Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: فيه

الوضع

الوضع: لغة: جعل اللفظ بإزاء المعنى.

واصطلاحا: تخصيص شيء بشيء متى، أطلق فهم منه الشيء الثاني.

وعند الحكماء: هو هيئة عارضة للشيء بسبب نسبتين: نسبة أجزائه بعضهما إلى بعض، ونسبة أجزائه إلى الأمور الخارجة عنه كالقيام والقعود، فإن كلا منهما هيئة عارضة للشخص بسبب نسبة أعضائه بعضها لبعض، وإلى الأمور الخارجة عنه. والوضع الحسي: ألقاء الشيء المستثقل، ذكره الحرالي. وقال الراغب: والوضع أعم من الحط، ومنه الموضع. والوضيعة: الحطيطة.
الوضع:
[في الانكليزية] Situation ،position ،attitude
[ في الفرنسية] Situation ،position ،attitude
بالفتح وسكون الضاد المعجمة في اللغة وضع شيء في مكان، كما في الصراح. وعند الحكماء يطلق على معان. منها ما هو مقولة من المقولات التسع من الأعراض هي هيئة تعرّض للشيء بسبب نسبة بعض أجزائه إلى بعض منها، وإلى الأمور الخارجة عنه كالقيام والقعود والمراد بالشيء الجسم أي هي هيئة حاصلة للجسم بسبب نسبة أجزائه بعضها إلى بعض بالقرب والبعد والمحاذاة منه وغيرها، وبسبب نسبة أجزائه إلى الأمور الخارجة عن ذلك الشيء كوقوع بعضها نحو السماء مثلا وبعضها نحو الأرض، سواء كانت الأجزاء بالفعل أو بالقوة فالوضع هيئة معلولة للنسبتين معا، ولو لم يعتبر في ماهيته نسبة الأجزاء إلى الأمور الخارجية، بل اكتفي فيهــا بالنسبة فيما بين الأجزاء وحدها لزم أن يكون القيام بعينه الانتكاس لأنّ القائم إذا قلب بحيث لا تتغيّر النسبة فيما بين أجزائه كانت الهيئة معلولة لهذه النسبة وحدها باقية بشخصها، فيكون وضع الانتكاس بعينه وضع القيام. قال شارح حكمة العين: اللازم مما ذكرتم اشتراكهما في معنى الوضع الذي هو جنسهما فجاز أن يفترقا بالفصل الحاصل من النسبة الخارجية. وأجيب بأنّ الجنس والفصل يتحدان وجودا وجعلا، فكيف يتصوّر أنّ حصة من الجنس قارنت فصلا ثم فارقته إلى فصل آخر. ثم إنّهم اتفقوا على أنّ الوضع هيئة بسيطة معلولة للنسبتين وليست مركّبة منهما، إذ النسبة فيما بين الأجزاء وفيما بينها وبين الأمور الخارجية ليس إلّا القرب والبعد والمحاذاة والمجاورة والتماسّ، وليس القيام والقعود نفس تلك النسب ولا مركّبا من الهيئتين الحاصلتين منها إذ لا دليل على وجودهما في القيام مثلا، فضلا عن تركّبه منها فهو هيئة وحدانية معلولة لهما. واعلم أنّ الإمام في المباحث المشرقية عرّف الوضع بأنّه هيئة تحصل للجسم بسبب نسبة بعض أجزائه إلى بعض نسبة تتخالف الأجزاء لأجلها بالقياس إلى تلك الجهات في الموازاة والانحراف، ولا تخالف بين التعريفين وأنّ ظاهر هذا التعريف مشعر بأنّه معلول لنسبة الأجزاء فيما بينها لأنّه قيد فيه النسبة لكونها موجبة لتخالفها بالقياس إلى تلك الجهات وذلك لا يحصل إلّا بعد اعتبار النسبة إلى الأمور الخارجية أيضا، إلّا أنّه في التعريف المشهور جعل معلولا لمجموع النسبتين، وفيما ذكره الإمام معلولا للنسبة المقيّدة، هكذا يستفاد من شرح المواقف وحاشيته لمولانا عبد الحكيم.
ومنها ما هو جزء المقولة وهو هيئة عارضة للشيء بسبب نسبة أجزائه بعضها إلى بعض.
ومنها كون الشيء بحيث يمكن أن يشار إليه إشارة حسّية، فالنقطة بهذا المعنى ذات وضع دون الوحدة، هكذا في شرح التجريد وشرح حكمة العين. وعند أهل العربية عبارة عن تعيين الشيء للدلالة على شيء والشيء الأول هو الموضوع لفظا كان أو غيره كالخطّ والعقد والنصب والإشارة والهيئة، والشيء الثاني هو المعنى الموضوع له، فهذا تعريف لمطلق الوضع لا لوضع اللفظ صرّح به في الأطول. وأمّا وضع اللفظ فقال السّيّد السّند في حاشية شرح المطالع في بحث الدلالة إنّه مشترك بين معنيين أحدهما تعيين اللفظ للدلالة على المعنى، وعلى هذا ففي المجاز وضع نوعي قطعا إذ لا بدّ من العلاقة المعتبرة نوعها عند الوضع. وأمّا الوضع الشخصي فربّما يثبت في بعض، والثاني تعيين اللفظ للدلالة على المعنى بنفسه أي ليدلّ بنفسه لا بقرينة تنضم إليه، وعلى هذا فلا وضع في المجاز أصلا لا شخصيا ولا نوعيا، لأنّ الواضع لم يعيّن اللفظ للمعنى المجازي بنفسه بل بالقرينة الشخصية أو النوعية، فاستعماله فيه بالمناسبة لا بالوضع بخلاف تعيين المشتقّات كاسم الفاعل ونظائره فهو وضع قطعا لدلالتها على معانيها بأنفسها، لكنه وضع نوعي أي بضابطة كلّية كأن يقال كلّ صيغة فاعل كذا فهو لكذا.

التقسيم:
الوضع على قسمين وضع شخصي ويسمّى أيضا وضعا جزئيا ووضعا عينيا، ووضع نوعي ويسمّى وضعا كلّيا أيضا. فالوضع الشخصي تعيين اللفظ بخصوصه وبعينه للمعنى كما يقال هذا اللفظ موضوع لكذا، والوضع النوعي تعيين اللفظ لا بخصوصه وبعينه للمعنى بل في ضمن القاعدة الكلّية، ولذا وقع في شرح المطالع من أنّه قد يعتبر عموم الوضع في جانب اللفظ ويسمّى حينئذ وضعا نوعيا انتهى. ويؤيّد ما ذكرنا أيضا ما قال الهداد في حاشية الكافية من أنّه لا نعني بالوضع الجزئي سوى وضع اللفظ بشخصه لمعنى كالمضمرات والمبهمات فإنّها وضعت بأشخاصها للإطلاق على المعيّن أيّ معيّن كان، بخلاف ذي اللام فإنّه غير موضوع بشخصه. فنحو الرجل لم يوضع هكذا بشخصه وإنّما وضعت قاعدة كلّية تطلق عليه وعلى أمثاله وهي أنّ ما دخله اللام فهو معرفة فكان وضعه كلّيا لا جزئيا انتهى. قال في التلويح في فصل قصر العام: الوضع النوعي قد يكون بثبوت قاعدة دالّة على أنّ كلّ لفظ يكون بكيفية كذا فهو متعيّن للدلالة بنفسه على معنى مخصوص يفهم منه بواسطة تعيينه له، مثل الحكم بأنّ كلّ اسم آخره ألف أو ياء مفتوح ما قبلها ونون مكسورة فهو لفردين من مدلول ما لحق آخره هذه العلامة، وكلّ اسم غيّر إلى نحو رجال ومسلمين ومسلمات فهو لجمع من مسمّيات ذلك الاسم، وكلّ جمع عرّف باللام فهو لجميع تلك المسمّيات إلى غير ذلك، ومثل هذا من باب الحقيقة بمنزلة الموضوعات الشخصية بأعيانها، بل أكثر الحقائق من هذا القبيل كالمثنى والمصغّر والمنسوب وعامة الأفعال والمشتقات والمركّبات. وبالجملة كلّ ما يكون دلالته على المعنى بهيئته فهو من هذا القبيل. وقد يكون بثبوت قاعدة دالّة على أنّ كلّ لفظ معيّن للدلالة بنفسه على معنى فهو عند القرينة المانعة من إرادة ذلك المعنى متعيّن لما يتعلّق بذلك المعنى تعلّقا خاصا ودال عليه بمعنى أنّه يفهم منه بواسطة القرينة لا بواسطة هذا التعيّن حتى لو لم يثبت من الواضع جواز استعمال اللفظ في المعنى المجازي لكانت دلالته عليه وفهمه منه عند قيام القرينة بحالها، ومثله مجاز لتجاوزه المعنى الأصلي، فالوضع عند الإطلاق يراد به تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه سواء كان ذلك التعيين بأن يفرد اللفظ بعينه بالتعيين أو يدرج في القاعدة الدّالّة على التعيين وهو المراد بالوضع المأخوذ في تعريف الحقيقة والمجاز، ويشتمل الوضع الشخصي والقسم الأول من النوعي انتهى. وبالجملة فالوضع النوعي على قسمين، وأيضا ينقسم إلى وضع لغوي وشرعي وعرفي واصطلاحي وقد سبق في لفظ المجاز.
وأيضا ينقسم الوضع إلى ثلاثة أقسام. قال السّيّد السّند في حاشية شرح مختصر الأصول في بحث الحروف لا بدّ للواضع في الوضع من تصوّر المعنى فإن تصوّر معنى جزئيا وعيّن بإزائه لفظا مخصوصا أو ألفاظا مخصوصة متصوّرة إجمالا أو تفصيلا كان الوضع خاصا لخصوص التصوّر المعتبر فيه أي تصوّر المعنى والموضوع له أيضا خاصا، وإن تصوّر معنى عاما يندرج تحته جزئيات إضافية أو حقيقية فله أن يعيّن لفظا معلوما أو ألفاظا معلومة على أحد الوجهين بإزاء ذلك المعنى العام فيكون الوضع عاما لعموم التصوّر المعتبر فيه والموضوع له أيضا عاما، وله أن يعيّن اللفظ أو الألفاظ بإزاء الخصوصيات المندرجة تحته لأنّها معلومة إجمالا إذا توجّه العقل بذلك المفهوم العام ونحوها، والعلم الإجمالي كاف في الوضع فيكون الوضع عاما لعموم التصوّر المعتبر فيه والموضوع له خاصا. وأمّا عكس هذا أعني بكون الوضع خاصا لخصوص التصوّر المعتبر فيه والموضوع له عاما فلا يتصوّر لأنّ الجزئي ليس وجها من وجوه الكلّي ليتوجّه العقل به إليه فيتصوّره إجمالا، إنّما الأمر بالعكس انتهى.
ومثله ذكر مولانا عصام الدين في حاشية الفوائد الضيائية حيث قال: الوضع الجزئي ما لوحظ فيه الموضوع له الجزئي بعينه ويسمّى وضعا خاصا أيضا والوضع الكلّي ما لوحظ فيه الموضوع له الكلّي بنفسه أو الموضوع له الجزئي بعنوان أعمّ كما يقال لوحظ كلّ مشار إليه يعنون المشار إليه ووضع له بعينه اسم الإشارة ويسمّى وضعا عاما أيضا، فالأول وضع عام لموضوع له عام والثاني وضع عام لموضوع له خاص انتهى.

وقال المحقّق التفتازاني: اعلم أنّ نظر الواضع في وضعه قد يكون إلى خصوص اللفظ بخصوص المعنى كما في الأعلام وقد يكون إلى خصوص اللفظ لعموم المعنى أي للمعنى الكلّي المحتمل للمقولية على الكثرة كوضع رجل حتى يصحّ أن يقال أكرم رجلا، والمراد رجلا ما ولو أريد زيد بخصوصه لم يصح حقيقة. وقد يكون إلى عموم اللفظ لخصوص المعنى بأن لا يلاحظ لفظا بعينه بل أمرا كلّيا يندرج فيه كثير من الألفاظ وذلك في وضع الهيئات بأن يقول صيغة فاعل من كلّ مصدر لمن قام به مدلول ذلك المصدر فيعلم منه أنّ ضاربا لمن قام به الضرب وقاعدا لمن قام به القعود إلى غير ذلك من الخصوصيات، مع أنّه لم يعتبرها ولم يلاحظها على التفصيل. وقد يكون إلى اللفظ بخصوصه فيضعه بملاحظة أمر عام لأفراد ذلك الأمر بخصوصياتها حتى لا يكون الموضوع له هو ذلك الأمر العام بل خصوصياته على التفصيل، إلّا أنّ نظر الواضع عند الوضع يكون إلى ذلك الأمر لا إلى الخصوصيات بمعنى أنّه عين اللفظ لتلك الخصوصيات لكن بملاحظة ذلك الأمر العام كما في تعيين لفظ هذا لهذا الرجل وهذا الفرس إلى غير ذلك مما لا يتناهى بملاحظة أمر كلّي هو مفهوم المشار إليه بالخصوص. ففي القسم الأخير من القسمين الأخيرين خصوص المعنى الشخصي لا يحتمل الكثرة واعتبار خصوص اللفظ في نظر الواضع ضروري بخلاف القسم الأول منهما فإنّ خصوصيات المعاني كلّيات وملاحظة الألفاظ عند الوضع ليست باعتبار خصوصياتها بل باعتبار اندراجها تحت أمر كلّي انتهى كلامه. ففهم من هذا أنّ في الأقسام الأربعة التي ذكرها المحقّق التفتازاني سوى القسم الثالث وضعا شخصيا لاعتبار الخصوص في جانب اللفظ وفي القسم الثالث منهما وضعا نوعيا لاعتبار العموم في جانب اللفظ وأنّ في القسم الأول منها الوضع والموضوع له كليهما خاصان، وفي القسم الثاني كليهما عامان، وفي القسمين الأخيرين الوضع عام والموضوع له خاص إذ عموم الوضع وخصوصه معتبر لعموم تصوّر المعنى عند الوضع وخصوصه عنده وعموم الموضوع له وخصوصه معتبر بعموم المعنى الذي وضع ذلك اللفظ بإزائه وخصوصه يشهد بذلك التأمّل الصادق.

تنبيه:

الوضع الجزئي يطلق على معنيين:
أحدهما الوضع الشخصي وثانيهما الوضع الخاص، وكذلك الوضع الكلّي يطلق على معنيين: أحدهما الوضع النوعي والثاني الوضع العام.
فائدة:
من قبيل الوضع العام لموضوع له خاص وضع المبهمات والمضمرات، فإنّ لفظ هذا مثلا موضوع لكلّ مشار إليه مخصوص، فإنّ الواضع تصوّر كلّ مشار إليه مفرد مذكّر باعتبار هذا المفهوم العام ولم يضع اللفظ لهذا المعنى الكلّي بل لتلك الجزئيات المندرجة تحته، فصار الوضع عاما والموضوع له خاصا، وإنّما حكمنا بذلك لأنّ لفظ هذا لا يطلق إلّا على الخصوصيات ولا يجوز إطلاقه على غيرها، إذ لا يقال هذا والمراد أحد ممّا يشار إليه، بل لا بدّ في إطلاقه من المقصد إلى خصوصية معيّنة فلو كان موضوعا للمعنى العام كرجل لجاز فيه ذلك ولكان استعماله في الخصوصيات مجازا.
والقول بأنّه موضوع لمفهوم كلّي لكن الواضع قد اشترط أن لا يستعمل إلّا في الجزئيات بخلاف نحو رجل تمحّل ظاهر. فإن قلت إذا كان هذا موضوعا للخصوصيات المتعدّدة كان مشتركا لفظا. قلت إنّما يلزم ذلك لو كان موضوعا لها بأوضاع متعدّدة وليس كذلك بل موضوع لها وضعا واحدا. واعلم أنّ وضعه للخصوصيات من حيث إنّها مندرجة تحت المفهوم الكلّي، فزيد من حيث تعلّق به إشارة مخصوصة معنى لهذا فله اعتبار في الوضع وفي الموضوع له أيضا، وكذا الحال في المضمرات فإنّ لفظ أنا موضوع لكلّ متكلّم واحد ولفظ أنت لكلّ مخاطب مذكّر واحد، ولفظ هو لكلّ مفرد مذكّر غائب مخصوص، ولا يقدح في ذلك أنّ هذا يشار به أيضا إلى أمر كلّي مذكور وأنّ ضمير الغائب قد يرجع إليه أيضا. أمّا الأول فلأنّ هذا يقتضي بحسب أصل الوضع مشارا إليه إشارة حسّية فلا يكون إلّا جزئيا حقيقيا، وإذا استعمل في غيره فقد نزّل منزلته، والكلّي المذكور من حيث إنّه مذكور بهذا الذكر الجزئي جزئي لا يحتمل الشركة. وأمّا الثاني فلاقتضاء ضمير الغائب ذكرا جزئيا للمرجوع إليه إمّا لفظا أو معنى أو حكما، وقد عرفت أنّ الكلّي من حيث هو مذكور ذكرا جزئيا جزئي ومنه المشتقات كالأفعال فإنّها بالنظر إلى النسب الداخلة في مفهومها من هذا القبيل، وكالأسماء المتصلة بها مثل اسم الفاعل واسم المفعول ونحوهما وكالمصغّر والمنسوب، إلّا أنّ في وضع المبهمات والمضمرات وبين وضع المشتقات فرقا من وجهين: الأول أنّ الخصوصيات التي وضعت بإزائها المشتقات جزئيات إضافية كلّ واحد منها كلّي في نفسه حتى لو فرض أنّ الواضع تصوّر مفهوم الضارب وعيّن بإزائه كان الوضع والموضوع له عامين، والخصوصيات التي وضعت المبهمات والمضمرات بإزائها جزئيات حقيقية. والثاني أنّ تصوّر اللفظ والمعنى في المشتقات بوجه عام وأمّا في المبهمات والمضمرات فعموم التصوّر في المعنى، لكن الوضع في كليهما عام لأنّ المعتبر في ذلك هو المعنى إذ لا يترتّب على اعتباره في اللفظ فائدة. ومنه الحروف فإنّ لفظة من مثلا موضوعة لكلّ ابتداء خاص بوضع واحد، هكذا ذكر السّيّد الشريف في حاشية شرح مختصر الأصول.
فائدة:
من المعلوم أنّ دلالة اللفظ على مفهوم دون مفهوم آخر مع استواء نسبته إليهما ممتنعة بل لا بدّ من اختصاص يقتضي لإمكانه مخصّصا ينحصر بحكم التقسيم العقلي في ذات اللفظ وغيرها، وذلك الغير إمّا الله تعالى أو غيره، فذهب عبّاد بن سليمان الصيري وأهل التكسير أي أصحاب علم الحروف وبعض المعتزلة إلى الأول وزعموا أنّ بين اللفظ والمعنى مناسبة ذاتية مخصوصة منها نشأت دلالته عليه، والحقّ خلافه، لأنّا لو فرضنا وضع اللفظ الدّالّ على الشيء لمناسبة ذاتية على زعمكم لنقيض ذلك الشيء أو لضدّه دلّ اللفظ على النقيض أو الضدّ دون هذا المدلول الذي هو الشيء، فقد تخلّف عن اللفظ الدلالة عليه، أو لو فرضنا وضع اللفظ للشيء ولنقيضه أو له ولضده دلّ عليهما، فقد اختلف دلالته فتارة على الشيء وحده وتارة عليه وعلى نقيضه أو عليه وعلى ضدّه، وما كان ثابتا لشيء بالذات وبحسب اقتضائها لا يتخلّف عنها ولا تختلف في شيء من الأحوال قطعا فلا تكون دلالته مستندة إلى ذاته، وبهذا التقرير يندفع ما يقال لم لا يجوز أن يكون للفظ مناسبة ذاتية إلى النقيضين أو الضدين إذ لا دليل على استحالته. نعم إنّه مستبعد لكنه لا ينافي الجواز ولا الوقوع. ثم إنّه لا يلزم التخصيص بلا مخصّص إذ إرادة الواضع المختار يصلح مخصصا من غير انضمام داعية إليه كتخصيص الله الحدوث بوقت وكتخصيص العبد الأعلام بالأشخاص. واعلم أنّ المخالف لعلّه يدعي ما يدعيه الاشتقاقيون في ملاحظة الواضع مناسبة ما بين اللفظ ومدلوله في الوضع وإلّا فبطلانه ضروري.
فائدة:
الواضع إمّا الله تعالى أو الخلق أو الله تعالى والخلق بالتوزيع، ثم أن يجزم بأصالة الثلاثة أم لا؟ فهذه أربعة أقسام، قال بكلّ قسم منها قائل. فقال الأشعري ومتابعوه الواضع للغات هو الله تعالى وعلّمها بالوحي أي بأن خاطب إمّا بذاته أو بإرسال ملك عبدا أو داعيا بكون الألفاظ موضوعة للمعاني، أو بخلق أصوات تدلّ على الوضع، وذلك إمّا بخلق الأصوات والحروف أعني جميع الألفاظ التي وضعها للمعاني وإسماعها لواحد أو لجماعة بحيث يحصل له أو لهم العلم بأنّها بإزاء تلك المعاني، وإمّا بخلق أصوات وحروف تدلّ على أنّ تلك الألفاظ موضوعة، أو بخلق علم ضروري بأن يخلق العلم الضروري لواحد أو لجماعة باللغات وأنّ واضعها قد وضعها لتلك المعاني المخصوصة. وقالت البهشمية أي أصحاب أبي هاشم وضعها البشر واحدا أو جماعة بأن انبعث داعيته أو داعيتهم إلى وضع هذه الألفاظ بإزاء معانيها ثم حصل تعريف الباقين بالإشارة والتكرار كما في الأطفال يتعلمون اللغات بترديد الألفاظ مرة بعد أخرى مع قرينة الإشارة وغيرها، كأن يقال هات الكتاب ولم يكن فيه غيره فيعلم أنّ اللفظ بإزائه. وقال الاستاذ أبو إسحاق الواضع هو الله تعالى والخلق بالتوزيع لا من حيث أنّ بعضا لهذا قطعا وبعضا لذلك قطعا، بل من حيث إنّ البعض لله سبحانه جزما والبعض الآخر يتردّد بينهما، وأما عكس مذهبه بأن يكون الاصطلاحي مقدّما على التوقيفي فهو وإن كان مندرجا تحت التوزيع لكنه على ما قيل من أنّه لم يتحقّق لا هو ولا صاحبه، والقدر المحتاج إليه في التعريف يحصل بالتوقيف من قبل الله وغيره محتمل للأمرين. وقال القاضي أبو بكر الجميع ممكن عقلا ولشيء من أدلة المذاهب لا يفيد القطع فوجب التوقّف وهذا هو الصحيح.
ثم إنّه إن كان المقصود هو الظّنّ بأن كان النزاع في الظهور لا في القطع وهو الحقّ إذ الألفاظ يكتفى فيهــا بالظواهر، فالحقّ ما صار إليه الأشعري لقوله تعالى وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها.
فائدة:
طريق معرفة الوضع هو النقل لأنّ وضع لفظ معيّن لمعنى معيّن من الممكنات والعقل لا يستقلّ بها. والنقل إمّا متواتر يفيد القطع أو آحاد يفيد الظّنّ، واللغات قسمان: قسم لا يقبل التشكيك كالأرض والسماء والحرّ والبرد مما يعلم وضعها لما يستعمل فيه قطعا، وقسم يقبله كاللغات العربية، فالطريق فيما لا يقبل التشكيك هو التواتر وفي غيره الآحاد، ولا يراد بالنقل أن يكون مستقلا بالدلالة من غير مدخل العقل فيه إذ صدق المخبر لا بدّ فيه وأنّه عقلي، بل يراد به أن يكون للنقل مدخل. وإن شئت زيادة فارجع إلى العضدي وحواشيه.

قَرَنَ

(قَرَنَ)
(هـ) فِيهِ «خيرُكم قَرْني، ثُمَّ الَّذِينَ يَلونهم» يَعْنِي الصَّحَابَةَ ثُمَّ التَّابِعِينَ.
والقرْن: أَهْلُ كُلِّ زَمَانٍ، وَهُوَ مِقْدار التَّوَسُّط فِي أَعْمَارِ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ. مَأْخُوذٌ مِنَ الاقْتران، وَكَأَنَّهُ المِقدار الَّذِي يَقْتَرِن فِيهِ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي أَعْمَارِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ.
وَقِيلَ: القَرْن: أَرْبَعُونَ سَنَةً. وَقِيلَ: ثَمَانُونَ. وَقِيلَ: مِائَة. وَقِيلَ: هُوَ مُطلَقٌ مِنَ الزَّمَانِ. وَهُوَ مَصْدَرُ: قَرَن يَقْرِن.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى رَأْسِ غُلام وَقَالَ: عِشْ قَرْناً، فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ» .
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فارسُ نَطْحَةً أَوْ نَطْحَتين»
، ثُمَّ لَا فارِسَ بَعْدَهَا أَبَدًا، والرومُ ذَاتُ القُرُون، كُلَّمَا هَلَكَ قرْن خَلَفَه قرْن» فالقُرُون جَمْعُ قرْن.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي سُفْيَانَ «لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ طاعةَ قَوْم، وَلَا فارسَ الأكارِم، وَلَا الرُّوم ذَاتَ القُرُون» وَقِيلَ: أَرَادَ بالقُرون فِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ: الشُّعور ، وَكُلُّ ضَفيرة مِنْ ضَفائر الشَّعْرِ: قَرْن.
وَمِنْهُ حَدِيثُ غُسل الْمَيِّتِ «ومَشَطناها ثَلَاثَةَ قُرُون» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ «قَالَ لأسْماء: لَتَأتِينِّي، أَوْ لأبْعَثَنَّ إِلَيْكِ مَنْ يَسْحَبك بقُرونك» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ كَرْدَم «وبقَرْنِ أيِّ النِساء هِيَ؟» أَيْ بِسِنَّ أيِّهنّ.
(س) وَفِي حَدِيثِ قَيْلة «فَأَصَابَتْ ظُبَتُه طَائِفَةً مِنْ قُرُون راسِيَة» أَيْ بَعْضِ نَواحي رَأْسِي.
(س [هـ] ) وَــفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِعَليٍّ: إِنَّ لَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّكَ ذُو قرْنَيها» أي طَرَفي الجنة وجانِبْيها. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَنَا أحْسِبُ أَنَّهُ أَرَادَ ذُو قَرْنَيِ الأمَّة، فأضْمر.
وَقِيلَ: أَرَادَ الْحَسَنَ والحُسين.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «وَذَكَرَ قصَّة ذِي القَرْنين ثُمَّ قَالَ: وَفِيكُمْ مِثْلُه» فيُرَى أَنَّهُ إِنَّمَا عَني نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ ضُرِب عَلَى رَأْسِهِ ضَرْبَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَالْأُخْرَى ضَرْبَةُ ابْنِ مُلْجَمٍ.
وَذُو القَرْنين: هُوَ الْإِسْكَنْدَرُ، سُمّي بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَلَك الشَّرق وَالْغَرْبَ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ فِي رأسِه شِبْه قَرْنَيْن. وَقِيلَ: رَأَى فِي النَّوم أَنَّهُ أخَذَ بقَرْنَي الشَّمْسِ.
(س [هـ] ) وَــفِيهِ «الشَّمْسُ تَطْلُع بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ» أَيْ ناحِيَتَي رأسِه وجانِبَيْه. وَقِيلَ:
القَرْن: القٌوّة: أَيْ حِينَ تَطْلُع يَتَحَرَّك الشَّيْطَانُ ويَتَسلَّط، فَيَكُونُ كالمُعِين لَهَا.
وَقِيلَ: بَيْنَ قَرْنَيْه: أَيْ أمَّتَيْه الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. وَكُلُّ هَذَا تَمْثِيلٌ لِمَنْ يَسْجد لِلشَّمْسِ عِنْدَ طُلُوعِهَا، فَكَأَنَّ الشَّيْطَانَ سَوّل لَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا سجَد لَهَا كَانَ كَأَنَّ الشَّيْطَانَ مُقْتَرِنٌ بِهَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ خَبَّاب «هَذَا قَرْنٌ قَدْ طَلع» أَرَادَ قَوْماً أحْداثاً نَبَغوا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُونُوا. يَعْنِي القُصَّاص.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِدْعةً حَدَثَت لَمْ تَكُنْ فِي عَهْد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ «فوجَده الرَّسُولُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ القرْنَيْن» هُمَا قَرْنا الْبِئْرِ المَبْنِيَّان عَلَى جانِبَيها، فَإِنْ كَانَتَا مِنْ خَشَب فهُما زُرْنُوقان.
وَــفِيهِ «أَنَّهُ قَرَن بَيْنَ الْحَجِّ والعُمْرة» أَيْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِنَّية وَاحِدَةٍ، وتَلْبِية وَاحِدَةٍ، وإحْرام واحدٍ، وَطَوَافٍ وَاحِدٍ، وسَعْي وَاحِدٍ، فَيَقُولُ: لَبَّيْك بحَجَّة وعُمْرة. يُقَالُ: قَرَن بَيْنَهُمَا يَقْرِن قِرانا، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أفْضل مِنَ الْإِفْرَادِ والتَّمَتُّع.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ نَهَى عَنِ القِران، إلاَّ أنْ يَسْتأذِن أحدُكم صاحبَه» ويُرْوَى «الإِقْران» وَالْأَوَّلُ أصحُّ. وَهُوَ أَنْ يَقْرُن بَيْنَ التَّمْرَتَين فِي الْأَكْلِ. وَإِنَّمَا نَهى عَنْهُ لأنَّ فِيهِ شَرهاً وَذَلِكَ يُزْري بِصَاحِبِهِ، أَوْ لأنَّ فِيهِ غَبْناً بِرَفيقه.
وَقِيلَ: إِنَّمَا نَهى عَنْهُ لِمَا كَانُوا فِيهِ مِنْ شِدة الْعَيْشِ وقِلَّة الطَّعام، وَكَانُوا مَعَ هَذَا يُواسون مِنَ الْقَلِيلِ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى الْأَكْلِ آثَرَ بعضُهم بَعْضًا عَلَى نَفْسِهِ. وَقَدْ يَكُونُ فِي القَوْم مَنْ قَدِ اشْتَدَّ جوعُه، فربَّما قَرَنَ بَيْنَ التمْرَتَيْن، أَوْ عَظَّم اللُّقْمة. فأرْشَدهم إِلَى الإذْن فِيهِ، لِتَطيبَ بِهِ أنْفُس الْبَاقِينَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ جَبَلة «قَالَ: كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فِي بَعْث العِراق، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقنا التَّمر، وَكَانَ ابْنُ عُمر يَمُرّ فَيَقُولُ: لَا تُقَارِنوا إِلَّا أَنْ يَسْتأذِنَ الرجُل أَخَاهُ» هَذَا لأجْل مَا فِيهِ مِنَ الغَبْن، ولأنَّ مِلْكهم فِيهِ سَواء. ورُوِي نحوُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَصْحَابِ الصُّفَّة.
وَــفِيهِ «قَارِنوا بَيْنَ أبنائِكم» أَيْ سَوُّوا بَيْنَهُمْ وَلَا تُفَضِّلوا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ.
ورُوِي بِالْبَاءِ الموحَّدة، مِنَ الْمُقَارَبَةِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ.
(س) وَــفِيهِ «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَرَّ برَجُلَين مُقْتَرِنَيْن، فَقَالَ: مَا بالُ القِران؟ قَالَا:
نَذَرْنا» أَيْ مَشْدُودَيْن أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ بحَبل. والقَرَن بِالتَّحْرِيكِ: الحْبل الَّذِي يُشَدّانِ بِهِ. وَالْجَمْعُ نفسُه: قَرَن أَيْضًا. والقِرانُ: الْمَصْدَرُ والحَبْل.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ فِي قَرَن» أَيْ مجْمُوعان فِي حَبْل، أَوْ قِرَان.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الضالَّة «إِذَا كَتَمها آخِذُها فَــفِيهَــا قَرِينَتُها مِثْلُها» أَيْ إِذَا وَجَد الرجُل ضالَّة مِنَ الْحَيَوَانِ وكتَمها وَلَمْ يُنْشِدْها، ثُمَّ تُوجَد عِنْدَهُ فَإِنَّ صاحبَها يَأْخُذُهَا ومِثْلَها مَعَهَا مِنْ كاتِمِها.
وَلَعَلَّ هَذَا قَدْ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسخ، أَوْ هُوَ عَلَى جِهَةِ التَّأْدِيبِ حَيْثُ لَمْ يُعرِّفها.
وَقِيلَ: هُوَ فِي الْحَيَوَانِ خاصَّة كَالْعُقُوبَةِ لَهُ.
وَهُوَ كَحَدِيثِ مانِع الزَّكَاةِ «إنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِه» والقَرِينة: فَعيلة بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، مِنَ الاقْتِرَان.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى «فَلَمَّا أتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: خُذْ هَذيْنِ القَرِينَين» أَيِ الجَمَلْين المَشْدُودَيْن أحدُهما إِلَى الآخَر.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وطَلحة يُقَالُ لَهُمَا: القَرِينان» لأنَّ عُثْمَانَ أَخَا طَلْحة أخَذَهما فقَرَنَهما بحَبْل . (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا مِن أحدٍ إلاَّ وُكّلَ بِهِ قَرِينُه» أَيْ مُصاحِبُه مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالشَّيَاطِينِ.
وكُلُّ إِنْسَانٍ فَإِنَّ مَعَهُ قَرِيناً مِنْهُمَا، فقَرِينُه مِنَ الْمَلَائِكَةِ يأمُره بِالْخَيْرِ ويَحُثُّه عَلَيْهِ، وقَرِينه مِنَ الشَّيَاطِينِ يأمُرُه بالشَّرّ ويَحُثُّه عَلَيْهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «فقاتِلْه فإنَّ مَعَهُ القَرِين» وَالْقَرِينُ: يَكُونُ فِي الْخَيْرِ والشَّر.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ قُرِنَ بِنُبُوّتِه عَلَيْهِ السَّلَامُ إسْرافيل ثلاثَ سِنِينَ، ثُمَّ قُرِنَ بِهِ جِبْرِيلُ» أَيْ كَانَ يَأْتِيهِ بالوَحْي.
(هـ) وَفِي صِفَته عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «سَوابغَ فِي غَيْرِ قَرَن» القَرَن- بِالتَّحْرِيكِ- الْتِقاء الحاجِبَين. وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَت أُمُّ مَعْبَد، فَإِنَّهَا قَالَتْ فِي صِفَته «أزَجّ أَقْرَن» أَيْ مَقْرُون الحاجبَيْن، وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ فِي صِفته.
وَ «سَوابِغ» حالٌ مِنَ المْجرور وَهُوَ الحَواجِب: أَيْ أَنَّهَا دَقّت فِي حَالِ سُبوغها، ووُضع الحَواجِب مَوْضِعَ الحاجِبَين، لأنَّ التَّثنِية جَمْع.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْمَوَاقِيتِ «أَنَّهُ وَقتَ لأهْل نَجْد قَرْناً» وَفِي رِوَايَةٍ «قَرْنَ المَنازل» هُوَ اسْمُ موضعٍ يُحرِم مِنْهُ أَهْلُ نَجْد. وَكَثِيرٌ ممَّن لَا يَعْرف يَفْتَح رَاءَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالسُّكُونِ، ويُسَمَّى أَيْضًا «قَرْن الثَّعالب» . وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ احتَجَم عَلَى رَأْسِهِ بقَرْنٍ حِينَ طُبَّ» وَهُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ، فَإِمَّا هُوَ المِيقاتُ أَوْ غَيْرُهُ. وَقِيلَ: هُوَ قَرْن ثَوْر جُعِل كالمحْجَمة.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «إِذَا تَزَوَّجَ المرأةَ وَبِهَا قَرْنٌ فَإِنْ شَاءَ أمْسَك وَإِنْ شَاءَ طَلّق» القَرْن بِسُكُونِ الرَّاءِ: شَيْءٌ يَكُونُ فِي فَرْج الْمَرْأَةِ كالِسنّ يَمنع مِنَ الوَطْء، وَيُقَالُ لَهُ: العَفَلة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ شُرَيح «فِي جاريةٍ بِهَا قَرْن، قَالَ: أقْعِدوها، فَإِنْ أَصَابَ الأرضَ فَهُوَ عَيْب، وَإِنْ لَمْ يُصِبْها فَلَيْسَ بعَيْب» .
(س) وَــفِيهِ «أَنَّهُ وَقَف عَلَى طَرَف القَرْن الأسْود» هُوَ بِالسُّكُونِ: جُبَيْل صَغِيرٌ. (س) وَــفِيهِ «أنَّ رجُلاً أَتَاهُ فَقَالَ: عَلَّمني دُعاءً، ثُمَّ أَتَاهُ عِنْدَ قَرْن الحَوْل» أَيْ عِنْدَ آخِرِ الحوْل [الْأَوَّلِ] وَأَوَّلِ الثَّانِي.
وَفِي حَدِيثِ عُمر وَالأُسقُفّ «قَالَ: أجِدُك قَرْنا، قَالَ: قَرْن مَهْ؟ قَالَ: قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ» القَرْن بِفَتْحِ الْقَافِ: الحَصْن، وجَمْعُه قُرون، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهَا صَياصِي.
وَفِي قَصِيدُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
إِذَا يُسَاوِرُ قِرْناً لَا يَحِلُّ لَهُ ... أَنْ يَتْرُكَ القِرْنَ إِلَّا وهْو مَجْدُولُ
القِرْن بِالْكَسْرِ: الكُفْء والنَّظير فِي الشَّجاعة والحَرْب، ويُجْمَع عَلَى: أَقْران. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ مُفْرداً وَمَجْمُوعًا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ «بِئْسَ مَا عَوَّدْتم أَقْرَانَكُم» أَيْ نُظَراءكم وَأَكْفَاءَكُمْ فِي الْقِتَالِ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الْأَكْوَعِ «سَأَلَ رسولَ اللَّهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي القَوس والقَرَن، فَقَالَ:
صَلّ فِي القَوْس واطْرَح القَرَن» القَرَن بِالتَّحْرِيكِ: جَعْبَة مِنْ جُلود تُشَقّ ويَجْعل فِيهَــا النُّشَّاب، وَإِنَّمَا أمَرَه بَنَزْعِه، لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ جِلْد غَيْرِ ذَكِيٍّ وَلَا مَدْبُوغ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كالنَّبْل فِي القَرَن» أَيْ مَجْتَمِعون مِثْلَها.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُميَر بْنِ الْحَمَّامِ «فأخْرَج تَمْراً مِنْ قَرَنه» أَيْ جَعْبَته، ويُجْمَع عَلَى:
أَقْرُن، وأَقْرَان، كجَبَل وأجْبُل وَأَجْبَالٍ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَعاهَدوا أَقْرَانكم» أَيِ انْظُروا هَلْ هِيَ مِنْ ذَكِيَّة أَوْ مَيِّتة، لأجْل حَمْلِها فِي الصَّلَاةِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «قَالَ لرجَل: مَا مالُك؟ قَالَ: أَقْرُنٌ لِي وآدِمَةٌ فِي المَنِيئة، فَقَالَ:
قَوِّمْها وزَكِّها» .
وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسار «أَمَّا أَنَا فإنِّي لِهَذِهِ مُقْرِن» أَيْ مُطِيق قادِرٌ عَلَيْهَا، يَعْنِي ناقَتَه.
يقال: أَقْرَنْت للشيء فأنا مُقْرِن: أي أطاقَه وقَوِيَ عليه. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى «وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ» .

سَلَمَ

(سَلَمَ)
فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «السَّلامُ»
قِيلَ مَعْناه سلامتُه مِمَّا يلْحق الخَلق مِنَ العَيب والفَناء.
والسَّلَامُ فِي الأصْل السَّلَامَةُ. يُقَالُ سَلِمَ يَسْلَمُ سَلَامَةً وسَلَاماً. وَمِنْهُ قِيلَ للجنَّة دارُ السَّلامِ
، لِأَنَّهَا دارُ السَّلَامَةِ مِنَ الْآفَاتِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ثلاثةٌ كلُّهم ضامنٌ عَلَى اللَّهِ، أحدُهم مَنْ يَدْخل بَيْتَهُ بِسَلَامً» أرادَ أَنْ يَلزَم بَيْتَهُ طَلَبًا لِلسَّلَامَةِ مِنَ الفِتَن ورَغبة فِي العُزلة. وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّهُ إذا دَخَل بيته سَلَّمَ.
والأول الوجه. (س) وَفِي حَدِيثِ التَّسْلِيمِ «قُلِ السَّلَامُ عَلَيْكَ، فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَام تَحيَّة الموْتَى» هَذَا إشارَةٌ إِلَى مَا جَرت بِهِ عادَتُهم فِي المَراثي، كَانُوا يُقَدّمون ضَمِيرَ الْمَيِّتِ عَلَى الدُّعاء لَهُ كَقَوْلِهِ:
عَليكَ سَلَامٌ مِنْ أَمِيرٍ وباَرَكَت ... يَدُ اللهِ فِي ذَاك الأدِيمِ المُمَزَّقِ
وَكَقَوْلِ الْآخَرِ:
عَلَيْكَ سَلَامُ اللهِ قَيْسَ بنَ عاصمٍ ... ورحمتهُ مَا شاءَ أَنْ يترَّحما
وَإِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ لِأَنَّ المُسّلم عَلَى القَوم يتوقَّعُ الْجَوَابَ، وَأَنْ يُقال لَهُ عليكَ السلامُ، فَلَمَّا كَانَ الميتُ لَا يُتَوقع مِنْهُ جَوَابٌ جَعَلوا السلامَ عَلَيْهِ كَالْجَوَابِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْمَوْتَى كُفَّار الْجَاهِلِيَّةِ.
وَهَذَا فِي الدُّعاء بالخَير والمَدْح، فَأَمَّا فِي الشَرِّ والذَّم فيُقدَّم الضميرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى «وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي» وقوله: «عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ» *.
وَالسُّنَّةُ لَا تَخْتلفُ فِي تَحِية الأمواتِ وَالْأَحْيَاءِ. ويشهَدُ لَهُ الْحَدِيثُ الصحيحُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخل الْقُبُورَ قَالَ: «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ دَار قَومٍ مُؤْمِنِينَ» .
والتَّسْلِيمُ مشتَقّ مِنَ السَّلَامِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى لسلامَتِه مِنَ العَيب والنَّقْص. وَقِيلَ معناهُ أَنَّ اللَّهَ مُطَّلع عَلَيْكُمْ فَلَا تَغْفُلوا. وَقِيلَ مَعْنَاهُ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكَ: أَيِ اسْمُ اللَّهِ عليك، إذ كَانَ اسمُ اللَّهِ يُذْكر عَلَى الأعْمال تَوقُّعا لاجْتماع مَعَانِي الْخَيْرَاتِ فِيهِ وانْتِفاء عَوارِض الْفَسَادِ عَنْهُ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ سَلِمْتَ مِنِّي فاجْعَلْني أَسْلَمُ مِنْكَ، مِنَ السَّلَامَةِ بِمَعْنَى السَّلَامِ.
وَيُقَالُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وسَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وسَلَامٌ، بِحَذْفِ عَلَيْكُمْ، وَلَمْ يَرِد فِي القُرآن غَالِبًا إِلَّا مُنَكَّراً كَقَوْلِهِ تعالى سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ
فأمَّا فِي تشهُّد الصلاةِ فيقالُ فِيهِ مُعرَّفا ومُنَكَّرا، والظاهرُ الأكثرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّهُ اخْتاَر التَّنْكِيرَ، وَأَمَّا فِي السَّلَامِ الَّذِي يَخْرج بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ فَروى الرَّبيعُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يكْــفيه إِلَّا مُعرَّفا، فَإِنَّهُ قَالَ: أقلُّ مَا يَكْــفِيهِ أَنْ يقولَ السلامُ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ نَقَص مِنْ هَذَا حَرْفا عَادَ فسلَّم. ووجْهُه أَنْ يَكُونَ أرَاد بِالسَّلَامِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَجُزْ حذفُ الألِف واللاَّم مِنْهُ، وكانُوا يَسْتَحسنون أَنْ يَقُولوا فِي الأوَّل سلامٌ عَلَيْكُمْ، وَفِي الآخِر السلامُ عَلَيْكُمْ، وتكونُ الألفُ واللامُ للعَهْد. يَعْنِي السَّلَامَ الْأَوَّلَ. وَفِي حَدِيثِ عِمْرَان بْنِ حُصَين «كَانَ يُسَلَّمُ عليَّ حَتَّى اكْتويْتُ» يَعْنِي أنَّ الملائكةَ كَانَتْ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا اكْتَوى بِسَبَبِ مَرَضه تَرَكُوا السلامَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الكَىَّ يَقدَح فِي التَّوكل والتَّسْلِيمِ إِلَى اللَّهِ والصَبرِ عَلَى مَا يُبْتَلى بِهِ العبدُ وَطَلَبِ الشِّفَاءِ مِنْ عِنْدِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ قَادِحًا فِي جَوَازِ الكَىِّ ولكنَّه قادحٌ فِي التَّوكّل، وَهِيَ دَرَجَةٌ عاليةٌ وَرَاءَ مُبَاشرة الْأَسْبَابِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ «أَنَّهُ أخَذَ ثَمانين مِنْ أهْل مَكَّةَ سَلْماً» يُرْوى بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا، وَهُمَا لُغَتان فِي الصُّلْحِ، وَهُوَ المرادُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَا فسَّره الحُمَيْدي في غَرِيبه. وقال الخطَّابي: أَنَّهُ السَّلَمُ بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ، يُرِيدُ الِاسْتِسْلَامَ والإذعان، كقوله تعالى وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ
أَيْ الِانْقِيَادَ، وَهُوَ مصدرٌ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ. وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ بالقَضِية؛ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُؤْخّذوا عَنْ صُلْح. وَإِنَّمَا أُخِذوا قَهْرا وأَسْلَمُوا أنْفُسهم عَجْزا، وللأوَّل وجْه، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ تَجْرِ مَعَهُمْ حَرْب، وَإِنَّمَا لمَّا عجَزوا عَنْ دفْعهم أَوِ النَّجاة مِنْهُمْ رَضُوا أَنْ يُؤْخذوا أَسْرى وَلَا يُقتلوا، فَكَأَنَّهُمْ قَدْ صُولحوا عَلَى ذَلِكَ فسُّمى الانقيادُ صُلحا وَهُوَ السَّلَمُ.
وَمِنْهُ كِتَابُهُ بَيْنَ قُرَيش وَالْأَنْصَارِ «وَإِنَّ سِلْمَ المُؤمنين واحدٌ لَا يُسَالَمُ مؤمِن دُونَ مُؤمن» أَيْ لَا يُصَالح واحدٌ دُونَ أَصْحَابِهِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الصُّلح بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهم باجْتماع مَلَئهم عَلَى ذَلِكَ.
(هـ) وَمِنَ الْأَوَّلِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ «لآتينَّك برجُل سَلَمٍ» أَيْ أَسِيرٍ لِأَنَّهُ اسْتَسْلَمَ وَانْقَادَ.
وَــفِيهِ «أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ» هُوَ مِنَ المُسَالَمَةِ وتَرْك الْحَرْبِ. ويحتَمِل أَنْ يَكُونَ دُعاءً وإخْباراً:
إِمَّا دُعَاءً لَهَا أَنْ يُسَالِمَهَا اللَّهُ وَلَا يأمرُ بحَربْها، أَوْ أخْبَر أَنَّ اللَّهَ قَدْ سَالَمَهَا ومنَع مِنْ حربْها.
وَــفِيهِ «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يظلِمُه وَلَا يُسْلِمُهُ» يُقَالُ: أَسْلَمَ فُلَانٌ فُلاناً إِذَا ألْقاه إِلَى الهلَكة وَلَمْ يَحْمه مِنْ عدُوِّه، وَهُوَ عامٌّ فِي كُلِّ مَنْ أسْلمته إِلَى شَيْءٍ، لَكِنْ دَخَله التَّخْصِيص، وغَلَب عَلَيْهِ الالْقاء فِي الهلَكة.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنِّي وهبْت لخالَتي غُلاما، فقلْت لَهَا لَا تُسْلِمِيهِ حَجَّاماً وَلَا صَائِغًا وَلَا قصَّاباً» أَيْ لَا تُعْطيه لِمَنْ يُعَلمه إِحْدَى هَذِهِ الصَّنَائِعِ، إِنَّمَا كِره الْحَجَّامَ والقصَّاب لِأَجْلِ النَّجاسة الَّتِي يباشِرَانها مَعَ تعذُّر الاحترازِ، وَأَمَّا الصائغُ فلِمَا يدخُل صَنْعَتَهُ مِنَ الْغِشِّ، وَلِأَنَّهُ يَصُوغ الذهب وَالْفِضَّةَ، وربَّما كَانَ مِنْ آنِيَةٍ أَوْ حَلْى لِلرِّجَالِ وَهُوَ حَرَام، ولكَثْرة الوعْد والكَذِب فِي إِنْجَازِ مَا يُسْتَعْمل عِنْدَهُ.
(س) وَــفِيهِ «مَا مِنْ آدَمِيٍّ إلاَّ وَمَعَهُ شيطانٌ، قِيلَ: ومَعَك؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ» وَفِي رِوَايَةٍ «حَتَّى أَسْلَمَ» أَيِ انْقَاد وكفَّ عَنْ وَسْوَستي. وَقِيلَ دَخل فِي الْإِسْلَامِ فسَلمت مِنْ شَرِّهِ. وَقِيلَ إِنَّمَا هُوَ فَأَسْلَمُ بِضَمِّ الْمِيمِ، عَلَى أَنَّهُ فعلٌ مسْتَقبل: أَيْ أَسْلَمُ أَنَا مِنْهُ وَمِنْ شرِّه.
وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ:
(س) الْحَدِيثُ الْآخَرُ «كَانَ شيطانُ آدَمَ كَافِرًا وَشَيْطَانِي مُسْلِماً» .
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَم» يَعْنِي مِنْ قَوْمِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ «وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ» يَعْنِي مُؤْمِنِي زَمانه، فَإِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يَكُنْ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ، وَإِنْ كَانَ مِنَ السَّابقين الْأَوَّلِينَ.
(هـ) وَــفِيهِ «كَانَ يقولُ إِذَا دَخَلَ شهرُ رمضانَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي مِنْ رمضانَ وسَلِّمْ رَمَضَانَ لِي وسَلِّمْهُ مِنِّي» قَوْلُهُ سَلّمِني مِنْهُ أَيْ لَا يُصيبني فِيهِ مَا يَحُول بَيْنِي وبَينَ صَوْمه مِنْ مَرَض أَوْ غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ سَلِّمْهُ لِي: هُوَ أَنْ لَا يُغَمَّ عَلَيْهِ الهلالُ فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ فَيْلتَبِس عَلَيْهِ الصومُ والفِطْر. وَقَوْلُهُ وسلِّمه مِنِّي: أَيْ يَعْصِمه مِنَ المَعَاصي فِيهِ.
وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «وَكَانَ عليٌّ مُسَلَّماً فِي شأنِها» أَيْ سَالِماً لَمْ يُبْد بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِهَا.
ويُروى بِكَسْرِ اللَّامِ: أَيْ مُسَلِّماً للأمْرِ، والفتحُ أشبهُ: أَيْ أَنَّهُ لَمْ يقُل فِيهَــا سُوءا.
(هـ س) وَفِي حَدِيثِ الطَّوَافِ «أَنَّهُ أتَى الحجرَ فَاسْتَلَمَهُ» هُوَ افْتَعل مِنَ السَّلام: التَّحِيَّةُ.
وَأَهْلُ الْيَمَنِ يُسمُّون الركنَ الأسودَ المُحَيّا: أَيْ أنَّ النَّاسَ يُحَيُّونه بالسَّلام. وَقِيلَ هُوَ افْتَعل مِنَ السَّلَامِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ، واحدِتُها سَلِمَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ. يُقَالُ اسْتَلَمَ الحجرَ إِذَا لِمسه وتَناوله.
(س) وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ «بَيْنَ سَلَمٍ وأرَاك» السَّلَمُ شَجَرٌ مِنَ العِضَاهِ واحدتُها سَلَمَةٌ بِفَتْحِ اللَّامِ، وورَقها القَرَظ الَّذِي يُدبغ بِهِ. وَبِهَا سُمِّى الرَّجُلُ سَلَمَة، وتُجمعُ عَلَى سَلَمَاتٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ سَلَمَاتٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ» . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِ اللَّامِ جَمْعَ سَلِمَةٍ وَهِيَ الْحَجَرُ. (هـ) وَــفِيهِ «عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقةٌ» السُّلَامَى: جَمْعُ سُلَامِيَة وَهِيَ الأُنْمُلَة مِنْ أَنَامِلِ الْأَصَابِعِ. وَقِيلَ واحدهُ وجمعهُ سَوَاءٌ. ويُجمَع عَلَى سُلَامِيَاتٍ وَهِيَ الَّتِي بَيْنَ كُلِّ مَفْصِلَين مِنْ أصابِع الإنْسانِ. وَقِيلَ السُّلَامَى: كُلُّ عَظْم مُجَوَّف مِنْ صِغَار العِظاَم: الْمَعْنَى عَلَى كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظاَم ابْنِ آدَمَ صَدَقَةٌ. وَقِيلَ: إِنَّ آخِرَ مَا يَبْقى فِيهِ المُخ مِنَ الْبَعِيرِ إِذَا عَجِف السُّلامي والعَين. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ:
هُوَ عَظْمٌ يَكُونُ فِي فِرْسِنِ البَعير.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ خُزَيْمَةَ فِي ذِكْرِ السَّنَة «حَتَّى آلَ السُّلَامَى» أَيْ رَجَع إِلَيْهِ المُخُّ.
وَــفِيهِ «مَنْ تَسَلَّمَ فِي شيءٍ فَلَا يَصْرفْه إِلَى غَيْرِهِ» يُقَالُ أَسْلَمَ وسَلَّمَ إِذَا أسْلف. والأسمُ السَّلَمُ، وَهُوَ أَنْ تُعطِىَ ذَهَبًا أَوْ فضَّة فِي سِلْعَة مَعْلُومَةٍ إِلَى أمدٍ مَعْلُومٍ، فَكَأَنَّكَ قَدْ أَسْلَمْتَ الثَّمَنَ إِلَى صَاحِبِ السِّلعة وسَلَّمْتَهُ إِلَيْهِ. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنْ يُسْلف مَثَلًا فِي بُرٍّ فيُعْطِيه المسْتَسْلف غَيْرَهُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يأخُذَه. قَالَ القُتيبي: لَمْ أَسْمَعْ تفعَّل مِنَ السَّلم إِذَا دَفَعَ إلاَّ فِي هَذَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «كَانَ يَكْره أَنْ يُقَالَ: السَّلَمُ بِمَعْنَى السَّلف، وَيَقُولُ الْإِسْلَامُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» كَأَنَّهُ ضنَّ بِالِاسْمِ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعٌ للطَّاعة والانْقِياد لِلَّهِ عَنْ أَنْ يُسَمىَّ بِهِ غَيره، وَأَنْ يستَعْمله فِي غَير طاعةِ اللَّهِ، وَيَذْهَبُ بِهِ إِلَى مَعْنى السَّلف. وَهَذَا مِنَ الإخْلاصِ بابٌ لَطِيفُ المَسْلك. وَقَدْ تكرَّر ذِكْرُ السَّلم فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَــفِيهِ «أَنَّهُمْ مرُّوا بماءٍ فِيهِ سَلِيمٌ، فَقَالُوا: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ» السَّلِيمُ اللَّديغ. يُقَالُ سَلَمَتْهُ الحيَّة أَيْ لَدغَته. وَقِيلَ إِنَّمَا سُمِّى سَلِيماً تفاؤُلا بالسَّلامة، كَمَا قِيلَ للفَلاة المُهْلكة مَفَازَةٌ.
وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ ذِكْرُ «السُّلَالِم» هِيَ بِضَمِّ السِّينِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهَا: حِصنٌ مِنْ حُصُون خَيْبَرَ. وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا السُّلَالِيمُ.

التنكير والتعريف

التنكير والتعريف
وقفت طويلا عند الاسم النكرة، أتبين ما قد يدل عليه التنكير من معنى، ودرست ما ذكر العلماء من معان، قالوا إن هذا التنكير يفيدها، وبدا لى من هذا التأمل الطويل أن النكرة يراد بها، واحد من أفراد الجنس، ويؤتى بها، عند ما لا يراد تعيين هذا الفرد، كقوله سبحانه: وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (القصص 20). فليس المراد هنا تعيين الرجل، ولكن يراد هنا أن يصل إلى موسى نبأ الائتمار عليه بالقتل.
والنكرة بعدئذ تفيد معناها مطلقا من كل قيد، أما ما يذكره علماء البلاغة من معان استفيدت من النكرة، فإنها لم تفدها بطبيعتها، وإنما استفادتها من المقام الذى وردت فيه، فكأنما المقام هو الذى يصف النكرة، ويحدد معناها، فكلمة حياة مثلا تدل على معناها المجرد، والمقام يهبها معنى التحقير حينا، والتعظيم حينا آخر، والنوعية من موضع ثالث، ولنقف قليلا عند بعض الآيات التى ورد فيهــا الاسم نكرة، نتبين مدى الجمال في وروده.
قال تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ (البقرة 96). أولا ترى أن المراد هنا بيان حرص هؤلاء الناس على مطلق حياة، وأنها غالية عندهم كل الغلو، لا يعنيهم أن تكون تلك الحياة رفيعة أو وضيعة، ولهذا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة، ومن هنا جاء التنديد بهم، لأن الإنسان المثالى، لا يريد الحياة، إلا إذا كانت رفيعة صالحة.
وقال تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة 179). وهنا تجد المراد كذلك مطلق حياة يستفيدها المجتمع من حكم القصاص، هى تلك التى يظفر بها من يرتدع عن القتل، ولا يقدم عليه خوفا، أن تناله يد القانون فيقتل، فهذا الحكم العادل، استزاد به المجتمع حياة بعض الأفراد الذين كانوا عرضة للقتل قصاصا.
وقال تعالى: قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ (آل عمران 183، 184). فالرسل منكرة لا تدل على أكثر من معنى المرسلين والكثرة إنما استفيدت من هذه الصيغة من جموع التكثير، الدالة على هذه الكثرة، أما التعظيم فلا يستفاد من التنكير، وإنما يستفاد من وصف هؤلاء الرسل، بأنهم جاءوا بالبينات، فالمقام هو الذى عظم هؤلاء الرسل، وقد تأتى الكلمة نفسها في مقام آخر، ويكون ما يحيط بها دالا على حقارتها وضعتها، مما يدل على أن التنكير في ذاته لا يؤذن بتعظيم ولا تحقير.
وقال تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (البقرة 279). فكلمة حرب منكرة، لا تدل على أكثر من حقيقتها، وإذا كان ثمة تعظيم لهذه الحرب فمنشؤه وصفها بأنها من الله ورسوله، وإن حربا يثيرها الله، جديرة أن تبعث في النفس أشد ألوان الفزع والرعب.
وقال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيهــا وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة 72). فلا تحمل كلمة رضوان في الآية معنى أكثر من العطف، أما أن يدل التنكير هنا على التقليل لا تفيده النكرة وحدها، وإن كان معنى الآية يحتمل، أن قليل رضوان الله أكبر من الجنات والمساكن الطيبة، لأن النكرة تطلق على القليل والكثير فما يطلق عليه رضوان قل أو كثر، أكبر مما أثيبوا به.
ودل المقام على تعظيم الاسم المنكر، فى قوله تعالى: وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (الأعراف 113). ذلك أنهم يطلبون مكافأة على عمل ضخم يقومون به، هو إبطال دعوة موسى، والإبقاء على دين فرعون، أو لا يكون ثواب ذلك عظيما يناسبه.
كما دل المقام على تعظيم الذكر، فى كل آية وردت فيهــا تلك الكلمة منكرة، كقوله تعالى: أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا (الأعراف 63).
وقوله تعالى: وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (يوسف 104). فوصفه حينا بأنه من الله، وحينا بأنه ذكر للعالمين، وحينا بأنه مبارك، يؤذن بعظمة هذا الذكر وجلال قدره.
كما دل المقام على التقليل في قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهــا قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (الجاثية 32). ألا ترى أن جحدهم للساعة، لا يؤذن إلا بظن ضئيل في وجودها يتردد في رءوسهم. وقد تكون الكلمة النكرة موحية بمعنى حقير إلى النفس، كما في قوله تعالى: أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (الكهف 37). وقوله سبحانه: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (عبس 17 - 19).
ولأن النكرة لا تدل على شىء معين، كان استخدامها في بعض المقام مثيرا للشوق والرغبة في المعرفة، كما في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (الصف 10). ولأنها تدل على القليل والكثير كانت بعد النفى لقصد العموم وعلى ذلك قوله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ (البقرة 2).
وتحدث العلماء عن تنكير السلام الصادر من الله في قوله سبحانه: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (يس 58). وقوله: سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (الصافات 79). وقوله:
سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (الصافات 130). وقوله: وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (مريم 15). وقوله: قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ (هود 48). والذى أحسه فى هذا التعبير أن المقام هنا يدل على تعظيم هذا السلام الصادر منه سبحانه، والمقام ينبئ بهذا التعظيم ويشير إليه.
وتستخدم ألوان المعارف في القرآن الكريم في مواضعها الدقيقة الجديرة بها:
فيستخدم الضمير الذى يجمع بين الاختصار الشديد، والارتباط المتين، بين جمل الآية بعضها وبعض، ومن روائع استخدام ضمير المخاطب، أن يأتى به مخاطبا كل من يستطاع الخطاب معه، عند ما يكون الأمر من الوضوح بمكان، ومن ذلك قوله تعالى: وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (السجدة 12).
وقوله تعالى: وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (سبأ 51). فكأن سوء حالهم من الوضوح لدرجة ظهوره لكل أحد.
وعادة القرآن في ضمائر الغيبة أنها تتفق إذا كان مرجعها واحدا، حتى لا يتشتت الذهن ولا يغمض المعنى، ولذا كانت الضمائر كلها تعود إلى موسى، فى قوله سبحانه: إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى أَنِ اقْذِــفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِــفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (طه 38، 39). وما بعدها. وليس من قوة النظم في شىء أن يعود بعض هذه الضمائر على موسى وبعضها الآخر على التابوت. كما تعود الضمائر كلها إلى الله في قوله تعالى:
لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (الفتح 9).
فإن اتحد الضميران، وكانا يعودان إلى مختلفين، كان المقام يحددهما تحديدا واضحا؛ ومن ذلك قوله سبحانه: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِــمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِــمْ مِنْهُمْ أَحَداً (الكهف 22). فضمير فيهــم يرجع إلى أهل الكهف، وضمير منهم يرجع إلى ما رجع إليه ضمير سيقولون. ولكن الكثير في الاستعمال القرآنى أن يخالف بين الضمائر إذا تعدد مرجعها لسهولة التمييز كما في قوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِــنَّ أَنْفُسَكُمْ (التوبة 36).
فضمير منها وهو لاثنى عشر شهرا، أتى به مفردا، وضمير منهن وهو للأربعة، أتى به جمعا، وكلا الأمرين جائز في كليهما، ولكن سنة القرآن إذا أعاد الضمير على جمع ما لا يعقل، أعاده مفردا إذا كان لأكثر من عشرة، وجمعا إذا كان لأقل منها .
وإذا كان مرجع الضمير مفرد اللفظ جمع المعنى، راعى الأسلوب القرآنى اللفظ أولا، والمعنى ثانيا عند تعدد الضمير، وذلك أجمل في السياق من العكس، وتأمل ذلك في قوله سبحانه: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (البقرة 8). وقوله سبحانه: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً (الأنعام 25)، فإن هذا الأسلوب حديثا عن كل فرد من أفراد هذا المجموع أولا، ثم حديثا عنه في جماعة ثانيا.
وقد لا تجد في الآية مرجعا للضمير، ولكنك تحس بوضوح معناه أيما وضوح، لدلالة المقام على هذا المرجع، ومن ذلك قوله سبحانه: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (الرحمن 26)، فالضمير في عليها يعود إلى الأرض، من غير أن يجرى لها ذكر، ولكنك لا تجد حرجا ولا مشقة في إدراك معناه.
وقد يضع القرآن الاسم الظاهر موضع الضمير، لأمور تلمسها في كل مكان حدث فيه هذا الوضع، وتأمل قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (العنكبوت 19، 20). فوضع الله مكان ضميره لأن هذا الاسم يوحى بالجلال، المؤذن بيسر بدء الخلق عليه، وقدرته على إنشاء النشأة الآخرة.
وقوله تعالى: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى
الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها
(التوبة 25، 26). ففي إظهار المؤمنين بدل أن يقول ثمّ أنزل الله سكينته عليكم، إظهار لمن ثبت منهم في مظهر من يستحق اسم المؤمن الحقيقى.
وقوله تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (سبأ 43). فأظهر الذين كفروا بدل الإتيان بضمير يعود عليهم، لما في ذلك من إبرازهم متعنتين جاحدين، لا يرعون ما يجب أن يكون للحق، من حسن القبول والرضا به، والاطمئنان إليه، وفي ذلك تشنيع عليهم، وتصوير لمدى ضلالهم ومكابرتهم، وعلى هذا المنهج جاء قوله تعالى: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (ص 1 - 4). وهو بذلك يشير إلى أن هذا القول لا يكون إلا من كافر يخفى الحق ولا يقربه.
ومما استخدمه القرآن ضمير الشأن أو القصة، وهو ضمير لا مرجع له، تسمعه النفس فتتهيأ لسماع ما يأتى بعده، لأن الأسلوب العربى لا يأتى بهذا الضمير إلا في المواطن التى يكون فيهــا أمر مهم، تراد العناية به، فيكون هذا الضمير أداة للتنبيه، يدفع المرء إلى الإصغاء، فإذا وردت الجملة بعده استقرت في النفس واطمأن إليها الفؤاد.
واستمع إلى قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (الإخلاص 1). أو لا ترى الشوق يحفز السامع عند ما يصغى إلى هذا الضمير- إلى أن يدرك ما يراد به، فإذا وردت الجملة ثبتت في النفس، وقرت في القلب.
وقوله تعالى: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (الحج 46).
تجد للضمير هنا من الإثارة وتثبيت المعنى، ما يبين عن فضل هذا الضمير، وما يمنحه الأسلوب من قوة وحسن بيان.
ويستخدم القرآن العلم ولم يستخدم الكنية إلا في قوله تعالى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (المسد 1)، وفي اختيار هذه الكنية من الذم، ما ليس في الاسم، وهذا هو السر في اختيارها، وقل استخدامه كذلك للقب، ومنه استخدام إسرائيل، لقب يعقوب، ومعناه عبد الله، وقيل صفوة الله، ولم تخاطب اليهود في القرآن إلا ب «يا بنى إسرائيل» . ومنه المسيح، لقب لعيسى، قيل معناه الصديق، وقيل الذى لا يمسح ذا عاهة إلا برئ .
ويأتى اسم الإشارة للقرب في القرآن، مؤذنا بقربه، قربا لا يحول دون الانتفاع به، ومن هنا أوثر هذا النوع من أسماء الإشارة، فى قوله سبحانه: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (الإسراء 9)، أو لا ترى أن المقام هنا مقام حديث عن هاد، يقود إلى أقوم الطرق، ولأن يكون هذا الهادى قريبا أنجح لرسالته، وأقطع لعذر من ينصرف عن الاسترشاد بهديه، بينما استخدم اسم الإشارة للبعيد، مشيرا إلى القرآن نفسه عند ما تحدث عن بعده عن الريب، فكان الحديث عنه باسم الإشارة البعيد، أنسب في الدلالة على ذلك. ويستخدم اسم الإشارة للقريب تنبيها على ضعة المشار إليه، كما في قوله تعالى: وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ (الأنبياء 36)، وقوله سبحانه: وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (الفرقان 41)، وكأن في اسم الإشارة للقريب، ما يشير إلى أن هذا الشخص القريب منا، والذى نعلم من أموره ما نعلم، لا تقبل منه دعوى الرسالة، ولا يليق به أن يذكر آلهتنا بسوء.
ويستخدم اسم الإشارة للبعيد أحيانا ليدل على ارتفاع مكانته، وبعده عن أن يكون موضع الأمل والرجاء، كما في قوله سبحانه، على لسان امرأة العزيز: قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ (يوسف 32)، أو ليدل على ما يجب أن يكون عليه من بعد في المكان والمنزلة، ولعل من ذلك قوله تعالى: إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (آل عمران 175).
وفي اسم الإشارة لون من الإيجاز والتنبيه معا، عند ما يشير إلى موصوف بصفات عدة، فينبنى الحكم على هذه الصفات، كما في قوله سبحانه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (الأنفال 2 - 4).
ويأتى القرآن بالاسم الموصول، عند ما تكون صلته هى التى عليها مدار الحكم، كما في قوله سبحانه: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيهــا أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا
(النساء 122). وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (آل عمران 91).
والمجيء باسم الموصول، فضلا عما ذكرناه، يثير في النفس الشوق إلى معرفة الخبر، وقد تكون الصلة نفسها ممهدة لهذا الخبر ودالة عليه، واقرأ قوله تعالى:
الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهــا نَعِيمٌ مُقِيمٌ خالِدِينَ فِيهــا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (التوبة 20 - 22). أو لا ترى في الصلة ما يوحى إليك بأنه قد أعد لهم خير عظيم، يناسب إيمانهم وهجرتهم، وجهادهم بأموالهم وأنفسهم.
ومن خصائص اسم الموصول استطاعته أن يخفى تحته اسم المذنب، وفي ذلك من الرجاء في هدايته، ما ليس في إفشاء اسمه وفضيحته، وتأمل قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (الحج 8)، وقوله تعالى:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ (العنكبوت 10)، وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ (لقمان 6).
ففي هذا وغيره ذم لمن يتصف بذلك، ودعوة له في صمت إلى الإقلاع والكف، ومن ذلك قوله سبحانه: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (البقرة 204). وجاء قوله تعالى بعده: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (البقرة 207). ليكون في مقابلته، حتى تكون الموازنة قوية جلية، تدفع إلى العمل الصالح ابتغاء مرضاة الله.
وقد يعدل القرآن عن العلم إلى الاسم الموصول، إذا كان فيه زيادة تقرير لأمر يريده القرآن، كما في قوله تعالى: وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ (يوسف 23).
ألا ترى في ذكر اسم الموصول زيادة تقرير لعفته، فهو في بيتها، ووسائل إغرائه موفورة عندها، وهو تحت سلطانها، ولن تفهم هذه المعانى إذا جاء باسمها.
ويستخدم اسم الموصول كذلك، لإظهار أن الأمر لا يستطاع تحديده بوصف، مهما بولغ فيه، تلمس ذلك في قوله تعالى: قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (الشعراء 18، 19). وقوله تعالى: فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (طه 78). وفي ذلك ترك للخيال يسبح ليكمل الصورة ويرسمها.
ويستخدم القرآن التعريف بأل، فتكون للعهد حينا، وللجنس حينا آخر، ومن أجمل مواقعها فيه أن تستخدم لاستغراق خصائص الجنس، كما في قوله تعالى:
ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (البقرة 2). فكأنه قال ذلك هو الكتاب المستكمل لخصائص جنسه، فهو الكتاب الكامل.
وتأتى الإضافة في القرآن أحيانا لتعظيم المضاف كقوله تعالى: صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ (النمل 88). أو تحقيره كما في قوله سبحانه:
أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (المجادلة 19).
وقد يعدل عن الإضافة، حيث يبدو في ظاهر الأمر أن المقام لها، كما في قوله سبحانه على لسان إبراهيم لأبيه: يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (مريم 45). فالعدول عن إضافة العذاب إلى الرحمن لعدم التجانس بينهما، فالمناسب للعذاب أن يضاف إلى الجبار، أو المنتقم مثلا، لا إلى مصدر النعم، أما السر في وصف العذاب بأنه من الرحمن، فالإشارة إلى أن العذاب إنما كان، لأنه كفر بمن كان مصدرا للنعمة، ولم يقم بواجب شكره. 

تهافت الفلاسفة

تهافت الفلاسفة
للإمام، حجة الإسلام، أبي حامد: محمد بن محمد الغزالي، الطوسي.
المتوفى: سنة 505، خمس وخمسمائة.
مختصر.
أوله: (نسأل الله تعالى بجلاله، الموفى على كل نهاية 000 الخ).
قال: رأيت طائفة يعتقدون في أنفسهم التميز عن الأتراب والنظراء، بمزيد الفطنة والذكاء، قد رفضوا وظائف الإسلام من العبادات، واستحقروا شعائر الدين من وظائف الصلوات، والتوقي عن المحظورات، واستهانوا بتعبدات الشرع وحدوده، ولم يقفوا عند توفيقاته وقيوده، بل خلعوا بالكلية ربقة الدين، بفنون من الظنون.
يتبعون فيهــا رهطاً يصدون عن سبيل الله، ويبغونها عوجاً، وهم بالآخرة هم كافرون، ولا مستند لكفرهم غير تقليد سماعي، ألفي كتقليد اليهود والنصارى.
إذ جرى على غير دين الإسلام نشؤهم وأولادهم، وعليه درج آباؤهم وأجدادهم، لا عن بحث نظري، بل تقليد صادر عن التعثر بأذيال الشبه الصارفة عن صوب الصواب، والانخداع بالخيالات المزخرفة كلا مع السراب.
كما اتفق لطوائف من النظار في البحث عن العقائد والآراء من أهل البدع والأهواء، وإنما مصدر كفرهم سماعهم أسامي هائلة كسقراط وبقراط وأفلاطون وأرسطاطاليس وأمثالهم، وإطناب طوائف من متبعيهم وضلالهم في وصف عقولهم، وحسن أصولهم، ودقة علومهم الهندسية، والمنطقية، والطبيعية، والإلهية، واستبدادهم لفرط الذكاء والفطنة، باستخراج تلك الأمور الخفية.
وحكايتهم عنهم أنهم مع رزانة عقلهم، وغزارة فضلهم، منكرون للشرائع والنحل، وجاحدون لتفاصيل الأديان والملل، ومعتقدون أنها نواميس مؤلفة، وحيل مزخرفة.
فلما قرع ذلك سمعهم، ووافق ما حكى من عقائدهم طبعهم، تجملوا باعتقاد الكفر، تحيزاً إلى غمار الفضلاء بزعمهم، وانخراطاً في سلكهم، وترفعاً عن مساعدة الجماهير والدهماء، واستنكافاً من القناعة بأديان الآباء ظناً بأن إظهار التكايس في النزوع عن تقليد الحق بالشروع في تقليد الباطل جمال وغفلة منهم، عن أن الانتقال إلى تقليد عن تقليد خرف وخبال.
فأية رتبة في عالم الله سبحانه وتعالى أخس من رتبة من يتجمل بترك الحق، المعتقد تقليداً بالتسارع إلى قبول الباطل، تصديقاً دون أن يقبله خبراً وتحقيقاً.
فلما رأيت هذا العرق من الحماقة نابضاً على هؤلاء الأغبياء، ابتدأت لتحرير هذا الكتاب، رداً على الفلاسفة القدماء، مبيناً تهافت عقيدتهم، وتناقض كلمتهم، فيما يتعلق بالإلهيات، وكاشفاً عن غوائل مذهبهم، وعوراته التي هي على التحقيق مضاحك العقلاء، وعبرة عند الأذكياء.
أعني: ما اختصوا به عن الجماهير والدهماء، من فنون العقائد والآراء، هذا مع حكاية مذهبهم على وجهه.
ثم صدر الكتاب بمقدمات أربع:
ذكر في الأولى: أن الخوض في حكاية اختلاف الفلاسفة تطويل، فإن خبطهم طويل، ونزاعهم كثير، وأنه يقتصر على إظهار التناقض في الرأي.
مقدمهم الذي هو المعلم الأول، والفيلسوف المطلق، فإنه رتب علومهم وهذبها، وهو: أرسطاطاليس وقد رد على كل من قبله حتى على أستاذه أفلاطون فلا إيقان لمذهبهم، بل يحكمون بظن وتخمين، ويستدلون على صدق علومهم الإلهية، بظهور العلوم الحسابية، والمنطقية، متقنة البراهين، ويستدرجون ضعفاء العقول، ولو كانت علومهم الإلهية متقنة البراهين، لما اختلفوا فيهــا، كما لم يختلفوا في الحسابية.
ثم المترجمون لكلام أرسطو لم ينفك كلامهم عن تحريف وتبديل.
وأقومهم بالنقل من المتفلسفة الإسلامية:
أبو نصر الفارابي، وابن سينا.
وأنه يقتصر على إبطال ما اختاروه، ورأوه الصحيح من مذهب رؤسائهم.
وعلى رد مذاهبهم بحسب نقل هذين الرجلين كيلا ينتشر الكلام.
وذكر في الثانية:
أن الخلاف بينهم وبين غيرهم ثلاثة أقسام:
الأول: يرجع النزاع فيه إلى لفظ مجرد، كتسميتهم صانع العالم جوهراً مع تفسيرهم الجوهر: بأنه الموجود لا في موضوع، ولم يريدوا به الجوهر المتحيز.
قال: ولسنا نخوض في إبطال هذا، لأن معنى القيام بالنفس إذا صار متفقاً عليه، رجع الكلام في التعبير باسم الجوهر عن هذا المعنى إلى البحث عن اللغة.
وإن سوغ إطلاقه، رجع جواز إطلاقه في الشرع إلى المباحث الفقهية.
الثاني: ما لا يصدم مذهبهم فيه أصلاً من أصول الدين، وليس من ضرورة تصديق الأنبياء والرسل منازعتهم فيه، كقولهم: إن كسوف القمر، عبارة عن انمحاء ضوء القمر بتوسط الأرض بينه وبين الشمس، والأرض كرة والسماء محيطة بها من الجوانب، وإن كسوف الشمس، وقوف جرم القمر بين الناظر وبين الشمس عند اجتماعهما في العقيدتين على دقيقة واحدة.
قال: وهذا المعنى أيضاً لسنا نخوض في إبطاله إذ لا يتعلق به غرض ومن ظن أن المناظرة فيه من الدين فقد جنى على الدين، وضعف أمره، فإن هذه الأمور تقوم عليها براهين هندسية، لا تبقى معها ريبة، فمن يطلع عليها، ويتحقق أدلتها، حتى يخبر بسببها عن وقت الكسوفين، وقدرهما، ومدة بقائهما، إلى الانجلاء.
إذا قيل له: إن هذا على خلاف الشرع لم يسترب فيه، وإنما يستريب في الشرع، وضرر الشرع ممن ينصره لا بطريقه أكثر من ضرره ممن يطعن فيه بطريقة، وهو كما قيل: عدو عاقل، خير من صديق جاهل.
وليس في الشرع ما يناقض ما قالوه، ولو كان تأويله أهون من مكابرة أمور قطعية، فكم من ظواهر أولت بالأدلة القطعية التي لا تنتهي في الوضوح إلى هذا الحد، وأعظم ما يفرح به الملحدة، أن يصرح ناصر الشرع بأن هذا، وأمثاله على خلاف الشرع، فيسهل عليه طريق إبطال الشرع.
وهذا: لأن البحث في العالم عن كونه حادثاً أو قديماً، ثم إذا ثبت حدوثه فسواء كان كرة، أو بسيطاً، أو مثمناً، وسواء كانت السماوات، وما تحتها ثلاثة عشرة طبقة، كما قالوه، أو أقل، أو أكثر، فالمقصود: كونه من فعل الله سبحانه وتعالى فقط، كيف ما كان.
الثالث: ما يتعلق النزاع فيه بأصل من أصول الدين، كالقول في حدوث العالم، وصفات الصانع، وبيان حشر الأجساد، وقد أنكروا جميع ذلك فينبغي أن يظهر فساد مذهبهم.
وذكر في الثالثة: أن مقصوده تنبيه من حسن اعتقاده في الفلاسفة، وظن أن مسالكهم نقية عن التناقض ببيان وجوه تهافتهم.
فلذلك لا يدخل في الاعتراض عليهم إلا دخول مطالب منكر، لا دخول مدع مثبت.
فيكدر عليهم ما اعتقدوه مقطوعاً بإلزامات مختلفة، وربما ألزمهم بمذاهب الفرق.
وذكر في الرابعة: أن من عظم حيلهم في الاستدراج إذا أورد عليهم إشكال قولهم: أن العلوم الإلهية غامضة، خفية، لا يتوصل إلى معرفة الجواب عن هذه الإشكالات، إلا بتقديم الرياضيات، والمنطقيات.
فيمن يقلدهم إن خطر له إشكال، يحسن الظن بهم، ويقول: إنما يعسر على درك علومهم لأني لم أحصل الرياضيات ولم أحكم المنطقيات.
قال: أما الرياضيات، فلا تعلق للإلهيات بها.
وأما الهندسيات، فلا يحتاج إليها في الإلهيات، نعم قولهم: إن المنطقيات لا بد من إحكامها فهو صحيح، ولكن المنطق ليس مخصوماً بهم، وإنما هو الأصل الذي نسميه: كتاب الجدل، وقد نسميه: مدارك العقول.
فإذا سمع المتكايس اسم المنطق، ظن أنه فن غريب، لا يعرفه المتكلمون، ولا يطلع عليه الفلاسفة.
ثم ذكر بعد المقدمات، المسائل التي أظهر تناقض مذهبهم فيهــا، وهي عشرون مسألة:
الأولى: في أولية العالم.
الثانية: في أبدية العالم.
الثالثة: في بيان تلبسهم في قولهم: أن الله سبحانه وتعالى صانع العالم، وأن العالم صنعه.
الرابعة: في تعجيزهم عن إثبات الصانع.
الخامسة: في تعجيزهم عن إقامة الدليل على استحالة الهين.
السادسة: في نفي الصفات.
السابعة: في قولهم: إن ذات الأول لا ينقسم بالجنس والفصل.
الثامنة: في قولهم: إن الأول موجود بسيط بلا ماهية.
التاسعة: في تعجيزهم، عن بيان إثبات أن الأول ليس بجسم.
العاشرة: في تعجيزهم، عن إقامة الدليل على أن للعالم صانعاً، وعلة.
الحادية عشرة: في تعجيزهم عن القول: بأن الأول يعلم غيره.
الثانية عشرة: في تعجيزهم عن القول: بأن الأول يعلم ذاته.
الثالثة عشرة: في إبطال قولهم: أن الأول لا يعلم الجزئيات.
الرابعة عشرة: في إبطال قولهم: أن السماء حيوان متحرك بالإرادة.
الخامسة عشرة: فيما ذكروه من العرض المحرك للسماء.
السادسة عشرة: في قولهم: أن نفوس السماوات، تعلم جميع الجزئيات الحادثة في هذا العالم.
السابعة عشرة: في قولهم: باستحالة خرق العادات.
الثامنة عشرة: في تعجيزهم عن إقامة البرهان العقلي، على أن النفس الإنساني جوهر روحاني.
التاسعة عشرة: في قولهم: باستحالة الفناء على النفوس البشرية.
العشرون: في إبطال إنكارهم البعث، وحشر الأجساد، مع التلذذ والتألم بالجنة والنار، بالآلام واللذات الجسمانية.
هذا ما ذكره من المسائل، التي تناقض فيهــا كلامهم، من جملة علومهم، ففصلها، وأبطل مذاهبهم فيهــا إلى آخر الكتاب.
وهذا معنى التهافت، لخصتها من أول كتابه، لكونها مما يجب معرفته.
وقال في آخر خاتمته: فإن قال قائل: قد فصلتم مذاهب هؤلاء، أفتقطعون القول بكفرهم؟
قلنا: بكفرهم، لا بد منه، لا بد من كفرهم، في ثلاث مسائل:
الأولى: مسألة قدم العالم، وقولهم: إن الجواهر كلها قديمة.
الثانية: قولهم: إن الله سبحانه وتعالى لا يحيط علماً بالجزئيات الحادثة من الأشخاص.
الثالثة: إنكارهم بعث الأجسام، وحشرها.
فهذه لا تلائم الإسلام بوجه، فأما ما عدا هذه الثلاث من تصرفهم في الصفات، والتوحيد، فمذهبهم قريب من مذهب المعتزلة، فهم فيهــا... كأهل البدع. انتهى ملخصاً.
ثم إن القاضي، أبا الوليد: محمد بن أحمد بن رشد المالكي.
المتوفى: سنة 595.
صنف تهافتا من طرف الحكماء، رداً على تهافت الغزالي، بقوله:
قال أبو حامد: (وأوله: بعد حمد الله الواجب 000 الخ).
ذكر فيه: أن ما ذكره بمعزل عن مرتبة اليقين والبرهان.
وقال في آخره: لا شك أن هذا الرجل أخطأ على الشريعة، كما أخطأ على الحكمة، ولولا ضرورة طلب الحق مع أهله، ما تكلمت في ذلك. انتهى.
ثم إن السلطان: محمد خان العثماني، الفاتح، أمر المولى مصطفى بن يوسف الشهير: بخواجه زاده البرسوي.
المتوفى: سنة 893، ثلاث وتسعين وثمانمائة.
والمولى: علاء الدين الطوسي.
المتوفى: سنة 887، سبع وثمانين وثمانمائة أن يصنفا كتاباً، للمحاكمة بين تهافت الإمام والحكماء.
فكتب المولى: خواجه زاده، في أربعة أشهر.
وكتب المولى الطوسي، في ستة أشهر.
ففضلوا كتاب المولى: خواجه زاده، على كتاب: الطوسي.
وأعطى السلطان: محمد خان لكل منهما عشرة آلاف ردهم.
وزاد لخواجه زاده بغلة نفيسة.
وكان ذلك هو السبب في ذهاب المولى: الطوسي إلى بلاد العجم.
وذكر: أن ابن المؤيد، لما وصل إلى خدمة العلامة الدواني، قال: بأي هدية جئت إلينا؟
قال: بكتاب (التهافت) لخواجه زاده، فطالعه مدة، وقال: - رضي الله تعالى - عن صاحبه، خلصني عن المشقة حيث صنفه، ولو صنفته لبلغ هذه الغاية فحسب وعنك أيضاً حيث أوصلته إلينا، ولو لم يصل إلينا لعزمت على الشروع.
وأول (تهافت) لخواجه زاده: (توجهنا إلى جنابك 000 الخ).
ذكر: أنهم أخطأوا في علومهم الطبيعية يسيراً، والإلهية كثيراً، فأراد أن يحكي ما أورد الإمام من قواعدهم الطبيعية، والإلهية مع بعض آخر، مما لم يورده، بأدلتها المعول عليها عندهم على وجهها، ثم أبطلها.
وهي مشتملة على اثنين وعشرين فصلاً، فزاد فصلين على مباحث الأصل.
وأول تهافت المولى الطوسي: (سبحانك اللهم يا منفرداً بالأزلية، والقدم 000 الخ).
وهو رتب على عشرين مبحثاً، مقتصراً على الأصل، وسماه الذخيرة، وعليه، وعلى تهافت الخواجه زاده، تعليقة للمولى شمس الدين: أحمد بن سليمان بن كمال باشا، المتوفى: سنة 94، أربعين وتسعمائة.

ملح

(م ل ح) : (وَالْمَلَّاحَةُ) مَنْبِتُ الْمِلْحِ (وَمِنْهَا) قَوْلُهُ حِمَارٌ مَاتَ فِي الْمَلَّاحَةِ وَرُوِيَ فِي الْمَمْلَحَةِ وَكِلَاهُمَا بِمَعْنًى إلَّا أَنَّ الثَّانِيَةَ قِيَاسٌ لَا سَمَاعٌ (وَمَاءٌ مِلْحٌ وَسَمَكٌ مَلِيحٌ وَمَاءٌ مَمْلُوحٌ وَلَا يُقَالُ مَالِحٌ إلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ وَهُوَ الْمُقَدَّدُ الَّذِي جُعِلَ فِيهِ مِلْحٌ وَمِنْ الْمَجَازِ وَجْهٌ مَلِيحٌ) وَــفِيهِ مَلَاحَةٌ وَبِهِ كُنِّيَ أَبُو الْمَلِيحِ بْنُ أُسَامَةَ رَاوِي كِتَابِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى الْأَشْعَرِيِّ فِي أَدَبِ الْقَاضِي (وَكَانَتْ) جُوَيْرِيَةُ امْرَأَةً مُلَاحَةً بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ أَيْ مَلِيحَةً فِي الْغَايَةِ (وَالْمُمَالَحَةُ الْمُوَاكَلَةُ) وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ بَيْنَهُمَا حُرْمَةُ الْمِلْحِ (وَالْمُمَالَحَةِ) وَهِيَ الْمُرَاضَعَةُ وَقَدْ مَلَحَتْ فُلَانَةُ لِفُلَانٍ أَيْ أَرْضَعَتْ لَهُ مِنْ بَابِ مَنَعَ (وَمِنْهُ) وَلَوْ مَلَحْنَا لِلْحَارِثِ بْنِ شِمْرٍ (وَالْحَدِيثُ) الْآخَرُ لَا تُحَرِّمُ الْمَلْحَةُ وَرُوِيَ بِالْجِيمِ وَكَبْشٌ أَمْلَحُ فِيهِ مُلْحَةٌ وَهِيَ بَيَاضٌ تَشُقُّهُ شُعَيْرَاتٌ سُودٌ وَهِيَ مِنْ لَوْنِ الْمِلْحِ.
ملح
المِلْحُ: الماء الذي تغيّر طعمه التّغيّرَ المعروفَ وتجمّد، ويقال له مِلْحٌ إذا تغيّر طعمه، وإن لم يتجمّد، فيقال: ماءٌ مِلْحٌ. وقلّما تقول العرب: ماءٌ مالحٌ . قال الله تعالى: وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ [الفرقان/ 53] ومَلَّحْتُ القدرَ:
ألقيت فيهــا الملح، وأَمْلَحْتُهَا: أفسدتها بالملح، وسمكٌ مَلِيحٌ، ثم استعير من لفظ الملح المَلَاحَةُ، فقيل: رجل مليح، وذلك راجع إلى حسن يغمض إدراكه.
(ملح) - في حديث عائشة - رضي الله عنها -: "قالَت لها امرأةٌ أَزُمُّ جَمَلِي، هل علىَّ جُناحٌ؟ قَالَت: لَا فلَمّا خرجَتْ قالوا: إنَّها تَعنِى زَوْجَها. قالت: رُدُّوهَا علىَّ، مُلْحةٌ في النَّارِ، اغْسِلُوا عنَّى أثَرَهَا بالمَاءِ والسِّدْرِ" المُلْحَةُ: الكَلِمَةُ المَلِيحَة. وَأَملحَ: جاءَ بِكلَامٍ مَلِيحٍ. وقيل: المُلْحَةُ: الكَلِمَةُ القَبيحَةُ.
وقولها: "اغْسِلُوا عَنِّى أَثَرَهَا"
تَعْنى الكَلِمَةَ؛ أي قد أَذِنْتُ لها فَرُدُّوهَا؛ لِأُعَلِّمَها أنَّه لا يجوز.
والمَلَّاحُ: صَاحِبُ السَّفِينَةِ يُذكَرُ في الأخْبَارِ.
واشتقاقهُ مِن المَلْحِ، وهو سُرْعَةُ خفَقَان الطَّير بجَنَاحَيْه؛ لأنَّه في جَدْفِهِ يُحرِّكُ عَضُدَيْه. وَفِعْلُهُ المَلْحُ.
وقد مَلَحَ ملاحَةً.
ملح وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام حِين قدم عَلَيْهِ وَفد هوَازن يكلمونه فِي سبي أَوْطَاس أَو حنين فقار رجل من بني سعد بْن بكر: يَا مُحَمَّد إِنَّا لَو كُنَّا ملحنا لِلْحَارِثِ بْن أبي شَمِر أَو للنعمان بْن الْمُنْذر ثمَّ نزل مَنْزِلك هَذَا منا لحفظ ذَلِك لنا وَأَنت خير المكفولين فاحفظ ذَلِك. / قَالَ الْأَصْمَعِي: قَوْله: ملحنا يَعْنِي أرضعنا وَإِنَّمَا قَالَ السَّعْدِيّ 64 / الف هَذِه الْمقَالة لِأَن رَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ مسترضعا فيهــم. قَالَ الْأَصْمَعِي: وَالْملح هُوَ الرَّضَاع وأنشدنا لأبي الطمحان وَكَانَت لَهُ إبل يسْقِي قوما من أَلْبَانهَا ثمَّ أَنهم أَغَارُوا عَلَيْهَا فَأَخَذُوهَا فَقَالَ: [الطَّوِيل]

وَإِنِّي لأرجو مِلحَها فِي بطونكم ... وَمَا بسطت من جلد أَشْعَث أغبرا

يَقُول: أَرْجُو أَن تحفظُوا مَا شربتم من أَلْبَانهَا وَمَا بسطت من جلودكم بعد أَن كُنْتُم مهازيل فسمنتم وانبسطت لَهُ جلودكم بعد تقبض وأنشدنا لغيره: [المتقارب]

جزى الله رَبك رب العبا ... د وَالْملح مَا ولدت خالدهْ

يَعْنِي بالملح الرَّضَاع وَالرضَاعَة فِي كَلَام الْعَرَب بِالْفَتْح لَا اخْتِلَاف فِيهَــا وَإِذا لم يكن فِيهَــا الْهَاء قيل: الرضَاع والرِضاع بِالْفَتْح وَالْكَسْر.
[ملح] نه: فيه: لا تحرم "الملحة" والملحتان، أي الرضعة والرضعتان، وبالجيم: المصة- ومر، والملح- بالفتح والكسر: الرضع، والممالحة: المراضعة. ومنه: قال له رجل من بني سعد في وفد هوازن: يا محمد! لو كنا "ملحنا" للحرثفعال مبالغة في فعيل ككريم وكرام، وفعال مشددًا أبلغ منه. وفيه: يأكلون "ملاحها" ويرعون سراحها، هو ضرب من النبات، السراح جمع سرح وهو الشجر. وفيه: لما قتل ابن سعد جعل رأسه في "ملاح" وعلقه، هو المخلاة بلغة هذيل، وقيل: سنان الرمح.

ملح


مَلِحَ(n. ac. مَلَح)
a. Was grayish-white.
b. Had a swollen hock.

مَلُحَ(n. ac. مِلْح
مَلَاْحَة
مُلُوْحَة)
a. Was salt.
b.(n. ac. مَلَاْحَة), Was pretty, beautiful.
c. Became fat.

مَلَّحَa. see I (a)
& (مَلُحَ) (c).
c. Uttered fine, beautiful sayings.

