَواتِلِ
أَي من الخُمور المَقْتولة بالمَزْج القَواتِل بحدَّتها وإِسكارها.
وتَقَتَّل الرجل للمرأَة: خضَع. ورجل مُقَتَّل أَي مُذَلَّل قَتَله
العشق. وقلْب مُقَتَّل: قُتِل عشقاً، وقيل مذلَّل بالحب؛ وقال أَبو الهيثم في
قوله:
بسَهْمَيْكِ في أَعْشارِ قَلْب مُقَتَّل
(* هذا البيت لامرئ القيس من معلقته، وصدره:
وما ذَرَفَت عيناك إلا لتضربي)
قال: المُقَتَّل العَوْد المُضَرَّس بذلك الفعل كالناقة المُقَتَّلة
المُذَلَّلة لعمل من الأَعمال وقد رِيضت وذُلِّلَتْ وعُوِّدت؛ قال: ومن ذلك
قيل للخمر مَقْتولة إِذا مُزِجت بالماء حتى ذهبت شدَّتها فصار رِياضة
لها. والمُقَتَّل: المَكْدود بالعمل المُذَلَّلُ. وجمل مُقَتَّل: ذَلول؛ قال
زهير:
كأَنَّ عَيْنيَّ في غَرْبَيْ مُقَتَّلَةٍ،
من النواضِحِ، تَسْقي جَنَّةً سُحُقَا
واسْتَقْتَل أَي اسْتَمات. التهذيب: المُقَتَّل من الدواب الذي ذَلَّ
ومَرَن على العمل. وناقة مُقَتَّلة: مذللة. وتَقَتَّلَت المرأَةُ للرجل:
تزينت. وتَقَتَّلت: مشت مِشْية حسنة تقلَّبت فيها وتثنَّت وتكسَّرت؛ يوصف
به العشق؛ وقال:
تَقَتّلْتِ لي، حتى إِذا ما قَتَلْتِني
تنسَّكْتِ، ما هذا بفِعْل النَّواسِكِ
قال أَبو عبيد: يقال للمرأَة هي تَقَتَّل في مِشْيتها؛ قال الأَزهري:
معناه تَدَلُّلها واخْتيالها.
واسْتَقْتَل في الأَمر: جدَّ فيه. وتقتَّل لحاجته: تهيَّأ وجدَّ.
والقَتَال: النَّفْس، وقيل بقيَّتها؛ قال ذو الرمة:
أَلم تَعْلَمِي يا مَيُّ أَني، وبيننا
مَهاوٍ يَدَعْنَ الجَلْسَ نَحْلاً قَتَالُها،
أُحَدِّثُ عنكِ النَّفْسَ حتى كأَنني
أُناجِيكِ من قُرْبٍ، فيَنْصاحُ بالُها؟
ونَحْلاً: جمع ناحِل، تقول منه قَتْله كما تقول صَدرَه ورأَسَه
وفَأَدَه. والقَتَال: الجسمُ واللحمُ، وقيل: القَتال بقيَّة الجسم. وقال في موضع
آخر: العُجُوس مَشْيُ العَجَاساء وهي الناقة السمينة تتأَخَّر عن النُّوق
لثِقَل قَتالها، وقَتالُها شحمُها ولحمُها. ودابة ذات قَتال: مستوية
الخَلْق وَثِيقة. وبقي منه قَتَال إِذا بقي منه بعد الهُزال غِلَظ
أَلواح.وامرأَة قَتُول أَي قاتلة؛ وقال مدرك بن حصين:
قَتُول بعَيْنَيْها رَمَتْكَ، وإِنما
سِهامُ الغَواني القاتِلاتُ عُيونُها
والقَتُول وقَتْلَة: اسمان؛ وإِياها عنى الأَعشى بقوله:
شاقَتْك مَنْ قَتْلَة أَطْلالُها،
بالشَّطِّ فالوُِتْر إِلى حاجِرِ
والقَتَّال الكِلابي: من شُعَرائهم.
