قال الجميح:
إذا حللت بجودات ودارتها، ... وحال دوني من حواء عرنــين،
عرفتم أن حقي غير منتزع، ... وأن سلمكم سلم لها حين
سعر: السِّعْرُ: الذي يَقُومُ عليه الثَّمَنُ، وجمعه أَسْعَارٌ وقد
أَسْعَرُوا وسَعَّرُوا بمعنى واحد: اتفقوا على سِعْرٍ. وفي الحديث: أَنه قيل
للنبي، صلى الله عليه وسلم: سَعِّرْ لنا، فقال: إِن الله هو المُسَعِّرُ؛
أَي أَنه هو الذي يُرْخِصُ الأَشياءَ ويُغْلِيها فلا اعتراض لأَحد عليه،
ولذلك لا يجوز التسعير. والتَّسْعِيرُ: تقدير السِّعْرِ.
وسَعَرَ النار والحرب يَسْعَرُهما سَعْراً وأَسْعَرَهُما وسَعَّرَهُما:
أَوقدهما وهَيَّجَهُما. واسْتَعَرَتْ وتَسَعَّرَتْ: استوقدت. ونار
سَعِيرٌ: مَسْعُورَةٌ، بغير هاء؛ عن اللحياني. وقرئ: وإِذا الجحيم سُعِّرَتْ،
وسُعِرَتْ أَيضاً، والتشديد للمبالغة. وقوله تعالى: وكفى بجهنم سعيراً؛
قال الأَخفش: هو مثل دَهِينٍ وصَريعٍ لأَنك تقول سُعِرَتْ فهي
مَسْعُورَةٌ؛ ومنه قوله تعالى: فسُحْقاً لأَصحاب السعير؛ أَي بُعْداً لأَصحاب
النار.ويقال للرجل إِذا ضربته السَّمُوم فاسْتَعَرَ جَوْفُه: به سُعارٌ.
وسُعارُ العَطَشِ: التهابُه. والسَّعِيرُ والسَّاعُورَةُ: النار، وقيل: لهبها.
والسُّعارُ والسُّعْرُ: حرها. والمِسْشَرُ والمِسْعارُ: ما سُعِرَتْ به.
ويقال لما تحرك به النار من حديد أَو خشب: مِسْعَرٌ ومِسْعَارٌ، ويجمعان
على مَسَاعِيرَ ومساعر. ومِسْعَرُ الحرب: مُوقِدُها. يقال: رجل مِسْعَرُ
حَرْبٍ إِذا كان يُؤَرِّثُها أَي تحمى به الحرب. وفي حديث أَبي بَصِير:
وَيْلُمِّهِ مِسْعَرُ حَرْبٍ لو كان له أَصحاب؛ يصفه بالمبالغة في الحرب
والنَّجْدَةِ. ومنه حديث خَيْفان: وأَما هذا الحَيُّ مِن هَمْدَانَ
فَأَنْجَادٌ بُسْلٌ مَسَاعِيرُ غَيْرُ عُزْلٍ.
والسَّاعُور: كهيئة التَّنُّور يحفر في الأَرض ويختبز فيه. ورَمْيٌ
سَعْرٌ: يُلْهِبُ المَوْتَ، وقيل: يُلْقِي قطعة من اللحم إِذا ضربه.
وسَــعَرْنــاهُمْ بالنَّبْلِ: أَحرقناهم وأَمضضناهم. ويقال: ضَرْبٌ هَبْرٌ
وطَعْنٌ نَثْرٌ ورَمْيٌ سَعْرٌ مأْخوذ من سَعَرْتُ النارَ والحربَ إِذا
هَيَّجْتَهُما. وفي حديث علي، رضي الله عنه، يحث أَصحابه: اضْرِبُوا
هَبْراً وارْموا سَعْراً أَي رَمْياً سريعاً، شبهه باستعار النار. وفي حديث
عائشة، رضي الله عنها: كان لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وَحْشٌ فإِذا
خرج من البيت أَسْــعَرَنــا قَفْزاً أَي أَلْهَبَنَا وآذانا. والسُّعارُ: حر
النار. وسَعَرَ اللَّيْلَ بالمَطِيِّ سَعْراً: قطعه. وسَعَرْتُ اليومَ في
حاجتي سَعْرَةً أَي طُفْتُ. ابن السكيت: وسَعَرَتِ الناقةُ إِذا أَسرعت
في سيرها، فهي سَعُورٌ.
وقال أَبو عبيدة في كتاب الخيل: فرس مِسْعَرٌ ومُساعِرٌ، وهو الذي يُطيح
قوائمه متفرقةً ولا صَبْرَ لَهُ، وقيل: وَثَبَ مُجْتَمِعَ القوائم.
والسَّعَرَانُ: شدة العَدْو، والجَمَزَانُ: من الجَمْزِ، والفَلَتانُ:
النَّشِيطُ. وسَعَرَ القوم شَرّاً وأَسْعَرَهم وسَعَّرَهم: عَمَّهُمْ به، على
المثل، وقال الجوهري: لا يقال أَسعرهم. وفي حديث السقيفة: ولا ينام الناسُ
من سُعَارِه أَي من شره.
وفي حديث عمر: أَنه أَراد أَن يدخل الشام وهو يَسْتَعِرُ طاعوناً؛
اسْتَعارَ اسْتِعارَ النار لشدة الطاعون يريد كثرته وشدَّة تأْثيره، وكذلك
يقال في كل أَمر شديد، وطاعوناً منصوب على التمييز، كقوله تعالى: واشتعل
الرأْس شيباً. واسْتَعَرَ اللصوصُ: اشْتَعَلُوا.
والسُّعْرَةُ والسَّعَرُ: لون يضرب إِلى السواد فُوَيْقَ الأُدْمَةِ؛
ورجل أَسْعَرُ وامرأَة سَعْرَاءُ؛ قال العجاج:
أَسْعَرَ ضَرْباً أَو طُوالاً هِجْرَعا
يقال: سَعِرَ فلانٌ يَسْعَرُ سَعَراً، فهو أَسْعَرُ، وسُعِرَ الرجلُ
سُعَاراً، فهو مَسْعُورٌ: ضربته السَّمُوم. والسُّعَارُ: شدّة الجوع. وسُعار
الجوع: لهيبه؛ أَنشد ابن الأَعرابي لشاعر يهجو رجلاً:
تُسَمِّنُها بِأَخْثَرِ حَلْبَتَيْها،
وَمَوْلاكَ الأَحَمُّ لَهُ سُعَارُ
وصفه بتغزير حلائبه وكَسْعِهِ ضُرُوعَها بالماء البارد ليرتدّ لبنها
ليبقى لها طِرْقُها في حال جوع ابن عمه الأَقرب منه؛ والأَحم: الأَدنى
الأَقرب، والحميم: القريب القرابة.
ويقال: سُعِرَ الرجلُ، فهو مسعور إِذا اشْتَدَّ جوعه وعطشه. والسعْرُ:
شهوة مع جوع. والسُّعْرُ والسُّعُرُ: الجنون، وبه فسر الفارسي قوله تعالى:
إِن المجرمين في ضلال وسُعُرٍ، قال: لأَنهم إِذا كانوا في النار لم
يكونوا في ضلال لأَنه قد كشف لهم، وإِنما وصف حالهم في الدنيا؛ يذهب إِلى أَن
السُّعُرَ هنا ليس جمع سعير الذي هو النار. وناقة مسعورة: كأَن بها
جنوناً من سرعتها، كما قيل لها هَوْجَاءُ. وفي التنزيل حكايةً عن قوم صالح:
أَبَشَراً منَّا واحداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لفي ضلال وسُعُرٍ؛ معناه
إِنا إِذاً لفي ضلال وجنون، وقال الفراء: هو العَنَاءُ والعذاب، وقال
ابن عرفة: أَي في أَمر يُسْــعِرُنــا أَي يُلْهِبُنَا؛ قال الأَزهري: ويجوز
أَن يكون معناه إِنا إِن اتبعناه وأَطعناه فنحن في ضلال وفي عذاب مما
يلزمنا؛ قال: وإِلى هذا مال الفراء؛ وقول الشاعر:
وسَامَى بها عُنُقٌ مِسْعَرُ
قال الأَصمعي: المِسْعَرُ الشديد. أَبو عمرو: المِسْعَرُ الطويل.