مَاْلَحَa. Ate with.
b. Was the foster-brother of.
c. Behaved well to.

أَمْلَحَa. see I (a) ( مَلِحَ) (a) & (مَلُحَ) (a).
d. Gave saltwater to.
e. Drank salt-water.
f. Had fat beasts.

تَمَلَّحَa. see (مَلُحَ) (c).
b. Affected prettiness or facetiousness.

إِمْتَلَحَa. Mixed truth with falsehood.

إِمْلَحَّa. see (مَلِحَ) (a).
إِسْتَمْلَحَa. Deemed pretty; admired.

مَلْحa. Sucking.

مَلْحَةa. Suck.
b. The open sea, the main.

مِلْح
(pl.
مِلْحَة
مِلَح
مِلَاْح
أَمْلَاْح
38)
a. Salt.
b. Salt-water.
c. Knowledge, learning; wit, intellect.
d. Learned men, scholars.
e. Beauty, goodliness.
f. Fat.
g. Compact, alliance, league; treaty; bond.
h. Salt; salted.
i. see 1
مِلْحَةa. see 2 (g)b. Oath.

مُلْحa. Delightful spot.

مُلْحَة
(pl.
مُلَح)
a. Witticism, bon mot; witty saying or story;
fable.
b. Prosperity; blessing.
c. Grayness.
d. Reverence; fear.
مُلْحَىa. fem. of
أَمْلَحُ
(b).
مَلَحa. see 3t (c)b. A swelling in the hock.

مَلِحa. see 2 (h)
أَمْلَحُ
(pl.
مُلْح)
a. Striped; white & black; gray.
b. (pl.
مُلَح
أَمَاْلِحُ
37), Goodlier &c.
مَمْلَحَةa. see 28t
مِمْلَحَة
(pl.
مَمَاْلِحُ)
a. Salt-cellar.

مَاْلِحa. Salt; salted; briny; saline; salinous
salsuginous.

مَلَاْحَةa. Beauty, goodliness; elegance.
b. Kindness, goodness.
c. Witticism; fine saying.

مِلَاْحa. Wind.
b. Sail.
c. Wallet.
d. Salt-water.
e. Coolness.

مِلَاْحَةa. Navigation.
b. Salttrade.

مُلَاْحa. see 25 (b)
مُلَاْحِيّa. A kind of grape.
b. A species of fig.

مَلِيْح
(pl.
مِلَاْح أَمْلَاْح)
a. see 21b. Beautiful, goodly; pretty; seemly.
c. Facetious, witty.

مَلُوْحَةa. Pickled, salted.

مُلُوْحَةa. Saltness.
b. Brine.
c. [ coll. ], Salt food; salt-fish.

مَلَّاْحa. Sailor, seaman, mariner; navigator.
b. Seller of salt.
c. [ coll. ], Hoar-frost, rime.

مَلَّاْحَةa. Saltmine.

مَلَّاْحِيَّةa. see 23t
مُلَّاْحa. A certain salt plant.
b. see 25 (b)
مَلْحَآءُa. fem. of
أَمْلَحُ
(a).
b. (pl.
مَلْحَاوَات), Middle of the back.
c. Band of cavalry.
d. A deciduous tree.

N. P.
مَلڤحَa. see 21b. Fat.

N. Ag.
مَلَّحَa. see N. P.
مَلڤحَ
(b).
N. P.
مَلَّحَa. see 21
N. Ag.
تَمَلَّحَa. see 28 (b)
أُمْلُوْحَة
a. see 3t (a)
مَلِيْح
a. [ coll. ], Very good ! Bravo !
Well done !
مَا أَمْلَحَهُ
a. How goodly he is !

بَيْنَهُمَا مِلْح
بَيْنَهُمَا مِلْحَة
a. There is an inviolable bond or covenant between
them.
م ل ح

ماء ملح، وقد ملح الماء وأملح، وروي قول نصيب:

أن أبحر المشرب العذب

أن أملح. وملح القدر يملحها ملحاً: ألقى فيهــا ملحاً بقدر، وأملحها وملّحها: أفسدها بالملح. وملّح الماشية. أطعمها الملح عن التحميض. وملّح الدابة تمليحاً إذا حك الملح على حنكها. وسمك مملوح ومليح.

ومن المجاز: وجه مليح، ووجوه ملاح، وما أملح وجهه وفعله!، وما أميلحه!، وله حركات مستملحة. وحدثته بالملح: وفلان يتطرّف ويتملّح. قال الطرماح يخاطب زوجته سليمة:

تملّح ما اسطاعت ويغلب دونها ... هوًى لك ينس ملحة المتملّح

ومالحت فلاناً ممالحة وهي المواكلة، وهو يحفظ حرمة الملح والممالحة. ومنه قولهم: بينهما حرمة الملح والممالحة وهي المراضعة. وملحت فلانة لفلان: أرضعت له. قال شتيم بن خويلد:

ولا يبعد الله رب العبا ... د والملح ما ولدت خالده

فإن يكن القتل أفناهم ... فللموت ما تلد الوالدة

وقال أبو الطّمّحان:

وإني لأرجو ملحها في بطونكم ... وما بسطت من جلد أشعث أغبرا

حالف رجلاً كان له عشرة بنين فما زال يسقيهم ألبان إبله حتى سمنوا وصلحوا فأغاروا عليه، أراد بالملح: اللبن أي أرجو أن ينتقم الله لي منكم لما صنعته عندكم. وما بها ملحٌ أي شحم. وملّحت الشاة وتملّحت: أخذت شيأ من الشحم. قال عروة بن الورد:

عشية رحنا سائرين وزادنا ... بقية لحم من جزور مملح

وإن في المال لملحةً من الربيع. وأملح القدر: جعل فيهــا شحيمة. وكبش أملح. وأقبل فلان في الملحاء: في الكتيبة البيضاء من السلاح. وملح عرضه: اغتابه. " وفلان ملحه موضعوع على ركبتيه " أي هو كثير الخصومات كأنّ طول مجاثاته ومصاكّته الرّكب فرّرح ركبتيه فهو يضع الملح عليهما يداويهما به. وقد وصف مسكين الدارميّ صخّابة من عواذله طويلة الخصام فقال:

أصبحت عاذلتي مغتلّة ... قرمت بل هي وحمى للصّخب

لا تلمها إنها من نسوة ... ملحها موضوعة فوق الركب

كشموس الخيل يبدو شغبها ... كلّما قيل لها هاب وهب

الملح يؤنث، وقيل: الملح: اعلحرمة وإن معناه أنه يحترمك مادام جالساً معك فإذا قام عنك رفض الحرمة.
ملح
المِلْحُ: ما يُؤْكَلُ، والمُمالَحَةُ: المُوَاكَلَةُ، وهو أيضاً: خِلافُ الماءِ العَذْبِ. وسَمَكٌ مالِحٌ، وبَقْلَةٌ مالِحَةٌ، ومَلَحْتُ الشَّيْءَ ومَلَّحْتُه، فهو مَمْلُوْحٌ مَلِيْحٌ مُمَلَّحٌ. والمَلاّحَةُ: مَنْبِتُ المِلْحِ، وأمْلَحْتُ القِدْرَ: أكْثَرْتَ مِلْحَها، ومَلَّحْتُها: أفْسَدْتَها بالمِلْحِ. ومِلَّحَتْ ناقَتُكَ وشاتُكَ: صارَ لَبَنُها مالِحاً من طُوْلِ التَّرْكِ، وشاةٌ مُمَلِّحَةٌ. وأمْلَحَ الماءُ إمْلاَحاً، ومَلَحَ أيضاً، وأمْلَحَتِ الإبلُ: صادَفَتْ ماءً مِلْحاً، وراكِبٌ مُتَمَلِّحٌ في قَوْلِ ابن مُقْبِلٍ: صاحِبُ المِلْحِ. ومن المَلاَحَةِ: مَلُحَ يَمْلُحُ مَلاحَةً ومِلْحاً؛ فهو مَلِيْحٌ. والمُلْحَةُ: الكَلِمَةُ المَلِيْحَةُ. وأمْلَحْتَ يا رَجُلُ، وما أُمَيْلِحَ فلاناً: أي أمْلَحَه. والمُلْحَةُ في الألْوانِ: بَياضٌ تَشُقُّه شُعَيْرَاتٌ سُوْدٌ، كَبْشٌ أمْلَحُ بَيِّنُ المُلْحِةَ والمَلَحِ. ويقال لِشَهْرَي الشِّتاءِ: شَيْبانُ ومَلْحَانُ؛ لبَيَاضِ المِلْ ِــفيهــما؛ لأنَّ الأمْلَحَ الأبْيَضُ.
والمِلَاحُ - بوَزْنِ الحِسَابِ -: بَرْدُ الأرْضِ حين يَنْزِلُ الغَيْثُ. والمُلاَحِيُّ: ضَرْبٌ من العِنَبِ، وهو من النَّبَاتِ: ما قد امْلَاحَّ نَبْتُه أي ابْيَضَّ من النَّدى. والمُلاّحُ: من نَبَاتِ الحَمْضِ. والمَلاّحُ: صاحِبُ السَّفِيْنَةِ، وصَنْعَتُه: المِلاَحَةُ. والمَلْحَاءُ: وَسطُ الظَّهْرِ، والجَميعُ: المَلْحَاواتُ. وهو أيضاً: كَتِيْبَةٌ بَيْضاءُ من السِّلاح.
والمِلْحُ - بِكَسْرِ الميم وفَتْحِها -: الرَّضَاعُ، في قَوْلِ السَّعْدِيِّ لرسُولِ الله - صلّى الله عليه وآله وسلم -: " إنّا لَوْ كُنّا مَلَحْنا للحارِثِ بن أبي شَمِرٍ وللنُّعْمانِ بن المُنْذِرِ لحَفظَ ذلك لنا. وكانَ مُسْتَرْضعاً فيهــم. وقيل في قَوْلِه:
وإنِّي لأَرْجُو مِلْحَها في بُطُوْنِكم
على هذا. وقيل: هو المِلْحُ بِعَيْنِه. وقيل البَرَكَةُ. والمَوَدَّةُ أيضاً. وقال النَّضْرُ: المِلَاحُ: المِخْلاةُ بلُغَةِ هُذَيْلٌٍ. وقيل: هو سِنَانُ الرُّمْحِ. وقد طَوَّلَ فيهــما الخارْزَنْجِيُّ واسْتَشْهَدَ بأبْياتٍ لا طائلَ فيهــا ولا حُجَّةَ تقومُ بها.
قال: والمِلاَحُ - أيضاً -: ما يُعَالَجُ به حَيَاءُ النّاقَةِ لكي يَلْقَحَ. وتَمَلَّحَتِ الإبِلُ والغَنَمُ: إذا بدا فيهــا الرَّبيعُ وسَمْنَتْ. وإنَّ في المالِ لَمُلْحَةً من الرَّبيعِ وتَمْلِيْحاً: أي شَيْئاً من بَيَاضِ شَحْمٍ. والمِلْحُ: الشَّحُم، جَزُوْرٌ مُمَلِّحٌ - بكَسْرِ اللاّمِ -. ومَلَحَ - خَفِيْفٌ - أيضاً: سَمِنَ. فأمّا قَوْلُه:
مِلْحُها مَوْضُوْعَةٌ فوق الرُّكَبْ
فقد فُسِّرَ على السِّمَنِ والشَّحْمِ. وقيل: هو من قَوْلِهم: " يَأْكُلُ المِلْحَ على رُكْبَيِته " أي لا حُرْمَةَ له ولا حِفَاظَ عنده، وقيل: هو مُضَيِّعٌ للحَقِّ يُنْسِيه أدْنى شَيْءٍ، كما أنَّ الذي يَضَعُ المِلْحَ على رُكْبَتِه يُبَدِّدهُ أدْنى شَيْءٍ.
ومَلَحَ فلانٌ عِرْضَ فلانٍ: إذا اغْتَابَه. والمَلَحُ: وَرَمٌ في عُرْقُوْبِ الفَرَسِ خَفيفٌ، يُقال: تَمَلَّحَتِ الدّاَّبُة ومَلِحَتْ.
[ملح] المِلْحُ معروفٌ. والمِلْحُ أيضاً: الرَضاعُ. وأنشد الأصمعيّ لأبي الطَمَحانِ، وكانت له إبلٌ فسقى قوماً من ألبانها، ثم إنَّهم أغاروا عليها فأخذوها، فقال: وإنِّي لأرْجو مِلْحَها في بطونكم * وما بَسَطَتْ من جِلْدِ أشْعَثَ أغْبَرا والمَلْحُ بالفتح: مصدر قولك: مَلحْنا لفلانٍ مَلْحاً: أرضعناه. ومَلَحْتُ القِدرَ أمْلَحُها مَلْحاً، إذا طرحْت فيهــا من المِلْح بقدرٍ. وأمْلَحْتُ القِدر، إذا أكْثَرْتَ فيهــا المِلْح حتَّى فَسَدَتْ. والتَمْليحُ مثله. ومَلَحْتُ الماشيةَ مَلْحاً: أطعمتها سَبِخَة المِلْحِ، وذلك إذا لم تقدر على الحَمْض فأطعمتها هذا مكانه. ومَلَحَ الماءُ يَمْلُحُ مُلوحاً، وكذلك مَلُحَ بالضم مُلوحَةً، فهو ماءٌ ملحٌ، ولا يقال مالِحٌ إلا في لغة رَدِيَّةٍ. وأمْلَحَت الإبلُ: وَرَدَتْ ماءً مِلْحاً. والمِمْلَحَةُ: ما يُجعَل فيه المِلْحُ. ابن السكيت: يقال نبت ملح ومالح للحمض. وملح الشئ بالضم يملح ملوحة ومَلاحَةً أي حَسُنَ، فهو مَليحٌ ومُلاحٌ بالضم مخففٌ. واسْتَمْلَحَه: عَدَّهُ مَليحاً. وجمع المَليحِ مِلاحٌ وأملاحٌ عن أبى عمرو، مثل شريف وأشراف. وقَليبٌ مَليحٌ، أي ماؤه مِلْحٌ. قال عنترة يصف جُعَلاً: كأنَّ مُؤَشَّرَ العَضُدَيْنِ حَجْلاً * هَدوجاً بين أقْلِبَةٍ مِلاحِ وسمكٌ مَليحٌ ومملوحٌ، ولا يقال مالح. وأما قول عذافر: بصرية تزوجت بصريا * يطعمها المالح والطريا فليس بحجة. الاموى: ملحت الجَزورُ: سَمِنَتْ قليلاً. قال عروة بن الورد: أقَمْنا بها حيناً وأكثرُ زادِنا * بقيَّةُ لحمٍ من جَزورٍ مُمَلَّحِ ويقال أيضاً: مَلَّحَ الشاعر، إذا أتى بشئ مليح. ويقولون: ما أمَيْلِحَ زيداً. ولم يُصَغِّروا من الفعل غيره وغير قولهم: ما أُحَيْسِنَهُ. قال الشاعر: ياما أميلح غزلانا عطون لنا * من هَؤُلَيَّاءِ بين الضالِ والسَمُرِ والمُمالَحَةُ: المؤاكلةُ والرَضاعُ أيضاً. والمَلَحُ، بالتحريك: ورَمٌ في عرقوب الفرس دون الجَرَذِ، فإن اشتدَّ فهو الجَرَذ. والمُلْحَةُ بالضم: واحدة المُلَحِ من الأحاديث. قال الأصمعي: نِلْتُ بالمُلَحِ. والمُلْحَة أيضاً من الالوان: بياض يخالطه سواد. يقال كبش أملح وتيس أملح، إذا كان شعره خليسا. قال أبو ذبيان بن الرعبل: أبغض الشيوخ إلى الاقلح الاملح، الحسو الفسو. وقد امْلَحَّ الكبشُ امْلِحاحاً: صار أمْلَحَ. ويقال لبعض شهور الشتاء: " مِلْحانُ " لبياضِ ثلجه. والزُرقةُ إذا اشتدَّتْ حتَّى تضرب إلى البياض قيل: هو أمْلَحُ العينِ. ومنه كتيبةٌ مَلْحاءُ. وقال حيَّان بن ربيعة الطائى: وإنا نضرب الملحاء حتى * تولى والسيوف لها شهود وقال الراعى يصف إبلا: أقامت به حد الربيع وجارها * أخو سلوة مسى به الليل أملح يعنى الندى. يقول: أقامت بذلك الموضع أيام الربيع، فما دام الندى فهو في سلوة من العيش. وإنما قال " مسى به " لانه يسقط بالليل. والملاحى بالضم: عِنبٌ أبيض في حَبِّه طولٌ، وهو من المُلْحَةِ. قال: ومن تعاجيب خلق الله غاطية * يعصر منها ملاحى وغربيب وقد جاء في الشعر بتشديد اللام. قال أبو قيس ابن الاسلت: وقد لاحَ في الصُبْحِ الثُريَّا كما تَرى * كعُنقودِ مُلاَّحِيَّةٍ حين نَوَّرا والمَلْحاءُ: وسط الظَهْرِ ما بين الكاهل والعجز. والملحاء أيضا: كتيبة كانت لآل المنذر. وقال الشاعر :

تدور رحى المَلْحاءِ في الأمرِ ذي البَزْلِ  والملاح: صاحب السفينة. والمَلاَّحَةُ أيضاً: مَنْبِتُ المِلْحِ. والمُلاَّحُ بالضم والتشديد، من نبات الحَمْضِ. والمُلاَّح أيضاً أمْلَحُ من المليح. ومليح مصغر: حى من خزاعة، والنسبة إليهم ملحى، مثال هذلي. والاملاح: موضع. وقال : عفا من آل ليلى السه‍ * ب فالاملاح فالغمر
م ل ح : الْمِلْحُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ قَالَ الصَّغَانِيّ وَالتَّأْنِيثُ أَكْثَرُ وَاقْتَصَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي بَابِ مَا يُؤَنَّثُ وَلَا يُذَكَّرُ الْمِلْحُ مُؤَنَّثَةٌ وَتَصْغِيرُهَا مَلِيحَةٌ وَالْجَمْعُ مِلَاحٌ بِالْكَسْرِ مِثْلُ بِئْرٍ وَبِئَارٍ وَمَلَحْتُ الْقِدْرَ مَلْحًا مِنْ بَابَيْ نَفَعَ وَضَرَبَ أَلْقَيْتُ فِيهَــا مِلْحًا بِقَدَرٍ فَإِذَا أَكْثَرْتَ فِيهَــا الْمِلْحَ قُلْتَ أَمْلَحْتُهَا بِالْأَلِفِ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إذَا أَكْثَرْتَ الْمِلْحَ قُلْتَ مَلَّحْتُهَا تَمْلِيحًا وَسَمَكٌ مِلْحٌ وَمَمْلُوحٌ وَمَلِيحٌ وَهُوَ الْمُقَدَّدُ وَلَا يُقَالُ مَالِحٌ إلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ وَالْمَلَّاحَةُ بِالتَّثْقِيلِ مَنْبِتُ الْمِلْحِ وَمَلُحَ الْمَاءُ مُلُوحَةً هَذِهِ لُغَةُ أَهْلِ الْعَالِيَةِ وَالْفَاعِلُ مِنْهَا مَلِحَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ مِثْلُ خَشُنَ خُشُونَةً فَهُوَ خَشِنٌ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ وَبِهِ قَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ {وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [الفرقان: 53] لَكِنْ لَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ خُفِّفَ وَاقْتُصِرَ فِي الِاسْتِعْمَالِ عَلَيْهِ فَقِيلَ مِلْحٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ أَمْلَحَ الْمَاءُ إمْلَاحًا وَالْفَاعِلُ مَالِحٌ مِنْ النَّوَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ نَحْوَ أَبْقَلَ الْمَوْضِعُ فَهُوَ بَاقِلٌ وَأَغْضَى اللَّيْلُ فَهُوَ غَاضّ وَسَيَأْتِي فِي الْخَاتِمَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنْشَدَ ابْنُ فَارِسٍ
وَمَاءُ قَوْمٍ مَالِحٌ وَنَاقِعٌ
وَنَقَلَهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ
وَلَوْ تَفَلَتْ فِي الْبَحْرِ وَالْبَحْرُ مَالِحٌ ... لَأَصْبَحَ مَاءُ الْبَحْرِ مِنْ رِيقِهَا عَذْبَا
وَنَقَلَ الْأَزْهَرِيُّ اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي جَوَازِ مَالِحٍ ثُمَّ قَالَ يُقَالُ مَاءٌ مَالِحٌ وَمِلْحٌ أَيْضًا وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ التَّهْذِيبِ قُلْتُ وَمَالِحٌ لُغَةٌ لَا تُنْكَرُ وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً.
وَقَالَ فِي الْمُجَرَّدِ: مَاءٌ مَالِحٌ وَمِلْحٌ بِمَعْنًى وَقَالَ ابْنُ السَّيِّدِ فِي مُثَلَّثِ اللُّغَةِ مَاءٌ مِلْحٌ وَلَا يُقَالُ مَالِحٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَعِبَارَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ وَمَالِحٌ قَلِيلٌ وَيَعْنُونَ بِقِلَّتِهِ كَوْنَهُ لَمْ يَجِئْ عَلَى فِعْلِهِ فَلَمْ يَهْتَدِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى مَغْزَاهُمْ وَحَمَلُوا الْقِلَّةَ عَلَى الشُّهْرَةِ وَالثُّبُوتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى جَرَيَانِهِ عَلَى فِعْلِهِ كَيْفَ وَقَدْ نُقِلَ أَنَّهَا لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ وَصَرَّحَ أَهْلُ اللُّغَةِ بِأَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ كَانُوا يَخْتَارُونَ مِنْ اللُّغَاتِ أَفْصَحَهَا وَمِنْ الْأَلْفَاظِ أَعْذَبَهَا فَيَسْتَعْمِلُونَهُ وَلِهَذَا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَتِهِمْ وَكَانَ مِنْهُمْ أَفْصَحُ الْعَرَبِ وَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ لُغَتِهِمْ لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ فَصَاحَتِهِ وَقَدْ قَالُوا فِي الْفِعْلِ مَلَحَ الْمَاءُ مُلُوحًا مِنْ بَابِ قَعَدَ وَقِيَاسُ هَذَا مَالِحٌ فَعَلَى هَذَا هُوَ جَارٍ عَلَى الْقِيَاسِ.

وَمَلِحَ الرَّجُلُ وَغَيْرُهُ مَلَحًا مِنْ بَابِ تَعِبَ اشْتَدَّتْ زُرْقَتُهُ وَهُوَ الَّذِي يَضْرِبُ إلَى
الْبَيَاضِ فَهُوَ أَمْلَحُ وَالْأُنْثَى مَلْحَاءُ مِثْلُ أَحْمَرَ وَحَمْرَاءَ.

وَكَبْشٌ أَمْلَحُ إذَا كَانَ أَسْوَدَ يَعْلُو شَعَرَهُ بَيَاضٌ وَقِيلَ نَقِيُّ الْبَيَاضِ وَقِيلَ لَيْسَ بِخَالِصِ الْبَيَاضِ بَلْ فِيهِ عُفْرَةٌ وَــفِيهِ مُلْحَةٌ وِزَانُ غُرْفَةٍ.

وَمَلُحَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ مَلَاحَةً بهج وَحَسُنَ مَنْظَرُهُ فَهُوَ مَلِيحٌ وَالْأُنْثَى مَلِيحَةٌ وَالْجَمْعُ مِلَاحٌ.

وَالْمَلَّاحُ بِالتَّثْقِيلِ السَّفَّانُ وَهُوَ الَّذِي يُجْرِي السَّفِينَةَ. 
ملح: ملح: جمل (فوك).
تملح: اصبح مالحا (معجم الادريسي) (فوك).
تملح: أكل شيئا من الأطعمة المحفوظة في الملح (معجم مسلم). تملح: تفكه (المقري 2: 377) وراجع (ألف ليلة، برسل 12: 355): تملح أخباره.
تملحها: تجميلها (فوك).
تمالحهم: أكلهم الملح معا (بوسييه، دوماس حياة 351 ألف ليلة 12: 6).
ملح والجمع ملوح: سرقة (فوك وباللاتينية furtum) .
ملح معدني: (ابن البيطار الجزء الرابع ص163) أو ملح جبلي أو مختوم ويسمى أيضا ملح اندراني (بوشر). وفي محيط المحيط) الملح مادة يصلح بها الطعام ويطيب وهو صنفان مائي ومعدني ويسمى بالجبلي والبري). ملح كبير: (دومب 102). ملح هندي: (سنغ، ابن البيطار 1: 136) (وفي معجم المنصوري): (إنه الملح الأسود غير المعروف في المغرب).
ملح بارود: بارود أبيض (بوشر). ملح محروق أو محرق (سانك) وملح الدباغين انظر مادة (شورج). ملح البارود: بورق ارمني، (بوشر)، ملح حي: (شو 1: 228).
ملح توتيا: الامونياك (ابن البيطار 2: 531) ملح النشادر (بوشر).
ملح الزجاجين أو ملح الصباغين (انظر معجم المنصوري مادة قلي) وكذلك ملح القلي (بوشر). وملح قلي: كربونات الصوديوم. بوتاسيوم (بوشر).
ملح سبخي أو ملح العجين: انظر مادة سبخي.
ملح الصاغة: لصاق الذهب (انظر المستعيني في مادة نتكار) (ابن البيطار 1: 141 من طبعة بولاق) كان القدامى يطلقون التنكار على البورق.
ملح الطرطير: دردي (رسوب الكور من الزيت أو الخمر في أسفل الإناء) (بوشر).
ملح العادة أو ملح العامة: الملح الشائع (بوشر).
ملح الغرب: هو ملح يوجد في شجرة الغرب (ابن البيطار 4: 166 طبعة بولاق)، إلا أنني لا اعلم أي غرب هي هل غرب تو غَرَب أو غرَّب إذ أن كل كلمة تشير إلى نوع يختلف عن الآخر.
ملح نبطي: ملح متحجر (سانك).
ملح وسخ: ملح يؤخذ من نفس الأرض (ابن البيطار 4: 166 طبعة بولاق): ملح يستخرج من الأرض نفسها.
بحر ملح: انظر مادة (بحر).
روح الملح: (بوشر).
ملحه على ذيله: في محيط المحيط (المولدون يقولون ملحه على ذيله أي ناكر الجميل).
ملح مالح ومؤنثة مالحة: تقال عن الأرض (معجم الجغرافيا). ملح: لبن (الكامل 6: 284).
ملح والجمع ملوح: ملح (فوك).
ملح: عند (فريتاج) انظر ملحة.
ملح: بحيرة مالحة (دوماس صحارى 80).
مَلح ومِلح: مالح (صفة) الموضع الذي يستخرج منه الملح (بوشر).
مَلحة: طرفة (بوشر).
مُلحة: مكان مسر يشرح القلب وفي (ساسي كرست 1: 73): اعتقد أن أقول وكانت أرض الطبالة من ملح القاهرة وبهجتها بدلا من ملح.
مُلحة: شيء جميل، انيق (دي يونج).
مُلحة: طرفة رائعة (بوشر).
مُلحة: لونه فيه ملحة أي بياض (ابن البيطار 2: 197).
مليح: الشاب الجميل أو العاشق (الكالا، المقدمة 3: 413 مع ملاحظاتي في الجريدة الآسيوية 1869: 2: 209 و12: 422 و215 وفي همبرت الجزائر 24): حبيب. وكذلك المليح هو الجميلة (الكالا، المقدمة 3: 423).
مليح: فخم، فاخر (الكالا) وبالأسبانية القديمة: Solene cosa شيء عزيز= شيء مليح.
مليح: واضح، جلي، صريح، صوت طنان (الكالا وبالأسبانية: clara cosa en sonido طنين مليح).
مليح: تقال عن الأرض المالحة (معجم الجغرافيا).
أبو مليح: انظر مادة (فتوش): نوع طعام لبناني (انظر الكلمة).
ملاحة: جمال، أناقة، لطافة (الكالا، بوشر، بدرون 2: 282 كوسج كرست 4: 65 معبار الاختبار 4: 27).
ملوحة: (في محيط المحيط بضم الميم وليس بفتحها كما وردت عند فريتاج): هي القديد (في مصر) أي السمك الصغير المملح.
ملوحة: سمكة البلم أو الصير ( anchois = أنشوفة) (بوشر) وعند (الانطاكي) صحناة لا تعرف إلا بالعراق ويقرب منه ما يعم بمصر ويسمى الملوحة.
مليحة: مملحة، الإناء الذي يوضع فيه الملح (ألف ليلة برسل 2: 297 وقد وردت على هذا النحو في طبعة بولاق 1: 101) وعند (ماكني) مملحة.
أذهب الملوحية: نزعها (بوشر).
ملاح: بائع الملح أو مستخرجه (الكالا وبالأسبانية القديمة: salinero que haze sal) .
ملاح: مملح (جي. جي. شولتنز) شراح ملاح.
ملاح: مملحة (الكالا وبالأسبانية القديمة: Salero para tener sal) .
ملاّح: المرق الذي يدخل فيه الملح (بركهات نوبيا 203).
مَلاّح: في محيط المحيط (العامة تستعمل الملاّح للصقيع لشبهه (بالملح).
ملاّح في محيط المحيط الملاح بائع الملح أو صاحبه والنوتى ومتعهد النهر ليصلُّح فوهته).
ملاّح: لص في المعنى الأول الذي أورده (فوك) ومن يقوم بتخبئة السرقة في المعنى الثاني (وباللاتينية qui ermt furatum) .
ملاح: نبات اسمه العلمي: Sertularia Androsaces نوع من الحمص البري يدعى بالكشملخ (ابن البيطار 1: 90 و 2: 352= قلام (انظر هذه الكلمة عند المستعيني). ملاح: هو باللاتينية Salsugo مع أن (فوك) ذكر اسم مملحة بازاء الاسم اللاتيني.
ملاحة: منجم ملح البارود أو البورق الأرمني، الموضع الذي يصنع فيه الازوك أو يتحول فيه إلى نيترات (الكالا).
ملاحة: في محيط المحيط (الملاحة منبت الملح والموضع يباع فيه).
ملاحة: مملحة (بوشر، همبرت 17).
مليحة: في (براكس جريدة الشرق والجزائر 8: 283) إنها نبات يدعى باللاتينية Cressa creticq وقد أطلق عليها هذا الاسم لأنها تنمو في الأراضي المالحة (ص348).
مليلح والجمع مليحات: مملحات صغيرة (الكالا).
مالح: مغطى بملح البارود، أرض مالحة (الكالا).
المالح والجمع الموالح: الأشياء التي تحفظ في الملح (معجم مسلم).
المالحون: هم الذين يتآخون فيما بينهم بعد أن يأكلون معا الخبز مع الملح (بيرتون 2: 93) (يغمس يده في صحن غيره وبذلك يتآخى معه).
مالح: مجنون، أحمق (فوك).
أملح: الخروف الأبيض (المقدمة 3: 287).
أملح: أكثر ملاحة من المليح (كوسج كرست 3: 50).
مملحة: في محيط المحيط (وعاء صغير يجعل فيه الملح والجمع ممالح).
مملحة: هي باللاتينية salsugo ( فوك) أنظر ملاح.
ملح
ملَحَ يَملَح، مَلْحًا، فهو مالِح، والمفعول مَمْلوح
• ملَح الطَّعامَ وغيرَه: جعل فيه مِلحًا بقدر مقبول وسائغ "ملح القِدْرَ- ماء مالح". 

ملُحَ1 يَملُح، مُلُوحةً، فهو مالِح ومليح وملِح/ مِلْح
• مَلُح الماءُ: صار مِلْحًا، عكسه عَذُبَ "ماءٌ مالحٌ: لا يُستساغ شربه- شيء مالح: محتوٍ على الملح أو منتج له- {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} ". 

ملُحَ2 يملُح، مَلاحةً، فهو مليح
• ملُح الشّيءُ:
1 - بهُج وحَسُن منظرُه "ملُح البستانُ حيث تفتّحت فيه الأزهارُ- فتاة مليحة".
2 - ظرُف. 

ملِحَ يَملَح، مَلَحًا ومُلْحَةً، فهو أَمْلحُ
• مَلِح الكبشُ: خالط بياضَه سوادٌ "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ [حديث] ". 

أملحَ يُملح، إملاحًا، فهو مُملِح، والمفعول مُملَح (للمتعدِّي)
• أملح الماءُ: صار مِلحًا ليس عذبًا.
• أملح الشَّخصُ: طيِّب، أتى بكلامٍ مليح "يجتمع الناسُ في السّهرة حوله لأنّه يُملحُ في حديثه".
 • أملح الطعامَ وغيرَه: جعل فيه مِلحًا بقدر، أو أفسده بالمِلح. 

استملحَ يستملح، استملاحًا، فهو مُستملِح، والمفعول مُستملَح
• استملح صوتَ القارئ: عدّه أو وجده حسنًا مليحًا "استملح الحديثَ فاستزاد المتحدِّثَ منه".
• استملح الطَّعامَ: وجده مِلْحًا. 

تملَّحَ يتملَّح، تملُّحًا، فهو مُتملِّح
• تملَّح الشَّخصُ: تظرّف وتكلَّف الملاحَةَ، وهي البهجة والظَّرف "يحبُّ النَّاسُ مجلسَه حين يتملَّح".
• تملَّحتِ الأرضُ: تكوّن فيهــا المِلْحُ وقلَّت صلاحيّتُها للزِّراعة. 

مالحَ يمالح، مُمالحةً، فهو مُمَالِح، والمفعول مُمالَح
• مالحَ الشَّخصَ: واكله؛ أكَل معه "صالحه ومالحه- من مالَح القومَ صار منهم". 

ملَّحَ يملِّح، تمليحًا، فهو مُمَلِّح، والمفعول مُمَلَّح
• ملَّح السَّمكَ: رشَّهُ، طرح عليه المِلْحَ "شيء مملَّح: متبّل، محفوظ في الملح أو محلول ملحيّ- أسماك مملَّحة".
• ملَّح الطَّعامَ وغَيرَه: وضع فيه مِلْحًا، أكثر مِلْحَه فأفْسَده "ملَّح القِدْرَ". 

أملَحُ [مفرد]: ج مُلْح، مؤ مَلْحَاء، ج مؤ مَلْحاوات ومُلْح: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من ملِحَ: ما لونه المُلْحة، وهي سوادٌ يُخالطه بياض "لحيتهُ ملحاءُ- كبشٌ أملحُ". 

مَلاحة [مفرد]: مصدر ملُحَ2. 

مِلاحة [مفرد]:
1 - حرفة المَلاَّح.
2 - فنُّ السَّفر في البحر والنهر والجوّ "ملاحة نهريَّة- مدير الملاحة التجاريّة- قانون الملاحة الجويَّة- عصرُنا عصرُ الملاحة الفضائيّة" ° صالح للملاحة: صالح للمرور فيه

مَلْح [مفرد]:
1 - مصدر ملَحَ.
2 - (كم) مِلْح؛ كلوريد الصّوديوم يستخرج من ماء البحر بعد ترقيده وتبخيره في الملاّحات ويمكن استخراجُه من طبقات الأرض المِلْحيّة "مَلْح الطعام- {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مَلْحٌ أُجَاجٌ} [ق] ". 

مَلَح [مفرد]: مصدر ملِحَ. 

مَلِح [مفرد]: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من ملُحَ1. 

مِلْح [مفرد]: ج أملاح:
1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من ملُحَ1.
2 - (كم) مركّب يحصل من حلول معدن مكان الهيدروجين في أحد الحوامض (مؤنّث ويذكّر) "أملاح معدنيّة".
3 - (كم) مَلْح؛ كلوريد الصُّوديوم يُستخرج من ماء البحر بعد ترقيده وتبخيره في الملاحات، ويمكن استخراجه من طبقات الأرض الملحيّة، وهو عبارة عن مادّة صلبة متبلورة بيضاء اللّون، تستخدم في تطييب الطعام وتتبيله أو كمادّة حافظة (مؤنّث وقد يذكّر) "مِلح الطّعام- {وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} " ° سَمَك مِلْح: مليح، مقدّد- ماء مِلْح: مليح، خلاف العذب.
• ملح صَخْريّ: (كم) كلوريد الصوديوم الطبيعيّ على شكل كتل أو صخور.
• الماء المِلْح: (كم) ماء زادت نسبةُ الأملاح فيه على نسبتها في الماء العذب، ويقابله الماء العذب. 

مُلْحَة [مفرد]: ج مُلُحات ومُلْحات ومُلَح:
1 - مصدر ملِحَ.
2 - نُكْتَةُ، كلمة ظريفة تُرَوِّح عن النَّفس "أكثر من المُلَح في حديثه". 

مَلاّح [مفرد]:
1 - بائع الملح أو صاحبه.
2 - من يعمل في السَّفينة أو يوجّهها ويُقال له: نوتيُّ "ملاّح نشيط- ملاّحو السَّفينة" ° ملاّحو الطّائرة: طاقمها الذين يؤمّنون قيادتها- مِنْ كثرة الملاّحين غرقت السَّفينة [مثل]: يُضرب في الحثّ على توحيد السُّلطة وعدم تشتيتها. 

مَلاّحة [مفرد]:
1 - مكان تكوُّن المِلْح.
2 - موضع بيع المِلْح.
3 - آلة يُجعل فيهــا ملح الطَّعام، مملحة، وعاء الملح "ملاّحة من بِلُّور". 

مُلوحَة [مفرد]:
1 - مصدر ملُحَ1.
2 - نوع من السَّمك المملَّح المحفوظ.
3 - (جغ) مقدار ما في الماء من الملح ويُقدَّر بالجرام في اللِّتر.
4 - (كم) كميَّة الأملاح الذائبة في الماء ° مقياس
 المُلوحَة: مقياس يدلّ على تركيز الملح في محلول. 

مَليح [مفرد]: ج مِلاح ومُلَحَاءُ:
1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من ملُحَ1 وملُحَ2: "فتاةٌ مليحة- وجه مليح".
2 - مالح، عكْسُ العذب "ماءٌ مليحٌ".
3 - مُمَلّح "سمك مليح: مقدّد". 

مَمْلَحَة [مفرد]: ج مَمْلحات ومَمَالِحُ: آلة يُجعل فيهــا مِلحُ الطعام، وعاء الملح "يستحسن وضع المملحة على المائدة". 
(م ل ح)

المِلْحُ: مَا يطيب بِهِ الطَّعَام. وَقد مَلَح الْقدر يَمْلِحُها ويَمْلَحُها مَلْحا، وأمْلَحها: جعل فِيهَــا مِلْحا بِقدر. ومَلَّحَها، أَكثر مِلْحَها فأفسدها. سِيبَوَيْهٍ: مَلَحتُهُ ومَلَّحْتُه وأمْلَحتُه، بِمَعْنى. ومَلَح اللَّحْم وَالْجَلد يَمْلَحُه مَلْحا، كَذَلِك. أنْشد ابْن الْأَعرَابِي:

تُشْلِى الرَّموحَ وَهِي الرموحُ

حَرفٌ كأنَّ غُبْرَها مملوحُ

وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

يَسْتَنُّ فِي عُرُضِ الصَّحرَاء فائُره ... كأنَّه سَبطُ الأهدابِ مملوحُ

يَعْنِي الْبَحْر، شبه السراب بِهِ.

والمِلْحُ والمَليحُ، خلاف العذب من المَاء. وَالْجمع مِلْحةٌ ومِلاحٌ وأمْلاحٌ ومِلَحٌ. وَقد يُقَال: أمواه مِلْحٌ وركية مِلْحةٌ. وَقد مَلُحَ مُلوحَةً ومَلاحَةً، ومَلَح يَملَحُ، بِفَتْح اللَّام فيهــمَا، عَن ابْن الْأَعرَابِي، فَإِن كَانَ المَاء عذبا ثمَّ مَلُحَ، قيل: أمْلَحَ. وبقلة مالِحةٌ، حكى ابْن الْأَعرَابِي: مَاء مالِحٌ كمِلْحٍ، وسمك مالِحٌ ومَليحٌ ومَملوحٌ ومُمَلَّحٌ. وَكره بَعضهم مَليحا ومالِحا، وَلم ير بَيت عذافر حجَّة وَهُوَ قَوْله:

بَصرِيَّةٌ تزوجَتْ بَصْرِيَّا

يُطعِمُها المالحَ والطرِيَّا

وأمْلَحَ الْقَوْم: وردوا مَاء مِلْحا. وأملح الْإِبِل سَقَاهَا مَاء ملحا، وأمْلَحت هِيَ، وَردت مَاء مِلْحا. وتَمَلَّح الرجل، تزَود المِلْحَ أَو تجر بِهِ، قَالَ ابْن مقبل يصف سحابا:

تَرَى كُلَّ وادٍ سالَ فِيهِ كَأَنَّمَا ... أناخَ عَلَيْهِ راكِبٌ مُتمَلِّحُ

والمَلاَّحةُ: منبت المِلْحِ، كالبقالة لمنبت البقل.

والمَلاَّحُ: صَاحب الْملح، حَكَاهُ ابْن الْأَعرَابِي وَأنْشد: حَتَّى تَرى الحُجُراتِ كلَّ عَشِيَّة ... مَا حَوْلَها كمُعَرّسِ الملاَّحِ

ويروى: الحَجَراتِ.

والمَلاَّحُ: النوتي لملازمته المَاء الْملح، وَهُوَ الَّذِي يتعهد فوهة النَّهر، وَأَصله من ذَلِك، وحرفته المِلاحَةُ والمِلاحيَّةُ وَيُقَال للرجل الْحَدِيد: مِلْحُه على رُكْبَتَيْهِ، قَالَ مِسْكين الدَّارمِيّ:

لَا تَلُمْها إِنَّهَا من نِسوةٍ ... مِلْحُها مَوضوعةٌ فوقَ الرُّكَبْ

أنث، فإمَّا أَن يكون جمع مِلْحَةٍ، وَإِمَّا أَن يكون التَّأْنِيث فِي الْملح لُغَة.

ومَلَحَ الْمَاشِيَة مَلْحا، ومَلَّحها: أطعمها سبخَة الْملح، وَهُوَ ملح وتراب وَالْملح أَكثر، وَذَلِكَ إِذا لم تقدر على الحمض فأطعمها هَذَا مَكَانَهُ.

والمُلاَّحَةُ: عشبة من الحموض ذَات قضب وورق، منبتها القفاف، وَهِي مالِحَةُ الطّعْم ناجعة فِي المَال، وَالْجمع مُلاَّحٌ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة المُلاَّحُ حمضة مثل القُلاَّمِ فِيهِ حمرَة يُؤْكَل مَعَ اللَّبن يتنقل بِهِ، وَله حب يجمع كَمَا يجمع الفث ويخبز فيؤكل، قَالَ: وَأَحْسبهُ سمي مُلاَّحا للون لَا للطعم. وَقَالَ مرّة: المُلاَّحُ عنقود الكباث من الْأَرَاك، سمي بِهِ لطعمه كَأَن فِيهِ من حزازته مِلْحا.

والمِلْحُ: الْحسن. وَقد مَلُحَ مَلاحَةً فَهُوَ مَليحٌ ومُلاَحٌ ومُلاَحٌ، قَالَ:

تَمشيِ بِجَهْمٍ حَسَنٍ مُلاَّحِ

أُجِمَّ حتَّى هَمَّ بالصياح

يَعْنِي فرجهَا. وَهَذَا الْمِثَال لما أَرَادوا بِهِ الْمُبَالغَة قَالُوا: فعال، فزادوا فِي لَفظه لزِيَادَة مَعْنَاهُ. وَجمع المليحِ مِلاَحٌ. وَجمع مُلاَحٍ ومُلاَّحٍ، مُلاَّحونَ ومُلاَحُونَ. وَالْأُنْثَى مَليحَةٌ. وَقَالُوا: مَا أُمَيْلِحَه فصغروا الْفِعْل وهم يُرِيدُونَ الصّفة، حَتَّى كَأَنَّهُمْ قَالُوا: مُلَيِّحٌ.

والمُلْحَةُ والمُلَحةُ: الْكَلِمَة المَليحةُ. وأمْلَحَ، جَاءَ بِكَلِمَة مَليحةٍ.

وأمْلِحْني بِنَفْسِك: زيني. والمُلْحَةُ من الألوان: بَيَاض تشوبه شَعرَات سود. وَالصّفة أمْلَحُ، وَالْأُنْثَى مَلْحاءُ. وكل شعر وصوف وَنَحْوه، كَانَ فِيهِ بَيَاض وَسَوَاد فَهُوَ أمْلَحُ. وكبش أمْلَحُ، بيِّن المُلْحَةِ والملَحِ. وَفِي الحَدِيث: أَن رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَتَى بكبشين أمْلَحَينِ فذبحهما.

والمَلْحاءُ من النعاج: الشمطاء تكون سَوْدَاء تنفذها شَعْرَة بَيْضَاء.

والأمْلَحُ من الشّعْر نَحْو الأصبح. وَجعل بَعضهم الأمْلَحَ الْأَبْيَض.

وَقيل: المُلْحَةُ بَيَاض إِلَى الْحمرَة، مَا هُوَ كلون الظبي.

وَرجل أمْلَحُ اللِّحْيَة، إِذا كَانَ يَعْلُو شعر لحيته بَيَاض من خلقَة، لَيْسَ من شيب، وَقد يكون من شيب، وَلذَلِك وصف الشيب بالمُلْحَةِ، أنْشد ثَعْلَب:

حَتَّى اكتَسَى الرأسُ قِناعا أشهبا ... أمْلَحَ لَا لَذًّا وَلَا مُحَبَّبا

وَقيل: هُوَ الَّذِي بياضه غَالب لسواده، وَبِه فسر بَعضهم هَذَا الْبَيْت.

والمُلْحةُ والمَلَحُ: فِي جَمِيع شعر الْجَسَد من الْإِنْسَان وكل شَيْء: بَيَاض يَعْلُو السوَاد.

والمُلْحَةُ: أَشد الزرق حَتَّى يضْرب إِلَى الْبيَاض. وَقد مَلِحَ مَلَحا وأمْلَحَّ وأمْلَحَ.

ومَلْحانُ: جمادي الْآخِرَة، سمي بذلك لابيضاضه بالثلج، قَالَ الْكُمَيْت:

إِذا أمْسَت الآفاقُ حُمْراً جُنوبُها ... لِشَيْبانَ أَو مِلْحانَ واليومُ أشْهَبُ

شَيبَان جمادي الأولى، وَقيل: كانون الأول. وملحان كانون الثَّانِي، سمي بذلك لبياض الثَّلج.

وعنب مُلاَحِيٌّ: أَبيض. قَالَ:

وَمن تعاجيبِ خلقِ اللهِ غاطِيَةٌ ... يُعصَرُ مِنْهَا مُلاَحِيٌّ وغِرْبيبُ

وَحكى أَبُو حنيفَة: مُلاَّحِيٌّ، قَالَ: وَهِي قَليلَة، وَأنْشد لبَعض الشُّعَرَاء الْمُتَقَدِّمين: كعُنْقودِ مُلاَّحِيَّةٍ حِين نَوَّرا

وَقَالَ مرّة: إِنَّمَا نسبه إِلَى المُلاَّحِ فِي الطّعْم.

والمُلاَحِيُّ من الْأَرَاك: الَّذِي فِيهِ بَيَاض وشهبة وَحُمرَة، وَأنْشد لمزاحم الْعقيلِيّ:

فَمَا أمُّ أحْوَى الطُّرَّتينِ خَلالَها ... بقُرَّى مُلاَحِيٌّ من المَرْدِ ناطفُ

والمُلاَحِيُّ: تين صغَار أمْلَحُ صَادِق الْحَلَاوَة، ويزبب.

وأمْلاَحَّ النّخل: تلون بسره بحمرة وصفرة.

وشجرة مَلْحاءُ: سقط وَرقهَا وَبقيت عيدانها خضرًا.

والمَلْحاءُ من الْبَعِير: الْفقر الَّتِي عَلَيْهَا السنام. وَيُقَال: هِيَ مَا بَين السنام إِلَى الْعَجز. وَقيل الملحاء لحم مستبطن الصلب من الْكَاهِل إِلَى الْعَجز، قَالَ العجاج:

موصولةُ المَلحاءِ فِي مُستَعظِم

وكَفَلٌ من نَحْضِه مُلَكَّمِ

والمَلْحاءُ، مَا انحدر عَن الْكَاهِل إِلَى الصلب، وَقَوله:

رفَعوا رايةَ الضِّرابِ ومَرُّوا ... لَا يُبالونَ فارِسَ المَلْحاءِ

يَعْنِي بِفَارِس الملحاء: مَا على السنام من الشَّحْم.

وَأصَاب المَال مُلحةً من الرّبيع: لم يستمكن مِنْهُ فنال مِنْهُ شَيْئا يَسِيرا.

والمِلْحُ: السّمن الْقَلِيل.

ومَلَّحت النَّاقة، سمنت قَلِيلا. وجزور مُمَلَّحٌ، فِيهَــا بَقِيَّة من سمن، قَالَ:

عَشيَّةَ رُحنا رائحين وزادُنا ... بقيةُ لَحْمٍ من جزورٍ مُمَلَّحِ

وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:

ورَدَّ جازِرُهم حَرْفا مُصَرَّمَةً ... فِي الرأسِ مِنْهَا وَفِي الرِّجلَين تمليحُ

يَقُول: لَا شَحم لَهَا إِلَّا فِي عينيها وسلامها، كَمَا قَالَ: مَا دَامَ مُخٌّ فِي سُلاميَ أَو عَيْن

قَالَ: أول مَا يبْدَأ السّمن فِي اللِّسَان والكرش، وَآخر مَا يبْقى فِي السلَامِي وَالْعين.

وتَمَلَّحت الْإِبِل: كمَلَّحتْ. وَقيل: هُوَ مقلوب من تَحَلَّمتْ أَي سمنت، وَهُوَ قَول ابْن الْأَعرَابِي وَلَا أرى للقلب هُنَا وَجها، وَأرى مَلَحت النَّاقة، بِالتَّخْفِيفِ، لُغَة فِي مَلَّحَت.

وتَمَلَّحَت الضباب كتَحَلَّمت، أَي سمنت.

ومَلَّحَ الْقدر: جعل فِيهِ شَيْئا من شَحم.

وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الصَّادِق يُعْطي الملحة والمحبة والمهابة ". أرَاهُ من قَوْلهم: تَملَّحت الْإِبِل، سمنت، فَكَأَنَّهُ يُرِيد الْفضل وَالزِّيَادَة.

والمِلْحُ: الرَّضَاع، قَالَ:

وَإِنِّي لأرجو مِلْحَها فِي بطونِكم ... وَمَا بَسَطتْ من جلْدِ أشعثَ أغبرا

وَذَلِكَ انه نزل على قوم فاخذوا إبِله فَقَالَ: أَرْجُو أَن ترعوا مَا شربتم من ألبان هَذِه الْإِبِل وَمَا بسطت من جُلُود قوم كَانَت جُلُودهمْ قد يَبِسَتْ فسمنوا مِنْهَا. قَالَ:

لَا يُبعدِ اللهُ ربُّ العبا ... دِ والمِلْحُ مَا ولَدت خالدهً

ومَلَحَ: رضع. وَمِنْه قَول بعض مستشفعي هوَازن للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَو مَلَحْنا لِلْحَارِثِ بن أبي شمر أَو النُّعْمَان بن الْمُنْذر.

المُمالَحة: المراضعة والمواكلة.

والمَلَحُ: عيب فِي رجل الدَّابَّة. وَقد مَلِحَ مَلَحا فَهُوَ أمْلَحُ.

والمَلْحُ: سرعَة خفقان الطَّائِر بجناحيه، قَالَ: مَلْحَ الصقور تَحت دجن مغين قَالَ أَبُو حَاتِم: قلت للأصمعي: أتراه مقلوبا من اللمح؟ قَالَ لَا، إِنَّمَا يُقَال لمَحَالْكَوْكَب وَلَا يُقَال ملح، فَلَو كَانَ مقلوبا لجَاز أَن يُقَال: ملح.

ومَلِيحٌ والمُلَيْحُ، ومُلَيحةُ، وأمْلاَحٌ، ومَلَحٌ، والأُمَيْلحُ، والأمْلَحانُ، وَذَات مِلْحٍ: كلهَا مَوَاضِع، قَالَ جرير:

كأنَّ سَليطا فِي جَواشِنِها الخُصَى ... إِذا حَلَّ بَين الأمْلَحْينِ وقيرُها

قَوْله: فِي جواشنها الخصى، أَي كَأَن أفهاراً فِي صُدُورهمْ، وَقيل أَرَادَ غِلَاظ كَأَن فِي صُدُورهمْ عَجزا، قَالَ الأخطل:

بمُرْتَجزٍ داني الرَّبابِ كأنَّه ... على ذاتِ ملْحٍ مُقسِمٌ مَا يَريمُها

وَبَنُو مُلَيْحٍ: بطن. وَبَنُو مِلحان كَذَلِك.

والأُمَيْلِحُ: مَوضِع فِي بِلَاد هُذَيْل كَانَت بِهِ وقْعَة، قَالَ المتنخل:

لَا يَنْسأ اللهُ مِنَّا معشراً شهِدوا ... يومَ الأُمَيْلحِ لَا غَابُوا وَلَا جَرَحوا

يَقُول: لم يتغيبوا فنكفي أَن يؤسروا أَو يقتلُوا، وَلَا جرحوا، أَي وَلَا قَاتلُوا إِذْ كَانُوا مَعنا.

والمَلْحاءُ والشَّهباءُ: كتيبتان كَانَتَا لآل جَفْنَة..

ومِلْحَةُ: اسْم رجل.

وملحةُ الْجرْمِي، شَاعِر من شعرائهم.
ملح
: (المِلْح، بِالْكَسْرِ، م) ، أَي مَعْرُوف، وَهُوَ مَا يُطيَّب بِهِ الطَّعَامُ: (وَقد يُذكّر) ، والتَّأْنِيث فِيهِ أَكثَرُ، كَذَا فِي العُبَاب. وتصغيرِ مُلَيْحَة. وَقَالَ الفَيّوميّ: جمْعها مِلاحٌ كشِعْب وشعاب.
(و) من الْمجَاز المِلح: (الرَّضَاعُ) وَقد رُوِي فِيهِ الفَتْحُ أَيضاً، كَذَا فِي (الْمُحكم) ، وَنَقله (اللِّسَان) ، وَقد مَلَحَت فُنةُ لفُلانٍ، إِذا أَرْضَعَت، تَمْلَح وتَمْلُح. وَقَالَ أَبو الطَّمَحَان، وكانَتْ لَهُ إِبِلٌ يَسْقِي قَوْماً من أَلبانها ثمَّ إِنّهم أَغاروا عَلَيْهَا فأَخذُوها:
وإِنّي لأَرجُو مِلْحَها فِي بُطونِكمْ
وَمَا بَسَطَتْ مِنْ جِلْدِ أَشعَثَ أَغْبَرَا
وذالك أَنّه كَان نَزل عَلَيْهِ قَوْمٌ فَأَخذُوا إِبلَه فَقَالَ: أَرجو أَن تَرعَوْا مَا شَرِبْتم من أَلبان هاذه الإِبل، وَمَا بَسَطَتْ منْ جُلُودِ قَومٍ كأَنَّ جلُودَهم قد يَبِست فسَمِنُوا مِنْهَا.
وَفِي حَدِيث وَفْدِ هَوَازِنَ: (أَنَّهم كلَّموا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلمفي سَبْيِ عشائرِهم فَقَالَ خَطيبُهم: إِنّا لَو كُنّا مَلَحْنا للحارِث بن أَبي شَمِرٍ أَو للنُّعمان بن المنذِر ثمَّ نَزلَ مَنزِلَك هَذَا منّا لحَفِظَ ذالك لنا وأَنت خيرُ المكْفُولِين، فاحْفَظْ ذالك. قَالَ الأَصمعيّ فِي قَوْله مَلَحْنَا، أَي أَرْضَعْنا لَهما. وإِنَّمَا قَالَ الهَوَازِنيّ ذالك لأَنّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وسلمكان مُسْتَرْضَعاً فيهــم، أَرْضَعَتْه حَليمةُ السَّعدِيّة.
(و) المِلْح: (العِلْم. و) الْمِلْح أَيضاً (العُلَمَاءُ) ، هاكذا فِي (اللِّسَان) وذكَرَهما ابْن خالَويه فِي كتاب (الجامِع للمشترك) ، والقَزّازُ فِي (كِتَابه الْجَامِع) .
(و) من الْمجَاز: المِلْح الحُسْنُ، من (المَلاَحَة) ، وَقد مَلُح يَملُحُ مُلُوحةً ومَلاحةً ومِلحاً، أَي حَسُن. ذكرَه صَاحب المُوعب واللَّبْليّ فِي (شرح الفصيح) ، والقَزّاز فِي (الْجَامِع) .
(و) من الْمجَاز: مَلَحَ القِدْرَ إِذا جَعَلَ فِيهَــا شَيْئا من مِلْح، وَهُوَ (الشَّحْمُ) . وَفِي (التَّهْذِيب) عَن أَبي عَمرٍ و: أَمْلَحْت القِدْرَ، بِالأَلف، إِذا جَعلْتَ فِيهَــا شَيْئا من شَحْمٍ.
(و) المِلْح أَيضاً (: السِّمَنُ) الْقَلِيل، وضبطَه شَيخنَا بفتْح السِّين وَسُكُون الْمِيم، وجعلَه مَعَ مَا قبله عطْف تفسيرٍ ثمّ قَالَ: وَقد يُقَال إِنّهما مُتغَايرانِ، وَالصَّوَاب مَا ذَكرْناه. وأَملَح البعيرُ، إِذَا حَمَلَ الشَّحْمَ، ومُلِحَ فَهُوَ مملوح، إِذا سَمِنَ. وَيُقَال: كَانَ رَبيعُنا مَملوحاً. وكذالك إِذا أَلْبَنَ القَومُ وأَسْمَنُوا، (كالتَّمَلُّحِ والتَّمْلِيحِ) وَقد مَلَّحَتِ النّاقَةُ: سَمِنَتْ قَلِيلا، عَن الأُموي وَمِنْه قَول عُرْوَةَ بن الوَرْد:
أَقَمْنَا بهَا حِيناً وأَكثرُ زَادِنا
بَقِيَّةُ لَحْمٍ مِن جَزورٍ مُمَلِّحِ
وَالَّذِي فِي (البصائر) :
عَشيَّةَ رُحْنَا سائرين وزادُنا
إِلخ، وجَزور مُملِّح فِيهَــا بقيّة من سِمَنٍ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ:
ورَدَّ جازِرُهمْ حَرفاً مصهَّرةً
فِي الرأْسِ مِنْهَا وَفِي الرِّجْلَينِ تَمْليحُ
أَي سِمَنٌ: يَقُول: لَا شَحْمَ لَهَا إِلاَّ فِي عَيْنِها وسُلامَاهَا. قَالَ: أَوّل مَا يَبْدأُ السِّمَنُ فِي اللِّسَان والكَرِش، وآخِرُ مَا يَبقَى فِي السُّلاَمَى والعَيْن. وتَملَّحتِ الإِبلُ كمَلَّحَت، وَقيل: هُوَ مَقلوبٌ عَن تَحلَّمَت أَي سَمِنَت، وَهُوَ قَول ابنِ الأَعرابيّ. قَالَ ابْن سَيّده: وَلَا أَرى للقَلْب هُنَا وَجْهاً. وأَرى مَلَحَت النَّاقةُ بِالتَّخْفِيفِ لُغَة فِي مَلَّحَت. وتملَّحَت الضِّبابُ كَتحَلَّمَت أَي سَمِنَت، وَهُوَ مَجاز.
(و) المِلْح: (الحُرْمَة والذِّمامُ، كالْمِلْحَةِ، بِالْكَسْرِ) ، وأَنشد أَبو سعيدٍ قَولَ أَبي الطَّمَحان المتقدّم، وفَسَّره بالحُرْمة والذِّمام. وَيُقَال بَين فُلانٍ وفُلانٍ مِلْحٌ ومِلْحةٌ، إِذا كَانَ بَينهمَا حُرْمَةٌ، كَمَا سيأْتي. فَقَالَ: أَرجُو أَن يَأْخُذَكم الله بحُرْمَةِ صاحِبها وغَدْرِكُم بهَا. قَالَ أَبو العَباس: الْعَرَب تُعظّم أَمْرَ المِلْحِ والنّارِ والرَّمَادِ.
(و) المِلْحُ: (ضِدٌّ العَذْبِ مِنَ الماءُ كالمَلِيحِ) ، هاذا وَصْفٌ وَمَا ذُكِرَ قبلَه كلّها أَسماءٌ. يُقَال ماءٌ مِلْحٌ. وَلَا يُقَال: مالِحٌ إِلاّ فِي لُغَة رَديئة، عَن ابْن الأَعرابيّ، فإِن كَانَ الماءُ عَذْباً ثمَّ مَلُحَ يُقَال: أَمْلَح. وبَقْلَةٌ مالحَةٌ. وحكَى ابنُ الأَعرابيّ: ماءٌ مالِحٌ كمِلْح. وإِذا وَصفتَ الشيْءَ بِمَا فِيهِ من لمُلُوحَة قلت: سَمَكٌ مالِحٌ، وبَقْلَةٌ مالِحةٌ. قَالَ ابْن سِيده: وَفِي حَدِيث عُثمان رَضِي الله عَنهُ: (وأَنا أَشْرَبُ ماءَ المِلْح) ، أَي الشَّدِيد المُلُوحَةِ قَالَ الأَزهَرِيّ عَن أَبي الْعَبَّاس: إِنّه سمع ابنَ الأَعرابيّ قَالَ: ماءٌ أُجَاجٌ، وقُعَاعٌ، وزُعَاقٌ، وحُرَاقٌ وماءٌ يَفْقَأُ عينَ الطّائر، وَهُوَ الماءُ المالِحُ. قَالَ: وأَنشدنا:
بَحْرُك عَذْبُ الماءِ مَا أَعَقَّهُ
رَبُّكَ والمحرُومُ مَن لمْ يُسْقَهُ أَرادَ: مَا أَقَعَّه. من القُعَا، وَهُوَ الماءُ المهلْح فَقَلَبَ.
قَالَ ابْن شُميل: قَالَ يُونُس: لم أَسمع أَحداً من الْعَرَب يَقُول: ماءٌ مالحٌ. وَيُقَال: سَمكٌ مالِحٌ، وأَحسنُ مِنْهُمَا سَمَكٌ مَليحٌ ومملوحٌ. قَالَ الجوهَرِيّ: وَلَا يُقَال مالِحٌ. قَالَ: وَقَالَ أَبو الدُّقَيْش: يُقَال ماءٌ مالحٌ ومِلْح. قَالَ أَبو مَنْصُور؛ هاذا وإِنْ وُجِدَ فِي كَلَام الْعَرَب قَلِيلا لُغَةٌ لَا تُنْك. قَالَ ابْن بَريّ: قد جاءَ المالح فِي أَشعَار الفُصحاءِ، كَقَوْل الأَغلب العِجْليّ يَصف أُتُناً وحِماراً:
تَهالُه من كَرْبهِنَّ كالحَا
وافْتَرَّ صاباً ونَشُوقاً مالِحَا
وَقَالَ غَسّانُ السَّلِيطيّ:
وبِيِّ غِذَاهنَّ الحَليبُ وَلم يَكنْ
غِذَاهُنّ نِينَانٌ من البحرِ مالِحُ
أَحَبُّ إِلينا مِنْ أُناسٍ بِقَرْيَةٍ
يَمُوجُون مَوْجَ البَحْرِ والبَحْرُ جَامِحُ
وَقَالَ عُمر بن أَبي رَبيعةَ:
وَلَو تفَلَتْ فِي البَحْر والبَحْرُ مالحٌ
أَصبَحَ ماءُ البَحْرِ من ريقِهَا عَذْبَا
قَالَ: وَقَالَ ابنُ الأَعْرَابيّ: يُقَال شيْءٌ مالِحٌ، كَمَا يُقَال: حامِضٌ. قَالَ ابنَ بَرّيّ: وَقَالَ أَبو الجَرّاح: الحَمْضُ: المالِحُ من الشَّجَر. قَالَ ابْن بَرّيّ: ووَجْهُ جَوازِ هاذا من جِهة العَربيَّة أَن يكون على النَّسَب، مثل قَوْلهم ماءٌ دافِقٌ، أَي ذُو دَفْق، وَكَذَلِكَ ماءٌ مالح، أَي ذُو مِلح، وكما يُقَال: رَجلٌ تارِسٌ، أَي ذُو تُرْسٍ، ودَارِعٌ، أَي ذُو دِرْعٍ. قَالَ: وَلَا يكون هاذا جَارِيا على الفِعْل. وَقَالَ ابْن سيدَه: وسَمَكٌ مالِحٌ ومَلِيحٌ ومَمْلُوح (ومُمَلَّح) وكَرِهَ بعضُهم مَلِيحاً ومالِحاً، وَلم يَرَ بَيْتَ. عُذَافرٍ حُجّة، وَهُوَ قَوْله:
لَو شاءَ رَبِّي لم أَكنْ كَرِيَّا
وَلم أَسُقْ شَعْفَرَ المَطِيَّا
بَصَريّةَ تزَوّجتْ بَصْرِيًّا
يُطْعِمها المالِحَ والطَّرِيَّا
(وأَمْلَحَ) الرَّجلُ: (وَرَدَه) ، أَي مَاء مِلْحاً، (ج مِلْحَةٌ) ، بِزِيَادَة الهاءِ (ومِلاَحٌ) بِالْكَسْرِ، كشِعْب وشِعَاب، (وأَمْلاَحٌ) ، كتُرْب وأَتْراب، (ومِلَحٌ) ، بِكَسْر ففتْح، وَقد يُقَال أَمْواهٌ مِلْحٌ ورَكِيّةٌ مِلْحةٌ. وَقد (مَلُحَ) الماءُ، (ككرُمَ) ، وَهِي لُغةُ أَهلِ الْعَالِيَة. (ومَنَعَ) ، عَن ابْن الأَعرابيّ وَنَقله ابْن سيد وَابْن القطّاع (ونَصَرَ، نسبَها الفيُّوميّ لأَهل الحِجاز، وذكرَها الجوهَرِيّ وغيرُ واحدٍ، (مُلُوحَةً) ، بالضَّم، (ومَلاَحَةً) مصْدَريّ بَاب كَرُمَ، ومُلُوحاً، مصْد بَاب منَع كقَعَدَ قُعُوداً، ذكرَه الجوهَريّ والفيّوميّ.
(والحُسْنُ مَلُحَ ككَرُمَ) ، يَمْلُح مُلُوحَةً ومَلاَحَةً ومِلْحاً. فهاذِه ثلاثةُ مصادرَ: الأَوّل هُوَ الْجَارِي على القِيَاس، وَالثَّانِي هُوَ الأَكثير فِيهِ، وَالثَّالِث أَقلُّها. (فَهُوَ مَلِيحٌ ومُلاَحٌ) ، كغُرَاب، (ومُلاَّحٌ) ، بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ أَمْلَحُ من المَليح، كَذَا فِي (التَّهْذِيب) . قَالَ:
تَمْشِي بجَهْمٍ حَسَنٍ مُلاّحِ
أَجَمَّ حتَّى هَمَّ بالصِّياحِ
يَعْنِي فَرْجعها، وهاذا الْمِثَال لمَّا أَرادوا المبالغَة قَالُوا فُعّال، فَزادوا فِي لفظِه لِزيادة مَعْنَاهُ، مكثل كَريم وكُرّام، وكَبير وكُبَّار. (ج) أَي جمع الْمليح (مِلاَحٌ) ، بِالْكَسْرِ، (وأَمْلاَحٌ) ، كِلَاهُمَا عَن أَبي عمرٍ و، مثل شَريف وأَشراف، وكَريم وكِرَام. (و) جمع مُلاَح ومُلاّحٍ (مُلاَحُونَ ومُلاّحُونَ، وهما جمْعاً سَلامَة، والأُنْثَى مَليحَة.
(و) فِي (الأَساس) : من الْمجَاز (مَلَحَهُ) أَي عِرْضَه، (كمَنَعَه: اغْتَابَه) ووقَعَ فِيهِ (و) مَلَحَ (الطاَّئرُ: كَثُرَ سُرْعَةُ خَفَقانِه بِجَنَاحَيْهِ) . قَالَ:
مَلْحَ الصُّقورِ تحتَ دَجْنٍ مُغِينِ
قَالَ أَبو حَاتِم: قلْت للأَصمعيّ: أَتُرَاه مَقلوباً من اللَّمْح؟ قَالَ: لَا، إِنّمَا يُقَال لَمَحَ الكَوكَبُ وَلَا يُقَال مَلَحَ، فَلَو كَانَ مقلوباً لجَاز أَن يُقَال مَلَح.
(و) مَلَحَ (الشَّاةَ: سَمَطَها) ، فَهِيَ مَملُوحة، كَملَّحها تَمليحاً، وَتَمليحُها: أَخْذُ شعرِها وصُوفِها بالماءِ. وَفِي حَدِيث عَمْرو بن حُريث (عَنَاقٌ قد أُجيدَ تمليِحُها وأُحْكِم نُضْجُها) قَالَ ابْن الأَثير: التّمليح هُنَا السَّمْطُ، وَقيل تَمليِحُهَا تَسْمِينها، وَقد تقدَّم.
(و) مَلَحَ (الوَلَدَ: أَرْضَعَه) يَمْلَحُ ويَملُح، وَهُوَ مجَاز.
(و) مَلَحَ (السَّمَكَ) ومَلَّحَه فَهُوَ مملوحٌ مُملَّح مَليحٌ. وَيُقَال سَمكٌ مالحٌ.
(و) مَلَحَ (القِدْرَ) يَملَحُه مَلْحاً: (طَرَحَ فِيهِ المِلْح) بقَدْر. كَذَا فِي (الصّحاح) ، (كمَلَحَهُ، كضَرَبَه) يَمْلِحَه مَلْحاً، فهما لغتانِ فصيحتان. وفاتَه مَلَّحه تَمليحاً، وذالك إِذا أَكثَرَ مِلْحَه فأَفسدَه وَنقل ابْن سِيدَه عنس يبويه مَلَحَ ومعلَّحَ وأَمْلَحَ بِمَعْنى واحدٍ. ثمَّ إِنَّ الْمَوْجُود فِي النُّسخ كلِّهَا تذكيرُ الضَّمير، والمقرَّر عندهُم أَنّ أَسماءَ القُدورِ كلِّهَا مُؤَنّثَة إِلاّ المِرْجَلَ فَكَانَ الصّوَابُ أَن يَقُول: كملَحَهَا، أَشارَ إِليه شيخُنَا.
(و) مَلَحَ (المَاشِيَةَ) مَلْحاً (أَطْعَمَهَا سَبَخَةَ المِلْح) . وَهُوَ تُرَابٌ ومِلْحٌ والمِلْحُ أَكثرُ، وذالك إِذَا لم تَقدِرْ على الحَمْضِ فأَطعَمَهَا، كمَلَّحَهَا تَمليحاً.
(والمَلَحُ، محرّكَةً) : داءٌ وعَيْبٌ فِي رِجْلِ الدّابَّة. وَقد مَلِحَ مَلَحاً، وَهُوَ (وَرَمٌ فِي عُرْقُوبِ الفَرَسِ) دونَ الْجد، فإِذا اشتَدَّ فَهُوَ الجَرَذُ.
(و) المَلَح: (ع) من دِيار بني جَعْدةَ باليَمَامَةِ، وَقيل: بسَوَادِ الكُوفَةِ مَوضعٌ يُقَال لَهُ مَلَحٌ. وَقَالَ السّكَّريّ: معلَحٌ: ماءٌ لبنِي العَدَوِيّة، ذكَر ذالك فِي شرح قَول جرير:
يُهْدِي السَّلامَ لأَهْل الغَوْرِ من مَلَحِ
هَيْهَاتَ مِن مَلَحٍ بالغَوْر مُهدَانَا كَذَا فِي (المعجم) . (وأَمْلَحَ الماءُ: صارَ مِلْحاً. و) قد (كَانَ عَذْباً) ، عَن ابْن الأَعرابّي. (و) أَمْلَحَ الإِبلَ: (سَقَاهَا إِيّاه) ، أَي مَاء ملْحاً، وأَملَحَتْ هِيَ: وَرَدَتْ مَاء مِلْحاً. (و) أَملحَ (القِدْرَ: كثَّر مِلْحَهَا، كمَلَّحَها) تَمليحاً، قَالَ أَبو مَنْصُور: وَهُوَ الكلامُ الجيّد:
(والمَلاَّحة مشدّدةً: مَنْبِتُه) ، كالبَقَّالة لمنْبت البقْلِ، (كالمَمْلَحةِ) ، بِفَتْح الْمِيم، هاكذا هُوَ مضبوطٌ عندنَا، وَهُوَ مَا يُجْعَل فِيهِ المِلْح، وضَبطه الزَّمَخْشَرِيّ فِي الأَساس بِالْكَسْرِ (والمَلاَّحُ) ، ككَتَّاب (: بائِعُه، أَو) هُوَ (صاحِبُه) ، حَكَاهُ ابْن الأَعرابيّ. وأَنشد:
حتّى تَرَى الحُجُرَاتُ كلَّ عشيّةٍ
مَا حَوْلَهَا كمُعَرَّسِ المَلاّحِ
(كالمُتَمَلِّحِ) ، وَهُوَ مَتَزَوِّده أَو تاجِرُه. قَالَ ابنُ مُقبِل يَصف سَحاباً:
تَرَى كلَّ وادٍ سَال فِيهِ كأَنّما
أَناخَ عَلَيْهِ رَاكبٌ مُتَمَلِّحُ
(و) المَلاّح (: النُّوتِيُّ) . وَفِي (التَّهْذِيب) صاحبُ السَّفِينة، لملازَمتِه الماءَ المِلْحَ. (و) هُوَ أَيضاً (مُتَعَهِّدُ النَّهْرِ) ، وَفِي بعض النُّسخ: البَحر، (ليُصْلِحَ فُوَّهَتَه) ، وأَصله من ذالك، (وصَنْعَتُه المِلاَحة، بِالْكَسْرِ. والمَلاَّحِيَّة) ، بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد وَقيل: سمِّيَ السَّفَّانُ مَلاّحاً لمعالَجته الماءَ المِلْح بإِجراءِ السُّفنِ فِيهِ. وأَنشد الأَزهَرِيُّ للأَعْشى:
تَكَافَأَ مَلاَّحُهَا وَسْطَها
مِن الخَوْفِ، كَوَثَلَهَا يَلْتَزِمْ
(و) فِي حَدِيث ظَبْيَانَ (يأْكُلون مُلاَّحَهَا، ويَرعَوْنَ سَرَاحَهَا، قَالَ الأَزهريّ عَن اللَّيْث: المُلاّح (كرُمَّان) من الحَمْض. وأَنشدَ:
يَخْبِطْنَ مُلاّحاً كذَاوِي القَرْمَلِ وَقَالَ أَبو مَنْصُور: المُلاّح من بقول الرِّياض، الْوَاحِدَة مُلاَّحَةٌ، وَهِي بَقلةٌ غَصّةٌ فِيهَــا مُلوحةٌ، مَنابِتُها القِيعَانُ وَفِي (الْمُحكم) : المُلاّحة: عُشْبة من الحُمُوض ذَات قُضُب ووَرَقٍ، مَنْبتُها القَفَافُ، وَهِي مالحةُ الطَّعْمِ ناجعةٌ فِي المَال، وَحكى ابْن الأَعرابيّ عَن أَبي المُجِيب الرّبَعي فِي وَصْفه رَوْضَةً: (رأَيتُها تَنْدَى من بُهْمَى وصُوفَانةٍ (ويَنَمةٍ) ومُلاَّحَة ونَهَقَةٍ. ونقلَ ابْن سَيّده عَن أَبي حَنيفة، المُلاَّح (نَبْتٌ) مثل القُلاّم فِيهِ حُمْرَة، يُؤكَل مَعَ اللَّبَن، وَله حَبٌّ يُجمَع كَمَا يُجمع الفَثُّ ويُهبَز فيُؤكَل، قَالَ: وأَحسبه سُمِّيَ مُلاَّجاً لِلَّوْنِ لَا للطَّعْم. وَقَالَ مَرّةً: المُلاّحُ: عُنْقُودُ الكَبَاثِ من الأَرَاكِ، سُمِّيَ لِطَعْمه، كأَنّ فِيهِ من حَرارته مِلْحاً وَيُقَال: نَبْتٌ مِلْحٌ ومالحٌ للحَمْض وَيُقَال: نَبْتٌ مِلْحٌ ومالحٌ للحَمْض.
(و) المِلاَح، (ككِتَابٍ: الرِّيحُ تَجْرِي بهَا السَّفِينَةُ) ، عَن ابْن الأَعرابيّ، قَالَ: وَبِه سُمِّيَ المَلاّح مَلاّحاً.
(و) فِي الحَدِيث (أَنّ المختارَ لمّا قتلَ عُمَرَ بنَ سَعْدٍ جَعَلَ رأْسه فِي مِلاَحٍ وعَلَّقَه) ، المِلاَحُ: (المِخْلاَةُ) قَالَ ابْن سَيّده هُنَاكَ: وأُراه مقلوباً من الوَلِيحة الغِرَارةُ، والمِلاَح المخلاةُ. قَالَ ابْن سَيّده هُنَاكَ: وأُراه مقلوباً من الوَليحة، إِذا لم أَستدِلّ بِهِ على ميمه أَهي زائدةٌ أَم أَصلٌ، وحملُهَا على الزّيادة أَكثرُ. (و) قيل: هُوَ (سِنَانُ الرُّمْحِ) .
قَالَ ابنُ الأَعرابيّ: (و) المِلاَحُ: (السُّتْرَة) .
(و) المِلاَحُ: (أَنْ تَهُبَّ الجَنُوبُ عَقِبَ الشَّمَالِ) .
(و) المِلاَحُ (بَرْدُ الأَرْضِ حينَ يَنْزِلُ الغَيْثُ) .
(و) عَن اللَّيْث: المِلاَحُ: الرَّضَاعُ. وَقَالَ غيرُه: (المُرَاضَعةُ) ، مصدر مَالح مُمالَحَةً، وسيأْتي مَا يتعلّق بِهِ فِي الممالحة. (و) المِلاَح: (مُعَالَجَةُ حَيَاءِ النَّاقةِ) إِذا اشتكَت، فتُؤْخَذ خِرْقَةٌ ويُطْلَى عَلَيْهَا دَوَاءٌ ثمَّ تُلْصَق على الحَياءِ فيبرأُ، كَذَا فِي (التَّهْذِيب) .
(و) المِلاَحُ: (المِيَاهُ المِلْح) هاكذا فِي النُّسخِ، وَهُوَ نصُّ عبارَة التَّهْذِيب.
(والمُلاَحِيّ كغُرَابِيّ) ، عَن ابْن سَيّده، (وَقد يشدَّد) ، حَكَاهُ أَبو حنيفَة، وَهِي قَليلَة: (عِنَبٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ) ، أَي فِي حَبّه طُولٌ، وَهُوَ من المُلْحَة.
(وَقَالَ أَبو قَيس بنُ الأَسْلت) .
وَقد لاحَ فِي الصُّبْح الثُّريَّا كَمَا تَرَى
كنْقُودِ مُلاّحِيّةٍ حينَ نَوَّرَا
وَقَالَ أَبو حنيفَة إِنّمَا نُسِبَ إِلى المُلاّح وإِنما المُلاّح فِي الطّعم.
(و) المُلاَحِيُّ (نَوْعٌ مِن التِّين) صِغَارٌ أَمْلَحُ صادِقُ الحَلاوةِ ويُزَبِّبُ (و) المُلاَحِيُّ (مِنَ الأَرَاكِ: مَا فِيهِ بَياضٌ وحُمْرَةٌ وشُهْبَةٌ) ، قَالَه أَبو حنيفةَ، وأَنشدَ لمُزاحمٍ العُقَيْلي:
فمَا أُمُّ أَحْوَى الطُّرّتَين خَلا لَهَا
بِقُرَّى مُلاَحِيٌّ من المَرْدِ لَهَا
(والمَلْحَة) ، بِالْفَتْح: (لُجَّةُ البَحْرِ. و) رُوِيَ عَن ابْن عبّاس أَنّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الصّادقُ يُعطَى ثلاثَ خِصَالٍ: المُلْحَة، وَالمهابَة، والمحبّة) . المُلْحَة (بالضَّمِّ: المَهَابَةُ والبَرَكَةُ) . قَالَ ابْن سَيّده: أُراه من قَوْلهم: تملَّحَت الإِبلُ سَمِنْت. فكأَنّه يُرِيد الفَضْلَ والزِّيَادَةَ. ثمَّ إِنَّ الَّذِي فِي أُمّهَاتِ اللُّغة أَن المُلْحة هِيَ البَرَكةُ، وأَمَّا المَهَابة فَهِيَ من لَفْظِ الحَدِيث كَمَا عَرَفت، وَلَيْسَ بتفسير للمُلْحَةِ فتأَمّلْ.
(و) من الْمجَاز: طْرِفْنَا بمُلْحَةِ من مُلَحِك. المُلْحَة: (واحِدَةُ المُلَحِ من الأَحادِيثِ) ، وَهِي الكَلِمة المَليحة وَقيل: القَبيحة، وَبِهِمَا فُسِّر قولُ عائشةَ رَضِي الله عَنْهَا: (رُدّوها عليّ، مُلْحَةٌ فِي النّارِ اغْسِلوا عنِّي أَثَرها بالماءِ والسِّدْر) . قَالَ الأَصمعيّ: بَلَغْتُ بالعُلْم ونِلْتُ بالمُلح.
وأَبو عليّ إِسماعيل بنُ محمّد الصَّفّار النّحْوِيّ الأَديب المُلَحيّ رَاوِي نسخةِ ابنِ عَرَفَةَ، وأَبو حَفْصِ بنُ شاهينَ يعرف بابنِ المُلَحِيّ. . قَالَ الْحَافِظ ابنُ حَجر: وأَشعَبُ الطْامِعُ أَيضاً يُعرَف بذالك، قَالَ: وهؤُلاءِ نسِبُوا إِلى رِوَايَةِ اللَّطَائِف والمُلَح.
(و) من الْمجَاز المُلْحَة من الأَلوَان (بَيَاضٌ) يَشوبُه، أَي (يُخِالِطُه سَوَادٌ، كالمَلَحِ، مُحرّكَةً) ، تَقول فِي الصِّفة: (كَبْشٌ أَمْلَحُ) بَيِّنُ المُلْحَةِ والمَلَحِ. وَقَالَ الأَصمعيّ: الأَملَحُ الأَبَلقُ بسَوَادٍ وبَيَاضٍ. وَقَالَ غيرُه: كلُّ شَرٍ وصُوفٍ ونَحوه كَانَ فِيهِ بَياضٌ وسَوادٌ، فَهُوَ أَمْلَحُ. وَفِي الحَدِيث (أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وسلمأُتِيَ بكَبشَيْن أَملَحَيْنِ فذَبحَهما) . وَفِي (التَّهْذِيب) (ضَحَّى بكَبْشين أَمْلَحَيْنِ) (ونَعْجَةٌ مَلْحَاءُ) : شَمَطَاءُ سَودَاءُ تَنْفُذُهَا شَعرَةٌ بَيضاءُ. .
(و) وَقَالَ الكِسائيّ وأَبو زيد وَغَيرهمَا: الأَملحُ: الذِي فِيهِ بَياضٌ وسَوادٌ وَيكون البَياضُ أَكثرَ. و (قد امْلَحَّ) الكَبشُ (امْلِحاحاً) . صَار أَمْلَحَ. وَيُقَال كَبشٌ أَمْلَحُ، إِذا كَانَ شَعرُه خَلِيساً.
(و) المُلْحَة أَيضاً: (شَدُّ الزَّرَقِ) حتّى يَضْرِب إِلى البَيَاض، وَقد مَلِحَ مَلَحاً وامْلَحّ امْلِحَاحاً وأَمْلَحَ. وَقَالَ الأَزهريّ: الزُّرْقَة إِذا اشتدّتْ حتَى تَضربَ إِلى البَياض قيل: هُوَ أَمْلَحُ العَيْن.
(و) مِلْحَةُ، (بالكَسْر) : اسْم (رَجُل. و) مِلْحَةُ الجَرْميّ (شاعرٌ) من شُعرائهم.
(و) من الْمجَاز: (مِلْحَانُ، بِالْكَسْرِ) اسمُ شَهرِ (جُمادَى الآخِرَة) ، سُمِّيَ بذالك لابْيِضَاضِه. قَالَ الكُميت:
إِذَا أَمسَتِ الآفاقُ حُمْراً جُنُوبُها
لشَيْبَانَ أَو مِلْحَانَ واليومُ أَشْهَبُ شَيْبَانُ: جُمَادَى الأُولَى، وَقيل كانُونُ الأَوّل (و) مِلْحَانُ (: الكانُونُ الثَّاني، سُمِّيَ بذالك لبياضِ الثَّلجِ. وَنقل الأَزهريُّ عَن عَمْرِو بن أَبي عَمرٍ و: شِيبَانُ، بِكَسْر الشين. ومِلْحَانُ من الأَيّامِ إِذَا ابْيَضَّت الأَرضُ من الصَّقِيع. وَفِي (الصّحاح) : يُقَال لبَعض شُهور الشِّتَاءِ مِلْحان، لِبياضِ ثَلْجِه.
(و) مِلْحَانُ: (مُخْلاَفٌ باليَمَنِ) مشهورٌ، يُضاف إِلى حُفَاشَ. (و) مِلْحَانُ (جَبَلٌ بدِيارِ سُلَيمٍ) بالحجاز. وَقَالَ ابْن الحائك: مِلْحَانُ بنُ عَوْفِ بن مالكِ بن زيد بن سَدَدِ بن حِمْيَر، وإِليه يُنْسَب جَبَلُ مِلْحَانَ المُطِلُّ على تِهَامَةَ والمَهْجَمِ، واسمُ الجَبلِ رَيْشَانُ فِيمَا أَحْسب. كَذَا فِي (المعجم) .
(والمَلْحَاءُ: شَجَرَةٌ سَقَطَ وَرَقُها) وبَقِيتْ عِيدَنُهَا خُضْراً. (و) المَلْحَاءُ من البَعير: الفِقْرُ الّتي عَلَيْهَا السَّنامُ، وَيُقَال: هِيَ مَا بينَ السَّنَامِ إِلى العَجُزِ، وَقيل (لَحْمٌ فِي الصُّلْبِ) مُستَبطِنٌ (مِنَ الكاهِلِ إِلى العَجُزِ) . قَالَ العجّاج:
مَوصولةُ المَلْحَاءِ فِي مُستعظَمِ
وكَفَلٍ من نَحْضِه مُلَكَّمِ
وَقَول الشَّاعر:
رَفَعُوا رَايَةَ الضِّرَابِ ومَرُّوا
لَا يُبَالُون فارِسَ المَلْحَاءِ
يَعْنِي بفارِسِ الملحاءِ مَا علَى السَّنَامِ من الشَّحْمِ. وَفِي (التَّهْذِيب) : الملحَاءُ بَين الكاهلِ والعَجُزِ وَهِي من البَعير مَا تَحْتَ السَّنَامِ وَالْجمع مَلْحاوَاتٌ.
(و) من الْمجَاز: أَقبَلَ فُلانٌ فِي كَتيبةٍ مَلْحَاءَ، المَلْحَاءُ: (الكَتِيبَةُ) البَيْضَاءُ (العَظِيمَةُ) ، قَالَ حسّان بن رَبِيعَةَ الطائيّ:
وأَنَّا نَضْرِبُ المَلْحَاءَ حَتَّى
تُولِّيَ والسُّيُوفُ لَنَا شُهُودُ (و) المَلْحَاءُ: (كَتِيبَةٌ كَانَتْ لآلِ المُنْذِرِ) من مُلُوك الشامِ، وهما كَتيبتانِ، إِحداهما هاذه، وَالثَّانيَِة الشَّهْبَاءُ. قَالَ عَمرُو بن شأْسٍ الأَسديّ:
يُفْلِّقْن رَأْسَ الكَوكَبِ الضَّخْمِ بَعْدَمَا
تَدُورُ رَحَى المَلْحَاءِ فِي الأَمر ذِي البَزْلِ
(و) مَلْحاءُ (: وَادٍ باليَمَامَةِ) من أَعظم أَوْدِيَتها. وَقَالَ الحَفْصيّ. وَهُوَ من قُرَى الخَرْج بهَا. كذَا فِي (المعجم) .
(و) من الْمجَاز فُلانٌ (مِلْحُه عَلَى رُكْبَتِهِ) ، هاكذا بالإِفرادِ فِي النُّسخ، والصَّواب (على رُكْبَتَيْه) بالتثنية كَمَا فِي أُمّهاتِ اللُّغَة كلِّهَا. واختُلف فِي تَفْسِيره على أَقوالٍ ثلاثةٍ، (أَيْ لَا وعفَاءَ لَهُ) ، وَهُوَ القَوْل الأَوّل. قَالَ مِسكِينٌ الدَّارِميّ:
لَا تلُمْهَا إِنّها مِن نِسْوَةٍ
مِلْحُهَا موضوعةٌ فوقَ الرُّكَبْ
قَالَ ابْن الأَعرابيّ: هاذه قليلةُ الوفاءِ. قَالَ: وَالْعرب تَحلِف بالمِلْح والماءِ تَعْظِيمًا لَهما. وَفِي (التَّهْذِيب) فِي معنَى الْمثل: أَي مضيِّعٌ لحقِّ الرَّضاعِ غير حافِظٍ لَهُ، فأَدْنَى شيءٍ ينْسِيه ذِمَامه، كَمَا أَنَّ الَّذِي يَضَع المِلْحَ على رُكبتَيه أَدْنَى شيءٍ يُبدِّده. (أَو سَمينٌ) . وَهُوَ القَوْل الثَّانِي، قَالَ الأَصمعيّ فِي معنى البيتِ السَّابِق: (هاذه زنْجيّة، والْمِلْح شَحْمُهَا هَا هُنا، وسِمَنُ الزّنْج فِي أَفخاذها. وَقَالَ شَمِرٌ: الشّحم يُسمَّى مِلْحاً. (أَو حَدِيدٌ فِي غَضَبِه) ، وَهُوَ القَوْل الثَّالِث. وَقَالَ الأَزهريّ: أَي سَيِّىء الخُلُقِ يَغَضب من أَدنَى شيءٍ كَمَا أَنّ المِلْحَ عَلَى الرُّكْبَة يَتَبَدّد من أَدنى شيْءٍ. وَفِي (الأَساس) : أَي كثير الخِصَام، كأَنّ طُولَ مُجاثاتِه ومُصاكَّته الرُّكَبَ قَرَّحَ رُكْبتَيه، فَهُوَ يَضَعُ المِلْحَ عَلَيْهِمَا يُدَاوِيهما.
(و) فِي (الْمُحكم) : (سَمَكٌ) مالحٌ و (مَليحٌ ومَمْلُوحٌ ومُمَلَّحٌ) وَكره بَعضهم مَلِيحاً ومالحاً، وَلم يَر بَيتَ عُذَافرٍ حُجّةً، وَقد تقدّم. (وقَليبٌ مَليحٌ: ماؤُه مهلْحٌ) . وأَقلِبَةٌ مِلاَحٌ، قَالَ عَنترةُ يَصف جُعَلاً:
كأَنَّ مُؤَشَّرَ العَضُدَين حَجْلاً
خَدُوجاً بينَ أَقْلِبَةٍ مِلاَحِ
(واسْتَمْلَحَهُ) ، إِذا (عَدَّهُ مَلِحياً) وَيُقَال وَجدَه مليحاً.
(وذَاتُ المِلْح. ع) قَالَ الأَخطل:
بِمُرْتَجِزٍ دَانِي الرَّبَانِ كأَنّه
عَلى ذَات مِلْح مُقْسِمٌ مَا يَرِيمُها
(وقَصْرُ المِلْح) مَوضع آخَرُ (قُرْبَ خُوَارِ الرَّيّ) ، على فراسِخَ يَسيرَةٍ، والعَجم يُسمُّونه دِه نَمك.
(و) مُلَيْحٌ، (كزُبَيرٍ: قَريةٌ بِهَرَاةَ) ، مِنْهَا أَبو عُمَرَ عبدُ الواحدِ بنُ أَحمدَ بنِ أَبي القاسمِ الهَرَوِيّ، حَدّثَ عَن أَبي منصورٍ مُحمّدٍ بنِ محمدِ بنِ سِمْعَانَ النَّيسابوريّ وَغَيره.
(و) بَنو مُلَيح: (حَيٌّ مِنْ خُزَاعَةَ) ، وهم بَنو مُلَيح بن عَمْرِو بنِ ربِيعَةَ، وعَمْرٌ وَهُوَ جُمّاع خُزَاعَة.
(وأُمَيْلحُ: ماءٌ لبني رَبِيعَةِ الجُوعِ) هُوَ رَبِيعَةُ بنُ مالِكِ بنِ زَيدِ مَناة. (و: ع) فِي بلادِ هُذَيْل كَانَت بِهِ ومةٌ. قَالَ المتنخِّل:
لَا يَنْسَإِ الله مِنَّا مَعْشَراً شَهِدُوا
يَوْمَ الأُمِيلِحِ لَا غَابُوا وَلَا جَرَحُوا
(والمَلُّوحَةُ كسَفُّودَةَ: ة بحَلَبَ كَبِيرَةٌ) ، كَذَا فِي (المعجم) .
(و) مُلَيْحَةُ، (كجُهَيْنَةَ: ع) فِي بِلَاد بني تَميم، وَكَانَ بِهِ يوْمٌ بَين بني يَرْبوع وبِسْطَام بن قَيسٍ الشَّيْبَانيّ. واسمُ جبَل فِي غَربِيّ سَلْمَى أَحَدِ جَبَلَيْ طَيِّءٍ، وَبِه آباءٌ كثيرةٌ وطَلْح.
(و) من الْمجَاز يُقَال: (بَينهمَا مِلْحٌ ومِلْحَةٌ) ، بكسرهما، أَي (حُرْمَةٌ) وذِمَامٌ (وحِلْفٌ) ، بِكَسْر فَسُكُون. وَفِي بعض النُّسخ بِفَتْح فَكسر مضبوطاً بالقَلم. وَالْعرب تَحلِف بالمِلْح والماءِ تَعْظِيمًا لَهما، وَقد تقدّم.
(و) مِنْهُ أَيضاً (امتَلحَ) الرّجُلُ، إِذا (خَلَطَ كَذِباً بحقَ) ، كارْتَثَأَ. قَالَه أَبو الْهَيْثَم، وَقَالُوا إِنّ فلَانا يَمتَذِق، إِذا كانَ كَذوباً، ويَمْتَلِح، إِذا كَانَ لَا يُخْلِص الصَّدق.
(والأَمْلاَحُ) ، بِالْفَتْح (: ع) ، قَالَ طَرَفَةُ بنُ العَبد:
عَفَا مِن آلِ لَيْلَى السَّهْ
بُ فالأَمْلاَحُ فالغَمْرُ
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْب:
أَصْبَحَ مِن أُمِّ عَمْرٍ وبَطْنُ مَرٍ فأَج: زاعُ الرَّجِيع فَذُو سِدْرٍ فأَمْلاحُ
(ومَلّحَ الشّاعِرُ) إِذا (أَتَى بشَيْءٍ مَلِيحٍ) ، وَقَالَ اللَّيْث أَملَح: جاءَ بكلمةٍ مَليحةٍ.
(و) مَلّحَ (الجَزُورُ) فَهِيَ مُملِّح: (سَمِنَتْ قَلِيلاً) ، وَقَالَ ابْن الأَعرابيّ. جَزورٌ مُملِّح: فِيهَــا بقيّة من سِمَن.
(و) فِي (التَّهْذِيب) (يُقَال: مَا أُمَيْلِحَهُ) فصَغَّرُوا الفِعْلَ وهم يُرِيدُونَ الصِّفة حتّى كَأَنّهُم قَالُوا مُلَيْ، (وَلم يُصَغَّرْ من الفِعْلِ غيرُه و) غيرُ قَوْلهم (مَا أُحَيْسِنَهُ) وَقَالَ بَعضهم: وَمَا أُحَيْلاه. قَالَ شيخُنَا: وَهُوَ مبنيٌّ على مذهَب البصريّين الّذين يَجزِمُون بفِعلِيّة أَفعَل فِي التّعجُّب. أَمَّا الكوفيّون الَّذين يَقولون باسميَّته فإِنّهم يُجوِّزُون تَصْغيرَه مُطلقًا، ويَقيسون مَا لم يَرِدْ على مَا وَرد، ويَستدلُّون بِالتَّصْغِيرِ على الاسميَّة، على مَا بُيِّن فِي العربيّة. قَالَ الشَّاعِر:
يَا مَا أُميلِحَ غِزْلاناً عَطَوْنَ لَنا
مِنْ هاؤُلَيَّاءِ بعيْنَ الضّالِ والسَّمُرِ
الْبَيْت لعلِيّ بن أَحمدَ الغَرِيبيّ وَهُوَ حَضَرِيّ وَيُقَال اسْمه الْحُسَيْن بن عبد الرحمنا، ويُروَى للمجنون، وَقَبله:
بِاللَّهِ يَا ظَبَياتِ القَاعِ قُلْت لنا
لَيْلايَ مِنكنَّ أَم لَيلَى من البشَرِ (و) من الْمجَاز: مالَحْت فُلاناً مُمالَحة (المُمَالَحةُ، المُوَاكَلَةُ. و) فلانٌ يحفظ حُرمَةَ المُمَالَحة، وَهِي (الرَّضَاعُ) . وَفِي (الأُمّهات اللُّغَوِية: المُراضَعَةُ) . قَالَ ابْن بَرِّيّ: قَالَ أَبو الْقَاسِم الزّجّاجِيّ لَا يَصحُّ أَن يُقَال تَمالَحَ الرَّجلانِ، إِذا رَضَعَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحِبَه، هَذَا محالٌ لَا يكون، وإِنّمَا المِلْح رَضاعُ الصَّبِيِّ المرأَةَ، وهاذا مَا لَا تَصحُّ فِيهِ المُفَاعلةُ، فالمُمالحة لفظةٌ مُوَلَّدَةٌ وليستْ من كَلَام الْعَرَب. قَالَ وَلَا يصَحُّ أَن يكون بِمَعْنى المُوَاكَلة يكون مأْخوذاً من المِلْح، لأَنَّ الطَّعامَ لَا يَخْلُو من المِلْح. ووَجْهُ فسادِ هاذَا القَولِ أَنَّ المُفاعَلَةَ إِنما تكون مأْخُوذَةً من مصدرٍ، مثل المُضَارَبَة والمُقاتلة، وَلَا تكون مأْخُوذَةً من الأَسماءِ غير المصادِرِ. أَلاَ تَرَى أَنَّه لَا يَحْسُن أَن يُقال فِي الإِثنين إِذا أَكلاَ خُبزاً: بَينهمَا مُخَابَزة، وَلَا إِذا أَكلاَ لَحماً: بَينهمَا مُلاحَمة.
(ومِلْحتانِ، بِالْكَسْرِ) ، تَثنيَة مهلْحةَ، (مِنْ أَوْدِيَةِ القَبَلِيَّة) ، عَن جَار الله الزّمخشريّ عَن عُلَيَ. كَذَا فِي (المعجم) .
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ من هَذِه الْمَادَّة:
مَلَحَ الجِلْدَ واللَّحْمَ يَمْلَحه مَلْحاً فَهُوَ مَملوحٌ، أَنشد ابنُ الأَعرابيّ:
تُشْلِي الرَّمُوحَ وَهِيَ الرَّموحُ
حَرْفٌ كأَنَّ غُبْرَها مملُوحُ
وَقَالَ أَبو ذُؤَيب:
يَسْتنُّ فِي عُرُضِ الصَّحراءِ فائِرُهُ
كأَنّه سَبِطُ الأَهْدابِ مَملوحُ
يَعنِي البحرَ، شَبَّه السّرَابَ بِهِ.
وأَملَحَ الإِبلَ: سَقاها مَاء مِلْحاً. وأَملِحْنِي بنَفْسك: زيِّنِّي. وَفِي (التَّهْذِيب) : سأَل رَجلٌ آخَرَ فَقَالَ: أُحِبُّ أَن تُمْلِحَني عِنْد فُلانٌ بنَفْسِك، أَي تُزيِّنَني وتُطْرِيَني. وَقَالَ أَبو ذُبيانَ بنُ الرَّعْبَل: أَبغَضُ الشُّيُوخِ إِلى الأَقَلحُ الأَمْلَحُ الحَسُوّ الفَسُوّ. كَذَا فِي (الصّحاح) .
وَفِي حَدِيث خَبّابٍ (لاكنّ حَمزةَ لم يَكن لَهُ إِلاّ نَمِرَةٌ مَلْحاءُ) ، أَي بُرْدَة فِيهَــا خطوطٌ سُودٌ وبِيضٌ.
وَمِنْه حَدِيث عُبَيْد بن خالدٍ: (خَرَجْتُ فِي بُرْدَين وأَنا مُسبِلُهما، فالتفتُّ فإِذا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: إِنّما هِيَ مَلْحَاءُ. قَالَ وإِنْ كَانَت مَلْحَاءَ، أَمالَكَ فيَّ أُسْوَةٌ) .
والمُلْحَة والمعَحُ فِي جَمِيع شَعرِ الجَسَد من الإِنسان وكلِّ شيْءٍ: بَياضٌ يَعلو السَّوَادَ.
وَقَالَ الفرّاءُ: المليحُ: الحَليم والرّاسِب.
وَمن الْمجَاز: يُقَال: أَصَبْنا مُلْحَةً من الرّبيع، أَي شَيْئا يَسِيراً مِنْهُ. وأَصابَ المالُ مُلْحَةً من الرَّبِيع: لم يَستَمْكِنْ مِنْهُ فنَالَ مِنْهُ شَيْئاً يَسِيراً.
والمِلْحُ: اللَّبَنُ، عَن ابْن الأَعرابيّ، وَذكره ابْن السيِّد فِي المثلّث. والمِلح: البَرَكَة، يُقَال؛ لَا يُبَارِك الله فِيهِ وَلَا يُملِّح، قَالَه ابْن الأَنبارِيّ. وَقَالَ ابنُ بُزُرج: مَلَحَ الله فِيهِ فَهُوَ مَملوحٌ فِيهِ، أَي مُبَارَكٌ لَهُ فِي عَيشه ومالِه.
والمُلْحَة، بالضّمْ، مَوضِع، كَذَا فِي (المعجم) .
وَفِي الحَدِيث: (لَا تُحَرِّم المَلْحَةُ والمَلْحَتَانِ) أَي الرَّضْعَة والرَّضعتَان، فأَمّا بِالْجِيم فَهُوَ المَصّة، وَقد تقدّمت ومَلِيح، كأَميرٍ: ماءٌ باليَمَامَةِ لبني التَّيْمِ، عَن أَبي حَفصةَ، كَذَا فِي (المعجم) .
ومَلَّحَ الماشيةَ تَمليحاً: حَكَّ المِلْحَ على حَنَكِهَا.
والأَملَحانِ: مَوضعٌ. قَالَ جَرير:
كأَنَّ سَلِيطاً فِي جَوَاشِنَها الحَصَى
إِذَا حَلَّ بَين الأَملَحَينِ وَقِيرُها
وَفِي مُعْجم أَبي عُبيد: الأَملَحانِ: ماءَانِ لضَبّةَ بلُغَاط، ولُغَاط وادٍ لضَبّةَ. والمَمَالح فِي دِيار كَلْبٍ، فِيهَــا رَوْضَةٌ، كَذَا فِي (المعجم) . وَيُقَال للنَّدَى الّذي يَسقُط باللَّيلِ على البَقْل أَمْلَحُ، لبَياضِه. قَالَ الرّاعي يَصف إِبلاً.
أَقَامَتْ بِهِ حَدَّ الرّبيعِ وجَارُهَا
أَخو سَلْوَةٍ مَسَّى بِهِ اللَّيْلُ أَمْلَحُ
يعنِي النَّدَى. يَقُول: أَقامَت بذالك المَوضِع أَيَامَ الرَّبِيعِ، فَمَا دامَ النَّدَى فَهُوَ فِي سَلْوةٍ من العَيْش.
والمِمْلاحُ: قَريةٌ بزَبِيدَ، إِليها نُسِب القَاضِي أَبو بكرِ بنُ عُمَر بنِ عثمانَ النّاشريّ قَاضِي الجَنَدِ، توفّيَ بهَا سنة 760.
وَمن الْمجَاز: لَهُ حَركاتٌ مُستملَحَة. وفُلانٌ يَتَظَرّف ويَتَمَلَّح.
ومَلِيحُ بن الجَرَّاح أَخو وَكِيعٍ.
وحَرَامُ بن مَلْحَانَ، بِالْفَتْح وَالْكَسْر: خالُ أَنسِ بن مالكٍ.
وَفِي أَمثالهم: (مُمَالِحَانِ يَشْحَذَانِ المُنْصُل) للمتصافِيَيْنِ (ظَاهرا) المُتضادَّين باطِناً، أَورده الميدانيّ.
والمِلْح: اسمُ ماءٍ لبني فَزارةَ، استدركه شَيخُنا نقلا عَن أَبي جَعْفَر اللّيْليّ فِي (شرح الفصيح) ، وأَنشد للنَّابغة:
حتَّى استغاثَتْ بأَهْلِ المِلْح مَا طَعِمتْ
فِي مَنزلٍ طَعْمَ نَوْمٍ غيرَ تَأْوِيبِ
قلت: وَفِي (المعجم) : المِلْحُ موضعٌ بخُراسانَ.
والمِلاَح، ككِتاب: مَوضع، قَالَ الشُّوَيعرُ الكِنَانِيّ:
فسائلْ جعْفَراً وَبنى أَبيها
بَنَى البَزَرَي بِطِخْفَةَ والمِلاَحِ
وأَبو الْحسن عليّ بن محمّد البغداديّ الشَّاعِر المِلْحيّ، بالكَسْر، إِلى بَيع المِلْحِ، رَوى عَنهُ أَبو محمّد الجوهريّ.
والمِلْحِيّة، بِالْكَسْرِ: قَرْيَةٌ بأَدْنَى الصَّعيد من مصر، ذاتُ نَخيل، وَقد رأَيتُها. والمِلْحِيّة: قومٌ خَرجوا على المستنصِر العَلوِيّ صَاحب مصر، وَلَهُم قِصّة.
ومُلَيحُ بن الهُون: بَطنٌ.
ويُوسف بن الْحسن بن مُلَيحٍ، حَدّثَ. وإِبراهيم بن مُلَيْحِ السُّلَمِيّ، لَهُ ذِكْر. وَفَاطِمَة بنْت نَعْجةَ بن مُلَيْح الخُزَاعِيّة هِيَ أُمُّ سعيدِ بن زيدٍ أَحدِ العَشرةَ. ومُلَيْح بن طَرِيفٍ شَاعِر. ومسعود بن رَبِيعَة المُلَحي الصَحابيّ نُسِبَ إِلى بني مُلَيْح بن الهُون.
(ملح)
الطَّائِر ملحا كثرت سرعَة خفقانه بجناحيه وفلانة لفُلَان أرضعت لَهُ وَالْقدر جعل فِيهَــا ملحا بِقدر وَيُقَال ملح الطَّعَام وَاللَّحم وَالْجَلد والماشية أطعمها سبخَة الْملح وَالشَّاة نتف صوفها بِالْمَاءِ الْحَار