حجر: الحَجَرُ: الصَّخْرَةُ، والجمع في القلة أَحجارٌ، وفي الكثرة
حِجارٌ وحجارَةٌ؛ وقال:
كأَنها من حِجارِ الغَيْلِ، أَلبسَها
مَضارِبُ الماء لَوْنَ الطُّحْلُبِ التَّرِبِ
وفي التنزيل: وقودها الناس والحجارة؛ أَلحقوا الهاء لتأْنيث الجمع كما
ذهب إِليه سيبويه في البُعُولة والفُحولة. الليث: الحَجَرُ جمعه
الحِجارَةُ وليس بقياس لأَن الحَجَرَ وما أَشبهه يجمع على أَحجار ولكن يجوز
الاستحسان في العربية كما أَنه يجوز في الفقه وتَرْكُ القياس له كما قال
الأَعشى يمدح قوماً:
لا نَاقِصِي حَسَبٍ ولا
أَيْدٍ، إِذا مُدَّت، قِصَارَهْ
قال: ومثله المِهارَةُ والبِكارَةُ لجمع المُهْرِ والبَكْرِ. وروي عن
أَبي الهيثم أَنه قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أَو فُعُولٍ،
وإِنما زادوا هذه الهاء فيها لأَنه إِذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت
ساكنان: أَحدهما الأَلف التي تَنْحَرُ آخِرَ حَرْفٍ في فِعال، والثاني
آخرُ فِعال المسكوتُ عليه، فقالوا: عِظامٌ وعَظامةٌ ونِفارٌ ونِفارةٌ،
وقالوا: فِحالَةٌ وحِبالَةٌ وذِكارَةٌ وذُكُورة وفُحولَةٌ وحُمُولَةٌ. قال
الأَزهري: وهذا هو العلة التي عللها النحويون، فأَما الاستحسان الذي شبهه
بالاستحسان في الفقه فإِنه باطل. الجوهري: حَجَرٌ وحِجارةٌ كقولك جَمَلٌ
وجِمالَةٌ وذَكَرٌَ وذِكارَةٌ؛ قال: وهو نادر. الفراء: العرب تقول الحَجَرُ
الأُحْجُرُّ على أُفْعُلٍّ؛ وأَنشد:
يَرْمِينِي الضَّعِيفُ بالأُحْجُرِّ
قال: ومثله هو أُكْبُرُّهم وفرس أُطْمُرُّ وأُتْرُجُّ، يشدّدون آخر
الحرف. ويقال: رُمِي فُلانٌ بِحَجَرِ الأَرض إِذا رمي بداهية من الرجال. وفي
حديث الأَحنف بن قيس أَنه قال لعلي حين سمَّى معاويةُ أَحَدَ
الحَكَمَيْنِ عَمْرَو بْنَ العاصِ: إِنك قد رُميت بِحَجر الأَرض فأَجعل معه ابن عباس
فإِنه لا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلاَّ حَلَّهَا؛ أَي بداهية عظيمة تثبت
ثبوتَ الحَجَرِ في الأَرض. وفي حديث الجَسَّاسَةِ والدَّجالِ: تبعه أَهل
الحَجَرِ وأَهل المَدَرِ؛ يريد أَهل البَوادِي الذين يسكنون مواضع الأَحجار
والرمال، وأَهلُ المَدَرِ أَهلُ البادِية. وفي الحديث: الولد للفراش
وللعاهِرِ الحَجَرُ؛ أَي الخَيْبَةُ؛ يعني أَن الولد لصاحب الفراش من السيد
أَو الزوج، وللزاني الخيبةُ والحرمان، كقولك ما لك عندي شيء غير التراب
وما يبدك غير الحَجَرِ؛ وذهب قوم إِلى أَنه كنى بالحجر عن الرَّجْمِ؛ قال
ابن الأَثير: وليس كذلك لأَنه ليس كل زان يُرْجَمُ. والحَجَر الأَسود،
كرمه الله: هو حَجَر البيت، حرسه الله، وربما أَفردوه فقالوا الحَجَر
إِعظاماً له؛ ومن ذلك قول عمر، رضي الله عنه: والله إِنك حَجَرٌ، ولولا أَني
رأَيتُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يفعل كذا ما فعلت؛ فأَما قول
الفرزدق:
وإِذا ذكَرْتَ أَبَاكَ أَو أَيَّامَهُ،
أَخْزاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأَحْجارُ
فإِنه جعل كل ناحية منه حَجَراً، أَلا ترى أَنك لو مَسِسْتَ كل ناحية
منه لجاز أَن تقول مسست الحجر؟ وقوله:
أَمَا كفاها انْتِياضُ الأَزْدِ حُرْمَتَها،
في عُقْرِ مَنْزِلها، إِذْ يُنْعَتُ الحَجَرُ؟.
