وة بِبابِ القاهِرة، منها: موسَى بنُ عبدِ الرحمنِ، وحَفيرٌ لِسابورَ المَلِكِ بِبَرِّيَّةِ الكوفَة، وابنُ إيادٍ الدُّبَيْرِيُّ: راجِزٌ.
وخَنْدَقَهُ: حَــفَرَهُ.
صرد: الصَّرْدُ والصَّرَدُ: البَرْدُ، وقيل: شِدَّتُهُ، صَرِدَ، بالكسر،
يَصْرَدُ صَرَداً، فهو صَرِدٌ، من قوم صَرْدَى. الليث: الصَّرَدُ مصدر
الصَّرِدِ من البرد. قال: والاسم الصَّرْد مجزوم؛ قال رؤبة:
بِمَطَرٍ لَيْسَ بِثَلْجٍ صَرْد
وفي الحديث: ذاكِرُ الله في الغافلين مثلُ الشَّجَرة الخَضْراء وسَطَ
الشَّجر الذي تَحَاتَّ وَرَقه من الصَّرِيد؛ هو البرد، ويروى: من الجَلِيد.
وفي الحديث: سُئِلَ ابن عمر عما يموت في البحر صَرْداً، فقال: لا بأْس
به، يعني السمك الذي يموت فيه من البَرْد.
ويومٌ صَرِدٌ ولَيلَةٌ صَرِدَةٌ: شديدة البرد. أَبو عمرو: الصَّرْد مكان
مُرْتَفع من الجبال وهو أَبردها؛ قال الجعدي:
أَسَدِيَّةٌ تُدْعَى الصِّرادَ، إِذا
نَشِبوا، وتَحْضُر جانِبَيْ شِعْر
(* قوله «تدعى» ولعله تدع أي تترك. وقوله «شعر جبل» كذا بالأَصل، بكسر
الشين، وسكون العين، وان صح هذا الضبط فهو جبل ببلاد بني جشم، أما بفتح
الشين، فهو جبل لبني سليم أو بني كلاب كما في القاموس. وهناك شعر، بضم
الشين وسكون العين أيضاً، جبل آخر ذكره ياقوت.)
قال: شِعْر جَبَل: الجوهري: الصَّرْدُ البرد، فارسي معرَّب.
والصُّرُودُ مِن البلاد: خلاف الجُرُوم أَي الحارَّة. ورَجُلٌ مِصْراد:
لا يصبر على البرد؛ وفي التهذيب: هو الذي يَشْتَدُّ عليه البرد ويقل
صَبْرُه عليه؛ وفي الصحاح: هو الذي يجد البرد سريعاً؛ قال الساجع:
أَصْبَحَ قَلْبي صَرِدا،
لا يَشْتَهي أَن يَرِدَا
وفي حديث أَبي هريرة سأَله رجل فقال: إِني رجل مِصْرادٌ؛ هو الذي يشتدّ
عليه البرد ولا يُطيقُه. والمِصرادُ أَيضاً: القَويُّ على البرد؛ فهو من
الأَضداد. والصُّرَّادُ: ريح بارِدَةٌ مع نَدًى. وريحٌ مِصرادٌ: ذاتُ
صَرَد أَو صُرَّادٍ؛ قال الشاعر:
إِذا رأَيْنَ حَرْجَفاً مِصرادَا،
وَلَّيْنَها أَكْسِيَةً حِدادا
والصُّرَّادُ والصُّرَّيْدُ والصَّرْدَى: سحاب بارد تسْــفِرُه الريح.
الأَصمعي: الصُّرَّادُ سحاب بارد نَدِيٌّ ليس فيه ماء؛ وفي الصحاح: غَيْم
رقيق لا ماء فيه.
ابن الأَعرابي: الصَّرِيدَة النعجة التي قد أَنحلها البرد وأَضَرَّ بها،
وجمعها الصَّرائِدُ؛ وفي المحكم: الصَّرِيدَة التي أَنحلها البرد
وأَضَرَّ بها؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَعَمْرُكَ، إِني والهِزَبْرَ وعارماً
وثَوْرَةَ عِشْنا في لُحوم الصَّرائدِ
ويروى: فَيا لَيْتَ أَنِّي والهزبر»
وأَرضٌ صَرْدٌ: باردة، والجمع صُرُود.
وصَرِدَ عن الشيءِ صَرَداً وهو صَرِدٌ: انتهى؛ الأَزهري: إِذا انْتَهَى
القلب عن شيء صَرِدَ عنه، كما قال:
أَصْبَحَ قلبي صَرِدا
قال: وقد يوصف الجيش بالصَّرَد. وجيشٌ صَرَدٌ وصَرْدٌ، مجزوم: تراه من
تُؤَدَتِه كأَنه
(* قوله «من تؤدته كأَنه إلخ» عبارة الأساس كأَنه من تؤدة
سيره جامد.) سَيْرُه جامد، وذلك لكثرته، وهو معنى قول النابغة الجعدي:
بأَرْعَنَ مِثْلِ الطَّوْدِ تحْسَبُ أَنَّهُم
وُقُوفٌ لِحَاجٍ، والرِّكابُ تُهَمْلِج
وقال خُفَافُ بنُ نُدْبَةَ:
صَرَدٌ تَوَقَّصَ بالأَبْدان جُمْهُور
والتَّوَقُّصُ: ثِقَل الوَطْءِ على الأَرض. والتَّصريدُ: سَقْيٌ دون
الرَّيِّ؛ وقال عمر يرثي عروة بن مسعود:
يُسْقَوْنَ منها شَراباً غَيْرَ تَصْرِيد
وفي التهذيب: شُرْبٌ دون الريّ. يقال: صَرَّدَ شُرْبه أَي قطعَه.
وصَرِدَ السَّقاءُ صَرَداً أَي خرج زُبْدُه متقطعاً فَيُداوى بالماء الحارِّ،
ومن ذلك أُخِذَ صَرْدُ البرد. والتَّصْرِيدُ في العطاء: تَقْليله، وشراب
مُصَرَّدٌ أَي مُقَلَّل، وكذلك الذي يُسقَى قَلِيلاً أَو يُعْطى قليلاً.
وفي الحديث: لن يدخل الجنة إِلا تَصرِيداً أَي قليلاً. وصَرَّدَ العطاء:
قَلَّله.
والصَّرْدُ: الطعنُ النافذُ. وصَرِد الرمحُ والسَّهم يَصْرَدُ صَرَداً:
نَفَذَ حدُّه. وصَرَدَه هو وأَصْرده: أَنْفَذَه من الرَّميَّة، وأَنا
أَصْرَدْتُه؛ وقال اللَّعِينُ المِنْقَريُّ يخاطب جَريراً والفرزدق:
فما بُقْيا عليَّ تَرَكْتُماني،
ولكِنْ خِفْتُما صَرَدَ النِّبال
وأَصْرَدَ السهمُ: أَخْطَأَ. وقال أَبو عبيدة في بيت اللعين: من أَراد
الصواب قال: خفتما أَن تُصِيبَ نِبالي، ومن أَراد الخَطَأَ قا: خفْتما
إِخْطاءَ نبالكما. والصَّرَدُ والصَّرْدُ: الخَطَأُ في الرمح والسهم
ونحوهما، فهو على هذا ضدّ. وسهم مِصْرادٌ وصاردٌ أَي نافذ. وقال قطرب: سهم
مُصَرِّد مصيب، وسهم مُصْرِدٌ أَي مُخْطِئ؛ وأَنشد في الإِصابة:
على ظَهْرِ مِرْنانٍ بسَهْمٍ مُصَرِّد
أَي مُصِيب؛ وقال الآخر:
أَصْرَدَه الموتُ وقد أَطَلاَّ
أَي أَخْطَأَه.
والصُّرَدُ: طائر فوق العصفور، وقال الأَزهري: يَصِيدُ العصافير؛ وقول
أَبي ذؤيب:
حتى اسْتَبانتْ مع الإِصْباحِ رَامَتُها،
كأَنَّه في حَواشِي ثَوْبِه صُرَد
أَراد: أَنه بين حاشِيتي ثوبه صُرَدٌ من خِفته وتضاؤله، والجمع
صِرْدانٌ؛ قال حميد الهلالي:
كأَنّ، وَحَى الصِّرْدانِ في جَوْفِ ضَالَةٍ،
تَلَهْجُمَ لَحْيَيْهِ، إِذا ما تَلَهْجَما
(* قوله «كأن وحى إلخ» وحى خبر كأن مقدم وتلهجم اسمها مؤخر كما هو صريح
حل الصحاح في مادة لهجم.)
وفي الحديث: نُهِي المحرِمُ عن قَتْلِ الصُّرَدِ. وفي حديث آخر: نَهى
النبي، صلى الله عليه وسلم، عن قتل أَربع: النملةِ والنحلة والصُّرَدِ
والهُدهد؛ وروي عن إِبراهيم الحَرْبي أَنه قال: أَراد بالنملة الكُبَّارَ
الطويلة القوائم التي تكون في الخَرِبات وهي لا تؤذي ولا تضر، ونهى عن قتل
النحلة لأَنها تُعَسِّلُ شراباً فيه شفاء للناس ومنه الشمع، ونَهَى عن قتل
الصُّرَدِ لأَن العرب كانت تَطَّيَّرُ من صوته وتتشاءَم بصوته وشَخْصِه؛
وقيل: إِنما كرهوه من اسمه من التصريد وهو التقليل، وهو الواقِي عندهم،
ونهى عن قتله رَدّاً للطِّيَرة، ونهى عن قتل الهدهد لأَنه أَطاع نبيّاً
من الأَنبياءِ وأَعانه؛ وفي النهاية: أَما نهيه عن قتل الهدهد والصرد
فلتحريم لحمهما لأَن الحيوان إِذا نُهِي عن قتله، ولم يكن ذلك لاحترامه أَو
لضرر فيه، كان لتحريم لحمه، أَلا ترى أَنه نُهِيَ عن قتل الحيوان لغير
مأْكلة؟ ويقال: إِن الهدهد منتن الريح فصار في معنى الجَلاَّلَةِ؛ وقيل:
الصُّرَدُ طائر أَبقع ضخم الرأْس يكون في الشجر، نصفه أَبيض ونصفه أَسود؛
ضخم المِنقار له بُرْثُنٌ عظيم نَحْوٌ مِنَ القارِية في العِظَمِ ويقال له
الأَخْطَب
(* قوله «ويقال له الأخطب إلخ» عبارة المصباح: ويسمى المجوّف
لبياض بطنه، والأخطب لخضرة ظهره، والاخيل لاختلاف لونه.) لاختلاف لونيه،
والصُّرَد لا تراه إِلا في شُعْبَة أَو شجرة لا يقدر عليه أَحد. قال
سُكَيْنٌ النُّمَيري: الصُّرَدُ صُرَدان: أَحدهما أَسْبَدُ يسميه أَهل العراق
العَقْعَقَ، وأَما الصُّرَدُ الهَمْام، فهو البَرِّيُّ الذي يكون بنجد في
العضاه، لا تراه إِلا في الأَرض يقفز من شجر إِلى شجر، قال: وإِن
أَصْحَر وطُرِدَ فأُخذَ؛ يقول: لو وقع إِلى الأَرض لم يستقل حتى يؤخذ، قال:
ويصرصر كالصقر؛ وروي عن مجاهد قال: لا يُصاد بكلب مجوسيٍّ ولا يؤكل من صيد
المجوسي إِلا السمك، وكُرِه لحم الصُّرَد، وهو من سباع الطير. وروي عن
مجاهد في قوله: سكينة من ربكم، قال: أَقبلت السكينة والصرد وجبريل مع
إِبراهيم من الشام. والصَّرْدُ: البَحْتُ الخالصُ من كل شيء. أَبو زيد: يقال
أُحِبُّكَ حُبّاً صَرْداً أَي خالصاً، وشراب صَرْدٌ. وسقاه الخمر صَرْداً
أَي صِرفاً؛ وأَنشد:
فإِنَّ النَبِيذَ الصَّرْدَ إِنْ شُرْبَ وَحْدَهُ،
على غَيْرِ شَيءٍ، أَوجَعَ الكِبْدَ جُوعها
وذهَبٌ صَرْدٌ: خالص. وجيش صَرْدٌ: بنو أَب واحد لا يخالطهم غيرهم. وقال
أَبو عبيدة: يقال معه جَيْش صَرْدٌ أَي كلهم بنو عمه؛ وكَذِبٌ صَرْدٌ.
أَبو عبيدة: الصَّرَدُ أَن يخرج وبَرٌ أَبيضُ في موضع الدَّبَرَةِ إِذا
بَرَأَتْ، فيقال لذلك الموضِع صُرَدٌ وجمعه صِرْدانٌ؛ وإِياهما عنى الراعي
يصف إِبلاً:
كأَنَّ مَوَاضِعَ الصِّرْدانِ منها
مناراتٌ بُدِينَ على خِمارِ
جعل الدَّبَرَ في أَسنمة شبهها بالمنار.
الجوهري: الصُّرَدُ بياض يكون على ظهر الفرس من أَثر الدَّبَرِ. ابن
سيده: والصُّرَدُ بياض يكون في سنام البعير والجمع كالجمع. والصُّرَدُ
كالبياض يكون على ظهر الفرس من السَّرْج. يقال: فرسٌ صَرِدٌ إِذا كان بموضع
السرج منه بياضٌ من دَبَر أَصابه يقال له الصُّرَدُ؛ وقال الأَصمعي:
الصُّرَدُ من الفرسِ عِرْقٌ تحت لسانه؛ وأَنشد:
خَفِيفُ النَّعامَةِ ذُو مَيْعَة،
كَثِيفُ الفَراشَةِ ناتِي الصُّرَدْ
ابن سيده: والصُّرَدُ عِرْقٌ في أَسْفل لسان الفرس.
والصُّرَدَانِ: عِرْقان أَخضران يستبطنان اللسانَ، وقيل: هما عظمان
يقيمانه، وقيل: الصُّرَدَانِ عرقان مُكْتَنِفانِ اللسانَ؛ وأَنشد ليزيد بن
الصَّعِق:
وأَيُّ الناسِ أَعْذَرُ مِنْ شَآمٍ،
له صُرَدانِ مُنْطَلِقا اللِّسانِ؟
أَي ذَرِبانِ. قال الليث: الصُّرَدانِ عِرْقانِ أَخضران أَسْفَلَ اللسان
فيهما يدور اللسان؛ قاله الكسائي.
والصُّرَدُ: مسمار يكون في سِنان الرُّمح؛ قال الراعي:
منها صَريعٌ وضاغٍ فوقَ حَرْبَتِهِ،
كما ضَغا تَحْتَ حَدِّ العامِلِ الصُّرَدُ
وصَرَّدَ الشَّعِيرُ والبُرُّ: طلع سَفاهما ولم يَطْلُع سُنْبُلُهما وقد
كاد؛ قال ابن سيده: هذه عن الهَجَريّ. قال شمر: تقول العرب للرجل:
افْتَحْ صُرَدَك
(* قوله «افتح صردك» هكذا بالأَصل المعتمد عليه بأَيدينا
والذي في الميداني صررك، بالراء، جمع صرة.) تَعْرِفْ عُجَرَك وبُجَرَك؛ قال:
صُرَدُه نفسه، يقول: افتح صُردَكَ تَعْرِفْ لُؤمَكَ من كرمك وخيرك من
شَرِّك. ويقال: لو فتح صُرَدَه عرف عُجَره وبُجَره أَي عرف أَسرار ما
يكتم.الجوهري: والصِّمْرِدُ، بالكسر، الناقة القليلة اللبن. وبنو الصارِدِ:
حيٌّ من بني مرة بن عوف بن غطفان.
صوص: رجل صُوصٌ: بَخِيل. والعرب تقول: ناقةٌ أَصُوصٌ عليها صُوصٌ أَي
كريمة عليها بخيل. والصُّوصُ: المنفردُ بطعامه لا يُؤاكلُ أَحداً. ابن
الأَعرابي: الصُّوص هو الرجل اللئيم الذي يَنْزِل وحده ويأْكل وحده، فإِذا
كان بالليل أَكَلَ في ظلِّ القمر لئلا يراه الضيفُ؛ وأَنشد:
صُوص الغِنَى سَدَّ غِناه فَقْرَه
يقول: يُعَفِّي على لُؤْمِه ثَرْوتُه وغناه، قال: ويكون الصُوصُ جمعاً؛
وأَنشد:
وأَلْفَيْتُكم صُوصاً لُصُوصاً، إِذا دجَا الـ
ـظلامُ، وهَيَّابِينَ عند البَوارِق
وقيل: الصُّوصُ اللئيمُ القليلُ الندَى والخير.
سرط: سَرِطَ الطعامَ والشيءَ، بالكسر، سَرَطاً وسَرَطاناً: بَلِعَه،
واسْتَرَطَه وازْدَرَدَه: ابْتَلَعَه، ولا يجوز سرَط؛ وانْسَرَطَ الشيء في
حَلْقِه: سارَ فيه سيْراً سهْلاً. والمِسْرَطُ والمَسْرَطُ: البُلْعُوم،
والصاد لغة. والسِّرْواطُ: الأَكُول؛ عن السيرافي. والسُّراطِيُّ
والسِّرْوَطُ: الذي يَسْتَرِطُ كل شيء يبتلعه. وقال اللحياني: رجل سِرْطِمٌ
وسَرْطَمٌ يبتلع كل شيء، وهو من الاسْتراط. وجعل ابن جني سَرطَماً ثلاثيّاً،
والسِّرْطِمُ أَيضاً: البليغ المتكلم، وهو من ذلك. وقالوا: الأَخذ
سُرَّيْطٌ وسُرَّيْطَى، والقضاء ضُرَّيْطٌ وضُرَّيْطَى أَي يأْخذ الدَّين
فيَسْتَرِطُه، فإِذا اسْتَقْضاه غريمُه أَضْرَطَ به. ومن أَمثال العرب: الأَخذ
سَرَطانٌ، والقَضاء لَيَّانٌ؛ وبعض يقول: الأَخذ سُرَيْطاء، والقَضاء
ضُرَيْطاء. وقال بعض الأَعراب: الأَخذ سِرِّيطَى، والقضاء ضِرِّيطَى، قال:
وهي كلها لغات صحيحة قد تكلمت العرب بها، والمعنى فيها كلها أَنت تُحبُّ
الأَخذ وتكره الإِعْطاء. وفي المثل: لا تكن حُلْواً فتُسْتَرَطَ، ولا
مُرّاً فتُعْقى، من قولهم: أَعْقَيْتُ الشيء إِذا أَزَلْتَه من فِيك
لمَرارتِه كما يقال أَشْكَيْتُ الرجل إِذا أَزلته عما يشكوه.
ورجل سِرْطِيطٌ وسُرَطٌ وسَرَطانٌ: جيّد اللَّقْمِ. وفرس سُرَطٌ
وسَرَطانٌ: كأَنه يَسْتَرِطُ الجرْي. وسيف سُراطٌ وسُراطِيٌّ: قاطع يَمُرّ في
الضَّريبةِ كأَنه يَسْتَرِطُ كل شيء يَلْتَهِمُه، جاء على لفظ النسب وليس
بنَسَب كأَحْمر وأَحْمريّ؛ قال المتنخل الهذلي:
كَلوْن المِلْحِ ضَرْبَتُه هَبِيرٌ،
يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُراطِي
به أَحْمِي المُضافَ إِذا دَعاني،
ونَفْسِي، ساعةَ الفَزَعِ الفِلاطِ
وخفّف ياء النسبة من سُراطي لمكان القافية. قال ابن بري: وصواب إِنشاده
يُتِرُّ، بضم الياء. والفِلاطُ: الفُجاءةُ.