(ملح) الشَّيْء ملحا اشتدت زرقته حَتَّى تضرب إِلَى الْبيَاض وَالْحَيَوَان كَانَ فِي رجله دَاء وعيب والكبش خالط بياضه سَواد فَهُوَ أَمْلَح وَهِي ملحاء

(ملح) المَاء ملوحة وملاحة صَار ملحا وَهُوَ مليح أَيْضا ومالح وَالشَّيْء ملاحة بهج وَحسن منظره فَهُوَ مليح (ج) ملاح وَهُوَ أَيْضا ملاح وملاح
ملح عضب وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه ضحى بكبشين أملحين. قَالَ الْكسَائي وَأَبُو زيد وَغَيرهمَا: قَوْله: أملحين الأملح الَّذِي فِيهِ بَيَاض وَسَوَاد وَيكون الْبيَاض أَكثر. وَمِنْه الحَدِيث الآخر: إِذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ وأهلُ النارِ النارَ أُتِي بِالْمَوْتِ كَأَنَّهُ كَبْش أَمْلَح فَيذْبَح على الصِّرَاط وَيُقَال: خُلُود لَا موت. وَكَذَلِكَ كل شعر وصوف وَنَحْوه كَانَ فِيهِ بَيَاض وَسَوَاد فَهُوَ أَمْلَح قَالَ الراجز: [الرجز]

لكل دهر قد لبست أثوُبا ... حَتَّى اكتسى الرَّأْس قناعا أشيبا أَمْلَح لَا لذا وَلَا محبّبا

وَحَدِيثه الآخر فِي الْأَضَاحِي أَنه نهى أَن يُضّحي بالأعضب القرْن وَالْأُذن. قَوْله: الأعضب هُوَ المكسور الْقرن ويروى عَن سعيد بْن الْمسيب أَنه قَالَ: هُوَ النّصْف فَمَا فَوْقه وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذ أَبُو يُوسُف فِي الْأَضَاحِي. وَقَالَ أَبُو زيد: فَإِن انْكَسَرَ الْقرن الْخَارِج فَهُوَ أقصم وَالْأُنْثَى: قصماء فَإِذا انْكَسَرَ الدَّاخِل فَهُوَ أعضب.
م ل ح: (مَلَحَ) الْقِدْرَ مِنْ بَابِ قَطَعَ طَرَحَ فِيهَــا الْمِلْحَ بِقَدَرٍ. وَ (أَمْلَحَهَا) أَفْسَدَهَا بِالْمِلْحِ. وَ (مَلَّحَهَا) (تَمْلِيحًا) مِثْلُهُ. وَمَلُحَ الْمَاءُ مِنْ بَابِ دَخَلَ وَسَهُلَ فَهُوَ مَاءٌ (مِلْحٌ) . وَلَا يُقَالُ: مَالِحٌ إِلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ. وَ (الْمِمْلَحَةُ) بِالْكَسْرِ مَا يُجْعَلُ فِيهِ الْمِلْحُ. وَ (مَلُحَ) الشَّيْءُ مِنْ بَابِ ظَرُفَ وَسَهُلَ أَيْ حَسُنَ فَهُوَ (مَلِيحٌ) وَ (مَلَاحٌ) بِالضَّمِّ مُخَفَّفًا. وَ (اسْتَمْلَحَهُ) عَدَّهُ مَلِيحًا. وَجَمْعُ الْمَلِيحِ (مِلَاحٌ) بِالْكَسْرِ وَ (أَمْلَاحٌ) أَيْضًا كَشَرِيفٍ وَأَشْرَافٍ. وَ (الْمُلَّاحُ) بِوَزْنِ التُّفَّاحِ أَمْلَحُ مِنَ الْمَلِيحِ. وَقَلِيبٌ (مَلِيحٌ) أَيْ مَاؤُهُ مِلْحٌ. وَسَمَكٌ مَلِيحٌ وَ (مَمْلُوحٌ) . وَلَا يُقَالُ: مَالِحٌ. وَيُقَالُ: مَا (أُمَيْلِحَ) زَيْدًا وَلَمْ يُصَغِّرُوا مِنَ الْفِعْلِ غَيْرَهُ وَغَيْرَ قَوْلِهِمْ مَا أُحَيْسِنَهُ وَ (الْمُمَالَحَةُ) (الْمُوَاكَلَةُ) وَالرَّضَاعُ. وَ (الْمُلْحَةُ) بِوَزْنِ السُّبْحَةِ وَاحِدَةُ الْمُلَحِ مِنَ الْأَحَادِيثِ. وَ (الْمُلْحَةُ)
أَيْضًا مِنَ الْأَلْوَانِ بَيَاضٌ يُخَالِطُهُ سَوَادٌ يُقَالُ: كَبْشٌ (أَمْلَحُ) ، وَتَيْسٌ أَمْلَحُ إِذَا كَانَ شَعْرُهُ خَلِيسًا أَيْ مُخْتَلِطَ الْبَيَاضِ بِالسَّوَادِ. وَ (الْمَلَّاحُ) بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ صَاحِبُ السَّفِينَةِ. وَ (الْمَلَّاحَةُ) أَيْضًا مَنْبِتُ الْمِلْحِ. 

ملح

1 مَلَحَتْ فُلَانَةٌ لِفُلَانٍ, (aor.

مَلَحَ and مَلُحَ, L,) (tropical:) Such a woman suckled, or gave suck, for such a one. (A, L.) b2: مَلَحْنَا لِفُلَانٍ, inf. n. مَلْحٌ, (S,) We [meaning the wife of one of us] suckled, or gave suck, for such a one: (As, L:) or we suckled such a one. (S.) b3: مَلَحَ الوَلَدَ [app. He caused the child to be suckled;] syn. with أَرْضَعَهُ. (K.) [See أَرْضَعَ.] b4: مَلُحَ; (L;) and ↓ ملّح, inf. n. تَمْلِيحٌ; and ↓ تملّح; (L, K;) the last said to be formed by transposition from تحلّم; but ISd, sees no reason for this assertion; (L;) (tropical:) He (a camel. L,) became fat. (L, K.) ↓ ملّحت she (a camel destined for slaughter) became fat: (El-Umawee, S:) or, became a little fat: (K:) She (a camel) became fat in a small degree. (L.) Also ↓ تملّحت (tropical:) They (lizards such as are called ضِبَاب) became fat; as also تحلّمت. (L.) A2: مَلُحَ, aor. ـُ inf. n. مُلُوحَةٌ (S, Msb, K) and مَلَاحَةٌ; (K;) this form of the verb is of the dial. of the people of El-'Áliyeh; (Msb;) and مَلَحَ, aor. ـُ (S, Msb, K,) inf. n. مُلُوحٌ; (S, Msb;) and مَلَحَ, aor. ـَ (IAar, K;) and ↓ املح, inf. n. إِمْلَاحٌ, of the dial. of El-Hijáz; (Msb;) It (water) was salt: (S, Msb, K:) or ↓ املح signifies it became salt, having been sweet. (K.) b2: مَلُحَ, aor. ـُ (S, Msb, K,) inf. n. مَلَاحَةٌ (S, Msb) and مُلُوحَةٌ (S) and مِلْحٌ, the first of which is the most common, and the last the least common, (TA,) (tropical:) It (a thing, S, Msb) was, or became, goodly, beautiful, or pretty; (S, Msb, K;) and beautiful of colour; or beautiful and bright; (Msb;) pleasing to the eye or ear; facetious. (The lexicons passim.) b3: مَلَحَ القِدْرَ, aor. ـَ and مَلِحَ, (S, Msb, K,) inf. n. مَلْحٌ, (S, Msb,) He put salt into the cooking-pot: (K:) or put a proper quantity of salt into it: (S, A, Msb:) and accord. to Sb, ↓ ملّح and ↓ املح signify the same as مَلَحَ: (ISd:) or مَلَّحَهَا, inf. n. تَمْلِيحٌ, and أَمْلَحَهَا, signify he put much salt into it, (S, Msb, K,) so that it [meaning its contents] became spoiled. (S, A.) b4: مَلَحَ, (S, K,) inf. n. مَلْحٌ; (S;) and ↓ ملّح, inf. n. تَمْليحٌ; (TA;) He fed camels or sheep or goats with salt earth, (S, K,) or with earth and salt, the salt being more in quantity. (TA.) This is done when the animals cannot procure plants of the kind called حَمْض. (S.) b5: مَلَحَ, aor. ـَ and مَلِحَ, (K,) inf. n. مَلْحٌ; and ↓ ملّح; He salted fish. (K.) b6: مَلَحَ; aor. ـَ inf. n. مَلْحٌ, He salted flesh-meat, and a skin, or hide. (L.) b7: Also ↓ ملّحهُ, inf. n. تَمْلِيحٌ, He rubbed his (a camel's, or sheep's, or goat's,) palate with salt. (TA.) b8: مَلِحَ, aor. ـَ inf. n. مَلَحٌ, (tropical:) He, or it, (a man, &c.,) was blue, or gray, [see مُلْحَةٌ,] in such a degree as to incline to whiteness; (Msb;) as also ↓ إِمْلَحَّ, inf. n. إِمْلِحَاحٌ; and ↓ أَمْلَحَ. (TA.) b9: Also, (tropical:) He was black, with whiteness overspreading his hair: or, of a dusty white colour: or, of a clear white colour: (Msb:) [and in like manner,] ↓ إِمْلَحَّ, inf. n. إِمْلِحَاحٌ, he (a ram) was of a white colour intermixed with black. (S, K.) A3: مَلِحَ, aor. ـَ inf. n. مَلَحٌ, He (a horse) had the kind of swelling called مَلَحٌ. (TA.) 2 مَلَّحَ See 1, in six places. b2: ملّح (tropical:) He (a poet) produced, or said, something goodly, beautiful, pretty, [or facetious]: (S, K:) and ↓ املح he produced, or said, a goodly, beautiful, or pretty, [or a facetious,] word, or saying, or speech. (Lth.) 3 مَالَحْتُ فُلَانًا, (A,) inf. n. مُمَالَحَةٌ, (S, A, K,) (tropical:) I ate with such a one. (S, A, K.) Abu-l-Kásim Er-Zejjájee disapproves of this, saying that a verb of this form is only derived from an inf. n., as in the cases of ضَارَبَ and قَاتَلَ; whereas this is derived from مِلْحٌ, a subst. [But his objection seems to me invalid: this may be an anomalous instance, and yet of classical authority, like many others.] b2: مَالَحَهُ, inf. n. مُمَالَحَةٌ and مِلَاحٌ, (tropical:) He was, or became, his foster-brother. (L, TA.) [المِلَاحُ is explained in the K by المُرَاضَعَةُ: Lth explaines it by الرَّضَاعُ, as is mentioned in the TA: المُمَالَحَةُ is explained in the A, Mgh, L, and other lexicons by المُرَاضَعَةُ: in the copies of the K in my hands, by الرَّضَاعُ; and so in one copy of the S: in another copy of the S written الرِّضَاعُ; and in another الرّضَاع, without any vowel to the ر: الرضَاعُ, syn. with المُرَاضَعَةُ, is evidently the right reading.] Abu-l-Kásim Er-Zejjájee disapproves of the verb used as signifying the act of two men's sucking each other; [but this is not what is meant by المراضعة;] and pronounces it a post-classical word. (TA.) Yousay بَيْنَهُمَا حُرْمَةُ المُمَالَحَةِ Between them two is the sacred or inviolable bond, or obligation, which is the consequence of their being fosterbrothers. (A.) 4 أَمْلَحَ See 1, in four places, and 2. b2: املح القَوْمُ (assumed tropical:) The people possessed milk; (tropical:) the people had fat camels or other beasts. (L.) b3: املح (tropical:) He (a camel) carried fat; (L;) [meaning was fat]. املح القِدْرَ (tropical:) He put some fat [which is termed مِلْح] into the cookingpot. (AA.) A2: املح الإِبِلَ He gave the camels salt water to drink. (K.) b2: املحت الإِبِلُ The camels came to salt water to drink. (S.) b3: مَا أَمَيْلِحَ زَيْدًا (tropical:) [How very goodly, or beautiful, or pretty, is Zeyd! a diminutive form, meant to denote the contrary of the sense of a dim., being what is termed تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ, from مَا أَمْلَحَهُ:] (T, S, K:) the verb is here put into the dim. form, being meant to be used as an epithet, as though they said مُلَيْحٌ: (T:) it is the only instance of a verb put into this form, except مَا أُحَيْسِنَهُ, (S, K,) and, as some say, مَا أُحَيْلَاهُ. (TA.) This is said accord. to the doctrine of the Basrees, who assert the افعل of wonder to be a verb: but as to the Koofees, who say that it is a noun, [meaning an epithet,] they allow the formation of the dim. from it without restriction; and from its admitting the dim. form, they argue that it is a noun. (MF.) b4: مَا أَمْلَحَ وَجْهَهُ, and فِعْلَهُ, (tropical:) How goodly, beautiful, or pretty, is his face! and how good is his action! (A.) b5: أَمْلِحْنِى بِنَفَسِكَ (tropical:) Grace me, or recommend me, (زَيِّنِّى,) [by thy speech]. (T, L.) 5 تَمَلَّحَ See 1, in two places. b2: فُلَانٌ يَتَظَرَّفُ وَيَتَمَلَّحُ (tropical:) [Such a one affects to be clever, or graceful, and to be goodly, beautiful, pretty, or facetious]. (A.) 9 إِمْلَحَّ See 1, in two places.10 استملحهُ (assumed tropical:) He esteemed him, or it, goodly, beautiful, or pretty; (S, K;) [pleasing to the eye or ear: (the lexicons passim:)] or found him, or it, to be so (TA.) مَلْحٌ: see مِلْحٌ.

مِلْحٌ (S, M, K) and ↓ مَلْحٌ (M) (tropical:) The act of sucking the mother or any nurse; syn. رَضَاعٌ; (S, M, K;) a child's sucking its mother. (Abu-l- Kásim Ez-Zejjájee.) b2: مِلْحٌ (tropical:) Milk. (IAar.) The following verse of Abu-t-Tamahán, who had some camels, of the milk whereof he gave to drink to a people that afterwards made an attack upon them, and took them, is cited by As, [app., accord. to the S, as an ex. of ملح in the sense of رَضَاع; but as MF observes, it may be taken as an ex. of that word in the sense of milk;] وِإِنِّى لَأَرْجُو مِلْحَهَا فِى بُطُونِكُمْ وَمَا بَسَطَتْ مِنْ جِلدِ أَشْعَثَ أَغْبَرَا (S, L.) The poet says, Verily I hope that ye may regard (أَنْ تَرْعَوْا [which is understood]) the milk which ye have drank, of these camels, [lit., their milk in your bellies,] and the skins which they have expanded, of a people with matted and dusty hair, and of a dusty hue; as though their skins had dried up, and they had fattened upon them. [Another explanation will be noticed below.] IB says, that the last word should be read أَغْبَرِ, for the sake of the rhyme; for each verse of the poem to which it belongs ends with kesreh. (L.) A2: مِلْحٌ a thing well known, (S, K,) [Salt;] that with which food is made pleasant: (L:) of the fem. gender (Z) generally; (O;) sometimes masc.: (K:) pl. مِلَاحٌ. (Msb.) Dim.

مُلَيْحَةٌ. (Msb.) b2: مَآءٌ مِلْحٌ, (S, K, &c.,) originally ↓ مَلِحْ, from the verb مَلُحَ, like خَشِنٌ from خَشُنَ, contracted because of the frequency of its usage; (Msb;) and ↓ ماء مَلِيحٌ, (K,) and ↓ مَالِحٌ; (IAar, ADk, Az;) [respecting which last, see what will be found after the explanation;] Salt water. (S, K, &c.) J says, that مَاء مالح is not allowable, except in a bad dial.: but Az says, that, though rarely found in the language of the Arabs, it is not to be rejected; and IB says, that it occurs in verses of chaste poets; and may be considered as used after the manner of a rel. n., [meaning ذُو مِلْحٍ,] like رَجُلٌ تَارِسٌ, i. e. ذُو تُرْسٍ, and دَارِعٌ, i. e. ذُو دِرْعٍ: (TA:) it is a chaste word, of the dial. of El-Hijáz, but extr., being from أَمْلَحَ المَآءُ, like as you say بَاقِلٌ from أَبْقَلَ المَوْضِعُ; and when it is said that it is rare, it is meant that it is not agreeable with its verb, not that it is rare with respect to usage, seeing that it is of the dial. of the people of El-Hijáz, who selected the most chaste words of the various dialects: or it is regularly formed from مَلَحَ المَأءُ, a form of the verb sometimes used. (Msb.) The pl. of مِلْحٌ is مِلْحَةٌ and مِلَاحٌ and مِلَحٌ: (L, K:) and sometimes is said أَمْوَاهٌ مِلْحٌ salt waters; and رَكِيَّةٌ مِلْحَةٌ a salt well. (L.) b3: مِلَاحٌ Salt waters. (T, K.) ↓ قَلِيبٌ مَليِحٌ A well of salt water: (S, K:) pl. أَقْلِبَةٌ مِلَاحٌ, occurring in a verse of 'Antarah. (S.) b4: مِلْحٌ (assumed tropical:) Knowledge; science; learning; syn. عِلْمٌ. (IKh, Kz, K.) b5: (assumed tropical:) Men of science; learned men; syn. عُلَمَآءُ. (IKh, Kz, K.) b6: (tropical:) Goodliness, or beauty. (K.) [Accord. to the TA, it is an inf. n.: see مَلُحَ.] b7: (tropical:) Fat, as a subst. (Sh, K.) b8: (tropical:) Fatness: (K:) or a small degree of fatness. (TA.) b9: مِلْحٌ and ↓ مِلْحَةٌ (tropical:) A sacred or inviolable bond, or the like, or any compact, bond, or obligation, which one is under an obligation to respect, or honour, or the cancelling or breaking of which renders one obnoxious to blame; syn. حُرْمَةٌ and ذِمَامٌ; and a compact, or confederacy; syn. حِلْفٌ. (K.) In some copies of the K, for حِلْفٌ is put حَلفٌ. (TA.) b10: Accord. to Aboo-Sa'eed, this is the signification of the former word in the verse of Abu-t-Tamahán cited above, and the poet means, I hope that God may punish you for your perfidious violation of the sacred obligation to their owner, which they imposed upon you. Yousay بَيْنَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مِلْحٌ, and ↓ مِلْحَةٌ, There is a sacred or inviolable bond, &c., between such a one and such a one. [This meaning is derived from مِلْحٌ as signifying “ salt; ” the eating of which with another imposes upon the two parties a sacred mutual obligation.] The Arabs, says Abu-l-'Abbás, pay a high respect to salt and fire and ashes. (L.) [You say,] مِلْحُهُ عَلَى رُكْبَتِهِ, so in the copies of the K, but correctly على رُكْبَتَيْهِ, as in all the other lexicons, (TA,) (tropical:) [lit., His salt is upon his knees;] meaning he has no good faith, so as to fulfil his promises, or engagements: (K:) or he has little good faith, so as to fulfil his promises, &c., for the Arabs swear by salt, and by water, because of their respect for them: (IAar:) or he violates the obligation imposed by such, the smallest thing making him forget it, like as the least thing scatters salt if a person puts it upon his knees: (T:) or he is fat: (K:) As says, that in the following verse, لَا تَلُمْهَا إِنَّهَا مِنْ نِسْوَةٍ

مِلْحُهَا مَوْضُوعَةٌ فَوْقَ الرُّكَبْ [Blame her not; for she is of women whose fat is placed above the knees;] the woman meant was of the people called Ez-Zenj, whose fat is in their thighs, and ملحها signifies their fat: (TA:) or he is sharp in his anger: (K:) or he is of evil disposition, rendered angry by the least thing; like as salt upon the knee is scattered by the least thing: (T:) or he is frequently engaged in altercation; as though his knees were much wounded by his long kneeling in altercation, and by his long striking his knees against those of another, and he therefore put salt upon them to cure them. (A.) [See also رُكْبَةٌ.]

A3: نَبْتٌ مِلْحٌ, and ↓ مَالِحٌ, A plant of the kind called حَمْضٌ. (ISk, S.) مَلَحٌ: see مُلْحَةٌ. b2: A certain disease and fault in the kind leg of a beast of carriage; (TA;) a swelling in the hock, or hock-tendon, (عُرْقُوب,) of a horse; (S, K;) less than what is called جَرَذٌ; which is a name given to it when it has become violent. (S.) مَلِحٌ: see مِلْحٌ.

مَلْحَةٌ (tropical:) A single feed taken by a child from the breast. مَلْجَةٌ, with ج, signifies a single suck. (TA.) A2: مَلْحَةٌ The main body of the sea; or the fathomless deep of the sea; or a great expanse of sea of which the extremities cannot be seen. (K.) مُلْحَةٌ (S, K) and ↓ مَلَحٌ (K) (tropical:) A white colour intermixed with black: (S, K:) whiteness overspreading blackness in the human hair, and in anything: or a dusty white colour: or a clear white colour: or whiteness inclining to any kind of redness; like the colour of the antelope. (L.) [See also أَمْلَحُ.] b2: Also, مُلْحَةٌ (tropical:) The utmost degree of blueness or grayness, [app. meaning the latter, from مِلْحٌ as signifying “ salt,” as salt in the state in which it is commonly used in Arabia is of a pale gray colour,] أَشَدُّ الزَّرقِ: (K:) or blueness, or grayness, (زُرْقَة,) of such a degree as to incline to whiteness. (S.) [See أَمْلَحُ.] b3: مُلْحَةٌ (tropical:) A goodly, beautiful, pretty, or facetious, story, or narrative, and word, or saying, or speech; a bon-mot; (L;) وَاحِدَةُ المُلَحِ مِنَ الأَحَادِيثِ; (S, K;) [what is deemed beautiful, elegant, facetious, or the like, of stories, &c.: (Ibr D:) and so ↓ أُمْلُوحَةٌ, coupled with أُفْكُوهَةٌ in art. فكه in the TA:] also said to signify a bad, an abominable, or a foul, word, saying, or speech; a meaning taken from a trad. of 'Áïsheh, who applied this term [perhaps ironically] to a bad answer which she had given in consequence of her having misunderstood a question put to her: (L:) pl. مُلَحٌ. (S, K.) As said نِلْتُ بِالمُلَحِ [I have attained to the station, or rank, to which I have attained by means of goodly, or facetious, sayings, &c.] (S.) حَدَّثْتُهُ بِالمُلَحِ (tropical:) [I related to him goodly, beautiful, pretty, or facetious, stories.] (A.) b4: [A curiosity, an extraordinary thing.]

مِلْحَةٌ: see مِلْحٌ.

مَلْحَانُ: see مِلْحَانُ. b2: [A sucker: see مَصَّانٌ in art. مص.]

مِلْحَانُ, (S, K,) sometimes written ↓ مَلْحَانُ, (TA, art. شيب, voce شِيبَانُ,) [written in both these ways in a copy of the S in my hands,] (tropical:) A name given to one of the winter-months, because of the whiteness of its snow: (S:) the month called Jumáda-l-Ákhireh, جُمَادَى الآخِرَةٌ, (K,) [in the old Arabian calendar;] because of its whiteness; Jumáda-l-Oolà, جُمَادَى الأُولَى, being called شِيبَانُ: or this was a name of Kánoon el-Owwal, كَانُونُ الأَوَّلُ; (TA;) and مِلْحَانُ was Kánoon eth-Thánee, كَانُونُ الثَّانِى: (K, TA:) [but see شِيبَانُ:] or شِيبَانُ and مِلْحَانُ were names applied to the days when the earth was white with hoar-frost, or rime. ('Amr Ibn-Abee-'Amr, Az.) مُلَاحٌ: see مَلِيحٌ.

مَلِيحٌ and ↓ مُلَاحٌ and ↓ مُلَّاحٌ, (S, K,) but the last signifies more than the first, (T, S,) (tropical:) Goodly; beautiful; pretty; (S, Msb, K;) and beautiful of colour; or beautiful and bright; (Msb;) pleasing to the eye or ear; facetious: (the lexicons passim:) fem. of the first with ة: (Msb:) pl. of the same, مِلَاحٌ and أَمْلَاحٌ; (AA, S, K;) and of مُلَاحٌ, مُلَاحُونَ; and of مُلَّاحٌ, مُلَّاحُونَ. (K.) b2: See مِلْحٌ. b3: [Facetious speech.] b4: One in whose counsel, or advice, one seeks a remedy; acc. to AA: hence the phrase قريش ملح الناس: acc. to some, one with whom one finds, or esteems, it pleasant to sit and converse. (IB, in TA, voce نِقَابٌ.) b5: أَبُو المَلِيحِ [the bird Sifrid]: see صِفْرِدٌ.

مِلَاحَةٌ and ↓ مَلَّاحِيَّةٌ: see مَلَّاحٌ.

مُلَاحِىٌّ, sometimes written مُلَّاحِىٌّ, (S, K,) occurring in poetry written in the latter manner, (S,) A kind of white, long-shaped, grape: (S, K:) so called from [the colour termed] المُلْحَة; (S;) or from the [plant called] مُلَّاح, because of its taste. (AHn.) b2: Also, A kind of fig, (K,) small, of the colour termed أَمْلَح, very sweet, and which is dried. (TA.) b3: Also, A species of the tree called أَرَاك in which is whiteness and redness and the colour termed شُهْبَة. (AHn, K.) مَلَّاحٌ A seller of salt: or a possessor of salt: (IAar, K:) as also ↓ مُتَمَلِّحٌ: (K:) which also signifies one who provides himself with salt for travelling-provision: or a trader in salt. (TA.) b2: مَلَّاحٌ A sailor; a shipman; a seaman, or mariner: (T, S, K:) so called because constantly upon the salt water. (T.) b3: Also, One who constantly attends to a river (نَهْر; in some copies of the K, بَحْر; TA) to put its mouth into a right or proper state. (K.) b4: His occupation is called ↓ مِلَاحَةٌ and ↓ مَلَّاحِيَّةٌ. (K.) مُلَّاحٌ: see مَلِيحٌ. b2: [A coll. gen. n.] A certain plant, (S, K,) of the kind called حَمْضٌ; (Lth, T, S;) a leguminous garden-plant; n. un. with ة; it is a tender plant, with a salt flavour, growing in smooth, or soft, and depressed, tracts of land: (T:) a herb of the kind called حَمْض, having twigs and leaves, growing in tracts such as are called قِفَاف, of a salt flavour, wholesome to camels and sheep: (M:) a plant like the قُلَّام, in which is a red hue, eaten with milk, bearing grain which is collected like as is that of the فَثّ, and made into bread, and eaten: so says AHn, and he adds, I think that it is thus called because of its colour; not because of its taste: and in another place he says, that the مُلَّاح is the raceme of the كَبَاث of the أَرَاك; thus called because of its taste, which is hot, as though containing salt. (M.) [Suœda baccata. Forsk., Flor., 69. (Freytag.)]

مَلَّاحَةٌ (S, K) and ↓ مَمْلَحَةٌ (K) A place where salt is generated. (S, K.) مَلَّاحِيَّةٌ: see مَلَّاحٌ.

مَالِحٌ: see مِلْحٌ and مَمْلُوحٌ.

أَمْلَحُ (tropical:) A ram, (S, K,) and a he-goat, (S,) of a white colour intermixed with black: (S, K:) any hair, and wool, and the like, in which are whiteness and blackness: (TA:) that in which are whiteness and blackness, the former colour predominating: (Az, Ks and others:) or of a dusty white colour: or of a clear white colour: (Msb:) fem. مَلْحَآءُ; applied to a ewe of a white colour intermixed with black: (K:) or black, with its hair pervaded by whiteness. (TA.) Aboo-Dhubyán Ibn-Er-Raabal employs املح as one of four epithets which he applies to those old men most hateful to him. (S.) b2: Also, (tropical:) Blue, or gray, [see مُلْحَةٌ,] in such a degree as to incline to whiteness; an epithet applied to a man, &c. (Msb) أَمْلَحٌ العَيْنِ Having the eye of that colour. (S.) b3: Hence, كَتِيبَةٌ مَلْحَآءُ [meaning (tropical:) An army, or a troop of horse, appearing of a white and black, or gray, hue, by reason of their glittering weapons; see also كتيبة شَهْبَآءُ]: (S:) or one that is white and great: (TA:) or, great. (K.) b4: أَمْلَحُ (assumed tropical:) Dew that falls in the night upon leguminous plants: so called because of its whiteness. (L.) Er-Rá'ee says, describing some camels, أَقَامَتْ بِهِ حَدَّ الرَّبِيعِ وَجَارُهَا

أَخُو سَلْوَةٍ مَسَّى بِهِ اللَّيْلُ أَمْلَحُ meaning [by املح] dew: [They remained in it during the period of the season called الربيع, and their preserver from thirst was attended by comfort, being dew brought by the night]: he says, they remained in that place during the days of the season called الربيع, and while the dew lasted, so that he was (فَهُوَ [but this appears to be a mistake for فَهِىَ, “so that they were,”]) in a comfortable state of life: and he says مسّى به because the dew falls in the night: (S, L:) by جارها he means the night-dew which preserved them from thirst. (L.) b5: المَلْحَآءُ was also the name of a particular troop belonging to the family of ElMundhir, (S, K,) of the Kings of Syria, who had another called الشَّهْبَآءُ. (TA.) b6: نَمِرَةٌ مَلْحَآءُ A بُرْدَة with black and white stripes. (L.) شَجَرَةٌ مَلْحَآءُ (assumed tropical:) A tree of which the leaves have fallen, (L, K,) the branches, or twigs, remaining green. (L.) b7: المَلْحَآءُ (in a camel, L) (assumed tropical:) Certain flesh in the back, (situate within, L,) extending from the withers (الكَاهِل) to the rump: (L, K:) or the middle of the back, between the withers (الكاهل) and the rump: (T, S [in neither of which is reference made here to a camel]:) or the part between the hump of a camel and its rump: or the vertebræ of a camel over which is the hump: (L:) or, in a camel, the part beneath the hump; containing six vertebræ (مَحَالَات): pl. مَلْحَاوَاتٌ. (T.) فَارسُ المَلْحَآءِ The fat of the hump. (L.) b8: أَمْلَحُ A horse having the kind of swelling called مَلَحٌ. (TA.) أُمْلُوحَةٌ: see مُلْحَةٌ.

مَمْلَحَةٌ: see مَلَّاحَةٌ.

مِمْلَحَةٌ A thing [or vessel or the like] in which salt is put. (S, A.) مَمْلُوحٌ and ↓ مُمَلِّحٌ (tropical:) A fat camel. (L.) b2: ↓ مُمَلِّحٌ (tropical:) A camel destined for slaughter that is fat: (S:) or having some remains of fatness. (L.) A2: سَمَكٌ مَمْلُوحٌ, and ↓ مَلِيحٌ, (S, K,) and ↓ مِلْحٌ, (Msb,) Salted fish; (S, K;) i. q. ↓ مُمَلَّحٌ. (K.) You should not say مَالِحٌ. As to the saying of 'Odháfir, بَصْرِيَّةٌ تَزَوَّجَتْ بَصْرِيَّا والطَّرِيَّا ↓ يُطْعِمُهَا المَالِحَ [A woman of El-Basrah who married a man of El-Basrah: he fed her with salted and fresh], it is not an evidence. (S.) ISd says, that some have disapproved of this word, as also of مليح, not regarding the above verse as an evidence. You says, that مليح and مملوح are better than مالح. (TA.) مُمَلَّحٌ and مُمَلِّحٌ: see مَمْلُوحٌ.

مُتَمَلِّحٌ: see مَلَّاحٌ.

ملح: المِلْح: ما يطيب به الطعام، يؤنث ويذكر، والتأْنيث فيه أَكثر.

وقد مَلَحَ القِدْرَ

(* قوله «وقد ملح القدر إلخ» بابه منع وضرب وأَما

ملح الماء فبابه كرم ومنع ونصر كما في القاموس.) يَمْلِحُها ويَمْلَحُها

مَلْحاً وأَملَحَها: جعل فيهــا مِلْحاً بقَدَرٍ. ومَلَّحها تَمْليحاً:

أَكثر مِلْحها فأَفسدها، والتمليح مثله. وفي الحديث: إِن الله تعالى ضرب

مَطْعَم ابن آدم للدنيا مثلاً وإِن مَلَحه أَي أَلقى فيه المِلْح بقَدْر

الإِصلاح. ابن سيده عن سيبويه: مَلَحْتُه ومَلَّحْته وأَمْلَحْته بمعنىً؛

ومَلَح اللحمَ والجلدَ يَمْلَحُه مَلْحاً، كذلك؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

تُشْلي الرَّمُوحَ، وهِيَ الرَّمُوحُ،

حَرْفٌ كأَنَّ غُبْرَها مَمْلُوحُ

وقال أَبو ذؤيب:

يَسْتَنُّ في عُرُضِ الصحراء فائِرُه،

كأَنه سَبِطُ الأَهْدابِ مَمْلُوحُ

يعني البحر شبّه السَّرابَ به. وتقول: مَلَحْتُ الشيءَ ومَلَّحْته، فهو

مملوح مُمَلَّحٌ مَلِيحٌ.

والمِلْحُ والمَلِيح خلاف العَذْب من الماء، والجمع مِلْحَةٌ ومِلاح

وأَمْلاح ومِلَح؛ وقد يقال: أَمواهٌ مِلْح ورَكيَّة مِلْحة وماء مِلْح، ولا

يقال مالح إِلاَّ في لغة رديئة. وقد مَلُحَ مُلُوحة ومَلاحة ومَلَح

يَمْلَح مُلوحاً، بفتح اللام فيهــما؛ عن ابن الأَعرابي، فإِن كان الماء عذباً

ثم مَلُحَ قال: أَمْلَحَ؛ وبقلة مالِحة. وحكى ابن الأَعرابي: ماء مالحٌ

كمِلْحٍ، وإِذا وصفت الشيءَ بما فيه من المُلوحة قلت: سمك مالح وبقلة

مالحة. قال ابن سيده: وفي حديث عثمان، رضي الله عنه، وأَنا أَشرب ماءَ المِلْح

أَي الشديدَ المُلوحة. الأَزهري عن أَبي العباس: أَنه سمع ابن الأَعرابي

قال: ماء أُجاجٌ وقُعاع وزُعاق وحُراق، وماءٌ يَفْقَأُ عينَ الطائر، وهو

الماء المالح؛ قال وأَنشدنا:

بَحْرُكَ عَذْبُ الماءِ، ما أَعَقَّهُ

رَبُّك، والمَحْرُومُ من لم يُسْقَهُ

أَراد: ما أَقَعَّه من القُعاع، وهو الماء المِلْحُ فقلَب. ابن شميل:

قال يونس: لم أَسمع أَحداً من العرب يقول ماء مالح، ويقال سَمك مالح،

وأَحسن منهما: سَمك مَلِيح ومَمْلوح؛ قال الجوهري: ولا يقال مالح، قال: وقال

أَبو الدُّقَيْش: يقال ماء مالِح ومِلْحٌ؛ قال أَبو منصور: هذا وإِن وُجد

في كلام العرب قليلاً لغة لا تنكر؛ قال ابن بري: قد جاء المالِح في

أَشعار الفصحاء كقول الأَغْلَبِ العِجْلِيِّ يصف أُتُناً وحماراً:

تخالُه من كَرْبِهِنَّ كالِحا،

وافْتَرَّ صاباً ونَشُوقاً مالِحا

وقال غَسَّان السَّلِيطيّ:

وبِيضٍ غِذاهُنَّ الحَليبُ، ولم يكنْ

غِذاهُنَّ نِينانٌ من البحر مالِحُ

أَحَبُّ إِلينا من أُناسٍ بقَرْيةٍ،

يَموجُونَ مَوْجَ البحرِ، والبحرُ جامحُ

وقال عمر بن أَبي ربيعة:

ولو تَفلتْ في البحرِ، والبحرُ مالحٌ،

لأَصْبَحَ ماءُ البحرِ من رِيقها عَذْبا

قال ابن بري: وجدت هذا البيت المنسوب إِلى عمر ابن أَبي ربيعة في شعر

أَبي عُيَيْنَةَ محمد بن أَبي صُفْرة في قصيدة أَوّلها:

تَجَنَّى علينا أَهلُ مَكتومةَ الذَّنْبا،

وكانوا لنا سِلْماً، فصاروا لنا حَرْبا

وقال أَبو زِياد الكلابي:

صَبَّحْنَ قَوًّا، والحِمامُ واقِعُ،

وماءُ قَوٍّ مالِحٌ وناقِعُ

وقال جرير:

إِلى المُهَلَّبِ جَدَّ اللهُ دابِرَهُمْ

أَمْسَوا رَماداً، فلا أَصلٌ ولا طَرَفُ

كانوا إِذا جَعَلوا في صِيرِهِمْ بِصَلاً،

ثم اشْتَوَوا كَنْعَداً من مالحٍ جَدَفوا

قال وقال ابن الأَعرابي: يقال شيء مالح كما يقال حامض؛ قال ابن بري:

وقال أَبو الجَرَّاحِ: الحَمْضُ المالح من الشجر. قال ابن بري: ووجه جواز

هذا من جهة العربية أَن يكون على النسب، مثل قولهم ماء دافق أَي ذو دَفْق،

وكذلك ماء مالح أَي ذو مِلْح، وكما يقال رجل تارِسٌ أَي ذو تُرْس، ودارِع

أَي ذو دِرْع؛ قال: ولا يكون هذا جارياً على الفعل؛ ابن سيده: وسَمك

مالح ومَليح ومَمْلوح ومُمَلَّح وكره بعضهم مَليحاً ومالحاً، ولم يَرَ بيتَ

عُذافِرٍ حُجَّةً؛ وهو قوله:

لو شاءَ رَبي لم أَكُنْ كَرِيَّا،

ولم أَسُقْ لِشَعْفَرَ المَطِيَّا

بِصْرِيَّةٍ تزوَّجت بِصْرِيَّا،

يُطْعِمُها المالحَ والطَّرِيَّا

وقد عارض هذا الشاعرَ رجلٌ من حنيفة فقال:

أَكْرَيْتُ خَرْقاً ماجداً سَرِيَّا،

ذا زوجةٍ كان بها حَفِيَّا،

يُطْعِمُها المالِحَ والطَّرِيَّا

وأَمْلَح القومُ: وَرَدُوا ماء مِلْحاً. وأَملَحَ الإِبلَ: سقاها ماء

مِلْحاً. وأَمْلَحَتْ هي: وردت ماء مِلْحاً. وتَمَلَّحَ الرجلُ: تَزَوَّدَ

المِلْحَ أَو تَجَرَ به؛ قال ابن مقبل يصف سحاباً:

تَرَى كلَّ وادٍ سال فيه، كأَنما

أَناخَ عليه راكبٌ مُتَمَلِّحُ

والمَلاَّحَةُ: مَنْبِتُ المِلْح كالبَقَّالة لمنبت البَقْل.

والمَمْلَحةُ: ما يجعل فيه الملح.

والمَلاَّح: صاحب المِلْح؛ حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد:

حتى تَرَى الحُجُراتِ كلَّ عَشِيَّةٍ

ما حَوْلَها، كمُعَرَّسِ المَلاَّحِ

ويروى الحَجَرات. والمَلاَّحُ: النُّوتيّ؛ وفي التهذيب: صاحب السفينة

لملازمته الماءَ المِلْح، وهو أَيضاً الذي يتعهد فُوهَةَ النهر ليُصْلحه

وأَصله من ذلك، وحِرْفَتُه المِلاحَةُ والمُلاَّحِيَّةُ؛ وأَنشد الأَزهري

للأَعشى:

تَكافَأَ مَلاَّحُها وَسْطَها،

من الخَوْفِ، كَوْثَلَها يَلتَزِمْ

ابن الأَعرابي: المِلاحُ الريح التي تجري بها السفينة وبه سمي

المَلاَّحُ مَلاَّحاً، وقال غيره: سمي السَّفَّانُ مَلاَّحاً لمعالجته الماءَ

المِلْحَ بإِجراء السفن فيه؛ ويقال للرجل الحديد: مِلْحُه على رُكْبتيه؛ قال

مِسكينٌ الدَّارِميّ:

لا تَلُمْها، إِنها من نِسْوَةٍ

مِلحُها مَوْضوعةٌ فوق الرُّكَبْ

قال ابن سيده: أَنث فإِما أَن يكون جمعَ مِلْحة، وإِما أَن يكون

التأْنيث في المِلْح لغة؛ وقال الأَزهري: اختلف الناس في هذا البيت فقال

الأَصمعي: هذه زِنجِيَّة والمِلْح شحمها ههنا وسِمَنُ الزِّنْج في أَفخاذها؛

وقال شمر: الشحم يسمى مِلْحاً؛ وقال ابن الأَعرابي في قوله:

ملحُها موضوعة فوق الرُّكَبْ

قال: هذه قليلة الوفاء، والمِلْحُ ههنا يعني المِلْحَ. يقال: فلان

مِلْحُه على ركبتيه إِذا كان قليل الوفاء. قال: والعرب تحلف بالمِلْح والماء

تعظيماً لهما. ومَلَحَ الماشيةَ مَلْحاً ومَلَّحها: أَطعمها سَبِخَةَ

المِلْح، وهو مِلْح وتُراب، والملح أَكثر، وذلك إِذا لم يقدر على الحَمْضِ

فأَطعمها هذا مكانه.

والمُلاَّحَة: عُشبة من الحُمُوضِ ذات قُضُبٍ وورقٍ مَنْبِتُها

القِفافُ، وهي مالحة الطعم ناجعة في المال، والجمع مُلاَّحٌ. الأَزهري عن الليث:

المُلاَّحُ من الحَمْضِ؛ وأَنشد:

يَخْبِطْنَ مُلاَّحاً كذاوي القَرْمَلِ

قال أَبو منصور: المُلاَّحُ من بقول الرياض، الواحدة مُلاَّحة، وهي بقلة

غَضَّة فيهــا مُلُوحة مَنابِتُها القِيعانُ؛ وحكى ابن الأَعرابي عن أَبي

النَّجِيبِ الرَّبَعِيِّ في وصفه روضةً: رأَيتُها تَنْدى من بُهْمَى

وصُوفانَةٍ ويَنَمَةٍ ومُلاَّحةٍ ونَهْقَةٍ.

والمُلاَّحُ، بالضم والتشديد: من نبات الحَمْضِ؛ وفي حديث ظَبْيانَ:

يأْكلون مُلاَّحَها ويَرْعَوْنَ سِراحَها: المُلاَّح: ضرب من النبات،

والسِّراحُ: جمع سَرْح، وهو الشجرُ؛ وقال ابن سيده: قال أَبو حنيفة: المُلاَّحُ

حَمْضَة مثل القُلاَّم فيه حمرة يؤكل مع اللبن يُتَنَقَّلُ به، وله حب

يجمع كما يجمع الفَثُّ ويُخْبز فيؤكل، قال: وأَحْسِبُه سمي مُلاَّحاً

للَّوْن لا للطعم؛ وقال مَرَّةً: المُلاَّحُ عُنْقُود الكَباثِ من الأَراك

سمي به لطعمه، كأَن فيه من حرارته مِلْحاً، ويقال: نبتٌ مِلْح ومالح

للحَمْضِ. وقَلِيبٌ مَليح أَي ماؤه مِلْح؛ قال عنترة يصف جُعَلاً:

كأَنَّ مُؤَشّرَ العَضُدَينِ حَجْلاً،

هَدُوجاً بين أَقْلِبةٍ مِلاحِ

والمِلْحُ: الحُسْنُ من المَلاحة. وقد مَلُحَ يَمْلُحُ مُلُوحةً

ومَلاحةً ومِلْحاً أَي حَسُنَ، فهو مَليح ومُلاحٌ ومُلاَّح. والمُلاَّحُ

أَمْلَحُ من المَليح؛ قال:

تَمْشي بجَهْمٍ حَسَنٍ مُلاَّحِ،

أُجِمَّ حتى هَمَّ بالصِّياحِ

يعني فرجها، وهذا المثال لما أَرادوا المبالغة، قالوا: فُعَّال فزادوا

في لفظه لزيادة معناه؛ وجمع المَلِيحِ مِلاحٌ وجمع مُلاحٍ ومُلاَّحٍ

مُلاحُون ومُلاَّحُونَ، والأُنثى مَلِيحة. واستَمْلَحه: عَدَّه مَلِيحاً؛

وقيل: جمع المَلِيح مِلاحٌ وأَمْلاح؛ عن أَبي عمرو، مثل شَرِيف

وأَشْراف.وفي حديث جُوَيرية: وكانت امرأَة مُلاحةً أَي شديدة المَلاحة، وهو من

أَبنية المبالغة. وفي كتاب الزمخشري: وكانت امرأَة مُلاحة أَي ذات مَلاحة،

وفُعالٌ مبالغة في فعيل مثل كريم وكُرام وكبير وكُبارٍ، وفُعَّالٌ

مَشدّداً أَبلغ منه. التهذيب: والمُلاَّحُ أَمْلَحُ من المَليح. وقالوا: ما

أُمَيْلِحَه فَصَغَّروا الفعل وهم يريدون الصفة حتى كأَنهم قالوا مُلَيْحٌ،

ولم يصغروا من الفعل غيره وغير قولهم ما أُحَيْسِنَه؛ قال الشاعر:

يا ما أُمَيْلِحَ غِزْلاناً عَطَونَ لنا،

من هؤُلَيَّاءِ، بين الضَّالِ والسَّمُرِ

والمُلْحة والمُلَحةُ: الكلمة المَليحة.

وأَمْلَح: جاء بكلمة مَليحة. الليث: أَمْلَحْتَ يا فلانُ بمعنيين أَي

جئت بكلمة مَلِيحة وأَكثرت مِلْحَ القِدْرِ.

وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت لها امرأَة: أَزُمُّ جَمَلي هل

عليَّ جُناحٌ؟ قالت: لا، فلما خرجت قالوا لها: إِنها تعني زوجها، قالت:

رُدُّوها عليَّ، مُلْحةٌ في النار اغسلوا عني أَثرها بالماء والسِّدْرِ؛

المُلْحَة: الكلمة المليحة، وقيل: القبيحة. وقولها: اغسلوا عني أَثرها تعني

الكلمة التي أَذِنَتْ لها بها، ردُّوها لأُعلمها أَنه لا يجوز. قال أَبو

منصور: الكلام الجيد مَلَّحْتُ القِدْر إِذا أَكثرت مِلْحَها، بالتشديد،

ومَلَّحَ الشاعرُ إِذا أَتى بشيء مَلِيح. والمُلْحَةُ، بالضم: واحدة

المُلَحِ من الأَحاديث. قال الأَصمعي: بَلَغْتُ بالعلم ونِلْتُ بالمُلَح؛

والمَلْح: المُلَحُ من الأَخبار، بفتح الميم. والمِلْحُ: العلم. والمِلْحُ:

العلماء.

وأَمْلِحْني بنفسك: زَيِّنِّي؛ التهذيب: سأَل رجل آخر فقال: أُحِبُّ أَن

تُمْلِحَني عند فلان بنفسك أَي تُزَيِّنَني وتُطْريَني.

الأَصمعي: الأَمْلَحُ الأَبْلَقُ بسواد وبياض. والمُلْحة من الأَلوان:

بياض تشوبه شعرات سود. والصفة أَمْلَح والأُنثى مَلْحاء. وكل شعر وصوف

ونحوه كان فيه بياض وسواد: فهو أَمْلح، وكبش أَمْلَحُ: بَيِّنُ المُلْحةِ

والمَلَح. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أُتيَ بكبشين

أَمْلَحَينِ فذبحهما؛ وفي التهذيب: ضَحَّى بكبشين أَملحين؛ قال الكسائي

وأَبو زيد وغيرهما: الأَمْلَح الذي فيه بياض وسواد ويكون البياض أَكثر.

وقد امْلَحَّ الكبش امْلِحاحاً: صار أَمْلَح؛ وفي الحديث: يُؤْتى بالموت

في صورة كبش أَمْلَح؛ ويقال: كبش أَمْلَحُ إِذا كان شعره خَلِيساً. قال

أَبو دُبْيانَ ابنُ الرَّعْبَلِ: أَبْغَضُ الشيوخ إِليَّ الأَقْلَحُ

الأَملَحُ الحَسُوُّ الفَسُوُّ.

وفي حديث خَبَّاب: لكنْ حمزةُ لم يكن له إِلاَّ نَمِرةٌ مَلْحاءُ أَي

بُرْدَة فيهــا خطوط سود وبيض، ومنه حديث عبيد بن خالد

(* قوله «ومنه حديث

عبيد بن خالد إلخ» نصه كما بهامش النهاية: كنت رجلاً شاباً بالمدينة فخرجت

في بردين وأَنا مسبلهما فطعنني رجل من خلفي، اما باصبعه واما بقضيب كان

معه، فالتفت إلخ.): خرجت في بردين وأَنا مُسْبِلُهما فالتفتُّ فإِذا رسول

الله، صلى الله عليه وسلم، فقلت: إِنما هي مَلْحاء، قال: وإِن كانت

مَلْحاء أَما لك فيَّ أُسْوَةٌ؟ والمَلْحاء من النِّعاج: الشَّمطاءُ تكون

سوداء تُنْفِذها شعرةٌ بيضاء. والأَمْلَحُ من الشَّعَرِ نحو الأَصْبَح وجعل

بعضهم الأَمْلَح الأَبيضَ النقيَّ البياض وقيل: المُلْحة بياض إِلى الحمرة

ما هو كلون الظبي؛ أَبو عبيدة: هو الأَبيض الذي ليس بخالص فيه عُفْرة.

ورجل أَمْلَحُ اللحية إِذا كان يعلو شعرَ لحيته بياضٌ من خِلْقةٍ، ليس من

شيب، وقد يكون من شيب ولذلك وصف الشيب بالمُلحَة؛ أَنشد ثعلب:

لكلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثْوُبا،

حتى اكتَسَى الشيبُ قِناعاً أَشْهَبا،

أَمْلَح لا لَذًّا ولا مُحَبَّبا

وقيل: هو الذي بياضه غالب لسواده وبه فسر بعضهم هذا البيت. والمُلْحة

والمَلَحُ: في جميع شعر الجسد من الإِنسان وكلِّ شيء بياضٌ يعلو السواد.

والمُلْحة: أَشدُّ الزَّرَق حتى يَضْرِب إِلى البياض؛ وقد مَلِح مَلَحاً

وامْلَحَّ وأَمْلَح؛ الأَزهري: الزُّرْقَةُ إِذا اشتدّت حتى تضرب إِلى

البياض قيل: هو أَمْلَحُ العين، ومنه كتيبة مَلْحاءُ؛ وقال حَسانُ بن ربيعة

الطائي:

وإِنا نَضْرِبُ المَلْحَاءَ حتى

تُوَالِّي، والسُّيُوفُ لنا شُهودُ

قال ابن بري: المشهور من الرواية: وأَنا نضرب الملحاء، بفتح الهمزة؛

وقبله:

لقد عَلِمَ القبائلُ أَن قومي

ذَوو حَدٍّ، إِذا لُبِسَ الحَديدُ

قال: ومعنى قوله حتى تولي أَي حتى تفرّ مولية يعني كتيبة أَعدائه، وجعل

تفليل السيوف شاهداً على مقارعة الكتائب ويروى: لها شهود، فمن روى لنا

شهود فإِنه جعل فُلولَها شُهوداً لهم بالمقارعة، ومن روى لها أَراد أَن

السيوف شهود على مقارعتها، وذلك تفليلها. ومَِلْحانُ: جُمادَى الآخرة؛ سمي

بذلك لابيضاضه بالثلج؛ قال الكميت:

إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ جُمْراً جُنُوبُها،

لِشَيْبانَ أَو مَلْحانَ، واليومُ أَشْهَبُ

شَِيبْانُ: جُمادَى الأُولى وقيل: كانون الأَول. ومَِلْحانُ: كانون

الثاني، سمي بذلك لبياض الثلج. الأَزهري: عمرو بن أَبي عمرو: شِيبانُ، بكسر

الشين، ومَِلْحان من الأَيام إِذا ابيضت الأَرض من الجَلِيتِ والصَّقِيعِ.

الجوهري: يقال لبعض شهور الشتاء مَِلْحانُ لبياض ثلجه.

والمُلاَّحِيُّ، بالضم وتشديد اللام: ضرب من العنب أَبيض في حبه طول،

وهو من المُلْحة؛ وقال أَبو قيس ابنُ الأَسْلَت:

وقد لاحَ في الصبحِ الثرَيَّا كما ترى،

كعُنْقودِ مُلاَّحِيَّةٍ، حين نَوَّرا

ابن سيده: عنب مُلاحِيٌّ أَبيض؛ قال الشاعر:

ومن تَعاجيبِ خَلْقِ اللهِ غاطِيَةٌ،

يُعْصَرُ منها مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ

قال: وحكى أَبو حنيفة مُلاَّحِيّ، وهي قليلة. وقال مرة: إِنما نسبه إِلى

المُلاَّحِ، وإِنما المُلاَّحُ في الطَّعْم، والمُلاحِيُّ من الأَراك

الذي فيه بياض وشُهْبة وحُمْرة؛ وأَنشد لمُزاحِمٍ العُقيْلِيّ:

فما أُمُّ أَحْوَى الطُّرَّتَيْنِ خَلا لَها،

بقُرَّى، مُلاحِيٌّ من المَرْدِ ناطِفُ

والمُلاحِيُّ: تِينٌ صِغار أَمْلَحُ صادق الحلاوة ويُزَبَّبُ.

وامْلاحَّ النخلُ: تلوَّن بُسْرُه بحمرة وصفرة.

وشجرةٌ مَلْحاء: سقط ورقها وبقيت عيدانها خُضْراً. والمَلْحاء من

البعير: الفِقَرُ التي عليها السَّنامُ؛ ويقال: هي ما بين السَّنامِ إِلى

العَجُز؛ وقيل: المَلْحاء لَحْمُ مُسْتَبْطِنِ الصُّلْبِ من الكاهل إِلى

العجز؛ قال العجاج:

موصولة المَلْحاءِ في مُسْتَعْظمِ،

وكَفَلٍ من نَحْضِه مُلَكَّمِ

والمَلْحاءُ: ما انْحَدَرَ عن الكاهل إِلى الصلب؛ وقوله:

رَفَعُوا رايةَ الضِّرابِ ومَرُّوا،

لا يبالونَ فارسَ المَلْحاءِ

يعني بفارس المَلْحاءِ ما على السَّنام من الشحم. التهذيب: والمَلْحاءُ

وَسَط الظهر بين الكاهل والعجز، وهي من البعير ما تحت السَّنام، قال: وفي

المَلْحاءِ سِتّ مَحالاتٍ والجمع مَلْحاوات.

الفرّاء: المَلِيحُ الحليم والراسِبُ والمِرَبُّ الحليم.

ابن الأَعرابي: المِلاحُ المِخْلاة. وجاء في الحديث: أَن المختار لما

قتل عمر بن سعد جعل رأْسه في مِلاح وعَلَّقه؛ المِلاحُ: المِخْلاة بلغى

هذيل؛ وقيل: هو سِنانُ الرمح، قال: والمِلاحُ السُّترة. والمِلاحُ: الرمح.

والمِلاحُ: أَن تَهُبَّ الجَنُوبُ بعد الشَّمال.

ويقال: أَصبنا مُلْحةً من الربيع أَي شيئاً يسيراً منه. وأَصاب المالُ

مُلْحَةً من الربيع: لم يستمكن منه فنال منه شيئاً يسيراً.

والمِلْحُ: السِّمَنُ القليل. وأَمْلَحَ البعيرُ إِذا حمل الشحم،

ومُلِح، فهو مَمْلوحٌ إِذا سمن. ويقال: كان ربيعنا مَمْلوحاً، وكذلك إِذا

أَلْبَنَ القومُ وأَسْمَنُوا. ومُلِّحَت الناقة، فهي مُمَلَّحٌ: سمنَت قليلاً؛

ومنه قول عروة بن الورد:

أَقَمْنا بها حِيناً، وأَكثرُ زادِنا

بقيةُ لَحْمٍ من جَزُورٍ مُمَلَّحِ

وجَزُورٌ مُمَلَّحٌ: فيهــا بقية من سمن؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

ورَدَّ جازِرُهُم حَرْفاً مُصَهَّرَةً،

في الرأْسِ منها وفي الرِّجْلَيْنِ تَمْلِيحُ

أَي سِمَنٌ؛ يقول: لا شحم لها إِلا في عينها وسُلاماها؛ كما قال:

ما دام مُخٌّ في سُلامَى أَو عَيْن

قال: أَول ما يبدأُ السِّمَنُ في اللسان والكَرِش، وآخر ما يبقى في

السُّلامَى والعين.

وتَمَلَّحتِ الإِبلُ: كَمَلَّحَتْ، وقيل: هو مقلوب عن تَحَلَّمَتْ أَي

سمنت، وهو قول ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: ولا أُرى للقلب هنا وجهاً،

قال: وأُرى مَلَحتِ الناقةُ، بالتخفيف، لغة في مَلَّحتْ. وتَمَلَّحَت

الضِّبابُ: كَتَحَلَّمت أَي سمنت. ومَلَّحَ القِدْرَ: جعل فيهــا شيئاً من شحم.

التهذيب عن أَبي عمرو: أَمْلَحْتُ القِدْرَ، بالأَلف، إِذا جعلت فيهــا

شيئاً من شحم.

وروي عن ابن عباس أَنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: الصادقُ

يُعْطى ثلاثَ خصال: المُلْحَةَ والمَهابةَ والمحبةَ؛ الملحة، بالضم:

البركة. يقال: كان ربيعنا مَمْلُوحاً فيه أَي مُخْصِباً مباركاً، وهي من

مَلَّحَتِ الماشيةُ إِذا ظهر فيهــا السِّمَنُ من الربيع، والمِلْحُ: البركة؛

يقال: لا يُبارِك الله فيه ولا يُمَلِّحُ، قاله ابن الأَنباري. وقال ابن

بُزُزْجٍ: مَلَحَ الله فيه فهو مَمْلوحٌ فيه أَي مبارك له في عيشه وماله؛

قال أَبو منصور: أَراد بالمُلْحة البركة. وإِذا دُعِيَ عليه قيل: لا

مَلَّحَ الله فيه ولا بارك فيه وقال ابن سيده في قوله: الصادق يُعْطى

المُلْحةَ، قال: أُراه من قولهم تَمَلَّحَتِ الإِبلُ سمنت فكأَنه يريد الفضل

والزياجة. وفي حديث عمرو ابن حُرَيْثٍ

(* قوله «وفي حديث عمرو بن حريث

إلخ» صدره كما بهامش النهاية، قال عبد الملك لعمرو بن حريث: أي الطعام أَكلت

أحب اليك؟ قال: عناق قد أجيد إلخ.): عَناقٌ قد أُجيدَ تَمْلِيحُها

وأُحْكِمَ نُضْجُها؛ ابن الأَثير: التمليح ههنا السَّمْطُ، وهو أَخذ شعرها

وصوفها بالماء؛ وقيل: تمليحها تسمينها من الجزور المُمَلَّح وهو السمين؛

ومنه حديث الحسن: ذكرت له التوراة فقال: أَتريدون أَن يكون جلدي كجلد الشاة

المَمْلوحة؟ يقال: مَلَحْتُ الشاةَ ومَلَّحْتها إِذا سَمَطْتها.

والمِلْحُ: الرَّضاعُ؛ قال أَبو الطَّمَحانِ وكانت له إِبل يَسْقِي

قوماً من أَلبانها ثم أَغاروا عليها فأَخذوها:

وإِني لأَرْجُو مِلْحها في بُطُونِكم،

وما بَسَطَتْ من جِلْدِ أَشْعَثَ أَغْبَرا

وذلك أَنه كان نزل عليه قوم فأَخذوا إِبله فقال: أَرجو أَن تَرْعَوْا ما

شَرِبْتُم من أَلبنان هذه الإِبل وما بَسَطتْ من جلود قوم كأَنَّ جلودهم

قد يبست فسمنوا منها؛ قال ابن بري: صوابه أَغبر بالخفض والقصيدة مخفوضة

الروي وأَوَّلها:

أَلا حَنَّتِ المِرْقالُ واشْتاقَ رَبُّها؟

تَذَكَّرُ أَرْماماً، وأَذْكُرُ مَعْشَرِي

قال: يقول إِني لأَرجو أَن يأْخذكم الله بحرمة صاحبها وغَدْرِكم به،

وكانوا استاقوا له نَعماً كان يسقيهم لبنها؛ ورأَيت في بعض حواشي نسخ الصحاح

أَن ابن الأَعرابي أَنشد هذا البيت في نوادره:

وما بَسَطتْ من جِلدِ أَشعَثَ مُقْتِرِ

الجوهري: والمَلْح، بالفتح، مصدر قولك مَلَحْنا لفلان مَلْحاً

أَرْضعناه؛ وقول الشاعر:

لا يُبْعِد اللهُ رَبُّ العِبا

دِ والمِلْح ما وَلَدَت خالِدَهْ

يعني بالمِلْح الرَّضاع؛ قال أَبو سعيد: المِلْحُ في قول أَبي

الطَّمَحانِ الحرمة والذِّمامُ. ويقال: بين فلان وفلان مِلْحٌ ومِلْحَةٌ إِذا كان

بينهما حرمة، فقال: أَرجو أَن يأْخذكم الله بحرمة صاحبها وغَدْرِكم بها.

قال أَبو العباس: العرب تُعَظِّمُ أَمر المِلح والنار والرماد. الأَزهري:

وقولهم مِلْح فلان على رُكْبَتيه فيه قولان: أَحدهما أَنه مُضَيِّعٌ

لحقِّ الرضاع غير حافظ له فأَدنى شيء يُنْسيه ذِمامَه كما أَن الذي يضع

المِلْح على ركبتيه أَدنى شيء يُبَدِّدُه؛ والقول الآخر أَنه سَيء الخلق يغضب

من أَدنى شيء كما أَنَّ المِلح على الرُّكْبة يَتَبَدَّدُ من أَدنى

شيء.وروي قوله: والمِلح ما ولدت خالده، بكسر الحاء، عطفه على قوله لا يبعد

الله وجعل الواو واو القسم. ابن الأَعرابي: المِلْحُ اللبنُ. ابن سيده:

مَلَحَ رَضعَ. الأَزهري يقال: مَلَحَ يَمْلَحُ ويَمْلُحُ إِذا رضع، ومَلَح

الماءُ ومَلُحَ يَمْلُحُ مَلاحةً.

والمِلاحُ: المُراضَعة؛ الليث: المِلاحُ الرَّضاعُ، وفي حديث وَفْدِ

هَوازِنَ: أَنهم كلموا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سَبْيِ عَشائرهم

فقال خطيبُهم: إِنا لو كنا مَلَحْنا للحرث بن أَبي شَمِر أَو للنعمان بن

المنذِرِ ثم نزل مَنْزِلك هذا منا لحفظ ذلك لنا، وأَنت خير المكفولين

فاحفظ ذلك؛ قال الأَصمعي: في قوله مَلَحْنا أَي أَرْضَعْنا لهما، وإِنما قال

الهَوازِنيُّ ذلك لأَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان مُسْتَرضَعاً

فيهــم أَرضعته حليمة السعدية.

والمُمَالَحة: المُراضعة والمُواكلة. قال ابن بري: قال أَبو القاسم

الزجاجي لا يصح أَن يقال تَمالَحَ الرجلان إِذا رضع كل واحد منهما صاحبه، هذا

مُحال لا يكون، وإِنما المِلْحُ رَضاع الصبي المرأَةَ وهذا ما لا تصح

فيه المفاعلة، فالمُمَالحة لفظة مولَّدة وليست من كلام العرب، قال: ولا يصح

أَن يكون بمعنى المواكلة ويكون مأْخوذاً من المِلْح لأَن الطعام لا يخلو

من الملح، ووجه فساد هذا القول أَن المفاعلة إِنما تكون مأْخوذة من مصدر

مثل المُضاربة والمقاتلة، ولا تكون مأْخوذة من الأَسماء غير المصادر،

أَلا ترى أَنه لا يحسن أَن يقال في الاثنين إِذا أَكلا خبزاً بينهما

مُخَابزَة، ولا إِذا أَكلا لحماً بينهما مُلاحَمة؟ وفي الحديث: لا تُحَرِّمُ

المَلْحةُ والمَلْحتان أَي الرَّضْعة والرَّضْعتان، فأَما بالجيم، فهو

المصَّة وقد تقدمت. والمَِلْح، بالفتح والكسر: الرَّضْعُ.

والمَلَحُ: داء وعيب في رجل الدابة؛ وقد مَلِحَ مَلَحاً، فهو أَمْلَحُ.

والمَلَحُ، بالتحريك. وَرَم في عُرْقوب الفرس دون الجَرَدِ، فإِذا

اشتدَّ، فهو الجَرَدُ.

والمَلْحُ: سرعة

(* قوله «والملح سرعة إلخ» يقال ملح الطائر كمنع كثرت

سرعة خفقانه كما في القاموس.) خَفَقانِ الطائر بجناحيه؛ قال:

مَلْح الصُّقُورِ تحتَ دَجْنٍ مُغْيِنِ

قال أَبو حاتم: قلت للأَصمعي أَتراه مقلوباً من اللَّمْح؟ قال: لا،

إِنما يقال لَمَحَ الكوكَبُ ولا يقال مَلَح، فلو كان مقلوباً لَجَاز أَن يقال

مَلَح.

والأَمْلاحُ: موضع؛ قال طَرَفَةُ بن العَبْد:

عَفا من آلِ لَيْلَى السَّهْـ

ـبُ، فالأَمْلاحُ، فالغَمْرُ

وهذه كلها أَسماء أَماكن. ابن سيده: ومُلَيْح والمُلَيْحُ ومُلَيْحَةُ

وأَمْلاحٌ ومَلَحٌ والأُمَيْلِحُ والأَمْلَحانِ وذاتُ مِلْحٍ: كلها مواضع؛

قال جرير:

كأَنَّ سَلِيطاً في جَواشِنِها الحَصى،

إِذا حَلَّ، بينَ الأَمْلَحَيْنِ، وَقِيرُها

قوله في جواشِنَها الحضى أَي كأَنَّ أَفْهاراً في صدورهم، وقيل: أَراد

أَنهم غلاظ كأَنَّ في قلوبهم عُجَراً؛ قال الأَخطل:

بمُرْتَجِزٍ داني الرِّبابِ كأَنه،

على ذاتِ مِلْحٍ، مُقْسِمٌ ما يَرِيمُها

وبنو مُلَيْحٍ: بطن، وبنو مِلْحانَ كذلك. والأُمَيْلِحُ: موضع في بلاد

هُذَيل كانت به وقعة؛ قال المتنخل:

لا يَنْسَأُ الله مِنَّا مَعْشَراً شَهِدُوا

يومَ الأُمَيْلِح، لا غابُوا ولا جَرَحوا

يقول: لم يغيبوا فنُكْفَى أَن يُؤْسَرُوا أَو يُقْتَلوا، ولا جَرَحوا

أَي ولا قاتلوا إِذ كانوا معنا.

ويقال للنَّدَى الذي يسقط بالليل على البَقْل: أَمْلَحُ، لبياضه؛ وقول

الراعي يصف إِبلاً:

أَقامتْ به حَدَّ الربيعِ، وَجارُها

أَخُو سَلْوَةٍ، مَسَّى به الليلُ، أَمْلَحُ

يعني الندى؛ يقول: أَقامت بذلك الموضع أَيام الربيع، فما دام الندى، فهو

في سلوة من العيش، وإِنما قال مَسَّى به لأَنه يسقط بالليل؛ أَراد

بجارها ندى الليل يجيرها من العطش.

والمَلْحاءُ والشَّهْباء: كتيبتان كانتا لأَهل جَفْنَة؛ قال الجوهري:

والمَلْحاء كتيبة كانت لآل المُنْذِر؛ قال عمرو بن شاسٍ الأَسَدِيّ:

يُفَلِّقْنَ رأْسَ الكوكَبِ الفَخْمِ، بعدَما

تَدُورُ رَحَى المَلْحاءِ في الأَمرِ ذي البَزْلِ

والكوكبُ: الرئيسُ المُقَدَّم. والبَزْل: الشدة. ومُلْحةُ: اسم رجل.

ومُلْحةُ الجَرْمِيّ: شاعر من شعرائهم. ومُلَيْحٌ، مصغراً: حَيّ من خُزاعة

والنسبة إِليهم مُلَحِيٌّ مثال هُذَليٍّ.

التهذيب: والمِلاحُ أَن تشتكي الناقة حَياءَها فتؤخذَ خِرْقةٌ ويُطْلى

عليها دواء ثم تُلْصَقَ على الحياء فيَبرَأَ. وقال أَبو الهيثم: تقول

العرب للذي يَخْلِطُ كذباً بصِدْقٍ: هو يَخْصف حِذاءَه وهو يَرْتَثِئُ إِذا

خَلَط كذباً بحق، ويَمْتَلِحُ مثله، فإِذا قالوا فلان يَمْتَلِح، فهو

الذي لا يُخْلِصُ الصدق، وإِذا قالوا عند فلان كذب قليل، فهو الصَّدُوق الذي

لا يكذب، وإِذا قالوا إِن فلاناً يَمْتَذِقُ، فهو الكذوب.

الحملي

الحملي:
[في الانكليزية] Attributive
[ في الفرنسية] Attributif
عند المنطقيين يطلق على قسم من القياس الاقتراني كما يجيء في لفظ القياس. وعلى قسم من القضية مقابل للشرطية. ولكون الشرطية تنتهي بالتحليل إلى الحمليتين سمّيت الحملية بسيطة أيضا. وأبسط القضايا الحملية الموجبة كذا في شرح المطالع وتعريفها يذكر في لفظ القضية. ولها أي للقضية الحملية تقسيمات.
الأول باعتبار الطرفين فإن لم يكن حرف السلب جزءا من أحد طرفيهــا سمّيت محصّلة وإلّا سمّيت معدولة. الثاني باعتبار الجهة فإن كانت مشتملة على الجهة تسمّى موجّهة وإلّا تسمّى مطلقة. الثالث باعتبار الرابطة فإن ذكرت الرابطة تسمّى ثلاثية كقولنا زيد هو قائم، وإن لم تذكر سمّيت ثنائية كقولنا زيد قائم. وليست حاجة محمول هو كلمة أو اسم مشتق إلى الرابط حاجة الاسم الجامد لما فيهــما من الدلالة على النسبة إلى موضوع ما، مع أنّ الحاجة إلى الرابط للدلالة على النسبة إلى موضوع معين.
فإذن مراتب القضايا ثلاث ثنائية لم يدل فيهــا على نسبة أصلا وثلاثية تامّة دلّ فيهــا على النسبة إلى موضوع معيّن كالمذكور فيهــا رابطة غير زمانية، وثلاثية ناقصة دلّ فيهــا على النسبة إلى موضوع غير معيّن كالمذكور فيهــا رابطة زمانية أو التي محمولها كلمة أو اسم مشتق.
وهاهنا أبحاث. منها أنّ القضية التي محمولها كلمة أو اسم مشتق إن كانت ثلاثية لم يستقم عدّها في الثنائية وإن كانت ثنائية لم تنحصر المراتب في الثلاث، بل يكون هناك ثنائية دلّ فيهــا على النسبة. فالصواب تثليث المراتب بالثلاثية التي ذكرت فيهــا الرابطة.
والثنائية التّامّة التي لم تذكر فيهــا ولم تدل فيهــا على النسبة، والثنائية الزائدة التي دلّت فيهــا على النسبة وذلك لأنّه لا يمكن الدلالة على الحكم بدون الدلالة على النسبة، بخلاف العكس. فإذا دلّ على الحكم فقد دلّ على النسبة. فالقضية ثلاثية حينئذ أمّا إذا لم تدل على الحكم فربما لم تدل على النسبة أيضا فتكون ثنائية تامّة.
وربما تدلّ على النسبة فزيدت القضية دلالة على الثنائية لكنها تأخّرت عن مرتبتها إذ لم تتناول إلّا أحد جزئي مفهوم الرابط، وهو النسبة لا الحكم فهي ثنائية زائدة. وقال الإمام القضية التي محمولها كلمة أو اسم مشتقّ ثنائية في اللفظ ثلاثية بالطبع، لأنّ النسبة مدلول عليها تضمنا، فذكرها يوجب التكرار، وقد سبقت الإشارة إلى دفعه.
ثم اعلم أنّ من جعل روابط العرب الحركات الإعرابية وما يجري مجراها يقول إن كان التركيب العربي من المعربات وما يجري مجراها فالقضية ثلاثية كزيد قائم، وإن كان من المبنيات فهي ثنائية كقولنا هذا سيبويه.
الرابع باعتبار الموضوع فموضوع الحملية إن كان جزئيا حقيقيا سمّيت مخصوصة وشخصية لخصوص موضوعها وتشخّصه، موجبة كانت كقولنا زيد كاتب، أو سالبة كقولنا زيد ليس بكاتب. وإن كان كليّا فإن لم يذكر فيهــا السور بل أهمل بيان كمية الأفراد سمّيت مهملة موجبة نحو الإنسان حيوان أو سالبة نحو الانسان ليس بحجر وأن ذكر فيهــا السور سمّيت محصورة ومسوّرة موجبة نحو كل إنسان حيوان أو سالبة نحو ليس كلّ حيوان إنسانا. وأورد على الحصر أنّه لا يشتمل نحو الإنسان نوع. وأجيب بأنّها مندرجة تحت المخصوصة لأنّ كلية الموضوع إنّما يتصوّر لو حكم عليه باعتبار ما صدق عليه.
فالمراد أنّ الموضوع إمّا أن يحكم عليه باعتبار كليته أي صدقه على كثيرين أو لا. الثاني المخصوصة والأوّل المحصورة أو المهملة. وفيه أنّ القول بالاندراج يبطل تنزيلهم المخصوصات بمنزلة الكليات حتى يوردوها في كبرى الشكل الأول نحو: هذا زيد وزيد إنسان فهذا إنسان، وذلك لأنّه يصدق زيد إنسان والإنسان نوع مع كذب النتيجة وهي زيد نوع. وزاد البعض ترديد أو قال إن لم يبيّن كمية الأفراد أي كليتها وجزئيتها، فإن كان الحكم على ما صدق عليه الكلّي فهي المهملة، وإن كان الحكم على نفس الكلّي من حيث هو عام نحو الإنسان نوع فهي الطبيعية. ويقرب منه ما قيل إنّ الحكم على المفهوم الكلّي إمّا أن يكون حكما عليه من حيث يصدق على الجزئيات وهي الطبيعية، أو حكما على الجزئيات من حيث يصدق عليها الكلّي وهي المحصورة أو المهملة. ويرد عليه أنّه بقي قسم آخر وهو أن يكون الحكم على الكلّي من حيث هو، وأيضا تسمية تلك القضية طبيعية غير مناسبة لأنّ الحكم ليس فيهــا على الطبيعة من حيث هي هي، بل على المقيّدة بقيد العموم. ومنهم من قال إنّ موضوع القضية إن لم يصلح، لأن يقال على كثيرين فهي المخصوصة، سواء كان شخصا أو مقيدا بالعموم كقولنا الإنسان نوع. وإن صلح لأن يقال على كثيرين فمتعلّق الحكم إمّا الأفراد فهي إمّا محصورة أو مهملة أو نفس الكلّي وهي الطبيعية، فعاد البحث السابق من جعل العام مخصوصة. وقيل الموضوع إمّا ما صدق عليه الطبيعة وهي المحصورة أو المهملة، وإمّا نفس الطبيعة، فلا يخلو إمّا مع قيد التشخّص وهي المخصوصة أو مع قيد العموم وهي القضية العامة، أو من حيث هي هي، وهي الطبيعية.
والحق أنّ القيد لا يعتبر مع الموضوع ما لم يؤخذ الموضوع معه، فإذا حكم على الإنسان بحكم لا يكون ذلك الحكم من حيث إنّه عام أو خاص أو غير ذلك، فإنّه لو اعتبر القيود التي يصلح أخذها مع قيود الموضوع لم تنحصر القضية في الأربعة والخمسة. نعم إذا قيّد الموضوع بقيد فذلك الموضوع المقيّد إن كان جزئيا يكون القضية مخصوصة، وإن كان كليّا تجري أقسامه فيه فالأولى أن تربّع القسمة.
ويقال موضوع القضية إن كان جزئيا حقيقيا فهي المخصوصة، وإن كان كليا فالحكم إن كان على ما صدق عليه فهي المحصورة أو المهملة، وإلّا يكون الحكم على نفس الطبيعة الكلية، سواء قيّد بقيد كقولنا الإنسان من حيث إنه عام نوع، أو لم يقيّد كقولنا الإنسان نوع، إلّا أنّ الواجب أن لا يعتبر القيد ما لم يقيّد الموضوع به، فالموضوع في هذا المثال ليس إلّا الإنسان، اللهم إلّا أن يصرّح بالقيد، وكيف كان فالقضية طبيعية، فإنّ الحكم في أحد القسمين على طبيعة الكلّي المقيّد وفي الآخر على طبعية الكلّي المطلق. هذا كله خلاصة ما في شرح المطالع.
وفي السلّم الموضوع إن كان جزئيا فالقضية شخصية ومخصوصة، وإن كان كليا فإن حكم عليه بلا زيادة شرط فمهملة عند المتقدّمين، وإن حكم عليه بشرط الوحدة الذهنية فطبيعية، وإن حكم على أفراده فإن بيّن كمية الأفراد فمحصورة، وإن لم يبيّن. فمهملة عند المتأخرين انتهى. اعلم أنّ هذا التقسيم يجري في الشرطية أيضا كما يجيء.