ومَسَاعِرُ البعير: آباطله وأَرفاغه حيث يَسْتَعِرُ فيه الجَرَبُ؛ ومنه قول ذي
الرمة:
قَرِيعُ هِجَانٍ دُسَّ منه المَساعِرُ
والواحدُ مَسْعَرٌ. واسْتَعَرَ فيه الجَرَبُ: ظهر منه بمساعره.
ومَسْعَرُ البعير: مُسْتَدَقُّ ذَنَبِه.
والسِّعْرَارَةُ والسّعْرُورَةُ: شعاع الشمس الداخلُ من كَوَّةِ البيت،
وهو أَيضاً الصُّبْحُ، قال الأَزهري: هو ما تردّد في الضوء الساقط في
البيت من الشمس، وهو الهباء المنبث. ابن الأَعرابي: السُّعَيْرَةُ تصغير
السِّعْرَةِ، وهي السعالُ الحادُّ. ويقال هذا سَعْرَةُ الأَمر وسَرْحَتُه
وفَوْعَتُه: لأَوَّلِهِ وحِدَّتِهِ. أَبو يوسف: اسْتَعَرَ الناسُ في كل وجه
واسْتَنْجَوا إِذا أَكلوا الرُّطب وأَصابوه؛ والسَّعِيرُ في قول
رُشَيْدِ ابن رُمَيْضٍ العَنَزِيِّ:
حلفتُ بمائراتٍ حَوْلَ عَوْضٍ،
وأَنصابٍ تُرِكْنَ لَدَى السَّعِيرِ
قال ابن الكلبي: هو اسم صنم كان لعنزة خاصة، وقيل: عَوض صنم لبكر بن
وائل والمائرات: هي دماء الذبائح حول الأَصنام.
وسِعْرٌ وسُعَيْرٌ ومِسْعَرٌ وسَعْرَانُ: أَسماء، ومِسْعَرُ بن كِدَامٍ
المحدّث: جعله أَصحاب الحديث مَسعر، بالفتح، للتفاؤل؛ والأَسْعَرُ
الجُعْفِيُّ: سمي بذلك لقوله:
فلا تَدْعُني الأَقْوَامُ من آلِ مالِكٍ،
إِذا أَنا أَسْعَرْ عليهم وأُثْقِب
واليَسْتَعُورُ الذي في شِعْرِ عُرْوَةَ: موضع، ويقال شَجَرٌ.
رعن: الأَرْعَنُ: الأَهْوَجُ في منطقة المُسْتَرْخي. والرُّعُونة:
الحُمْقُ والاسْتِرْخاء. رجل أَرْعَنُ وامرأَة رَعْناء بَيِّنا الرُّعُونة
والرَّعَن أَيضاً، وما أَرْعَنه، وقد رَعُن، بالضم، يَرْعُن رُعُونة
ورَعَناً. وقوله تعالى:لا تقولوا راعِنا وقولوا انْظُرْنا؛ قيل:هي كلمة كانوا
يذهبون بها إلى سَبِّ النبي، صلى الله عليه وسلم، اشْتَقْوه من الرُّعُونة؛
قال ثعلب: إنما نهى الله تعالى عن ذلك لأَن اليهود كانت تقول للنبي، صلى
الله عليه وسلم، راعنا أَو راعونا، وهو من كلامهم سَبٌّ، فأَنزل الله
تعالى:لا تقولوا راعنا وقولوا مكانها انْظُرنا؛ قال ابن سيده: وعندي أَن في
لغة اليهود راعُونا على هذه الصيغة، يريدون الرُّعُونة أَو الأَرْعَن،
وقد قدَّمت أَن راعُونا فاعِلُونا من قولك أَرْعِنِي سَمْعَك. وقرأَ
الحسن:لا تقولوا راعِناً، بالتنوين؛ قال ثعلب: معناه لا تقولوا كَذِباً
وسُخْريّاً وحُمْقاً، والذي عليه القراءة راعنا، غير منوَّن؛ قال الأَزهري: قيل
في راعنا غير منوَّن ثلاثة أَقوال، ذكر أَنه يفسرها في المعتل عند ذكر
المراعاة وما يشتق منها، وهو أَحق به من ههنا، وقيل: إن راعنا كلمة كانت
تُجْرَى مُجْرَى الهُزءِ، فنهي المسلمون أَن يلفظوا بها بحضرة النبي، صلى
الله عليه وسلم، وذلك أَن اليهود لعنهم الله كانوا اغتنموها فكانوا يسبون
بها النبي، صلى الله عليه وسلم، في نفوسهم ويتسترون من ذلك بظاهر
المُراعاة منها، فأُمروا أَن يخاطبوه بالتعزيز والتوقفير، وقيل لهم: لا تقولوا
راعنا، كما يقول بعضكم لبعض، وقولوا انظرنا. والرَّعَنُ: الاسترخاء.
ورَعَنُ الرحلِ: استرخاؤه إذا لم يحكم شدّه؛ قال خِطَامٌ المُجاشِعيّ، ووجد
بخط النيسابوري أَنه للأَغْلَب العِجْلي:
إنا على التَّشواقِ مِنَّا والحَزَنْ
مما نَمُدُّ للمَطِيِّ المُسْتَفِنْ
نسُوقُها سَنّاً، وبعضُ السَّوْقِ سَنّ،
حتى تَراها وكأَنَّ وكأَنْ
أَعْناقها مَلَزَّزاتٌ في قَرَنْ،
حتى إذا قَضَّوْا لُباناتِ الشجَنْ
وكلَّ حاجٍ لفُلانٍ أَو لِهَنْ،
قاموا فشَدُّوها لما يُشقي الأَرِنْ
ورَحَلُوها رِحْلَةً فيها رَعَنْ،
حتى أَنَخْناها إلى مَنٍّ وَمَنْ.
قوله: رحلة فيها رَعَنٌ أَي استرخاءٌ
لم يحكم شدّها من الخوف والعجلة. ورعنته الشمسُ: آلمت دماغه فاسترخى
لذلك وغُشِيَ عليه. ورُعِنَ الرجلُ، فهو مَرْعُون إذا غُشِيَ عليه؛ وأَنشد:
باكَرَهُ قانِصٌ يَسْعَى بأَكْلُبِه،
كأَن من أُوارِ الشمسِ مَرْعونُ.