والسِّراطُ: السبيل الواضح، والصِّراط لغة في السراط، والصاد أَعلى
لمكان المُضارَعة، وإِن كانت السين هي الأَصل، وقرأَها يعقوب بالسين، ومعنى
الآية ثَبِّتْنا على المِنْهاج الواضح؛ وقال جرير:
أَميرُ المؤمنينَ على صِراطٍ،
إِذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيم
والمَوارِدُ: الطُّرُقُ إِلى الماء، واحدتها مَوْرِدةٌ. قال الفراء:
ونفر من بَلْعَنْبر يصيِّرون السين، إِذا كانت مقدمة ثم جاءت بعدها طاء أَو
قاف أَو غين أَو خاء، صاداً وذلك أَن الطاء حرف تضع فيه لسانك في حنكك
فينطبق به الصوت، فقلبت السين صاداً صورتها صورة الطاء، واستخفّوها ليكون
المخرج واحداً كما استخفوا الإِدْغام، فمن ذلك قولهم الصراط والسراط، قال: وهي بالصاد لغة قريش الأَوّلين التي جاء بها الكتاب، قال: وعامة العرب
تجعلها سيناً، وقيل: إِنما قيل للطريق الواضح سراط لأَنه كأَنه
يَسْتَرِطُ المادّة لكثرة سلوكهم لاحِبَه، فأَما ما حكاه الأَصمعي من قراءة بعضهم
الزِّراط، بالزاي المخلصة، فخَطأ إِنما سَمِع المُضارِعةَ فتَوَهَّمها
زاياً ولم يكن الأَصمعي نحويّاً فيُؤْمَنَ على هذا. وقوله تعالى: هذا
سِراطٌ عليَّ مُسْتَقِيمٌ، فسَّره ثعلب فقال: يعني الموتَ أَي عليَّ
طريقُهم.والسُّرَّيْطُ والسِّرِطْراط والسَّرَطْراطُ، بفتح السين والراء:
الفالُوذَجُ، وقيل: الخَبِيصُ، وقيل: السَّرَطْراطُ الفالوذج، شامية. قال
الأَزهري: أَما بالكسر فهي لغة جيدة لها نظائر مثل جِلِبْلابٍ وسِجِلاَّط،
قال: وأَما سَرَطْراطٌ فلا أَعرف له نظيراً فقيل للفالوذج سِرِطْراطٌ، فكررت
فيه الراء والطاء تبليغاً في وصفه واستِلْذاذِ آكله إِياه إِذا سَرَطَه
وأَساغَه في حَلْقِه.
ويقال للرجل إِذا كان سريعَ الأَكل: مِسْرَطٌ وسَرّاطٌ وسُرَطةٌ.
والسِّرِطْراطُ: فِعِلْعالٌ من السَّرْطِ الذي هو البَلْع. والسُّرَّيْطَى:
حَساً كالخَزِيرةِ.
والسَّرَطانُ: دابّة من خَلق الماء تسميه الفُرْس مُخ.
والسرَطانُ: داء يأْخذ الناس والدوابَّ. وفي التهذيب: هو داء يظهر
بقوائم الدوابّ، وقيل: هو داء يعرض للإنسان في حلقه دموي يشبه الدُّبَيْلةَ،
وقيل: السرَطانُ داء يأْخذ في رُسْغ الدابّة فيُيَبِّسه حتى يَقْلِب
حافرهــا. والسرَطانُ: من بروج الفَلَكِ.
سبط: السَّبْطُ والسَّبَطُ والسَّبِطُ: نقيض الجَعْد، والجمع سِباطٌ؛
قال سيبويه: هو الأَكثر فيما كان على فَعْلٍ صِفةً، وقد سَبُطَ سُبُوطاً
وسُبُوطةً وسَباطةً وسَبْطاً؛ الأَخيرة عن سيبويه. والسَّبْطُ: الشعر الذي
لا جُعُودة فيه. وشعر سَبْطٌ وسَبِطٌ: مُسْتَرْسِلٌ غير جَعْدٍ. ورجل
سبْطُ الشعر وسَبِطُه وقد سَبِطَ شعرُه، بالكسر، يَسْبَطُ سَبَطاً. وفي
الحديث في صفة شعره: ليس بالسَّبْطِ ولا بالجَعْدِ القَطِطِ؛ السَّبْطُ من
الشعر: المُنْبَسِطُ المُسْتَرْسِلُ، والقَطِطُ: الشدِيدُ الجُعُودةِ، أَي
كان شعره وسَطاً بينهما. ورجل سَبِطُ الجسمِ وسَبْطُه: طَويلُ الأَلواحِ
مُسْتَوِيها بَيّنُ السَّباطةِ، مثل فَخِذٍ وفَخْذ، من قوم سِباطٍ إِذا
كان حَسَنَ القَدِّ والاستواء؛ قال الشاعر:
فَجاءت به سَبْطَ العِظامِ كأَنَّما
عِمامَتُه، بَيْنَ الرِّجالِ، لِواء
ورجل سَبْطٌ بالمَعْروف: سَهْلٌ، وقد سَبُطَ سَباطةً وسَبِطَ سَبَطاً،
ولغة أَهل الحجاز: رجل سَبِطُ الشعرِ وامرأَة سَبِطةٌ. ورجل سَبْطُ
اليَدَيْن بَيّنُ السُّبُوطة: سَخِيٌّ سَمْحُ الكفين؛ قال حسان:
رُبَّ خالٍ لِيَ، لَوْ أَبْصَرْتَهُ،
سَبِطِ الكَفَّيْنِ في اليَوْم الخَصِرْ
شمر: مطَر سَبْطٌ وسَبِطٌ أَي مُتدارِكٌ سَحٌّ، وسَباطَتُه سَعَتُه
وكثرته؛ قال القطامِيُّ:
صَاقَتْ تَعَمَّجُ أَعْرافُ السُّيُولِ به
من باكِرٍ سَبِطٍ، أَو رائحٍ يَبِلِ
(* قوله «أعراف» كذا بالأصل، والذي في الاساس وشرح القاموس: أعناق.)
أَراد بالسبط المطَر الواسِع الكثير. ورجل سَبِطٌ بيِّن السَّباطةِ:
طويل؛ قال:
أَرْسَلَ فيها سَبِطاً لم يَخْطَلِ
أَي هو في خِلْقته التي خلقه اللّه تعالى فيها لم يزد طولاً. وامرأَة
سَبْطةُ الخلقِ وسَبِطةٌ: رَخْصةٌ ليِّنَةٌ. ويقال للرجل الطويلِ
الأَصابعِ: إِنه لسَبْطُ الأَصابع. وفي صفته، صلّى اللّه عليه وسلّم: سَبْط
القَصَبِ؛ السبْطُ والسِبطُ، بسكون الباء وكسرها: الممتدُّ الذي ليس فيه
تَعَقُّدٌ ولا نُتوء، والقَصَبُ يريد بها ساعِدَيه وساقَيْه. وفي حديث
المُلاعَنةِ: إِن جاءت به سَبطاً فهو لزوجها أَي ممتدّ الأَعضاء تامَّ
الخلْقِ.والسُّباطةُ: ما سقَط من الشعر إِذا سُرِّحَ، والسُّباطةُ: الكُناسةُ.
وفي الحديث: أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَتى سُباطةَ قومٍ
فبالَ فيها قائماً ثم توضأَ ومسَح على خُفَّيْه؛ السُّباطةُ والكُناسةُ:
الموضع الذي يُرْمى فيه الترابُ والأَوْساخُ وما يُكْنَسُ من المنازل،
وقيل: هي الكُناسةُ نفسها وإِضافَتُها إِلى القوم إِضافةُ تَخْصِيصٍ لا
مِلْكٍ لأَنها كانت مَواتاً مُباحة، وأَما قوله قائماً فقيل: لأَنه لم يجد
موضعاً للقعود لأَنَّ الظاهر من السُّباطة أَن لا يكون موضعُها مُسْتوياً،
وقيل: لمرض منعه عن القعود، وقد جاء في بعض الروايات: لِعِلَّةٍ
بمَأُبِضَيْهِ، وقيل: فعَله للتَّداوِي من وجع الصُّلْبِ لأَنهم كانوا يتَداوَوْنَ
بذلك، وفيه أَن مُدافَعةَ البَوْلِ مكروهة لأَنه بالَ قائماً في
السُّباطة ولم يؤخِّرْه.
والسَّبَطُ، بالتحريك: نَبْتٌ، الواحدة سَبَطةٌ. قال أَبو عبيد: السبَطُ
النَّصِيُّ ما دام رَطْباً، فإِذا يَبِسَ فهو الحَلِيُّ؛ ومنه قول ذي
الرمة يصف رملاً:
بَيْنَ النهارِ وبين الليْلِ مِن عَقَِدٍ،
على جَوانِبه الأَسْباطُ والهَدَبُ
وقال فيه العجّاج:
أَجْرَدُ يَنْفِي عُذَرَ الأَسْباطِ
ابن سيده: السبَطُ الرَّطْبُ من الحَلِيِّ وهو من نباتِ الرمل. وقال
أَبو حنيفة: قال أَبو زياد السبَطُ من الشجر وهو سَلِبٌ طُوالٌ في السماء
دُقاقُ العِيدان تأْكله الإِبل والغنم، وليس له زهرة ولا شَوك، وله ورق
دِقاق على قَدْرِ الكُرَّاثِ؛ قال: وأَخبرني أَعرابي من عَنَزة أَن السبَطَ
نباتُه نباتُ الدُّخْنِ الكِبار دون الذُّرةِ، وله حبّ كحبّ البِزْرِ لا
يخرج من أَكِمَّتِه إِلا بالدَّقِّ، والناس يستخرجونه ويأْكلونه خَبْزاً
وطَبْخاً. واحدته سبَطةٌ، وجمع السبَطِ أَسْباطٌ. وأَرض مَسْبَطةٌ من
السَّبَطِ: كثيرة السبَطِ. الليث: السبَطُ نبات كالثِّيل إِلا أَنه يطول
وينبت في الرِّمال، الواحدة سبَطةٌ.
قال أَبو العباس: سأَلت ابن الأَعرابي ما معنى السِّبْط في كلام العرب؟
قال: السِّبْطُ والسّبْطانُ والأَسْباطُ خاصّة الأَولاد والمُصاصُ منهم،
وقيل: السِّبْطُ واحد الأَسْباط وهو وَلد الوَلدِ. ابن سيده: السِّبْطُ
ولد الابن والابنة. وفي الحديث: الحسَنُ والحُسَينُ سِبْطا رسولِ اللّه،
صلّى اللّه عليه وسلّم ورضي عنهما، ومعناه أَي طائفتانِ وقِطْعتان منه،
وقيل: الأَسباط خاصة الأَولاد، وقيل: أَولاد الأَولاد، وقيل: أَولاد
البنات، وفي الحديث أَيضاً: الحسينُ سِبْطٌ من الأَسْباط أَي أُمَّةٌ من الأُمم
في الخير، فهو واقع على الأُمَّة والأُمَّةُ واقعة عليه. ومنه حديث
الضِّبابِ: إِنَّ اللّه غَضِبَ على سِبْطٍ من بني إِسرائيل فمسخهم دَوابَّ.
والسِّبْطُ من اليهود: كالقبيلة من العرب، وهم الذين يرجعون إِلى أَب
واحد، سمي سِبْطاً ليُفْرَق بين ولد إِسمعيل وولد إِسحق، وجمعه أَسْباط.
وقوله عزّ وجلّ: وقطَّعناهم اثْنَتَيْ عَشْرةَ أَسْباطاً؛ أُمماً ليس
أَسباطاً بتمييز لأَن المميز إِنما يكون واحداً لكنه بدل من قوله اثنتي عشرة
كأَنه قال: جعلناهم أَسْباطاً. والأَسْباطُ من بني إِسرائيل: كالقبائل من
العرب. وقال الأَخفش في قوله اثنتي عشرة أَسباطاً، قال: أَنَّث لأَنه أَراد
اثنتي عشرة فِرْقةً ثم أَخبر أَن الفِرَقَ أَسْباطٌ ولم يجعل العدد
واقعاً على الأَسباط؛ قال أَبو العباس: هذا غلط لا يخرج العدد على غير الثاني
ولكن الفِرَقُ قبل اثنتي عشرة حتى تكون اثنتي عشرة مؤنثة على ما فيها
كأَنه قال: وقطَّعناهم فِرَقاً اثنتي عشرة فيصح التأْنيث لما تقدم. وقال
قطرب: واحد الأَسباط سِبْطٌ. يقال: هذا سِبْط، وهذه سبط، وهؤلاء سِبْط جمع،
وهي الفِرْقة. وقال الفراء: لو قال اثْنَيْ عشَر سِبْطاً لتذكير السبط
كان جائزاً، وقال ابن السكيت: السبط ذَكَرٌ ولكن النية، واللّه أَعلم،
ذهبت إِلى الأُمم. وقال الزجاج: المعنى وقطَّعناهم اثنتي عشْرةَ فِرْقة
أَسباطاً، فأَسباطاً من نعت فرقة كأَنه قال: وجعلناهم أَسباطاً، فيكون
أَسباطاً بدلاً من اثنتي عشرة، قال: وهو الوجه. وقال الجوهري: ليس أَسباطاً
بتفسير ولكنه بدل من اثنتي عشرة لأَن التفسير لا يكون إِلا واحداً منكوراً
كقولك اثني عشر درهماً، ولا يجوز دراهم، وقوله أُمماً من نعت أَسْباطٍ،
وقال الزجاج: قال بعضهم السِّبْطُ القَرْنُ الذي يجيء بعد قرن، قالوا:
والصحيح أَن الأَسْباط في ولد إِسحق بن إِبراهيم بمنزلة القبائل في ولد
إِسمعيل، عليهم السلام، فولَد كلِّ ولدٍ من ولدِ إِمعيل قبيلةٌ، وولد كلِّ ولد
من ولَدِ إِسحق سِبْطٌ، وإِنما سمي هؤلاء بالأَسباط وهؤلاء بالقبائل
ليُفْصَلَ بين ولد إِسمعيل وولد إِسحق، عليهما السلام. قال: ومعنى إِمعيل في
القبيلة( ) قوله «قال ومعنى إسماعيل في القبيلة إلخ» كذا في الأَصل.
معنى الجماعة، يقال لكل جماعة من أَب واحد قبيلة، وأَما الأَسباط فمشتق من
السبَطِ، والسبَطُ ضرْب من الشجر ترعاه الإِبل، ويقال: الشجرةُ لها
قبائل، فكذلك الأَسْباطُ من السبَط، كأَنه جُعل إِسحقُ بمنزلة شجرة، وجعل
إِسمعيل بمنزلة شجرة أُخرى، وكذلك يفعل النسابون في النسب يجعلون الوالد
بمنزلة الشجرة، والأَولادَ بمنزلة أَغْصانها، فتقول: طُوبى لفَرْعِ فلانٍ
وفلانٌ من شجرة مباركة. فهذا، واللّه أَعلم، معنى الأَسْباط والسِّبْطِ؛
قال ابن سيده: وأَما قوله:
كأَنه سِبْطٌ من الأَسْباطِ
فإِنه ظن السبْطَ الرجل فغَلِط.
وسَبَّطَتِ الناقةُ وهي مُسَبِّطٌ: أَلْقَتْ ولدَها لغير تمام.
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: كانت تَضْرِب اليَتيم يكون في حَجْرِها
حتى يُسْبِطَ أَي يَمتدّ على وجه الأَرض ساقطاً. يقال: أَسْبَطَ على
الأَرض إِذا وقع عليها ممتدّاً من ضرب أَو مرَض. وأَسْبَطَ الرجلُ إِسْباطاً
إِذا انْبَسَطَ على وجه الأَرض وامتدّ من الضرب. واسْبَطَرَّ أَي امتدّ،
منه؛ ومنه حديث شُرَيْحٍ: فإِن هي دَرَّتْ واسْبَطَرَّت؛ يريد امتدَّتْ
للإِرْضاع؛ وقال الشاعر:
ولُيِّنَتْ من لَذّةِ الخِلاطِ،
قد أَسْبَطَتْ، وأَيُّما إِسْباطِ
يعني امرأَة أُتِيَتْ، فلما ذاقَتِ العُسَيْلةَ مَدَّتْ نفْسَها على
الأَرض، وقولهم: ما لي أَراك مُسْبِطاً أَي مُدَلِّياً رأْسَك كالمُهْتَمّ
مُسْتَرْخِيَ البدَنِ. أَبو زيد: يقال للناقة إِذا أَلقَتْ ولدَها
قُبَيْلَ أَن يَسْتَبينَ خَلْقُه: قد سَبَّطَتْ وأَجْهَضَتْ ورَجَعَتْ رِجاعاً.
وقال الأَصمعي: سبَّطتِ الناقةُ بولدها وسبَّغَت، بالغين المعجمة، إِذا
أَلقته وقد نبَت وبَرُه قبل التَّمام. والتَّسْبِيطُ في الناقة:
كالرِّجاعِ. وسبَّطتِ النعجةُ إِذا أَسْقطت. وأَسْبَط الرجلُ: وقع فلم يقدر على
التحرُّك من الضعْف، وكذلك من شُرب الدَّواء أَو غيره؛ عن أَبي زيد.
وأَسْبَطَ بالأَرض: لَزِقَ بها؛ عن ابن جَبلة. وأَسْبَط الرجلُ أَيضاً: سكَت
مِن فَرَقٍ.
والسَّبَطانةُ: قَناةٌ جَوْفاء مَضْروب بالعَقَبِ يُرْمى بها الطيرُ،
وقيل: يرمى فيها بِسهام صِغار يُنْفَخُ فيها نَفْخاً فلا تكاد تُخْطِئ.
والسَّاباطُ: سَقيفةٌ بين حائطين، وفي المحكم: بين دارين، وزاد غيره: من
تحتها طريق نافذ، والجمع سَوابِيطُ وساباطاتٌ. وقولهم في المثل:
أَفْرَغُ من حَجَّامِ ساباطٍ؛ قال الأَصمعي: هو ساباطُ كسْرى بالمدائنِ
وبالعجمية بَلاس آبادْ، وبَلاس اسم رجل؛ ومنه قول الأَعشى:
فأَصْبَحَ لم يَمْنَعْه كَيْدٌ وحِيلةٌ * بِساباطَ حتى ماتَ وهو مُحَرْزَق
(* هكذا روي صدر هذا البيت في الأَصل روايتين مختلفتين. وكلتا الروايتين
تخالف ما في قصيدة الأَعشى، فقد روي فيها على هذه الصورة: فذاك، وما أنجى من الموت ربّه)
يذكر النعمان بن المنذر وكان أَبْرَويز حبَسه بساباط ثم أَلقاه تحت
أَرْجُل الفِيَلةِ. وساباطُ: موضع؛ قال الأَعشى:
هُنالِكَ ما أَغْنَتْه عِزَّةُ مُلْكِه * بِساباطَ، حتى ماتَ وهو مُحَرْزَقُ
(* هكذا روي صدر هذا البيت في الأَصل روايتين مختلفتين. وكلتا الروايتين
تخالف ما في قصيدة الأَعشى، فقد روي فيها على هذه الصورة: فذاك، وما أنجى من الموت ربّه)
وسَباطِ: من أَسماء الحمَّى، مبنيّ على الكسر؛ قال المتنخل الهذلي: أَجَزْتُ بفِتْيةٍ بِيضٍ كِرامٍ، * كأَنَّهُمُ تَمَلُّهُمُ سَباطِ
وسُباط: اسم شهر بالرومية، وهو الشهر الذي بين الشتاء والربيع، وفي
التهذيب: وهو في فصل الشتاء، وفيه يكون تمام اليوم الذي تَدُور كسُوره في
السنين، فإِذا تَمَّ ذلك اليومُ في ذلك الشهر سمّى أَهلُ الشام تلك السنةَ
عامَ الكَبِيسِ، وهم يَتَيَمَّنُونَ به إِذا وُلد فيه مولود او قَدِم
قادِمٌ من سَفَرٍ.
والسِّبْطُ الرِّبْعِيُّ: نخلة تُدرك آخر القَيْظِ.
وسابِطٌ وسُبَيْطٌ: اسْمانِ. وسابُوطٌ: دابّةٌ من دواب البحر.
ويقال: سبَط فلان على ذلك الأَمْرِ يميناً وسَمَط عليه، بالباء والميم،
أَي حلَف عليه. ونعْجة مَبْسُوطةٌ إِذا كانت مَسْمُوطةً مَحْلوقة.