فسره ثعلب فقال: يعني جبلاً لا يوصل إِليه. واسْتَحْجَرَ الطينُ: صار
حَجَراً، كما تقول: اسْتَنْوَق الجَمَلُ، لا يتكلمون بهما إِلاَّ مزيدين
ولهما نظائر. وأَرضٌ حَجِرَةٌ وحَجِيرَةٌ ومُتَحَجِّرة: كثيرة الحجارة،
وربما كنى بالحَجَر عن الرَّمْلِ؛ حكاه ابن الأَعرابي، وبذلك فسر قوله:
عَشِيَّةَ أَحْجارُ الكِناسِ رَمِيمُ
قال:
أَراد عشية رمل الكناس، ورمل الكناس: من بلاد عبدالله بن كلاب.
والحَجْرُ والحِجْرُ والحُجْرُ والمَحْجِرُ، كل ذلك: الحرامُ، والكسر أَفصح،
وقرئ بهن: وحَرْثٌ حجر؛ وقال حميد ابن ثور الهلالي:
فَهَمَمْت أَنْ أَغْشَى إِليها مَحْجِراً،
ولَمِثْلُها يُغْشَى إِليه المَحْجِرُ
يقول: لَمِثْلُها يؤتى إِليه الحرام. وروي الأَزهري عن الصَّيْداوِي
أَنه سمع عبويه يقول: المَحْجَر، بفتح الجيم، الحُرْمةُ؛ وأَنشد:
وهَمَمْتُ أَن أَغشى إِليها مَحْجَراً
ويقال: تَحَجَّرَ على ما وَسَّعه اللهُ أَي حرّمه وضَيَّقَهُ. وفي
الحديث: لقد تَحَجَّرْتَ واسعاً؛ أَي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون
غيرك، وقد حَجَرَهُ وحَجَّرَهُ. وفي التنزيل: ويقولون حِجْراً مَحْجُوراً؛
أَي حراماً مُحَرَّماً. والحاجُور: كالمَحْجر؛ قال:
حتى دَعَوْنا بِأَرْحامٍ لنا سَلَفَتْ،
وقالَ قَائِلُهُمْ: إِنَّي بحاجُورِ
قال سيبويه:
ويقول الرجل للرجل أَتفعل كذا وكذا يا فلان؟ فيقول: حُِجْراً أَي ستراً
وبراءة من هذا الأَمر، وهو راجع إِلى معنى التحريم والحرمة. الليث: كان
الرجل في الجاهلية يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام فيقول: حُجْراً
مَحجُوراً أَي حرام محرم عليك في هذا الشهر فلا يبدؤه منه شر. قال: فإِذا كان
يوم القيامة ورأَى المشركون ملائكة العذاب قالوا: حِجْراً مَحْجُوراً،
وظنوا أَن ذلك ينفعهم كفعلهم في الدنيا؛ وأَنشد:
حتى دعونا بأَرحام لها سلفت،
وقال قائلهم: إِني بحاجور
يعني بِمَعاذ؛ يقول: أَنا متمسك بما يعيذني منك ويَحْجُرك عني؛ قال:
وعلى قياسه العاثُورُ وهو المَتْلَفُ. قال الأَزهري. أَما ما قاله الليث من
تفسير قوله تعالى: ويقولون حجراً محجوراً؛ إِنه من قول المشركين للملائكة
يوم القيامة، فإِن أَهل التفسير الذين يُعتمدون مثل ابن عباس وأَصحابه
فسروه على غير ما فسره الليث؛ قال ابن عباس: هذا كله من قول الملائكة،
فالوا للمشركين حجراً محجوراً أَي حُجِرَتْ عليكم البُشْرَى فلا تُبَشَّرُون
بخير. وروي عن أَبي حاتم في قوله: «ويقولون حجراً» تمّ الكلام. قال أَبو
الحسن: هذا من قول المجرمين فقال الله محجوراً عليهم أَن يعاذوا وأَن
يجاروا كما كانوا يعاذون في الدنيا ويجارون، فحجر الله عليهم ذلك يوم
القيامة؛ قال أَبو حاتم وقال أَحمد اللؤــلؤي: بلغني عن ابن عباس أَنه قال: هذا
كله من قول الملائكة. قال الأَزهري: وهذا أَشبه بنظم القرآن المنزل بلسان
العرب، وأَحرى أَن يكون قوله حجراً محجوراً كلاماً واحداً لا كلامين مع
إِضمار كلام لا دليل عليه. وقال الفرّاء: حجراً محجوراً أَي حراماً
محرّماً، كما تقول: حَجَرَ التاجرُ على غلامه، وحَجَرَ الرجل على أَهله. وقرئت
حُجْراً مَحْجُوراً أَي حراماً محرّماً عليهم البُشْرَى. قال: وأَصل
الحُجْرِ في اللغة ما حَجَرْتَ عليه أَي منعته من أَن يوصل إِليه. وكل ما
مَنَعْتَ منه، فقد حَجَرْتَ عليه؛ وكذلك حَجْرُ الحُكَّامِ على الأَيتام:
مَنْعُهم؛ وكذلك الحُجْرَةُ التي ينزلها الناس، وهو ما حَوَّطُوا عليه.