أَجأ

أَجأ:
بوزن فعل، بالتحريك، مهموز مقصور، والنسب إليه أجئيّ بوزن أجعيّ: وهو علم مرتجل لاسم رجل سمّي الجبل به، كما نذكره، ويجوز أن يكون منقولا.
ومعناه الفرار، كما حكاه ابن الأعرابي، يقال: أجأ الرجل إذا فرّ، وقال الزمخشري: أجأ وسلمى جبلان عن يسار سميراء، وقد رأيتهما، شاهقان. ولم يقل عن يسار القاصد إلى مكة أو المنصرف عنها، وقال أبو عبيد السكوني: أجأ أحد جبلي طيّء وهو غربي فيد، وبينهما مسير ليلتين وفيه قرى كثيرة، قال:
ومنازل طيّء في الجبلين عشر ليال من دون فيد إلى أقصى أجإ، إلى القريّات من ناحية الشام، وبين المدينة والجبلين، على غير الجادّة: ثلاث مراحل. وبين الجبلين وتيماء جبال ذكرت في مواضعها من هذا الكتاب، منها دبر وغريّان وغسل. وبين كل جبلين يوم. وبين الجبلين وفدك ليلة. وبينهما وبين خيبر خمس ليال. وذكر العلماء بأخبار العرب أن أجأ سمّي باسم رجل وسمّي سلمى باسم امرأة. وكان من خبرهما أن رجلا من العماليق يقال له أجأ بن عبد الحيّ، عشق امرأة من قومه، يقال لها سلمى. وكانت لها حاضنة يقال لها العوجاء. وكانا يجتمعان في منزلها
حتى نذر بهما إخوة سلمى، وهم الغميم والمضلّ وفدك وفائد والحدثان وزوجها. فخافت سلمى وهربت هي وأجأ والعوجاء، وتبعهم زوجها وإخوتها فلحقوا سلمى على الجبل المسمى سلمى، فقتلوها هناك، فسمّي الجبل باسمها. ولحقوا العوجاء على هضبة بين الجبلين، فقتلوها هناك، فسمّي المكان بها. ولحقوا أجأ بالجبل المسمّى بأجإ، فقتلوه فيه، فسمّي به.
وأنفوا أن يرجعوا إلى قومهم، فسار كل واحد إلى مكان فأقام به فسمي ذلك المكان باسمه، قال عبيد الله الفقير إليه: وهذا أحد ما استدللنا به على بطلان ما ذكره النحويّون من أن أجأ مؤنثة غير مصروفة، لأنه جبل مذكّر، سمّي باسم رجل، وهو مذكر.
وكأنّ غاية ما التزموا به قول امرئ القيس:
أبت أجأ أن تسلم العام جارها، ... فمن شاء فلينهض لها من مقاتل
وهذا لا حجّة لهم فيه، لأن الجبل بنفسه لا يسلم أحدا، إنما يمنع من فيه من الرجال. فالمراد: أبت قبائل أجإ، أو سكّان أجإ، وما أشبهه، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، يدلّ على ذلك عجز البيت، وهو قوله:
فمن شاء فلينهض لها من مقاتل
والجبل نفسه لا يقاتل، والمقاتلة مفاعلة ولا تكون من واحد، ووقف على هذا من كلامنا نحويّ من أصدقائنا وأراد الاحتجاج والانتصار لقولهم، فكان غاية ما قاله: أن المقاتلة في التذكير والتأنيث مع الظاهر وأنت تراه قال: أبت أجأ. فالتأنيث لهذا الظاهر ولا يجوز أن يكون للقبائل المحذوفة بزعمك، فقلت له: هذا خلاف لكلام العرب، ألا ترى إلى قول حسان بن ثابت:
يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى، يصفّق بالرحيق السّلسل
لم يرو أحد قط يصفّق إلا بالياء آخر الحروف لأنه يريد يصفّق ماء بردى، فرده إلى المحذوف وهو الماء، ولم يردّه إلى الظاهر، وهو بردى. ولو كان الأمر على ما ذكرت، لقال: تصفّق، لأن بردى مؤنث لم يجيء على وزنه مذكّر قط. وقد جاء الردّ على المحذوف تارة، وعلى الظاهر أخرى، في قول الله، عز وجل: وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أوهم قائلون، ألا تراه قال: فجاءها فردّ على الظاهر، وهو القرية، ثم قال: أو هم قائلون فردّ على أهل القرية وهو محذوف، وهذا ظاهر، لا إشكال فيه. وبعد فليس هنا ما يتأوّل به التأنيث، إلا أن يقال: إنه أراد البقعة فيصير من باب التّحكّم، لأن تأويله بالمذكّر ضروريّ، لأنه جبل، والجبل مذكّر، وإنه سمي باسم رجل بإجماع كما ذكرنا، وكما نذكره بعد في رواية أخرى، وهو مكان وموضع ومنزل وموطن ومحلّ ومسكن. ولو سألت كل عربيّ عن أجإ لم يقل إلا أنه جبل، ولم يقل بقعة. ولا مستند إذا للقائل بتأنيثه البتة. ومع هذا فإنني إلى هذه الغاية لم أقف للعرب على شعر جاء فيه ذكر أجإ غير مصروف، مع كثرة استعمالهم لترك صرف ما ينصرف في الشعر، حتى إن أكثر النحويين قد رجّحوا أقوال الكوفيّين في هذه المسألة، وأنا أورد في ذلك من أشعارهم ما بلغني منها، البيت الذي احتجّوا به وقد مرّ، وهو قول امرئ القيس: أبت أجأ، ومنها قول عارق الطائي:
ومن مبلغ عمرو بن هند رسالة، ... إذا استحقبتها العيس تنضى من البعد
أيوعدني، والرمل بيني وبينه! تأمّل رويدا ما أمامة من هند ومن أجإ حولي رعان، كأنها قنابل خيل من كميت ومن ورد
قال العيزار بن الأخفش الطائي، وكان خارجيا:
ألا حيّ رسم الدّار أصبح باليا، ... وحيّ، وإن شاب القذال، الغوانيا
تحمّلن من سلمى فوجّهن بالضّحى ... إلى أجإ، يقطعن بيدا مهاويا
وقال زيد بن مهلهل الطائي:
جلبنا الخيل من أجإ وسلمى، ... تخبّ نزائعا خبب الرّكاب
جلبنا كلّ طرف أعوجيّ، ... وسلهبة كخافية الغراب
نسوف للحزام بمرفقيها، ... شنون الصّلب صمّاء الكعاب
وقال لبيد يصف كتيبة النّعمان:
أوت للشباح، واهتدت بصليلها ... كتائب خضر ليس فيهــنّ ناكل
كأركان سلمى، إذ بدت أو كأنّها ... ذرى أجإ، إذ لاح فيه مواسل
فقال فيه ولم يقل فيهــا، ومواسل قنّة في أجإ، وأنشد قاسم بن ثابت لبعض الأعراب:
إلى نضد من عبد شمس، كأنهم ... هضاب أجا أركانه لم تقصّف
قلامسة ساسوا الأمور، فأحكموا ... سياستها حتى أقرّت لمردف
وهذا، كما تراه، مذكّر مصروف، لا تأويل فيه لتأنيثه.
فإنه لو أنّث لقال: أركانها، فإن قيل هذا لا حجّة فيه لأن الوزن يقوم بالتأنيث، قيل قول امرئ القيس أيضا، لا يجوز لكم الاحتجاج به لأن الوزن يقوم بالتذكير، فيقول: أبى أجأ لكنّا صدّقناكم فاحتججنا، ولا تأويل فيهــا، وقول الحيص بيص:
أجأ وسلمى أم بلاد الزاب، ... وأبو المظفّر أم غضنفر غاب
ثم إني وقفت بعد ما سطرته آنفا، على جامع شعر امرئ القيس، وقد نصّ الأصمعي على ما قلته، وهو: أن اجأ موضع، وهو أحد جبلي طيّء، والآخر سلمى. وإنما أراد أهل أجإ، كقول الله، عزّ وجل:
واسأل القرية، يريد أهل القرية، هذا لفظه بعينه. ثم وقفت على نسخة أخرى من جامع شعره، قيل فيه:
أرى أجأ لن يسلم العام جاره
ثم قال في تفسير الرواية الأولى: والمعنى أصحاب الجبل لم يسلموا جارهم. وقال أبو العرماس: حدثني أبو محمد أنّ أجأ سمّي برجل كان يقال له أجأ، وسمّيت سلمى بامرأة كان يقال لها سلمى، وكانا يلتقيان عند العوجاء، وهو جبل بين أجإ وسلمى، فسمّيت هذه الجبال بأسمائهم. ألا تراه قال: سمي أجأ برجل وسميت سلمى بامرأة، فأنّث المؤنث وذكّر المذكّر. وهذا إن شاء الله كاف في قطع حجاج من خالف وأراد الانتصار بالتقليد. وقد جاء أجا مقصورا غير مهموز في الشعر، وقد تقدّم له شاهد في البيتين اللذين على الفاء، قال العجّاج:
والأمر ما رامقته ملهوجا ... يضويك ما لم يج منه منضجا
فإن تصر ليلى بسلمى أو أجا، ... أو باللوى أو ذي حسا أو يأججا
وأما سبب نزول طيّء الجبلين، واختصاصهم بسكناهما دون غيرهم من العرب، فقد اختلفت الرّواة فيه. قال ابن الكلبي، وجماعة سواه: لما تفرق بنو سبا أيام سيل العرم سار جابر وحرملة ابنا أدد بن زيد بن الهميسع قلت: لا أعرف جابرا وحرملة وفوق كل ذي علم عليم، وتبعهما ابن أخيهما طيّء، واسمه جلهمة، قلت: وهذا أيضا لا أعرفه، لأن طيّئا عند ابن الكلبي، هو جلهمة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان. والحكاية عنه، وكان أبو عبيدة، قال زيد بن الهميسع: فساروا نحو تهامة وكانوا فيما بينها وبين اليمن، ثم وقع بين طيّء وعمومته ملاحاة ففارقهم وسار نحو الحجاز بأهله وماله وتتبّع مواقع القطر، فسمّي طيّئا لطيّه المنازل، وقيل إنه سمّي طيّئا لغير ذلك، وأوغل طيّء بأرض الحجاز، وكان له بعير يشرد في كل سنة عن إبله، ويغيب ثلاثة أشهر، ثم يعود إليه وقد عبل وسمن وآثار الخضرة بادية في شدقيه، فقال لابنه عمرو: تفقّد يا بنيّ هذا البعير فإذا شرد فاتبع أثره حتى تنظر إلى أين ينتهي. فلما كانت أيام الربيع وشرد البعير تبعه على ناقة له فلم يزل يقفر أثره حتى صار إلى جبل طيء، فأقام هنالك ونظر عمرو إلى بلاد واسعة كثيرة المياه والشجر والنخيل والريف، فرجع إلى أبيه وأخبره بذلك فسار طيء بإبله وولده حتى نزل الجبلين فرآهما أرضا لها شأن، ورأى فيهــا شيخا عظيما، جسيما، مديد القامة، على خلق العاديّين ومعه امرأة على خلقه يقال لها سلمى، وهي امرأته وقد اقتسما الجبلين بينهما بنصفين، فأجأ في أحد النصفين وسلمى في الآخر، فسألهما طيء عن أمرهما، فقال الشيخ: نحن من بقايا صحار غنينا بهذين الجبلين عصرا بعد عصر، أفنانا كرّ الليل والنهار، فقال له طيء:
هل لك في مشاركتي إياك في هذا المكان فأكون لك مؤنسا وخلّا؟ فقال الشيخ: إنّ لي في ذلك رأيا فأقم فإن المكان واسع، والشجر يانع، والماء طاهر، والكلأ غامر. فأقام معه طيء بإبله وولده بالجبلين، فلم يلبث الشيخ والعجوز إلا قليلا حتى هلكا وخلص المكان لطي فولده به إلى هذه الغاية.
قالوا: وسألت العجوز طيّئا ممّن هو، فقال طيء:
إنّا من القوم اليمانيّينا ... إن كنت عن ذلك تسألينا
وقد ضربنا في البلاد حينا ... ثمّت أقبلنا مهاجرينا
إذ سامنا الضّيم بنو أبينا ... وقد وقعنا اليوم فيما شينا
ريفا وماء واسعا معينا
ويقال إن لغة طيء هي لغة هذا الشيخ الصّحاري والعجوز امرأته. وقال أبو المنذر هشام بن محمد في كتاب افتراق العرب: لما خرجت طيء من أرضهم من الشحر ونزلوا بالجبلين، أجإ وسلمى، ولم يكن بهما أحد وإذا التمر قد غطّى كرانيف النخل، فزعموا أن الجنّ كانت تلقّح لهم النخل في ذلك الزمان، وكان في ذلك التمر خنافس، فأقبلوا يأكلون التمر والخنافس، فجعل بعضهم يقول: ويلكم الميّث أطيب من الحيّ. وقال أبو محمد الأعرابي أكتبنا أبو الندى قال: بينما طيء ذات يوم جالس مع ولده بالجبلين إذ أقبل رجل من بقايا جديس، ممتدّ القامة، عاري الجبلّة، كاد يسدّ الأفق طولا، ويفرعهم باعا، وإذا هو الأسود بن غفار بن الصّبور الجديسي،
وكان قد نجا من حسّان تبّع اليمامة ولحق بالجبلين، فقال لطي: من أدخلكم بلادي وإرثي عن آبائي؟
اخرجوا عنها وإلا فعلت وفعلت. فقال طيء:
البلاد بلادنا وملكنا وفي أيدينا، وإنما ادّعيتها حيث وجدتها خلاء. فقال الأسود: اضربوا بيننا وبينكم وقتا نقتتل فيه فأيّنا غلب استحقّ البلد. فاتّعدا لوقت، فقال طيء لجندب بن خارجة بن سعد بن فطرة بن طيء وأمّه جديلة بنت سبيع بن عمرو ابن حمير وبها يعرفون، وهم جديلة طيء، وكان طيء لها مؤثرا، فقال لجندب: قاتل عن مكرمتك.
فقالت أمه: والله لتتركنّ بنيك وتعرضنّ ابني للقتل! فقال طيء: ويحك إنما خصصته بذلك.
فأبت، فقال طيء لعمرو بن الغوث بن طيء:
فعليك يا عمرو الرجل فقاتله. فقال عمرو: لا أفعل، وأنشأ يقول وهو أول من قال الشعر في طيء بعد طيء:
يا طيء أخبرني، ولست بكاذب، ... وأخوك صادقك الذي لا يكذب
أمن القضيّة أن، إذا استغنيتم ... وأمنتم، فأنا البعيد الأجنب
وإذا الشدائد بالشدائد مرّة، ... أشجتكم، فأنا الحبيب الأقرب
عجبا لتلك قضيّتي، وإقامتي ... فيكم، على تلك القضيّة، أعجب
ألكم معا طيب البلاد ورعيها، ... ولي الثّماد ورعيهنّ المجدب
وإذا تكون كريهة أدعى لها، ... وإذا يحاس الحيس يدعى جندب
هذا لعمركم الصّغار بعينه، ... لا أمّ لي، إن كان ذاك، ولا أب
فقال طيء: يا بنيّ إنها أكرم دار في العرب. فقال عمرو: لن أفعل إلا على شرط أن لا يكون لبني جديلة في الجبلين نصيب. فقال له طيء: لك شرطك.
فأقبل الأسود بن غفار الجديسي للميعاد ومعه قوس من حديد ونشّاب من حديد فقال: يا عمرو إن شئت صارعتك وإن شئت ناضلتك وإلا سايفتك.
فقال عمرو: الصّراع أحبّ إليّ فاكسر قوسك لأكسرها أيضا ونصطرع. وكانت لعمرو بن الغوث ابن طيء قوس موصولة بزرافين إذا شاء شدّها وإذا شاء خلعها، فأهوى بها عمرو فانفتحت عن الزرافين واعترض الأسود بقوسه ونشّابه فكسرها، فلما رأى عمرو ذلك أخذ قوسه فركّبها وأوترها وناداه: يا أسود استعن بقوسك فالرمي أحبّ إليّ. فقال الأسود: خدعتني. فقال عمرو: الحرب خدعة، فصارت مثلا، فرماه عمرو ففلق قلبه وخلص الجبلان لطي، فنزلهما بنو الغوث، ونزلت جديلة السهل منهما لذلك. قال عبيد الله الفقير إليه:
في هذا الخبر نظر من وجوه، منها أن جندبا هو الرابع من ولد طيء فكيف يكون رجلا يصلح لمثل هذا الأمر؟ ثم الشعر الذي أنشده وزعم أنه لعمرو ابن الغوث، وقد رواه أبو اليقظان وأحمد بن يحيى ثعلب وغيرهما من الرّواة الثقات لهانىء بن أحمر الكناني شاعر جاهليّ. ثم كيف تكون القوس حديدا وهي لا تنفذ السّهم إلّا برجوعها؟ والحديد إذا اعوجّ لا يرجع البتّة. ثم كيف يصحّ في العقل أن قوسا بزرافين؟
هذا بعيد في العقل إلى غير ذلك من النظر. وقد روى بعض أهل السير من خبر الأسود بن غفار ما هو أقرب إلى القبول من هذا، وهو أنّ الأسود لما أفلت
من حسّان تبّع، كما نذكره إن شاء الله تعالى في خبر اليمامة، أفضى به الهرب حتى لحق بالجبلين قبل أن ينزلهما طيء، وكانت طيء تنزل الجوف من أرض اليمن، وهي اليوم محلّة همدان ومراد، وكان سيّدهم يومئذ أسامة بن لؤي بن الغوث بن طيء وكان الوادي مسبعة وهم قليل عددهم فجعل ينتابهم بعير في زمن الخريف يضرب في إبلهم، ولا يدرون أين يذهب، إلا أنهم لا يرونه إلى قابل، وكانت الأزد قد خرجت من اليمن أيام سيل العرم فاستوحشت طيء لذلك وقالت: قد ظعن إخواننا وساروا إلى الأرياف، فلما همّوا بالظعن، قالوا لأسامة: إن هذا البعير الذي يأتينا إنما يأتينا من بلد ريف وخصب وإنا لنرى في بعره النّوى، فلو إنا نتعهده عند انصرافه فشخصنا معه لعلنا نصيب مكانا خيرا من مكاننا. فلما كان الخريف جاء البعير فضرب في إبلهم، فلما انصرف تبعه أسامة بن لؤي بن الغوث وحبّة بن الحارث بن فطرة بن طيء فجعلا يسيران بسير الجمل وينزلان بنزوله، حتى أدخلهما باب أجإ، فوقفا من الخصب والخير على ما أعجبهما، فرجعا إلى قومهما فأخبراهم به فارتحلت طيء بجملتها إلى الجبلين، وجعل أسامة بن لؤي يقول:
اجعل ظريبا كحبيب ينسى، ... لكلّ قوم مصبح وممسى
وظريب اسم الموضع الذي كانوا ينزلون فيه قبل الجبلين، قال فهجمت طيء على النخل بالشّعاب على مواش كثيرة، وإذا هم برجل في شعب من تلك الشعاب وهو الأسود بن غفار، فهالهم ما رأوا من عظم خلقه وتخوّفوه، فنزلوا ناحية من الأرض فاستبرؤوها فلم يروا بها أحدا غيره. فقال أسامة بن لؤي لابن له يقال له الغوث: يا بنيّ إن قومك قد عرفوا فضلك في الجلد والبأس والرّمي، فاكفنا أمر هذا الرجل، فإن كفيتنا أمره فقد سدت قومك آخر الدهر، وكنت الذي أنزلتنا هذا البلد. فانطلق الغوث حتى أتى الرجل، فسأله، فعجب الأسود من صغر خلق الغوث، فقال له:
من أين أقبلتم؟ فقال له: من اليمن. وأخبره خبر البعير ومجيئهم معه، وأنهم رهبوا ما رأوا من عظم خلقه وصغرهم عنه، فأخبرهم باسمه ونسبه. ثم شغله الغوث ورماه بسهم فقتله، وأقامت طيء بالجبلين وهم بهما إلى الآن. وأما أسامة بن لؤي وابنه الغوث هذا فدرجا ولا عقب لهما.

صَرَطَ 

(صَرَطَ) الصَّادُ وَالرَّاءُ وَالطَّاءُ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي السِّينِ، وَهُوَ الطَّرِيقُ. قَالَ:

أَكُرُّ عَلَى الْحَرُورِيِّينَ مُهْرِي ... وَأَحْمِلُهُمْ عَلَى وَضَحِ الصِّرَاطِ

فَالَّذِي جَاءَ مِنْهُ عَلَى الْقِيَاسِ، الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

[وَأَمَّا الْمَنْحُوتُ] فَقَوْلُهُمْ (الصَّعْنَبُ) الصَّغِيرُ الرَّأْسِ، فَهَذَا مِمَّا زِيدَتْ فِيهِ الْبَاءُ، وَأَصْلُهُ الصَّادُ وَالْعَيْنُ وَالنُّونُ، وَقَدْ قُلْنَاهُ فِي الصِّعْوَنِّ، وَمَضَى تَفْسِيرُهُ.

وَمِنَ الْبَابِ: (اصْمَقَرَّ) اللَّبَنُ، إِذَا اشْتَدَّتْ حُمُوضَتُهُ. وَهَذَا مَنْحُوتٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ. مِنْ صَقَرَ وَمَقَرَ. أَمَّا مَقِرٌ فَهُوَ الْحَامِضُ،

وَمِنْ ذَلِكَ يُقَالُ: سَمَكٌ مَمْقُورٌ. وَأَمَّا صَقِرٌ فَمِنَ الْخُثُورَةِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الدِّبْسُ صَقْرًا، وَقَدْ مَرَّ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: بَعِيرٌ (صَلْخَدٌ) ، أَيْ صُلْبٌ، فَاللَّامُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْ صَخَدَ، وَالصَّخْرَةُ الصَّيْخُودُ، وَقَدْ فَسَّرْنَاهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ: (الصَِّلْقَمُ) ، وَهُوَ الشَّدِيدُ الْعَضِّ. وَهَذِهِ مَنْحُوتَةٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ: مَنْ صَلَقَ وَلَقَمَ، كَأَنَّهُ يَجْعَلُ الشَّيْءَ كَاللُّقْمَةِ. وَالصَّلْقُ مِنَ الْأَنْيَابِ الصَّلَقَاتُ، وَقَدْ مَضَى.

وَمِنْ ذَلِكَ: (الصِّرْدَاحُ) وَ (الصَّرْدَحُ) ، وَهِيَ النَّاقَةُ الصُّلْبَةُ. وَهَذَا مِمَّا زِيدَتْ فِيهِ الدَّالُ. وَأَصْلُهُ مِنَ الصَّرْحِ، وَهُوَ الْبِنَاءُ الْعَالِي الْقَوِيُّ.

وَمِنْ ذَلِكَ كَلِمَةٌ ذَكَرَهَا ابْنُ دُرَيْدٍ، وَهِيَ فِي الْقِيَاسِ جَيِّدَةٌ صَحِيحَةٌ. قَالَ: " نَاقَةٌ صَيْلَخُودٌ: صُلْبَةُ شَدِيدَةٌ "، وَقَدْ فَسَّرْنَاهَا فِي الصَّلْخَدِ.

وَمِنْ ذَلِكَ (اصْمَعَدَّ) الرَّجُلُ: ذَهَبَ فِي الْأَرْضِ. وَهَذَا مِمَّا زِيدَتْ فِيهِ الْمِيمُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَصْعَدَ فِي الْأَرْضِ، وَقَدْ فَسَّرْنَاهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ (صَلْفَعَ) رَأْسَهُ، إِذَا حَلَقَهُ. وَالْفَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنَ الصَّلَعِ. وَقَالَ قَوْمٌ: صَلْفَعَهُ، إِذَا ضَرَبَ عُنُقَهُ. وَهُوَ قَرِيبٌ، إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَقْيَسُ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْأَحْمَرِ: (صَلْمَعْتُ) الشَّيْءَ، إِذَا قَلَعْتَهُ مِنْ أَصْلِهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: صَلْمَعَ رَأْسَهُ، إِذَا حَلَقَ شَعْرَهُ. وَالْمِيمُ فِي الْكَلِمَتَيْنِ زَائِدَةٌ. وَيُقَالُ إِنَّ (الصَّلْمَعَةَ) وَالصَّلْفَعَةَ:) الْإِفْلَاسُ. وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَمِنْ ذَلِكَ (الصِّمْرِدُ) النَّاقَةُ الْقَلِيلَةُ اللَّبَنِ، وَالْمِيمُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنْ صَرَدَ. وَقَدْ قُلْنَا إِنَّ التَّصْرِيدَ: التَّقْلِيلُ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الصُّمَّلِكُ) الشَّدِيدُ الْقُوَّةِ، وَالْكَافُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَالْأَصْلُ الصُّمُلُّ.

وَمِنَ الْبَابِ (الصَّهْصَلِقُ) الشَّدِيدُ الصَّوْتِ الصَّخَّابُ. يُقَالُ: امْرَأَةٌ صَهْصَلِقٌ: صَخَّابَةٌ. وَهَذَا مَنْحُوتٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ: مِنْ صَهَلَ وَصَلَقَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا. قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ:

صَهْصَلِقُ الصَّوْتِ إِذَا مَا غَدَتْ ... لَمْ يَطْمَعِ الصَّقْرُ بِهَا الْمُنْكَدِرْ

وَمِنْ ذَلِكَ (الْمُصْمَئِلَّةُ) الدَّاهِيَةُ. وَالْأَصْلُ صَمَلَ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الصَّفَارِيتُ) ، وَهُمُ الْفُقَرَاءُ، الْوَاحِدُ صِفْرِيتُ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وَلَا خُورٍ صَفَارِيتِ

وَالتَّاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ الصِّفْرُ، وَهُوَ الْخَالِي.

وَمِنْ ذَلِكَ (الصَّعْنَبَةُ) ، أَيْ تَصَوْمُعُ الثَّرِيدَةِ. وَالْبَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنَ الْمُصْعَنِّ وَالصِّعْوَنِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الصَّمْعَرَةُ) وَهُوَ مَا غَلُظَ مِنَ الْأَرْضِ. وَ (الصَّمْعَرِيَّةُ) مِنَ الْحَيَّاتِ: الْخَبِيثَةُ. وَ (الصَّمْعَرِيُّ) اللَّئِيمُ. وَقِيَاسُ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَاحِدٌ، وَهِيَ مَنْحُوتَةٌ مِنْ صَمَرَ وَمَعَرَ. أَمَّا صَمَرَ فَاشْتَدَّ. وَأَمَّا مَعَرَ فَقَلَّ نَبْتُهُ وَخَيْرُهُ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَابِهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الصِّمْلَاخُ) خَرْقُ الْأُذُنِ، وَاللَّامُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ الصِّمَاخُ، وَقَدْ ذُكِرَا.

وَمِنْ ذَلِكَ (الصُّمَالِخُ) اللَّبَنُ الْخَاثِرُ الْمُتَلَبِّدُ. فَهَذَا مِنْ صَلَخَ وَصَمَلَ. أَمَّا صَمَلَ فَاشْتَدَّ، وَأَمَّا صَلَخَ فَمِنَ الصَّمَمِ. فَكَأَنَّ اللَّبَنَ إِذَا خَثُرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ صَبِّهِ صَوْتٌ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الصِّقَعْلُ) وَهُوَ التَّمْرُ الْيَابِسُ. وَهَذَا مِنَ الصَّقْلِ. وَالْعَيْنُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا يَبِسَ صَارَ كَالشَّيْءِ الصَّقِيلِ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الصِّلْدَمَةُ) الْفَرَسُ الشَّدِيدَةُ. وَهَذِهِ مِنْ صَلَدَ وَصَدَمَ. أَمَّا الصَّلْدُ فَالشَّدِيدُ، وَهُوَ مِنَ الصَّخْرَةِ الصَّلْدِ. وَالصَّدْمُ مِنْ صَدْمِ الشَّيْءِ، وَقَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ. فَأَمَّا (الصِّنْتِيتُ) وَهُوَ السَّيِّدُ، فَمَضَى ذِكْرُهُ ; لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، وَهُوَ الصِّنْدِيدُ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الصَّقْعَبُ) الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ. فَهَذَا مَنْحُوتٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ مِنْ صَقَبَ وَصَعَبَ. أَمَّا الصَّقْبُ فَالطَّوِيلُ، وَالصَّعْبُ مِنَ الصُّعُوبَةِ.

وَمِنْ ذَلِكَ (الصَّلْهَبُ) الرَّجُلُ الطَّوِيلُ، فَهَذَا مَعْنَيَانِ: الْإِبْدَالُ وَالزِّيَادَةُ. أَمَّا الْإِبْدَالُ فَالصَّادُ بَدَلَ السِّينِ، وَهُوَ السَّلْهَبُ. وَإِذَا كَانَتِ الْهَاءُ زَائِدَةٌ فَهُوَ مِنَ السَّلِبِ، وَهُوَ الطَّوِيلُ. وَأَمَّا الَّذِي وُضِعَ وَضْعًا، وَهُوَ غَيْرُ مُنْقَاسٍ عِنْدِي، (فَالصُّنْبُورُ) النَّخْلَةُ تَبْقَى مُنْفَرِدَةً وَيَدِقُّ أَسْفَلُهَا. وَالصُّنْبُورُ: مَثْعَبُ الْحَوْضِ. وَالصُّنْبُورُ: الرَّجُلُ الْفَرْدُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا أَخَ. وَالصُّنْبُورُ: الْقَصَبَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْإِدَاوَةِ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ رَصَاصٍ يُشْرَبُ بِهَا. وَأَمَّا (الصِّنَّبْرُ) وَهُوَ الْبَرْدُ الشَّدِيدُ، فَالنُّونُ وَالْبَاءُ فِيهِ زَائِدَتَانِ، وَهُوَ مِنَ الصِّرِّ.

وَمِمَّا وُضِعَ وَضْعًا، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ كَالنَّبَزِ: (الصَّعَافِقَةُ) يُقَالُ: الَّذِينَ لَيْسَتْ مَعَهُمْ رُءُوسُ أَمْوَالٍ، يَحْضُرُونَ الْأَسْوَاقَ فَإِذَا اشْتَرَى وَاحِدٌ شَيْئًا دَخَلُوا مَعَهُ فِيهِ.

الطّبيعة

الطّبيعة:
[في الانكليزية] Nature ،physics
[ في الفرنسية] Nature ،physique

بالفتح وكسر الموحدة وبالفارسية: السّجيّة التي جبل الإنسان وطبع عليها، سواء صدرت عنها صفات نفسية أولا، كالطّباع بالكسر إذ الطّباع ما ركّب فينا من المطعم والمشرب وغير ذلك من الأخلاق التي لا تزايلنا، وكذا الغريزة هي الصفة الخلقية أي التي خلقت عليها كأنّها غرزت فيهــا، هكذا ذكر صاحب الأطول والسّيّد السّند. ولا تخرج سجية غير الإنسان من الحيوانات فإنّ قيد الإنسان وقع اتفاقا لا يقصد منه الاحتراز، وأيضا هذا تعريف لفظي فيجوز بالأخصّ ولكونه تعريفا لفظيا لا يلزم تعريف الشيء بنفسه من قوله وطبع عليها كما في العلمي في فصل الفلك قابل للحركة المستديرة.
والطّبع بالفتح وسكون الباء أيضا بمعنى الطبيعة.

قال في الصّراح: الطّبع هو فطرة النّاس التي فطروا عليها،، وهو في الأصل مصدر طبيعة طباع كذلك انتهى.
والطبيعة في اصطلاح العلماء تطلق على معان. منها مبدأ أول لحركة ما هي فيه وسكونه بالذات لا بالعرض. والمراد بالمبدإ المبدأ الفاعلي وحده، وبالحركة أنواعها الأربعة أعني الأينية والوضيعة والكمّية والكيفية، وبالسكون ما يقابلها جميعا وهي بانفرادها لا تكون مبدأ للحركة والسكون معا، بل مع اتصاف شرطين هما عدم الحالة الملائمة ووجودها. ويراد بما هي فيه ما يتحرّك ويسكن بها وهو الجسم، ويحترز به عن المبادئ القسرية والصناعية فإنّها لا تكون مبادي لحركة ما هي فيه، وبالأول عن النفوس الأرضية فإنها تكون مبادي لحركات ما هي فيه كالإنماء مثلا إلّا أنّها تكون مبادي باستخدام الطبائع والكيفيات، وتوسّط الميل بين الطبيعة والجسم عند التحرّك لا يخرجها عن كونها مبدأ أوّلا لأنّه بمنزلة آلة لها. والمراد بقولهم بالذات أحد المعنيين: الأول بالقياس إلى المتحرّك أي أنها تحرّك بذاتها لا عن تسخير قاسر إيّاها. والثاني بالقياس إلى المتحرّك وهو أن يتحرّك الجسم بذاته لا عن سبب خارج. ويراد بقولهم لا بالعرض أيضا أحد المعنيين: الأول بالقياس إلى المتحرّك وهو أنّ الحركة الصادرة عنها لا تصدر بالعرض كحركة السفينة، والثاني بالقياس إلى المتحرّك وهو أنّها تحرّك الشيء الذي ليس متحرّكا بالعرض كصنم من نحاس، فإنّه يتحرّك من حيث هو صنم بالعرض. والطبيعة بهذا المعنى تقارب الطّبع الذي يعمّ الأجسام حتى الفلك، كذا قال المحقّق الطوسي في شرح الإشارات في البسائط. فعلى هذا يكون ضمير هي راجعا إلى المبدأ بتأويل الطبيعة. وقوله بالذات احتراز عن طبيعة المقسور. وقوله لا بالعرض احتراز عن مبدأ الحركة العرضية. ولا يخفى أنّ قوله بالذات على هذا مستدرك لأنّ مبدأ الحركة القسرية لا يكون في الجسم بل في القاسر.
وقيل ضمير هي راجع إلى حركة، ويلزم على هذا استدراك قوله ما هي فيه إذ يكفي أن يقال إنّه مبدأ أول للحركة والسكون. ثم التحقيق أنّ مبدأ الحركة القسرية قوة في ذات المقسور أوجدها القاسر فيه. فبقيد ما هي فيه لا يخرج مبدأ الحركة القسرية ولا بقوله بالذات. وأيضا قوله لا بالعرض مستدرك ويمكن أن يقال إنّ ضمير هي راجع إلى المبدأ ويكون قوله ما هي فيه احترازا عن مبدأ الحركة العرضية فإنّه ليس في المتحرّك بالعرض. ومعنى قوله بالذات أنّ حصول المبدأ في الجسم المتحرّك بالذات فخرج مبدأ الحركة القسرية، فإنّ حصوله فيه بسبب القاسر. ومعنى قوله لا بالعرض لا باعتبار العرض، وهو إشارة إلى أنّ الحركة مثلا في الكرة المتحرّكة من حيث إنّها كرة تعرض للجسم والكرة معا عروضا واحدا، إلّا أنّه للجسم والكرة معا عروضا واحدا، إلّا أنّه للجسم لذاته وللكرة بتوسّطه؛ لكنّ إطلاق الطبيعة على مبدأ تلك الحركة بالاعتبار الأول لا بالاعتبار الثاني، فتأمّل. هكذا ذكر عبد العلي البرجندي في حاشية الجغميني في الخطبة.
ومنها مبدأ أول لحركة ما هي فيه وسكونه بالذات لا بالعرض من غير إرادة وهذا المعنى لا يشتمل لما له شعور فيكون أخصّ من الأول. قال السّيّد السّند في حاشية المطول في فنّ البيان: الطبيعة قد يخصّ بما يصدر عنها الحركة والسكون فيما هو فيه أوّلا وبالذات من غير إرادة، وهكذا ذكر المحقّق الطوسي في شرح الإشارات. وفي بعض شرح التجريد أنّ استعمال الطبيعة في هذا المعنى أكثر منه في الأول حيث قال إنّ الطّباع يتناول ماله شعور وإرادة وما لا شعور له، والطبيعة في أكثر استعمالاتها مقيّدة بعدم الإرادة. والطّبع قد يطلق على معنى الطّباع وقد يطلق على معنى الطبيعة، انتهى كلامه. وفي بعض حواشي شرح هداية الحكمة أنّ الطبيعة أيضا تطلق على سبيل النّدرة مرادفة للطّباع كما صرّح به بعض المحقّقين.
ومنها مبدأ أول لحركة ما هي فيه وسكونه بالذات لا بالعرض على نهج واحد من غير إرادة، وهذا المعنى أخصّ من الأولين. قال المحقق الطوسي في شرح الإشارات: الطبيعة مبدأ أول لحركة ما هي فيه وسكونه بالذات لا بالعرض، وشرح هذا كما عرفت. ثم قال:
وربما يزاد في هذا التعريف قولهم على نهج واحد من غير إرادة، وحينئذ يتخصّص المعنى المذكور بما يقابل النفس وذلك لأنّ المتحرّك يتحرّك إمّا على نهج واحد أولا على نهج واحد، وكلاهما بإرادة أو من غير إرادة. فمبدأ الحركة على نهج واحد ومن غير إرادة هو الطبيعة، وبإرادة هو القوة الفلكية، ومبدأها لا على نهج واحد من غير إرادة هو القوة النباتية، وبإرادة هو القوة الحيوانية، والقوى الثلاث تسمّى نفوسا، انتهى، ومما يؤيّده ما وقع في شرح حكمة العين في بيان النفس النباتية من أن الأفعال الصادرة عن صور أنواع الأجسام. منها ما يصدر عن إدراك وإرادة وينقسم إلى ما يكون الفعل الصادر منه على وتيرة واحدة كما للأفلاك، وإلى ما لا يكون على وتيرة واحدة بل على جهات مختلفة كما للحيوان. ومنها ما لا يصدر عن إرادة وإدراك وينقسم إلى ما يكون على وتيرة واحدة وهي القوّة السّخرية كما يكون للبسائط العنصرية كميل الأجزاء الأرضية إلى المركز، وإلى ما لا يكون على وتيرة واحدة بل على جهات مختلفة كما يكون للنبات والحيوان من أفاعيل القوّة التي توجب الزيادة في الأقطار المختلفة، وللقوة السخرية خصوصا باسم الطبيعة، والثلاثة الباقية يسمّونها النفس. ومنها الصورة النوعية بل الصورة الجسمية أيضا كما مرّ. ومنها الحقيقة كما ذكر عبد العلي البرجندي في حاشية الجغميني، وهذا هو المراد بالطبيعة الواقعة في تعريف الخاصة المطلقة. ومنها المفهوم الذي إذا أخذ من حيث هو هو لا يمنع وقوع الشركة، وهذا من مصطلحات أهل المنطق، كذا ذكر عبد العلي البرجندي أيضا في تلك الحاشية. ومنها قوة من شأنها حفظ كمالات ما هي فيه على ما ذكر عبد العلي البرجندي أيضا هناك. والظاهر أنّ الفرق بين هذا المعنى والمعنى الأول أنّ المبدأ الفاعلي في المعنى الأول سبب لوجود الحركة والسكون، والقوة المذكورة في هذا المعنى سبب فاعلي للحفظ لا للوجود، فإنّ الحركة والسكون أيضا من الكمالات والله أعلم. ومنها قوّة من قوى النفس الكلّية سارية في الأجسام فاعلة لصورها المنطبعة في موادها. ومنها حقيقة إلهية فعّالة للصّور كلّها.
في شرح الفصوص للجامي في الفصّ الأول الطبيعة في عرف علماء الرسوم قوة من قوى النفس الكلية سارية في الأجسام الطبيعية السفلية والأجرام فاعلة لصورها المنطبعة في موادها الهيولانية. وفي مشرب الكشف والتّحقيق حقيقة إلهية فعّالة للصّور كلّها وهذه الحقيقة تفعل الصور الأسمائية بباطنها في المادة العمائية، فإنّ النّشأة واحدة جامعة بحقيقتها للصور الحقّانية الوجوبية والصّور الخلقية الكونية روحانية كانت أو مثالية أو جسمانية بسيطة أو مركبة. والصور في طور الحقيق الكشفي علوية وسفلية، والعلوية حقيقية وهي صور الأسماء الربوبية والحقائق الوجوبية ومادة هذه الصور وهيولاها العماء، والحقيقة الفعالة لها أحد جمع ذات الألوهية، وإضافية وهي حقائق الأرواح العقلية المهيمنية والنفسية، ومادة هذه الصور الروحانية هي النور.
وأمّا الصور السفلية فهي صور الحقائق الإمكانية وهي أيضا منقسمة إلى علوية وسفلية. فمن العلوية ما سبق من الصور الروحانية ومنها صور عالم المثال المطلق والمقيّد. وأمّا السفلية فمنها صور عالم الأجسام الغير العنصرية كالعرش والكرسي، ومادتها الجسم الكلّ. ومنها صور العناصر والعنصريات، ومن العنصريات الصور الهوائية والنارية والمارجيّة، ومادة هذه الصور الهواء والنار وما اختلط معهما من الثقلين الباقيين من الأركان المغلوبين في الخفيفين ومنها الصور السفلية الحقيقية وهي ما غلب في نشئه الثقيلان وهما الأرض والماء على الخفيفين وهما النار والهواء، وهي ثلاث صور: صور معدنية، وصور نباتية، وصور حيوانية، وكلّ من هذه العوالم يشتمل على صور شخصية لا تتناهى ولا يحصيها إلّا الله سبحانه. والحقيقة الفعّالة الإلهية فاعلة بباطنها من الصور الأسمائية وبظاهرها الذي هو الطبيعة الكلّية التي هي مظهرها أصل صور العوالم كلها انتهى كلامه. ومنها القوة المدبّرة لبدن الإنسان من غير إرادة ولا شعور وهي مبدأ كلّ حركة وسكون بالذات على ما قال بقراط كما في بحر الجواهر. ومنها المزاج الخاص بالبدن.
ومنها الهيئة التركيبية. ومنها حركة النفس. في بحر الجواهر قال العلّامة اسم الطبيعة يقال في عرف الطبّ على أربعة معان: أحدها على المزاج الخاص بالبدن. وثانيها على الهيئة التركيبية. وثالثها على القوّة المدبّرة. ورابعها على حركة النفس، والأطباء ينسبون جميع أحوال البدن إلى الطبيعة المدبّرة للبدن، والفلاسفة ينسبون ذلك إلى النفس ويسمّون هذه الطبيعة قوة جسمانية انتهى.
وقال عبد العلي البرجندي في شرح حاشية الچغميني وقد تطلق الطبيعة على النفس كما وقع في عبارة الأطباء الطبيعة تقاوم المرض في البحران انتهى. فالمراد بالنفس هي النفس الناطقة.

دين

دين: {الدين}: ما يتدين به الرجل من إسلام وغيره، أو الطاعة أو العادة أو الجزاء أو الحساب أو السلطان. {لمدينون}: مجزيون.
(د ي ن) : (دَيَّنَهُ) وَكَلَهُ إلَى دِينِهِ وَقَوْلُهُمْ يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ أَيْ يُصَدَّقُ تَدْرِيسٌ وَالتَّحْقِيقُ مَا ذَكَرْت وَدِنْتُ وَاسْتَدَنْتُ اسْتَقْرَضْتُ وَمِثْلُهُ أدنت عَلَى افْتَعَلْتُ (وَمِنْهُ) مُضَارِبٌ ادَّانَ دَيْنًا وَدِنْتُهُ وَأَدَنْتُهُ وَدَيَّنْتُهُ أَقْرَضْتُهُ وَرَجُلٌ دَائِنٌ وَمَدْيُونٌ وَفِي حَدِيثِ) الْجِهَادِ «هَلْ ذَلِكَ يُكَفِّرُ عَنْهُ خَطَايَاهُ يَعْنِي هَلْ يُكَفِّرُ الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذُنُوبَهُ فَقَالَ نَعَمْ إلَّا الدَّيْنَ» يَعْنِي إلَّا ذَنْبَ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهِ فَادَّانَ فِي س ف.

دين


دَانَ (ي)(n. ac. دَيْن)
a. Was in debt, borrowed, bought on credit.
b.(n. ac. دِيْن
دِيَاْنَة), Was religious, professed a religion.
c. [La], Submitted to, obeyed.
d.(n. ac. دِيْن), Abased, enslaved, subdued, had or gained authority
over.
e. Recompensed, requited.
f. Judged.
g. see IV (a)
دَيَّنَa. Allowed to practise his religion.
b. Gave a loan to.
دَاْيَنَa. Bought & sold with, upon credit.

أَدْيَنَa. Lent money to; sold upon credit.
b. Borrowed; bought on credit.

تَدَيَّنَ
a. [Min], Got into debt to; borrowed money of.
تَدَاْيَنَa. Bought & sold with one another on credit; were
mutually indebted.

إِدْتَيَنَ
(د)
a. X
see V
دَيْن (pl.
أَدْيُن []
دُيُون []
a. Debt, obligation; noteof-hand, credit.

دِيْن (pl.
ادْيَان [] )
a. Religion, belief; religious ordinances.
b. Retribution, requital.
c. Custom, habit, practise.

دِيْنَة []
a. Debt.
b. Continuous rain.
c. Obedience.

مَدِيْن []
a. Abased, kept under; slave.

دِيَانَة []
a. Worship; religion, religious feeling.

دَيِّنa. Religious, devout, pious.

دَيَّان []
a. Requiter, recompenser; judge.

دِيْنَار
a. see under
دَنَرَ

دَيْنُوْنَة
a. Judgment.

يَوْم الدِّيْن
a. The Day of Judgment.

مَدِيْنَة
a. see under
مَدَنَ
د ي ن

دان فلان بدين الخرمية. ورجل دين ومتدين. وديّنته: وكلته إلى دينه. وتقول: أبعت بدين، أم بعين، وهي النقد. ودنت وادّنت وتديّنت واستدنت: استقرضت. ودنته وأدنته وديّنته: أقرضته. وداينت فلاناً: عاملته بالدين. وتداينوا. وفلان دائن ومديون. ودنته بما صنع: جزيته. " كما تدين تدان ". ومنه يوم الدين. والله الديان، وقيل: هو القهار، من دان القوم إذا ساسهم وقهرهم فدانوا له. ودانوه: انقادوا له. وقد دين الملك، وملك مدين. " والكيس من دان نفسه " وهم دائنون لفلان، ودينٌ له. وأنشد المفضل:

ويوم الحزن إذا حشدت معدّ ... وكان الناس إلا نحن دينا

أنشد لعبد المطّلب:

إنا أنسا لا ندين بأرضنا ... عض الرسول ببظر أمّ المرسل

ولفلان مدين ومدينة أي عبد وأمة. ويقال: يا ابن المدينة. وديّنته أمرك: ملكته إياه وسوسته. قال الحطيئة يهجو أمّه:

لقد دُيّنت أمر بنيك حتى ... تركتهم أدق من الطحين

وداينته: حاكمته. وكان عليّ ديّان هذه الأمة بعد نبيّها أي قاضيها. 
(دين) - في حَدِيثِ عَبدِ الله بن عُمَر، رَضِى الله عَنْهما: "لا تَسُبُّوا السُّلطانَ، فإنْ كان لَا بُدَّ، فقولوا: اللَّهُمَّ دِنْهُم كما يَدِينُونَنَا" : أي اجْزِهم بما يُعامِلُونَنَا به.
- ومنه حَدِيث سَلْمَان، رَضى الله عنه: "إنَّ الله عَزَّ وجَلَّ لَيَدِينُ للجَمَّاءِ من ذَاتِ القَرْن".
: أي يَقتَصُّ له ويَجْزِيه ويُحاسِبُه، سُمِّى الفِعلُ باسْمِ الجَزَاء، وهذا عَكْسُ ما تَجرى به العَادةُ من تَسْمِيَة جَزاء الشَّىءٍ باسْمِه.
- روى أَحمدُ بن حَنْبَل رَضِى اللهُ عنه، عن الوَلِيدِ، عن سَعِيد بنِ عَبدِ العَزِيز، عن مَكْحُول، قال: "الدَّيْنُ بَيْن يَدَى الذَّهَب والفِضَّة، والعُشْر بين يَدَى الدَّين في الزَّرع والِإبِل والبَقَر والغَنَم" .
قال أحمدُ: ابنُ عُمَر وابنُ عَبَّاسٍ. اخْتَلَفا في هذا، قال ابنُ عُمَر: يُقضَى الدَّيْن ويُزَكِّى ما بَقِى، وقال ابنُ عَبَّاس: ما استدَان على الثَّمَرة فليَقْضِ من الثَّمَرة وليُزَكَّ، قال أحمدُ: إذا كان استَقرَض على الثَّمرَة فأَنفَق عليها يَبدَأ بالدَّيْن فَيقْضِيه، ثم ينظر ما بَقِى عنده بعد إخراج النَّفَقَة فيزُكِّى ما بَقِى، ولا يَكُون على رجل دَيْنُه أَكثَر من مَالِه صدَقَةً في ضَرْعٍ، أو إبلٍ، أو بَقَرٍ، أو زَرْعٍ، ولا زَكاةَ.
وقَولُه: "بين يَدَىْ هذا" أي: يَبدَأُ به قَبلَه.
دين
الديْنُ: مَعْرُوْف، وجَمْعُه دُيُوْنٌ ودِيَانٌ. وكُل ما لَيْسَ بحاضِرٍ فهو دَيْنٌ.
وأدَنْتُه وأنا أدِيْنُه: أي أعْطَيْتُه دَيْناً. ومَدْيُوْنٌ: رَكِبَه دَيْنٌ، ومُدَانٌ - خَفِيْفَة - وادانَ وهو مُدانٌ: أي مُسْتَدِيْنٌ. ودائِنٌ: عليه دَيْنٌ، وقد يُقالُ للذي يُعْطي الديْنَ: دائنٌ. ومَدِيْن: كَثِيرُ الديْنِ، ومِدْيَان أيضاً.
وجِئْتُ أطْلُبُ الديْنَةَ: أي الديْنَ. وبِعْتُه بدِيْنَةٍ: أي بتَأخِيرٍ.
ورَأيْتُ بفلانٍ دَيْنَه ودِيانَتَه: أي حَتْفَه.
ودِنْتُ الرجُلَ: بمعنى أقَرَضْتُه، فهو مَدِيْنٌ ومَدْيُوْنٌ. ويَجُوْزُ أنْ يكونَ بمعنى: ذُوْ دَيْنٍ. ودايَنْتُه: أي أقْرَضْتُه إلى أجَلٍ، أو بايَعْتُه إِلى أجَلٍ. والدِّيْنُ: مَعْرُوْفٌ، والجَمِيعُ الأدْيَانُ، ورَجُلٌ دَينٌ. والجَزَاءُ، ولا يُجْمَعُ لأنَه مَصْدَر، واللَّهُ دَيّان يَوْمِ الدِّيْنِ. والقَضَاءُ، من قَوْلِه عَز وجَلَّ: " وإنَ الديْنَ لَوَاقِعٌ ". والطّاعَةُ، دانُوا له: أي انْقَادُوا وأطاعُوا، وقَوْلُه: " كما تَدِيْنُ تُدَانُ " أي كما تَأتي يُؤْتى إليك. والحالُ. والعادَةُ. ومَطَر يَتَعَاهَدُ مَوْضِعاً لا يَزَالُ يُرِب به وُيصيْبُه. وهذا دِيْنُ قَلْبِكَ الذي دانَه. وهو الحُكْمُ أيضاً، من قَوْلِه عَز ذِكْرُه: " ما كانَ لِيَأخُذَ أخاه في دِيْنِ المَلِكِ ". والعَبْدُ: المَدِيْنُ، والأمَةُ: المَدِيْنَةُ. وقَوْلُه جَل ذِكْرُه: " أئنا لَمَدِيْنُوْنَ " أي مَمْلُوْكُوْنَ بعدَ المَوْتِ، وقيل: مُجَازُوْنَ. ودَيَّنْتُه أمْري: أي مَلكْتُه إيّاه.
ودانَهم يَدِيْنُهم: إذا قَهَرَهُم. ودانُوا له: أي ذَلوا وخَضَعُوا، فهُم دائِنُوْنَ له، وهُمْ دِيْنٌ له. ودِيْنَ يُدَانُ: أي حُمِلَ على ما يَكْرَهُ.
د ي ن : دَانَ الرَّجُلُ يَدِينُ دَيْنًا مِنْ الْمُدَايَنَةِ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا لَازِمًا فِيمَنْ يَأْخُذُ الدَّيْنَ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ أَيْضًا دَانَ الرَّجُلُ إذَا اسْتَقْرَضَ فَهُوَ دَائِنٌ وَكَذَلِكَ قَالَ ثَعْلَبٌ وَنَقَلَهُ الْأَزْهَرِيُّ أَيْضًا وَعَلَى هَذَا فَلَا يُقَالُ مِنْهُ مَدِينٌ وَلَا مَدْيُونٌ لِأَنَّ اسْمَ الْمَفْعُولِ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ فِعْلٍ مُتَعَدٍّ وَهَذَا الْفِعْلُ لَازِمٌ فَإِذَا أَرَدْتَ التَّعَدِّي قُلْتَ أَدَنْتُهُ وَدَايَنْتُهُ قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَابْنُ السِّكِّيتِ وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَثَعْلَبٌ وَقَالَ جَمَاعَةٌ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا فَيُقَالُ دِنْتُهُ إذَا أَقْرَضْتَهُ فَهُوَ مَدِينٌ وَمَدْيُونٌ وَاسْمُ الْفَاعِلِ دَائِنٌ فَيَكُونُ الدَّائِنُ مَنْ يَأْخُذُ الدَّيْنَ عَلَى اللُّزُومِ وَمَنْ يُعْطِيهِ عَلَى التَّعَدِّي وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ أَيْضًا دِنْتُهُ أَقْرَضْتُهُ وَدِنْتُهُ اسْتَقَرَضْتُ مِنْهُ وقَوْله تَعَالَى {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} [البقرة: 282] أَيْ إذَا تَعَامَلْتُمْ بِدَيْنٍ مِنْ سَلَمٍ وَغَيْرِهِ فَثَبَتَ بِالْآيَةِ وَبِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الدَّيْنَ لُغَةً هُوَ الْقَرْضُ وَثَمَنُ الْمَبِيعِ فَالصَّدَاقُ وَالْغَصْبُ وَنَحْوُهُ لَيْسَ بِدَيْنٍ لُغَةً بَلْ شَرْعًا عَلَى التَّشْبِيهِ لِثُبُوتِهِ وَاسْتِقْرَارِهِ فِي الذِّمَّةِ وَدَانَ بِالْإِسْلَامِ دِينًا بِالْكَسْرِ تَعَبَّدَ بِهِ وَتَدَيَّنَ بِهِ كَذَلِكَ فَهُوَ دَيْنٌ مِثْلُ: سَادَ فَهُوَ سَيِّدٌ وَدَيَّنْتُهُ بِالتَّثْقِيلِ وَكَلْتُهُ إلَى دِينِهِ وَتَرَكْتُهُ وَمَا يَدِينُ لَمْ أَعْتَرِضْ عَلَيْهِ فِيمَا يَرَاهُ سَائِغًا فِي اعْتِقَادِهِ وَدِنْتُهُ أَدِينُهُ جَازَيْتُهُ وَمَدْيَنُ اسْمُ مَدِينَةٍ وَوَزْنُهُ مَفْعَلٌ وَإِنَّمَا قِيلَ الْمِيمُ زَائِدَةٌ لِفَقْدِ فَعِيلٍ فِي كَلَامِهِمْ. 
دين وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: الكيِّس من دَان نَفسه وَعمل لما بعد الْمَوْت والأحمق من أتبع نَفسه هَواهَا وَتمنى على الله. قَوْله: دَان نَفسه الدَّين يدْخل فِي أَشْيَاء فَقَوله هَهُنَا: دَان نفسَه يَقُول: أذلها أَي استعبدها يُقَال: دِنت الْقَوْم أدينهم إِذا فعلت ذَلِك بهم قَالَ الْأَعْشَى يمدح رجلا: [الْخَفِيف]

هُوَ دَان الرِبابَ إِذْ كَرهُوا الدَّين ... دراكا بغزوة وصيالِ

ثمَّ دَانَتْ بعدَ الربابُ وَكَانَت ... كعذاب عُقُوبَة الأقوالِ

/ فَقَالَ: هُوَ دَان الربَاب يَعْنِي أذلها ثمَّ قَالَ: دَانَتْ بعدُ الربابُ أَي ذلت 84 / ب [لَهُ -] وأطاعته وَالدّين لله تَعَالَى من هَذَا إِنَّمَا هُوَ طَاعَته والتعبد لَهُ وَالدّين أَيْضا الْحساب قَالَ اللَّه [تبَارك و -] تَعَالَى فِي الشُّهُور {مِنْهَا أرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدَّيْنُ القَيِّمُ} وَلِهَذَا قيل ليَوْم الْقِيَامَة: يَوْم الدَّين إِنَّمَا هُوَ يَوْم الْحساب وَأما قَول الْقطَامِي: [الْكَامِل]

رمتِ المَقاتلَ من فُؤَادك بَعْدَمَا ... كَانَت نوارُ تدينُك الأديانا

فَهَذَا من الإذلال [أَيْضا -] . وَقد يكون قَوْله: من دَان نَفسه أَي من حَاسَبَهَا من الْحساب. وَالدّين أَيْضا الْجَزَاء من ذَلِك قَوْلهم: كَمَا تَدين تُدان وَالدّين الْحَال. قَالَ لي أَعْرَابِي: لَو رَأَيْتنِي على دين غير هَذِه أَي حَال غير هَذِه. وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: مَثل الْمُؤمن وَالْإِيمَان كَمثل الْفرس فِي أخِيّته يجول ثمَّ يرجع إِلَى أخِيّته وَإِن الْمُؤمن يسهو ثمَّ يرجع إِلَى الْإِيمَان.
د ي ن: (الدَّيْنُ) وَاحِدُ (الدُّيُونِ) وَقَدْ (دَانَهُ) أَقْرَضَهُ فَهُوَ (مَدِينٌ) وَ (مَدْيُونٌ) . وَ (دَانَ) هُوَ أَيِ اسْتَقْرَضَ فَهُوَ (دَائِنٌ) أَيْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبَابُهُمَا بَاعَ. قُلْتُ: فَصَارَ دَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَكَذَا الدَّائِنُ. وَرَجُلٌ (مَدْيُونٌ) كَثُرَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ وَ (مِدْيَانٌ) أَيْ عَادَتُهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالدَّيْنِ وَيَسْتَقْرِضَ. وَ (أَدَانَ) فُلَانٌ بَاعَ إِلَى أَجَلٍ تَقُولُ مِنْهُ (أَدِنِّي) عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. وَ (ادَّانَ) بِالتَّشْدِيدِ اسْتَقْرَضَ وَهُوَ افْتَعَلَ. وَفِي الْحَدِيثِ: «ادَّانَ مُعْرِضًا» أَيِ اسْتَدَانَ وَالْمُعْرِضُ ذُكِرَ تَفْسِيرُهُ فِي [ع ر ض] وَ (تَدَايَنُوا) تَبَايَعُوا بِالدَّيْنِ. وَ (اسْتَدَانَ) اسْتَقْرَضَ. وَ (دَايَنْتُ) فُلَانًا إِذَا عَامَلْتَهُ فَأَعْطَيْتَهُ دَيْنًا وَأَخَذْتَ مِنْهُ بِدَيْنٍ. وَ (الدِّينُ) بِالْكَسْرِ الْعَادَةُ وَالشَّأْنُ وَ (دَانَهُ) يَدِينُهُ (دِينًا) بِالْكَسْرِ أَذَلَّهُ وَاسْتَعْبَدَهُ (فَدَانَ) . وَفِي الْحَدِيثِ: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ» . وَ (الدِّينُ) أَيْضًا الْجَزَاءُ وَالْمُكَافَأَةُ يُقَالُ: (دَانَهُ) يَدِينُهُ (دِينًا) أَيْ جَازَاهُ. يُقَالُ: كَمَا (تَدِينُ تُدَانُ) أَيْ كَمَا تُجَازِي تُجَازَى بِفِعْلِكَ وَبِحَسَبِ مَا عَمِلْتَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: «إِنَّا لَمَدِينُونَ» أَيْ لَمَجْزِيُّونَ مُحَاسَبُونَ وَمِنْهُ (الدَّيَّانُ) فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَ (الْمَدِينُ) الْعَبْدُ وَ (الْمَدِينَةُ) الْأَمَةُ كَأَنَّهُمَا أَذَلَّهُمَا الْعَمَلُ. وَ (دَانَهُ) مَلَكَهُ وَقِيلَ مِنْهُ سُمِّي الْمِصْرُ (مَدِينَةً) . وَ (الدِّينُ) أَيْضًا الطَّاعَةُ تَقُولُ: (دَانَ) لَهُ يَدِينُ (دِينًا) أَيْ أَطَاعَهُ وَمِنْهُ (الدِّينُ) وَالْجَمْعُ (الْأَدْيَانُ) وَيُقَالُ: (دَانَ) بِكَذَا (دِيَانَةً) فَهُوَ (دَيِّنٌ) وَ (تَدَيَّنَ) بِهِ فَهُوَ (مُتَدَيِّنٌ) وَ (دَيَّنَهُ تَدْيِينًا) وَكَلَهُ إِلَى دِينِهِ.
دين
يقال: دِنْتُ الرّجل: أخذت منه دَيْناً، وأَدَنْتُهُ:
جعلته دائنا، وذلك بأن تعطيه دينا. قال (أبو عبيد) : دِنْتُهُ: أقرضته، ورجل مَدِين، ومديون، ودِنْتُهُ: استقرضت منه ، قال الشاعر:
نَدِينُ ويقضي الله عنّا وقد نرى مصارع قوم لا يَدِينُونَ ضيّعا
وأَدَنْتُ مثل دِنْتُ، وأَدَنْتُ، أي: أقرضت، والتَّدَايُنُ والمداينة: دفع الدَّيْن، قال تعالى:
إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى [البقرة/ 282] ، وقال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ [النساء/ 11] ، والدِّينُ يقال للطاعة والجزاء، واستعير للشريعة، والدِّينُ كالملّة، لكنّه يقال اعتبارا بالطاعة والانقياد للشريعة، قال إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ [آل عمران/ 19] ، وقال:
وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [النساء/ 125] ، أي: طاعة، وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ [النساء/ 146] ، وقوله تعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ [النساء/ 171] ، وذلك حثّ على اتّباع دين النّبيّ صلّى الله عليه وسلم الذي هو أوسط الأديان كما قال:
وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [البقرة/ 143] ، وقوله: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ [البقرة/ 256] قيل: يعني الطاعة، فإنّ ذلك لا يكون في الحقيقة إلّا بالإخلاص، والإخلاص لا يتأتّى فيه الإكراه، وقيل: إنّ ذلك مختصّ بأهل الكتاب الباذلين للجزية. وقوله: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ [آل عمران/ 83] ، يعني: الإسلام، لقوله: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران/ 85] ، وعلى هذا قوله تعالى:
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ [الصف/ 9] ، وقوله: وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ [التوبة/ 29] ، وقوله: وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [النساء/ 125] ، فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ
[الواقعة/ 86] ، أي: غير مجزيّين. والمدين والمدينة: العبد والأمة: قال (أبو زيد) : هو من قولهم: دِينَ فلان يُدَانُ: إذا حمل على مكروه ، وقيل : هو من دنته: إذا جازيته بطاعته، وجعل بعضهم المدينة من هذا الباب.
دين: دان: مصدره دْينُونة (عباد 3: 83).
ودان ب: صدّف، اعتقد، ففي المقدمة: أدين بأن ذلك دين حق.
وخضع وأطاع، ففي تاريخ ابي الفداء (1: 314): إني إنما قاتلتهم ليدنيوا بحكم كتاب الله. ودان له بالطاعة: خضع له وذل (ابن خلدون تورنبرج ص9) ويقال أيضاً: دان بطاعة فلان (تاريخ البربر 2: 127، 273) ودانوا باتباعه والانقياد إليه (المقدمة 1: 42).
ودان به: قبل الشيء مباحاً، ففي حيان (ص38 و): فعادوا في الجاهلية وتسافكوا الدماء ودانوا بالاستباحة.
ودان به: ألزم نفسه به. ففي رحلة ابن جبير (ص74): من يدين بحب أهل البيت. ودان به: اعتاده، ففي رحلة ابن جبير (ص282): يدنيون بالفتوة وبأمور الرجولة كلها. وفيهــا (ص288): من يدين بالعجز والتسويف.
كما تدين تدان مثل أي كما تجازي تجازى. وقد قلبه الشاعر فقال: كما تدن تدين. (بدورون ص59، تعليقات ص47).
دَّين: أفره ديناً (الكالا، بوشر).
ودَّين: داين، أقرض (همبرت ص 104).
تدَّين: هذا الفعل مستعمل استعمالاً غريباً في تفسير القرآن للسيوطي طبعة ميرسنج (ص27) في الكلام عن مفتي من نسل الإمام علي - وكان من عادته أن يقول أنا من مذهب الزيدية غير أني أصدر الفتاوى فإني أصدرها على مذهب السلطان (مذهب أبي حنيفة. ثم هو يعبر عن نفس الفكرة بقوله: أنا أفتي بمذهب أبي حنيفة ظاهراً وبمذهب زيد تديناً وينتج من هذا تديناً هي ضد ظاهراً، غير أني لا أدري كيف أترجمها لأن ترجمتها بما معناه (في الحقيقة) لا يمكن تبريرها.
اندين: اندان، أثقل بالدين، أوفر ديناً (بوشر).
استدان: يقال استدان من فلان أي اقترض منه. ففي ابن بطوطة (3: 408): استدنت من التجار مالاً أي اقترضت من التجار مالاً فصرت مديناً لهم.
دين: يجمع على أديان (ديوان الهذليين ص155 قصيدة 15، الكامل ص277).
دين: مقدس، معبد، حرم، مزار. يقال مثلاً: كانت الكعبة دين العرب في الجاهلية (معجم أبي الفداء).
دين: معبود (بوشر).
حصان كثير الدين: سلس القياد، أنيس، هادئ. ففي كتاب العقود (ص2): طويل العنق كثير العف والدين طويل الناحية.
يوم الدين: يوم الحساب في الآخرة (همبرت ص149، كرتاس ص2).
دينيّ: مختص بالدين، متعلق بالدين، نسبة إلى الدين (بوشر).
دّيان (أسبانية): عميد القوم وشيخهم وأقدمهم رتبة (الكالا).
ديانة. ديانات: ما يقال وما يفعل احتراماً للدين (انظر مادة حّمية).
ديانة: مذهب ديني (معجم البيان).
الديانة عند الفقهاء: التنزه (محيط المحيط).
ودِيَانة: رتبة ومنصب عميد القوم وشيخهم (الكالا).
دّين. بنت دينة: أديبة، أنيسة (رولاند).
دّيان: ذكرت في معجم فوك في مادة لاتينية معناها: القاضي والحاكم، والسائس.
ودّيان: ناسك، زاهد (المعجم اللاتيني العربي) ودّيان: مدين، مديون (هلو).
مُدين: تقي، ورع (رسالة إلى فليشر ص183).
مُدّين: تقي، ورع (همبرت ص147).
مِدْيان: ناسك، متعبد، تقي (المعجم اللاتيني العربي).
مُدَاينّي، جمعه مداينية: دائن (بوشر).
[دين] أبو عبيد: الدَيْنُ: واحد الديونِ. تقول: دِنْتُ الرجل أقرضته، فهو مدينٌ ومَدْيونٌ. ودانَ فلان يدين دينا: استقرض وصار عليه دَيْنٌ، فهو دائِنٌ. وأنشد الأحمر : نَدينُ ويَقْضي الله عنا وقد نَرى مصارع قومٍ لا يَدينونَ ضيعا ورجل مديون: كثر ما عليه من الدَيْنِ. وقال:

مُسْتَأْرِبٍ عَضَّهُ السلطانُ مَدْيون * ومِدْيانٌ، إذا كان عادتُه أن يأخذ بالديْنِ ويستقرض. وأَدانَ فلان إدانَةً، إذا باعَ من القوم إلى أجلٍ فصار له عليهم دَيْنٌ تقول منه: أَدِنِّي عشرة دراهم. قال أبو ذؤيب: أَدَانَ وأَنْبَأَهُ الأَوَّلونَ بأن المدان ملئ وفي وادان: استقرض، وهو افتعل. وفي الحديث : " ادَّانَ مُعْرِضاً "، أي اسْتَدانَ، وهو الذي يعترض الناس فيَسْتَدينُ ممّن أمكنه. وتداينوا: تبايعوا بالدين. واستدانوا: استقرضوا. ودايَنْتُ فلاناً، إذا عامَلتَه فأعطيت دَيْناً وأخذت بدَيْنٍ. وتَدايَنَّا، كما تقول قاتلته وتقاتلنا. وبِعْتُهُ بدِينَةٍ، أي بتأخير. والدينُ بالكسر: العادة والشأن. قال : تقول إذا درأت لها وَضيني أهذا دينُهُ أبداً وديني ودانه دينا، أي أذلًّه واستعبده. يقال: دِنْتُهُ فدانَ. وفي الحديث: " الكَيِّسُ من دانَ نفسَه وعَمِل لما بعد الموت ". قال الاعشى: هو دان الرباب إذ كرهوا الدين دراكا بغزوة وارتحال ثم دانت بعد الرباب وكانت كعذاب عقوبة الاقوال قال: هو دان الرباب، يعنى أذلها وقهرها، ثم قال: دانت بعد الرباب، أي ذلت له وأطاعت. والدينُ: الجزاءُ والمكافأةُ. يقال: دانَهُ ديناً، أي جازاه. يقال: " كما تَدينُ تُدانُ "، أي كما تُجازي تُجازى، أي تُجازى بفعلك وبحسب ما عملت. وقوله تعالى: (أَءِنَّا لَمَدينونَ) أي مجزيُّون محاسَبون. ومنه الدَيَّانُ في صفة الله تعالى. وقومٌ دينٌ، أي دائنونَ. وقال:

وكان الناس إلاَّ نحنُ دينا * والمَدينُ: العبدُ. والمَدينَةُ: الأَمَةُ، كأنَّهما أذلهما العمل. قال الأخطل: رَبَتْ ورَبا في كَرمِها ابنُ مدينةٍ يَظَلُّ على مسحاته يتركل قال أبو عبيدة: أي ابن أمة. الفراء: يقال: دينته: مَلَّكْتُهُ. وأنشد للحطيئة يهجو أُمّه: لقد دُيِّنْتِ أمرَ بَنيكَ حتّى تَرَكْتِهِمُ أَدَقَّ من الطحينِ يعني ملكت. ويروى: " سوست ". وناس يقولون: ومنه سمى المِصْرُ مَدينَةً. والدينُ: الطاعةُ. ودانَ له، أي أطاعه، قال عمرو بن كلثوم وأيام لنا ولهم طِوالٍ عَصَيْنا المَلْكَ فيهــا أَنْ نَدينا ومنه الدينُ، والجمع الأدْيانُ. يقال: دانَ بكذا دِيانَةً وتَدَيَّنَ به، فهو دَيِّنٌ ومُتَدَيِّنٌ. ودَيَّنْتُ الرجل تَدْييناً، إذا وكَلْتَهُ إلى دينه. وقول ذى الاصبع: لاهِ ابْنُ عَمِّكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ عَنِّي ولا أنت دَيَّاني فَتَخْزوني قال ابن السكيت: أي ولا أنت مالِكُ أمري فتسوسنى.
[دين] في أسمائه تعالى: "الديان" هو القهار، وقيل الحاكم والقاضين وهو فعال من دان الناس أي قهرهم على الطاعة، من دنتهم فدانوا أي قهرتهم فأطاعوا. ومنه في خطابه صلى الله عليه وسلم: يا سيد الناس و"ديان" العرب. وح: كان عليّ "ديان" هذه الأمة. ومنه قوله لأبي طالب: أريد من قريش كلمة "تدين" لهم بها العرب، أي تطعيهم وتخضع لهم. وح: الكيس من "دان" نفسه، أي أذلها واستعبدها، وقيل حاسبها. ط: الكيس العاقل ومقابله الســفيه، فنبه بمقابلته بالعاجز الذي غلبه نفسه فاتبعها في هواها على أنه ســفيه، لأنه يقصر في أمور الطاعة ومع هذا يتمنى مغفرة الله، وهو اغترار. غ: كان عليه السلام على "دين" قومه، لاي ريد به الشرك بل ما بقي فيهــم من إرث إبراهيم من الحج والنكاح والإرث وغير ذلكنفسه. وفيه: أحب "الدين" ما داوم، الداين الطاعة، وأحب بالرفع ومعنى الدوام مر. وفيه: جعل ذلك في "دينه" أي يدين فيما بينه وبين الله ويفوض إليه. وأنا "الديان" أي لا مجازي إلا أنا. ن: اقص عنا "الدين" أي حقوق الله وحقوق العباد من جميع الأنواع. ط: فلم يزل "يدان" بتشديد دال أي يستقرض. وفيه: إلا "الدين" أي الذي لا ينوي أداءه ويدخل فيه جميع حقوق الناس إذ ليس الدائن أحق بالوعيد من السارق والغاصب. غ: "يوم "الدين"" أي الحساب أو الجزاء. و"ذلك "الدين" القيم"، أي الحساب المستقيم. و"يوفيهــم الله "دينهم"" أي جزاءهم الواجب. "وأن "الدين" لواقع" أي الجزاء. و"رأفة في "دين" الله" حكمه الذي حكم على الزاني. و"في "دين" الملك" حكمه. "وله "الدين" واصبا" أي الطاعة. "ولا "يدينون دين" الحق" لا يطيعون الله طاعة حق. و"إلا لله "الدين" الخالص" أي التوحيد. و"غير "مدينين"" مملوين مدبرين. و"أنا "لمدينون"" مجزيون أو محاسبون. وقول الفقهاء "يدين" أي يلزم ما يلزم نفسه في دينه من الاستحلال والتورع. وادنته وداينته بعت منه بأجل. وادنت منه اشتريت بأجل مسمى. ودان نفسه أذلها.
[د ي ن]

الدَّيْنُ مَعْرُوفٌ. وكُلُّ شَيءَْ غيرُ حاضِرٍ: دَيْنٌ، والجَمْعُ: أَدْيُنُ، عن اللِّحْيانيِّ، ودُيُونُ، قالَ ثَعْلَبَةُ بنُ عُبَيْدٍ يصفُ النَّخْلَ: (تَضَمَّنُ حاجاتِ العِيالِ وضَيْفِهم... ومَهْما تُضَمَّنْ مِنْ دُيُوِنِهِمُ تَقْضِي)

يَعْني: بالدُّيُونِ: ما يُنالُ من جَناها، وإنْ لِمْ يَكُنْ ذِلكَ دَيْناً على النَّخْلِ، كقولِ الأَنْصارِيِّ:

(أَديِنُ وما دَيْنِي عليكم بمَغْزَمٍ ... ولكِنْ على الشُّمِّ الجلاِدِ القَراوِحِ)

ودِنْتُ الرَّجُلَ، وأَدَنْتُه: أَعْطَيْتُه الدَّيْنَ إِلى أَجَلِ، قالَ أبو ذُؤَيْبٍ:

(أَدانَ وأَنْبَأَةُ الأَوَّلونَ ... بأَنّ المَدانَ مَلِيٌّ وَفِيُّ)

الأَوَّلُون: النَّاسُ والمَشْيَخَةُ. وقَِيلَ: دِنْتُه: أًَقْرَضْتَه. وأَدَنْتَه: اسْتَقْرَضْتُه منه. ودانَ هُو: أَخَدَ الدَّيْنَ. ورَجُلٌ دائِنُ ومَدِينٌ ومَدْيُونٌ، الأخيرَةُ تَمِيميَّةٌ. ومُدانٌ: عليه الدَّيْنُ، وقِيلَ: هو الَّذِي عليهِ دَيْنٌ كَثيرٌ. وأَدَانَ، واسْتَدانَ، وادّانَ أَخَذَ بَديْنٍ، ومنه قَوْلُ عُمَرَ: ((فادَّانَ مُعْرِضاً)) . واسْتَدانَه: طَلَبَ منه الدَّيْنَ. واسْتَدَانَه: اسْتَقْرَضَ منه، قال الشاعُر:

(فإِنْ يَكُ يا جَناحُ عَلَيَّ دَيْنٌ ... فعِمْرانُ بنُ مُوسَى يَسْتَديِنُ)

ودِنْتُه: أَعْطَيْتُه الدَّيْنَ. وتَدايَنَ القَوْمُ وادّايَنُوا: أَخَذُوا بالدَّيْن، والاسمُ الدِّيَنةُ. وأَدانَ فلانٌ النّاسَ: أَعْطاهُمُ الدَّيْنَ وأَقْرََضَهُم، وبه فَسَّرَ بعضُهم قولَ أَبِي ذُؤَيْبٍ:

(أدَانَ وأَنْبَأهُ الأَوَّلُونَ ... بأَنَّ المُدانَ مَلِيٌّ وَفِيُّ)

ورَجُلٌ مَدْيانٌ: يُقْرِضُ النّاسَ، وكذِلكَ الأُنْثَى بغيرِ هاءِ، وجمعُهُما جَمِيعاً مَدايِينُ. ودايَنْتُ فُلانًا: إِذا أَقْرضَتَه وأقْرَضَكَ، قال الشّاعِرُ:

(دايَنْتُ أَرْوَى والدُّيُونُ تُقْضَى ... )

وقالَ: رَماهُ اللهُ بدَيْنِه: أي بالمَوْت؛ لأَنّه دَيْنٌ عَلَى كُلٍّ أَحِدٍ. والدِّينُ: الجَزاءُ. ودِنْتُه بِفِعِلْه دَيْناً ودِيناً: جَزَيْتُهُ، وقيل: الدَّيْنُ: المَصْدَرُ، والدِّينُ: الاسمُ، قالَ:

(ديَنَ هّذا الَقْلبُ من نُعْم ... بسَقَام ليسَ كالسُّقْمِ)

ودايَنَةُ مُدايَنَةً ودِياناً: كذلِكَ أيْضاً. ويَوْمُ الدِّينِ: يَوْمُ الجَزاءِ. والدَّيّانُ: اللهُ عزَّ وَجَلَّ، وفي المَثَلِ: ((كما تَدِينُ تُدانُ)) أي: كما تُجازِي تُجازَي، وقيل: كما تَفْعَلُ يُفْعَلُ بكَ. والدِّينُ: الحِسابُ. والدِّينُ: الطّاعَةُ. وقد دِنْتُه ودِنْتُ له، قالَ عَمْرُو بنُ كُلْثُومٍ:

(وأَيّامًا لَنَا غُرّا طِوالاً ... عَصَيناَ المَلْكَ فِيهــاَ أَنْ نَدِينَا)

والدِّينُ: الإسْلامُ، وقد دِنْتُ بهِ، وفي حَدِيثِ عليٍّ: ((مَحَبَّةُ العُلماءِ دِينٌ يُدانُ بِهِ)) . والدِّينُ: العادَة، وقد رُوِيَ:

(دِينَ هذا القَلْبِ من نُعْمِ ... )

يريد: ياديَنُه، أي عادَتَهُ، والجَمْعُ أَدْيانٌ. والدِّيَنةُ: كالدِّينِ، قالَ أبو ذُؤََيْب:

(أَلاَ يا عَناءَ القَلْبِ مِنْ أَمِّ عامِرٍ ... ودِينَتُه من حُبِّ مَنْ لا يُجاوِرُ)

ودِينَ: عُوِّدَ، وقيل: لا فِعْلَ له. ودِنْتُ الرَّجُلَ: خَدَمْتُه وأَحْسَنْتُ إليه. والدِّينُ: الذُّلُّ. والمَديَنُ: العَبْدُ. والمَدِينَةُ: الأمَةُ، قالَ الأَخْطَلُ:

(رَبَتْ ورَبَا في جَجْرها ابنُ مَديِنَةٍ ... يَظَلُّ عَلَى مسِحِاته يَتَرَكَّلُ)

وقالَ ابنُ الأَعْرابِيَّ: معناهُ عالِمٌ بِها. وقولُه تَعَالى: {أَءِنَّا لَمَديِنُونَ} [الصافات: 53] أي مَمْلُوكُون. ودِنْتُه أَدِينُه دِينًا: سُسْتُه. ودَيَّنْتُه القومَ: ولَّيْتُه سِياسَتَهُم، قال الحُطَيْئَةُ:

(لَقَدْ دُيِّنِّتِ أَمرَ بَنِيكِ حَتَّى ... تَرَكْتِهِمُ أَدَقَّ مِنَ الطَّحِينِ)

والدَّيّانُ: السّائِسُ، قالَ ذُو الإصْبَعَ العَدْوانِىٌّ:

(لاهِ ابنِ عَمِّكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ ... يَوْماً ولا أَنْتَ دَيَّانِى فَتخْزُوِنى)

والدِّينُ: الحالُ. قال النَّصْرُ بنُ شُمَيْلٍ: سأَلْتُ أَعْرابِياً عن شَيْءٍ فقالَ: لو لَقِيتَيِى عَلَى دِينٍ غيرِ هَذه لأَخْبَرَتْكُ. ودَيَّنَ الرَّجُلَ في القَضاءِ، وفيِما بَيْنَه وبينَ اللهِ: صَدَّقَة. والدِّينُ: الدَّاءُ، عن اللِّحيْانِيِّ، وأَنْشَدَ:

(يا دِينَ قَلْبِكَ مِنْ سَلْمَى وقَدْ دِينًا)

والدَّيانُ بن قَطَنٍ الحارِثُّى: من شُرفائِهِم. فأَمّا قولُ مُسْهِرِ بنِ عَمْرو الضَّبِّيِّ:

(ها إِنَّ ذا ظالِمُ الدَّيّانُ مُتَّكِثًا ... على أَسرِتَّهِ يَسْقَى الكُواثِيناَ) فإنّه شَبَّه ظالِمًا هذا بالدَّيّانِ بنِ قَطَن بن زيادٍ الحارِثِىِّ، وهو عَبْدُ الَمدانِ، في نَخْوتِه، وليسَ ظالِمٌ هو الدَّيّان بعَيْنِه. وبَنُو الدَّيّانِ: بَطْنٌ، أُراهُ نُسِبُوا إِلى هذَاَ، قال السَّمَوْأَلُ بنُ عادِياءَ - أو غَيْرُه -:

(فإنَِّ بَنَى الدَّيّانِ قُطْبٌ لقَوْمِهِم ... تَدُورُ رَجاهُمْ حَوْلَهُم وتَجُولُ)
دين
دانَ/ دانَ لـ1 يَدين، دِنْ، دَيْنًا، فهو دائن، والمفعول مَدين (للمتعدِّي) ومَديون (للمتعدِّي)
• دان الرَّجُلُ: اقترض وصار عليه دَيْن.
• دان الشَّخصَ: أقرضه وأعطاه مالاً إلى أجل "دان المحتاجَ" ° الدَّولة الدَّائنة: المقرِضة.
• دان نفسَه: ساسها وحاسبها "الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ [حديث] ".
• دانَ فلانًا بكذا: جازاه، حكم عليه "دانه بما صنع- {أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} "? كما تَدين تُدان: كما تجازي تجازَى إن حسنًا فحسنٌ، وإن سيِّئًا فسيّئٌ وهو تحذير للظَّالم من التَّمادي في ظلمه.
• دان له بحياته: صار معترفًا له بالفضل لإنقاذ حياته. 

دانَ بـ1/ دانَ لـ2 يَدِين، دِنْ، دِينًا ودِيانةً، فهو دائن، والمفعول مَدينٌ به
• دان بالفضلِ وغيرِه: اعترف.
• دان لفلان:
1 - خضع وذلّ وانقاد له "إِنَّمَا أُرِيدُهُمْ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ [حديث] ".
2 - أطاعه. 

دانَ بـ2 يَدِين، دِنْ، دِينًا ودِيانةً، فهو دَيِّن، والمفعول مَدين به
• دان بالإسلام: اتَّخذه دينًا، وتعبَّد به، اعتنقه. 

أدانَ يُدين، أَدِنْ، إدانةً، فهو مُدين، والمفعول مُدان
• أدانَ فلانًا: أقرضه، أعطاه إلى أجل "أدانه مبلغًا من المال- تاجر مُدان لشركائه بمبالغ طائلة".
• أدان القاضي المتّهمَ: أثبت التُّهمةَ عليه، أو حكم عليه "أدانته المحكمةُ بتهمة التَّزوير- أدانته الشُّرطةُ بما صنع: أثبَتت الجريمةَ عليه". 

استدانَ يستدين، اسْتَدِنْ، استدانةً، فهو مستدين
• استدانَ الشَّخصُ: اقترض، أخذ دَيْنًا "استدان المُعسِرُ- كثير من الدُّول النَّامية تستدين ثم تعجز عن سداد ديونها". 

تداينَ يتداين، تدايُنًا، فهو مُتدايِن
• تداين الشَّخصان: تعاملا بالقَرْض فأعطى كُلٌّ منهما الآخر قَرْضًا وأَخَذ بقرضٍ " {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} ".
• تداينَ الشَّخصُ: اقترض. 

تديَّنَ يتديَّن، تَدَيُّنًا، فهو مُتديِّن
• تديَّن الشَّخصُ:
1 - اتخَّذ دِينًا "تديَّن بالإسلام".
2 - تشدَّد في أمر دينِه وعقيدته "عالمٌ متديِّن".
3 - اقترض فصار مَدِينًا "تديّن مبلغًا لم يسدِّده". 

داينَ يُداين، مُداينةً، فهو مُدايِن، والمفعول مُدايَن
• داين فلانًا:
1 - عامله بالقرض "داين البائعُ زبائنَه".
2 - حاكمه "داين خصمَه". 

إدانَة [مفرد]:
1 - مصدر أدانَ.
2 - (قن) حكم على الخصم بكلِّ مطالب خصمه أو بعضها، أو الحكم بالعقوبة على من ارتكب مخالفة أو جنحة أو جناية "حكمت المحكمةُ بإدانته: أثبتت الجريمةَ عليه". 

استدانة [مفرد]: مصدر استدانَ. 

دائن [مفرد]: اسم فاعل من دانَ بـ1/ دانَ لـ2 ودانَ بـ2 ودانَ/ دانَ لـ1. 

دِيانة [مفرد]:
1 - مصدر دانَ بـ1/ دانَ لـ2 ودانَ بـ2.
2 - دِين؛ مِلَّة؛ اسمٌ لجميع ما يتديَّن به الإنسان، اسمٌ لجميع ما يُتَعبَّد به "دِيانتي الإسلام" ° الدِّيانة المحمَّديَّة: الإسلام. 

دَيْن [مفرد]: ج دُيُون (لغير المصدر):
1 - مصدر دانَ/ دانَ لـ1.
2 - قَرْضٌ ذو أَجَل "قضَى دينَه- إذا ما قضيت الدَّيْن بالدَّيْن لم يكن ... قضاء ولكن كان غُرْمًا على غُرْمِ- دَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالأَداءِ مِنْ دَيْن الْعَبْدِ [حديث]- {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا
 تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} " ° الدَّيْن القوميّ: دَيْن على الحكومة- غرق في الدَّيْن حتَّى أذنيه: كثُرت دُيونُه- وعْدُ الحرِّ دين عليه: ينبغي أن يوفّي به.
3 - (جر) مبلغ يضعه البنك تحت تصرّف العميل. 

دِين [مفرد]: ج أَديان (لغير المصدر):
1 - مصدر دانَ بـ1/ دانَ لـ2 ودانَ بـ2.
2 - ديانة، اسمٌ لجميع ما يتعبَّد به لله، شريعة ومِلَّة "ما أحسن الدِّين والدنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجلِ- الدِّينُ النَّصِيحَةُ [حديث]- {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلاَمُ} - {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} " ° أكمل دينَه/ أكمل نِصْفَ دِينه: تزوَّج- الدِّين الحنيف: المستقيم الذي لا عِوجَ فيه وهو الإسلام- رَجُل الدِّين: عالم الدِّين، المتخصِّص في الدِّراسات الدِّينيّة.
3 - شريعة، قانون، سلطان " {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللهُ} ".
4 - عادَةٌ وشَأْنٌ "ليس هذا من ديني ولا دَيْدَني- الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ [حديث] ".
5 - وَرَعٌ "ديني يمنعني من فعل السيّئات".
• يومُ الدِّين: يوم الجزاء والحساب في الآخرة، يوم القيامة " {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} - {الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ} ".
• علم الأديان المقارن: (سف) الدراسة الموضوعيّة للأديان جميعها من أجل فهم دورها في الحياة الإنسانيّة. 

دِينيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى دِين ° شهادة دينيَّة: إعلان علنيّ يتعلَّق بتجربة دينيَّة.
2 - مصدر صناعيّ من دِين.
• اللاَّدينيَّة:
1 - الإلحاديّة "حارب الفلسفة الوضعيّة اللاّدينيّة".
2 - مذهب يدعو إلى إبعاد الدِّين عن ممارسات السلطات السياسيّة أو التعليميّة أو الإداريّة "اتّجهت بعض الدُّول للعلمانيّة اللاّدينيّة". 

دَيَّان [مفرد]
• الدَّيَّانُ: اسم من أسماء الله الحسنى، معناه: المحاسب المجازي، والحَكَم القاضي. 

دَيِّن [مفرد]: صاحب الدِّين والمتمسِّك به. 

مَدَنِيّ [مفرد]: (انظر: م د ن - مَدَنِيّ). 

مُدين [مفرد]: اسم فاعل من أدانَ. 

مَدِينة [مفرد]: ج مَدائِنُ ومُدْن ومُدُن: تجمُّعٌ سكَّاني متحضِّر يزيد على تجمُّع القرية (انظر: م د ن - مَدِينة). 

مَدْيونيَّة [مفرد]: مصدر صناعيّ من مَديون: دَيْن "كثُرت مديونيَّته في الفترة الأخيرة". 
(دين) : الدِّينَةُ: العادَة، والدِّينَةُ: الطَّاعَةُ، لغةٌ في الدِّين بالمَعْنَيين.
الدِّين: وضع إلهي يدعو أصحاب العقول إلى قبول ما هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الدِّين والملة: متحدات بالذات، ومختلفان بالاعتبار؛ فإن الشريعة من حيث إنها تطاع تسمى: دينًا، ومن حيث إنها تُجمع تسمى: ملة، ومن حيث إنها يُرجَع إليها تسمى: مذهبًا، وقيل: الفرق بين الدين، والملة، والمذهب: أن الدين منسوب إلى الله تعالى، والملة منسوبة إلى الرسول، والمذهب منسوب إلى المجتهد.

الدين الصحيح: هو الذي لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء، وبدل الكتابة دين غير صحيح؛ لأنه يسقط بدونهما، وهو عجز المكاتب عن أدائه.
دين
] ( {الدَّيْنُ: مَا لَهُ أَجَلٌ [} كالدِّينةِ، بِالْكَسْرِ] ) ويَنْقَسِمُ إِلى الصَّحِيحِ وغيرِ الصَّحِيِحِ، فالصَّحِيحُ: الَّذِي لَا يَسْقُطُ إِلّا بأَداءٍ أَو إِبْراءٍ، وغيرُ الصَّحِيحِ: مَا يَسْقُطُ بدُونِهما كنُجُومِ الكِتابَةِ، قَالَه المُناوِيُّ رَحمَه اللهُ تَعالَى. (وَمَا لَا أَجَلَ لَهُ فَقَرْضٌ)
التَّدَهْقُنُ: التَّكَيُّسُ.
ودَهْقَنَ الطعامَ: أَلاَنَهُ؛ عَن أَبي عُبَيْدٍ.
وقالَ الأصْمعيّ: الدَّهْمَقَةُ والدَّهْقَنَةُ سِواءٌ، والمعْنَى فيهــمَا سِواءٌ لأَنَّ لِينَ الطَّعامِ مِن الدَّهْقَنَةِ.
واشْتَهَرَ بالدهقان أَبو سهْلِ بشرُ بنُ محمدِ بنِ أَبي بِشْرٍ الأَسْفَرايني، رَوَى عَنهُ الحاكِمُ أَبو عبْدِ الله وغيرُهُ.

دين

1 دَانَ, (IAar, S, K, TA,) aor. ـِ (IAar, M, K, TA,) [inf. n. دِينٌ, (which see below,) in this and most of the other senses, or the inf. n. is دَيْنٌ, and دِينٌ is a simple subst.,] He was, or became, obedient; he obeyed: (IAar, S, M, K, TA:) this is the primary signification: or, as some say, the primary signification is the following; namely, he was, or became, abased and submissive: (IAar, * K, * TA:) or he was, or became, abased and enslaved and obedient. (S.) You say, دَانَ لَهُ, (S,) and دِنْتُ لَهُ and دِنْتُهُ, (M, TA,) He, and I, was, or became, obedient to him [&c.], or obeyed him [&c.]. (S, M, TA.) and دِنْتُهُ, (M, K,) aor. ـِ (K,) I served him, did service for him, or ministered to him, and acted well to him. (M, K.) b2: [Hence,] He became [a servant of God, or] a Muslim. (TK.) Yousay, دَانَ بِالْإِسْلَامِ, inf. n. دِينٌ, with kesr, [and دِيَانَةٌ,] He became, or made himself, a servant of God by [following the religion of] El-Islám; [i. e. he followed El-Islám as his religion;] and so ↓ تديّن. (Msb.) And دَانَ بِكَذا, (S,) and دِنْتُ بِهِ, (M, K,) inf. n. دِيَانَةٌ [and دِينٌ]; and به ↓ تديّن, [and تديّنتُ به; He, and I, followed such a thing as his, and my, religion;] (S, TA;) from دِينٌ as signifying “ obedience. ” (S.) and دان بِدِينِهِمْ He followed them in their religion; agreed with them, or was of one mind or opinion with them, upon, or respecting, their religion; took, or adopted, their religion as his. (TA.) And the trad. of 'Alee, مَحَبَّةُ العُلَمَآءُ دِينٌ يُدَانُ اللّٰهُ بِهِ [The love of the learned is a kind of religion with which God is served]. (TA.) In the phrase وَ لَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ [Nor follow the religion of the truth, or the true religion], in the Kur ix. 29, El-Islám is meant. (Jel.) A2: Also He was, or became, disobedient; he disobeyed: and he was, or became, mighty, potent, powerful, or strong; or high, or elevated, in rank, condition, or state; noble, honourable, glorious, or illustrious. (IAar, T, K.) Thus it bears significations contr. to those mentioned in the first part of this paragraph. (MF.) A3: Also, (S, M, Msb, K,) first Pers\. دِنْتُ, (T, M8gh,) aor. as above, (T, S, Msb,) inf. n. دَيْنٌ, (S, Msb,) from المُدَايَنَةُ, (Msb, [see 3,]) i. q. أَخَذَ الدَّيْنَ, (IKt, M, Msb, K,) or [rather] أَخَذَ دَيْنًا, (T,) [He took, or received, a loan, or the like; he borrowed: or he took, or received, or bought, upon credit; which is the meaning generally obtaining: and ↓ اِدَّانَ and ↓ أَدَانَ and ↓ استدان and ↓ تديّن signify [in like manner] أَخَذَ دَيْنًا: (K:) or the first, i. e. دان, signifies he sought, or demanded, a loan, or the like; (ISk, S, Mgh, Msb;) as also ↓ ادّان and ↓ استدان: (S, Mgh:) and he became indebted, in debt, or under the obligation of a debt: (S:) and ↓ ادّان and ↓ أَدَانَ and ↓ استدان signify أَخَذَ بِدَيْنٍ

[he took, or received, by incurring a debt; i. e. he took, or received, or bought, upon credit; like

أَخَذَ دَيْنًا]; (M;) or the first and last of these three signify أَخَذَ الدَّيْنَ, and اِقْتَرَضَ [which means the same]: but ↓ أَدَانَ signifies he gave, or granted, what is termed دَيْنٌ [meaning a loan, or the like: or he gave, or granted, or sold, a thing upon credit]: (TA:) accord. to Esh-Sheybánee, this last verb signifies he became entitled to a debt from others [or from another]: Lth says that it (أَدَانَ) signifies he was, or became, such as is termed مُسْتَدِينٌ; [i. e. it is syn. with استدان, as it is said to be in the M and K;] but [Az says,] this, which has been mentioned on the authority of some one or more by Sh, is in my opinion a mistake; أَدَانَ means he sold upon credit; or became entitled to a debt from others [or from another]; (T, TA;) or he sold to persons upon a limited credit, or for payment at an appointed period, so that he became entitled to a debt from them: (S:) and accord. to Sh, ↓ ادّان signifies he became much in debt. (T, TA.) El-Ahmar cites the following verse of El-'Ojeyr Es-Saloolee: نَدِينُ وَيَقْضِى اللّٰهُ عَنَّا وَقَدْ نَرَى

مَصَارِعَ قَوْمٌ لَا يَدِينُونَ ضُيَّعِ [We incur debt, and God pays for us; and sometimes, or often, we see the places of overthrow of a people, who incur not debt, in a state of perdition]: in the S [and the T] ضُيَّعَا; but correctly as above; for the whole of the قَصِيدَة is مَخْفُوضَة. (IB, TA.) And it is said in a trad., مُعْرِضًا ↓ اِدَّانَ, (S, K,) or, as some relate it, دَانَ, (K,) He bought upon credit, or borrowed, or sought or demanded a loan, of whomsoever he could, addressing himself to such as came in his way: (S, TA:) or both mean he bought upon credit avoiding payment: or he contracted a debt with every one who presented himself to him: (K, TA: [see also other explanations voce مُعْرِضٌ:]) ↓ ادّان signifies he bought upon credit: (K:) or [thus and also] the contr., i. e. he sold upon credit. (T, K.) b2: It is also trans.; and so is ↓ أَدَانَ. (Msb.) You say, دِنْتُهُ, (M, Mgh, K, [in the CK دِينَةٌ is here put for دِنْتُهُ,]) inf. n. دَيْنٌ; (TA;) and ↓ أَدَنْتُهُ (M, Mgh, K,) inf. n. إِدَانَةٌ; (TA;) I gave him, or granted him, to a certain period, what is termed دَيْنٌ [meaning the loan, or the like; I lent to him: or I gave him, or granted him, credit; or sold to him, upon credit]: (M, K, TA:) so that he owed a debt: (TA:) and i. q. أَقْرَضْتُهُ [I gave him, or granted him, a loan, or the like]; (M, * Mgh, K;) as also ↓ دَيَّنْتُهُ: (Mgh:) or دِنْتُهُ has this last meaning: (A 'Obeyd, S, M:) and ↓ أَدَنْتُهُ signifies I sought, or demanded, of him a loan, or the like; syn. اِسْتَقْرَضْتُ مِنْهُ; as also ↓ اِسْتَدَنْتُهُ: (M:) or دِنْتُهُ has each of the last two meanings: (A 'Obeyd, T, Msb:) and signifies also I received from him a loan, or the like. (K.) And one says, ↓ أَدِنِّى

عَشَرَةَ دَرَاهِمَ meaning Lend thou to me ten dirhems. (S, TA.) A4: دانهُ, (S,) first Pers\. دِنْتُهُ, (M, Msb, K,) inf. n. دِينٌ (S, M, K) and دَيْنٌ, (M, K,) or the latter is the inf. n. and the former is a simple subst., (M,) also signifies He repaid, requited, compensated, or recompensed, him, (S, M, Msb, K,) بِفِعْلِهِ for his deed: and so ↓ داينهُ, inf. n. مُدَايَنَةٌ and دِيَانٌ. (M.) And دِنَّاهُمْ We did to them like as they did to us. (Ham p. 10.) One says, كَمَا تَدِينُ تُدَانُ, (T, S, M,) a prov., (M,) meaning Like as thou repayest, or requitest, &c., thou shalt be repaid, or requited, &c.; (S, M;) i. e. according to thy deed thou shalt be repaid, or requited, &c.: (S:) or, as some say, like as thou doest, it shall be done to thee: (M:) or like as thou doest thou shalt be given, and repaid, &c. (T.) And it is said in a trad., اَللّٰهُمَّ دِنْهُمْ كَمَا يَدِينُونَنَا, meaning O God, repay them, or requite them, &c., with [the like of] that which they do to us. (TA.) b2: اَللّٰهُ لَيَدِينُ مِنَ الجَمّآءِ لِلْقَرْنَآءِ, a trad. of Selmán, means God will assuredly retaliate [for her that is hornless upon her that is horned]. (TA.) b3: And one says, مَنْ دَانَ نَفْسَهُ رَبِحَ, i. e. He who reckons with himself [gains] (Ham p. 10. [Or the verb may here have the meaning next following.]) A5: Also, دانهُ, He abased him, (T, S, K,) and enslaved him. (T, S.) Hence, (T,) it is said in a trad., الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ, (S, T,) i. e. [The intelligent is] he who abases, and enslaves, himself [and works for that which shall be after death]: or, as some say, who reckons with himself: (T:) or, accord. to some, who overcomes himself. (TA.) And دانهُ, (K,) first Pers\. دِنْتُهُ, (T,) signifies He made him to do that which he disliked. (Az, T, K.) And دِينَ He was made to do that which he disliked. (T.) b2: And دِنْتُهُ, inf. n. دِينٌ, I ruled, governed, or managed, him, or it. (M, TA.) And I possessed it; owned it; or exercised, or had, authority over it. (Sh, S, K, TA.) A6: دان, (IAar, T, K,) aor. ـِ (K,) [inf. n., app., دِينٌ, which see below,] signifies also He became accustomed or habituated, or he accustomed or habituated himself, to good or to evil: (IAar, T, K:) and, accord. to Lth, (T,) دِينَ signifies he was accustomed or habituated: (T, M:) or, as some say, دِينٌ signifying “ custom,” or “ habit,” has no verb. (M.) A7: and He (a man, IAar, T) was, or became, smitten, or affected, by a disease. (IAar, T, K.) 2 ديّنهُ, (S, Mgh, Msb, K,) inf. n. تَدْيِينٌ, (S, K,) He left him to his religion; (S, Mgh, Msb, K;) left him and his religion, not opposing him in that which he held allowable in his belief. (Msb.) b2: He believed him: so in the saying, ديّنهُ فِى القَضَآءِ [He believed him in respect of the judgment, or judicial decision], (T, M, Mgh, *) and فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللّٰهَ [in respect of what was between him and God]: (T, M:) but this is a conventional signification used by the professors. (Mgh.) b3: دَيَّنْتُ الحَالِفَ (T, TA) I confirmed the swearer (قَوَّيْتُهُ [so in the TA, but in the T بَرَّيْتُهُ, app. for بَرَّأْتُهُ, I held him, or pronounced him, to be clear, or quit, if not a mistranscription for قَوَّيْتُهُ,]) in that which he swore. (T, TA.) A2: See also 1, in the latter half of the paragraph.