صرع: الصَرْعُ: الطَّرْحُ بالأَرض، وخَصَّه في التهذيب بالإِنسان،
صارَعَه فصَرَعَه يَصْرَعُه صَرْعاً وصِرْعاً، الفتح لتميم والكسر لقيس؛ عن
يعقوب، فهو مصروعٌ وصرِيعٌ، والجمع صَرْعَى؛ والمُصارَعةُ والصِّراعُ:
مُعالَجَتُهما أَيُّهُما يَصْرَعُ صاحِبَه. وفي الحديث: مثَلُ المؤمِن
كالخامةِ من الزَّرْعِ تَصْرَعُها الريحُ مرة وتَعْدِلُها أُخْرى أَي تُمِيلُها
وتَرْمِيها من جانب إِلى جانب. والمَصْرَعُ: موضِعٌ ومَصْدَرٌ؛ قال
هَوْبَرٌ الحارثيّ:
بمَصْرَعِنا النُّعْمانَ، يومَ تأَلَّبَتْ
علينا تَمِيمٌ من شَظًى وصَمِيمِ،
تَزَوَّدَ مِنّا بَيْنَ أُذْنَيْه طَعْنةً،
دَعَتْه إِلى هابِي التُّرابِ عَقِيمِ
ورجل صَرّاعٌ وصَرِيعٌ بَيِّنُ الصّراعةِ، وصَرِيعٌ: شَدِيد الصَّرْع
وإِن لم يكن معروفاً بذلك، وصُرَعةٌ: كثير الصَّرْع لأَقْرانِه يَصْرَعُ
الناسَ، وصُرْعةٌ: يُصْرَعُ كثيراً يَطَّرِدُ على هذين بابٌ. وفي الحديث:
أَنه صُرِعَ عن دابَّة فجُحِشَ شِقُّه أَي سقَطَ عن ظهرها. وفي الحديث
أَيضاً: أَنه أَردَفَ صَفِيّةَ فَعَثَرَتْ ناقتُه فصُرِعا جميعاً. ورجُلٌ
صِرِّيعٌ مثال فِسِّيقٍ: كثير الصَّرْع لأَقْرانه، وفي التهذيب: رجل
صِرِّيعٌ إِذا كان ذلك صَنْعَتَه وحالَه التي يُعْرَفُ بها. ورجل صَرّاعٌ إِذا
كان شديد الصَّرْعِ وإِن لم معروفاً. ورجل صَرُوعُ الأَقْرانِ أَي كثير
الصَّرْع لهم. والصُّرَعة: هم القوم الذين يَصْرَعُون من صَارَعُوا. قال
الأَزهري: يقال رجل صُرَعةٌ، وقوم صُرَعةٌ وقد تَصارَعَ القومُ
واصْطَرَعُوا، وصارَعَه مُصارَعةً وصِراعاً. والصِّرْعانِ: المُصْطَرِعانِ. ورجل
حَسَنُ الصِّرْعةِ مثل الرِّكْبةِ والجِلْسةِ، وفي المَثلِ: سُوءُ
الاسْتِمْساكِ خَيْر من حُسْنِ الصِّرْعةِ؛ يقول: إِذا اسْتَمْسَكَ وإِن لم
يُحْسِنِ الرّكْبةَ فهو خير من الذي يُصْرَعُ صَرْعةً لا تَضُرُّه، لأَن الذي
يَتماسَكُ قد يَلْحَقُ والذي يُصْرَعُ لا يَبْلُغُ.
والصَّرْعُ: عِلّة مَعْرُوفة. والصَّريعُ: المجنونُ، ومررت بِقَتْلى
مُصَرَّعِين، شُدِّد للكثرة. ومَصارِعُ القوم: حيث قُتِلُوا. والمَنِيّةُ
تَصْرَعُ الحيوانَ، على المَثل.
والصُّرَعةُ: الحلِيمُ عند الغَضَبِ لأَن حِلْمَه يَصْرَعُ غَضَبَه على
ضِدّ معنى قولهم: الغَضَبُ غُولُ الحِلْمِ. وفي الحديث: الصُّرَعةُ، بضم
الصاد وفتح الراء مثل الهُمَزةِ، الرجلُ الحليمُ عِندَ الغَضَب، وهو
المبالغ في الصِّراعِ الذي لا يُغْلَبُ فَنَقَلَه إِلى الذي يَغْلِبُ نفسه
عند الغضب ويَقْهَرُها، فإِنه إِذا مَلَكها كان قد قَهَرَ أَقْوى أَعْدائِه
وشَرَّ خُصُومِه، ولذلك قال: أَعْدَى عَدُوٍّ لك نفسُك التي بين
جَنْبَيْكَ، وهذا من الأَلفاظ التي نقَلها اللغويون
(* قوله «نقلها اللغويون إلخ
كذا بالأصل، والذي في النهاية: نقلها عن وضعها اللغوي، والمتبادر منه
أن اللغوي ضفة للوضع وحينئذ فالناقل النبي، صلى الله عليه وسلم، ويؤيده
قول المؤلف قبله: فنقله الى الذي يغلب نفسه.) عن وضعها لِضَرْبٍ من
التَّوَسُّع والمجاز، وهو من فصيح الكلام لأَنه لما كان الغضبانُ بحالة شديدة من
الغَيْظِ، وقد ثارَتْ عليه شهوة الغضب فَقَهَرها بحلمه وصَرَعَها
بثباته، كان كالصُّرَعَةِ الذي يَصْرَعُ الرجالَ ولا يَصْرَعُونه. والصَّرْعُ
والصِّرعُ والضِّرْعُ: الضرْبُ والفَنُّ من الشيء، والجمع أَصْرُعٌ
وصُرُوعٌ؛ وروى أَبو عبيد بيت لبيد:
وخَصْمٍ كَبادِي الجِنّ أَسْقَطْتُ شَأْوَهُمْ
بِمُسْتَحْوذٍ ذِي مِرّةٍ وصُرُوعِ
بالصاد المهملة أَي بِضُروبٍ من الكلام، وقد رواه ابن الأَعرابي بالضاد
المعجمة، وقال غيره: صُرُوعُ الحبل قُواه. ابن الأَعرابي: يقال هذا
صِرْعُه وصَرْعُه وضِرْعُه وطَبْعُه وطَلْعُه وطِباعُه وطِبَيعُه وسِنُّه
وضَرْعُه وقَرْنُه وشِلْوُهُ وشُلَّتُه أَي مِثْلُه؛ وقول الشاعر:
ومَنْجُوبٍ له منْهُنَّ صِرْعٌ
يَمِيلُ، إِذا عَدَلْتَ بهِ الشّوارا
هكذا رواه الأَصمعي أَي له مِنْهُنَّ مثل؛ قال ابن الأَعرابي: ويروى
ضِرْعٌ، بالضاد المعجمة، وفسره بأَنه الحَلْبة. والصَّرْعانِ: إِبلان تَرِدُ
إِحداهما حين تَصْدُر الأُخرى لكثرتها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
مِثْل البُرامِ غَدا في أصْدةٍ خَلَقٍ،
لم يَسْتَعِنْ وحَوامِي المَوْتِ تَغْشاهُ
فَرَّجْتُ عنه بِصَرْعَيْنا لأَرْملةٍ،
وبائِسٍ جاءَ مَعْناهُ كَمَعْناه
قال يصف سائلاً شَبَّهَه بالبُرام وهو القُراد. لم يَسْتَعِنْ: يقول لم
يَحْلِقْ عانته. وحَوامِي الموت وحَوائِمُهُ: أَسبابُه. وقوله
بصَرْعَيْنا أَراد بها إِبلاً مختلفة التِّمْشاء تجيء هذه وتذهب هذه لكثرتها، هكذا
رواه بفتح الصاد، وهذا الشعر أَورده الشيخ ابن بري عن أَبي عمرو وأَورد
صدر البيت الأَول:
ومُرْهَق سالَ إِمْتاعاً بأصْدتِه
والصِّرْعُ: المِثْلُ؛ قال ابن بري شاهِدُه قول الراجز:
إِنَّ أَخاكَ في الأَشاوٍي صِرْعُكا
والصِّرْعانِ والضِّرْعانِ، بالكسر: المِثْلانِ. يقال: هما صِرْعانِ
وشِرْعانِ وحِتْنانِ وقِتْلانِ كله بمعنى. والصَّرْعانِ: الغَداةُ
والعشِيُّ، وزعم بعضهم أَنهم أَرادوا العَصْرَيْنِ فقُلِبَ. يقال: أَتيتُه صَرْعَى
النهارِ، وفلان يأْتينا الصَّرْعَيْنِ أَي غُدْوةً وعَشِيَّةً، وقيل:
الصَّرْعانِ نصف النهار الأَول ونصفه الآخر؛ وقول ذي الرمة:
كأَنَّني نازِعٌ، يَثْنِيهِ عن وَطَنٍ
صَرْعانِ رائحةً عَقْلٌ وتَقْيِيدُ
أَراد عَقْلٌ عَشِيّةً وتَقْيِيدٌ غُدْوةً فاكتفى بذكر أَحدهما؛ يقول:
كأَنني بعير نازعٌ إِلى وَطَنِه وقد ثناه عن إِرادته عَقْلٌ وتَقْيِيدٌ،
فَعَقْلُه بالغداةِ ليَتَمَكَّنَ في المَرْعَى، وتقييدُه بالليل خوفاً من
شِرادِه. ويقال: طلبْتُ من فلان حاجة فانصَرَفْتُ وما أَدرِي على أَيّ
صِرْعَيْ أَمرِه هو أَي لم يتبين لي أَمرُه؛ قال يعقوب: أَنشدني
الكلابي:فَرُحْتُ، وما ودَّعْتُ لَيْلى، وما دَرَتْ
على أَيِّ صِرْعَيْ أَمرِها أَتَرَوَّحُ
يعني أَواصلاً تَرَوَّحْتُ من عندها أَو قاطعاً. ويقال: إِنه لَيَفْعَلُ
ذلك على كلِّ صِرْعةٍ
(* قوله «على كل صرعة هي بكسر الصاد في الأصل وفي
القاموس بالفتح.) أَي يَفْعَلُ ذلك على كلّ حال. ويقال للأَمر صَرْعان
أَي طَرَفان. ومِصْراعا البابِ: بابان منصوبان ينضمان جميعاً مَدْخَلُهما
في الوَسَط من المِصْراعَيْنِ؛ وقول رؤبة:
إِذْ حازَ دُوني مِصْرَعَ البابِ المِصَكّْ
يحتمل أَن يكون عندهم المِصْرَعُ لغة في المِصْراعِ، ويحتمل أَن يكون
محذوفاً منه. وصَرَعَ البابَ: جعَل له مِصْراعَيْنِ؛ قال أَبو إِسحق:
المِصْراعانِ بابا القصيدة بمنزلة المِصْراعَيْنِ اللذين هما بابا البيت، قال:
واشتِقاقهما الصَّرْعَيْنِ، وهما نصفا النهار، قال: فمن غُدْوةٍ إِلى
انتصاف النهار صَرْعٌ، ومن انتصاف النهار إِلى سقوط القُرْص صَرْع. قال
الأَزهري: والمِصْراعانِ من الشعْر ما كان فيه قافيتان في بيت واحد، ومن
الأَبواب ما له بابان منصوبان ينضَمّان جميعاًمَدْخَلُهما بينهما في وسط
المصراعين، وبيتٌ من الشعْر مُصَرَّعٌ له مِصْراعانِ، وكذلك باب
مُصَرَّعٌ.والتصريعُ في الشعر: تَقْفُِهُ المِصْراعِ الأَول مأْخوذ من مِصْراعِ
الباب، وهما مُصَرَّعانِ، وإِنما وقع التصريعُ في الشعر ليدل على أَنّ
صاحبه مبتدِئٌ إِما قِصّةً وإِما قصِيدة، كما أَن إِمّا إِنما ابْتُدِئَ
بها في قولك ضربت إِما زيداً وإِمّا عمراً ليعلم أَن المتكلم شاكّ؛ فمما
العَرُوضُ فيه أَكثر حروفاً من الضرب فَنَقَصَ في التصريعِ حتى لحق بالضرب
قَوْلُ امرِئِ القَيْسِ:
لِمَنْ طَلَلٌ أَبْصَرْتُه فَشَجَاني
كَخَطِّ زَبُورٍ في عَسِيبِ يَماني؟
فقوله شَجاني فعولن وقوله يماني فعولن والبيت من الطويل وعروضه المعروف
إِنما هو مفاعلن، ومما زِيد في عروضه حتى ساوَى الضرْبَ قول امرئ
القيس:أَلا انْعِمْ صَباحاً أَيُّها الطَّلَلُ البالي،
وهل يَنْعَمَنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي؟
وصَرَّعَ البيتَ من الشعر: جعلَ عَرُوضه كضربه.
والصرِيعُ: القضِيبُ من الشجر يَنْهَصِرُ إِلى الأَرض فيسقط عليها
وأَصله في الشجرة فيبقى ساقطاً في الظل لا تُصِيبُه الشمس فيكون أَلْيَنَ من
الفَرْعِ وأَطيَبَ رِيحاً، وهو يُسْتاكُ به، والجمع صُرُعٌ. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يعجبه أَن يَسْتاكَ بالصُّرُعِ؛ قال
الأَزهري: الصَّرِيعُ القضِيبُ يَسْقُطُ من شجر البَشام، وجمعه صِرْعانٌ.
والصَّريعُ أَيضاً: ما يَبِسَ من الشجر، وقيل: إنما هو الصَّرِيفُ،
بالفاء، وَقيل: الصَّرِيعُ السوْطُ أَو القَوْسُ الذي لم يُنْحَتْ منه شيء،
ويقال الذي جَفَّ عُوده على الشجرة؛ وقول لبيد:
منها مَصارِعُ غايةٍ وقِيامُها
(* في معلقة لبيد: منه مصرَّعُ غابةٍ وقيامها.)
قال: المَصارِعُ جمع مَصْرُوعٍ من القُضُب، يقول: منها مَصْرُوعٌ ومنها
قائم، والقياس مَصارِيعُ.
وذكر الأَزهري في ترجمة صعع عن أَبي المقدام السُّلَمِيّ قال: تَضَرَّعَ
الرجلُ لصاحبه وتَصَرَّعَ إِذا ذَلَّ واسْتَخْذَى.
سعر: السِّعْرُ: الذي يَقُومُ عليه الثَّمَنُ، وجمعه أَسْعَارٌ وقد
أَسْعَرُوا وسَعَّرُوا بمعنى واحد: اتفقوا على سِعْرٍ. وفي الحديث: أَنه قيل
للنبي، صلى الله عليه وسلم: سَعِّرْ لنا، فقال: إِن الله هو المُسَعِّرُ؛
أَي أَنه هو الذي يُرْخِصُ الأَشياءَ ويُغْلِيها فلا اعتراض لأَحد عليه،
ولذلك لا يجوز التسعير. والتَّسْعِيرُ: تقدير السِّعْرِ.
وسَعَرَ النار والحرب يَسْعَرُهما سَعْراً وأَسْعَرَهُما وسَعَّرَهُما:
أَوقدهما وهَيَّجَهُما. واسْتَعَرَتْ وتَسَعَّرَتْ: استوقدت. ونار
سَعِيرٌ: مَسْعُورَةٌ، بغير هاء؛ عن اللحياني. وقرئ: وإِذا الجحيم سُعِّرَتْ،
وسُعِرَتْ أَيضاً، والتشديد للمبالغة. وقوله تعالى: وكفى بجهنم سعيراً؛
قال الأَخفش: هو مثل دَهِينٍ وصَريعٍ لأَنك تقول سُعِرَتْ فهي
مَسْعُورَةٌ؛ ومنه قوله تعالى: فسُحْقاً لأَصحاب السعير؛ أَي بُعْداً لأَصحاب
النار.ويقال للرجل إِذا ضربته السَّمُوم فاسْتَعَرَ جَوْفُه: به سُعارٌ.
وسُعارُ العَطَشِ: التهابُه. والسَّعِيرُ والسَّاعُورَةُ: النار، وقيل: لهبها.
والسُّعارُ والسُّعْرُ: حرها. والمِسْشَرُ والمِسْعارُ: ما سُعِرَتْ به.
ويقال لما تحرك به النار من حديد أَو خشب: مِسْعَرٌ ومِسْعَارٌ، ويجمعان
على مَسَاعِيرَ ومساعر. ومِسْعَرُ الحرب: مُوقِدُها. يقال: رجل مِسْعَرُ
حَرْبٍ إِذا كان يُؤَرِّثُها أَي تحمى به الحرب. وفي حديث أَبي بَصِير:
وَيْلُمِّهِ مِسْعَرُ حَرْبٍ لو كان له أَصحاب؛ يصفه بالمبالغة في الحرب
والنَّجْدَةِ. ومنه حديث خَيْفان: وأَما هذا الحَيُّ مِن هَمْدَانَ
فَأَنْجَادٌ بُسْلٌ مَسَاعِيرُ غَيْرُ عُزْلٍ.
والسَّاعُور: كهيئة التَّنُّور يحفر في الأَرض ويختبز فيه. ورَمْيٌ
سَعْرٌ: يُلْهِبُ المَوْتَ، وقيل: يُلْقِي قطعة من اللحم إِذا ضربه.
وسَعَرْناهُمْ بالنَّبْلِ: أَحرقناهم وأَمضضناهم. ويقال: ضَرْبٌ هَبْرٌ
وطَعْنٌ نَثْرٌ ورَمْيٌ سَعْرٌ مأْخوذ من سَعَرْتُ النارَ والحربَ إِذا
هَيَّجْتَهُما. وفي حديث علي، رضي الله عنه، يحث أَصحابه: اضْرِبُوا
هَبْراً وارْموا سَعْراً أَي رَمْياً سريعاً، شبهه باستعار النار. وفي حديث
عائشة، رضي الله عنها: كان لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وَحْشٌ فإِذا
خرج من البيت أَسْعَرَنا قَفْزاً أَي أَلْهَبَنَا وآذانا. والسُّعارُ: حر
النار. وسَعَرَ اللَّيْلَ بالمَطِيِّ سَعْراً: قطعه. وسَعَرْتُ اليومَ في
حاجتي سَعْرَةً أَي طُفْتُ. ابن السكيت: وسَعَرَتِ الناقةُ إِذا أَسرعت
في سيرها، فهي سَعُورٌ.
وقال أَبو عبيدة في كتاب الخيل: فرس مِسْعَرٌ ومُساعِرٌ، وهو الذي يُطيح
قوائمه متفرقةً ولا صَبْرَ لَهُ، وقيل: وَثَبَ مُجْتَمِعَ القوائم.
والسَّعَرَانُ: شدة العَدْو، والجَمَزَانُ: من الجَمْزِ، والفَلَتانُ:
النَّشِيطُ. وسَعَرَ القوم شَرّاً وأَسْعَرَهم وسَعَّرَهم: عَمَّهُمْ به، على
المثل، وقال الجوهري: لا يقال أَسعرهم. وفي حديث السقيفة: ولا ينام الناسُ
من سُعَارِه أَي من شره.
وفي حديث عمر: أَنه أَراد أَن يدخل الشام وهو يَسْتَعِرُ طاعوناً؛
اسْتَعارَ اسْتِعارَ النار لشدة الطاعون يريد كثرته وشدَّة تأْثيره، وكذلك
يقال في كل أَمر شديد، وطاعوناً منصوب على التمييز، كقوله تعالى: واشتعل
الرأْس شيباً. واسْتَعَرَ اللصوصُ: اشْتَعَلُوا.
والسُّعْرَةُ والسَّعَرُ: لون يضرب إِلى السواد فُوَيْقَ الأُدْمَةِ؛
ورجل أَسْعَرُ وامرأَة سَعْرَاءُ؛ قال العجاج:
أَسْعَرَ ضَرْباً أَو طُوالاً هِجْرَعا
يقال: سَعِرَ فلانٌ يَسْعَرُ سَعَراً، فهو أَسْعَرُ، وسُعِرَ الرجلُ
سُعَاراً، فهو مَسْعُورٌ: ضربته السَّمُوم. والسُّعَارُ: شدّة الجوع. وسُعار
الجوع: لهيبه؛ أَنشد ابن الأَعرابي لشاعر يهجو رجلاً:
تُسَمِّنُها بِأَخْثَرِ حَلْبَتَيْها،
وَمَوْلاكَ الأَحَمُّ لَهُ سُعَارُ
وصفه بتغزير حلائبه وكَسْعِهِ ضُرُوعَها بالماء البارد ليرتدّ لبنها
ليبقى لها طِرْقُها في حال جوع ابن عمه الأَقرب منه؛ والأَحم: الأَدنى
الأَقرب، والحميم: القريب القرابة.
ويقال: سُعِرَ الرجلُ، فهو مسعور إِذا اشْتَدَّ جوعه وعطشه. والسعْرُ:
شهوة مع جوع. والسُّعْرُ والسُّعُرُ: الجنون، وبه فسر الفارسي قوله تعالى:
إِن المجرمين في ضلال وسُعُرٍ، قال: لأَنهم إِذا كانوا في النار لم
يكونوا في ضلال لأَنه قد كشف لهم، وإِنما وصف حالهم في الدنيا؛ يذهب إِلى أَن
السُّعُرَ هنا ليس جمع سعير الذي هو النار. وناقة مسعورة: كأَن بها
جنوناً من سرعتها، كما قيل لها هَوْجَاءُ. وفي التنزيل حكايةً عن قوم صالح:
أَبَشَراً منَّا واحداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لفي ضلال وسُعُرٍ؛ معناه
إِنا إِذاً لفي ضلال وجنون، وقال الفراء: هو العَنَاءُ والعذاب، وقال
ابن عرفة: أَي في أَمر يُسْعِرُنا أَي يُلْهِبُنَا؛ قال الأَزهري: ويجوز
أَن يكون معناه إِنا إِن اتبعناه وأَطعناه فنحن في ضلال وفي عذاب مما
يلزمنا؛ قال: وإِلى هذا مال الفراء؛ وقول الشاعر:
وسَامَى بها عُنُقٌ مِسْعَرُ
قال الأَصمعي: المِسْعَرُ الشديد. أَبو عمرو: المِسْعَرُ الطويل.