والحَجْرُ، ساكنٌ: مَصْدَرُ حَجَر عليه القاضي يَحْجُر حَجْراً إِذا
منعه من التصرف في ماله. وفي حديث عائشة وابن الزبير: لقد هَمَمْتُ أَن
أَحْجُرَ عليها؛ هو من الحَجْر المَنْعِ، ومنه حَجْرُ القاضي على الصغير
والسفيه إِذا منعهما من التصرف في مالها. أَبو زيد في قوله وحَرْثٌ حِجْرٌ
حرامٌ ويقولون حِجْراً حراماً، قال: والحاء في الحرفين بالضمة والكسرة
لغتان. وحَجْرُ الإِنسان وحِجْرُه، بالفتح والكسر: حِضْنُه. وفي سورة النساء:
في حُجُوركم من نسائكم؛ واحدها حَجْرٌ، بفتح الحاء. يقال: حَجْرُ
المرأَة وحِجْرُها حِضْنُها، والجمع الحُجُورُ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
هي اليتيمة تكون في حَجْر وَلِيِّها، ويجوز من حِجْرِ الثوب وهو طرفه
المتقدم لأَن الإِنسان يرى ولده في حِجْرِه؛ والوليُّ: القائم بأَمر
اليتيم. والحجر، بالفتح والكسر: الثوب والحِضْنُ، والمصدر بالفتح لا غير. ابن
سيده: الحَجْرُ المنع، حَجَرَ عليه يَحْجُرُ حَجْراً وحُجْراً وحِجْراً
وحُجْراناً وحِجْراناً مَنَعَ منه. ولا حُجْرَ عنه أَي لا دَفْعَ ولا
مَنْعَ. والعرب تقول عند الأَمر تنكره: حُجْراً له، بالضم، أَي دفعاً، وهو
استعارة من الأَمر؛ ومنه قول الراجز:
قالتْ وفيها حَيْدَةٌ وذُعْرُ:
عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمُ وحُجْرُ
وأَنت في حِجْرَتِي أَي مَنَعَتِي. قال الأَزهري: يقال هم في حِجْرِ
فلانٍ أَي في كَنَفِه ومَنَعَتِه ومَنْعِهِ، كله واحد؛ قاله أَبو زيد،
وأَنشد لحسان ابن ثابت:
أُولئك قَوْمٌ، لو لَهُمْ قيلَ: أَنْفِدُوا
أَمِيرَكُمْ، أَلفَيْتُموهُم أُولي حَجْرِ
أَي أُولى مَنَعَةٍ. والحُجْرَةُ من البيوت: معروفة لمنعها المال،
والحَجارُ: حائطها، والجمع حُجْراتٌ وحُجُراتٌ وحُجَراتٌ، لغات كلها.
والحُجْرَةُ: حظيرة الإِبل، ومنه حُجْرَةُ الدار. تقول: احْتَجَرْتُ حُجْرَةً أَي
اتخذتها، والجمع حُجَرٌ مثل غُرْفَةٍ وغُرَفٍ. وحُجُرات، بضم الجيم. وفي
الحديث: أَنه احْتَجَر حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَو حَصِير؛ الحجيرة:
تصغير الحُجْرَةِ، وهي الموضع المنفرد.