A3: دَيَّنْتُهُ القَوْمَ I made him ruler, governor, or manager of the affairs, of the people, or company of men. (M.) And ديّنهُ الشَّىْءَ, (T, * TA,) inf. n. as above, (TA,) He made him to possess the thing: to own it; or to exercise, or have, authority over it. (T, * TA.) El-Hotei-ah says, (T, S, M,) addressing his mother, (T,) لَقَدْ دُيِّنْتِ أَمْرَ بَنِيكِ حَتَّى

تَرَكْتِهِمُ أَدَقَّ مِنَ الطَّحِينِ (T, S, M,) meaning مُلِّكْتِ [i. e. Verily thou hast been made to have the ordering of the affairs of thy sons until thou hast rendered them finer than flour]. (T, S.) And hence the saying, يُدَيَّنُ الرَّجُلُ أَمْرَهُ i. e. يُمَلَّكُ [The man shall be made to have the ordering of his affair, or affairs, or case]. (Sh, T.) 3 دَايَنْتُهُ, (S, M, A, K,) inf. n. مُدَايَنَةٌ and دِيَانٌ, (TA,) I dealt, or bought and sold, with him upon credit; (A, TA;) I dealt, or sold and bought, with him, giving upon credit and taking upon credit: (S, TA:) or I lent to him; or I gave him, or granted him, a loan, or the like; and he did so to me: (M, K:) or I dealt with him upon credit, giving or taking. (Ksh * and Bd in ii.

282.) A2: See also 1, in the latter half of the paragraph.

A3: Each of the inf. ns. mentioned above is also syn. with مُحَاكَمَةٌ [The summoning another to the judge, and litigating with him: &c.]. (TA.) 4 ادان, inf. n. إِدَانَةٌ; as an intrans. v.: see 1, in the former half of the paragraph, in three places. b2: As a trans. v.: see 1, in the latter half of the paragraph, in four places. b3: [The following significations, namely, “Subegit,” and “ Pensavit,” assigned to this verb by Golius as on the authority of the KL, and “ Voluit sibi esse servum,” and “ Servum cepit,” followed by an accus., assigned to it by him as on the authority of the S, I do not find in either of those works.]5 تديّن: see 1, in the former half of the paragraph, in three places.6 تَدَايَنُوا They sold and bought, one with another, upon credit; and in like manner تَدَايَنَا is said of two persons: (S:) or they took, or received, or bought, upon credit [app. one of another]: and so اِدَّايَنُوا [which is a variation of the former]. (M.) إِذَا تَدَيَنْتُمْ بِدَيْنٍ, in the Kur ii. 282, means When ye deal, one with another, (Ksh, Bd, Jel, Msb,) upon credit, giving or taking, (Ksh, * Bd,) or by prepayment, (Jel, Msb,) or lending or the like, (Jel,) &c. (Msb.) 8 اِدَّانَ, originally اِدْتَانَ: see 1, in six places.10 استدان, as an intrans. v.: see 1, in the former half of the paragraph, in three places. b2: استدانهُ He sought, or demanded, of him what is termed دَيْنٌ [meaning a debt]: and also i. q. اِسْتَقْرَضَ مِنْهُ. (M.) See 1, in the latter half of the paragraph.

دَيْنٌ [is an inf. n. of 1: b2: and is also a simple subst., and] properly signifies [A debt; such as] the price of a thing sold [which the purchaser is under an obligation to pay]; and a dowry [which one engages to pay]: and a loan, or the like; syn. قَرْض: (Msb:) or it is [a debt] such as has an appointed time of falling due: what has not such an appointed time is [properly, but not always,] termed قَرْضٌ: (K:) and ↓ دِينَةٌ signifies the same as دَيْنٌ (T, M, K) in the sense above explained: (K:) a valid دَينْ (دَينٌ صَحِيحٌ) is such as does not become annulled save by payment, or by one's being declared clear, or quit: compensation in the case of a contract which a slave makes with his owner to pay him a certain sum as the price of himself and on the payment thereof to be free is not a valid دَيْن, because it may become annulled without payment, and without his being declared clear, or quit; that is, by the slave's being unable to pay it: (KT:) in the language of the law, but not in the proper language, دَيْنٌ is also applied to (assumed tropical:) [a debt incurred by] a thing taken unjustly, injuriously, or by violence; as being likened to a دَيْن properly so called: (Msb:) and it signifies also anything that is not present: [app. meaning anything to be paid, or done, at a future time:] (M, K:) the pl. [of pauc.] is أَدْيُنٌ (Lh, M, K) and [of mult.] دُيُونٌ (S, M, K) [and in the CK is added and دِينَةٌ, with kesr; but this is a mistranscription for دِنْتُهُ, as syn. with أَدَنْتُهُ, which follows it, connected therewith by وَ]: the pl. of ↓ دِينَةٌ is دِيَنٌ. (TA.) Yousay, مَا أَكْثرَ دَيْنَهُ and ↓ دِينَتَهُ [How great in amount. is his debt!]; both meaning the same. (Az, T.) And ↓ جِئْتُ لِطَلَبِ الدِّينَةِ i. e. الدَّيْنِ [I came for the demanding of the debt]. (Az, T.) And عَلَيْهِ دَيْنٌ [On him lies a debt; i. e. he owes a debt]: and لَهُ دَيْنٌ [To him is due a debt; i. e. he has a debt owed to him]. (S, TA.) And اِشْتَرَى

بِالدَّيْنِ [He bought upon credit]: (K:) and أَخَذَ الدَّيْنَ (IKt, M, Msb, K) or [rather] أَخَذَ دَيْنًا [signifies the same; or he took, or received, upon credit: or he took, or received, a loan, or the like; he borrowed]: (T, K:) and أَخَذَ بِدَيْنٍ

[likewise signifies the same; or he took, or received, by incurring a debt]. (M.) And بَاعَ بِالدَّيْنِ [He sold upon credit]: (K:) and بِعْثُهُ بِدَيْنٍ (TA) or ↓ بِدِينَةٍ (S) [I sold to him upon credit]: and أَعْطَيْتُهُ الدَّيْنَ [signifies the same; or I gave him, or granted him, credit: or I gave him, or granted him, the loan, or the like]. (M, K, TA.) b3: [Hence,] (tropical:) Death; (K, TA;) because it is a دَيْن [or debt] which every one must pay when [the angel who is] the demander of its payment comes. (TA.) And hence the prov., رَمَاهُ اللّٰهُ بِدَيْنِهِ (tropical:) [May God smite him with his death]. (TA.) b4: Thaalebeh Ibn-'Obeyd says, describing palm-trees, تَضَمَّنُ الحَاجَاتِ العِيَالِ وَ ضَيْفِهِمْ وَمَهْمَا تَضَمَّنْ مِنْ دُيُونِهِمْ تَقْضِ

[They comprise the wants of the household and of their guest; and whatever they comprise of their debts, they pay]; by the دُيُون meaning what is obtained of their fruit that is gathered. (M, TA.) دِينٌ [is an inf. n. of 1: and is also used as a simple subst., signifying] Obedience; (T, S, M, K;) as also ↓ دِينَةٌ: (K: [in the M it is said, without any restriction, that دِينَةٌ is like دِينٌ:]) this is its primary meaning: and its pl. is أَدْيَانٌ: or, as some say, its primary meaning is that next following: (TA:) a state of abasement, (M, K, TA,) and submissiveness. (TA.) الدِّينُ لِلّٰهِ meansObedience to, and the service of, God. (T, K. *) And the saying, in the Kur [iv. 124], وَ مَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّٰهِ means [And who is better] in obedience [than he who resigns himself to God?] (Er-Rághib, TA.) In like manner, also, in the same [ii. 257], لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ means [There shall be no compulsion] in obedience. (Er-Rághib, TA.) b2: A religion: (K, and in one of my copies of the S:) pl. as above: (S:) so termed as implying obedience, and submission to the law: [for ex.,] it is said in the Kur [iii. 17], إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّٰهِ الْإِسْلَامُ [Verily the only true religion in the sight of God is El-Islám]. (TA.) الدِّينُ is a name for That whereby one serves God. (S, * K.) [It is applied to Religion, in the widest sense of this term, practical and doctrinal: thus comprehending الإِيمَانُ, which means “ religious belief. ”] And it [particularly] signifies [The religion of] El-Islám. (M, K.) And The religious law of God; consisting of such ordinances as those of fasting and prayer and pilgrimage and the giving of the poor-rate, and the other acts of piety, or of obedience to God, or of duty to Him and to men; syn. الشَّرِيعَةُ. (TA.) And The belief in the unity of God. (K.) and Piety, or pious fear, and abstinence from unlawful things; syn. الوَرَعُ. (S, K.) b3: Also A particular law; a statute; or an ordinance; syn. حُكْمٌ (K, and Jel in xii. 76) and قَضَآءٌ [which signifies the same as حُكْمٌ]. (Katádeh, T, K.) It is said in the Kur [xii. 76], مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى

دِينِ الْمَلِكِ, meaning He (Joseph) was not to take his brother as a slave for the theft according to the law of the king of Egypt; i. e., فِى حُكْمِ مَلِكِ مِصْرَ, (Jel,) or فىقَضَائِهِ; (Katádeh, T;) for his punishment according to him was beating, and a fine of twice the value of the thing stolen; not enslavement: (Jel:) or, accord. to ElUmawee, the meaning is, in the dominion of the King. (T.) b4: [A system of usages, or rites and ceremonies &c., inherited from a series of ancestors.] It is said in a trad., of the Prophet, كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ, meaning He used to conform with the old usages obtaining among his people, inherited from Abraham and Ishmael, in respect of their pilgrimage and their marriagecustoms (IAth, K, TA) and their inheritances (IAth, TA) and their modes of buying and selling and their ways of acting, (IAth, K, TA,) and other ordinances of the faith [&c.]; (IAth, TA;) but as to the belief in the unity of God, they had altered it; and the Prophet held no other belief than it: (IAth, K, TA:) or, as some say, the meaning here is, their dispositions, in respect of generosity and courage; from دِينٌ in the sense next following. (TA.) b5: Custom, or habit; (Az, T, S, M, K;) as also ↓ دِينَةٌ: (M, * TA:) and business: (S, TA:) pl., as above, أَدْيَانٌ. (M, TA.) This, also, has been said to be the primary signification. (TA.) One says, مَا زَالَ ذٰلِكَ دِينِى That has not ceased to be my custom, or habit. (T, TA.) b6: A way, course, mode, or manner, of acting, or conduct, or the like. (K.) b7: I. q. تَدْبِيرٌ [app. as meaning Management, conduct, or regulation, of affairs]. (K.) b8: State, condition, or case. (S, M, K.) ISh says, I asked an Arab of the desert respecting a thing, and he said to me, لَوْ لَقِيتَنِى عَلَى دِنٍ غَيْرِ هٰذِهِ لَأَخْبَرْتُكَ [Hadst thou found me in a state other than this, I had informed thee]. (S, M.) b9: A property, such as is an unknown cause of a known effect; syn. خَاصِّيَّةٌ. (KL. [The significations of “ Via ” and “ Signum ” and “ Opera,” mentioned by Golius as from the KL, I do not find in my copy of that work.]) A2: Disobedience. (S, K.) [Thus it bears a signification the contr. of that first mentioned in this paragraph.]

A3: Repayment, requital, compensation, or recompense: (S, M, K:) or, as some say, such as is proportioned to the deed of him who is its object. (TA.) Hence, مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ, i. e. [The King] of the day of requital, in the Kur [i. 3]: (M, T, TA:) or the meaning in this instance is the next but one of those here following. (T, TA.) b2: Retaliation, by slaying for slaying, or wounding for wounding, or mutilating for mutilating. (TA.) b3: A reckoning. (T, S, M, K.) [See the sentence next but one above.] Hence, in the Kur [ix. 36], ذٰلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ [is said to mean] That is the right, correct, or true, reckoning. (T, TA.) A4: Compulsion against the will: (K:) subdual, subjection, or subjugation; ascendency: sovereign, or ruling, power; or power of dominion: (S, K:) mastership, or ownership; or the exercise, or possession, of authority. (K, TA.) A5: A disease: (Lh, IAar, T, S, M, K:) or, accord. to El-Mufaddal, an old disease. (IAar, T.) A6: [It is said to signify also] A constant, or a gentle, rain; as also ↓ دِينَةٌ: (K:) accord. to the book of Lth, [by which is meant the 'Eyn,] (T,) rain that has been constantly, (T,) or usually, (K,) recurring in a place: (T, K:) but this is a mistake of Lth, or of some one who has added it in his book: a verse of Et-Tirimmáh, there cited as an ex., ends with وَدِينِ, which is in that instance syn. with مَوْدُون, meaning “ moistened; ” its و being the primal radical, not the conjunction وَ; and دِينٌ as meaning any kind of rain being unknown. (T, TA.) A7: See also دَائِنٌ.

دَيْنَةٌ, (so in the TT, as from the T,) or ↓ دِينَةٌ, with kesr, (so in the TA,) A cause of death. (T, TA.) دِينَةٌ: see دَيْنٌ, in five places: A2: and دِينٌ, in three places: A3: and دَيْنَةٌ.

دَيِّنٌ Religious; or one who makes himself a servant of God; (S, Msb;) as also ↓ مُتَدَيِّنٌ. (S.) دَيَّانٌ A requiter, (S, M, K,) who neglects not any deed, but requites it, with good and with evil; (K, TA;) in this sense, with the article ال, applied as an epithet to God: (S, M, TA:) a subduer; (T, K;) applied to a man in this sense; (T;) and also, in the same sense, with the article ال, to God: (TA:) a judge; a ruler, or governor; (T, K;) in these senses, likewise, applied to a man; and, with the article ال, to God: (T:) a manager, a conducter, or an orderer, (S, M, K,) of affairs of another. (S.) دَائِنٌ A debtor; (S, M, Msb, * K;) as also ↓ مَدِينٌ and ↓ مَدْيُونٌ, (S, * M, Msb, * K,) this last of the dial. of Temeem, (M,) and ↓ مُدَانٌ (M, K) and ↓ مُدَّانٌ: (K:) or all of these, (M, K,) or ↓ مَدْيُونٌ, (S, TA,) one much in debt: (S, M, K, TA:) and ↓ مُدَّانٌ, constantly in debt: (Sh, T:) and دَائِنٌ signifies one who takes, or receives, a loan, or the like; who borrows; or who takes, or receives, or buys, upon credit: (Sh, T, Msb:) and also one who repays a debt: (Sh, T, TA:) thus bearing two contr. meanings: (TA:) or also one who gives, or grants, credit; or sells upon credit: (Msb:) pl. دَائِنُونَ, with which ↓ دِينٌ is syn. [as a quasi-pl. n.], as in the saying of a poet, وَكَانَالنَّاسُ إِلَّا نَحْنُ دِينَا [And the people, except us, were debtors]. (S.) مُدَانٌ: see the next preceding paragraph.

مَدِينٌ: see دَائِنٌ.

A2: [Also Repaid, requited, compensated, or recompensed: and reckoned with.]

أَئِنَّا لَمَدِينُونَ, in the Kur [xxxvii. 51], means Shall we indeed be requited, and reckoned with? (S, TA.) [See also what follows, in two places.]

A3: Possessed; owned; had, or held, under authority: (TA:) [and hence,] a slave; fem. with ة: (S, M, K:) [or] so called because abased by work. (K.) غَيْرَ مَدِينِينَ, in the Kur [lvi. 85], accord. to Zj, means Not held under authority: but Fr says, I have also heard [it explained as meaning] not requited [for your deeds]. (T.) [And it is said that] أَئِنَّا لَمَدِينُوننَ [mentioned above] means ائنّا لَمَمْلُوكُونَ [i. e. Shall we indeed be held in possession, or under authority, as servants of God?]. (M.) مَدِينَةٌ A city; syn. مِصْرٌ: (S, K:) so called because had, or held, in possession, or under authority. (S, * TA.) [See also art. مدن.] b2: أَنَا ابْنُ مَدِينَتِهَا means I am he who is acquainted with it; (IAar, T, * M, * K;) like ابن بَجْدَتِهَا [q. v.]. (IAar, T.) مُدَّانٌ: see دَائِنٌ, in two places.

مِدْيَانٌ, applied to a man, (S, M, K,) and also to a woman, (M, K,) without ة, (M,) One who gives, or grants, loans, or the like, (Sh, T, M, K,) to men, (M,) much, or often; (Sh, T, K:) and also, (Sh, T, K,) if you will, (Sh, T,) one who seeks, or demands, loans, or the like, much, or often: (Sh, T, K:) thus bearing two contr. significations: (K:) or one whose custom it is to take, or receive, by incurring debt, or to buy upon credit; and, to seek, or demand, loans, or the like: (S:) or it is an intensive epithet, signifying one having [many] debts: (IAth, TA:) pl. مَدَايِينُ, (M, K,) masc. and fem. (TA.) مَدْيُونٌ: see دَائِنٌ, in two places.

مُتَدَيِّنٌ: see دَيِنٌ.

قعع

قعع


قَعَّ
قُعَاْعa. Bitter, brackish water.
ق ع ع: (الْقَعْقَعَةُ) حِكَايَةُ صَوْتِ السِّلَاحِ وَنَحْوِهِ. 
(ق ع ع) : (قَوْلُهُ) وَيَحِلُّ أَكْلُ (الْقُعْقُعِ) لِأَنَّهُ مِنْ الصُّيُودِ وَلَكِنْ يُكْرَهُ لِأَكْلِهِ الْجِيَفَ هُوَ (بِالضَّمِّ الْعَقْعَقُ) عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَعَنْ اللَّيْثِ وَهُوَ مِنْ طَيْرِ الْبَرِّ ضَخْمٌ طَوِيلُ الْمِنْقَارِ أَبْلَقُ بِسَوَادٍ وَبَيَاضٍ وَهُوَ اللَّقْلَقُ (وَقُعَيْقِعَانُ) مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ عَنْ الْغُورِيِّ وَفِي التَّهْذِيبِ عَنْ السُّدِّيِّ سُمِّيَ الْجَبَلُ الَّذِي بِمَكَّةَ قُعَيْقِعَانُ لِأَنَّ جُرْهُمًا كَانَتْ تَجْعَلُ فِيهِ قِسِيَّهَا وَجِعَابَهَا وَدَرَقَهَا فَكَانَتْ تَقَعْقَعُ أَيْ تُصَوِّتُ وَأَمَّا قيعقعان كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
[قعع] القعقعة: حكاية صوت السلاح ونحوه. وفي المثل: " ما يُقَعْقَعُ لي بالشِنانِ ". وقَعْقَعوا قَعْقَعَةً وقِعْقاعاً بالكسر. والقعقاع بالفتح الاسم. والتقعقع: التحرك. وحمار قَعْقَعانِيُّ الصوت بالضم، أي شديد الصوت في صوته قعقعة. قال رؤبة: شاحى لحيى قعقعانى الصلق * قعقعة المحور خطاف العلق * والمقعقع: الذي يجيل القِداح في الميسر. قال كثير يصف ناقته: وتعرف إن ضلت فتهدى لِربِّها * لِمَوْضِعِ آلاتٍ من الطَلْحِ أربع * وتؤبن من نص الهواجر والضحى * بقدحين فازا من قداح المقعقع * عليها ولما يبلغا كل جهدها * وقد أشعراها في أظل ومدمع * الآلات: خشبات تبنى عليها الخيمة. وتؤبن، أي تتهم وتزن. يقول: هزلت فكأنها ضرب عليها بالقداح فخرج المعلى والرقيب فأخذا لحمها كله. ثم قال: ولم يبلغا كل جهدها، أي وفيهــا بقية. وقوله وقد أشعراها، أي وهذان القدحان قد اتصل عملهما بالاظل حتى دمى، وبالعين حتى دمعت من الاعياء. ويقال: قَعْقَعَ في الأرض، أي ذهب. والقَعاقِعُ: تتابع أصوات الرعد. والقعاقع: مواضع من بلاد قيس. والقعقاع: طريق يأخذ من اليمامة إلى الكوفة. وطريقٌ قعقاعٌ: لا يُسلك إلا بمشقَّة. ومنه قيل قَرَبٌ قَعْقاعٌ، لأنَّهم يَجِدُّون في السير. وتمرٌ قعقاع، أي يابس. وقعقاع: اسم رجل. والقعقاع: الحمى النافض تقعقع الاضراس. قال مزرد : إذا ذكرتْ سلمى على النَأي عادَني * نوائبُ قَعْقاعٍ من الوِرْدِ مُرْدِمِ * وتَقَعْقَعَتْ عُمُدُهُمْ، أي ارتحلوا. قال جرير:

تَقَعْقَعَ نحو أرضكم عِمادي * وفي المثل: " من يَجْتَمِعْ يَتَقَعْقَعْ عَمَدُه "، كما يقال: إذا تم أمر دنا نقصه. وقعيقعان: جبل بمكة، وهو اسم معرفة. وبالاهواز جبل يقال له قعيقعان، ومنه نحتت أساطين مسجد البصرة. والقُعْقُعُ بالضم: طائرٌ أبلق ضخمٌ من طير البر، طويل المنقار. والقعاع: ماء مر غليظ. يقال أقَعَّ القومُ إقْعاعاً، إذا أنبطوه .
(ق ع ع)

مَاء قُعّ وقُعاع: مُرّ. وَقيل: هُوَ الَّذِي لَا أشدَّ ملوحةً مِنْهُ، تحترق مِنْهُ أجوافُ الْإِبِل، الْوَاحِد والجميع فِيهِ سَوَاء.

وأقَعَّ: أنْبطَ مَاء قُعاعا. وأقَعَّتِ الْبِئْر: جَاءَت بِهَذَا الضَّرْب من المَاء.

والقَعْقَعةُ: حِكَايَة أصوات التَّرَسَة، والجلود الْيَابِسَة، وَالْحِجَارَة، والرعد، والبَكْرة، والحَلْى وَنَحْوهَا، قَالَ النَّابِغَة:

يُسهََّدُ من لَيل التَّمام سَلِيمُها ... لحَلْيِ النِّساءِ فِي يدَيْهِ قَعاقِعُ

وَذَلِكَ أَن الملدوغ يوضع فِي يَدَيْهِ شيءٌ من الحَلْى، لِئَلَّا ينَام، فيدبَّ السُّمُّ فِي جسده، فيقتله.

وقَعْقَعْتُه وقَعْقَعْتُ بِهِ: حَرَّكته. وَفِي الْمثل: " فُلانٌ لَا يُقَعْقَعُ لَهُ بالشِّنان ": أَي لَا يُخدع وَلَا يُروَّع، واصله من تَحْرِيك الْجلد الْيَابِس للبعير ليُفزَّع، أنْشد سِيبَوَيْهٍ:

كَأَنَّك مِنْ جمال بني أُقَيْشٍ ... يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ

أَرَادَ: كَأَنَّك جمل، فَحذف الْمَوْصُوف، وَأبقى الصّفة، كَمَا قَالَ: لَو قُلْتَ مَا فِي قوْمها لَمْ تِيثَمِ ... يفْضُلُها فِي حَسَبٍ ومِيسَمِ

أَرَادَ: من يَفْضُلُها، فَحذف الْمَوْصُول، وَأبقى الصِّلَة.

وتقَعْقَع الشَّيْء: صوَّت عِنْد التحريك، وقَعْقَعْتُه قَعْقَعَةً وقِعْقاعا: حرَّكْته، وَالِاسْم القَعْقاع.

وَرجل قَعْقاع وقُعْقُعانِيّ: تسمع لمفاصل رجلَيْهِ إِذا مَشى تقَعْقُعا. وحمار قُعْقُعانِيّ: إِذا حمل على الْعَانَة صك لحييْهِ. والأسد ذُو قَعاقِع: أَي إِذا مَشى سَمِعت لمفاصله قعقعة.

وَرجل قُعاقع: كثير الصَّوت. حَكَاهُ ابْن الأعرابيّ، وَأنْشد:

وقمْتُ أدْعو خَالِدا ورَافِعا ... جَلْدَ القُوَى ذَا مِرَّة قُعاقِعا

والقُعْقُع: طَائِر فِيهِ سَواد وَبَيَاض، ضخم طَوِيل المنقار، وَهُوَ طير الْبر. والقَعْقَعَة: صَوته.

وقُعَيْقِعانُ: جبل بِمَكَّة، كَانَت فِيهِ حَرْب، سمي بذلك لقعقعة السِّلَاح الَّذِي كَانَ بِهِ، وقُعَيْقِعان: جبل أَيْضا بالأهواز، فِي حجارته رخاوة، تنحت مِنْهُ الأساطين.

وقَرَب قَعْقاعٌ: شَدِيد، لَا اضْطِرَاب فِيهِ، وَلَا فتور، وَكَذَلِكَ خمس قَعْقاع، وسير قَعْقاع.

والقَعْقاع: طَرِيق من الْيَمَامَة إِلَى الْكُوفَة. وقَعْقاعٌ: اسْم، قَالَ:

وكنتُ جليسَ قَعْقاع بن شَوْرٍ ... وَلَا يَشْقَى بقَعْقاعٍ جَليِسُ

قعع: القُعاعُ: ماءٌ مُرّ غليظ. ماءٌ قُعٌّ وقُعاعٌ: مُرٌّ غليظ، وقيل:

هو الذي لا أَشدّ مُلُوحةً منه تَحْتَرِقُ منه أَجْوافُ الإِبلِ، الواحد

والجمع فيه سواء. قال ابن بري: ماءٌ قُعاعٌ وزُعاقٌ وحُراقٌ، وليس بعد

الحُراقِ شيء، وهو الذي يحرق أَوبار الإِبل، والأُجاجُ المِلْحُ المُرّ

أَيضاً.

وأَقَعَّ القومُ إِِقْعاعاً إِذا أَنْبَطُوه. يقال: أَقَعَّ أَي

أَنْبَطَ ماءً قُعاعاً. وأَقَعَّتِ البئرُ: جاءت بهذا الضرب من الماء، ومِياهُ

الإِمْلاحاتِ كلُّها قُعاعٌ.

والقَعْقَعةُ: حكايةُ أَصوات السِّلاحِ والتِّرَسةِ والجُلُودِ اليابسة

والحجارة والرَّعْدِ والبَكْرةِ والحُليِّ ونحوها؛ قال النابغة:

يُسَهَّدُ من لَيْلِ التَّمامِ سَلِيمُها،

لحَلْيِ النساءِ في يَدَيهِ قَعاقِعُ

وذلك أَن المَلْدُوغَ يوضع في يديه شيء من الحَلْيِ لئلا يَنامَ فيَدِبَّ

السمُّ في جسَدِه فيقتله. وتَقَعْقَعَ الشيء: اضْطَرَبَ وتحرّك.

وقَعْقَعْتُ القارُورةَ وزَعْزَعْتُها إِذا أَرَغْتَ نَزْعَ صِمامِها من رأْسها.

وقَعْقَعْتُه وقَعْقَعْتُ به: حرَّكْته. وفي حديث أُم سلمة: قَعْقَعُوا لك

بالسِّلاحِ فطارَ سِلاحُك

(* قوله« سلاحك» كذا بالأصل والنهاية ايضاً،

وبهامش الأصل صوابه: فؤادك.) وفي المثل: فلانٌ لا يُقَعْقَعُ له بالشِّنانِ

أَي لا يُخْدَعُ ولا يُرَوَّعُ، وأَصله من تحريك الجلد اليابس للبعير

ليَفْزَع؛ أَنشد سيبويه للنابغة:

كأَنَّكَ مِنْ جِمالِ بَني أُقَيْشٍ،

يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ

أَراد كأَنك جَمَلٌ فحذف الموصوف وأَبقى الصفة كما قال:

لو قُلْتَ ما في قَوْمِها لم تِيثَمِ،

يَفْضُلُها في حَسَبٍ ومِيسَمِ

أَراد من يفضلها فحذف الموضول وأَبقى الصلة.

والتَّقَعْقُعُ: التحرّك. وقال بعض الطائيين: يقال قَعَّ فلان فلاناً

يَقُعُّه قَعّاً إِذا اجْتَرأَ عليه بالكلام. وتَقَعْقَعَ الشيءُ: صَوَّتَ

عند التحريك. وقَعْقَعْتُه قَعْقَعةً وقِعْقاعاً: حركته، والاسم

القَعْقاعُ، بالفتح. قال ابن الأَعرابي: القَعْقَعةُ والعَقْعَقةُ والشَّخْشَخةُ

والخَشَخَشةُ والخَفْخَفةُ والفَخْفَخةُ والنَّشْنَشةُ والشَّنْشَنةُ،

كله: حركةُ القِرْطاسِ والثوْبِ الجديدِ. وفي الحديث: أَنّ ابناً لِبِنْتِ

النبي، صلى الله عليه وسلم، حُضِرَ فدخل النبي، صلى الله عليه وسلم، فجيءَ

بالصبيّ ونفسُه تَقَعْقَعُ أَي تَضْطَرِبُ؛ قال خالد بن جَنْبةَ: معنى

قوله نفسه تَقَعْقَعُ أَي كلَّما صَدَرَتْ إِلى حال لم تَلْبَثْ أَن تصير

إِلى حال أُخرى تقرّبه من لموت لا تثبت على حال واحدة. وفي الحديث: آخُذُ

بِحَلْقةِ الجنةِ فأُقَعْقِعُها أَي أُحَرِّكُها. والقَعْقَعةُ: حكاية حركة

لشيء يُسْمَعُ له صوْتٌ، ومنه حديث أَبي الدرداء: شَرُّ النساء

السَّلْفَعةُ التي تُسْمَعُ لأَسنانِها قَعْقَعةٌ. ورجل قَعْقاعٌ وقُعْقُعانيّ:

تَسْمَعُ لِمَفاصِلِ رجليه تَقَعْقُعاً إِذا مشَى، وكذلك العَيْرُ إِذا

حَمَلَ على العانةِ وتَقَعْقَعَ لَحْياه يقال له قُعْقُعانيٌّ. وحِمارٌ

قُعْقُعانيُّ الصوتِ، بالضم، أَي شديد الصوت، في صوته قَعْقَعَةٌ؛ قال

رؤبة:شاحِيَ لَحْيَيْ قُعْقُعانيّ الصَّلَقْ

قَعْقَعةَ المِحْوَرِ خُطَّافَ العَلَقْ

والأَسَدُ ذُو قَعاقِعَ أَي إِذا مشَى سمعت لِمَفاصِله قَعْقَعةً.

والقَعْقَعةُ: تَتابُعُ صوت الرَّعْدِ في شدَّةٍ؛ وجمعه القَعاقِعُ. ورجل

قُعاقِعٌ: كثير الصوت؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

وقُمْتُ أَدْعُو خالداً ورافِعا،

جَلْدَ القُوَى ذا مِرَّةٍ قُعاقِعا

وتَقَعْقَعَ بنا الزمانُ تَقَعْقُعاً: وذلك من قلة الخير وجَوْرِ

السلطانِ وضِيقِ السِّعْرِ. والمُقَعْقِعُ: الذي يُجِيلُ القِداحَ في الميسر؛

قال كُثيِّر يصف ناقته:

وتُعْرَفُ إِنْ ضَلَّتْ فَتُهْدَى لِرَبِّها

لِمَوْضِعِ آلاتٍ مِنَ الطَّلْحِ أَرْبَعِ

وتُؤْبَنُ مِنْ نَصِّ الهَواجِرِ والضُّحَى،

بِقِدْحَيْنِ فازا مِنْ قِداحِ المُقَعْقِعِ

عليها، ولَمَّا يَبْلُغا كلَّ جَهْدِها،

وقد أَشْعَراها في أَظَلَّ ومَدْمَعِ

الآلات: خَشَبات تبنى عليها الخيمة، وتُؤْبَنُ أَي تُتَّهَمُ وتُزَنّ؛

يقول: هزلت فكأَنها ضُرِبَ عليها بالقِداحِ فخرج المُعَلَّى والرَّقِيبُ

فأَخذا لحمها كله، ثم قال: ولما يبلغا كل جَهْدِها أَي وفيهــا بقية.

وقوله:قد أَشْعَراها أَي وهذان القِدْحانِ قد اتصل عملهما بالأَظَلِّ حتى

دَمِيَ فَنَقِبَ وبالعين حتى دَمَعَت من الإِعياء، والضمير في أَشْعَراها يعود

على الهواجِرِ، والسُّرَى على ما قاله ابن بري إِن الذي وقع في شعر كثيِّر

نَصَّ الهواجِرِ والسُّرَى؛ قال: وأَصله من إِشْعارِ البدنة، وهو

طَعْنُها في أَصل سَنامِها بحديدة، قال ابن بري: يقول أَثَرُ قوائم هذه الناقة في

الأَرض إِذا بركت كأَثَرِ عيدان من الطلْحِ فيستدل عليها بهذه الآثار؛

وقد نسب الأَزهريّ قوله:

بِقِدْحَيْنِ فازا من قِداحِ المُقَعْقِعِ

إِلى ابن مُقْبلٍ. ويقال للمهزول: صار عظاماً يَتَقَعْقَعُ من هزاله. وكل

شيء يسمع عند دقه صوت واحد فإِنكَ لا تقول تَقَعْقَعَ، وإِذا قلت لمثل

الأَدَمِ اليابسة والسِّلاح ولها أَصوات قلت تَتَقَعْقَعُ؛ قال الأَزهري:

وقول النابغة:

يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ

يخالف هذا القول لأَنّ الشنّ من الأَذَمِ وقد تقدّم. وقَعْقَعَ في الأَرض

أَي ذهب. وتمرٌ قَعْقاعٌ أَي يابس. قال الأَزهري: سمعت البحرانِيِّينَ

يقولون للقَسْب إِذا يبِسَ وتَقَعْقَع: تَمْرٌ سَحٌّ وتَمْرُ قَعْقاعٌ.

والقَعْقاعُ: الحُمَّى النافِضُ تُقَعْقِعُ الأَضْراس، قال مُزَرِّدٌ أَخو

الشمّاخ:

إِذا ذُكِرَتْ سَلْمَى على النَّأْي، عادَني

ثُلاجِيّ قعْقاعٍ، من الوِرْدِ، مُرْدِم

ويقال للقوم إِذا كانوا نزولاً ببلد فاحتملوا عنه: قد تَقَعْقَعَتْ

عُمُدُهم أَي ارتحلوا؛ قال جرير:

تَقَعْقَعَ نَحْوَ أَرْضِكُمُ عِمادي

وفي المثل: مَنْ يَجْتَمِعُ تَتَقَعْقَعُ عُمُدُه، كما يقال: إِذا تَمَّ

أَمْرٌ دنَا نَقْصُه، ومعنى من يجمع تتقعقع عمده أَي من غُبِطَ بكثرة

العَدَدِ واتِّساقِ الأَمر فهو بِعَرضِ الزوال والانتشار؛ وهذا كقول لبيد

يصف تغير الزمان بأَهله:

إِنْ يُغْبَطُوا يَهْبِطُوا، وإِنْ أُمِرُوا

يَوْماً، يَصِيرُوا لِلْهُلْكِ والنَّكَدِ

والقُعْقُعُ، بالضم: طائر أَبْلَقُ فيه سواد وبياض ضخم طويل المِنْقارِ

وهو من طير البر، والقَعْقَعةُ صوته. والقُعْقُعُ، بضم القافين:

العَقْعَقُ.

وقُعَيْقِعانُ: جبل، وقيل: موضع بمكة كانت فيه حرب بين قبيلتين من قريش،

وهو اسم معرفة، سمي بذلك لقَعْقَعةِ السِّلاح الذي كان به، وقيل: سمي

بذلك لأَنّ جُرْهُماً كانت تجعل قِسيَّها وجِعابَها ودَرَقَها فيه فكانت

تُقَعْقِعُ وتصوّت، قال ابن بري: وسمي بذلك لأَنه موضع سلاح تُبَّعٍ كما

سمي الجبل الذي كان موضع خيله أَجْياداً. وقُعَيقِعانُ أَيضاً: جبل

بالأَهواز في حجارته رخاوة تنحت منه الأَساطِينُ، ومنه نحتت أَساطين مسجد

البَصْرةِ.

وطريقٌ قَعْقاعٌ ومُتَقَعْقِعٌ: لا يُسْلَكُ إِلا بِمَشَقّةٍ وذلك إِذا

بَعُدَ واحْتاجَ السابِلُ فيه إِلى الجَدِّ، وسمي قَعْقاعاً لأَنه

يُقَعْقِعُ الرِّكابَ ويتعبها؛ قال ابن مقبل يصف ناقة:

عَمِل قَوائِمُها على مُتَقَعْقعٍ،

عَتِبِ المَراقِبِ خارجٍ مُتَنَشِّرِ

وقَرَبٌ قَعْقاعٌ: شديدٌ لا اضْطِرابَ فيه ولا فُتُورَ،وكذلك خِمْسٌ

قَعْقاعٌ وحَثْحاثٌ إِذا كان بعيداً والسيرُ فيه مُتْعِباً لا وَتِيرةَ فيه

أَي لا فُتُورَ فيه، وسَيْرٌ قَعْقاعٌ. والقَعْقاعُ: طريق يأْخذ من

اليمامة إِلى الكوفة، وقيل إِلى مكة، معروف. وقَعْقاعٌ: اسم رجل؛ قال:

وكُنْتُ جَلِيسَ قَعْقاعِ بنِ شَوْرٍ،

ولا يَشْقَى بِقَعْقاعٍ جَلِيسُ

وبالشُّرَيْفِ من بلادِ قَيْسٍ مواضعُ يقال لها القَعاقِعُ. وقال

الأَصمعي: إِذا طَرَدْتَ الثور قلت له: قَعْ قَعْ، وإِذا زجرته قلت له: وحْ

وَحْ

(* قوله« وح وح» هو بهذا الضبط في الأصل، وفي القاموس وح، قال شارحه

بالتشديد مبنياً على «الكسر،) وقد قَعْقَعتُ بالثور قَعْقَعةً.

قعع
ماءٌ {قُعٌّ،} وقُعاعٌ، بضَمِّهِما: شَدِيدُ المَرَارةِ، وَقد اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ على الثّاني، وقالَ: مُرٌّ غَلِيظٌ، وابنُ دُرَيدٍ نَقَلَهُما جَمِيعاً، قالَ: وكَذلِك عُقٌ وعٌ قَاقٌ، زادَ ابنُ بَرِّيّ. وزُعَاقٌ، وحُرَاقٌ، ولَيْسَ بَعْدَ الحُرَاقِ شَيءٌ، وَهُوَ الّذِي يَحْرِقُ أوْبارَ الإبِلِ، وقِيلَ: القُعَاعُ: الماءُ الّذِي لَا أشَدَّ مُلُوحَةً مِنْه، تَحْتَرِقُ مِنْهُ أجْوَافُ الإبِلِ، الواحِدُ والجَمْعُ فيهِ سَواءٌ.
ويُقَال {أقَعَّ القَوْمُ} إقْعاعاً: إِذا أنْبَطُوهُ، كَمَا فِي الصِّحاحِ، أيْ حَفَرُوا، زادَ اللَّيْثُ: فهَجَمُوا على ماءٍ قُعَاع. {والقَعْقَاعُ: مَنْ إِذا مَشَى سُمِعَ لمَفاصِلِ رِجْلَيْهِ} تَقَعْقعٌ، أَي تَحَرُّكٌ واضْطِرابٌ، {- كالقَعْقَانِيِّ بالضَّمِّ قالَهُ اللَّيْثُ.
(و) } القَعْقَاعُ: التَّمْرُ اليابِسُ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وقالَ الأزْهَرِيُّ: سَمِعْتُ البَحْرانِييِّنَ يَقُولونَ للقَسْبِ إِذا يَبِسَ {وتَقَعْقَعَ: تَمْرٌ سَحٌّ، وتَمْرٌ} قَعْقَاعٌ.
(و) {القَعْقَاعُ: الحُمَّى النّافِضُ} تُقَعْقِعُ الأضْراسَ، قَالَ مُزَرِّدٌ أخُو الشَّماخِ:
(إِذا ذُكِرَتْ سَلْمَى على النَّأيِ عَادَنِي ... ثُلاجِيُّ {قَعْقَاعٍ مِنَ الوِرْدِ مُرْدِمِ)
نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
والقَعقَاعُ: الطَّرِيقُ لَا يُسْلَطُ إلاّ بمَشَقَّةٍ سُمِّيَ بهِ لأنَّهُمْ يَجِدُّونَ السَّيْرَ فيهِ، كَمَا نَقَله الجَوْهَرِيُّ، وقالَ غيرُه: وذلكَ إِذا بَعُدَ واحْتَاجَ السّابِلُ فيهِ إِلَى الجِدِّ، سُمِّيَ بهِ لأنَّهُ} يُقَعْقِعُ الرِّكابَ ويُتْعِبُها.
والقَعْقَاعُ: طَرِيقٌ مِنَ اليَمَامةِ إِلَى الكوفَةِ كَذَا فِي الصِّحاحِ، والعُبَابِ، وقِيلَ إِلَى مَكَّةَ، ووجدَ أيْضاً هَكَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحاحِ، قالَ ابنُ أحْمَرَ يَصِفُ الإبِلَ:)
(فَلمّا أنْ بَدَا القَعْقَاعُ لَجَّتْ ... على شَرَكٍ تُنَاقِلُه نِقالا)
والقَعْقَاعُ بنُ أبِي حَدْردَ الأسْلَمِيُّ، رَوَى عَنْهُ سَعِيدٌ المَقْبِرُيُّ من رِوايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ.
والقَعْقَاعُ بنُ مَعْبَدِ بنُ زُرَارَةَ التَّمِيمِيُّ الدَارِمِيُّ، وافِدُ تَميمٍ مَعَ الأقْرَعِ: صحابِيّانِ رَضِي الله عَنْهُمَا.
وفاتَه: القَعْقَاعُ بنُ عَمْروٍ التَّمِيميُّ، أوْرَدَهُ سَيْفٌ فِي الصَّحابَةِ.
! والقَعْقَاعُ آخرُ، ذَكَرَهُ المُسْتَغْفِرِيّث فِي الصَّحابَةِ، لَقَبَهُ المُغَمَّرُ، كمُعَظَّمٍ بالغَيْنِ. وابنُ شَوْرٍ: تابِعِيٌّ يُضْرَبُ بهِ المَثَلُ فِي حُسْنِ المُجاوَرَةِ فقِيلَ: لَا يَشْقَى {بقَعْقَاعٍ جَلِيسُ، قَالَ الشّاعِرُ:
(وكُنْتُ جَلِيسَ قَعْقاعِ بنِ شَوْرٍ ... وَلَا يَشْقَى} بقَعْقاعٍ جَلِيسُ)

(ضَحُوكُ السِّنِّ إنْ أمَرُوا بَخَيرٍ ... وعِنْدَ الشَّرِّ مِطْراقٌ عَبوسُ)
وكانَ يَجْرِي مَجْرَى كَعْبِ بنِ مامَةَ فِي حُسْنِ المُجاوَرَةِ.
{والقَعاقِعُ: ع وَفِي الصِّحاحِ: مواضِعُ بالشُّرَيْفِ، ببِلادِ قَيْسِ، وقالَ أَبُو زِيَادِ:} القَعاقِعُ: بلادٌ كَثيرَةٌ من بِلادِ بَنِي العَجْلانِ، قَالَ البَعِيثُ:
(وأنَّى اهْتَدَتْ لَيْلَى لِعُوجٍ مُنَاخَةِ ... ومِنْ دُونِ لَيْلَى يَذْبُلٌ {فالقَعاقِعُ)
} والقُعْقُعُ، كهُدْهُدٍ: العَقْعَقُ، عَن أبِي عَمْرو، أَو طائِرٌ آخَرُ أبْلَقُ، وَفِي بعضِ النُّسَخِ أبْيَضُ، والأُولى الصَّوابُ، كَمَا هُوَ نَصُّ الصِّحاحِ، وَفِي العُبَابِ: أبْلَقُ بِبَيَاضِ وسَوادٍ، ضَخْمٌ، بَرِّيٌّ، طَويِلُ المِنْقَارِ والرِّجْلَينِ واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ على المِنْقارِ.
{وقُعَيْقِعانُ، كزُعَيْفِرانٍ: جَبَلٌ بالأهْوَازِ فِي حِجَارَتِه رَخَاوَةٌ تُنْحَتُ مِنْهَا الأسَاطِينُ، يُقَال نُحِتَتْ مِنْها أَي من حِجَارَتِه، وَفِي بَعْضِ الأُصُولِ مِنْه أَي مِنْ الجَبَلِ أساطِينُ جامِعِ البَصْرَةِ وَفِي الصِّحاحِ مَسْجِدِ بالبَصْرَةِ، قالَهُ اللَّيْثُ.
} وقَعَيْقِعانُ: ة، بهَا ماءٌ وزُرُوعٌ، على اثْنَيْ عَشَرَ مِيلاً مِنْ مَكَّةَِ، على طَريقِ الحَوْفِ إِلَى اليَمَنِ قالَ أَبُو عمْرو: مَوْضِعٌ كانَتْ فيهِ حَرْبٌ، سُمِّيَ بذلِكَ لِكَثْرةِ السِّلاحِ الّذِي كانَ بهِ، وَفِي المُعْجَمِ: سُمِّيَ بهِ لِأَنَّهُ موْضِعُ سِلاحِ تُبَّعٍ.
وقُعَيْقِعانُ: جَبَلٌ كَمَا فِي الصِّحاحِ، وَفِي الجَمْهَرَةِ: موضِعٌ بمَكَّةَ، وَهُوَ اسمٌ مَعْرِفَةٌ، كَمَا فِي الصِّحاحِ، وَجْهُه إِلَى أبِي قُبيْسٍ، قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: قالَ السُدِّيُّ: سُمِّيَ بذلِكَ لأنَّ جُرْهُمَ كانَتْ تَجْعَلُ فِيهِ أسْلِحَتَهَا: قِسِيَّهَا وجِعَابَهَا ودَرَقَهَا، {فَتَقَعْقَعُ فيهِ، أَو لأنَّهُم لَمّا تَحَارَبُوَا وقَطُوراءَ بمَكَّةَ} قَعْقَعُوا بالسِّلاحِ فِي ذلِكَ المَكَانِ، هَكَذَا زَعَمَهُ ابنُ الكَلْبِيِّ وغَيْرُهُ من أصْحابِ الأخْبَارِ، وقالَ عُمَرُ بن أبي رَبِيعةَ:)
(هَيْهَاتَ مِنْكَ {قُعَيْقِعانُ وأهْلُها ... بالحَزْنَتَيْنِ، فشَطَّ ذاكَ مَزارا)
} وقَعَّهُ، كمَدَّهُ: اجْتَرأَ عليهِ بالكَلامِ نَقَلَه الصّاغَانِيُّ عَن بَعْضِ الطّائِييِّنَ.
{والقَعْقَعَةُ: حِكَايةُ صَوْتِ السِّلاحِ ونَحْوِه، كَمَا فِي الصِّحاحِ.
(و) } القَعْقَعَةُ: صَرِيفُ الأسْنَانِ لشِدَّةِ وَقْعِها فِي الأكْلِ، ومِنْهُ حَدِيثِ أبي الدَّرْدَاءِ: شَرُّ النِّسَاءِ السَّلْفَعَةُ، الّتِي تُسْمَعُ لأسْنَانِها {قَعْقَعَةٌ، وتَقَدَّمَ تَمَامُه فِي قيس (و) } القَعْقَعَةُ: تَحْرِيكُ الشَّيءِ يُقَال: {قَعْقَعَهُ،} وتَقَعْقَعَ بهِ {قَعْقَعَةً} وقِعْقَاعاً، بالكَسْرِ، والاسْمُ القَعْقَاعُ، بالفَتحِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وقالَ ابنُ الأعْرابِيِّ: {القَعْقَعَةُ، والعَقْعَقَةُ، والشَّخْشَخَةُ، والخَشْخَشَةُ، والخَفْخَفَةُ، والفَخْفَخَةُ، والنَّشْنَشَةُ، والشَّنْشَنَةُ، كُلُّه: حَرَكَةُ القِرْطاسِ والثَّوبِ الجَدِيدِ.
وقالَ غيرُه: القَعْقَعَةُ: حِكَايَةُ حَرَكَةِ شَيءٍ يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ، وقِيلَ هُوَ تَحْرِيكُ الشَّيءِ اليَابِسِ الصُّلْبِ مَعَ صَوْتٍ.
والقَعْقَعَةُ أَيْضا: طَرْدُ الثَّوْرِ} بِقَعْ {قَعْ بفَتْحِهِمَا، وَقد} قَعْقَعَ بهِ طَرَدَه، وَإِذا زَجَرَهُ قالَ: وَحْ وَحْ، نَقَله الأصْمَعِيُّ.
(و) {القَعْقَعَةُ: إجَالَةُ القِدَاحِ فِي المَيْسَرِ، وَهُوَ} مُقَعْقِعٌ، وَمِنْه قَوْلُ كُثَيِّرٍ يَصِفُ ناقَةً: (وتُؤْبَنُ مِنْ نَصِّ الهَوَاجِرِ والضُّحَى ... بِقِدْحَيْنِ فَازَا مِنْ قِدَاحِ {المُقَعْقِعِ)
والقَعْقَعَةُ: الذَّهَابُ فِي الأرْضِ، وقَدْ قَعْقَعَ فيِهــا.
(و) } القَعْقَعَةُ: تَتابُعُ صوْت الرَّعْدِ فِي شِدَّةٍ، والجَمْعُ: {القَعَاقِعُ.
وقالَ اللَّيْثُ: القَعْقَعَةُ: حِكَايةُ أصْواتِ السِّلاحِ والتِّرَسَةِ كعِنَبَةٍ، جمعُ تُرْسٍ، والجُلُودِ اليابِسَةِ، والحجَارَةِ والبَكَرَةِ والحُلِيِّ ونَحْوِها وأنْشَدَ سِيبَويْهِ للنّابِغَةِ الذّبْيَانِيِّ فِي قَطْعِ حِلْفِ بني أسَدٍ:
(كأنَّكَ مِنْ جِمَالِ بَنِي أُقَيْشٍ ... } يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بشَنٍّ)
وزَعَمَ الأصْمَعِيُّ أنَّهُ مَصْنُوعٌ، وَقد تَقَدَّمَ، وأنْشَدَ اللَّيْثُ للنَّابِغَةِ:
(يُسَهَّدُ مِنْ لَيْلِ التَّمَامِ سَلِيمُهَا ... لِحَلْيِ النِّسَاءِ فِي يَدَيْهِ {قَعاقِعُ)
وذلِكَ أنَّ المَلْدُوغَ يُوضَعُ فِي يَدَيْهِ شَيءٌ من الحُلِيِّ ونَحْوِه، يُحَرِّكُه، يُسَلِّي بِهِ الغَمَّ، ويُقَال يَمْنَعُ بِهِ النَّوْمَ، لئِلاّ يَدِبَّ فيهِ السّمُّ فيَقْتُلَهُ.
وَفِي المَثَلِ: مَا يُقَعْقَعُ لَهُ بالشِّنَانِ بفَتْحِ القَافَيْنِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ. وقالَ الصّاغَانِيُّ يُضْرَبُ لمَنْ لَا يَتَّضِعُ لِحَوَادِثِ الدَّهْرِ، وَلَا يَرُوعُه مَا لَا حَقِيقَةَ لهُ، وَفِي اللِّسانِ: أَي لَا يُخْدَعُ وَلَا يُرَوَّعُ،)
والشِّنانُ، بالكَسْرِ: جَمْعُ شَنٍّ، وَهُوَ الجِلْدُ اليابِسُ يُحَرَّكُ للبَعِيرِ، لِيَفْزَعَ.
} والقَعَاقِعُ: تَتَابُعُ أصْواتِ الرَّعْدِ كَذَا فِي الصِّحاحِ، وهُوَ جَمْعُ قَعْقَعَة، وَلَا يَخْفَى أنَّه تَقَدَّم لَهُ: {القَعْقَعَةُ: صَوْتُ الرَّعْدِ، فهُوَ تَكْرَارٌ.
وَمن المَجَازِ:} قَعْقَعَتْ عُمُدُهُمْ،! وتَقَعْقَعَتْ: ارْتَحَلُوا واحْتَمَلُوا عَنْ بَلَدٍ كَانُوا نُزُولاً فيهِ، وبالوَجْهَيْنِ يُرْوَى قَوْلُ جَريرٍ يَمْدَحُ عَبْدَ العَزِيزِ ابنَ الوَليدِ:
(لَقَدْ طَيْبت نَفْسي عَنْ صَديقِي ... وقَدْ طَيَّبْتُ نَفْسِي عَن بِلادي)

(فأصْبَحْنَا وكُلُّ هَوىً إلَيْكُم ... {تَقَعْقَعُ نَحْوَ أرْضِكثمُ عِمَادِي)
وَفِي المَثَلْ: مَنْ يَجْتَمِعْ} تَتَقَعْقَعْ عُمُدُه ويُرْوَى: مَنْ يَتَجَاوَرْ أَي: لَا بُدَّ من افْتِرَاقٍ بَعْدَ الاجْتِمَاعِ قالَ الجَوْهَرِيُّ: كَما يُقَال: إِذا تَمَّ أمْرٌ دَنَا نَقْصُه أَو مَعْناهُ: إِذا اجْتَمَعُوا وتَقَارَبُوا وَقَعَ بيْنَهُم الشَّرُّ، فَتَفَرَّقُوا، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ أَو مَنْ غُبِطَ بكَثْرَةِ العَدَدِ، واتِّسَاقِ الأمْرِ، فهُوَ بمَعْرَضِ الزَّوَالِ والانْتِشارِ وَهَذَا كقَوْلِ لَبِيد يَصِفُ تَغَيُّرَ الزَّمانِ بأهْلِه:
(إنْ يُغْبَطُوا يُهْبَطُوا، وإنْ أمِرُوا ... يَوْماً يَصِيروا لِلهُلْكِ والنَّكَدِ)
وطَرِيقٌ {مُتَقَعْقِعٌ} وقَعْقاعٌ: بَعيدٌ يَحْتاجُ السّائِرُ فيهِ إِلَى الجِدُّ قالَ ابنُ مُقْبِلٍ يصِفُ ناقَةً:
(عُمُلٍ قَوَائِمُها على مُتَقَعْقِعٍ ... عَتِبِ المَرَاقِبِ خارِج مُتَنَشِّرِ)
ويُرْوَى: عَكِصِ المَراتِبِ {وتَقَعْقَعَ الشَّيءُ: اضْطَرَب وتَحَركَ ومِنْهُ الحَدِيثُك فَجِيءَ بالصَّبِيِّ ونَفْسُه تَقَعْقَعُ أيْ تَضْطَرِبَ.
وتَقَعْقَعَ الأدِيمُ والسِّلاحُ ونَحْوُهُمَا: تَحَرّكَ، وَمِنْه قَوْلُ مُتَمِّم بنِ نُوَيْرَةَ رَضِي اللهُ عنهُ، يَرْثِي أخَاه مالِكاً:
(وَلَا بَرَماً تُهْدِي النِّسَاءُ لعِرْسِه ... إِذا القَشْعُ مِنْ بَرْدِ الشِّتَاءِ} تَقَعْقَعا)
وقدْ تَقَدَّمَ إنْشَادُه فِي قشع أَي تَحَرَّكَ.
وممّا يُسْتَدْرَكُ علَيْه: {أقَعْتِ البئْرَ} إقْعاعاً: جاءَت بماءٍ {قُعاعٍ.
} وقَعْقَعْتُ القَارُورَةَ وزَعْزَعتُها: إِذا أزَغْتَ نَزْعَ ضِمامِهَا مِنْ رأسِها.)
وتَقَعْقَعَ الشّيءُ: صَوَّتَ عِنْدَ التَّحَركِ.
والعَيْرُ إِذا حَمَلَ على العانَةِ، وتَقَعْقَعَ لحْيَاهُ، يُقَال لَهُ: قُعْقَعَانِيُّ، بالضَّمِّ.
وحِمارٌ قُعْقُعَانِيُّ الصَّوْتِ، بالضَّمِّ، أَي: شَدِيدُهُ، فِي صَوْتِهِ قَعْقَعَةٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ وأنْشَدَ لرُؤْبَةَ: شاحِيَ لَحْيَيْ قُعْقُعَانِيِّ الصَّلَقْ قَعْقَعَةَ المِحْوَرِ خُطّافَ العَلَقْ والأسَدُ ذُو {قَعاقعَ: إِذا مَشَى سَمِعْتَ لمَفاصِلِه قَعْقَعَةً.
ورَجُلٌ} قُعاقِعٌ، كعُلابطٍ: كثيرُ الصَّوتِ، حكَاهُ ابنُ الأعْرابِيِّ، وأنْشَدَ: وقُمْتُ أدْعو خالِداً ورافِعا جَلْدَ القُوَى ذَا مِرَّةٍ {قُعاقِعَا وتَقَعْقَعَ بِنَا الزَّمَانُ} تَقَعْقُعاً، وذلكَ من قِلَّةِ الخَيْرِ، وجَوْرِ السُّلْطانِ، وضِيقِ السِّعْرِ، وهُوَ مجَاز.
ويُقَال للمَهْزُولِ: صارَ عِظاماً يَتَقَعْقَعُ من هُزالِه.
{والقَعْقَعَةُ: صوتُ القُعْقُعِ.
وقَرَبُ قَعْقَاعٌ: شَدِيدٌ لَا اضْطِرابَ فيهِ وَلَا فُتُورَ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وكذلكَ خِمْسٌ قَعْقَاعٌ، وحَثْحاتٌ: إِذا كانَ بعِيداً، والسَّيْرُ فيهِ مُتْعِباً لَا وَتيرَهَ فيهِ، أَي لَا فُتُورَ فيهِ، وسَيْرَ} قَعْقَاعٌ.
وقَعْقَعَهُ بالكَلامِ: قَعَّهُ.
ويُقَال للشَّيْخِ: إنَّه {ليَتَقَعْقَعُ لَحْيَاهُ من الكِبَرِ.
} والقَعْقَاعُ بنُ اللِّجْلاجِ: تَابِعِيٌّ عَن أبِي هُرَيْرةَ.

الرب

الرَّبُّ: هو المالك أصله التربية وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام. والربُّ مطلقاً لا يطلق إلى على الله سبحانه وتعالى، وعلى غيره بالإضافة نحو ربِّ الدار.
الرب
التحقيق اللغوي
مادة كلمة (الرب) : الراء والباء المضعَّفة
قال ابن فارس في (مقاييس اللغة) 2/381: - 382 مادة (رب) : "الراء والياء يدل على أصول، فالأول: إصلاح الشيء والقيام عليه، فالرب: المالك، والخالق، والصاحب، والرب: المصلح للشيء..
والأصل الآخر: لزوم الشيء والإقامة عليه، وهو مناسب للأصل الأول..،
والأصل الثالث: ضم الشيء للشيء وهو أيضاً مناسب لما قبله: ومتى أنعم النظر كان الباب كله قياساً واحداً.." اهـ، ومعناها الأصلي الأساسي: التربية، ثم تتشعب عنه معاني التصرف والتعهد والاستصلاح والإتمام والتكميل، ومن ذلك كله تنشأ في الكلمة معاني العلو والرئاسة والتملك والسيادة. ودونك أمثلة لاستعمال الكلمة في لغة العرب بتلك المعاني المختلفة: (1)
(1) التربية والتنشئة والإنماء:
يقولون (ربَّ الولد) أي ربّاه حتى أدرك فـ (الرّبيب) هو الصبي الذي تربيه و (الربيبة) الصبية. وكذلك تطلق الكلمتان على الطفل الذي يربى في بيت زوج أمه و (الربيبة) أيضاً الحاضنة ويقال (الرّابة) لامرأة الأب غير الأم، فإنها وإن لم تكن أم الولد، تقوم بتربيته وتنشئته. و (الراب) كذلك زوج الأم. (المربب) أو (المربى) هو الدواء الذي يختزن ويدّخر. و (رَبَّ يُربُّ ربَّاً) من باب نصر معناه الإضافة والزيادة والإتمام، فيقولون (ربَّ النعمة) : أي زاد في الإحسان وأمعن فيه.
(2) الجمع والحشد والتهيئة:
يقولون: (فلان يرب الناس) أي يجمعهم أو يجتمع عليه الناس، ويسمون مكان جمعهم (بالمرّبّ) و (التربُّب) هو الانضمام والتجمّع.
(3) التعهد والاستصلاح والرعاية والكفالة:
يقولون (رب ضيعة) أي تعهدّها وراقب أمرها. قال صفوان بن أمية لأبي سفيان: لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن، أي يكفلني ويجعلني تحت رعايته وعنايته. وقال علقمة بن عبدة:
وكنت امرءاً أفضت إليك ربابتي ... ... وقبلك ربتني فضيعت ربوب (2)
أي انتهى إليك الآن أمر ربابتي وكفالتي بعد أن رباني قبلك ربوب فلم يتعهدوني ولم يصلحوا شأني. ويقول الفرزدق:
كانوا كسالئة حمقاء إذ حقنت ... ... سلاءها في أديم غير مربوب (3) أي الأديم الذي لم يليّن ولم يدبغ. ويقال (فلان يربب صنعته عند فلان) أي يشتغل عنده بصناعته ويتمرن عليها ويكسب على يده المهارة فيهــا.
(4) العلاء والسيادة والرئاسة وتنفيذ الأمر والتصرف:
يقولون (قد ربّ فلان قومه) : أي ساسهم وجعلهم ينقادون له. و (ربيت القوم) أي حكمتهم وسدتهم، ويقول لبيد بن ربيعة:
وأهلكن يوماً رب كندة وابنه ... وربَّ معد بين خبث وعرعر (1)
والمراد برب كندة ههنا سيد كندة ورئيسهم. وفي هذا المعنى يقول النابغة الذبياني:
تخُبٌّ إلى لانعمان حتى تناله ... فدىً لك من ربٍ تليدي وطارفي (2)
(5) التملك:
قد جاء في الحديث أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً "أرب غنم أم رب ابل؟، أي أمالك غنم أنت أم مالك ابل؟ وفي هذا المعنى يقال لصاحب البيت (رب الدار) وصاحب الناقة: (رب الناقة) ومالك الضيعة: (رب الضيعة) وتأتي كلمة الرب بمعنى السيد أيضاً فتستعمل بمعنى ضد العبد أو الخادم.
هذا بيان ما يتشعب من كلمة (الرب) من المعاني. وقد أخطأوا لعمر الله حين حصروا هذه الكلمة في معنى المربي والمنشئ، ورددوا في تفسير (الربوبية) هذه الجملة (هو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام) . والحق أن ذلك إنما هو معنى واحد من معاني الكلمة المتعددة الواسعة. وبإنعام النظر في سعة هذه الكلمة واستعراض معانيها المتشعبة يتبين أن كلمة (الرب) مشتملة على جميع ما يأتي بيانه من المعاني:
المربي الكفيل بقضاء الحاجات، والقائم بأمر التربية والتنشئة.
الكفيل والرقيب، والمتكفل بالتعهد وإصلاح الحال.
السيد الرئيس الذي يكون في قومه كالقطب يجتمعون حوله. السيد المطاع، والرئيس وصاحب السلطة النافذ الحكم، والمعترف له بالعلاء والسيادة، والمالك لصلاحيات التصرف.
الملك والسيد.



استعمال كلمة (الرب) في القرآن
وقد جاءت كلمة (الرب) في القرآن بجميع ما ذكرناه آنفاً من معانيها. ففي بعض المواضع أريد بها معنى أو معنيان من تلك المعاني. وفي الأخرى أريد بها أكثر من ذلك. وفي الثالثة جاءت الكلمة مشتملة على المعاني الخمسة بأجمعها في آن واحد. وها نحن نبين ذلك بأمثلة من آي الذكر الحكيم.

بالمعنى الأول
(قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي) (1) (يوسف: 23)

بالمعنى الثاني وباشتراك شيء من تصور المعنى الأول.
(فإنهم عدوٌ لي إلا رب العالمين. الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين. وإذا مرضت فهو يشفين) (الشعراء: 77-80)
(وما بكم من نعمة فمن الله، ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون، ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون) (النحل: 53-54)
(قل أغير الله أبغي رباً وهو ربُّ كل شيء) (الأنعام: 164)
(ربُّ المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً) (المزمل: 9)

بالمعنى الثالث (هو ربكم وإليه ترجعون) (هود: 34)
(ثم إلى ربكم مرجعكم) (الزمر: 7)
(قل يجمع بيننا ربنا) (سبأ: 26)
(وما من دابةً في الأرض ولا طائرٍ يطير بجناحيه إلا أممٌ أمثالكم، ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربّهم يُحشرون) (الأنعام: 38)
(ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربّهم ينسلون) (يس: 51)

بالمعنى الرابع وباشتراك بعض تصور المعنى الثالث.
(اتّخذوا أحبارهم ورُهبانهم أرباباً من دون الله) (التوبة: 31)
(ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله) (آل عمران: 64)
والمراد بالأرباب في كلتا الآيتين الذين تتخذهم الأمم والطوائف هداتها ومرشديها على الإطلاق. فتذعن لأمرهم ونهيهم، وتتبع شرعهم وقانونهم، وتؤمن بما يحلون وما يحرمون بغير أن يكون قد أنزل الله تعالى به من سلطان، وتحسبهم فوق ذلك أحقاء بأن يأمروا وينهوا من عند أنفسهم.
(أما أحدكما فيسقي ربه خمراً) .. (وقال للذي ظنّ أنه ناجٍ منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه) .. (فلما جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربي بكيدهنّ عليم) (يوسف: 41، 42، 50)
قد كرر يوسف عليه السلام في خطابه لأهل مصر في هذه الآيات تسمية عزيز مصر بكلمة (ربهم) فذلك لأن أهل مصر بما كانوا يؤمنون بمكانته المركزية وبسلطته العليا، ويعتقدون أنه مالك الأمر والنهي، فقد كان هو ربهم في واقع الأمر، وبخلاف ذلك لم يُرد يوسف عليه السلام بكلمة (الرب) عندما تكلم بها بالنسبة لنفسه إلا الله تعالى فإنه لم يكن يعتقد فرعون، بل الله وحده المسيطر القاهر ومالك الأمر والنهي.

بالمعنى الخامس:
(فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ) (قريش: 3-4)
(سبحان ربك ربِّ العزة عما يصفون) (الصافات: 180)
(فسبحان الله ربِّ العرش عما يصفون) (الأنبياء: 22)
(قل من ربُّ السماوات السبع وربُّ العرش العظيم) (المؤمنون: 86) (رب السماوات والأرض وما بينهما وربُّ المشارق) (الصافات: 5)
(وأنه هو رب الشِّعرى) (النجم: 49)



تصورات الأمم الضالة في باب الربوبية
ومما تقدم من شواهد آيات القرآن، تتجلى معاني كلمة (الرب) كالشمس ليس دونهما غمام. فالآن يجمل بنا أن ننظر ماذا كانت تصورات الأمم الضالة في باب الربوبية، ولماذا جاء القرآن ينقضها ويرفضها، وما الذي يدعو إليه القرآن الكريم؟ ولعل من الأجدر بنا في هذا الصدد أن نتناول كل أمة من الأمم الضالة التي ذكرها القرآن منفصلة بعضها عن بعض، فنبحث في عقائدها وأفكارها حتى يستبين الأمر ويخلص من كل لبس أو إبهام.

قوم نوح عليه السلام
إن أقدم أمة في التاريخ يذكرها القرآن هي أمة نوح عليه السلام، ويتضح مما جاء فيه عن هؤلاء القوم أنهم لم يكونوا جاحدين بوجود الله تعالى، فقد روى القرآن نفسه قولهم الآتي في ردّهم على دعوة نوح عليه السلام:
(ما هذا إلا بشرٌ مثلكم يريدُ أن يتفضل عليكم، ولو شاء الله لأنزل ملائكة) ... (المؤمنون: 24)
وكذلك لم يكونوا يجحدون كون الله تعالى خالق هذا العالم، وبكونه رباً بالمعنى الأول والثاني، فإنه لما قال لهم نوح عليه السلام
(هو ربكم وإليه ترجعون) (هود: 34)
و (استغفروا ربكم إنه، كان غفاراً) و (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقاً وجعل القمر فيهــن نوراً وجعل الشمس سراجاً والله أنبتكم من الأرض نباتاً) (نوح: 10، 15، 16، 17)
لم يقم أحد منهم يرد على نوح قوله ويقول: ليس الله بربنا، أوليس الله بخالق الأرض والسماء ولا بخالقنا نحن، أو ليس هو الذي يقوم بتدبير الأمر في السماوات والأرض.
ثم إنهم لم يكونوا جاحدين أن الله إلهٌ لهم. ولذلك دعاهم نوح عليه السلام بقوله: (ما لكم من إله غيره) فإن القوم لو كانوا كافرين بألوهية الله تعالى، إذاً لكانت دعوة نوح إياهم غير تلك الدعوة وكان قوله عليه السلام حينئذ من مثل "يا قوم! اتخذوا الله إلهاً) . فالسؤال الذي يخالج نفس الباحث في هذا المقام هو: أي شيء كان إذاً موضوع النزاع بينهم وبين نبيهم نوح عليه السلام. وإننا إذاً أرسلنا النظر لأجل ذلك في آيات القرآن وتتبعناها، تبين لنا أنه لم يكن موضوع النزاع بين الجانبين إلا أمرين اثنين: أولهما أن نوحاً عليه السلام كان يقول لقومه: إن الله الذي هو رب العالمين والذي تؤمنون بأنه هو الذي قد خلقكم وخلق هذا العالم جميعاً، وهو الذي يقضي حاجاتكم، هو في الحقيقة إلهكم الواحد الأحد ولا إله إلا هو، وليس لأحد من دونه أن يقضي لكم الحاجات ويكشف عنكم الضر ويسمع دعواكم ويغيثكم، ومن ثم يجب عليكم ألا تعبدوا إلا إياه ولا تخضعوا إلا له وحده.
(يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) (الأعراف: 59)
(ولكني رسولٌ من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي) (الأعراف: 61-62)
وكان قومه بخلاف ذلك مصرين على قولهم بأن الله هو رب العالمين دون ريب. إلا أن هناك آلهة أخرى لها أيضاً بعض الدخل في تدبير نظام هذا العالم، وتتعلق بهم حاجاتنا، فلا بد أن نؤمن بهم كذلك آلهة لنا مع الله:
(وقالوا لا تذرنُّ آلهتكم ولا تذرنّ وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً) (نوح: 23) وثانيهما أن القوم لم يكونوا يؤمنون بربوبية الله تعالى إلا من حيث إنه خالقهم، جميعاً ومالك الأرض والسماوات، ومدبر أمر هذا العالم، ولم يكونوا يقولون بأنه وحده هو الحقيق – كذلك- بأن يكون له الحكم والسلطة القاهرة في أمور الأخلاق والاجتماع والمدنية والسياسة وسائر شؤون الحياة الإنسانية، وبأنه وحده أيضاً هادي السبيل وواضع الشرع ومالك الأمر والنهي، وبأنه وحده يجب كذلك أن يتبع. بل كانوا قد اتخذوا رؤساءهم وأحبارهم أرباباً من دون اله في جميع تلك الشؤون. وكان يدعوهم نوح عليه السلام – بخلاف ذلك إلى ألا يجعلوا الربوبية يتقسمها أرباب متفرقة بل عليهم أن يتخذوا الله تعالى وحده رباً بجميع ما تشتمل عليه كلمة (الرب) من المعاني وأن يتبعوه ويطيعوه فيما يبلغهم من أوامر الله تعالى وشيعته نائباً عنهن فكان يقول لهم:
(إني لكم رسولٌ أمين. فاتقوا الله واطيعون) (الشعراء: 107- 108)

عاد قوم هود
ويذكر القرآن بعد قوم نوح عاداً قوم هود عليه السلام. ومعلوم أن هذه الأمة أيضاً لم تكن جاحدة بوجود الله تعالى، وكذلك لم تكن تكفر بكونه إلهاً. بل كانت تؤمن بربوبية الله تعالى بالمعاني التي كان يؤمن بها قوم نوح عليه السلام. أما النزاع بينها وبين نبيها هود عله السلام فلم يكن إلا حول الأمرين الاثنين اللذين كان حولهما نزاع بين نوح عليه السلام وقومه يدل على ذلك ما يأتي من النصوص القرآنية دلالة واضحة:
(وإلى عادٍ أخاهم هوداً، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) (الأعراف: 65)
(قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا) (الأعراف: 70)
(قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكةً) ... (فصلت: 11)
(وتلك عادٌ جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمرَ كل جبّارٍ عنيد) (هود: 59)

ثمود قوم صالح ويأتي بعد ذلك ثمود الذين كانوا أطغى الأمم وأعصاها بعد عاد وهذه الأمة أيضاً كان ضلالها كضلال قومي نوح وهود من حيث الأصل والمبدأ فما كانوا جاحدين بوجود الله تعالى ولا كافرين بكونه إلهاً ورباً للخلق أجمعين. وكذلك ما كانوا يستنكفون عن عبادته والخضوع بين يديه، بل الذي كانوا يجحدونه هو أن الله تعالى هو الإله الواحد، وأنه لا يستحق العبادة إلا هو، وأن الربوبية خاصة له دون غيره بجميع معانيها. فإنهم كانوا مصرين على إيمانهم بآلهة أخرى مع الله وعلى اعتقادهم أن أولئك يسمعون الدعاء، ويكشفون الضر ويقضون الحاجات، وكانوا يأبون إلا أن يتبعوا رؤساءهم وأحبارهم في حياتهم الخلقية والمدنية، ويستمدوا منهم بدلاً من الله تعالى شرعهم وقانون حياتهم. وهذا هو الذي أفضى بهم في آخر الأمر إلى أن يصبحوا أمة مفسدة، فأخذهم من الله عذاب أليم ويبين كل ذلك ما يأتي من آيات القرآن الحكيم.
(فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عادٍ وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون) (حم: السجدة 13-14)
(وإلى ثمود أخاهم صالحاً، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) (هود: 61)
(قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوّاً قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا)
(إذ قال لهم أخوهم صالحٌ ألا تتقون. إني لكم رسولٌ أمين. فاتقوا الله وأطيعون) (الشعراء: 151-144)
(ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) (الشعراء: 151-152)

قوم إبراهيم ونمورد ويتلو ثمود قوم إبراهيم عليه السلام. ومما يجعل أمر هذه الأمة أخطر وأجدر بالبحث، أن قد شاع خطأ بين الناس عن ملكها نمرود، أنه كان يكفر بالله تعالى ويدعي الألوهية. والحق أنه كان يؤمن بوجود الله تعالى ويعتقد بأنه خالق هذا العالم ومدبر أمره، ولم يكن يدعي الربوبية إلا بالمعنى الثالث والرابع والخامس. وكذلك قد فشا بين الناس خطأ أن قوم إبراهيم عليه السلام هؤلاء ما كانوا يعرفون الله ولا يؤمنون بألوهيته وربوبيته. إنما الواقع أن أمر هؤلاء القوم لم يكن يختلف في شيء عن أمر قوم نوح وعاد وثمود. فقد كانوا يؤمنون بالله ويعرفون أنه هو الرب وخالق الأرض والسماوات ومدبر أمر هذا العالم، وما كانوا يستنكفون عن عبادته كذلك. وأما غيّهم وضلالهم فهو أنهم كانوا يعتقدون أن الأجرام الفلكية شريكة مع الله في الربوبية بالمعنى الأول والثاني ولذلك كانوا يشركونها بالله تعالى في الألوهية. وأما الربوبية بالمعنى الثالث والرابع والخامس فكانوا قد جعلوها خاصة لملوكهم وجبابرتهم. وقد جاءت نصوص القرآن في ذلك من الوضوح والجلاء بحيث يتعجب المرء: كيف لم يدرك الناس هذه الحقيقة وقصروا عن فهمها؟. وهيا بنا ننظر قبل كل شيء في الحادث الذي حدث لإبراهيم – عليه السلام- عند أول ما بلغ الرشد؛ والذي يصف فيه القرآن كيفية سعي إبراهيم وراء الوصول إلى الحق:
(فلما جن عليه الليل رأى كوكباً، قال هذا ربي؛ فلما أفل، قال لا أحب الآفلين. فلما رأى القمر بازغاً، قال هذا ربي، فلما أفلَ قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين. فلما رأى الشمس بازغة، قال هذا ربي، هذا أكبر؛ فلما أفلت قال يا قوم إني بريءٌ مما تشركون. إني وجهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين) (الأنعام: 76-79)
فيتبين واضحاً من الآيات المخطوط تحتها أن المجتمع الذي نشأ فيه إبراهيم عليه السلام، كان يوجد عنده تصور فاطر السماوات والأرض وتصوُّر كونه رباً منفصلاً عن تصوّر ربوبية السيارات السماوية. ولا عجب في ذلك، فقد كان القوم من ذرية المسلمين الذين كانوا قد آمنوا بنوح عليه السلام، وكان الدين الإسلامي لم يزل يحيا وُيجدد فيمن داناهم في القرب والقرابة من أمم عاد وثمود، على أيدي الرسل الكرام الذين توالوا عليها كما قال عزّ وجل: (جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم) . فعلى ذلك كان إبراهيم عليه السلام أخذ تصور كون الله رباً وفاطراً للسماوات والأرض عن بيئته التي نشأ فيهــا. وأما التساؤل الذي كان يخالج نفسه فهو عن مبلغ الحق والصحة فيما شاع بين قومه من تصوّر كون الشمس والقمر والسيارات الأخرى شريكة مع الله في نظام الربوبية حتى أشركوها بالله تعالى في العبادة (1) .فجدّ إبراهيم عليه السلام في البحث عن جوابه قبل أن يصطــفيه الله تعالى للنبوة، حتى أصبح نظام طلوع السيارات السماوية وأفولها هادياً له إلى الحق الواقع وهو أنه لا رب إلا فاطر السماوات والأرض. ولأجل ذلك تراه يقول عند أفول القمر: لئن لم يهدني ربي لأخافنَّ أن أبقى عاجزاً عن الوصول إلى الحق وانخدع بهذه المظاهر التي لا يزال ينخدع بها ملايين من الناس من حولي. ثم لما اصطفاه الله تعالى لمنصب النبوة
أخذ في دعوة قومه إلى الله، فإنك ترى بالتأمل في الكلمات التي كان يعرض بها دعوته على قومه أن ما قلناه آنفاً يزداد وضوحاً وتبياناً:
(وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزّل به عليكم سلطاناً) (الأنعام – 81)
(وأعتزلكم وما تدعون من دون الله) (مريم – 48)
(قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهنّ) (الأنبياء – 56)
(قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم) (الأنبياء – 66)
(إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون. أأفكاً آلهةً دون الله تريدون. فما ظنّكم بربِّ العالمين) (الصافات: 85- 87)
(إنّا بُرآءُ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده) (الممتحنة: 4)
فيتجلى من جميع الأقوال لإبراهيم عليه السلام أنه ما كان يخاطب بها قوماً لا يعرفون الله تعالى ويجحدون بكونه إله الناس ورب العالمين أو أذهانهم خالية من كل ذلك، بل كان بين يديه قوم يشركون بالله تعالى آلهة أخرى في الربوبية بمعناها الأول والثاني وفي الألوهية. ولذلك لا ترى في القرآن الكريم قولاً واحداً لإبراهيم عليه السلام قد قصد به إقناع أمته بوجود الله تعالى وبكونه إلهاً ورباً للعالمين، بل الذي تراه يدعو أمته إليه في كل ما يقول هو أن الله سبحانه وتعالى هو وحده الرب والإله.
ثم لنستعرض أمر نمرود. فالذي جرى بينه وبين إبراهيم عليه السلام من الحوار، قصه القرآن في ما يأتي من الآيات:
(ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب فبهت الذي كفر) (البقرة – 258)
أنه ليتضح جلياً من هذا الحوار بين النبي وبين نمرود أنه لم يكن النزاع بينهما في وجود الله تعالى أو عدمه وإنما كان في أنه من ذا يعتقده إبراهيم عليه السلام رباً؟ كان نمرود من أمة كانت تؤمن بوجود لله تعالى، ثم لم يكن مصاباً بالجنون واختلال العقل حتى يقول هذا القول السخيف البين الحمق: "إني فاطر السماوات والأرض ومدبر سير الشمس والقمر" فالحق أنه لم تكن دعواه أنه هو الله ورب السماوات والأرض وغنما كانت أنه رب المملكة التي كان إبراهيم –عليه السلام- أحد أفراد رعيتها. ثم أنه لم يكن يدعي الربوبية لتلك المملكة بمعناها الأول والثاني، فإنه كان يعتقد بربوبية الشمس والقمر وسائر السيارات بهذين المعنيين، بل كان يدعي الربوبية لمملكته بالمعنى الثالث والرابع والخامس. وبعبارة أخرى كانت دعواه أنه مالك تلك المملكة، وأن جميع أهاليها عبيد له، وأن سلطته المركزية أساس لاجتماعهم، وأمره قانون حياتهم. وتدل كلمات (أن آتاه الله الملك) دلالة صريحة على أن دعواه للربوبية كان أساسها التبجح بالملكية. فلما بلغه أن قد ظهر بين رعيته رجل يقال له إبراهيم، لا يقول بربوبية الشمس والقمر ولا السيارات الأخرى في دائرة ما فوق الطبيعة، ولا هو يؤمن بربوبية صاحب العرش في دائرة السياسة والمدنية، استغرب الأمر جداً فدعا إبراهيم عليه السلام فسأله: من ذا الذي تعتقده رباً؟ فقال إبراهيم عليه السلام بادئ ذي بدء: "ربي الذي يحيي ويميت يقدر على إماتة الناس وإحيائهم! " فلم يدرك نمرود غور الأمر فحاول أن يبرهن على ربوبيته بقوله: "وأنا أيضاً أملك الموت والحياة، فأقتل من أشاء وأحقن دم من أريد! .." هنالك بين له إبراهيم عليه السلام أنه لا رب عنده إلا الله الذي لا رب سواه بجميع معاني الكلمة، وأنى يكون لأحد غيره شرك في الربوبية وهو لا سلطان له على الشمس في طلوعها وغروبها؟! وكان نمرود رجلاً فطناً، فما أن سمع من إبراهيم عليه السلام هذا الدليل القاطع
حتى تجلت له الحقيقة، وتفطن لأن دعواه للربوبية في ملكوت الله تعالى بين السموات والأرض إن هي إلا زعم باطل وادعاء فارغ فبهت ولم ينبس ببنت شفة. إلا انه قد كان بلغ منه حب الذات واتباع هوى النفس وإيثار مصالح العشيرة، مبلغاً لم يسمح له بأن ينزل عن ملكيته المستبدة ويئوب إلى طاعة الله ورسوله، مع أنه قد تبين له الحق والرشد. فعلى ذلك قد أعقب الله تعالى هذا الحوار بين النبي ونمرود بقوله: (والله لا يهدي القوم الظالمين) والمراد أن نمرود لما لم يرض أن يتخذ الطريق الذي كان ينبغي له أن يتخذه بعدما تبين له الحق، بل آثر أن يظلم الخلق ويظلم نفسه معهم، بالإصرار على ملكيته المستبدة الغاشمة لم يؤته الله تعالى نوراً من هدايته، ولم يكن من سنة الله أن يهدي إلى سبيل الرشد من كان لا يطلب الهداية من تلقاء نفسه.

قوم لوط عليه السلام
ويعقب قوم إبراهيم في القرآن قوم لوط، الذين بعث لهدايتهم وإصلاح فسادهم لوط بن أخي إبراهيم عليهما السلام -. ويدلنا القرآن الكريم أن هؤلاء أيضاً ما كانوا متنكرين لوجود الله تعالى ولا كانوا يجحدون بأنه هو الخالق والرب بالمعنى الأول والثاني. أما الذي كانوا يأبونه ولا يقبلونه فهو الاعتقاد بأن الله هو الرب المعنى الثالث والرابع والخامس، والإذعان لسلطة النبي من حيث كونه نائباً من عند الله أميناً. ذلك بأنهم كانوا يبتغون أن يكونوا أحراراً مطلقي الحرية يتبعون ما يشاؤون من أهوائهم ورغباتهم وتلك كانت جريمتهم الكبيرة التي ذاقوا من جرائها أليم العذاب. ويؤيد ذلك ما يأتي من النصوص القرآنية:
(إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسولٌ أمينٌ. فاتقوا الله وأطيعون. وما أسألكم عليه من أجر إنْ أجري إلا على رب العالمين. أتأتون الذُّكران من العالمين. وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قومٌ عادون) (الشعراء: 161 – 166) وبديهي أن مثل هذا القول لم يكن ليخاطب به إلا قوم لا يجدون بوجود الله تعالى وبكونه خالقاً ورباً لهذا العالم؟ فأنت ترى أنهم لا يجيبون لوطاً عليه السلام بقول من مثل: "ما الله؟ " من أين له أن يكون خالقاً للعالم؟ " أو "أنى له أن يكون ربنا ورب الخلق أجمعين؟ " بل تراهم يقولون:
(لئن لم تنته يا لوط لتكوننّ من المخرجين) (الشعراء: 167)
وقد ذكر القرآن الكريم هذا الحديث في موضع آخر بالكلمات الآتية:
(ولوطاً إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين. أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين) (العنكبوت: 28-29)
أفيجوز أن يكون هذا جواب قوم ينكرون وجود الله تعالى؟. لا والله ومن ذلك يتبين أن جريمتهم الحقيقية لم تكن إنكار ألوهية الله تعالى وربوبيته، بل كانت جريمتهم أنهم على إيمانهم بالله تعالى إلهاً ورباً فيما فوق العالم الطبيعي، كانوا يأبون أن يطيعوه ويتبعوا قانونه في شؤونه الخلقية والمدنية والاجتماعية، يمتنعون من أن يهتدوا بهدي نبيه لوط عليه السلام.

قوم شعيب عليه السلام ولنذكر في الكتاب بعد ذلك أهل مدين وأصحاب الأيكة الذين بعث إليهم شعيب عليه السلام. ومما نعرف عن أمرهم أنهم كانوا من ذرية إبراهيم عليه السلام. إذن لا حاجة إلى أن نبحث فيهــم: هل كانوا يؤمنون بوجود الله تعالى وبكونه إلهاً ورباً أم لا؟ إنهم كانوا في حقيقة الأمر أمة نشأت على الإسلام في بداية أمرها، ثم أخذت بالفساد بما أصاب عقائدها من الانحلال وأعمالها من السوء. ويبدو مما جاء عنهم في القرآن كأن القوم كانوا بعد ذلك كله يدّعون لأنفسهم الإيمان، فإنك ترى شعيباً عليه السلام يكرر لهم القول: يا قوم اعملوا كذا وكذا إن كنتم مؤمنين وفي خطاب شعيب عليه السلام لقومه وأجوبة القوم له دلالة واضحة على أنهم كانوا قوماً يؤمنون بالله وينزلونه منزلة الرب والمعبود. ولكنهم كانوا قد تورطوا في نوعين من الضلال: أحدهما أنهم كانوا أصبحوا يعتقدون الألوهية والربوبية في آلهة أخرى مع الله تعالى، فلم تعد عبادتهم خالصة لوجه الله، والآخر أنهم كانوا يعتقدون أن ربوبية الله لا مدخل لها في شؤون الحياة الإنسانية من الأخلاق والاجتماع والاقتصاد والمدنية والسياسة، وعلى ذلك كانوا يزعمون أنهم مطلقوا العنان في حياتهم المدنية ولم أن يتصرفوا في شؤونهم كيف يشاؤون، ويصدق ذلك ما يأتي من الآيات:
(وإلى مدين أخاهم شعيباً، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينةٌ من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين) (الأعراف: 85)
(وإنْ كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلتُ به وطائفةٌ لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خيرُ الحاكمين) (الأعراف: 87) (ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين. بقية الله خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ. قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاءُ إنكَ لأنت الحليم الرشيد) (هود: 85-87)
والعبارات الأخيرة المخطوط تحتها خصوصية الدلالة على ضلالهم الحقيقي في باب الربوبية والألوهية.