ومَسَاعِرُ البعير: آباطله وأَرفاغه حيث يَسْتَعِرُ فيه الجَرَبُ؛ ومنه قول ذي
الرمة:
قَرِيعُ هِجَانٍ دُسَّ منه المَساعِرُ
والواحدُ مَسْعَرٌ. واسْتَعَرَ فيه الجَرَبُ: ظهر منه بمساعره.
ومَسْعَرُ البعير: مُسْتَدَقُّ ذَنَبِه.
والسِّعْرَارَةُ والسّعْرُورَةُ: شعاع الشمس الداخلُ من كَوَّةِ البيت،
وهو أَيضاً الصُّبْحُ، قال الأَزهري: هو ما تردّد في الضوء الساقط في
البيت من الشمس، وهو الهباء المنبث. ابن الأَعرابي: السُّعَيْرَةُ تصغير
السِّعْرَةِ، وهي السعالُ الحادُّ. ويقال هذا سَعْرَةُ الأَمر وسَرْحَتُه
وفَوْعَتُه: لأَوَّلِهِ وحِدَّتِهِ. أَبو يوسف: اسْتَعَرَ الناسُ في كل وجه
واسْتَنْجَوا إِذا أَكلوا الرُّطب وأَصابوه؛ والسَّعِيرُ في قول
رُشَيْدِ ابن رُمَيْضٍ العَنَزِيِّ:
حلفتُ بمائراتٍ حَوْلَ عَوْضٍ،
وأَنصابٍ تُرِكْنَ لَدَى السَّعِيرِ
قال ابن الكلبي: هو اسم صنم كان لعنزة خاصة، وقيل: عَوض صنم لبكر بن
وائل والمائرات: هي دماء الذبائح حول الأَصنام.
وسِعْرٌ وسُعَيْرٌ ومِسْعَرٌ وسَعْرَانُ: أَسماء، ومِسْعَرُ بن كِدَامٍ
المحدّث: جعله أَصحاب الحديث مَسعر، بالفتح، للتفاؤل؛ والأَسْعَرُ
الجُعْفِيُّ: سمي بذلك لقوله:
فلا تَدْعُني الأَقْوَامُ من آلِ مالِكٍ،
إِذا أَنا أَسْعَرْ عليهم وأُثْقِب
واليَسْتَعُورُ الذي في شِعْرِ عُرْوَةَ: موضع، ويقال شَجَرٌ.
سرر: السِّرُّ: من الأَسْرار التي تكتم. والسر: ما أَخْفَيْتَ، والجمع
أَسرار. ورجل سِرِّيٌّ: يصنع الأَشياءَ سِرّاً من قوم سِرِّيِّين.
والسرِيرةُ: كالسِّرِّ، والجمع السرائرُ. الليث: السرُّ ما أَسْرَرْتَ به.
والسريرةُ: عمل السر من خير أَو شر.
وأَسَرَّ الشيء: كتمه وأَظهره، وهو من الأَضداد، سرَرْتُه: كتمته،
وسررته: أَعْلَنْته، والوجهان جميعاً يفسران في قوله تعالى: وأَسرُّوا
الندامةَ؛ قيل: أَظهروها، وقال ثعلب: معناه أَسروها من رؤسائهم؛ قال ابن سيده:
والأَوّل أَصح. قال الجوهري: وكذلك في قول امرئ القيس: لو يُسِرُّون
مَقْتَلِي؛ قال: وكان الأَصمعي يرويه: لو يُشِرُّون، بالشين معجمة، أَي
يُظهرون. وأَسَرَّ إِليه حديثاً أَي أَفْضَى؛ وأَسررْتُ إِليه المودَّةَ
وبالمودّةِ وسارَّهُ في أُذُنه مُسارَّةً وسِراراً وتَسارُّوا أَي تَناجَوْا.
أَبو عبيدة: أَسررت الشيء أَخفيته، وأَسررته أَعلنته؛ ومن الإِظهار قوله
تعالى: وأَسرُّوا الندامة لما رأَوا العذاب؛ أَي أَظهروها؛ وأَنشد
للفرزدق:
فَلَمَّا رَأَى الحَجَّاجَ جَرَّدَ سَيْفَه،
أَسَرَّ الحَرُورِيُّ الذي كان أَضْمَرا
قال شمر: لم أَجد هذا البيت للفرزدق، وما قال غير أَبي عبيدة في قوله:
وأَسرُّوا الندامة، أَي أَظهروها، قال: ولم أَسمع ذلك لغيره. قال
الأَزهري: وأَهل اللغة أَنكروا قول أَبي عبيدة أَشدّ الإِنكار، وقيل: أَسروا
الندامة؛ يعني الرؤساء من المشركين أَسروا الندامة في سَفَلَتِهم الذين
أَضلوهم. وأَسروها: أَخْفَوْها، وكذلك قال الزجاج وهو قول المفسرين. وسارَّهُ
مُسارَّةً وسِراراً: أَعلمه بسره، والاسم السَّرَرُ، والسِّرارُ مصدر
سارَرْتُ الرجلَ سِراراً. واستَسَرَّ الهلالُ في آخر الشهر: خَفِيَ؛ قال ابن
سيده: لا يلفظ به إِلاَّ مزيداً، ونظيره قولهم:
استحجر الطين. والسَّرَرُ والسِّرَرُ والسَّرارُ والسِّرارُ، كله:
الليلة التي يَستَسِرُّ فيها القمرُ؛ قال:
نَحْنُ صَبَحْنا عامِراً في دارِها،
جُرْداً تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها،
عَشِيَّةَ الهِلالِ أَو سِرَارِها
غيره: سَرَرُ الشهر، بالتحريك، آخِرُ ليلة منه، وهو مشتق من قولهم:
استَسَرَّ القمرُ أَي خفي ليلة السرار فربما كان ليلة وربما كان ليلتين. وفي
الحديث: صوموا الشهر وسِرَّه؛ أَي أَوَّلَه، وقيل مُسْتَهَلَّه، وقيل
وَسَطَه، وسِرُّ كُلِّ شيء: جَوْفُه، فكأَنه أَراد الأَيام البيض؛ قال ابن
الأَثير: قال الأَزهري لا أَعرف السر بهذا المعنى إِنما يقال سِرار الشهر
وسَراره وسَرَرهُ، وهو آخر ليلة يستسر الهلال بنور الشمس. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، سأَل رجلاً فقال: هل صمت من سرار هذا الشهر
شيئاً؟ قال: لا. قال: فإِذا أَفطرت من رمضان فصم يومين. قال الكسائي
وغيره: السرار آخر الشهر ليلة يَسْتَسِرُّ الهلال. قال أَبو عبيدة: وربما
استَسَرَّ ليلة وربما استسرّ ليلتين إِذا تمّ الشهر. قال الأَزهري: وسِرار
الشهر، بالكسر، لغة ليست بجيدة عند اللغويين. الفراء: السرار آخر ليلة
إِذا كان الشهر تسعاً وعشرين، وسراره ليلة ثمان وعشرين، وإِذا كان الشهر
ثلاثين فسراره ليلة تسع وعشرين؛ وقال ابن الأَثير: قال الخطابي كان بعض
أَهل العلم يقول في هذا الحديث: إِنّ سؤالَه هل صام من سرار الشهر شيئاً
سؤالُ زجر وإِنكار، لأَنه قد نهى أَن يُسْتَقْبَلَ الشهرُ بصوم يوم أَو
يومين. قال: ويشبه أَن يكون هذا الرجل قد أَوجبه على نفسه بنذر فلذلك قال له:
إِذا أَفطرت، يعني من رمضان، فصم يومين، فاستحب له الوفاءِ بهما.
والسّرُّ: النكاح لأَنه يُكْتم؛ قال الله تعالى: ولكن لا تُواعِدُوهُنَّ
سِرّاً؛ قال رؤبة:
فَعَفَّ عن إِسْرارِها بعد الغَسَقْ،
ولم يُضِعْها بَيْنَ فِرْكٍ وعَشَقْ
والسُّرِّيَّةُ: الجارية المتخذة للملك والجماع، فُعْلِيَّةٌ منه على
تغيير النسب، وقيل: هي فُعُّولَة من السَّرْوِ وقلبت الواو الأَخيرة ياء
طَلبَ الخِفَّةِ، ثم أُدغمت الواو فيها فصارت ياء مثلها، ثم حُوِّلت الضمة
كسرة لمجاورة الياء؛ وقد تَسَرَّرْت وتَسَرَّيْت: على تحويل التضعيف.
أَبو الهيثم: السِّرُّ الزِّنا، والسِّرُّ الجماع. وقال الحسن: لا تواعدوهن
سرّاً، قال: هو الزنا، قال: هو قول أَبي مجلز، وقال مجاهد: لا تواعدوهن
هو أَن يَخْطُبَها في العدّة؛ وقال الفراء: معناه لا يصف أَحدكم نفسه
المرأَة في عدتها في النكاح والإِكثارِ منه. واختلف أَهل اللغة في الجارية
التي يَتَسَرَّاها مالكها لم سميت سُرِّيَّةً فقال بعضهم: نسيت إِلى السر،
وهو الجماع، وضمت السين للفرق بين الحرة والأَمة توطأُ، فيقال للحُرَّةِ
إِذا نُكِحَت سِرّاً أَو كانت فاجرة: سِرِّيَّةً، وللمملوكة يتسراها
صاحبها: سُرِّيَّةً، مخافة اللبس. وقال أَبو الهيثم: السِّرُّ السُّرورُ،
فسميت الجارية سُرِّيَّةً لأَنها موضع سُرورِ الرجل. قال: وهذا أَحسن ما قيل
فيها؛ وقال الليث: السُّرِّيَّةُ فُعْلِيَّة من قولك تَسَرَّرْت، ومن
قال تَسَرَّيْت فإِنه غلط؛ قال الأَزهري: هو الصواب والأَصل تَسَرَّرْتُ
ولكن لما توالت ثلاثٌ راءات أَبدلوا إِحداهن ياء، كما قالوا تَظَنَّيْتُ من
الظنّ وقَصَّيْتُ أَظفاري والأَصل قَصَّصْتُ؛ ومنه قول العجاج:
تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ
إِنما أَصله: تَقَضُّض. وقال بعضهم: استسرَّ الرجلُ جارِيَتَه بمعنى
تسرَّاها أَي تَخِذها سُرية. والسرية: الأَمة التي بَوَّأَتَها بيتاً، وهي
فُعْلِيَّة منسوبة إِلى السر، وهو الجماع والإِخفاءُ، لأَن الإِنسان
كثيراً ما يَسُرُّها ويَسْتُرُها عن حرته، وإِنما ضمت سينه لأَن الأَبنية قد
تُغَيَّرُ في النسبة خاصة، كما قالوا في النسبة إِلى الدَّهْرِ دُهْرِيُّ،
وإِلى الأَرض السَّهْلَةُ سُهْلِيٌّ، والجمع السَّرارِي. وفي حديث عائشة
وذُكِرَ لها المتعةُ فقالت: والله ما نجد في كلام الله إِلاَّ النكاح
والاسْتِسْرَارَ؛ تريد اتخاذ السراري، وكان القياس الاستسراء من تَسَرَّيْت
إِذا اتَّخَذْت سرية، لكنها ردت الحرف إِلى الأَصل، وهو تَسَرَّرْتُ من
السر النكاح أَو من السرور فأَبدلت إِحدى الراءات ياء، وقيل: أَصلها
الياء من الشيء السَّريِّ النفيس. وفي حديث سلامة: فاسْتَسَرَّني أَي اتخذني
سرية، والقياس أَن تقول تَسَرَّرَني أَو تسرّاني فأَما استسرني فمعناه
أَلقي إِليَّ سِرّه. قال ابن الأَثير: قال أَبو موسى لا فرق بينه وبين حديث
عائشة في الجواز. والسرُّ: الذَّكَرُ؛ قال الأَفوه الأَودي:
لَمَّا رَأَتْ سِرَّي تَغَيَّرَ، وانْثَنَى
مِنْ دونِ نَهْمَةِ شَبْرِها حِينَ انْثَنَى
وفي التهذيب: السر ذكر الرجل فخصصه. والسَّرُّ: الأَصلُ. وسِرُّ الوادي:
أَكرم موضع فيه، وهي السَّرارةُ أَيضاً. والسِّرُّ: وسَطُ الوادي، وجمعه
سُرور: قال الأَعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وِسْطَ الغَرِيف،
إِذا خالَطَ الماءُ منها السُّرورا
وكذلك سَرارُه وسَرارَتُه وسُرّتُه. وأَرض سِرُّ: كريمةٌ طيبة، وقيل: هي
أَطيب موضع فيه، وجمع السِّرَّ سِرَرٌ نادر، وجمع السَّرارِ أَسِرَّةٌ
كَقَذالٍ وأَقْذِلَة، وجمع السَّرارِة سَراثرُ. الأَصمعي: سَرارُ الأَرض
أَوسَطُه وأَكرمُه. ويقال: أَرض سَرَّاءُ أَي طيبة. وقال الفراء: سِرٌّ
بَيِّنُ السِّرارةِ، وهو الخالص من كل شيء. وقال الأَصمعي: السَّرُّ من
الأَرض مثل السَّرارةَ أَكرمها؛ وقول الشاعر:
وأَغْفِ تحتَ الأَنْجُمِ العَواتم،
واهْبِطْ بها مِنْكَ بِسِرٍّ كاتم
قال: السر أَخْصَبُ الوادي. وكاتم أَي كامن تراه فيه قد كتم ولم ييبس؛
وقال لبيد يرثي قوماً:
فَساعَهُمُ حَمْدٌ، وزانَتْ قُبورَهمْ
أَسِرَّةُ رَيحانٍ، بِقاعٍ مُنَوَّر
قال: الأَسرَّةُ أَوْساطُ الرِّياضِ، وقال أَبو عمرو: واحد الأَسِرَّةِ
سِرَارٌ؛ وأَنشد:
كأَنه عن سِرارِ الأَرضِ مَحْجُومُ
وسِرُّ الحَسَبِ وسَرارُه وسَرارَتُه: أَوسطُه. ويقال: فلان في سِرِّ
قومه أَي في أَفضلهم، وفي الصحاح: في أَوسطهم. وفي حديث ظبيان: نحن قوم من
سَرارةِ مَذْحِجٍ أَي من خيارهم. وسِرُّ النسَبِ: مَحْضُه وأَفضلُه،
ومصدره السَّرارَةُ، بالفتح. والسِّرُّ من كل شيء: الخالِصُ بَيِّنُ
السَّرارةِ، ولا فعل له؛ وأَما قول امرئ القيس في صفة امرأَة:
فَلَها مُقَلَّدُها ومُقْلَتُها،
ولَها عليهِ سَرارةُ الفضلِ
فإِنه وصف جاريةً شبهها بظبيةٍ جيداً ومُقْلَةً ثم جعل لها الفضل على
الظبية في سائر مَحاسِنها، أَراد بالسَّرارةِ كُنْه الفضل. وسَرارةُ كلِّ
شيء: محضُه ووسَطُه، والأَصل فيهعا سَرَارةُ الروضة، وهي خير منابتها،
وكذلك سُرَّةُ الروضة. وقال الفراء: لها عليها سَرارةُ الفضل وسَراوةُ الفضل
أَي زيادة الفضل.
وسَرارة العيش: خيره وأَفضله. وفلان سِرُّ هذا الأَمر إِذا كان عالماً
به. وسِرُّ الوادي: أَفضل موضع فيه، والجمع أَسِرَّةٌ مثل قِنٍّ
وأَقِنَّةٍ؛ قال طرفة:
تَرَبَّعَتِ القُفَّينِ في الشَّوْلِ تَرْتَعِي
حَدائِقَ مَوْليِّ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ
وكذلك سَرارةُ الوادي، والجمع سرارٌ؛ قال الشاعر:
فإِن أَفْخُرْ بِمَجْدِ بَني سُلَيْمٍ،
أَكُنْ منها التَّخُومَةَ والسَّرَارا
والسُّرُّ والسِّرُّ والسِّرَرُ والسِّرارُ، كله: خط بطن الكف والوجه
والجبهة؛ قال الأَعشى:
فانْظُرْ إِلى كفٍّ وأَسْرارها،
هَلْ أَنتَ إِنْ أَوعَدْتَني ضائري؟
يعني خطوط باطن الكف، والجمع أَسِرَّةٌ وأَسْرارٌ، وأَسارِيرُ جمع
الجمع؛ وكذلك الخطوط في كل شيء؛ قال عنترة:
بِزُجاجَةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ،
قُرِنَتْ بِأَزْهَرَ في الشَّمالِ مُقَدَّم
وفي حديث عائشة في صفته، صلى الله عليه وسلم: تَبْرُقُ أَسارِيرُ وجهه.
قال أَبو عمرو: الأَسارير هي الخطوط التي في الجبهة من التكسر فيها،
واحدها سِرَرٌ. قال شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول في قوله تبرق أَسارِيرُ
وجهه، قال: خطوط وجهه سِرٌّ وأَسرارٌ، وأَسارِيرُ جمع الجمع. قال: وقال
بعضهم الأَساريرُ الخدّان والوجنتان ومحاسن الوجه، وهي شآبيبُ الوجه أَيضاً
وسُبُحاتُ الوجه. وفي حديث علي، عليه السلام: كأَنَّ ماءَ الذهبِ يجري في
صفحة خده، وروْنَقَ الجلالِ يَطَّردُ في أَسِرَّةِ جبينه. وتَسَرَّرَ
الثوبُ: تَشَقَّقَ.
وسُرَّةُ الحوض: مستقر الماء في أَقصاه. والسُّرَّةُ: الوَقْبَةُ التي
في وسط البطن. والسُّرُّ والسَّرَرُ: ما يتعلق من سُرَّةِ المولود فيقطع،
والجمع أَسِرَّةٌ نادر. وسَرَّه سَرّاً: قطع سَرَرَه، وقيل: السرَر ما
قطع منه فذهب. والسُّرَّةُ: ما بقي، وقيل: السُّر، بالضم، ما تقطعه القابلة
من سُرَّة الصبي. يقال: عرفْتُ ذلك قبل أَن يُقْطَعَ سُرُّك، ولا تقل
سرتك لأَن السرة لا تقطع وإِنما هي الموضع الذي قطع منه السُّرُّ.
والسَّرَرُ والسِّرَرُ، بفتح السين وكسرها: لغة في السُّرِّ. يقال: قُطِعَ سَرَرُ
الصبي وسِرَرُه، وجمعه أَسرة؛ عن يعقوب، وجمع السُّرة سُرَرٌ وسُرَّات
لا يحركون العين لأَنها كانت مدغمة. وسَرَّه: طعنه في سُرَّته؛ قال
الشاعر:نَسُرُّهُمُ، إِن هُمُ أَقْبَلُوا،
وإِن أَدْبَرُوا، فَهُمُ مَنْ نَسُبْ
أَي نَطْعُنُه في سُبَّتِه. قال أَبو عبيد: سمعت الكسائي يقول: قُطِع
سَرَرُ الصبيّ، وهو واحد. ابن السكيت: يقال قطع سرر الصبي، ولا يقال قطعت
سرته، إِنما السرة التي تبقى والسرر ما قطع. وقال غيره: يقال، لما قطع،
السُّرُّ أَيضاً، يقال: قطع سُرُّه وسَرَرُه. وفي الحديث: أَنه، عليه
الصلاة والسلام، وُلِدَ مَعْذُوراً مسروراً؛ أَي مقطوع السُّرَّة
(* قوله:
«أَي مقطوع السرة» كذا بالأَصل ومثله في النهاية والإِضافة على معنى من
الابتدائية والمفعول محذوف والأَصل مقطوع السر من السرة وإِلاَّ فقد ذكر أَنه
لا يقال قطعت سرته). وهو ما يبقى بعد القطع مما تقطعه القابلة.
