Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: فره

نهرُ سَعدٍ

نهرُ سَعدٍ:
من نواحي الأنبار، لما فتح سعد بن أبي وقاص الأنبار سأله دهاقينها أن يحفر لهم نهرا كانوا
سألوا عظيم الفرس حــفره لهم فجمع الرجال لذلك فحفروا حتى انتهوا إلى جبل لم يمكنهم شقّه فتركوه، فلما ولي الحجاج العراق جمع الفعلة من كل ناحية وقال لقوّامه: انظروا إلى قيمة ما يأكل رجل من الحفّارين في اليوم فإن كان وزنه مثل ما يقلع فلا تمتنعوا من الحفر، وأنفقوا عليه حتى استتموه فنسب ذلك الجبل إلى الحجاج ونسب النهر إلى سعد بن أبي وقاص.

نهرُ المرْأةِ

نهرُ المرْأةِ:
بالبصرة، حــفره أردشير الأصغر، قال الساجي: صالح خالد بن الوليد عند نزوله البصرة أهل نهر المرأة، واسم المرأة طماهيج، من رأس الفهرج إلى نهر المرأة فكانت طماهيج هي التي صالحته على عشرة آلاف درهم، وفي كتاب البلاذري: أن خالد بن الوليد أتى نهر المرأة ففتح القصر صلحا وصالحه عنه النوشجان بن جسنسماه والمرأة صاحبة القصر كامورزاد بنت نرسى وهي بنت عم النوشجان، وإنما سميت المرأة لأن أبا موسى الأشعري قد نزل بها فزوّدته خبيصا فجعل يكثر أن يقول: أطعمونا من خبيص المرأة، فغلب على اسمها.

نهرُ مُرّة

نهرُ مُرّة:
بالبصرة، منسوب إلى مرّة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، وكانت عائشة، رضي الله عنها، كتبت إلى زياد تستوصله له فأقطعه هذا النهر فنسب إليه، قال ابن الكلبي: هو مولى عائشة، رضي الله عنها، وقال القحذمي: نهر مرة لابن عامر ولي حــفره له مرّة بن أبي عثمان مولى أبي بكر الصديق فغلب على ذكره، وقال أبو اليقظان وغيره: نسب نهر مرة إلى مرة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق كان سريّا سأل عائشة أم المؤمنين أن تكتب له إلى زياد وتبدأ به في عنوان كتابه، فكتبت إليه بالوصاة به وعنونته إلى زياد بن أبي سفيان من عائشة أم المؤمنين، فلما رأى زياد أنها قدمته ونسبته إلى أبي سفيان سرّ بذلك وأكرم مرة وألطفه وقال للناس:
هذا كتاب أم المؤمنين إليّ وفيه كذا، وعرضه ليقرأ عنوانه ثم أقطعه مائة جريب على نهر الأبلّة وأمر أن يحفر لها نهر فنسب إليه، وكان عثمان بن مرّة من سراة أهل البصرة.

هَرَاةُ

هَرَاةُ:
بالفتح: مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدن خراسان لم أر بخراسان عند كوني بها في سنة 607 مدينة أجلّ ولا أعظم ولا أفخم ولا أحسن ولا أكثر أهلا منها، فيها بساتين كثيرة ومياه غزيرة وخيرات كثيرة محشوّة بالعلماء ومملوّة بأهل الفضل والثراء، وقد أصابها عين الزمان ونكبتها طوارق الحدثان وجاءها الكفّار من التتر فخربوها حتى أدخلوها في خبر كان، فإنّا لله وإنا إليه راجعون، وذلك في سنة 618، قال الرّهني: إن مدينتها بنية للإسكندر وذلك أنه لما دخل الشرق ومرّ بها إلى الصين وكان من عادته أن يكلف أهل كل بلد ببناء مدينة تحصنهم من الأعداء فيقدّرها ويهندسها لهم وأنه أعلم أن في أهل هراة شماسا وقلة قبول فاحتال عليهم وأمرهم أن يبنوا مدينة ويحكموا أساسها ثم خط لهم طولها وعرضها وسمك حيطانها وعدد أبراجها وأبوابها واشترط لهم أن يوفيّهم أجورهم وغراماتهم عند عوده من ناحية الصين، فلما رجع من الصين ونظر إلى ما بنوه عابه وأظهر كراهيته وقال: ما أمرتكم أن تبنوا هكذا، فردّ بناءهم عليهم بالعيب ولم يعطهم شيئا، ونسب إليها خلق من الأئمة والعلماء، منهم:
الحسين بن إدريس بن المبارك بن الهيثم بن زياد أبو علي الأنصاري مولاهم الهروي أحد مشهوري المحدثين
بهراة، سمع بدمشق هشام بن عمار، وسمع ببغداد عثمان بن أبي شيبة وغيره خلقا كثيرا، وروى عنه جماعة كثيرة، منهم حاتم بن حيّان، وقال الدارقطني:
الحسين بن حزم وأخوه يوسف بن حزم الهرويّان ينسبان إلى الأنصار واسم أبيهما إدريس ولقبه حزم، وللحسين كتاب صنفه في التاريخ على حروف المعجم نحو كتاب البخاري الكبير ذكر فيه حديثا كثيرا وأخبارا، وكان من الثقات، ومات سنة 301، وفي هراة يقول أبو أحمد السامي الهروي:
هراة أرض خصبها واسع، ... ونبتها اللّفّاح والنرجس
ما أحد منها إلى غيرها ... يخرج إلا بعد ما يفلس
ويقول فيها الأديب البارع الزوزني:
هراة أردت مقامي بها ... لشتّى فضائلها الوافره
نسيم الشمال وأعنابها، ... وأعين غزلانها الساحره
وهراة أيضا: مدينة بفارس قرب إصطخر كثيرة البساتين والخيرات، ويقال إن نساءهم يغتلمن إذا أزهرت الغبيراء كما تغتلم القطاط.

نهرُ الأساوِرَةِ

نهرُ الأساوِرَةِ:
بالبصرة وهو الذي عند دار فيل مولى زياد، قال الساجي: كان سياه الأسواري على مقدمة يزدجرد ثم بعث به إلى الأهواز لمدد أهلها فنزل الكلتانية وأبو موسى الأشعري محاصر للسوس، فلما رأى ظهور الإسلام أرسل إلى أبي موسى: إنّا أحببنا الدخول في دينكم على أن نقاتل عدوّكم من العجم معكم، وعلى أنه إن وقع بينكم اختلاف لا نقاتل بعضكم مع بعض، وعلى أنه إن قاتلنا العرب منعتمونا منهم وأعنتمونا عليهم، وأن ننزل بحيث شئنا من البلدان ونكون فيمن شئنا منكم، وعلى أن نلحق بشرف العطاء ويعقد لنا بذلك الأمير الذي بعثكم، فكتب بذلك أبو موسى إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فأجابهم إلى ما التمسوا فخرجوا حتى لحقوا بالمسلمين وشهدوا مع أبي موسى حصار تستر ثم فرض لهم في شرف العطاء، فلما صاروا إلى البصرة وسألوا أيّ الأحياء أقرب نسبا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقيل بنو تميم فحالفوهم ثم خطّطت خططهم فنزلوها وحفروا نهرهم المعروف بنهر الأساورة، ويقال إن عبد الله بن عامر حــفره وأقطعهم إياه فنسب إليهم.