أَي مَغْشِيٌّ عليه؛ قال ابن بري: الصحيح في إنشاده مَمْلُول عوضاً عن
مَرْعُون، وكذا هو في شعر عَبْدة بن الطبيب. والرَّعنُ: الأَنف العظيم من
الجبل تراه مُتَقَدِّماً، وقيل: الرَّعْنُ أَنف يتقدم الجبل، والجمع
رِعانٌ ورُعُون، ومنه قيل للجيش العظيم أَرْعَنُ. وجيش أَرْعَنُ: له فُضول
كرِعانِ الجبال، شبه بالرَّعْن من الجبل. ويقال: الجيشُ الأَرْعَنُ هو
المضطرب لكثرته؛ وقد جعل الطِّرِمّاحُ ظلمةَ الليل رَعُوناً، شبهها بجبل من
الظلام في قوله يصف ناقة تَشُقُّ به ظلمةَ الليل:
تَشُقُّ مُغَمِّضاتِ الليلِ عنها،
إذا طَرَقَتْ بمِرْداسٍ رَعُونِ
ومغمضات الليل: دَياجير ظُلَمِها. بمرداس رَعُونٍ: بجبل من الظلام عظيم،
وقيل: الرَّعُون الكثيرة الحركة. وجبل رَعْنٌ: طويل؛ قال رؤبة:
يَعْدِلُ عنه رَعْنُ كل صُدِّ.
وقال الليث: الرَّعْنُ من الجبال ليس بطويل، وجمعه رُعُون. والرَّعْناء:
البَصْرة، قال: وسميت البصرة رَعْناء تشبيهاً برَعْنِ الجبل؛ قال
الفرزدق:
لولا أَبو مالِكِ المَرْجُوُّ نائِلُه،
ما كانت البصرةُ الرَّعْناء لي وَطنا.
ورُعَيْنٌ: اسم جبل باليمن فيه حصن. وذو رُعَيْن: ملك ينسب إلى ذلك
الجبل؛ قال الجوهري: ذو رُعَين ملك من ملوك حِمْيَر، ورُعَيْن حصن له، وهو من
ولد الحرث بن عمرو بن حِمْيَر بن سبَإ وهم آلُ ذي رُعَيْن وشَعْبُ ذي
رُعَيْن؛ قال الراجز:
جاريةٌ من شَعْبِ ذي رُعَيْنِ،
حَيّاكةٌ تَمْشِي بعُلْطَتَيْنِ.
والرَّعْناء: عنب بالطائف أَبيض طويل الحب. ورُعَين: قبيلة. والرَّعْن:
موضع؛ قال:
غَداةَ الرَّعْنِ والخَرْقاءِ نَدْعُو،
وصَرَّحَ باطلُ الظَّنِّ الكذوبِ
خَرْقاء: موضع أَيضاً. وفي حديث ابن جُبَير في قوله عزَّ وجل: أَخْلَدَ
إلى الأَرض؛ أَي رَغَنَ. يقال: رَغَنَ إليه وأَرْغَنَ إذا مال إليه
ورَكَنَ؛ قال الخَطَّابي: الذي جاءَ في الرواية بالعين المهملة، وهو غلط.
رعن: الأَرْعَنُ: الأَهْوَجُ في منطقة المُسْتَرْخي. والرُّعُونة:
الحُمْقُ والاسْتِرْخاء. رجل أَرْعَنُ وامرأَة رَعْناء بَيِّنا الرُّعُونة
والرَّعَن أَيضاً، وما أَرْعَنه، وقد رَعُن، بالضم، يَرْعُن رُعُونة
ورَعَناً. وقوله تعالى:لا تقولوا راعِنا وقولوا انْظُرْنا؛ قيل:هي كلمة كانوا
يذهبون بها إلى سَبِّ النبي، صلى الله عليه وسلم، اشْتَقْوه من الرُّعُونة؛
قال ثعلب: إنما نهى الله تعالى عن ذلك لأَن اليهود كانت تقول للنبي، صلى
الله عليه وسلم، راعنا أَو راعونا، وهو من كلامهم سَبٌّ، فأَنزل الله
تعالى:لا تقولوا راعنا وقولوا مكانها انْظُرنا؛ قال ابن سيده: وعندي أَن في
لغة اليهود راعُونا على هذه الصيغة، يريدون الرُّعُونة أَو الأَرْعَن،
وقد قدَّمت أَن راعُونا فاعِلُونا من قولك أَرْعِنِي سَمْعَك. وقرأَ
الحسن:لا تقولوا راعِناً، بالتنوين؛ قال ثعلب: معناه لا تقولوا كَذِباً
وسُخْريّاً وحُمْقاً، والذي عليه القراءة راعنا، غير منوَّن؛ قال الأَزهري: قيل
في راعنا غير منوَّن ثلاثة أَقوال، ذكر أَنه يفسرها في المعتل عند ذكر
المراعاة وما يشتق منها، وهو أَحق به من ههنا، وقيل: إن راعنا كلمة كانت
تُجْرَى مُجْرَى الهُزءِ، فنهي المسلمون أَن يلفظوا بها بحضرة النبي، صلى
الله عليه وسلم، وذلك أَن اليهود لعنهم الله كانوا اغتنموها فكانوا يسبون
بها النبي، صلى الله عليه وسلم، في نفوسهم ويتسترون من ذلك بظاهر
المُراعاة منها، فأُمروا أَن يخاطبوه بالتعزيز والتوقفير، وقيل لهم: لا تقولوا
راعنا، كما يقول بعضكم لبعض، وقولوا انظرنا. والرَّعَنُ: الاسترخاء.
ورَعَنُ الرحلِ: استرخاؤه إذا لم يحكم شدّه؛ قال خِطَامٌ المُجاشِعيّ، ووجد
بخط النيسابوري أَنه للأَغْلَب العِجْلي:
إنا على التَّشواقِ مِنَّا والحَزَنْ
مما نَمُدُّ للمَطِيِّ المُسْتَفِنْ
نسُوقُها سَنّاً، وبعضُ السَّوْقِ سَنّ،
حتى تَراها وكأَنَّ وكأَنْ
أَعْناقها مَلَزَّزاتٌ في قَرَنْ،
حتى إذا قَضَّوْا لُباناتِ الشجَنْ
وكلَّ حاجٍ لفُلانٍ أَو لِهَنْ،
قاموا فشَدُّوها لما يُشقي الأَرِنْ
ورَحَلُوها رِحْلَةً فيها رَعَنْ،
حتى أَنَخْناها إلى مَنٍّ وَمَنْ.
قوله: رحلة فيها رَعَنٌ أَي استرخاءٌ
لم يحكم شدّها من الخوف والعجلة. ورعنته الشمسُ: آلمت دماغه فاسترخى
لذلك وغُشِيَ عليه. ورُعِنَ الرجلُ، فهو مَرْعُون إذا غُشِيَ عليه؛ وأَنشد:
باكَرَهُ قانِصٌ يَسْعَى بأَكْلُبِه،
كأَن من أُوارِ الشمسِ مَرْعونُ.
أَي مَغْشِيٌّ عليه؛ قال ابن بري: الصحيح في إنشاده مَمْلُول عوضاً عن
مَرْعُون، وكذا هو في شعر عَبْدة بن الطبيب. والرَّعنُ: الأَنف العظيم من
الجبل تراه مُتَقَدِّماً، وقيل: الرَّعْنُ أَنف يتقدم الجبل، والجمع
رِعانٌ ورُعُون، ومنه قيل للجيش العظيم أَرْعَنُ. وجيش أَرْعَنُ: له فُضول
كرِعانِ الجبال، شبه بالرَّعْن من الجبل. ويقال: الجيشُ الأَرْعَنُ هو
المضطرب لكثرته؛ وقد جعل الطِّرِمّاحُ ظلمةَ الليل رَعُوناً، شبهها بجبل من
الظلام في قوله يصف ناقة تَشُقُّ به ظلمةَ الليل:
تَشُقُّ مُغَمِّضاتِ الليلِ عنها،
إذا طَرَقَتْ بمِرْداسٍ رَعُونِ
ومغمضات الليل: دَياجير ظُلَمِها. بمرداس رَعُونٍ: بجبل من الظلام عظيم،
وقيل: الرَّعُون الكثيرة الحركة. وجبل رَعْنٌ: طويل؛ قال رؤبة:
يَعْدِلُ عنه رَعْنُ كل صُدِّ.