والسَّرَرُ: داءٌ يأُخذ في السُّرَّة، وفي المحكم: يأْخذ الفَرَس. وبعير أَسَرُّ
وناقة بيِّنة السَّرَر يأْخذها الداء في سرتها فإِذا بركت تجافت؛ قال
الأَزهري: هذا التفسير غلط من الليث إِنما السَّرَرُ وجع يأْخذ البعير في
الكِرْكِرَةِ لا في السرة. قال أَبو عمرو: ناقة سَرَّاء وبعير أَسَرُّ
بيِّنُ السَّرَرِ، وهو وجع يأْخذ في الكركرة؛ قال الأَزهري: هذا سماعي من
العرب، ويقال: في سُرَّته سَرَرٌ أَي ورم يؤلمه، وقيل: السَّرَر قرح في مؤخر
كركرة البعير يكاد ينقب إِلى جوفه ولا يقتل، سَرَّ البعيرُ يَسَرُّ
سَرَراً؛ عن ابن الأَعرابي؛ وقيل: الأَسَرُّ الذي به الضَّبُّ، وهو ورَمٌ
يكون في جوف البعير، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر؛ قال معد يكرب المعروف
بِغَلْفاءَ يرثي أَخاه شُرَحْبِيلَ وكان رئيس بكر بن وائل قتل يوم
الكُلابِ الأَوَّل:
إِنَّ جَنْبي عن الفِراشِ لَنابي،
كَتَجافِي الأَسَرِّ فوقَ الظِّراب
مِنْ حَدِيث نَما إِلَيَّ فَمٌّ تَرْ
فَأُعَيْنِي، ولا أُسِيغ شَرابي
مُرَّةٌ كالذُّعافِ، ولا أَكْتُمُها النَّا
سَ، على حَرِّ مَلَّةٍ كالشِّهابِ
مِنْ شُرَحْبِيلَ إِذْ تَعَاوَرَهُ الأَرْ
ماحُ، في حالِ صَبْوَةٍ وشَبابِ
وقال:
وأَبِيتُ كالسَّرَّاءِ يَرْبُو ضَبُّها،
فإِذا تَحَزْحَزَ عن عِدَاءٍ ضَجَّتِ
وسَرَّ الزَّنْدَ يَسُرُّه سَرّاً إِذا كان أَجوف فجعل في جوفه عوداً
ليقدح به. قال أَبو حنيفة: يقال سُرَّ زَنْدَكَ فإِنه أَسَرُّ أَي أَجوف
أَي احْشُه لِيَرِيَ. والسَّرُّ: مصدر سَرِّ الزَّنْدَ. وقَنَاةٌ سَرَّاءُ:
جوفاء بَيِّنَةُ السَّرَرِ.
والسَّرِيرُ: المُضطَجَعُ، والجمع أَسِرَّةٌ وسُرُرٌ؛ سيبويه: ومن قال
صِيدٌ قال في سُرُرٍ سُرٌّ. والسرير: الذي يجلس عليه معروف. وفي التنزيل
العزيز: على سُرُرٍ متقابلين؛ وبعضهم يستثقل اجتماع الضمتين مع التضعيف
فيردّ الأَول منهما إِلى الفتح لخفته فيقول سُرَرٌ، وكذلك ما أَشبهه من
الجمع مثل ذليل وذُلُلٍ ونحوه. وسرير الرأْس: مستقره في مُرَكَّبِ العُنُقِ؛
وأَنشد:
ضَرْباً يُزِيلُ الهامَ عن سَرِيرِهِ،
إِزَالَةَ السُّنْبُلِ عن شَعِيرِهِ
والسَّرِيرُ: مُسْتَقَرُّ الرأْس والعنق. وسَرِيرُ العيشِ: خَفْضُهُ
ودَعَتُه وما استقرّ واطمأَن عليه. وسَرِيرُ الكَمْأَةِ وسِرَرُها، بالكسر:
ما عليها من التراب والقشور والطين، والجمع أَسْرارٌ. قال ابن شميل:
الفَِقْعُ أَرْدَأُ الكَمْءِ طَعْماً وأَسرعها ظهوراً وأَقصرها في الأَرض
سِرَراً، قال: وليس لِلْكَمْأَةِ عروق ولكن لها أَسْرارٌ. والسَّرَرُ:
دُمْلُوكَة من تراب تَنبت فيها. والسَّرِيرُ: شحمة البَرْدِيِّ.
والسُّرُورُ: ما اسْتَسَرَّ من البَرْدِيَّة فَرَطُبَتْ وحَسُنَتْ
ونَعُمَتْ. والسُّرُورُ من النبات: أَنْصافُ سُوقِ العُلا؛ وقول
الأَعشى:كَبَرْدِيَّة الغِيلِ وَسْطَ الغَرِيـ
ـفِ، قد خالَطَ الماءُ منها السَّرِيرا
يعني شَحْمَةَ البَرْدِيِّ، ويروى: السُّرُورَا، وهي ما قدمناه، يريد
جميع أَصلها الذي استقرت عليه أَو غاية نعمتها، وقد يعبر بالسرير عن
المُلْكِ والنّعمَةِ؛ وأَنشد:
وفارَقَ مِنها عِيشَةً غَيْدَقِيَّةً؛
ولم يَخْشَ يوماً أَنْ يَزُولِ سَرِيرُها
ابن الأَعرابي: سَرَّ يَسَرُّ إِذا اشتكى سُرَّتَهُ. وسَرَّه يَسُرُّه:
حَيَّاه بالمَسَرَّة وهي أَطراف الرياحين. ابن الأَعرابي: السَّرَّةُ،
الطاقة من الريحان، والمَسَرَّةُ أَطراف الرياحين. قال أَبو حنيفة: وقوم
يجعلون الأَسِرَّةَ طريق النبات يذهبون به إِلى التشبيه بأَسِرَّةِ الكف
وأَسرة الوجه، وهي الخطوط التي فيهما، وليس هذا بقويّ. وأَسِرَّةُ النبت:
طرائقه.
والسَّرَّاءُ: النعمة، والضرَّاء: الشدة. والسَّرَّاءُ: الرَّخاء، وهو
نقيض الضراء. والسُّرُّ والسَّرَّاءُ والسُّرُورُ والمَسَرَّةُ، كُلُّه:
الفَرَحُ؛ الأَخيرة عن السيرافي. يقال: سُرِرْتُ برؤية فلان وسَرَّني
لقاؤه وقد سَرَرْتُه أَسُرُّه أَي فَرَّحْتُه. وقال الجوهري: السُّرور خلاف
الحُزن؛ تقول: سَرَّني فلانٌ مَسَرَّةً وسُرَّ هو على ما لم يسمَّ فاعله.
ويقال: فلانٌ سِرِّيرٌ إِذا كان يَسُرُّ إِخوانَه ويَبَرُّهم. وامرأَة
سَرَّةٌ (قوله: «وامرأَة سرة» كذا بالأَصل بفتح السين، وضبطت في القاموس
بالشكل بضمها). وقومٌ بَرُّونَ سَرُّونَ. وامرأَة سَرَّةٌ وسارَّةٌ:
تَسُرُّك؛ كلاهما عن اللحياني. والمثل الذي جاء: كُلَّ مُجْرٍ بالخَلاء
مُسَرٌّ؛ قال ابن سيده: هكذا حكاه أَفَّارُ لَقِيطٍ إِنما جاء على توهم أَسَرَّ،
كما أَنشد الآخر في عكسه:
وبَلَدٍ يِغْضِي على النُّعوتِ،
يُغْضِي كإِغْضَاءِ الرُّوَى المَثْبُوتِ
(* قوله: «يغضي إلخ» البيت هكذا بالأَصل).
أَراد: المُثْبَتَ فتوهم ثَبَتَهُ، كما أَراد الآخر المَسْرُورَ فتوهم
أَسَرَّه.
وَوَلَدَتْ ثلاثاً في سَرَرٍ واحد أَي بعضهم في إِثر بعض. ويقال: ولد له
ثلاثة على سِرٍّ وعلى سِرَرٍ واحد، وهو أَن تقطع سُرَرُهم أَشباهاً لا
تَخْلِطُهُم أُنثى. ويقولون: ولدت المرأَة ثلاثة في صِرَرٍ، جمع
الصِّرَّةِ، وهي الصيحة، ويقال: الشدة. وتَسَرَّرَ فلانٌ بنتَ فلان إِذا كان
لئيماً وكانت كريمة فتزوّجها لكثرة ماله وقلة مالها.
والسُّرَرُ: موضع على أَربعة أَميال من مكة؛ قال أَبو ذؤيب:
بِآيةِ ما وقَفَتْ والرِّكابَ، وبَيْنَ الحَجُونِ وبَيْنَ السُّرَرْ
التهذيب: وقيل في هذا البيت هو الموضع الذي جاء في الحديث: كانت به شجرة
سُرَّ تحتها سبعون نبيّاً، فسمي سُرَراً لذلك؛ وفي بعض الحديث: أَنها
بالمأْزِمَيْنِ مِن مِنًى كانت فيه دَوْحَةٌ. قال ابن عُمران: بها سَرْحَة
سُرَّ تحتها سبعون نبيّاً أَي قطعت سُرَرُهُمْ يعني أَنهم ولدوا تحتها،
فهو يصف بركتها والموضع الذي هي فيه يسمى وادي السرر، بضم السين وفتح
الراء؛ وقيل: هو بفتح السين والراء، وقيل: بكسر السين. وفي حديث السِّقْطِ:
إِنه يَجْتَرُّ والديه بِسَرَرِهِ حتى يدخلهما الجنة.
وفي حديث حذيفة: لا ينزل سُرَّة البصرة أَي وسطها وجوفها، من سُرَّةِ
الإِنسان فإِنها في وسطه. وفي حديث طاووس: من كانت له إِبل لم يؤدِّ
حَقَّها أَتت يوم القيامة كَأَسَرِّ ما كانت تَطؤه بأَخفافها أَي كَأَسْمَنِ ما
كانت وأَوفره، من سُرِّ كلِّ شيء وهو لُبُّه ومُخُّه، وقيل: هو من
السُّرُور لأَنها إِذا سمنت سَرَّت الناظر إِليها.
وفي حديث عمر: أَنه كان يحدّثه، عليه السلامُ، كَأَخِي السِّرَارِ؛
السِّرَارُ: المُسَارَّةُ، أَي كصاحب السِّرَارِ أَو كمثل المُسَارَّةِ لخفض
صوته، والكاف صفة لمصدر محذوف؛ وفيه: لا تقتلوا أَولادكم سِرّاً فإِن
الغَيْلَ يدرك الفارسَ فَيُدَعْثِرُه من فرسه؛ الغَيْلُ: لبن المرأَة إِذا
حملت وهي تُرْضِعُ، وسمي هذا الفعل قتلاً لأَنه يفضي إِلى القتل، وذلك
أَنه بضعفه ويرخي قواه ويفسد مزاجه، وإِذا كبر واحتاج إِلى نفسه في الحرب
ومنازلة الأَقران عجز عنهم وضعف فربما قُتل، إِلاَّ أَنه لما كان خفيّاً لا
يدرك جعله سرّاً. وفي حديث حذيفة: ثم فتنة السَّرَّاءِ؛ السَّرِّاءُ:
البَطْحاءُ؛ قال ابن الأَثير: قال بعضهم هي التي تدخل الباطن وتزلزله، قال:
ولا أَدري ما وجهه.
والمِسَرَّةُ: الآلة التي يُسَارُّ فيها كالطُّومار.
والأَسَرُّ: الدَّخِيلُ؛ قال لبيد:
وجَدِّي فارسُ الرَّعْشَاءِ مِنْهُمْ
رَئِيسٌ، لا أَسَرُّ ولا سَنِيدُ
ويروى: أَلَفُّ.
وفي المثل: ما يَوْمُ حَلِيمَةَ بِسِرٍّ؛ قال: يضرب لكل أَمر متعالم
مشهور، وهي حليمة بنت الحرث بن أَبي شمر الغساني لأَن أَباها لما وجه جيشاً
إِلى المنذر بن ماء السماء أَخرجت لهم طيباً في مِرْكَنٍ، فطيبتهم به
فنسب اليوم إِليها.
وسَرَارٌ: وادٍ. والسَّرِيرُ: موضع في بلاد بني كنانة؛ قال عروة بن
الورد:
سَقَى سَلْمى، وأَيْنَ مَحَلُّ سَلْمى؟
إِذا حَلَّتْ مُجاوِرَةَ السَّرِيرِ
والتَّسْرِيرُ: موضع في بلاد غاضرة؛ حكاه أَبو حنيفة، وأَنشد:
إِذا يقولون: ما أَشْفَى؟ أَقُولُ لَهُمْ:
دُخَانُ رِمْثٍ من التَّسْرِيرِ يَشْفِينِي
مما يَضُمُّ إِلى عُمْرانَ حاطِبُهُ،
من الجُنَيْبَةِ، جَزْلاً غَيْرَ مَوْزُونِ
الجنيبة: ثِنْيٌ من التسرير، وأَعلى التسرير لغاضرة. وفي ديار تميم موضع
يقال له: السِّرُّ. وأَبو سَرَّارٍ وأَبو السَّرّارِ جميعاً: من كُناهم.
والسُّرْسُورُ: القَطِنُ العالم. وإِنه لَسُرْسُورُ مالٍ أَي حافظ له.
أَبو عمرو: فلان سُرْسُورُ مالٍ وسُوبانُ مالٍ إِذا كان حسن القيام عليه
عالماً بمصلحته. أَبو حاتم: يقال فلان سُرْسُورِي وسُرْسُورَتِي أَي حبيبي
وخاصَّتِي. ويقال: فلان سُرْسُورُ هذا الأَمر إِذا كان قائماً به. ويقال
للرجل سُرْسُرْ
(* قوله: «سرسر» هكذا في الأَصل بضم السينين). إِذا
أَمرته بمعالي الأُمور. ويقال: سَرْسَرْتُ شَفْرَتِي إِذا أَحْدَدْتَها.
سلح: السِّلاحُ: اسم جامع لآلة الحرب، وخص بعضهم به ما كان من الحديد،
يؤنث ويذكَّر، والتذكير أَعلى لأَنه يجمع على أَسلحة، وهو جمع المذكر مثل
حمار وأَحمرة ورداء وأَردية، ويجوز تأْنيثه، وربما خص به السيف؛ قال
الأَزهري: والسيف وحده يسمى سلاحاً؛ قال الأَعشى:
ثلاثاً وشَهْراً، ثم صارت رَذِيَّةً
طَلِيحَ سِفارٍ، كالسِّلاحِ المُقَرَّدِ
يعني السيف وحده. والعصا تسمَّى سلاحاً؛ ومنه قول ابن أَحمر:
ولَسْتُ بعِرْنةٍ عَرِكٍ، سِلاحِي
عِصًا مثقوبةٌ، تَقِصُ الحِمارا
وقول الطرماح يذكر ثوراً يهز قرنه للكلاب ليطعنها به:
يَهُزُّ سِلاحاً لم يَرِثْها كَلالةً،
يَشُكُّ بها منها أُصولَ المَغابِنِ
إِنما عنى رَوْقَيْهِ، سمَّاها سلاحاً لأَنه يَذُبُّ بهما عن نفسه،
والجمع أَسْلِحة وسُلُحُ وسُلْحانٌ.
وتَسَلَّح الرجلُ: لبس السِّلاح.
وفي حديث عُقْبة بن مالك: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سَرِيَّة،
فَسَلّحْتُ رجلاً منهم سيفاً أَي جعلته سِلاحَه؛ وفي حديث عمر، رضي الله
تعالى عنه: لما أُتي بسيف النُّعمان بن المنذر دعا جُبَيْرَ بن مُطْعِم
فسَلَّحه إِياه؛ وفي حديث أُبَيٍّ قال له: من سَلَّحك هذه القوسَ؟
قال طُفَيل: ورجل سالح ذو سلاح كقولهم تامِرٌ ولابنٌ؛ ومُتَسَلِّح: لابس
السلاح.
والمَسْلَحة: قوم ذو سلاح.
وأَخذت الإِبلُ سِلاحَها: سمنت؛ قال النَّمِرُ بن تَوْلَبٍ:
أَيامَ لم تأْخُذْ إِليّ سِلاحَها
إِبِلي بِجِلَّتها، ولا أَبْكارِها
وليس السِّلاح اسماً للسِّمَن، ولكن لما كانت السمينة تَحْسُن في عين
صاحبها فيُشْفِق أَن ينحرها، صار السِّمَن كأَنه سلاح لها، إِذ رفع عنها
النحر.
والمَسْلَحة: قوم في عُدَّة بموضع رَصَدٍ قد وُكِّلوا به بإِزاء ثَغْر،
واحدهم مَسْلَحِيٌّ، والجمع المَسالح؛ والمَسْلَحِيُّ أَيضاً:
المُوَكَّلُ به والمُؤَمَّر. والمَسْلَحة: كالثَّغْر والمَرْقَب. وفي الحديث: كان
أَدْنى مَسالِح فارسَ إِلى العرب العُذَيْب؛ قال بشر:
بكُلِّ قِيادِ مُسْنِفةٍ عَنُودٍ،
أَضَرَّ بها المَسالِحُ والغِوارُ
ابن شميل: مَسْلَحة الجُنْد خطاطيف لهم بين أَيديهم ينفضون لهم الطريق،
ويَتَجَسَّسُون خبر العدوّ ويعلمون علمهم، لئلا يَهْجُم عليهم، ولا
يَدَعَون واحداً من العدوّ يدخل بلاد المسلمين، وإِن جاء جيش أَنذروا
المسلمين؛ وفي حديث الدعاء: بعث الله له مَسْلَحة يحفظونه من الشيطان؛ المَسلحة:
القوم الذين يحفظون الثغور من العدوّ، سموا مَسْلَحة لأَنهم يكونون ذوي
سلاح، أَو لأَنهم يسكنون المَسْلَحة، وهي كالثغر والمَرْقَب يكون فيه
أَقوام يَرْقُبون العدوَّ لئلا يَطْرُقَهم على غَفْلة، فإِذا رأَوه أَعلموا
أَصحابهم ليتأَهبوا له.
والمَسالِحُ: مواضع المخافة؛ قال الشماخ:
تَذَكَّرْتُها وَهْناً، وقد حالَ دونها
قُرى أَذْرَبِيجانَ: المَسالِحُ والجالُ
والسَّلْحُ: اسم لذي البَطْنِ، وقيل: لما رَقَّ منه من كل ذي بطن، وجمعه
سُلُوح وسُلْحانٌ؛ قال الشاعر فاستعاره للوَطْواطِ:
كأَنَّ برُفْغَيْها سُلُوحَ الوَطاوِطِ
وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة رجل:
مُمْتَلِئاً ما تحته سُلْحانا
والسُّلاحُ، بالضم: النَّجْوُ؛ وقد سَلَح يَسْلَحُ سَلْحاً، وأَسْلَحه
غيرُه، وغالَبَه السُّلاحُ، وسَلَّح الحشيشُ الإِبل وهذه الحشيشة تُسَلِّح
الإِبل تسليحاً.
وناقة سالح: سَلَحَتْ من البقل وغيره.
والإِسْلِيحُ: شجرة تَغْزُر عليها الإِبل؛ قالت أَعرابية، وقيل لها: ما
شجرةُ أَبيك؟ فقالت: شجرة أَبي الإِسْلِيح، رَغْوَة وصريح، وسَنام
إِطْريح؛ وقيل: هي بقلة من أَحرار البقول تنبت في الشتاء، تَسْلَح الإِبلُ إِذا
استكثرت منها؛ وقيل: هي عُشْبة تشبه الجِرجِيرَ تنبت في حُقُوف الرمل؛
وقيل: هو نبات سُهْلي ينبت ظاهراً وله ورقة دقيقة لطيفة وسَنِفَة
مَحْشُوَّة حَبّاً كحب الخَشْخاش، وهو من نبات مطر الصيف يُسْلِح الماشيةَ،
واحدته إِسْلِيحة؛ قال أَبو زياد: منابتُ الإِسْلِيح الرمل، وهمزة إِسْلِيح
مُلْحِقة له ببناء قِطْمِير بدليل ما انضاف إِليها من زيادة الياء معها،
هذا مذهب أَبي علي؛ قال ابن جني: سأَلته يوماً عن تِجْفافٍ أَتاؤُه
للإِلحاق بباب قِرْطاس، فقال: نعم، واحتج في ذلك بما انضاف إِليها من زيادة
الأَلف معها؛ قال ابن جني: فعلى هذا يجوز أَن يكون ما جاء عنهم من باب
أُمْلود وأُظْفور ملحقاً بعُسْلوج ودُمْلُوح، وأَن يكون إِطْريح وإِسْليح
ملحقاً بباب شِنْظير وخِنْزير، قال: ويَبْعُد هذا عندي لأَنه يلزم منه أَن
يكون بابُ إِعصار وإِنسام ملحقاً ببابِ حِدْبار وهِلْقام، وبابْ إِفعال لا
يكون ملحقاً، أَلا ترى أَنه في الأَصل للمصدر نحو إِكرام وإِنعام؟ وهذا
مصدر فعل غير ملحق فيجب أَن يكون المصدر في ذلك على سَمْتِ فعله غير مخالف
له، قال: وكأَنّ هذا ونحوه إِنما لا يكون ملحقاً من قِبَل أَن ما زيد على
الزيادة الأُولى في أَوله إِنما هو حرف لين، وحرف اللين لا يكون
للإِلحاق، إِنما جيءَ به بمعنى، وهو امتداد الصوت به، وهذا حديث غير حديث
الإِلحاق، أَلا ترى أَنك إِنما تقابل بالمُلْحَق الأَصلَ، وباب المدّ إِنما هو
الزيادة أَبداً؟ فالأَمران على ما ترى في البعد غايتان. والمَسْلَح: منزل
على أَربع منازل من مكة. والمَسالح: مواضع، وهي غير المَسالح المتقدّمة
الذكر. والسَّيْلَحُون: موضع، منهم من يجعل الإِعراب في النون ومنهم من
يجريها مجرى مسلمين، والعامة تقول سالِحُون. الليث: سَيْلَحِين موضع،
يقال: هذه سَيْلَحُون وهذه سيلحينُ، ومثله صَرِيفُون وصَريفينُ؛ قال: وأَكثر
ما يقال هذه سَيْلَحونَ ورأَيت سَيلحين، وكذلك هذه قِنَّسْرُونَ ورأَيتِ
قِنَّسْرين. ومُسَلحة: موضع: قال:
لهم يومُ الكُلابِ، ويومُ قَيْسٍ
أَراقَ على مُسَلَّحةَ المَزادا
(* قوله «أَراق على مسلحة المزادا» في ياقوت: «أَقام على مسلحة
المزارا».)