هَمَذَانُ

هَمَذَانُ:
بالتحريك، والذال معجمة، وآخره نون، في الإقليم الرّابع، وطولها من جهة المغرب ثلاث وسبعون درجة، وعرضها ست وثلاثون درجة، قال هشام بن الكلبي: همذان سميت بهمذان بن الفلّوج ابن سام بن نوح، عليه السّلام، وهمذان وأصبهان أخوان بنى كل واحد منهما بلدة، ووجد في بعض كتب السريانيين في أخبار الملوك والبلدان: إن الذي بنى همذان يقال له كرميس بن حليمون، وذكر بعض علماء الفرس أن اسم همذان إنما كان نادمه ومعناه المحبوبة، وروي عن شعبة أنه قال: الجبال عسكر وهمذان معمعتها وهي أعذبها ماء وأطيبها هواء، وقال ربيعة بن عثمان: كان فتح همذان في جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من مقتل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وكان الذي فتحها المغيرة بن شعبة في سنة 24 من الهجرة، وفي آخر: وجّه المغيرة بن شعبة وهو عامل عمر بن الخطاب على الكوفة بعد عزل عمار بن ياسر عنها جرير بن عبد الله البجلي إلى همذان في سنة 23 فقاتله أهلها وأصيبت عينه بسهم فقال: أحتسبها عند الله الذي زين بها وجهي ونوّر لي ما شاء ثم سلبنيها في سبيله، وجرى أمر همذان على مثل ما جرى عليه أمر نهاوند وذلك في آخر سنة 23 وغلب على أرضها قسرا وضمّها المغيرة إلى كثير بن شهاب والي الدينور، وإليه ينسب قصر كثير في نواحي الدينور، وقال بعض علماء الفرس: كانت همذان أكبر مدينة بالجبال وكانت أربعة فراسخ في مثلها، طولها من الجبل إلى قرية يقال لها زينوآباذ، وكان صنف التجار بها وصنف الصيارف بسنجاباذ، وكان القصر الخراب الذي بسنجاباذ تكون فيه الخزائن والأموال، وكان صنف البزازين في قرية يقال لها برشيقان، فيقال إن بخت نصّر بعث إليها قائدا
يقال له صقلاب في خمسمائة ألف رجل فأناخ عليها وأقام يقاتل أهلها مدة وهو لا يقدر عليها، فلما أعيته الحيلة فيها وعزم على الانصراف استشار أهله فقالوا:
الرأي أن تكتب إلى بخت نصر وتعلمه أمرك وتستأذنه في الانصراف، فكتب إليه: أما بعد فإني وردت على مدينة حصينة كثيرة الأهل منيعة واسعة الأنهار ملتفة الأشجار كثيرة المقاتلة وقد رمت أهلها فلم أقدر عليها وضجر أصحابي المقام وضاقت عليهم الميرة والعلوفة فإن أذن لي الملك بالانصراف فقد انصرفت.
فلما وصل الكتاب إلى بخت نصر كتب إليه: أما بعد فقد فهمت كتابك ورأيت أن تصوّر لي المدينة بجبالها وعيونها وطرقها وقراها ومنبع مياهها وتنفذ إليّ بذلك حتى يأتيك أمري، ففعل صقلاب ذلك وصوّر المدينة وأنفذ الصورة إليه وهو ببابل، فلما وقف عليه جمع الحكماء وقال: أجيلوا الرأي في هذه الصورة وانظروا من أين تفتح هذه المدينة، فأجمعوا على أن مياه عيونها تحبس حولا ثم تفتح وترسل على المدينة فإنها تغرق، فكتب بخت نصر إلى صقلاب بذلك وأمره بما قاله الحكماء، ففتح ذلك الماء بعد حبسه وأرسله على المدينة فهدم سورها وحيطانها وغرق أكثر أهلها فدخلها صقلاب وقتل المقاتلة وسبى الذرّية وأقام بها فوقع في أصحابه الطاعون فمات عامتهم حتى لم يبق منهم إلا قليل ودفنوا في أحواض من خزف فقبورهم معروفة توجد في المحالّ والسكك إذا عمروا دورهم وخرّبوا، ولم تزل همذان بعد ذلك خرابا حتى كانت حرب دارا بن دارا والإسكندر فإن دارا استشار أصحابه في أمره لما أظله الإسكندر فأشاروا عليه بمحاربته بعد أن يحرز حرمه وأمواله وخزائنه بمكان حريز لا يوصل إليه ويتجرد هو للقتال، فقال:
انظروا موضعا حريزا حصينا لذلك، فقالوا له: إن من وراء أرض الماهين جبالا لا ترام وهي شبيهة بالسند وهناك مدينة منيعة عتيقة قد خربت وبارت وهلك أهلها وحولها جبال شامخة يقال لها همذان فالرأي للملك أن يأمر ببنائها وإحكامها وأن يجعل في وسطها حصنا يكون للحرم والخزائن والعيال والأموال ويبني حول الحصن دور القوّاد والخاصة والمرازبة ثم يوكل بالمدينة اثني عشر ألف رجل من خاصة الملك وثقاته يحمونها ويقاتلون عنها من رامها، قال: فأمر دارا ببناء همذان وبنى في وسطها قصرا عظيما مشرفا له ثلاثة أوجه وسماه ساروقا وجعل فيه ألف مخبإ لخزائنه وأمواله وأغلق عليه ثمانية أبواب حديد كل باب في ارتفاع اثني عشر ذراعا ثم أمر بأهله وولده وخزائنه فحوّلوا إليها وأسكنوها، وجعل في وسط القصر قصرا آخر صيّر فيه خواص حرمه وأحرز أمواله في تلك المخابىء، ووكل بالمدينة اثني عشر ألفا وجعلهم حراسا، وحكى بعض أهل همذان عنها مثل ما حكيناه أولا عن بخت نصر من حبس الماء وإطلاقه على البلد حتى خربه وفتحه، والله أعلم، ويقال إن أول من بنى همذان جم بن نوجهان بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، عليه السّلام، وسماها سارو، ويعرب فيقال ساروق، وحصّنها بهمن بن إسفنديار، وإن دارا وجد المدينة حصينة المكان دارسة البناء فأعاد بناءها ثم كثر الناس بها في الزمان القديم حتى كانت منازلها تقدر بثلاثة فراسخ، وكان صنف الصاغة بها بقرية سنجاباذ واليوم تلك القرية على فرسخين من البلد، قال شيرويه في أخبار الفرس بلسانهم:
سارو جم كرد دارا كمر بست بهمن إسفنديار بسر آورد، معناه بنى الساروق جم ونطّقه دارا أي سوّره وعمم عليه سورا واستتمه وأحسنه بهمن بن إسفنديار، وذكر أيضا بعض مشايخ همذان أنها
أعتق مدينة بالجبل، واستدلوا على ذلك من بقية بناء قديم باق إلى الآن وهو طاق جسيم شاهق لا يدرى من بناه وللعامة فيه أخبار عامية ألغينا ذكرها خوف التهمة، وقال محمد بن بشار يذكر همذان وأروند:
ولقد أقول تيامني وتشاءمي ... وتواصلي ريما على همذان
بلد نبات الزعفران ترابه، ... وشرابه عسل بماء قنان
سقيا لأوجه من سقيت لذكرهم ... ماء الجوى بزجاجة الأحزان
كاد الفؤاد يطير مما شفّه ... شوقا بأجنحة من الخفقان
فكسا الربيع بلاد أهلك روضة ... تفترّ عن نفل وعن حوذان
حتى تعانق من خزاماك الذي ... بالجلهتين شقائق النعمان
وإذا تبجّست الثلوج تبجّست ... عن كوثر شبم وعن حيوان
متسلسلين على مذانب تلعة ... تثغو الجداء بها على الحملان
قال المؤلف: ولا شك عند كل من شاهد همذان بأنها من أحسن البلاد وأنزهها وأطيبها وأرفهها وما زالت محلّا للملوك ومعدنا لأهل الدين والفضل إلا أن شتاءها مفرط البرد بحيث قد أفردت فيه كتب وذكر أمره بالشعر والخطب وسنذكر من ذلك مناظرة جرت بين رجل من أهل العراق يقال له عبد القاهر بن حمزة الواسطي ورجل من همذان يقال له الحسين بن أبي سرح في أمرها فيه كفاية، قالوا:
وكانا كثيرا ما يلتقيان فيتحادثان الأدب ويتذاكران العلم وكان عبد القاهر لا يزال يذمّ الجبل وهواءه وأهله وشتاءه لأنه كان رجلا من أهل العراق وكان ابن أبي سرح مخالفا له كثيرا يذم العراق وأهله، فالتقيا يوما عند محمد بن إسحاق الفقيه وكان يوما شاتيا صادق البرد كثير الثلج وكان البرد قد بلغ من عبد القاهر مبالغه، فلما دخل وسلم قال: لعن الله الجبل ولعن ساكنيه وخص الله همذان من اللعن بأوفره وأكثره! فما أكدر هواءها وأشد بردها وأذاها وأشد مؤونتها وأقلّ خيرها وأكثر شرها، فقد سلط الله عليها الزمهرير الذي يعذب به أهل جهنم معما يحتاج الإنسان فيها من الدثار والمؤن المجحفة فوجوهكم يا أهل همذان مائلة وأنوفكم سائلة وأطرافكم خصرة وثيابكم متسخة وروائحكم قذرة ولحاكم دخانية وسبلكم منقطعة والفقر عليكم ظاهر والمستور في بلدكم مهتوك لأن شتاءكم يهدم الحيطان ويبرز الحصان ويفسد الطرق ويشعث الآطام، فطرقكم وحلة تتهافت فيها الدواب وتتقذر فيها الثياب وتتحطم الإبل وتخسف فيها الآبار وتفيض المياه وتكف السطوح وتهيج الرياح العواصف وتكون فيها الزلازل والخسوف والرعود والبروق والثلوج والدّمق فتنقطع عند ذلك السبل ويكثر الموت وتضيق المعايش، فالناس في جبلكم هذا في جميع أيام الشتاء يتوقعون العذاب ويخافون السخط والعقاب ثم يسمونه العدو المحاصر والكلب الكلب، ولذلك كتب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إلى بعض عماله: إنه قد أظلّكم الشتاء وهو العدو المحاصر فاستعدوا له الفراء واستنعلوا الحذاء، وقد قال الشاعر:
إذا جاء الشتاء فأدفئوني، ... فإن الشيخ يهدمه الشتاء
فالشتاء يهدم الحيطان فكيف الأبدان لا سيما شتاؤكم
الملعون، ثم فيكم أخلاق الفرس وجفاء العلوج وبخل أهل أصبهان ووقاحة أهل الريّ وفدامة أهل نهاوند وغلظ طبع أهل همذان على أن بلدكم هذا أشد البلدان بردا وأكثرها ثلجا وأضيقها طرقا وأوعرها مسلكا وأفقرها أهلا، وكان يقال أبرد البلدان ثلاثة: برذعة وقاليقلا وخوارزم، وهذا قول من لم يدخل بلدكم ولم يشاهد شتاءكم، وقد حدثني أبو جعفر محمد بن إسحاق المكتّب قال: لما قدم عبد الله بن المبارك همذان أوقدت بين يديه نار فكان إذا سخن باطن كفه أصاب ظاهرها البرد وإذا سخن ظاهرها أصاب باطنها البرد، فقال:
أقول لها ونحن على صلاء: ... أما للنار عندك حرّ نار؟
لئن خيّرت في البلدان يوما ... فما همذان عندي بالخيار
ثم التفت إلى ابن أبي سرح وقال: يا أبا عبد الله وهذا والدك يقول:
النار في همذان يبرد حرّها، ... والبرد في همذان داء مسقم
والفقر يكتم في بلاد غيرها، ... والفقر في همذان ما لا يكتم
قد قال كسرى حين أبصر تلّكم: ... همذان لا! انصرفوا فتلك جهنم
والدليل على هذا أن الأكاسرة ما كانت تدخل همذان لأن بناءهم متصل من المدائن إلى أزرميدخت من أسدآباذ ولم يجوزوا عقبة أسدآباذ، وبلغنا أن كسرى أبرويز همّ بدخول همذان فلما بلغ إلى موضع يقال له دوزخ دره، ومعناه بالعربية باب جهنم، قال لبعض وزرائه: ما يسمى هذا المكان؟ فعرّفه، فقال لأصحابه: انصرفوا فلا حاجة بنا إلى دخول مدينة فيها ذكر جهنم، وقد قال وهب بن شاذان الهمذاني شاعركم:
أما آن من همذان الرحيل ... من البلدة الحزنة الجامدة
فما في البلاد ولا أهلها ... من الخير من خصلة واحده
يشيب الشباب ولم يهرموا ... بها من ضبابتها الراكدة
سألتهم: أين أقصى الشتاء ... ومستقبل السنة الواردة؟
فقالوا: إلى جمرة المنتهى، ... فقد سقطت جمرة خامدة
وأيضا قد قال شاعركم:
يوم من الزمهرير مقرور ... على صبيب الضباب مزرور
كأنما حشوه جزائره ... وأرضه وجهها قوارير
يرمي البصير الحديد نظرته ... منها لأجفانه سمادير
وشمسه حرّة مخدّرة ... تسلّبت حين حمّ مقدور
تخال بالوجه من ضبابتها ... إذا حذت جلده زنابير
وقال كاتب بكر:
همذان متلفة النفوس ببردها ... والزمهرير، وحرّها مأمون
غلب الشتاء مصيفها وربيعها، ... فكأنما تموزها كانون
وسأل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، رجلا: من أين أنت؟ فقال: من همذان، فقال: أما إنها مدينة همّ وأذى تجمد قلوب أهلها كما يجمد ماؤها، وقد قال شاعركم أيضا وهو أحمد بن بشّار يذم بلدكم وشدة برده وغلظ طبع أهله وما تحتاجون إليه من المؤن المجحفة الغليظة لشتائكم، وقيل لأعرابي دخل همذان ثم انصرف إلى البادية: كيف رأيت همذان؟
فقال: أما نهارهم فرقّاص وأما ليلهم فحمّال، يعني أنهم بالنهار يرقصون لتدفأ أرجلهم وبالليل حمّالون لكثرة دثارهم، ووقع أعرابيّ إلى همذان في الربيع فاستطاب الزمان وأنس بالأشجار والأنهار، فلما جاء الشتاء ورد عليه ما لم يعهده من البرد والأذى فقال:
بهمذان شقيت أموري ... عند انقضاء الصيف والحرور
جاءت بشرّ شرّ من عقور، ... ورمت الآفاق بالهرير
والثلج مقرون بزمهرير، ... لولا شعار العاقر النزور
أمّ الكبير وأبو الصغير ... لم يدف إنسان من الخصير
ولقد سمعت شيخا من علمائكم وذوي المعرفة منكم أنه يقول: يربح أهل همذان إذا كان يوم في الشتاء صافيا له شمس حارّة مائة ألف درهم، وقيل لابنة الحسن: أيّما أشد الشتاء أم الصيف؟ فقالت: من يجعل الأذى كالزّمّانة! لأن أهل همذان إذا اتفق لهم في الشتاء يوم صاف فيه شمس حارّة يبقى في أكياسهم مائة ألف درهم لأنهم يربحون فيه حطب الوقود وقيمته في همذان ورساتيقها في كل يوم مائة ألف درهم، وقيل لأعرابي: ما غاية البرد عندكم؟ فقال: إذا كانت السماء نقيّة والأرض نديّة والريح شاميّة فلا تسأل عن أهل البريّة، وقد جاء في الخبر أن همذان تخرب لقلة الحطب، ودخل أعرابيّ همذان فلما رأى هواءها وسمع كلام أهلها ذكر بلاده فقال:
وكيف أجيب داعيكم ودوني ... جبال الثلج مشرفة الرّعان
بلاد شكلها من غير شكلي، ... وألسنها مخالفة لساني
وأسماء النساء بها زنان، ... وأقرب بالزّنان من الزواني
فلما بلغ عبد القاهر إلى هذا المكان التفت إليه ابن أبي سرح وقال له: قد أكثرت المقال وأسرفت في الذمّ وأطلت الثّلب وطوّلت الخطبة، ثم صمد للإجابة فلم يأت بطائل أكثر من ذكر المفاخرة بين الصيف والشتاء والحر والبرد، ووصف أن بلادهم كثيرة الزهر والرياحين في الربيع وأنها تنبت الزعفران، وأن عندهم أنواعا من الألوان لا تكون في بلاد غيرهم، وأن مصيف الجبال طيّب فلم أر الإطالة بالإتيان به على وجهه، قالوا: وأقبل عبيد الله بن سليمان بن وهب إلى همذان في سنة 284 بمائة ألف دينار وسبعين ألف دينار بالكفاية على أن لا مؤونة على السلطان، وهي أربعة وعشرون رستاقا: همذان، وفرواز، وقوهياباذ، واناموج، وسيسار، وشراة العليا، وشراة الميانج، والاسفيذجان، وبحر، واباجر، وارغين، والمغارة، واسفيذار، والعلم الأحمر، وارناد، وسمير، وسردروذ، والمهران، وكوردور، وروذه، وساوه، وكان منها بسا وسلفانروذ وخرّقان ثم نقلت إلى قزوين، وهي ستمائة وستون قرية، وعملها من باب الكرج إلى سيسر طولا،