وقال الليث: الرَّعْنُ من الجبال ليس بطويل، وجمعه رُعُون. والرَّعْناء:
البَصْرة، قال: وسميت البصرة رَعْناء تشبيهاً برَعْنِ الجبل؛ قال
الفرزدق:
لولا أَبو مالِكِ المَرْجُوُّ نائِلُه،
ما كانت البصرةُ الرَّعْناء لي وَطنا.
ورُعَيْنٌ: اسم جبل باليمن فيه حصن. وذو رُعَيْن: ملك ينسب إلى ذلك
الجبل؛ قال الجوهري: ذو رُعَين ملك من ملوك حِمْيَر، ورُعَيْن حصن له، وهو من
ولد الحرث بن عمرو بن حِمْيَر بن سبَإ وهم آلُ ذي رُعَيْن وشَعْبُ ذي
رُعَيْن؛ قال الراجز:
جاريةٌ من شَعْبِ ذي رُعَيْنِ،
حَيّاكةٌ تَمْشِي بعُلْطَتَيْنِ.
والرَّعْناء: عنب بالطائف أَبيض طويل الحب. ورُعَين: قبيلة. والرَّعْن:
موضع؛ قال:
غَداةَ الرَّعْنِ والخَرْقاءِ نَدْعُو،
وصَرَّحَ باطلُ الظَّنِّ الكذوبِ
خَرْقاء: موضع أَيضاً. وفي حديث ابن جُبَير في قوله عزَّ وجل: أَخْلَدَ
إلى الأَرض؛ أَي رَغَنَ. يقال: رَغَنَ إليه وأَرْغَنَ إذا مال إليه
ورَكَنَ؛ قال الخَطَّابي: الذي جاءَ في الرواية بالعين المهملة، وهو غلط.
سرهد: المُسَرْهَد: المُنَعَّم المُغَذَّى. وامرأَة مُسِرْهَدة: سمينة
مصنوعة وكذلك الرجل. وسنَام مُسَرْهَدٌ: مقطع قطعاً، وقيل: سنام مُسَرهد
أَي سمين. وماء سَرْهد أَي كثير.
وسَرهدت الصبيَّ سَرْهَدَة: أَحسنت غذاءه والمُسَرْهَدُ: الحسنُ
الغِذاء، وربما قيل لشحم السنام سَرْهَد.
عرك: عَرَكَ الأدِيمَ وغيره يَعْرُكه عَرْكاً: دَلَكَه دَلْكاً.
وعَرَكْتُ القوم في الحرب عَرْكاً، وعَرَك بجنبه ما كان من صاحبه يَعْرُكه: كأنه
حكه حتى عَفَّاه، وهو من ذلك. وفي الأَخبار: أَن ابن عباس قال
للحُطَيئة: هلاً عَرَكْتَ بجَنْبك ما كان من الزِّبْرِقانِ؛ قال:
إذا أَنتَ لم تَعْرُكْ بجَنْبك بعضَ ما
يَرِيبُ من الأَدْنَى، رماك الأَباعِدُ
وأَنشد ابن الأَعرابي:
العَارِكِينَ مَظَالِمِي بجُنُوبِهم،
والمُلْبِسِيَّ، فثَوْبُهم ليَ أَوْسَعُ
أَي خيرهم عليَّ ضافٍ. وعَرَكه الدَّهْر: حَنَّكه. وعَرَكَتْهم الحربُ
تَعْرُكهم عَرْكاً: دارت عليهم، وكلاهما على المَثل؛ قال زهير:
فتعْرُكُكم عَرْكَ الرَّحَى بِثفَالِها،
وتَلْقَحْ كِشافاً ثم تَحْمِلْ فتُتْئِمِ
(* في ديوان زهير: تُنتَج بدل تحمِل.
الثِّفَالُ: الجلدة تجعل حول الرحى تمسك الدقيق، والعُراكة والعُلالة
والدُّلاكة: ما حلبتَ قبل الفِيقَةِ الأُولى وقبل أَن تجتمع الفِيقَةُ
الثانية.
والمَعْرَكة والمَعْرُكة، بفتح الراء وضمها: موضع القتال الذي
يَعْتَرِكون فيه إذا الْتَقَوْا، والجمع مَعَارِك. وفي حديث ذمّ السوق: فإنها
مَعْركة الشيطان وبها ينصب رايته؛ قال ابن الأثير: المَعْرَكة والمُعْتَرك
موضع القتال أَي مَوْطن الشيطان ومحله الذي يأوي إليه ويكثر منه لما يجري
فيه من الحرام والكذب والرِّبا والغَصْب، ولذلك قال وبها ينصب رايته،
كناية عن قوة طمعه في إغوائهم لأن الرايات في الحروب لاتنصب إلاّ مع قوَّة
الطمع في الغلبة، وإلاَّ فهي مع اليأس تُحَطُّ ولا ترفع. والمُعارَكة:
القتال: والمُعْتَرك: موضع الحرب، وكذلك المَعْرَك.
وعارَكهُ مُعارَكة وعِراكاً: قاتَله، وبه سُمِّيَ الرجل مُعاركاً.
ومُعْتَرَكُ المَنايا: ما بين الستين إلى السبعين.
واعْترَك القوم في المَعْرَكة والخصومة: اعْتَلَجُوا. واعْتِراك الرجال
في الحروب: ازدحامهم وعَرْك بعضهم بعضاً. واعْتَرَك القومُ: ازْدَحموا،
وقيل: ازدحموا في المُعْتَرَك.
والعِراكُ: ازدحام الإبل على الماء. واعْتَركت الإبل في الوِرد: ازدحمت.
وماءٌ مَعْروكٌ أَي مُزْدَحم عليه. قال سيبويه: وقالوا أَرْسَلَها
العِراكَ أَي أَوردها جميعاً الماء، أَدخلوا الألف واللام على المصدر الذي في
موضع الحال كأنه قال اعْتِراكاً أَي مُعْتَرِكةً؛ وأَنشد قول لبيد يصف
الحمار والأُتن.
فأَرْسَلَها العِراكَ، ولم يَذدُها،
ولم يخشْفِقْ على نَغَصِ الدِّخال
قال الجوهري: أَوْرَدَ إِبله العِراكَ ونُصِبَ نَصْبَ المصادر أَي
أَوردها عِراكاً، ثم أَدخل عليه الألف واللام كما قالوا مررت بهم الجَمّاءَ
الغَفِيرَ والحمدَ لله فيمن نصب ولم تغير الألف واللام المصدر عن حاله؛ قال
ابن بَرِّي: العِراك والجمّاء الغَفِير منصوبان على الحال، وأَما الحمد
لله فعلى المصدر لا غير.
والعَرِكُ: الشديد العلاج والبطش في الحرب، وقد عَرِكَ عَرَكاً؛ قال
جرير:
قد جَرَّبَتْ عَرَكي، في كلِّ مُعْترَكٍ،
غُلْبُ الأُسُودِ، فما بالُ الضَّغابيسِ؟
والمُعارِك: كالعَرِك. والعَرْكُ والحازّ واحد: وهو حَزّ مِرْفَق البعير
جَنْبَه حتى يُخلُصَ إلى اللحم ويقطع الجلد بحَزِّ الكِرْكِرة؛ قال:
ليس بِذي عَرْكٍ ولا ذِي ضَبِّ
وقال الشاعر يصف البعير بأنه بائن المِرْفَق:
قليلُ العَرْكِ يَهْجُرُ مِرْفَقاها
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، تصف أباها: عُرَكَةٌ للأذاة بجَنْبه أَي
يحتمله؛ ومنه عَرَك البعيرُ جَنْبه بمرفقه إذا دلكه فأَثر فيه.