وفي الحديث: من نام على ظَهْرِ بَيْتٍ ليس عليه حِجارٌ فقد بَرِئَتْ منه
الذمة؛ الحجار جمع حِجْرٍ، بالكسر، أَو من الحُجْرَةِ وهي حَظِيرَةُ
الإِبل وحُجْرَةُ الدار، أَي أَنه يَحْجُر الإِنسان النائم ويمنعه من الوقوع
والسقوط. ويروى حِجاب، بالباء، وهو كل مانع من السقوط، ورواه الخطابي
حِجًى، بالياء، وسنذكره؛ ومعنى براءة الذمة منه لأَنه عَرَّض نفسه للهلاك
ولم يحترز لها. وفي حديث وائل بن حُجْرٍ: مَزاهِرُ وعُرْمانٌ ومِحْجَرٌ؛
مِحجر، بكسر الميم: قربة معروفة؛ قال ابن الأَثير: وقيل هي بالنون؛ قال:
وهي حظائر حول النخل، وقيل حدائق.
واستَحجَرَ القومُ واحْتَجَرُوا: اتخذوا حُجْرة. والحَجْرَةُ والحَجْرُ،
جميعاً: للناحية؛ الأَخيرة عن كراع. وقعد حَجْرَةً وحَجْراً أَي ناحية؛
وقوله أَنشده ثعلب:
سَقانا فلم نَهْجَا من الجُِوع نَقْرَةً
سَماراً، كإِبحط الذِّئْب سُودٌ حَواجِرُهْ
قال ابن سيده: لم يفسر ثعلب الحواجر. قال: وعندي أَنه جمع الحَجْرَةِ
التي هي الناحية على غير قياس، وله نظائر. وحُجْرَتا العسكر: جانباه من
الميمنة والميسرة؛ وقال:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهِمْ،
ونَجْمَعُهُمْ إِذا كانوا بَدَادِ
وفي الحديث: للنساء حَجْرتا الطريق؛ أَي ناحيتاه؛ وقول الطرماح يصف
الخمر:
فلما فُتَّ عنها الطِّينُ فاحَتْ،
وصَرَّحَ أَجْوَدُ الحُجْرانِ صافي
استعار الحُجْرانَ للخمر لأَنها جوهر سيال كالماء؛ قال ابن الأَثير: في
الحديث حديث علي، رضي الله عنه، الحكم لله:
ودَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِهِ
قال: هو مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أَجلُّ
منه، وهو صدر بيت لامرئ القيس:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِه،
ولكِنْ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ
أَي دع النهب الذي نهب من نواحيك وحدثني حديث الرواحل وهي الإِبل التي
ذهبتَ بها ما فعَلت. وفي النوادر: يقال أَمسى المالُ مُحْتَجِرَةً
بُطُونُهُ ونَجِرَةً؛ ومالٌ مَتَشدِّدٌ ومُحْتَجِّرٌ. ويقال: احْتَجَرَ البعيرُ
احْتِجاراً. والمُحْتَجِرُ من المال: كلُّ ما كَرِشَ ولم يَبْلُغْ نِصْفَ
البِطْنَة ولم يبلغ الشِّبَع كله، فإِذا بلغ نصف البطنة لم يُقَلْ،
فإِذا رجع بعد سوء حال وعَجَفٍ، فقد اجْرَوَّشَ؛ وناس مُجْروِّشُون.
والحُجُرُ: ما يحيط بالظُّفر من اللحم.