وعرضا من عقبة أسدآباذ إلى ساوه، قالوا: ومن عجائب همذان صورة أسد من حجر على باب المدينة يقال إنه طلسم للبرد من عمل بليناس صاحب الطلسمات حين وجّهه قباذ ليطلسم آفات بلاده، ويقال إن الفارس كان يغرق بفرسه في الثلج بهمذان لكثرة ثلوجها وبردها، فلما عمل لها هذا الطلسم في صورة الأسد قلّ ثلجها وصلح أمرها، وعمل أيضا على يمين الأسد طلسما للحيّات وآخر للعقارب فنقصت وآخر للغرق فأمنوه وآخر للبراغيث فهي قليلة جدّا بهمذان، ولما عمل بليناس هذه الطلسمات بهمذان استهان بها أهلها فاتخذ في جبلهم الذي يقال له أروند طلسما مشرفا على المدينة للجفاء والغلظ فهم أجفى الناس وأغلظهم طبعا، وعمل طلسما آخر للغدر فهم أغدر الناس فلذلك حوّلت الملوك الخزائن عنها خوفا من غدر أهلها، واتخذ طلسما آخر للحروب فليست تخلو من عسكر أو حرب، وقال محمد بن أحمد السلمي المعروف بابن الحاجب يذكر الأسد على باب همذان:
ألا أيها الليث الطويل مقامه ... على نوب الأيام والحدثان
أقمت فما تنوي البراح بحيلة، ... كأنك بوّاب على همذان
أطالب ذحل أنت من عند أهلها؟ ... أبن لي بحقّ واقع ببيان
أراك على الأيام تزداد جدّة، ... كأنك منها آخذ بأمان
أقبلك كان الدهر أم كنت قبله ... فنعلم أم ربّيتما بلبان؟
وهل أنتما ضدّان كلّ تفرّدت ... به نسبة أم أنتما أخوان؟
بقيت فما تفنى وأفنيت عالما ... سطا بهم موت بكل مكان
فلو كنت ذا نطق جلست محدثا، ... وحدثتنا عن أهل كل زمان
ولو كنت ذا روح تطالب مأكلا ... لأفنيت أكلا سائر الحيوان
أجنّبت شر الموت أم أنت منظر ... وإبليس حتى يبعث الثقلان
فلا هرما تخشى ولا الموت تتّقى ... بمضرب سيف أو شباة سنان
وعمّا قريب سوف يلحق ما بقي، ... وجسمك أبقى من حرا وأبان
قال: وكان المكتفي يهمّ بحمل الأسد من باب همذان إلى بغداد وذلك أنه نظر إليه فاستحسنه وكتب إلى عامل البلد يأمره بذلك، فاجتمع وجوه أهل الناحية وقالوا: هذا طلسم لبلدنا من آفات كثيرة ولا يجوز نقله فيهلك البلد، فكتب العامل بذلك وصعّب حمله في تلك العقاب والجبال والمدور، وكان قد أمر بحمل الفيلة لنقله على العجلة، فلما بلغه ذلك فترت نيته عن نقله فبقي مكانه إلى الآن، وقال شاعر أهل همذان وهو أحمد بن بشار يذم همذان وشدة برده وغلظ طبع أهله وما يحتاجون إليه من المؤن المجحفة الغليظة لشتائهم:
قد آن من همذان السير فانطلق، ... وارحل على شعب شمل غير متّفق
بئس اعتياض الفتى أرض الجبال له ... من العراق وباب الرزق لم يضق
أما الملوك فقد أودت سراتهم ... والغابرون بها في شيمة السّوق
ولا مقام على عيش ترنّقه ... أيدي الخطوب، وشرّ العيش ذو الرّنق
قد كنت أذكر شيئا من محاسنها ... أيّام لي فنن كاس من الورق
أرض يعذّب أهلوها ثمانية ... من الشهور كما عذّبت بالرّهق
تبقى حياتك ما تبقى بنافعة ... إلّا كما انتفع المجروض بالدمق
فإن رضيت بثلث العمر فارض به ... على شرائط من يقنع بما يمق
إذا ذوى البقل هاجت في بلادهم ... من جربيائهم نشّافة العرق
تبشّر الناس بالبلوى وتنذرهم ... ما لا يداوى بلبس الدّرع والدّرق
تلفّهم في عجاج لا تقوم لها ... قوائم الفيل فيل الماقط الشّبق
لا يملك المرء فيها كور عمّته ... حتى تطيّرها من فرط مخترق
فإن تكلم لاقته بمسكنة ... ملء الخياشيم والأفواه والحدق
فعندها ذهبت ألوانهم جزعا، ... واستقبلوا الجمع واستولوا على العلق
حتى تفاجئهم شهباء معضلة ... تستوعب الناس في سربالها اليقق
خطب بها غير هين من خطوبهم ... كالخنق ما منه من ملجا لمختنق
أمّا الغنيّ فمحصور يكابدها ... طول الشتاء مع اليربوع في نفق
يقول أطبق وأسبل يا غلام وأر ... خ السّتر واعجل بردّ الباب واندفق
وأوقدوا بتنانير تذكرهم ... نار الجحيم بها من يصل يحترق
والمملقون بها سبحان ربهم ... ماذا يقاسون طول الليل من أرق!
صبغ الشتاء، إذا حلّ الشتاء بها، ... صبغ المآتم للحسّانة الفنق
والذئب ليس إذا أمسى بمحتشم ... من أن يخالط أهل الدار والنّسق
فويل من كان في حيطانه قصر ... ولم يخصّ رتاج الباب بالغلق
وصاحب النسك ما تهدا فرائصه، ... والمستغيث بشرب الخمر في عرق
أمّا الصلاة فودّعها سوى طلل ... أقوى وأقفر من سلمى بذي العمق
تمسي وتصبح كالشيطان في قرن ... مستمسكا من حبال الله بالرّمق
والماء كالثلج، والأنهار جامدة، ... والأرض أضراسها تلقاك بالدّبق
حتى كأنّ قرون الغفر ناتئة ... تحت المواطئ والأقدام في الطرق
فكلّ غاد بها أو رائح عجل ... يمشي إلى أهلها غضبان ذا حنق
قوم غذاؤهم الألبان مذ خلقوا، ... فما لهم غيرها من مطعم أنق
لا يعبق الطيب في أصداغ نسوتهم، ... ولا جلودهم تبتلّ من عرق
فهم غلاظ جفاة في طباعهم ... إلّا تعلّة منسوب إلى الحمق
أفنيت عمري بها حولين من قدر ... لم أقو منها على دفع ولم أطق
قلت: وهذه القصيدة ليست من الشعر المختار وإنما كتبت للحكاية عن شرح حال همذان، وللشعراء أشعار كثيرة في برد همذان ووصف أروند، فأما أروند فقد ذكر في موضعه، وأما الأشعار التي قيلت في بردها ففي ما ذكرنا كفاية، وقال البديع الهمذاني فيها:
همذان لي بلد أقول بفضله، ... لكنه من أقبح البلدان
صبيانه في القبح مثل شيوخه، ... وشيوخه في العقل كالصبيان
وقال شيرويه: قال الأستاذ أبو العلاء محمد بن عليّ بن الحسن بن حستون الهمذاني الوزير من قصيدة:
يا أيها الملك الذي وصل العلا ... بالجود والإنعام والإحسان
قد خفت من سفر أطلّ عليّ في ... كانون في رمضان من همذان
بلد إليه أنتمي بمناسبي، ... لكنه من أقذر البلدان
صبيانه في القبح مثل شيوخه، ... وشيوخه في العقل كالصبيان
وقال شيرويه أيضا: إن سليمان بن داود، عليه السلام، اجتاز بموضع همذان فقال: ما بال هذا الموضع مع عظم مسيل مائه وسعة ساحته لا تبنى فيه مدينة! فقالوا: يا نبيّ الله لا يثبت أحد فيه لأن البرد ينصبّ فيه صبّا ويسقط الثلج قامة الرمح، فقال، عليه السّلام، لصخر الجني: هل من حيلة؟
قال: نعم، فاتخذ سبعا من حجر منقور ونصب طلسما للبرد وبنى المدينة، وقيل: أول من أسسها دارا الأكبر، قال كعب الأحبار: متى أراد الله أن يخرّب هذه المدينة سقط ذلك الطلسم فتخرب بإذن الله، قال شيرويه: والسبع هو الأسد المنحوت من الحجر الخورزني، وخورزن: جبل بباب همذان الموضوع على الكثيب الذي على ذنب الأسد، وهذا الأسد من عجائب همذان منحوت من صخرة واحدة وجوارحه غير منفصلة عن قوائمه كأنه ليث غابة ولم يزل في هذا الموضع منذ زمن سليمان، عليه السّلام، وقيل: من زمان قباذ الأكبر لأنه أمر بليناس الحكيم بعمله إلى سنة 319 فإن مرداويج دخل المدينة ونهب أهلها وسباهم فقيل له إن هذا السبع طلسم لهذه المدينة من الآفات وفيه منافع لأهله، فأراد حمله إلى الرّيّ فلم يقدر فكسرت يداه بالفطّيس.