والعَرَكْرَكُ: كالعارِكِ، وبعير عَرَكْرَك إذا كان به ذلك؛ قال حَلْحَلَة بنُ
قَيْسِ بن أَشْيَمَ وكان عبد الملك قد أَقعده ليُقادَ منه، وقال له:
صَبْراً حَلْحَلُ فقال مجيباً له:
أَصْبَرُ من ذِي ضاغطٍ عَرَكْرَك،
أَلْقَى بَوانِي زَوْرهِ لِلمَبْرَكِ
والعَرَكْركُ: الجَمَلُ القوي الغليظ، يقال: بعير ضاغِطٌ عَرَكْرَكٌ،
وأَورد الجوهري هنا أيضاً رجز حَلْحلة المذكور قبله، وبعض العرب يقول
للناقة السمينة عَرَكْرَكَة، وجمعها عَرَكْرَكات؛ أَنشد أَعرابي من بني
عُقَيْل:
يا صاحِبَيْ رحْلي بليلٍ قُوما،
وقَرِّبا عَرَكْرَكاتٍ كُوما
فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي لرجل من عُكْلٍ يقوله لليلى الأَخيلية:
حَيَّاكة تَمْشِي بعُلْطَتينِ،
وقارِمٍ أَحْمَر ذي عَرْكَيْنِ
فإنما يعني حِرَها واستعار لها العَرْك، وأَصله في البعير.
وعَرِيكَةُ الجمل والناقة: بقية سَنامها، وقيل: هوالسنام كله؛ قال ذو
الرمة:
خِفاف الخُطى مُطْلَنْفِئات العَرائِك.
وقيل: إنما سمي بذلك لأن المشتري يَعْرُك ذلك الموضع ليعرف سمنه وقوّته.
والعَرِيكَة: الطبيعية، يقال: لانَتْ عَرِيكَتُه إذا انكسرت نَخْوَتُه،
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَصْدَقُ الناس لَهْجَةً وأَلْيَنُهُمْ
عَرِيكَةً؛ العريكة: الطبيعة، يقال: فلان لَيِّنُ العَريكة إذا كان
سََلِساً مطاوعاً منْقاداً قليل الخلاف والنُّفُور. ورجل لَيِّنُ العَرِيكة أي
لَيِّنُ الخُلُق سَلِسُه وهو منه، وشديد العريكة إذا كان شديد النفس
أَبِيّاً. والعَريكة: النَّفْس، يقال: إنه لصَعْب العَرِيكة وسهل العَرِيكة
أَي النفس؛ وقول الأَخطل:
من اللَّواتي إذا لانَتْ عَرِيكَتُها،
كان لها بعدها آلٌ ومَجْلُودُ
قيل في تفسيره: عريكتها قوّتها وشدّتها، ويجوز أَن تكون مما تقدّم
لأَنها إذا جَهَدَتْ وأَعْيَتْ لانَتْ عَرِيكتها وانقادَتْ. ورجل مَيْمُونُ
العَرِيكة والحَرِيكة والسَّلِيقَة والنَّقِيبَة والنَّقِيمَةِ
والنَّخِيجَةَ والطَّبِيعَةِ والجَّبِيلَةِ بمعنى واحد.
والعَرَكِيَّة: المرأة الفاجرة؛ قال ابن مُقْبل يهجو النجاشي:
وجاءتْ به حَيَّاكَةٌ عَرَكِيَّةٌ،
تَنَازَعَها في طُهْرِها رَجُلانِ
وعَرَك ظهر الناقة وغيرها يَعْرُكُه عَرْكاً: أَكثر جَسَّه ليعرف سمنها؛
وناقة عَرُوك مثل الشَّكُوكِ: لا يعرف سمنها إلا بذلك، وقيل: هي التي
يشك في سَنامها أَبه شحم أَم لا، والجمع عُرُكٌ. وعَرَكْتُ السَّنام إذا
لمسته تنظر أَبه طِرْق لا. وعَرِيكة البعير: سَنامُه إذا عَرَكه الحِمْلُ،
وجمعها العَرائك. ولقيته عَرْكَةً أَو عَرْكَتَيْن أَي مرة أَو مرتين، لا
يستعمل إلا ظرفاً. ولقيته عَرَكاتٍ أَي مرات. وفي الحديث: أَنه عاوَدَه
كذا كذا عَرْكَةً أَي مرة؛ يقال: لقيته عَرْكَة بعد عَرْكة أي مرة بعد
أُخرى. وعَرَكه بشَرٍّ: كرّره عليه. وقال اللحياني: عَرَكَه يَعْرُكه
عَرْكاً إذا حمل الشر عليه. وعَرَك الإبلَ في الحَمْضِ: خَلاَّها فيه تنال منه
حاجتها. وعَرَكتِ الماشيةُ النبات: أَكلته؛ قال:
وما زلْت مثلَ النَّبْتِ يُعْرَكُ مَرَّةً
فيُعْلَى، ويُولَى مَرَّةً ويَثُوبُ
يُعْرَكُ: يؤكَلُ، ويُولَى من الوَلْيِ. والعَرْك من النبات: ما وُطِئ
وأُكل؛ قال رؤُبة:
وإنْ رَعاها العَرْكَ أَو تَأنَّقا
وأرض مَعْروكة: عَركَتْها السائمةُ حتى أَجْدَبَتْ، وقد عُرِكَتْ إذا
جَرَدتْها الماشيةُ من المَرعى. ورجل مَعْروك: أُلِحَّ عليه في المسألة.
والعِراك: المَحِيضُ، عَرَكَتِ المرأَة تَعْرُك عَرْكاً وعِراكاً
وعُرُوكاً؛ الأُلى عن اللحياني، وهي عارِكٌ، وأَعْرَكَتْ وهي مُعْرِكٌ: حاضت،
وخَصَّ اللحياني بالعَرْك الجاريةَ. وفي الحديث: أن بعض أَزواج النبي، صلى
الله عليه وسلم، كانت مُحْرِمَة فَذَكَرَت العِراكَ قبل أن تُفِيضَ؛
العِراك: الحَيْضُ. وفي حديث عائشة: حتى إذا كنا بسَرِفَ عَرَكْتُ أَي
حِضْتُ؛ وأَنشد ابن بري لحُجْر بن جليلة:
فغَرْت لَدى النُّعْمانِ، لَمَّا رأَيته،
كما فَغَرَتْ للحَيْضِ شَمْطاءُ عارِكُ
ونساء عَواركُ أعي حُيَّض؛ وأَنشد ابن بري أَيضاً:
أَفي السِّلْمِ أعْياراً جَفاءً وغِلْظَةً،
وفي الحَرْبِ أَمْثالَ النساءِ العوارِكِ؟
وقالت الخَنْساء:
لا نَوْمَ أَو تَغسِلُوا عاراً أَظَلَّكُمُ،
غَسْلَ العوارِكِ حَيضاً بعد إطْهارِ
والعَرْكُ: خُرْءُ السباع.