وسَلِيحٌ: قبيلة من اليمن. وسَلاحِ: موضع قريب من خيبر؛ وفي الحديث:
تكون أَبعدَ مَسالِحهم سَلاح.
والسُّلَحُ: ولد الحَجَلِ مثل السُّلَك والسُّلَف، والجمع سِلْحان؛
أَنشد أَبو عمرو لِجُؤَيَّةَ:
وتَتْبَعُه غُبْرٌ إِذا ما عَدا عَدَوْا،
كسِلْحانِ حَجْلى قُمْنَ حين يَقومُ
وفي التهذيب: السُّلَحَة والسُّلَكَةُ فرخُ الحَجَل وجمعه سِلْحان
وسِلْكان.
والعرب تسمي السِّماك الرامِحَ: ذا السِّلاح، والآخرَ الأَعْزَلَ.
وقال ابن شميل: السَّلَحُ ماء السماء في الغُدْران وحيثما كان؛ يقال:
ماء العِدّ وماء السَّلَح؛ قال الأَزهري: سمعت العرب تقول لماء السماء ماء
الكَرَع ولم أَسمع السلَح.
صبا: الصَّبْوَة: جَهْلَة الفُتُوَّةِ واللَّهْوِ
من الغَزَل، ومنه التَّصابي والصِّبا. صَبا صَبْواً وصُبُوّاً وصِبىً
وصَباءً. والصِّبْوَة: جمع الصَّبيِّ، والصِّبْيةُ لغة، والمصدر الصِّبا.
يقال: رأَيتُه في صِباهُ أَي في صِغَرِه. وقال غيره: رأَيتُه في صَبائِه
أَي في صِغَره.
والصَّبيُّ: من لَدُنْ يُولَد إِلى أَنْ يُفْطَم، والجمع أَصْبِيَةٌ
وصِبْوةٌ وصِبْيَةٌ
(* قوله «وصبية» هي مثلثة كما في القاموس. وقوله «صبوان
وصبيان» هما بالكسر والضم كما في القاموس). وصَبْيَةٌ وصِبْوانً
وصُبْوانٌ وصِبْيانٌ، قلبوا الواو فيها ياءً للكسرة التي قبلها ولم يعتدُّوا
بالساكن حاجِزاً حَصيناً لضَعْفِه بالسكون، وقد يجوز أَن يكونوا آثَرُوا
الياءَ لخِفَّتها وأَنهم لم يُراعوا قرْبَ الكسرة، والأَول أَحسنُ، وأَما قول
بعضهم صُبْيانٌ، بضم الصاد والياء بحالها التي هي عليها في لغة من كَس،
وتصغير، ففيه من النظر أَنه ضمَّ الصاد بعد أَن قُلِبَت الواوُ ياءً في
لغة من كَسَر فقال صُبيان، فلما قُلِبَت الواوُ ياءً للكسرة وضمت الصاد
بعد ذلك أُقِرَّت الياءُ صِبْيَة أُصَْيبِيَةٌ، وتصغير أَصْبِيَة صُبَيَّة،
كلاهما على غير قياس؛ هذا قول سيبويه؛ وأَنشد لرؤبة:
صُبَيَّةً على الدُّخَانِ رُمْكا،
ما إِنْ عَدا أَكْبَرُهم أَنْ زَكَّا
قال ابن سيده: وعندي أَنَّ صُبَيَّة تصغي صِبْيَةٍ، وأُصَيْبِيَة تصغيرُ
أَصْبِية، ليكون كلُّ شيءٍ منهما على بناء مُكَبَّره. والصبيُّ:
الغلامُ، والجمع صِبْيَة وصِبْيانٌ، وهو من الواو، قال: ولم يقولوا أَصْبِيَة
استغناءً بصِبْيةٍ كما لم يقولوا أَغْلِمَة استغناءً بِغلْمة، وتصغير
صِبْيَةٍ صُبَيَّةٌ في القياس. وفي الحديث: أَنه رأَى حَسَناً يَلْعَبُ مع
صِبْوةٍ في السِّكَّة؛ الصِّبْوة والصِّبْيَة: جمعُ صَبِيٍّ، والواو هو
القياس وإِن كانت الياءُ أَكثر استعمالاً. وفي حديث أُمِّ سَلَمَة: لمَّا
خَطبها رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، قالت إِني امرأَةٌ مُصْبِيةٌ مُوتِمَةٌ أَي
ذاتُ صِبْيْانٍ وأَيتامٍ، وقد جاء في الشعر أُصَيْبِيَة كأَنه تصغيرُ
أَصْبِيَةٍ، قال الشاعر عبد الله بن الحجاج التغلبي:
ارْحَمْ أُصَيْبِيَتي الذين كأَنهمْ
حِجْلى، تَدَرَّجُ في الشَّرَبَّةِ، وُقَّعُ
ويقال: صَبِيٌّ بيِّنُ الصِّبا والصَّباءِ، إِذا فتحت الصاد مدَدْت،
وإِذا كسَرْت قصَرْت؛ قال سُوَيْدُ بن كُراع:
فهلْ يُعْذَرَنْ ذُو شَيْبَةٍ بصَبائِه؟
وهلْ يُحمَدَنْ بالصَّبرِ، إِنْ كان يَصبِرُ؟
والجارية صَبيَّةٌ، والجمع صَبايا مثلُ مَطِيَّةٍ ومَطايا. وصَبِيَ
صِباً: فَعَلَ فِعْلَ الصِّبْيانِ.
وأَصْبَتِ المرأَة، فهي مُصْبٍ إِذا كان لها ولدٌ صَبيٌّ أَو ولدٌ ذكرٌ
أَو أُنثى.وامرأَةٌ مُصْبِيَةٌ، بالهاء: ذاتُ صِبْيةٍ. التهذيب: امرأَةٌ
مُصْبٍ، بلا هاءٍ، معها صَبيٌّ. ابن شميل: يقال للجارية صَبِيَّة وصبيٌّ،
وصَبايا للجماعة، والصِّبْيانُ للغِلْمان.
والصِّبا من الشَّوْق يقال منه: تَصابَى وصَبا يصْبُو صَبْوةً وصُبُوّاً
أَي مالَ إِلى الجهل والفُتوَّةِ. وفي حديث الفِتنِ: لَتَعُودُنَّ فيها
أَساوِدَ صُبّىً؛ هي جمعُ صابٍ كغازٍ وغُزّىً، وهم الذين يَصْبُون إِلى
الفتنة أَي يميلون إِليها، وقيل: إِنما هو صُبّاءٌ جمع صابِئٍ بالهمز
كشاهِدٍ وشُهَّادٍ، ويروى: صُبّ، وذكر في موضعه. وفي حديث هَوازِنَ: قال
دُرَيد ابنُ الصِّمَّة ثم الْقَ الصُّبَّى على مُتُونِ الخيل أَي الذين
يَشْتَهُون الحَرْبَ ويميلون إِليها ويحبُّون التقدُّم فيها والبِراز.
ويقال: صَبا إِلى اللَّهْوِ صَباً وصُبُوّاً وصَبْوةً؛ قال زيدُ بنُ
ضَبَّة:
إِلى هنْدٍ صَبا قَلْبي،
وهِنْدٌ مِثْلُها يُصْبِي
وفي حديث الحسن بن علي، رضي الله عنهما: واللهِ ما تَرَكَ ذَهَباً ولا
فِضَّةً ولا شيئاً يُصْبَى إِليه. وفي الحديث: وشابٌّ ليست له صَبْوةٌ أَي
مَيْلٌ إِلى الهَوَى، وهي المَرَّةُ منه. وفي حديث النخعي: كان
يُعْجِبُهم أَن يكون للغلامِ إِذا نشَأَ صَبْوةٌ، وذلك لأَنه إِذا تاب وارْعَوَى
كان أَشدّ لاجتهاده في الطاعة وأَكثرَ لنَدَمِه على ما فَرَط منه،
وأَبْعَدَ له من أَنْ يُعْجَبَ بعمَله أَو يتَّكِلَ عليه. وأَصْبَتْه الجاريةُ
وصَبِيَ صَباءً مثلُ سَمِعَ سَماعاً أَي لَعِبَ مع الصِّبْيانِ. وصَبا
إِليه صَبْوةً وصُبُوّاً: حَنَّ. وكانت قريشٌ تُسَمي أَصحاب النبي، صلى
الله عليه وسلم، صُباةً. وأَصْبَتْه المرأَةُ وتَصَبَّتْه: شاقَتْه ودَعَتْه
إِلى الصِّبا فحَنَّ لها وصَبا إِليها. وصَبِيَ: مالَ، وكذلك صَبَتْ
إِليه وصَبِيَتْ، وتَصَبَّاها هو: دَعاها إِلى مِثْل ذلك، وتَصَبَّاها
أَيضاً: خدَعها وفَتَنها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لعَمْرُك لا أَدْنُو لأَمْر دَنِيَّةٍ،
ولا أَتَصَبَّى آصراتِ خَليلِ
قال ثعلب: لا أَتَصَبَّى لا أَطْلُب خديعَة حُرْمَة خَليلٍ ولا أَدْعوها
إِلى الصِّبا، والآصِراتُ: المُمْسِكاتُ الثَّوابتُ كإِصارِ البَيْتِ،
وهو الحبْلُ من حبال الخِباءِ. وفي التنزيل العزيز في خبر يوسف، عليه
السلام: وإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِليهنَّ؛ قال أَبو
الهيثم: صَبا فُلان إِلى فلانة وصَبا لها يَصْبُو صَباً مَنْقُوصٌ وصَبْوةً
أَي مالَ إِليها. قال: وصَبا يَصْبُو، فهو صابٍ وصَبِيٌّ مثل قادرٍ
وقَديرٍ، قال: وقال بعضهم إِذا قالوا صَبيٌّ فهو بمعنى فَعول، وهو الكثير
الإِتْيان للصِّبا، قال: وهذا خطأٌ، لو كان كذلك لقالوا صَبُوٌّ، كما قالوا
دَعُوٌّ وسَمُوٌ ولَهُوٌّ في ذوات الواو، وأَما البكِيُّ فهو بمعنى
فَعُولٍ أَي كثير البُكاء لأَن أَصْله بَكُويٌ؛ وأَنشد:
وإِنَّما يأْتي الصِّبا الصَّبيُّ
ويقال: أَصْبى فلان عِرْس فلان إِذا اسْتَمالها.
وصَبَتِ النَّخْلةُ تَصْبُو: مالتْ إِلى الفُحَّال البعيد منها. وصَبَت
الراعِيَةُ تَصْبُو صُبُوّاً: أَمالتْ رأْسَها فوضعَتْه في المرْعى.
وصابى رُمْحَه: أَماله للطَّعن به؛ قال النابغة الجعدي:
مُصابينَ خِرْصانَ الوَشِيجِ كأَنَّنا،
لأَعدائِنا، نُكْبٌ، إِذا الطعنُ أَفقَرا
وصابى رمحه إِذا صَدَّر سِنانه إِلى الأَرض للطَّعن به. وفي الحديث: لا
يُصَبِّي رأْسَه في الرُّكُوعِ أَي لا يخفِضُه كثيراً ولا يُميلُه إِلى
الأَرضِ، مِنْ صَبا إِلى الشيء يَصبُو إِذا مالَ، وصَبَّى رأْسه، شُدِّد
للتكثير، وقيل: هو مهموز من صَبأَ إِذا خرج من دِين إِلى دين. قال
الأَزهري: الصواب لا يُصَوِّبُ، ويروى لا يَصُبُّ.
والصَّبا: ريحٌ معروفة تُقابل الدَّبُور. الصحاح: الصَّبا ريحٌ
ومَهَبُّها المُسْتَوِي أَن تَهُبَّ من موضع مطلع الشمس إِذا اسْتَوى الليلُ
والنهارُ ونيِّحتُها الدَّبُور. المحكم: والصَّبا رِيحٌ تَسْتَقبلُ البيتَ،
قيل: لأَنَّها تحِنُّ إِلى البيت. وقال ابن الأَعرابي: مَهَبُّ الصَّبا من
مطْلع الثُّرَيَّا إِلى بنات نَعْش، من تذكرة أَبي عليّ، تكون اسماً
وصِفة، وتَثْنيته صَبَوانِ وصَبَيانِ؛ عن اللحياني، والجمع صَبَواتٌ
وأَصْباءٌ. وقد صَبت الريح تَصْبُو صُبُوّاً وصَباً.
وصُبيَ القومُ: أَصابَتْهُمُ الصَّبا، وأَصْبَوْا: دخلوا في الصَّبا،
وتزعمُ العَرَب أَنَّ الدَّبُور تُزْعِج السَّحاب وتُشْخِصُه في الهواء ثم
تسوقُه، فإِذا علا كشَفَتْ عنه واستقبلته الصَّبا فوزَّع بعضَه على بعض
حتى يصيرَ كِسْفاً واحداً، والجَنُوبُ تُلْحِقُ روادفَه به وتُمِدُّه من
المَدد، والشَّمالُ تمزِّقُ السَّحاب. والصابيَة: النُّكَيْباءُ التي تجري
بين الصَّبا والشَّمال. والصَّبِيُّ: ناظرُ العَين، وعَزاه كراعٌ إِلى
العامة. والصَّبيَّان: جانِبا الرَّحْل. والصَّبيَّان، على فعيلان:
طَرَفا اللَّحْيَين للبَعِير وغيره، وقيل: هما الحرْفان المُنْخِيان من وسَط
اللَّحْيَين من ظاهِرهِما؛ قال ذو الرمة:
تُغَنِّيه، من بين الصَّبِيَّيْن، أُبْنَةٌ
نَهُومٌ، إِذا ما ارْتَدَّ فيها سَحِيلُها
الأُبْنَةُ ههنا: غَلْصَمَتُه. وقال شمر: الصَّبِيَّان مُلْتَقى
اللَّحْيَين الأَسْفَلين. وقال أَبو زيد: الصَّبيَّان ما دَقَّ من
أَسافِلِاللَّحْيَين، قال: والرَّأْدانِ هُما أَعْلى اللحْيَين عند الماضغتَين،
ويقال الرُّؤْدانِ أَيضاً؛ وقال أَبو صدقة العجلي يصف فرساً:
عارٍ منَ اللَّحْم صَبِيَّا اللَّحَيْينْ،
مُؤَلَّلُ الأُذْن أَسِيلُ الخَدَّيْنْ
وقيل: الصَّبيُّ رأْس العَظْم الذي هو أَسْفلُ من شَحمَة الأُذنِ بنحو
من ثلاث أَصابعَ مَضْمُومة. والصَّبِيُّ من السَّيف: ما دُون الظُّبَةِ
قليلاً. وصَبيُّ السيَّف: حَدُّه، وقيل: عَيْرُه الناتئُ في وَسَطِه،
وكذلك السِّنانُ. والصَّبِيُّ: رأْسُ القَدم. التهذيب: الصَّبيُّ من القَدم
ما بين حِمارتِها إِلى الأَصابِع.
وصابى سيفَه: جعله في غِمْده مَقلوباً، وكذلك صابَيْتُه أَنا. وإِذا
أَغْمَد الرجلُ سَيفاً مقلوباً قيل: قد صابى سَيفَه يُصابيه؛ وأَنشد ابن بري
لعِمْران بن حَطَّان يصف رجلاً:
لم تُلْهِه أَوْبَةٌ عن رَمْيِ أَسْهُمِه،
وسَيْفه لا مُصاباةٌ ولا عَطَل
وصابَيْتُ الرُّمح: أَمَلْتُه للطَّعْن. وصابى البيتَ: أَنْشَده فلم
يُقِمْه. وصابى الكلام: لم يُجْرِه على وجهه. ويقال: صابى البعيرُ مشافِره
إِذا قلبها عند الشُّرب؛ وقال ابن مقبل يذكر إِبلاً:
يُصابِينَها، وهي مَثْنِيَّةٌ
كَثَنْي السُّبُوت حُذينَ المِثالا
وقال أَبو زيد: صابَيْنا عن الحَمْض عدَلْنا.
صوم: الصَّوْمُ: تَرْكُ الطعامِ والشَّرابِ والنِّكاحِ والكلامِ، صامَ
يَصُوم صَوْماً وصِياماً واصْطامَ، ورجل صائمٌ وصَوْمٌ من قومٍ صُوَّامٍ
وصُيّامٍ وصُوَّمٍ، بالتشديد، وصُيَّم، قلبوا الواو لقربها من الطرف؛
وصِيَّمٍ؛ عن سيبويه، كسروا لمكان الياء، وصِيَامٍ وصَيَامى، الأَخير نادر،
وصَوْمٍ وهو اسمٌ للجمع، وقيل: هو جمعُ صائمٍ. وقوله عز وجل: إني
نَذَرْتُللرَّحْمَنِ صَوْماً؛ قيل: معناه صَمْتاً، ويُقوِّيه قولهُ تعالى: فلن
أُكلِّمَ اليومَ إنْسِيّاً. وفي الحديث: قال النبي، صلى الله عليه وسلم،
قال الله تعالى كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلاّ الصَّومَ فإنه لي؛ قال أَبو
عبيد: إنما خص الله تبارك وتعالى الصَّومَ بأَنه له وهو يَجْزِي به، وإنْ
كانت أَعمالُ البِرِّ كلُّها له وهو يَجْزِي بها، لأَن الصَّوْمَ ليس
يَظْهَرُ من ابنِ آدمَ بلسانٍ ولا فِعْلٍ فتَكْتُبه الحَفَظَةُ، إنما هو
نِيَّةٌ في القلب وإمْساكٌ عن حركة المَطْعَم والمَشْرَب، يقول الله تعالى:
فأنا أَتوَلَّى جزاءه على ما أُحِبُّ من التضعيف وليس على كتابٍ كُتِبَ
له، ولهذا قال النبي، صلى الله عليه وسلم: ليس في الصوم رِياءٌ، قال: وقال
سفيان بن عُيَيْنة: الصَّوْمُ هُو الصَّبْرُ، يَصْبِرُ الإنسانُ على
الطعام والشراب والنكاح، ثم قرأ: إنما يُوَفَّى الصابرونَ أَجْرَهم بغير
حِساب. وقوله في الحديث: صَوْمُكُمْ يومَ تَصُومون أَي أَن الخَطأَ موضوع عن
الناس فيما كان سبيلُه الاجتهادَ، فَلو أنَّ قوماً اجتهدُوا فلم يَرَوا
الهِلال إلا بعدَ الثلاثين ولم يُفْطِروا حتى اسْتَوْفَوا العددَ، ثم
ثَبَت أَن الشهرَ كان تِسْعاً وعشرين فإن صَوْمَهم وفطْرهم ماضٍ ولا شيء
عليهم من إثْم أَو قضاءٍ، وكذلك في الحج إذا أَخطؤُوا يومَ عَرفة والعيد فلا
شيء عليهم. وفي الحديث: أَنه سئل عمَّنْ يَصُومُ الدهرَ فقال: لا صامَ
ولا أَفْطَرَ أَي لم يَصُمْ ولم يُفْطِرْ كقوله تعالى: فلا صَدَّق ولا
صَلَّى؛ وهو إحْباطٌ لأَجْرِه على صَوْمِه حيث خالف السنَّةَ، وقيل: هو
دُعاءٌ عليه كراهِيةً
لصنيعهِ. وفي الحديث: فإنِ امْرُؤٌ قاتَلَهُ أَو شاتَمه فَلْيَقُلْ إني
صائمٌ؛ معناه أن يَرُدَّه بذلك عن نفسه ليَنْكَفَّ، وقيل: هو أَن يقول
ذلك في نفسه ويُذَكِّرَها به فلا يَخُوضَ معه ولا يُكافِئَه على شَتْمِه
فَيُفْسِدَ صَوْمَه ويُحْبِطَ أَجْرَه. وفي الحديث: إذا دُعِيَ أَحدُكم إلى
طعام وهو صائمٌ فَلْيَقُلْ إني صائم؛ يُعَرِّفُهم بذلك لئلا يُكْرِهُوه
على الأَكل أَو لئلا تَضِيقَ صدورُهم بامتناعه من الأكل. وفي الحديث:
مَنْ مات وهو صائمٌ فلْيَصُمْ عنه وَليُّه. قال ابن الأَثير: قال بظاهرِه
قومٌ من أَصحاب الحديث، وبه قال الشافعي في القديم، وحَمَلَه أَكثرُ
الفقهاء على الكفَّارة وعَبَّر عنها بالصوم إذ كانت تُلازِمُه. ويقال: رجلٌ
صَوْمٌ ورجُلانِ صَوْمٌ وقوم صَوْمٌ
وامرأَة صَوْمٌ، لا يثنى ولا يجمع لأَنه نعت بالمصدر، وتلخيصه رجلٌ ذو
صَوْمٍ وقوْم ذو صوم وامرأَة ذاتُ صَوْمٍ. ورجل صَوَّامٌ قَوَّامٌ إذا كان
يَصُوم النهارَ ويقومُ الليلَ، ورجالٌ ونِساءٌ صُوَّمٌ وصُيَّمٌ
وصُوَّامٌ وصُيَّامٌ. قال أَبو زيد: أَقمتُ بالبصرة صَوْمَينِ أي رَمضانينِ.