الزَّعْفَرَانُ

الزَّعْفَرَانُ صِبْغُ من الطِّيْبِ. والأسَدُ يُسَمّى مُزَعْفَراً؛ لأنَّه وَرْدُ اللَّوْنِ يَضْرِبُ إلى صُفْرَةٍ.
الزَّعْفَرَانُ: م، وإذا كان في بيتٍ لا يَدْخُلُه سامُّ أبْرَصَ،
وـ من الحديدِ: صَدَؤُهُ
ج: زَعَافِرُ.
وزَعْــفَرَهُ: صَبَغَهُ به، وفَرَسٌ لِلحَوْفَزَانِ الحَارِثِ بن شَريكٍ، وفَرَسُ السَّلِيلِ بنِ قَيْسٍ.
والزَّعْفَرَانِيةُ: ة بِهَمَذَانَ، منها القاسمُ بنُ عبدِ الرحمنِ شَيْخُ الدارَقُطْنِيِّ، وبِبَغْدادَ، منها الحسنُ بنُ محمدِ بنِ الصَّبَّاحِ صاحِبُ الشافعي، رضي الله تعالى عنه، وإليه يُنْسَبُ دَرْبُ الزَّعْفَرَانِي.
والمُزَعْفَرُ: الفالوذُ، والأَسَدُ الوَرْدُ.

الأَحْمَرُ

الأَحْمَرُ: ما لَوْنُهُ الحُمْرةُ، ومن لا سِلاحَ معه، جَمْعُهُما حُمْرٌ وحُمْرانٌ، وتَمْرٌ، والأَبْيَضُ، ضِدُّ، ومنه الحديثُ: "يا حُمَيْراءُ" والذَّهَبُ، والزَّعْفَرانُ، واللَّحْمُ، والخَمْرُ.
والأَحَامِرَةُ: قومٌ من العَجَمِ نَزلوا بالبَصْرَةِ، واللَّحْمُ، والخمرُ، والخَلوقُ.
والموتُ الأَحْمَرُ: القَتْلُ أو الموتُ الشَّديدُ. وقولُهُم: الحُسْنُ أحمرُ، أي: يَلْقَى العاشِقُ منه ما يَلْقَى من الحَرْبِ.
والحَمْراءُ: العَجَمُ، والسَّنَةُ الشديدَةُ، وشِدَّةُ الظَّهيرَةِ، ومَدينةُ لَبْلَةَ،
وع بِفُسْطاطِ مِصْرَ، وبالقُدْسِ،
وة باليَمَنِ.
وحَمْراءُ الأَسَدِ: ع ثَمانِيَةِ أميالٍ من المَدِينةِ، وثَلاثُ قُرًى بِمِصْرَ.
والحِمارُ: م، ويكونُ وحْشِيًّا
ج: أحْمِرَةٌ وحُمُرٌ وحَمِيرٌ وحُمورٌ وحُمُرَاتٌ ومَحْمُوراءُ،
و=: خَشَبَةٌ في مُقَدَّمِ الرَّحْلِ، والخَشَبَةُ يَعْمَلَ عليها الصَّيْقَلُ، وثلاثُ خَشَباتٍ تُعَرَّضُ عليها خَشَبَةٌ وتُؤْسَرُ بها، ووادٍ باليَمَنِ، وبِهاءٍ: الأَتَانُ، وحَجَرٌ يُنْصَبُ حَوْلَ بَيْتِ الصائِدِ، والصَّخْرَةُ العظيمَةُ، وخَشَبَةٌ في الهَوْدَجِ، وحَجَرٌ عَريضٌ يُوضَعُ على اللَّحْدِ
ج: حَمائِرُ، وحَرَّةٌ،
وـ من القَدَمِ: المُشْرِفَةُ فَوْقَ أصابِعِها، والفَريضَةُ المُشَرَّكَةُ الحِمارِيَّةُ.
وحِمارُ قَبَّانَ: دُوَيْبَّةٌ.
والحِمارانِ: حَجَرانِ يُطْرَحُ عليهما آخَرُ، يُجَفَّفُ عليه الأَقِطُ.
و"هو أكفَرُ من حِمارٍ" هو ابنُ مالِكٍ، أو مُوَيْلِعٍ، كان مُسْلِماً أربعينَ سنةً في كَرَمٍ وجُودٍ، فَخَرَجَ بَنُوهُ عَشَرَةً للصَّيْدِ، فأصابَتْهُمْ صاعِقَةٌ، فَهَلَكُوا، فَكَفَرَ وقال: لا أعْبُدُ من فَعَلَ بِبَنِيَّ هذا، فَأَهْلَكَهُ اللهُ تعالى، وأخْرَبَ وادِيَهُ، فَضُرِبَ بِكُــفْرِهِ المَثَلُ.
وذو الحِمارِ: الأَسْودُ العَنْسِيُّ الكَذَّابُ المُتَنَبِّئُ، كانَ له حمارٌ أسْودُ مُعَلَّمُ، يقولُ له: اسْجُدْ لرَبِّكَ، فَيَسْجُدُ له، ويقولُ له: ابْرُكْ، فَيَبْرُكُ.
وأذُنُ الحمارِ: نَبْتٌ.
والحُمَرُ، كصُرَدٍ: التَّمْرُ الهِنْدِيُّ،
كالحَوْمَرِ، وطائِرٌ، وتُشَدَّدُ الميمُ واحِدَتُهُما: بهاءٍ. وابنُ لِسانِ الحُمَّرَةِ، كسُكَّرَةٍ: خَطيبٌ بليغٌ نَسَّابَةٌ، اسْمُهُ عبدُ اللهِ بنُ حُصَيْنٍ، أو ورْقاءُ بنُ الأَشْعَرِ.
واليَحْمُورُ: الأَحْمَرُ، ودابَّةٌ، وطائِرٌ، وحِمارُ الوَحْشِ.
والحَمَّارَةُ، كجَبَّانَةٍ: الفَرَسُ الهَجِينُ،
كالمُحَمَّرِ، فارِسِيَّتُهُ: بالانِي، وأصحابُ الحَمِيرِ،
كالحامِرَةِ، وبتخفيفِ الميمِ وتشديدِ الراءِ وقد تُخَفَّفُ في الشِّعْرِ: شِدَّةُ الحرِّ.
وأحْمَرُ: مَوْلَى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ومَوْلًى لأُمِّ سَلَمَةَ، وابنُ مُعاويَةَ بنِ سُلَيْمٍ، وابنُ سَواءِ بنِ عَدِيٍّ، وابنُ قَطَنٍ الهَمَذانِيُّ، والأَحْمَريُّ المَدَنِيُّ: صحابيُّونَ.
والحَمِيرُ والحَمِيرَةُ الأُشْكُزُّ: لسَيْرٍ في السَّرْجِ،
وحَمَرَ السَّيْرَ: سَحَا قِشْرَهُ،
وـ الشاةَ: سَلَخَها،
وـ الرَّأسَ: حَلَقَه.
وغَيْثٌ حِمِرٌّ، كفِلِزٍّ: يَقْشِرُ الأرضَ.
والحِمِرُّ من حَرِّ القَيْظِ: أشدُّه،
وـ من الرجلِ: شَرُّهُ.
وبنُو حمِرَّى، كزِمِكَّى: قبيلةٌ.
والمِحْمَرُ، كمِنبرٍ: المِحْلأُ، والذي لا يُعْطِي إلاَّ على الكَدِّ، واللئيمُ.
وحَمِرَ الفرسُ، كفَرِحَ: سَنِقَ من أكْلِ الشَّعِيرِ، أو تَغَيَّرَتْ رائِحةُ فيه،
وـ الرجلُ: تَحَرَّقَ غَضَباً،
وـ الدابَّةُ: صارَتْ من السِّمَنِ كالحِمارِ بَلادَةً.
وأُحامِرُ، بالضم: جبلٌ،
وع بالمدينةِ، يُضافُ إلى البُغَيْبِغَةِ، وبهاءٍ: رَدْهَةٌ.
والحُمْرَةُ: اللَّوْنُ المَعْرُوفُ، وشجرةٌ تُحِبُّها الحُمُرُ، وورَمٌ من جِنْسِ الطَّواعِينِ. وحُمْرَةُ بنُ يَشْرَحَ بنِ عبدِ كُلالٍ: تابِعيٌّ، وابنُ مالكٍ في هَمْدانَ، وابنُ جَعْفَرِ بنِ ثَعْلَبَةَ في تَميمٍ. ومالكُ بنُ حُمْرَةَ: صَحابِيٌّ. ومالكُ بنُ أبي حُمْرَةَ الكُوفِيُّ، والضَّحَّاكُ بنُ حُمْرَةَ، وعبدُ اللهِ بنُ علِيِّ بنِ نَصْرِ بنِ حُمْرَةَ، وهو ضعيفٌ: محدِّثونَ.
وحُمَيِّرٌ، كمُصَغَّرِ حمارٍ: ابنُ عَدِيٍّ، وابنُ أشْجَعَ: صحابيَّانِ. وحُمَيِّرُ بنُ عَدِيٍّ العابِدُ: محدِّثٌ. وكزُبَيْرٍ: عبدُ اللهِ، وعبدُ الرحمنِ: ابنا حُمَيْرِ بنِ عمرٍو، قُتلا مع عائِشَةَ.
ورُطَبٌ ذُو حُمْرَةٍ: حُلْوَةٌ.
وحُمْرانُ، بالضم: ماءٌ بِديارِ الرَّبابِ،
وع بالرَّقَّةِ، وقَصْرُ حُمْرانَ بالبادِيَةِ،
وة قُرْبَ تَكْريتَ.
وحامِرٌ: ع على الفُراتِ، ووادٍ في طَرَفِ السماوَةِ، ووادٍ وراءَ يَبْرِينَ، ووادٍ لبني زُهَيْرِ بنِ جَنابٍ،
وع لِغَطَفانَ.
وأحْمَرَ: وُلِدَ له ولَدٌ أحْمَرُ،
وـ الدابَّةَ: عَلَفَها حتى تَغَيَّرَ فُوها.
وحَمَّرَهُ تَحْمِيراً: قال له: يا حِمارُ، وقَطَعَ كَهَيْئَةِ الهَبْرِ، وتَكَلَّمَ بالحِمْيَرِيَّةِ، كتَحَمْيَرَ، ودَخَلَ أعْرابِيٌّ على مَلِكٍ لِحِمْيَرَ، فقال له ـ وكان على مكانٍ عالٍ ـ ثِبْ، أي: اجْلِسْ بالحِمْيَرِيَّةِ، فوثَبَ الأَعْرابِيُّ، فَتَكَسَّرَ، فسألَ المَلِك عنه، فأخْبِرَ بلُغَةِ العَرَبِ، فقالَ: ليسَ عندنا عَرَبِيَّتْ، مَنْ دَخَلَ ظَفارِ حَمَّرَ، أي: فَلْيُحَمِّرْ.
والتَّحْمِيرُ أيضاً: دَبْغٌ رَدِيءٌ.
وتَحَمْيَرَ: ساءَ خُلُقُهُ.
واحْمَرَّ احْمِراراً: صارَ أحْمَرَ،
كاحْمارَّ،
وـ البأسُ: اشْتَدَّ.
والمُحْمِرُ: الناقةُ يَلْتَوِي في بَطْنها ولدُها، فلا يَخْرُجُ حتى تَمُوتَ.
والمُحَمِّرَةُ، مشدَّدةً: فِرْقَةٌ من الخُرَّمِيَّةِ يُخالِفونَ المُبَيِّضَةَ، واحِدُهُمْ: مُحَمِّرٌ.
وحِمْيَرٌ، كدِرْهَمٍ: ع غَربيَّ صَنْعاءِ اليَمنِ، وابنُ سَبَأ بنِ يَشْجُبَ: أبو قبيلةٍ. وخارِجَةُ بنُ حِمْيَرٍ: صحابِيٌّ، أو هو كتَصْغِيرِ حِمارٍ، أو هو بالجيمِ، وتقدَّمَ. وسَمَّوْا حِماراً وحُمْرانَ وحَمْراءَ وحُمَيْراءَ.
والحُمَيراءُ: ع قُرْبَ المدينةِ. ومُضَرُ الحَمْراءِ: لأَنَّهُ أُعْطِيَ الذَّهَبَ من ميراثِ أبيه، ورَبيعةُ أُعْطِيَ الخَيْلَ، أو لأَنَّ شعارَهُم كانَ في الحَرْبِ الرَّاياتِ الحُمْرَ.