والعَرَكِيُّ. صَيَّادُ السمك. وفي الحديث: أن العَرَكِيّ سأل النبي،
صلى الله عليه وسلم، عن الطُّهُور بماء البحر؛ العَرَكِيُّ صَيَّادُ السمك،
وجمعه عَرَكٌ كَعَربِيٍّ وعَرَب وهم العُروك؛ قال أُمية بن أَبي عائذ:
وفي غَمْرَةِ الآل خلْتُ الصُّوَى
عُرُوكاً، على رائسٍ، يَقْسِمُونا
رائس: جبل في البحر وقيل رئيس منهم؛ قال ابن الأَثير: وفي كتابه إلى قوم
من اليهود: إن عليكم رُبْعَ ما أَخرَجَتْ نَخْلُكم ورُبْع ما صادَتْ
عُرَوكُكُمْ ورُبُعَ المِغْزل؛ قال: العُرُوك جمع عَرَك، بالتحريك، وهم
الذين يصيدون السمك، وإنما قيل للملاحين عَرَك لأنهم يصيدون السمك، وليس بأن
العَرَك اسم لهم؛ قال زهير:
يُغْشي الحُداةُ بهم حُرَّ الكَثيبِ، كما
يُغْشِي السفائنَ مَوْجَ اللُّجَّةِ العَرَكُ
وقال الجوهري: روى أَبو عبيدة موج، بالرفع، وجعل العَرِكَ نعتاً للموج
يعني المتلاطم. والعرَك: الصوت، وكذلك العَرِكُ، بكسر الراء. ورجل عَرِكٌ
أي شديد صِرَّيعٌ لا يُطاق. وقوم عَرِكُونَ أَي أَشدّاءُ صُرَّاع.
ورَمْلٌ عَرِيك ومُعْرَوْرِك: متداخل. والعَرَكْرَكُ: الرَّكَبُ الضخم، وقيده
الأَزهري فقال: من أَرْكابِ النساء، وقال: أَصله ثلاثي ولفظه خماسي.
والعَرَكْرَكَةُ، على وزن فعَلْعَلَة، من النساء: الكثيرة اللحم القبيحة
الرَّسْحاء؛ قال الشاعر:
وما من هَوايَ ولا شِيمَتي
عَرَكْرَكَةٌ، ذاتُ لَحْمٍ زِيَمْ
وعِرَاك ومُعارِكٌ ومِعْرَك ومِعْرَاك: أسماء.
وذو مُعارِك: موضع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
تُليحُ من جَنْدَلِ ذي مَعارِكِ،
إلاحَةَ الرومِ من النَّيازِكِ
أَي تُلِيح من حَجَر هذا الموضع، ويروى: من جندلَ ذي مَعارك؛ جعل جندل
اسماً للبقعة فلم يصرفه، وذي مَعارِك بدل منها كأَنَّ الموضع يسمى
بجنْدَلَ وذي مَعارك.
دعس: دَعَسَه بالرمح يَدْعَسُه دَعْساً: طعنه. والمِدْعَسُ: الرمح
يُدْعَسُ به، وقيل: المِدْعَسُ من الرماح الغليظُ الشديدُ الذي لا ينثني، ورمح
مِدْعَسٌ. والمَداعِسُ: الصُّمُّ من الرماح؛ حكاه أَبو عبيد، والدَعْسُ:
الطعن. والمُداعَسَةُ: المُطاعَنَةُ. وفي الحديث: فإِذا دَنا العدوُّ
كانت المُداعَسَةُ بالرماح حتى تُقْصَدَ أَي تُكْسَر. ورجل مِدْعَسٌ:
طَعَّانٌ؛ قال:
لَتَجِدَنِّي بالأَميرِ بَرَّا،
وبالقَناةِ مِدْعَساً مِكَرّا،
إِذا غُطَيْفُ السُّلَمِيُّ فَرَّا
وسنذكره في الصاد، وهو الأَعرف. قال سيبويه: وكذلك الأُنثى بغير هاء ولا
يجمع بالواو والنون لأَن الهاء لا تدخل مؤَنثة. ورجل دِعِّيسٌ:
كمِدْعَسٍ. ورجل مُداعِسٌ: مُطاعِنٌ؛ قال:
إِذا هابَ أَقوامٌ، تَجَشَّمْتُ هَوْلَ ما
يَهابُ حُمَيَّاهُ الأَلَدُّ المُداعِسُ
ويروى: تَقَحَّمْتُ غَمْرَةً يَهابُ. وقد يكنى بالدَّعْسِ عن الجماع.
ودَعَسَ فلان جاريته دَعْساً إِذا نكحها. والدَّعْسُ: شدة الوطء. ودَعَسَت
الإِبل الطريقَ تَدْعَسُه دَعْساً: وَطِئَتْه وَطْأً شديداً. والدَّعْسُ:
الأَثَرُ، وقيل: هو الأَثر الحديثُ البَيِّنُ؛ قال ابنُ مُقْبِلٍ:
ومَنْهَلٍ دَعْسُ آثارِ المَطِيِّ به،
تَلْقى المَحارِمَ عِرْنِــيناً فَــعِرْنِــينا
وطريق دَعْسٌ ومِدْعاسٌ ومَدْعُوسٌ: دَعَسَتْه القوائمُ ووَطِئَتْه
وكثرت فيه الآثارُ. يقال: رأَيت طريقاً دَعْساً أَي كثير الآثار.
والمَدْعُوسُ من الأَرضين: الذي قد كثر به الناسُ ورعاه المالُ حتى أَفسده وكثرت فيه
آثاره وأَبواله، وهم يكرهونه إِلا أَن يجمعهم أَثَرُ سَحابة لا يجدون
منها بُدّاً. والمِدْعاسُ: الطريق الذي لَيَّنَتْه المارَّةُ؛ قال رؤْبة بن
العجاج يصف حميراً وردت الماء:
في رَسْم آثارٍ ومِدْعاسٍ دَعَقْ،
يَرِدْنَ تحتَ الأَثْلِ سَيَّاحَ الدَّسَقْ
أَي مَمَرُّ هذه الحمير في رَسْم قد أَثرت فيه حوافرها. والطريق
الدُّعاقُ: الذي كثر عليه المشي. والسَّيَّاح: الماء الذي يَسِيحُ على وجه
الأَرض. والدَّسَقُ. البياض؛ يريد به أَن الماء أَبيض.
ومُدَّعَسُ القوم: مُخْتَبَزُهم ومُشْتَواهم في البادية وحيث توضَعُ
المَلَّة، وهومُفْتَعَلٌ من الدَّعْس، وهو الحَشْوُ. ودَعَسْتُ الوِعاء:
حَشَوْتُه؛ قال أَبو ذؤَيب:
ومُدَّعَسٍ فيه الأَنِيضُ اخْتَفَيْتُه،
بِجَرْداءَ، يَنْتابُ الثَّمِيلَ حِمارُها
يقول: رُبَّ مُخْتَبَزٍ جعلتُ فيه اللحم ثم استخرجته قبل أَن يَنْضَجَ
للعَجَلَةِ والخوف لأَنه في سفر. وفي التهذيب: والمُدَّعَسُ مُخْتَبَزُ
المَلِيلِ؛ ومنه قول الهُذَلي:
ومدَّعس فيه الأَنيض اختفيته،
بجرداء مثل الوَكْفِ، يَكْبُو غُرابُها
أَي لا يثبت الغراب عليها لملاستها؛ أَراد الصحراء. وأَرض دَعْسَةٌ
ومَدْعُوسَةٌ: سهلة. وأَدْعَسَه الحَرُّ: قتله.
والمِدْعاسُ: اسم فرس الأَقْرَعِ بن سُفْيان؛ قال الفرزدق:
يُعَدِّي عُلالاتِ العَبايَةِ إِذْ دَنا
له فارِسُ المِدْعاسِ، غيرِ المُعَمَّرِ
وفي النوادر: رجل دَعُوسٌ وغَطُوسٌ وقَدُوسٌ ودَقُوسٌ؛ كل ذلك في
الاستقدام في الغَمَراتِ والحروب.