وقال الجوهري: رجل صَوْمانُ أي صائمٌ. وصامَ الفرسُ صَوْماً أي قام على غير
اعْتلافٍ. المحكم: وصامَ الفرَسُ على آرِيِّه صَوْماً وصِياماً إذا لم
يَعْتَلِفْ، وقيل: الصائمُ من الخيل القائمُ الساكنُ الذي لا يَطْعَم
شيئاً؛ قال النابغة الذُّبياني:
خَيْلٌ صِيامٌ وخيلٌ غيرُ صائمةٍ،
تحتَ العَجاجِ، وأُخرى تَعْلُكُ اللُّجُما
الأَزهري في ترجمة صون: الصائِنُ من الخيل القائمُ على طرَفِ حافِره من
الحَفاء، وأما الصائمُ فهو القائمُ على قوائمه الأَربع من غير حَفاء.
التهذيب: الصَّوْمُ في اللغة الإمساكُ عن الشيء والتَّرْكُ له، وقيل للصائم
صائمٌ لإمْساكِه عن المَطْعَم والمَشْرَب والمَنْكَح، وقيل للصامت صائم
لإمساكه عن الكلام، وقيل للفرس صائم لإمساكه عن العَلَفِ مع قيامِه.
والصَّوْمُ: تَرْكُ الأَكل. قال الخلىل: والصَّوْمُ قيامٌ بلا عمل. قال أَبو
عبيدة: كلُّ مُمْسكٍ عن طعامٍ أَو كلامٍ أَو سيرٍ فهوصائمٌ. والصَّوْمُ:
البِيعةُ. ومَصامُ الفرسِ ومَصامَتُه: مَقامُه ومَوْقِفُه؛ وقال امرؤ
القيس:
كأنَّ الثُّرَيّا عُلِّقَتْ في مَصامِها،
بأمْراسِ كَتَّانٍ إلى صُمِّ جَنْدَلِ
ومَصَامُ النَّجْمِ: مُعَلَّقُه. وصامَتِ الريحُ: رَكَدَتْ. والصَّوْمُ:
رُكُودُ الريحِ. وصامَ النهارُ صَوماً إذا اعْتَدَلَ وقامَ قائمُ
الظهيرة؛ قال امرؤ القيس.
فدَعْها، وسَلِّ الهَمَّ عنْكَ بِجَسْرةٍ
ذَمُولٍ، إذا صامَ النهارُ، وهَجَّرا
وصامَت الشمسُ: استوت. التهذيب: وصامَت الشمسُ عند انتصاف النهار إذا
قام ولم تَبْرَحْ مكانَها. وبَكْرةٌ صائمةٌ إذا قامت فلم تَدُرْ؛ قال
الراجز:
شَرُّ الدِّلاءِ الوَلْغَةُ المُلازِمَهْ،
والبَكَراتُ شَرُّهُنَّ الصَّائِمهْ
يعني التي لا تَدُورُ. وصامَ النَّعامُ إذا رَمَى بِذَرْقِه وهو
صَوْمُه. المحكم: صامَ النعامُ صَوْماً أَلْقَى ما في بطنه. والصَّوْمُ: عُرَّةُ
النَّعامِ، وهو ما يَرْمي به من دُبُرِه. وصامَ الرجلُ إذا تَظَلَّلَ
بالصَّوْمِ، وهو شجرٌ؛ عن ابن الأَعرابي. والصَّوْمُ: شجرٌ
على شَكْل شخص الإنسانِ كرِيهُ المَنْظَر جِدّاً، يقال لِثَمرِه رؤُوس
الشياطين، يُعْنى بالشياطين الحَيّاتُ، وليس له وَرَقٌ؛ وقال أَبو حنيفة:
للصَّوْم هَدَبٌ ولا تَنْتَشِرُ أَفْنانُه ينْبُتُ نباتَ الأثْل ولا
يَطُولُ طُولَه، وأكثرُ مَنابِته بلادُ بني شَبابة؛ قال ساعدة بن
جُؤَيَّة:مُوَكَّلٌ بشُدوفِ الصَّوْمِ يَرْقُبُها،
من المَناظِر، مَخْطوفُ الحَشَا زَرِمُ
شُدُوفُه: شُخوصُه، يقول: يَرْقُبها من الرُّعْبِ يَحْسَبُها ناساً،
واحدتُه صَوْمة. الجوهري: الصَّوْمُ شجرٌ
في لغة هُذَيْل، قال ابن بري: يعني قول ساعدة:
موكَّل بشدوف الصوم يبصرها،
من المعازب، مخطوفُ الحَشَا زَرِمُ
وفسره فقال: من المَعازب من حيث يَعْزُبُ عنه الشيء أَي يتباعد، ومخطوفُ
الحَشا: ضامِرُه، وزَرِم: لا يَثْبُتُ في مكان، والشُّدُوفُ: الأَشخاص،
واحدها شَدَفٌ.
قال ابن بري: وصَوامٌ جَبَلٌ؛ قال الشاعر:
بمُسْتَهْطِعٍ رَسْلٍ، كأَنَّ جَدِيلَه
بقَيْدُومِ رعْنٍ مِنْ صَوامٍ مُمَنَّع
صدق: الصِّدْق: نقيض الكذب، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقاً وصِدْقاً
وتَصْداقاً. وصَدَّقه: قَبِل قولَه. وصدَقَه الحديث: أَنبأَه بالصِّدْق؛ قال
الأَعشى:
فصدَقْتُها وكَذَبْتُها،
والمَرْءُ يَنْفَعُه كِذابُهْ
ويقال: صَدَقْتُ القومَ أي قلت لهم صِدْقاً، وكذلك من الوعيد إذا أَوقعت
بهم قلت صَدَقْتُهم. ومن أَمثالهم: الصِّدقُ ينبئُ عنك لا الوَعِيد.
ورجل صَدُوقٌ: أبلغ من الصادق. وفي المثل: صَدَقَني سِنَّ بَكْرِه؛ وأَصله
أن رجلاً أَراد بيع بَكْرٍ له فقال للمشتري: إنه جمل، فقال المشتري: بل
هو بَكْرٌ، فينما هما كذلك إذ ندَّ البكر فصاح به صاحِبُه: هِدَعْ وهذه
كلمة يسكَّن بها صغار الإبل إذا نفرت، وقيل: يسكن بها البَكارة خاصَّة،
فقال المشتري: صدقَني سِنَّ بَكْرِه. وفي حديث علي، رضي الله عنه:
صَدَقَني سِنَّ بَكْرِه.؛ وهو مثل يضرب للصادق في خبره. والمُصَدِّقُ: الذي
يُصَدِّقُك في حديثك. وكَلْبٌ تقلب الصاد مع القاف زاياً، تقول ازْدُقْني أي
اصْدُقْني، وقد بيَّن سيبويه هذا الضرب من المضارعة في باب الإدغام.
وقوله تعالى: لِيَسْأَلَ الصَّادِقينَ عن صِدْقِهم؛ تأْويله ليسأل
المُبَلِّغين من الرسل عن صِدْقِهم في تبليغهم، وتأْويل سؤالهم التبكيتُ للذين
كفروا بهم لأن الله تعالى يعلم أَنهم صادِقُون. ورجل صِدْقٌ وامرأَة صِدْقٌ:
وُصِفا بالمصدر، وصِدْقٌ صادِقٌ كقولهم شِعْرٌ شاعِرٌ، يريدون المبالغة
والإشارة. والصِّدِّيقُ، مثال الفِسَّيق: الدائمُ التَّصْدِيقِ، ويكون
الذي يُصَدِّقُ قولَه بالعمل؛ ذكره الجوهري، ولقد أَساء التمثيل بالفِسِّيق
في هذا المكان. والصِّدِّيقُ: المُصَدِّقُ. وفي التنزيل: وأُمُّه
صِدِّيقةٌ أي مبالغة في الصِّدْق والتَّصْديِقِ على النسب أي ذات تَصْدِيق.
وقوله تعالى: والذي جاء بالصِّدْقِ وصَدَّق به. روي عن علي بن أبي طالب،
رضوان الله عليه، أنه قال: الذي جاء بالصِّدْق محمدٌ، صلى الله عليه وسلم،
والذي صَدَّقَ به أَبو بكر، رضي الله عنه، وقيل: جبرئيل ومحمد، عليهما
الصلاة والسلام، وقيل: الذي جاء بالصدق محمدٌ، صلى الله عليه وسلم، وصَدَّقَ
به المؤمنون. الليث: كل من صَدَّقَ بكل أَمر الله لا يَتخالَجُه في شيء
منه شكٌّ وصَدَّقَ النبي، صلى الله عليه وسلم، فهو صِدِّيقٌ، وهو قول الله
عز وجل: والصِّدِّيقون والشُّهَداء عند ربهم. والصِّدِّيقُ: المبالغ في
الصِّدْق. وفلان لا يَصْدُق أَثَرُهُ وأَثَرَهَ كَذِباً أي إذا قيل له من
أين جئت قال فلم يَصْدُقْ.
ورجلٌ صَدْقٌ: نقيض رجل سَوْءٌ، وكذلك ثوبٌ صَدْقٌ وخمار صَدْقٌ؛ حكاه
سيبويه. ويقال: رجُلُ صِدْقٍ، مضاف بكسر الصاد، ومعناه نِعم الرجل هو،
وامرأَةُ صِدْقٍ كذلك، فإن جعلته نعتاً قلت هو الرجل الصَّدْقُ، وهي
صَدْقةٌ، وقوم صَدْقون ونساء صَدْقات؛ وأَنشد:
مَقْذوذة الآذانِ صَدْقات الحَدَقْ
أي نافذات الحدق؛ وقال رؤبة يصف فرساً:
والمراي الصدق يبلي الصدقا
(* قوله «المراي الصدق إلخ» هكذا في الأصل، وفي نسخة المؤلف من شرح
القاموس: والمري إلخ).
وقال الفراء في قوله تعالى: ولقد صَدَقَ عليهم إبليسُ ظَنَّه؛ قرئ
بتخفيف الدال ونصْبِ الظن أَي صَدَقَ عليهم في ظنه، ومن قرأَ: ولقد صَدَّقَ
عليهم إبليسُ ظنَّه؛ فمعناه أَنه حقق ظنه حين قال: ولأُضِلَّنَّهم
ولأُمَنِّيَنَّهم، لأنه قال ذلك ظانّاً فحققه في الضالين. أَبو الهيثم: صَدَقَني
فلانٌ أي قال لي الصِّدْقَ، وكَذَبَني أي قال لي الكذب. ومن كلام العرب:
صَدَقْتُ الله حديثاً إن لم أَفعل كذا وكذا؛ المعنى لا صَدَقْتُ اللهَ
حديثاً إن لم أَفعل كذا وكذا.
والصَّداقةُ والمُصادَقةُ: المُخالّة. وصَدَقَه النصيحةَ والإخاء:
أَمْحَضه له. وصادَقْتُه مُصادَقةً وصِداقاً: خالَلْتُه، والاسم الصَّداقة.
وتصادَقا في الحديث وفي المودّة، والصَّداقةُ مصدر الصَّدِيق، واشتقاقُه
أَنه صَدَقَه المودَّة والنصيحةَ. والصَّدِيقُ: المُصادِقُ لك، والجمع
صُدَقاء وصُدْقانٌ وأَصْدِقاء وأَصادِقُ؛ قال عمارة بن طارق:
فاعْجَلْ بِغَرْبٍ مثل غَرْبِ طارِقِ،
يُبْذَلُ للجيرانِ والأصادِقِ
وقال جرير:
وأَنْكَرْتَ الأصادِقَ والبلادا
وقد يكون الصَّدِيقُ جمعاً وفي التنزيل: فما لنا من شافِعين ولا صَديقٍ
حَميم؛ ألا تراه عطفه على الجمع؟ وقال رؤبة:
دعْها فما النَّحْويُّ من صَدِيِقها
والأُنثى صديق أَيضاً؛ قال جميل:
كأنْ لم نُقاتِلْ يا بُثَيْنُ لَوَ انَّها
تُكَشَّفُ غُمَاها، وأنتِ صَديق
وقال كُثَيّر فيه:
لَيالَي من عَيْشٍ لَهَوْنا بِوَجْهِه
زَماناً، وسُعْدى لي صَدِيقٌ مُواصِلُ
وقال آخر:
فلو أَنَّكِ في يوم الرَّخاء سَأَلْتِني
فِراقَكَ، لم أَبْخَلْ، وأنتِ صَدِيقُ
وقال آخر في جمع المذكر:
لعَمْري لَئِنْ كُنْتْم على النَّأْيِ والنَّوى
بِكُم مِثْلُ ما بي، إِنّكم لَصَدِيقُ
وقيل صَدِيقةٌ؛ وأَنشد أَبو زيد والأَصمعي لَقَعْنَب بن أُمّ صاحب:
ما بالُ قَوْمٍ صَدِيقٍ ثمَّ ليس لهم
دِينٌ، وليس لهم عَقْلٌ إِذا ائْتُمِنوا؟
ويقال: فلان صُدَيِّقِي أَي أَخَصُّ أَصْدِقائي وإِنما يصغر على جهة
المدح كقول حباب بن المنذر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها
المُرَجَّب؛ وقد يقال للواحد والجمع والمؤنث صَدِيقٌ؛ قال جرير:
نَصَبْنَ الهَوى ثم ارْتَمَيْنَ قُلوبَنا
بأَعْيُنِ أَعْداءٍ، وهُنَّ صَدِيقُ
أَوانِس، أَمّا مَنْ أَرَدْنَ عناءَه
فعانٍ، ومَنْ أَطْلَقْنه فطَلِيقُ
وقال يزيد بن الحكم في مثله:
ويَهْجُرْنَ أََقْواماً، وهُنَّ صَدِيقُ
والصَّدْقُ: الثَّبْتُ اللقاء، والجمع صُدْق، وقد صَدَقَ اللقاءَ
صَدْقاً؛ قال حسان بن ثابت:
صلَّى الإِلهُ على ابنِ عَمْروٍ إِنِّه
صَدَقَ اللِّقاءَ، وصَدْقُ ذلك أَوفقُ
ورجل صَدْقُ اللقاء وصَدْقُ النظر وقوم صُدْقٌ، بالضم: مثل فرس وَرْدٌ
وأَفراس وُرْدٌ وجَوْن وجُون. وصَدَقُوهم القِتالَ: أَقدموا عليهم،
عادَلُوا بها ضِدَّها حين قالوا كَذَبَ
عنه إِذا أَحجم، وحَمْلةٌ صادِقةٌ كما قالوا ليست لها مكذوبة؛ فأَما
قوله:
يَزِيد زادَ الله في حياته،
حامِي نزارٍ عند مَزْدُوقاتِه
فإِنه أَراد مَصْدُوقاتِهِ فقلب الصاد زاياً لضرب من المضارعة. وصَدَقَ
الوَحْشِي إِذا حملت عليه فعدا ولم يلت،ت. وهذا مِصْداقُ هذا أَي ما
يُصَدِّقُه. ورجل ذو مَصْدَقٍ، بالفتح، أَي صادقُ الحَمْلِة، يقال ذلك
للشجاع والفرسِ
الجَوادِ، وصادِقُ الجَرْي: كأَنه ذو صِدْقٍ فيما يَعِدُكَ من ذلك؛ قال
خفاف ابن ندبة:
إِذا ما استْحَمَّتْ أَرْضُه من سَمائِهِ
جَرى، وهو مَوْدوعٌ وواعِدُ مَصْدَقِ
يقول: إِذا ابتلَّت حوافره من عَرق أَعاليه جرى وهو متروك لا يُضرب ولا
يزجر ويصدقك فيما يعدك البلوغ إلى الغاية؛ وقول أَبي ذؤيب:
نَماه من الحَيَّيْنِ قرْدٌ ومازنٌ
لُيوثٌ، غداةَ البَأْس، بيضٌ مَصادِقُ
يجوز أَن يكون جمع صَدْق على غير قياس كمَلامح ومَشابِه، ويجوز أَن يكون
على حذف المضاف أَي ذو مَصادِق فحذف، وكذلك الفرس، وقد يقال ذلك في
الرأْي. والمَصْدَق أَيضاً: الجِدُّ، وبه فسر بعضهم قول دريد:
وتُخْرِجُ منه ضَرَّةُ القومِ مَصْدَقاً،
وطُولُ السُّرى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
ويروى ذَرِّيّ. والمَصْدَق: الصلابة؛ عن ثعلب. ومِصْداق الأَمر:
حقيقتُه.والصَّدْق، بالفتح: الصلب من الرماح وغيرها.
ورمح صَدْقٌ: مستوٍ، وكذلك سيف صَدْق؛ قال أَبو قيس بن الأَسلت السلمي:
صَدْقٍ حُسامٍ وادقٍ حَدُّه،
ومُحْنإٍ أَسْمَرَ قرَّاعِ
قال ابن سيده: وظن أَبو عبيد الصَّدْقَ في هذا البيت الرمحَ فغلط؛ وروى
الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه أَنشده لكعب:
وفي الحِلْم إِدْهانٌ، وفي العَفُو دُرْسةٌ،
وفي الصِّدْق مَنْجاةٌ من الشرِّ، فاصْدُقِ
قال: الصِّدْقُ ههنا الشجاعة والصلابة؛ يقول: إِذا صَلُبْت وصَدَقْت
انهزم عنك من تَصْدُقه، وإِن ضعفت قَوي عليك واستمكن منك؛ روى ابن بري عن
ابن درستويه قال: ليس الصِّدق من الصلابة في شيء، ولكن أَهل اللغة أَخذوه
من قول النابغة:
في حالِك اللَّوْن صَدْق غير ذي أمَد
قال: وإِنما الصِّدْقُ الجامع للأَوصاف المحمودة، والرمح يوصف بالطول
واللين والصلابة ونحو ذلك. قال الخليل: الصَّدْقُ الكامل من كل شيء. يقال:
رجل صَدْقٌ وامرأَة صَدْقة؛ قال ابن درستويه؛ وإِنما هذا بمنزلة قولك رجل
صَدْقٌ وامرأَة صَدْقٌ، فالصَّدْق من الصِّدْق بعينه، والمعنى أَنه
يَصْدُق في وصفه من صلابة وقوة وجودة، قال: ولو كان الصِّدْق الصُّلْبَ لقيل
حجر صَدْقٌ وحديد صَدْق، قال: وذلك لا يقال.
وصَدَقاتُ
الأَنعامِ: أَحدُ أَثمان فرائضها التي ذكرها الله تعالى في الكتاب.