الحُذْفُورُ

الحُذْفُورُ، كعُصفورٍ: الجانبُ،
كالحِذفارِ، والشريف، والجمعُ الكثيرُ.
وحَذْــفَرَهُ: مَلأَهُ.
وأخذهُ بحُذْفورهِ وبِحذفاره وبِحذافيره: بأَسْرِهِ، أو بجوانبهِ، أو بأعاليه.
والحذافيرُ: المُتَهَيِّؤُونَ للحربِ.
واشْدُدْ حَذافيركَ، أي: تهيأْ.

نهرُ الأمير

نهرُ الأمير:
بواسط، ينسب إلى العباس بن محمد بن
عليّ بن عبد الله بن العباس وهو قطيعة له، ويقال إلى عيسى بن عليّ بن عبد الله بن العباس. ونهر الأمير أيضا: بالبصرة حــفره المنصور ثم وهبه لابنه جعفر فكان يقال نهر أمير المؤمنين ثم نهر الأمير.

نهرُ ابنِ عُمَرَ

نهرُ ابنِ عُمَرَ:
نهر بالبصرة منسوب إلى عبد الله بن عمر بن عبد العزيز وهو أول من احتــفره، وذلك أنه لما قدم البصرة عاملا على العراق من قبل يزيد بن الوليد بن عبد الملك شكا إليه أهل البصرة ملوحة مائهم فكتب بذلك إلى يزيد بن الوليد فكتب إليه: إن بلغت النفقة على هذا النهر خراج العراق ما كان في أيدينا فأنفقه عليه، فحفر النهر المعروف بابن عمر.