حزن: الحُزْنُ والحَزَنُ: نقيضُ الفرَح، وهو خلافُ السُّرور. قال
الأَخفش: والمثالان يَعْتَقِبان هذا الضَّرْبَ باطِّرادٍ، والجمعُ أَحْزانٌ، لا
يكسَّر على غير ذلك، وقد حَزِنَ، بالكسر، حَزَناً وتحازَنَ وتحَزَّن.
ورجل حَزْنانٌ ومِحْزانٌ: شديد الحُزْنِ. وحَزَنَه الأَمرُ يَحْزُنُه
حُزْناً وأَحْزَنَه، فهو مَحْزونٌ ومُحْزَنٌ وحَزِينٌ وحَزِنٌ؛ الأَخيرة على
النَّسب، من قوم حِزانٍ وحُزَناءَ. الجوهري: حَزَنَه لغةُ قريش، وأَحْزَنه
لغةُ تميم، وقد قرئ بهما. وفي الحديث: أَنه كان إذا حَزَنه أَمرٌ صلَّى
أَي أوْقَعه في الحُزْن، ويروى بالباء، وقد تقدم في موضعه، واحْتزَنَ
وتحَزَّنَ بمعنى؛ قال العجاج:
بَكَيْتُ والمُحْتَزَن البَكِيُّ،
وإنما يأْتي الصِّبا الصّبِيُّ.
وفلانٌ يقرأُ بالتَّحْزين إذا أَرَقَّ صَوْتَه. وقال سيبويه: أَحْزَنَه
جعله حَزِيناً، وحَزَنَه جعلَ فيه حُزْناً، كأَفْتَنَه جعله فاتِناً،
وفَتَنه جعلَ فيه فِتنَة. وعامُ الحُزْنِ
(* قوله «وعام الحزن» ضبط في الأصل
والقاموس بضم فسكون وصرح بذلك شارح القاموس، وضبط في المحكم بالتحريك).
العامُ الذي ماتت فيه خديجةُ، رضي الله عنها، وأَبو طالب فسمّاه رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، عامَ الحُزْنِ؛ حكى ذلك ثعلب عن ابن الأَعرابي،
قال: وماتا قَبْل الهِجرة بثلاث سنين. الليث: للعرب في الحُزْن لغتانِ،
إذا فَتَحُوا ثَقَّلوا، وإذا ضَمُّوا خَفَّفوا؛ يقال: أَصابَه حَزَنٌ شديد
وحُزْنٌ شديد؛ أَبو عمرو: إذا جاء الحزَن منصوباً فتَحوه، وإذا جاء
مرفوعاً أَو مكسوراً ضموا الحاء كقول الله عز وجل: وابْيَضَّتْ عَيْناهُ من
الحُزْنِ؛ أَي أَنه في موضع خفض، وقال في موضع آخر: تَفِيضُ من الدَّمْعِ
حَزَناً؛ أَي أَنه في موضع نصب. وقال: أَشْكو بَثِّي وحُزْني إلى الله،
ضمُّوا الحاء ههنا؛ قال: وفي استعمال الفعل منه لغتان: تقول حَزَنَني
يَحْزُنُني حُزْناً فأَنا مَحْزونٌ، ويقولون أَحْزَنَني فأَنا مُحْزَنٌ وهو
مُحْزِنٌ، ويقولون: صوْتٌ مَحْزِنٌ وأَمرٌ مُحْزِن، ولا يقولون صوت حازنٌ.
وقال غيره: اللغة العالية حَزَنه يَحْزُنه، وأَكثر القرَّاء قرؤوا: ولا
يَحْزُنْك قَوْلُهم، وكذلك قوله: قَدْ نَعْلم إِنَّه لَيَحْزُنُك الذي
يقولون؛ وأَما الفعل اللازم فإِنه يقال فيه حَزِنَ يَحْزَنُ حَزَناً لا غير.
أَبو زيد: لا يقولون قد حَزَنَه الأَمْرُ، ويقولون يَحْزُنُه، فإذا
قالوا أَفْعَلَه الله فهو بالأَلف. وفي حديث ابن عمر حين ذَكَر الغَزْوَ
وذَكَر مَنْ يَغْزو ولا نِيَّةَ له فقال: إن الشيطانَ يُحَزِّنُه أَي
يُوَسْوِس إليه ويُندِّمُه ويقول له لِمَ تَرَكْتَ أَهْلَكَ ومالَكَ؟ فيقع في
الحُزْنِ ويبْطلُ أَجْرُه. وقوله تعالى: وقالوا الحمدُ لله الذي أَذْهَبَ
عَنَّا الحَزَن؛ قالوا فيه: الحَزَنُ هَمُّ الغَداءِ والعَشاءِ، وقيل: هو
كُلُّ ما يَحْزُن مِنْ حَزَنِ معاشٍ أَو حَزَنِ عذابٍ أَو حَزَنِ موتٍ،
فقد أَذهبَ اللهُ عن أَهل الجنَّة كلُّ الأَحْزانِ. والحُزَانةُ، بالضم
والتخفيف: عيال الرجل الذين يَتَجَزَّنُ بأَمْرهم ولهم. الليث: يقول الرجلُ
لصاحبه كيف حَشَمُك وحُزانَتُك أَي كيف مَنْ تَتَحَزَّن بأَمْرِهم. وفي
قلبه عليك حُزانةٌ أَي فِتْنةٌ
(* قوله «حزانة أي فتنة» ضبط في الأصل بضم
الحاء وفي المحكم بفتحها). قال: وتسمى سَفَنْجقانِيَّةُ العرب على العجم
في أَول قُدومهم الذي اسْتَحَقُّوا به من الدُّورِ والضياع ما
اسْتَحَقوا حُزانةً. قال ابن سيده: والحُزانةُ قَدْمةُ العربِ على العجم في أَوّل
قدومهم الذي اسْتَحَقُّوا به ما اسْتَحقُّوا من الدُّورِ والضِّياع؛ قال
الأَزهري: وهذا كله بتخفيف الزاي على فُعَالة. والسَّفَنْجَقانيَّة:
شَرْطٌ كان للعرب على العجم بِخُراسان إذا أَخذوا بلداً صُلْحاً أَن يكونوا
إذا مرَّ بهم الجيوش أَفذاذاً أَو جماعاتٍ أَن يُنْزلوهم ويَقْرُوهم، ثم
يُزَوِّدوهم إلى ناحيةٍ أُخرى. والحَزْنُ: بلادٌ للعَربِ. قال ابن سيده:
والحَزْنُ ما غلُظَ من الأَرض، والجمع حُزُونٌ وفيها حُزُونةٌ؛ وقوله:
الحَزْنُ باباً والعَقورُ كَلْباً.
أَجرى فيه الاسم مُجْرى الصفة، لأَن قوله الحَزْنُ باباً بمنزلة قوله
الوَعْر باباً والمُمْتَنِع باباً. وقد حَزُنَ المكانُ حُزونةً، جاؤوا به
على بناء ضِدِّه وهو قولهم: مكانٌ سَهْلٌ وقد سَهُل سُهولة. وفي حديث ابن
المُسَيَّب: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَراد أَن يُغَيِّرَ اسمَ
جدِّه حَزْنٍ ويُسَمِّيَه سَهْلاً فأَبى، وقال: لا أُغيِّر اسماً سَمَّاني
به أَبي، قال: فما زالت فينا تلك الحُزونةُ بَعْدُ. والحَزْنُ: المكانُ
الغليظ، وهو الخَشِنُ. والحُزونةُ: الخُشونة؛ ومنه حديث المغيرة: مَحْزون
اللِّهْزِمة أَي خَشِنها أَو أَنَّ لِهْزِمَته تَدَلَّتْ من الكآبة.