والصَّدَقة: ما تصَدَّقْت به على للفقراء . والصَّدَقة: ما أَعطيته في ذات
الله للفقراء. والمُتَصَدِّق: الذي يعطي الصِّدَقَةَ. والصَّدَقة: ما
تصَدَّقْت به على مسكين، وقد تَصَدَّق عليه، وفي التنزيل: وتَصَدَّقْ علينا،
وقيل: معنى تصدق ههنا تفَضَّلْ بما بين الجيّد والرديء كأَنهم يقولون اسمح
لنا قبولَ
هذه البضاعة على رداءتها أَو قلَّتها لأَن ثعلب فسر قوله تعالى: وجِئْنا
بِبضاعةٍ مُزْجاةٍ
فأَوْفِ لنا الكيلَ وتَصَدَّقْ علينا، فقال: مزجاة فيها اغماض ولم يتم
صلاحُها، وتَصَدَّقْ علينا قال: فَضِّل ما بين الجيّد والرديء. وصَدَّق
عليه: كتَصَدَّق، أَراه فَعَّل في معنى تَفَعَّل. والمُصَدِّق: القابل
للصَّدقة، ومررت برجل يسأَل ولا تقل برجل يَتَصَدَّق، والعامة تقوله، إِنما
المُتَصَدِّق الذي يعطي الصَّدَقة. وقوله تعالى: إِن المُصَّدِّقِين
والمُصَّدَّقات، بتشديد الصاد، أَصله المُتَصَدِّقِين فقلبت التاء صاداً
فأُدغمت في مثلها؛ قال ابن بري: وذكر ابن الأَنباري أَنه جاء تَصَدَّق بمعنى
سأَل؛ وأَنشد:
ولَوَ انَّهم رُزِقُوا على أَقْدارِهِم،
لَلَقِيتَ أَكثَر مَنْ تَرى يَتَصَدَّقُ
وفي الحديث لما قرأ: ولتنظُرْ
نفسٌ ما قدَّمت لِغدٍ، قال: تصَدَّق رجل من دينارِه ومن دِرْهمِه ومن
ثوبه أَي ليتصدق، لفظه الخبر ومعناه الأَمر كقولهم أَنجز حُرٌّ ما وعد أَي
ليُنْجِزْ.
والمُصَدِّقُ: الذي يأْخذ الحُقوقَ من الإِبل والغنم. يقال: لا تشترى
الصدَقَةُ حتى يَعْقِلَها المُصَدِّقُ أَي يقبضها، والمعطي مُتَصَدِّق
والسائل مُتَصَدِّق هما سواء؛ قال الأَزهري: وحُذَّاق النحويين ينكرون أَن
يقال للسائل مُتَصَدِّق ولا يجيزونه؛ قال ذلك الفراء والأَصمعي وغيرهما.
والمُتصَدِّق: المعطي؛ قال الله تعالى: وتَصَدَّقْ
علينا إِنَّ الله يَجْزِي المُتَصَدِّقِين، ويقال للذي يقبض الصَّدَقات
ويجمعها لأَهل السُّهْمان مُصَدِّق، بتخفيف الصاد، وكذلك الذي ينسب
المُحدِّث إِلى الصِّدْق مُصَدِّق، بالتخفيف قال الله تعالى: أَئِنَّك لمن
المُصَدِّقِين، الصاد خفيفة والدال شديدة، وهو من تَصْديِقِك صاحِبَك إِذا
حدَّثك؛ وأَما المُصَّدِّق، بتشديد الصاد والدال، فهو المُتَصَدِّق أُدغمت
التاء في الصاد فشددت. قال الله تعالى: إِنَّ المُصَّدِّقِينَ
والمُصَّدِّقاتِ وهم الذين يُعْطون الصَّدَقات. وفي حديث الزكاة: لا تُؤْخَذُ في
الصَّدَقةِ هَرِمةٌ ولا تَيْسٌ إِلاَّ أَن يشاءَ المُصَدَّقُ؛ رواه أَبو
عبيد بفتح الدال والتشديد، يُرِيد صاحبَ الماشية الذي أُخذت صَدقةُ ماله،
وخالَفه عامة الرُّواة فقالوا بكسر الدال، وهو عامل الزكاة الذي
يستوفيها من أَربابها، صَدَّقَهم يُصَدِّقُهم، فهو مُصَدِّقٌ؛ وقال أَبو موسى:
الرواية بتشديد الصاد والدال معاً وكسر الدال، وهو صاحب المال، وأَصله
المُتَصَدِّق فأُدغمت التاء في الصاد، والاستثناءُ
من التَّيْسِ خاصة، فإِنَّ الهَرِمة وذات العُوَّار لا يجوز أَخذها في
الصدقة إِلاَّ أَن يكون المال كله كذلك عند بعضهم، وهذا إِنما يتجه إِذا
كان الغرض من الحديث النهي عن أَخذ التيس لأَنه فحل المَعَز، وقد نهي عن
أَخذ الفحل في الصدقة لأَنه مُضِرٌّ برَبِّ المال لأَنه يَعِزُّ عليه
إِلاَّ أَن يسمح به فيؤْخذ؛ قال ابن الأَثير: والذي شرحه الخطابي في المعالم
أَن المُصَدِّق، بتخفيف الصاد، العاملُ وأَنه وكيل الفقراء في القبض فله
أَن يتصرف بهم بما يراه مما يؤَدِّي إِليه اجتهاده. والصَّدَقةُ
والصَّدُقةُ والصُّدُقةُ والصُّدْقةُ، بالضم وتسكين الدال، والصَّدْقةُ
والصَّداقُ
والصِّداقُ: مهر المرأَة، وجمعها في أَدنى العدد أَصْدِقةٌ، والكثير
صُدُقٌ، وهذان البناءَ ان إِنما هما على الغالب. وقد أَصْدَق المرأَةَ حين
تزوَّجها أَي جعل لها صَداقاً، وقيل: أَصْدَقَها سمَّى لها صَداقاً. أَبو
إِسحق في قوله تعالى: وآتوا النساءَ صَدُقاتِهنَّ نِحْلةً؛ الصَّدُقات
جمع الصَّدُقةِ، ومن قال صُدْقة قال صُدْقاتِهنَّ، قال: ولا يقرأُ من هذه
اللغات بشيء إِن القراءَة سنَّة. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُغالُوا
في الصَّدُقاتِ؛ هي جمع صَدُقة وهو مهر المرأَة؛ وفي رواية: لا تُغالُوا
في صُدُق النساء، جمع صَداقٍ. وفي الحديث: وليس عند أَبَوَيْنا ما
يُصْدِقانِ عَنَّا أَي يُؤدِّيانِ إِلى أَزواجنا الصَّداقَ.
والصَّيْدَقُ، على مثال صَيْرف: النجمُ الصغير اللاصق بالوُسْطَى من
نبات نعش الكبرى؛ عن كراع، وقال شمر: الصَّيْدقُ الأَمِينُ؛ وأَنشد قول
أُمية:
فيها النجومُ تُطِيعُ غير مُراحةٍ،
ما قال صَيْدَقُها الأَمِينُ الأَرْشَدُ
وقال أَبو عمرو: الصَّيْدَقُ القطب، وقيل المَلِك، وقال يعقوب: هي
الصُّنْدوق والجمع الصَّنادِيق.
صبغ: الصَّبْغُ والصِّباغُ: ما يُصْطَبَغُ به من الإِدامِ؛ ومنه قوله
تعالى في الزَّيْتُون: تَنْبَتُ بالدُّهْنِ وصِبْغٍ للآكِلِين، يعني
دُهْنَه؛ وقال الفراء: يقول الآكلونَ يَصْطَبِغُون بالزَّيت فجعل الصِّبْغَ
الزيت نفسَه، وقال الزجاج: أَراد بالصَّبْغ الزيتونَ، قال الأَزهري: وهذا
أَجود القولين لأَنه قد ذكر الدُّهن قبله، قال: وقوله تَنْبُتُ بالدُّهْن
أَي تنبت وفيها دُهْن ومعها دُهْن كقولك جاءني زيد بالسيف أَي جاءني ومعه
السيف. وصَبَغَ اللقمةَ يَصْبُغُها صَبْغاً: دَهَنها وغمَسها، وكلُّ ما
غُمِسَ، فقد صُبِغَ، والجمع صِباغٌ؛ قال الراجز:
تَزَجَّ مِنْ دُنْياكَ باليَلاغِ،
وباكِرِ المِعْدَةَ بالدِّباغِ
بالمِلْحِ ، أَو ما خَفَّ من صِباغِ
ويقال: صَبَغَتِ الناقةُ مَشافِرَهــا في الماء إذا غَمَسَتْها، وصَبَغَ
يدَه في الماء؛ قال الراجز:
قد صَبَغَتْ مَشافِراً كالأَشْبارْ،
تُرْبِي على ما قُدَّ يَفْرِيهِ الفَارْ،
مَسْكَ شَبُوبَينِ لها بأَصْبارْ
قال الأَزهري: وسمَّتِ النصارى غَمْسَهم أَوْلادَهم في الماء صَبْغاً
لغَمْسِهم إياهم فيه. والصَّبْغُ: الغَمْسُ. وصَبَغَ الثوبَ والشَّيْبَ
ونحوَهما يَصْبَغُه ويَصْبُغُه ويَصْبِغُه ثلاتُ لغاتٍ؛ الكسر عن اللحياني،
صَبْغاً وصِبْغاً وصِبَغةً؛ التثقيل عن أَبي حنيفة. قال أَبو حاتم: سمعت
الأَصمعي وأَبا زيد يقولان صَبَغْتُ الثوبَ أَصْبَغُه وأَصْبُغُه صِبَغاً
حسناً، الصاد مكسورة والباء متحركة، والذي يصبغ به الصِّبْغُ، بسكون
الباء، مثل الشِّبَعِ والشِّبْع؛ وأَنشد:
واصْبَغْ ثِيابي صِبَغاً تَحْقِيقا،
مِن جَيِّدِ العُصْفُرِ لا تَشْرِيقا
قال: والتَّشْرِيقُ الصَّبْغُ الخفيفُ. والصِّبْغُ والصِّباغُ
والصِّبْغةُ: ما يُصْبَغُ به وتُلَوَّنُ به الثياب، والصَّبْغُ المصدر، والجمع
أَصْباغٌ وأَصْبِغةٌ.
واصْطَبَغَ: اتَّخَذَ الصِّبْغَ، والصِّباغُ: مُعالِجُ الصّبْغِ،
وحِرْفته الصِّباغةُ. وثيابٌ مُصَبَّغةٌ إِذا صُبِغَتْ، شُدِّدَ للكثرة. وفي
حديث علي في الحج: فوجَد فاطمة لَبِسَتْ ثياباً صَبِيغاً أَي مَصْبوغة غير
بيض، وهي فَعِيل بمعنى مَفْعول. وفي الحديث: فَيُصْبَغُ في النار صَبْغةً
أَي يُغْمَسُ كما يُغْمَسُ الثوبُ في الصِّبْغ. وفي حديث آخر: اصْبُغُوه
في النار. وفي الحديث: أَكْذَبُ الناسِ الصبّاغُون والصَّوّاغُون؛ هم
صَبّاغو الثياب وصاغةُ الحُلِيِّ لأَنهم يَمْطُلُون بالمَواعِيد، وأَصله
الصَّبْغُ التغيير. وفي حديث أَبي هريرة: رأَى قوماً يَتَعادَوْنَ فقال: ما
لهم؟ فقالوا: خرج الدَّجّالُ، فقال: كَذِبةٌ كَذَبَها الصّباغُون، وروي
الصوَّاغون. وقولهم: قد صَبَغُوني في عَيْنِكَ، يقال: معناه غَيَّروني
عندك وأَخبروا أَني قد تغيرت عما كنت عليه. قال: والصَّبْغُ في كلام العرب
التَّغْيِيرُ، ومنه صُبِغَ الثوبُ إذا غُيِّرَ لَونُه وأُزِيلَ عن حاله
إلى حالِ سَوادٍ أَو حُمْرةٍ أَو صُفْرةٍ، قال: وقيل هو مأْخوذ من قولهم
صَبَغُوني في عينك وصَبغوني عندك أَي أَشارُوا إليك بأَني موضع لما
قَصَدْتَني به، من قوْلِ العرب صَبَغْتُ الرجلَ بعيني ويدي أَي أَشَرْتُ إليه؛
قال الأَزهري: هذا غلط إذا أَرادت بإشارةٍ أَو غيرها قالوا صَبَعْت،
بالعين المهملة؛ قال أَبو زيد.
وصِبْغةُ الله: دِينُه، ويقال أَصلُه. والصِّبغةُ: الشرِيعةُ والخِلقةُ،
وقيل: هي كل ما تُقُرِّبَ به. وفي التنزيل: صِبْغةَ الله ومَنْ
أَحْسَنُ من اللهِ صِبْغةً؛ وهي مشتقٌّ من ذلك، ومنه صَبْغُ النصارى أَولادهم في
ماء لهم؛ قال الفراء: إنما قيل صِبْغةَ لأَن بعض النصارى كانوا إذا
وُلِدَ المولود جعلوه في ماءٍ لهم كالتطهير فيقولون هذا تطهير له كالخِتانة.
قال الله عز وجل: قل صبغة الله، يأْمر بها محمداً، صلى الله عليه وسلم،
وهي الخِتانةُ اخْتَتَنَ إِبراهيم، وهي الصِّبْغَةُ فجرت الصِّبْغة على
الخِتانة لصَبْغهم الغِلْمانَ في الماء، ونصب صبغةَ الله لأَنه رَدَّها
على قوله بل مِلَّةَ إبراهيم أَي بل نَتَّبِع مِلَّة إبراعهيم ونتَّبِع
صبغةَ الله، وقال غير الفراء: أَضمر لها فعلاً اعْرِفُوا صِبْغة الله
وتدبَّرُوا صبغة الله وشبه ذلك. ويقال: صبغةُ الله دِينُ الله وفِطْرته. وحكي
عن أَبي عمرو أَنه قال: كل ما تُقُرِّبَ به إلى الله فهو الصبغة.
وتَصَبَّغَ فلان في الدين تَصَبُّغاً وصِبغةً حَسَنةً؛ عن اللحياني. وصَبَغَ
الذَّمِّيُّ ولدَه في اليهوديّة أَو النصرانية صِبْغةً قبيحة: أَدخلها فيها.
وقال بعضهم: كانت النصارى تَغْمِسُ أَبناءها في ماء يُنَصِّرونهم بذلك،
قال: وهذا ضعيف.
والصَّبَغُ في الفرس: أَن تَبْيَضَّ الثُّنّةُ كلُّها ولا يَتَّصلَ
بياضُها ببَياضِ التَّحْجِِيلِ. والصَّبَغُ أَيضاً: أَن يَبْيَضَّ الذنَبُ
كله والناصيةُ كلها، وهو أَصْبَغُ. والصَّبَغُ أَيضاً: أَخَفُّ من
الشَّعَل، وهو أَن تكون في طرَف ذنَبه شَعرات بِيض، يقال من ذلك فرس أَصْبَغُ.
قال أَبو عبيدة: إذا شابت ناصية الفرس فهو أَسْعَفُ، فإِذا ابيضت كلها فهو
أَصْبَغُ، قال: والشَّعَلُ بَياض في عُرْضِ الذنَب، فإِن ابيض كله أَو
أَطْرافُه فهو أَصْبَغُ، قال: والكَسَعُ أَن تبيضَّ أَطْرافُ الثُّنَنِ،
فإِن ابيضت الثنن كلها في يد أَو رجل ولم تتصل ببياض التحجيل فهو
أَصْبَغُ.والصَّبْغاءُ من الضأْن: البيضاءُ طرَفِ الذنب وسائرُها أَسود، والاسم
الصُّبْغةُ. أَبو زيد: إِذا ابيض طَرَفُ ذنَب النعجةِ فهي صَبْغاء، وقيل:
الأَصبغُ من الخيل الذي ابيضت ناصِيته أَو ابيضت أَطراف ذنبه،
والأَصْبَغُ من الطير ما ابيض أَعلى ذنبه، وقيل ما ابيض ذنَبُه. وفي حديث أَبي
قتادة: قال أَبو بكر كلاَّ لا يُعْطِيهِ أُصَيْبِغَ قُريش، يصفه بالعَجْزِ
والضَّعْفِ والهَوان، فشبه بالأَصبغ وهو نوع من الطيور ضعيف، وقيل شَبَّهه
بالصَّبْغاءِ النَّباتِ، وسيجيء، ويروى بالضاد المعجمة والعين المهملة
تصغير ضَبُع على غير قياس تَحْقيراً له.
وصَبَغَ الثوبُ يَصْبُغُ صُبوغاً: اتَّسَعَ وطالَ لغة في سَبَغَ.
وصَبَّغَتِ الناقةُ: أَلْقَتْ ولدَها لغة في سَبَّغَتْ. الأَصمعي: إذا أَلقت
الناقةُ ولدَها وقد أَشْعَرَ قيل: سَبَّغْتْ، فهي مُسبِّغٌ؛ قال الأَزهري:
ومن العرب من يقول صَبَّغَتْ فهي مُصَبِّغٌ، بالصاد، والسينُ أَكثر.
ويقال: ناقة صابِغٌ إذا امْتَلأَ ضَرْعُها وحَسُنَ لونه، وقد صَبُغَ ضَرعُها
صُبوغاً، وهي أَجْوَدُها مَحْلبة وأَحَبُّها إلى الناسِ. وصَبَغَتْ
عَضَلةُ فلان أَي طالتْ تَصْبُغ، وبالسين أَيضاً. وصَبَغَتِ الإِبلُ في
الرعْي تَصْبُغُ، فهي صابغةٌ؛ وقال جندل يصف إِبلاً:
قَطَعْتُها بِرُجَّعٍ أَبْلاءِ ،
إذا اغْتَمَسْنَ مَلَثَ الظَّلْماءِ
بالقَوْمِ ، لم يَصْبُغْنَ في عَشاءِ
ويروى: لم يَصْبُؤْنَ في عَشاء. يقال: صَبأَ في الطعام إذا وضَعَ فيه
رأْسَه. وقال أَبو زيد: يقال ما تَرَكْتُه بِصِبْغ الثَّمَنِ أَي لم أَتركه
بثَمَنِه الذي هو ثمنه، وما أَخذته بِصِبْغ الثمن أَي لم آخذه بثمنه
الذي هو ثمنه، ولكني أَخذته بِغلاَءٍ.
ويقال: أَصْبَغَتِ النخلةُ فهي مُصْبِغٌ إذا ظَهر في بُسْرِها
النُّضْجُ، والبُسْرةُ التي قد نَضِجَ بعضها هي الصُّبْغةُ، تقول: نَزَعْتُ منها
صُبْغةً أَو صُبْغَتَينِ، والصاد في هذا أَكثر. وصَبَّغَت الرُّطَبةُ: مثل
ذنَّبَتْ. والصَّبْغاءُ: ضَرْبٌ من نبات القُفِّ. وقال أَبو حنيفة:
الصَّبْغاء شجرة شبيهة بالضَّعةِ تأْلَفُها الظِّباء بيضاء الثمرة، قال: وعن
الأَعراب الصَّبْغاءُ مثل الثُّمامِ. قال الأَزهري: الصَّبْغاءُ نبت
معروف. وجاء في الحديث: هل رأَيتم الصَّبْغاء ما يَلي الظلَّ منها أَصفرُ
وأَبيضُ؟ وروي عن عطاء بن يسار عن أَبي سعيد الخُدْري أَن رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، قال فَيَنْبُتُونَ كما تَنْبُتُُ الحِبَّةُ في حَمِيل
السيْلِ، أَلم تَرَوْها ما يَلِي الظلَّ منها أُصَيْفِرُ أَو أَبيضُ، وما يلي
الشمسَ منها أُخَيْضِرُ؟ وإذا كانت كذلك فهي صَبْغاءُ؛ وقال: إِنَّ
الطاقَةَ الغَضَّةَ من الصبْغاء حين تَطْلُعُ الشمسُ يكون ما يلي الشمسَ من
أَعالِيها أَبيضَ وما يلي الظلَّ أَخضر كأَنها شبهت بالنعجة الصبغاء؛ قال
ابن قتيبة: شَبَّه نَباتَ لحومهم بعد إحْراقِها بنبات الطاقة من النبت
حين تطلُع، وذلك أَنها حين تطلُع تكون صَبْغاء، فما يلي الشمسَ من
أَعالِيها أَخضرُ، وما يلي الظلَّ أَبيضُ.
وبنو صَبْغاء: قوم. وقال أَبو نصر: الصَّبْغاء شجرة بيضاء الثمرةِ.
وصُبَيْغٌ وأَصْبَغُ وصبِيغٌ: أَسماء. وصِبْغٌ: اسم رجل كان يَتَعَنَّتُ
الناسَ بسُؤالات في مُشْكِل القرآن فأَمر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بضربه
ونفاه إلى البَصرة ونَهى عن مُجالَسَتِه.