شِبْدَازُ

شِبْدَازُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه ثمّ دال مهملة، وآخره زاي، ويقال شبديز، بالياء المثناة من تحت:
موضعان أحدهما قصر عظيم من أبنية المتوكّل بسرّ من رأى، والآخر منزل بين حلوان وقرميسين في لحف جبل بيستون سمي باسم فرس كان لكسرى، عن نصر، وقال مسعر بن المهلهل: وصورة شبديز على فرسخ من مدينة قرميسين، وهو رجل على فرس من حجر عليه درع لا يخرم كأنّه من الحديد يبين زرده والمسامير المسمرة في الزرد لا شك من نظر إليه يظن أنّه متحرّك، وهذه الصورة صورة أبرويز على فرسه شبديز وليس في الأرض صورة تشبهها، وفي الطاق الذي فيه هذه الصورة عدة صور من رجال ونساء ورجّالة وفرسان وبين يديه رجل في زيّ فاعل على رأسه قلنسوة وهو مشدود الوسط بيده بيل كأنّه يحفر به الأرض والماء يخرج من تحت رجليه، وقال أحمد بن محمد الهمذاني: ومن عجائب قرميسين وهي إحدى عجائب الدنيا صورة شبديز وهي في قرية يقال لها خاتان ومصوره قنطوس بن سنمّار، وسنمار هو الذي بنى الخورنق بالكوفة، وكان سبب صورته في هذه القرية أنّه كان أزكى الدواب وأعظمها خلقة وأظهرها خلقا وأصبرها على طول الركض، وكان ملك الهند أهداه إلى الملك أبرويز فكان لا يبول ولا يروث ما دام عليه سرجه ولجامه ولا ينخر ولا يزبد، وكانت استدارة حافره ستة أشبار، فاتفق أن شبديز اشتكى وزادت شكواه وعرف أبرويز ذلك وقال: لئن أخبرني أحد بموته لأقتلنه، فلمّا مات شبديز خاف صاحب خيله أن يسأله عنه فلا يجد بدّا من إخباره بموته فيقتله، فجاء إلى البهلبند مغنيه، ولم يكن فيما تقدّم من الأزمان ولا ما تأخر أحذق منه بالضرب بالعود والغناء، قالوا: كان لأبرويز ثلاث خصائص لم تكن لأحد من قبله:
فرسه شبديز وسريته شيرين ومغنيه بهلبند، وقال: اعلم أن شبديز قد نفق ومات وقد عرفت ما أوعد به الملك من أخبره بموته فاحتل لي حيلة ولك كذا وكذا، فوعده الحيلة، فلمّا حضر بين يدي الملك غناه غناء ورّى فيه عن القصة إلى أن فطن الملك وقال له:
ويحك مات شبديز! فقال: الملك يقوله، فقال له:
زه ما أحسن ما تخلصت وخلّصت غيرك! وجزع عليه جزعا عظيما فأمر قنطوس بن سنمّار بتصويره فصوّره على أحسن وأتمّ تمثال حتى لا يكاد يفرق بينهما إلّا بإدارة الروح في جسدهما، وجاء الملك ورآه فاستعبر باكيا عند تأمّله إيّاه وقال: لشدّ ما نعى إلينا أنفسنا هذا التمثال وذكّرنا ما نصير إليه من فساد حالنا، ولئن كان في الظاهر أمر من أمور الدنيا يدلّ على أمور الآخرة إن فيه لدليلا على الإقرار بموت جسدنا وانهدام بدننا وطموس صورتنا ودروس أثرنا للبلى الذي لا بدّ منه مع الإقرار بالتأثير الذي لا سبيل إليه أن يبقى من جمال صورتنا، وقد أحدث لنا وقوفنا على هذا التمثال ذكرا لما تصير إليه حالنا وتوهمنا وقوف الواقفين عليه بعدنا حتى كأننا بعضهم ومشاهدون لهم، قال: ومن عجائب هذا التمثال أنّه لم ير مثل صورته صورة ولم يقف عليه أحد منذ صوّر من أهل الفكر اللطيف والنظر الدقيق إلّا استراب بصورته وعجب منها، حتى لقد سمعت كثيرا من هذا الصنف يحلفون أو يقاربون اليمين أنّها ليست من صنعة العباد وأن لله تعالى خبيئة سوف يظهرها يوما، قال: وسمعت بعض فقهاء المعتزلة يقول لو أن رجلا خرج من فرغانة القصوى وآخر من سوس الأبعد قاصدين النظر إلى صورة شبديز ما عنفا على ذلك، قال: وأنت إذا فكّرت في أمر صورة
شبديز وجدتها كما ذكر هذا المعتزلي، فإن كان من صنعة الآدميين فقد أعطي هذا المصوّر ما لم يعط أحد من العالمين، فأي شيء أعجب أو أظرف أو أشد امتناعا من أنه سخرت له الحجارة كما يريد، ففي الموضع الذي يحتاج أن يكون أسود اسودّ وفي الموضع الذي يحتاج أن يكون أحمر احمرّ وكذلك سائر الألوان، والذي يظهر لي أن الأصباغ التي فيه معالجة بصنف من المعالجات، ثمّ صوّر شيرين جارية أبرويز أيضا قريبة من شبديز وصوّر نفسه أيضا راكبا فرسا لبيقا، وقد ذكر هذه القصة خالد الفيّاض في شعر قاله وهو:
والملك كسرى شهنشاه تقنّصه ... سهم بريش جناح الموت مقطوب
إذ كان لذّته شبديز يركبه، ... وغنج شيرين والدّيباج والطّيب
بالنّار آلى يمينا شدّ ما غلظت ... أن من بدا فنعى الشبديز مصلوب
حتى إذا أصبح الشبديز منجدلا، ... وكان ما مثله في الخيل مركوب
ناحت عليه من الأوتار أربعة ... بالفارسيّة نوحا فيه تطريب
ورنّم البهلبند الوتر فالتهبت ... من سحر راحته اليمنى شآبيب
فقال: مات! فقالوا: أنت فهت به ... فأصبح الحنث عنه وهو مجذوب
لولا البهلبند والأوتار تندبه ... لم يستطع نعي شبديز المرازيب
أخنى الزّمان عليهم فاجرهدّ بهم، ... فما يرى منهم إلّا الملاعيب
وقال أبو عمران الكسروي يذكره:
وهم نقروا شبديز في الصّخر عبرة، ... وراكبه برويز كالبدر طالع
عليه بهاء الملك والوفد عكّف ... يخال به فجر من الأفق ساطع
تلاحظه شيرين واللّحظ فاتن، ... وتعطو بكفّ حسّنتها الأشاجع
يدوم على كرّ الجديدين شخصه، ... ويلفى قويم الجسم واللون ناصع
واجتاز بعض الملوك هناك ونزل وشرب وأعجبه الموضع فاستدعى خلوقا وزعفرانا فخلّق وجه شبديز وشيرين والملك، فقال بعض الشعراء:
كاد شبديز أن يحمحم لمّا ... خلّق الوجه منه بالزّعفران
وكأنّ الهمام كسرى وشيري ... ن مع الشيخ موبذ الموبذان
من خلوق قد ضمّخوهم جميعا ... أصبحوا في مطارف الأرجوان
وقال ابن الفقيه: أنشدني أبو محمد العبدي الهمذاني لنفسه في صورة شبديز:
من ناظر معتبر أبصرت ... مقلته صورة شبديز
تأمّل الدّنيا وآثارها ... في ملك الدّنيا أبرويز
يوقن أنّ الدّهر لا يأتلي ... يلحق موطوءا بمهزوز
أبعد كسرى اعتاض من ملكه ... مخطّ رسم ثمّ مرموز
يغبط ذو ملك على عيشة ... رنق يعانيها بتوفيز
وقال آخر يذكر شبديز وأبرويز:
شبديز منحوت صخر بعد بهجته ... للناظرين، فلا جري ولا خبب
عليه برويز مثل البدر منتصبا ... للنّاظرين، فلا يجدي ولا يهب
وربّما فاض للعافين من يده ... سحائب، ودقها المرجان والذّهب
فلا تزال مدى الأيّام صورته ... تحنّ شوقا إليها العجم والعرب
قلت: وعندي أشعار وأراجيز اكتفيت منها بهذا القدر تجنّبا للإطالة.

قُزْدَارُ

قُزْدَارُ:
بالضم ثم السكون، ودال مهملة، وآخره راء: من نواحي الهند يقال لها قصدار أيضا، بينها وبين بست ثمانون فرسخا، وفي كتاب أبي علي التنوخي: حدثني أبو الحسن علي بن لطيف المتكلم على مذهب أبي هاشم قال: كنت مجتازا بناحية قزدار مما يلي سجستان ومكران وكان يسكنها الخليفة
من الخوارج وهي بلدهم ودارهم فانتهيت إلى قرية لهم وأنا عليل فرأيت قراح بطّيخ فابتعت واحدة فأكلتها فحممت في الحال ونمت بقيّة يومي وليلتي في قراح البطيخ ما عرض لي أحد بسوء، وكنت قبل ذلك دخلت القرية فرأيت خيّاطا شيخا في مسجد فسلّمت إليه رزمة ثيابي وقلت: تحفظها لي؟
فقال: دعها في المحراب، فتركتها ومضيت إلى القراح، فلما أتيت من الغد عدت إلى المسجد فوجدته مفتوحا ولم أر الخيّاط ووجدت الرزمة بشدّها في المحراب، فقلت: ما أجهل هذا الخيّاط! ترك ثيابي وحدها وخرج، ولم أشكّ في أنه قد حملها بالليل إلى بيته وردّها من الغد إلى المسجد، فجلست أفتحها وأخرج شيئا شيئا منها فإذا أنا بالخياط فقلت له: كيف خلّفت ثيابي؟ فقال: أفقدت منها شيئا؟
قلت: لا، قال: فما سؤالك؟ قلت: أحببت أن أعلم، فقال: تركتها البارحة في موضعها ومضيت إلى بيتي، فأقبلت أخاصمه وهو يضحك ثم قال:
أنتم قد تعوّدتم أخلاق الأراذل ونشأتم في بلاد الكفر التي فيها السرقة والخيانة وهذا لا نعرفه ههنا، لو بقيت ثيابك مكانها إلى أن تبلى ما أخذها غيرك، ولو مضيت إلى المشرق والمغرب ثم عدت لوجدتها مكانها، فإنّا لا نعرف لصّا ولا فسادا ولا شيئا مما عندكم ولكن ربما لحقنا في السنين الكثيرة شيء من هذا فنعلم أنه من جهة غريب قد اجتاز بنا فنركب وراءه فلا يفوتنا فندركه ونقتله إما نتأول عليه بكــفره وسعيه في الأرض بالفساد فنقتله أو نقطّعه كما نقطّع السّرّاق عندنا من المرفق فلا نرى شيئا من هذا، قال: وسألت عن سيرة أهل البلد بعد ذلك فإذا الأمر على ما ذكره فإذا هم لا يغلقون أبوابهم بالليل وليس لأكثرهم أبواب وإنما شيء يردّ الوحش والكلاب.