فرعون وآله
وهيا بنا ننظر الآن في قصة فرعون وآله، فمن قد شاع عنهم في الناس من الأخطاء والأكاذيب أكثر مما شاع فيهــم عن نمرود وقومه. فالظن الشائع أن فرعون لم يكن منكراً لوجود الله تعالى فحسب، بل كان يدعي الألوهية لنفسه أيضاً. ومعناه أن قد بلغت منه السفاهة أنه كان يجاهر على رؤوس الناس بدعوى أنه فاطر السماوات والأرض، وكانت أمته من البله والحماقة أنها كانت تؤمن بدعواه تلك. والحق الواقع الذي يشهد به القرآن والتاريخ هو أن فرعون لم يكن يختلف ضلاله في باب الألوهية والربوبية عن ضلال نمرود، ولا كان يختلف ضلال آله عن ضلال قوم نمرود. وإنما الفرق بين هؤلاء وأولئك أنه قد كان نشأ في آل فرعون لبعض الأسباب السياسية عناد وتعصب وطني شديد على بني إسرائيل، فكانوا لمجرد هذا العناد يمتنعون من الإيمان بألوهية الله وربوبيته، وإن كانت قلوبهم تعترف بها شأن أكثر الملحدين الماديين في عصرنا هذا.
وبيان هذا الإجمال أنه لما استتبت ليوسف عليه السلام السلطة على مصر، استفرغ جهده في نشر الإسلام وتعاليمه بينهم. ورسم على أرضه من ذلك أثراً محكماً لم يقدر على محوه أحد إلى القرون. وأهل مصر وإن لم يكونوا إذ ذاك قد آمنوا بدين الله عن بكرة أبيهم، إلا أنه لا يمكن أن يكون قد بقي فيهــم من لم يعرف وجود الله تعالى ولم يعلم أنه هو فاطر السماوات والأرض. وليس الأمر يقف عند هذا بل الحق أن كان تم للتعاليم الإسلامية من النفوذ والتأثير في كل مصري ما جعله – على الأقل – يعتقد بأن الله إله الآلهة رب الأرباب فيما فوق العالم الطبيعي ولم يبق في تلك الأرض من يكفر بألوهية الله تعالى. وأما الذين كانوا قد أقاموا على الكفر، فكانوا يجعلون مع الله شركاء في الألوهية والربوبية. وكانت تأثيرات الإسلام المختلفة هذه في نفوس أهل مصر باقية إلى الزمن الذي بعث فيه موسى عليه السلام (1) . والدليل على ذلك تلك الخطبة التي ألقاها أمير من الأقباط في مجلس فرعون. وذلك أن
فرعون حينما أبدى إرادته في قتل موسى عليه السلام، لم يصبر عليه هذا الأمير القبطي من أمراء مجلسه، وكان قد أسلم وأخفى إسلامه، ولم يلبث أن قام يخطب:
(أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرفٌ كذاب. يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا) .
(يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب. مثل داب قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والذين من بعدهم) .
(ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً) .. (ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار. تدعونني لكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علمٌ وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار) . (غافر – 28 – 31 – 34 – 41- 42)
وتشهد هذه الخطبة من أولها إلى آخرها بأنه لم يزل أثر شخصية النبي يوسف عليه السلام باقياً في نفوس القوم إلى ذلك الحين، وقد مضت على عهده قرون متعددة. وبفضل ما علمهم هذا النبي الجليل، لم يكونوا قد بلغوا من الجهالة ألا يعلموا شيئاً عن وجود الله تعالى، أو ألا يعرفوا أنه الرب والإله، وأن سيطرته وسلطته غالبة على قوى الطبية في هذا العالم، وأن غضبه مما يخاف ويتقى. ويتضح أيضاً من آخر هذه الخطبة أن أمة فرعون لم تكن تجحد بألوهية الله وربوبيته جحوداً باتاً، وإنما كان ضلالها كضلال الأمم الأخرى مما ذكرناه آنفاً – أي كانت هذه الأمة أيضاً تشرك بالله تعالى في صفتي الألوهية والربوبية وتجعل له فيهــما أنداداً.
أما مثار الشبهة في أمر فرعون فهو سؤاله لموسى عليه السلام (وما رب العالمين) حينما سمع منه: (إنا رسول رب العالمين!) ثم قوله لصاحبه هامان: (ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى) ووعيده لموسى عليه السلام: (لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين) ، وإعلانه لقومه: (أنا ربكم الأعلى) وقوله لملئه: (لا أعلم لكم من إله غيري) . – فمثل هذه الكلمات التي قالها فرعون قد خيلت إلى الناس أنه كان ينكر وجود الله تعالى وكان فارغ الذهن من تصور رب العالمين، ويزعم لنفسه أنه الإله الواحد، ولكن الواقع الحق أنه لم يكن يدعي ذلك كله إلا بدافع من العصبية الوطنية. وذلك أنه لم يكن الأمر في زمن النبي يوسف عليه السلام قد وقف على أن شاعت تعاليم الإسلام في ربوع مصر بفضل شخصيته القوية الجليلة، بل جاوز ذلك إلى أن تمكن لبني إسرائيل نفوذ بالغ في الأرض مصر تبعاً لما تهيأ ليوسف عليه السلام من السلطة والكلمة النافذة في حكومة مصر. فبقيت سلطة بني إسرائيل مخيمة على القطر المصري إلى ثلاثمائة سنة أو أربعمائة. ثم أخذ يخالج صدور المصريين من العواطف الوطنية والقومية ما جعلهم يتعصبون على بني إسرائيل، واشتد الأمر حتى الغوا سلطة الإسرائيليين ونفوذهم إلغاء. فتولى الأمر بعدهم الأسر المصرية الوطنية وتتابعت في الحكم. وهؤلاء الملوك الجدد لما أمسكوا زمام الأمر لم يقتصروا على إخضاع بني إسرائيل وكسر شوكتهم، بل تعدوه إلى أن حاولوا محو كل أثر من آثار العهد اليوسفي في مصر وإحياء تقاليد ديانتهم الجاهلية. فلما بعث إليهم في تلك الآونة موسى عليه السلام، خافوا على غلبتهم وسلطتهم أن تنتقل من أيديهم إلى أيدي بني إسرائيل مرة أخرى. فلم يكن يبعث فرعون إلا هذا العناد واللجاج على أن يسأل موسى عليه السلام ساخطاً متبرماً: وما رب العالمين؟ ومن يمكن أن يكون إلهاً غيري؟ وهو في الحقيقة لم يكن جاهلاً وجود رب العالمين. وتتضح هذه
الحقيقة كأوضح ما يكون مما جاء في القرآن الكريم من أحاديثه وأحاديث ملئه وخطب موسى عليه السلام. فيقول فرعون – مثلا – تأكيداً لقوله إن موسى عليه السلام ليس برسول الله.
(فلولا ألقي عليه أسورةٌ من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين) (الزخرف: 53)
أفكان لرجل فارغ الذهن من وجود الله تعالى والملائكة أن يقول هذا القول وفي موضع آخر يقص القرآن الحوار الآتي بين فرعون وبين النبي موسى عليه السلام:
(فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحوراً. قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مبثوراً) (بني إسرائيل: 101-102)
وفي محل آخر يظهر الله تعالى ما في صدور قوم فرعون بقوله:
(فلما جاءتهم آياتنا مبصرةً قالوا هذا سحرٌ مبينٌ وجحدوا واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً) (النمل: 13-14)
ويصور لنا القرآن نادياً آخر جمع موسى عليه السلام وآل فرعون بهذه الآية:
(قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذابٍ وقد خاب من افترى. فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما بطريقتكم المثلى) (طه: 61-63)
والظاهر أنه لم يكن قام النزاع ونشأ الأخذ والرد بينهم وبين نبيهم موسى عليه السلام حين أنذرهم عذاب الله ونبههم على سوء مآل ما كانوا يفترون، إلا لأنهم قد كان في قلوبهم ولاشك بقية من أثر عظمة الله تعالى وجلاله وهيبته ولكن حاكمهم الوطنيين لما أنذروهم بخطر الانقلاب السياسي العظيم، وحذروهم عاقبة اتباعهم لموسى وهارون، وهي عودة غلبة الإسرائيليين على أبناء مصر، قست قلوبهم واتفقوا جميعاً على مقاومة النبيين. وبعد ما قد تبين لنا من هذه الحقيقة، من السهل علينا أن نبحث: ماذا كان مثار النزاع بين موسى عليه السلام وفرعون، وماذا كانت حقيقة ضلاله وضلال قومهن وبأي معاني كلمة (الرب) كان فرعون يدعي لنفسه الألوهية والربوبية. فتعال نتأمل لهذا الغرض ما يأتي من الآيات بالتدريج.
1- إن الذين كانوا يلحون من ملأ فرعون على حسم دعوة موسى عليه الصلاة والسلام واستئصالها من أرض مصر، يخاطبون فرعون لبعض المناسبات ويسألونه:
(أتذرُ موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذركم وآلهتكَ) (الأعراف: 127)
وبخلاف ذلك يناديهم الذي كان قد آمن بموسى عليه السلام:
(تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علمٌ) (المؤمن: 42)
فإذا نظرنا في هاتين الآيتين وأضفنا إليهما ما قد زودنا به التاريخ وآثار الأمم القديمة أخيراً من المعلومات عن أهالي مصر زمن فرعون، يتجلى لنا أن كلاً من فرعون وآله كانوا يشركون بالله تعالى في المعنى الأول والثاني لكلمة (الرب) ويجعلون معه شركاء من الأصنام ويعبدونها. والظاهر أن فرعون لو كان يدعي لنفسه الربوبية فيما فوق العالم الطبيعي، أي لو كان يدعي أنه هو الغالب المتصرف في نظام الأسباب في هذا العالم، وأنه لا إله ولا رب غيره في السماوات والأرض، ولم يعبد الآلهة الأخرى أبداً (1)
(2) أما كلمات فرعون هذه التي قد وردت في القرآن:
(يا أيها الملأ ما علمتُ لكم من إله غيري) (القصص: 38)
(لئن اتّخذت إلهاً غيري لأجعلنّك من المسجونين) (الشعراء: 29)
فليس المراد بذلك أن فرعون كان ينفي جميع ما سواه من الآلهة. وإنما كان غرضه الحقيقي من ذلك رد دعوة موسى عليها لسلام وإبطالها. ولما كان موسى عليه السلام – يدعو إلى إله لا تنحصر ربوبيته في دائرة ما فوق الطبيعة فحسب، بل هو كذلك مالك الأمر والنهي، وذو القوة والسلطة القاهرة بالمعاني السياسية والمدنية، قال فرعون لقومه: يا قوم لا أعلم لكم مثل ذلك الإله غيري، وتهدد موسى عليه السلام، أنه إن اتخذ من دونه إلهاً ليلقينّه في السجن.
ومما يعلم كذلك من هذه الآيات، وتؤيده شواهد التاريخ وآثار الأمم القديمة، أن فراعنة مصر لم يكونوا يدعون لأنفسهم مجرد الحاكمية المطلقة، بل كانوا يدعون كذلك نوعاً من القداسة والتنزه بانتسابهم إلى الآلهة والأصنام، حرصاً منهم على أن يتغلغل نفوذهم في نفوس الرعية ويستحكم استيلاؤهم على أرواحهم. ولم تكن الفراعنة منفردة بهذا الادعاء، بل الحق أن الأسر الملكية ما زالت في أكثر أقطار العالم تحاول الشركة – قليلاً أو كثيراً – في الألوهية والربوبية في دائرة ما فوق الطبيعة، علاوة على ما كانت تتولاه من الحاكمية السياسية، وما زالت لأجل ذلك تفرض على الرعية أن تقوم بين يديها بشيء من شعائر العبودية، على أن دعواهم تلك للألوهية السماوية لم تكن هي المقصودة بذاتها في الحقيقة، وإنما كانوا يتذرعون بها إلى تأثيل حاكميتهم السياسية. ومن ذلك نرى أنه ما زالت الأسر الملكية في مصر وغيرها من الأقطار الجاهلية تذهب ألوهيتها بذهاب سلطانها السياسي، وقد بقيت الألوهية تتبع العرش في تنقله من أيد إلى أخرى. (3) ولم تكن دعوى فرعون الأصلية الغالبة المتصرفة في نظام السنن الطبيعية، بل بالألوهية السياسية! فكان يزعم أنه الرب الأعلى لأرض مصر ومن فيهــا بالمعنى الثالث والرابع والخامس لكلمة (الرَّب) ويقول إني أنا مالك القطر المصري وما فيه من الغنى والثروة وأنا الحقيق بالحاكمية المطلقة فيه، وشخصيتي المركزية هي الأساس لمدينة مصر واجتماعها، وإذن لا يجرينَّ فيهــا إلاّ شريعتي وقانوني. وكان أساس دعوى فرعون بعبارة القرآن:
(ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون) (الزخرف – 51)
وهذا الأساس نفسه هو الذي كانت تقوم عليه دعوى نمرود للربوبية.
و (حاجَّ إبراهيم في ربّه أن آتاه الله الملك) (البقرة: 258)
وهو كذلك الأساس الذي رفع عليه فرعون المعاصر ليوسف عليه السلام بنيان ربوبيته على أهل مملكته.
(4) أمّا دعوة موسى عليه السلام التي كانت سبب النزاع بينه وبين فرعون وآله، فهي في الحقيقة أنه لا إله ولا ربَّ بجميع معاني كلمة (الرب) إلا الله رب العالمين، وهو وحده الإله والرّب فيما فوق العالم الطبيعي، كما أنه هو الإله والرب بالمعاني السياسية والاجتماعية، لأجل ذلك يجب ألا نخلص العبادة إلا له، ولا نتبع في شؤون الحياة المختلفة إلا شرعه وقانونه، وانه – أي موسى عليه السلام – قد بعثه الله تعالى بالآيات البينات وسيُنزل الله تعالى أمره ونهيه لعباده بما يوحي إليه؛ لذلك يجب أن تكون أزمّة أمور عباده بيده، لا بيد فرعون. ومن هنا كان فرعون ورؤساء حكومته يُعلون أصواتهم المرّة بعد المرّة بأن موسى وهارون – عليهما السلام – قد جاءا يسلبان أرض مصر. وأرادا أن يذهبا بنظمنا الدينية والمدنية ليستبدلا بها ما يشاءان من النظم والقواعد.
(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد) (هود: 96-97) (ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسولٌ كريم. أن أدُّوا إليَّ عبادَ الله إني لكم رسول أمين. وان لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين) (الدخان: 17-19)
(إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول فأذناه أخذاً وبيلاً) (المزملَّ: 15-16)
(قال فمن ربكما يا موسى. قال ربّنا الذي أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى) (طه: 49-50)
(قال فرعون وما رب العالمين. قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين. قال لمنّ حوله ألا تستمعون. قال ربكم ورب آبائكم الأولين. قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون. قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون. قال لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنّك من المسجونين) (الشعراء: 23-29)
(قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى) (طه: 57)
(وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربّه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) (غافر: 26)
(قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى) ... (طه – 63)
وبإنعام النظر في هذه الآيات بالتدريج الذي قد سردناها به، يتجلى أن الضلال الذي تعاقبت فيه الأمم المختلفة من أقدم العصور، كان هو عينه قد غشت وادي النيل ظلماته، وأن الدعوة التي قام بها جميع الأنبياء منذ الأبد، كانت هي نفسها يدعو بها موسى وهارون عليهما السلام.

اليهود والنصارى وتطلع علينا بعد آل فرعون بنو إسرائيل والأمم الأخرى التي دانت باليهودية والنصرانية. وهؤلاء لا مجال للظن فيهــم أن يكونوا منكرين لوجود إله العالم، أو يكونوا لا يعتقدون بألوهيته وربوبيّته فإن القرآن نفسه يشهد بكونهم أهل الكتاب. وأما السؤال الذي ينشأ في ذهن الباحث عن أمرهم فهو أنه ما هو على التحديد الخطأ في عقيدتهم ومنهج عملهم في باب الربوبية – الذي قد عدهم القرآن من أجله من القوم الضالين؟ والجواب المجمل على السؤال تجده في القرآن نفسه في آيته الكريمة:
(قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قومٍ قد ضلوا من قبلُ وأضلوا كثيراً وضلّوا عن سواء السبيل) (المائدة – 77)
فيعلم من هذه الآية أن ضلال اليهود والنصارى هو من حيث الأصل والأساس نفس الضلال الذي ارتطمت فيه الأمم المتقدمة، وتدلنا هذه الآية أيضاً أن ضلالهم هذا كان آتياً من غلوّهم في الدين. وها نحن نرى بعد ذلك كيف يفصل القرآن هذا الإجمال:
(وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله) (التوبة: 30)
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم. وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم) (المائدة – 72)
(لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد) . (وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق) (المائدة: 73، 116)
(ما كان لبشرٍ أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلِّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون. ولا يأمرَكم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً، أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) (آل عمران: 79-80) فكان ضلال أهل الكتاب حسب ما تجل عليه هذه الآيات: أولاً أنهم بالغوا في تعظيم النفوس المقدسة كالأنبياء والأولياء والملائكة التي تستحق التكريم والتعظيم لمكانتها الدينية، فرفعوها من مكانتها الحقيقية إلى مقام الألوهية وجعلوها شركاء مع الله ودخلاء في تدبير أمر هذا العالم، ثم عبدوها واستغاثوا بها واعتقدوا أن لها نصيباً في الألوهية والربوبية الميمنتين على ما فوق العالم الطبيعي، وزعموا أنها تملك لهم المغفرة والإعانة والحفظ. وثانياً أنهم:
(اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) (التوبة – 31)
أي أن الذين لم تكن وظيفتهم في الدين سوى أن يعلموا الناس أحكام الشريعة الإلهية، ويزكوهم حسب مرضاة الله، تدرج بهم هؤلاء حتى أنزلوهم بحيث يحلون لهم ما يشاؤون ويحرمون عليهم ما يشاؤون، ويأمرونهم وينهونهم حسب ما تشاء أهواؤهم بدون سند من كتاب الله، ويسنون لهم من السنن ما تشتهي أنفسهم. كذلك وقع هؤلاء في نفس النوعين من الضلال الأساسي الخطير اللذين قد وقع فيهــما قبلهم أمم نوح وإبراهيم وعاد وثمود وأهل مدين وغيرهم من الأمم، فأشركوا بالله الملائكة وعبادة المقربين – كما أشرك أولئك – في الربوبية المهيمنة على ما فوق العالم الطبيعي، وجعلوا الربوبية بمعانيها السياسية والمدنية – كما جعل أولئك – للإنسان بدلاً من الله رب السماوات. وراحوا يستمدون مبادئ المدنية والاجتماع والأخلاق والسياسة وأحكامها جميعاً من بني آدم، مستغنيين في ذلك عن السلطان المنزل من عند الله تعالى. وأفضى بهم الغي إلى أن قال فيهــم القرآن:
(ألم تر إلى الذين أتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) (النساء: 51)
(قل هل أنبئكم بشرٍ من ذلك مثوبة عند الله من لعنهُ الله وغضبَ عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت. أولئك شرٌّ مكاناً وأضل عن سواء السبيل) (المائدة: 60) (الجبتُ) كلمة جامعة شاملة لجميع أنواع الأوهام والخرافات من السحر والتمائم والشعوذة والتكهّن واستكشاف الغيب والتشاؤم والتفاؤل والتأثيرات الخارجة عن القوانين الطبيعية. والمراد من (الطاغوت) كل فرد أو طائفة أو إدارة تبغي وتتمرد على الله، وتجاوز حدود العبودية وتدعي لنفسها الألوهية والربوبية. فلما وقعت اليهود والنصارى في ما تقدم ذكره من النوعين من الضلال، كانت نتيجة أولها أن أخذت جميع أنواع الأوهام مأخذها من قلوبهم وعقولهم، وأما الثاني فاستدرجهم من عبادة العلماء والمشايخ والصوفية والزهاد إلى عبادة الجبابرة وطاعة الظالمين الذين كانوا قد بغوا على الله علانية!

المشركون العرب
هذا ولنبحث الآن في المشركين العرب الذين بعث فيهــم خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، والذين كانوا أول من خاطبهم القرآن، من أي نوع كان ضلالهم في باب الألوهية والربوبية، هل كانوا يجهلون الله رب العالمين، أو كانوا ينكرون وجوده، فبعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ليبث في قلوبهم الإيمان بوجود الذات الإلهية! وهل كانوا لا يعتقدون الله عز وجل إلهاً للعالمين ورباً، فأنزل الله القرآن ليقنعهم بألوهيته وربوبيته؟ وهل كانوا يأبون عبادة الله والخضوع له؟ أو كانوا لا يعتقدونه سميع الدعاء وقاضي الحاجة؟ وهل كانوا يزعمون أن اللات والعزّى ومناة وهبل والآلهة الأخرى هي في الحقيقة فاطرة هذا الكون ومالكته والرازقة فيه والقائمة على تدبيره وإدارته؟ أو كانوا يؤمنون بأن آلهتهم تلك مرجع القانون ومصدر الهداية والإرشاد في شؤون المدنية والأخلاق؟ كل واحد من هذه الأسئلة إذا راجعنا فيه القرآن فإنه يجيب عليه بالنفي؛ ويبين لنا أن المشركين العرب لم يكونوا قائلين بوجود الله تعالى فحسب، بل كانوا يعتقدونه مع ذلك خالق هذا العالم كله – حتى آلهتهم – ومالكه وربه الأعلى، وكانوا يذعنون له بالألوهية والربوبية. وكان الله هو الجناب الأعلى الأرفع الذي كانوا يدعونه ويبتهلون إليه في مآل الأمر عندما يمسهم الضر أو تصيبهم المصائب، ثم كانوا لا يمتنعون عن عبادته والخضوع له، ولم تكن عقيدتهم في آلهتهم وأصنامهم أنها قد خلقتهم وخلقت هذا الكون، وترزقهم جميعاً، ولا أنها تهديهم وترشدهم في شؤون حياتهم الخلقية والمدنية، فالآيات الآتية تشهد بما تقول:
(قلن لمن الأرض ومن فيهــا إن كنتم تعلمون. سيقولون لله، قل أفلا تذكرون. قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم. سيقولن الله، قل أفلا تتقون. قل من بيده ملكوت كل شيءٍ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون. سيقولون لله، قل فأنى تسحرون، بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون) (المؤمنون: 84-90)
(هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصفٌ وجاءهم الموج من كل مكانٍ وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين. فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق) (يونس: 22-23)
(وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً) (الإسراء: 67)
ويروي القرآن عقائدهم في آلهتهم بعبارتهم أنفسهم فيما يأتي:
(والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) (الزمر: 3)
(ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) (يونس: 18) ثم إنهم لم يكونوا يزعمون لآلهتهم شيئاً من مثل أنها تهديهم في شؤون حياتهم، فالله تعالى يأمر رسوله صلى الله لعيه وسلم في سورة يونس (قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق) الآية: 35 فيرميهم سؤاله هذا بالسكات، ولا يجيب أحد منهم عليه بنعم! عن اللات والعزى ومناة والآلهة الأخرى تهدينا سواء السبيل في العقيدة والعمل، وتعلمنا مبادئ العدالة والأمن والسلام في حياتنا الدنيا، وإننا نستمد من منبع علمها معرفة حقائق الكون الأساسية، فعند ذلك يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم:
(قل الله يهدي للحق. أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يُهدى فمالكم كيف تحكمون) (يونس: 35)
ويبقى بعد هذه النصوص القرآنية أن نطلب جواب هذا السؤال: ماذا كان ضلالهم الحقيقي في باب الربوبية الذي بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم نرده إلى الصواب، وأنزل كتابه المجيد ليخرجهم من ظلماته إلى نور الهداية؟ وإذا تأملنا القرآن للتحقيق في هذه المسألة، نقف في عقائدهم وأعمالهم كذلك على النوعين من الضلال اللذين مازالا يلازمان الأمم الضالة منذ القدم.
فكانوا بجانب يشركون بالله آلهة وأرباباً من دونه في الألوهية والربوبية فيما فوق الطبيعة، ويعتقدون بأن الملائكة والنفوس الإنسانية المقدسة والسيارات السماوية – كل أولئك دخيلة بوجه من الوجوه في صلاحيات الحكم القائم فوق نظام العلل والأسباب. ولذلك لم يكونوا يرجعون إلى الله تعالى وحده في الدعاء والاستعانة وأداء شعائر العبودية، بل كانوا يرجعون كذلك في تلك الأمور كلها إلى آلهتهم المصنوعة الملفقة. وكانوا بجانب آخر يكادون لا يتصورون في باب الربوبية المدنية والسياسية أن الله تعالى هو الرب بهذه المعاني أيضاً. فكانوا قد اتخذوا أئمتهم الدينيين ورؤساءهم وكبراء عشائرهم أرباباً بتلك المعاني، ومنهم كانوا يتلقون القوانين لحياتهم.
أما النوع الأول من ضلالهم فيشهد به القرآن فيما يلي من الآيات: (ومن الناس من يعبد الله على حرفٍ فان أصابه خيرٌ اطمأن به وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين. يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه، ذلك هو الضلال البعيد يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير) (الحج: 11-13) ...
(ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في (1) ، سبحانه وتعالى عما يشركون) (يونس: 18)
(قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً) (حم السجدة: 9)
(قل أتعبدون من دون الله مالا يملك لكم ضرّاً ولا نفعاً والله هو السميع العليم) (المائدة: 76)
(وإذا مسَّ الإنسان ضرٌ دعا ربه منيباً إليه ثم إذا خوّله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أنداداً (2) ليضل عنه سبيله) (الزمر: 8)
(وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسّكم الضرّ فإليه تجأرون. ثم إذا كشف الضرّ عنكم إذا فريقٌ منكم بربهم يشركون. ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون. ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً (3) مما رزقناهم، تالله لتسئلنّ عما كنتم تفترون) (النحل: 53 –56)
وأما الآخر فشهادة القرآن ما يأتي:
(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم) (الأنعام: 137)
ومن الظاهر أنه ليس المراد بـ (شركاء) في هذه الآية: الآلهة والأصنام، بل المراد بهم أولئك القادة والزعماء الذين زينوا للعرب قتل أولادهم وجعلوه في أعينهم مكرمة. فأدخلوا تلك البدعة الشنعاء على دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. وظاهر كذلك أن أولئك الزعماء لم يكن القوم قد اتخذوهم شركاء من حيث كانوا يعتقدون أن لهم السلطان فوق نظام الأسباب في هذا العالم، أو كانوا يعبدونهم ويدعونهم، بل كانوا قد جعلوهم شركاء مع الله في الألوهية والربوبية من حيث كانوا يسلمون بحقهم في أن يشرعوا لهم ما يشاؤون من النظم والقوانين لشؤونهم المدنية والاجتماعية، وأمورهم الخلقية والدينية.
(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) (الشورى: 21)
وسيأتي تفصيل معاني كلمة (الدين) في موضعه من هذه الرسالة، وهناك سنتبين سعة معاني هذه الآية وشمولها. على أنه يتضح في هذا المقام أن ما كان يتولاه أولئك الزعماء والرؤساء من وضع الحدود والقواعد التي هي بمثابة الدين بغير إذن من الله تعالى، وأن اعتقاد العرب بكونها مما يجب اتباعه والعمل به، كان هو عينه شركة مع الله من أولئك في ألوهيته وربوبيته، وإيماناً من هؤلاء بشركتهم تلك!

دعوة القرآن: أن هذا البحث الذي قد خضنا غماره في الصفحات السابقة بصدد تصورات الأمم الضالة وعقائدها، ليكشف القناع عن حقيقة أن جميع الأمم التي قد وصمها القرآن بالظلم والضلال وفساد العقيدة من لدن أعرق العصور في القدم إلى زمن نزول القرآن، لم تكن منها جاحدة بوجود الله تعالى ولا كانت تنكر كون الله رباً وإلهاً بالإطلاق. بل كان ضلالها الأصلي المشترك بين جميعها أنها كانت قد قسمت المعاني الخمسة لكلمة (الرب) التي قد حددناها في بداية هذا الباب – مستشهدين باللغة والقرآن – قسمين متباينين:
فأما المعاني التي تدل على أن (الرب) هو الكفيل بتربية الخلق وتعهده وقضاء حاجته وحفظه ورعايته بالطرق الخارجة عن النظام الطبيعي، فكانت لها عندهم دلالة أخرى مختلفة، وهم وإن كانوا لا يعتقدون إلا الله تعالى ربهم الأعلى بموجبها، إلا أنهم كانوا يشركون به في الربوبية الملائكة والجن والقوى الغيبية والنجوم والسيارات والأنبياء والأولياء والأئمة الروحانيين.
وأما المعنى الذي يدل على أن (الرب) هو مالك الأمر والنهي وصاحب السلطة العليا، ومصدر الهداية والإرشاد، ومرجع القانون والتشريع، وحاكم الدولة والمملكة وقطب الاجتماع والمدنية، فكانت له عندهم دلالة أخرى متباينة: وبموجب هذا المفهوم كانوا إما يعتقدون أن النفوس الإنسانية وحدهم رباً من دون الله، وإما يستسلمون لربوبية تلك النفوس في شؤون الأخلاق والمدنية والسياسة مع كونهم يؤمنون إيماناً نظرياً بأن الله هو الرب، هذا هو الضلال الذي مازالت تبعث لحسمه الرسل عليهم اللام من لدن فجر التاريخ، ولأجل ذلك بعث الله أخيراً محمداً صلى الله عليه وسلم. وكانت دعوتهم جميعاً أن الرب بجميع معاني الكلمة واحد ليس غير، وهو الله تقدست أسماؤه. والربوبية ما كانت لتقبل التجزئة ولم يكن جزء من أجزائها ليرجع إلى أحد من دون الله بوجه من الوجوه، وأن نظام هذا الكون مرتبط بأصله ومركزه وثيق الارتباط، قد خلفه الله الواحد الأحد، ويحكمه الفرد الصمد، ويملك كل السلطة والصلاحيات فيه الإله الفذّ الموحد! فلا يد لأحد غير الله في خلق هذا النظام ولا شريك مع الله في إدارته وتدبيره ولا قسيم له في ملكوته. وبما أن الله تعالى هو مالك السلطة المركزية، فإنه هو وحده ربكم في دائرة ما فوق الطبيعة، وربكم في شؤون المدنية والسياسة والأخلاق، ومعبودكم ووجهة ركوعكم وسجودكم، ومرجع دعائكم وعماد توكلكم، والمتكفل بقضاء حاجاتكم، وكذلك هو الملك، ومالك الملك، وهو الشارع والمقنن، وهو الآمر والناهي. وكل هاتين الدلالتين للربوبية اللتين قد فصلتم إحداهما عن الأخرى لجاهليتكم، هي في حقيقة الأمر قوام الألوهية وعمادها وخاصة إلهية الإله. لذلك لا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى، كما لا يجوز أن يشرك مع الله أحد من خلقه باعتبار أيهما. وأما الأسلوب الذي يدعو به القرآن دعوته هذه فها هو ذا بعبارته:
(إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل والنهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين) ... (الأعراف: 54)
(قل من يرزقكم من السماء والأرض، أمّن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله، فقل أفلا تتقون. فذلكم الله ربكم الحق، فما بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون) ... (يونس: 31-32)
(خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى) .. (ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون) (الزمر: 5،6)
(الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً)
(ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون) … (الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات، ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين. هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين) (غافر: 61، 62، 64، 65)
(والله خلقكم من تراب) … (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كلٌ يجري لأجل مسمى، ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير. إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم) (فاطر: 11 و 13-14)
(وله من في السماوات والأرض كل له قانتون) ..
(ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يعقلون. بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم) ..
(فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون) (الروم: 26 و 28 – 29،30) (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطوياتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عما يُشركون) (الزمر: 67)
(فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين. وله الكبرياءُ في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم) (الجاثية: 36-37)
(رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا) (مريم: 65)
(ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه) (هود: 123)
(رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا) (المزمل: 9)
(إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون) (الأنبياء: 92-93)
(اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء) (الأعراف: 3)
(قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواءٍ بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله) (آل عمران: 64)
(قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس) (الناس: 1-3)
(فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) (الكهف:110)
فبقراءة هذه الآيات بالترتيب الذي سردناها به، يتبين للقارئ أن القرآن يجعل (الربوبية) مترادفة مع الحاكمية والملكية (Sovereignty) ويصف لنا (الرب) بأنه الحاكم المطلق لهذا الكون ومالكه وآمره الوحيد لا شريك له.
وبهذا الاعتبار هو ربنا ورب العالم بأجمعه ومريبنا وقاضي حاجاتنا.
وبهذا الاعتبار هو كفيلنا وحافظنا ووكلينا.
وطاعته بهذا الاعتبار هي الأساس الفطري الصحيح الذي يقوم عليه بنيان حياتنا الاجتماعية على الوجه الصحيح المرضي، والصلة بشخصيته المركزية تسلك شتى الأفراد والجماعات في نظام الأمة.
وبهذا الاعتبار هو حري بأن نعبده نحن وجميع خلائفه، ونطيعه ونقنت له.
وبهذا الاعتبار هو مالكنا ومالك كل شيء وسيدنا وحاكمنا. لقد كان العرب والشعوب الجاهلية في كل زمان اخطأوا - ولا يزالون يخطئون إلى هذا اليوم - بأنهم وزعوا هذا المفهوم الجامع الشامل للربوبية على خمسة أنواع من الربوبية، ثم ذهب بهم الظن والوهم أن تلك الأنواع المختلفة للربوبية قد ترجع إلى ذوات مختلفة ونفوس شتى، بل ذهبوا إلى أنها راجعة إليها بالفعل. فجاء القرآن فأثبت باستدلاله القوي المقنع أنه لا مجال أبداً في هذا النظام المركزي لأن يكون أمر من أمور الربوبية راجعاً - في قليل أو كثير- إلى غير من بيده السلطة العليا، وأن مركزية هذا النظام نفسها هي الدليل البيّن على أن جميع أنواع الربوبية مختصة بالله الواحد الأحد الذي أعطى هذا النظام خلقه.
ولذلك فإن من يظن جزءاً من أجزاء الربوبية راجعاً إلى أحد من دون الله، أو يرجعه إليه، بأي وجه من الوجوه، وهو يعيش في هذا النظام، فإنه يحارب الحقيقة ويصدف عن المواقع ويبغي على الحق، وباقي بيديه إلى التهلكة والخسران بما يتعب نفسه في مقاومة الحق الواقع.
(الرب) اسْم الله تَعَالَى وَلَا يُقَال الرب فِي غير الله إِلَّا بِالْإِضَافَة وَالْمَالِك وَالسَّيِّد والمربي والقيم والمنعم وَالْمُدبر والمصلح (ج) أَرْبَاب وربوب

(الرب) عصارة التَّمْر المطبوخة وَمَا يطْبخ من التَّمْر وَالْعِنَب وَرب السّمن وَالزَّيْت ثفله الْأسود (ج) ربوب ورباب

علم الفلسفيات

علم الفلسفيات
العلوم الفلسفية أربعة أنواع: رياضية ومنطقية وطبيعية وإلهية. فالرياضية على أربعة أقسام.
الأول: علم الأرتماطيقي وهو معرفة خواص العدد وما يطابقها من معاني الموجودات التي ذكرها فيثاغورس نيقوماخس وتحته علم الوفق وعلم الحساب الهندي وعلم الحساب القبطي والزنجي وعلم عقد الأصابع.
الثاني: علم الجومطريا وهو علم الهندسة بالبراهين المذكورة في إقليدس ومنها علمية وعملية وتحتها علم المساحة وعلم التكسير وعلم رفع الأثقال وعلم الحيل المائية والهوائية والمناظر والحزب.
الثالث: علم الإسطرلاب قوميا وهو: علم النجوم بالبراهين المذكورة في المجسطي وتحت علم الهيئة والميقات والزيج والتحويل.
الرابع: علم الموسيقى وتحته علم الإيقاع والعروض، والثاني العلوم المنطقية وهي خمسة أنواع:
الأول: أنولوطيقيا وهو معرفة صناعة الشعر.
الثاني: بطوريقا وهو معرفة صناعة الخطب.
الثالث: بوطيقيا وهو معرفة صناعة الجدل.
الرابع: الولوطيقي وهو معرفة صناعة البرهان. الخامس: سوفسطيقا وهو معرفة المغالطة.
والثالث العلوم الطبيعية وهي سبعة أنواع:
الأول: علم المبادئ وهو: معرفة خمسة أشياء لا ينفك عنها جسم وهي: الهيولى والصورة والزمان والمكان والحركة.
الثاني: علم السماء والعالم وما فيه.
الثالث: علم الكون والفساد.
الرابع: علم حوادث الجو.
الخامس: علم المعادن.
السادس: علم النبات.
السابع: علم الحيوان ويدخل فيه علم الطب وفروعه.
الرابع: العلوم الإلهية وهي خمسة أنواع:
الأول: علم الواجب وصفته.
الثاني: علم الروحانيات وهي معرفة الجواهر البسيطة العقلية الفعالة التي هي الملائكة.
الثالث: العلوم النفسانية وهي معرفة النفوس المتجسدة والأرواح السارية في الأجسام الفلكية والطبيعية من الفلك المحيط إلى مركز الأرض.
الرابع: علم السياسات وهي خمسة أنواع:
الأول: علم سياسة النبوة.
الثاني: علم سياسة الملك وتحته الفلاحة والرعايا وهو الأول المحتاج إليه في أول الأمر لتأسيس المدن.
الثالث: علم قود الجيش ومكائد الحرب والبيطرة والبيزرة وآداب الملوك.
الرابع: العلم المدني كعلم سياسة العامة وعلم سياسة الخاصة وهي سياسة المنزل.
الخامس: علم سياسة الذات وهو علم الأخلاق.
فصل في إبطال الفلسفة وفساد منتحلها
من كلام ابن خلدون رحمه الله وهذا الفصل مهم لأن هذه العلوم عارضة في العمران كثيرة في المدن وضررها في الدين كثير فوجب أن يصدع بشأنها ويكشف عن المعتقد الحق فيهــا وذلك أن قوما من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله الحسي منه وما وراء الحسي تدرك ذواته وأحواله بأسبابها وعلل بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وإن تصحيح العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف وهو باللسان اليوناني محب الحكمة فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق.
ومحصل ذلك أن النظر الذي يفيد تمييز الحق من الباطل إنما هو للذهن في المعاني المنتزعة من الموجودات الشخصية فيجرد منها أولا صورا منطبقة على جميع الأشخاص كما ينطبق الطابع على جميع النقوش التي ترسمها في طين أو شمع وهذه المجردة من المحسوسات تسمى المعقولات الأوائل؛ ثم تجرد من تلك المعاني الكلية إذا كانت مشتركة مع معاني أخرى وقد تميزت عنها في الذهن فتجرد منها معاني أخرى وهي التي اشتركت بها ثم تجرد ثانيا أن شاركها غيرها وثالثا إلى أن ينتهي التجريد إلى المعاني البسيطة الكلية المنطبقة على جميع المعاني والأشخاص ولا يكون منها تجريد بعد هذا وهي الأجناس العالية.
وهذه المجردات كلها من غير المحسوسات هي من حيث تأليف بعضها مع بعض لتحصيل العلوم منها تسمى المعقولات الثواني.
فإذا نظر الفكر في هذه المعقولات المجردة وطلب تصور الوجود كما هو فلا بد للذهن من إضافة بعضها إلى بعض ونفي بعضها عن بعض بالبرهان العقلي اليقيني ليحصل تصور الوجود تصورا صحيحا مطابقا إذا كان ذلك بقانون صحيح كما مر وصنف التصديق الذي هو تلك الإضافة والحكم متقدم عندهم على صنف التصور في النهاية والتصور متقدم عليه في البداية والتعليم لأن التصور التام عندهم هو غاية لطلب الإدراك وإنما التصديق وسيلة له وما تسمعه في كتب المنطقيين من تقدم التصور وتوقف التصديق عليه فبمعنى الشعور لا بمعنى العلم التام وهذا هو مذهب كبيرهم أرسطو.
ثم يزعمون أن السعادة في إدراك الموجودات كلها في الحس وما وراء الحس بهذا النظر وتلك البراهين.
وحاصل مداركهم في الوجود على الجملة وما آلت إليه وهو الذي فرعوا عليه قضايا أنظارهم أنهم عثروا أولا على الجسم السفلي بحكم الشهود والحس.
ثم ترقى إدراكهم قليلا فشعروا بوجود النفس من قبل الحركة والحس والحيوانات ثم أحسوا من قوى النفس بسلطان العقل ووقف إدراكهم فقضوا على الجسم العالي السماوي بنحو من القضاء على أمر الذات الإنسانية ووجب عندهم أن يكون للفلك نفس وعقل كما للإنسان.
ثم أنهوا ذلك نهاية عدد الآحاد وهي العشر تسع مفصلة ذواتها جمل واحد أول مفرد وهو العاشر ويزعمون أن السعادة في إدراك الوجود على هذا النحو من القضاء مع تهذيب النفس وتخلقها بالقضاء وإن ذلك ممكن للإنسان ولو لم يرد شرع لتمييزه بين الفضيلة والرذيلة من الأفعال بمقتضى عقله ونظره وميله إلى المحمود منها واجتنابه للمذموم بفطرته وذلك إذا حصل للنفس حصلت لها البهجة واللذة وإن الجهل بذلك هو الشقاء السرمدي وهذا عندهم هو معنى النعيم والعذاب في الآخرة إلى خبط لهم في تفاصيل ذلك معروف من كلماتهم.
وأمام هذه المذاهب الذي حصل مسائلها ودون علمها وسطر حجاجها فيما بلغنا في هذه الأحقاب هو أرسطو المقدوني من أهل مقدونية من بلاد الروم من تلاميذ أفلاطون وهو معلم الإسكندر1 ويسمونه المعلم الأول على الإطلاق ويعنون معلم صناعة المنطق إذ لم تكن قبله مهذبة وهو أول من رتب قانونها واستوفى مسائلها وأحسن بسطها ولقد أحسن في ذلك القانون ما شاء لو تكفل له بقصدهم في الإلهيات.
ثم كان من بعده في الإسلام من أخذ بتلك المذاهب واتبع فيهــا رأيه حذو النعل بالنعل إلا في القليل وذلك أن كتب أولئك المتقدمين لما ترجمها الخلفاء من بني العباس من اللسان اليوناني إلى اللسان العربي تصفحها كثير من أهل الملة وأخذ من مذاهبهم من أضله الله من منتحلي العلوم وجادلوا عنها واختلفوا في مسائل من تفاريعها.
وكان من أشهرهم أبو نصر الفارابي في المائة الرابعة لعهد سيف الدولة. أبو علي بن سينا في المائة الخامسة لعهد نظام الملك من بني بويه بأصبهان وغيرهما.
واعلم: إن هذا الرأي الذي ذهبوا إليه باطل بجميع وجوهه فأما إسنادهم الموجودات كلها إلى العقل الأول واكتفائهم به في الترقي إلى الواجب فهو قصور عما وراء ذلك من رتب خلق الله فالوجود أوسع نطاقا من ذلك ويخلق ما لا تعلمون وكأنهم في اقتصارهم على إثبات العقل فقط والغفلة عما وراءه بمثابة الطبيعيين المقتصرين على إثبات الأجسام خاصة المعرضين عن النقل والعقل المعتقدين أنه ليس وراء الجسم في حكمة الله شيء.
وأما البراهين التي يزعمونها على مدعياتهم في الموجودات ويعرضوا على مغيار المنطق وقانونه فهي قاصرة وغير وافية بالغرض.
أما ما كان منها في الموجودات الجسمانية ويسمونه العلم الطبيعي فوجه قصوره أن المطابقة بين تلك النتائج الذهنية التي تستخرج بالحدود والأقيسة كما في زعمهم وبين ما في الخارج غير يقينية لأن تلك أحكام ذهنية كلية عامة والموجودات الخارجية متشخصة بموادها ولعل في المواد ما يمنع من مطابقة الذهني الكلي للخارجي الشخصي اللهم إلا ما يشهدوا له الحس من ذلك فدليله شهوده لا تلك البراهين فأين اليقين الذي يجدونه فيهــا وربما يكون تصرف الذهن أيضا في المعقولات الأول المطابقة للشخصيات بالصور الخيالية لا في المعقولات الثواني التي تجريدها في الرتبة الثانية فيكون الحكم حينئذ يقينيا بمثابة المحسوسات إذ المعقولات الأول أقرب إلى مطابقة الخارج لكمال الانطباق فيهــا فنسلم لهم حينئذ دعاويهم في ذلك إلا أنه ينبغي لنا الإعراض عن النظر فيهــا إذ هو من ترك المسلم لما لا يعنيه فإن مسائل الطبيعيات لا تهمنا في ديننا ولا معاشنا فوجب علينا تركها.
وأما ما كان منها في الموجودات التي وراء الحس وهي الروحانيات ويسمونه العلم الإلهي وعلم ما بعد الطبيعة فإن ذواتها مجهولة رأسا ولا يمكن التوصل إليها ولا البرهان عليها لأن تجريد المعقولات من الموجودات الخارجية الشخصية إنما هو ممكن فيما هو مدرك لها ونحن لا ندرك الذوات الروحانية حتى نجرد منها ماهيات أخرى بحجاب الحس بيننا وبينها فلا يتأتى لنا برهان عليها ولا مدرك لنا في إثبات وجودها على الجملة إلا ما نجده بين جنبينا من أمر النفس الإنسانية وأحوال مداركها وخصوصا في الرؤيا التي هي وجدانية لكل أحد وما وراء ذلك من حقيقتها وصفاتها فأمر غامض لا سبيل إلى الوقوف عليه وقد صرح بذلك محققوهم حيث ذهبوا إلى أن ما لا مادة له لا يمكن البرهان عليه لأن مقدمات البرهان من شرطها أن تكون ذاتية.
وقال كبيرهم أفلاطون: إن الإلهيات لا يوصل فيهــا إلى يقين وإنما يقال فيهــا بالأحق الأولى يعني الظن وإذا كنا إنما نحصل بعد التعب والنصب على الظن فقط فيكفينا الظن الذي كان أولا فأي فائدة لهذه العلوم والاشتغال بها ونحن إنما عنايتنا بتحصيل اليقين فيما وراء الحسن من الموجودات على ما هي عليه بتلك البراهين فقول مزيف مردود وتفسيره أن الإنسان مركب من جزئين.
أحدهما: جسماني والآخر روحاني ممتزج به ولكل واحد من الجزئين مدارك مختصة به والمدرك فيهــما واحد وهو الجزء الروحاني يدرك تارة مدارك روحانية وتارة مدارك جسمانية إلا أن المدارك الروحانية يدركها بذاته بغير واسطة والمدارك الجسمانية بواسطة آلات الجسم من الدماغ والحواس وكل مدرك فله ابتهاج بما يدركه واعتبره بحال الصبي في أول مداركه الجسمانية التي هي بواسطة كيف يبتهج بما يبصره من الضوء وبما يسمعه من الأصوات فلا شك أن الاتبهاج بالإدراك الذي للنفس من ذاتها بغير واسطة يكون أشد وألذ فالنفس الروحانية إذا شعرت بإدراكها الذي لها من ذاتها بغير واسطة حصل لها ابتهاج ولذة لا يعبر عنها وهذا الإدراك لا يحصل بنظر ولا علم وإنما يحصل بكشف حجاب الحس ونسيان المدارك الجسمانية بالجملة والمتصوفة كثيرا ما يعنون بحصول هذا الإدراك للنفس حصول هذه البهجة فيحاولون بالرياضة أمانة القوى الجسمانية ومداركها حتى الفكر من الدماغ ليحصل للنفس إدراكها الذي لها من ذاتها عند زوال الشواغب والموانع الجسمانية فيحصل لهم بهجة ولذة لا يعبر عنها وهذا الذي زعموه بتقدير صحته مسلم لهم وهو مع ذلك غير واف بمقصودهم.
فأما قولهم إن البراهين والأدلة العقلية محصلة لهذا النوع من الإدراك والابتهاج عنه فباطل كما رأيته إذ البراهين والأدلة من جملة المدارك الجسمانية لأنها بالقوى الدماغية من الخيال والفكر والذكر ونحن أول شيء نعني به في تحصيل هذا الإدراك إماتة هذه القوى الدماغية كلها لأنها منازعة له فادحة فيه وتجد الماهر منهم عاكفا على كتاب الشفاء والإشارات والنجاة وتلاخيص ابن رشد للقص من تأليف أرسطو وغيره يبعثر أوراقها ويتوثق من براهينها ويلتمس هذا القسط من السعادة فيهــا ولا يعلم أنه يستكثر بذلك الموانع عنها ومستندهم في ذلك ما ينقلونه عن أرسطو والفارابي وابن سينا أن من حصل له إدراك العقل الفعال واتصل به في حياته فقد حصل حظه من هذه السعادة والعقل الفعال عندهم عبارة عن أول رتبة ينكشف عنها الحس من رتب الروحانيات ويحملون الاتصال بالعقل الفعال على الإدراك العلمي وقد رأيت فساده.
وإنما يعني أرسطو وأصحابه بذلك الاتصال والإدراك إدراك النفس الذي لها من ذاتها وبغير واسطة وهو لا يحصل إلا بكشف حجاب الحس.
وأما قولهم إن البهجة الناشئة عن هذا الإدراك هي عين السعادة الموعود بها فباطل أيضا لأنا إنما تبين لنا بما قرروه إن وراء الحس مدركا آخر للنفس من غير واسطة وإنها تبتهج بإدراكها ذلك ابتهاجا شديدا وذلك لا يعين لنا أنه عين السعادة الأخروية ولا بد بل هي من جملة الملاذ التي لتلك السعادة.
وأما قولهم أن السعادة في إدراك هذه الموجودات على ما هي عليه فقول باطل مبني على ما كنا قدمناه في أصل التوحيد من الأوهام والأغلاط في أن الوجود عند كل مدرك منحصر في مداركه وبينا فساد ذلك وأن الوجود أوسع من أن يحاط به أو يستوفي إدراكه بجمله روحانيا أو جسمانيا والذي يحصل من جميع ما قررناه من مذاهبهم أن الجزء الروحاني إذا فارق القوى الجسمانية أدرك إدراكا ذاتيا له مختصا بصنف من المدارك وهي الموجودات التي أحاط بها علمنا وليس بعام الإدراك في الموجودات كلها إذ لم تنحصر وأنه يبتهج بذلك النحو من الإدراك ابتهاجا شديدا كما يبتهج الصبي بمداركه الحسية في أول نشرة ومن لنا بعد ذلك بإدراك جميع الموجودات أو بحصول السعادة التي وعدنا به الشارع إن لم نعمل لها هيهات هيهات لما توعدون.
وأما قولهم إن الإنسان مستقل بتهذيب نفسه وإصلاحها بملابسة المحمود من الخلق ومجانبة المذموم فأمر مبني على أن ابتهاج النفس بإدراكها الذي لها من ذاتها هو عين السعادة الموعود بها لأن الرذائل عائقة للنفس عن تمام إدراكها ذلك بما يحصل لها من الملكات الجسمانية والروحانية فهذا التهذيب الذي توصولنا إلى معرفته إنما نفعه في البهجة الناشئة عن الإدراك الروحاني فقط الذي هو على مقاييس وقوانين.
وأما ما وراء ذلك من السعادة التي وعدنا به الشارع على امتثال ما أمر به من الأعمال والأخلاق فأملا يحيط به مدارك المدركين وقد تنبه لذلك زعميهم أبو علي بن سينا فقال في كتاب المبدأ والمعاد ما معناه أن المعاد الروحاني وأحواله هو مما يتوصل إليه بالبراهين العقلية والمقاييس لأنه على نسبة طبيعية محفوظة ووتيرة واحدة قلنا في البراهين عليه سعة.
وأما المعاد الجسماني أحواله فلا يمكننا إدراكه بالبرهان لأنه ليس على نسبة واحدة وقد بسطته لنا الشريعة الحقة المحمدية فلينظر فيهــا ولنرجع في أحواله إليها فهذا العلم كما رأيته غير واف بمقاصدهم التي حوموا عليها مع ما فيه من مخالفة الشرائع وظواهرها وليس له فيما علمنا إلا ثمرة واحدة وهي شحذ الذهن في ترتيب الأدلة والحجاج لتحصيل ملكة الجودة والصواب في البراهين وذلك أن نظم المقاييس وتركيبها على وجه الإحكام والإتقان هو كما شرطوه في صناعتهم المنطقية وقولهم بذلك في علومهم الطبيعية وهم كثيرا ما يستعلمونها في علومهم الحكمية من الطبيعيات والتعاليم وما بعدها فيستولي الناظر فيهــا بكثرة استعمال البراهين بشروطها على ملكه الإتقان والصواب في الحجاج والاستدلالات لأنها وإن كانت غير وافية بمقصودهم هم فهي أصح ما علمناه من قوانين الأنظار.
هذه هي ثمرة هذه الصناعة مع الاطلاع على مذاهب أهل العلم وآرائهم ومضارها ما علمت فليكن الناظر فيهــا متحرزا جهده من معاطيها فليكن نظر من ينظر فيهــا بعد الامتلاء من الشرعيات والإطلاع على التفسير والفقه ولا يكبن أحد عليها وهو خلو عن علوم الملة فقل أن يسلم لذلك من معاطيها والله الموفق للصواب وللحق والهادي إليه وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
قال الغزالي في الإحياء: الفلسفة ليست علما برأسها بل هي أربعة أجزاء.
أحدها: الهندسة والحساب وهما مباحان ولا يمنع عنهما إلا من يخاف عليه أن يتجاوز بهما إلى علوم مذمومة فإن أكثر الممارسين لهما قد خرجوا منهما إلى البدع فيصان الضعيف عنهما لا لعينهما خوفا عليه من أن القوي يندب إلى مخالطتهم.
قال الثاني: المنطق وهو بحث عن وجه الدليل وشروطه ووجه الحد وشروطه وهما داخلان في علم الكلام.
الثالث: الإلهيات وهو بحث عن ذات الله تعالى وصفاته وهو داخل في الكلام أيضا والفلاسفة لم ينفردوا فيهــا بنمط آخر من العلم بل انفرد بمذاهب بعضها كفر وبعضها بدعة.
الرابع: الطبيعيات بعضها مخالف للشرع والدين الحق فهو جهل وليس بعلم حتى يورد في أقسام العلوم وبعضها بحث عن صفات الأجسام وخواصها وكيفية استحالتها وتغييرها وهو شبيه بنظر الأطباء ولا حاجة إليها وإنما حدث ذلك بحدوث البدع إلى آخر ما قال والله أعلم.

عَقَرَ

(عَقَرَ)
(هـ) فِيهِ «إنِّي لبعُقْرِ حَوضِي أذُودُ النَّاسَ لِأَهْلِ اليمَن» عُقْر الْحَوْضِ بِالضَّمِّ:
مَوْضِعُ الشَّارِبَةِ مِنْهُ: أَيْ أطرُدُهم لأجْل أَنْ يَرِدَ أهلُ اليمَن.
[هـ] وَــفِيهِ «مَا غُزِيَ قومٌ فِي عُقْر دارِهم إِلَّا ذَلُّوا» عُقْر الدَّارِ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ: أصلُها.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «عُقْر دَار الْإِسْلَامِ الشَّاُم» أَيْ أَصْلُهُ ومَوْضعه، كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى وَقْتِ الفتَن:
أَيْ يَكُونُ الشَّامُ يَوْمَئِذٍ آمِناً مِنْهَا، وأهلُ الْإِسْلَامِ بِهِ أسلمُ.
(هـ) وَــفِيهِ «لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ» كَانُوا يَعْقِرُون الإبلَ عَلَى قُبُور المَوتَى: أَيْ ينْحَرُونَها وَيَقُولُونَ: إنَّ صاحبَ القَبْر كَانَ يَعْقِرُ لِلْأَضْيَافِ أَيَّامَ حياته فتكافئه بِمِثْلِ صَنِيعه بَعْدَ وفاتِه.
وأصلُ العَقْر: ضَرْب قوائِم الْبَعِيرِ أَوِ الشاةِ بالسيفِ وَهُوَ قائمٌ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلَا بعِيراً إِلَّا لمَأكلة» وَإِنَّمَا نَهى عَنْهُ لِأَنَّهُ مُثْلَة وتعذيبٌ لِلْحَيَوَانِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الْأَكْوَعِ «فَمَا زلتُ أَرْمِيهم وأَعْقِرُ بِهِمْ» أَيْ أقتُلُ مرْكُوبَهم. يُقَالُ:
عَقَرْتُ بِهِ: إِذَا قَتَلْتَ مَركوبَه وجعلتَه راجلاً. [هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فعَقَرَ حنظلةُ الراهِب بِأَبِي سُفْيان بْنِ حَرْب » أَيْ عَرْقَبَ دابَّته، ثُمَّ اتُّسِع فِي العَقْر حَتَّى اسْتعمل فِي القَتْل وَالْهَلَاكِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ قَالَ لمُسَيْلِمة الْكَذَّابِ: وَلَئِنْ أدْبَرْت ليَعْقِرَنَّك اللَّهُ» أَيْ ليُهلِكنَّك. وَقِيلَ: أَصْلُهُ مِنْ عَقْرِ النَّخْل، وَهُوَ أَنْ تُقْطع رُؤُوسُهَا فتَيْبَسَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ زَرْع «وعَقْرُ جارَتِها» أَيْ هَلاكُها مِنَ الحَسَد وَالْغَيْظِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَا تأكُلُوا مِنْ تَعَاقِر الْأَعْرَابِ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يكونَ ممَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ» هُوَ عَقْرُهُم الإبلَ، كَانَ يَتَبَارَى الرجُلان فِي الجُود والسَّخَاءِ فيَعْقِرُ هَذَا إِبِلًا ويَعْقِرُ هَذَا إِبِلًا حَتَّى يُعَجِّزَ أحدُهما الْآخَرَ، وَكَانُوا يَفْعلُونه رِيَاءً وسُمْعة وتَفَاخُرا، وَلَا يَقْصِدُون بِهِ وجهَ اللَّهِ، فشبَّهه بِمَا ذُبح لِغَيْرِ اللَّهِ.
(س) وَــفِيهِ «إنَّ خَدِيجة لمَّا تَزوّجَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كسَتْ أَبَاها حُلة وخَلَّقَتْه، ونَحرَت جَزُورا، فَقَالَ: مَا هَذَا الحَبِيرُ، وَهَذَا العبيرُ، وَهَذَا العَقِير؟» أَيِ الجزُور المنْحُور. يُقَالُ: جَمَل عَقِيرٌ، وَنَاقَةٌ عَقِيرٌ.
قِيلَ: كَانُوا إِذَا أرَادُوا نَحْرَ البَعير عَقَرُوه: أَيْ قَطَعُوا إِحْدَى قوائِمه ثُمَّ نحَرُوه. وَقِيلَ:
يُفعل ذَلِكَ بِهِ كيلاَ يَشْرُدَ عِنْدَ النَّحْرِ.
وَــفِيهِ «إِنَّهُ مرَّ بحمَارٍ عَقِير» أَيْ أَصَابَهُ عَقْر وَلَمْ يمُت بَعْدُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ صَفِيّة «لمَّا قِيلَ لَهُ: إنَّها حائضٌ، فَقَالَ: عَقْرَى حَلْقَى» أَيْ عَقَرَها اللهُ وأصَابَها بعَقْر فِي جَسَدها. وَظَاهِرُهُ الدُّعاء عَلَيْهَا، وَلَيْسَ بِدُعَاءٍ فِي الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ فِي مَذْهَبهم معروفٌ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الصَّواب «عَقْراً حَلْقاً» ، بِالتَّنْوِينِ، لِأَنَّهُمَا مصدَرَا: عَقَرَ وحَلَقَ.
وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: عَقَّرْتُه إِذَا قلتَ لَهُ: عَقْراً، وَهُوَ مِنْ بَابِ سَقْياً، ورَعْياً، وجَدْعاً.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «هُمَا صفَتان لِلْمَرْأَةِ المَشْئومة: أَيْ أَنَّهَا تَعْقِرُ قومَها وتَحْلِقُهم: أي تَسْتَأصِلُهم مِنْ شُؤْمها عَلَيْهِمْ. ومَحَلُّهما الرفعُ عَلَى الخَبَرية: أَيْ هِيَ عَقْرَى وحَلْقَى. ويَحْتمِل أَنْ يَكُونَا مَصْدَرَين عَلَى فَعْلى بِمَعْنَى العَقْر والحَلْق، كالشَّكْوَى للشكْوِ» .
وَقِيلَ: الألفُ لِلتَّأْنِيثِ، مِثْلُهَا فِي غَضْبَى وسَكْرى.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «إنَّ رجُلا أثْنَى عِنْدَهُ عَلَى رَجُلٍ فِي وجْهه، فَقَالَ: عَقَرْتَ الرَّجُلَ عَقَرَك اللَّهُ» .
(هـ) وَــفِيهِ «أَنَّهُ أقْطَع حُصَينَ بْنَ مُشَمِّت نَاحِيَةَ كَذَا، واشْتَرط عَلَيْهِ أَنْ لَا يَعْقِرَ مَرْعاها» أَيْ لَا يَقْطع شجَرَها.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «فَمَا هُوَ إلاَّ أَنْ سَمِعْتُ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ فعَقِرْتُ وَأَنَا قائمٌ حَتَّى وقَعْت إِلَى الْأَرْضِ» العَقَر بفَتْحتين: أَنْ تُسْلِمَ الرجُلَ قوائمُه مِنَ الخَوف. وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يفْجَأه الرَّوعُ فَيدْهشَ وَلَا يستطيعَ أَنْ يتقدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْعَبَّاسِ «أَنَّهُ عَقِرَ فِي مَجْلِسِه حِينَ أُخْبِرُ أَنَّ مُحَمَّدًا قُتِلَ» .
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «فَلَمَّا رَأَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَقَطَت أذقَانُهم عَلَى صُدُورهم وعَقِرُوا فِي مَجَالِسِهم» .
وَــفِيهِ «لَا تَزَوَّجُنّ عَاقِراً فَإِنِّي مكاثرٌ بِكُمْ» العَاقِر: المرأةُ الَّتِي لَا تَحمِل.
(س) وَــفِيهِ «أَنَّهُ مَرَّ بأرْضٍ تُسَمَّى عَقِرَة فَسَمَّاهَا خَضِرَة» كَأَنَّهُ كَرِه لَهَا اسْمَ العَقْر، لأنَّ العَاقِر المرأةُ الَّتِي لَا تَحْمل. [وشَجرَة عَاقِرَة لَا تَحْمل] فسمَّاها خَضِرَة تَفاؤُلاً بِهَا. ويجوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ: نخلةٌ عَقِرَة إِذَا قُطِعَ رَأْسُهَا فَيَبِست.
[هـ] وَــفِيهِ «فأعطَاهُم عُقْرَها» العُقْر- بِالضَّمِّ-: مَا تُعْطاه المرأةُ عَلَى وَطِء الشُّبْهة.
وأصلُه أنَّ واطِئَ البِكْر يَعْقِرُها إِذَا افْتضَّها، فسُمِّي مَا تُعْطَاه للعَقْر عُقْرا، ثُمَّ صار عامًّا لها وللثَّيِّب. (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الشّعْبِي «ليسَ عَلَى زَانٍ عُقْر» أَيْ مهْرٌ، وَهُوَ للمُغْتَصَبَة مِنَ الْإِمَاءِ كالمَهْر للحُرّة.
(هـ) وَــفِيهِ «لَا يَدْخل الجنةَ مُعَاقِر خمرٍ» هُوَ الَّذِي يُدْمِن شُرْبَها. قِيلَ: هُوَ مأخوذٌ مِنْ عُقْر الحَوض، لِأَنَّ الوَاردَةَ تُلازِمُه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا تُعَاقِرُوا» أَيْ لَا تُدْمِنوا شُرْب الخَمْرِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ قُسٍّ، ذِكْرُ «العُقَار» هُوَ بِالضَّمِّ مِنْ أسْماء الخمرِ.
[هـ] وَــفِيهِ «مَنْ بَاعَ دَاراً أَوْ عَقَاراً» العَقَار بِالْفَتْحِ: الضَّيعةُ والنَّخل وَالْأَرْضُ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَرَدَّ عَلَيْهِمْ ذَرَاريَّهم وعَقَار بُيُوتهم» أَرَادَ أرضَهم.
وَقِيلَ: مَتَاعَ بُيُوتِهِمْ وَأَدَوَاتِهِ وَأَوَانِيَهُ. وَقِيلَ: مَتاعه الَّذِي لَا يُبْتَذل إلاَّ فِي الْأَعْيَادِ. وعَقَار كُلِّ شَيْءٍ: خِيَارُهُ.
(س) وَــفِيهِ «خيرُ المالِ العُقْر» هُوَ بِالضَّمِّ: أصلُ كلِّ شَيْءٍ. وَقِيلَ: هُوَ بِالْفَتْحِ. وَقِيلَ:
أرادَ أصْل مالٍ لَهُ نَمَاء.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمة «أَنَّهَا قَالَتْ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سكَّن اللَّهُ عُقَيْرَاكِ فَلَا تُصْحِرِيها» أَيْ أسْكَنَك بيتَك وستَرَك فِيهِ فَلَا تُبْرِزيه . وَهُوَ اسْمٌ مُصَغَّر مشتقٌّ مِنْ عُقْرِ الدَّار.
قَالَ القُتَيبي: لَمْ أسمَع بعُقَيْرَى إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «كَأَنَّهَا تَصْغِيرُ العَقْرَى عَلَى فَعْلَى، مَنْ عَقِرَ إِذَا بَقِي مكانَه لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يتأخَّر، فزَعا، أَوْ أسَفاً أَوْ خَجَلا. وأصلُه مِنْ عَقَرْتُ بِهِ إِذَا أطلتَ حَبْسَه، كَأَنَّكَ عَقَرْتَ رَاحِلَتَهُ فَبَقِيَ لَا يقْدِر عَلَى البَرَاح. وأرادَت بِهِ نفسَها: أَيْ سَكّنِي نفْسَك الَّتِي حقُّها أَنْ تَلْزَمَ مكانَها ولا تَبرُزَ إِلَى الصَّحْراء مِنْ قولَه تَعَالَى «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ، وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى» .
(هـ) وَــفِيهِ «خَمْسٌ يُقْتَلن فِي الحلِّ والحَرَم، وَعَدَّ مِنْهَا الكَلْبَ العَقُور» وَهُوَ كُلُّ سَبُع يَعْقِرُ: أَيْ يجْرح ويَقْتُل ويفْتَرسُ، كالأسدِ، والنّمِر، والذِّئب. سمَّاها كَلْبًا لاشْتِرَاكِها فِي السَّبُعيَّة. والعَقُور: مِنْ أبْنِية الْمُبَالَغَةِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّهُ رَفَع عَقِيرَتَه يَتَغنّى» أَيْ صَوْته. قِيلَ: أصلُه أنَّ رَجُلًا قُطِعت رِجْله فَكَانَ يرفَع المقْطُوعة عَلَى الصَّحيحة ويَصِيحُ مِنْ شِدَّةِ وجَعِها بِأَعْلَى صَوْته، فَقِيلَ لكُلِّ رَافِعٍ صَوْته: رَفَع عَقِيرَتَه. والعَقِيرَة: فَعيلة بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ.
(س) وَفِي حَدِيثِ كَعْبٍ «إنَّ الشمسَ وَالْقَمَرَ نُورَان عَقِيرَان فِي النَّار» قِيلَ: لمَّا وصفَهما اللَّهُ تَعَالَى بالسِّباحةِ فِي قَوْلِهِ: «كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ» * ثُمَّ أخْبَر أَنَّهُ يَجْعلهما فِي النَّارِ يُعَذِّبُ بهما أهلها بحيث لا يبرحانها صارا كَأَنَّهُمَا زمِنان عَقِيرَان، حكَى ذَلِكَ أَبُو مُوسَى وَهُوَ كَمَا ترَاه.

خفا

(خفا) - في حديث إسلام أبي ذَرٍّ، رضي الله عنه: "سَقَطْتُ كأَنَّى خِفاء".
قال ابنُ الأعرابي: هو الكِسَاء، وقيل: هو ثَوبٌ تَلبَسه المرأةُ فوقَ ثِيابها غِطاءً لِثِيابِها، وكُلُّ شىء غَطَّيت به شيئًا فهو خِفاء، وجَمعُه أَخْفِية، وهو من خَفِي.
قال ابنُ جِنَّي، يقال: أَخفيتُه: إذا أزلتَ عنه الِإخفاء ، كما يقال: أَشكيتُه، إذا أزلتَ شِكايتَه.
- ومنه قوله تبارك وتعالى: {أَكَادُ أُخْــفِيهَــا} .
أُخــفِيهــا: أي أُظهِرها وأُزيل خَفاءَها، وهو ها هنا بفَتْح الخاء، وهذا المَعْنَى قَالَه أبو عَلِي، ويقرأ (أَخْــفِيهــا): أي أُظهِرها أَيضًا، بفتح الهَمْزة، وخَفيتُ الشيءَ: أي استخرجْتُه بعد خَفائِه، فأما خَفِي: أي استَر، وأخفَيتُه: سَترتُه.
- في الحديث: "لَعَن المُخْتَفِي والمُخْتَفِية" .
- وفي حديث آخر: "مَنِ اخْتَفى مَيِّتًا فكأنَّما قَتَله".
قال الأصَمِعيُّ: الاخْتفِاء: الاسْتِخْراج، وأَهلُ الحِجاز يسمون النَّبَّاشَ المُختَفِي، لأنه يستَخرج المَيِّتَ. - في حديث عَلِيّ بنِ رَباح : "السُّنَّة أن تُقطَع اليَدُ المُسْتَخْفِية ولا تُقطَع اليَدُ المُسْتَعْلِنَة".
قال الحَربيُّ: لَيْسِ فيه اخْتِلاف أَنَّه الاسْتِخْفاءُ الذي هو الاسْتِتَار والتَّغَيُّب، يَعنِي أَنَّ السَّارقَ والنَّبّاشَ ومَنْ في معناها تُقْطَع أيديهم ، والمُنْتَهِب والغاصِب ومَنْ في معناها لا تُقطَع أَيدِيهم.
وقد جاء في الحديث: "ليس في النُّهَبة ولا في الخُلَسة قَطْع".
فعَلَى هذا يكون الاخْتِفاء من الأَضْداد، كما أَنَّ أَخفَى من الأَضْداد.
- في الحَدِيث: "خَيرُ الذِّكر الخَفِيُّ".
ذهب قَومٌ إلى أَنَّ الذِّكر ها هنا ذِكْرُ الله عَزَّ وجَلّ، والدُّعاءُ، وأَنَّ خَيرَه ما أَخفاه الدَّاعِي والذَّاكِر.
- قال اللهُ تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} .
قال الحَربِيّ: والذي عِندِي أَنَّه الشّهرةُ وانْتِشارُ خَبَر الرّجل؛ لأن سَعدًا، رضي الله عنه، أَجابَ ابنَه على ما أَرادَه عليه، ودَعَاه إليه من الظُّهور وطَلَب الخِلافَةِ بهذا الحَدِيث. - في حديثِ أَبِي سُفْيان، رضي الله عنه: "ومَعِي خِنْجَرٌ مِثلُ خافِيةَ النَّسْر".
وهي ضِدُّ القَادِمَة من الجناح، والجَمْع الخَوافِي. يُرِيد صِغَره.
- ومنه حديث مَدِينَة قومِ لُوط: "حَمَلَها جِبْرِيلُ عليه الصلاة والسلام على خَوافِي جَناحِه".
والخَوافِي : الجِنُّ لِخَفائِهِم.

خفا: خفا البَرْقُ خَفْواً وخُفُوّاً: لَمعَ. وخَفَا الشيءُ خَفْواً:

ظَهَر. وخَفَى الشيءَ خَفْياً وخُفِيّاً: أَظهره واستخرجه. يقال: خَفَى

المطرُ الفِئَارَ إِذا أَخرَجهُنَّ من أَنْفاقِهِنّ أَي من جِحَرَتِهِنَّ؛

قال امرؤ القيس يصف فرساً:

خَفَاهُنَّ من أَنْفاقِهِنَّ، كأَنَّما

خَفاهُنَّ وَدْقٌ من سَحَابٍ مُرَكَّبِ

قال ابن بري: والذي وقع في شعر امرئ القيس من عَشِيّ مُجَلِّبِ؛ وقال

امرؤ القيس بن عابس الكِنْدي أَنشده اللحياني:

فإِنْ تَكْتُمُوا السِّرَّ لا نَخْفِه،

وإِنْ تَبْعَثُوا الحَرْبَ لا نَقْعُد

قوله لا نَخْفِه أَي لا نُظْهِرْه. وقرئ قوله تعالى: إِنَّ الساعةَ

آتِيةٌ أَكادُ أَخْــفِيهــا، أَي أُظْهِرُها؛ حكاه اللحياني عن الكسائي عن محمد

بن سهل عن سعيد ابن جبير. وخَفَيْتُ الشيءَ أَخْــفِيه: كتَمْتُه.

وخَفَيْتُه أَيضاً: أَظْهَرْتُه، وهو من الأَضداد. وأَخْفَيْتُ الشيءَ:

سَتَرْتُه وكتَمْتُه. وشيءٌ خَفِيٌّ: خافٍ، ويجمع على خَفايا. وخَفِيَ عليه

الأَمرُ

يَخْفَى خَفاءً، ممدود. الليث: أَخفَيْتُ الصوتَ وأَنا أُخْــفِيه إخفاءً

وفعله اللازمُ اخْتَفى. قال الأَزهري: الأَكثر اسْتَخْفَى لا اخْتَفى،

واخْتَفى لغةٌ ليست بالعالية، وقال في موضع آخر: أَمّا اخْتَفى بمعنى

خَفِيَ فلغةٌ وليست بالعالية ولا بالمُنْكَرة. والخَفِيَّةُ: الرَّكِيَّة التي

حُفِرت ثم تُرِكتْ حتى انْدَفَنَتْ ثم انْتُثِلْت واحتُفِرَتْ

ونُقِّبَتْ، سميت بذلك لأَنها استُخرجت وأُظْهِرَتْ. واخْتَفى الشيءَ: كخَفاه،

افْتَعَل منه؛ قال:

فاعْصَوْصَبُوا ثم جَسُّوهُ بأَعْيُنِهِمْ،

ثم اخْتَفَوْهُ، وقَرْنُ الشَّمسِ قد زالا

واخْتَفَيْت الشيءَ: استَخْرَجته. والمُخْتَفي: النَّبَّاشُ لاسْتِخراجه

أَكفانَ الموتى، مَدَنِيَّةٌ. قال ثعلب: وفي الحديث ليس على المُخْتَفي

قَطْعٌ. وفي حديث عليّ بن رَباح: السُّنَّة أَنْ

تُقْطَع اليدُ المُسْتَخْفِية ولا تُقْطَعَ اليدُ المُسْتَعْلِىة؛ يريد

بالمُسْتَخْفِية يَدَ السارق والنَّبَّاشِ، وبالمُسْتَعْلِية يَدَ

الغاصب والناهب ومَن في معناهما. وفي الحديث: لَعَنَ المُخْتَفِيَ

والمُخْتَفِيَة؛ المُخْتَفِي: النَّبَّاشُ، وهو من الاختفاء والاستتار لأَنه

يَسْرُق في خُفْية. وفي الحديث: مَن اخْتَفى مَيِّتاً فكأَنَّما قتَلَه.

وخَفِيَ الشيءُ خَفاءً، فهو خافٍ وخَفِيٌّ: لم يَظْهَرْ. وخَفاه هو

وأَخْفاهُ: سَتَرَه وكتَمَه. وفي التنزيل: إِنْ تبْدُوا ما في أَنفسكم أَو

تُخْفُوه. وفي التنزيل: إِن الساعة آتيةٌ أَكادُ أُخْــفِيهــا؛ أَي أَسْتُرها

وأُوارِيها؛ قال اللحياني: وهي قراءة العامة. وفي حَرْف أُبَيٍّ: أَكادُ

أُخْــفِيهــا من نفسي؛ وقال ابن جني: أُخْــفيهــا يكون أُزيلُ خَفاءها أَي

غِطاءَها، كما تقول أَشكيته إِذا زُلْتَ له عَمَّا يَشْكوه؛ قال الأَخفش:

وقرئت أَكاد أَخْــفِيهــا أَي أُظْهرها لأَنك تقول خَفَيْتُ السرَّ أَي

أَظْهرته. وفي الحديث: ما لم تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أَو تَخْتَفُوا

بَقْلاً أَي تُظهروه، ويروى بالجيم والحاء؛ وقال الفراء: أَكاد أُخــفيهــا، في

التفسير، من نفسي فكيف أُطْلِعُكُم عليها. والخَفاءُ، ممدود: ما خَفِيَ

عليك. والخَفا، مقصور: هو الشيء الخافي؛ قال الشاعر:

وعالِمِ السّر وعالِمِ الخَفا،

لقد مَدَدْنا أَيْدِياً بَعْدَ الرّجا

وقال أُمية:

تُسَبِّحهُ الطَّيْرُ الكَوامِنُ في الخَفا،

وإِذْ هي في جوّ السماءِ تَصَعَّدُ

قال ابن بري: قال أَبو علي القالي خَفَيْت أَظْهَرْتُ لا غير، وأَما

أَخْفَيْت فيكون للأَمرين وغَلَّطَ الأَصمعي وأَبا عبيد القاسمَ بنَ سلام.

وفي الحديث: أَنه كان يَخْفِي صَوتَه بآمين؛ رواه بعضهم بفتح الياء من

خَفَى يَخْفِي إِذا أَظْهَر كقوله تعالى: إِن الساعة آتية أَكاد

أَخْــفِيهــا، على إِحدى القراءتين. والخَفاء والخافي والخافية: الشيءُ الخَفِيُّ.

قال الليث: الخُفْية من قولك أَخْفَيْت الشيءَ أَي سَتَرْته، ولقيته

خَفِيّاً أَي سِرّاً. والخافية: نقيض العلانية. وفَعَلَه خَفِيّاً وخِفْية،

بكسر الخاء، وخِفْوة على المُعاقَبة. وفي التنزيل: ادْعُوا ربكم تَضَرُّعاً

وخُفْيَة؛ أَي خاضعين مُتَعَبِّدِين، وقيل أَي اعْتَقِدوا عبادَته في

أَنفسكم لأَن الدعاء معناه العبادة؛ هذا قول الزجاج؛ وقال ثعلب: هو أَن

تذكره في نفسك؛ وقال اللحياني: خُفْية في خَفْضٍ وسكون، وتضَرُّعاً

تَمَسْكُناً. وحكي أَيضاً: خَفِيتُ له خِفْية وخُفْية أَي اخْتَفَيْت؛ وأَنشد

ثعلب:حَفِظْتُ إِزاري، مُذْ نَشَأْتُ، ولم أَضَعْ

إِزاري إِلى مُسْتَخْدَماتِ الوَلائِدِ

وأَبْناؤُهُنَّ المُسْلمون، إِذا بَدا

لك المَوْتُ وارْبَدَّتْ وجوهُ الأَساوِدِ

وهُنَّ الأُلى يَأْكُلْنَ زادَكَ خِفْوَةً

وهَمْساً، ويُوطِئْنَ، السُّرى، كُلَّ خابِطِ

أَي حفِظْت فَرْجي وهو موضع الإِزار أَي لم أَجعل نفسي إِلى الإِماء،

وقوله: يأْكُلْن زادَك خِفْوَة، يقول: يَسْرِقْنَ زادك فإِذا رأَينَك تَموت

تركْنَك، وقوله: ويُوطِئْن السُّرى كلَّ خابِطِ، يريد كل من يأْتِيهن

بالليل يُمَكِّنَّهُ من أَنفُسِهن. واسْتَخْفَى منه: اسْتَتَر وتوارى. وفي

التنزيل: يَسْتَخْفُون من الناس ولا يَسْتَخْفُون من الله؛ وكذلك

اخْتَفى، ولا تَقُل اخْتَفَيْت. وقال ابن بري: الفراء حكى أَنه قد جاء

اخْتَفَيْت بمعنى اسْتَخَفْيت؛ وأَنشد:

أَصْبَحَ الثعلبُ يَسْمُو لِلعُلا،

واخْتَفَى مع شِدَّةِ الخَوْفِ الأَسَدْ

فهو على هذا مُطاوِِع أَخْفَيْته فاخْتَفى كما تقول أَحْرَقْته

فاحْتَرَق، وقال الأَخفش في قوله تعالى: ومن هو مُسْتَخْفٍ بالليل وسارِبٌ

بالنّهار، قال: المُسْتَخْفي الظاهر، والسَّارِبُ المُتَواري؛ وقال الفراء:

مُسْتَخْفٍ بالليل أَي مُسْتَتر وسارِبٌ بالنهار ظاهر كأَنه قال الظاهر

والخَفِيُّ عنده جل وعز واحد. قال أَبو منصور: قول الأَخفش المُسْتَخْفي

الظاهر خطأ والمُسْتَخْفي بمعنى المُسْتتر كما قال الفراء، وأَما الاخْتِفاء

فله معنيان: أَحدهما بمعنى خَفِيَ، والآخر بمعنى الاسْتِخْراج؛ ومنه قيل

للنَّبَّاش المُخْتَفي، وجاءَ خَفَيْت بمعنيين وكذلك أَخْفَيْت، وكلام

العرب العالي أَن تقول خَفَيْت الشيءَ أَخْــفِيه أَي أَظهرته. واسْتَخْفَيت

من فلان أَي تَوارَيْت واسْتَترت ولا يكون بمعنى الظهور. واخْتَفى دمَهُ:

قَتَلَه من غير أَن يُعْلَم به، وهو من ذلك؛ ومنه قول الغَنَوِيّ لأَبي

العالية: إِن بَني عامِرٍ أَرادوا أَن يَخْتَفُوا دَمي. والنون

الخَفِيَّة: الساكنة ويقال لها الخَفِيفة أَيضاً.

والخِفاء: رِداءٌ تَلْبَسُه العَرُوس على ثَوْبها فَتُخْــفِيه به. وكلُّ

ما سَتَر شيئاً فهو له خِفاءٌ. وأَخْفِيَة النَّوْرِ: أَكِمَّتُه.

وأَخْفِية الكَرَى: الأَعينُ؛ قال:

لَقَدْ عَلِمَ الأَيْقاظُ أَخْفِيةَ الكَرَى

تَزَجُّجَها من حالِكٍ، واكْتِحالَها

والأَخْفِية: الأَكْسِيَة، والواحد خِفاءٌ لأَنها تُلْقى على السِّقاءِ؛

قال الكميت يذم قوماً وأَنهم لا يَبْرَحون بيوتَهم ولا يحضرون الحرب:

فَفِي تلكَ أَحْلاسُ البُيوتِ لَواصِفٌ،

وأَخْفِيَةٌ ما هُمْ تُجَرُّ وتُسْحَبُ

وفي حديث أَبي ذر: سَقَطْتُ كأَني خِفاءٌ؛ الخِفاء: الكِساء. وكلُّ شيءٍ

غطَّيْت به شيئاً فهو خِفاءٌ. وفي الحديث: إِنَّ الله يحب العَبْدَ

التَّقِيَّ الغَنِيَّ الخَفِيَّ؛ هو المعتَزِل عن الناس الذي يَخْفَى عليهم

مكانُه. وفي حديث الهجرة: أَخْفِ عنَّا أَي اسْتُر الخَبَر لمن سأَلك

عنَّا. وفي الحديث: خيرُ الذّكْرِ الخَفِيُّ أَي ما أَخْفاه الذاكره وسَتَره

عن الناس؛ قال الحربي: الذي عندي أَنه الشهرة وانتشار خبر الرجل لأَن سعد

بن أبي وقاص أَجاب ابنَه عُمَر على ما أَراده عليه من الظهور وطلب

الخلافة بهذا الحديث. والخافي: الجِنُّ، وقيل الإِنْس؛ قال أَعْشى

باهِلَة:يَمْشي بِبَيْداءَ لا يَمْشي بها أَحَدٌ،

ولا يُحَسُّ من الخافي بها أَثَرُ

وحكى اللحياني: أَصابها ريح من الخافي أَي من الجِنِّ. وقال ابن

مُناذِرٍ: الخافِية ما يُخْفى في البَدَن من الجِنِّ. يقال: به خَفِيَّة أَي

لَمَم ومَسٌّ. والخافِيَة والخافِياءُ: كالخافي، والجمع من كلّ ذلك خَوافٍ.

حكى اللحياني عن العرب أَيضاً: أَصابه ريح من الخوافي؛ قال: هو جمع

الخافي يعني الذي هو الجِنُّ، وعندي أَنهم إِذا عَنَوْا بالخافي الجِنَّ فهو

من الاستتار، وإِذا عَنَوا به الإِنسَ فهو من الظهور والانتشار. وأَرضٌ

خافيةٌ: بها جِنٌّ؛ قال المَرَّار الفقعسي:

إِليك عَسَفْتُ خَافِيَةً وإِنْساً

وغِيطاناً، بِها للرَّكْبِ غُولُ

وفي الحديث: إِن الحَزَاةَ يَشْرَبُها أَكايِس النّساء للخَافِية

والإِقْلاتِ؛ الخافِية: الجِنُّ سُمُّوا بذلك لاسْتِتارهم عن الأَبصار. وفي

الحديث: لا تُحْدِثُوا في القَرَعِ فإِنه مُصَلَّى الخَافِين؛ والقَرَعُ،

بالتحريك: قِطعٌ من الأَرض بَيْنَ الكَلإِ لا نَباتَ بها.

والخَوَافِي: رِيشَات إِذا ضَمَّ الطائرُ جَناحَيْه خَفِيت؛ وقال

اللحياني: هي الرِّيشَات الأَربع اللواتي بعدَ المَناكِب، والقولان مُقْتربان؛

وقال ابن جَبَلة: الخَوافي سبعُ رِيشات يَكُنَّ في الجَناحِ بعد السبْع

المُقَدَّمات، هكذا وقع في الحكاية عنه، وإِنما حكي الناس أَربعٌ قَوادِمُ

وأَربعٌ خَوافٍ، واحدتها خافِية. وقال الأَصمعي: الخَوافي ما دون

الريشات العشر من مُقَدَّمِ الجَناح. وفي الحديث: إِن مَدينةَ قَومِ لُوطٍ

حَمَلَها جِبْريل، عليه السلام، على خَوافِي جَناحِه؛ قال: هي الريش الصغار

التي في جَناحِ الطائر ضِدُّ القَوادِم، واحدَتُها خافية. وفي حديث أَبي

سفيان: ومعي خَنْجَرٌ مثلُ خافِية النَّسْرِ؛ يريد أَنه صغير.

والخَوافِي: السَّعَفات اللَّواتي يَلِينَ القِلَبةَ، نَجْديةٌ، وهي في لغة أَهل

الحجاز العَوَاهِنُ. وقال اللحياني: هي السَّعَفات اللَّواتِي دُون

القِلَبة، والوحدة كالواحدة، وكلّ ذلك من الستر.

والخَفِيّة: غَيْضة مُلْتَفّة يتّخِذُها الأَسدَ عَرِىنَهُ وهي

خَفِيّته؛ وأَنشد:

أُسود شَرىً لاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةِ،

تَسَاقَيْنَ سُمّاً كُلُّهُنّ خَوادِرُ

وفي المحكم: هي غيضة مُلْتَفَّة يتخذ فيهــا الأَسد عِرِّيساً فيستتر

هنالك، وقيل: خَفِيَّةُ وشَرىً اسمان لموضِعين عَلَمان؛ قال:

ونحنُ قَتَلْنَا الأُسْدَ أُسْدَ خَفِيَّةٍ

فما شَرِبُوا، بَعْداً عَلَى لَذَّةٍ، خَمْرَا

وقولهم: أُسُودُ خَفِيَّةٍ كما تقول أُسُود حَلْيَةٍ، وهما مَأْسَدَتان؛

قال ابن بري: السماع أُسُود خَفِيَّةٍ والصواب خفِيَّةَ، غيرَ مصروف،

وإِنما يصرف في الشعر كقول الأَشهب بن رُميلة:

أُسُودُ شَرىً لاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ،

تَسَاقَوْا، على لَوحٍ، دِماءَ الأَساوِدِ

والخَفِيَّةُ بئرٌ كانت عادِيَّةً فانْدَفَنَتْ ثم حُفِرَتْ، والجمع

الخَفَايا والخَفِيَّات. والخَفِيَّة: البئرُ القَعِيرَةُ لِخَفاءِ

مَائِها.وخَفَا البَرْقُ يَخْفُو خَفْواً وخَفَا البَرْقُ وخَفِيَ خَفْياً

فيهــما؛ الأَخيرة عن كراع: بَرَق بَرْقاً خَفِيّاً ضَعِيفاً مُعْتَرِضاً في

نَواحي الغيم، فإِن لَمَع قَلِيلاً ثم سَكَن وليس له اعتراض فهو الوَمِيضُ،

وإِن شَقَّ الغَيْم واسْتَطال في الجَوِّ إِلى السماءِ من غير أَن

يأْخُذَ يَميناً ولا شمالاً فهو العَقِيقَة؛ قال ابن الأَعرابي: الوَميضُ أَن

يُومِضَ البَرْق إِيماضَة خَفِيفَة ثم يَخْفى ثم يُومِض، وليس في هذا يأْس

من المطر. قال أَبو عبيد: الخَفْوُ اعْتِراض البَرْق في نَواحِي السماء.

وفي الحديث: أَنه سأَلَ عن البَرْق فَقال أَخَفْواً أَم ومِيضاً. وخَفا

البَرْقُ إِذا بَرَق بَرْقاً ضعيفاً. ورجل خَفِيُّ البَطْنِ: ضَامره

خَفيفُه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

فَقامَ، فأَدْنَى مِن وِسادي وِسادَهُ،

خَفِي البَطْنِ مْمشُوقُ القَوائِمِ شَوْذَبُ

وقولهم: بَرِحَ الخَفاءُ أَي وضَحَ الأَمرُ وذلك إِذا ظهر. وصار في

بَراحٍ

أَي في أَمر منكشف، وقيل: بَرِحَ الخَفاءُ أَي زال الخَفاء، قال:

والأَول أَجود. قال بعضهم: الخَفاءُ المُتَطَأْطِيءُ من الأَرض الخَفِيُّ،

والبَراحُ المرتفع الظاهرُ، يقول صار ذلك المُتَطَأْطِئُ مرتفعاً. وقال

بعضهم: الخَفاءُ هنا السِّرّ فيقول ظهَر السِّرّ، لأَنا قد قدمنا أَن

البَراحَ الظاهرُ المُرْتَفِع؛ قال يعقوب: وقال بعض العرب إِذا حَسُن من المرأَة

خَفِيَّاها حَسُنْ سائرُها؛ يعني صَوْتَها وأَثَرَ وطْئِها الأَرضَ،

لأَنها إِذا كانت رخيمةَ الصوت دلَّ ذلك على خَفَرِها، وإِذا كانت مُقارِِبة

الخُطى وتَمَكَّنَ أَثرُ وطْئِها في الأَرض دلَّ ذلك على أَنّ لها

أَرْدافاً وأَوْراكاً. الليث: والخِفاءُ رِداءٌ تَلْبَسه المرأَة فوق ثيابها.

وكلُّ شيء غطَّيْته بشيء من كساء أَو نحوه فهو خِفاؤُه، والجمع

الأَخْفية؛ ومنه قول ذي الرمة:

عليه زادٌ وأَهْدامٌ وأَخْفِية،

قد كاد يَجْتَرُّها عن ظَهْرِه الحَقَب

(خفا)
الْبَرْق خفوا وخفوا لمع وَفِي الحَدِيث (أَنه سَأَلَ عَن الْبَرْق فَقَالَ أخفوا أم وميضا) وَالشَّيْء ظهر
خفا وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام / حِين سُئِلَ عَن / الف الْميتَة: مَتَى تحل لنا الْميتَة [فَقَالَ -] : مَا لم تَصْطَبُحِوا أَو تغتبقوا أَو تختفوا بهَا بَقُلاً فشأنكم بهَا. قَالَ الْأَصْمَعِي: لَا أعرف تحتفئوا وَلَكِنِّي أَرَاهَا تختفوا بهَا - بِالْخَاءِ. أَي تقتلعونه من الأَرْض. [و -] يُقَال: اختفيت الشَّيْء أخرجته قَالَ: وَمِنْه سمي النباش المختفي لِأَنَّهُ يسْتَخْرج الأكفان وَكَذَلِكَ: خفيت الشَّيْء أخرجته قَالَ امْرُؤ الْقَيْس يصف حضر الْفرس إِنَّه استخرج الفأر من جحرتهن كَمَا يستخرجهن الْمَطَر: [الطَّوِيل]

خَفَاهُنَّ من أنفاقِهِنَّ كَأَنَّمَا ... خَفَاهُنَّ ودقٌ من سحابٍ مُّرَكَّبِ

وَقَالَ الْكسَائي: كَانَ سَعِيد بْن جُبَيْر يقْرَأ {إنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أخــفيهــا} يَعْنِي أظهرها.
خفا نفر وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث أبي ذَر [رَحمَه الله -] عِنْد إِسْلَامه وَكَانَ قدم مَكَّة هُوَ وَأَخُوهُ فَذكر أَنه [كَانَ -] يمشي نَهَاره فَإِذا كَانَ اللَّيْل سَقَطت كَأَنِّي خَفَاء. فالخفاء مَمْدُود: [و -] هُوَ الغطاء وكل شَيْء غطيته بِشَيْء من كسَاء أَو ثوب أَو غَيره فَذَلِك الغطاء هُوَ خَفَاء وَجمعه أخفية قَالَ ذُو الرمة:

[الْبَسِيط]

عَلَيْهِ زَاد وأهدام وأخفية ... قد كَاد يجترّها عَن ظَهره الحَقَبُ

وَفِي هَذَا الحَدِيث أَنه قَالَ: نافر أخي رجلا فالمنافرة أَن يفتخر الرّجلَانِ كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه ثمَّ يحكّما بَينهمَا رجلا كَفعل عَلْقَمَة بن عُلاثة وعامر بن الطُّفَيْل حِين تنافرا إِلَى هرِم بن قُطبة الفَزاري وَفِي ذَلِك يَقُول الْأَعْشَى يمدح عَامِرًا وَيحمل على عَلْقَمَة: [السَّرِيع]

قد قلتُ شعري فَمضى فيكما ... واعترف المنفورُ للنافرِ فالمنفور: المغلوب والنافر: الْغَالِب وَقد نَفَره يَنفُره [وينفِره -] نَفْرا إِذا غلب عَلَيْهِ.
[خفا] نه فيه: سأل عن البرق أ "خفوا" أم وميضًا، خفا البرق يخفو خفوا ويخفى خفيا إذا برق برقًا ضعيفًا. وفيه: ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو "تختفوا" بقلا، أي تظهرونه من خفيته إذا أظهرته، وأخفيته إذا سترته، ويروى بجيم وحاء وقد مر. ومنه ح: كان "يخفى" صوته بأمين، بفتح ياء من خفى يخفى إذا ظهر نحو "أكاد أخــفيهــا" في قراءة. وفيه: إن الحزاءة، تشتريها أكايس النساء "للخافية" والإقلات، الخافية الجن لاستتارهم عن الأبصار. ومنه: لا تحدثوا في القرع فنه مصلى "الخافين" أي الجن، والقرع بالحركة قطع من الأرض بين الكلأهو ضرب مثل، أو المعنى حتى لا يعلم ملك شماله أو من على يمينه من الناس. وفيه: و"خفية" من الإخفاء، إنما قاله مع أن المشهور أن المزيد مشتق من المجرد نظرًا إلى أن الاشتقاق أن ينتظم الصيغتان معنى واحدًا. وفيه: فما "خفي" عليكم من شأنه فليس "يخفى" عليكم إن ربكم ليس على ما يخفى عليكم ثلثا، أي ليس بأعور، والثاني بدل من الأول أي لا يخفى أنه ليس مما يخفى أنه ليس أعور، أو استيناف. ط وفيه: ما "تخفى" مشيتها من مشيته، أي ما تمتاز، ويتم شرحا في العين.