ومنه حديث الشعبي: أَحْزَنَ بنا المنزلُ أَي صار ذا حُزونةٍ كأَخْصَبَ
وأَجْدَبَ، ويجوز أَن يكون من قولهم أَحْزَنَ وأَسْهَلَ إذا رَكِبَ الحَزْنَ
والسَّهْلَ، كأَنَّ المنزلَ أَرْكَبَهم الحُزونةَ حيث نَزلوا فيه. قال
أَبو حنيفة: الحَزْنُ حَزْنُ بني يربوعٍ، وهو قُفٌّ غليظ مَسِيرُ ثلاثِ
ليالٍ في مِثْلِها، وهي بعيدةٌ من المياه فليس تَرْعاها الشاءُ ولا الحُمُر،
فليس فيها دِمَنٌ ولا أَرْواث. وبعيرٌ حَزْنِيٌّ: يَرْعَى الحَزْنَ من
الأَرض. والحَزْنةُ: لغة في الحَزْنِ؛ وقولُ أَبي ذؤيب يصف مطراً:
فَحَطَّ، من الحُزَنِ، المُغْفِرا
تِ، والطَّيْرُ تَلْثَقُ حتى تَصِيحا.
قال الأَصمعي: الحُزَنُ الجبال الغلاظُ، الواحدة حُزْنة مثل صُبْرةٍ
وصُبَر، والمُغْفِراتُ: ذواتُ الأَغفار، والغُفْرُ: وَلَدُ الأُرْوية،
والمُغْفِرات مفعولٌ بِحَطَّ، ومن رواه فأَنزلَ من حُزَنِ المُغْفِراتِ حذف
التنوين لالتقاء
الساكنين، وتَلْثَق حتى تصيحا أَي ممَّا بها من الماء؛ ومثله قول
المتنخل الهذلي: وأَكْسُوا الحُلَّة الشَّوْكاءَ خِدْني،
وبَعْضُ الخَيْرِ في حُزَنٍ وِراطٍ
(* قوله «وبعض الخير» أنشده في مادة شوك: وبعض القوم). والحَزْنُ من
الدوابِّ: ما خَشُنَ، صفةٌ، والأُنْثَى حَزْنةٌ؛ والحَزْنُ: قبيلةٌ من
غَسَّانَ وهم الذين ذكرهم الأَخطل في قوله:
تَسْأَلُه الصُّبْرُ مِنْ غَسَّان، إذْ حَضروا،
والحَزْنُ: كَيْفَ قَراكَ الغِلْمةُ الجَشَرُ؟
وأَورده الجوهري: كيف قراه الغلمة الجشر؛ قال ابن بري: الصواب كيف قَراك
كما أَورده غيره أَي الصُّبْرُ تسأَل عُمَيْر بنَ الحُباب، وكان قد
قُتِل، فتقول له بعد موته: كيف قَراكَ الغِلمةُ الجشَر، وإنما قالوا له ذلك
لأَنه كان يقول لهم: إنما أَنتم جَشَرٌ، والجَشَرُ: الذين يَبِيتون مع
إبلهم في موضع رَعْيِها ولا يرجعون إلى بيوتهم. والحَزْنُ: بلادُ بني
يربوعٍ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وما لِيَ ذَنْبٌ، إنْ جَنُوبٌ تَنَفَّسَتْ
بِنَفْحةِ حَزْنِيٍّ من النَّبْتِ أَخضرا. قال هذا رجل اتُّهم بِسَرَق
بَعِير فقال: ليس هُوَ عندي إنَّما نَزَع إلى الحَزْن الذي هو هذا
البَلَد، يقول: جاءت الجَنُوبُ بريحِ البَقْلِ فنَزَع إليها؛ والحَزْنُ في قول
الأَعشى: ما رَوْضَةٌ، مِنْ رِياضِ الحَزْن، مُعْشِبَةٌ
خَضْراءَ جادَ عليها مُسْبِلٌ هَطِلُ.
موضعٌ معروف كانت تَرْعَى فيه إبِلُ المُلوك، وهو من أَرض بني أَسَدٍ.
قال الأَزهري: في بلاد العَرب حَزْنانِ: أَحدهما حَزْن بني يَرْبوعٍ، وهو
مَرْبَعٌ من مَرابعِ العرَب فيه رياضٌ
وقِيعانٌ، وكانت العرب تقول مَنْ تَرَبَّعَ الحَزْنَ وتَشَتَّى
الصَّمَّانَ وتَقَيَّظَ الشَّرَفَ فقد أَخْصَبَ، والحَزْنُ الآخرُ ما بين زُبالة
فما فوق ذلك مُصْعِداً في بلاد نَجْد، وفيه غِلَظٌ وارتفاعٌ، وكان أَبو
عمرو يقول: الحَزْنُ والحَزْمُ الغلَيظُ من الأَرض، وقال غيره: الحَزْمُ
من الأَرض ما احْتَزم من السَّيْل من نَجَوات المُتُون والظُّهور، والجمع
الحُزُوم. والحَزْنُ: ما غَلُظ من الأَرض في ارْتفاعٍ، وقد ذُكِرَ
الحَزْم في مكانه. قال ابن شميل: أَوَّلُ حُزُونِ الأَرض قِفافُها وجِبالُها
وقَواقِيها وخَشِنُها ورَضْمُها، ولا تُعَدُّ أَرضٌ طَيِّبَةٌ، وإن
جَلُدَتْ، حَزْناً، وجمعُها حُزُون، قال: ويقال حَزْنَةٌ وحَزْن. وأَحْزَن
الرجلُ إذا صار في الحَزْن. قال: ويقال للحَزْن حُزُن لُغَتان؛ وأَنشد قول
ابنِ مُقْبل:
مَرَابِعُهُ الحُمْرُ مِنْ صَاحَةٍ،
ومُصْطَافُهُ في الوُعُولِ الحُزُنْ.
الحُزُن: جمع حَزْن. وحُزَن: جبل؛ وروي بيت أَبي ذؤيب المتقدّم:
فأَنْزَلَ من حُزَن المُغْفِرات.
ورواه بعضهم من حُزُن، بضم الحاء والزاي. والحَزُون: الشاة السيِّئة
الخُلق. والحَزينُ: اسم شاعر، وهو الحزين الكِنانيُّ، واسمه عمرو بن عبد
وُهَيب، وهو القائل في عبد الله بن عبد الملك ووفَد إليه إلى مصر وهو واليها
يمدحُه في أَبيات من جملتها:
لمَّا وقَفْت عليهم في الجُموع ضُحىً،
وقد تَعَرَّضَتِ الحُجَّابُ والخَدَمُ،
حَيَّيْتُه بسَلامٍ وهو مُرْتَفِقٌ،
وضَجَّةُ القَوْمِ عند الباب تَزْدَحِمُ
في كَفِّه خَيزُرانٌ رِيحُه عَبِق،
في كَفِّ أَرْوَعَ في عِرْنِــينِه شَمَمُ
يُغْضِي حَياءً ويُغْضَى من مَهابَتِهِ،
فما يُكَلِّمُ إلاَّ حين يَبْتَسِمُ
(* روي البيتان الأخيران للفرزدق من قصيدته في مدح زين العابدين:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته.)
وهو القائل أَيضاً يهجو إنساناً بالبُخل:
كأَنَّما خُلِقَتْ كَفَّاه منْ حَجَرٍ،
فليس بين يديه والنَّدَى عَمَلُ،
يَرَى التَّيَمُّمَ في بَرٍّ وفي بَحَرٍ،
مخافةً أَنْ يُرى كَفِّه بَلَلُ.