والمَحْجِرُ: الحديقة، مثال المجلس. والمَحاجِرُ: الحدائق؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ،
تَرْوي المَحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ
قال ابن بري: أَراد بقوله جرشية ناقة منسوبة إِلى جُرَش، وهو موضع
باليمن. ومقطورة: مطلية بالقَطِران. وعُلْكُوم: ضخمة، والهاء في به تعود على
غَرْب تقدم ذكرها. الأَزهري: المِحْجَرُ المَرْعَى المنخفض، قال: وقيل
لبعضهم: أَيُّ الإِبل أَبقى على السَّنَةِ؟ فقال: ابنةُ لَبُونٍ، قيل:
لِمَهْ؟ قال: لأَنها تَرْعى مَحْجِراً وتترك وَسَطاً؛ قال وقال بعضهم:
المَحْجِرُ ههنا الناحية. وحَجْرَةُ القوم: ناحية دارهم؛ ومثل العرب: فلان يرعى
وَسطَاً: ويَرْبُضُ حَجْرَةً أَي ناحية. والحَجرَةُ: الناحية، ومنه قول
الحرث بن حلِّزَةَ:
عَنَناً باطلاً وظُلْماً، كما تُعْـ
ـتَرُ عن حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ
والجمع جَحْرٌ وحَجَراتٌ مثل جَمْرَةٍ وجَمْرٍ وجَمَراتٍ؛ قال ابن بري:
هذا مثل وهو أَن يكون الرجل وسط القوم إِذا كانوا في خير، وإِذا صاروا
إِلى شر تركهم وربض ناحية؛ قال: ويقال إِن هذتا المَثَلَ لَعَيْلانَ بن
مُضَرَ. وفي حديث أَبي الدرداء: رأَيت رجلاً من القوم يسير حَجْرَةً أَي
ناحية منفرداً، وهو بفتح الحاء وسكون الجيم. ومَحْجِرُ العين: ما دار بها
وبدا من البُرْقُعِ من جميع العين، وقيل: هو ما يظهر من نِقاب المرأَة
وعمامة الرجل إِذا اعْتَمَّ، وقيل: هو ما دار بالعين من العظم الذي في أَسفل
الجفن؛ كل ذلك بفتح الميم وكسرها وكسر الجيم وفتحها؛ وقول الأَخطل:
ويُصبِحُ كالخُفَّاشِ يَدْلُكُ عَيْنَهُ،
فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ لَئيمٍ ومِنْ حَجْرِ
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَراد محجر العين. الأَزهري: المَحْجِرُ
العين. الجوهري: محجر العين ما يبدو من النقاب. الأَزهري: المَحْجِرُ من الوجه
حيث يقع عليه النقاب، قال: وما بدا لك من النقاب محجر وأَنشد:
وكَأَنَّ مَحْجِرَها سِراجُ المُوقِدِ
وحَجَّرَ القمرُ: استدار بخط دقيق من غير أَن يَغْلُظ، وكذلك إِذا صارت
حوله دارة في الغَيْم. وحَجَّرَ عينَ الدابة وحَوْلَها: حَلَّقَ لداء
يصيبها. والتحجير: أَن يَسِم حول عين البعير بِميسَمٍ مستدير. الأَزهري:
والحاجِرُ من مسايل المياه ومنابت العُشْب ما استدار به سَنَدٌ أَو نهر
مرتفع، والجمع حُجْرانٌ مثل حائر وحُوران وشابٍّ وشُبَّانٍ؛ قال رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حُجْرانُ الدَّرَقْ
قال الأَزهري: ومن هذا قيل لهذا المنزل الذي في طريق مكة: حاجز. ابن
سيده: الحاجر ما يمسك الماء من شَفَة الوادي ويحيط به. الجوهري: الحاجر
والحاجور ما يمسك الماء من شفة الوادي، وهو فاعول من الحَجْرِ، وهو المنع.
ابن سيده: قال أَبو حنيفة: الحاجِرُ كَرْمٌ مِئْنَاثٌ وهو مُطْمئنٌّ له
حروف مُشْرِفَة تحبس عليه الماءَ، وبذلك سمي حاجراً، والجمع حُجْرانٌ.
والحاجِرُ: مَنْبِتُ الرِّمْتِ ومُجْتَمَعُه ومُسْتَدارُه. والحاجِرُ أَيضاً:
الجَِدْرُ الذي يُمسك الماء بين الديار لاستدارته أَيضاً؛ وقول الشاعر:
وجارة البيت لها حُجْرِيُّ
فمعناه لها خاصة. وفي حديث سعد بن معاذ: لما تحَجَّرَ جُرْحُه للبُرْءِ
انْفَجَر أَي اجتمع والتأَم وقرب بعضه من بعض.
والحِجْرُ، بالكسر: العقل واللب لإِمساكه وضعه وإِحاطته بالتمييز، وهو
مشتق من القبيلين. وفي التنزيل: هل في ذلك قَسَمٌ لذي حِجر؛ فأَما قول ذي
الرمة:
فَأَخْفَيْتُ ما بِي مِنْ صَدِيقي، وإِنَّهُ
لَذو نَسَب دانٍ إِليَّ وذو حِجْرِ
فقد قيل: الحِجْرُ ههنا العقل، وقيل: القرابة. والحِجْرُ: الفَرَسُ
الأُنثى، لم يدخلوا فيه الهاء لأَنه اسم لا يشركها فيه المذكر، والجمع
أَحْجارٌ وحُجُورَةٌ وحُجُورٌ. وأَحْجارُ الخيل: ما يتخذ منها للنسل، لا يفرد
لها واحد. قال الأَزهري: بلى يقال هذه حِجْرٌ من أَحْجار خَيْلي؛ يريد
بالجِحْرِ الفرسَ الأُنثى خاصة جعلوها كالمحرَّمة الرحِمِ إِلاَّ على
حِصانٍ كريم. قال وقال أَعرابي من بني مُضَرَّسٍ وأَشار إِلى فرس له أُنثى
فقال: هذه الحِجْرُ من جياد خيلنا. وحِجْرُ الإِنسان وحَجْرُه: ما بين يديه
من ثوبه. وحِجْرُ الرجل والمرأَة وحَجْرُهما: متاعهما، والفتح أَعلى.