التَّعْرِيض

التَّعْرِيض: عِنْد عُلَمَاء الصّرْف أَن تجْعَل الْمَفْعُول معرضًا لأصل الْفِعْل كَقَوْلِك ابعته أَي عرضته للْبيع وَجَعَلته منتسبا إِلَيْهِ. والتعريض عِنْد عُلَمَاء الْبَيَان الإمالة من معنى الْكَلَام إِلَى جَانب بِأَن يكون المُرَاد من الْكَلَام أمرا وَيكون ذَلِك وَسِيلَة إِلَى إِرَادَة أَمر آخر كَمَا يفهم من قَوْلك لست أَنا بزان بطرِيق التَّعْرِيض كَون الْمُخَاطب زَانيا. وَوجه الْمُنَاسبَة بَين الْمَعْنى اللّغَوِيّ والاصطلاحي للتعريض أَنه فِي اللُّغَة الإمالة إِلَى عرض أَي جَانب وَهَا هُنَا أَيْضا إمالة الْكَلَام من الْمَعْنى الْمُسْتَعْمل فِيهِ إِلَى الْمَعْنى الْغَيْر الْمُسْتَعْمل فِيهِ الْوَاقِع فِي جَانب ذَلِك الْمَعْنى. فَالْكَلَام مُتَوَجّه إِلَى الْمَعْنى الْمُسْتَعْمل فِيهِ على الاسْتقَامَة فَإِن هَذَا الْمَعْنى وَاقع فِي مُقَابل ذَلِك الْكَلَام ومتوجه إِلَى الْمَعْنى التعريضي لَا على سَبِيل الاسْتقَامَة لِأَن ذَلِك الْمَعْنى وَاقع فِي جَانب مِنْهُ لَا فِي مُقَابِله. وَفِي الجلبي على المطول التَّعْرِيض أَن يذكر شَيْء يدل بِهِ على شَيْء لم يذكرهُ كَمَا يَقُول الْمُحْتَاج للمحتاج إِلَيْهِ جئْتُك لأسلم عَلَيْك فَكَأَنَّهُ أمال الْكَلَام إِلَى عرض يدل إِلَى الْمَقْصُود انْتهى.
وَإِن أردْت حَقِيقَة التَّعْرِيض وَالْفرق بَينه وَبَين الْكِنَايَة وَالْمجَاز فاستمع لما أذكرهُ من شرح الْمِفْتَاح قَالَ صَاحب الْكَشَّاف فَإِن قلت أَي فرق بَين الْكِنَايَة والتعريض قلت الْكِنَايَة أَن تذكر شَيْئا بِغَيْر لَفظه الْمَوْضُوع لَهُ والتعريض أَن تذكر شَيْئا تدل بِهِ على شَيْء لم تذكره كَمَا يَقُول الْمُحْتَاج للمحتاج إِلَيْهِ جئْتُك لأسلم عَلَيْك وَكَأَنَّهُ أمال الْكَلَام إِلَى عرض يدل على الْغَرَض وَيُسمى التَّلْوِيح لِأَنَّهُ يلوح مِنْهُ مَا يُريدهُ. وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي الْمثل السائر الْكِنَايَة مَا دلّ على معنى يجوز حمله على جَانِبي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز بِوَصْف جَامع بَينهمَا وَتَكون فِي الْمُفْرد والمركب. والتعريض هُوَ اللَّفْظ الدَّال على معنى لَا من جِهَة الْوَضع الْحَقِيقِيّ أَو الْمجَازِي بل من جِهَة التَّلْوِيح وَالْإِشَارَة وَيخْتَص بِاللَّفْظِ الْمركب كَقَوْل من يتَوَقَّع صلَة وَالله إِنِّي مُحْتَاج فَإِنَّهُ تَعْرِيض بِالطَّلَبِ مَعَ أَنه لم يوضع حَقِيقَة وَلَا مجَازًا وَإِنَّمَا فهم الْمَعْنى من غَرَض اللَّفْظ أَي جَانِبه هَذِه عبارتهما أَي صَاحب الْكَشَّاف وَابْن الْأَثِير. فَنَقُول الْمَقْصُود مِمَّا ذكر فِي الْكَشَّاف هُوَ الْفرق بَين الْكِنَايَة والتعريض كَمَا صرح فِي السُّؤَال فَلَا ينْتَقض مَا ذكره فِي حد الْكِنَايَة بالمجاز وَقد علم من كَلَامه فِي الْفرق أَن الْكِنَايَة مستعملة فِي غير مَا وضعت لَهُ وَأَن اللَّفْظ فِي التَّعْرِيض مُسْتَعْمل فِي معنى دلّ بذلك الْمَعْنى على معنى آخر لم يذكر فَلم يكن اللَّفْظ هَا هُنَا مُسْتَعْملا فِي الْمَعْنى الآخر الَّذِي هُوَ المعرض بِهِ وَإِلَّا لَكَانَ الْمَعْنى الآخر مَذْكُورا بذلك اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِيهِ بل دلّ على الْمَعْنى الآخر بذلك الْمَعْنى الْمَذْكُور بمعونة السِّيَاق وَلذَلِك قَالَ وَكَأَنَّهُ إمالة الْكَلَام إِلَى عرض أَي جَانب أَشَارَ بِهِ إِلَى وَجه اشتقاق التَّعْرِيض وَلَا شكّ أَن الْمَعْنى الْمُسْتَعْمل فِيهِ يكون وَاقعا تِلْقَاء الْكَلَام على طَرِيق الاسْتقَامَة لَا فِي جَانب مِنْهُ حَتَّى يمال الْكَلَام إِلَيْهِ. وَكَذَا كَلَام ابْن الْأَثِير يدل بصريحه على أَن الْمَعْنى التعريضي لم يسْتَعْمل فِيهِ اللَّفْظ بل هُوَ مَدْلُول عَلَيْهِ إِشَارَة وسياقا فَإِذا الصَّوَاب مَا لخصه بعض الْفُضَلَاء من أَن اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِيمَا وضع لَهُ فَقَط هُوَ الْحَقِيقَة الْمُجَرَّدَة ويقابلها الْمجَاز وَأما الْكِنَايَة فمستعملة فِيمَا لم يوضع لَهُ إصالة وَفِي الْمَوْضُوع لَهُ تبعا والتعريض يُجَامع فِي الْوُجُود كلا من هَذِه الثَّلَاثَة وَذَلِكَ بِأَن يقْصد بِنَفس اللَّفْظ مَعْنَاهُ حَقِيقَة أَو مجَازًا أَو كِنَايَة وَيدل بسياقه على الْمَعْنى المعرض بِهِ فَلَا يُوصف اللَّفْظ بِالْقِيَاسِ إِلَى الْمَعْنى التعريضي بِحَقِيقَة وَلَا مجَاز وَلَا كِنَايَة لفقدان اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِيهِ مَعَ كَونه مُعْتَبرا فِي حُدُود هَذِه الثَّلَاثَة فَلَا يكون اللَّفْظ بِالْقِيَاسِ إِلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ والمجازي والمكنى عَنهُ تعريضا بل لَا بُد وَأَن يكون هُنَاكَ معنى آخر. فَإِذا قلت الْمُسلم من سلم الْمُسلمُونَ من يَده وَلسَانه وَأَرَدْت بِهِ التَّعْرِيض فَالْمَعْنى الْأَصْلِيّ انحصار الْإِسْلَام فِيمَن سلمُوا مِنْهُ وَالْمعْنَى المكنى عَنهُ المستلزم للمعنى الْأَصْلِيّ هُوَ انْتِفَاء الْإِسْلَام عَن الموذي مُطلقًا وَهُوَ الْمَقْصُود من اللَّفْظ اسْتِعْمَالا. وَأما الْمَعْنى المعرض بِهِ الْمَقْصُود من الْكَلَام سياقا فَهُوَ نفي الْإِسْلَام عَن الموذي الْمعِين وَقس على ذَلِك حَال الْحَقِيقَة وَالْمجَاز إِذا قصد بهما التَّعْرِيض. ثمَّ إِن الْمجَاز قد يصير حَقِيقَة عرفية بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلَا يخرج بذلك عَن كَونه مجَازًا بِحَسب أَصله وَكَذَلِكَ الْكِنَايَة قد تصير بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فِي المكنى عَنهُ بِمَنْزِلَة التَّصْرِيح كَأَن اللَّفْظ مَوْضُوع بإزائه فَلَا يُلَاحظ هُنَاكَ الْمَعْنى الْأَصْلِيّ بل تسْتَعْمل حَيْثُ لَا تتَصَوَّر فِيهِ الْمَعْنى الْأَصْلِيّ أصلا كالاستواء على الْعَرْش وَبسط الْيَد إِذا اسْتعْمل فِي شَأْنه تَعَالَى وَإِلَّا يخرج بذلك عَن كَونه كِنَايَة فِي أَصله وَإِن سمي حِينَئِذٍ مجَازًا متفرعا على الْكِنَايَة. وَكَذَلِكَ التَّعْرِيض قد يصير بِحَيْثُ يكون الِالْتِفَات فِيهِ إِلَى الْمَعْنى المعرض بِهِ كَأَنَّهُ الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ الَّذِي اسْتعْمل فِيهِ اللَّفْظ وَلَا يخرج عَن كَونه تعريضا فِي أَصله كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا أول كَافِر بِهِ} فَإِنَّهُ تَعْرِيض بِأَنَّهُ يجب عَلَيْهِم أَن يُؤمنُوا بِهِ قبل كل وَاحِد وَهَذَا المعرض بِهِ هُوَ الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ هَا هُنَا دون الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ.
وَإِذا تحققت مَا تلونا عَلَيْك علمت أَن قَوْله التَّعْرِيض تَارَة يكون على سَبِيل الْكِنَايَة وَأُخْرَى على سَبِيل الْمجَاز لم يرد بِهِ أَن اللَّفْظ فِي الْمَعْنى التعريضي قد يكون كِنَايَة وَقد يكون مجَازًا كَمَا توهموه وشيدوه بِأَن اللَّفْظ إِذا دلّ على معنى دلَالَة صَحِيحَة فَلَا بُد أَن يكون حَقِيقَة فِيهِ أَو مجَازًا أَو كِنَايَة فَإِن تشييدهم هَذَا منقوض بمستبقات التراكيب المستفادة مِنْهَا على سَبِيل التّبعِيَّة كَمَا مرت ومنقوض أَيْضا بِالْمَعْنَى المعرض بِهِ فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ مَقْصُودا إصالة إِلَّا أَنه مَدْلُول عَلَيْهِ بالسياق لَا بِاسْتِعْمَال اللَّفْظ فِيهِ كَمَا عرفت بل أَرَادَ أَن التَّعْرِيض قد يكون على طَرِيق الْكِنَايَة فِي أَن يقْصد بِهِ المعنيان مَعًا وَقد يكون على طَريقَة الْمجَاز بِأَن يقْصد الْمَعْنى التعريضي وَحده فقولك فستعرف فِي قَوْلك آذيتني فستعرف إِذا أردْت بِهِ تهديدهما أَي الْمُخَاطب وَغَيره مَعًا كَانَ على طَريقَة الْكِنَايَة إِلَّا أَن تهديد الْمُخَاطب مُرَاد بِاللَّفْظِ اسْتِعْمَالا وتهديد غَيره مُرَاد سياقا وَإِذا أردْت بِهِ تهديد غَيره فَقَط وَهُوَ الْمَعْنى المعرض بِهِ كَانَ على طَريقَة الْمجَاز وَلَا يخرج بذلك عَن كَونه تعريضا كَمَا حققته وللتنبيه على هَذَا المُرَاد زَاد لفظ على سَبِيل فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَتنبه.

وقع

وقع

1 وَقَعَ الأَمْرُ The thing, or affair, [fell, befell,] happened; took place; came to pass; became [executed, performed, or] realized; syn. حَصَلَ. (TA.) b2: وَقَعَ فِى He lighted, or came, upon a thing or place; and he became in a place. b3: وَقَعُوا فِى السُّنَيَّاتِ البِيضِ [They lapsed into the years of scantiness of herbage]. (K in art. سنه, q. v.) b4: وَقَعَ إِلَيْهِ It chanced, or happened, to come to him, or it: and, said of a thing borne by water, it drifted to it, namely, a place. b5: وَقَعَ عَلَيْهِ It fell, lay, or closed, upon it, or against it. b6: وَقَعَ بِالأَمْرِ He originated the thing, or event, and made it to befall. (TA.) b7: وَقَعَ He fell into a snare, or the like: he became insnared. b8: وَقَعَ فِى أَرْضٍ فَلَاةٍ

i. q.

صَارَ فِيهَــا [He was, or became, meaning he found himself, came to be, or chanced to be, in a desert, or waterless, land]; (Msb:) and فِى رَوْضَةٍ [in a meadow, or garden]: (T, S, in art. انق:) [or he lighted upon, &c.; from the lighting of a bird]. b9: يَقَعُ followed by عَلَى, often signifies It (a garment, &c., or a portion thereof,) lies against or upon a certain part of the body, &c. b10: وَقَعَ بِهِمْ and بِهِمْ ↓ أَوْقَعَ He made much slaughter among them: (Msb:) or he fought them vehemently: (K:) or he fell upon them in fight: (PS:) both mean the same: (S:) he made an onslaught upon them: اوقع بِالعَدُوِّ

he made an assault, or a sudden assault, upon the enemy. (MA.) b11: وَقَعَ فِيهِ, inf. n. وَقِيعَةٌ, He spoke evil of him, behind his back, or in his absence, or otherwise, saying of him what would grieve him if he heard it; (S;) slandered him. b12: He reviled, vilified, or vituperated, him; charged him with a vice, fault, or the like; defamed him; or detracted from his reputation. (Msb.) b13: وَقَعَ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ, [and مِنْ حَاجَتِهِ, (see K, art. فقر,)] It supplied, or sufficed for, his need; syn. أَغْنَى غَنَآءً. (Msb.) وَقَعَ مَوْقِعًا signifies It stood in stead, or in some stead: see فَقِيرٌ, in the K; and see Bd, and Jel, ix. 60: and مَوْقِعًا عَظِيمًا, in great stead. b14: لَمْ يَقَعْ مِنْهُ مَوْقِعًا [It did not stand with him in any stead]. (S, K, voce تَسَخَّطَ, end of art. سخط.) [You say]

وَقَعَ مِنْهُ الأَمْرُ مَوْقِعًا حَسَنًا أَوْسَيِّئًا The thing stood with him [in good stead, or (if the expression be allowable) in evil stead]; syn. تَبَتَ لَدَيْهِ. (TA.) b15: وَقَعَ مَوْقِعًا مِنَ الحَاجَةِ [It supplied, or sufficed for, what was needed]. (Bd, ix. 60.) b16: وَقَعْتُ بِقُرِّكَ, and بِقُحَاحِ قُرِّكَ: see قُحَاحٌ. b17: يَقَعُ عَلَى كَذَا It (a word) applies to such a thing.2 وَقَّعَ فِى الكِتَابِ

, (MA, TA,) inf. n. تَوْقِيعٌ, (KL, TA,) [as commonly used in the present day,] He signed the writing [for the purpose of giving effect to it, either beneath, or by endorsing it]: (MA, KL:) [but as generally used in earlier, though post-classical, times,] he annexed to the writing, after it had been finished, for the Sultán or the administrator of affairs, to whom it had been submitted, something [for the purpose of giving effect thereto]; as, for instance, when a complaint is submitted to the Sultán or to the administrator, and one writes beneath the writing or on the back thereof, “Let the affair, or case, of this person be looked into, and let his right, or due, be fully exacted for this person: ” or, accord. to Az, he wrote, upon the writing, a concise abstract, omitting redundances, of the objects of want [petitioned for therein]: from تَوْقِيعُ الدَّبَرِ ظَهْرَ البَعِيرِ [“ the gall's, or sore's, marking the back of the camel ”]; as though the مُوَقِّع upon the writing marked, upon the case respecting which the writing was written, that which confirmed it, and rendered its execution obligatory: (TA:) تَوْقِيعٌ also signifies such a writing itself (مَا يُوَقَّعُ فِى كِتَابٍِ; S, K, TA;) and its pl. is تَوْقِيعَاتٌ: (TA:) it is said to be an Islámic term; not old Arabic. (TA.) [Also He made an entry of a note or postil or the like, or entries of notes, &c., in the writing, or book: see an ex. voce ضِعْف. b2: وقّع بِهِ He blamed him; reproved him angrily, or severely. (TA.) b3: See 4.3 وَاقَعَ الأَمْرَ (assumed tropical:) He threw himself [or plunged] into the affair: he fell into the affair: he fell into the affair, subjecting himself to difficulty. (MA.) And (assumed tropical:) He fell to the thing; such as eating, and drinking, and the like: see 3 in art. فتك, for an instance of this, as well as a similar, meaning. b2: وَاقَعَ الأُمُورَ, inf. n. مُوَاقَعَةٌ and وِقَاعٌ, app., He was near to doing, or experiencing, the affairs, or events; syn. دَانَاهَا. (TA.) b3: وَاقَعَ شَيْئًا also means He experienced the occurrence of a thing; he met with a thing; i. e., something occurred. b4: وَاقَعَ شَيْئًا same as وَقَعَ فى شىءٍ He fell into a thing. (Kur, xviii. 51, and Expos. of the Jeláleyn.) b5: وَاقَعَهَا He compressed her. (MA.) b6: وَاقَعَ بِهِمْ [He engaged with them in fight, or conflict]. (S.) 4 أَوْقَعَ الأَمْرَ

, inf. n. إِيقَاعٌ, (with which ↓ تَوْقِيعٌ is syn., as is shown in the TA,) He made the thing, or affair, to happen, to take place, to come to pass, or to become executed or performed or realized. b2: أَوْقَعَهُ He caused him to fall into a snare, or the like; he ensnared him. b3: أَوْقَعَ بِهِمْ: see 1. b4: أَوْقَعَ فِيهِــمْ شَرًّا He caused evil to befall them; occasioned them evil. b5: أَوْقَعَ بِهِ [He punished him]. (A, art. عذر.) b6: See 1. b7: أَوْقَعَ فِى قَلْبِهِ He put into his heart, or mind. b8: أَوْقَعَ بَيْنَ القَوْمِ, (L, art. أرش,) or أَوْقَعَ بَيْنَهُمُ الشَّرَّ (TA, in that art.) i. q. أَرَّشَ. (L, TA, in that art.) b9: أَوْقَعَ He made a verb transitive.5 تَوَقَّعَهُ and ↓ اِسْتَوْقَعَهُ He expected it; looked for its coming to pass, or being. (S, K.) 10 إِسْتَوْقَعَ see 5.

وَقِعٌ

: see 8, in art. حذو.

وَقْعَةٌ An onslaught; a shock in battle: (S:) or such as is repeatedly made. (K.) وَقِيعَةٌ The wisp of wool, &c., with which one tars a mangy camel: see رِبْذَةٌ.

وَقَّاعٌ فِى الشَّرِّ [app., One who is wont to make others fall into evil, or mischief]. (K, voce مُنْدَاصٌ, q. v., in art. ديص.) وَاقِعٌ Actually occurring. b2: An event; a fact; a case. b3: فِى الْوَاقِعِ In fact; in reality.

إِيْقَاعٌ

, in music, A cadence.

مَوْقِعُ إِثْمٍ

An occasion (lit., a place) of falling into sin. b2: [وَقَعَ مَوْقِعًا: see وَقَعَ, in three places: lit., It fell in a place of falling, or where it should fall: sometimes app. meaning it had an effect.] b3: It is said of a half of a date given as alms, لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ مَوْقِعٌ عَلَى الجَائِعِ كَمَا لَا يَتَبَيَّنُ عَلَى الشَّبْعَانِ إِذَا أَكَلَهُ [app., There appears not, of it, any effect upon the hungry, &c.]. (O, in art. وقع, in explanation of a trad. mentioned there and in the Msb.) See وَقَعَ مَوَاقِعَهُ, voce عَلِقَ.

مُوقِعٌ An efficient.

مُوَقَّعٌ Tried, experienced: see مُوَقَّحٌ.

وقع: وقَع على الشيء ومنه يَقَعُ وَقْعاً ووُقُوعاً: سقَطَ، ووَقَعَ

الشيءُ من يدي كذلك، وأَوْقَعَه غيرُه ووَقَعْتُ من كذا وعن كذا وَقْعاً،

ووَقَعَ المطرُ بالأَرض، ولا يقال سَقَطَ؛ هذا قول أَهل اللغة، وقد حكاه

سيبويه فقال: سَقَط المطرُ مكانَ كذا فمكانَ كذا. ومَواقِعُ الغيثِ:

مَساقِطُه. ويقال: وقَع الشيءُ مَوْقِعَه، والعرب تقول: وقَعَ رَبِيعٌ بالأرض

يَقَعُ وُقُوعاً لأَوّلِ مطر يقع في الخَرِيفِ. قال الجوهري: ولا يقال

سَقَطَ. ويقال: سمعت وَقْعَ المطرِ وهو شدّةُ ضَرْبِه الأَرضَ إِذا وَبَلَ.

ويقال: سمعت لحَوافِرِ الدّوابِّ وقْعاً ووُقُوعاً؛ وقول أَعْشَى

باهِلةَ:وأَلْجَأَ الكلبَ مَوْقُوعُ الصَّقِيعِ به،

وأَلْجَأَ الحَيَّ من تَنْفاخِها الحَجرُ

إِنما هو مصدر كالمَجْلُودِ والمَعْقُول.

والمَوْقِعُ والمَوْقِعةُ: موضِعُ الوُقُوع؛ حكى الأَخيرةَ اللحياني.

وَوِقاعةُ السّترِ، بالكسر: مَوْقِعُه إِذا أُرسل. وفي حديث أُم سلمةَ

أَنها قالت لعائشة، رضي الله عنهما: اجْعَلي بَيْتَكِ حِصْنَكِ وَوِقاعةَ

السِّتْرِ قَبْرَكِ؛ حكاه الهرويّ في الغريبين، وقال ابن الأَثير: الوِقاعةُ،

بالكسر، موضعُ وُقُوعِ طَرَفِ الستْرِ على الأَرض إِذا أُرْسِلَ، وهي

مَوْقِعُه ومَوْقِعَتُه، ويروى بفتح الواو، أَي ساحةَ الستْرِ.

والمِيقَعةُ: داءٌ يأْخذ الفصيل كالحَصْبةِ فيَقَعُ فلا يكاد يقوم.

ووَقْعُ السيفِ ووَقْعَتُه ووُقُوعُه: هِبَّتُه ونُزُولُه بالضَّرِيبة،

والفعل كالفعل، ووَقَعَ به ماكر يَقَعُ وُقُوعاً ووَقِيعةً: نزل.

وفي المثل: الحِذارُ أَشدُّ من الوَقِيعةِ؛ يضرب ذلك للرجل يَعْظُمُ في

صَدْرِه الشيءُ، فإِذا وقع فيه كان أَهْوَنَ مما ظنّ، وأَوْقَعَ ظَنَّه على

الشيء ووَقَّعَه، كلاهما: قَدَّرَه وأَنْزَلَه. ووَقع بالأَمر: أَحدثه

وأَنزله. ووَقَعَ القولُ والحكْمُ إِذا وجَب. وقوله تعالى: وإِذا وَقَعَ

القولُ عليهم أَخرجنا لهم دابةً؛ قال الزجاج: معناه، والله سبحانه أَعلم،

وإِذا وجب القول عليهم أَخرجنا لهم دابة من الأَرض، وأَوْقَعَ به ما

يَسُوءُهُ كذلك. وقال عز وجل: ولَمّا وقَع عليهم الرِّجْزُ، معناه أَصابَهم

ونزَلَ بهم. ووَقَعَ منه الأَمْرُ مَوْقِعاً حسَناً أَو سَيِّئاً: ثبت لديه،

وأَمّا ما ورد في الحديث: اتَّقُوا النارَ ولو بِشِقّ تمرة فإِنها تَقَعُ

من الجائِعِ مَوْقِعَها من الشبْعانِ، فإِنه أَراد أَنَّ شقّ التمرةِ لا

يَتَبَيَّنُ له كبيرُ مَوْقِعٍ من الجائع إِذا تناوَلَه كما لا يتبين

على شِبَعِ الشبعانِ إِذا أَكله، فلا تعْجِزُوا أَن تتصدّقوا به، وقيل:

لأَنه يسأَل هذا شقَّ تمرة وذا شق تمرة وثالثاً ورابعاً فيجتمع له ما

يَسُدُّ به جَوْعَتَه. وأَوْقَعَ به الدهرُ: سَطا، وهو منه.

والوَقِعةُ: الدّاهِيةُ. والواقِعةُ: النازِلةُ من صُرُوف الدهرِ،

والواقعةُ: اسم من أَسماء يوم القيامة. وقوله تعالى: إِذا وقعَتِ الواقِعةُ

ليس لِوَقْعَتِها كاذبةٌ، يعني القيامةَ. قال أَبو إِسحق: يقال لكل آت

يُتَوَقَّعُ قد وقَعَ الأَمْرُ كقولك قد جاء الأَمرُ، قال: والواقِعةُ ههنا

الساعةُ والقيامةُ.

والوَقْعةُ والوَقِيعةُ: الحْربُ والقِتالُ، وقيل: المَعْرَكةُ، والجمع

الوَقائِعُ. وقد وقَعَ بهم وأَوْقَعَ بهم في الحرب والمعنى واحد، وإِذا

وقَعَ قومٌ بقوم قيل: واقَعُوهم وأَوْقَعُوا بهم إِيقاعاً. والوَقْعةُ

والواقِعةُ: صَدْمةُ الحرب، وواقَعُوهم في القتالِ مُواقَعةً وَوِقاعاً. وقال

الليث: الوقْعَةُ في الحرب صَدْمةٌ بعد صَدْمةٍ. ووَقائِعُ العرب: أَيّامُ

حُرُوبِهم. والوِقاعُ: المُواقَعةُ في الحَرْبِ؛ قال القطامي:

ومَنْ شَهِدَ المَلاحِمَ والوِقاعا

والوَقْعةُ: النَّوْمة في آخِرِ اليل. والوَقْعةُ: أَن يَقْضِيَ في كلّ

يومٍ حاجةً إِلى مثل ذلك من الغَدِ، وهو من ذلك. وتَبَرَّزَ الوَقْعةَ أَي

الغائِطَ مَرَّةً في اليوم. قال ابن الأَعرابي ويعقوب: سئل رجل عن سَيْرِه

كيف كان سَيْرُكَ؟ قال: كنت آكُل الوجْبةَ، وأَنْجو الوَقْعةَ،

وأُعَرِّسُ إِذا أَفْجَرْتُ، وأَرْتَحِلُ إثذا أَسْفَرْتُ، وأَسِيرُ المَلْعَ

والخَبَبَ والوَضْعَ، فأَتَيْتُكم لِمُسْيِ سَبْع؛ الوَجْبةُ: أَكْلة في اليوم

إِلى مثلها من الغَدِ، ابن الأَثير: تفسيره الوَقْعةُ المرّةُ من

الوُقُوعِ السُّقُوطِ، وأَنْجُو من النَّجْو الحَدَثِ أَي آكُلُ مرَّةً واحدة

وأُحْدِثُ مرة في كل يومٍ، والمَلْعُ فوقَ المَشْيِ ودُونَ الخَبَبِ،

والوَضْعُ فوق الخبب؛ وقوله لِمُسْي سبع أَي لِمَساء سبع. الأَصمعي: التوْقِيعُ

في السير شبيه بالتلقيف وهو رفعه يدَه إِلى فوق.

ووَقَّعَ القومُ تَوْقِيعاً إِذا عَرَّسوا؛ قال ذو الرمة:

إِذا وقَّعُوا وهْناً أَناخُوا مَطِيَّهُمْ

وطائِرٌ واقِعٌ إِذا كان على شجر أَو مُوكِناً؛ قال الأَخطل:

كأَنّما كانُوا غُراباً واقِعا،

فطارَ لَمّا أَبْصَرَ الصَّواعِقا

(* قوله« الصواعقا» كذا بالأصل هنا، وتقدم في صقع: الصواقعا شاهداً على

أنها لغة لتميم في الصواعق.)

ووَقَعَ الطائِرُ يَقَعُ وُقُوعاً، والاسم الوَقْعةُ: نزلَ عن

طَيَرانِه، فهو واقِعٌ. وإِنه لَحَسَنُ الوِقْعةِ، بالكسر. وطير وُقَّعٌ ووُقُوعٌ:

واقِعةٌ؛ وقوله:

فإِنَّك والتَّأْبِينَ عُرْوةَ بَعْدَما

دَعاكَ، وأَيْدِينا إِليه شَوارِعُ،

لَكَالرَّجُلِ الحادِي، وقد تَلَعَ الضُّحَى،

وطَيْرُ المَنايا فوْقَهُنَّ أَواقِعُ

إِنما أَراد وواقِعٌ جَمْعَ واقِعةٍ فهمز الواو الأُولى.

ووَقِيعةُ الطائِر ومَوْقَعَتُه، بفتح القاف: موضع وُقُوعه الذي يَقَعُ

عليه ويَعْتادُ الطائِرُ إِتْيانَه، وجمعها مَواقِعُ.ومِيقَعةُ البازِي:

مكان يأْلَفُه فيقع عليه؛ وأَنشد:

كأَنَّ مَتْنَيْهِ من النَّفِيّ

مَواقِع الطَّيْرِ على الصُّفِيّ

شبه ما انتشر من ماء الاستقاء بالدلو على متنيه بمواقع الطير على

الصَّفا إِذا زَرَقَتْ عليه. وقال الليث: المَوْقِعُ موضع لكل واقِعٍ. تقول:

إِنَّ هذا الشيء لَيَقَعُ من قلبِي مَوْقِعاً، يكون ذلك في المَسرّةِ

والمَساءةِ. والنَّسْرُ الواقِعُ: نَجْمٌ سمي بذلك كأَنه كاسِرٌ جناحَيْه من

خلفه، وقيل: سمي واقِعاً لأَنّ بِحِذائِه النَّسْرَ الطائر، فالنسرُ

الواقِعُ شامِيٌّ، والنَّسْرُ الطائرُ حَدّه ما بين النجوم الشامية واليمانية،

وهو مُعْتَرِضٌ غير مستطيل، وهو نَيِّرٌ ومعه كوكبان غامِضان، وهو بينهما

وقّاف كأَنهما له كالجناحين قد بسَطَهما، وكأَنه يكاد يطير وهو معهما

مُعْتَرِضٌ مُصْطَفّ، ولذلك جعلوه طائراً، وأَمّا الواقِعُ فهو ثلاثةُ

كواكِبُ كالأَثافي، فكوكبان مختلفان ليسا على هيئة النسر الطائر، فهما له

كالجناحين ولكنهما منضمان إِليه كأَنه طائِرٌ وقَعَ. وإِنه لواقِعُ الطيْرِ

أَي ساكِنٌ لَيِّنٌ. ووَقَعَتِ الدّوابُّ ووَقَّعَتْ: رَبَضَتْ.

ووَقَعَتِ الإِبلُ ووَقَّعَتْ: بَرَكَتْ، وقيل: وَقَّعَتْ، مشدّدة، اطمأَنت

بالأَرض بعد الريّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

حتى إِذَا وَقَّعْنَ بالأَنْباتِ،

غيرَ خَفِيفاتِ ولا غِراثِ

وإِنما قال غير خفيفات ولا غِراث لأَنها قد شَبِعَتْ ورَوِيَتْ

فَثَقُلَتْ.

والوَقِيعةُ في الناس: الغِيبةُ، ووَقَعَ فيهــم وُقُوعاً ووَقِيعةً:

اغْتابهم، وقيل: هو أَن يذكر في الإِنسان ما ليس فيه. وهو رجل وَقّاعٌ

ووَقّاعةٌ أَي يَغْتابُ الناسَ. وقد أَظْهَرَ الوقِيعةَ في فلان إِذا عابَهُ. وفي

حديث ابن عمر: فوَقَعَ بي أَبي أَي لامَنِي وعَنَّقَنِي. يقال: وقَعْت

بفلان إِذا لُمْتَه ووَقَعْتُ فيه إِذا عِبْتَه وذَمَمْتَه؛ ومنه حديث

طارقٍ: ذهَب رجل ليَقَعَ في خالد أَي يَذُمَّه ويَعِيبَه ويَغْتابَه.

ووَقاعِ: دائِرةٌ على الجاعِرَتَيْن أَو حيثُما كانت عن كَيٍّ، وقيل: هي

كَيّةٌ تكون بين القَرْنَيْن قَرْنَي الرأْسِ؛ قال عوفُ بن الأَحوص:

وكتُ، إِذا مُنِيتُ بخَصْمِ سَوْءٍ،

دَلَفْتُ له فأَكْوِيهِ وَقاعِ

وهذا البيت نسبه الأَزهري لقيس بن زهير. قال الكسائي: كوَيْتُه وقاعِ،

قال: ولا تكون إِلا دارةً حيث كانت يعني ليس لها موضع معلوم. وقال شمر:

كَواهُ وَقاعِ إِذا كَوَى أُمّ رأْسِه. يقال: وَقَعْتُه أَقَعُه إِذا

كَوَيْتَه تلك الكَيّةَ، ووَقَعَ في العَمَلِ وُقُوعاً: أَخذ.

وواقَعَ الأُمورَ مُواقَعةً ووِقاعاً: داناها؛ قال ابن سيده وأَرى قول

الشاعر أَنشده ابن الأَعرابي:

ويُطْرِقُ إِطْراقَ الشُّجاعِ وعِنْدَه،

إِذا عُدَّتِ الهَيْجا، وِقاعُ مُصادِفِ

إِنما هو من هذا، قال: وأَما ابن الأَعرابي فلم يفسره. والوِقاعُ:

مُواقَعةُ الرجلِ امرأَتَه إِذا باضَعَها وخالَطَها. وواقَعَ المرأَة ووَقَعَ

عليها. جامَعَها؛ قال ابن سيده: وأَراهما عن ابن الأَعرابي. والوَقائِعُ:

المنَاقِعُ؛ أَنشد ابن بري:

رَشِيفَ الغُرَيْرِيّاتِ ماءَ الوَقائِعِ

والوَقِيعُ: مناقع الماء، وقال أَبو حنيفة: الوَقِيعُ من الأَرضِ

الغليظُ الذي لا يُنَشِّفُ الماء ولا يُنْبِتُ بَيِّنُ الوَقاعةِ، والجمع

وُقُعٌ.

والوَقِيعةُ: مكان صْلْبٌ يُمْسِكُ الماء، وكذلك النُّقْرةُ في الجبل

يَسْتَنْقِعُ فيهــا الماءُ، وجمعها وَقائِعُ؛ قال:

إِذا ما اسْتَبالُوا الخيلَ كانتْ أَكُفُّهُمْ

وَقائِعَ للأَبْوالِ، والماءُ أَبْرَدُ

يقول: كانوا في فَلاةٍ فاسْتَبالُوا الخيلَ في أَكفهم فشربوا أَبواها من

العطش. وحكى ابن شميل: أَرضٌ وَقِيعةٌ لا تكاد تُنَشِّفُ الماءَ من

القِيعانِ وغيرها من القفافِ والجبالِ، قال: وأَمْكِنةٌ وُقُعٌ بَيِّنةُ

الوَقاعةِ، قال: وسمعت يعقوب بن مَسْلَمَةَ الأَسدِيّ يقول: أَوْقَعَتِ الروضةُ

إِذا أَمْسَكَتِ الماءَ؛ وأَنشدني فيه:

مُوقِعة جَثْجاثُها قد أَنْوَرا

والوَقِيعةُ: نُقْرةٌ في متن حجر في سَهْل أَو جبل يَسْتَنْقِعُ فيهــا

الماءُ، وهي تصغر وتعظم حتى تُجاوِزَ حَدَّ الوَقِيعةِ فتكون وَقِيطاً؛ قال

ابن أَحمر:

الزَّاجِرُ العِيسَ في الإِمْلِيسِ أَعْيُنُها

مِثْلُ الوَقائِعِ، في أَنْصافِها السَّمَلُ

والوَقْعُ، بالتسكين: المكان المرتفع من الجبل، وفي التهذيب: الوَقْعُ

المكان المرتفع وهو دون الجبل. الحصَى الصِّغارُ، واحدتها وَقْعةٌ.

والوَقْعُ، بالتحريك: الحجارةُ، واحدتها وَقَعةٌ؛ قال الذبياني:

بَرَى وَقَعُ الصَّوانِ حَدَّ نُسُورِها،

فَهُنَّ لِطافٌ كالصِّعادِ الذَّوائِدِ

(* قوله« الذوائد» بهامش الأصل صوابه: الذوابل.)

والتوْقِيعُ: رَمْيٌ قريب لا تُباعِدُه كأَنك تريد أَن تُوقِعَه على

شيء، وكذلك توْقِيعُ الأَرْكانِ. والتوْقِيعُ: الإِصابة؛ أَنشد ثعلب:

وقد جَعَلَتْ بَوائِقُ من أُمورٍ

تُوَقِّعُ دُونَه، وتَكُفُّ دُوني

والتَّوَقُّعُ: تَنَظُّرُ الأَمْرِ، يقال: تَوَقَّعْتُ مَجِيئَه

وتَنَظَّرْتُه. وتَوَقَّعَ الشيءَ واسْتَوْقَعَه: تَنَظَّرَه

وتَخَوَّفَه.والتوْقِيعُ: تَظَنِّي الشيءِ وتَوهُّمُه، يقال: وَقِّعْ أَي أَلْقِ

ظَنَّكَ على شيء، والتوْقِيعُ بالظنّ والكلام والرَّمْيِ يَعْتَمِدُه

ليَقَعَ عليه وَهْمُه.

والوَقْعُ والوَقِيعُ: الأَثَرُ الذي يخالفُ اللوْنَ. والتوقيعُ: سَحْجٌ

في ظهر الدابةِ، وقيل: في أَطرافِ عظامِ الدّابّةِ من الركوب، وربما

انْحَصَّ عنه الشعَرُ ونَبَتَ أَبيضَ، وهو من ذلك. والتوْقِيعُ: الدَّبَرُ.

وبعير مُوَقَّعُ الظهرِ: به آثارُ الدَّبَرِ، وقيل: هو إِذا كان به

الدَّبَرُ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للحكم بن عَبْدَلٍ الأَسدِيّ:

مِثْل الحِمارِ المُوَقَّعِ الظَّهْرِ، لا

يُحْسِنُ مَشْياً إِلاَّ إِذا ضُرِبا

وفي الحديث: قَدِمَتْ عليه حلمةُ فشَكَتْ إِليه جَدْبَ البلادِ، فلكم لها

خديجةَ فَأَعْطَتْها أَربعين شاةً وبعيراً مُوَقَّعاً للظَّعِينةِ؛

المُوَقَّعُ: الذي بظَهْرِه آثار الدِّبر لكثرة ما حُمِلَ عليه ورُكِبَ، فهو

ذَلُولٌ مجرّبٌ، والظَّعِينةُ: الهُوْدَجُ ههنا؛ ومنه حديث عمر، رضي الله

عنه: مَنْ يَدُلُّني على نَسِيجِ وحْدِه؟ قالوا: ما نعلمه غيرَكَ، فقال:

ما هي إِلا إِبلٌ مُوَقَّعٌ ظُهُورُها أَي أَنا مِثْلُ الإِبلِ

المُوَقَّعةِ في العيْبِ بدَبَر ظهورها؛ وأَنشد الأَزهري:

ولم يُوَقَّعْ بِرُكُوبٍ حَجَبُهْ

والتوْقِيعُ: إِصابةُ المَطر بعضَ الأَرضِ وإِخطاؤه بعضاً، وقيل: هو

إِنباتُ بعضها، دون بعض؛ قال الليث: إِذا أَصابَ الأَرضَ مطر متفرّق أَصاب

وأَخْطأَ، فذلك تَوْقِيعٌ في نَبْتِها. والتوْقِيعُ في الكتابِ: إِلْحاقُ

شيء فيه بعد الفراغِ منه، وقيل: هو مُشْتَقٌّ من التوْقِيعِ الذي هو

مخالفةُ الثاني للأَوّلِ. قال الأَزهري: تَوْقِيعُ الكاتِب في الكتاب

المَكْتُوبِ أَن يُجْمِلَ بين تَضاعِيفِ سُطُوره مَقاصِدَ الحاجة ويَحْذِفَ

الفُضُولَ، وهو مأْخوذ من تَوْقِيعِ الدَّبَرِ ظهرَ البعير، فكأَنّ المُوَقِّع

في الكتاب يُؤَثِّر في الأَمر الذي كُتِبَ الكتابُ فيه ما يُؤَكِّدُه

ويُوجبه. والتوْقِيعُ: ما يُوَقَّعُ في الكتابِ. ويقال: السُّرُورُ تَوْقِيع

جائزٌ.

ووَقَعَ الحدِيدَ والمُدْيةَ والسيفَ والنصلَ يَقَعُها وَقْعاً:

أَحَدَّها وضَرَبَها؛ قال الأَصمعي: يقالُ ذلك إِذا فعلته بين حجرين؛ قال أَبو

وجزة العسدي:

حَرَّى مُوَقَّعة ماجَ البَنانُ بها

على خِضَمٍّ، يُسَقَّى الماءَ، عجَّاجِ

أَراد بالحَرَّى المِرْماةَ العَطْشَى. ونَصْلٌ وقِيعٌ: محدّد، وكذلك

الشَّفْرةُ بغير هاء؛ قال عنترة:

وآخَرُ مِنْهُمُ أَجْرَرْتُ رُمْحِي،

وفي البَجْلِيّ مِعْبَلةٌ وقِيعُ

هذا البيت رواه الأَصمعي: وفي البَجَلِيّ، فقال له أَعرابي كان

بالمِرْبَدِ: أَخْطَأْتَ

(* قوله« أخطأت إلخ» في مادة بجل من الصحاح: وبجلة بطن من

سليم والنسبة اليهم بجلي بالتسكين، ومنه قول عنترة: وفي البجلي إلخ.) يا

شيخُ ما الذي يَجْمَعُ بين عَبْسٍ وبَجِيةَ؟ والوَقِيعُ من السيوف: ما

شُحِذَ بالحجر. وسكِّينٌ وقِيعٌ أَي حدِيدٌ وُقِعَ بالميقَعةِ، يقال: قَعْ

حَدِيدك؛ قال الشماخ:

يُباكِرْنَ العِضاه بمُقْنَعاتٍ،

نَواجِذُهُنَّ كالحَدَإِ الوَقِيعِ

ووَقَعْتُ السِّكِّينَ: أَحْدَدْتُها. وسكين مُوَقَّعٌ أَي مُحَدَّدٌ.

واسْتَوْقَعَ السيفُ: احتاجَ إِلى الشَّحْذِ.

والمِيقَعةُ: ما وُقِعَ به السيف، وقيل: المِيقَعةُ المِسَنُّ الطويل.

والتوْقِيعُ: إِقْبالُ الصَّيْقَلِ على السيف بِمِيقَعَتِه يُحَدّده،

ومِرْماةٌ مُوَقَّعةٌ. والمِيقَعُ والمِيقَعةُ، كلاهما: المِطْرَقةُ.

والوَقِيعةُ: كالمِيقَعةِ، شاذٌّ لأَنها آلة، والآلةُ إِنما تأْتي على مِفْعل؛

قال الهذلي:

رَأَى شَخْصَ مَسْعُودِ بن سَعْدٍ، بكَفِّه

حدِيدٌ حدِيثٌ، بالوَقِيعةِ مُعْتَدِي

وقول الشاعر:

دَلَفْتُ له بأَبْيَضَ مَشْرَفِيّ،

كأَنَ، على مَواقِعِه، غُبارا

يعني به مَواقِعَ المِيقَعةِ وهي المِطْرَقةُ؛ وأَنشد الجوهري لابن

حِلِّزة:

أَنْمِي إِلى حَرْفٍ مُذَكَّرةٍ،

تَهِصُ الحَصى بمَواقِعٍ خْنْسِ

ويروى: بمنَاسِمٍ مُلْسِ.

وفي حديث ابن عباس: نَزَل مع آدم، عليه السلام، المِيقَعةُ والسِّنْدانُ

والكَلْتبانِ؛ قال: المِيقَعةُ المِطْرقةُ، والجمع المَواقِع، والميم

زائدة والياء بدل من الواو قلبت لكسرة الميم. والمِيقَعةُ: خشبة القَصّارِ

التي يَدُقُّ عليها. يقال: سيف وَقِيعٌ وربما وُقِّعَ بالحجارة. وفي

الحديث: ابنُ أَخي وَقِعٌ أَي مريضٌ مُشْتَكٍ، وأَصل الوَقَعِ الحجارةُ

المحَددة.

والوَقَعُ: الحَفاءُ؛ قال رؤبة:

لا وَقَعٌ في نَعْلِه ولا عَسَمْ

والوَقِعُ: الذي يشتكي رجله من الحجارة، والحجارةُ الوَقَعُ. ووَقِعَ

الرجلُ والفرسُ يَوْقَعُ وقَعاً، فهو وَقِعٌ: حَفِيَ من الحجارة أَو الشوْك

واشتكى لحمَ قدميه، زاد الأَزهري: بعد غَسْلٍ من غِلَظِ الأَرض

والحجارة. وفي حديث أُبَيٍّ: قال لرجل لو اشتريْتَ دابة تَقِيكَ الوَقَعَ؛ هو

بالتحريك أَن تُصيب الحجارةُ القَدَمَ فتُوهِنَها. يقال: وَقِعْتُ أَوْقَعُ

وَقَعاً؛ ومنه قول أَبي المِقْدامِ واسمه جَسّاسُ ابن قُطَيْبٍ:

يا لَيْتَ لي نَعْلَيْنِ من جِلْدِ الضَّبُعْ،

وشُرُكاً مِنَ اسْتِها لا تَنْقَطِعُ،

كلَّ الحِذاءِ يَحْتَذِي الحافي الوَقِعْ

قال الأَزهري: معناه أَنَّ الحاجةَ تَحْمِلُ صاحبَها على التعلق بكل شيء

قَدَرَ عليه، قال: ونحوٌ منه قولهم الغَرِيقُ يتعلقُ بالطُّحْلُبِ.

ووقِعَتِ الدابةُ تَوْقَعُ إِذا أَصابها داء ووَجَعٌ في حافرها من وَطْء على

غِلظٍ، والغِلظ هو الذي يَبرِي حَدَّ نُسورِها، وقد وَقَّعه الحجرُ

تَوْقِيعاً كما يُسَنُّ الحديد بالحجارة. ووَقَّعَتِ الحجارةُ الحافِرُ فقطعت

سنابِكَه تَوْقِيعاً، وحافر وَقِيعٌ: وَقَعَتْه الحجارةُ فغَضَّتْ منه.

وحافر مَوْقوعٌ: مثل وَقِيعٍ؛ ومنه قول رؤْبة:

لأْم يَدُقُّ الحَجَرَ المُدَمْلَقا،

بكلِّ موْقُوعِ النُّسورِ أَخْلَقا

(* قوله« لأم إلخ» عكس الجوهري البيت في مادة دملق وتبعه المؤلف هناك.)

وقدم موْقوعةٌ: غليظةٌ شديدة؛ وقال الليث في قول رؤبة:

يَرْكَبُ قَيْناه وقِيعاً ناعِلا

الوقِيعُ: الحافرُ المحَدَّد كأَنه شُحِذَ بالأَحجار كما يُوقَعُ السيفُ

إِذا شُحِذ، وقيل: الوقِيعُ الحافرُ الصُّلْبُ، والناعِلُ الذي لا

يَحْفى كأَنَّ عليه نعْلاً. ويقال: طريق مُوَقَّعٌ مُذَلَّلٌ، ورجل مُوَقَّعٌ

مُنَجَّذٌ، وقيل: قد أَصابته البلايا؛ هذه عن اللحياني، وكذلك البعير؛

قال الشاعر:

فما مِنْكُمُ، أَفْناءَ بَكْرِ بنِ وائِلٍ،

بِغارَتِنا، إِلا ذَلُولٌ مُوَقَّعُ

أَبو زيد: يقال لغِلافِ القارورةِ الوَقْعةُ والوِقاعُ، والوِقْعةُ

للمجمع.

والواقِعُ: الذي يَنْفُرُ الرَّحى وهم الوَقَعةُ.

والوَقْعُ: السحابُ الرَّقيق، وأَهل الكوفة يسمون الفِعْل المتعدِّي

واقِعاً.

والرِيقاعُ: من إِيقاعِ اللحْنِ والغِناءِ وهو أَن يوقع الأَلحانَ

ويبنيها، وسمى الخليل، رحمه الله، كتاباً من كتبه في ذلك المعنى كتاب

الإِيقاعِ. والوَقَعةُ: بَطْنٌ من العرب، قال الأَزهري: هم حيّ من بني سعد بن بكر؛

وأَنشد الأَصمعي:

من عامِرٍ وسَلولٍ أَوْ مِنَ الوَقَعهْ

ومَوْقوعٌ: موضع أَو ماء. وواقِعٌ: فرسٌ لربيعة ابنِ جُشَمَ.

(وقع) - في حديث ابن عبّاسٍ - رضي الله عنه -: "نزَل مع آدَمَ - عليه الصلاة والسَّلام - المِيقَعَةُ، والسِّنْدَانُ والكَلْبَتَان"
قال الأَصْمَعىُّ: المِيقَعَةُ: المِطْرَقةُ التي يُضرَب بهَا الحَدِيد، والجمعُ: الموَاقِع؛ وقد وقَعْتُه وَقْعاً: ضَرَبْتُه بها، وشفْرَةٌ وَقيعٌ - بغير هاءٍ -: وَقَعَت بالمِيقَعَةِ، ومَوْقُوعَةٌ أيضاً.
- في حديث طارق: "ذَهَبَ رَجُلٌ ليَقَعَ في خالِد بن الوليد"
يُقال: وقَعَ في الناس وقِيعَةً، وهو وَقَّاعٌ ووَقَّاعَةٌ، وذُو وَقيعَة في الناس: أي يَغْتَابُهم.
و ق ع: (الْوَقْعَةُ) صَدْمَةُ الْحَرْبِ. وَ (الْوَاقِعَةُ) الْقِيَامَةُ. وَ (مَوَاقِعُ) الْغَيْثِ مَسَاقِطُهُ. وَيُقَالُ: (وَقَعَ) الشَّيْءُ (مَوْقِعَهُ) . وَ (الْوَقِيعَةُ) فِي النَّاسِ الْغِيبَةُ. (وَالْوَقِيعَةُ) أَيْضًا الْقِتَالُ وَالْجَمْعُ (وَقَائِعُ) . وَ (وَقَعَ) الشَّيْءُ يَقَعُ (وُقُوعًا)
سَقَطَ. وَ (وَقَعْتُ) مِنْ كَذَا وَعَنْ كَذَا (وَقْعًا) أَيْ سَقَطْتُ. وَأَهْلُ الْكُوفَةِ يُسَمُّونَ الْفِعْلَ الْمُتَعَدِّيَ (وَاقِعًا) . وَ (وَقَعَ) فِي النَّاسِ (وَقِيعَةً) أَيِ اغْتَابَهُمْ وَهُوَ رَجُلٌ (وَقَّاعٌ) وَ (وَقَّاعَةٌ) بِالتَّشْدِيدِ فِيهِــمَا أَيْ يَغْتَابُ النَّاسَ. وَ (التَّوْقِيعُ) مَا يُوَقَّعُ فِي الْكِتَابِ يُقَالُ: السُّرُورُ تَوْقِيعٌ جَائِزٌ. 
و ق ع : وَقَعَ الْمَطَرُ يَقَعُ وَقْعًا نَزَلَ قَالُوا وَلَا يُقَالُ سَقَطَ الْمَطَرُ وَوَقَعَ الشَّيْءُ سَقَطَ وَوَقَعَ فُلَانٌ فِي فُلَانٍ وُقُوعًا وَوَقِيعَةً سَبَّهُ وَثَلَبَهُ وَوَقَعَ فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ صَارَ فِيهَــا وَوَقَعَ الصَّيْدُ فِي الشَّرَكِ حَصَلَ فِيهِ وَوَقَعْتُ بِالْقَوْمِ وَقِيعَةً قَتَلْتُ وَأَثْخَنْتُ وَتَمِيمٌ تَقُولُ أَوْقَعْتُ بِهِمْ بِالْأَلِفِ وَوَقَعَتْ الطَّيْرُ وُقُوعًا.

وَمَوْقِعُ الْغَيْثِ مَوْضِعُهُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ وَفِي الْحَدِيثِ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنَّهَا تَقَعُ مِنْ الْجَائِعِ مَوْقِعَهَا مِنْ الشَّبْعَانِ» أَيْ أَنَّهَا لَا تُغْنِي الشَّبْعَانَ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْخَلَ بِهَا فَإِذَا تَصَدَّقَ هَذَا بِشِقٍّ وَهَذَا وَهَذَا حَصَلَ
لَهُ مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ وَوَقَعَ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ أَيْ أَغْنَى غِنًى. 
و ق ع

وقع الشيء على الأرض وقوعاص. وأوقعته إيقاعاً. ووقع الطائر على الشجرة. وهذه ميقعة البازي: لكندرته. وتوقعته: ترقّبت وقوعه. ووقع الربيع في الأرض. وانتجعوا مواقع الغيث ومساقطه. وأصفى من ماء الوقيعة والوقائع وهي المناقع. وقال ذو الرمة:

سقين البشام المسك ثمّ رشفنه ... رشيف الغريريّات ماء الوقائع

وتقول: في فم الوقّاع الوقيعة، أعذب من ماء الوقيعة، وسكّين وقيع وموقّع: حديد، ووقّعه القين بالميقعة. واستوقع السّيف: أنى له أن يشحذ.

ومن المجاز: حافر موقّع: وقعته الحجارة. ووقعت الدابة بثرة الركوب: سحجت فتحاصّ عنها الشعر فنبت أبيض. قال:

ولم يوقّع بركوب حجبه

وإنه لموقّع الظهر. ووقّع في كتابه توقيعاً. وهذه النعل لا تقع على رجلي. ووقع الأمر حصل ووجد، ووقع في قلبي السفر. وفلان يسف ولا يقع إذا دنا من الأمر ثمّ لا يفعله. وإنه لقع منّي موقع مسرّة أو مساءة. وله موقع حسن عندي. ووقع فيه: اغتابه. وهو صاحب قيعة ووقائع. ووقع به السوء، وأوقعت به ما يسوء وأنزلته به، ومنه: أوقع بالعدو، ووقع به وواقعه. وبينهما وقاع، وتواقعا. وشهدت الوقعة والوقيعة. قال عنترة:

يخبرك من شهد الوقيعة أنني ... أغشى الوغى وأعف عند المغنم

وزلت به وقعة من وقعات الدّهر ووقائعه. وواقع امرأته.
وقع
الوُقُوعُ: ثبوتُ الشيءِ وسقوطُهُ. يقال: وَقَعَ الطائرُ وُقُوعاً، والوَاقِعَةُ لا تقال إلّا في الشّدّة والمكروه، وأكثر ما جاء في القرآن من لفظ «وَقَعَ» جاء في العذاب والشّدائد نحو: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ
[الواقعة/ 1- 2] ، وقال: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ
[المعارج/ 1] ، فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ [الحاقة/ 15] ووُقُوعُ القولِ: حصول متضمّنه، قال تعالى: وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا
[النمل/ 85] أي: وجب العذاب الذي وعدوا لظلمهم، فقال عزّ وجلّ: وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ
[النمل/ 82] أي: إذا ظهرت أمارات القيامة التي تقدّم القول فيهــا. قال تعالى: قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ
[الأعراف/ 71] وقال:
أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ [يونس/ 51] ، وقال: فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [النساء/ 100] واستعمال لفظة الوُقُوعِ هاهنا تأكيد للوجوب كاستعمال قوله تعالى: كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
[الروم/ 47] ، كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ [يونس/ 103] وقوله عزّ وجلّ: فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ
[الحجر/ 29] فعبارة عن مبادرتهم إلى السّجود، ووَقَعَ المطرُ نحو: سقط، ومَوَاقِعُ الغيثِ: مَساقِطُهُ، والمُوَاقَعَةُ في الحرب، ويكنّى بالمُوَاقَعَةِ عن الجماع، والإِيقَاعُ يقال في الإسقاط، وفي شنّ الحرب بالوَقْعَةِ. ووَقْعُ الحديدِ: صوتُهُ، يقال:
وَقَعْتُ الحَدِيدَةَ أَقَعُهَا وَقْعاً: إذا حددتها بالمِيقَعَةِ، وكلّ سقوط شديد يعبّر عنه بذلك، وعنه استعير:
الوَقِيعَةُ في الإنسان. والحَافِرُ الوَقِعُ: الشّديدُ الأثرِ، ويقال للمكان الذي يستقرّ الماء فيه:
الوَقِيعَةُ، والجمع: الوَقَائِعُ، والموضع الذي يستقرّ فيه الطّير: مَوْقِعٌ، والتَّوْقِيعُ: أثرُ الدَّبَرِ بِظَهْرِ البعيرِ، وأثرُ الكتابةِ في الكتاب، ومنه استعير التَّوْقِيعُ في القصص.
وقع
يُقال للإِبل والدَّوابِّ إذا رَبَضَتْ: وَقَعَتْ. وكذلك يُقال: طَيْرٌ وُقَّعٌ ووُقُوْعٌ، ومنه النَّسْرُ الواقِعُ: وهو نَجْمٌ. وطائرٌ حَسَنُ الوِقْعَةِ، كما يُقال: الجِلْسة. ومِيْقَعَة البازي: التي يُوْضَعُ عليها. ووَقْعُ الشَّيءِ: ما يُسْمَعُ من وَقْعِه. ووَقَعْتُه وَقْعاً: كَوَيْتَه وَقاعِ - على زِنَةِ حَذَامِ -: وهو الكَيُّ على الجاعِرَتَيْنِ، وقيل: من مُقَدَّمِ الرأسِ إلى مُؤخِّرِه، وقيل: في الوَجْه. ورَجْلٌ مُوَقَّعٌ: مُجَرَّبٌ. وبَعيرٌ وطَريقٌ مُوَقَّعٌ: مُذَلَّلٌ. وخُفُّها أوْقَعُ من خُفِّه: أي أوْقَحُ.
والوَقِعُ: الذي يَشْتَكي لَحْمَ قَدَمَيْه، وقد وَقِعَ وَقَعاً. والوِقَاعُ: طُرُقٌ في الجبال ضَيِّقَةٌ، الواحِدُ: وَقَعٌ. والأوْقَعُ: اسْمُ شِعْبٍ لِوقاعٍ فيه. والوَقَعُ - أيضاً - المَكانُ المُرْتَفِعُ من الجَبَل. والسَّحَابَةُ الصَّغيرةُ. تَنْشَأُ بَعْدَ إصْحَاء السماء. والتَّوَقُّعُ: الحَذَرُ. والتَّنَظُّرُ، جَميعاً.
والاسْتِيْقَاعُ: تَخَوُّفُ ما يَقَعُ. والتَّوْقِيعُ بالظَّنِّ والكَلامِ والرَّمْيِ: إذا أحْرَزْتَ الشَّيءَ لِتَقَعَ عليه، يُقال: وَقَّعْ: أي ألْقِ ظَنَّكَ.
والتَّوْقِيْعُ - أيضاً -: أثَرُ الرَّحْلِ والسَّرْجِ على ظَهْرِ المَرْكُوب. وإقْبالُ الصَّيْقَلِ على السَّيْف بمِيْقَعَتِه يُحَدِّدُه، وسَيْفٌ وَقِيْعٌ، وقد اسْتَوْقَعَ: أنَى له الشَّحْذُ. وإذا أصَابَ الأرْضَ مَطَرٌ مُتَفَرِّقٌ فذلك تَوْقِيعٌ في نَباتها.
وَوَقَعْتُ الحَدِيْدَةَ: ضَرَبْتَها بالمِيْقَعَة وهي المِطْرَقَة. وتُسَمّى خَشَبَةُ القَصّارِ التي يُدَقُّ عليها: المِيْقَعَة.
والحَوَافِرُ تَقَعُ البَرَاحَ: أي تَطَأْهُ وتَضْرِبُه. وحافِرٌ وَقِيْعٌ: وَقَعَتْه الحِجارَةُ. والوَقِيْعَةُ: مَنْقَعُ الماءِ، والجَميعُ: الوَقِيْعُ ثمَّ الوَقائعُ. والوِقَاعُ: وَقَعَاتُ الدّهْرِ، جَمْعُ الوَقِيْعَةِ، وهي مِثْلُ الوَقْعَةِ. والواقِعَةُ: النّازِلَةُ. وَوَقَعْتُ بهم وأوْقَعْتُ - لُغَتانِ -: واقَعْتَهم. وهو وَقِعَةٌ في النّاسِ: أي يَقَعُوْن فيه. ووُقِعَ في يَدي: مِثْلُ سُقِطَ، ويُقال: وَقَعَ الرَّبيعُ بالأرض، ولا يُقال سَقَطَ.
والوَقَعَةُ: من بَني سَعْدِ ين هَوازِن أرِبّاءِ النبيِّ - صلّ؟ ى الله عليه وآله وسَلَّم. والمُوَقِّعُ: الخَفيفُ الوَطْءِ.
[وقع] الوَقْعَةُ: صَدمةُ الحرب. والواقِعَةُ مثله. والواقعة: القيامة. ومواقع الغيث: مساقطه. ويقال: وقع الشئ موقعه. ومَوْقَعَةُ الطائرِ بفتح القاف : الموضع الذي يَقَعُ عليه. ومِيقَعَةُ البازي: الموضع الذي يألفه فيقَع عليه، والميقَعَةُ أيضاً: خشبةُ القصَّارِ التي يدق عليها، والميقعة: المطرقة، فال ابن حلزة: أنمى إلى حرف مذكرة * تهص الحصى بمواقع خنس * وقول الشاعر: دلفت له بأبيض مشرفى * كأن على مواقعه غبارا * يعنى به مواقع الميقعة. ويقال: الميقَعَةُ: المِسَنُّ الطويلُ. والوَقْعُ بالتسكين: المكان المرتفع من الجبل، عن أبى عمرو. والوقع بالتحريك: الحجارةُ، واحدتها وَقَعَةٌ. والوَقَعُ أيضاً: الحَفى. يقال وَقِعَ الرجلُ يَوْقَعُ، إذا اشتكى لحمَ قدمِه من غلظ الارض والحجارة. ومنه قول الشاعر:

كل الحذاء يحتذى الحافى الوقع * والوقع أيضاً: السحابُ الرقيق. والحافرُ الوَقيعُ: الذي أصابته الحجارة فرقَّقته. والوَقيعُ من السيوف: ما شُحِذَ بالحجر. وسكِّينٌ وَقيعٌ أي حديدٌ وُقِعَ بالميقعة. يقال: قع حديدك. قال الشماخ:

نواجذهن كالحدإ الوقيع * والوقائع: المناقع. والوقيعة في الناس: الغيبَةُ. والوَقيعَةُ: القتالُ ; والجمع الوَقائعُ. وقال أبو صاعد: الوَقيعَةُ نُقْرةٌ في متن حجرٍ في سهلٍ أو جبلٍ يستنقِعُ فيهــا الماء، وهي تصغُر وتعظم حتَّى تجاوز حدَّ الوَقيعةِ فتكون وَقيطاً. قال ابن أحمر: الزاجر العيس في الامليس أعينها * مِثْلُ الوقائِع في أنصافِها السَمَلُ * ويقال: كَوَيْتُهُ وَقاعِ، مثل قَطامِ. قال أبو عبيد: هي الدائرة على الجاعِرتَين وحيثما كانت، لا تكون إلاَّ إدارةً . يعني ليس لها موضع معلوم. وقال : وكنتُ إذا مُنيتُ بخَصْمِ سَوْءٍ * دَلَفْتُ له فَأَكْويهِ وَقاعِ * وَوَقَعْتُ بالقوم في القتال وأَوْقَعْتُ بهم، بمعنًى. ويقال أيضاً: أوْقَعَ فلانٌ بفلانٍ ما يسوءه، وأوْقَعوهُمْ في القتال مُواقَعَةً ووِقاعاً. ووقعْتُ من كذا وعن كذا وقعا. ووقع الشئ وقوعا: سقط، وأوقعه غيره. وأهل الكوفة يسمون الفعل المتعدى واقعا. ويقال: وَقَعَ رَبيعٌ بالأرض، ولا يقال: سقط. ووَقَعْتُ السكِّين. أحددْتُها. وحافرٌ موقوع، مثل وقيع. ومنه قول رؤبة:

بكل موقوع النسور أخلقا * ووقع في الناس وَقيعَةً، أي اغتابهم. وهو رجلٌ وَقَّاعٌ ووَقَّاعَةٌ: يغتاب الناس. ووَقَعَ الطائرُ وُقوعاً، وإنَّه لحَسَنُ الوِقْعَةِ بالكسر. والنَسْرُ الواقِعُ: نجمٌ. وتوقعت الشئ واستوقعته، أي انتظرت كونَه. والتَوْقيعُ: ما يوَقَّعُ في الكتاب. يقال: " السرورُ تَوْقيعٌ جائزٌ ". وطريقٌ مُوَقَّعٌ، أي مذلَّلٌ. ويقال رجلٌ مُوَقَّعٌ ; للذي أصابته البلايا، وكذلك البعير. قال الشاعر: فما منكُمُ أفْناَء بكرِ بن وائلٍ * لِغارتِنا إلاَّ ذَلولٌ مُوَقَّعُ * والتَوْقيعُ أيضاً: إقبالُ الصَيْقلِ على السيف بميقَعَتِهِ يحدِّده. وسكِّينٌ مُوَقَّعٌ، أي محدَّدٌ. ومِرْماةٌ مُوَقَّعَةٌ. والتَوْقيعُ: الدَبَرُ. وإذا كثُر بالبعير الدَبَرُ قيل: إنَّه لمُوَقَّعُ الظهرِ. وأنشد ابن الاعرابي : مثلُ الحمارِ المُوَقَّعِ الظَهْرِ لا * يُحْسِنُ مشياً إلاَّ إذا ضُرِبا * والتوقيع أيضا: تظنى الشئ وتوهمه. يقال: وَقِّعْ، أي الْقِ ظنَّك على الشئ.
[وقع] نه: فيه: اتقوا النار ولو بشق تمرة فإنها "تقع" من الجائع "موقعها" نم الشبعان، قيل: أراد أن شق التمرة لا يتبين له كبير موقع من الجائع إذا تناوله كما لا يتبين على شبع الشبعان إذا أكله، فلا تعجزوا أن تتصدقوا به، وقيل: لأنه يسأل هذا شق تمرة وذا شق تمرة وثالثًا ورابعًا فيجتمع له ما يسد به جوعته. وفيه: قدمت عليه حليمة فشكت إليه جدب البلاد فكلم لها خديجة فأعطتها أربعين شاة وبعيرًا "موقعًا" للظعينة، الموقع الذي بهره أثار الدبر لكثرة ما يحمل عليه ويركب فهو ذلول مجرب. ومنه ح عمر: من يدلني على نسيج وحده؟ قالوا: ما نعلمه غيرك، قال: ما هي إلا إبل "موقع" ظهورها، أي أنا مثل الإبل الموقعة في العيب بدبر ظهورها. وفيه: لو اشتريت دابة تقيك "الوقع"! هو بالتحريك أن تصيب الحجارة القدم فتوهنها، وقعت أوقع وقعا. ومنه: ابن أخي "وقع"، أي مريض مشتك، وأصل الوقع: الحجارة المحددة. ك: وقع - بفتح واو وكسرلمغربها، ولعل لله تعالى في آخر الليل إذا انحطت النجوم أفعالا ًعظيمة، قوله: مواقع وموقع واحد، أي مؤداهما واحد لأن الإضافة يعم مفردًا وجمعًا. ج: ومواقع النجوم: مساقطها ومغاربها، وقيل: منازلها ومسايرها. وحين "يقع" الشمس، أي غابت. وفيه: صياح المولود حين "يقع"، أي يسقط من بطن أمه. و"تواقعت" عليها، أي أمسكت عليها بعنقي وحنيت عليها لئلا تسقط. وفيه: من "وقع" في الشبهات وقع في الحرام، يعني لكثرة تعاطي الشبهات يصادف الحرام وإن لم يتعمده ويأثم به لتقصيره، أو يعتاد التساهل ويتمرن به حتى يقع في شبهة أغلظ ثم أغلظ إلى أن يقع في الحرام. ط: قيل: لم يقل: يوشك أن يقع فيه، تحقيقًا لمداناة الوقوع، والسر فيه أن حمى الأملاك حدود محسوسة يدركها كل ذي بصر فيحترز عنه إلا الغافل أو الجموح، وأما حمى ملك الأملاك فمعقول صرف لا يدركه إلا الحذاق. ويدخل فيه معاملة من في ماله شبهة أو خالطه ربا وجوائز السلطان والتجارة في أسواق بنوها بغير حق واجتناب ربط ومدارس وقناطير بنوها بالأموال المغصوبة. غ: "لواقع" أي واجب على الكفار. وح: القائم في حدود الله و"الواقع" - مر في ق.

وقع


وَقعَ(n. ac. وَقَع)
a. Was bare-footed.
b. Was foot-sore.

وَقَّعَa. Signed, sealed, subscribed; registered
recorded.
b. ['Ala], Formed an opinion about.
c. Alighted, halted.
d. ['Ala], Furbished ( a sword ).
e. Sprinkled.
f. Trod (road).
g. see I (l)
وَاْقَعَa. Rushed upon, attacked, charged.
b. Lay with.

أَوْقَعَa. Made to fall: threw down; dropped.
b. Brought upon; afflicted with; inflicted upon.
c. Tuned (instrument).
d. Held (water).
e. Extirpated.
f. Excited (discord).
g. see I (m)
تَوَقَّعَa. Expected, looked for.
b. ['Ala] [ coll. ], Found, met with.

تَوَاْقَعَa. Fell upon each other; closed; met.
b. ['Ala], [ coll. ], Interceded for.

إِسْتَوْقَعَa. see V (a)b. Was blunt (sword).
c. Feared.

وَقْعa. Fall; tumble.
b. Blow, stroke.
c. Projection, promontory.
d. see 5 (c)
وَقْعَةa. see 1 (a) (b) &
وَاْقِعَة
(a).
d. Shock; collision; conflict.
e. ( pl.

وَقَعَات )
a. [ coll. ], Meal.
وِقْعَةa. Descent.

وَقَعَة
(pl.
وَقَع)
a. Rock, stone.

وَقِعa. Bare-foot.
b. Footsore.
c. Heavy (rain-cloud).
مَوْقَعَة
(pl.
مَوَاْقِعُ)
a. Place of alighting; resting-place.

مَوْقِع
(pl.
مَوَاْقِعُ)
a. Place, spot.

مِوْقَع
(pl.
مَوَاْقِعُ)
a. Hammer, mallet.
b. Grindstone.
c. Washing-board, plank.

وَاْقِع
(pl.
وُقَّع)
a. Falling.
b. Happening, occurring.
c. Transitive (verb).
وَاْقِعَةa. Event, occurrence; incident; accident;
misfortune.
b. Attack, onslaught, charge; conflict, combat, fight;
battle.
c. [art.], The Resurrection.
d. Strenuous.

وَاْقِعِيّ
a. [ coll. ], Actual, real; true.
b. [ coll. ], Essential.

وَاْقِعِيَّة
a. [ coll. ], Reality, fact.

وَقَاْعa. Brand.

وَقِيْع
(pl.
وُقُع)
a. Sharp, ground (sword).
b. Worn, abraded (hoof).
c. Hard ground with pools of water.
d. [ coll. ], Fugitive, refugee.

وَقِيْعَة
(pl.
وِقَاْع
وَقَاْئِعُ
46)
a. see 21t (b)b. Pool.
c. Hard (ground).
d. Calumny, slander.

وُقُوْعa. see 1 (a) (b), (c).
وَقَّاْع
وَقَّاْعَةa. Slanderous, malicious; slanderer.

N. P.
وَقڤعَa. see 25 (b)
N. Ag.
وَقَّعَa. Privy Seal; Chancellor; Secretary.
b. Light-footed.

N. P.
وَقَّعَa. Afflicted.
b. see 25 (a) (b).
N. Ac.
وَقَّعَa. Signature, seal, subscription, sign-manual.
b. Opinion; idea, fancy.
c. (pl.
تَوَاْقِيْع), Edict, decree, firman.
d. Recordership, chancellorship.

مُوَاقَعَة [ N.
Ac.
وَاْقَعَ
(وِقْع)]
a. see 21t (b)
إِيْقَاع [ N.
Ac.
a. IV], Harmony, unison; tune.

تَوَقُّع [ N.
Ac.
a. V], Hope, expectation.

مَوَاقِع الحَرْب
a. Battle-fields.

أَنَّسْر الوَاقِع
a. A certain star.

وَقَعَ عِنْدَهُ مَوْقِعَ
الرِّضَى
a. He or it pleased him.

وُقِعَ فِى يَدِهِ
a. He repented.

[[وقف [يقف]]]
وَقَفَ [يَقِفُ] (n. ac.
وَقْف
وُقُوْف)
a. Stood; was erect.
b. Stopped, stood still; halted, paused.
c.(n. ac. وَقْف), Stopped, checked, arrested; delayed.
d. [acc. & La
or
'Ala], Bequeathed to.
e. [La], Stopped, waited for.
f.(n. ac. وُقُوْف) ['Ala], Engaged in, busied himself with.
g. ['Ala], Inquired about.
h.(n. ac. وَقْف) [acc. & 'Ala], Informed about; made to think about.
i. [acc. & 'Ala], Stopped, deferred for, until.
j. [acc. & 'An], Prevented from.
وَقَّفَa. Set up, stood; erected; raised.
b. see I (c)c. Halted (army).
d. Repaired (saddle).
e. Expounded (tradition).
f. [acc. & Bi], Dyed with.
g. Adorned, decked.

وَاْقَفَa. Stood by; assisted.
b. Fought with.
c. [acc. & 'Ala], Made to persevere with.
أَوْقَفَa. Was silent.
b. see I (c) (d), II (a) & V (
b ).
تَوَقَّفَ
a. [Fī], Stopped, halted in; delayed over, deferred.
b. ['An], Abstained from; renounced; discontinued.
c. ['Ala], Persisted with, persevered in.
d. ['Ala] [ coll. ], Consisted in.

تَوَاْقَفَa. Confronted, withstood each other.
b. [ coll. ], Appeared in court (
litigants ).
إِسْتَوْقَفَa. Bade to stop.
b. Bade to stand, to hold himself up.

وَقْفa. Stop, stoppage, halt; stand-still; pause.
b. Ivory bracelet; rim ( of a shield ).
c. Quiescence of a final letter ( in
versification ).
d. (pl.
وُقُوْف
أَوْقَاْف
38), Bequest, legacy; endowment (
ecclesiastical ).
وَقْفَةa. see 1 (a)b. Halting-place; station.
c. Sinew wound round a bow.

مَوْقِف
(pl.
مَوَاْقِفُ)
a. see 1t (b)b. Cavities in the flank of a horse.
c. Exposed parts: feet, eyes &c.

مِوْقَفa. Stick, spatula.

وَاْقِف
(pl.
وُقُوْف)
a. Upright, erect.
b. Stationary.
c. Pious founder, endower.
d. ['Ala], Informed, aware of.
وَقِيْفَةa. Animal at bay.

وُقُوْفa. Uprightness, erectness; standing posture.

وَقَّاْفa. Dilatory, procrastinatory; procrastinator.
b. Coward.

مِوْقَاْفa. see 20
N. P.
وَقڤفَa. Stopped; checked; suspended.
b. Testate, testamentary.
c. Quiescent (verse).
N. P.
وَقَّفَa. Experienced.
b. Spotted.

N. Ac.
وَقَّفَa. Stoppage, delay; suspension; pause, interruption;
cessation.
b. Notch.

N. Ac.
تَوَقَّفَa. see 1 (a)b. Perseverance, persistency.
c. Connection; concomitance.

وِقِّيْفَى
a. Sacristan.

[[وقل [يقل]]]
وَقَلَ [يَقِلُ] (n. ac.
وَقْل)
a. Stood on one leg.
b. Climbed.

تَوَقَّلَ
a. [Fi]
see I (b)
وَقْل
(pl.
أَوْقَاْل)
a. Wild palm-tree; wild date.

وَقْلَة
(pl.
وُقُوْل)
a. Kernel of the wild-date.

وَقَلa. Rocks, stones.
b. Roots, stumps.
c. see 5
وَقَلَةa. Small ( in the head ).
وَقِلa. Good climber; surefooted.

وَقُلa. see 5
أَوْقَلُa. Surerfooted.

تَوْقَلَة
a. see 5
[[وقم [يقم]]]
وَقَمَ [يَقِمُ] (n. ac.
وَقْم)
a. Treated harshly; snubbed, bullied; slighted.
b. Checked.
c. [pass.] Was trodden down (field).
أَوْقَمَa. see I (a)
تَوَقَّمَa. Threatened.
b. Killed (game).
c. Remembered, retained.
d. [Fī], Persisted in.
e. Purposed, intended.

وَاْقِمa. Citadel ( in Medina ).
وِقَاْمa. Sword, sabre.
b. Whip; stick, cudgel.
c. Rope.

N. P.
وَقڤمَa. Sad, sorrowful.
وقع:
وقع القتال بين الطائفتين: شرعا فيه (النويري أسبانيا 454). يقال: أيضاً، وقع الشرط والكتاب، وقع الصلح، وقعت الفتنة (معجم البلاذري).
ما وقع فيه: ما حصل فيه، ما صار فيه (كليلة ودمنة 3:276).
وقعت له نية: اضمر نية (النويري أسبانيا 472): وربما خرج لصلاة العيد فتقع له نية الجهاد (وفي عبارة تنسب لعبد الواحد 25): حدثت له نية.
وقع: وجدَ se trouver ( معجم الإدريسي).
وقع: ... في (المدينة) الفلانية (معجم أبي الفداء): واقع في: موجود، situe؛ واقع بالقرب من: مجاور؛ المرج الواقع حول الغدير، أي (الذي يحاذيه).
وقع: خضع للأغراء (بقطر).
وقع ذلك منه بالموافقة: وافق على اقتراحاته (دي ساسي كرست 4:31:2).
وقع: يستعمل هذا الفعل في موضع (المبنى للمجهول) لوضعَ، وعلى سبيل المثال، الأحجار المرصعة بالخشب (معجم الجغرافيا).
وقع: نقعُ من: كلمة عامية تفيد إنني قريب من فلان (فوك atinere مرادف ناسب وناسبه وتناسب معه).
وقع إلى: حدث لفلان بطريق المصادفة، أو حدث له أمر على غير انتظار، أو أدرك موضعاً (معجم بدرون والبيان ودي يونج وعبد الواحد 12:66، والبربرية 144:1 و4:1764)؛ وقع ب: حصل في (معجم البيان والبلاذري). وكذلك وقع في بلاد كذا (البكري 15:121، حيّان - بسّام 22:1): وفّروا إلى المغرب فوقعوا ببلاد أفريقية أو في أيضاً (عبد الواحد 15:133)؛ وقع من أو يقع من أي يأتي من ففي حديث عن المواد الغذائية أو البضائع حيث ترد من القطر الفلاني أو البلد الفلاني (معجم الجغرافيا) ولا يقال وقع ب لأنها تعني سقط في معناها القريب من لفظ إلى (الشاطي)؛ وهناك أيضاً وقع من ووقع إلى: صدّر، نقل البضائع من البلدان، نقل الصادرات (معجم الجغرافيا). (انظر الأصطخري 20:42 و2).
وقع: تفرّع (في الحديث عن قناة يرفدها ماء
الجدول) (معجم الجغرافيا).
وقع: حضر، سنح له عن طريق (المصادفة) (بقطر)؛ وقع إلى أو لفلان: عرض نفسه s'offrir، ese présenter ( في الحديث عن الوقائع أو عن الأسماء .. الخ) التي التقى أو التقوا بها أو وجدوها. (معجم أبي الفداء، الأغاني 1:3): في الحديث عن مجموعة من الأغاني: ثم وقعت إلى الواثق بالله. وفي (المقدمة 74:3): كان يقع له أكثر الأوقات أبيات الهروي التي وقعت له في كتاب المقامات، أي أن يقع له هنا تفيد: يخطر بباله .. يفطن .. يذكر. وترد وقع إلى أو وقع لفلان بمعنى وقع بين يديه في الحديث عن الكتب (معجم ابن الفداء).
وقع: بمعنى حصل وحدث ولا يقتصر هذا على: وقع ل بل أيضاً على وقع بفلان. ففي (كليلة ودمنة 4:4): فتخوف ذو القرنين من تقصير يقع به إن عجّل المبارزة.
وقع ب: وجد (الملابس 118 بوسويه): وقعت به في القهوة (وجدتها في القهوة).
وقعت بالعملة: ينبغي أن تعني بأن سرقته. وقع بينهما: تباعدا، تنافرا، انقطعت صلة الود بينهما. ويلاحظ إن هناك حذفاً بلاغياً. وفي (هاماكر. في كتاب منسوب للواقدي 112) ورد مثال لها الحذف وكانت الكلمة المحذوفة التي أضيفت في موضع آخر هي الخلف. أي وقع بينهما الخلف ويقال أيضاً، بالمعنى نفسه، وقع بينهما الأمر (المقري 20:122:1): الأمر الذي وقع بينه وبين فلان؛ وفي (بقطر): وقعت بنيهم: أي انقطعت صلة الصداقة بينهم، وهنا يجب أن نفترض وجود اسم أو موصوف محذوف الغبنة (على سبيل المثال). أنظر عبّن فيما سيأتي. في أمثلة الجمل التي ذكرها (هاماكر) لوقع بينهما نستطيع إضافة ما جاء في معجم أبي الفداء ودي ساسي كرست 3:51:2 (أنظر ص155 من الملاحظات) وانظر (أبي الفرج 12:271 والقمري 141:1 و8:264:2 و15:765 والنويري أفريقيا 30): في البداية كانوا أصدقاء ثم وقع بينهما بعد ذلك
وكانت فتنة عظيمة.
وقع تحت حمل الديون: soberer؛ وواقع تحت حمل الديوان (بقطر).
وقع تحت يد: أي سيطر عليه أحد الناس؛ وقع تحت يدي: أي أستطيع إيذاءه (بقطر).
وقع على الشيء أو على فلان: وجده (بقطر، معجم أبي الفداء، عبد الواحد 9:82 وحيّان - بسّام 140:3) وقع هشام على ودائع ولد المظفر.
ما وقعت له على جلية خبر: أي لم استطع الوصول إلى معرفة شيء من أمره (بقطر، ابن بطوطة مخطوط 282): لم يقع له على خبر.
وقع على: سقط على، حمّل، هاجم بضراوة (النويري مصر، مخطوط، 115:2): وقع عليهم ملك المدينة.
وقع على فلان s'adressere quelqu'un: لجأ إليه، خاطبه، استجار به (ألف ليلة 102:2 و 103).
هذا وقع عليّ كذا: كلّفني بكذا (فوك، محمد بن الحارث 319): الرداء يقع عليك بعشرة دنانير.
وقع في: دخل في تركيب الدواء الفلاني، أو احد العطور، في تركيب الأفلنجة على سبيل المثال (انظر افلنجة في الجزء الأول من ترجمة هذا المعجم).
وقع في فلان: فاجأه متلبساً Prendre sur le fait ( بقطر).
وقع عند فلان: لدى (هل) avoir ( رياض النفوس 48): فقلت هل وقع عندكم زرازير فقالوا ما وقع منها شيء حتى الساعة.
وقع لفلان: صادفه، حدث له، عرضاً، بطريق المصادفة (بقطر، الكالا، عبد الواحد 7:18): إن وقعت لي فرصة si l'en troure t'occasion ( بقطر).
وقع في عرضه وترجاه أن: توسل إليه بإلحاح أن؛ وقع في عرضه: طلب الصدقة، استعطى demandere la vie ( بقطر).
وقعت عينه على أن: سرّهُ، استحسنه il lui plut, il lui sembla bon ( معجم بدرون).
وقعت العين على العين: تقاتل en venit aux mains, commences un combat ( كوسج، كرست 2:110).
وقع في قلبه أن: خطر بباله أن، شك في، أرتاب، اشتبه ب (المقري 7:621:2). مَنْ الذي وقع بقلبك؟ مَنْ هذا الذي كان ... ؟ (أنظر حلّف في الجزء الثالث من ترجمة هذا المعجم).
فوقع في قلبي منها شيء: ساورني شكّ في هذا الموضوع (رياض النفوس 17).
وقع في قلبه: هذا الحديث كان له وقع أي تأثير كبير في قلبه (المقري 9:678:3): فوقع في قلبه وأهمَّه شأنه (الكلام هنا محذوف بلاغياً أي: وتقديره .. الخ).
وقعتْ في قلبه: أحبها أو أخذت بمجامع قلبه (الأغاني 7:58، رياض النفوس 34): فلقيته امرأة فوقع في نفسه منها شيء.
وأين تقعان مما أريد: وهي من أقوال الأمام علي (رضي الله عنه) التي ذهبت مثلاً أي شتان ما بين ما تريدان وما أريد (انظر معجم ابن جبير).
وقع: أنظر الكلمة (بالتشديد) في (فوك) في مادة cadere؛ أسقطَ، رمى أرضاً (بقطر).
وقّع: اسقطه في زلّة، أغواه ( Séduire) ( بقطر).
وقّع: فتنَ، خدع، استماله ببعض الآمال لكي
يغشه (بقطر): leurrer.
وقّع: شنّك، ومجازاً أدهش، أذهل eulacer, suprendre ( بقطر).
وقّع الغبنة بين: أو بإيجاز وقّع بين أفسد، احدث شقاقاً بين شخصين أو أكثر (بقطر).
وقعْ الفرمان: في (محيط المحيط): (رسم على طغراء السلطان.). وقع على: وضع إمضاءه ووقّع في (بقطر، ومعجم التنبيه)؛ وقّع على قفا بوليصة: ظهّرها (بقطر).
وقّع لفلان أو به: خصص، عيّن (المقري 9:137:1): كان الشعراء يتلون أشعارهم على الأمراء وكان يوقّع لهم بالصِلات على أقدارهم. وفي (3:269:2): الأمير وقّع له بها أي منحه هذه الدور الخمسين.
التوقيع في مجالس القضاة: تدوين أو تنفيذ الأحكام التي يصدرها القاضي (دي سلان، المقدمة 66:1). واقعَ: سقط في (الأخبار 2:68): واقعت الحجارةُ المدينةَ ومجازاً واقع ذنباً: اقترفه أخطأ tomber en faute ( عبّاد 12:298:1).
واقعَ فلاناً: كان له تجارة مع أحد الناس، ارتبط معه برابطٍ (الجريدة الآسيوية 1852 و5:228:2): وكان السلطان رحمه الله لا يواقعه إلا مَنْ كان صادقاً في قوله أميناً في مناولته وعمله وفعله.
واقعَ: في المعجم اللاتيني: ( murmuro, detrao) sasurro, reprobe, obtrectatio (inratio) lacesso, detraxit, detraction؛ ( فريتاج. كرست 121): واقعه على ما قال: أنّبه بشدة على ما قاله.
أوقعه تحت حمل الديون: أثقله بالديون obérer ( بقطر).
(وق ع)

وقَع عَن الشَّيْء وَمِنْه يقَعُ وَقْعا ووُقُوعا: سقط. ووَقَع الشَّيْء من يَدي، كَذَلِك. وَوَقع الْمَطَر بِالْأَرْضِ. وَلَا يُقَال: سقط. هَذَا قَول اللُّغَة، وَقد حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ: سقط الْمَطَر مَكَان كَذَا فمكان كَذَا، وَقَول أعشى باهلة:

وَأَلْجَأَ الكَلْبَ مَوْقُوعُ الصَقِيعِ بِهِ ... وألجأَ الحَيَّ مِنْ تَنْفاحِها الحَجَرُ

إِنَّمَا هُوَ مصدر كالمجلود والمعقول.

والموقِعُ والمَوْقِعَةُ: مَوْضُوع الْوُقُوع، حكى الْأَخِيرَة اللحياني. ووقاعَةُ السّتْر: مَوْقِعُهُ إِذا أُرسل. وَفِي حَدِيث أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا " اجْعلي بَيْتَكِ حِصْنَكِ ووَقاعَةَ السِّترِ قَبْرَكِ " حَكَاهُ الْهَرَوِيّ فِي الغريبين.

والمِيقَعَةُ: داءٌ يَأْخُذ الفصيل كالحصبة فَيَقَع فَلَا يكَاد يقوم.

ووَقْعُ السَّيْف ووَقْعَتُه ووُقُوعُه: هَبَّتُه ونزوله بالضريبة، وَالْفِعْل كالفعل.

ووقَعَ بِهِ مَا يُكْرَه يَقَعُ وُقُوعا ووَقِيَعَةً: نزل. وَفِي الْمثل " الحذار أَشد من الوَقِيعَةِ " يضْرب ذَلِك للرجل يَعْظُمُ فِي صَدره الشَّيْء فَإِذا وَقَع فِيهِ كَانَ أَهْون مِمَّا ظنَّ.

وأوْقع ظنَّه على الشَّيْء ووَقَّعَهُ، كِلَاهُمَا: قدَّرَه وأنزله.

ووَقَع بِالْأَمر: أحدثه وأنزله.

أنْشد سِيبَوَيْهٍ:

خَلِيليَّ طِيرَابِا لتَّفَرُّق أوْقَعا

وَقَوله تَعَالَى (وإِذا وَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ) قَالَ الزّجاج مَعْنَاهُ وَالله أعلم: وَإِذا وَجب القَوْل عَلَيْهِم.

وأوْقع بِهِ مَا يسوءه، كَذَلِك.

ووَقَع مِنْهُ الْأَمر مَوْقِعا حسنا أَو سَيِّئًا: ثَبت لَدَيْهِ.

وأوقع بِهِ الدَّهر: سَطَا، وَهُوَ مِنْهُ.

والوَاقِعَةُ: الدَّاهية، وَقَوله (إِذا وَقَعَتِ الوَاقِعَةُ) يَعْنِي الْقِيَامَة.

والوَقْعَةُ والوَقِيعَةُ: الْحَرْب والقتال. وَقيل: المعركة وَقد وَقَع بهم وأوقَعَ. وَقَوله:

فَإنَّك والتأبِينَ عُرْوَةَ بَعْدَما ... دَعاك وأيْدِينا إِلَيْهِ شَوَارِعُ

لكالرَّجُلِ الحادِي وقَد تَلَع الضُّحَى ... وطَيْرُ المَنايا فَوْقَهُنَّ أوَاقعُ

إِنَّمَا أَرَادوا وَاقِعُ جمع واقِعَةٍ فهمز الْوَاو الأولى.

والوَقْعَةُ: النَّومة فِي آخر اللَّيْل.

والوَقْعَةُ: أَن يقْضِي فِي كل يَوْم حَاجَة إِلَى مثل ذَلِك من الْغَد، وَهُوَ من ذَلِك.

وتَبرَّزَ الوَقْعَةَ: أَتَى الْغَائِط مرّة فِي الْيَوْم، قَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَيَعْقُوب: سُئِلَ رجل أسْرع فِي سيره: كَيفَ كَانَ سيرك؟ قَالَ: " كنت آكل الوجبة وأنجو الوَقْعَةَ وأُعرس إِذا أفجرت وأرتحل إِذا أسفرت وأسير المَلْعَ والخبب والوضع فأتيتكم لمِسْىِ سَبْع " الوجبة: أَكلَة فِي الْيَوْم إِلَى مثلهَا من الْغَد. والمَلْعُ: فَوق الْمَشْي وَدون الخبب. والوضع: فَوق الخبب. وَقَوله: لمِسْى سبع أَي مسَاء سبع.

وَوَقع الطَّائِر: يَقَعُ وُقُوعا - وَالِاسْم الوَقْعْةَ - نزل عَن طيرانه، فَهُوَ واقِعٌ.

وطير وُقَّعٌ ووُقُوعٌ: واقِعَةٌ.

ووَقِيَعَةُ الطَّائِر وموقعته: مَوضِع وُقُوعه.

وميقَعَهُ الْبَازِي: مَكَان يألفه فيقَعُ عَلَيْهِ.

والنسر الواقعُ: نجم، سمي بذلك لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ كاسر جناحيه من خَلفه.

وانه لَوَاقِعُ الطير أَي سَاكن لَيِّنٌ.

ووقعَتِ الدَّوَابّ: ربضت.

ووَقَعَت: الْإِبِل ووَقَّعَتْ: بَركت وَقيل وقَّعتْ مشدد اطمأنَّت بِالْأَرْضِ بعد الرّيّ أنْشد ابْن الْأَعرَابِي:

حَتَّى إِذا وَقَّعْنَ كالأَنْباثِ ... غَير خَفِيفاتٍ وَلَا غِرَاثِ

وَإِنَّمَا قَالَ: غير خفيفات وَلَا غراث لِأَنَّهَا قد شبعت وَرويت فَثقلَتْ.

ووَقَع فِي النَّاس وُقُوعا ووَقِيعَةً: اغتابهم، وَقيل هُوَ أَن يذكر فِي الْإِنْسَان مَا لَيْسَ فِيهِ.

ووَقاعِ: دَائِرَة على الْجَاعِرَتَيْنِ، أَو حَيْثُ مَا كَانَت عَن كي، وَقيل: هِيَ كَيَّةٌ تكون بَين القرنين، قَالَ عَوْف بن الْأَحْوَص:

وكنتُ إِذا مُنِيتُ بخَصْمِ سَوْءٍ ... دَلَفْتُ لَهُ فَأكْوِيهِ وَقاعِ

ووَقَع فِي العَمَلِ وَقَوعا: أَخذ.

وواقَع الْأُمُور مُوَاقَعَةً ووِقاعا: داناها. وَأرى قَول الشَّاعِر أنْشدهُ ابْن الْأَعرَابِي:

ويُطْرِقُ إطْرَاقَ الشُّجاعِ وعِنْدَهُ ... إِذا عُدَّتِ الهَيْجا وِقاعٌ مُصَادِفُ إِنَّمَا هُوَ من هَذَا، وَأما ابْن الْأَعرَابِي فَلم يفسره.

وواقعَ الْمَرْأَة ووَقَع عَلَيْها: جامَعَها، أراهما عَن ابْن الْأَعرَابِي.

والوَقيعُ: مَناقعُ المَاء، قَالَ أَبُو حنيفَة: الوقيعُ من الأَرْض: الغليظ الَّذِي لَا ينشف المَاء وَلَا ينْبت، بيِّن الوَقاعَةِ، وَالْجمع وُقُعٌ.

والوَقِيعةُ: مَكَان صلب يمسك المَاء وَكَذَلِكَ النقرة فِي الْجَبَل قَالَ:

إِذا مَا اسْتَبالُوا الخَيْلَ كانَتْ أكُفُّهُمْ ... وَقائعَ للأبْوَالِ والماءُ أبْرَدُ

يَقُول: كَانُوا فِي فلاة فاستبالوا الْخَيل فِي أكفِّهم فَشَرِبُوا أبوالها من الْعَطش.

والوَقْعُ: الْمَكَان الْمُرْتَفع من الْجَبَل.

والتَّوْقِيعُ: رمى قريب.

والتَّوْقيعُ: الْإِصَابَة، أنْشد ثَعْلَب:

وَقد جَعَلَتْ بَوَائِقُ من أُمُورٍ ... تُوَقِّعُ دُونَهُ وتَكُفُّ دُوني

وتوقَّع الشَّيْء واستوقَعَه: تَنَظَّرَه ونخوَّفه.

والوَقْعُ والتَّوقيعُ: الْأَثر الَّذِي يُخَالف اللَّوْن.

والتَّوقيعُ: سحج فِي ظهر الدَّابَّة من الرّكُوب، وَرُبمَا انْحَصَّ عَنهُ الشّعْر وَنبت أَبيض وَهُوَ من ذَلِك.