شِلْجُ

شِلْجُ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه: قرية قرب عكبراء، قرأت في كتاب أخبار القاضي أبي بكر محمد بن عبد الرحمن بن قريعة الذي ألفه أبو الفرج محمد بن محمد بن سهل الشلجي من هذه القرية قال:
قال لي القاضي يوما يا أبا الفرج الشّلجيّ بودّي أنك من الصلح المشتق اسمها من الصلاح فإن الشلج على ما عرفناه مشتق من أسماء رهبان يلحدون وأعراب يفسدون، قال: وكان عزّ الدولة قد خرج والقاضي معه إلى سرّ من رأى للتصيّد، واتفق أن نزل بقرب الشلج، وهي على شاطئ دجلة، وكان فيها مما يتصل بكروم قرداباذ حانات كثيرة، فلما ورد لقيني وجرى حديث فقال: كنت أمشي مع أبي علي الضّحاك في الدار المعزّيّة، وبختيار ينزلها، بابن أبي جعفر الشلجي فقلت: حفظكما الله قد رأيت قريتك بئس الموطن لقاطنيه والمنزل لوارديه، ولقد رأيت بها دورا ظننتها لسعة الذرع أقرحة الزرع فقدرتها دور قوم جلّة من أهل الملة، فسألت عنها فقيل إنها موطن قوم من أهل الذمّة صنّاع الخبث جعلوها خزائن للمسكر، فصرفت وجهي كالمنكر، قاتلها الله من قرية! لقد كان الأمير عزّ الدولة جالسا في دار تخيّلتها عرصة من عراص السور وقد نفخ في الصور فقامت ظروف الخبث بدل الأموات من القبور، ولقد أصاب أبو جعفر شيخك تولاه الله في الانتقال عنها وإبعادك منها، ولقد ذكرها المعتمد على الله في شعر له فقال:
يا طول ليلي بغية الصبح ... أتبعت حسراتي بالربج
لهفي على دهر لنا قد مضى ... بالعلث والقاطول والشلج
فالدير بالعلث فرهــبانه ... من الشعانين إلى الدبج
هكذا أكثر شعر المعتمد فلا نعتني في إصلاحه، وقد نسب إلى الشلج غير أبي الفرج ابنه أبو القاسم آدم ابن محمد بن الهيثم بن نوبة الشلجي العكبري المعدل، سمع أحمد بن سليمان النجاد وابن قانع وغيرهما، روى عنه أبو طاهر أحمد بن محمد بن الحسين الخفّاف وغيره، توفي بعكبراء سنة 401.

الطَّفُّ

الطَّفُّ:
بالفتح، والفاء مشددة، وهو في اللغة ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق، قال الأصمعي: وإنما سمي طفّا لأنه دان من الريف،
من قولهم: خذ ما طفّ لك واستطفّ أي ما دنا وأمكن، وقال أبو سعيد: سمي الطف لأنه مشرف على العراق من أطفّ على الشيء بمعنى أطلّ، والطف:
طف الفرات أي الشاطئ، والطف: أرض من ضاحية الكوفة في طريق البرية فيها كان مقتل الحسين ابن علي، رضي الله عنه، وهي أرض بادية قريبة من الريف فيها عدة عيون ماء جارية، منها: الصيد والقطقطانة والرّهيمة وعين جمل وذواتها، وهي عيون كانت للموكلين بالمسالح التي كانت وراء خندق سابور الذي حــفره بينه وبين العرب وغيرهم، وذلك أن سابور أقطعهم أرضها يعتملونها من غير أن يلزمهم خراجا، فلما كان يوم ذي قار ونصر الله العرب بنبيه، صلّى الله عليه وسلّم، غلبت العرب على طائفة من تلك العيون وبقي بعضها في أيدي الأعاجم، ثم لما قدم المسلمون الحيرة وهربت الأعاجم بعد ما طمّت عامة ما كان في أيديها منها وبقي ما في أيدي العرب فأسلموا عليه وصار ما عمروه من الأرض عشرا، ولما انقضى أمر القادسية والمدائن وقع ما جلا عنه الأعاجم من أرض تلك العيون إلى المسلمين وأقطعوه فصارت عشرية أيضا، وقال الأقيشر الأسدي من قصيدة:
انّي يذكّرني هندا وجارتها ... بالطفّ صوت حمامات على نيق
بنات ماء معا بيض جآجئها، ... حمر مناقرها صفر الحماليق
أيدي السّقاة بهن الدهر معملة، ... كأنما لونها رجع المخاريق
أفنى تلادي وما جمّعت من نشب ... قرع القواقيز أفواه الأباريق
وكان مجرى عيون الطفّ وأعراضها مجرى أعراض المدينة وقرى نجد، وكانت صدقتها إلى عمال المدينة، فلما ولي إسحاق بن إبراهيم بن مصعد السواد للمتوكل ضمها إلى ما في يده فتولى عماله عشرها وصيّرها سواديّة، فهي على ذلك إلى اليوم، ثم استخرجت فيها عيون إسلامية يجري ما عمر بها من الأرضين هذا المجرى، قالوا: وسميت عين جمل لأن جملا مات عندها في حدثان استخراجها فسمّيت بذلك، وقيل: إن المستخرج لها كان يقال له جمل، وسميت عين الصيد لكثرة السمك الذي كان بها، قال أبو دهبل الجمحي يرثي الحسين بن علي، رضي الله عنه، ومن قتل معه بالطفّ:
مررت على أبيات آل محمد، ... فلم أرها أمثالها يوم حلّت
فلا يبعد الله الديار وأهلها، ... وإن أصبحت منهم برغمي تخلّت
ألا إنّ قتلى الطفّ من آل هاشم ... أذلّت رقاب المسلمين فذلّت
وكانوا غياثا ثم أضحوا رزيّة، ... ألا عظمت تلك الرزايا وجلّت!
وجا فارس الأشقين بعد برأسه ... وقد نهلت منه الرماح وعلّت
وقال أيضا:
تبيت سكارى من أميّة نوّما، ... وبالطفّ قتلى ما ينام حميمها
وما أفسد الإسلام إلا عصابة ... تأمّر نوكاها فدام نعيمها
فصارت قناة الدين في كفّ ظالم، ... إذا اعوجّ منها جانب لا يقيمها

العُرْشُ

العُرْشُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وآخره شين معجمة، وقد يضم ثانيه، وهو جمع عريش، وهي مظالّ تسوّى من جريد النخل ويطرح فوقها الثمام، ثم تجمع عروشا جمع الجمع، وقيل: العرش اسم لمكة نفسها، والظاهر أن مكة سميت بذلك لكثرة العرش بها، ومنه حديث عمر: أنه كان يقطع التلبية إذا نظر إلى عرش مكة، يعني بيوت أهل الحاجة منهم، ومنه حديث سعد: تمتعنا مع رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، ومعاوية كافر بالعرش، يعني وهو مقيم بعرش مكة، وهي بيوتها، في حال كــفره، والعرش: مدينة باليمن على الساحل.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.