ونَشَأَ فلان في حَجْرِ فلان وحِجْرِه أَي حفظه وسِتْرِه. والحِجْرُ: حِجْرُ
الكعبة. قال الأَزهري: الحِجْرُ حَطِيمُ مكة، كأَنه حُجْرَةٌ مما يلي
المَثْعَبَ من البيت. قال الجوهري: الحِجْرُ حِجْرُ الكعبة، وهو ما حواه
الحطيم المدار بالبيت جانبَ الشَّمالِ؛ وكُلُّ ما حْجَرْتَهُ من حائطٍ، فهو
حِجْرٌ. وفي الحديث ذِكْرُ الحِجْرِ في غير موضع، قال ابن الأَثير: هو
اسم الحائط المستدير إِلى جانب الكعبة الغربي. والحِجْرُ: ديار ثمود ناحية
الشام عند، وادي القُرَى، وهم قوم صالح النبي، صلى الله عليه وسلم، وجاء
ذكره في الحديث كثيراً. وفي التنزيل: ولقد كَذَّبَ أَصحاب الحِجْرِ
المرسلين؛ والحِجْرُ أَيضاً: موضعٌ سوى ذلك.
وحَجْرٌ: قَصَبَةُ اليمامَةِ، مفتوح الحاء، مذكر مصروف، ومنهم من يؤنث
ولا يصرف كامرأَة اسمها سهل، وقيل: هي سُوقُها؛ وفي الصحاح: والحَجْرُ
قَصَبَةُ اليمامة، بالتعريف. وفي الحديث: إِذا نشأَت حَجْرِيَّةً ثم
تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ حجرية، بفتح الحاء وسكون الجيم. قال ابن
الأَثير: يجوز أَن تكون منسوبة إِلى الحَجْرِ قصبة اليمامة أَو إِلى حَجْرَةِ
القوم وهي ناحيتهم، والجمع حَجْرٌ كَجَمْرَةٍ وجَمْرٍ. وإِن كانت بكسر
الحاء فهي منسوبة إِلى أَرض ثمود الحِجْرِ؛ وقول الراعي ووصف صائداً:
تَوَخَّى، حيثُ قال القَلْبُ منه،
بِحَجْرِيٍّ تَرى فيه اضْطِمارَا
إِنما عنى نصلاً منسوباً إِلى حَجْرٍ. قال أَبو حنيفة: وحدائدُ حَجْرٍ
مُقدَّمة في الجَوْدَة؛ وقال رؤبة:
حتى إِذا تَوَقَّدَتْ من الزَّرَقْ
حَجْرِيَّةٌ، كالجَمْرِ من سَنِّ الدَّلَقْ وأَما قول زهير:
لِمَنِ الدّيارُ بِقُنَّة الحَجْرِ
فإِن أَبا عمرو لم يعرفه في الأَمكنة ولا يجوز أَن يكون قصبة اليمامة
ولا سُوقها لأَنها حينئذٍ معرفة، إِلاَّ أَن تكون الأَلف واللام زائدتين،
كما ذهب إِليه أَبو علي في قوله:
ولَقَد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَسَاقِلاً،
واَقَدْ نَهِيْتُكَ عن بناتِ الأَوْبَرِ
وإِنما هي بنات أَوبر؛ وكما روي أَحمد بن يحيى من قوله:
يا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحِبي
وقول الشاعر:
اعْتَدْتُ للأَبْلَجِ ذي التَّمايُلِ،
حَجْرِيَّةً خِيَضَتْ بِسُمٍّ ماثِلِ
يعني: قوساً أَو نَبْلاً منسوبة إِلى حَجْرٍ هذه. والحَجَرانِ: الذهب
والفضة. ويقال للرجل إِذا كثر ماله وعدده: قد انتشرت حَجْرَتُه وقد
ارْتَعَجَ مالهُ وارْتَعَجَ عَدَدُه.