وبعير مُوَقَّعُ الظّهْر: بِهِ آثَار الدبر. وَقيل: هُوَ إِذا كَانَ بِهِ الدبر.

والتوقيعُ: إِصَابَة الْمَطَر بعض الأَرْض وإخطاؤه بَعْضًا. وَقيل: هُوَ إنبات بَعْضهَا دون بعض.

والتوقيعُ فِي الْكتاب: إِلْحَاق شَيْء فِيهِ بعد الْفَرَاغ مِنْهُ. وَقيل: هُوَ مُشْتَقّ من التوقيعِ الَّذِي هُوَ مُخَالفَة للْأولِ.

ووَقَعَ المُدية وَالسيف والنصل يَقَعُها وَقْعا: أحدَّها وضربها.

ونصل وَِقيعُ: محدَّد، وَكَذَلِكَ الشَّفْرَة بِغَيْر هَاء. قَالَ عنترة:

وآخَرُ مِنْهُمُ أجْرَرْتُ رُمْحِي ... وَفِي البَجْلِيِّ مِعْبَلَةٌ وَقيعُ وَرَوَاهُ الْأَصْمَعِي: وَفِي البَجلِيّ، فَقَالَ لَهُ أَعْرَابِي كَانَ بالمربد: أَخْطَأت يَا شيخ، مَا الَّذِي يجمع بَين عَبْسٍ وبجيلة.

واسْتوقعَ السَّيْف: احْتَاجَ إِلَى الشحذ.

والمِيَقَعَةُ: مَا وَقع بِهِ السَّيْف.

والمِيقَعُ والمِيقَعةُ: كِلَاهُمَا: المِطْرَقَةُ.

والوَقِيعَةُ كالمِيَقعةِ شَاذ لِأَنَّهَا آلَة والآلة إِنَّمَا تأتى على مِفْعَلٍ قَالَ الْهُذلِيّ:

رأى شخْص مَسعودٍ بن سَعْدٍ بِكَفِّه ... حَدِيدٌ حَدِيثٌ بالوَقِيَعَةِ مُعْتَدُ

والمِيقَعَةُ: خَشَبَة الْقصار.

ووَقِعَ الرجلو الْفرس وَقَعا فَهُوَ وَقِعٌ: حَفِىَ من الْحِجَارَة أَو الشوك، وَقد وَقَعَه الْحجر.

وحافر وَقِيعٌ: وَقَعَتْهُ لحجارة فَضَّتْ مِنْهُ.

وَقدم مَوْقوعَةٌ: غَلِيظَة شَدِيدَة.

وَطَرِيق مُوقَّعٌ: مذلل.

وَرجل مُوقَّعٌ: قد أَصَابَته البلايا، هَذِه عَن اللحياني.

والوَقَعَةُ: بطن من الْعَرَب.

وموقوعٌ: مَوضِع أَو مَاء.
وقع
وقَعَ/ وقَعَ على/ وقَعَ في1/ وقَعَ من يَقَع، قَعْ، وَقْعًا ووُقُوعًا، فهو واقِع، والمفعول موقوع عليه
• وقَعَ الأمرُ: تمّ، حدَث "وقع الحادثُ ليلةَ أمس- وقعت معركة بينهم- {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} " ° وقَع له واقع: عرَض له عارض.
• وقَعَ الحقُّ: ثبَت، بان وظهر " {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ} - {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ".
• وقَعَت الإبلُ: بركَتْ.
• وقَعَ الشّيءُ/ وقَعَ الشّيءُ من يده: سقَط "وقَع أرضًا- وقَع القلم من يدي- لا تَقَعنَّ البَحْرَ إلاَّ سابحًا [مثل]: يُضرب لمن يُباشر أمرًا لا يُحْسِنُهُ- {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ} - {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} "? وقَع الأمرُ منه موقعًا حسنًا أو سَيِّئًا: ثبت لديه وكان محل رضاه أو كراهيته.
• وقَعَ الطّيرُ على الشّجرِ ونحوِه: نزَل? إن الطُّيور على أشكالها تقع [مثل]: أي أن الشَّخص يعاشر أمثاله وينجذب إلى شبيهه- وقَع اختياره على فلان: خصّه بالاختيار وانتقاه من بين الآخرين- وقَع ظنّه على فلان: ألقى ظنَّه عليه- وقَع نظره على كذا: رآه، شاهده.
• وقَعَ على السِّرِّ: عرَفه، علِمه.
• وقَعَ على الشَّخصِ القصاصُ: وجَب "وقَع عليه اللَّومُ- وقَع العقابُ على المذنب: نزَل- وقَع الحقُّ عليه- {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا} "? وقَع تحت طائلة القانون: خضَع للعقاب بحسب أحكام القانون.
• وقَعَ الحيوانُ وغيرُه في الشَّركِ ونحوِه: دخَلَ فيه "وقَع الطَّائرُ في الفخّ- وقَعَ في الطَّويل العريض [مثل]: يُضرب لمن
 وقع في أمر شَاقّ- مَنْ حفَرَ حُفْرةً لأخيه وقع فيهــا [مثل]: يُضرب لسوء عاقبة الغدر- وقَعَ في حَيْص بَيْص [مثل]: وقع في ورطة، أصابته شدَّة وضيق"? وَقَع في أيديهم: قبضوا عليه، أمْسكوا به- وقَع في التَّجربة: ما يدفع إلى الشَّرِّ والخطيئة- وقَع في الحُبّ: أحبّ فجأة- وقَع في فخٍّ: انخدع، جازت عليه حيلة- وقَع في قَبْضَته: حازه، تحكَّم فيه.
• وقَعَ الكلامُ في نفسه: أثَّر فيهــا "وقَع حديثُه في نفسي موقعًا حسنًا- لكلامه وقَع حسن- تركت النَّصيحة وقعًا حسنًا"? وقَع عليه وقوع الصَّاعقة: فاجأه، أثَّر فيه بُقوّة- وقَع في قلبه: ارتاح له، أثَّر عليه- وقَع في نفسه: اعتقد، ظنَّ، تخيَّل- وقَع في يده: ندِم، تحسَّر. 

وقَعَ بـ يَقَع، قَعْ، وَقْعًا ووَقْعةً، فهو واقِع، والمفعول موقوع به
• وقَع القومُ بالعدوِّ: بالغوا في قِتالِهم. 

وقَعَ في2 يقَع، قَعْ، وُقوعًا ووَقِيعةً، فهو واقِع، والمفعول موقوع فيه
• وقَع في فلانٍ: سبَّه وعابَه واغتابه "وقَع في أعراض النّاس/ جارِه" ° وقَع في يده: ندِم، تحسَّر.
• وقَع الكتابُ في مائة صفحة: اشتمل عليها. 

أوقعَ/ أوقعَ بـ يُوقع، إيقاعًا، فهو مُوقِع، والمفعول مُوقَع
• أوقعَ الشَّيءَ: أَسقطه، جَعَله يقع "أوقع الإناءَ فانكسر".
• أوقع بفلانٍ الشَّرَّ: أنزَله به "أوقع الصَّوتُ بقلبه الرُّعبَ- أوقعَ به العذابَ- {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} " ° أوقع به الدَّهر: سطا عليه وجار- أوقع به: دبَّر له مكيدة، أصابه بمكروه.
• أوقع الرُّعبَ في قلبه: ألقاه "أوقعه في فخّ/ ورطة/ مأزق/ كمين"? أوقعه في شباكه: أغراه.
• أوقع العقوبةَ على المذنب: فَرَضها، أَوْجبها، حكم بها "أوقع القاضي حكمًا على القاتل".
• أوقع القومُ بأعدائهم: بالغوا في قتالهم. 

تواقعَ يتواقع، تواقُعًا، فهو مُتواقِع
• تواقع الخُصُومُ: تقاتَلُوا "تواقع الرَّجلان". 

توقَّعَ يتوقَّع، توقُّعًا، فهو مُتوقِّع، والمفعول مُتوقَّع
• توقَّع الشَّخصُ الأمرَ: ترقَّبه وانتظر حدوثَه "توقّع حدوثَ أزمة- يتوقَّع شرًّا منه- أَمْر يفوق التَّوقُّع- الضَّربة المتوقَّعة أقلّ قسوة" ° مِن المتوقَّع أن: من المحتمل- نتيجة متوقَّعة: محتملة- يُتَوَقَّع حدوثُه: يُحتمل. 

واقعَ يواقع، مُواقعةً ووِقاعًا، فهو مُواقِع، والمفعول مُواقَع
• واقع الشَّخصُ خَصْمَه: حارَبه.
• واقع الشيءَ: وقَع فيه، دخَل فيه " {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا}: واقعون فيهــا".
• واقع الأمورَ: بَاشَرها، داناها "لقد واقع قاضي التحقيق معرفة أسباب الجريمة".
• واقع الرَّجلُ زوجتَه: جامَعَها. 

وقَّعَ/ وقَّعَ على يوقِّع، توقيعًا، فهو مُوقِّع، والمفعول مُوقَّع
• وقَّع الشّخصُ الوثيقةَ وغيرَها/ وقَّع على الوثيقةِ وغيرِها: كتب اسمَه في أسفلها إمضاءً لها أو إقرارًا بها "وقَّع الوزيرُ الرِّسالةَ- وقَّع على العقد- وُقِّعَت الاتفاقيَّة بالأحرف الأولى- اجتمع الموقعون على البيان" ° الموقِّعون أدناه: الذين تأتي توقيعاتهم عقب كلام مكتوب- نسخة موقّعة: نسخة من كتاب عليها إهداء من مؤلفه بخط يده- وقَّع بالأحرف الأولى: أعلن الاتّفاق مبدئيًّا- يُوقِّع على بياض: دون تحديد المُوَقَّع عليه (المبلغ ـ العُهْدة مثلاً).
• وقَّع العقوبةَ على المذنب: أَوْقَعها، فرَضَها، أوجبها، حكَم بها "وقَّع القاضي حكمًا بالإعدام على القاتل".
• وقَّع العازفُ على الآلة الموسيقيّة: ضَرَب عليها "وقَّع على العود". 

إيقاع [مفرد]:
1 - مصدر أوقعَ/ أوقعَ بـ.
2 - (رض) حركة في المصارعة أو الفنون القتالية، فيهــا يُلقى الخصمُ الواقفُ أرضًا.
3 - (سق) اطّراد الفترات الزَّمنيّة التي يقع فيهــا أداء صوتيّ ما بحيث يكون لهذا الأداء أثر سارّ للنَّفس لدى

سماعه ° إيقاع الأصوات: اتّفاقها وتوقيعها على مواقعها وميزانها- إيقاع المغنّي: بناؤه ألحان غنائه على مواقعها وميزانها.
• بندول الإيقاع: (سق) آلة تُستخدم للتعبير عن الوقت من خلال تكّات أو ضربات تحدِّد موقع النّقلة الموسيقيّة.
• علم الإيقاع: (عر) دراسة الأوزان الشِّعريّة والإيقاع. 

إيقاعِيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى إيقاع: "رَقْصٌ إيقاعيّ: تترافق فيه الموسيقى والحركات الرياضيَّة- رياضة إيقاعيّة: حركات رياضيّة يرافقها الإيقاع". 

توقيع [مفرد]: ج توقيعات (لغير المصدر) وتواقيعُ (لغير المصدر):
1 - مصدر وقَّعَ/ وقَّعَ على.
2 - تذييل على كتاب أو وثيقة بما يفيد الرَّأي فيه "ازدهر فَنّ التوقيعات في العصر العباسيّ".
3 - (سق) توزين وأداء الألحان على آلة من الآلات. 

توقيعيَّة [مفرد]: اسم مؤنَّث منسوب إلى توقيع.
• السِّباحة التَّوقيعيَّة: (رض) نوع من السِّباحة تترافق فيه الموسيقى مع الحركات الرِّياضيَّة المنتظمة. 

مَوْقِع [مفرد]: ج مَواقِعُ:
1 - مصدر ميميّ من وقَعَ/ وقَعَ على/ وقَعَ في1/ وقَعَ من ° له مَوْقِع عند فلان: حظٌّ ومنزلة.
2 - اسم مكان من وقَعَ/ وقَعَ على/ وقَعَ في1/ وقَعَ من: "مواقع القتال/ الجيش: مواضعه- وقع الشيء موقعه- مواقع الغيث/ القطر/ الماء: مساقطه- {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}: منازلها ومساقطها للغروب".
3 - (حس) موضع لتخزين البيانات والتعليمات والبرامج بالحاسب.
4 - (هس) نُقْطة من السَّطح أو المستقيم يقع عليها الخطُّ العموديّ. 

مَوْقِعة [مفرد]: ج مَواقِعُ:
1 - مؤنَّث مَوْقِع.
2 - صدمة، معركة في الحرب "ربح الجيش تلك المَوْقِعة- مَوْقِعة برّيّة/ بحريّة- توقف القتال بعد الموقعة الأولى". 

واقِع1 [مفرد]: ج وُقّع ووُقوع: اسم فاعل من وقَعَ بـ ووقَعَ في2 ووقَعَ/ وقَعَ على/ وقَعَ في1/ وقَعَ من. 

واقِع2 [مفرد]: حاصِل، حقيقة، عكسه خيال "دون الواقع بكثير- من واقع السِّجلاّت- لم ينقل الشاهدُ واقعَ ما رأى من الجريمة- وهل يدفع الإنسانُ ما هو واقِعٌ .. وهل يعلم الإنسان ما هو كاسِب" ° الأمر الواقع: الوضع الواقعي أو الفعلي- الأمر واقع قطعًا: بدون ريب- سياسَةُ الأمر الواقع: فرض ما هو واقع بالقوَّة- في الواقع: في الحقيقة/ فعلاً- وضَعه أمام الأمر الواقع: فرض عليه شيئًا لا يرغب فيه.
• الواقع التَّقريبيّ/ الواقع الافتراضيّ: (حس) محاكاة يولِّدها الحاسوب لمناظر ثلاثيّة الأبعاد لمحيط أو سلسلة من الأحداث تمكِّن النَّاظر الذي يستخدم جهازًا إلكترونيًّا خاصًّا من أن يراها على شاشة عرض ويتفاعل معها بطريقة تبدو فعليَّة. 

واقِعة1 [مفرد]: مؤنَّث واقِع1.
• الواقِعة:
1 - القيامة " {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} ".
2 - اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 56 في ترتيب المصحف، مكِّيَّة، عدد آياتها ستٌّ وتسعون آية. 

واقِعة2 [مفرد]: ج واقعات ووقائعُ:
1 - مصادَمة في الحرب.
2 - نازلة من مصائب الدّهر، حادث طارئ "واقعة مؤلمة- ما أبشع واقعة القطار".
3 - (سف) ما حدَث ووُجد فعلاً ويتميّز عن المتخيَّل والمتوهَّم، حدث حقيقيّ "واقِعةُ الحال- واقعات الميلاد" ° وقائع الجلسة: أحداثها. 

واقِعِيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى واقِع2: "مذهب/ حَدث واقِعيّ" ° غير واقعيّ: غير منسجم مع الحقيقة والواقع، خياليّ- واقعيًّا: في الواقع.
2 - شخص عمليّ، معبِّر عن إدراك الأشياء كما هي في الواقع ° رَجُلٌ واقعيّ: يتصرَّف آخذًا الواقع بعين الاعتبار.
3 - (دب) كاتب أو أديب يستمدّ مادته من ظواهر الحياة الحاضرة الملموسة.
4 - (سف) ما هو موجود بالفعل، أو حقيقة ثابتة بوجودها في الواقع، عكسه خياليّ. 

واقِعِيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى واقِع2: "قِصَّة واقعيَّة".
2 - مصدر صناعيّ من واقِع ° فكرة غير واقعيَّة: خياليَّة.
3 - (دب) مذهب يعتمد على الوقائع ويطلب من الفن أن يعكس الواقع، ويُعنى بتصوير أحوال المجتمع على ما هو عليه "الواقعيَّة النَّقديَّة".
4 - (سف) مذهب يُلتزم فيه التصوير الأمين لمظاهر الطَّبيعة والحياة كما هي، وكذلك عرض الآراء والأحداث والظُّروف والملابسات بدون نظر

مثاليّ.
• سياسة واقعيَّة: (سة) سياسة وطنيَّة توسيعيَّة هدفها الأوحد تقديم المصلحة الوطنيَّة.
• الواقعيَّة التَّصويريَّة: (فن) أسلوب في فنّ الرّسم يشبه التَّصوير الضَّوئيّ من حيث اهتمامه بالتَّفاصيل الواقعيَّة.
• اللاَّواقعيَّة: موقف لا يأخذ الواقع بعين الاعتبار ولا يقدِّره بدقَّة، فِقدان الحِسّ العمليّ "بلغ في تعنُّته أقصى درجات اللاواقعيَّة". 

وَقْع [مفرد]:
1 - مصدر وقَعَ بـ ووقَعَ/ وقَعَ على/ وقَعَ في1/ وقَعَ من.
2 - صوت الضَّرب بالشَّيء "وَقْع أقدام/ حوافر".
3 - تأثير، صدًى "كان لكلامه وَقْع حسن- لهذا النَّبأ وَقْع شديد في نفسه- لفلان وَقْع عند فلان: قَدْرٌ ومنزِلة". 

وَقْعة [مفرد]: ج وَقَعات (لغير المصدر {ووَقْعات} لغير المصدر) ووقائعُ (لغير المصدر):
1 - مصدر وقَعَ بـ.
2 - اسم مرَّة من وقَعَ/ وقَعَ على/ وقَعَ في1/ وقَعَ من: "تسبَّبت وَقْعته في كسر مضاعف- {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} ".
3 - معركة، غزوة "وَقْعة بدر/ اليرموك- سقط في هذه الوَقْعة عددٌ كبيرٌ من القتلى". 

وُقوع [مفرد]: مصدر وقَعَ في2 ووقَعَ/ وقَعَ على/ وقَعَ في1/ وقَعَ من. 

وقيعة [مفرد]: ج وقائعُ (لغير المصدر):
1 - مصدر وقَعَ في2.
2 - اغتياب النَّاس "سَعَى بالوقيعة بينهم".
3 - صدمة الحرب والقتال "الحذرُ أشدُّ من الوقيعة [مثل]: يُضرب لمن يعظم في صدره الشَّيء فإذا وقع فيه كان أهون مما ظنّ- يخبرك مَن شهِدَ الوقيعةَ أنَّني ... أغشى الوغى وأعِفُّ عند المَغنمِ" ° وقائع العرب: أيّام حروبها. 
(و ق ع) : وَقَعَ الشَّيْءُ عَلَى الْأَرْضِ وُقُوعًا وَوَقَعَ بِالْعَدُوِّ أَوْقَعَ بِهِمْ فِي الْحَرْبِ وَهِيَ الْوَقْعَةُ وَالْوَقِيعَةُ (وَوَقَعَ فِي النَّاسِ) مِنْ الْوَقِيعَةِ إذَا عَابَهُمْ وَاغْتَابَهُمْ وَقَوْلُهُ التَّزْكِيَةُ فِي الْعَلَانِيَةِ جَوْرٌ وَمُعَادَاةٌ (وَوَقِيعَةٌ) عَلَى النَّاسِ إمَّا سَهْوٌ أَوْ تَضْمِينٌ (وَالْمُوَاقَعَةُ) وَالْوِقَاعُ مِنْ كِنَايَاتِ الْجِمَاعِ.

أسلوب القرآن

أسلوب القرآن
أول ما يتّسم به أسلوب القرآن هو الفخامة والقوة والجلال، يكتسبها من انتقاء ألفاظ، لا امتهان فيهــا ولا ابتذال، ومن استخدام ألوان التوكيد والتكرير. تشعر بهذه الفخامة في كل ما تناوله القرآن من الأغراض، واستمع إليه يصف جنة الخلد قائلا: إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً مُتَّكِئِينَ فِيهــا عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهــا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً وَيُسْقَوْنَ فِيهــا كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا عَيْناً فِيهــا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (الإنسان 10 - 22). وهكذا يكتسب الأسلوب القرآنى قوّته من اختيار ألفاظه وموسيقاه.
وثانى ما يتصف به التصوير، وقد أوضحنا بعض ذلك فيما مضى، عند ما تحدثنا عن تخيّر اللفظ في الجملة، وعن التصوير بالتشبيه والاستعارة، ونضيف إلى ذلك أنه كثيرا ما ينقل الحوار، ويحكى نص القول بعثا للحياة في الأسلوب، واستمع إلى ألوان الحوار في قوله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهــا جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (الأعراف 37 - 39). والحوار كما ترى ينقل
الحقيقة أمامك مصورة.
وثالث ما يختص به هذا الانسجام الموسيقيّ، الذى فيه تؤلف العبارة من كلمات متّسقة، ذات حركات وسكنات، يشعر المرء عند تلاوتها بما يكمن وراء هذا النظام من موسيقى واتساق، وإن هذه الموسيقى التى تكمن وراء هذا النظم هى التى مكنت المرتلين من تلاوته بهذه الأنغام الموسيقية، وإن شدّة هذا الانسجام يصل في بعض الأحيان إلى أن تتفق الآية مع وزن بحر من بحور الشعر، كما نرى ذلك في قوله تعالى: وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ (سبأ 13). فهى تتفق مع بحر الرمل، وقوله تعالى: وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ (فاطر 18). مما يتّزن على بحر الخفيف، وقوله تعالى: هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ (المؤمنون 36)، مما هو شطر بيت من بحر السريع، وقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (الطلاق 2، 3). مما يوزن على بحر المتقارب، وقوله سبحانه: وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا (الإنسان 14). وبإشباع حركة الميم يوزن على بحر الرّجز، وقوله تعالى: وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (التوبة 14) وزنوه على بحر الوافر، وقوله تعالى: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (العاديات 1، 2). وما على شاكلته، مما يوزن على بحر البسيط. وليس ذلك بمدخل القرآن في الشعر؛ لأنه «إنما يطلق متى قصد القاصد إليه، على الطريق الذى يعمد ويسلك، ولا يصح أن يتفق مثله إلّا من الشعراء، دون ما يستوى فيه العامىّ والجاهل، والعالم بالشعر واللسان وتصرّفه، وما يتفق من كل واحد، فليس يكتسب اسم الشعر، ولا صاحبه اسم شاعر، لأنه لو صح أن يسمى شاعرا كل من اعترض في كلامه ألفاظ تتزن بوزن الشعر، أو أن تنتظم انتظام بعض الأعاريض، كان الناس كلهم شعراء، لأن كل متكلم لا ينفك من أن يعرض في جملة كلام كثير يقوله ما قد يتزن بوزن الشعر، وينتظم انتظامه، ألا ترى أن العامى قد يقول لصاحبه: «أغلق الباب، وائتنى بالطعام» ... ومتى تتبع الإنسان هذا عرف أنه يكثر في تضاعيف الكلام مثله وأكثر منه» .
ويتسم الأسلوب القرآنى بالهدوء عند ما يتطلب الأمر هدوءا وتأملا وفضل تدبر، كما في الآيات التى تدعو إلى إعمال الفكر، وفي القصص والأخبار والأحكام، كما في قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهــا رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيهــا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيهــا خالِدُونَ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (الرعد 2 - 6).
وقوله تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (الأنعام 74 - 82).
وحينا يتدفق الأسلوب ويندفع، فى جمل قصيرة، مثيرا بذلك الانفعال السريع العنيف، وذلك حيث يتطلب هجوم الحق على الباطل هذا العنف المثير، كما تجد ذلك في قوله تعالى: أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ لَوْ كانَ فِيهِــما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (الأنبياء 21 - 24). وقوله تعالى: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (المدثر 11 - 28). أو عند ما يتطلب الأمر إسراعا كما في قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (المدثر 1 - 7).
وأسلوب القرآن منه المسجوع ومنه المرسل، وهو في كليهما يخالف غالبا ما ألف الناس في السجع والإرسال، فالقرآن يلتزم حرف السجع في أكثر من آيتين، بل قد تكون السورة كلها على حرف واحد، كسورة القمر، التى التزم فيهــا حرف الرّاء، ومن أمثلة ما تعدى فيه السجع جملتين، قوله تعالى: عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (عبس 1 - 10).
وقد يأتى بين الجمل المسجوعة بجملة لا تتفق فاصلتها مع ما سبقها ولحقها، وكأنما تلك الكلمة تتطلّب عناية خاصة، تستدعى قدرا كبيرا من الرعاية، تثيره هذه المخالفة لنسق الآيات كقوله تعالى: مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنا فِيهــا حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وَأَبًّا مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (عبس 19 - 37). فأنت ترى كلمتى: طعامه والصاخة، بخروجهما على النسق، قد أثارا انتباه السامع، ودفعاه إلى التريث وإنعام النظر. كما أنك ترى في الآيات السالفة أن الكلمة قد تحافظ على وزن زميلتها في السجع لا في الحرف الأخير، كما نجد ذلك في قضبا ونخلا، وقد سبق أن تحدثنا عن ذلك في فصل الفاصلة.
وقد تكون الجملتان المسجوعتان متوازنتين في القصر، كما في قوله تعالى:
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (التكوير 1 - 5)، وحينا تتوازنان في الطول، ولا يكون باقيا من مظاهر السجع سوى هذه الفاصلة التى تتفق في آخر الآيات، أما الآيات نفسها فمرسلة، وإن كانت لا تتفق مع مرسل كلام الناس، لوجود الفاصلة المتحدة أو المتماثلة في آخرها، كما ترى ذلك في قوله سبحانه: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ الْعالَمِينَ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (غافر 64 - 67)، وفي هذه الآيات فضلا عن ذلك، مظهر من مخالفة السجع القرآنى لسجعنا العادى، فبينا يجلب تكرير الكلمة، لغير تورية أو جناس، ضعفا في التأليف، إذا به في نظم الآى يزيدها جمالا ورونقا، وكأنما هذه الكلمة لازمة النشيد، تكرر فتزيده حسنا وحلاوة.
وقد تتوازن الآى القرآنية من غير سجع، كما في قوله تعالى: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ رافِعَةٌ إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (الواقعة 1 - 9).
وفي القرآن إرسال، كما في قوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيهــا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (المجادلة 22). وهو يخالف إرسالنا العادى بهذه الفواصل في آخره كما ذكرنا.
*** 

ضرر

ض ر ر: (الضَّرُّ) ضِدُّ النَّفْعِ وَبَابُهُ رَدَّ. وَ (ضَارَّهُ) بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنَى (ضَرَّهُ) وَالِاسْمُ (الضَّرَرُ) . وَ (ضَرَّةُ) الْمَرْأَةِ امْرَأَةُ زَوْجِهَا. وَالْبَأْسَاءُ وَ (الضَّرَّاءُ) الشِّدَّةُ وَهُمَا اسْمَانِ مُؤَنَّثَانِ مِنْ غَيْرِ تَذْكِيرٍ. وَ (الضُّرُّ) بِالضَّمِّ الْهُزَالُ وَسُوءُ الْحَالِ. وَ (الْمَضَرَّةُ) خِلَافُ الْمَنْفَعَةِ. وَ (الضِّرَارُ) (الْمُضَارَّةُ) وَرَجُلٌ ذُو (ضَارُورَةٍ) وَ (ضَرُورَةٍ) أَيْ ذُو حَاجَةٍ. وَقَدِ (اضْطَرَّ) إِلَى الشَّيْءِ أَيْ أُلْجِئَ إِلَيْهِ. وَرَجُلٌ (ضَرِيرٌ) بَيِّنُ (الضَّرَارَةِ) بِالْفَتْحِ أَيْ ذَاهِبُ الْبَصَرِ. وَ (الضَّرَائِرُ) الْمَحَاوِيجُ وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ» وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: لَا (تَضَارُّونَ) بِفَتْحِ التَّاءِ أَيْ لَا تَضَامُّونَ. 
ضرر: {أولي الضرر}: الزمانة والمرض. و {الضر}: ضد النفع. {اضطر}: ألجئ، أصله: اضتر. 
ض ر ر

ضره ضرراً وضاره ضراراً " ولا ضرر ولا ضرار في الإسلام " وأضر به، واستضررت به، ولحقه ضرر ومضرة ومضار، ومسته البأساء والضراء، ورجل مضرور، وما أشد ضريره: مضارته. وضرة بينة الضر. ونكحت فلانة على ضر. قال:

يجدن من نهم الحداة سراً ... وجد المقاليت يخفن الضرا

نكت بالسر والمقاليت. وامرأة مضر: ذات ضرائر، ورجل مضر ذو أزواج.

ومن المجاز: ما أشجد ضريره عليها: غيرته. قال:

حتى إذا ما لان من ضريره

وبينهم داء الضرائر: الحسد. ورجل ضرير: بيّن الضرارة من قوم أضراء. ورجل ضرير: مريض، وامرأة ضريرة. وبه ضر: مرض أو هزال " أني مسني الضر " وما يضرك على الضب صيد وما يضيرك، وما تضرك عليها جارية أي ما تزيدك. وأضر عليه: ألح. وأضر الفرس على فأس اللجام: أزم عليه. وأضربه إذا دنا منه دنواً شديداً ولصق به. وبنو فلان يضرّ بهم الطريق إذا كانوا على ممر السابلة. وسحاب مضر: مسف.

ضرر


ضَرَّ(n. ac. ضَرّ)
a. Injured, hurt, harmed; molested.

ضَاْرَرَa. see Ib. Opposed, resisted, withstood.

أَضْرَرَ
a. [Bi]
see Ib. [acc. & 'Ala]
see VIII (a)
تَضَرَّرَ
a. [Min], Was injured, hurt by.
إِنْضَرَرَ
a. [ coll. ], Was injured, hurt;
was wronged.
إِضْتَرَرَ
(ط)
a. [acc. & Ila], Forced, compelled, constrained to.
b. [pass.] [ 1la ], Was forced
compelled, constrained to.
ضَرّa. see 3
ضَرَّة
(pl.
ضَرَاْئِرُ)
a. see 3b. Breast; udder.
c. Fellowwife.
d. . Fleshy part of the thumb.

ضِرّa. Polygamy.

ضُرّa. Injury, hurt, harm; misfortune.

ضَرَر
(pl.
أَضْرَاْر)
a. Detriment, injury, damage; loss.

مَضْرَرَة
(pl.
مَضَاْرِرُ)
a. see 4
ضَاْرِرa. Injurious, hurtful, harmful.

ضَرَاْرَةa. Blindness.
b. Losses.

ضَرِيْر
(pl.
أَضْرَاْر
أَضْرِرَآءُ
68)
a. Blind, sightless.

ضَرِيْرَة
(pl.
ضَرَاْئِرُ)
a. A certain plant.

ضَرُوْرَة
( pl.
reg. )
a. Necessity; urgency.
b. Need, want, distress, misery.

ضَرُوْرِيّa. Necessary, indispensable.
b. Instinctive, intuitive, natural ( knowledge).
ضَاْرُوْر
ضَاْرُوْرَة
40ta. Need, want.

ضَرَّآءُa. see 4
ضَرَاْئِرُa. Necessaries.

N. Ag.
أَضْرَرَa. see 21b. Polygamist.

N. P.
إِضْتَرَرَ
(ط)
a. Forced, constrained.

N. Ac.
إِضْتَرَرَ
(ط)
a. Force, constraint, compulsion.
b. Necessity.

مُضَارَّة [ N.
Ac.
ضَاْرَرَ
(ضِرّ)]
a. see 2
تَضُِرَّة
a. Evil plight.
ض ر ر : الضُّرُّ الْفَاقَةُ وَالْفَقْرُ بِضَمِّ الضَّادِ اسْمٌ وَبِفَتْحِهَا مَصْدَرُ ضَرَّهُ يَضُرُّهُ مِنْ بَابِ قَتَلَ إذَا فَعَلَ بِهِ مَكْرُوهًا.

وَأَضَرَّ بِهِ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ ثُلَاثِيًّا وَبِالْبَاءِ رُبَاعِيًّا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ كُلُّ مَا كَانَ سُوءَ حَالٍ وَفَقْرٍ وَشِدَّةٍ فِي بَدَنٍ فَهُوَ ضُرٌّ بِالضَّمِّ وَمَا كَانَ ضِدَّ النَّفْعِ فَهُوَ بِفَتْحِهَا وَفِي التَّنْزِيلِ {مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء: 83] أَيْ الْمَرَضُ وَالِاسْمُ الضَّرَرُ وَقَدْ أُطْلِقَ عَلَى نَقْصٍ يَدْخُلُ الْأَعْيَانَ

وَرَجُلٌ ضَرِيرٌ بِهِ ضَرَرٌ مِنْ ذَهَابِ عَيْنٍ أَوْ ضَنًى وَضَارَّهُ مُضَارَّةً وَضِرَارًا بِمَعْنَى ضَرَّهُ وَضَرَّهُ إلَى كَذَا وَاضْطَرَّهُ بِمَعْنَى أَلْجَأَهُ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ وَالضَّرُورَةُ اسْمٌ مِنْ الِاضْطِرَارِ وَالضَّرَّاءُ نَقِيضُ السَّرَّاءِ وَلِهَذَا أُطْلِقَتْ عَلَى الْمَشَقَّةِ وَالْمَضَرَّةُ الضَّرَرُ وَالْجَمْعُ الْمَضَارُّ.

وَضَرَّةُ الْمَرْأَةِ امْرَأَةُ زَوْجِهَا وَالْجَمْعُ ضَرَّاتٌ عَلَى الْقِيَاسِ وَسُمِعَ ضَرَائِرُ وَكَأَنَّهَا جَمْعُ ضَرِيرَةٍ مِثْلُ كَرِيمَةٍ وَكَرَائِمَ وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ لَهَا نَظِيرٌ وَرَجُلٌ مُضِرٌّ ذُو ضَرَائِرَ وَامْرَأَةٌ
مُضِرٌّ أَيْضًا لَهَا ضَرَائِرُ وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَضَرَّ إذَا تَزَوَّجَ عَلَى ضَرَّةٍ. 
[ضرر] الضَرُّ: خلاف النفع. وقد ضَرَّه وضَارَّه بمعنًى. والاسم الضَرَرُ. قال ابن السكيت: قولهم: لا يَضُرُّكَ عليه جَمَلٌ، أي لا يزيدك. ولا يَضُرُّكَ عليه رجلٌ، أي لا تجد رجلاً يزيدكَ على ما عند هذا الرجل من الكِفاية. والضَرَّةُ: لحمة الضرَع. يقال: ضَرَّةٌ شَكْرَى، أي ملأى من اللبن. والضَرَّةُ أيضاً: المال الكثير. والمضر: الذى تروح عليه ضَرَّةٌ من المال. قال الأشعر : بِحَسْبِكَ في القوم أن يعلَموا * بأنّك فيهــم غنيٌّ مُضِرّْ - وضَرَّة الإبهام: اللحمة التي تحتها، وهي التي تقابل الألْية في الكفّ. والضرتان: حجر الرحى. وضرة المرأة: امرأة زوجِها. والضِرُّ بالكسر: تزوُّج المرأة على ضَرَّةٍ. يقال: نكحتُ فلانةَ على ضِرٍّ، أي على امرأة كانت قبلها. وحكى أبو عبد الله الطُوالُ: تزوَّجتُ المرأة على ضِرٍّ وضُرٍّ، بالكسر والضم. والبأساء والضرَّاء: الشدّة، وهما اسمان مؤنَّثان من غير تذكير. قال الفرَّاء: لو جُمِعا على أبؤُسٍ وأضر، كما تجمع النعماء بمعنى النعمة على أنْعُمٍ، لجاز والضُرُّ بالضم: الهزال وسؤ الحال. والمضرة: خلاف المنفعة. والضِرار: المضارَّةُ. ومكانٌ ذو ضرار، أي ضيق، عن أبى عبيد. ويقال: لا ضَرَر عليك ولا ضارورةَ ولا تضرة. ورجل ذو ضارورة وضَرورَةٍ، أي ذو حاجة. وقد اضطر إلى الشئ، أي ألجئ إليه. قال الشاعر: أثيبي أخا ضارورةٍ أصْفَقَ العِدى * عليه وقلَّت في الصديق أواصِرُهْ - ورجل ضريرٌ بَيِّنُ الضَرارَةِ، أي ذاهب البصَر. والضَرائِرُ: المحاويجُ. والضَريرُ: حرف الوادي. يقال: نَزَلَ فلانٌ على أحد ضَريرَي الوادي، أي على أحد جانبيه. قال أوس بن حجر: وما خليج من المروت ذو شعب * يرمى الضرير بخشب الطلح والضال - والضرير: النفس وبقية الجسم. قال العجاج:

حامي الحُمَيَّا مَرِسَ الضرير * وإنه لذو ضرر على الشئ، إذا كان ذا صبر عليه ومقاساة له. قال جرير: من كل جرشعة الهواجر زادها * بعد المفاوز جرأة وضريرا - يقال: ناقة ذاتُ ضرير، إذا كانت شديدة النفسِ بطيئة اللُغُوبِ. قال أبو عمرو: الضرير من الدوابِّ، الصبور على كل شئ. والضرير: المضارة، وأكثر ما يستعمل في الغَيرة. يقال: ما أشدّ ضريرَهُ عليها. وأضرَّ بي فلانٌ، أي دنا منِّي دنوًّا شديداً. قال الشاعر، ابن عَنَمَة : لأُمِّ الأرضِ ويلٌ ما أجَنَّتْ * بِحَيْثُ أضَرَّ بالحسَنِ السبيل - وفي الحديث: " لا تضارُّون في رويته ". وبعضهم يقول: " لا تضارون " بفتح التاء، أي لا تَضامُّونَ . وسحابٌ مُضِرٌّ، أي مُسِفٌّ. وأضَرَّ الفرسُ على فأس اللجام، أي أزَمَ عليه، مثل أضَزَّ بالزاي. وأضَرَّ يعدو، إذا أسرعَ بعض الاسراع. حكاهما أبو عبيد: والاضرار: أن يتزوج الرجل على ضَرَّةٍ، عن الأصمعي. قال: ومنه قيل: رجل مُضِرٌّ. وامرأة مضر أيضا: لها ضرائر.
[ضرر] فيه: "الضار" تعالى من يضر من يشاء من خلقه حيث هو خالق كل شيء خيرها وشرها ونفعها وضرها. وفيه: لا"ضرر" ولا "ضرار" في الإسلام، الضر ضد النفع، ضره ضرًا وضرارًا وأضر به إضرارًا. ن: فالثلاثي متعد، والرباعي متعد بالباء. نه: أي "لا يضر" الرجل أخاه فينقصه شيئًا من حقه، والضرار فعال من الضر أي لا يجازيه على إضراره بإدخال الضر عليه، والضرر فعل الواحد والضرر فعل الاثنين، والضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه؛ وقيل: الضرر ما تضر به صاحبك وتنتفع أنت به والضرار أن تضره من غير أن تنتفع به؛ وقيل: هما بمعنى وتكرارهما للتأكيد. ز: كلامه يدل على أن لفظه: لا ضرر ولا ضرار، وكذا هو فيفي إتلاف مال أو مشقة بتكليفه عملًا شاقًا يؤذي بدنه. ك: قال مالك: هو ما أضر بالناس في طريق أو بيع أو غيره، قال: ومثل هؤلاء الذين يطلبون العلم فيضر بعضهم بعضًا حتى يمنعني ذلك أن أجيبهم- وقد مر في شق من ش. غ: "و"لا يضار" كاتب ولا شهيد"، أي لا يضارر فيدعي أن يكتب وهو مشغول، أو لا يضارر لا يكتب إلا بالحق. وكذا، ""لا تضار" والدة"، لا تضارر بنزع الرجل الولد منها، أو لا تضارر الأم الأب فلا ترضعه. و"غير أولى "الضرر""، أي من به علة يقطعه عن الجهاد فإنهم يساوون المجاهدين.
الضاد والراء ض ر ر

الضَّرُّ والضُّرُّ ضدُّ النَّفْعِ والضَّرُّ المصْدرُ والضُّرُّ الاسمُ وقيل هما لغتان كالشَّهدِ والشُّهد ضَرَّه يَضُرُّه ضراّ وضَرَّ به وأضَرَّ بِه وضارّهمضارَّةً وضِراراً وقوله تعالى {غير مضار} النساء 12 مَنع من الضِّرَارِ في الوَصِيّةِ ورُوِيَ عن أبي هُرَيرةَ

من ضارَّ في وصيَّتِه ألقاه اللهُ في وادٍ من جَهَّنم أوْ من نارٍ

والضّرارُ في الوَصِيَّة راجعٌ إلى الميراثِ والضَّارُوراء القَحْطُ والشِدّّة والضَّرُّ سُوءُ الضَّرَرِ والتَّضَرَّةُ والتَّضُرَّةُ الأخيرة مَثّلَ بها سيبَوَيْهِ وفسَّرها السِّيرافيُّ وقوله أَنْشَدُه ثَعْلبٌ

(مُحَلّى بأَطواقٍ عِتاقٍ يُبِينُهما ... على الضَّرِّ رَاعِي الضَأْنِ لَوْ يَتَقوَّفُ)

إنما كنى به عن سُوءِ حالِه في الجَهْلِ وقلّةِ التَّمْييزِ يقول كَرَمُهُ وجُودُه يَبِينُ لمن لا يَفْهَم الخيرَ فكَيْفَ بمَنْ يفهم والضَّرَّاءُ نَقِيضُ السَّراءِ وقوله تعالى {فأخذناهم بالبأساء والضراء} الأنعام 42 قيل الضَرَّاءُ النَّقْصُ في الأموالِ والأَنْفُسِ وكذلك الضَّرَّةُ والضَّرَارَة والضَّرَرُ النُّقصانُ يَدْخُلُ في الشيءِ ورجلٌ ضَرِيرٌ ذاهبُ البَصَرِ والجمعُ أَضْرَّاءُ والضَّرِيرُ المَهزُولُ المريضُ والجمعُ كالجمعِ والأُنْثَى ضَرِيرَةٌ وكُلُّ شيءٍ خالَطَه ضُرٌّ ضَرِيرٌ ومَضْرور والاضْطرار الاحِتِياجُ إلى الشيء وقد اضْطَرَّه إليه أَمْرٌ والاسْمُ الضَّرَّةُ قال دُرَيدُ ابن الصِّمَّةِ

(وتُخْرِجُ منه ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً ... وطُولُ السُّرَى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ)

أي تَلأْلُؤَ عَضْبٍ ويُرْوَى ذَرِّيَّ عضْب يَعْني فِرَنْدَ السَّيْفِ لأنه يُشَبَّهُ بمَدَبِّ النَّحْلِ والضَّرُورةُ كالضَّرَّةِ وليس عليك ضَرَرٌ ولا ضَرُورَةٌ ولا ضارورةٌ والضَّررُ الضِّيقُ ومكان ذو ضرر أي ضِيقٍ ومكانٌ ضَرَرٌ ضَيِّقٌ ومنه قولُ ابن مُقْبِلٍ

(ضِيف الهَضْبَةِ الضَّرر ... )

والمُضِرُّ الدّانِي من الشيءِ قال الأخْطلُ

(ظلَّت ظِبَاءُ بَنِي البَكَّاءِ راتِعةً ... حتى اقْتُنِصْنَ على بُعْدٍ وإضرْارِ)

وأَضَرَّ بالطَّريقِ دَنَا منه ولم يُخالِطْه قال

(لأُمِّ الأرضَ وَيْلٌ ما أَجَنَّتْ ... غَداةَ أَضَرَّ بالحَسَنِ السَّبيلُ)

الحسَن اسمُ رَمْلٍ وأضَرَّ السَّيْلُ من الحائِط دَنَا منه وأضَرَّ السَّحابُ إلى الأرضِ دَنا منه وكلُّ ما دَنا دُنُوّا مُضَيَّقاً فَقد أَضَرَّ وأمَّا ما رُوِيَ في الحديث من قولِهم لا تُضَارُّونَ في رؤيتِهِ على صِيغَةِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه فهو من ذلك أي لا تَضَامُّونَ تَضَامّا يدْنو به بعضكُم من بعضٍ فَتُضايَقُون والضَّرِيرانِ جانِبَا الوادي قال أوسُ بن حَجَرٍ

(وما خَلِيجٌ من المَرُّوتِ ذُو شُعَبٍ ... يَرْمي الضَّرِيرَ بِخُشْبِ الطَّلْحِ والضَّالِ)

واحدهما ضَريرٌ وجمعُه أَضِرَّة وإنّه لَذُو ضَرِيرٍ أي صَبْرٍ على الشَّرِّ ومُقَاساةٍ له وقيل هو مِن الناسِ والدوابّ الصَّبُورُ على كلِّ شيءِ قال

(باتَ يُقَاسِي كُلَّ نابٍ ضَرِزَّةٍ ... شَدِيدَةِ جَفْنِ العَيْنِ ذاتِ ضَرِيرِ) وقال

(أمَّا الصُّدورُ لاَ صُدورَ لجَعْفَرٍ ... ولكنَّ أَعْجَازا شديداً ضَرِيرُهَا)

وقولُ مُليحٍ الهُذَليِّ

(وإني لأُقْرِئُ الهَمَّ حين يُسُوؤني ... بُعَيْدَ الكَرَى منهُ ضَريرٌ مُحافِلُ)

وإنَّه لَضِرُّ أضْرارٍ أي شَديدُ أشِدَّاء قال أبو خِراشٍ

(والقَوْمُ أَعْلَمُ لو قُرْطٌ أُرِيدَ بها ... لَكانَ عُرْوةُ فيهــا ضِرَّ أضْرارِ)

وإنه لَذُو ضَرِيرٍ على امرأتِه أَي غَيْرَةٍ قال الراجزُ يصف حماراً

(حتى إذا ما لانَ مِنْ ضَرِيره ... )

وضارَّه مُضارَّةً وضِراراً خالَفَه قال نابغةُ بَنِي جَعْدَةَ

(وخَصْمَيْ ضِرَارٍ ذَوَيْ تَدْرَأٍ ... متَى بَاتَ سِلْمُهما يَشْغَبَا)

وقد فُسِّر قولُه صلى الله عليه وسلم فإنكُم لا تَضارُّون في رُؤْيَتِه يعني رؤُية الباري جلَّ وعزَّ بأنَّ معناه لا يُخالفُ بعضكم بعضاً عن الزَّجاج ويروى تُضَارُّون أي لا يَضُرُّ بعضُكُم بعضاً ويروى تُضَارُون من الضَّيرِ والضَرَّتانِ امْرأتا الرَّجلِ كل واحدةٍ منهما ضَرَّةٌ لصاحِبَتِها وهو من ذلك وهُنَّ الضَّرائرُ نادرٌ قال أبو ذؤيبٍ يصف قُدُوراً

(لَهُنَّ نَشِيجٌ بالنَّثِيلِ كأنَّها ... ضَرَائِرُ حِرْميٍّ تَفاحَشَ غارُها)

وهي الضِّرُّ وتَزوّجَ على ضِرٍّ وضُرٍّ أي مُضَارَّة بين امرأَتْينِ ويكون الضِّرُّ للثَّلاثِ حكَى كُراعٌ تزوَّجْتُ المرأةَ على ضِرٍّ كُنَّ لها فإذا كان كذلك فهو مَصْدرٌ على طَرْح الزائد أو جمعٌ لا واحدَ له والإِضْرارُ التَّزْويجُ على ضَرَّةٍ رجُلٌ مُضِرٌّ وامرأةٌ مُضِرٌّ والضَّرْتانِ الأَلْيَةُ من جانِبَيْ عَظْمِها وهما اللَّحْمتان اللتان تَنْهدِلانِ من جانِبَيْها وضَرّةُ الإِبهامِ لَحْمَةٌ تَحْتَها وقيل أصْلُها وقيل هي باطنُ الكَفِّ حِيَال الخِنْصَرِ تُقَابِلُ الأَلْيَةَ في الكَفِّ والضَّرَّةُ ما وقع عليه الوَطْءُ من لحمِ باطن القَدَمِ مما يَلي الإِبْهامَ والضرَّة أصلُ الضرَّع الذي لا يخلو من اللَّبَن أو لا يكادُ يَخْلُو منه وقيل هو الضَّرْعُ كلُّه ما خَلاَ الأطْبَاءَ ولا يُسَمّى بذلك إلا أن يكونَ فيه لَبَنٌ وقيل الضرَّةُ الخِلْفُ قال طَرَفَةُ يصفُ نَعْجَةً

(من الزَّمِرَاتِ أَسْبَلَ قَادِمَاها ... وضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرُورُ)

والضَرَّةُ أصلُ الثَّدْيِ والجمع من ذلك كله ضَرائِرُ وقد بَيَّنْتُ أنه جمعٌ نادرٌ أنشد ثعلب

(وصارَ أَمْثَالَ الفَغَا ضَرائِرِي ... )

إنما عَنَى بالضَّرائرِ أحدَ هذه الأشياء المتقدّمة والضَّرَّةُ المالُ يَعْتَمِد عليه الرَّجلُ وهو لغيرِه من أقاربِه وعليه ضَرَّتانِ من ضَأْنٍ ومَعْزٍ والضَّرةُ القِطعةُ من المالِ والإِبِلِ والغَنَمِ وقيل هو الكثيرُ من الماشية خاصّةً دون العَيْرِ رَجُلٌ مُضِرٌّ له ضَرَّةٌ من مالٍ قال

(بحَسْبِكَ في القَوْمِ أَنْ يَعْلَمُوا ... بأنّكَ فيهِــمْ غَنِيٌّ مُضِرْ) والضّرتانِ الرَّحَيانِ والضَّرِيرُ النَّفْسُ وقيل بَقِيّةُ النَّفسِ وناقةٌ ذاتُ ضَرِير مُضِرَّةٌ بالإِبِلِ في شِدَّة سَيْرها وبه فُسِّر قولُ أمَّيةَ بن أبي عائذٍ الهُذِليِّ

(تُبارِي ضَرِيسٌ أُولاَتِ الضَّرير ... وتَقْدُمُهُنَّ عَتُوداً عَنُونا)

وأضَرَّ يَعْدُو أَسْرَعَ وقيل أسرعَ بعضَ الإِسراعِ هذه حكاية أبي عُبَيْدٍ قال الطوسيُّ وقد غَلِطَ إنّما هو أَصَرَّ والمِضْرارُ من النِّساءِ والإِبِلِ والخيل التي تَنِدُّ وتَرْكَبُ شِدْقَها من النَّشاطِ عن ابن الأعرابيِّ وأَنشدَ

(إذا أنت مَضْرارٌ جَوادُ الحُضْرِ ... أغْلظُ شيءٍ جَانِباً بِقُطْرِ)

وضُرٌّ ماءٌ معروفٌ قال أبو خراشٍ

(نُسابِقُهُم على وَصَفٍ وضُرٍّ ... كَدابِغَةٍ وقد نَغَلَ الأَديمُ)

وضِرارٌ اسمُ رَجُلٍ
ضرر
ضَرَّ/ ضَرَّ بـ ضَرَرْتُ، يَضُرّ، اضْرُرْ/ضُرَّ، ضَرًّا وضُرًّا وضَرَرًا، فهو ضارّ، والمفعول مَضْرور
• ضرَّ فلانًا/ ضرَّ بفلان: ألحق به أذًى أو مكروهًا، عكسه نفعه "ضرّ الحصارُ بالبلاد- {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} " ° لا يضرُّ السَّحابَ نُباحُ الكلاب [مثل]: يُضرب في الحقير يتطاول على عظيم القدر. 

ضُرَّ يُضَرّ، ضَرارةً، والمفعول مَضْرور
• ضُرّ بَصرُ الرَّجُل: صار ضريرًا. 

أضرَّ/ أضرَّ بـ يُضرّ، أضْرِرْ/أضِرَّ، إضرارًا، فهو مُضِرّ، والمفعول مُضَرّ (للمتعدِّي)
• أضرَّتِ المرأةُ: تزوّجت على ضَرّة.
• أضرَّ صحَّتَه/ أضرَّ بصحَّته: ضرَّها؛ ألحق بها أذى أو مكروهًا "أضرّ بمصالح غيره- أضرّ جارَه".
• أضرَّ بالشَّيء: أتلفه. 

اضطرَّ يضطرّ، اضْطَرِرْ/اضْطَرَّ، اضطرارًا، فهو مُضطرّ، والمفعول مُضطرّ
• اضطَرَّه إلى الانسحاب: أحوجه وألجأه إليه وأرغمه عليه "اضطَرَّه إلى الهروب/ عدم الحركة- {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ} - {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} " ° عند الاضطرار/ في حالات الاضطرار: عند الضرورة القصوى.

اضطُرَّ/ اضطُرَّ إلى/ اضطُرَّ على/ اضطُرَّ لـ يُضطَرّ، اضطرارًا، والمفعول مُضطرّ
• اضطُرَّ الشَّخصُ/ اضطُرَّ الشَّخصُ إلى الاعتراف/ اضطُرَّ الشَّخصُ على الاعتراف/ اضطُرَّ الشَّخصُ للاعتراف: أُلجئَ إليه وأُكره عليه " {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} ". 

تضرَّرَ/ تضرَّرَ بـ/ تضرَّرَ من يتضرَّر، تضرُّرًا، فهو مُتضرِّر، والمفعول مُتضرَّر به
• تضرَّر الشَّيءُ: أصابه أذًى.
• تضرَّر بالحرب/ تضرَّر من الحرب: أصابه بها أو منها ضرر "تضرَّر الزَّرعُ بالمطر الغزير- تضرَّر المزارعون من الجفاف" ° على المُتضرِّر اللُّجوء إلى القضاء: عبارة قانونيّة شائعة تعني إبقاءَ كلّ شيء على ما هو عليه انتظارًا لحكم القضاء. 

ضارَّ يضارّ، ضارِرْ/ضارَّ، مُضارَّةً وضِرارًا، فهو مُضارّ، والمفعول مُضارّ
• ضارَّ فلانًا: جازاه على ضرره "ضارَّه خصومُه- لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ [حديث]- {لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} - {وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} ". 

ضارّ [مفرد]: اسم فاعل من ضَرَّ/ ضَرَّ بـ ° ربَّ ضارّة نافعة: نعمة في ثوب نقمة.
• الضَّارّ: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: المقدِّر للضّرّ لمن أراد وكيف أراد يُفقر ويُمرض على مقتضى حكمته. 

ضَرَارَة [مفرد]: مصدر ضُرَّ. 

ضَرّ [مفرد]:
1 - مصدر ضَرَّ/ ضَرَّ بـ.
2 - ضُرّ؛ شدّة وبلاء وسوء حال " {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضَّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [ق] ". 

ضَرَر [مفرد]: ج أضرار (لغير المصدر):
1 - مصدر ضَرَّ/ ضَرَّ بـ.
2 - أذًى، خسارة "ألحق به الضَّرَر- أحدثت الحرائقُ أضرارًا جسيمة في الممتلكات" ° أخفّ الضَّرَرَيْن: أهونهما، أقلُّهما شرًّا.
3 - عِلّة تُقعِد عن الجهاد ونحوه " {لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} ".
4 - ضيق وسوء حال "يعاني الجارُ ضَرَرًا كبيرًا".
• الضَّرَر المدنيّ: (قن) أذًى أو خسارة تُصيب الشّخصَ في جسمه أو ماله نتيجة إخلال تعاقديّ أو جريمة، ممّا
 يُجيز له التماس التَّعويض بدعوى مدنيّة. 

ضُرّ [مفرد]: ج أضرار (لغير المصدر):
1 - مصدر ضَرَّ/ ضَرَّ بـ ° تزوَّج على ضُرّ: مضارّة بين امرأتين أو أكثر.
2 - سوء حال أو فقر، شدّة في بدن من هُزال، أو مرض " {إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضُرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا} [ق]- {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} ". 

ضرَّاءُ [مفرد]: فَقْر، شدَّة، مشقّة، مرض، عكس سرَّاء "كان صبورًا في الضَّرَّاء- وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ [حديث]- {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ}: وقت اليسر والعسر أو في الرَّخاء والشِّدَّة، في جميع الأحوال والظُّروف". 

ضَرَّة [مفرد]: ج ضَرَّات وضَرَائِرُ:
1 - اسم مرَّة من ضَرَّ/ ضَرَّ بـ: أذيَّة "لم أرَ منه ضَرَّةً في حياتي".
2 - إحدى زوجتي الرَّجل، أو إحدى زوجاته "بينهم داء الضَّرائر [مثل]: الحسد، يُضرب في العداوة الرَّاسخة".
3 - أصل الثَّدْي، لحمة الضَّرع "ضرَّةُ الشَّاة".
• الضَّرَّتان: حجر الرَّحَى. 

ضَرورة [مفرد]: ج ضَرُورات وضَرَائِرُ:
1 - حاجة "تضامُن الدول العربيَّة أصبح ضرورةً حيويّة" ° الضَّرورات تبيح المحظورات: الحاجات الملحّة تجيز ما لا يجوز- الضَّرورة القصوى/ الضَّرورة الملحَّة: الحاجة البالغة الشدّة- بالضَّرورة: وجوبًا، حَتْمًا- عند الضَّرورة: عند الحاجة.
2 - مشقّة، شدّة لا رادّ لها "للضَّرورة أحكام".
• الضَّرُورة: اسم لما يتميَّز به الشّيء من وجوب أو امتناع، وهي خلاف الجواز ° المعلوم بالضَّرورة: الثابت بصفة قطعيّة.
• الضَّرورة الشِّعريَّة: (عر) الحالة الدَّاعية إلى استعمال ما لا يُستعمل في النَّثر كتنوين الممنوع من الصرف، وهي رخصة مُنحت للشُّعراء كي يَخرجوا بها عن بعض قواعد اللُّغة عندما تعرض لهم كلمة لا يؤدّي معناها في موقعها سواها. 

ضروريّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى ضَرورة: كلّ ما تمسّ إليه الحاجة خلاف الكماليّ "النوم ضروريّ للإنسان" ° الضَّروريّات: الحاجات التي يعتقد المستهلك أنها ذات منفعة أساسيّة إذا قورنت بغيرها، وعكسها الكماليَّات.
2 - واجب حتميّ "الانسحاب من الأراضي المحتلَّة شرط ضروريّ للسلام" ° ضروريّات الأحوال: مقتضياتها- مِنْ الضَّروريّ أن/ كان مِنْ الضَّروريّ أن: من اللاّزم أن. 

ضرير [مفرد]: ج ضريرون وأضِرّاء، مؤ ضريرة، ج مؤ ضريرات وضَرَائِرُ: أعمى "كان طه حسين ضريرًا" ° ضرير القَلب: من لا تَفكُّر عنده و لا بصيرة. 

مَضَرَّة [مفرد]: ج مَضَرَّات ومَضَارُّ: ضَرَر، أذى، ما يَلحق بالإنسان من ضيقٍ أو مرضٍ، عكس منفعة "مضارُّ الحرب- مَضَرَّة التكاسُل والإهمال تقع على صاحبها". 

ضرر: في أَسماء الله تعالى: النَّافِعُ الضَّارُّ، وهو الذي ينفع من

يشاء من خلقه ويضرّه حيث هو خالق الأَشياء كلِّها: خيرِها وشرّها ونفعها

وضرّها. الضَّرُّ والضُّرُّ لغتان: ضد النفع. والضَّرُّ المصدر، والضُّرّ

الاسم، وقيل: هما لغتان كالشَّهْد والشُّهْد، فإِذا جمعت بين الضَّرّ

والنفع فتحت الضاد، وإِذا أَفردت الضُّرّ ضَمَمْت الضاد إِذا لم تجعله مصدراً،

كقولك: ضَرَرْتُ ضَرّاً؛ هكذا تستعمله العرب. أَبو الدُّقَيْش: الضَّرّ

ضد النفع، والضُّر، بالضم، الهزالُ وسوء الحال. وقوله عز وجل: وإِذا مسّ

الإِنسانَ الضُّرُّ دعانا لِجَنْبه؛ وقال: كأَن لم يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ

مسَّه؛ فكل ما كان من سوء حال وفقر أَو شدّة في بدن فهو ضُرّ، وما كان

ضدّاً للنفع فهو ضَرّ؛ وقوله: لا يَضُرّكم كيدُهم؛ من الضَّرَر، وهو ضد

النفع.

والمَضَرّة: خلاف المَنْفعة. وضَرَّهُ يَضُرّه ضَرّاً وضَرّ بِه وأَضَرّ

بِه وضَارَّهُ مُضَارَّةً وضِراراً بمعنى؛ والاسم الضَّرَر. وروي عن

النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ في الإسلام؛

قال: ولكل واحد من اللفظين معنى غير الآخر: فمعنى قوله لا ضَرَرَ أَي لا

يَضُرّ الرجل أَخاه، وهو ضد النفع، وقوله: ولا ضِرار أَي لا يُضَارّ كل واحد

منهما صاحبه، فالضِّرَارُ منهما معاً والضَّرَر فعل واحد، ومعنى قوله:

ولا ضِرَار أَي لا يُدْخِلُ الضرر على الذي ضَرَّهُ ولكن يعفو عنه، كقوله

عز وجل: ادْفَعْ بالتي هي أَحسن فإِذا الذي بينك وبينه عداوة كأَنه

ولِيٌّ حَمِيمٌ؛ قال ابن الأَثير: قوله لا ضَرَرَ أَي لا يَضُرّ الرجل أَخاه

فَيَنْقُصه شيئاً من حقه، والضِّرارُ فِعَالٌ من الضرّ، أَي لا يجازيه على

إِضراره بإِدخال الضَّرَر عليه؛ والضَّرَر فعل الواحد، والضِّرَارُ فعل

الاثنين، والضَّرَر ابتداء الفعل، والضِّرَار الجزاء عليه؛ وقيل:

الضَّرَر ما تَضُرّ بِه صاحبك وتنتفع أَنت به، والضِّرار أَن تَضُره من غير أَن

تنتفع، وقيل: هما بمعنى وتكرارهما للتأْكيد.

وقوله تعالى: غير مُضَارّ؛ مَنع من الضِّرَار في الوصية؛ وروي عن أَبي

هريرة: من ضَارَّ في وَصِيَّةٍ أَلقاه الله تعالى في وَادٍ من جهنم أَو

نار؛ والضِّرار في الوصية راجع إِلى الميراث؛ ومنه الحديث: إِنّ الرجلَ

يعمَلُ والمرأَة بطاعة الله ستين سنةً ثم يَحْضُرُهما الموتُ فَيُضَارِران

في الوصية فتجبُ لهما النار؛ المُضارَّةُ في الوصية: أَن لا تُمْضى أَو

يُنْقَصَ بعضُها أَو يُوصى لغير أَهلها ونحو ذلك مما يخالف السُّنّة.

الأَزهري: وقوله عز وجل: ولا يُضَارَّ كاتب ولا شهيد، له وجهان: أَحدهما لا

يُضَارّ فَيُدْعى إِلى أَن يكتب وهو مشغول، والآخر أَن معناه لا يُضَارِرِ

الكاتبُ أَي لا يَكْتُبْ إِلا بالحق ولا يشهدِ الشّاهد إِلا بالحق،

ويستوي اللفظان في الإِدغام؛ وكذلك قوله: لا تُضَارَّ والدةٌ بولدها؛ يجوز أَن

يكون لا تُضَارَرْ على تُفاعَل، وهو أَن يَنْزِع الزوجُ ولدها منها

فيدفعه إِلى مُرْضعة أُخرى، ويجوز أَن يكون قوله لا تُضَارَّ معناه لا

تُضَارِرِ الأُمُّ الأَبَ فلا ترضِعه.

والضَّرَّاءُ: السَّنَة. والضَّارُوراءُ: القحط والشدة.

والضَّرُّ: سوء الحال، وجمعه أَضُرٌّ؛ قال عديّ بن زيد العبّادي:

وخِلالَ الأَضُرّ جَمٌّ من العَيْـ

شِ يُعَفِّي كُلُومَهُنَّ البَواقي

وكذلك الضَّرَرُ والتَّضِرَّة والتَّضُرَّة؛ الأَخيرة مثل بها سيبويه

وفسرها السيرافي؛ وقوله أَنشده ثعلب:

مُحَلًّى بأَطْوَاقٍ عِتاقٍ يُبِينُها،

على الضَّرّ، رَاعي الضأْنِ لو يَتَقَوَّفُ

إِنما كنى به عن سوء حاله في الجهل وقلة التمييز؛ يقول: كرمُه وجوده

يَبِينُ لمن لا يفهم الخير فكيف بمن يفهم؟ والضَّرَّاءُ: نقيض السَّرَّاء.

وفي الحديث: ابْتُلِينَا بالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنا، وابتلينا بالسَّرَّاء

فلم نَصْبِرْ؛ قال ابن الأَثير: الضَّرَّاءُ الحالة التي تَضُرُّ، وهي

نقيض السَّرَّاء، وهما بناءان للمؤنث ولا مذكر لهما، يريد أَنا اخْتُبِرْنا

بالفقر والشدة والعذاب فصبرنا عليه، فلما جاءتنا السَّرَّاءُ وهي الدنيا

والسَّعَة والراحة بَطِرْنا ولم نصبر. وقوله تعالى: وأَخذناهم بالبأْساءِ

والضَّرَّاءِ؛ قيل: الضَّرَّاءُ النقص في الأَموال والأَنفس، وكذلك

الضَّرَّة والضَّرَارَة، والضَّرَرُ: النقصان يدخل في الشيء، يقال: دخل عليه

ضَرَرٌ في ماله. وسئل أَبو الهيثم عن قول الأَعشى:

ثُمَّ وَصّلْت ضَرَّةً بربيع

فقال: الضَّرَّةُ شدة الحال، فَعْلَة من الضَّرّ، قال: والضُّرّ أَيضاً

هو حال الضَّرِيرِ، وهو الزَّمِنُ. والضَّرَّاءُ: الزَّمانة. ابن

الأَعرابي: الضَّرَّة الأَذاة، وقوله عز وجل: غير أُولي الضَّرَر؛ أَي غير أُولي

الزَّمانة. وقال ابن عرفة: أَي غير من به عِلَّة تَضُرّه وتقطعه عن

الجهاد، وهي الضَّرَارَة أَيضاً، يقال ذلك في البصر وغيره، يقول: لا يَسْتَوي

القاعدون والمجاهدون إِلا أُولو الضَّرَرِ فإِنهم يساوون المجاهدين؛

الجوهري: والبَأْساءُ والضَّرَّاء الشدة، وهما اسمان مؤنثان من غير تذكير،

قال الفراء: لو جُمِعَا على أَبْؤُسٍ وأَضُرٍّ كما تجمع النَّعْماء بمعنى

النِّعْمة على أَنْعُم لجاز. ورجل ضَرِيرٌ بَيِّن الضَّرَارَة: ذاهب

البصر، والجمع أَضِرَّاءُ. يقال: رجل ضَرِيرُ البصرِ؛ وإِذا أَضَرَّ به

المرضُ يقال: رجل ضَرِير وامرأَة ضَرِيرَة. وفي حديث البراء: فجاء ابن أُمّ

مكتوم يشكو ضَرَارَتَه؛ الضَّرَارَة ههنا العَمَى، والرجل ضَرِيرٌ، وهي من

الضَّرّ سوء الحال. والضَّرِيرُ: المريض المهزول، والجمع كالجمع،

والأُنثى ضَرِيرَة. وكل شيء خالطه ضُرٌّ، ضَرِيرٌ ومَضْرُورٌ. والضَّرائِرُ:

المَحاويج.

والاضطِرَارُ: الاحتياج إِلى الشيء، وقد اضْطَرَّه إِليه أَمْرٌ، والاسم

الضَّرَّة؛ قال دريد بن الصمة:

وتُخْرِجُ منهُ ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً،

وَطُولُ السُّرَى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ

أَي تَلأْلُؤَ عَضْب، ويروى: ذَرِّيَّ عضب يعني فِرِنْدَ السيف لأَنه

يُشَبَّه بمَدَبِّ النمْلِ.

والضَّرُورةُ: كالضَّرَّةِ. والضِّرارُ: المُضَارَّةُ؛ وليس عليك ضَرَرٌ

ولا ضَرُورةٌ ولا ضَرَّة ولا ضارُورةٌ ولا تَضُرّةٌ. ورجل ذو ضارُورةٍ

وضَرُورةٍ أَي ذُو حاجةٍ، وقد اضْطُرَّ إِلى الشَّيءِ أَي أُلْجئَ إِليه؛

قال الشاعر:

أَثِيبي أَخا صارُورةٍ أَصْفَقَ العِدى

عليه، وقَلَّتْ في الصَّدِيق أَواصِرُهْ

الليث: الضّرُورةُ اسمٌ لمصْدرِ الاضْطِرارِ، تقول: حَمَلَتْني

الضّرُورَةُ على كذا وكذا. وقد اضْطُرّ فلان إِلى كذا وكذا، بِناؤُه افْتَعَلَ،

فَجُعِلَت التاءُ طاءً لأَنَّ التاءَ لم يَحْسُنْ لفْظُه مع الضَّادِ.

وقوله عز وجل: فمن اضطُرّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ؛ أَي فمن أُلْجِئَ إِلى أَكْل

الميْتةِ وما حُرِّم وضُيِّقَ عليه الأَمْرُ بالجوع، وأَصله من

الضّرَرِ، وهو الضِّيقُ. وقال ابن بزرج: هي الضارُورةُ والضارُوراءُ ممدود. وفي

حديث عليّ، عليه السلام، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنَّه نهى عن بيع

المُضْطَرّ؛ قال ابن الأَثير: هذا يكون من وجهين: أَحدُهما أَنْ

يُضْطَرّ إِلى العَقْدِ من طَرِيقِ الإِكْراهِ عليه، قال: وهذا بيعٌ فاسدٌ لا

يَنْعَقِدُ، والثاني أَنْ يُضْطَرَّ إِلى البليعِ لِدَيْن رَكِبَه أَو

مَؤونةٍ ترْهَقُه فيَبيعَ ما في يَدِه بالوَكْسِ للضَّرُروةِ، وهذا سبيلُه في

حَقِّ الدِّينِ والمُروءةِ أَن لا يُبايَعَ على هذا الوجْهِ، ولكن

يُعَان ويُقْرَض إِلى المَيْسَرَةِ أَو تُشْتَرى سِلْعَتُه بقِيمتها، فإِنْ

عُقِدَ البَيْع مع الضرورةِ على هذا الوجْه صحَّ ولم يُفْسَخْ مع كراهةِ

أَهلِ العلْم له، ومعنى البَيْعِ ههنا الشِّراءُ أَو المُبايَعةُ أَو

قَبُولُ البَيْعِ. والمُضْطَرُّ: مُفْتَعَلٌ من الضّرِّ، وأَصْلُه مضْتَرَرٌ،

فأُدْغِمَت الراءُ وقُلِبَت التاءُ طاءً لأَجْلِ الضادِ؛ ومنه حديث ابن

عمر: لا تَبْتَعْ من مُضْطَرٍّ شَيْئاً؛ حملَه أَبو عُبَيْدٍ على

المُكْرَهِ على البَيْعِ وأَنْكَرَ حَمْلَه على المُحْتاج. وفي حديث سَمُرَةَ:

يَجْزِي من الضَّارُورة صَبُوحٌ أَو غَبُوق؛ الضارروةُ لغةٌ في الضّرُورةِ،

أَي إِنَّما يَحِلّ للمُضْطَرّ من المَيْتة أَنْ يأْكُلَ منها ما يسُدُّ

الرَّمَقَ غَداءً أَو عَشاءً، وليس له اين يَجْمعَ بينهما. والضَّرَرُ:

الضِّيقُ. ومكانٌ ذو ضَرَرٍ أَي ضِيقٍ. ومكانٌ ضَرَرٌ: ضَيِّقٌ؛ ومنه قول

ابن مُقْبِل:

ضِيف الهَضْبَةِ الضَّرَر

وقول الأَخطل:

لكلّ قَرارةٍَ منها وفَجٍّ

أَضاةٌ، ماؤها ضَرَرٌ يَمُور

قال ابن الأَعرابي: ماؤها ضرَرٌ أَي ماءٌ نَمِيرٌ في ضِيقٍ، وأَرادَ

أَنَّه غَزِيرٌ كثيرٌ فَمجارِيه تَضِيقُ به، وإِن اتَّسَعَتْ. والمُضِرُّ:

الدَّاني من الشيْءِ؛ قال الأَخْطل:

ظَلَّتْ ظِياءٌ بَني البَكَّاءِ راتِعَةً،

حتى اقْتُنِصْنَ على بُعْدٍ وإِضْرار

وفي حديث معاذ: أَنَّه كان يُصَلِّي فأَضَرَّ به غُصْنٌ فمَدَّ يَده

فكَسَرَهُ؛ قوله: أَضَرَّ به أَي دنا منه دُنُوّاً شديداً فآذاه. وأَضَرَّ

بي فلانٌ أَي دَنا منّي دُنُوّاً شديداً وأَضَرَّ بالطريقِ: دنَا منه ولم

يُخالِطْه؛ قال عبدالله بن عَنْمة

(* قوله: «ابن عنمة» ضبط في الأصل

بسكون النون وضبط في ياقوت بالتحريك). الضَّبِّي يَرْثي بِسْطَامَ ابْنَ

قَيْسٍ:

لأُمِّ الأَرْضِ ويْلٌ ما أَجَنَّتْ

غداةَ أَضَرَّ بالحسَنِ السَّبيلُ؟

(* قوله: «غداة» في ياقوت بحيث).

يُقَسِّمُ مالَه فِينا فَنَدْعُو

أَبا الصَّهْبا، إِذا جَنَحَ الأَصِيلُ

الحَسَنُ: اسمُ رَمْلٍ؛ يَقُولُ هذا على جهة التعجُّبِ، أَي وَيْلٌ

لأُمِّ الأَرْضِ ماذا أَجَنَّت من بِسْطام أَي بحيث دَنَا جَبَلُ الحَسَنِ من

السَّبِيلِ. وأَبو الصهباء: كُنْيَةُ بسْطام. وأَضَرَّ السيْلُ من

الحائط: دَنَا منه. وسَحابٌ مُضِرٌّ أَي مُسِفٌّ. وأَضَرَّ السَّحابُ إِلى

الأَرْضِ: دَنَا، وكلُّ ما دَنا دُنُوّاً مُضَيَّقاً، فقد أَضَرَّ. وفي

الحديث: لا يَضُرُّه أَنْ يَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كانَ له؛ هذه الكلمةُ

يَسْتَعْمِلُها العرَبُ ظاهرُها الإِباحَةُ ومعناها الحَضُّ

والتَّرْغِيبُ.والضَّرِيرُ: حَرْفُ الوادِي. يقال: نَزَلَ فلانٌ على أَحدِ ضِرِيرَي

الوادِي أَي على أَحَدِ جانِبَيْهِ، وقال غيرُه: بإِحْدَى ضَفَّتَيْه.

والضَّرِيرانِ: جانِبا الوادِي؛ قال أَوس بن حَجَر:

وما خَلِيجٌ من المَرُّوتِ ذُو شُعَبٍ،

يَرْمِي الضَّرِيرَ بِخُشْبِ الطَّلْحِ والضَّالِ

واحِدُهما ضَرِيرٌ وجمعُه أَضِرَّةٌ. وإِنه لَذُو ضَرِيرٍ أَي صَبْرٍ

على الشرِّ ومُقَاساةٍ له. والضَّرِيرُخ من النَّاسِ والدوابِّ: الصبُورُ

على كلّ شيء؛ قال:

باتَ يُقاسي كُلَّ نابٍ ضِرزَّةٍ،

شَدِيدة جَفْنِ العَيْنِ ذاتِ ضَريرِ

وقال:

أَما الصُّدُور لا صُدُورَ لِجَعْفَرٍ،

ولكنَّ أَعْجازاً شديداً ضَرِيرُها

الأَصمعي: إِنه لَذُو ضَرِيرٍ على الشيءِ والشِّدَةِ إِذا كان ذا صبرٍ

عليه ومُقَاساةٍ؛ وأَنشد:

وهمَّامُ بْنُ مُرَّةَ ذو ضَرِيرِ

يقال ذلك في الناس والدوابِّ إِذا كان لها صبرٌ على مقاساةِ الشرِّ؛ قال

الأَصمعي في قول الشاعر:

بمُنْسَحَّةِ الآباطِ طاحَ انْتِقالُها

بأَطْرافِها، والعِيسُ باقٍ ضَرِيرُها

قال: ضريرُها شدَّتُها؛ حكاه الباهِليُّ عنه؛ وقول مليح الهذلي:

وإِنِّي لأَقْرِي الهَمَّ، حين يَنوبني،

بُعَيدَ الكَرَى منه، ضَرِيرٌ مُحافِلُ

أَراد مُلازِم شَدِيد. وإِنَّه لَضِرُّ أَضْرارٍ أَي شَدِيدُ

أَشِدَّاءَ، وضِلُّ أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ إِذا كان داهِيَةً في رأْيه؛ قال أَبو

خراش:

والقوم أَعْلَم لو قُرْطٌ أُرِيدَ بها،

لكِنَّ عُرْوةَ فيهــا ضِرُّ أَضْرارِ

أَي لا يستنقذه ببَأْسهه وحِيلَهِ. وعُرْوةُ: أَخُو أَبي خِراشٍ، وكان

لأَبي خراشٍ عند قُرْطٍ مِنَّةٌ، وأَسَرَتْ أَزد السَّراةِ عُرْوةَ فلم

يحمَد نيابَة قُرْطٍ عنْه في أَخيه:

إِذا لَبُلَّ صَبِيُّ السَّيْفِ من رَجُلٍ

من سادةِ القَومِ، أَوْ لالْتَفَّ بالدَّار

الفراء: سمعت أَبَا ثَروانَ يقول: ما يَضُرُّكَ عليها جارِيَةً أَي ما

يَزِيدُكَ؛ قال: وقال الكسائي سمعتهم يقولون ما يَضُرُّكَ على الضبِّ

صَبْراً، وما يَضِيرُكَ على الضبِّ صَبْراً أَي ما يَزِيدُكَ. ابن

الأَعرابي: ما يَزِيدُك عليه شيئاً وما يَضُرُّكَ عليه شيئاً، واحِدٌ. وقال ابن

السكيت في أَبواب النفي: يقال لا يَضُرُّك عليه رجلٌ أَي لا تَجِدُ رجلاً

يَزِيدُكَ على ما عند هذا الرجل من الكفاية، ولا يَضُرُّكَ عليه حَمْلٌ

أَي لا يَزِيدُك. والضَّرِيرُ: اسمٌ للْمُضَارَّةِ، وأَكْثُر ما

يُسْتَعْمَل في الغَيْرةِ. يقال: ما أَشَدَّ ضَرِيرَه عَلَيها. وإِنه لذُو ضَرِيرٍ

على امرأَته أَي غَيْرة؛ قال الراجز يصف حماراً:

حتى إِذا ما لانَ مِنْ ضَرِيرِه

وضارّه مُضارَّةً وضِراراً: خالَفَه؛ قال نابغةُ بنِي جَعْدة:

وخَصْمَيْ ضِرارٍ ذَوَيْ تُدْارَإِ،

متى باتَ سِلْمُها يَشْغَبا

وروُي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قيل له: أَنَرَى رَبَّنا يومَ

القيامةِ؟ فقال: أَتُضارُّونَ في رُؤْيَةِ الشمْسِ في غيرِ سَحابٍ؟

قالوا: لا، قال: فإِنَّكم لا تُضارُّون في رُؤْيتِه تباركَ وتعالى؛ قال أَبو

منصور: رُوِي هذا الحرفُ بالتشديد من الضُّرّ، أَي لا يَضُرُّ بعضُكم

بَعْضاً، وروي تُضارُونَ، بالتخفيف، من الضَّيْرِ. ومعناهما واحدٌ؛ ضارَهُ

ضَيْراً فضَرَّه ضَرّاً، والمعنى لا يُضارُّ بعْضُكم بعْضاً في رُؤْيَتِهِ

أَي لا يُضايِقُه ليَنْفَرِدَ برُؤْيتِه. والضرَرُ: الضِّيقُ، وقيل: لا

تُضارُّون في رُؤْيته أَي لا يُخالِفُ بعضُكم بعضاً فيُكَذِّبُه. يقال:

ضارَرْت الرجُلَ ضِراراً ومُضارَّةً إِذا خالَفْته، قال الجوهري: وبعضُهم

يقول لا تَضارّون، بفتح التاء، أَي لا تَضامُّون، ويروى لا تَضامُّون في

رُؤْيته أَي لا يَنْضمُّ بعضُكم إِلى بعْضٍ فيُزاحِمُه ويقولُ له:

أَرِنِيهِ، كما يَفْعَلُون عند، النَّظَرِ إِلى الهِلالِ، ولكن يَنْفَردُ كلٌّ

منهم برُؤْيته؛ ويروى: لا تُضامُون، بالتخفيف، ومعناه لا يَنالُكْم

ضَيْمٌ في رؤيته أَي تَرَوْنَه حتى تَسْتَوُوا في الرُّؤْيَةِ فلا يَضِيم

بعضُكم بعْضاً. قال الأَزهري: ومعاني هذه الأَلفاظِ، وإِن اخْتلفت،

مُتَقارِبةٌ، وكلُّ ما رُوِي فيه فهو صحيحٌ ولا يَدْفَعُ لَفْظٌ منها لفظاً، وهو

من صحاح أَخْبارِ سيّدِنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، وغُرَرِها ولا

يُنْكِرُها إِلاَّ مُبْتَدِعٌ صاحبُ هَوًى؛ وقال أَبو بكر: مَنْ رواه: هل

تَضارُّون في رؤيته، مَعْناه هل تَتَنازَعون وتَخْتَلِفون، وهو

تَتَفاعلُونَ من الضَّرارِ، قال: وتفْسيرُ لا تُضارُّون لا يقعُ بِكُم في رؤيته

ضُرٌّ، وتُضارُون، بالتخفيف، من الضَّيْرِ، وهو الضُّرُّ، وتُضامُون لا

يَلْحَقُكم في رؤيته ضَيْمٌ؛ وقال ابنُ الأَثير: رُوِيَ الحديثُ بالتخفيف

والتَّشْديد، فالتشْديدُ بمعنى لا تَتَخالَفُون ولا تَتَجادلُون في صِحّةِ

النَّظر إِليه لِوُضُوحِه وظُهُوره، يقال: ضارَّةُ يُضارُّه مِثْل

ضَرَّه يَضُرُّه، وقيل: أَرادَ بالمُضارّةِ الاجْتِمَاعَ والازْدحامَ عند

النَّظرِ إِليه، وأَما التخْفيفُ فهو من الضَّيرِ لُغَة في الضرِّ،

والمَعْنَى فيه كالأَوّل، قال ابن سيده: وأَما مَنْ رواه لا تُضارُون في رؤيته على

صيغةِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه فهو من المُضايقَةِ، أَي لا تَضامُّون

تَضامّاً يَدْنُو به بعضُكم من بعضٍ فتُضايَقُون.

وضَرَّةُ المَرْأَةِ: امرأَةُ زَوْجِها. والضَّرَّتان: امرأَتا الرجُلِ،

كلُّ واحدَةٍ منهما ضَرَّةٌ لصاحِبَتِها، وهو من ذلك، وهُنَّ الضرائِرُ،

نادِرٌ؛ قال أَبو ذُؤَيب يصِفُ قُدُوراً:

لَهُنَّ نَشُيجٌ بالنَّضِيل كأَنَّها

ضَرائِرُ جِرْمِيٍّ، تَفاحَشَ غارُها

وهي الضِّرُّ. وتزوَّجَ على ضِرٍّ وضُرٍّ أَي مُضارَّة بينَ

امْرَأَتينِ، ويكون الضِّرُّ للثَّلاثِ. وحَكى كُراعٌ: تَزوَّجْتُ المرأَةَ على

ضِرٍّكُنَّ لَها، فإِذا كان كذلك فهو مَصْدَرٌ على طَرْح الزائدِ أَو جَمْعٌ

لا واحدَ له. والإِضْرارُ: التزْويجُ على ضَرَّةٍ؛ وفي الصحاح: أَنْ

يتزوّجَ الرجلُ على ضَرَّةِ؛ ومنه قيل: رجلٌ مُضِرٌّ وامرأَةٌ مُضِرٌّ.

والضِّرُّ، بالكَسْرِ: تزوُّجُ المرأَةِ على ضَرَّةٍ. يقال: نكَحْتُ فُلانة

على ضُرٍّ أَي على امرأَةٍ كانت قبْلَها. وحكى أَبو عبدالله الطُّوَالُ:

تَزَوَّجْتُ المرأَةَ على ضِرٍّ وضُرٍّ، بالكسر والضمِّ. وامرأَةٌ مُضِرٌّ

أَيضاً: لها ضرائر، يقالُ فلانٌ صاحبُ ضِرٍّ، ويقال: امرأَةٌ مُضِرٌّ

إِذا كان لها ضَرَّةٌ، ورجلٌ مُضِرٌّ إِذا كان له ضَرائرُ، وجمعُ الضَّرَّةِ

ضرائرُ. والضَّرَّتانِ: امرأَتانِ للرجل، سُمِّيتا ضَرَّتَينِ لأَنَّ

كلَّ زاحدةٍ منهما تُضارُّ صاحِبتَها، وكُرِهَ في الإِسْلامِ أَن يقالَ لها

ضَرَّة، وقيل: جارةٌ؛ كذلك جاء في الحديث. الأَصمعي: الإِضْرارُ

التزْوِيجُ على ضَرَّةٍ؛ يقال منه: رجلٌ مُضِرٌّ وامرأَةٌ مُضرٌّ، بغير هاء. ابن

بُزُرج: تزوج فلانٌ امرأَةً، إِنَّها إِلى ضَرَّةِ غِنًى وخَيرٍ. ويقال:

هو في ضَرَرِ خَيرٍ وإِنه لفي طَلَفَةِ خيرٍ وضفَّة خير وفي طَثْرَةِ

خيرٍ وصَفْوَةٍ من العَيْشِ. وقوله في حديث عَمْرو بن مُرَّةَ: عند

اعْتِكارِ الضرائرِ؛ هي الأُمُور المُخْتَلِفَةُ كضرائرِ النساءِ لا

يَتَّفِقْنِ، واحِدتُها ضَرَّةٌ.

والضَّرَّتانِ: الأَلْيةُ من جانِبَيْ عَظْمِها، وهُما الشَّحْمتان، وفي

المحكم: اللَّحْمتانِ اللَّتانِ تَنْهَدلانِ من جانِبَيْها. وضَرَّةُ

الإِبْهام: لَحْمَةٌ تحتَها، وقيل: أَصْلُها، وقيل: هي باطنُ الكَفِّ

حِيالَ الخِنْصَرِ تُقابِلُ الأَلْيةَ في الكَفِّ. والضَّرَّةُ: ما وَقَع عليه

الوطْءُ من لَحْمِ باطنِ القَدَمِ مما يَلي الإِبْهامَ. وضَرَّةُ

الضَّرْعِ: لَحْمُها، والضَّرْعُ يذكّر ويؤنث. يقال: ضَرَّةٌ شَكْرَى أَي

مَلأَى من اللَّبَنِ. والضَّرَّةُ: أَصلُ الضرْعِ الذي لا يَخْلُو من اللَّبَن

أَو لا يكادُ يَخْلُو منه، وقيل: هو الضرْعُ كلُّه ما خَلا الأَطباءَ،

ولا يسمى بذلك إِلاَّ أَن يكونَ فيه لَبنٌ، فإِذا قَلَصَ الضرْعُ وذهَبَ

اللَبنُ قيل له: خَيْفٌ، وقيل: الضَّرَّةُ الخِلْفُ؛ قال طرفة يصف نعجة:

من الزَّمِراتِ أَسْبَلَ قادِماها،

وضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرُورُ

وفي حديث أُمّ مَعْبَدٍ: له بصَرِيحٍ ضَرَّةُ الشاةِ مُزبِد؛

الضَّرَّةُ: أَصْلُ الضرْعِ. والضرَّةُ: أَصْلُ الثَّدْيِ، والجمعُ من ذلك كُلِّه

ضرائرُ، وهو جَمْعٌ نادِرٌ؛ أَنشد ثعلب:

وصار أَمْثَالَ الفَغَا ضَرائِرِي

إِنما عَنَى بالضرائرِ أَحدَ هذه الأَشياءِ المُتَقَدّمَةِ. والضرَّةُ:

المالُ يَعْتَمِدُ عليه الرجلُ وهو لغيره من أقارِبه، وعليه ضَرَّتانِ

من ضأْنٍ ومعَزٍ. والضرَّةُ: القِطْعَةُ من المال والإِبلِ والغنمِ، وقيل:

هو الكثيرُ من الماشيةِ خاصَّةً دُون العَيْرِ. ورجلٌ مُضِرٌّ: له

ضَرَّةٌ من مالٍ. الجوهري: المُضِرّ الذي يَروحُ عليه ضَرَّةٌ من المال؛ قال

الأَشْعَرُ الرَّقَبانُ الأَسَدِيّ جاهِليّ يَهْجُو ابن عمِّه رضوان:

تَجانَفَ رِضْوانُ عن ضَيْفِه،

أَلَمْ يَأْتِ رِضْوانَ عَنِّي النُّدُرْ؟

بِحَسْبك في القَوم أَنْ يَعْلَمُوا

بأَنَّك فيهــمْ غَنيٌّ مُضِرْ

وقد علم المَعْشَرُ الطَّارِحون

بأَنَّكَ، للضَّيْفِ، جُوعٌ وقُرْ

وأَنتَ مَسِيخٌ كَلَحْمِ الحُوار،

فلا أَنَتَ حُلْوٌ، ولا أَنت مُرْ

والمَسِيخ: الذي لا طَعْمَ له. والضَّرّة: المالُ الكثيرُ.

والضَّرّتانِ: حَجَر الرّحى، وفي المحكم: الرحَيانِ. والضَّرِير: النفْسُ وبَقِيَّةُ

الجِسْمِ؛ قال العجاج:

حامِي الحُمَيَّا مَرِس الضَّرِيرِ

ويقال: ناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ إِذا كانت شَدِيدةَ النفْسِ بَطِيئةَ

اللُّغُوبِ، وقيل: الضَّرِير بقيةُ النفْسِ وناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ: مُضِرَّةٌ

بالإِبل في شِدَّةِ سَيْرِها؛ وبه فُسِّرَ قولُ أُمَيَّة بن عائذٍ

الهذلي:تُبارِي ضَرِيسٌ أُولاتِ الضَّرِير،

وتَقْدُمُهُنّ عَتُوداً عَنُونا

وأَضَرَّ يَعْدُو: أَسْرَعَ، وقيل: أَسْرعَ بَعْضَ الإِسْراعِ؛ هذه

حكاية أَبي عبيد؛ قال الطوسي: وقد غَلِظَ، إِنما هو أَصَرَّ.

والمِضْرارُ من النِّساءِ والإِبِلِ والخَيْلِ: التي تَنِدُّ وتَرْكَبُ

شِدْقَها من النَّشاطِ؛ عن ابن الأَعرابي: وأَنشد:

إِذْ أَنت مِضْرارٌ جَوادُ الخُضْرِ،

أَغْلَظُ شيءٍ جانباً بِقُطْرِ

وضُرٌّ: ماءٌ معروف؛ قال أَبو خراش:

نُسابِقُِم على رَصَفٍ وضُرٍّ،

كدَابِغةٍ، وقد نَغِلَ الأَدِيمُ

وضِرارٌ: اسمُ رجلٍ. ويقال: أَضَرَّ الفرسُ على فأْسِ اللَّجامَ إِذا

أَزَمَ عليه مثل أَضَزَّ، بالزاي. وأَضَرَّ فلانٌ على السَّيرِ الشديدِ أَي

صَبَرَ. وإِنه لَذُو ضَرِيرٍ على الشيء إِذا كان ذا صبْر عليه ومُقاساة

له؛ قال جرير:

طَرَقَتْ سَوَاهِمَ قد أَضَرَّ بها السُّرَى،

نَزَحَتْ بأَذْرُعِها تَنائِفَ زُورَا

من كلِّ جُرْشُعَةِ الهَواجِرِ، زادَها

بُعْدُ المفاوِزِ جُرْأَةً وضَرِيرَا

من كلِّ جُرْشُعَة أَي من كل ناقةٍ ضَخْمَةٍ واسعةِ الجوفِ قَوِيَّةٍ في

الهواجر لها عليها جُرْأَةٌ وصبرٌ، والضمير في طَرَقَتُْ يعُودُ على

امرأَة تقدّم ذكرُها، أَي طَرقَتَهْم وهُمْ مسافرون، أَراد طرقت أَصْحابَ

إِبِلٍ سَوَاهِمَ ويُريدُ بذلك خيالَها في النَّومِ، والسَّواهِمُ:

المَهْزُولةُ، وقوله: نَزَحَتْ بأَذْرُعِها أَي أَنْفَدَت طُولَ التنائف

بأَذْرُعِها في السير كما يُنْفَذُ ماءُ البِئْرِ بالنَّزْحِ. والزُّورُ: جمع

زَوْراءَ. والتَّنائِفُ: جمع تَنُوفَةٍ، وهي الأَرْضُ القَفْرُ، وهي التي

لا يُسارُ فيهــا على قَصْدٍ بل يأْخذون فيهــا يَمْنَةً ويَسْرَةً.

(ضرر) - في حديث علىٍّ، - رضي الله عنه -: "نهَى عن بَيْعِ المُضْطَرِّ"
قيل: هذا يَكُون من وجْهَين:
أَحدُهما: أن يُضْطَرَّ إلى العَقْد من طَرِيقِ الإِكراهِ عليه، فهذا فاسِدٌ لا يَنْعَقِد.
والآخر: أن يُضطَرَّ إلى البَيْع لِدَيْن رَكِبَه أو مَؤُونَة تَرهَقُه، فيَبِيعَ ما في يده بالوَكْسِ من أَجلِ الضَّرُورة، فهذا سَبِيلُه في حَقّ الدِّين والمرُوءَةِ أَلَّا يُبَايَعَ على هذا الوَجْه وأَلَّا يُفْتَات عليه بمالِه، ولكن يُعانُ، ويُقْرض، ويُسْتَمْهَل له إلى المَيْسَرة حتى يكونَ له في ذلك بَلاغُ، فإن عُقِد البَيْعُ مع الضَّرُورة على هذا الوَجْه جَازَ في الحُكْمِ ولم يُفْسَخْ.
وفي إسنادِ هذا الحديث رَجلٌ مجهولٌ إلا أَنَّ عامَّةَ أَهلِ العلم كَرِهوا هذا البَيعَ. ومَعنَى البَيعِ ها هنا الشِّراءُ، أو المُبايعَةُ، أو قَبولُ البَيْعِ. وأَصلُ اضْطُرّ اضْتُر، افتُعِل من الضَّرُورة، صارت التَّاءُ طاءً لِمُجاورَة الضَّاد.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.