والحاجِرُ: منزل من منازل الحاج في البادية.
والحَجُّورة: لعبة يلعب بها الصبيان يخطُّون خطّاً مستديراً ويقف فيه
صبي وهنالك الصبيان معه.
والمَحْجَرُ، بالفتح: ما حول القرية؛ ومنه محاجِرُ أَقيال اليمن وهي
الأَحْماءُ، كان لكل واحد منهم حِمَّى لا يرعاه غيره. الأَزهري؛ مَحْجَرُ
القَيْلِ من أَقيال اليمن حَوْزَتُه وناحيته التي لا يدخل عليه فيها غيره.
وفي الحديث: أَنه كان له حصير يبسطه بالنهار ويَحْجُره بالليل، وفي
رواية: يَحْتَجِرُهُ أَي يجعله لنفسه دون غيره. قال ابن الأَثير: يقال
حَجَرْتُ الأَرضَ واحْتَجَرْتُها إِذا ضربت عليها مناراً تمنعها به عن
غيرك.ومُحَجَّرٌ، بالتشديد: اسم موضع بعينه. والأَصمعي يقوله بكسر الجيم
وغيره يفتح. قال ابن بري: لم يذكر الجوهري شاهداً على هذا المكان؛ قال: وفي
الحاشية بيت شاهد عليه لطفيل الغَنَوِيِّ:
فَذُوقُوا، كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ،
من الغَيْظِ في أَكْبادِنا والتَّحَوُّبِ
وحكى ابن بري هنا حكاية لطيفة عن ابن خالويه قال: حدثني أَبو عمرو
الزاهد عن ثعلب عن عُمَرَ بنِ شَبَّةَ قال: قال الجارود، وهو القارئ (وما
يخدعون إِلاَّ أَنفسهم): غسلت ابناً للحجاج ثم انصرفت إِلى شيخ كان الحجاج
قتل ابنه فقلت له: مات ابن الحجاج فلو رأَيت جزعه عليه، فقال:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجَّر
البيت. وحَجَّارٌ، بالتشديد: اسم رجل من بكر بن وائل. ابن سيده: وقد
سَمَّوْا حُجْراً وحَجْراً وحَجَّاراً وحَجَراً وحُجَيْراً. الجوهري: حَجَرٌ
اسم رجل، ومنه أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ الشاعر؛ وحُجْرٌ: اسم رجل وهو حُجْرٌ
الكِنْديُّ الذي يقال له آكل المُرَارِ؛ وحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الذي يقال
له الأَدْبَرُ، ويجوز حُجُرٌ مثل عُسْر وعُسُر؛ قال حسان بن ثابت:
مَنْ يَغُرُّ الدَّهْرُ أَو يأْمَنُهُ
مِنْ قَتيلٍ، بَعْدَ عَمْرٍ وحُجُرْ؟
يعني حُجُرَ بن النعمان بن الحرث بن أَبي شمر الغَسَّاني. والأَحجار:
بطون من بني تميم؛ قال ابن سيده: سموا بذلك لأَن أَسماءهم جَنْدَلٌ
وجَرْوَلٌ وصَخْر؛ وإِياهم عنى الشاعر بقوله:
وكُلّ أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا
يعني أُمه، وقيل: هي المنجنيق. وحَجُورٌ موضع معروف من بلاد بني سعد؛
قال الفرزدق:
لو كنتَ تَدْري ما بِرمْلِ مُقَيِّدٍ،
فَقُرى عُمانَ إِلى ذَوات حَجُورِ؟
وفي الحديث: أَنه كان يلقى جبريل، عليهما السلام، بأَحجار المِرَاءِ؛
قال مجاهد: هي قُبَاءٌ. وفي حديث الفتن: عند أَحجار الزَّيْتِ: هو موضع
بالمدينة. وفي الحديث في صفة الدجال: مطموس العين ليست بناتئة ولا حُجْراءَ؛
قال ابن الأَثير: قال الهروي إِن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها ليست
بصُلْبَة مُتَحَجِّرَةٍ، قال: وقد رويت جَحْراءَ، بتقديم الجيم، ، وهو
مذكور في موضعه. والحَنْجَرَةُ والحُنْجُور: الحُلْقُوم، بزيادة النون.